نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 78 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 79 صبحی صالح

79- و من كتاب كتبه ( عليه ‏السلام  ) لما استخلف إلى أمراء الأجناد

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ مَنَعُوا النَّاسَ الْحَقَّ فَاشْتَرَوْهُ وَ أَخَذُوهُمْ بِالْبَاطِلِ فَاقْتَدَوْهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثامن و السبعون و من كتاب له عليه السلام لما استخلف، الى امراء الاجناد

أما بعد، فإنما أهلك من كان قبلكم أنهم منعوا الناس الحق فاشتروه، و أخذوهم بالباطل فاقتدوه.

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي «ص 79 ج 18 ط مصر»: أى‏ منعوا الناس الحق‏ فاشترى‏ الناس الحق‏ منهم بالرشا و الأموال، فأرجع ضمير اشتروا إلى الناس- إلى أن قال: و روى فاستروه بالسين المهملة أى اختاروه و يقال: استريت خيار المال: أى اخترته، و يكون الضمير عائدا إلى الظلمة لا إلى الناس.

و قال ابن ميثم: فاستروه أى فباعوه و تعوضوا عنه‏ بالباطل‏ لما منعوا منه كقوله تعالى «و شروه بثمن بخس- سورة يوسف- 20».

أقول: المقصود من الاشتراء هنا أخذ ما ليس بحق بدلا من الحق كقوله تعالى «اشتروا الضلالة بالهدى‏- 17- البقرة» فانه لا بد للناس من الالتزام بنظام يعيشون في ظله فهو إما حق إلهي، إما غير حق يحمل عليهم قسرا كما أنه في زماننا هذا بدلوا القانون الالهي بقانون انتخابي بشري، فاذا صار هذا البدل متداولا و معمولا بين الناس يقتدي به أخلافهم و من يأتي من بعدهم فيصير الباطل الذي حمل عليهم مما يقتدى به.

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت عليه السلام بفرماندهان قشون خود نگاشت چون خليفه شد:

أما بعد، همانا كسانى كه پيش از شما بودند هلاك شدند براى آنكه مردم را از حق بازداشتند و آنان حق را بناحق فروختند و مردم را بباطل و بيهوده واداشتند تا همه بدان اقتداء كردند و از آن پيروى نمودند.

قد وقع الفراغ من هذا الجزء العشرين من شرح نهج البلاغة في العشرين من شهر ربيع المولود من سنة التاسع و الثمانين بعد الألف و ثلاثمائة من الهجرة النبوية القمرية، بيد مؤلفه محمد باقر الكمره‏اى- في شهر ري.

الى هنا انتهى الجزء العشرون من أجزاء الكتاب بعون الله الملك الوهاب، و قد عاق المقدور طبعه عن طبع الجزء الواحد و العشرين الذى هو آخر أجزاء الكتاب رغم جهود الناشر المحترم و استعجاله فلله الحمد على كل حال، و تم تصحيحه و تهذيبه و ترتيبه بيد العبد- السيد ابراهيم الميانجى- عفى عنه و عن والديه في مفتتح سنة- 1390- و الحمد لله رب العالمين.[1]

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

__________________________________________________________

[1] هاشمى خويى، ميرزا حبيب الله، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى) – تهران، چاپ: چهارم، 1400 ق.

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 77 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )وصف حضرت علی دربیان خود آن حضرت

نامه 78 صبحی صالح

78- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى أبي موسى الأشعري جوابا في أمر الحكمين، ذكره سعيد بن يحيى الأموي في كتاب «المغازي‏»

فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ حَظِّهِمْ فَمَالُوا مَعَ الدُّنْيَا وَ نَطَقُوا بِالْهَوَى وَ إِنِّي نَزَلْتُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَنْزِلًا مُعْجِباً

اجْتَمَعَ بِهِ أَقْوَامٌ أَعْجَبَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ وَ أَنَا أُدَاوِي مِنْهُمْ قَرْحاً أَخَافُ أَنْ يَكُونَ عَلَقاً

وَ لَيْسَ رَجُلٌ فَاعْلَمْ أَحْرَصَ عَلَى جَمَاعَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )وَ أُلْفَتِهَا مِنِّي أَبْتَغِي بِذَلِكَ حُسْنَ الثَّوَابِ وَ كَرَمَ الْمَآبِ

وَ سَأَفِي بِالَّذِي وَأَيْتُ عَلَى نَفْسِي وَ إِنْ تَغَيَّرْتَ عَنْ صَالِحِ مَا فَارَقْتَنِي عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ نَفْعَ مَا أُوتِيَ مِنَ الْعَقْلِ وَ التَّجْرِبَةِ

وَ إِنِّي لَأَعْبَدُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ بِبَاطِلٍ وَ أَنْ أُفْسِدَ أَمْراً قَدْ أَصْلَحَهُ اللَّهُ

فَدَعْ مَا لَا تَعْرِفُ فَإِنَّ شِرَارَ النَّاسِ طَائِرُونَ إِلَيْكَ بِأَقَاوِيلِ السُّوءِ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السابع و السبعون و من كتاب له عليه السلام الى أبى موسى الاشعرى جوابا في أمر الحكمين‏ ذكره سعيد بن يحيى الاموى في كتاب المغازى‏

فإن الناس قد تغير كثير منهم عن كثير من حظهم، فمالوا مع الدنيا، و نطقوا بالهوى، و إني نزلت من هذا الأمر منزلا معجبا اجتمع به أقوام أعجبتهم أنفسهم، فإني أداوي منهم قرحا أخاف أن يعود علقا، و ليس رجل- فاعلم- أحرص على أمة محمد- صلى الله عليه و آله- و ألفتها مني، أبتغي بذلك حسن الثواب و كرم الماب، و سأفي بالذي وأيت على نفسي، و إن تغيرت عن صالح ما فارقتني عليه، فإن الشقي من حرم نفع ما أوتى من العقل و التجربة، و إني لأعبد أن يقول قائل بباطل، و أن أفسد أمرا قد أصلحه الله، فدع ما لا تعرف، فإن شرار الناس طائرون إليك باقاويل السوء، و السلام.

قال الشارح المعتزلي: و روى و نطقوا مع الهوى، أى مائلين عنه، و روى و أنا اداري بالراء من المداراة، و روى نفع ما أولى باللام، يقول: أوليته معروفا

و روى أن قال قائل بباطل و يفسد أمرا، و أنا اداوي، أن يعود علقا، فدع عنك.

اللغة

(العلق): الدم الغليظ، (و أيت): وعدت و تعهدت، (أعبد): آنف و أستنكف.

المعنى‏

قوله‏ (قد تغير كثير منهم) يشير إلى انحرافهم عن سنة الرسول الرامية إلى تهذيب النفوس و تحكيم العقيدة بالمبدأ و المعاد الباعث على الزهد في شئون الدنيا بزعامة علي عليه السلام ففات كثير من حظهم الاخروي و المعنوي.

قوله‏ (منزلا معجبا) أى نزلت عن مقام الولاية الإلهية و الخلافة المنصوصة إلى مقام الامارة العادية بالانتخاب من الناس و قد اجتمع معه في هذا المقام النازل قوم وصلوا إلى هذا المقام قبله كأبي بكر و عمر و طمع فيه معه قوم آخرون كطلحة و الزبير و معاوية و عمرو بن عاص و عبد الله بن عمر المرشح من جانب أبي موسى الأشعري، فأظهر عليه السلام العجب من تنزله إلى هذا المقام.

و قد فسر الشارحان القوم المجتمع معه في هذا المنزل بأنصاره و أعوانه الذين بايعوا معه فأعجبتهم أنفسهم و طمعوا في الشركة معه في تمشية أمر الخلافة و أن يكون إمضاء الامور بالشور معهم على اختلاف آرائهم.

قال الشارح المعتزلي: و هذا الكلام شكوى من أصحابه و نصاره من أهل العراق، فانهم كان اختلافهم عليه و اضطرابهم شديدا.

أقول: هذا بناء على أن هذا الكتاب صدر منه إليه بعد قرار الحكمين، و لكن إن صدر منه حين انتدابه أهل الكوفة لحرب الجمل و كان أبو موسى يثبطهم عنه فلا يستقيم.

قوله‏ (و أنا اداوي منهم قرحا) الظاهر أن القرح هو ضعف العقيدة الاسلامية و الانحراف عن ولايته عليه السلام.

قوله‏ (و سأفي بالذي و أيت على نفسي) من التضحية في سبيل الحق و طلب الشهادة في المناضلة مع أعداء الحق، و يؤيد ذلك قوله‏ (و إني لأعبد أن يقول قائل بباطل و أن أفسد أمرا قد أصلحه الله).

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت بأبي موسى أشعري نگاشته در پاسخ نامه او در باره حكمين، سعيد بن يحيى اموي آنرا در كتاب مغازى آورده:

براستى كه بسيارى مردم از بسيارى بهره‏وريهاى خود روگردان شده ‏اند و دل بدنيا داده و از هواى نفس سخن گويند، من در اين ميان بمقام شگفت آورى فرو افتاده ‏ام كه مردمى خودپسند در آن گرد آمده ‏اند، من مى‏ خواهم ريشى كه در دل دارند و مى ‏ترسم خونى بسته شود «و آنها را بكشد» درمان كنم، و بدانكه مردى نيست كه بر امت محمد صلى الله عليه و آله رؤوف‏تر و بر اتفاق و الفت آنان از من حريصتر باشد و من در اين باره پاداش خوب مى ‏جويم و سرانجام نيك.

و بدانچه با خويش تعهد كرده ‏ام وفادارم و گر چه تو از شايستگى كه با آن از من جدا شدى ديگر گون گردى و بى ‏وفائى را پيشه سازى، چه براستى بدبخت آن كس است كه از بهره‏ورى از عقلى كه باو داده شده محروم ماند و از تجربه‏اى كه اندوخته سود نبرد و آنرا بكار نبندد.

و براستى كه من گريزانم از اين كه گوينده‏اى بيهوده و ناروا گويد و از اين كه تباه سازم امرى را كه خداوند بهبود ساخته و بصلاح آورده، آنچه را ندانى و انه و پيرامونش مگرد و از روى دانش و يقين كار كن، زيرا مردمان بدگفتارهاى بد و ناروا از هر سو بجانب تو مى‏پرانند «و تو را منحرف مى ‏سازند».

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 76 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 77 صبحی صالح

77- و من وصية له ( عليه ‏السلام  ) لعبد الله بن العباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج‏

لَا تُخَاصِمْهُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ حَمَّالٌ ذُو وُجُوهٍ تَقُولُ وَ يَقُولُونَ. وَ لَكِنْ حَاجِجْهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا عَنْهَا مَحِيصاً

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السادس و السبعون و من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج‏

لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمال ذو وجوه تقول و يقولون و لكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصا.

اللغة و المعنى‏

حمال ذو وجوه‏: يتحمل ألفاظه بسياقه الخاص أن تحمل على معان مختلفة و وجوه عديدة فاذا تمسك أحد بمعنى و فسرها بما يوافق مقصوده تمسك الخصم بوجه آخر و تفسير يخالفه فلا يخصم، و هذا الكلام بالنسبة إلى متشابهات‏ القرآن‏ و كلياته صادقة لا بالنسبة إلى محكماته الواضحة البينة، و لعل ما يريد ابن عباس‏ أن يحتج به محصور في القسمين الأولين، و أما السنن الواردة في صحة مدعاه الدالة على أن عليا عليه السلام حق في كل ما يعمل فصريحة ناصة كافية في إفحام‏ الخوارج‏.

قال الشارح المعتزلي «ص 72 ج 18 ط مصر»: و ذلك أنه أراد أن يقول لهم: قال رسول الله صلى الله عليه و آله «علي مع الحق و الحق مع علي يدور معه حيثما دار» و قوله «اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله» و نحو ذلك- إلخ، أقول: و في المقام أبحاث عميقة لا يسع الكتاب للخوض فيها.

الترجمة

از سفارشى كه آن حضرت بعبد الله بن عباس كرد چونش براى احتجاج نزد خوارج فرستاد:

بايات قرآن با آنها محاجه مكن كه قرآن معاني بسيار در بر دارد و بچند وجه تفسير مى‏ شود، مى‏ گوئى و جواب مى‏ گويند، ولى با حديث پيغمبر با آنها محاجه كن كه در برابر آن جوابى ندارند.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 75 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 76 صبحی صالح

76- و من وصية له ( عليه‏ السلام  ) لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة

سَعِ النَّاسَ بِوَجْهِكَ وَ مَجْلِسِكَ وَ حُكْمِكَ وَ إِيَّاكَ وَ الْغَضَبَ فَإِنَّهُ طَيْرَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ

وَ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَرَّبَكَ مِنَ اللَّهِ يُبَاعِدُكَ مِنَ النَّارِ وَ مَا بَاعَدَكَ مِنَ اللَّهِ يُقَرِّبُكَ مِنَ النَّارِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الخامس و السبعون لعبد الله بن العباس، عند استخلافه اياه على البصرة

سع الناس بوجهك و مجلسك و حكمك، و إياك و الغضب فإنه طيرة من الشيطان، و اعلم أن ما قربك من الله يباعدك من النار و ما باعدك من الله يقربك من النار.

قال الشارح المعتزلي: «ص 76 ج 18 ط مصر»: روى «و حلمك» قال:و طيرة من الشيطان بفتح الطاء و سكون الياء أى خفة و طيش.

الاعراب‏

سع: أمر من وسع يسع، و الباء في بوجهك للالصاق.

و مقصوده عليه السلام المساواة في معاشرته و معاملته بين الناس بحيث يشملهم جميعا.

الترجمة

براى عبد الله بن عباس نگاشته هنگامى كه او را در بصره گماشته:

مردم را همه پذيرا باش با چهره باز و در مجلس خود و در قضاوت خود.

مبادا خشم گيرى كه خشم جهش و پرشى است از شيطان.

و بدانكه هر آنچه تو را بخداوند نزديك كند از دوزخت دور سازد و هر چه تو را از خدا بدور كند بدوزخت نزديك سازد.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 74 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 75 صبحی صالح

75- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى معاوية في أول ما بويع له ذكره الواقدي في كتاب «الجمل‏»

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتَ إِعْذَارِي فِيكُمْ وَ إِعْرَاضِي عَنْكُمْ حَتَّى كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ لَا دَفْعَ لَهُ وَ الْحَدِيثُ طَوِيلٌ وَ الْكَلَامُ كَثِيرٌ وَ قَدْ أَدْبَرَ مَا أَدْبَرَ وَ أَقْبَلَ مَا أَقْبَلَ

فَبَايِعْ مَنْ قِبَلَكَ وَ أَقْبِلْ إِلَيَّ فِي وَفْدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الرابع و السبعون و من كتاب له عليه السلام الى معاوية [من المدينة] في أول ما بويع‏ له ذكره الواقدى في كتاب الجمل‏ من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان:

أما بعد، فقد علمت إعذاري فيكم و إعراضي عنكم، حتى كان ما لا بد منه و لا دفع له، و الحديث طويل، و الكلام كثير، و قد أدبر ما أدبر، و أقبل ما أقبل، فبايع من قبلك، و أقبل إلى في وفد من أصحابك، [و السلام‏].

اللغة

(الوفد): الواردون على الملك.

المعنى‏

هذا أول مكتوب أرسله‏ عليه السلام إلى معاوية يطلب منه أخذ البيعة له من أهل الشام بمقتضى ثبوت خلافته معنا بالنص من النبي صلى الله عليه و آله و عرفا بمبايعة المهاجرين و الأنصار معه، و كان عليه السلام يعلم ما في قلب معاوية من النقمة على قتل عثمان.

فلخص أمره في قوله‏ (فقد علمت إعذاري فيكم) أى إظهار عذره و ذلك باجتهاده في نصيحة عثمان و ذبه عن هجوم الناس عليه حتى بعث الحسنين للدفاع عنه و لكن الثورة دارت عليه، و أعرض عليه السلام عن التعرض لنبي امية و أشار إلى أن الموضوع يحتاج إلى شرح طويل لا يسعه المقام.

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت در آغاز بيعت باوى بمعاويه نگاشت، واقدي آنرا در كتاب جمل خود ضبط كرده است:

از بنده خدا امير مؤمنان بمعاوية بن ابي سفيان.

أما بعد، تو خود مى‏ دانى كه من در باره شماها حق نصيحت را بجاى آوردم و چون نتيجه نداد از شماها كناره كردم تا آنچه شدنى بود شد و چاره‏اى هم نداشت در اينجا داستان دراز است و سخن بسيار، گذشته‏ ها گذشت و برگشتى ندارد و آمد آنچه آمدنى بود، تو با هر كس در پيش خود و بفرمان خود دارى بنام من بيعت كن و با جمعى از ياران و همكارانت به پيشگاه من بيا و شرط طاعت بجاى آور.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 73 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 74 صبحی صالح

74- و من حلف له ( عليه ‏السلام  ) كتبه بين ربيعة و اليمن و نقل من خط هشام بن الكلبي‏

هَذَا مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْيَمَنِ حَاضِرُهَا وَ بَادِيهَا وَ رَبِيعَةُ حَاضِرُهَا وَ بَادِيهَا أَنَّهُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ يَدْعُونَ إِلَيْهِ وَ يَأْمُرُونَ بِهِ وَ يُجِيبُونَ مَنْ دَعَا إِلَيْهِ وَ أَمَرَ بِهِ لَا يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً وَ لَا يَرْضَوْنَ‏ بِهِ بَدَلًا

وَ أَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ وَ تَرَكَهُ أَنْصَارٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ

دَعْوَتُهُمْ وَاحِدَةٌ لَا يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ لِمَعْتَبَةِ عَاتِبٍ وَ لَا لِغَضَبِ غَاضِبٍ وَ لَا لِاسْتِذْلَالِ قَوْمٍ قَوْماً وَ لَا لِمَسَبَّةِ قَوْمٍ قَوْماً عَلَى ذَلِكَ شَاهِدُهُمْ وَ غَائِبُهُمْ وَ سَفِيهُهُمْ وَ عَالِمُهُمْ وَ حَلِيمُهُمْ وَ جَاهِلُهُمْ

ثُمَّ إِنَّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ إِنَّ عَهْدَ اللَّهِ كَانَ مَسْئُولًا وَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثالث و السبعون من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة و اليمن، و نقل من خط هشام بن الكلبى‏

هذا ما اجتمع عليه أهل اليمن حاضرها و باديها، و ربيعة حاضرها و باديها أنهم على كتاب الله: يدعون إليه، و يأمرون به و يجيبون من دعا إليه و أمر به، لا يشترون به ثمنا، و لا يرضون به بدلا، و أنهم يد واحدة على من خالف ذلك و تركه، أنصار بعضهم لبعض: دعوتهم واحدة، لا ينقضون عهدهم لمعتبة عاتب، و لا لغضب غاضب، و لا لاستذلال قوم قوما، و لا لمسبة قوم قوما، على ذلك شاهدهم و غائبهم، و سفيههم و عالمهم، و حليمهم و جاهلهم، ثم إن عليهم بذلك عهد الله و ميثاقه إن عهد الله كان مسئولا، و كتب علي ابن أبي طالب.

اللغة

(الحلف): العهد أى و من كتاب حلف، فحذف المضاف، (اليمن): كل من ولده قحطان نحو حمير و عك و جذام و كندة و الازد و غيرهم.

و (ربيعة): هو ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان و هم بكر و تغلب و عبد القيس، و (هشام): هو هشام بن محمد بن السائب الكلبي نسابة ابن نسابة عالم بأيام العرب و أخبارها. (الحاضر): أهل القرى و المدن، (البادى) سكان البدو.

الاعراب‏

هذا ما اجتمع: قال ابن ميثم: هذا مبتدأ و ما موصولة و هى صفة المبتدأ و خبره أنهم، و يجوز أن يكون هذا مبتدأ و خبره ما اجتمع عليه و يكون قوله أنهم تفسيرا لهذا.

أنهم على كتاب الله: قال الشارح المعتزلي: حرف الجر يتعلق بمحذوف أى مجتمعون.

أقول: الظاهر أنه ظرف مستقر متعلق بفعل عام خبر لأن أى أنهم ثابتون على كتاب الله.

المعنى‏

أشار في قوله‏ (ما اجتمع عليه أهل اليمن) إلخ- إلى محاربات و أحقاد كانت بين الفئتين القحطاني و العدناني في أيام الجاهلية فأماتها الاسلام و أحياها رجعة السقيفة ثم بلغها أوجها سياسة بني امية المثيرة للخلاف بين المسلمين لغرض الاستيلاء عليهم و أشار عليه السلام في قوله‏ (لا ينقضون عهدهم لمعتبة عاتب) إلخ- إلى ما يثير قبائل العرب الجاني للحروب و المناضلات و جمعها في أربعة: المعاتبة، و الغضب، و قصد التسلط و الاستذلال بعضهم لبعض، و السب و الشتم المتبادل بينهم بعضهم مع بعض.

قال الشارح المعتزلي «ص 67 ج 18 ط مصر»: و اعلم أنه قد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه و آله: «كل حلف كان في الجاهلية فلا يزيده الاسلام إلا شدة» و لا حلف في الاسلام، لكن فعل أمير المؤمنين عليه السلام أولى بالاتباع من خبر الواحد- إلخ.

أقول: هذه الجملة تدل على أن ما ذكره الرضي رحمه الله في نهجه كان معلوم الصدور حتى عند أمثال أبى الحديد المتأخر عن عصره بما يقرب من قرنين فتدبر.

الترجمة

عهد نامه‏اى كه آن حضرت ميان قبيله ربيعه و يمن بخط خود نوشته و از خط ابن هشام كلبي نقل شده است.

اينست آنچه همه أهل يمن از شهري و بياباني و ربيعه از شهري و بياباني بر آن اتفاق كردند:

1- همه بر قانون قرآن و پيرو آنند و بدان دعوت كنند و بدان دستور دهند و هر كس بدان دعوت كند او را اجابت كنند، آنرا بهيچ بها نفروشند و از آن بدلى نگيرند و بجاى آن نپسندند.

2- همه همدست و متفق باشند در برابر كسى كه مخالف اين قرار باشد و آنرا وانهد و ياور همديگر باشند در اين باره و كلمه آنها يكى باشد.

3- عهد و پيمان خود را بخاطر گله از همديگر يا خشم كسى يا قصد خوار كردن مردمى مردم ديگر را يا بدگوئي و دشنام دادن بهمديگر نشكنند.

4- مسئول اين عهد و پيمانست هر كدام حاضر مجلس هستند و هر كدام غائب هستند از نادان و دانا و بردبار و جاهل آنان.

سپس عهد و ميثاق خداوند بعهده آنها است كه بايد رعايت كنند، براستى كه عهد خداوند مسئوليت دارد و مورد بازپرسى است.

علي بن ابي طالب نوشته است.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 72 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 73 صبحی صالح

73- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى معاوية

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي عَلَى التَّرَدُّدِ فِي جَوَابِكَ وَ الِاسْتِمَاعِ إِلَى كِتَابِكَ لَمُوَهِّنٌ رَأْيِي وَ مُخَطِّئٌ فِرَاسَتِي

وَ إِنَّكَ إِذْ تُحَاوِلُنِي الْأُمُورَ وَ تُرَاجِعُنِي السُّطُورَ كَالْمُسْتَثْقِلِ النَّائِمِ تَكْذِبُهُ أَحْلَامُهُ وَ الْمُتَحَيِّرِ الْقَائِمِ يَبْهَظُهُ مَقَامُهُ لَا يَدْرِي أَ لَهُ مَا يَأْتِي أَمْ عَلَيْهِ وَ لَسْتَ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ بِكَ شَبِيهٌ

وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَوْ لَا بَعْضُ الِاسْتِبْقَاءِ لَوَصَلَتْ إِلَيْكَ مِنِّي قَوَارِعُ تَقْرَعُ الْعَظْمَ وَ تَهْلِسُ اللَّحْمَ

وَ اعْلَمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ثَبَّطَكَ عَنْ أَنْ تُرَاجِعَ أَحْسَنَ أُمُورِكَ وَ تَأْذَنَ لِمَقَالِ نَصِيحَتِكَ وَ السَّلَامُ لِأَهْلِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثاني و السبعون و من كتاب له عليه السلام الى معاوية

أما بعد، فإني على التردد في جوابك، و الاستماع إلى كتابك‏

لموهن رأيي، و مخطئ فراستي، و إنك إذ تحاولني الأمور و تراجعني السطور كالمستثقل النائم تكذبه أحلامه، و المتحير القائم يبهظه مقامه، لا يدري أ له ما يأتي أم عليه، و لست به غير أنه بك شبيه و أقسم بالله إنه لو لا بعض الاستبقاء لوصلت إليك مني قوارع:

تقرع العظم، و تهلس [تنهس‏] اللحم، و اعلم أن الشيطان قد ثبطك عن أن تراجع أحسن أمورك، و تأذن لمقال نصيحتك [و السلام لأهله‏].

قال المعتزلي: و روى تهلس اللحم و تلهس بتقديم اللام و تهلس بكسر اللام تذيبه حتى يصير كبدن به الهلاس و هو السل، و أما تلهس فهو بمعنى تلحس أبدلت الحاء هاءا و هو من لحست كذا بلساني بالكسر، ألحسه، أى تأتي على اللحم حتى تلحسه لحسا، لأن الشي‏ء إنما يلحس إذا ذهب و بقي أثره و أما «ينهس» و هى الرواية المشهورة فمعناه يعترق.

اللغة

(موهن): مضعف، و قال المعتزلي: لائم نفسي و مستضعف رأيي، (التردد) الترداد و التكرار في مجاوبة الكتب و الرسائل، (بهظه): أثقله، (القوارع):

الشدائد، (ثبطه) عن كذا: شغله، (تأذن) بفتح الذال: تسمع.

الاعراب‏

لموهن: خبر فاني و رأيي مفعوله، كالمستثقل: خبر إنك، تكذبه:

جملة حالية عن «النائم» و كذا جملة لا يدري.

المعنى‏

تشبيه [كالمستثقل النائم … غير أنه بك شبيه‏] يأسف عليه السلام في كتابه هذا على ابتلائه بالمراسلة مع‏ معاوية حيث يعلم أن المواعظ لا تؤثر فيه و ما يتضمن كتبه من إظهار الاعتقاد بالله و رسوله صرف لقلقة اللسان و لا يجوز تراقيه، بل تظاهره بمطالبة دم عثمان لا يكون عن اعتقاده بأنه مما يجب عليه و له حق فيه بل جعله وسيلة إلى جلب قلوب أنصاره و موافقيه الذين ضلوا و أضلوا، فشبهه‏ بالنائم‏ الثقيل الذي يرى أحلاما كاذبة و المتحير في المقام الذي لا يقدر حمله و الجاهل في أعماله الذي لا يدري أن ما يأتيه في عقب أعماله ينفعه أو يضره.

ثم نبه على أن مداراته معه لا تكون لعجزه عن قمعه و قهره بل لما يقتضيه المصلحة من إبقاء ظاهر الاسلام و حفظ مركزية العلم و الدين بوجود أهل البيت و عترته الحاملين لحقائق الدين و القرآن.

فانه لو يجد في الحرب معه ليستأصله من شافته ينجر إلى هلاك أنصاره عليه السلام و أنصار معاوية المتمسكين بالاسلام، فيكر الكفار على المسلمين و يقهرونهم في ظاهر الدين و ربما ينجر إلى قتل الحسن و الحسين عليهما السلام بقية العترة الطاهرة فينقطع الامامة كما صرح به في الاستسلام إلى اقتراح قبول الصلح في جبهة صفين فالمقصود من بعض الاستبقاء في كلامه عليه السلام هو الاستبقاء على ظاهر الاسلام و حفظ العترة الطاهرة لخير الأنام و هذا هو المصلحة التي رعاها في ترك المحاربة مع أصحاب السقيفة و مخالفيه بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله.

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت عليه السلام بمعاويه نگاشته:

أما بعد، براستى كه من در تكرار پاسخ نامه‏ هاى تو و شنيدن آنها رأى خود را سست مى‏ شمارم و خود را سرزنش مى ‏نمايم و نبايد مراسله با تو را تا اين حد ادامه دهم و تو كه در كارها با من داد و ستد مى ‏كنى و در نگارش سطور مراجعه و تكرار مى ‏نمائى كسى را مانى كه در خواب سنگينى اندر است و رؤياهاى دروغين بيند و يا كسى كه‏ در مقامى برتر از خود ايستاده و بر دوش او سنگينى مى ‏كند و نمى‏ داند آينده بسود او است يا زيان او، تو خود او نيستى مانند او هستى.

بخدا سوگند، اگر براى حفظ بقيه ظواهر اسلام و بقيه عترت خير الانام و مؤمنين پاكدل نبود ضربتهاى كوبنده از من بتو مى ‏رسيد كه استخوانت را خرد مى‏ كرد و گوشت تنت را همه از آن جدا مى‏ نمود، بدانكه شيطان بر سر راه تو است و تو را بكلي باز داشته از اين كه بكارهاى بهتر و نتيجه بخش‏تر از آنچه مى‏ كنى بر گردى و راه دين و حقيقت را بپوئى و بگفته‏ هاى اندرزگوى خود گوش بدهى (درود بر أهل آن).

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 71 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 72 صبحی صالح

72- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى عبد الله بن العباس‏

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِسَابِقٍ أَجَلَكَ وَ لَا مَرْزُوقٍ مَا لَيْسَ لَكَ

وَ اعْلَمْ بِأَنَّ الدَّهْرَ يَوْمَانِ يَوْمٌ لَكَ وَ يَوْمٌ عَلَيْكَ وَ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ دُوَلٍ فَمَا كَانَ مِنْهَا لَكَ أَتَاكَ عَلَى ضَعْفِكَ وَ مَا كَانَ مِنْهَا عَلَيْكَ لَمْ تَدْفَعْهُ بِقُوَّتِكَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الواحد و السبعون و من كتاب له عليه السلام الى عبد الله بن العباس‏

أما بعد، فإنك لست بسابق أجلك، و لا مرزوق ما ليس لك‏

و اعلم بأن الدهر يومان: يوم لك، و يوم عليك، و أن الدنيا دار دول، فما كان منها لك أتاك على ضعفك، و ما كان منها عليك لم تدفعه بقوتك.

المعنى‏

بعد ما انتشر الاسلام و ورد الخراج و الغنائم كالسيل إلى الحجاز، مال جمع من الصحابة إلى ادخار الأموال و تحصيل الثروة و الجاه، و قد حذرهم عليه السلام من الاغترار بالدنيا و زخارفها و ملأ أسماعهم بالمواعظ الشافية في الخطب و الكتب و منها هذا الكتاب الذي أرسله‏ إلى ابن عباس‏ ليكون عظة و إرشادا للناس، و نبه فيها على أن الرزق و الأجل أمران مقدران مرزوقان و أن إقبال‏ الدنيا و إدبارها على كل أحد لا يكون بالكسب و الجهد و أن كل ما هو آت قريب.

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت بعبد الله بن عباس نگاشت:

أما بعد، براستى كه تو از اجل مقدر پيشدستى نتوانى، و آنچه را از آنت نيست روزى نگيرى، بدانكه روزگار دو هنگامه است، روزى بسود تو و روزى بزيانت، دنيا خانه‏ ايست كه دست بدست مى ‏گردد آن هنگامه كه از آن تو است تو را آيد گر چه بينوا باشى و آن هنگامه كه بر زيان تو است بر سرت چرخد و نتوانى بنيروى خود جلوش را بگيرى.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 70 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 71 صبحی صالح

71- و من كتاب له ( عليه‏السلام  ) إلى المنذر بن الجارود العبدي، و خان في بعض ما ولاه من أعماله‏

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ صَلَاحَ أَبِيكَ غَرَّنِي مِنْكَ وَ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتَّبِعُ‏  هَدْيَهُ وَ تَسْلُكُ سَبِيلَهُ

فَإِذَا أَنْتَ فِيمَا رُقِّيَ إِلَيَّ عَنْكَ لَا تَدَعُ لِهَوَاكَ انْقِيَاداً وَ لَا تُبْقِي لِآخِرَتِكَ عَتَاداً تَعْمُرُ دُنْيَاكَ بِخَرَابِ آخِرَتِكَ وَ تَصِلُ عَشِيرَتَكَ بِقَطِيعَةِ دِينِكَ

وَ لَئِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ حَقّاً لَجَمَلُ أَهْلِكَ وَ شِسْعُ نَعْلِكَ خَيْرٌ مِنْكَ

وَ مَنْ كَانَ بِصِفَتِكَ فَلَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُسَدَّ بِهِ ثَغْرٌ أَوْ يُنْفَذَ بِهِ أَمْرٌ أَوْ يُعْلَى لَهُ قَدْرٌ أَوْ يُشْرَكَ فِي أَمَانَةٍ أَوْ يُؤْمَنَ عَلَى جِبَايَةٍ فَأَقْبِلْ إِلَيَّ حِينَ يَصِلُ إِلَيْكَ كِتَابِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ:

قال الرضي و المنذر بن الجارود هذا هو الذي قال فيه أمير المؤمنين ( عليه‏ السلام  ) إنه لنظار في عطفيه مختال في برديه تفال في شراكيه

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السبعون و من كتاب له عليه السلام الى المنذر بن الجارود العبدى،و قد خان في بعض ما ولاه من أعماله‏

أما بعد، فإن صلاح أبيك غرني منك، و ظننت أنك تتبع هديه، و تسلك سبيله، فإذا أنت فيما رقى إلى عنك لا تدع لهواك انقيادا، و لا تبقي لاخرتك عتادا، تعمر دنياك بخراب آخرتك، و تصل عشيرتك بقطيعة دينك، و لئن كان ما بلغني عنك حقا لجمل أهلك و شسع نعلك خير منك، و من كان بصفتك فليس بأهل أن يسد به ثغر، أو ينفذ به أمر، أو يعلى له قدر، أو يشرك في أمانة، أو يؤمن على جباية [خيانة] فأقبل إلى حين يصل إليك كتابي هذا إن شاء الله.

قال الرضي: [و] المنذر هذا هو الذي قال فيه أمير المؤمنين- عليه السلام- إنه لنظار في عطفيه، مختال في برديه، تفال في شراكيه.

اللغة

(رقى) بالتشديد: رفع إلي، و أصله أن يكون الانسان في موضع عال فيرقى إليه شي‏ء، (العتاد): العدة، (الشسع): سير بين الاصبعين في النعل العربي.

الاعراب‏

قال الشارح المعتزلي: و اللام في لهواك متعلقة بمحذوف دل عليه «انقيادا» لأن المتعلق من حروف الجر بالمصدر لا يجوز أن يتقدم على المصدر.

أقول: يصح أن تتعلق بقوله «لا تدع» فلا يحتاج إلى تكلف التقدير و هو أوضح معنا أيضا و كذا في الجملة التالية.

المعنى‏

المنذر بن الجارود من أشراف العرب و من عبد القيس الناهي في الشرف ينسب إلى نزار بن معد بن عدنان، كان‏ الجارود نصرانيا فوفد على النبي صلى الله عليه و آله في سنة تسع أو عشر من الهجرة فأسلم و حسن إسلامه و سكن بعد ذلك في البصرة و قتل بأرض فارس أو نهاوند مع النعمان بن المقرن.

و قد بالغ علي عليه السلام في ذمه و توبيخه في هذا الكتاب لما ثبت عنده من خيانته في أموال المسلمين و صرفها في شهواته و عشيرته زائدا على ما يستحقون و هذا مما لا يتحمله عليه السلام.

قال الشارح المعتزلي في «ص 59 ج 18 ط مصر»: و أما الكلمات التي ذكرها الرضي‏ عنه‏ عليه السلام‏ في أمر المنذر فهى دالة على أنه نسبه إلى التيه و العجب، فقال: (نظار في عطفيه) أى جانبيه، ينظر تاره هكذا و تارة هكذا، ينظر لنفسه و يستحسن هيئته و لبسته، و ينظر هل عنده نقص في ذلك أو عيب فيستدركه بازالته،كما يفعل أرباب الزهو و من يدعي لنفسه الحسن و الملاحة.

قال: (مختال في برديه) يمشي الخيلاء عجبا- إلى أن قال‏ (تفال في شراكيه) الشراك: السير الذي يكون في النعل على ظهر الفدم، و التفل بالسكون مصدر تفل أى بصق، و التفل محركا: البصاق نفسه و إنما يفعله المعجب و التائه في‏ شراكيه‏ ليذهب عنهما الغبار و الوسخ، يتفل فيهما و يمسحهما ليعودا كالجديدين.

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت عليه السلام بمنذر بن جارود عبدي نگاشت كه در كار فرمانگزارى خود خيانت كرده بود:

أما بعد، راستى كه خوبى و شايستگى پدرت مرا فريفت و گمان بردم پيرو درستى او هستى و براه او مى‏ روى، بناگاه چنين بمن رسيد كه تو يكسره هوسبازى و دنبال هواى نفس مى‏ روى و براى آخرتت توشه ‏اى بر نمى ‏گيرى و در فكر سراى ديگر نيستى.

دنيايت را بويرانى آخرتت آباد مى‏ كنى و با دينت بخويشانت وصله مى ‏زنى و به آنها كمك مى ‏كنى.

و اگر چنانچه آن گزارشاتى كه از تو بمن رسيده درست باشد شتر خاندانت و بند كفشت بهتر از تو است، و كسى كه چون تو باشد شايسته نباشد كه مرزدارى كند و يا كارى بوسيله او انجام شود و يا درجه ‏اى از او بالا رود يا شريك در كارگزارى خلافت كه امانت إلهى است بوده باشد يا آنكه بر جمع خراج و ماليات أمين شمرده شود، بمحض اين كه اين نامه من بتو رسيد بسوى من بيا، انشاء الله.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 69 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 70 صبحی صالح

70- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى سهل بن حنيف الأنصاري و هو عامله على المدينة في معنى قوم من أهلها لحقوا بمعاوية

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِمَّنْ قِبَلَكَ يَتَسَلَّلُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَلَا تَأْسَفْ عَلَى مَا يَفُوتُكَ مِنْ عَدَدِهِمْ وَ يَذْهَبُ عَنْكَ مِنْ مَدَدِهِمْ فَكَفَى لَهُمْ غَيّاً وَ لَكَ مِنْهُمْ شَافِياً فِرَارُهُمْ مِنَ الْهُدَى وَ الْحَقِّ وَ إِيضَاعُهُمْ إِلَى الْعَمَى وَ الْجَهْلِ

فَإِنَّمَا هُمْ أَهْلُ دُنْيَا مُقْبِلُونَ عَلَيْهَا وَ مُهْطِعُونَ إِلَيْهَا وَ قَدْ عَرَفُوا الْعَدْلَ وَ رَأَوْهُ وَ سَمِعُوهُ وَ وَعَوْهُ وَ عَلِمُوا أَنَّ النَّاسَ عِنْدَنَا فِي الْحَقِّ أُسْوَةٌ فَهَرَبُوا إِلَى الْأَثَرَةِ فَبُعْداً لَهُمْ وَ سُحْقاً

إِنَّهُمْ وَ اللَّهِ لَمْ يَنْفِرُوا مِنْ جَوْرٍ وَ لَمْ يَلْحَقُوا بِعَدْلٍ وَ إِنَّا لَنَطْمَعُ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَنْ يُذَلِّلَ اللَّهُ لَنَا صَعْبَهُ وَ يُسَهِّلَ لَنَا حَزْنَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار التاسع و الستون و من كتاب له عليه السلام الى سهل بن حنيف الانصارى‏ ، و هو عامله على المدينة في معنى قوم من أهلها لحقوا بمعاوية.

أما بعد، فقد بلغني أن رجالا ممن قبلك يتسللون إلى معاوية فلا تأسف على ما يفوتك من عددهم، و يذهب عنك من مددهم، فكفى لهم غيا و لك منهم شافيا، فرارهم من الهدى‏

و الحق، و إيضاعهم إلى العمى و الجهل، و إنما هم أهل دنيا مقبلون عليها، و مهطعون إليها، قد عرفوا العدل و رأوه و سمعوه و وعوه و علموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم و سحقا!! إنهم- و الله- لم يفروا من جور، و لم يلحقوا بعدل، و إنا لنطمع في هذا الأمر أن يذلل الله لنا صعبه، و يسهل لنا حزنه، إن شاء الله، و السلام [عليك و رحمة الله و بركاته‏].

اللغة

(يتسللون): يخرجون إلى معاوية هاربين في خفية و استتار، (فلا تأسف):

لا تحزن، (الغي): الضلال، (الايضاع): الاسراع، (مهطعين): مسرعين، (الاسوة): مستوين، (الاثرة): الاستبداد.

الاعراب‏

ممن قبلك: الباء للتبعيض، غيا: تميز، فرارهم: مصدر مضاف إلى الفاعل، فبعدا و سحقا: منصوبان على المفعول المطلق لفعل محذوف أى فابعدوا بعدا و اسحقوا سحقا، يفيد الدعاء عليهم.

المعنى‏

هذا الكتاب لهيب من لهبات قلبه المقدس تشتعل من إصابات مخالفة رعاياه على قلبه الشريف حيث يرمونه بسهام نفاقهم و تخلفهم عنه ساعون وراء آمالهم الدنيوية الدنية، فقد قعد جمع من كبار الصحابة عن بيعته و تخلف عنه جم ممن بايعه بعد رحلته إلى البصرة لإخماد ثورة الجمل و إلى صفين لسد خلل خلاف معاوية.

فلما انتهى حرب صفين بأسوء العواقب من مقاومة أهل الضلال و قيام أهل النهروان على وجهه و هم جلة أصحابه المخلصين الأبطال، و شاع هذه الأخبار الهائلة و أحس المتقاعدون عن البيعة و النفر معه نصرة معاوية عليه بمكائده و بذل الأموال الطائلة لمن مال عنه عليه السلام إليه شرع المهاجرون و الأنصار المتخلفون عنه في التسلل إلى‏ معاوية مثنى و فرادى و كان ذلك فتا في عضد حكومته و ضربة شديدة على‏ عامله‏ في‏ المدينة.

فكأنه طلب منه عليه السلام معالجة هذا الداء العضال بما رآه عليه السلام.

فكتب إليه بعدم التعرض لهم و صرف النظر عنهم و تفويضهم إلى سوء عاقبتهم التي اختاروها لأنفسهم من الغي و الضلال و هلاك الأبد.

و إن كان من جزائهم عند الحكومات بسط العقوبة عليهم بالحبس و بمصادرة أموالهم و هدم دورهم.

و لكنه عليه السلام عزى عامله عن هذه المصيبة الهائلة بما نبه عليه من أنهم اناس يفرون من‏ العدل‏ إلى الظلم و من‏ الهدى‏ إلى الضلالة و من‏ الحق‏ إلى الباطل و من الجنة إلى النار بعد تمام الحجة و وضوح البيان «و ما ذا بعد الحق إلا الضلال».

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت به سهل بن حنيف أنصارى فرمانگزار خود در مدينه نگاشت در باره مردمى كه از اهل مدينه بمعاويه پيوستند:

أما بعد، بمن رسيده كه مردانى از قلمرو فرمانگزارى تو نهانى بمعاويه پيوستند و عهد ما را گسستند، بر شماره آنان كه از دست مى ‏دهى و از كمك آنان بى‏بهره مى‏شوى افسوس مخور، همين گمراهى و سرگردانى براى سزاى آنها و تشفي خاطر تو بس كه از شاهراه هدايت و حقيقت گريخته ‏اند و به كورى و نادانى شتافته‏اند (چه شكنجه از اين بدتر؟)

همانا كه آنان اهل دنيايند كه بدان روى آورده و بسوى آن مى‏ شتابند با اين كه بخوبى عدالت را شناخته و ديده و گزارش آنرا شنيده ‏اند و باور كرده ‏اند و دانسته‏ اند كه همه مردم نزد ما و در آئين حكومت ما حقوق برابر دارند و از اين برابرى و بردارى گريخته و بدنبال خود خواهى و امتياز طلبى رفته‏اند گم باشند، نابود باشند.

براستى كه- سوگند بخدا- اينان از ستم نگريخته ‏اند و بعدل و داد نپيوسته‏ اند و ما اميدواريم كه در اين كار خداوند دشوارى ‏ها را بر ما آسان سازد و سختى‏ ها را هموار كند انشاء الله. و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 68 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 69 صبحی صالح

69- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى الحارث الهمذاني‏

وَ تَمَسَّكْ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ وَ اسْتَنْصِحْهُ وَ أَحِلَّ حَلَالَهُ وَ حَرِّمْ حَرَامَهُ وَ صَدِّقْ بِمَا سَلَفَ مِنَ الْحَقِّ وَ اعْتَبِرْ بِمَا مَضَى مِنَ الدُّنْيَا لِمَا بَقِيَ مِنْهَا فَإِنَّ بَعْضَهَا يُشْبِهُ بَعْضاً وَ آخِرَهَا لَاحِقٌ بِأَوَّلِهَا وَ كُلُّهَا حَائِلٌ مُفَارِقٌ

وَ عَظِّمِ اسْمَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرَهُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ لَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ إِلَّا بِشَرْطٍ وَثِيقٍ وَ احْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ يَرْضَاهُ صَاحِبُهُ لِنَفْسِهِ وَ يُكْرَهُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَ احْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ يُعْمَلُ بِهِ فِي السِّرِّ وَ يُسْتَحَى مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ

وَ احْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ صَاحِبُهُ أَنْكَرَهُ أَوْ اعْتَذَرَ مِنْهُ وَ لَا تَجْعَلْ عِرْضَكَ غَرَضاً لِنِبَالِ الْقَوْلِ وَ لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِكُلِّ مَا سَمِعْتَ بِهِ فَكَفَى بِذَلِكَ كَذِباً وَ لَا تَرُدَّ عَلَى النَّاسِ كُلَّ مَا حَدَّثُوكَ بِهِ فَكَفَى بِذَلِكَ جَهْلًا

وَ اكْظِمِ الْغَيْظَ وَ تَجَاوَزْ عِنْدَ الْمَقْدَرَةِ وَ احْلُمْ عِنْدَ الْغَضَبِ وَ اصْفَحْ مَعَ الدَّوْلَةِ تَكُنْ لَكَ الْعَاقِبَةُ وَ اسْتَصْلِحْ كُلَّ نِعْمَةٍ أَنْعَمَهَا اللَّهُ عَلَيْكَ

وَ لَا تُضَيِّعَنَّ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عِنْدَكَ وَ لْيُرَ عَلَيْكَ أَثَرُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُهُمْ تَقْدِمَةً مِنْ نَفْسِهِ وَ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ فَإِنَّكَ مَا تُقَدِّمْ مِنْ خَيْرٍ يَبْقَ لَكَ ذُخْرُهُ وَ مَا تُؤَخِّرْهُ يَكُنْ لِغَيْرِكَ خَيْرُهُ وَ احْذَرْ صَحَابَةَ مَنْ يَفِيلُ رَأْيُهُ وَ يُنْكَرُ عَمَلُهُ فَإِنَّ الصَّاحِبَ مُعْتَبَرٌ بِصَاحِبِهِ

وَ اسْكُنِ الْأَمْصَارَ الْعِظَامَ فَإِنَّهَا جِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَ احْذَرْ مَنَازِلَ الْغَفْلَةِ وَ الْجَفَاءِ وَ قِلَّةَ الْأَعْوَانِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ

وَ اقْصُرْ رَأْيَكَ عَلَى مَا يَعْنِيكَ وَ إِيَّاكَ وَ مَقَاعِدَ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهَا مَحَاضِرُ الشَّيْطَانِ وَ مَعَارِيضُ الْفِتَنِ وَ أَكْثِرْ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى مَنْ فُضِّلْتَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الشُّكْرِ

وَ لَا تُسَافِرْ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ حَتَّى تَشْهَدَ الصَّلَاةَ إِلَّا فَاصِلًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ فِي أَمْرٍ تُعْذَرُ بِهِ

وَ أَطِعِ اللَّهَ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ فَإِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ فَاضِلَةٌ عَلَى مَا سِوَاهَا وَ خَادِعْ نَفْسَكَ فِي الْعِبَادَةِ وَ ارْفُقْ بِهَا وَ لَا تَقْهَرْهَا وَ خُذْ عَفْوَهَا وَ نَشَاطَهَا إِلَّا مَا كَانَ مَكْتُوباً عَلَيْكَ مِنَ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا وَ تَعَاهُدِهَا عِنْدَ مَحَلِّهَا

وَ إِيَّاكَ أَنْ يَنْزِلَ بِكَ الْمَوْتُ وَ أَنْتَ آبِقٌ مِنْ رَبِّكَ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْفُسَّاقِ فَإِنَّ الشَّرَّ بِالشَّرِّ مُلْحَقٌ وَ وَقِّرِ اللَّهَ وَ أَحْبِبْ أَحِبَّاءَهُ وَ احْذَرِ الْغَضَبَ فَإِنَّهُ جُنْدٌ عَظِيمٌ مِنْ جُنُودِ إِبْلِيسَ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثامن و الستون و من كتاب له عليه السلام الى الحارث الهمدانى‏

و تمسك بحبل القرآن و انتصحه [و استنصحه‏]، و أحل حلاله و حرم حرامه، و صدق بما سلف من الحق، و اعتبر بما مضى من‏ الدنيا ما [لما] بقى منها، فإن بعضها يشبه بعضا، و آخرها لاحق بأولها، و كلها حائل مفارق، و عظم اسم الله أن تذكره إلا على حق و أكثر ذكر الموت، و ما بعد الموت، و لا تتمن الموت إلا بشرط وثيق، و احذر كل عمل يرضاه صاحبه لنفسه و يكره [يكرهه‏] لعامة المسلمين و احذر كل عمل يعمل به في السر و يستحى منه في العلانية، و احذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره أو اعتذر منه، و لا تجعل عرضك غرضا لنبال القول [م‏]، و لا تحدث الناس بكل ما سمعت به فكفى بذلك كذبا، و لا ترد على الناس كل ما حدثوك به فكفى بذلك جهلا، و اكظم الغيظ و تجاوز عند المقدرة، و احلم عند الغضب، و اصفح مع الدولة تكن لك العاقبة، و استصلح كل نعمة أنعمها الله عليك، و لا تضيعن نعمة من نعم الله عندك، و لير عليك أثر ما أنعم الله به عليك. و اعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه و أهله و ماله و أنك ما تقدم من خير يبق لك ذخره، و ما تؤخره يكن لغيرك خيره، و احذر صحابة من يفيل رأيه و ينكر عمله، فإن الصاحب معتبر بصاحبه، و اسكن الأمصار العظام فإنها جماع المسلمين،

و احذر منازل الغفلة و الجفاء و قلة الأعوان على طاعة الله، و اقصر رأيك على ما يعنيك، و إياك و مقاعد الأسواق فإنها محاضر الشيطان و معاريض الفتن، و أكثر أن تنظر إلى من فضلت عليه فإن ذلك من أبواب الشكر، و لا تسافر في يوم جمعة حتى تشهد الصلاة إلا فاصلا في سبيل الله، أو في أمر تعذر به، و أطع الله في جميع أمورك، فإن طاعة الله فاضلة على ما سواها، و خادع نفسك في العبادة، و ارفق بها و لا تقهرها، و خذ عفوك و نشاطها إلا ما كان مكتوبا عليك من الفريضة، فإنه لا بد من قضائها و تعاهدها عند محلها، و إياك أن ينزل بك الموت و أنت آبق من ربك في طلب الدنيا و إياك و مصاحبة الفساق فإن الشر بالشر ملحق، و وقر الله و أحبب أحباءه، و احذر الغضب فإنه جند عظيم من جنود إبليس، و السلام.

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي «ص 42 ج 18 ط مصر»:

الحارث الهمدانى‏ و نسبه‏ 

هو الحارث الأعور صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، و هو الحارث بن عبد الله بن كعب- سرد النسب إلى- صعب بن معاوية الهمداني، كان أحد الفقهاء، له قول في الفتيا، و كان صاحب علي عليه السلام، و إليه تنسب الشيعة الخطاب الذي خاطبه به‏

في قوله عليه السلام:

يا حار همدان من يمت يرني‏ من مؤمن أو منافق قبلا

و هى أبيات مشهورة قد ذكرناها فيما تقدم.

أقول: ظاهر حال المكتوب و الكتاب أن يكون من غائب إلى غائب لبيان المارب، و قد يصدر الكتاب من الأعاظم و الأنبياء و الأولياء إلى أخصائهم ليكون مثالا للإرشاد و منشورا للتعليم و استفادة العموم و هدايتهم إلى طريق الرشاد فالمخاطب به خاص و المقصود منه عام، و من هذا القبيل رسائل أصحاب عيسى إلى خواصهم و حواريهم المعدودة من الماخذ و المصادر الدينية عند المسيحيين و المضمونة في العهد الجديد من الكتاب المقدس عند أتباع الأناجيل، و هذا الكتاب‏ الذي صدر منه‏ عليه السلام إلى الحارث الهمداني‏ من هذا القبيل فانه مثال للهداية و الإرشاد لكافة العباد، و يدل على علو مقام الحارث الهمداني و حظوته بموقف عال عند أمير المؤمنين عليه السلام حيث خصه بهذا المنشور الإرشادي الغزير المواد و العميق المغزى بالنظر إلى التعاليم العالية الأخلاقية كمثل أعلى في طريق التزكية النفسانية واف في المرام لجميع الأنام، و قد انتخب السيد الرضي منه قطعة صالحة لما يرمي إليه في نهجه هذا من المقاصد الأدبية.

قال ابن ميثم: هذا الفصل من كتاب طويل إليه، و قد أمره فيه بأوامره، و زجره بزواجره، مدارها على تعليم مكارم الأخلاق و محاسن الاداب.

أقول: و قد جمع عليه السلام في هذا الفصل كلما يلزم لمسلم معتقد إلهي في الرابطة بينه و بين‏ الله‏ تعالى من‏ التمسك بالقرآن‏ و ملازمة أحكامه من الحلال و الحرام و في المواجهة مع‏ الدنيا و الاعتبار عن فنائها و عدم الركون عليها و الاتعاظ بما سلف‏ منها و في التوجه إلى‏ الموت‏ و التهيؤ لما بعده بادخار الأعمال الصالحة و الاجتناب عن الأعمال المهلكة.

ثم نظم. وصايا اجتماعية في الروابط بين المسلم و سائر إخوانه و أبناء نوعه و حذر عن الاستئثار بما يكره‏ سائر الناس‏ و يضرهم و عن النفاق، و أمر بصيانة

العرض و حفظ اللسان عن حكاية الكذب بأعم معانيها إلى أن بلغ الوصاية بالتضحية في سبيل الله، و الاجتناب عن المعاشرة و الصحابة مع‏ الفساق‏ و ضعفاء الرأى و السكونة في‏ الأمصار للإلحاق بجامعة المسلمين‏- إلى آخر ما أفاده عليه السلام.

الترجمة

از نامه ‏اى كه آن حضرت عليه السلام به حارث همداني نگاشته:

برشته قرآن بچسب و اندرزش بجو، حلالش را حلال شمر و حرامش را حرام، بدانچه از حق در گذشته مى ‏دانى باور كن، و آينده دنيا را با گذشته ‏اش بسنج كه بهم مانند و پايانش باغازش پيوسته شود همه دنيا گذرا و ناپايست.

نام خدا را بزرگتر شمار از آنكه جز براستى ياد كنى، مرگ و ما بعد مرگ را بسيار بياد آور، آرزوى مردن مكن مگر با وضعى مورد اعتماد، از كردارى كه پسند خود تو و ناپسند ديگر مسلمانها است بر حذر باش، از كردارى كه نهانى انجام شود و در آشكار شرم آور است بپرهيز، از هر كردارى كه چون از كننده آن باز پرسى شود منكر آن گردد يا از آن پوزش خواهد بر حذر باش، آبروى خود را عزيزدار و هدف تير گفتارش مساز، هر چه شنيدى براى مردم حكايت مكن كه همين براى آلودگى بدروغگوئى بس است، هر چه را مردم برايت حكايت كنند انكار مكن، زيرا اين انكار براى اثبات نادانى تو بس است، خشم خود را فرو خور و در هنگام غضب بردبار باش، و چون بر انتقام توانا شدى گذشت كن، و چون بختت يار و دولتت بيدار شد صرف نظر كن تا سرانجام با تو باشد، هر نعمتى كه خدايت داد نيكودار و هيچ نعمتى را كه از نعمتهاى خدا است فرومايه مشمار و از دستش مده، و بايد اثر نعمت خداوند كه بتو عطا كرده در تو ديدار شود.

و بدانكه برتر مؤمنان آن كس است كه خود و خاندانش و دارائيش را پيشكش درگاه خدا كند، زيرا هر چيزى كه پيش داشتى براى خودت مى‏ ماند، و هر چه بدنبال خود گذاشتى و در گذشتى خيرش بديگران مى ‏رسد.

از ياران سست نظر و كج انديشه و زشت كار بر حذر باش، زيرا يار را با يارش‏ بسنجند، در شهرهاى بزرگ نشيمن كن، زيرا مركز اجتماع مسلمانانند.

از منزلهاى دور افتاده و بينوا و كم ياور براى طاعت خداوند دور باش، توجه خود را بهمان چيزى معطوف دار كه مسئول آنى و از آن بهره مى ‏برى، از پاتوق بازارها بپرهيز كه محضرهاى شيطانند و انگيزشگاه آشوبها، بكسى كه بر او برترى دارى بسيار توجه كن، زيرا اين خود از راههاى شكر گزاريست.

در روز جمعه پيش از انجام نماز جمعه مسافرت مكن مگر براى جهاد در راه خدا يا عذر خدا پسند و مقبول، در هر كارى فرمانبر خدا باش و بدستور او كار كن زيرا فرمانبرى خدا از هر كارى بهتر است، در انجام عبادت خود را گول بزن تا بدان راغب شوى و با خود مدارا كن و بزورش بعبادت وادار مكن و نشاط و رغبت خود را منظور دار مگر نسبت بنماز واجب و كارهاى لازم و مفروض كه بناچار بايد انجام داد و بپاى آنها ايستاد و در موقع به آنها عمل كرد.

مبادا در حالى مرگ گريبانت بگيرد كه براى دنيا از پروردگار خود گريزانى و پشت بحضرت او دارى.

مبادا يار بزهكاران شوى كه بدى، بدى آرد، خدا را محترم شمار و دوستانش را دوست دار.

از خشم بر حذر باش كه لشكر بزرگى است از لشكرهاى شيطان.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 67 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 68 صبحی صالح

68- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى سلمان الفارسي رحمه الله قبل أيام خلافته‏

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْيَا مَثَلُ الْحَيَّةِ لَيِّنٌ مَسُّهَا قَاتِلٌ سَمُّهَا فَأَعْرِضْ عَمَّا يُعْجِبُكَ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكَ مِنْهَا وَ ضَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا لِمَا أَيْقَنْتَ بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا وَ تَصَرُّفِ حَالَاتِهَا

وَ كُنْ آنَسَ مَا تَكُونُ بِهَا أَحْذَرَ مَا تَكُونُ مِنْهَا فَإِنَّ صَاحِبَهَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ فِيهَا إِلَى سُرُورٍ أَشْخَصَتْهُ عَنْهُ إِلَى مَحْذُورٍ أَوْ إِلَى إِينَاسٍ أَزَالَتْهُ عَنْهُ إِلَى إِيحَاشٍ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السابع و الستون و من كتاب له عليه السلام الى سلمان الفارسى رحمه الله قبل أيام خلافته‏

أما بعد، فإنما مثل الدنيا مثل الحية، لين مسها قاتل سمها، فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها، و ضع عنك همومها، لما أيقنت به من فراقها، و تصرف حالاتها، و كن آنس ما تكون بها أحذر ما تكون منها، فإن صاحبها كلما اطمأن فيها إلى سرور أشخصته عنه إلى محذور [أو إلى إيناس أزالته عنه إلى إيحاش، و السلام- شرح المعتزلي-].

اللغة

(أشخصته): أذهبته.

الاعراب‏

لين: خبر مقدم و مسها: مبتداء مؤخر و كذا ما بعدها و كلتا الجملتين بمنزلة عطف البيان لقوله عليه السلام «مثل الدنيا مثل الحية» فترك فيهما حرف العطف و وصل بينهما و بينها، كن آنس ما تكون- إلخ-: قال ابن ميثم: ما مصدرية و آنس ينصب على الحال و أحذر خبر كان.

أقول: و الأولى جعل آنس و أحذر خبرا واحدا لكان، فيكون من قبيل قولهم «الرمان حلو حامض».

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي «ص 39 ج 18 ط مصر»: و كان‏ سلمان‏ من شيعة علي‏ عليه السلام‏ و خاصته و تزعم الامامية أنه أحد الأربعة الذين حلقوا رؤوسهم و أتوه متقلدي سيوفهم في خبر يطول.

و قد روى من حديث ابن بريده عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال: أمرني ربي بحب أربعة، و أخبرني أنه يحبهم: علي و أبوذر و المقداد و سلمان.

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت عليه السلام پيش از دوران خلافتش به سلمان فارسى- رحمه الله- نگاشته:

أما بعد، همانا دنيا مارى را ماند نرم اندام و زهر آگين، از آنچه‏ اش كه خوشت آمد روى بر گردان و دورى گزين كه بسيار بى ‏وفا است و اندكى با تو همراه مى ‏شود، هيچ اندوه دنيا را مخور، چه بخوبى مى‏ دانى از تو جدا مى ‏شود و ديگر گونيها دارد، هر گاه بيشتر با او انس گرفتى و دل آرام تو شد بيشتر از او در حذر باش و بترس، زيرا يار دنيا هر چه بشادى آن دلبند و خاطر جمع باشد او را بمشكل و محذور پرتاب مى ‏كند، و هر گاه بارامش او مطمئن شود او را بهراس مى ‏افكند.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 66 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )حج واهل مکه

نامه 67 صبحی صالح

67- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى قثم بن العباس و هو عامله على مكة

أَمَّا بَعْدُ فَأَقِمْ لِلنَّاسِ الْحَجَّ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ‏وَ اجْلِسْ لَهُمُ الْعَصْرَيْنِ فَأَفْتِ الْمُسْتَفْتِيَ وَ عَلِّمِ الْجَاهِلَ وَ ذَاكِرِ الْعَالِمَ

وَ لَا يَكُنْ لَكَ إِلَى النَّاسِ سَفِيرٌ إِلَّا لِسَانُكَ وَ لَا حَاجِبٌ إِلَّا وَجْهُكَ وَ لَا تَحْجُبَنَّ ذَا حَاجَةٍ عَنْ لِقَائِكَ بِهَا فَإِنَّهَا إِنْ ذِيدَتْ عَنْ أَبْوَابِكَ فِي أَوَّلِ وِرْدِهَا لَمْ تُحْمَدْ فِيمَا بَعْدُ عَلَى قَضَائِهَا

وَ انْظُرْ إِلَى مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْ مَالِ اللَّهِ فَاصْرِفْهُ إِلَى مَنْ قِبَلَكَ‏ مِنْ ذَوِي الْعِيَالِ وَ الْمَجَاعَةِ مُصِيباً بِهِ مَوَاضِعَ الْفَاقَةِ وَ الْخَلَّاتِ وَ مَا فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ إِلَيْنَا لِنَقْسِمَهُ فِيمَنْ قِبَلَنَا

وَ مُرْ أَهْلَ مَكَّةَ أَلَّا يَأْخُذُوا مِنْ سَاكِنٍ أَجْراً فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِفَالْعَاكِفُ الْمُقِيمُ بِهِ وَ الْبَادِي الَّذِي يَحُجُّ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ لِمَحَابِّهِ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السادس و الستون و من كتاب له عليه السلام الى قثم بن العباس، و هو عامله على مكة

أما بعد، فأقم للناس الحج، و ذكرهم بأيام الله، و اجلس لهم العصرين فأفت المستفتى، و علم الجاهل، و ذاكر العالم، و لا يكن لك إلى الناس سفير إلا لسانك، و لا حاجب إلا وجهك، و لا تحجبن ذا حاجة عن لقائك بها، فإنها إن ذيدت عن أبوابك في أول وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها. و انظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من ذوى العيال و المجاعة، مصيبا به مواضع الفاقة [المفاقر] و الخلات، و ما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا. و مر أهل مكة أن لا يأخذوا من ساكن أجرا، فإن الله سبحانه يقول: «سواء العاكف فيه و الباد» فالعاكف: المقيم به، و البادي الذي يحج إليه من غير أهله، وفقنا الله و إياكم لمحابه، و السلام.

اللغة

(ذيدت): منعت، (ورد): دخول الغنم و البعير على الماء للشرب، (المفاقر) الفقر جمع فقور و مفاقر: ضد الغنى و ذلك أن يصبح الإنسان محتاجا أو ليس له‏ ما يكفيه- المنجد- (الباد): مخفف البادي ساكن البادية.

الاعراب‏

بأيام الله: الباء للتعدية تأكيدا، فأفت: أمر من أفتى يفتي، لك: ظرف مستقر خبر لقوله «و لا يكن»، إلى الناس: ظرف متعلق بقوله «سفير» و هو اسم لا يكن، إلا لسانك: مستثنى في كلام تام منفي يجوز فيه النصب و الإتباع للمستثنى منه و هو قوله «سفير» فانه يفيد العموم لتقدم النفي عليه و يحتمل كون الاستثناء منقطعا بدعوى عدم دخول اللسان و الوجه في مفهوم السفير و الحاجب.

قال الشارح المعتزلي «ص 31 ج 18»: و روى «و لا يكن إلا لسانك سفيرا لك إلى الناس» بجعل «لسانك» اسم كان مثل قوله‏ (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا) و الرواية الاولى هى المشهورة، و هو أن يكون «سفيرا» اسم كان و «لك» خبرها، و لا يصح ما قاله الراوندي: إن خبرها «إلى الناس»، لأن «إلى» هاهنا متعلقة بنفس «سفير» فلا يجوز أن تكون الخبر عن «سفير» تقول: سفرت إلى بني فلان في الصلح، و إذا تعلق حرف الجر بالكلمة صار كالشي‏ء الواحد.

أقول: و أضعف مما ذكره الراوندي ما ذكره ابن ميثم «ص 217 ج 5» «و إلا للحصر و ما بعدها خبر كان» فانه إنما يستقيم على كون الاستثناء مفرغا و قد عرفت أنه تام على الرواية المشهورة و على ما ذكره الشارح المعتزلي من- الرواية الغير المشهورة فالاستثناء مفرغ و لكن «لسانك» اسم كان لا خبره.

و قال ابن ميثم في الصفحة التالية: و روى «مواضع المفاقر» و الاضافة لتغاير اللفظين.

أقول: قد جعل في «المنجد» المفاقر جمع الفقر فالإضافة معنوية تفيد التخصيص و الفرق المعنوي بين المضاف و المضاف إليه جلي.

المعنى‏

قد نهى عليه السلام في آخر كتابه‏ أهل مكه‏ عن أخذ الاجرة عن الحاج‏ الساكن‏ في مكه للحج مفسرا آية (سواء العاكف فيه و الباد- 25- الحج) و هل المقصود منه يعم أخذ الاجرة عن الساكنين في البيوت المملوكة أو المقصود خصوص الساكنين في المسجد الحرام كما هو ظاهر الاية و أرض الحرم الغير المملوكة بالخصوص؟ فيه بحث لا يسع المقام بسط الكلام فيه.

قال الشارح المعتزلي: و أصحاب أبي حنيفة يتمسكون بها- أى بهذه الاية- في امتناع بيع دور مكة و إجارتها و هذا بناء على أن المسجد الحرام، هو مكة كلها و الشافعي يرى خلاف ذلك، و يقول: إنه الكعبة، و لا يمنع من بيع دور مكة و لا إجارتها و يحتج بقوله تعالى «الذين اخرجوا من ديارهم».

أقول: في دلالة الاية على ما ذكره أصحاب أبي حنيفة ضعف ظاهر كما أن تفسير المسجد الحرام بخصوص الكعبة كما ذكر عن الشافعي أضعف، كاحتجاجه بالاية على مالكية دور مكة.

الترجمة

از نامه‏اى است كه آن حضرت بكار گزار خود در مكه قثم بن عباس نگاشته:

أما بعد، در انجام حج مردم را راهنما باش و آنها را بروزهاى خدا ياد آورى كن در بامداد و پسين براى پذيرائى از آنها بنشين، و بهر كس در مسائل دين از تو فتوى خواست فتوى بده و نادانها را دانش بياموز و با دانشمند از مردم هم گفتگو باش، و ميان تو و مردم كسى واسطه و ايلچى نباشد جز زبانت و دربانى نباشد جز رخسارت.

هيچ حاجتخواهى را از ديدار خودت پشت در نگذار، زيرا اگر از در خانه تو رانده شود در آغاز مراجعه كردن بر آوردن حاجتش بعد از آن هم تا آنجا مورد پسند نباشد كه جبران آنرا بنمايد.

آنچه از مال خداوند نزد تو گرد آمد بدان توجه كن، و بعيالداران و گرسنه‏ هاى محيط فرمان گزاريت مصرف كن و بمستمندان و بيچارگان برسان، و هر چه از آن بيش باشد براى ما بفرست تا ميان كسانى كه در اطراف ما هستند بخش كنيم.

بمردم مكه دستور بده از كسانى كه ساكن مكه شوند اجرت سكونت نگيرند زيرا خداى سبحان مى ‏فرمايد «عاكفين و بيابانگردان در آن برابرند» أما مقصود از عاكف كسانيند كه در مكه اقامت دارند و مقصود از بادي و بيابانى كسانيند كه جز از اهالي خود شهر مكه براى انجام وظيفه مقدس حج بمكه مى ‏آيند. خدا ما و شما را براى هر چه دوست دارد توفيق دهد، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 65 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 66 صبحی صالح

66- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى عبد الله بن العباس و قد تقدم ذكره بخلاف هذه الرواية

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَرْءَ لَيَفْرَحُ بِالشَّيْ‏ءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَ يَحْزَنُ عَلَى الشَّيْ‏ءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ

فَلَا يَكُنْ أَفْضَلَ مَا نِلْتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ دُنْيَاكَ بُلُوغُ لَذَّةٍ أَوْ شِفَاءُ غَيْظٍ وَ لَكِنْ إِطْفَاءُ بَاطِلٍ أَوْ إِحْيَاءُ حَقٍّ

وَ لْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ وَ أَسَفُكَ عَلَى مَا خَلَّفْتَ وَ هَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الخامس و الستون الى عبد الله بن العباس،و قد تقدم ذكره بخلاف هذه الرواية

أما بعد، فإن المرء ليفرح بالشي‏ء الذي لم يكن ليفوته، و يحزن على الشي‏ء الذي لم يكن ليصيبه، فلا يكن أفضل ما نلت‏ في نفسك من دنياك بلوغ لذة أو شفاء غيظ، و لكن إطفاء باطل أو إحياء حق، و ليكن سرورك بما قدمت، و أسفك على ما خلفت و همك فيما بعد الموت.

اقول: و في قوله رضى الله عنه: و قد تقدم ذكره بخلاف هذه الرواية، إشارة إلى أن ما ذكره هنا و ما تقدم عليه بهذا المعنى مكتوب واحد نقل بروايتين.

فيحتمل أن تكون كلتا الروايتان مأثورتين عنه عليه السلام بناء على صدورهما معا عنه عليه السلام في مكتوب واحد، فتكون إحداهما نسخة بدل صدرت عن الكاتب فبعثت إحداهما و حفظت الاخرى فنقلت و رويت أيضا.

و يحتمل أن يكون الاختلاف ناشيا عن النساخ بتصرف و تصحيف و علل اخرى.

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت عليه السلام بعبد الله بن عباس نگاشته، اين نامه بروايت ديگرى كه با اين مضمون اختلاف داشت پيشتر نقل شد:

أما بعد، براستى كه مرد براى رسيدن به بهره‏اى كه از دست بدر نمى‏رود خشنود مى‏ شود (يعنى روزى مقدر) و بر آنچه نبايد بوى برسد و مقدر او نيست غمگين مى‏ گردد، نبايد پيش تو بهترين بهره دنيايت كاميابى جسماني يا تشفى خاطر از خشمگينى و انتقام از دشمنت باشد.

ولى بايد بهترين چيزى كه بحساب آرى اين باشد كه باطل را خاموش و نابود سازى و يا حقى را زنده و پايدار كنى، بايد شادى تو بمالى باشد كه براى ذخيره آخرتت پيش مى ‏فرستى، و افسوست از آنچه باشد كه بجاى خود براى ديگران مى‏ گذارى، و بايد هم تو معطوف بوضع تو پس از مردن باشد.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 64 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 65 صبحی صالح

65- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إليه أيضا

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِاللَّمْحِ الْبَاصِرِ مِنْ عِيَانِ الْأُمُورِ فَقَدْ سَلَكْتَ مَدَارِجَ أَسْلَافِكَ بِادِّعَائِكَ الْأَبَاطِيلَ‏

وَ اقْتِحَامِكَ غُرُورَ الْمَيْنِ وَ الْأَكَاذِيبِ وَ بِانْتِحَالِكَ مَا قَدْ عَلَا عَنْكَ

وَ ابْتِزَازِكَ لِمَا قَدِ اخْتُزِنَ دُونَكَ فِرَاراً مِنَ الْحَقِّ وَ جُحُوداً لِمَا هُوَ أَلْزَمُ لَكَ مِنْ لَحْمِكَ وَ دَمِكَ مِمَّا قَدْ وَعَاهُ سَمْعُكَ وَ مُلِئَ بِهِ صَدْرُكَ فَمَا ذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ الْمُبِينُ وَ بَعْدَ الْبَيَانِ إِلَّا اللَّبْسُ

فَاحْذَرِ الشُّبْهَةَ وَ اشْتِمَالَهَا عَلَى لُبْسَتِهَا فَإِنَّ الْفِتْنَةَ طَالَمَا أَغْدَفَتْ جَلَابِيبَهَا وَ أَغْشَتِ الْأَبْصَارَ ظُلْمَتُهَا

وَ قَدْ أَتَانِي كِتَابٌ مِنْكَ ذُو أَفَانِينَ مِنَ الْقَوْلِ ضَعُفَتْ قُوَاهَا عَنِ السِّلْمِ وَ أَسَاطِيرَ لَمْ يَحُكْهَا مِنْكَ عِلْمٌ وَ لَا حِلْمٌ

أَصْبَحْتَ مِنْهَا كَالْخَائِضِ فِي الدَّهَاسِ وَ الْخَابِطِ فِي الدِّيمَاسِ وَ تَرَقَّيْتَ إِلَى مَرْقَبَةٍ بَعِيدَةِ الْمَرَامِ نَازِحَةِ الْأَعْلَامِ تَقْصُرُ دُونَهَا الْأَنُوقُ وَ يُحَاذَى بِهَا الْعَيُّوقُ

وَ حَاشَ لِلَّهِ أَنْ تَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدِي صَدْراً أَوْ وِرْداً أَوْ أُجْرِيَ لَكَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ عَقْداً أَوْ عَهْداً

فَمِنَ الْآنَ فَتَدَارَكْ نَفْسَكَ وَ انْظُرْ لَهَا فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ حَتَّى يَنْهَدَ إِلَيْكَ عِبَادُ اللَّهِ أُرْتِجَتْ عَلَيْكَ الْأُمُورُ وَ مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ مِنْكَ الْيَوْمَ مَقْبُولٌ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الرابع و الستون و من كتاب له عليه السلام اليه أيضا

أما بعد، فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان [عين‏] الأمور فلقد سلكت مدارج أسلافك بادعائك الأباطيل، و إقحامك [اقتحامك‏] غرور المين و الأكاذيب، و بانتحالك ما قد علا عنك و ابتزازك لما اختزن دونك، فرارا من الحق، و جهودا لما هو ألزم لك من لحمك و دمك، مما قد وعاه سمعك، و ملى‏ء به صدرك، فما ذا بعد الحق إلا الضلال المبين، و بعد البيان إلا اللبس؟ فاحذر الشبهة و اشتمالها على لبستها، فإن الفتنة طالما أغدفت جلابيبها، و أعشت الأبصار ظلمتها. و قد أتاني كتاب منك ذو أفانين من القول ضعفت قواها عن السلم، و أساطير لم يحكها منك علم و لا حلم، أصبحت منها كالخائض في الدهاس، و الخابط في الديماس، و ترقيت إلى مرقبة بعيدة المرام، نازحة الأعلام، تقصر دونها الأنوق، و يحاذى بها العيوق. و حاش لله أن تلى للمسلمين بعدي صدرا أو وردا، أو أجرى‏

لك على أحد منهم عقدا أو عهدا، فمن الان فتدارك نفسك و انظر لها، فإنك إن فرطت حتى ينهد إليك عباد الله أرتجت عليك الأمور، و منعت أمرا هو منك اليوم مقبول، و السلام.

اللغة

(آن): قرب و حان، (اللمح الباصر): النظر بالعين الصحيحة، (الأباطيل) جمع الباطل على غير قياس، (المدارج): الطرائق، (الاقحام و الاقتحام): الدخول في الشي‏ء من غير روية، (المين): الكذب، (الغرور): بالضم مصدر و بفتح الأول صفة بمعنى الفاعل، (الانتحال): ادعاء ما ليس له، (الابتزاز): الاستلاب، (الجحود): إنكار ما يعلم.

(أغدفت) المرأة قناعها: أرسلته على وجهها، (الأفانين): الأساليب المختلفة، (الأساطير): الأباطيل واحدها اسطورة بالضم و إسطارة بالكسر، (الدهاس): المكان السهل دون الرمل، (الديماس) بالكسر: المكان المظلم و كالسراب و نحوه.

(المرقبة) موضع عال مشرف يرتفع إليه الراصد، (الأنوق) بالفتح:طائر و هو الرخمة أو كارها في رءوس الجبال و الأماكن الصعبة البعيدة، (العيوق):نجم فوق زحل، (تنهد): ترفع، (ارتجت): اغلقت.

الاعراب‏

مجاز الباصر: صفة لقوله باللمح مجازا، أى بلمح الانسان الباصر و الباء للاستعانة، بادعائك: الباء للسببية، مما قد وعاه: من للتعليل، فاحذر الشبهة و اشتمالها:

قال الشارح المعتزلي: و يجوز أن يكون اشتمال مصدر مضاف إلى معاوية أى احذر الشبهة و احذر اشتمالك إياها على اللبسة، أى ادراعك بها و تقمصك- إلى أن قال:

و يجوز أن يكون مصدرا مضافا إلى ضمير الشبهة فقط. ذو: صفة للكتاب، أساطير:عطف على أفانين، لم يحك: مضارع مجزوم من حاك يحوك و حوك الكلام صنعته‏ و نظمه، تقصر دونها: جملة حالية.

المعنى‏

تلويح قال الشارح المعتزلي «ص 27 ج 18 ط مصر»: و هذا الكتاب [… فقد آن لك …] هو جواب كتاب وصل من معاوية إليه عليه السلام بعد قتل علي عليه السلام الخوارج، و فيه تلويح بما كان يقوله من قبل: إن رسول الله صلى الله عليه و آله وعدني بقتال طائفة اخرى غير أصحاب الجمل صفين، و إنه سماهم المارقين.

أقول: و كان معاوية بعد قتل الخوارج و هم شجعان جيش الكوفة الصادقين للجهاد في صفين يرجو نيل الخلافة على كافة المسلمين لأن خلافهم مع علي عليه السلام و قتلهم في نهروان كافة إلا عدد يسير قد فت في عضد علي عليه السلام و شوش أمره إلى حيث انجر إلى الفتك به، فانتهز معاوية هذه الفرصة و طمع في قبول علي عليه السلام شروطا للصلح تؤيد مقصود معاوية في صعود عرش الخلافة الاسلامية برضا كافة المسلمين و تجويز علي خلافته باقراره على ولاية الشام و نصبه على أنه ولي عهد له من بعده.

قال الشارح المعتزلي «ص 26 ج 18 ط مصر»: و كان كتب إليه يطلب منه أن يفرده بالشام و أن يوليه العهد من بعده، و أن لا يكلفه الحضور عنده، و كان مقصوده بعد أخذ هذا الاعتراف عنه عليه السلام التدبير في الفتك به بأي وجه يمكنه، و قد أدرك عليه السلام غرضه من هذا الكتاب فأبلغ في ردعه و دحض مطامعه بما لا مزيد عليه، و بين له أنه بعيد عن مقام الخلافة بوجوه عديدة:

1- سلوكه مسالك أجداده الجاهليين‏ بادعاء الأباطيل و اقتحام غرور المين و الأكاذيب‏ فكأنه باق على كفره أخلاقا و معنا و إن كان مسلما ظاهرا، فلا أهلية له لزعامة المسلمين.

2- دعواه مقاما شامخا علا عنه، و استلابه ما قد اختزن‏ دونه، قال الشارح المعتزلي: يعني التسمى بأمير المؤمنين، و فسره ابن ميثم بمال المسلمين و بلادهم التي يغلب عليها.

3- فراره عن‏ الحق‏ و جحوده ما يعلمه حقا و ثبت عنده حتى‏ وعاه‏ سمعه‏ و ملي‏ء به‏ صدره.

و قد فسره المعتزلي بفرض طاعة علي عليه السلام لأنه قد وعاها سمعه، لا ريب في ذلك.

إما بالنص في أيام رسول الله صلى الله عليه و آله كما تذكره الشيعة، فقد كان معاوية حاضرا يوم الغدير لأنه حج معهم حجة الوداع، و قد كان أيضا حاضرا يوم تبوك حين قال له بمحضر من الناس كافة «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» و قد سمع غير ذلك.

و إما بالبيعة كما نذكره نحن فانه قد اتصل به خبرها، و تواتر عنده وقوعها، فصار وقوعها عنده معلوما بالضرورة كعلمه بأن في الدنيا بلدا اسمه مصر، و إن كان ما رآها.

4- و انتهى عليه السلام كتابه إلى التأكيد في منعه عن تصدي الخلافة، فقال عليه السلام‏ (و حاش لله أن تلي للمسلمين بعدي صدرا أو وردا، أو أجرى لك على أحد منهم عقدا أو عهدا).

و هذا تصريح ببعده عن الخلافة إلى حيث‏ دونها الأنوق و يحاذي بها العيوق‏.

و أنذره من سوء عاقبة إصراره على التمرد و الطغيان بقوله عليه السلام‏ (فانك إن فرطت حتى ينهد إليك عباد الله ارتجت إليك الامور- إلخ).

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت عليه السلام باز هم بمعاويه نگاشته است:

أما بعد، آن هنگامت فرا رسيده كه بخود آئى و از آنچه بچشم خود ديدى پند پذيرى، براستى كه تو باز هم براه نياكان بت پرست خود مى ‏روى براى آنكه بيهوده دعوى دارى و خود را در فريب و دروغ اندر مى ‏سازى و آنچه را برتر از مقام تو است بخود مى‏بندى و در آنچه از تو دريغ است دست اندازى مى ‏كنى تا از حق گريزان باشى و از پيروى آنچه از گوشت و خون تنت بتو آميخته ‏تر است سرباز زنى‏ و انكارش كنى، همان حقائقى كه بگوش خود فرا گرفتى و در دلت انباشته ‏اند و بخوبى مى‏ دانى.

پس از كشف حقيقت راه ديگرى جز گمراهى و ضلالت نيست، و پس از تمامى بيان و حجت جز شبهه سازى وجود ندارد، از شبهه سازى و فريب كارى و عوام فريبى بر كنار شو، زيرا كه دير زمانى است فتنه و آشوب پرده‏هاى سياه خود را گسترده و با تيرگى خود ديده‏هاى كوته بين را كور و نابينا كرده.

نامه‏اى از تو بمن رسيد كه سرتاسر سخن بافيها و دگرگونيها داشت، منطق درست و خير خواهى در آن سست بود و بمانند افسانه‏هائى بود كه از دانش و بردبارى در نگارش آن بهره‏اى نبود، بمانند مردى شدى كه از خاك تيره گوهر جويد و در تاريكى شب خار بر آرد، و گام فرا مقامى برداشتى كه بسيار از تو دور است، و نشانه‏اش ناجور، كركس را بدان ياراى پرواز نيست و با ستاره عيوق دمساز است.

پناه بر خدا كه تو فرمانروا بر مسلمانان گردى و پس از من در خرد و درشت كار آنها مداخله كنى يا من در اين باره براى تو بر يكتن از آنان قرار و تعهدى امضاء كنم.

از هم اكنون خود را درياب و براى خويش چاره انديش، زيرا اگر كوتاه آئى تا بندگان خدا بر سر تو آيند كارها بر تو دشوار گردد و درهاى نجات بروى تو بسته شوند و از آن مقامى كه امروزه از تو پذير است با زمانى، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 63 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 64 صبحی صالح

64- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى معاوية جوابا

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا كُنَّا نَحْنُ وَ أَنْتُمْ عَلَى مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْأُلْفَةِ وَ الْجَمَاعَةِ فَفَرَّقَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ أَمْسِ أَنَّا آمَنَّا وَ كَفَرْتُمْ وَ الْيَوْمَ أَنَّا اسْتَقَمْنَا وَ فُتِنْتُمْ

وَ مَا أَسْلَمَ مُسْلِمُكُمْ إِلَّا كَرْهاً وَ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَنْفُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله ‏عليه‏ وآله ‏وسلم  )حِزْباً

وَ ذَكَرْتَ أَنِّي قَتَلْتُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ وَ شَرَّدْتُ بِعَائِشَةَ وَ نَزَلْتُ بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ وَ ذَلِكَ أَمْرٌ غِبْتَ عَنْهُ فَلَا عَلَيْكَ وَ لَا الْعُذْرُ فِيهِ إِلَيْكَ

وَ ذَكَرْتَ أَنَّكَ زَائِرِي فِي الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ قَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ يَوْمَ أُسِرَ أَخُوكَ

فَإِنْ كَانَ فِيهِ عَجَلٌ فَاسْتَرْفِهْ فَإِنِّي إِنْ أَزُرْكَ فَذَلِكَ جَدِيرٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ إِنَّمَا بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِلنِّقْمَةِ مِنْكَ وَ إِنْ تَزُرْنِي فَكَمَا قَالَ أَخُو بَنِي أَسَدٍ

 مُسْتَقْبِلِينَ رِيَاحَ الصَّيْفِ تَضْرِبُهُمْ            بِحَاصِبٍ بَيْنَ أَغْوَارٍ وَ جُلْمُودِ

وَ عِنْدِي السَّيْفُ الَّذِي أَعْضَضْتُهُ بِجَدِّكَ وَ خَالِكَ وَ أَخِيكَ فِي‏ مَقَامٍ وَاحِدٍ وَ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ الْأَغْلَفُ الْقَلْبِ الْمُقَارِبُ الْعَقْلِ

وَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَكَ إِنَّكَ رَقِيتَ سُلَّماً أَطْلَعَكَ مَطْلَعَ سُوءٍ عَلَيْكَ لَا لَكَ لِأَنَّكَ نَشَدْتَ غَيْرَ ضَالَّتِكَ وَ رَعَيْتَ غَيْرَ سَائِمَتِكَ وَ طَلَبْتَ أَمْراً لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ لَا فِي مَعْدِنِهِ فَمَا أَبْعَدَ قَوْلَكَ مِنْ فِعْلِكَ وَ قَرِيبٌ مَا أَشْبَهْتَ مِنْ أَعْمَامٍ وَ أَخْوَالٍ حَمَلَتْهُمُ الشَّقَاوَةُ وَ تَمَنِّي الْبَاطِلِ عَلَى الْجُحُودِ بِمُحَمَّدٍ ( صلى‏ الله ‏عليه‏ وآله‏ وسلم  )فَصُرِعُوا مَصَارِعَهُمْ حَيْثُ عَلِمْتَ لَمْ يَدْفَعُوا عَظِيماً وَ لَمْ يَمْنَعُوا حَرِيماً بِوَقْعِ سُيُوفٍ مَا خَلَا مِنْهَا الْوَغَى وَ لَمْ تُمَاشِهَا الْهُوَيْنَى

وَ قَدْ أَكْثَرْتَ فِي قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَادْخُلْ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَيَّ أَحْمِلْكَ وَ إِيَّاهُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَمَّا تِلْكَ الَّتِي تُرِيدُ فَإِنَّهَا خُدْعَةُ الصَّبِيِّ عَنِ اللَّبَنِ فِي أَوَّلِ الْفِصَالِ وَ السَّلَامُ لِأَهْلِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثالث و الستون‏ و من كتاب له عليه السلام الى معاوية: جوابا

أما بعد، فإنا كنا نحن و أنتم على ما ذكرت من الالفة و الجماعة ففرق بيننا و بينكم أمس أنا آمنا و كفرتم، و اليوم أنا استقمنا و فتنتم، و ما أسلم مسلمكم إلا كرها، و بعد أن كان أنف الإسلام كله لرسول الله- صلى الله عليه و آله- حزبا. و ذكرت أني قتلت طلحة و الزبير، و شردت بعائشة و نزلت [بين‏] المصرين! و ذلك أمر غبت عنه فلا عليك، و لا العذر فيه إليك. و ذكرت أنك زائري في المهاجرين و الأنصار، و قد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك، فإن كان فيك عجل فاسترفه [فاسترقه‏]، فإني إن أزرك فذلك جدير أن يكون الله إنما بعثني إليك للنقمة منك، و إن تزرني فكما قال أخو بني أسد:

مستقبلين رياح الصيف تضربهم‏ بحاصب بين أغوار و جلمود

و عندي السيف الذي أعضضته بجدك و خالك و أخيك مقام واحد، و إنك- و الله- ما علمت الأغلف القلب، المقارب‏

العقل، و الأولى أن يقال لك: إنك رقيت سلما أطلعك مطلع سوء عليك لا لك، لأنك نشدت غير ضالتك، و رعيت غير سائمتك، و طلبت أمرا لست من أهله و لا في معدنه فما أبعد قولك من فعلك!! و قريب ما أشبهت من أعمام و أخوال حملتهم الشقاوة، و تمني الباطل على الجحود بمحمد- صلى الله عليه و آله- فصرعوا حيث علمت لم يدفعوا عظيما، و لم يمنعوا حريما بوقع سيوف ما خلا منها الوغى، و لم تماشها [تماسها] الهوينا. و قد أكثرت في قتلة عثمان، فادخل فيما دخل فيه الناس، ثم حاكم القوم إلى أحملك و إياهم على كتاب الله تعالى، و أما تلك التي تريد فإنها خدعة الصبي عن اللبن في أول الفصال، و السلام لأهله.

اللغة

(أنف) كل شي‏ء أوله و طرفه، (شرده): أهربه، (المصرين): الكوفة و البصرة، (و استرفه): نفس عنك من الرفاهية و هى السعة، (الأغوار):المنخفضة من الأرض، (الحاصب): ريح فيها حصباء و هى الرمل، (الجلمود):الأحجار الصلبة.

(أعضضت) بالضاد المعجمة: أى جعلت السيف يعضهم و يقتلهم، قال ابن ميثم: و أغصصت السيف بفلان أى جعلته يغص به فقرأه بالغين المعجمة و الصاد المهملة فجعله من المقلوب و فيه تعسف.

(أغلف): أى خلقة و جبلة مغشاة بأغطية فلا يفقه، (المقارب) بالكسر:الذي ليس بالتمام، (الضالة): المفقودة، (السائمة): الأنعام المجتمعة للرعي، (لم تماشها): صيغة جحد من ماشى يماشي أى لا يصاحبها الهوينا، و لا تماسها كما في نسخة اخرى.

الاعراب‏

و أنتم: عطف على اسم كنا، أنا آمنا: في تأويل المفرد فاعل فرق، أى إيماننا و كفركم، فذلك جدير: جملة اسمية جزاء الشرط و في محل خبر إني، تضربهم بحاصب: جملة حالية عن الرياح، و الله و ما علمت: جملتان معترضتان بين اسم إن و خبره و هو الأغلف القلب و ما في ما علمت مصدرية زمانية مفعول فيه لقوله علمت و الفعل ملغى عن مفعوليه و نزل منزلة اللازم لإفادة الإطلاق، المقارب: خبر ثان لان، قريب: عطف على الأغلف، ما أشبهت: فعل التعجب.

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي «ص 251 ج 17 ط مصر»: أما الكتاب الذي كتبه إليه معاوية و هذا الكتاب جوابه، فهو: من معاوية بن أبي سفيان، إلى علي بن أبي طالب:

أما بعد، فإنا بني عبد مناف لم نزل ننزع من قليب واحد، و نجري في حلبة واحدة، ليس لبعضنا على بعض فضل، و لا لقائمنا على قاعدنا فخر، كلمتنا مؤتلفة، و الفتنا جامعة، و دارنا واحدة، يجمعنا كرم العرق، و يحوينا شرف النجاد، و يحنو قوينا على ضعيفنا، و يواسي غنينا فقيرنا، قد خلصت قلوبنا من دغل الحسد، و طهرت أنفسنا من خبث النية.

فلم نزل كذلك حتى كان منك ما كان من الإدهان في أمر ابن عمك، و الحسد له، و نصرة الناس عليه، حتى قتل بمشهد منك، لا تدفع عنه بلسان و لا يد، فليتك أظهرت نصره، حيث أسررت خبره، فكنت كالمتعلق بين الناس بعدو (بعذر خ) و إن ضعف، و المتبري من دمه بدفع و إن وهن.

و لكنك جلست في دارك تدس إليه الدواهي و ترسل إليه الأفاعى، حتى‏ إذا قضيت و طرك منه أظهرت شماتة، و أبديت طلاقة و حسرت للأمر عن ساعدك، و شمرت عن ساقك و دعوت الناس إلى نفسك، و أكرهت أعيان المسلمين على بيعتك.

ثم كان منك ما كان من قتلك شيخي المسلمين أبي محمد طلحة و أبي عبد الله الزبير و هما من الموعودين بالجنة، و المبشر قاتل أحدهما بالنار في الاخرة.

هذا إلى تشريدك بام المؤمنين عائشة، و إحلالها محل الهون، مبتذلة بين أيدي الأعراب و فسقة أهل الكوفة، فمن بين مشهر لها، و بين شامت بها، و بين ساخر منها، ترى ابن عمك كان بهذه لو رآه راضيا؟ أم كان يكون عليك ساخطا؟

و لك عنه زاجرا أن تؤذي أهله و تشرد بحليلته، و تسفك دماء أهل ملته.

ثم تركك دار الهجرة التي قال رسول الله صلى الله عليه و آله عنها «إن المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد» فلعمرى لقد صح وعده و صدق قوله، و لقد نفت خبثها و طردت عنها من ليس بأهل أن يستوطنها، فأقمت بين المصرين، و بعدت عن بركة الحرمين، و رضيت بالكوفة بدلا عن المدينة، و بمجاورة الخورنق و الحيرة عوضا عن مجاورة خاتم النبوة.

و من قبل ذلك ما عيبت خليفتي رسول الله أيام حياتهما، فقعدت عنهما، و ألبت عليهما، و امتنعت من بيعتهما، و رمت أمرا لم يرك الله له أهلا، و رقيت سلما وعرا، و حاولت مقاما دحضا، و ادعيت ما لم تجد عليه ناصرا، و لعمري لو وليتها حينئذ لما ازدادت إلا فسادا و اضطرابا، و لا أعقبت ولايتكها إلا انتشارا و ارتدادا، لأنك الشامخ بأنفه، الذاهب بنفسه، المستطيل على الناس بلسانه و يده.

و ها أنا سائر إليك في جمع من المهاجرين و الأنصار تحفهم سيوف شامية، و رماح قحطانية، حتى يحاكموك إلى الله، فانظر لنفسك و للمسلمين و ادفع إلى قتلة عثمان، فإنهم خاصتك و خلصاؤك و المحدقون بك.

فان أبيت إلا سلوك سبيل اللجاج، و الاصرار على الغي و الضلال فاعلم،أن هذه الاية إنما نزلت فيك و في أهل العراق معك «ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون‏- 112- النحل».

أقول: و أنا أحكي ما ذكره في شرح الكتابين و نقد كتاب معاوية معلقا عليه بما سنح للخاطر على وجه الايجاز مزيدا للفائدة.

فقال: قال عليه السلام: لعمري‏ إنا كنا بيتا واحدا في الجاهلية لأنا بنو عبد- مناف.

أقول: لقد أحسن في تفسير الالفة و الجماعة بين بيت هاشم و بيت امية بأنهما بنو عبد مناف لأن بين البيتين فروق كثيرة حتى في الجاهلية- إلى أن قال:ثم قال عليه السلام: و ما أسلم‏ من أسلم منكم‏ إلا كرها، كأبي سفيان و أولاده يزيد و معاوية و غيرهم من بني عبد شمس.

قال عليه السلام: و بعد أن كان أنف الاسلام‏ محاربا لرسول الله صلى الله عليه و آله‏، أى في أول الاسلام، يقال: كان ذلك في أنف دولة بني فلان، أى في أولها، و أنف كل شي‏ء أوله و طرفه، و كان أبو سفيان و أهله من بني عبد شمس أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه و آله في أول الهجرة، إلى أن فتح مكة.

أقول: قد قرأ الشارح المعتزلي «حربا» بالراء المهملة بعد قوله‏ «و بعد أن كان أنف الاسلام كله لرسول الله» فنقله بهذه العبارة نقلا بالمعنى و الأولى قراءته بالزاء المعجمة «حزبا» لأنه لا يستقيم كون أنف الاسلام محاربا له صلى الله عليه و آله.

قال: ثم أجابه عن قوله‏ «قتلت طلحة و الزبير و شردت بعائشة، و نزلت بين المصرين» بكلام مختصر أعرض فيه عنه هوانا به، فقال (هذا أمر غبت عنه) فليس عليك به اثم العدوان الذي تزعم‏ و لا العذر إليك‏ لو وجب علي العذر عنه.

فأما الجواب المفصل فأن يقال: إن طلحة و الزبير قتلا أنفسهما ببغيهما و نكثهما و لو استقاما على الطريقة لسلما، و من قتله الحق فدمه هدر، و أما كونهما شيخين من شيوخ الاسلام فغير مدفوع، و لكن العيب يحدث، و أصحابنا يذهبون إلى انهما تابا، و فارقا الدنيا نادمين على ما صنعا، و كذلك نقول نحن فان الأخبار كثرت بذلك، فهما من أهل الجنة لتوبتهما.

أقول: في كلامه هذا تناقض ظاهر فانه حكم أولا بأنهما قاتلا أنفسهما، و دمهما هدر، و كيف يجتمع هذا مع القول بأنهما تابا و ندما و هما من أهل الجنة و لا بد أن يكون التوبة قبل الموت.

إلى أن قال: و أما الوعد لهما بالجنة فمشروط بسلامة العاقبة، و الكلام في سلامتهما، و إذا ثبتت توبتهما فقد صح الوعد لهما و تحقق.

أقول: الوعد بالجنة بشرط سلامة العاقبة يعم كل المسلمين فلا امتياز لهما بهذا الوعد مع أن حديث التوبة لم يثبت خصوصا في حق طلحة المقتول في معمعان القتال و لو تاب الزبير فلا بد أن يرجع إلى على عليه السلام لا أن يفر من ميدان الحرب و منه عليه السلام حتى يقتله ابن جرموز.

إلى أن قال: و أما ام المؤمنين عائشة فقد صحت توبتها و الأخبار الواردة في توبتها أكثر من الأخبار الواردة في توبة طلحة و الزبير لأنها عاشت زمانا طويلا و هما لم يبقيا، و الذي جرى لها كان خطأ منها، فأي ذنب لأمير المؤمنين عليه السلام في ذلك؟ و لو أقامت في منزلها لم تبتذل بين الأعراب و أهل الكوفة، على أن أمير المؤمنين عليه السلام أكرمها و صانها و عظم من شأنها، و من أحب أن يقف على ما فعله معها فليطالع كتب السيرة، و لو كانت فعلت بعمر ما فعلت به، و شقت عصا الامة عليه ثم ظفر بها، لقتلها و مزقها إربا إربا، و لكن عليا كان حليما كريما.

و أما قوله: لو عاش رسول الله صلى الله عليه و آله فبربك هل كان يرضى لك أن تؤذي حليلته، فلعلي عليه السلام أن يقلب الكلام عليه، فيقول: أ فتراه لو عاش أ كان يرضى لحليلته أن تؤذى أخاه و وصيه، و أيضا أ تراه لو عاش أ تراه يرضى لك يا ابن أبي سفيان أن تنازع عليا الخلافة و تفرق جماعة هذه الامة، و أيضا أ تراه لو عاش أ كان يرضى لطلحة و الزبير أن يبايعا ثم ينكثا لا لسبب، بل قالا: جئنا نطلب الدراهم فقد قيل لنا أن بالبصرة أموالا كثيرة، هذا كلام يقوله مثلهما.

فأما قوله: تركت دار الهجرة، فلا عيب عليه إذا انتقضت عليه أطراف الاسلام بالبغي و الفساد أن يخرج من المدينة إليها، و يهذب أهلها، و ليس كل من خرج من المدينة كان خبثا، فقد خرج عنها عمر مرارا إلى الشام، ثم لعلي عليه السلام أن يقلب عليه الكلام فيقول له: و أنت يا معاوية قد نفتك المدينة أيضا عنها، فأنت إذا خبث، و كذلك طلحة و الزبير و عائشة الذين تتعصب لهم و تحتج على الناس بهم، و قد خرج من المدينة الصالحون، كابن مسعود و أبي ذر و غيرهما و ماتوا في بلاد نائية عنها.

و أما قوله: بعدت عن حرمة الحرمين، و مجاورة قبر رسول الله صلى الله عليه و آله، فكلام إقناعي ضعيف، و الواجب على الامام أن يقدم الأهم فالأهم من مصالح الاسلام، و تقديم قتال أهل البغى على المقام بين الحرمين أولى.

و أما ما ذكره من خذلانه عثمان و شماتته به و دعائه الناس بعد قتله إلى نفسه و إكراهه طلحة و الزبير و غيرهما على بيعته، فكله دعوى و الأمر بخلافها و من نظر كتب السير عرف أنه بهته و ادعى عليه ما لم يقع منه.

و أما قوله: التويت على أبي بكر و عمر، و قعدت عنهما، و حاولت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله فان عليا عليه السلام لم يكن يجحد ذلك و لا ينكره، و لا ريب أنه كان يدعي الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه و آله لنفسه على الجملة، إما لنص كما تقوله الشيعة أو لأمر آخر كما يقوله أصحابنا.

أما قوله: لو وليتها حينئذ لفسد الأمر و اضطرب الاسلام، فهذا علم غيب لا يعلمه إلا الله، و لعله لو وليها حينئذ لاستقام الأمر و صلح الاسلام و تمهد.

أقول: لا وجه للتعبير هنا بلعله بل هو المحقق، فان الفساد و الاضطراب نشأ من نقض عهد ولايته عليه السلام حيث إن قبائل العرب الحاضرين في غدير خم السامعين لقول النبي صلى الله عليه و آله «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» و الواعين لقوله «يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى» لا يشكون في أن القائم بالأمر بعده هو علي عليه السلام.

و لكن لما رأوا و سمعوا أن أكثر أصحاب النبي من المهاجرين و الأنصار عدلوا عن وصيته و توليته شك بعضهم في أصل الاسلام و في أنه دين إلهي قائم بالوحي و بعضهم تردد في إنجاز أوامره و عهوده و وصاياه في سائر مشاعر الاسلام مثل الزكاة و غيرها فثاروا على الاسلام و ارتدوا.

و هذا هو فلسفة ارتداد العرب على الحكومة المركزية القائمة على خلافة أبي بكر الانتخابية، ففي السقيفة زرعت جراثيم الفساد و بذورها و نمت إلى أن أثمرت في خلافة عثمان، فقام الاختلاف على ساق و تلاشت وحدة المسلمين، حتى نقلت الخلافة و الزعامة الاسلامية إلى أمثال معاوية، و طمعت فيها أمثال طلحة و الزبير، فان ظهور مطامعهم و تكالبهم على الدنيا أثر في نفوس عامة الناس و أضعف عقائدهم بالنسبة إلى ما ورد في القرآن الشريف من الوعيد و الإنذار.

الترجمة

أما بعد، ما و شما چنانچه ياد كردى هم انس و گردهم بوديم ولى در گذشته از هم جدا شديم براى آنكه ما ايمان آورديم و شما بكفر باقى مانديد و امروز هم از هم جدائيم براى آنكه ما در راه راستى مى ‏رويم و بايمان خود پاى بنديم و شما پيرامون فتنه هستيد و از اسلام برگشتيد، شما هم از دل قبول اسلام نكرديد بلكه بنا خواه اظهار مسلمانى نموديد بعد از اين كه در صدر اسلام همه را با رسول خدا در نبرد بوديد «بعد از اين كه همه مسلمانان نخست حزب و طرفدار رسول خدا صلى الله عليه و آله شدند- خ».

ياد آورشدى كه من طلحه و زبير را كشتم و عايشه را راندم و در بصره و كوفه اقامت كردم، اينها همه در غيبت تو واقع شده و بر عهده تو نيست و بتو مربوط نيست و عذر خواهى از آن بتو ارتباطى ندارد.

ياد آور شدى كه در جمع مهاجر و انصار مرا ديدار خواهى كرد، با اين كه از روزى كه برادرت «يزيد بن أبي سفيان» اسير شد «يعنى روز فتح مكه» هجرت برداشته شد و قانون آن ملغى گرديد و مسلمانان پس از فتح مكه كه پيرامون تواند مهاجر نيستند، اگر در اين ديدار شتابى هست در آسايش باش (بر آن سوار شوخ)

زيرا اگر من بديدار تو آيم سزاوار است براى آنكه خداوندم بديدار تو فرستد تا از تو انتقام بگيرم، و اگر تو بديدار من آئى چنانست كه شاعر بنى أسد سروده:

به پيشواز بادهاى گرم تابستانى شتابند تا با خار و خاشاك و سنگريزه در پست و بلند روبرو گردند.

در بر من است همان شمشيرى كه با آن جد تو و دائى و برادرت را در يك ميدان (ميدان نبرد احد) كشتم، و راستى كه- تا من دانسته‏ام- تو مردى دل مرده و كم خرد بودى و بهتر است در باره تو گفت: بنردبانى بر آمدى كه ترا ببد پرتگاهى كشاند و بزيانت رساند و سودى نبرى، زيرا كسى را مانى كه جز گمشده خود را جويد و جز چراگاه خويش را بچراند، و بدنبال مقامى مى ‏گردى كه سزاوار آن نيستى و از خاندان آن دورى.

وه چه اندازه گفتار و كردار تو ارهم بدورند، و تا دانسته‏ام تو بأعمام و أخوال خودمانى كه بدبختى و آرزوهاى بيهوده آنان را با نكار رسالت محمد صلى الله عليه و آله واداشت و تا آنجا با او ستيزه كردند كه در قتلگاه خود بخاك و خون غلطيدند، همان جا كه تو خود مى ‏دانى، نتوانستند از خود دفاعى عظيم نمايند و حريم وجود خود را از زخم شمشيرهائى كه ميدان نبرد از آنها بر كنار نيست مصون دارند، آنجا كه سستى و مسامحه در آن روا نيست.

تو در باره كشندگان عثمان پرگفتى، بيا با مسلمانان هم آهنگ شو و آنچه را پذيرفتند بپذير و سپس آنانرا در محضر من محاكمه كن تا تو را و آنها را بقانون كتاب خدا وادارم.

و أما آنچه تو از دعوى خونخواهى عثمان مى‏ خواهى بدان ماند كه بخدعه بخواهند كودكى را در نخست دوران شيربرى از شير بازگيرند و پستان مادر را در پيش او نازيبا و بد جلوه دهند، درود بر هر كه شايسته او است.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 62 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 63 صبحی صالح

63- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى أبي موسى الأشعري و هو عامله على الكوفة، و قد بلغه عنه تثبيطه الناس عن الخروج إليه لما ندبهم لحرب أصحاب الجمل‏

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ قَوْلٌ هُوَ لَكَ وَ عَلَيْكَ فَإِذَا قَدِمَ رَسُولِي عَلَيْكَ فَارْفَعْ ذَيْلَكَ وَ اشْدُدْ مِئْزَرَكَ وَ اخْرُجْ مِنْ جُحْرِكَ وَ انْدُبْ مَنْ مَعَكَ فَإِنْ حَقَّقْتَ فَانْفُذْ وَ إِنْ تَفَشَّلْتَ فَابْعُدْ

وَ ايْمُ اللَّهِ لَتُؤْتَيَنَّ مِنْ حَيْثُ أَنْتَ وَ لَا تُتْرَكُ حَتَّى يُخْلَطَ زُبْدُكَ بِخَاثِرِكَ وَ ذَائِبُكَ بِجَامِدِكَ وَ حَتَّى تُعْجَلُ عَنْ قِعْدَتِكَ وَ تَحْذَرَ مِنْ أَمَامِكَ كَحَذَرِكَ مِنْ خَلْفِكَ

وَ مَا هِيَ بِالْهُوَيْنَى الَّتِي تَرْجُو وَ لَكِنَّهَا الدَّاهِيَةُ الْكُبْرَى يُرْكَبُ جَمَلُهَا وَ يُذَلَّلُّ صَعْبُهَا وَ يُسَهَّلُ جَبَلُهَا

فَاعْقِلْ عَقْلَكَ وَ امْلِكْ أَمْرَكَ وَ خُذْ نَصِيبَكَ وَ حَظَّكَ فَإِنْ كَرِهْتَ فَتَنَحَّ إِلَى غَيْرِ رَحْبٍ وَ لَا فِي نَجَاةٍ فَبِالْحَرِيِّ لَتُكْفَيَنَّ وَ أَنْتَ نَائِمٌ حَتَّى لَا يُقَالَ أَيْنَ فُلَانٌ

وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مَعَ مُحِقٍّ وَ مَا أُبَالِي مَا صَنَعَ الْمُلْحِدُونَ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثاني و الستون‏ و من كتاب له عليه السلام الى أبى موسى الاشعرى، و هو عامله على الكوفة و قد بلغه عنه تثبيطه الناس على الخروج اليه لما ندبهم لحرب أصحاب الجمل‏

من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس:

أما بعد، فقد بلغني عنك قول هو لك و عليك، فإذا قدم رسولي عليك فارفع ذيلك، و اشدد مئزرك، و اخرج من جحرك و اندب من معك، فإن حققت فانفذ، و إن تفشلت فابعد و ايم الله لتؤتين من حيث أنت، و لا تترك حتى يخلط زبدك بخاثرك، و ذائبك بجامدك، و حتى تعجل في قعدتك، و تحذر من أمامك كحذرك من خلفك، و ما هى بالهوينا التي ترجو، و لكنها الداهية الكبرى يركب جملها، و يذل صعبها، و يسهل جبلها، فاعقل عقلك، و املك أمرك، و خذ نصيبك و حظك، فإن كرهت فتنح إلى غير رحب و لا في نجاة، فبالحري لتكفين و أنت نائم حتى لا يقال: أين فلان؟ و الله إنه لحق مع محق، و ما أبالي ما صنع الملحدون، و السلام.

اللغة

(فثبطهم): حبسهم بالجبن يقال: ثبطه عن الأمر أى أثقله و أقعده، (الجحر) بالضم: ثقب الحية و نحوها من الحشار، (الزبد) بالضم: ما يستخرج بالمخض من اللبن، (خثر) اللبن خثورة من باب قتل بمعنى ثخن و اشتد و رجل خاثر النفس أي ثقيل كسلان.

الاعراب‏

و هو عامله على الكوفة: جملة حالية و يحتمل الاستيناف و كذا ما بعده و يحتمل فيه العطف أيضا، هو لك: جملة اسمية صفة لقوله قول، و عليك: ظرف مستقر معطوف على لك و يمكن أن يكون عطفا على هو بتقديره بعده أى و هو عليك فتكون حالية و المعنى أنه قولك حالكونه يكون على ضررك، أيم الله:

قسم و هو مبتدأ لخبر محذوف و هو قسمى و ما بعده جواب القسم.

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي «ص 246 ج 17 ط مصر»: المراد بقوله‏ (هو لك و عليك) أن أبا موسى كان يقول لأهل الكوفة: إن عليا إمام هدى، و بيعته صحيحة إلا أنه لا يجوز القتال معه لأهل القبلة، هذا القول بعضه حق و بعضه باطل.

أقول: الظاهر من كلامه أن البعض الحق منه تصديقه بامامته و صحة بيعته و البعض الباطل عدم تجويزه القتال معه لما قال عنه ابن ميثم «و يقول:

إنها فتنة فلا يجوز القيام فيها و يروى عن النبي صلى الله عليه و آله أخبارا يتضمن وجوب القعود عن الفتنة و الاعتزال فيها»- إلى أن قال: و هو عليه من وجوه:

1- كان معلوما من همه أنه لم يقصد بذلك إلا قعود الناس عنه، و فهم منه ذلك، و هو خذلان للدين في الحقيقة و هو عائد عليه بمضرة العقوبة منه عليه السلام و من الله تعالى في الاخرة.

أقول: و يؤيد ذلك ما قيل في حال أبي موسى من أنه من المعتقدين بعبد الله بن عمر و من الذين يميلون إلى انتخابه بالخلافة لظاهرة تقواه الجامد العاري عن تحقيق الحق كأكثر المتزهدين و قد اعتزل عن علي عليه السلام و لم يبايعه و تبعه جمع من كبار الصحابة كاسامة بن زيد و عمرو بن عاص و سعد بن أبي وقاص، و كان اعتزالهم عنه عليه السلام فت في عضد ولايته و نصر لعدوه و هو معاوية و قد لحقوا به بعد ذلك، و أظهر أبو موسى جوهره في قضية الحكمين فيما بعد، و قال ابن ميثم:

2- أنه لما كان على الحق في حربه كان تثبيط أبي موسى عنه جهلا بحاله و ما يجب من نصرته و القول بالجهل عائد على القائل بالمضرة.

3- أنه في ذلك القول مناقض لغرضه لأنه نهى عن الدخول مع الناس و مشاركتهم في زمن الفتنة و روى خبرا يقتضي أنه يجب القعود عنهم حينئذ مع أنه كان أميرا يتهافت على الولاية و ذلك متناقض، فكان عليه لا له.

أقول: و الأوضح أن يقال أن تصديه للولاية في هذه الحالة دخول في الفتنة لأنها سياسة للناس فلو اعتقد بما نقل لزم عليه الاستعفاء و العزلة عن العمل فورا مضافا إلى أن اعترافه بامامته و صحة بيعته يقتضي وجوب طاعته عليه فلا معنى للخلاف معه بأي استناد مع أنه اعتمد على النهي من القتال معه عليه بأن المخالفين من أهل القبلة و القتال مع أهل القبلة لقمع الفتنة مشروع في القرآن كما قال الله تعالى‏ و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي‏ء إلى أمر الله‏ 9- الحجرات و أى بغي أعظم من نكث طلحة و الزبير بيعتهما و جمعهما الجموع على خلاف علي عليه السلام؟! و قد شدد عليه الأمر بالخروج من الكوفة و من معه و اللحاق به بقوله:(فارفع ذيلك و اشدد مئزرك و اخرج من جحرك، و اندب من معك).

ثم نبه عليه السلام إلى ما في قلبه من الشك و النفاق بقوله: (فان تحققت فانفذ و إن تفشلت فابعد).ثم نبهه عليه السلام إلى ما يؤول إليه خلافه معه من سوء العاقبة بقوله: (و أيم الله‏لتؤتين من حيث أنت‏- إلخ).

قال الشارح المعتزلي: معناه إن أقمت على الشك و الاسترابة و تثبيط أهل الكوفة عن الخروج إلي و قولك لهم، لا يحل لكم سل السيف لا مع علي و لا مع طلحة، و ألزموا بيوتكم و اكسروا سيوفكم، لتأتينكم و أنتم في منازلكم أهل بالكوفة أهل البصرة مع طلحة و نأتينكم نحن بأهل المدينة و الحجاز فيجتمع عليكم سيفان من أمامكم و من خلفكم فتكون ذلك‏ الداهية الكبرى‏- إلخ-.

و قال في شرح قوله عليه السلام‏ (و لا تترك حتى يخلط زبدك بخاثرك): تقول للرجل إذا ضربته حتى أثخنته: لقد ضربته‏ حتى‏ خلطت زبده بخاثره، و كذلك حتى خلطت ذائبه بجامده، و الخاثر اللبن الغليظ، و الزبد خلاصة اللبن و صفوته فاذا أثخنت الانسان ضربا كنت كأنك خلطت ما دق و لطف من أخلاطه بما كثف و غلظ منها، و هذا مثل و معناه لتفسدن حالك و لتخلطن، و ليضطربن ما هو الان منتظم من‏ أمرك‏- إلخ.

أقول: و حيث أن الخطاب له شخصا يمكن أن يكون مراده عليه السلام الإخبار عن حاله فيما يأتي عليه من انتخابه حكما في صفين و المقصود أنه حيث يصدق ظاهرا إمامته و يمنع أهل الكوفة من نصرته بحجة الدفاع عن مصلحتهم سيأتي عليه الابتلاء بالحكومة في صفين فيظهر سوء عقيدته بالنسبة إليه عليه السلام و خيانته بأهل الكوفة في إظهار عزل الامام و تسليمهم إلى معاوية فيعجل في الفرار من كوفة و يحذر من دنياه و آخرته لما ارتكبه بخدعة عمرو بن عاص معه.

و قد يظهر من بعض التواريخ أن هذا الكتاب‏ ثالث الكتب الذي كتبها عليه السلام إلى أبي موسى الأشعري‏ و أصر و أبلغ في الاستعانة منه لدفع العدو الثائر، و لكن‏ أبو موسى الأشعري‏ أصر على الإنكار و المكابرة حتى عزله عليه السلام عن ولاية الكوفة و أجرى عزله بيد مالك الأشتر.

الترجمة

اين نامه ‏ايست كه بأبو موسى أشعري نگاشت كه كارگزار آن حضرت بود بر كوفه‏ در حالى كه به آن حضرت گزارش رسيد أبو موسى مردم كوفه را از اجابت دعوت آن حضرت باز مى ‏دارد چون آنها را براى جنگ با أصحاب جمل دعوت كرده بود:

از طرف بنده خدا على أمير مؤمنان بسوى عبد الله بن قيس.

أما بعد، راستى كه بمن از تو گفتارى رسيده است كه از آن تو است و بر زيان تو است، چون فرستاده و پيك من اينك بتو در رسد بى درنگ دامن بالا زن و كمرت را تنگ بربند و از سوراخت بدرآى و هر آنكه با خود دارى احضار كن اگر حق را دريافتى آنرا مجرى كن و اگر سستى شيوه خود ساختى و نرد شكاكى باختى از منصب خود در گذر و دور شو، بخدا سوگند هر چه باشى و هر كجا باشى دستخوش گرفتارى شوى و بدنبالت آيند و رها نشوى تا گوشت و استخوانت بهم در آميزند و تر و خشكت بهم آميزند و نهان و عيانت هويدا گردد و تا اين كه از كناره گيرى و بازنشست در شتاب اندر شوى و از آنكه در برابرت باشد بهراسى چونان كه از آنكه در پشت سرت باشد و پيگرد تو است بهراسى.

اين پيشامد براى تو چنانچه اميدوارى آسان نيست بلكه بزرگترين گرفتارى و دشوارى است كه بايد بر مركبش بر نشست و دشواريش را هموار كرد و گردنه و كوهش را صاف نمود.

خرد خويش را بكار گير و خود را داشته باش و بهره خود را درياب، و اگر نخواهى دور شو دور، بى خوش‏آمد و بى كاميابى و رستگارى، تو كه در خواب باشى محققا ديگران وظيفة ترا ايفاء كنند و كار ترا كفايت نمايند تا آنكه بدست فراموشى سپرده شوى و نگويند، فلانى كجاست؟ بخدا سوگند كه اين راه حق است و بدست حقدار است و باكى ندارد كه ملحدان خدا نشناس چه بازى كنند، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 61 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 62 صبحی صالح

62- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه إمارتها

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً ( صلى ‏الله‏ عليه‏ وآله‏ وسلم  )نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ وَ مُهَيْمِناً عَلَى الْمُرْسَلِينَ فَلَمَّا مَضَى ( عليه‏السلام  )تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ

فَوَاللَّهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رُوعِي وَ لَا يَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ لَا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ

فَمَا رَاعَنِي إِلَّا انْثِيَالُ النَّاسِ عَلَى فُلَانٍ يُبَايِعُونَهُ فَأَمْسَكْتُ يَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الْإِسْلَامِ يَدْعُونَ إِلَى مَحْقِ دَيْنِ مُحَمَّدٍ ( صلى‏ الله ‏عليه ‏وآله ‏وسلم  )

فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلَايَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلَائِلَ يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ كَمَا يَزُولُ السَّرَابُ أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ السَّحَابُ

فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ الْأَحْدَاثِ حَتَّى زَاحَ الْبَاطِلُ وَ زَهَقَ وَ اطْمَأَنَّ الدِّينُ وَ تَنَهْنَهَ

وَ مِنْهُ‏إِنِّي وَ اللَّهِ لَوْ لَقِيتُهُمْ وَاحِداً وَ هُمْ طِلَاعُ الْأَرْضِ كُلِّهَا مَا بَالَيْتُ وَ لَا اسْتَوْحَشْتُ وَ إِنِّي مِنْ ضَلَالِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَ الْهُدَى الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ لَعَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ نَفْسِي وَ يَقِينٍ مِنْ رَبِّي وَ إِنِّي إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ لَمُشْتَاقٌ وَ حُسْنِ ثَوَابِهِ لَمُنْتَظِرٌ رَاجٍ

وَ لَكِنَّنِي آسَى أَنْ يَلِيَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وَ فُجَّارُهَا فَيَتَّخِذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا وَ عِبَادَهُ خَوَلًا وَ الصَّالِحِينَ حَرْباً وَ الْفَاسِقِينَ حِزْباً

فَإِنَّ مِنْهُمُ الَّذِي قَدْ شَرِبَ فِيكُمُ الْحَرَامَ وَ جُلِدَ حَدّاً فِي الْإِسْلَامِ وَ إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى رُضِخَتْ لَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ الرَّضَائِخُ

فَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا أَكْثَرْتُ تَأْلِيبَكُمْ وَ تَأْنِيبَكُمْ وَ جَمْعَكُمْ وَ تَحْرِيضَكُمْ وَ لَتَرَكْتُكُمْ إِذْ أَبَيْتُمْ وَ وَنَيْتُمْ

أَ لَا تَرَوْنَ إِلَى أَطْرَافِكُمْ قَدِ انْتَقَصَتْ وَ إِلَى أَمْصَارِكُمْ قَدِ افْتُتِحَتْ وَ إِلَى مَمَالِكِكُمْ تُزْوَى وَ إِلَى بِلَادِكُمْ تُغْزَى

انْفِرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى قِتَالِ عَدُوِّكُمْ وَ لَا تَثَّاقَلُوا إِلَى الْأَرْضِ فَتُقِرُّوا بِالْخَسْفِ وَ تَبُوءُوا بِالذُّلِّ وَ يَكُونَ نَصِيبُكُمُ الْأَخَسَّ وَ إِنَّ أَخَا الْحَرْبِ الْأَرِقُ وَ مَنْ نَامَ لَمْ يُنَمْ عَنْهُ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الواحد و الستون‏ و من كتاب له عليه السلام الى أهل مصر مع مالك الاشتر لما ولاه امارتها

أما بعد، فإن الله- سبحانه- بعث محمدا- صلى الله عليه و آله- نذيرا للعالمين و مهيمنا على المرسلين، فلما مضى- صلى الله عليه و آله- تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي، و لا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده- صلى الله عليه و آله- عن أهل بيته، و لا أنهم منحوه عني من بعده!! فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد- صلى الله عليه و آله- فخشيت إن لم أنصر الإسلام و أهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هى متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل، و زهق، و اطمأن الدين و تنهنه.

و منه: إني و الله لو لقيتهم واحدا و هم طلاع الأرض كلها ما باليت و لا استوحشت، و إني من ضلالهم الذي هم فيه و الهدى الذي أنا عليه لعلى بصيرة من نفسي و يقين من ربي، و إني إلى لقاء الله لمشتاق، و حسن ثوابه لمنتظر راج، و لكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها و فجارها فيتخذوا مال الله دولا و عباده خولا و الصالحين حربا، و الفاسقين حزبا، فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام و جلد حدا في الإسلام، و إن منهم من لم يسلم حتى رضخت له على الاسلام الرضائخ، فلو لا ذلك ما أكثرت تأليبكم و تأنيبكم و جمعكم و تحريضكم، و لتركتكم إذ أبيتم و ونيتم.

أ لا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت، و إلى أمصاركم قد افتتحت و إلى ممالككم تزوى، و إلى بلادكم تغزى؟! انفروا- رحمكم الله- إلى قتال عدوكم، و لا تثاقلوا إلى الأرض فتقروا بالخسف، و تبوءوا بالذل، و يكون نصيبكم الأخس، و إن أخا الحرب الأرق، و من نام لم ينم عنه، و السلام.

اللغة

(مهيمنا): أصل مهيمن مؤيمن فقلبت الهمزة هاءا كما قيل في أرقت الماء:هرقت، و قد صرف فقيل: هيمن الرجل إذا ارتقب و حفظ و شهد- مجمع البيان.

(الروع): القلب، (البال): الخاطر، (تزعج): ترد، (منحوه): مبعدوه (الانثيال): الانصباب، (محق): قيل: المحق ذهاب الشي‏ء كله حتى لا يرى له أثر، (ثلمة) كبرمة: الخلل الواقع في الحائط و غيره، (هدمت) البناء من باب ضرب: أسقطته، (زاح): ذهب، (زهق): زال و اضمحل، (تنهنه): سكن، و أصله الكف تقول: نهنهت السبع فتنهنه: أى كف عن حركته و إقدامه.

(طلاع الأرض): ملؤها، (آسى): أحزن، (الدولة) في المال بالضم:أن يكون مرة لهذا و مرة لذاك، (الخول): العبيد، (الرضيخة): شي‏ء قليل يعطاه الانسان يصانع به عن شي‏ء يطلب منه كالأجر، (التأليب): التحريض و الاغراء (التأنيب): أشد اللوم، (ونيتم): ضعفتم و فترتم، (تزوى): تقبض، (تثاقلوا):بالتشديد، أصله تتثاقلوا، (تقروا بالخسف): تعترفوا بالضيم و تصبروا له، (تبوءوا) بالذل: ترجعوا به، (الأرق): الذي لا ينام.

الاعراب‏

نذيرا: حال عن محمد صلى الله عليه و آله، أن العرب: جواب القسم، منحوه: اسم فاعل من نحى مضاف إلى مفعوله، إلا انثيال: مستثنى مفرغ و في موضع الفاعل لقوله راعني، رأيت: من رؤية البصر متعد إلى مفعول واحد، راجعة: مصدر مضاف إلى الناس أى ردة الناس، قد رجعت: جملة حالية عن قوله عليه السلام «الناس»، تكون المصيبة به: جملة وصفية لقوله ثلما، واحدا، حال عن فاعل لقيتهم.

و قوله «و هم طلاع» جملة اسمية حال عن مفعوله، و إني من ضلالهم:استيناف و تعليل لما سبق و يحتمل كونها حالية و كذلك قوله «و إني إلى لقاء الله»، لمشتاق: مبتدأ مؤخر لقوله إلى لقاء الله و هو ظرف مستقر و الجملة خبر قوله إني، و حسن: عطف على لقاء أى لحسن ثوابه و هو خبر مقدم لقوله لمنتظر، راج: صفة لمنتظر مرفوع تقديرا.

آسى: متكلم عن مضارع أسى، أن يلي: ناصبة مصدرية مع صلتها و هي مضارع ولى إى آسف على ولاية السفهاء و الفجار، رحمكم الله: جملة دعائية معترضة بين انفروا و متعلقه، فتقروا: منصوب بأن مضمرة و كذا ما عطف عليه من قوله عليه السلام و تبوءوا و يكون.

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي «ص 152 ج 17 ط مصر»: و الروع‏: الخلد، و في الحديث «إن روح القدس نفث في‏ روعي» قال: ما يخطر لي‏ ببال أن العرب‏ تعدل بالأمر بعد وفاة محمد صلى الله عليه و آله عن نبي هاشم، ثم من بني هاشم عني: لأنه كان المتيقن بحكم الحال الحاضرة، و هذا الكلام يدل على بطلان دعوى الامامية النص و خصوصا الجلي منه.

أقول: قد فسر أهل البيت‏ في كلامه عليه السلام ببني هاشم و هو غير صحيح لأن‏ أهل بيت‏ النبي و عترته هم فاطمة و علي و الحسن و الحسين عليهم السلام، يدل على ذلك آية التطهير.

قال في مجمع البيان بعد تفسير كلمة البيت: و اتفقت الامة بأجمعها على أن المراد بأهل البيت في الاية أهل بيت نبينا ثم اختلفوا فقال عكرمة أراد أزواج النبي لأن أول الاية متوجه إليهن، و قال أبو سعيد الخدري و أنس بن مالك و واثلة بن الاسقع و عايشة و ام سلمة أن الاية مختصة برسول الله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام.

ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره: حدثني شهر بن حوشب عن ام سلمة قالت: جاءت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه و آله حريرة لها، فقال: ادعي زوجك و ابنيك، فجاءت بهم فطعموا، ثم ألقى عليهم كساءا له خيبريا فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، فقلت: يا رسول الله و أنا منهم؟قال: أنت على خير- انتهى.

و قد روى في هذا المعنى أخبارا أخر عنها و عن عائشة و عن جابر و عن الحسن بن علي عليه السلام و قال: و الروايات في هذا كثيره من طريق العامة و الخاصة لو قصدنا إلى إيرادها لطال الكتاب- إلخ.

فالمقصود من الجملتين واحد و هو عدم احتمال تنحية العرب إياه عليه السلام عن الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله و المقصود أن استحقاقه لها و توصية النبي بكونه‏ بعده‏ صاحب الأمر واضحة جلية عندهم من إصرار النبي على ذلك و تكراره في كل موقف يقتضيه و إعلامه على رءوس الأشهاد في غدير خم و تنصيصه عليه في قوله صلى الله عليه و آله «يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» المتفق على صدوره عنه صلى الله عليه و آله غير مرة فدلالة كلامه عليه السلام على وجود دلائل واضحة و مبينة للعرب بخلافته كالنار على المنار.

و العجب من الشارح المعتزلي حيث اتهم كلامه بالدلالة على عدم وجود النص و لا أدرى أنها أى دلالة من أقسام الدلالات مطابقة أم تضمن أم التزام؟! و إنما أظهر عليه السلام‏ العجب من توافق أكثر العرب‏ من ترك إطاعة الكتاب و السنة و عدم تمكينهم له.

فان تصدى الامامة و التصرف في امور الامة يحتاج إلى أمرين: صدور النص بها و تمكين الامة لها، فاذا لم يتمكنو للامام بمقدار يتحقق جماعة الاسلام بحيث تقوى على إنفاذ الامور و الدفاع عن المخالف يقع الامام في المحذور لأنه إن نهض تجاههم بقوة بشرية يقتلونه و إن نهض بقوة إلهية تقهرهم فيسقط مصلحة التكليف القائمة على الاختيار و قد قال الله لنبيه صلى الله عليه و آله: «و ما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد 45- ق».

قال الشارح المعتزلي في هذه الصفحة: قوله‏ (فأمسكت بيدى) أى امتنعت عن بيعته‏ (حتى رأيت راجعة الناس) يعني أهل الردة كمسيلمة و سجاح و طليحة ابن خويلد و مانعي الزكاة و إن كان مانعوا الزكاة قد اختلف في أنهم أهل ردة أم لا، ثم عقب كلامه بما رواه عن ابن جرير الطبرى من اجتماع أسد و غطفان و طي‏ء على طليحة بن خويلد- إلى أن قال: «فخرج علي عليه السلام بنفسه و كان على نقب من أنقاب المدينة».

أقول: الظاهر أن المراد من إمساكه يده إمساكه عن بيعة موافقيه معه و قيامه بالامامة فانتظر أمر بيعة أبي بكر هل يفوز بالأكثرية الساحقة بحيث يسقط تكليفه بالجهاد و الدفاع لقلة أعوانه أم لا؟ فكان الأمر رجوع الناس و ارتدادهم عن وصية رسول الله و استخلافه فان المقصود من كلمة «الناس» في قوله‏ «رأيت راجعة الناس» المعرف باللام هو المقصود منه في قوله‏ «الناس» في جملة (فما راعني إلا انثيال الناس على فلان).

و قد فسره الشارح بأبي بكر و قال: أى انصبابهم من كل وجه كما ينثال التراب على أبي بكر، و هكذا لفظ الكتاب الذي كتبه للأشتر و إنما الناس يكتبونه الان «إلى‏ فلان» تذمما من ذكر الاسم.

أقول: مرحبا باعترافه بتذمم الناس من اسم أبي بكر.فمقصوده عليه السلام من‏ الناس‏ الذين رجعوا عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه و آله‏ هم الذين بايعوا مع أبي بكر، و لما أيس عليه السلام من المبارزة معهم بقوة الامرة و الحكومة و تصدي زعامة الامة عدل إلى مبارزة مسلمية و بايع أبا بكر و نصر الاسلام‏ بارائه النيرة و هداهم إلى المصالح الاسلامية كاظما غيظه و صابرا على سلبهم حقه، فكم من مشكلة حلها و قضية صعبة لجئوا فيها إليه حتى قال عمر في عشرات من المواقف: «لو لا علي لهلك عمر» و هذا هو المعني بقوله عليه السلام:(فخشيت إن لم أنصر الاسلام و اهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم).

و هذه الصعوبات التي حلها علما و رأيا هي الأحداث التي‏ نهضت‏ لها حتى زاح الباطل و زهق‏، و المقصود منه توطئة خبيثة دبرها بنو امية لمحق الاسلام و الرجوع إلى آداب الجاهلية الاولى‏ (و اطمأن الدين و تنهنه) عن الزوال ببقاء ظواهر الاسلام و دفع الشبهات و عرفان جمع من العرب و الناس الحق و رجوعهم‏ إليه و استقرار طريقة الشيعة الامامية و تحزبهم علما و تدبيرا حتى تسلسل أئمة الحق كابرا عن كابر فأوضحوا الحقائق و هدوا إلى صراط علي جما غفيرا من الخلائق حتى قويت شوكتهم و ظهرت دولتهم في القرون الاسلامية الاولى و دامت و اتسعت طيلة القرون الاخرى تنتظرون أيام كلمتهم العليا و ظهور الحجة على أهل الأرض و السماء ليظهر الله دينه على الدين كله و لو كره المشركون.

و يؤيد ما ذكرنا قوله عليه السلام‏ (إني و الله لو لقيتهم واحدا و هم طلاع الأرض كلها ما باليت و لا استوحشت) فانه يرجع إلى جميع الأدوار التي مضت عليه و لا يجد ناصرا كافيا لأخذ حقه و سحق عدوه و كان يأسى على ولاية السفهاء و الفجار أمر هذه الامة- إلى أن قال: (و إن منهم من لم يسلم حتى رضخت له على الاسلام الرضائخ).

و قد اعترف الشارح المعتزلي بأن المقصود منهم المؤلفة قلوبهم الذين رغبوا في الاسلام و الطاعة بجمال و شاء دفعت إليهم و هم قوم معروفون كمعاوية و أخيه يزيد و أبيهما أبي سفيان و حكيم بن حزام و سهيل بن عمرو، و الحارث بن هشام بن المغيرة و حويطب بن عبد العزى، و الأخنس بن شريق و صفوان بن امية و عمير بن وهب الجمحي، و عيينة بن حصن، و الأقرع بن حابس، و عباس ابن مرداس و غيرهم و كان إسلام هؤلاء للطمع و الأغراض الدنيوية- انتهى.

و ليس مقصوده عليه السلام من‏ العرب‏ الذين كانت‏ تزعج هذا الأمر من بعده صلى الله عليه و آله و منحوه عنه بعده‏ إلا هؤلاء و أتباعهم و هم الذين انثالوا على‏ أبي بكر يبايعونه‏ و هم الذين رجعوا عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه و آله‏، و هذا ظاهر لمن تدبر صدر كتابه و ذيله و فهم سياقه و مغزاه.

و أما تاريخ الردة و أهلها بمالها من الغوغاء في أيام أبي بكر فيحتاج تحليله و توضيح حقائقه إلى أبحاث طويلة لا يسع المقام خوضها و تحقيق الحق فيها.

و لا يخفى أن تعبيره عليه السلام عمن يشكو عنهم بالعرب و بالناس مع أن المقام يناسب التعبير عنهم بالمسلمين يشعر بما ذكرناه و كأنه براعة استهلال بما ذكره بعد ذلك من ارتدادهم و رجوعهم عن الاسلام.

ثم نسأل عن المقصود من قوله: (ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت‏- إلخ) هل المقصود منه إلا تجاوز معاوية و أتباعه على بلدان المسلمين و فتحها و الغزو معها للاستيلاء عليها فهم على جانب و المسلمون على جانب؟!

الترجمة

از نامه‏اى كه با مالك أشتر بمردم مصر نگاشت هنگامى كه او را بولايت مصر گماشت:

أما بعد، پس براستى كه خداوند سبحان محمد صلى الله عليه و آله را فرستاد تا بيم دهنده جهانيان باشد و گواه و أمين بر همه فرستادگان خداوند منان، چون از اين جهان در گذشت- و بر او درود باد- مسلمانان بر سر كار خلافت او نزاع كردند و بخدا سوگند كه در نهاد من نمى‏ گنجيد و در خاطرم نمى ‏گذشت كه عرب كار جانشينى و رهبرى پس از او را از خاندانش بگردانند و نه اين كه مرا از پس وفات وى از آن دور سازند و بكنار اندازند.

و مرا در هراس اندر نساخت مگر پيرامون گيرى مردم بر فلانى «ابي بكر» در بيعت با وى، من دست روى هم نهادم و بنظاره ايستادم تا برگشت مردم را از دين بچشم خود ديدم كه از اسلام برگشته ‏اند و براى نابود ساختن دين محمد صلى الله عليه و آله دعوت مى ‏كنند.

پس ترسيدم اگر اسلام و مسلمانان را يارى ندهم رخنه سخت و تباهي كلي در اسلام بينم كه مصيبت آن بر من بزرگتر باشد از فوت سرورى و حكمفرمائى بر شما مسلمانها كه خود بهره چند روز اندك است، و هر چه هم باشد چون سراب زائل گردد و چون ابر و سحاب از هم بپاشد، پس براى دفع و رفع اين پيشامدها بپا خواستم و كوشيدم تا باطل از ميان رفت و نابود شد و ديانت اسلام گسترده و پابرجا گرديد.

و قسمتى از آن نامه چنين است:

راستش اينست كه بخدا سوگند من يك تنه اگر با همه آنها كه روى زمين را يكجا پر كنند روبرو گردم باكى ندارم و هراسى بخود راه ندهم، من گمراهى آنان را كه در آن افتاده ‏اند و راست كردارى و رهيابى خودم را بچشم دل بينايم و در يقين بپروردگارم پاى برجا، و راستى كه من بملاقات پروردگارم بسيار شيفته ‏ام، و براستى كه بپاداش نيك او منتظر و اميدوارم، ولى پيوسته اندوه مى‏ خورم از اين كه سر كارى و پيشوائى اين امت اسلامى را كم خردان و هرزه‏هاى آنان در دست گيرند، و نتيجه اينست كه:

مال خدا را كه در بيت المال سپرده شود از آن خود دانند و بدست هم بدهند و بندگان خدا را بردگان خود شمارند و نيكان امت را به پيكار خونين گيرند و تبهكاران را ياران و همدستان خود سازند و از آنان بسود خود حزب درست كنند.

زيرا از همين سفيهانست كسى كه در ميان شما مسلمانها نوشابه حرام نوشيده و در محيط اسلام كيفر آنرا چشيده و حد شرعى بر او جارى گرديده.

و از هم آنها كسانى‏ اند كه اسلام را نپذيرفتند مگر اين كه براى اظهار مسلمانى رشوه ‏ها و عوضها بر ايشان مقرر گرديد، اگر اين چنين نبود من تا اينجا شما را تشويق بمقاومت و نهضت نمى ‏كردم و بسستى در كار سرزنش نمى ‏دادم و بجمع آورى و توحيد نيرو ترغيب نمى ‏نمودم، و چون سرباز مى ‏زديد و سستى مى ‏كرديد شما را وامى ‏گذاشتم، آيا نمى ‏بينيد مرزهاى شما رو بكاست است و شهرهاى شما را دشمن گشوده است و كشورهاى شما درهم فشرده و كوچك مى‏ شود و شهرستانهاى شما را بباد غارت مى ‏گيرند، كوچ كنيد- خدايتان رحمت كناد- براى پيكار با دشمن خود و تنبلى را از خود دور كنيد و زمين گير نشويد تا بكاستى و تباهى اندر شويد و بخوارى تن در دهيد و بهره شما از زندگى پست‏تر از همه باشد.

و راستى كه دلاور جنگجو بى‏ خواب است، و هر كس بخوابد و غفلت ورزد دشمن از او بخواب نيست و در كمين شبيخون باو است، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 60 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 61 صبحی صالح

61- و من كتاب له ( عليه‏السلام  ) إلى كميل بن زياد النخعي و هو عامله على هيت، ينكر عليه تركه دفع من يجتاز به من جيش العدو طالبا الغارة.

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ تَضْيِيعَ الْمَرْءِ مَا وُلِّيَ وَ تَكَلُّفَهُ مَا كُفِيَ لَعَجْزٌ حَاضِرٌ وَ رَأْيٌ مُتَبَّرٌ

وَ إِنَّ تَعَاطِيَكَ الْغَارَةَ عَلَى أَهْلِ قِرْقِيسِيَا وَ تَعْطِيلَكَ مَسَالِحَكَ الَّتِي وَلَّيْنَاكَ لَيْسَ بِهَا مَنْ يَمْنَعُهَا وَ لَا يَرُدُّ الْجَيْشَ عَنْهَا لَرَأْيٌ شَعَاعٌ

فَقَدْ صِرْتَ جِسْراً لِمَنْ أَرَادَ الْغَارَةَ مِنْ أَعْدَائِكَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ غَيْرَ شَدِيدِ الْمَنْكِبِ وَ لَا مَهِيبِ الْجَانِبِ‏

 وَ لَا سَادٍّ ثُغْرَةً وَ لَا كَاسِرٍ لِعَدُوٍّ شَوْكَةً وَ لَا مُغْنٍ عَنْ أَهْلِ مِصْرِهِ وَ لَا مُجْزٍ عَنْ أَمِيرِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الستون‏ و من كتاب له عليه السلام الى كميل بن زياد النخعي،و هو عامله على هيت: ينكر عليه تركه دفع من يجتاز به من جيش العدو طالبا الغارة

أما بعد، فإن تضييع المرء ما ولى، و تكلفه ما كفى، لعجز حاضر، و رأى متبر، و إن تعاطيك الغارة على أهل قرقيسا، و تعطيلك مسالحك التي وليناك ليس بها [لها] من يمنعها و لا يرد الجيش عنها، لرأى شعاع، فقد سرت جسرا لمن أراد الغارة من أعدائك‏ على أوليائك غير شديد المنكب، و لا مهيب الجانب، و لا ساد ثغرة، و لا كاسر لعدو شوكة، و لا مغن عن أهل مصره، و لا مجز عن أميره، و السلام.

اللغة

(المتبر): الهالك و الفاسد، قال تعالى: إن هؤلاء متبر ما هم فيه‏ 139- الاعراف»، (التعاطي): تفاعل من العطاء يفيد معنى التناول، (قرقيسا):

من القرى التي على الفرات ملحقة بالشام في ذلك الزمان، (المسالح) جمع مسلحة:الموضع الذي يقام فيه طائفة من الجند لحمايتها، (شعاع): المتفرق المبعثر، (الثغرة): الثلمة، (مجز): كاف و مغن و أصله مجزئ فخففت الهمزة فصار مجزي و اعل إعلال الناقص فصار مجز.

المعنى‏

قال الوحيد البهبهاني في حاشيته على الرجال الكبير: كميل‏ هذا هو المنسوب إليه الدعاء المشهور، قتله الحجاج و كان أمير المؤمنين عليه السلام قد أخبره بأنه سيقتله و هو من أعاظم خواصه، قال شيخنا البهائي في أربعينه و غيره: و العجب من الوجيزة أنه قال فيه: م ا و ح فتأمل، قال جدى رحمه الله: و في النهج ما يدل على أنه كان من ولاته على بعض نواحي العراق.

أقول: و مقصوده- رحمه الله- هذا الكتاب الذي كتبه إليه و هو عامل له‏ على هيت‏.

و قال الشارح المعتزلي في «ص 149 ج 17 ط مصر»: هو كميل بن زياد ابن سهيل، و سرد نسبه إلى مالك بن أدد، ثم قال: كان من أصحاب علي عليه السلام و شيعته و خاصته، قتله الحجاج على المذهب فيمن قتل من الشيعة، و كان‏ كميل ابن زياد عامل‏ علي عليه السلام‏ على هيت‏، و كان ضعيفا يمر عليه سرايا معاوية تنهب أطراف‏ العراق و لا يردها، و يحاول أن يجبر ما عنده من الضعف بأن يغير على أطراف أعمال معاوية مثل قرقيسيا و ما يجري مجراها من القرى التي على الفرات.

أقول: الظاهر أن هذا الكتاب التوبيخي الحاد صدر من ديوان علي‏ عليه السلام إلى كميل بن زياد- عليه الرحمة- بعد إغارة أعوان معاوية على الأنبار و قتل حسان ابن حسان البكرى فأصاب لهيب قلبه الشريف كميلا، و الهدف أمران:

1- التوصية على عماله عليه السلام خصوصا من كان منهم عاملا في الثغور المتأخمة لعدو حيال كمعاوية على شدة الانضباط و اليقظة تجاه تنقلات‏ العدو و مهاجمتهم على أعمال ولايتهم و من دونها من الولايات التي كانت يحميها علي عليه السلام.

2- إشعاره عليه السلام بأن مجاوبة الإغارة بالإغارة في البلاد الاسلامية لا يناسب شأن الحكومة العادلة الاسلامية لأن في كل بلد جمع من الأطفال و النساء و الضعفاء و من لا يد له على تغيير المظالم و لا يرضى بها و الإغارة تشمل الحيف على بعض هذه الجماعات التي لا يصح التعرض لهم، و ليس من دأبه عليه السلام الانتقام من الظلم بالظلم بل رد الظالم من ظلمه و إلزامه بالعدل مع أن أهل‏ قرقيسيا كأهل أنبار رعاياه مسلمهم و ذميهم و إن تسلط عليهم معاوية ظلما و عدوانا.

الترجمة

از نامه‏ اى كه بكميل بن زياد نخعي عامل خود در هيت نوشته و مسامحه او را در جلوگيرى از عبور لشكر دشمن بر قلمرو حكمرانى او براى غارت بر قلمرو حكومت علي عليه السلام و پرداختن بغارت در قلمرو دشمن را بر او زشت شمرده است:

أما بعد، براستى كه سستي مرد در نگهدارى آنچه بر او حكمفرما شده است و تكلف آنچه از او خواسته نشده و مسئول آن نيست يك ناتوانى روبرو است و يك نظريه باطل و گسيخته، و راستى كه دست اندازى تو براى چپاول بر مردم شهرستان قرقيسيا و بى ‏سرپرست گذاردن پاسگاه خود كه ما بتو واگذار كرديم در حالى كه نيروى دفاع نداشته و كسى نبوده تا لشكر دشمن را از آن براند و جلوگيرى كند محققا رأى بى ‏بنياديست.

راستى كه تو پلى شدى براى هر دشمنى كه مى‏ خواهد بر دوستانت چپاول كند و مال آنها را ببرد، نه بازوى نيرومندى براى دفع دشمن دارى و نه از تو حسابى برده مى ‏شود و نه هيبتى در قلمروت دارى و نه رازى را نگه ميدارى و نه شوكت دشمن را مى ‏شكنى، و نه از مردم شهر خود دفاع مى‏ كنى و نه از فرمانده و پيشواى خود كفايت مى ‏نمائى، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 59 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 60 صبحی صالح

60- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى العمال الذين يطأ الجيش عملهم‏

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ مَرَّ بِهِ الْجَيْشُ مِنْ جُبَاةِ الْخَرَاجِ وَ عُمَّالِ الْبِلَادِ

 أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ سَيَّرْتُ جُنُوداً هِيَ مَارَّةٌ بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ قَدْ أَوْصَيْتُهُمْ بِمَا يَجِبُ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ مِنْ كَفِّ الْأَذَى وَ صَرْفِ الشَّذَا وَ أَنَا أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ وَ إِلَى ذِمَّتِكُمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْشِ إِلَّا مِنْ جَوْعَةِ الْمُضْطَرِّ لَا يَجِدُ عَنْهَا مَذْهَباً إِلَى شِبَعِهِ

فَنَكِّلُوا مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهُمْ شَيْئاً ظُلْماً عَنْ ظُلْمِهِمْ وَ كُفُّوا أَيْدِيَ سُفَهَائِكُمْ عَنْ مُضَارَّتِهِمْ وَ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِيمَا اسْتَثْنَيْنَاهُ مِنْهُمْ

وَ أَنَا بَيْنَ أَظْهُرِ الْجَيْشِ فَارْفَعُوا إِلَيَّ مَظَالِمَكُمْ وَ مَا عَرَاكُمْ مِمَّا يَغْلِبُكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَا لَا تُطِيقُونَ دَفْعَهُ إِلَّا بِاللَّهِ وَ بِي فَأَنَا أُغَيِّرُهُ بِمَعُونَةِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار التاسع و الخمسون‏ و من كتاب له عليه السلام الى العمال الذين يطأ الجيش عملهم [عملهم الجيوش‏] من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من مر به الجيش من جباة الخراج و عمال البلاد:

أما بعد، فإني قد سيرت جنودا هي مارة بكم إن شاء الله، و قد أوصيتهم بما يجب لله عليهم من كف الأذي و صرف الشذى، و أنا أبرء إليكم و إلى ذمتكم من معرة الجيش إلا من جوعة المضطر لا يجد عنها مذهبا إلى شبعه، فنكلوا من [بمن‏] تناول منهم [شيئا] ظلما عن ظلمهم، و كفوا أيدى سفهائكم عن مضارتهم و التعرض لهم فيما استثنيناه منهم و أنا بين أظهر الجيش فارفعوا إلى مظالمكم و ما عراكم مما يغلبكم من أمرهم، و لا تطيقون دفعه إلا بالله و بي [فأنا] أغيره بمعونة الله إن شاء [الله‏].

اللغة

(الجباة): جمع جابي: الذين يجمعون الخراج، جبيت الماء في الحوض،أى جمعته، (الشذى): الضرب و الشر، لقد أشذيت و آذيت، (المعرة): المضرة عره معرة أى ساءه، (جوعة): مرة من جاع، (نكلوا) أى عاقبوا، خوفوا جبنوا، نكل ينكل بالضم: جبن، (عراه) الأمر: غشيه.

الاعراب‏

من جباة الخراج: لفظة من بيانية، هى مارة بكم: جملة اسمية، صفة للجنود أو حال عنه، عنها: ظرف مستقر مفعول ثان لقوله «لا يجد» و مذهبا مفعوله الأول اخر عنه و «إلى شعبه» متعلق بقوله «مذهبا»، ظلما: عطف بيان قوله شيئا.

المعنى‏

هذا بلاغ رسمي صدر منه عليه السلام يهدف إلى حفظ الأمن و النظام في البلاد الواقعة على مسير الجنود الواجفة إلى جبهة الحرب، و الظاهر منه أنه عليه السلام يسير مع الجنود و له زحفان معها للجنود:

1- من المدينة إلى الكوفة إلى البصرة في حرب الجمل.

2- من الكوفة إلى الشام في حرب صفين.

فمن المقصود بقوله عليه السلام‏ (من مر به الجيش)؟ و هل يمكن أن يكون المخاطب به كل أحد من جباة الخراج و العمال‏ الشامل لأهل الذمة ففوض أمر محاكمة من ظلم من الجيش إلى كل فرد و فوض إليه مجازاته و عقوبته فكيف يستقيم ذلك؟ و هل ينتج إلا الهرج و المرج و الشغب؟! فلا بد و أن يكون المخاطب عموم أهل كل بلد على نحو الواجب الكفائي و يحتاج إجراء هذا الأمر إلى لجنة مركبة من أعضاء ينتدبون لإجراء مثل هذه الامور عن قبل كل أهل البلد البالغين الواجدين لشرائط الانتخاب و الانتداب و هى المعبر عنه بلجان الايالات و الولايات المنظورة في تشكيلات الدول الراقية لبسط الديموقراطية السامية.

فكتابه عليه السلام هذا ينظر إلى تشريع هذا النظم الهام الديموقراطي، و قد صرح عليه السلام بتفويض الاختيارات في محاكمة الجندي المتعدي و مجازاته و هى‏ شعبة هامة من دائرة العدلية في التشكيلات المدنية الراقية، و لا بد من اقتدار هذه اللجان على إجراء اصول المحاكمات و تنفيذ المجازات بوجدان الرجال الاخصائيين في هذه المسائل الهامة، و يشعر بجواز تصدي أهل الكتاب الذميين لذلك إذا كان عمال بلد منهم خاصة أو مساهمين مع المسلمين لأن خطابه عليه السلام يشملهم لقوله:(و أنا أبرأ إليكم و إلى ذمتكم).

قال الشارح المعتزلي «ص 147 ج 17»: و إلى ذمتكم‏، أى اليهود و النصارى الذين بينكم، قال عليه السلام «من آذى ذميا فكأنما آذاني» و قال: إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، و أموالهم كأموالنا، و يسمى هؤلاء ذمة، أى أهل ذمة بحذف المضاف.

و قد استثنى‏ من معرة الجيش‏ و ضرره بالناس مادة واحدة عن العقوبة و هى مورد الاضطرار لسد الجوعة و حفظ النفس عن التلف فيجوز له أخذ ما يأكله إلى حد الشبع و لكن الظاهر ضمانه لقيمة ما يأخذه اضطرارا لأن الاضطرار يسقط الحرمة و العقوبة لا الضمان كما هو مقرر في الفقه.

قال ابن ميثم «ص 199 ج 5»: و تقدير الكلام: فإني‏ أبرء إليكم من معرة الجيش إلا من معرة جوعة المضطر منهم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف أو أطلقه مجازا إطلاقا لاسم السبب على المسبب.

أقول: و هل يجوز معرتهم للاضطرار في غير مورد الجوعة كما إذا اضطروا إلى قطع الأشجار للبنايات الضرورية للجيش أو الاسكان في البيوت للاضطرار إلى توقي الحر و البرد و غير ذلك؟ يشعر إضافة الجوعة إلى المضطر بالعموم و يؤيده قاعدة الاضطرار المأخوذة من حديث الرفع المشهور «رفع عن امتي تسعة» و عد منها ما اضطروا إليه.

الترجمة

از نامه ‏اى كه به كارگران و كارمندان شهرهاى سر راه قشون نگاشته است:

از طرف بنده خدا علي أمير مؤمنين بهر كس لشكر بدو گذرد از كارمندان‏ جمع ماليات و خراج و از كارگران و كاركنان همه شهرستانها.

أما بعد، براستى كه من لشكرهائى گسيل داشتم كه بخواست خدا بر شما گذر خواهند كرد، من سفارش آنچه را خدا بر آنها واجب كرده است نموده ‏ام كه خود را از آزار و رنج دادن مردم نگه دارند، من پيش شما مسلمانان و در برابر هر كه در پناه دارم از ديگران بيزار و بري هستم از زيانكاريهاى لشكريانم مگر گرسنه‏اى از راه ناچارى براى رفع گرسنگى از مال كسى بهره گيرد و راه ديگرى براى رفع نياز خود نداشته باشد، شما هر كه را كه چيزى بستم از آنان بر گرفت خود او را بسزا برسانيد و از ستمش بازداريد.

و دست كم خردان شهرستان خود را از زيان رساندن بلشكر و در آويختن با آنان جز در موردى كه استثناء كردم كوتاه سازيد، و من خود بهمراه لشكرم و هر ستم و ناگوارى از آنها بشما رخ داد و بر شما چيره شدند و چاره آنرا جز بكمك خداوندى نتوانيد بخود من مراجعه كنيد و من بكمك خداوند و خواست خدا آنرا چاره كنم و نگون گردانم.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 58 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 59 صبحی صالح

59- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى الأسود بن قطبة صاحب جند حلوان‏

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْوَالِيَ إِذَا اخْتَلَفَ هَوَاهُ مَنَعَهُ ذَلِكَ كَثِيراً مِنَ الْعَدْلِ فَلْيَكُنْ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَكَ فِي الْحَقِّ سَوَاءً فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَوْرِ عِوَضٌ مِنَ الْعَدْلِ

فَاجْتَنِبْ مَا تُنْكِرُ أَمْثَالَهُ وَ ابْتَذِلْ نَفْسَكَ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ رَاجِياً ثَوَابَهُ وَ مُتَخَوِّفاً عِقَابَهُ

وَ اعْلَمْ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلِيَّةٍ لَمْ يَفْرُغْ صَاحِبُهَا فِيهَا قَطُّ سَاعَةً إِلَّا كَانَتْ فَرْغَتُهُ عَلَيْهِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَ أَنَّهُ لَنْ يُغْنِيَكَ عَنِ الْحَقِّ شَيْ‏ءٌ أَبَداً وَ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْكَ حِفْظُ نَفْسِكَ وَ الِاحْتِسَابُ عَلَى الرَّعِيَّةِ بِجُهْدِكَ فَإِنَّ الَّذِي يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي يَصِلُ بِكَ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثامن و الخمسون‏ و من كتاب له عليه السلام الى الاسود بن قطيبة صاحب جند حلوان

‏ أما بعد، فإن الوالي إذا اختلف هواه منعه ذلك كثيرا من العدل فليكن أمر الناس عندك في الحق سواء، فإنه ليس في الجور عوض من العدل، فأجتنب ما تنكر أمثاله، و ابتذل نفسك فيما افترض الله عليك، راجيا ثوابه، و متخوفا عقابه. و اعلم أن الدنيا دار بلية لم يفرغ صاحبها فيها قط ساعة إلا كانت فرغته عليه حسرة يوم القيامة، و أنه لن يغنيك عن الحق شي‏ء أبدا، و من الحق عليك حفظ نفسك، و الاحتساب على الرعية بجهدك، فإن الذي يصل إليك من ذلك أفضل من الذي يصل بك، و السلام.

اللغة

(اختلف) من موضع إلى موضع: تردد، و منه الحديث «من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان» و مثله «كنت أختلف إلى ابن أبي ليلى في مواريث لنا»، (سواء) قال في المغني: تكون بمعنى مستو، (الجور): الميل عن الحق و هو خلاف العدل، (قط): من أسماء الأفعال بمعنى انته و كثيرا ما تصدر بالفاء مجمع البحرين-.

الاعراب‏

كثيرا: مفعول مطلق لقوله «منعه» بحذف الموصوف أى منعا كثيرا أو مفعول له لمنعه، و من العدل متعلق به، سواء: خبر فليكن، عندك: ظرف متعلق بسواء، في الحق: جار و مجرور متعلق بقوله «سواء»، في الجور: ظرف مستقر خبر ليس قدم على اسمه و هو عوض و «من العدل» جار و مجرور متعلق بقوله «عوض»، فيها: متعلق بقوله «لم يفرغ»، ساعة: مفعول فيه، فرغة: مصدر للمرة، حفظ نفسك: مبتدأ مؤخر لقوله «و من الحق» و هو ظرف مستقر، و عليك متعلق بقوله «الحق»، الباء في بك للالصاق.

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي «ص 145 ج 17 ط مصر»: لم أقف إلى الان على نسب‏ الأسود بن قطبة، و قرأت في كثير من النسخ أنه حارثي من الحارث بن كعب، و لم أتحقق ذلك، و الذي يغلب على ظني أنه الأسود بن زيد بن قطبة بن غنم الانصاري من بني عبيد بن عدي، ذكره أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب، و قال: ان موسى بن عقبة عده ممن شهد بدرا.

أقول: حلوان‏ بلد ربما يعد من البلدان العظيمة المحصنة لحكومة فارس في الدولة الساسانية بعد مدائن التي كانت عاصمة تلك الدولة الكبرى في عصرها واقع جنوب مدائن مما يقرب من أربعة مراحل، و قد تحصن فيه يزدجرد الثالث بعد هزيمته من مدائن و سقوطها في أيدى المسلمين و عسكر هناك لسد هجوم جيش الاسلام و وقع بين الفريقين حروب هائلة انتهت بسقوط حلوان في أيدى المسلمين و بخراب هذه البلدة العظيمة.

و الظاهر أنه صار معسكرا لجنود الاسلام إلى أيام زعامة أمير المؤمنين عليه السلام و كان سياسة الزعماء الماضين التي بناها عمر الإهانة و الخشونة مع غير المسلمين العرب و إن كانوا مسلمين و احتقارهم و النظر إليهم كعبيد و إماء، و كان من مهمة حكومته عليه السلام تغيير هذه السياسة العمرية و الإرفاق بعموم الناس تشويقا لهم إلى قبول‏ الاسلام و إجراء للعدالة بين الأنام.

و قد أقدم على هذه السنة النبوية من طرق شتى:

منها: تقريب الموالي و المسلمة من غير العرب و تسويتهم في العطايا مع العرب حتى المهاجرين منهم و الأنصار.

و منها: إظهار اعتماده عليهم و تفويض المناصب إليهم بقدر لياقتهم، ففوض حجابته و هي من أهم المناصب حينئذ إلى قنبر و هو المخلص له عليه السلام و المعتمد عنده.

و روى صاحب منهج المقال بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا عليه السلام قال:

لما رأيت الأمر أمرا منكرا أو قدت ناري و دعوت قنبرا

و كفى بذلك شرفا لقنبر و دليلا على كمال عنايته عليه السلام به و اعتماده عليه.

و قد وصى عليه السلام‏ صاحب جند حلوان‏ الحاكم في أرض الامة الفارسية بأنه إذا تردد على‏ الوالي‏ الأهواء يمنعه من رعاية العدل كثيرا، و أغلب الأهواء المترددة على ذوى القدرة من العرب هو التعصب العربي و الترفع العنصري الذي نشأوا عليه في الجاهلية فأخمد لهيبه الاسلام في عهد النبي صلى الله عليه و آله ثم أحياه حكومة عرب و أسرة بني امية أهل النفوذ في حكومته في جميع البلاد الاسلامية و خصوصا في الشام و العراق التي تليها، فأمره برعاية التساوي في الحقوق بالنسبة إلى جميع‏ الناس‏ و نبه على أن‏ الجور على أي قبيل لا يقوى به الاسلام و لا يصير عوضا عن‏ العدل‏ كما زعمه العمريون بل الجور على غير العرب يوجب نفورهم عن الاسلام.

و أمره باجتناب‏ ما تنكره‏ و هو عرب بالنسبة إلى جميع الناس، و في قوله عليه السلام‏ (و ابتذل نفسك) إشارة ظاهرة على ترك الترفع العنصري أى اجعل‏ نفسك‏ كأحد من الناس لأداء ما فرضه‏ الله عليك‏.

و نبهه على‏ أن الدنيا دار امتحان و ابتلاء و اغتنام فرصة ساعة فيها للراحة و السرور يوجب‏ الحسرة و الأسف‏ يوم القيامة، و نبهه على أن وظيفة الوالي‏ أن‏ يحفظ نفسه أى يمنعها عن هواها و جاهها عن الأمر عليه حتى ينساها و يخلص همه و جهده لخدمة الرعية مسلمين كانوا أو ذميين و معاهدين معللا بأن ما يصل من رعاية الرعية من حسن الذكر و رفاه معيشة العامة في الدنيا و من المثوبة في الاخرة أفضل من الذي يصل به من الجهد و المثقة من ذلك.

قال الشارح المعتزلي في شرح هذه الجملة (فان الذي يصل إليك): من ثواب الاحتساب على‏ الرعية و حفظ نفسك‏ عن مظالمهم و الحيف عليهم‏ (أفضل من الذي يصل بك) من حراسة دمائهم و أعراضهم و أموالهم، و لا شبهة في ذلك.

و قال ابن ميثم في شرح الجملة «ص 191 ج 5 ط مؤسسة النصر»: و أراد أن‏ الذي يصل‏ إلى‏ نفسك‏ من الكمالات و الثواب اللازم عنها في الاخرة بسبب لزومك للأمرين المذكورين‏ أفضل‏ مما يصل‏ بعدلك و إحسانك إلى الخلق من النفع و دفع الضرر.

أقول: و هو يقرب مما ذكره الشارح المعتزلي و لا يخفى ضعف كلا التفسيرين على أهل النظر.

الترجمة

از نامه‏اى كه بأسود بن قطبة سرلشكر حلوان نگاشته:

أما بعد، براستى كه اگر هوسهاى فرمانگذار پياپى باشد او را بسيار از إجراى عدالت جلوگير گردد، بايد از پيروى هوس در گذرى و بهمه مردم در إجراى حق بيك چشم نگرى، زيرا كه در خلاف حق هيچ عوضى از عدالت وجود ندارد، بر كنار باش از آنچه كه مانند آن را نسبت بخود زشت و ناهنجار شمارى و خود را در انجام آنچه خدا بر تو فرض كرده و وظيفه تو دانسته خوار دار، باميد پاداش نيك او و از بيم شكنجه‏اش.

و بدانكه دنيا خانه آزمايش و بلا است، هرگز دنيادار ساعتى در آن بيكار و بر كنار از انجام وظيفه نيارامد جز آنكه در روز رستاخيز بر آن افسوس خورد و راستش اين است كه هيچ چيزى ترا از رعايت حق و درستى بى‏ نياز نسازد، و از! جمله حقوقى كه بر عهده تو است اين است كه خوددار باشى و نفس خود را مهار زنى و با همه كوشش خود بكارهاى رعايا بپردازى، زيرا آنچه از اين راه بتو عايد مى ‏شود بهتر است از آن رنج و تعب كه در إجراى حق و رعايت رعيت بتو مى‏ رسد.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 57 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 58 صبحی صالح

58- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) كتبه إلى أهل الأمصار يقص فيه ما جرى بينه و بين أهل صفين‏

وَ كَانَ بَدْءُ أَمْرِنَا أَنَّا الْتَقَيْنَا وَ الْقَوْمُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ الظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّنَا وَاحِدٌ وَ نَبِيَّنَا وَاحِدٌ وَ دَعْوَتَنَا فِي الْإِسْلَامِ وَاحِدَةٌ

وَ لَا نَسْتَزِيدُهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّصْدِيقِ بِرَسُولِهِ وَ لَا يَسْتَزِيدُونَنَا الْأَمْرُ وَاحِدٌ إِلَّا مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ نَحْنُ مِنْهُ بَرَاءٌ

فَقُلْنَا تَعَالَوْا نُدَاوِ مَا لَا يُدْرَكُ الْيَوْمَ بِإِطْفَاءِ النَّائِرَةِ وَ تَسْكِينِ الْعَامَّةِ حَتَّى يَشْتَدَّ الْأَمْرُ وَ يَسْتَجْمِعَ فَنَقْوَى عَلَى وَضْعِ الْحَقِّ مَوَاضِعَهُ فَقَالُوا بَلْ نُدَاوِيهِ بِالْمُكَابَرَةِ

فَأَبَوْا حَتَّى جَنَحَتِ الْحَرْبُ وَ رَكَدَتْ وَ وَقَدَتْ نِيرَانُهَا وَ حَمِشَتْ فَلَمَّا ضَرَّسَتْنَا وَ إِيَّاهُمْ وَ وَضَعَتْ مَخَالِبَهَا فِينَا وَ فِيهِمْ أَجَابُوا عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الَّذِي دَعَوْنَاهُمْ إِلَيْهِ

فَأَجَبْنَاهُمْ إِلَى مَا دَعَوْا وَ سَارَعْنَاهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا حَتَّى اسْتَبَانَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ وَ انْقَطَعَتْ مِنْهُمُ الْمَعْذِرَةُ

فَمَنْ تَمَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ فَهُوَ الَّذِي أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنَ الْهَلَكَةِ وَ مَنْ لَجَّ وَ تَمَادَى فَهُوَ

الرَّاكِسُ الَّذِي رَانَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ وَ صَارَتْ دَائِرَةُ السَّوْءِ عَلَى رَأْسِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السابع و الخمسون‏ كتبه الى أهل الامصار، يقص فيه ما جرى بينه و بين أهل صفين.

و كان بدء أمرنا أنا التقينا [و] القوم من أهل الشام، و الظاهر أن ربنا واحد، و نبينا واحد، و دعوتنا في الإسلام واحدة، و لا نستزيدهم في الإيمان بالله و التصديق برسوله و لا يستزيدوننا [و] الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان، و نحن منه براء

فقلنا: تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم بإطفاء النائرة و تسكين العامة، حتى يشتد الأمر و يستجمع، فنقوى على وضع الحق في مواضعه، فقالوا: بل نداويه بالمكابرة، فأبوا حتى جنحت الحرب و ركدت، و وقدت نيرانها و حمست [حمشت‏]، فلما ضرستنا و إياهم، و وضعت مخالبها فينا و فيهم، أجابوا عند ذلك إلى الذي دعوناهم إليه، فأجبناهم إلى ما دعوا، و سارعناهم إلى ما طلبوا حتى استبانت عليهم الحجة، و انقطعت منهم المعذرة، فمن تم على ذلك منهم فهو الذي أنقذه الله من الهلكة، و من لج و تمادى فهو الراكس الذي ران الله [رين‏] على قلبه، و صارت دائرة السوء على رأسه.

اللغة

(بدء) الأمر: أوله و بدى‏ء بمعنى مبتدأ، (النائرة): فاعلة من النار، أى العداوة، (جنحت): أقبلت، (ركدت): ثبتت، (حمست): اشتدت، حمشت:

التهبت غضبا، (ضرست): عضتنا بأضراسها، يقال: ضر سهم الدهر أى اشتد عليهم، (المخالب) جمع مخلب و هو من الطير بمنزلة الظفر للانسان، (أنقذه):

خلصه، (التمادي) في الشي‏ء: الاقامة عليه و طلب الغاية منه، (الركس): رد الشي‏ء مقلوبا، (ران) غلب و غطى.

الاعراب‏

أنا: بالفتح مع اسمه و خبره تأول بالمصدر و خبر لقوله «بدء أمرنا»

القوم: بالرفع، قال ابن ميثم: عطف على الضمير في التقينا، و قال الشارح المعتزلي:

«التقينا و القوم» كما قال: قلت إذ أقبلت و زهر تهادى، و من لم يروها بالواو فقد استراح من التكلف.

أقول: الظاهر أن التكلف في العطف على الضمير المرفوع المتصل من دون إعادة المنفصل و مع حذف الواو ينصب القوم مفعولا، منه براء: تقول العرب: أنا براء و نحن براء، الذكر و الانثى و المفرد و الجمع فيه واحد، و تأويله ذو براء- مجمع البيان- و هو خبر نحن، نداو: مجزوم في جواب الأمر، اليوم: ظرف متعلق بقوله «نداو» كقوله باطفاء النائرة.

المعنى‏

قد تصدى عليه السلام في كتابه هذا إلى‏ بلاغ رسمي لعموم المسلمين في‏ الأمصار و البلاد الشاسعة يبين فيه ما آل إليه زحفه بالجيوش المسلمين إلى الشام لدفع بغي معاوية و صده عن الهجوم بالبلاد و تعرضه للعيث و الفساد، و أشار بقوله‏ (و الظاهر أن ربنا واحد) إلى مواد الموافقة بين‏ الفريقين المسلمين و الطائفتين اللتين اقتتلا.

و حصر مادة الخلاف في أمر واحد و هو دم عثمان‏ حيث إن مقاتلة أهل الشام‏ يتشبثون بمطالبته من أهل الكوفة و خصوصا من علي عليه السلام، و قد برأ عليه السلام كل المقاتلة الكوفيين‏ من دم عثمان‏ مع أن فيهم من ينسب إليه بجمع الجموع عليه كالأشتر النخعي- رحمه الله- أو المباشرة بالهجوم عليه في داره كعمار بن ياسر فحكمه عليه السلام بهذه البراءة العامة لوجهين:

1- أنه قتل حقا لا ظلما، لقيامه في زعامته على خلاف مصالح الامة الاسلامية و انحرافه عن سنن الشريعة، و نقضه للقوانين الثابتة في الكتاب و السنة، و إحداثه البدعة و الفتنة، و ليس على قاتله دية و لا قود، فكلهم براء من قتله، و لا يجوز مطالبتهم به، و قد ورد مطاعن عثمان في السير المتقنة بما لا مزيد عليها.

2- أن المباشر لقتل عثمان غير داخل في جيشه و غير معلوم عندهم، و القصاص‏ و الدية إنما يتعلقان بالمباشر و هو مفقود، فهم براء منه.

و قد بين عليه السلام اقتراحه لأهل الشام و هو ترك العداوة و الشحناء و الخصومة و اللجاج في الوقت الحاضر ليتحقق الوحدة الاسلامية و يسكن فورة نفوس العوام و ثورتهم التي أثارها معاوية بدهائه و خداعه، فاشتد الحكومة الاسلامية في ظل الوحدة و الوئام و تتجمع القوى في جميع الثغور و من كل الأنام لتداوي‏ ما لا يدرك‏، و ما هو ما لا يدرك‏؟

قد فسره الشارح المعتزلي بالتمكن من قتلة عثمان و القصاص منهم، فقال «ص 142 ج 17 ط مصر»:

قلنا لهم: تعالوا فلنطفئ هذه‏ النائرة الان بوضع الحرب إلى أن تتمهد قاعدتي في الخلافة و تزول هذه الشوائب التي تكدر على الأمر، و يكون للناس جماعة ترجع إليها، و بعد ذلك أتمكن من قتلة عثمان بأعيانهم فأقتص منهم.

أقول: و فيه نظر من وجهين:

1- أنه عليه السلام لا يدعو إلى معالجة قضية قتل عثمان بتعقيب قتلته، لأنه غرر بنفسه حتى قتل في غوغاء من المسلمين لا يدرى من قتله.

2- لا معنى للاقتصاص من جمع في قتل رجل واحد فانه لا يقتل قصاصا للواحد إلا واحدا إذا ثبت أنه قاتل وحده و لو اشترك جمع في قتل واحد لا يقتص منهم جميعا.

و قال ابن ميثم: و الباء في قوله‏ (بإطفاء النائرة) متعلق بقوله‏ (نداوي ما لا يدرك) أى ما لا يمكن تلا فيه بعد وقوع الحرب و لا يستدرك من القتل و هلاك المسلمين.

أقول: و له وجه، و الأوجه أن المقصود من «ما لا يدرك» الاتفاق العام و التام بين المسلمين في نشر الاسلام و بث دعايته، فانه لو لا خلاف معاوية معه لم يلبث الاسلام أعواما قلائل حتى يستولي على كل البلدان و يهتدي في ظل تعليماته العالية جميع بني الانسان، فان أكثر الخلق الذين بلغ إليهم تعليمات‏ الاسلام‏ و نشرت في بيئتهم إنما أسلموا طوعا لما أدركوا من أنه يهدي للتي أقوم هي لتربية الاسلام العليا و طريقته الوسطى.

فلو لا تسلط بني امية على الحكومة الاسلامية و تكديرهم قوانينه النيرة العادلة الكافلة لصلاح بني الانسان مادة و معنا لساد الاسلام في كافة البلدان و شملت هدايته جميع أبناء الانسان فينال البشر بالتقدم و الازدهار من القرون الاولى الاسلامية.

و لكن أجاب‏ أهل الشام‏ باغواء معاوية بما لخصه عليه السلام في قوله‏ (فقالوا:

بل نداويه بالمكابرة) أي طلب الكبر و السلطنة، فيعلم كل أحد أن هدف معاوية من القيام بطلب دم عثمان ليس إلا طلب الرياسة و التسلط على الأنام فأثار الحرب‏ الشعواء حتى دارت عليه الدائرة فتشبث بمكيدة عمرو بن العاص إلى دهاء اخرى و اعترف باقتراح علي عليه السلام.

فأجاب‏ إلى‏ ما دعاه‏ إليه‏ من الرجوع إلى حكم القرآن، و قال عليه السلام‏ (و سارعناهم إلى ما طلبوا)، قال المعتزلي في شرحه «ص 143 ج 17 ط مصر»:

كلمة فصيحة، و هى تعدية الفعل اللازم، كأنها لما كانت في معنى المسابقة و المسابقة متعدية عدي المسارعة.

أقول: و هذا ما عبر عنه ابن هشام في المغني بالتضمين و جاء له بشواهد كثيرة منها قول الشاعر:

هن الحرائر لا ربات أخمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسور

و قد علل عليه السلام إجابته إلى ذلك بايجاد محيط سالم يمكن فيه التفاهم و بيان الحجة على الحق فان المحيط الموبوء الحربي مثار التعصب و الغضب المانعين عن استماع دليل الخصم و التفاهم معه فلا يتم الحجة عليه خصوصا مع ما نشره معاوية فيهم من الأكاذيب و الاتهامات الفارغة فحتى‏ في كلامه عليه السلام للتعليل و ما بعدها في معنى المضارع و المقصود أن هدف الهدنة إتمام الحجة على من خدعهم معاوية و عمرو بن العاص من أهل الشام، و استنتج منه أن من انقاد لحكم القرآن‏ بعد ذلك أنقذه الله من الهلكة و العقاب‏ و من لج و تمادى‏ في غيه‏ فهو الراكس الذي ران الله على قلبه‏ و لم تنفع الحجة الواضحه له.

قال الشارح المعتزلي: قال قوم: الراكس‏ هنا بمعنى المركوس، فهو مقلوب فاعل بمعنى مفعول، كقوله تعالى «فهو في عيشة راضية 7- القارعة» أى مرضية، و عندي أن اللفظة على بابها، يعني أن‏ من لج‏ فقد ركس نفسه‏ فهو الراكس‏ و هو المركوس- إلى أن قال: و ران على قلبه‏ أى ران هو على قلبه كما قلنا في‏ الراكس‏، و لا يجوز أن يكون الفاعل و هو الله محذوفا، لأن الفاعل لا يحذف- انتهى.

و مما ذكرنا ظهر ضعف ما قاله ابن ميثم في قوله‏ (فمن تم على ذلك) أى على الرضا بالصلح و تحكيم كتاب الله و هم أكثر أهل الشام‏ و أكثر أصحابه عليه السلام و الذين لجوا في التمادي فهم الخوارج الذين لجوا في الحرب و اعتزلوه- إلخ.

و في كلامه وجوه من النظر:

1- كيف حكم أمير المؤمنين عليه السلام على أهل الشام بأنه أنقذهم‏ الله من الهلكة و ظاهر الهلكة العذاب الاخروي لا النجاة من الحرب و النيل بالحياة الدنيوية.

2- أن صدور هذا البلاغ كان بعد الهدنة و قبل تحكيم أمر الخوارج و ظهور خلافهم عليه كما هو الظاهر.

3- أن صريح قوله عليه السلام‏ «حتى استبانت عليهم الحجة- إلخ» راجع إلى أهل الشام و لا ربط له بالخوارج الذين كانوا معه و جاهدوا حق الجهاد قبل ارتدادهم عنه.

4- أن قوله‏ (و من لج و تمادى) يدل على أن المقصود من كلامه المخالفين معه قبل الهدنة و حين الحرب و لا ينطبق على الخوارج، و الحاصل أن غرضه عليه السلام بيان هدف قبول الهدنة و الرجوع إلى حكم الله تعالى لإتمام الحجة على أهل الشام ببيان الأدلة على حقيته و بطلان مكائد معاوية و خواصه كما هو وظيفة القائم بالارشاد و الهداية ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة، فكلامه عليه السلام في حكم قضية كلية و لا نظر له إلى تحقق المصاديق الخارجية كما زعمه ابن ميثم عليه الرحمة.

الترجمة

از نامه‏ايست كه بأهالي شهرها نوشت و آنچه در صفين ميان او و مخالفانش انجام يافت گزارش فرمود:

آغاز كار ما اين بود كه با مردم شام برخورد كرديم، و ظاهر حال اين بود كه پروردگار و معبود ما يكى است و پيغمبر ما يكى است، و در دعوت بمسلمانى هم آهنگيم، و ما از آنها در ايمان بخدا و تصديق بفرستاده او فزونى نخواستيم، و آنها هم در اين باره از ما فزونى نخواستند، و وضع ما در همه جهت يكى بود و فقط مورد اختلاف خونخواهى براى عثمان بود، در صورتى كه ما از خون عثمان پاك بوديم و بدان آلوده نبوديم.

ما پيشنهاد كرديم: بيائيد تا در باره آنچه بدست نداريم امروز چاره جوئى كنيم بوسيله خاموش كردن آتش شورش و جوشش دشمنى ميان خود و شماها و بكمك آرام كردن افكار پريشان توده مردم مسلمان تا آنكه كار اسلام محكم گردد و جماعت اسلام بى مخالفت پابرجا شود و ما نيرو گيريم تا هر حقى را بجاى خودش بر قرار داريم.

آنها در پاسخ گفتند: ما با زورآزمائى وضع موجود را معالجه مى ‏كنيم، و سر از پيشنهاد ما بر گردانيدند و پافشارى كردند تا جنگ سر در آورد و پر در آورد و پاى بر جا شد و آتش سوزانش شعله‏ور و تيز گرديد.

و چون دندانش بر كالبد ما و آنها فرو شد و چنگال در تن ما و آنها انداخت بناچار بهمان پيشنهادى كه ما با آنها داشتيم پاسخ مثبت دادند و بحكم قرآن رضا شدند، و ما هم با شتاب آنچه را خواستند پذيرفتيم براى آنكه حجت حق بر آنها آشكار شود و عذر جهالت و شبهه آنها قطع گردد، تا هر كس بر اين مطلب‏

پائيد و بدرستى آنرا پذيرفت همان كس باشد كه خداوندش از هلاكت و نابودى و عذاب نجات داده، و هر كس لجبازى كرد و بناحق إصرار ورزيد و آنرا كش داد همان باشد كه خود را نگونسار كرده هم آنكه خدايش بر دل مهر زده و پرده كشيده و بد آمد و شكست معنوي بر سر او چرخيده و گرفتارش كرده است.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 56 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 57 صبحی صالح

 57- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي خَرَجْتُ مِنْ حَيِّي هَذَا إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّامَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِياً وَ إِمَّا مَبْغِيّاً عَلَيْهِ

وَ إِنِّي أُذَكِّرُ اللَّهَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي هَذَا لَمَّا نَفَرَ إِلَيَّ فَإِنْ كُنْتُ مُحْسِناً أَعَانَنِي وَ إِنْ كُنْتُ مُسِيئاً اسْتَعْتَبَنِي

المختار السادس و الخمسون‏ و من كتاب له عليه السلام الى أهل الكوفة، عند مسيره من المدينة الى البصرة.

أما بعد، فإني خرجت من حيي هذا، إما ظالما و إما مظلوما و إما باغيا و إما مبغيا عليه، و إني أذكر الله من بلغه كتابي هذا لما نفر إلى، فإن كنت محسنا أعانني، و إن كنت مسيئا استعتبني.

اللغة

(الحي): القبيلة و منه مسجد الحي أعني القبيلة و حي من الجن: قبيلة منها (البغى): الفساد و أصل البغي الحسد ثم سمي الظالم بغيا لأن الحاسد ظالم، (نفر إلي) و نفروا إلى الشي‏ء: أسرعوا إليه- مجمع البحرين-.

الاعراب

حيي هذا: هذا عطف بيان للحي و التعبير بلفظة هذا و هم قريش المهاجرون أو هم مع الأنصار بعناية الوحدة الاسلامية الساكنون في المدينة بادعاء حضورهم عند المخاطبين ذهنا حتى كأنهم يعاينونهم فان حرج الموقف يلفت نظر أهل الكوفة و فكرتهم إلى المدينة التي كانت مركزا للاسلام و لأهل الحل و العقد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله.

إما: تفيد الترديد و الابهام و إذا كان مدخولها الجمع و ما في معناه يشعر بالتقسيم كقوله تعالى «إنا هديناه السبيل إما شاكرا و إما كفورا»، اذكر:

من باب التفعيل يتعدى إلى مفعولين و هما قوله «الله» و «من بلغه»، كتابي:فاعل قوله «بلغه»، لما: بالتشديد بمعنى إلا كقوله تعالى «و إن كل لما جميع لدينا محضرون‏ 22- يس» و بالتخفيف مركبة من لام التأكيد و ما الزائدة.

المعنى‏

تجاهل العارف قال ابن ميثم: و قوله: إما ظالما- إلى قوله: عليه‏، من باب تجاهل العارف لأن القضية لم تكن بعد ظهرت لأهل الكوفة و غيرهم ليعرفوا هل هو مظلوم أو غيره.

و قال الشارح المعتزلي: ما أحسن هذا التقسيم و ما أبلغه في عطف القلوب عليه و استمالة النفوس إليه، قال: لا يخلو حالي في خروجي من أحد أمرين- إلخ.

أقول: جعل الشارح المعتزلي قوله عليه السلام‏ (إما ظالما و إما مظلوما) حالا عن الضمير المتكلم في قوله‏ (خرجت) و تبعه ابن ميثم على هذا التفسير و لا يخلو من الاعتراض.

إظهار الترديد منه عليه السلام في هذا الموقف الحرج و تأييد أهل التشكيك في إبهام حاله من كونه‏ ظالما أو مظلوما لا يناسب مقامه و لا موقعه و لا يناسب الموقف هضم النفس بهذا التعبير الموهن كما ذكره المعتزلي.

و لا يصح ما ذكره ابن ميثم «و لأن القضية لم تكن بعد ظهرت لأهل- الكوفة و غيرهم ليعرفوا هل هو مظلوم أو غيره» لأن غيره هو عثمان المقتول باهتمام أهل الكوفة و حضور جيش منهم فكيف لا يصح حاله عندهم و لا يعرفون برائة على عليه السلام عن الظلم و البغي حتى يؤيد شكهم بهذا التعبير الموجب للفشل و المستند للمخالف في دعوة الناس إلى التخذيل و الكف عن النصرة.

و الأصح جعله حالا عن الحي المقصود منه قبيلة قريش أو مسلمة مدينة من المهاجرين و الأنصار فان قريشا حيه العنصري و مسلمة المدينة حيه الاسلامي و التعبير بالمفرد باعتبار لفظ جمع أو كل كما ورد في الاية «إما شاكرا و إما كفورا».

و المقصود أني خرجت من بين قريش أو مسلمة المدينة حال كون بعضهم ظالما و بعضم مظلوما، و يؤيده قوله‏ «مبغيا عليه» و إلا فالأنسب أن يقول «مبغيا علي»، و قوله عليه السلام‏ (فان كنت محسنا) بالنظر إلى أعماله بعد نفرهم إليه لا بالنسبة إلى ما قبله، و لفظ الماضي بعد «إن» تفيد معنى المضارع غالبا، و اندرج في كلامه عليه السلام‏ (فاني خرجت عن حيي هذا) معنا ذهبيا يشعر بديمو قراطية سامية هي لب التعاليم الاسلامية.

و هي أنه عليه السلام بعد تصديه للزعامة على الامة الاسلامية و بيعة المسلمين معه بالامامة تجرد عن جميع المعاني العنصرية و سلم نفسه للشعب الاسلامي باسره و خرج عن حيه و قبيلته فهو اليوم ابن الشعب الاسلامي عامة بخلاف من تقدمه من الزعماء الثلاثة، فان أبا بكر و عمر كانا ابنا المهاجرين و الأنصار و لم يخرجا عن التعصب للعرب فهما ابنا العرب كما يظهر من ديوان العطايا الذي نظمه عمر و من جعله العرب طبقات بعضها فوق بعض و لم يراع لمن أسلم من سائر الناس حقا و جعلهم موالى و أسقط حقوقهم الاجتماعية في موارد شتى، و أما عثمان فقد ظهر ابن حيه بني أمية و فوض إليهم امور المسلمين و بيت مالهم حتى نقموا عليه و ثاروا على حكومته و قتلوه.

و قد أكد عليه السلام هذه الفلسفة السامية العميقة بقوله‏ «ظالما أو مظلوما …» إي تجرد عن حيه على أي حال كان حيه فان هذا التجرد طبيعة زعامته العامة على الامة و لا ربط له بوضع حيه من كونه ظالما أو مظلوما، فان كلا العنوانين ربما صارا من دواعي الخروج عن الحي، و كلامه هذا أبلغ تعبير في استعطاف أهل الكوفة للقيام بنصرته فكأنه قال: أنا من الشعب و منكم فهلموا إلى.

الترجمة

از نامه ايست كه حضرتش در هنگام رفتن از مدينه ببصره بأهل كوفه نگاشته است:

أما بعد، براستى كه من از اين قبيله بيرون شدم كه يا ستمكار بودند و يا ستمكش، يا متجاوز بودند و يا تجاوز كش، و خدا را ياد آور همه خواننده‏ هاى اين نامه مى ‏كنم كه بمحض اطلاع از مضمون آن بسوى من كوچ كنند، تا اگر نيك رفتارم مرا يارى دهند، و اگر بد رفتارم از من گله كنند و بمن اعتراض نمايند.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 55 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 56 صبحی صالح

56- و من وصية له ( عليه‏ السلام  ) وصى بها شريح بن هانئ لما جعله على مقدمته إلى الشام‏

اتَّقِ اللَّهَ فِي كُلِّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ وَ خَفْ عَلَى نَفْسِكَ الدُّنْيَا الْغَرُورَ وَ لَا تَأْمَنْهَا عَلَى حَالٍ

وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَرْدَعْ نَفْسَكَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا تُحِبُّ مَخَافَةَ مَكْرُوهٍ سَمَتْ بِكَ الْأَهْوَاءُ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الضَّرَرِ فَكُنْ لِنَفْسِكَ مَانِعاً رَادِعاً وَ لِنَزْوَتِكَ عِنْدَ الْحَفِيظَةِ وَاقِماً قَامِعاً

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الخامس و الخمسون‏ و من كلام له عليه السلام وصى بها شريح بن هانى، لما جعله على مقدمته الى الشام.

إتق الله في كل صباح و مساء، و خف على نفسك الدنيا الغرور، و لا تأمنها على حال، و اعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما

تحب مخافة مكروه سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر، فكن لنفسك مانعا رادعا، و لنزوتك [لنزواتك‏] عند الحفيظة واقما قامعا.

اللغة

(الغرور): فعول من الغرور بمعنى الفاعل يستوي فيه المذكر و المؤنث (الردع): المنع، (سمت): كدعت من سما يسمو أى رفعت بك، (النزوة):

الوثبة الشهوانية و تستعمل لركوب الذكر على الانثى، (الحفيظة): الغضب، (الواقم): الذي يرد الشي‏ء شديدا من وقمته أى رددته أقبح الرد و قهرته، (القمع): القلع و الدق المهلك من الرأس.

الاعراب‏

الدنيا الغرور: مفعول خف، يقال: خافه و خاف منه، سمت بك: جزاء الشرط في قوله عليه السلام «إن لم تردع»، بك: الباء للتعدية، لنفسك: جار و مجرور متعلق بقوله عليه السلام «مانعا رادعا» قدم عليه، عند الحفيظة: ظرف متعلق بقوله «لنزوتك».

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي بعد سرد نسب‏ شريح بن هاني‏ إلى الحارث بن كعب المذحجي: كان هاني يكنى في الجاهلية أبا الحكم، لأنه كان يحكم بينهم، فكناه رسول الله صلى الله عليه و آله بأبي شريح إذ وفد عليه، و ابنه شريح هذا من جلة أصحاب علي‏ عليه السلام‏، شهد معه المشاهد كلها، و عاش حتى قتل بسجستان في زمن الحجاج.

و قال ابن ميثم: أنفذه مع زياد بن النضير على مقدمته بالشام في اثنى عشر ألفا.

أقول: مبالغته عليه السلام في وصية شريح بالتقوى و الحذر من‏ الدنيا الغرور في كل‏ حال‏ و تحذيره من العواقب السوء لمتابعة هوى النفس من الميل للترفع مع‏ أنه من كبار أصحابه المخلصين إنما كان لما يعلمه من مكائد معاوية و خداعه لجلب الرجال باعطاء المنصب و الرتبة و المال بتدليس و تلبيس يعجز عنه الأباليس، فانه خدع أمثال أبي الدرداء و أبي هريرة و كثير من عباد و زهاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و استلحق زيادا بعشيرته بدعوى أنه أخوه و كون من مني أبيه و غمر إلى لحيته في فضيحته، فخاف عليه السلام من كيد معاوية لمقدمته و استلحاقهم به قبل وصوله كما صنع مع مقدمة الجيش الذي بعثها ابنه الحسن المجتبى بعده لإكمال جهاد أبيه بقيادة أمثال عبد الله به العباس من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و أبيه و المتعلمين في مكتبه و العالمين بحقيقته.

الترجمة

از سخنانى كه در سفارش بشريح بن هاني فرمود چون او را بفرماندهى مقدمة الجيش خود بشام فرستاد:

از خدا بپرهيز در هر بام و شام، و بر خود بترس از دنياى پرفريب و از آن آسوده مباش در هر حال، و بدانكه اگر نفس خود را از بسيارى دوست داشتنيهايت براى نگرانى از سخت حالى باز ندارى هواهاى نفسانيت ترا بزيانهاى فراوانى بكشانند، جلوگير و مهاركش نفس سركش خود باش و هنگام خشم از جهشش بسختى بازدار و او را سركوب و ريشه كن ساز.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 54 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 55 صبحی صالح

55- و من كتاب له ( عليه السلام  ) إلى معاوية

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ الدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا وَ ابْتَلَى فِيهَا أَهْلَهَا لِيَعْلَمَ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًاوَ لَسْنَا لِلدُّنْيَا خُلِقْنَا وَ لَا بِالسَّعْيِ فِيهَا أُمِرْنَا وَ إِنَّمَا وُضِعْنَا فِيهَا لِنُبْتَلَي بِهَا

وَ قَدِ ابْتَلَانِي اللَّهُ بِكَ وَ ابْتَلَاكَ بِي فَجَعَلَ أَحَدَنَا حُجَّةً عَلَى الْآخَرِ

فَعَدَوْتَ عَلَى الدُّنْيَا بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَطَلَبْتَنِي بِمَا لَمْ تَجْنِ يَدِي وَ لَا لِسَانِي وَ عَصَيْتَهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ الشَّامِ بِي وَ أَلَّبَ عَالِمُكُمْ جَاهِلَكُمْ وَ قَائِمُكُمْ قَاعِدَكُمْ

فَاتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَ نَازِعِ الشَّيْطَانَ قِيَادَكَ وَ اصْرِفْ إِلَى الْآخِرَةِ وَجْهَكَ فَهِيَ طَرِيقُنَا وَ طَرِيقُكَ

وَ احْذَرْ أَنْ يُصِيبَكَ اللَّهُ مِنْهُ بِعَاجِلِ قَارِعَةٍ تَمَسُّ الْأَصْلَ وَ تَقْطَعُ الدَّابِرَ فَإِنِّي أُولِي لَكَ بِاللَّهِ أَلِيَّةً غَيْرَ فَاجِرَةٍ لَئِنْ جَمَعَتْنِي وَ إِيَّاكَ جَوَامِعُ الْأَقْدَارِ لَا أَزَالُ بِبَاحَتِكَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الرابع و الخمسون و من كتاب له عليه السلام الى معاوية

أما بعد، فإن الله سبحانه قد جعل الدنيا لما بعدها، و ابتلى فيها أهلها، ليعلم أيهم أحسن عملا، و لسنا للدنيا خلقنا، و لا بالسعى فيها أمرنا، و إنما وضعنا فيها لنبتلى بها، و قد ابتلانى الله بك و ابتلاك بي، فجعل أحدنا حجة على الاخر، فعدوت [فغدوت‏] على طلب الدنيا بتأويل القرآن و طلبتني بما لم تجن يدي و لا لساني، و عصبته أنت و أهل الشام بي و ألب عالمكم جاهلكم و قائمكم قاعدكم فاتق الله في نفسك، و نازع الشيطان قيادك و اصرف إلى الاخرة وجهك، فهى طريقنا و طريقك، و احذر أن يصيبك الله منه بعاجل قارعة تمس الأصل و تقطع الدار [الدابر]، فإني أولي لك بالله ألية غير فاجرة، لئن جمعتني و إياك جوامع الأقدار لا أزال بباحتك [بناحيتك‏] [حتى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين‏].

اللغة

(عصبه به): علقه به، (التأليب): التحريص، (القيادة): حبل تقاد به (القارعة): الداهية، (تمس الأصل): تقطعه، (الدابر): المتأخر من النسل (الألية)، اليمين، (باحة الدار): وسطها، ساحتها.

الاعراب‏

لما بعدها: لما موصولة أو موصوفة و الظرف مستقر مفعول ثان لقوله جعل و بعدها: ظرف مستقر صلة أو صفة، أيهم أحسن عملا: جملة محكية عن القرآن قائمة مقام مفعولى يعلم، لم تجن: صيغة الجحد من الجناية، أنت: تأكيد للضمير المخاطب في عصبته لتصحيح العطف عليه، أن يصيبك الله منه: قال الشارح المعتزلي: الضمير في «منه» راجع إلى الله تعالى و «من» لابتداء الغاية، و قال الراوندي: «منه» أى من البهتان الذي أتيته، أى من أجله و «من» للتعليل، و هذا بعيد و خلاف الظاهر، بعاجل قارعة: من إضافة إلى الصفة إلى الموصوف و كذا جوامع الأقدار و أثره التأكيد، لا أزال: نفى من زال، بباحتك: ظرف مستقر خبره، غدوت على الدنيا: قال المعتزلي: على ها هنا متعلق بمحذوف دل عليه الكلام تقديره:مثابرا على طلب الدنيا أو مصرا.

المعنى‏

بعث الله الأنبياء بطبقاتهم لهداية الناس و ردعهم عن الفساد و اتباع الشهوات و أهم وسائلهم التذكير و الإنذار و التبشير و لم يؤمر من الأنبياء بطبقاتهم و هم آلاف مؤلفة بالسيف و الجهاد إلا نذر يسير، و روي إلا أربعة امروا بالسيف لدفع هجوم الأعداء الألداء، منهم خاتمهم رسول الاسلام صلى الله عليه و آله و سلم، و قد نزلت عدة آيات كريمة في القرآن الشريف يصرح بأنه بشير و نذير و أنه ليس بجبار و لا وكيل عليهم.

منها: قوله تعالى: «إنما أنت نذير و الله على كل شي‏ء وكيل‏- سورة هود الاية 12».

منها: قوله تعالى: «و ما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد 45- ق» منها: قوله تعالى: «يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا- 45 و 46 الاحزاب».

و قد قام أمير المؤمنين‏ عليه السلام‏ بعده بالتبشير و الإنذار للعصاة و البغاة، و من رؤوسهم‏ معاوية الذي لم يؤثر فيه إنذار الرسول صلى الله عليه و آله طيلة دعوته بمكة قبل الهجرة، فدام على كفره و وثنيته حتى فتح رسول الله مكة المكرمة و وقع قريش مكة الألداء في اسره، فامن هو و أبوه و أهله كرها و أسروا النفاق دهرا، حتى توفى صلى الله عليه و آله فدبروا و كادوا حتى سادوا في الاسلام و سلط معاوية على بلاد الشام فقام علي بإنذاره أداء لحق الوصاية و ذكره باي من القرآن منها قوله تعالى:«ليبلوكم أيكم أحسن عملا- 7 هود».

و نبهه على أن الدنيا دار مجاز و دار امتحان و ابتلاء و الابتلاء على وجوه شتى باعتبار أحوال الناس، فجعل أحدنا حجة على الاخر.

فأولت‏ القرآن‏ في‏ طلب الدنيا، قال الشارح المعتزلي: «و تأويل القرآن ما كان معاوية يموه به على أهل الشام فيقول لهم: أنا ولي دم عثمان، و قد قال الله تعالى: و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا 33 الاسراء.

و قال ابن ميثم: تأويل القرآن‏ كقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى‏ 178- البقرة و غيرها من الايات الدالة على وجوب القصاص، فتأول بادخال نفسه فيها و طلب القصاص لعثمان و إنما كان دخوله في ذلك بالتأويل، لأن الخطاب خاص بمن قتل و قتل منه و معاوية بمعزل من ذلك إذ لم يكن من أولياء دم عثمان ففسر الاية بالعموم ليدخل فيها.

و برأ عليه السلام نفسه من الاشتراك في قتل عثمان يدا و لسانا و قد اتهمه‏ معاوية بذلك و جعله وسيلة لتحريض‏ أهل الشام‏ بالحرب معه عليه السلام و أمره بترك هذا البهتان و الدفاع تجاه‏ الشيطان‏ بنزع قياده من الهوى و الشهوات و التوجه‏ إلى الاخرة و حذره من العقوبة في الدنيا بحيث تصل إلى أصله و تقطع نسله كما وقع بعد ذلك من قطع نسل بنى امية و محوهم عن الجامعة البشرية.

الترجمة

أما بعد، براستى كه خداوند سبحان دنيا را مقدمه ما بعدش مقرر داشته، و أهل دنيا را در آن در بوته آزمايش گذاشته تا معلوم شود كداميك خوش كردارترند ما براى دنيا آفريده نشديم و بكوشش در آن فرمان نداريم، همانا ما در دنيا آمديم تا امتحان شويم، خداوند مرا بتو و ترا بمن در معرض امتحان آورده و هر كدام را حجت بر ديگر ساخته، تو بر روى دنيا افتادى و تأويل قرآن را بر خلاف حق وسيله آن ساختى و مرا بچيزى مسئول كردى كه دست و زبانم بدان آلوده نشده.

خودت و أهل شام آنرا دستاويز كرده ‏ايد و آنرا بمن چسبانده ‏ايد و دانشمندتان نادانها را ترغيب بدان مى ‏كنند و آنها كه بر سر كارند بيكاره‏ ها را بدان تشويق مى ‏نمايند.

تو خود پرهيزكار باش و از خدا بترس و با شيطان در مهار كردنت ستيزه كن و خود را برهان و روى باخرت كه راه من و تو است بگردان، و در حذر باش كه خداوندت بيك بلاى كوبنده در اين دنيا دچار كند كه بريشه‏ات بزند و دنباله‏ات را ببرد و نسلت را قطع كند.

براستى من براى تو سوگندى ياد كنم كه تخلف ندارد بر اين كه اگر خداوند مرا با تو در ميدان نبرد فراهم آورد و پيشامد مقدرات مرا و تو را در پيكار با يكديگر كشاند هميشه در خانه و كاشانه‏ات بمانم «تا خداوند ميان ما حكم فرمايد كه او بهترين حكمها است».

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 53 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 54 صبحی صالح

54- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى طلحة و الزبير (مع عمران بن الحصين الخزاعي) ذكره أبو جعفر الإسكافي في كتاب المقامات في مناقب أمير المؤمنين ( عليه ‏السلام)

 أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا وَ إِنْ كَتَمْتُمَا أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي وَ لَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي وَ إِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَ بَايَعَنِي

وَ إِنَّ الْعَامَّةَ لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ وَ لَا لِعَرَضٍ حَاضِرٍ فَإِنْ‏كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي طَائِعَيْنِ فَارْجِعَا وَ تُوبَا إِلَى اللَّهِ مِنْ قَرِيبٍ وَ إِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي كَارِهَيْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِي عَلَيْكُمَا السَّبِيلَ بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَ إِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ

وَ لَعَمْرِي مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ الْمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ وَ الْكِتْمَانِ وَ إِنَّ دَفْعَكُمَا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلَا فِيهِ كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ

وَ قَدْ زَعَمْتُمَا أَنِّي قَتَلْتُ عُثْمَانَ فَبَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَ عَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ فَارْجِعَا أَيُّهَا الشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا فَإِنَّ الْآنَ أَعْظَمَ أَمْرِكُمَا الْعَارُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَجَمَّعَ الْعَارُ وَ النَّارُ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثالث و الخمسون‏ و من كتاب له عليه السلام الى طلحة و الزبير، مع عمران بن الحصين الخزاعى، ذكره أبو جعفر الاسكافى في كتاب المقامات في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام‏

أما بعد، فقد علمتما و إن كتمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني، و لم أبايعهم حتى بايعوني، و إنكما ممن أرادني و بايعني، و إن العامة لم تبايعني لسلطان غالب، و لا لعرض حاضر، فإن كنتما بايعتماني طائعين فارجعا و توبا إلى الله من قريب، و إن كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السبيل بإظهاركما الطاعة و إسراركما المعصية، و لعمري ما كنتما بأحق المهاجرين بالتقية و الكتمان، و إن دفعكما هذا الأمر من قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه بعد إقراركما به.

و قد زعمتما أني قتلت عثمان، فبيني و بينكما من تخلف عني و عنكما من أهل المدينة، ثم يلزم كل امرى‏ء بقدر ما احتمل، فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما، فإن الان أعظم أمركما العار من قبل أن يجتمع العار و النار، و السلام.

الاعراب‏

إن كتمتما: لفظة إن وصلية، أنى لم أرد قائم مقام مفعولي علم، و أنكما ممن أرادني: عطف على أني لم أرد، و كذلك قوله: و أن العامة، طائعين حال من ضمير في كنتما، السبيل مفعول أول لقوله جعلتما ولي ظرف مستقر و هو مفعوله الثاني و عليكما متعلق بقوله السبيل، باظهار كما الباء للسببية و إظهار مصدر مضاف إلى الفاعل، بالتقية متعلق بقوله: بأحق.

المعنى‏

قال ابن ميثم: خزاعة قبيلة من الأزد، و قيل: الاسكاف‏ منسوب إلى اسكاف رستاق كبير بين النهروان و البصرة، و كتاب المقامات‏ الذي صنفه الشيخ المذكور في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام‏.

قال الشارح المعتزلي: عمران بن الحصين‏ بن عبد بن خلف، و سرد نسبه إلى كعب بن عمرو الخزاعي‏، يكنى أبا بجيد بابنه بجيد بن عمران، أسلم هو و أبو هريرة عام خيبر، و كان من فضلاء الصحابة و فقهائهم … و قال محمد بن سيرين: أفضل من في البصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله‏ عمران بن الحصين‏ …

و أما أبو جعفر الإسكافي‏- و هو شيخنا محمد بن عبد الله الإسكافي- عده قاضي القضاة في الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة- إلى أن قال: و قال: كان أبو جعفر فاضلا عالما، و صنف سبعين كتابا في علم الكلام و هو الذي نقض كتاب «العثمانية» على أبي عثمان الجاحظ في حياته- إلى أن قال: و كان أبو جعفر يقول بالتفضيل‏ على قاعدة معتزلة بغداد، و يبالغ في ذلك، و كان علوي الرأى، محققا مصنفا قليل العصبية.

أقول: خزاعة من القبائل الساكنة حول مكة المكرمة الموالية لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حتى قبل نشر الإسلام و قبل أن أسلموا، و قد نصروه و أيدوه في مواقف هامة و سيدهم بديل بن ورقاء الخزاعي المشهور و هو أحد الممثلين لأهل مكة المشركين في قضية حديبية.

فمن تلك المواقف ورودهم في عهد رسول الله صلى الله عليه و آله في معاهدة صلح الحديبية و قبولهم حمايته و اعتمادهم به تجاه قريش.

و منها ردعهم أبا سفيان و جنده من الهجوم ثانيا إلى المدينة بعد الرحيل من احد و إصابة المسلمين بأكثر من سبعين قتيلا و جرحى كثيرة، فقد روى أنه لما بلغ إلى الروحاء ندم من تركه الزحف بقية المسلمين في المدينة و عزم على الرجوع فلحقه عير خزاعة الراحلة من المدينة فاستخبرهم عن المسلمين فأجابوه بانه قد رحلوا ورائكم بجيش كثير سود الأرض يسرعون في اللقاء معكم و استيصالكم فخاف و لم يرجع.

و الظاهر أن هذا الكتاب صدر منه عليه السلام في ضمن المراجعات و الاحتجاجات المتبادلة بينه و بين‏ طلحة و الزبير في جبهة الجمل، و كان أحد مجاهيده التي توسل بها لإخماد هذه الثورة الحادة قبل اشتغال الحرب الهائلة الهدامة و نبه فيه على أن نفوذ الامامة و هي الرياسة العامة يحتاج إلى بيعة الامة عن الرضا و طيب النفس فان الإمامة تحتاج إلى صلاحية روحية و معنوية في نفس الإمام تعتمد على العصمة عند الإمامية و لا طريق إلى إثباتها إلا النص الصادر عن المعصوم نبيا كان أم إماما منصوصا فيعتمد على دلالة من الله إليها، و لكن نفوذها في الامة بحيث يتصدى الإمام لإجراء الامور يحتاج إلى بيعتهم عن طيب النفس.

و هذا معنا التمكن الذي أشار إليه المحقق الطوسى في تجريده بقوله‏ «وجوده لطف و تصرفه لطف آخر و عدمه منا» أى عدم تمكننا و بيعتنا مع الامام فوت عنا تصرف الامام في الامور و إجرائها كما ينبغي.

و أشار عليه السلام إلى ما يسقط اعتبار البيعة و هو أمران:

1- (و إن العامة لم تبايعني لسلطان غالب) يعني أن البيعة الصادرة عن قهر الناس بارعابهم و تخويفهم لا تنعقد، لأن الإكراه مبطل للمعاهدات عقدا كانت أم إيقاعا و البيعة من أهم العقود بين الرعية و الامام فلا تنعقد مع الاكراه.

2- (و لا لعرض حاضر) قال الشارح المعتزلي «ص 123 ج 17 ط مصر»:«أى مال موجود فرقته بينهم» و هو المعبر عنه بابتياع الرأي، فالبيعة الحاصلة بابتياع آراء من بايع إلى حيث يخل بالأكثرية اللازمة يسقط البيعة عن الاعتبار، فأثبت عليه السلام صحة بيعته بأنها صادرة عن عامة الناس بالرضا و طيب النفس فيلزم عليهما التسليم و الطاعة و الانقياد.

ثم أقام عليهما الحجة بأنهما بايعا معه فيلزم عليهما الوفاء بها و الرجوع عن الخلاف و التوبة إلى الله‏ فورا فانها واجبة على العاصي فورا، فان زعما أنهما كارهان لبيعته و لم تصدر عن الرضا و طيب النفس فاعترض عليهما بوجوه:

1- أن الكراهة غير مبطلة للعقود، لأن مجرد الكراهة الباطنية لا تضر بصحة العقد الصادر عن الرضا الانشائي بداعي المنافع المقصودة منه كالمريض يشتري الدواء و هو كاره له بداعي معالجة مرضه، و كالمضطر في شراء الحوائج فانه كاره قلبا فالمبطل للعقد هو الاكراه الذي يسلب قدرة المكره لا الكراهة الباطنية.

2- أن ظاهر بيعتكما الرضا و طيب النفس، فدعوى الكراهة مردودة لأنها كالانكار بعد الإقرار، فقال عليه السلام‏ (فقد جعلتما لي عليكما السلطان بإظهار كما الطاعة).

3- أنكما تعترفان بالنفاق، و إظهار النفاق موجب للعقوبة و إن كان المستتر منه يحال إلى الله تعالى فيعاقب عليه في الاخرة، و أشار إليه بقوله‏ (و إسرار كما المعصية).

ثم تعرض لجواب ما يمكن أن يحتجوا به في المقام و هو التقية فقال عليه السلام ليس المقام مقام التقية لأنها في معرض الخوف من إظهار العقيدة و أنتما من‏ المهاجرين‏ الذين لا يخافون في المقام مع أنه عليه السلام لم يتعرض لمن تخلف عن بيعته بأدنى تعقيب و أذى كما أشار إليه بعد ذلك في قطع عذرهما و ما تمسكا به من اتهامه عليه السلام بقتل عثمان، فقال.

(و قد زعمتما أني قتلت عثمان، فبيني و بينكما من تخلف عني و عنكما من أهل المدينة) أمثال: محمد بن مسلمة و اسامة بن زيد، و عبد الله بن عمر،- فاتخذهم شهودا على من شرك في قتل عثمان و دعا إليه.

قال في الشرح المعتزلي: و أهل المدينة يعلمون أن‏ طلحة كان هو الجملة و التفصيل في أمره و حصره و قتله، و كان‏ الزبير مساعدا له على ذلك و إن لم يكن مكاشفا مكاشفة طلحة- انتهى.

و قد أشار في قوله‏ (من قبل أن يجتمع العار و النار) إلى قتل‏ طلحة و الزبير في هذه الحرب، و نلفت نظر القراء إلى أن طلحة و الزبير من أكابر الصحابة المهاجرين الذين آمنوا في السنين الاولى من البعثة و في عصر غربة الاسلام بدعوة أبي بكر و هم عدة، كما في سيرة ابن هشام «ص 158 ج 1 ط مصر»: فلما أسلم أبو بكر «رض» أظهر إسلامه و دعا إليه- إلى أن قال- فأسلم بدعائه في ما بلغني عثمان بن عفان «و سرد نسبه» و الزبير بن العوام «و سرد نسبه» و عبد الرحمن ابن عوف «و سرد نسبه» و سعد بن أبي وقاص «و سرد نسبه» و طلحة بن عبيد- الله «و سرد نسبه»- انتهى.

و كان أثر نفس أبي بكر نفث النفاق في هؤلاء فخرج كلهم من أعداء على أمير المؤمنين و من رءوس أهل النفاق و الخلاف مع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و آله و الدليل عليه إقبالهم على الدنيا و جمع الأموال الطائلة و النزة إلى الرياسة و الجاه كما يظهر من الأخبار الصحيحة.

الترجمة

از يك نامه‏اى كه به طلحه و زبير نگاشته و با عمران بن حصين گسيل داشته أبو جعفر إسكافي آنرا در كتاب مقامات خود كه در مناقب أمير المؤمنين نوشته است يادآور شده.

أما بعد، شما هر دو بخوبى مى ‏دانيد- گر چه نهان مى ‏سازيد- كه من مردم را نخواستم تا مرا خواستند، و دست بيعت بدانها دراز نكردم تا آنها دست براى بيعت من دراز كردند، و شما هر دو از كسانى هستيد كه مرا خواستيد و با من بيعت كرديد، و راستش اين است كه عموم مردم بزور و قهر با من بيعت نكردند و براى طمع در عرض موجودى كه به آنها پرداخت شده باشد بيعت نكردند، بلكه از روى رضا و رغبت دست بيعت بمن دادند.

اگر شما بدلخواه با من بيعت كرديد اكنون از خلاف خود بر گرديد و فورا بدرگاه خدا توبه كنيد، و اگر از روى بى‏ميلى و ناخواهى با من بيعت كرديد اين بيعت بگردن شما ثابت شده و خود دليل محكوميت خود را به من سپرديد كه إظهار إطاعت كرديد و نافرمانى را در دل نهفتيد، بجان خودم قسم شما از سائر مهاجران سزاوارتر به تقيه و كتمان عقيده نبوديد، كناره گيري شما از اين كار پيش از ورود در آن براستى براى شما رواتر بود از مخالفت با آن پس از اعتراف و إقرار بدان.

شما را گمان اين است كه من عثمان را كشتم، همه آنها كه در مدينه از من و شما هر دو طرف كناره گيرى كردند و از حادثه قتل عثمان بخوبى آگاهند ميان من و شما حكم باشند تا هر كس باندازه‏اى كه متحمل انجام اين حادثه شده است مسئول باشد، اى دو تن پير مرد كهنسال و رهبر اسلامى از رأى و نظر خود بر گرديد و بسوى حق گرائيد، زيرا اكنون بزرگترين نكوهشى كه بر شما است همان ننگ كناره گيرى از جبهه نبرد است، و پيشگيرى كنيد از اين كه اين ننگ با شكنجه دوزخ توأم گردد.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 52/3 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )نامه امیر المومنین علی علیه السلام به مالک اشتر نخعی

نامه 53 صبحی صالح

53- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) كتبه للأشتر النخعي لما ولاه على مصر و أعمالها حين اضطرب أمر أميرها محمد بن أبي بكر، و هو أطول عهد كتبه و أجمعه للمحاسن.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا

أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ إِيْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِي لَا يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا يَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا

وَ أَنْ يَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ

وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ يَزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ

ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاةِ قَبْلَكَ وَ يَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ

وَ إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْيَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ

فَامْلِكْ هَوَاكَ وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ

وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ يُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ

فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِي الْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ وَ قَدِ اسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاكَ بِهِمْ

وَ لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَكَ بِنِقْمَتِهِ وَ لَا غِنَى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ

وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَةً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِي الْقَلْبِ وَ مَنْهَكَةٌ لِلدِّينِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِيَرِ

وَ إِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً أَوْ مَخِيلَةً فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْكِ اللَّهِ فَوْقَكَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ

فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ وَ يَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ وَ يَفِي‏ءُ إِلَيْكَ بِمَا عَزَبَ عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ

إِيَّاكَ وَ مُسَامَاةَ اللَّهِ فِي عَظَمَتِهِ وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَ يُهِينُ كُلَّ مُخْتَالٍ

أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَ مَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّكَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ

وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ‏

وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتُوبَ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اللَّهِ وَ تَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ دَعْوَةَ الْمُضْطَهَدِينَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ

وَ لْيَكُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَى الْخَاصَّةِ وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى الْعَامَّةِ

وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَئُونَةً فِي الرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلَاءِ وَ أَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ

وَ إِنَّمَا عِمَادُ الدِّينِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَ الْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ الْعَامَّةُ مِنَ الْأُمَّةِ فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ وَ مَيْلُكَ مَعَهُمْ

وَ لْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَايِبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِي النَّاسِ عُيُوباً الْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ

وَ اللَّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ يَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ

أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْدٍ وَ اقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَضِحُ لَكَ وَ لَا تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِيَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ

وَ لَا تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلًا يَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ وَ يَعِدُكَ الْفَقْرَ وَ لَا جَبَاناً يُضْعِفُكَ عَنِ الْأُمُورِ وَ لَا حَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ

إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِي الْآثَامِ فَلَا يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَةِ وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَةِ

وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَى إِثْمِهِ

أُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَ أَحْنَى عَلَيْكَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَيْرِكَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلَاتِكَ

ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ

وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلَّا يُطْرُوكَ وَ لَا يَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِي مِنَ الْعِزَّةِ

وَ لَا يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِي‏ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ‏ تَزْهِيداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِي الْإِحْسَانِ وَ تَدْرِيباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عَلَى الْإِسَاءَةِ وَ أَلْزِمْ كُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ

وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَ تَخْفِيفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَيْهِمْ وَ تَرْكِ اسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ

فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلًا

وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ

وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَةُ وَ صَلَحَتْ عَلَيْهَا الرَّعِيَّةُ وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مَاضِي تِلْكَ السُّنَنِ فَيَكُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ الْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا

وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَةَ الْحُكَمَاءِ فِي تَثْبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ بِلَادِكَ وَ إِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَكَ

وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لَا يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ وَ مِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ

وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ النَّاسِ وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ                       

وَ مِنْهَا الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ

وَ كُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِيضَةً فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً

فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِيَّةِ وَ زَيْنُ الْوُلَاةِ وَ عِزُّ الدِّينِ وَ سُبُلُ الْأَمْنِ وَ لَيْسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِهِمْ

ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِي يَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ

ثُمَّ لَا قِوَامَ لِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْكُتَّابِ لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ وَ يَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا

وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِيعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ فِيمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ يُقِيمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ يَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَيْدِيهِمْ مَا لَا يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ

ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ الَّذِينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ

وَ فِي اللَّهِ لِكُلٍّ سَعَةٌ وَ لِكُلٍّ عَلَى الْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ وَ لَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالِاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِينِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ فِيمَا خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ:

فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِي نَفْسِكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِكَ وَ أَنْقَاهُمْ جَيْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً

مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ يَسْتَرِيحُ إِلَى الْعُذْرِ وَ يَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ يَنْبُو عَلَى الْأَقْوِيَاءِ وَ مِمَّنْ لَا يُثِيرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا يَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ

ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِي الْمُرُوءَاتِ وَ الْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَ الشَّجَاعَةِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ

ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا يَتَفَقَّدُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لَا يَتَفَاقَمَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْ‏ءٌ قَوَّيْتَهُمْ بِهِ وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِيَةٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ النَّصِيحَةِ لَكَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِكَ

وَ لَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِيفِ أُمُورِهِمُ اتِّكَالًا عَلَى جَسِيمِهَا فَإِنَّ لِلْيَسِيرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِيمِ مَوْقِعاً لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ

وَ لْيَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِي مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا يَسَعُهُمْ وَ يَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَيْهِمْ يَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكَ

وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ عَيْنِ الْوُلَاةِ اسْتِقَامَةُ الْعَدْلِ فِي الْبِلَادِ وَ ظُهُورُ مَوَدَّةِ الرَّعِيَّةِ

و إِنَّهُ لَا تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلَّا بِسَلَامَةِ صُدُورِهِمْ وَ لَا تَصِحُّ نَصِيحَتُهُمْ إِلَّا بِحِيطَتِهِمْ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ وَ قِلَّةِ اسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْكِاسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ

فَافْسَحْ فِي آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ فِي حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَ تَعْدِيدِ مَا أَبْلَى ذَوُو الْبَلَاءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ النَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ثُمَّ اعْرِفْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَيْرِهِ وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلَائِهِ وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ صَغِيراً وَ لَا ضَعَةُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ عَظِيماً

وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا يُضْلِعُكَ مِنَ الْخُطُوبِ وَ يَشْتَبِهُ عَلَيْكَ مِنَ الْأُمُورِ

فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ‏

فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُفَرِّقَةِ:

ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ مِمَّنْ لَا تَضِيقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا تُمَحِّكُهُ الْخُصُومُ وَ لَا يَتَمَادَى فِي الزَّلَّةِ وَ لَا يَحْصَرُ مِنَ الْفَيْ‏ءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَ لَا يَكْتَفِي بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ

وَ أَوْقَفَهُمْ فِي الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَى تَكَشُّفِ الْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُكْمِ مِمَّنْ لَا يَزْدَهِيهِ إِطْرَاءٌ وَ لَا يَسْتَمِيلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِكَ قَلِيلٌ

ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ افْسَحْ لَهُ فِي الْبَذْلِ مَا يُزِيلُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ مَا لَا يَطْمَعُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ اغْتِيَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَكَ

فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً فِي أَيْدِي الْأَشْرَارِ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا:

ثُمَّ انْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً وَ لَا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِيَانَةِ

وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَ الْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ الْقَدَمِ فِي الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِي الْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً وَ أَبْلَغُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً

ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمُ الْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ

ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ ابْعَثِ الْعُيُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَةِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ

وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً

فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ:

وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ

وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَةِ وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَ أَهْلَكَ الْعِبَادَ وَ لَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِيلًا

فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّةً أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّةٍ أَوْ إِحَالَةَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ

وَ لَا يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَةَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلَادِكَ وَ تَزْيِينِ وِلَايَتِكَ

مَعَ اسْتِجْلَابِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ الْعَدْلِ فِيهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ وَ الثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ وَ رِفْقِكَ بِهِمْ

فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ

وَ إِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاةِ عَلَى الْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ:

ثُمَّ انْظُرْ فِي حَالِ كُتَّابِكَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ وَ اخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتِي تُدْخِلُ فِيهَا مَكَايِدَكَ وَ أَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ فَيَجْتَرِئَ بِهَا عَلَيْكَ فِي خِلَافٍ لَكَ بِحَضْرَةِ مَلَإٍ

وَ لَا تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إِيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمِّالِكَ عَلَيْكَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْكَ فِيمَا يَأْخُذُ لَكَ وَ يُعْطِي مِنْكَ وَ لَا يُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ وَ لَا يَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ

وَ لَا يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ

ثُمَّ لَا يَكُنِ اخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِكَ وَ اسْتِنَامَتِكَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْكَ فَإِنَّ الرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ وَ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِيحَةِ وَ الْأَمَانَةِ شَيْ‏ءٌ

وَ لَكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي الْعَامَّةِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَةِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَصِيحَتِكَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ

وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ لَا يَقْهَرُهُ كَبِيرُهَا وَ لَا يَتَشَتَّتُ عَلَيْهِ كَثِيرُهَا وَ مَهْمَا كَانَ فِي كُتَّابِكَ مِنْ عَيْبٍ فَتَغَابَيْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ‏

ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَيْراً الْمُقِيمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ الْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ

فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ وَ جُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ فِي بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ وَ سَهْلِكَ وَ جَبَلِكَ وَ حَيْثُ لَا يَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا يَجْتَرِءُونَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ

وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَ فِي حَوَاشِي بِلَادِكَ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضِيقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِيحاً وَ احْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَكُّماً فِي الْبِيَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَ عَيْبٌ عَلَى الْوُلَاةِ

فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِكَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )مَنَعَ مِنْهُ وَ لْيَكُنِ الْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً بِمَوَازِينِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ

فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ إِيَّاهُ فَنَكِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ:

ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِينَ لَا حِيلَةَ لَهُمْ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَ الْمُحْتَاجِينَ وَ أَهْلِ الْبُؤْسَى وَ الزَّمْنَى فَإِنَّ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً

وَ احْفَظِ لِلَّهِ مَا اسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِيهِمْ وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَيْتِ مَالِكِ وَ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِي الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي لِلْأَدْنَى

وَ كُلٌّ قَدِ اسْتُرْعِيتَ حَقَّهُ وَ لَا يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّكَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْيِيعِكَ التَّافِهَ لِإِحْكَامِكَ الْكَثِيرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ

وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لَا يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُيُونُ وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْيَةِ وَ التَّوَاضُعِ فَلْيَرْفَعْ إِلَيْكَ أُمُورَهُمْ

ثُمَّ اعْمَلْ فِيهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَيْنِ الرَّعِيَّةِ أَحْوَجُ إِلَى الْإِنْصَافِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَ كُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ فِي تَأْدِيَةِ حَقِّهِ إِلَيْهِ

وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْيُتْمِ وَ ذَوِي الرِّقَّةِ فِي السِّنِّ مِمَّنْ لَا حِيلَةَ لَهُ وَ لَا يَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ وَ ذَلِكَ عَلَى الْوُلَاةِ ثَقِيلٌ وَ الْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِيلٌ وَ قَدْ يُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ:

وَ اجْعَلْ لِذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِيهِ شَخْصَكَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِيهِ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ

فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ عليه‏ وآله ‏وسلم  )يَقُولُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ

ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِيَّ وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّيقَ‏ وَ الْأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَ امْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ

ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ

وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ

وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هوَ الْأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَ امْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ

ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ

وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ

وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلًا غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ

وَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ لِلنَّاسِ فَلَا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَيِّعاً فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ

وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏ الله‏ عليه‏ وآله ‏وسلم  )حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى الْيَمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً

 وَ أَمَّا بَعْدُ فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّيقِ وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ

وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِيرُ وَ يَعْظُمُ الصَّغِيرُ وَ يَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ يَحْسُنُ الْقَبِيحُ وَ يُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ

وَ إِنَّمَا الْوَالِي بَشَرٌ لَا يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَيْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ

وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِيهِ أَوْ فِعْلٍ كَرِيمٍ تُسْدِيهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ

مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مِمَّا لَا مَئُونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ:

ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِي خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فِيهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ

وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِيَتِكَ وَ حَامَّتِكَ قَطِيعَةً وَ لَا يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ النَّاسِ فِي شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ يَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَ عَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ

وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِيبِ وَ الْبَعِيدِ وَ كُنْ فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ

وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَ اعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَ رِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ:

وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ

وَ لَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ

وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ

فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَيْ‏ءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ

فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِيٌّ

وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى‏ مَنَعَتِهِ وَ يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا خِدَاعَ فِيهِ

وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ الْعِلَلَ وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَ التَّوْثِقَةِ

وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ فِيهِ طِلْبَةٌ لَا تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَ لَا آخِرَتَكَ:

إِيَّاكَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى لِنِقْمَةٍ وَ لَا أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لَا أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ فِيمَا تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

فَلَا تُقَوِّيَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَ يُوهِنُهُ بَلْ يُزِيلُهُ وَ يَنْقُلُهُ وَ لَا عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِي فِي قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ قَوَدَ الْبَدَنِ

وَ إِنِ ابْتُلِيتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ سَيْفُكَ أَوْ يَدُكَ بِالْعُقُوبَةِ فَإِنَّ فِي الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ:

وَ إِيَّاكَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَ الثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَ حُبَ‏ الْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ

وَ إِيَّاكَ وَ الْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ أَوِ التَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ

فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَ التَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ وَ الْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ النَّاسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ‏

وَ إِيَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ التَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا أَوِ اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ

وَ إِيَّاكَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ وَ التَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ وَ عَمَّا قَلِيلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ الْأُمُورِ وَ يُنْتَصَفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ

امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ وَ سَوْرَةَ حَدِّكَ وَ سَطْوَةَ يَدِكَ وَ غَرْبَ لِسَانِكَ وَ احْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ وَ تَأْخِيرِ السَّطْوَةِ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِيَارَ وَ لَنْ تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّكَ وَ الْوَاجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَكَ مِنْ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِيِّنَا ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )أَوْ فَرِيضَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ

فَتَقْتَدِيَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِيهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِكَ فِي اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ فِي عَهْدِي هَذَا وَ اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّةِ لِنَفْسِي عَلَيْكَ لِكَيْلَا تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَى هَوَاهَا:

وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ أَنْ يُوَفِّقَنِي وَ إِيَّاكَ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَيْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ

مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِي الْعِبَادِ وَ جَمِيلِ الْأَثَرِ فِي الْبِلَادِ وَ تَمَامِ النِّعْمَةِ وَ تَضْعِيفِ الْكَرَامَةِ وَ أَنْ يَخْتِمَ لِي وَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ وَ الشَّهَادَةِ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏

وَ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20

الفصل العاشر من عهده عليه السلام‏

ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين و المحتاجين و أهل البؤسى و الزمنى، فإن في هذه الطبقة قانعا و معترا، و احفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم، و اجعل لهم قسما من بيت مالك، و قسما من غلات صوافي الإسلام في كل بلد، فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى، و كل قد استرعيت حقه، فلا [و لا] يشغلنك عنهم بطر، فإنك لا تعذر بتضييعك [بتضييع‏]التافه لأحكامك الكثير المهم، فلا تشخص همك عنهم، و لا تصعر خدك لهم، و تفقد أمور من لا يصل إليك منهم ممن تقتحمه العيون، و تحقره الرجال، ففرغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية و التواضع، فليرفع إليك أمورهم، ثم اعمل فيهم بالإعذار إلى الله يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعية أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، و كل فأعذر إلى الله في تأدية حقه إليه و تعهد أهل اليتم و ذوى الرقة في السن ممن لا حيلة له، و لا ينصب للمسألة نفسه، و ذلك على الولاة ثقيل «و الحق كله ثقيل» و قد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم، و وثقوا بصدق موعود الله لهم.

اللغة

(البؤسى): هي البؤسى كالنعمى للنعيم بمعنى الشدة، (و الزمنى): أولو الزمانة و الفلج، (القانع): الذي يسئل لحاجته (المعتر): الذي يتعرض للعطاء من غير سؤال، (الصوافي) جمع صافية: أرض الغنيمة، (التافه): الحقير، (أشخص همه): رفعه، (تصعير الخد): إمالته كبرا، (تقتحمه): تزدريه، (أعذر في الأمر): صار ذا عذر فيه.

الاعراب‏

الله مكررا: منصوب على التحذير، من الذين: من بيانية، لله: اللام‏

للاختصاص و تفيد الاخلاص، و كل: المضاف إليه محذوف أي كلهم.

المعنى‏

قد عبر عليه السلام من الطبقة السابعة بالطبقة السفلى‏ نظرا إلى ظاهر حالهم عند الناس حيث إنهم عاجزون عن الحيلة و الاكتساب و هم مساكين و محتاجون و المبتلون بالبؤس و الزمانة و لكن سواهم مع سائر الناس في الحقوق و أظهر بهم أشد العناية و الاهتمام و قسمهم إلى ثلاثة أقسام.

1- القانع، و قد فسر بمن يسأل لرفع حاجته و يعرض حاجته على مظان قضائه.

2- المعتر، و هو السيى‏ء الحال الذي لا يسأل الحاجة بلسانه و لكن يعرض نفسه في مظان الترحم و التوجه إليه فكان يسأل بلسان الحال.

3- من اعتزل في زاوية بيته لا يسأل بلسانه و لا يعرض نفسه على مظان قضاء حوائجه، إما لرسوخ العفاف و عزة النفس فيه، و إما لعدم قدرته على ذلك كالزمنى و هم الذين بين حالهم في قوله عليه السلام‏ (و تفقد امور من لا يصل إليك منهم، ممن تقتحمه العيون و تحقره الرجال) و قد وصى فيهم بامور:

1- حفظ حقوقهم و العناية بهم طلبا لمرضاة الله و حذرا من نقمته لأنهم لا يقدرون على الانتقام ممن يهضم حقوقهم.

2- جعل لهم قسما من بيت المال العام الذي يجمع فيه الصدقات الواجبة و المستحبة و أموال الخراج الحاصل من الأراضي المفتوحة عنوة.

3- جعل لهم قسما من صوافي الاسلام في كل بلد، قال في الشرح المعتزلي: و هي الأرضون التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و كانت صافية رسول الله صلى الله عليه و آله، فلما قبض صارت لفقراء المسلمين، و لما يراه الامام من مصالح الاسلام.

4- أن لا يصير الزهو بمقام الولاية موجبا لصرف النظر عنهم و عدم التوجه إليهم مغترا باشتغاله بامور هامة عامة، فقال عليه السلام: أحكام الامور الهامة الكثيرة لا يصير كفارة لصرف النظر عن الامور الواجبة القصيرة.

5- الاهتمام بهم و عدم العبوس في وجوههم عند المحاضرة و المصاحبة لاظهار الحاجة.

ثم أوصى بالتفقد عن القسم الثالث المعتزل بوسيلة رجال موثق‏ من أهل الخشية و التواضع‏ و خصص طائفتين من العجزة بمزيد التوصية و الاهتمام.

الف- الأيتام الذين فقدوا آبائهم و حرموا من محبة والدهم الذين يلمسونهم بالعطف و الحنان دائما.

ب- المعمرون إلى أرذل العمر الذين أنهكتهم الشيبة و اسقطت قواهم فلا يقدرون على انجاز حوائجهم بأنفسهم، و أشار إلى أن رعاية هذه الطبقة على الولاة ثقيل‏ بل‏ الحق كله ثقيل‏.

الترجمة

سپس خدا را باش خدا را باش در باره آن طبقه زير دستى كه بيچاره و مستمندند چون گدايان و نيازمندان و گرفتاران سختى در زندگى و مردم زمين گير و از كار افتاده، زيرا در اين طبقه حاجت خواهان و ترحم جويانند آنچه را از تو در باره حفظ حق آنان خواسته در نظر دار، و بهره‏اى از بيت المال براى آنها مقرر دار، و بهره‏اى هم از در آمد خالصجات اسلامى در هر شهرستانى باشند، حق بيگانه ‏ها و دوردستهاى اين طبقه همانند حق نزديكان آنها است، سر مستى مقام و جاه تو را از آنها باز ندارد، زيرا انجام كارهاى مهم و فراوان براى تقصير تو در اين كارهاى كوچك و لازم عذر پذيرفته نيست، دل از آنان بر مدار و چهره بر آنها گره مساز، از آن دسته اين مستمندان كه بحضور تو نمى‏رسند، و مردم بديده تحقير بدانها نگاه ميكنند بازرسى و تفقد كن، و براى سرپرستى آنان كسان موثق و مورد اعتمادى كه خدا ترس و فروتن باشند بگمار تا وضع آنانرا بتو گزارش دهند.

با اينها چنان رفتار كن كه در پيشگاه خداوند سبحان هنگام ملاقاتش رو سفيد و معذور باشى، زيرا اينان در ميان رعيت از ديگران بيشتر نيازمند انصاف و عدلند و در باره هر كدام به درگاه خدا از نظر پرداخت حقش عذرخواه باش، يتيمان و پيران پشت خميده را كه بيچاره‏اند و نيروى سؤال و در خواست ندارند بازرسى كن اين كاريست كه براى حكمرانان سنگين است ولى چه بايد كرد؟ هر حقى سنگين است، و خداوند آنرا بر مردمى سبك نمايد كه عاقبت خوش بخواهند و خود را بسيار شكيبا دارند، و براستى وعده‏هاى خداوند بر ايشان اطمينان و عقيده دارند.

الفصل الحادى عشر من عهده عليه السلام‏

و اجعل لذوى الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك، و تجلس لهم مجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقك، و تقعد عنهم جندك و أعوانك من أحراسك و شرطك حتى يكلمك متكلمهم غير متتعتع، فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه و آله- يقول في غير موطن: (لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع) ثم احتمل الخرق منهم و العي، و نح عنهم الضيق و الأنف، يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته، و يوجب لك ثواب طاعته، و أعط ما أعطيت هنيئا و امنع في إجمال و إعذار. ثم أمور من أمورك لا بد لك من مباشرتها: منها إجابة

عمالك بما يعيا عنه كتابك، و منها إصدار حاجات الناس عند [يوم‏] ورودها عليك بما تحرج به صدور أعوانك، و أمض لكل يوم عمله، فإن لكل يوم ما فيه، و اجعل لنفسك فيما بينك و بين الله أفضل تلك المواقيت، و أجزل تلك الأقسام و إن كانت كلها لله إذا صلحت فيها النية، و سلمت منها الرعية. و ليكن في خاصة ما تخلص به لله دينك إقامة فرائضه التي هى له خاصة، فأعط الله من بدنك في ليلك و نهارك، و وف ما تقربت به إلى الله من ذلك كاملا غير مثلوم و لا منقوص بالغا من بدنك ما بلغ، و إذا قمت في صلاتك للناس فلا تكونن منفرا و لا مضيعا، فإن في الناس من به العلة و له الحاجة، و قد سألت رسول الله- صلى الله عليه و آله- حين وجهني إلى اليمن كيف أصلي بهم؟ فقال: «: صل بهم كصلاة أضعفهم، و كن بالمؤمنين رحيما».

اللغة

(الحرس): حرس السلطان و هم الحراس الواحد حرسي و الحرس اسم مفرد بمعنى الحراس كالخدام و الخدم، (الشرط): قوم من أعوان الحكومة يعلمون أنفسهم بعلامات الخدمة يعرفون بها، (التعتعة) في الكلام: التردد فيه‏ من حصر أو عى (الخرق): ضد الرفق، (عى): يقال: عيى من باب تعب عجز عنه و لم يهتد لوجه مراده، العي بكسر العين و تشديد الياء: التحير في الكلام، (الأنف): الانفة و هي خصلة تلازم الكبر، (الأكناف): الجوانب، (إجمال):

في الرفق، (يعيا): يعجز (مثلوم): ما فيه خلل.

الاعراب‏

مجلسا: مصدر ميمي فيكون مفعولا مطلقا أو اسم مكان فيكون مفعولا فيه، من أحراسك: لفظة من بيانية، غير متتعتع حال، يبسط الله: مجزوم في جواب الأمر، ما اعطيت، لفظة ما مصدرية زمانية أو موصولة و العائد محذوف، هنيئا: تميز رافع للابهام عن النسبة، في إجمال: لفظة في للظرفية المجازية، امور من امورك مبتدأ لخبر مقدم محذوف أى هنا امور من امورك، و لذا صح الابتداء بالنكرة ما فيه: فيه ظرف مستقر صفة أو صلة لما، إقامة فرائضه: اسم و ليكن اخر عن الخبر، و هو جملة ظرفية.

المعنى

بعد ما فرغ عليه السلام من تشريح النظام العام و تقرير القوانين لتشكيلات الدولة و تنظيم أمر طبقات الامة، توجه إلى بيان ما يرتبط بالوالي نفسه و بينه في شعب ثلاث:

الاولى: ما يلزم على الوالي بالنسبة إلى عموم من يرجع إليه في حاجة و يشكو إليه في مظلمة و وصاه بأن يعين وقتا من أوقاته لإجابة المراجعين إليه و شرط عليه:

1- أن يجلس لهم في مكان بلا مانع يصلون إليه و يأذن للعموم من ذوى الحاجات في الدخول عليه.

2- أن يتلقاهم بتواضع و حسن خلق مستبشرا برجوعهم إليه في حوائجهم.

3- أن يمنع جنده و أعوانه من التعرض لهم و ينحى الحرس و الشرط الذين يرعب الناس منهم عن هذه الجلسة ليقدر ذوو الحاجة من بيان مقاصدهم و شرح ماربهم و مظالمهم بلا رعب و خوف و حصر في الكلام.

4- أن يتحمل من السوقة و البدويين خشونة آدابهم و كلامهم العاري عن كل ملاحة و أدب.

5- أن لا يضيق عليهم في مجلسه و لا يفرض عليهم آدابا يصعب مراعاتها و لا يلقاهم بالكبر و أبهة الولاية و الرياسة.

6- أنه إن كان حاجاتهم معقولة و مستجابة فاعطاهم ما طلبوا لم يقرن عطائه بالمن و الأذى و الخشونة و التأمر حتى يكون هنيئا و إن لم يقدر على إجابة ما طلبوا يردهم ردا رفيقا جميلا و يعتذر عنهم في عدم إمكان إجابة طلبتهم.

الثاني: ما يلزم عليه فيما بينه و بين أعوانه و عماله المخصوصين به من الكتاب و الخدمة كما يلي:

1- يجيب عماله و كتابه في حل ما عجزوا عنه من المشاكل الهامة.

2- يتولى بنفسه‏ اصدار الحوائج التي عرضت على أعوانه و يصعب عليهم انفاذها لما يعرض عليهم من الترديد في تطبيق القوانين أو الخوف مما يترتب على انفاذها من نواح شتى.

3- أن لا يتأخر أى عمل عن يومه المقرر و يتسامح في إمضاء الامور في أوقاتها المقررة.

الثالث: ما يلزم عليه فيما بينه و بين الله فوصاه بأن الولاية بما فيها من المشاغل و المشاكل لا تحول بينه و بين ربه و أداء ما يجب عليه من العبادة و التوجه إلى الله فقال عليه السلام:

اجعل‏ أفضل‏ أوقاتك و أجزل أقسام عمرك بينك و بين الله في التوجه إليه و التضرع و الدعاء لديه و إن كان كل عمل من أعمالك عبادة لله مع النية الصالحة و إصلاح حال الرعية.

و أمره باقامة الفرائض المخصوصة، و إن كانت شاقة و متعبة لبدنه كالصوم في الأيام الحارة و الصلاة بمالها من المقدمات في شدة البرد و في الفيافي و الأسفار الطائلة بحيث لا يقع خلل فيما يؤديه من الأعمال و لا منقصة فيه من التسامح و الإهمال.

قال في الشرح المعتزلي في بيان قوله: (كاملا غير مثلوم) أى لا يحملنك شغل السلطان على أن تختصر الصلاة اختصارا، بل صلها بفرائضها و سننها و شعائرها في نهارك و ليلك و إن أتعبك ذلك و نال من بدنك و قوتك.

أقول: الظاهر أن المقصود من قوله‏ (غير مثلوم) هو النهى عن الاخلال بواجب في العبادة من شرط أو جزء بحيث يوجب البطلان و المقصود من قوله‏ (غير منقوص) النهي عن النقصان الغير المبطل كالاختصار و التعجيل في الأداء أو التأخير من وقت الفضيلة.

قال ابن ميثم: الثامن أن يعطى الله من بدنه في ليله و نهاره: أي طاعة و عبادة فحذف المفعول الثاني للعلم به و القرينة كون الليل و النهار محلين للأفعال و القرينة ذكر البدن.

أقول: لا يخلو كلامه من تكلف و الظاهر أن قوله عليه السلام كنايه [فاعط الله من بدنك‏] (من بدنك) ظرف مستقر مفعول ثان لقوله‏ (فأعط) كما تقول أعط زيدا من البر، و الجملة كناية عن رياضة بدنية في العبادة بحيث يصرف فيها جزء من البدن و قواه.

ثم استدرك من ذلك صلاته بالناس في الجماعة فأمره برعاية حال المأمومين و أدائها على وجه لا يشق على المعلولين و لا يضر بحوائج العمال و المحترفين فتصير الصلاة في الجماعة منفورة عندهم و لكن لا يؤديها على وجه يخل بواجباتها و آدابها المرعية بحيث يكون مضيعا لأعمالها أو وقتها.

و نختم شرح هذا الفصل بذكر قصتين مناسبتين للمقام:

الاولى: حكي أنه استأذن بعض أعوان فتح‏على‏ شاه من المحقق القمي المعاصر له و هو مرجع و مفت للشيعة في أيامه و معتمد لديه في إفطار الشاه صومه لطول‏ النهار و شدة الحر معللا بأن الصوم يؤثر في حاله و يورث فيه الغضب الشديد و خصوصا في أوان العصر فربما يحكم على المتهمين بالعقوبة قبل التحقيق عن إثباته جرمه، أو على المجرمين بتشديد العقوبة إلى أن يصل بالقتل و الفتك بما يخرج عن حد العدالة، فأجاب رحمه الله تعالى: بأن الشاه يصوم و لا يغضب حتى يرتكب الخلاف و الظلم.

الثانية: ما ذكره الشارح المعتزلي في شرحه «ص 87 ج 17 ط مصر» قال: كان بعض الأكاسرة يجلس للمظالم بنفسه، و لا يثق إلى غيره، و يقعد بحيث يسمع الصوت، فإذا سمعه أدخل المتظلم، فاصيب بصمم في سمعه، فنادى مناديه: أن الملك يقول: أيها الرعية إني إن أصبت بصمم في سمعي فلم أصب في بصري، كل ذي ظلامة فليلبس ثوبا أحمر، و جلس لهم في مستشرف له.

الترجمة

براى مراجعان شخص خودت كه بتو نيازى دارند وقتى مقرر دار كه شخص خودت بدانها رسيدگى كنى و در مجلس عمومى همه را بار دهى، و در آن متواضع باشى براى خدائى كه تو را آفريده بشرائط زير:

لشكريان و ياوران خود را از قبيل گارد مخصوص پاسبانى و پاسبانان شهرباني خود را از مراجعان بر كنار سازى تا هر كس بى لكنت زبان با تو سخن خود را در ميان گذارد، زيرا من از رسول خدا صلى الله عليه و آله شنيدم كه در چند جا فرمود: «مقدس و پاك نباشند امتى كه در ميان آنها حق ناتوان از توانا بى لكنت زبان گرفته نشود».

سپس بد برخوردى و كند زبانى آنانرا بر خود هموار كن و فشار و تكبر فرمانروائى خود را از آنان دور دار تا خداوند بدين وسيله رحمت همه جانبه خود را بروى تو بگشايد و پاداش طاعتش را بتو ارزانى دارد هر چه بهر كس مى‏دهى بى‏منت باشد تا بر او گوارا بود و اگر از انجام درخواست كسى دريغ كردى با زبان خوش و معذرت او را روانه ساز.

سپس تو را كارهائيست كه بناچار خوبست بايد انجام دهى:

از آن جمله پذيرفتن مراجعه كارمندان تو است در آنچه دفتر داران تو از انجام آن درمانند.

از آن جمله پاسخ گوئى به نيازمنديهاى مردم است كه بتو مراجعه مى‏شود در صورتى كه ياوران تو از پاسخ بدانها دچار نگرانى شوند.

كار هر روزى را در همان روز انجام بده و به فردا ميفكن، زيرا براى هر روزى است كارهاى مربوط بدان روز.

براى خود ميان خود و خداى تعالى بهترين أوقات و شايان‏ترين قسمت عمر خود را مقرر دار و گر چه همه اوقات تو براى خدا مصرف مى‏ شود و عبادت محسوبست در صورتى كه نيت پاك باشد و كار رعيت درست شود، و بايد در خصوص آنچه با خلاصمندى در كار دين خود براى خدا انجام مى ‏دهى، انجام واجباتى كه بر تو است و مخصوص خدا است منظور دارى، از تن خود بخدا بده، در شب خويش و در روز خويش آنچه براى تقرب بخداى سبحان ميكنى (از نماز و روزه و غيره) كامل انجام بده بطورى كه خللى در آن نباشد و كاستى نداشته باشد، بگزار هر چه بيشتر به تنت رنج عبادت رسد.

ولى هر گاه براى مردم نماز ميخوانى و جماعت در پشت سر دارى نبايد باندازه‏اى طول بدهى كه مايه نفرت مردم از نماز جماعت شود و نه چنان كوتاه آئى كه مايه تضييع نماز گردد، مردمى كه پشت سر تو نماز مى‏خوانند برخى دچار بيمارى و گرفتارى و حاجت هستند.

من خود از رسول خدا صلى الله عليه و آله هنگامى كه براى سرپرستى مسلمانان بسوى يمنم گسيل داشت پرسيدم كه: چگونه براى مردم نماز جماعت بخوانم؟ در پاسخ فرمود: مانند نماز ناتوان‏ترين آنها و نسبت بمؤمنان مهربان باش.

الفصل الثاني عشر من عهده عليه السلام‏

[و] أما بعد [هذا] فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، و قلة علم بالامور، و الاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير، و يعظم الصغير، و يقبح الحسن، و يحسن القبيح، و يشاب الحق بالباطل، و إنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، و ليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب، و إنما أنت أحد رجلين: إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه؟ أو فعل كريم تسديه؟ أو مبتلى بالمنع؟ فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مئونة فيه عليك، من شكاة مظلمة أو طلب إنصاف في معاملة.

اللغة

(الشوب) بالفتح: الخلط يقال: شابه شوبا من باب قال خلطه، (الوري):

ما توارى عنك و استتر، (سمات): جمع سمة كعدة و أصلها و سم و هي العلامات، (ضروب): أنواع، (سخت) من سخا يسخو: جادت، (الأسداء): الاعطاء.

المعنى‏

قد يتخذ الوالي حاجبا على بابه يمنع عن ورود الناس إليه إلا مع الاذن، و قد يحتجب عن الناس أى يكف نفسه عن الاختلاط بهم فيقطع عنه أخبارهم و أحوالهم، و قد سعى الاسلام في رفع الحجاب بين الوالي و الرعية إلى النهاية، فكان النبي صلى الله عليه و آله يختلط مع الناس كأحدهم فيجتمعون حوله للصلاة في كل يوم خمس مرات و لاستماع آي القرآن و الوعظ و عرض الحوائج في أي وقت حتى يهجمون على أبواب دور نسائه و يدخلونها من دون استيذان.

فنزلت الاية «يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه و لكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا و لا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم و الله لا يستحيي من الحق و إذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب‏» 53- الأحزاب.

و قد كانوا يصيحون عليه من وراء الباب و يستحضرونه حتى نزلت الاية 4 و 5 الحجرات‏ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون و لو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم و الله غفور رحيم‏.

و لكن ورد الحجاب في الحكومة الاسلامية في أيام عمر، قال الشارح المعتزلي «ص 91 ج 17 ط مصر» حضر باب عمر جماعة من الأشراف منهم سهيل بن عمرو و عيينة بن حصن و الأقرع بن حابس فحجبوا، ثم خرج الاذن فنادى، أين عمار أين سلمان، أين صهيب و أدخلهم فتمعرت وجوه القوم- تغيرت غيظا و حنقا- فقال سهيل ابن عمرو: لم تتمعر وجوهكم، دعوا و دعينا، فأسرعوا و أبطأنا و لئن حسدتموهم على باب عمر اليوم لأنتم غدا لهم أحسد.

و اشتد الحجاب في أيام بني امية فكان المراجعون يحجبون وراء الباب شهورا و سنة، قال الشارح المعتزلي «ص 93 ج 17 ط مصر» أقام عبد العزيز بن زرارة الكلابي على باب معاوية سنة في شملة من صوف لا يؤذن له.

و الظاهر أن موضوع كلامه عليه السلام هذا ليس الحجاب بهذا المعنى، بل المقصود النهى عن غيبة الوالي من بين الناس و عدم الاختلاط معهم بحيث يعرف أحوالهم و أخبارهم فانتهز خواصه هذه الفرصة فيموهون عليه الحقائق، كما يريدون و يعرضون عليه الامور بخلاف ما هي عليه فيستصغر عنده‏ الكبير و بالعكس‏ و يقبح‏ باضلالهم عنده‏ الحسن‏ و بالعكس و لا يتميز عنده‏ الحق‏ من‏ الباطل‏ قال عليه السلام‏ «إنما الوالي بشر» لا يعلم الغيب و ما يخفيه عنه ذو و الأغراض و ليست للحق علائم محسوسة ليعلم‏ الصدق من الكذب‏.

ثم رد عليه السلام عذر الوالي‏ في‏ الاحتجاب‏ من هجوم‏ الناس‏ عليه و طلب‏ الجوائز منه فقال: إن كان‏ الوالي‏ جوادا يبذل في الحق فلا وجه لاحتجابه، و إن كان أهل المنع من العطاء فاذا لم يبذل للطالبين أيسوا منه فلا يطلبون.

و نختم شرح هذا الفصل بنقل ما حكاه الشارح المعتزلي من وصايا أبرويز لحاجبه قال:

و قال أبرويز لحاجبه: لا تضعن شريفا بصعوبة حجاب، و لا ترفعن وضيعا بسهولته ضع الرجال مواضع أخطارهم فمن كان قديما شرفه ثم ازدرعه «اثبته» و لم يهدمه بعد آبائه فقدمه على شرفه الأول، و حسن رأيه الاخر، و من كان له شرف متقدم و لم يصن ذلك حياطة له، و لم يزدرعه تثمير المغارسة، فألحق بابائه من رفعة حاله ما يقتضيه سابق شرفهم، و ألحق به في خاصته ما ألحق بنفسه، و لا تأذن له إلا دبريا و إلا سرارا، و لا تلحقه بطبقة الأولين، و إذا ورد كتاب عامل من عمالي فلا تحبسه عنى طرفة عين إلا أن أكون على حال لا تستطيع الوصول إلى فيها، و إذا أتاك من يدعى النصيحة لنا فاكتبها سرا، ثم أخدلها بعد أن تستأذن له، حتى إذا كان منى بحيث أراه فادفع إلى كتابه فان أحمدت قبلت و إن كرهت رفضت، و إن أتاك عالم مشتهر بالعلم و الفضل يستأذن، فأذن له، فإن العلم شريف و شريف صاحبه، و لا تحجبن عني أحدا من أفناء الناس إذا أخذت مجلسي مجلس العامة، فإن الملك لا يحجب إلا عن ثلاث: عي يكره‏

أن يطلع عليه منه، أو بخل يكره أن يدخل عليه من يسأله، أو ريبة هو مصر عليها فيشفق من إبدائها و وقوف الناس عليها، و لا بد أن يحيطوا بها علما، و إن اجتهد في سترها.

الترجمة

پس از همه اينها خود را مدتى طولانى از نظر رعيت محجوب بدار، زيرا پرده گيرى كار گزاران از رعايا يك نوع فشار بر آنها است و كم اطلاعى از كارها پرده گيرى از رعيت مانع از دانستن حقايق است و بزرگ را در نظر كار گزار خرد جلوه مى ‏دهد و خرد را بزرگ، و زيبا را زشت جلوه مى‏دهد، و زشت را زيبا، و حق و باطل را بهم مى ‏آميزد، همانا كارگزار و حكمران يك آدمى است و آنچه را مردم از او نهان دارند نخواهد دانست، حق را نشانه‏هاى آشكار و ديدنى نيست تا درست و نادرست بوسيله آنها شناخته شوند، همانا تو كه حكمرانى يكى از دو كس خواهى بود:

يا مردى دست باز و با سخاوتى در راه حق، چرا پشت پرده مى‏ روى براى پرداخت حقى كه بايد بدهى يا كار خوبى كه بايد بكنى.

يا مردى هستى گرفتار بخل و تنگ نظر در اين صورت هم مردم چه زود از حاجت خواستن از تو صرف نظر كنند وقتى تو را بيازمايند از تو نوميد گردند، با اين كه بيشتر حوائج مراجعان بتو خرجى ندارد، از قبيل شكايت از مظلمه‏اى يا در خواست انصاف و عدالت در معامله و داد ستدى.

الفصل الثالث عشر من عهده عليه السلام‏

ثم إن للوالي خاصة و بطانة فيهم استئثار و تطاول، و قلة إنصاف في معاملة، فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال‏ و لا تقطعن لأحد من حاشيتك و حامتك قطيعة، و لا يطمعن منك في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك، يحملون مئونته على غيرهم، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك، و عيبه عليك في الدنيا و الاخرة.

و ألزم الحق من لزمه من القريب و البعيد، و كن في ذلك صابرا محتسبا، واقعا ذلك من قرابتك و خاصتك حيث وقع، و ابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبة ذلك محمودة.

و إن ظنت الرعية بك حيفا فأصحر لهم بعذرك، و اعدل عنك ظنونهم بإصحارك، فإن في ذلك رياضة منك لنفسك، و رفقا برعيتك، و إعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحق.

اللغة

(بطانة) الرجل: دخلاؤه و أهل سره ممن يسكن إليهم و يثق بمودتهم، (الاستئثار): طلب المنافع لنفسه خاصة، (التطاول): و أطال الرجل على الشي‏ء مثل أشرف و زنا و معنى و تطاول علا و ارتفع، (الحسم): قطع الدم بالكي و حسمه حسما من باب ضرب: قطعه، (الحامة): القرابة، (القطيعة): محال ببغداد أقطعها المنصور أناسا من أعيان دولته ليعمروها و يسكنوها، و منه حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع، و أقطعته قطيعة أي طائفة من أرض الخراج و الأقطاع إعطاء الإمام قطعة من الأرض و غيرها و يكون تمليكا و غير تمليك- مجمع البحرين-.

(العقدة): الضيعة، و العقدة أيضا: المكان الكثير الشجر و النخل اعتقد،الضيعة: اقتناها، (المهنا): مصدر هنأته كذا (المغبة): العاقبة، (الحيف):الظلم و الجور، (و أصحرت) بكذا أى كشفته، مأخوذ من الاصحار، و هو الخروج إلى الصحراء.

الاعراب‏

استئثار: مبتدأ لقوله فيهم و هو ظرف مستقر قدم على المبتدأ لكونه نكرة، بقطع: الباء للسببيه، لا يطمعن: فاعله مستتر فيه راجع إلى قوله أحد، يحملون مئونته: جملة حالية، واقعا حال من قوله ذلك، بما: الباء بمعنى مع، بك حيفا الجار و المجرور ظرف مستقر مفعول ثان لقوله: ظنت قدم على حيفا و هو المفعول الأول لكونه ظرفا، فأصحر: ضمن معنى صرح فعدى بالباء، من تقويمهم لفظة من للتعليل.

المعنى

من أصعب نواحي العدالة للولاة و الحكام و السلاطين و الزعماء العدالة في خصوص الأولياء، و الأحباء و الأقرباء و الأرحام من حيث منعهم عن الظلم بالرعية اعتمادا على تقربهم بالحاكم و من بيده الأمر و النهى، و قد اهتم النبي صلى الله عليه و آله في ذلك فحرم الصدقات على ذوي قرباه لئلا يشتركوا مع الناس في بيت المال فيأخذون أكثر من حقهم، و منع بني عبد المطلب من تصدي العمل في جمع الصدقات لئلا يختلسوا منها شيئا بتزلفهم إلى النبي صلى الله عليه و آله.

ففي الوسائل بسنده عن محمد بن يعقوب، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، و عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن اناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه و آله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا يكون لنا هذا السهم الذي جعل الله عز و جل للعاملين عليها فنحن أولى به، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: يا بني عبد المطلب [يا بني هاشم- خ ب‏] إن الصدقة لا تحل لى و لا لكم‏ و لكني قد وعدت الشفاعة- إلى أن قال: أ تروني مؤثرا عليكم غيركم؟

و قد حفظ على هذه السيرة النبوية المقدسة في صدر الأسلام شيئا ما حتى وصلت النوبة إلى عثمان فحكم ذوي قرابته من بني امية على رقاب المسلمين و سلطهم على أموالهم فكان يعطى العطايا الجزيلة لهم من بيت مال المسلمين و يقطع الأقطاع لهم من أراضي المسلمين و هتك حجاب العدل فأقطع مروان بن الحكم من فدك التي أخذها أبو بكر من فاطمة عليها السلام بحجة مختلفة من أنه في‏ء لجميع المسلمين و صدقة مرجوعة إليهم، ثم شاع أمر الأقطاع في حكام الجور إلى أن المنصور العباسي أعطى جمعا من بطانته قطايع من أراضي بغداد أكثرهم حظا من ذلك الربيع الحاجب المتهالك في خدمته و الفاتك بأعدائه و أهل ريبته كائنا من كان حتى بالنسبة إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام.

و قد أكثر حكام بني امية أيام إمارتهم من أقطاع القطائع و غصب أراضي المسلمين إلى حيث ملاؤا صدور المسلمين غيظا و كرها على حكومتهم فخاف عمر ابن عبد العزيز من ثورة تدك عرشهم فعزم بحزمه الفائق على سد هذا الخلل و تصدى لرد المظالم بكل صرامة و صراحة.

قال الشارح المعتزلي «ص 98 ج 17 ط مصر»: رد عمر بن عبد العزيز المظالم التي احتقبها بنو مروان فابغضوه و ذموه، و قيل: إنهم سموه فمات و في «ص 99»:روى جويرية بن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم، قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز، فلما تفرقنا نادى مناديه، الصلاة جامعة، فجئت إلى المسجد، فإذا عمر على المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن هؤلاء- يعني خلفاء بني امية قبله- قد كانوا أعطوا عطايا ما كان ينبغي لنا أن نأخذها منهم، و ما كان ينبغي لهم أن يعطوناها، و إني قد رأيت الان أنه ليس على في ذلك دون الله حسيب، و قد بدأت بنفسي و الأقربين من أهل بيتي، إقرء يا مزاحم.

فجعل مزاحم يقرأ كتابا فيه الأقطاعات بالضياع و النواحي، ثم يأخذه عمر فيقصه بالجلم «المقص» لم يزل كذلك حتى نودي بالظهر.

و روى الأوزاعى، أيضا، قال: قال عمر بن عبد العزيز يوما، و قد بلغه عن بني امية كلام أغضبه: إن لله في بني امية يوما- أو قال: ذبحا- و أيم الله لئن كان ذلك الذبح- أو قال: ذلك اليوم- على يدي لأعذرن الله فيهم، قال: فلما بلغهم ذلك كفوا، و كانوا يعلمون صرامته، و أنه إذا وقع في أمر مضى فيه.

أقول: و من هذه الرواية يعلم عمق سياسة عمر بن عبد العزيز و حزمه و أنه تفرس أن مظالم بني امية تؤدي إلى ثورة عامة عليهم تستأصلهم، فصار بصدد العلاج من نواح كثيرة:منها- يرد الظلامات و الأقطاع ما أمكنه.

منها- التحبب إلى أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله حتى رد فدك إليهم خلافا لسنة أبي بكر الغاصبة و إلغاء سب و لعن علي عليه السلام من خطبة صلاة الجمعة الذي سنها و أمر بها معاوية.

و روى عمر بن علي بن مقدم، قال: قال ابن صغير لسليمان بن عبد الملك لمزاحم: إن لي حاجة إلى أمير المؤمنين عمر، قال: فاستأذنت له، فأدخله، فقال: يا أمير المؤمنين لم أخذت قطيعتي؟ قال: معاذ الله أن آخذ قطيعة ثبتت في الإسلام، قال: فهذا كتابي بها- و أخرج كتابا من كمه- فقرأه عمر و قال: لمن كانت هذه الأرض؟ قال: كانت للمسلمين، قال: فالمسلمون أولى بها، قال:

فاردد إلى كتابي، قال: إنك لو لم تأتنى به لم أسألكه، فاذا جئتنى به فلست أدعك تطلب به ما ليس لك بحق، فبكى ابن سليمان، فقال مزاحم: يا أمير المؤمنين، ابن سليمان تصنع به هذا؟! قال: و ذلك لأن سليمان عهد إلى عمر، و قدمه على إخوته فقال عمر: ويحك يا مزاحم، إني لأجد له من اللوط- في اللسان و قد لاط حبه بقلبي أى لصق- ما أجد لولدي، و لكنها نفسي اجادل عنها- انتهى.

أقول: هذا في أقطاع الأراضي، و أما أقطاع المناصب، فقد ابتدع من عصر أبي بكر حيث اتخذ خالد بن الوليد بطانة و أعطاه لقب سيف الله و فوض إليه إمارة جيوش الاسلام لما علم منه عداوة علي عليه السلام و فوض إمارة الجيش الذي بعثه إلى‏ الشام إلى يزيد بن أبي سفيان فاتخذ بني امية بطانة لما عرف فيهم من المعاداة مع بني هاشم و أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله مع وجود من هو أشجع و أرسخ قدما في الاسلام من كبار الصحابة العظام كأمثال مقداد و الزبير و عمار بن ياسر.

و قد عرف عليه السلام ما لحق من الاضرار بالاسلام من‏ استئثار خاصة الوالي و بطانته و أن‏ فيهم تطاول و قلة انصاف‏، فأمر الوالي‏ بقطع مادة الفساد و نهاه مؤكدا عن أقطاع الأراضي لحاشيته و قرابته، و أضاف إليه أن لا يسلطه على ما يمس بالرعية بواسطة عقد إجارة أو تقبل زراعة الأراضي و نحوهما لئلا يظلمهم‏ في الشرب‏ و يحملهم مئونة لانتفاعه عنهم بلا عوض و أشار إلى أن ذلك صعب فأمره بالصبر و انتظار العاقبة المحمودة لإجراء هذه العدالة الشاقة عليه.

ثم توجه عليه السلام إلى أنه قد ينقم‏ الرعية على‏ الوالي‏ في امور يرونها ظلما عليهم فيتهمونه بالمظالم و الجور فيتنفر عنه قلوبهم و يفكرون في الخلاص منه، و ربما كان ذلك من جهلهم بالحقيقة، فلا بد للوالي من التماس معهم و كشف الحقيقة لهم و إقناعهم و تنبيههم على جهلهم و حل العقدة التي تمكنت في قلوبهم، و قد اتفق ذلك لرسول الله صلى الله عليه و آله في مواقف:

منها- ما اتفق في موقف تقسيم غنائم حنين حيث أسهم لرؤساء قريش كأبي سفيان مائة بعير، و أسهم لرؤساء العشائر كعيينة بن حصن و أمثاله مائة بعير، و أسهم للأنصار المجاهدين المخلصين مع سابقتهم و تفانيهم في نصرة الاسلام أربعة، فدخل في صدورهم من الغيظ ما لا يخفى فنقموا على رسول الله صلى الله عليه و آله و اتهموه بالحيف في تقسيم الغنيمة فلما عرض ذلك عليه صلى الله عليه و آله جمع الأنصار و أصحر لهم بعذره و أزال غيظهم و أقنعهم قال ابن هشام في سيرته «ص 320 ج 2 ط مصر»: قال ابن إسحاق، و أعطى رسول الله صلى الله عليه و آله المؤلفة قلوبهم و كانوا أشرافا من أشراف الناس يتألفهم و يتألف بهم قومهم، فاعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير، و أعطى ابنه معاوية مائة بعير، و أعطى حكيم بن حزام مائة بعير، و أعطى الحارث ابن كلدة أخا بني عبد الدار مائة بعير- إلى أن قال: و أعطى العلاء بن جارية الثقفي‏ مائة بعير، و أعطى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر مائة بعير، و أعطى الأقرع بن حابس التميمي مائة بعير، و أعطى مالك بن عوف بن النصري مائة بعير، و أعطى صفوان ابن امية مائة بعير- إلى أن قال: جاء رجل من تميم يقال له: ذو الخويصرة فوقف عليه و هو يعطى الناس، فقال: يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: أجل فكيف رأيت؟ قال: لم أرك عدلت- إلى أن قال: عن أبي سعيد الخدرى قال: لما أعطى رسول الله صلى الله عليه و آله ما أعطى من تلك العطايا في قريش و في قبائل العرب و لم يكن للأنصار منها شي‏ء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم لقى و الله رسول الله صلى الله عليه و آله قومه فدخل عليه سعد بن عبادة، فقال يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفي‏ء الذي أصبت قسمت في قومك و أعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب و لم يك في هذا الحي من الأنصار منها شي‏ء قال: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي، قال: فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، قال: فخرج سعد فجمع الأنصار، في تلك الحظيرة- إلى أن قال: فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال: قد اجتمع هذا الحي من الأنصار فأتاهم رسول الله صلى الله عليه و آله فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهله، ثم أصحر لهم عن عذره في ضمن خطبة بليغة قاطعة فبكى القوم حتى اخضلوا لحاهم و قالوا رضينا برسول الله قسما و حظا، ثم انصرف رسول الله و تفرقوا فمن أراد الاطلاع فليرجع إلى محله.

و من أهمها ما وقع في صلح الحديبية مع مشركي مكة حيث قبل رسول الله صلى الله عليه و آله منهم الرجوع من حديبية و نقص العمرة التي أحرم بها مع أصحابه و شرط لقريش شروطا يثقل قبولها على أصحابه.

قال ابن هشام في سيرته «ص 215 ج 2 ط مصر» قال الزهري: ثم بعث قريش سهيل بن عمرو أخا بني عامر بن لؤى إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و قالوا له: ائت محمدا فصالحه و لا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنه عامه هذا فوالله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا، فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و آله‏ مقبلا قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فلما انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه و آله تكلم فأطال الكلام و تراجعا، ثم جرى بينهما الصلح فلما التأم الأمر و لم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر، فقال:

يا أبا بكر أ ليس برسول الله؟ قال: بلى، قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى، قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلى م نعطى الدنية في ديننا؟! قال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه- الغرز: العود المغروز بالأرض: أى الزم رايته- فإني أشهد أنه رسول الله، قال عمر: و أنا أشهد أنه رسول الله، ثم أتى رسول الله، فقال: يا رسول الله أ لست برسول الله؟ قال: بلى، قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال:بلى، قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلى م نعطى الدنية في ديننا؟! قال: أنا عبد الله و رسوله لن اخالف أمره و لن يضيعني- انتهى.

و هذا الذي بينه عمر ما كان يختلج في صدور أكثر المسلمين لما أحسوا من ثقل شروط الصلح و اضطهادها المسلمين حتى دخل الشك في قلوب الناس، و روى عن عمر انه قال: ما شككت في الإسلام قط كشكي يوم حديبية.

فأصحر رسول الله صلى الله عليه و آله عن عذره بأنه عبد الله و رسوله، و قد أمره الله تعالى بعقد هذا الصلح و لا يستطيع مخالفة أمر الله.

و يظهر شكهم مما روي عن ابن عباس قال: حلق رجال يوم حديبية و قصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: يرحم الله المحلقين، قالوا: و المقصرين يا رسول الله، قال: يرحم الله المحلقين، قالوا: و المقصرين- إلى أن قال: فقالوا:يا رسول الله فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين؟ قال: لم يشكوا.

و منها- ما رواه في الوسائل عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:سمعته يقول: اتى النبي صلى الله عليه و آله بشي‏ء يقسمه فلم يسع أهل الصفة جميعا فخص به اناسا منهم فخاف رسول الله صلى الله عليه و آله أن يكون قد دخل قلوب الاخرين شي‏ء، فخرج إليهم، فقال: معذرة إلى الله عز و جل و إليكم يا أهل الصفة إنا اوتينا بشي‏ء فأردنا أن نقسمه بينكم فلم يسعكم فخصصت به اناسا منكم خشينا جزعهم و هلعهم- ذكره‏ في كتاب الزكاة في باب عدم وجوب استيعاب المستحقين بالإعطاء-.

و لعمري أن هذه المرحلة من أصعب ما يبتلي به الولاة و الامراء و رؤساء الشعوب و الملل الغير الراقية و الملل المتأخرة، حيث إن أعدل القوانين مما لا يرضى به كثير منهم لاستئثارهم بالمنافع و عدم التوجه إلى غيرهم من الأفراد فقلما وقع في تاريخ الدول و الملل أن يكون الشعب راضيا من الحكومة غير ناقم عليه في كثير من قوانينها و إجراء آتها.

الترجمة

سپس راستى كه براى والى مخصوصان و ياران نزديكى است كه خود خواه و دست درازند و در معامله با ديگران كمتر رعايت انصاف را مى ‏نمايند، ريشه تجاوز و ستم آنانرا با قطع وسائل ستم از بن بر كن، و بهيچكدام از دوروريها و خويشان خود تيولى از اراضى مسلمانان وامگذار و هرگز در تو طمع نبندند كه قراردادى بنفع آنها منعقد كنى كه مايه زيان مردم ديگر باشد در حقابه آب يارى يا در عمل مشتركى كه مخارج آنرا بر ديگران تحميل كنند، تا سود آنرا ببرند و گوارا بخورند و عيب و نكوهشش در دنيا و آخرت بگردن تو بماند.

حق را در باره خويش و بيگانه بطور لزوم مراعات كن، و در اين باره شكيبائى و خدا خواهى را منظور دار با هر چه فشار بر خويشان و يارانت وارد شود، گرانى اين كار را در سرانجام خوب آن تحمل كن، زيرا سرانجامش پسنديده و دلنشين است.

و اگر رعيت تو را متهم به ستم و جورى كردند، عذر خود را در باره كارى كه منشأ اتهام و بدبينى آنها شده فاش كن و با كمال صراحت مطلب را به آنها بفهمان و بدبينى آنها را بوسيله صراحت در بيان مطلب از خود بگردان، زيرا اين خود براى نفس تو رياضت و پرورشى است و نسبت برعيت ارفاق و ملاطفتى است، و در نتيجه عذر خواهى مؤثريست كه گره كار تو را مى‏گشايد و رعيت را براه حق استوار مى ‏دارد.

الفصل الرابع عشر من عهده عليه السلام‏

و لا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك و لله فيه رضا، فإن في الصلح دعة لجنودك، و راحة من همومك، و أمنا لبلادك، و لكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم، و اتهم في ذلك حسن الظن، و إن عقدت بينك و بين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمة فحط عهدك بالوفاء، و ارع ذمتك بالأمانة، و اجعل نفسك جنة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله شي‏ء الناس أشد عليه اجتماعا مع تفرق أهوائهم و تشتت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود، و قد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر، فلا تغدرن بذمتك، و لا تخيسن بعهدك، و لا تختلن عدوك، فإنه لا يجترى‏ء على الله إلا جاهل شقي، و قد جعل الله عهده و ذمته أمنا أفضاه بين العباد برحمته، و حريما يسكنون إلى منعته، و يستفيضون إلى جواره، فلا إدغال و لا مدالسة و لا خداع فيه، و لا تعقد عقدا تجوز فيه العلل، و لا تعولن على لحن قول بعد التأكيد و التوثقه، و لا يدعونك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب انفساخه بغير الحق، فإن صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه و فضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته، و أن تحيط بك من الله فيه طلبة فلا تستقبل فيها دنياك و لا آخرتك.

اللغة

(دعة): مصدر ودع: الراحة، (استوبلوا) استفعال من الوبال: أى ينتظرون و بال عاقبة الغدر و الوبال: الوخم، يقال: استوبلت البلد: استوخمت فلم توافق ساكنها، (خاس) بالعهد: نقضه، (الختل): الخداع و المكر (أفضاه): بسطه، استفاض الماء: سال، (الدغل): الفساد، (المدالسة): مفاعلة من التدليس في البيع و غيره كالمخادعة و هي إرائة الشي‏ء و تعريفه بخلاف ما هو عليه، (لحن القول):كالتورية و التعريض و هي أداء المقصود بلفظ يحتمل غيره من المعنى، (التوثقة):مصدر من وثق.

الاعراب‏

لله فيه رضا: رضا مبتدأ مؤخر مرفوع تقديرا و لله جار و مجرور متعلق برضا و فيه ظرف مستقر خبر له، و الجملة حال عن قوله عليه السلام صلحا، الحذر: منصوب على التحذير بفعل مقدر و كل الحذر تأكيد، عقدة مفعول عقدت و بينك ظرف متعلق بها، ما اعطيت، ما موصولة أو مصدرية و العائد محذوف.

فانه ليس من فرائض الله- إلى قوله: أشد عليه اجتماعا- إلخ، قال الشارح المعتزلي في «ص 107 طبع مصر»، قال الراوندي: الناس مبتدأ و أشد مبتدأ ثان و من تعظيم الوفاء خبره، و هذا المبتدأ الثاني مع خبره خبر المبتدأ الأول و محل الجملة نصب لأنها خبر ليس و محل ليس مع اسمه و خبره رفع لأنه خبر فانه، و شي‏ء اسم ليس و من فرائض الله حال و لو تأخر لكان صفة لشي‏ء و الصواب أن شي‏ء اسم ليس و جاز ذلك و إن كان نكرة لاعتماده على النفي و لأن الجار و المجرور قبله في موضع الحال كالصفة، فتخصص بذلك و قرب من المعرفة، و الناس مبتدأ و أشد خبره، و هذه الجملة المركبة من مبتدأ و خبر في موضع رفع لأنها صفة شي‏ء و أما خبر المبتدأ الذي هو «شي‏ء» فمحذوف و تقديره «في الوجود» كما حذف الخبر في قولنا «لا إله إلا الله» أى في الوجود.

و ليس يصح ما قال الراوندي من أن «أشد» مبتدأ ثان و «من تعظيم الوفاء» خبره لأن حرف الجر إذا كان خبرا لمبتدأ تعلق بمحذوف، و ها هنا هو متعلق بأشد نفسه، فكيف يكون خبرا عنه، و أيضا فانه لا يجوز أن يكون أشد من تعظيم الوفاء خبرا عن الناس، كما زعم الراوندي، لأن ذلك كلام غير مفيد ألا ترى أنك إذا أردت أن تخبر بهذا الكلام عن المبتدأ الذي هو «الناس» لم يقم من ذلك صورة محصلة تفيدك شيئا، بل يكون كلاما مضطربا.

و يمكن أن يكون «من فرائض الله» في موضع رفع لأنه خبر المبتدأ و قد قدم عليه، و يكون موضع «الناس» و ما بعده رفع لأنه خبرا لمبتدأ الذي هو شي‏ء، كما قلناه أولا، و ليس يمتنع أيضا أن يكون «من فرائض الله» منصوب الموضع لأنه حال و يكون موضع «الناس أشد» رفعا لا خبرا لمبتدأ الذي هو «شي‏ء».

أقول: الوجه الصحيح في إعراب هذه الجملة أن: من فرائض الله ظرف مستقر خبر ليس و «شي‏ء» اسمه و كون الخبر ظرفا و مقدما من مصححات الابتداء بالنكرة، و «الناس» مبتدأ و «أشد عليه اجتماعا» خبره و «من تعظيم الوفاء» مكمل قوله «أشد» فان أفعل التفضيل يكمل بالاضافة أو لفظة من، و الجملة في محل حال أوصفة لقوله «شي‏ء» و ما ذكره الراوندي و الشارح المعتزلي من الوجوه تكلفات مستغنى عنها.

دون المسلمين: ظرف مستقر في موضع الحال عن المشركين، لا تختلن، نهى مؤكد من ختله يختله إذا خدعه و راوغه، فلا ادغال، لنفى الجنس و الاسم مبني على الفتح كنايه [فلا ادغال و لا مدالسة و لا خداع فيه‏] و نفى جنس الادغال و ما بعده كناية عن النهي المؤكد، و فضل عاقبته:عطف على قوله: انفراجه، و أن تحيط: فعل مضارع منصوب بأن المصدرية معطوف‏ على قوله عليه السلام غدر أي و من إحاطة لله بك فيه طلبة، فلا تستقبل: الفاء فصيحة تفيد التفريع و هي الفاء الفصيحة.

المعنى‏

قد تعرض عليه السلام في هذا الفصل في الروابط الحكومية الاسلامية الخارجية و حث على رعاية الصلح و قبول الدعوة إليه، و هذا الدستور ناش من جوهر الاسلام الذي كان شريعة الصلح و السلام و الأمن، فانه نهض بشعارين ذهبيين و هو الإسلام و الإيمان، و الإسلام مأخوذ من السلم، و الإيمان مأخوذ من الأمن و هذان الشعاران اللذان نهض الإسلام بهما اعلام بأن هذا الدين داع إلى استقرار الصلح و الأمن بين كافة البشر، و قد نزلت في القرآن الشريف آيات محكمات تدعو إلى الصلح و استتباب السلام.

1- يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا و لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة 94- النساء.

قال في مجمع البيان: و قرء في بعض الروايات عن عاصم السلم بكسر السين و سكون اللام و قرء الباقون السلام بالألف، و روى عن أبي جعفر القارئ عن بعض الطرق «لست مؤمنا» بفتح الميم الثانية، و حكى أبو القاسم البلخي أنه قراءة محمد بن علي الباقر عليه السلام- انتهى.

فجمع هذين القرائتين يصير «و لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا» فيكون صريحا في المطلوب و موافقا لقوله عليه السلام‏ (و لا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك).

2- لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس و من يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما 114- النساء.

3- و الصلح خير و أحضرت الأنفس الشح و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا 128- النساء.

فقوله تعالى «و الصلح خير» جملة صارمة ذهبية مال إليها كل الشعوب في هذه العصور و آمنوا بها من حيث يشعرون و من حيث لا يشعرون، فقد صار حفظ الصلح و السلام دينا للبشر كافة أسسوا لحفظه و الدعوة إليه مؤسسة الامم المتحدة.

4- «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين‏ 209- البقرة».و السبب في ترغيب الإسلام في الصلح و السلم أن الاسلام، دين برهان و تفكير و شريعة تبيان و دليل و الاستفادة منها يحتاج إلى محيط سالم و طمأنينة و الحرب المثيرة للأحقاد و التعصبات منافية للتوجه إلى البرهان و التعقل في أي بيان، و قد نبه عليه السلام إلى ما في الصلح من الفوائد القيمة فقال: (فان في الصلح‏:

1- دعة لجنودك) فالحرب متعبة للأبدان منهكة للقوى، فيحتاج الجند إلى دعة و استراحة لتجديد القوى و الاقتدار على مقاومة العدى.

2- (و راحة من همومك) فالحرب تحتاج إلى ترسيم خطة صحيحة تؤدى إلى الظفر فاذا حمى الوطيس و احمر الموقف من دم الأبطال و ارتج الفضاء من العويل و الويل لا يقدر القائد من التفكير و ترسيم خطط ناجحة و الصلح يريحه من الهموم و يفتح أمامه فرصة الفكر و ترسيم خطط للظفر بالعدو.

3- (و أمنا لبلادك) فالحرب تثير الضغائن و تحرض العدو على الاغارة في البلاد و سلب الأمن و الراحة عن العباد.

ثم نهى عليه السلام و حذر عن الغفلة بعد الصلح و وصى أن يكون المسلمون دائما على اهبة فطنا يقظا من كيد الأعداء، لأن العدو إذا رأى التفوق لعدوه في الحرب و أيس من الغلبة عليه يلتجأ باقتراح الصلح، ثم لم يلبث أن يفكر في الخديعة و طلب الظفر بالمكر و الدهاء من شتى النواحي و يقارب ليتمكن من درس نقاط الضعف و ينتهز الفرصة للهجوم على عدوه في موقع مقتض.

فالحرب خطة محيطة بالأخطار من شتى النواحي، فلا بد من ملاحظة أي احتمال يؤدي إلى ظفر العدو و إن كان ضعيفا و الفكر في معالجته و سده، كما أنه‏ لما اصطف المسلمون مع قريش في احد فكر النبي صلى الله عليه و آله في إمكان هجوم خيالة قريش من وراء عسكر الإسلام و محاصرتهم حتى بعد انهزامهم، فوكل عبد الله بن جبير في ستين نفرا من رماة الإسلام على جبل الرماة و وصاهم بالمقام هناك و حفظ خلف صفوف المسلمين و أكد لهم مزيد التأكيد و وعدهم بمزيد من سهم الغنيمة.

و لما انهزم المشركون في الهجوم الأول لجيش الإسلام و شرعوا بالفرار غر أصحاب عبد الله و لم يطيعوه و أخلوا مقامهم، فانتهز خالد بن وليد قائد خيالة قريش هذه الفرصة و دار بالخيالة وراء صفوف المسلمين و حاصرهم فوقع الانهزام في صفوف المسلمين و قتل أكثر من سبعين من أبطال الإسلام و اصيب النبي صلى الله عليه و آله بجراحات عظيمة كاد أن يقضى عليه لو لا نصر الله و تأييده.

و الصلح دورة ينضب شعلة الحرب تحت الرماد فلا بد من‏ الحذر و اليقظة التامة من مكائد العدو الكاشر باسنانه الحاقد بقلبه.و قد تقدم الاسلام في أيام بني عثمان تقدما ظاهرا في اروبا حتى حاصر جيش الأسلام بلدة وينه و لكن لما وقع عقد الصلح بين زعماء أروبا و بني عثمان كادوا و دبروا حتى استولوا على متصرفاته و ارجعوا سلطة الإسلام الرهيبة قهقرى و شرحوا في ترسيم خطط لإغفال المسلمين و تنويمهم بشتى الوسائل حتى غلبوا في القرن الثامن عشر و بعده على كافة نواحي الإسلام و فتحوا بلاد الإسلام فتحا اقتصاديا لا نظير له من قبل و حازوا كل منابع ثروة المسلمين من المعادن، و حولوا بلادهم إلى أسواق تجارية لهم و كبلوهم برءوس الأموال الهائلة و سخروهم من حيث يشعرون و من حيث لا يشعرون و دام سلطتهم على أغلب المسلمين و أغلب بلادهم إلى عصرنا هذا، فيا لها من مصيبة سببت إغواء شباب الإسلام و انحرافهم عن الإسلام.

زعم العواذل أنني في غمرة صدقوا و لكن غمرتي لا تنجلي‏

فلا بد من الأخذ بالحزم‏ و طرد حسن الظن‏ تجاه‏ العدو سواء في حالة الحرب أو الصلح، و الصلح مع العدو غالبا ينتهى إلى عقد قرار بشروط معينة فتوجه عليه السلام إلى ذلك و وصى فيه بأمرين:

1- أمر بالوفاء بالعهد و الذمة وفاء كاملا يحوط به من كل ناحية و رعاية الذمة إلى حيث يضحى بنفسه في سبيل‏ الوفاء و رعاية الذمة مع أنها تنعقد مع غير المسلم، و أشار إلى أن‏ الوفاء بالعهد فريضة إلهية يجب رعايتها و الالتزام بها و وديعة بشرية اتفقت الشعوب و الملل راقيها و متأخرها على الالتزام بها حتى المشركين المنكرين للدين، حيث أنهم يخافون من عاقبة الغدر، فيقول عليه السلام: (فلا تغدرن بذمتك و لا تخيسن بعهدك، و لا تختلن عدوك) لأن‏ الغدر و نقض العهد و المخادعة بعد التعهد ظلم و لو كان الطرف كافرا و لا يرتكبه‏ إلا جاهل شقي‏.

و نبه على أن اتفاق بني الإنسان على رعاية العهود و الذمم نظم إلهي و إلهام فطرى أوحى إليهم من حيث لا يشعرون لحفظ الأمن و النظام و اللازم لبقاء البشر فهو رحمة الله التي فاضت في كافة العباد كالرزق المقدر لهم ليسكنو إلى منعة حريمها و ينتشروا في جوارها وراء ماربهم و مكاسبهم.

2- أمره بالسعي في صراحة ألفاظ المعاهدة و وضوح النصوص المندرجة فيها بحيث لا تكون ألفاظها و جملها مبهمة و مجملة، قابلة للترديد و التأويل، و نهى عن التمسك بخلاف ظاهر ألفاظ المعاهدة بعد التأكيد و التوثيق‏ لنقضها إذا طرء الصعوبة على إجرائها، و قال عليه السلام‏ (و لا يدعونك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب انفساخه بغير الحق) و علله عليه السلام بأن الصبر على الصعوبة الناشئة من الوفاء بالعهد متعقب بالفرج و حسن العاقبة و هو خير من الغدر الذي‏ يخاف تبعته‏ بانتقام من نقض عهده في الدنيا و بعقوبة الله‏ على نقض العهد المنهي عنه في غير آية من القرآن في الاخرة.و مما ينبغي تذكره هنا ما وقع لرسول الله صلى الله عليه و آله في معاهدة حديبية مع قريش، قال ابن هشام في سيرته «ص 216 ج 2 ط مصر».

فبينا رسول الله صلى الله عليه و آله يكتب الكتاب هو و سهيل بن عمرو إذا جاء أبو جندل ابن سهيل بن عمرو يوسف في الحديد، قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه و آله، و قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله حين خرجوا و هم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله‏ صلى الله عليه و سلم، فلما رأوا ما رأوا من الصلح و الرجوع و ما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه و آله في نفسه دخل على الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون، فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه و أخذ بتلبيبه، ثم قال: يا محمد قد لجت القضية بيني و بينك قبل أن يأتيك هذا، قال: صدقت فجعل ينتره بتلبيبه و يجره ليرده إلى قريش، و جعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أ أرد إلى المشركين يفتنونني في ديني فراد الناس إلى ما بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله يا أبا جندل أصبر و احتسب فإن الله عاجل لك و لمن معك من المستضعفين فرجا و مخرجا إنا قد عقدنا بيننا و بين القوم صلحا و أعطيناهم على ذلك و أعطونا عهد الله و إنا لا نغدر بهم، قال: فوثب عمر بن الخطاب، انتهى.

و أنت ترى ما وقع فيه رسول الله صلى الله عليه و آله من الحرج و المشقة في الوفاء بالعهد الذي عقده مع قريش و لكن دام عليه حتى فرج الله عنه أحسن فرج.

الترجمة

محققا صلحى كه از دشمن بدان دعوت شدى رد مكن در صورتى كه خدا پسند باشد زيرا در صلح با دشمن آرامش خاطر لشكريان تو است و مايه آسايش تو از هم و هول است و وسيله آسايش شهرستانها است، ولى بايد پس از صلح بسيار از دشمن در حذر باشى، زيرا بسا كه دشمن نزديك و دمخور مى‏شود تا دشمن را غافلگير كند، دور انديشى را پيشه كن و خوش بينى را كنار بگذار.

و اگر ميان خود و دشمنت قرار دادى بستى يا او را در پناه خود گرفتى تعهد خود را از همه جهت وفا كن، و ذمه پناه بخشى خود را رعايت نما و جان خود را سپر آن عهدى ساز كه سپردى، زيرا در ميان واجبات خداوند چيزى نيست كه همه مردم با تفرقه در اهواء و تشتت در آراء سخت‏تر در آن اتفاق داشته باشند از تعظيم و بزرگ داشت وفا بتعهدات.

تا آنجا كه مشركان و بت پرستان هم كه مسلمانى ندارند آنرا بر خود لازم مى‏شمارند، براى آنكه عواقب نقض تعهد را نكبت بار مى‏دانند، بتعهد پناه بخشى‏

خود غدر مكن و عهد خود را مشكن و دشمن خود را گول مزن، زيرا دليرى و گستاخى بر خدا را مرتكب نشود مگر نادان بدبخت.

خداوند تعهد و ذمه پناه بخشى را مايه آسايش ساخته كه ميان بندگان خود از هر كيش و ملت پراكنده و آنرا بست و دژ محكمى مقرر كرده كه در سايه آن بيارامند و در پناه آن بدنبال انجام كارهاى خود بگرايند، دغلى و تدليس و فريب و خدعه را در آن راهى نيست.

قرار دادى منعقد نكن كه عبارات آن مبهم باشد و خلل در آن راه يابد و بكنايه و اشاره در عقد قرارداد مؤكد و مورد وثوق اعتماد مكن، و اگر براى اجراى برخى مواد قرارداد در فشار افتادى امر خدا تو را باجراى آن ملزم ساخته در مقام برنيا كه بنا حق را فسخ آنرا جستجو كنى، زيرا شكيبائى تو بر تحمل فشار اجراى تعهد با اميد باين كه دنبالش گشايش است و سرانجامش خوبست بهتر است از عهد شكنى كه بيم از عواقب ناهنجارش دارى و از اين كه از جانب خداوند در باره آن مورد مسئوليت قرار بگيري، و خدا از تو نگذرد نه در دنيا و نه در آخرت.

الفصل الخامس عشر من عهده عليه السلام‏

إياك و الدماء و سفكها بغير حلها، فإنه ليس شي‏ء أدعى لنقمة، و لا أعظم لتبعة، و لا أحرى بزوال نعمة، و انقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها، و الله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه و يوهنه بل يزيله و ينقله، و لا عذر لك عند الله و لا عندي في قتل العمد، لأن فيه قود البدن،

و إن ابتليت بخطإ و أفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن أن تؤدى إلى أولياء المقتول حقهم. و إياك و الإعجاب بنفسك، و الثقة بما يعجبك منها، و حب الإطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين. و إياك و المن على رعيتك بإحسانك، أو التزيد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك، فإن المن يبطل الإحسان، و التزيد يذهب بنور الحق، و الخلف يوجب المقت عند الله و الناس، قال الله تعالى: «كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون‏- 3 الصف». و إياك و العجلة بالأمور قبل أوانها، أو التسقط [التساقط] فيها عند إمكانها، أو اللجاجة فيها إذا تنكرت، أو الوهن عنها إذا استوضحت، فضع كل أمر موضعه، و أوقع كل عمل موقعه. و إياك و الاستئثار بما الناس فيه أسوة، و التغابى عما تعنى به مما قد وضح للعيون، فإنه مأخوذ منك لغيرك، و عما قليل‏

تنكشف عنك أغطية الأمور، و ينتصف منك للمظلوم املك حمية أنفك، و سورة حدك، و سطوة يدك، و غرب لسانك و احترس من كل ذلك بكف البادرة، و تأخير السطوة، حتى يسكن غضبك فتملك الإختيار، و لن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك. و الواجب عليك أن تتذكر ما مضى لمن تقدمك من حكومة عادلة، أو سنة فاضلة، أو أثر عن نبينا- صلى الله عليه و آله- أو فريضة في كتاب الله، فتقتدى بما شاهدت مما عملنا به فيها، و تجتهد لنفسك في اتباع ما عهدت إليك في عهدي هذا، و استوثقت به من الحجة لنفسي عليك لكيلا تكون لك علة عند تسرع نفسك إلى هواها [فلن يعصم من السوء و لا يوفق للخير إلا الله تعالى و قد كان فيما عهد إلى رسول الله- صلى الله عليه و آله- في وصاياه تحضيض على الصلاة و الزكاة و ما ملكته أيمانكم، فبذلك أختم لك بما عهدت، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم‏].

اللغة

(قود) القود بالتحريك: القصاص، يقال: أقدت القاتل بالقتيل: قتلته به‏ و بابه قال (الوكزة): و كزه: ضربه و دفعه، و يقال: و كزه أي ضربه بجمع يده على ذقنه، و أصابه بوكزة أى بطعنة و ضربة، (نخوة): في الحديث إن الله أذهب بالإسلام نخوة الجاهلية بالفتح فالسكون أى افتخارها و تعظمها، (الفرصة):

النوبة، و الممكن من الأمر، (يمحق) يقال: محقه محقا من باب نفعه: نقصه و أذهب منه البركة، و قيل: المحق ذهاب الشي‏ء كله حتى لا يرى له أثر، (التزيد): تفعل من الزيادة أى احتساب العمل أزيد مما يكون، (المقت):

البغض، (لج) في الأمر لجاجة إذا لازم الشي‏ء و واظبه من باب ضرب، (الاسوة):المساواة، (التغابي): التغافل، (سورة) الرجل: سطوته وحدة بأسه، (غرب) اللسان: حدته، (البادرة): سرعة السطوة و العقوبة.

الاعراب‏

إياك منصوب على التحذير، و الدماء منصوب على التحذير و التقدير اتق نفسك و احذر الدماء و سفكها، مما يضعفه: من للتبعيض، لا عذر لنفى الجنس و الخبر محذوف، في نفسه جار و مجرور متعلق بقوله: أوثق، مقتا: منصوب على التميز، بما الناس، ما موصولة أو موصوفة، و الجملة بعدها صفة أو صلة، و فيه متعلق بقوله أسوة، بكف البادرة مصدر مضاف إلى المفعول من المبنى للمفعول.

المعنى‏

قد تعرض عليه السلام في هذا الفصل للتوصيات الأخلاقية بالنسبة إلى الوالي نفسه ليكون اسوة لعماله أولا و لكافة الرعية نتيجتا، فتوجه إلى التعليم الأخلاقي كطبيب روحاني ما أشده في حذقه و مهارته فانه عليه السلام وضع إصبعه على أصعب الأمراض الأخلاقية و الجنائية التي ابتلت بها الامة العربية في الجاهلية العمياء التي ظلت عليها قرونا وسعت في معالجتها و التحذير عنها و بيان مضارها كدواء ناجع ناجح في معالجتها فشرع في ذلك الفصل بقوله عليه السلام.

(إياك و الدماء و سفكها) كانت العرب في الجاهلية غريقة في الحروب و المشاحنات، و عريقة في سفك الدماء البريئات، فكانت تحمل سلاحها و تخرج‏ من كمينها للصيد فيهدف أى دابة تلقاها وحشية كانت أم أهلية بهيمة كانت أم نسمة، تعيش بالصيد و تشبع منها و تسد جوعتها، و إذا كان صيدها إنسانا يزيده شعفا و سرورا، لأنه ينال بسلبه و متاعه فانقلبت إلى امة سفاكة تلذ من قتل النفوس و يزيدها نشاطا إذا كان المقتول رجلا شريفا و بطلا فارسا فتفتخر بسفك دمه و تنظم عليه الأشعار الرائقة المهيجة و ترنمها و تغني بها في حفلاتها.

و جاء الإسلام مبشرا بشعار الإيمان و الأمن و لكن ما لبث أن ابتلى بالهجومات الحادة التي ألجأه إلى تشريع الجهاد، فاشتغل العرب المسلمون بقتل النفوس في ميادين الجهاد حقا في الجهاد المشروع و باطلا في شتى المناضلات التي أثارها المنافقون فيما بينهم بعض مع بعض أو مع الفئة الحقة حتى ظهر في الإسلام حروب دموية هائلة تعد القتلى فيها بعشرات الالوف كحرب جمل و صفين.

فزاد المسلمون العرب السادة في الجزيرة و ما فتحوه من البلاد الواسعة الالفة بمص الدماء و سفكها حتى سقط حرمة الإنسان في نظرهم و سهل عليهم أمر سفك الدماء لا يفرقون بين ذبح شاة و بين ذبح إنسان.

و هذا الداء العضال مهمة للتعليمات الإسلامية من الوجهه الأخلاقية منذ بعثة النبي صلى الله عليه و آله.

فنزلت في القرآن الشريف آيات محكمة صارمة في تحريم سفك الدماء فبين الاعتراض عليه من لسان الملائكة العظام حين إعلام خلق آدم فقال عز من قائل‏ و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أ تجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء 30- البقرة و تلاها بنقل قصة ابني آدم الذي قتل أحدهما الاخر فأبلغ في تشنيع ارتكاب القتل إلى حد الاعجاز، ثم صرح بالمنع في قوله تعالى «و ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ 92- النساء».

و فرض في ارتكاب قتل الخطاء كفارة عظيمة، فقال تعالى «و من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة و دية مسلمة إلى أهله‏» ثم قرر عقوبة لا تتحمل في قتل المؤمن‏ عمدا فقال تعالى‏ و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعد له عذابا عظيما 94- النساء.

و أكد النبي في المنع عن قتل الخطا باشتراك العاقلة في هذا الجريمة المعفوة عن العقوبة الاخروية لكونها غير اختيارية من حيث النية فحملهم الدية و أعلن أن حرمة المؤمن كحرمة الكعبة باعتبار أن حرمة الكعبة راسخة في قلوب العرب و عقيدتهم إلى النهاية.

و قد نبه عليه السلام إلى تبعات سفك الدم بما يلي:

1- (فانه ليس شي‏ء أدعى لنقمة) في نظر أولياء المقتول و عامة الناس و عند الله.

2- (و لا أعظم لتبعة) في الدنيا بالانتقام من ذوي أرحام المقتول و أحبائه و بالقصاص المقرر في الاسلام.

3- (و لا أحرى بزوال نعمة) و أهمها زوال الطمأنينة عن وجدان القاتل و ابتلائه بالاضطراب الفكري و عذاب الوجدان.

4- (و انقطاع مدة) سواء كان‏ مدة الشباب فيسرع المشيب إلى القاتل أو الرتبة الاجتماعية و المدنية فتسقط عند الناس و عند الامراء، أو العمر فيقصر عمر القاتل.

5- أنه أول ما يقضي الله به‏ يوم القيامة، فتحل أول عقوبة الاخرة بالقاتل.

6- انتاجه عكس ما يروم القاتل من ارتكابه، فيضعف سلطنته و يوهنها إن قصد به تقوية سلطانه بل يزيلها و ينقلها.

7- إنه لا يقبل الاعتذار و الخلاص من عقوبته إن كان عمدا.

8- ادائه إلى‏ القود المفني‏ للبدن‏ و المزيل للحياة.

ثم بين عليه السلام أنه إن كان‏ خطأ فلا بد من الانقياد لأولياء المقتول‏ بأداء الدية من دون مسامحة و اعتزاز بمقام الولاية، و نبه إلى الاحتياط في الضرب‏

و الايلام و إلى كظم الغيظ عند المكاره فانه ربما يصير الوكزة باليد سببا للقتل.

قال في الشرح المعتزلي: في شرح قتل الخطأ «ص 212 ج 17 ط مصر»: و قد اختلف الفقهاء في هذه المسألة، فقال أبو حنيفة و أصحابه: القتل على خمسة أوجه:عمد، و شبه عمد، و خطأ، و ما اجري مجرى الخطأ، و قتل بسبب:

فالعمد ما يتعمد به ضرب الانسان بسلاح، أو ما يجرى مجرى السلاح كالمحدد من الخشب و ليطة القصب «و هى قشر القصب اللازق به» و المروة «و هى الحجر الأبيض البراق» المحددة، و النار، و يوجب ذلك المأثم و القود إلا أن يعفو الأولياء، و لا كفارة فيه.

و شبه العمد أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح و اجرى مجرى السلاح كالحجر العظيم و الخشبة العظيمة، و يوجب ذلك المأثم و الكفارة، و لا قود فيه، و فيه الدية مغلظة على العاقلة.

و الخطأ على وجهين: خطأ في القصد، و هو أن يرمي شخصا يظنه صيدا، فاذا هو آدمي، و خطأ في الفعل، و هو أن يرمي غرضا فيصيب آدميا، و يوجب النوعان جميعا الكفارة و الدية على العاقلة، و لا مأثم فيه.

و ما اجرى مجرى الخطأ، مثل النائم يتقلب على رجل فيقتله، فحكمه حكم الخطأ.

و أما القتل بسبب، فحافر البئر و واضع الحجر في غير ملكه، و موجبه إذا تلف فيه إنسان الدية على العاقلة، و لا كفارة فيه.

فهذا قول أبي حنيفة و من تابعه، و قد خالفه صاحباه أبو يوسف و محمد في شبه العمد، و قالا: إذا ضربه بحجر عظيم، أو خشبة غليظة فهو عمد، قال: و شبه العمد أن يتعمد ضربه بما لا يقتل به غالبا، كالعصا الصغيرة، و السوط، و بهذا القول قال الشافعي.

و كلام أمير المؤمنين عليه السلام يدل على أن المؤدب من الولاة إذا تلف تحت يده إنسان في التأديب فعليه الدية، و قال لي قوم من فقهاء الامامية: إن مذهبنا أن لا دية عليه، و هو خلاف ما يقتضيه كلام أمير المؤمنين عليه السلام.

أقول: ليس في كلامه عليه السلام أن الضرب كان للتأديب كما قيده به في كلامه بل الظاهر خلافه و أنه عليه السلام بين حكم العنوان الذاتي الأولي للضرب و لا ينافي ذلك سقوطه بعنوانه الثانوي كما إذا كان للتأديب أو الدفاع.

و قال المحقق- رحمه الله- في الشرائع: القتل إما عمد، و إما شبيه العمد و إما خطأ محض، فضابطة العمد أن يكون عامدا في فعله و قصده، و شبه العمد أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده، و الخطأ المحض أن يكون مخطئا فيهما انتهى.

قسم القتل إلى هذه الأقسام الثلاثة، ثم فرع بعد ذلك فروعا كثيرة في موجبات الضمان الملحق بقتل الخطأ أو شبه العمد، و مع ملاحظة الفروع التي تعرض فيها لأنواع الضمانات في هذا الباب لا يظهر منها كثير خلاف مع ما ذكره الشارح المعتزلي من فقهاء العامة، و لا يسع المقام تفصيل ذلك.

ثم حذر عن‏ الاعجاب‏ بالنفس و الاعتماد على ما يصدر منه من محاسن الأعمال في نظره، و الاعجاب‏ بالنفس موجب للنخوة و الغرور التي كانت من أمراض العرب الجاهلي و أداه إلى الاعتقاد بالتبعيض العنصري و التمسك بأن عنصره و جرثومته القبلي أشرف العناصر، فالعرب مع ضيق معاشه و حرمانه عن أكثر شئون الحياة السعيدة و موجبات الرفاه في المعيشة و تقلبه في رمال الصحراء و حر الرمضاء يرى نفسه أشرف البشر و أفضل من سلف و غبر، فيأنف من الارتباط الأخوي مع بني- نوعه و التبادل الانتفاعي بالزواج، و قد يأنف من أخذ العطاء مع حاجته و فقره المدقع.

و قد تمكن في عقيدته هذا الامتياز العنصري حتى بالنسبة إلى بني قبائله العرب فضلا عن غيرها، كما حكى عن الأصمعي أنه مر على شاب عريان، في رحلته بين القبائل العربية لاستقصاء اللغة و الأقاصيص العربية، فاستنطقه فأجابه بأبيات فصيحة أعجبه فأعطاه دنانير، فسأل منه الشاب عن أي قبيلة هو؟ فقال: من باهلة،فامتنع من أخذ العطاء لخسة قبيلة باهلة عند العرب حتى قيل في ذلك:

إذا باهلي تحته حنظلية له ولد منها، فذاك المذرع‏

أراد الشاعر أنه إذا كانت الزوجة للزوج الباهلي حنظلية يصير الولد مذرعا أى شريفة الام و وضيع الأب.

و لما بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه و آله رحمة للعالمين، مهمه هدفين هامين في دعوته الاصلاحية:

1- بث التوحيد و هداية البشر إلى عبادة الله وحده تحت شعار «لا إله إلا الله» و ردعهم عن عبادة الأصنام و الأنداد الذين لا ينفعون و لا يضرون.

2- إلفات البشر إلى أخوية إنسانية و رفع التبعيض العنصري بأدق معانيه و محو الامتيازات الموهومة بوجه جذري، فبث دعوة التوحيد بكل جهد و جهود حتى لبى دعوته اناس مخلصون، و أيده الله بنصرة قبائل عرب يثرب فهاجر إلى المدينة و أسس حكومة الاسلام النيرة، فاتبعه قبائل العرب واحدة بعد اخرى و فتح مكة المكرمة و أخضع قبائل قريش الأشداء في العناد مع الاسلام، و هم ذروة العرب و أشرف القبائل في عقيدة سائر العرب و في اعتقادهم، نشاوا بهذه العقيدة منذ قرون حتى رسخ في دماغهم و رسب في دمائهم و مصوها من ضروع امهاتهم.

و لما فتح مكة على خطة نبوية أشبه بالإعجاز من دون سفك الدماء في الحرم و إيقاد الحرب المؤلمة و تبين سيادة الاسلام على أنحاء الجزيرة العربية و أجوائها الواسعة قام على كعبة المكرمة، و نادى بهذين الهدفين الهامين بكل صراحة في خطبة ذهبية هاك نصها عن سيرة ابن هشام:

قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله قام على باب الكعبة فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، نصر عبده، و هزم الأحزاب وحده، ألا! كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت، و سقاية الحاج، و قتل الخطأ شبه العمد بالسوط و العصا ففيه الدية مغلظة: مائة من الابل أربعون منها أولادها في بطونها، يا معشر قريش: إن الله قد أذهب‏ عنكم نخوة الجاهلية و تعظمها بالاباء، الناس من آدم و آدم من تراب، ثم تلا هذه الاية «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم‏- الاية كلها 13- الحجرات».

ثم قال: يا معشر قريش، ما ترون إني عامل فيكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم و ابن أخ كريم، قال: فاذهبوا فأنتم الطلقاء.و في بعض الروايات «وحده» ثلاث مرات كما أنه في بعضها بعد قوله «و آدم من تراب» ورد أنه صلى الله عليه و آله قال: و ليس لعربي فضل على عجمى إلا بالتقوى.

و لكنه لم يدم هذه التربية النبوية في العرب و لم يعتقد بها المنافقون فسكتوا حتى توفي صلى الله عليه و آله و سلم فرجعوا قهقرى و أحيوا تفاخر العرب بالاباء و تفضيل عنصرهم على سائر الناس و جد في ذلك عمر و اشتد في ترويجه بنو امية طول حكومتهم الجبارة التي دامت ألف شهر و قد توجه صلى الله عليه و آله إلى حرية التناكح و نص عليها في خطبة تاريخية هامة ألقاها في حجة الوداع.

و قد كان منشأ النخوة العربية التي روى فيها أنها مهلكة للعرب هى العجب بالنفس و بما يأتي من الأعمال، فحذر عليه السلام من هذه الخصلة المهلكة أشد تحذير و بالتحذير من حب الاطراء الناشي منه، و بين‏ أن ذلك من أوثق فرص الشيطان‏ لإغواء الانسان و محق ما يفعله‏ من الاحسان‏.

قال الشارح المعتزلي «ص 114 ج 17 ط مصر»: ناظر المأمون محمد بن القاسم النوشجاني المتكلم، فجعل «المتكلم» يصدقه و يطريه و يستحسن قوله، «فقال المأمون: يا محمد، أراك تنقاد إلى ما تظن أنه تسرني قبل وجوب الحجة لي عليك، و تطريني بما لست احب أن أطرى به، و تستخذى لي في المقام الذي ينبغي أن تكون فيه مقاوما لي، و محتجا علي، و لو شئت أن أفسر الامور بفضل بيان، و طول لسان، و أغتصب الحجة بقوة الخلافة، و ابهة الرياسة لصدقت و إن كنت كاذبا، و عدلت و إن كنت جائرا، و صوبت و إن كنت مخطئا، لكني لا أرضى إلا بغلبة الحجة، و دفع الشبهة، و إن أنقص الملوك عقلا، و أسخطهم‏ رأيا من رضي بقولهم: صدق الأمير».

ثم نبه عليه السلام بالنهي عن ثلاثة امور: المن على‏ الرعية بالاحسان و التزيد في‏ الأعمال و الخلف في الوعد إلى التجنب عن الافراط في حب النفس الذي يكون غريزة للانسان بالذات، فانه أول ما يحس و يشعر يحس حب‏ نفسه‏ و حب النفس مبدأ الرضا و الغضب المحركين لأى حركة في الانسان، و الافراط فيه موجب لرذائل كثيرة أشار عليه السلام إلى امهاتها في هذه الجمل.

فمنها: المن‏ على من يحسن إليه لأنه إشعار بالانانية و تبجح بالشخصية من فرط الحب بالذات، قال الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الأذى‏ 264- البقرة»، قال الشارح المعتزلي «ص 115 ج 17 ط مصر» و كان يقال: المن محبة للنفس، مفسدة للصنع.

و منها، التزيد في الفعل الناشي عن تعظيم نفسه، فيرى حقير عمله كبيرا و قليله كثيرا فيذهب بنور الحق‏ لكونه كذبا و زورا، قال الشارح المعتزلي في الصفحة الانفة الذكر: مثل أن يسدى ثلاثة أجزاء من الجميل، فيدعي في المجالس و المحافل أنه أسدى عشرة.

و منها، نهيه عن‏ خلف‏ الوعد مع الرعايا، فهو أيضا ناش عن إكبار نفسه و تحقير الرعايا حيث إنه لم يعتن بانتظارهم و لم يحترم تعهدهم و خلاف الوعد و إن كان قبيحا و مذموما على وجه العموم و لكنه من الامراء و الولاة بالنسبة إلى الرعية أقبح و أشنع، لاشتماله على العجب و الكبر و تحقير طرف التعهد، و قد عد الله خلف الوعد من المقت عنده البالغ في النهي عنه حيث‏ قال تعالى «كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون‏ 3- الصف» فانه مشتمل على تكبير خلف الوعد من وجوه، قال الشارح المعتزلي «ص 115 ج 17 ط مصر»: و أما أمير المؤمنين عليه السلام قال: «إنه‏ يوجب المقت» و استشهد عليه بالاية، و المقت‏: البغض.

ثم حذره عن‏ العجلة في‏ الامور، فانه ناش عن الجهل و خفة العقل كما ترى في الصبيان و غير المثقفين من بنى الانسان، و قد روى «ان العجلة من الشيطان» و العجلة من الغرائز الكامنة في البشر من ناحية طبعه الحيواني كما قال الله تعالى:«خلق الإنسان من عجل‏ 27- الأنبياء».

كما أنه عليه السلام حذر عن المسامحة و التساقط في الامور إذا حان وقتها و تيسرت و عن الاصرار في إنجاحها إذا صعبت و تنكرت و لم يتيسر، أو الاغماض عنها إذ كشفت حقيقتها و اتضحت.

قال الشارح المعتزلي «ص 16 ج 17 ط مصر»: و منها نهيه عن‏ التساقط في الشي‏ء الممكن عند حضوره، و هذا عبارة عن النهي عن الحرص و الجشع، و في كلامه ما لا يخفى من النظر.

و من أسوء الأخلاق الحاكمة في وجود الانسان خلق‏ الاستئثار، و أثره أن يجلب كل شي‏ء إلى نفسه و يخصص كل ما يناله بنفسه فيتجاوز على حقوق إخوانه و يمنع الحقوق المتعلقة بماله، و الاستئثار طبيعي للانسان المحب لذاته بلا نهاية و يؤيده الجهل و الحاجة السائدين على العرب طيلة قرون الجاهلية، فنهى عليه السلام عنه‏ فبما يشترك‏ فيه الناس‏.

و نهاه عن الغفلة و التسامح فيما تهمه و ترتبط به من نظم الامور و بسط العدل حيث يقبح أمثاله في عيون الناس، فان التسامح في أخذ حق‏ المظلوم‏ عن الظالم‏ مأخوذ من‏ الوالى بنفع غيره و هو الظالم، قال الشارح المعتزلي في الصفحة الانفة الذكر: و صورة ذلك أن الأمير يؤمي إليه أن فلانا من خاصته يفعل كذا و يفعل كذا من الامور المنكرة، و يرتكبها سرا فيتغابى عنه و يتغافل، انتهى.

و نهاه عن الاستكبار و البطش اللذين من آثار الإمارة و السلطان، فان السلطان بطبعه سريع الغضب و شديد الانتقام و الحكم على من أساء إليه فوصاه بقوله عليه السلام‏ (و لن تحكم ذلك من نفسك حتى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك).

قال الشارح المعتزلي في «ص 117 ج 17 ط مصر»: و كان لكسرى أنوشروان صاحب قد رتبه و نصبه لهذا المعنى، يقف على رأس الملك يوم جلوسه، فاذا غضب‏ على إنسان و أمر به قرع سلسلة تاجه بقضيب في يده و قال له: إنما أنت بشر، فارحم من في الأرض يرحمك من في السماء.

ثم بين له المرجع القانوني الذي يجب عليه العمل به في حكومته، كما يلي:

1- السيرة العملية للحاكم العادل الذي كان قبله، فانها محترمة و مرضية عند الله و عند الناس‏.

2- السنة المأثورة الفاضلة الصادرة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم‏ بنقل الجماعات أو الثقات.

3- الفرائض المقررة في كتاب الله‏ في محكم آياته، و شرط عليه في العمل بها بما شاهد من عمله و تطبيق القوانين على موضوعاتها ليأمن من الاشتباه في التفسير و فهم المقصود و من الخطأ في التطبيق، و ها هنا بحثان:

1- كيف جعل عليه السلام سيرة الحكومة العادلة أصلا في مقابل السيرة المأثورة عن النبي صلى الله عليه و آله و هو أشبه باصول العامة.

2- كيف قدم سيرة الحكومة العادلة على السيرة المأثورة عن النبي صلى الله عليه و آله و قدمهما على الفريضة المنصوصة في كتاب الله و الخوض فيهما يحتاج إلى إطالة لا يسعها المقام.

الترجمة

از خون و خونريزى ناروا بپرهيز، زيرا خون ناحق از همه چيز زودتر مورد انتقام مى‏شود و گناهش بزرگتر است، و نعمت را زودتر از ميان مى‏برد، و ريشه عمر را قطع مى‏كند، خداوند سبحان در روز قيامت محاكمه گنهكاران را در باره خونريزى‏ هاى ميان بندگان آغاز مى‏ كند.

حكومت خود را بوسيله خون ناحق تقويت مكن، زيرا خونريزى ناروا آنرا سست و متزلزل مى‏سازد و سپس بنيادش را مى‏كند و بدست ديگرانش مى‏دهد، در نزد خدا و در نزد من در قتل عمد راه عذر و اميد عفو ندارى، زيرا كيفر مقرر آن قصاص است.

و اگر گرفتار قتل خطا شدى، و تازيانه يا شمشير و يا دستت بدون قصد قتل زياده روى كردند و كسى را كشتى «چون ممكن است بيك مشت محكم و بالاتر قتلى واقع شود» مبادا غرور سلطنت ترا باز دارد از اين كه حق أولياى مقتول را بپردازى و رضايت آنها را جلب كنى.

مبادا بخود ببالى، و بسرافرازيهاى خود اعتماد كنى.

مبادا تملق و ستايش را دوست بدارى، زيرا كه آن در نزد شيطان مناسبترين فرصتى است براى پايمال كردن هر نتيجه‏ اى از نيكى نيكوكاران.

مبادا باحسان خود نسبت برعايا بر سر آنها منت بگذارى يا كار خود را بيش از آنچه كه هست در حساب آنها آرى يا به آنها وعده‏اى بدهى و تخلف كنى، زيرا منت احسان را نابود مى‏كند، و بيشتر بحساب آوردن خدمتى نور حقيقت را مى‏برد، و خلف وعده نزد خداوند و مردم دشمنى ببار مى ‏آورد، خداوند متعال (در سوره صف آيه 3) مى‏فرمايد «دشمنى بزرگيست نزد خدا كه بگوئيد آنچه را عمل نمى ‏كنيد».

مبادا در كارهاى خود بى وقت شتاب كنى، يا در وقت مناسب سستى و تنبلى كنى، يا اگر متعذر و دشوار شد در باره آن اصرار و لجبازى كنى، و در صورت روشنى زمينه كارى در آن مسامحه روا دارى، هر كارى را بجاى خود مقرر دار.

مبادا از آنچه همه مردم در آن برابر و شريكند براى خود امتيازى قائل شوى يا از آنچه در برابر چشم همه است صرف نظر كنى و در تخلف وظائف دستگاه خود را به نفهمى بزنى، زيرا مسئوليت بر تو است و سود را ديگران مى ‏برند، و بزودى پرده از كارها برداشته مى‏شود و انتقام مظلوم از ظالم گرفته مى‏شود.

باد بينى و شراره تندى و ضرب دست و تيزى زبان خود را مهار كن، و در جلوگيرى از زبان خود و پس زدن سطوت و تندى بكوش تا خشمت فرو نشيند و اختيار خود را بدست آرى و قضاوتى مكن تا بسيار متوجه معاد و قيامت و پروردگار خود نگردى و حق را رهنمون نسازى.

بر تو لازم است كه روش حكومتهاى عدالت شعار پيش از خود را در نظر بگيرى، و روش نيك و أثرى كه از پيغمبر صلى الله عليه و آله باقى مانده منظور سازي و فريضه‏اى كه در قرآن خدا مقرر شده پيش چشم گذارى، و چنانچه بچشم خود ديدى ما آنرا مورد عمل و إجراء نموده‏ايم از آن پيروى كنى.

بايد براى خود بكوشى در پيروى اين فرمانى كه من براى تو صادر كردم و حجت خود را در آن بتو تمام نمودم تا در صورتى كه هواى نفس بر تو چيره شد عذرى نداشته باشى.

خاتمة عهده عليه السلام‏

و أنا أسأل الله بسعة رحمته، و عظيم قدرته على إعطاء كل رغبة [رغيبة] أن يوفقني و إياك لما فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه و إلى خلقه، مع حسن الثناء في العباد، و جميل الأثر في البلاد، و تمام النعمة، و تضعيف الكرامة و أن يختم لي و لك بالسعادة و الشهادة، إنا إليه راجعون [راغبون‏]، و السلام على رسول الله، صلى الله عليه و آله الطيبين الطاهرين [و سلم تسليما كثيرا].

الاعراب‏

قال الشارح المعتزلي: فان قلت: فقوله «و تمام النعمة» على ما ذا تعطفه؟

قلت: هو معطوف على «ما» في قوله «لما فيه» كأنه قال: أسأل الله توفيقي لذا و لتمام النعمة.

أقول: الأوضح عطفه على «الاقامة» في قوله «من الاقامة» لأن تمام‏

النعمة و ما بعده مما فيه رضاه، و أن يختم لى: عطف على قوله «أن يوفقني».

المعنى‏

قد نبه عليه السلام أن للوالي مسئولية عند الله و مسئولية عند الناس، و لا بد له من الاجتهاد في الخروج عن كلتا المسئوليتين حتى يعذره الله و يعذره خلق الله، و علامته‏ حسن الثناء من‏ العباد و جميل الأثر في البلاد، من الجانب الخلقي، و تمام النعمة و تضعيف الكرامة من جانب الله، لأنه أثر شكر نعمة الولاية الذي أداه الوالي.

ثم‏ سأل الله‏ تعالى لنفسه و له نيل‏ السعادة و فوز الشهادة، و قد استجاب الله ذلك لهما.

الترجمة

من از خداوند خواستارم كه برحمت واسعه و عظمت قدرتش بر بخشش هر خواست مرا و ترا توفيق عطا فرمايد براى انجام آنچه رضاى او است از پايدارى بر معذرت خواهى روشن نزد خدا و خلق در بهمراه ستايش خوب در ميان بندگان و أثر نيك در آبادى و عمران شهرستانها و تمامى نعمت و دو چندانى كرامت از حضرت يزدان، و از حضرتش خواستارم عمر من و تو را بپايان رساند با سعادت و توفيق جانبازى و شهادت، راستى كه ما همه را بدرگاه او گرايش و رغبت است.

درود فراوان بر فرستاده خداوند، و صلوات بر او و خاندان پاك و پاكيزه‏اش درودى هر چه بيشتر.

و قد أدرج الشارح المعتزلي في آخر شرح هذا العهد الشريف وصايا من العرب و أردفها بوصية من أردشير بن بابك مليئة بحكم مفيدة يؤيد ما ذكره عليه السلام في هذا العهد فألتقط منها قصعا، قال في «ص 124 ج 17 ط مصر»:

و من كتاب أردشير بن بابك إلى بنيه و الملوك من بعده:

رشاد الوالي خير للرعية من خصب الزمان، الملك و الدين توأمان، لا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فالدين اس الملك و عماده، ثم صار الملك حارس الدين‏

فلا بد للملك من أسه، و لا بد للدين من حارسه، فأما ما لا حارس له فضائع، و ما لا أس له فمهدوم …

و اعلموا أنه ليس ينبغي للملك أن يعرف للعباد و النساك بأن يكونوا أولى بالدين منه، و لا أحدب عليه، و لا أغضب له [و لا ينبغي له‏] أن يخلي النساك و العباد من الأمر و النهي في نسكهم و دينهم فان خروج النساك و غيرهم من الأمر و النهي عيب على الملوك و على المملكة، و ثلمة بينة الضرر على الملك و على من بعده.

و اعلموا أنه قد مضى قبلنا من أسلافنا ملوك كان الملك منهم يتعهد الحماية بالتفتيش و الجماعة بالتفضيل و الفراغ بالاشغال، كتعهده جسده بقص فضول الشعر و الظفر، و غسل الدرن و الغمر و مداواة ما ظهر من الأدواء و ما بطن، و قد كان من اولئك الملوك من صحة ملكه أحب إليه من صحة جسده، فتتابعت تلك الاملاك بذلك كأنهم ملك واحد، و كأن أرواحهم روح واحدة، يمكن أولهم لاخرهم، و يصدق آخرهم أولهم، يجتمع أبناء أسلافهم، و مواريث آرائهم، و عثرات عقولهم عند الباقي بعدهم، و كأنهم جلوس معه يحدثونه و يشاورونه.

حتى كان على رأس دارا بن دارا ما كان من غلبة الاسكندر الرومي على ما غلب عليه من ملكه، و كان إفساده أمرنا، و تفرقته جماعتنا، و تخريبه عمران مملكتنا أبلغ له في ما أراد من سفك دمائنا، فلما أذن الله عز و جل في جمع مملكتنا، و إعادة أمرنا كان من بعثه إيانا ما كان، و بالاعتبار يتقى العثار، و التجارب الماضية دستور يرجع إليه من الحوادث الاتية ….

و عند حسن الظن بالأيام تحدث الغير، و تزول النعم، و قد كان من أسلافنا و قدماء ملوكنا من يذكره عزه الذل، و أمنه الخوف، و سروره الكابة، و قدرته المعجزة، و ذلك هو الرجل الكامل قد جمع بهجة الملوك، و فكرة السوقة، و لا كمال إلا في جمعها …

و اعلموا أن بدء ذهاب الدولة ينشأ من قبل إهمال الرعية بغير أشغال‏ معروفة، و لا أعمال معلومة، فاذا تولد الفراغ تولد منه النظر في الامور، و الفكر في الفروع و الاصول، فاذا نظروا في ذلك نظروا بطبائع مختلفة، فتختلف بهم المذاهب، فيتولد من اختلاف مذاهبهم تعاديهم و تضاغنهم، و هم مع اختلافهم هذا متفقون و مجتمعون على بغض الملوك، فكل صنف منهم إنما يجري إلى فجيعة الملك بملكه، و لكنهم لا يجدون سلما إلى ذلك أوثق من الدين و الناموس، ثم يتولد من تعاديهم أن الملك لا يستطيع جمعهم على هوى واحد، فان انفرد باختصاص بعضهم صار عدو بقيتهم.

و من طبائع العامة استثقال الولاة و ملالهم و النفاسة عليهم، و الحسد لهم، و في الرعية، المحروم و المضروب و المقام عليه الحدود، و يتولد من كثرتهم مع عداوتهم أن يجبن الملك من الاقدام عليهم، فان في إقدام الملك على الرعية كلها كافة تعزيرا بملكه- إلى أن قال- فمن أفضى إليه الملك بعدي فلا يكونن باصلاح جسده أشد اهتماما منه بهذه الحال، و لا يكونن بشي‏ء من الأشياء أكره و أنكر لرأس صار ذنبا أو ذنب صار رأسا، و يد مشغول صار فارغة، أو غني صار فقيرا، أو عامل مصروف، أو أمير معزول ….

و اعلموا أنكم لن تقدروا على أن تختموا أفواه الناس من الطعن و الازراء عليكم، و لا قدرة لكم على أن تجعلوا القبيح من أفعالكم حسنا، فاجتهدوا في أن تحسن أفعالكم كلها، و ألا تجعلوا للعامة إلى الطعن عليكم سبيلا …

و اعلموا أن لكل ملك بطانة، و لكل رجل من بطانته بطانة، ثم إن لكل امرى‏ء من بطانة البطانة بطانة، حتى يجتمع من ذلك أهل المملكة، فاذا أقام الملك بطانته على حال الصواب فيهم أقام كل امرى‏ء منهم بطانته على مثل ذلك حتى يجتمع على الصلاح عامة الرعية ….

و اعلموا أن ابن الملك و أخاه و ابن عمه يقول: كدت أن أكون ملكا، و بالحري ألا أموت حتى أكون ملكا، فاذا قال ذلك قال ما لا يسر الملك، إن كتمه فالداء في كل مكتوم، و إذا تمنى ذلك جعل الفساد سلما إلى الصلاح،و لم يكن الفساد سلما إلى صلاح قط، و قد رسمت لكم في ذلك مثالا:

اجعلوا الملك لا ينبغي إلا لأبناء الملوك من بنات عمومتهم، و لا يصلح من أولاد بنات العم إلا كامل غير سخيف العقل، و لا عازب الرأي، و لا ناقص الجوارح و لا مطعون عليه في الدين، فإنكم إذا فعلتم ذلك قل طلاب الملك، و إذا قل طلابه استراح كل امرى‏ء إلى مايليه، و نزع إلى حد يليه، و عرف حاله، و رضي معيشته، و استطاب زمانه.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 52/2 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )نامه امیر المومنین علی علیه السلام به مالک اشتر نخعی

نامه 53 صبحی صالح

53- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) كتبه للأشتر النخعي لما ولاه على مصر و أعمالها حين اضطرب أمر أميرها محمد بن أبي بكر، و هو أطول عهد كتبه و أجمعه للمحاسن.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا

أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ إِيْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِي لَا يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا يَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا

وَ أَنْ يَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ

وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ يَزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ

ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاةِ قَبْلَكَ وَ يَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ

وَ إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْيَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ

فَامْلِكْ هَوَاكَ وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ

وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ يُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ

فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِي الْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ وَ قَدِ اسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاكَ بِهِمْ

وَ لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَكَ بِنِقْمَتِهِ وَ لَا غِنَى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ

وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَةً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِي الْقَلْبِ وَ مَنْهَكَةٌ لِلدِّينِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِيَرِ

وَ إِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً أَوْ مَخِيلَةً فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْكِ اللَّهِ فَوْقَكَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ

فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ وَ يَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ وَ يَفِي‏ءُ إِلَيْكَ بِمَا عَزَبَ عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ

إِيَّاكَ وَ مُسَامَاةَ اللَّهِ فِي عَظَمَتِهِ وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَ يُهِينُ كُلَّ مُخْتَالٍ

أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَ مَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّكَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ

وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ‏

وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتُوبَ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اللَّهِ وَ تَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ دَعْوَةَ الْمُضْطَهَدِينَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ

وَ لْيَكُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَى الْخَاصَّةِ وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى الْعَامَّةِ

وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَئُونَةً فِي الرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلَاءِ وَ أَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ

وَ إِنَّمَا عِمَادُ الدِّينِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَ الْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ الْعَامَّةُ مِنَ الْأُمَّةِ فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ وَ مَيْلُكَ مَعَهُمْ

وَ لْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَايِبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِي النَّاسِ عُيُوباً الْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ

وَ اللَّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ يَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ

أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْدٍ وَ اقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَضِحُ لَكَ وَ لَا تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِيَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ

وَ لَا تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلًا يَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ وَ يَعِدُكَ الْفَقْرَ وَ لَا جَبَاناً يُضْعِفُكَ عَنِ الْأُمُورِ وَ لَا حَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ

إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِي الْآثَامِ فَلَا يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَةِ وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَةِ

وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَى إِثْمِهِ

أُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَ أَحْنَى عَلَيْكَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَيْرِكَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلَاتِكَ

ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ

وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلَّا يُطْرُوكَ وَ لَا يَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِي مِنَ الْعِزَّةِ

وَ لَا يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِي‏ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ‏ تَزْهِيداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِي الْإِحْسَانِ وَ تَدْرِيباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عَلَى الْإِسَاءَةِ وَ أَلْزِمْ كُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ

وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَ تَخْفِيفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَيْهِمْ وَ تَرْكِ اسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ

فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلًا

وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ

وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَةُ وَ صَلَحَتْ عَلَيْهَا الرَّعِيَّةُ وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مَاضِي تِلْكَ السُّنَنِ فَيَكُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ الْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا

وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَةَ الْحُكَمَاءِ فِي تَثْبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ بِلَادِكَ وَ إِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَكَ

وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لَا يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ وَ مِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ

وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ النَّاسِ وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ                       

وَ مِنْهَا الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ

وَ كُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِيضَةً فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً

فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِيَّةِ وَ زَيْنُ الْوُلَاةِ وَ عِزُّ الدِّينِ وَ سُبُلُ الْأَمْنِ وَ لَيْسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِهِمْ

ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِي يَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ

ثُمَّ لَا قِوَامَ لِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْكُتَّابِ لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ وَ يَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا

وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِيعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ فِيمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ يُقِيمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ يَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَيْدِيهِمْ مَا لَا يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ

ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ الَّذِينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ

وَ فِي اللَّهِ لِكُلٍّ سَعَةٌ وَ لِكُلٍّ عَلَى الْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ وَ لَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالِاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِينِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ فِيمَا خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ:

فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِي نَفْسِكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِكَ وَ أَنْقَاهُمْ جَيْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً

مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ يَسْتَرِيحُ إِلَى الْعُذْرِ وَ يَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ يَنْبُو عَلَى الْأَقْوِيَاءِ وَ مِمَّنْ لَا يُثِيرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا يَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ

ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِي الْمُرُوءَاتِ وَ الْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَ الشَّجَاعَةِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ

ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا يَتَفَقَّدُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لَا يَتَفَاقَمَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْ‏ءٌ قَوَّيْتَهُمْ بِهِ وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِيَةٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ النَّصِيحَةِ لَكَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِكَ

وَ لَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِيفِ أُمُورِهِمُ اتِّكَالًا عَلَى جَسِيمِهَا فَإِنَّ لِلْيَسِيرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِيمِ مَوْقِعاً لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ

وَ لْيَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِي مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا يَسَعُهُمْ وَ يَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَيْهِمْ يَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكَ

وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ عَيْنِ الْوُلَاةِ اسْتِقَامَةُ الْعَدْلِ فِي الْبِلَادِ وَ ظُهُورُ مَوَدَّةِ الرَّعِيَّةِ

و إِنَّهُ لَا تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلَّا بِسَلَامَةِ صُدُورِهِمْ وَ لَا تَصِحُّ نَصِيحَتُهُمْ إِلَّا بِحِيطَتِهِمْ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ وَ قِلَّةِ اسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْكِاسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ

فَافْسَحْ فِي آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ فِي حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَ تَعْدِيدِ مَا أَبْلَى ذَوُو الْبَلَاءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ النَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ثُمَّ اعْرِفْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَيْرِهِ وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلَائِهِ وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ صَغِيراً وَ لَا ضَعَةُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ عَظِيماً

وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا يُضْلِعُكَ مِنَ الْخُطُوبِ وَ يَشْتَبِهُ عَلَيْكَ مِنَ الْأُمُورِ

فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ‏

فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُفَرِّقَةِ:

ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ مِمَّنْ لَا تَضِيقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا تُمَحِّكُهُ الْخُصُومُ وَ لَا يَتَمَادَى فِي الزَّلَّةِ وَ لَا يَحْصَرُ مِنَ الْفَيْ‏ءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَ لَا يَكْتَفِي بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ

وَ أَوْقَفَهُمْ فِي الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَى تَكَشُّفِ الْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُكْمِ مِمَّنْ لَا يَزْدَهِيهِ إِطْرَاءٌ وَ لَا يَسْتَمِيلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِكَ قَلِيلٌ

ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ افْسَحْ لَهُ فِي الْبَذْلِ مَا يُزِيلُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ مَا لَا يَطْمَعُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ اغْتِيَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَكَ

فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً فِي أَيْدِي الْأَشْرَارِ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا:

ثُمَّ انْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً وَ لَا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِيَانَةِ

وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَ الْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ الْقَدَمِ فِي الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِي الْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً وَ أَبْلَغُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً

ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمُ الْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ

ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ ابْعَثِ الْعُيُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَةِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ

وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً

فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ:

وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ

وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَةِ وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَ أَهْلَكَ الْعِبَادَ وَ لَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِيلًا

فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّةً أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّةٍ أَوْ إِحَالَةَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ

وَ لَا يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَةَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلَادِكَ وَ تَزْيِينِ وِلَايَتِكَ

مَعَ اسْتِجْلَابِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ الْعَدْلِ فِيهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ وَ الثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ وَ رِفْقِكَ بِهِمْ

فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ

وَ إِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاةِ عَلَى الْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ:

ثُمَّ انْظُرْ فِي حَالِ كُتَّابِكَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ وَ اخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتِي تُدْخِلُ فِيهَا مَكَايِدَكَ وَ أَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ فَيَجْتَرِئَ بِهَا عَلَيْكَ فِي خِلَافٍ لَكَ بِحَضْرَةِ مَلَإٍ

وَ لَا تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إِيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمِّالِكَ عَلَيْكَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْكَ فِيمَا يَأْخُذُ لَكَ وَ يُعْطِي مِنْكَ وَ لَا يُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ وَ لَا يَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ

وَ لَا يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ

ثُمَّ لَا يَكُنِ اخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِكَ وَ اسْتِنَامَتِكَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْكَ فَإِنَّ الرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ وَ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِيحَةِ وَ الْأَمَانَةِ شَيْ‏ءٌ

وَ لَكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي الْعَامَّةِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَةِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَصِيحَتِكَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ

وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ لَا يَقْهَرُهُ كَبِيرُهَا وَ لَا يَتَشَتَّتُ عَلَيْهِ كَثِيرُهَا وَ مَهْمَا كَانَ فِي كُتَّابِكَ مِنْ عَيْبٍ فَتَغَابَيْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ‏

ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَيْراً الْمُقِيمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ الْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ

فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ وَ جُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ فِي بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ وَ سَهْلِكَ وَ جَبَلِكَ وَ حَيْثُ لَا يَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا يَجْتَرِءُونَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ

وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَ فِي حَوَاشِي بِلَادِكَ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضِيقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِيحاً وَ احْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَكُّماً فِي الْبِيَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَ عَيْبٌ عَلَى الْوُلَاةِ

فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِكَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )مَنَعَ مِنْهُ وَ لْيَكُنِ الْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً بِمَوَازِينِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ

فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ إِيَّاهُ فَنَكِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ:

ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِينَ لَا حِيلَةَ لَهُمْ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَ الْمُحْتَاجِينَ وَ أَهْلِ الْبُؤْسَى وَ الزَّمْنَى فَإِنَّ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً

وَ احْفَظِ لِلَّهِ مَا اسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِيهِمْ وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَيْتِ مَالِكِ وَ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِي الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي لِلْأَدْنَى

وَ كُلٌّ قَدِ اسْتُرْعِيتَ حَقَّهُ وَ لَا يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّكَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْيِيعِكَ التَّافِهَ لِإِحْكَامِكَ الْكَثِيرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ

وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لَا يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُيُونُ وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْيَةِ وَ التَّوَاضُعِ فَلْيَرْفَعْ إِلَيْكَ أُمُورَهُمْ

ثُمَّ اعْمَلْ فِيهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَيْنِ الرَّعِيَّةِ أَحْوَجُ إِلَى الْإِنْصَافِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَ كُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ فِي تَأْدِيَةِ حَقِّهِ إِلَيْهِ

وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْيُتْمِ وَ ذَوِي الرِّقَّةِ فِي السِّنِّ مِمَّنْ لَا حِيلَةَ لَهُ وَ لَا يَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ وَ ذَلِكَ عَلَى الْوُلَاةِ ثَقِيلٌ وَ الْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِيلٌ وَ قَدْ يُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ:

وَ اجْعَلْ لِذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِيهِ شَخْصَكَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِيهِ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ

فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ عليه‏ وآله ‏وسلم  )يَقُولُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ

ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِيَّ وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّيقَ‏ وَ الْأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَ امْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ

ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ

وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ

وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هوَ الْأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَ امْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ

ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ

وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ

وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلًا غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ

وَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ لِلنَّاسِ فَلَا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَيِّعاً فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ

وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏ الله‏ عليه‏ وآله ‏وسلم  )حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى الْيَمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً

 وَ أَمَّا بَعْدُ فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّيقِ وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ

وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِيرُ وَ يَعْظُمُ الصَّغِيرُ وَ يَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ يَحْسُنُ الْقَبِيحُ وَ يُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ

وَ إِنَّمَا الْوَالِي بَشَرٌ لَا يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَيْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ

وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِيهِ أَوْ فِعْلٍ كَرِيمٍ تُسْدِيهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ

مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مِمَّا لَا مَئُونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ:

ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِي خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فِيهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ

وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِيَتِكَ وَ حَامَّتِكَ قَطِيعَةً وَ لَا يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ النَّاسِ فِي شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ يَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَ عَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ

وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِيبِ وَ الْبَعِيدِ وَ كُنْ فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ

وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَ اعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَ رِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ:

وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ

وَ لَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ

وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ

فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَيْ‏ءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ

فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِيٌّ

وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى‏ مَنَعَتِهِ وَ يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا خِدَاعَ فِيهِ

وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ الْعِلَلَ وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَ التَّوْثِقَةِ

وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ فِيهِ طِلْبَةٌ لَا تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَ لَا آخِرَتَكَ:

إِيَّاكَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى لِنِقْمَةٍ وَ لَا أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لَا أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ فِيمَا تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

فَلَا تُقَوِّيَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَ يُوهِنُهُ بَلْ يُزِيلُهُ وَ يَنْقُلُهُ وَ لَا عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِي فِي قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ قَوَدَ الْبَدَنِ

وَ إِنِ ابْتُلِيتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ سَيْفُكَ أَوْ يَدُكَ بِالْعُقُوبَةِ فَإِنَّ فِي الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ:

وَ إِيَّاكَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَ الثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَ حُبَ‏ الْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ

وَ إِيَّاكَ وَ الْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ أَوِ التَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ

فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَ التَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ وَ الْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ النَّاسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ‏

وَ إِيَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ التَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا أَوِ اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ

وَ إِيَّاكَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ وَ التَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ وَ عَمَّا قَلِيلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ الْأُمُورِ وَ يُنْتَصَفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ

امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ وَ سَوْرَةَ حَدِّكَ وَ سَطْوَةَ يَدِكَ وَ غَرْبَ لِسَانِكَ وَ احْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ وَ تَأْخِيرِ السَّطْوَةِ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِيَارَ وَ لَنْ تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّكَ وَ الْوَاجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَكَ مِنْ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِيِّنَا ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )أَوْ فَرِيضَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ

فَتَقْتَدِيَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِيهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِكَ فِي اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ فِي عَهْدِي هَذَا وَ اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّةِ لِنَفْسِي عَلَيْكَ لِكَيْلَا تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَى هَوَاهَا:

وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ أَنْ يُوَفِّقَنِي وَ إِيَّاكَ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَيْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ

مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِي الْعِبَادِ وَ جَمِيلِ الْأَثَرِ فِي الْبِلَادِ وَ تَمَامِ النِّعْمَةِ وَ تَضْعِيفِ الْكَرَامَةِ وَ أَنْ يَخْتِمَ لِي وَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ وَ الشَّهَادَةِ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏

وَ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

الفصل الخامس من عهده عليه السلام‏

و إن أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، و ظهور مودة الرعية، و أنه لا تظهر مودتهم إلا بسلامة صدورهم، و لا تصح نصيحتهم إلا بحيطتهم على ولاة [الامور] أمورهم، و قلة استثقال دولهم و ترك استبطاء انقطاع مدتهم، فافسح في آمالهم، و واصل في‏ حسن الثناء عليهم و تعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم، فإن كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهز الشجاع، و تحرض الناكل، إن شاء الله تعالى. ثم اعرف لكل امرى‏ء منهم ما أبلى، و لا تضيفن بلاء امرى‏ء إلى غيره، و لا تقصرن به دون غاية بلائه، و لا يدعونك شرف امرى‏ء إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيرا، و لا ضعة امرى‏ء إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيما. و اردد إلى الله و رسوله ما يضلعك من الخطوب و يشتبه عليك من الامور، فقد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم:

يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شي‏ء فردوه إلى الله و الرسول‏ 59- النساء فالرد إلى الله: الأخذ بمحكم كتابه، و الرد إلى الرسول:الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة.

اللغة

(قرة عين) لي و لك: أى فرح و سرور لي و لك، (الحيطة) على وزن الشيمة مصدر حاطه يحوطه حوطا و حياطة و حيطة: أى كلاه و رعاه، (استثقال) استفعال من الثقل: تحمل الشدة و الاستنكار بالقلب، (بطؤ) بالضم ككرم بطاء ككتاب و أبطأ ضد أسرع و منه الخبر: من بطأ به عمله لم ينفعه نسبه، أى من أخره عمله السيى‏ء و تفريطه في العمل الصالح لم ينفعه في الاخرة شرف النسب، (فسحت) له‏ في المجلس فسحا من باب نفع: فرجت له عن مكان يسعه و فسح المكان بالضم، و أفسح لغة.

(تهز الشجاع): يقال هزه و هز به إذا حركه، (و تحرض الناكل): قوله تعالى: و حرض المؤمنين على القتال، أي حثهم و التحريض الحث و الاحماء عليه، (أبلى): أي أظهر الاخلاص في الجهاد، (لا تضيفن): صيغة نهي مؤكدة بالثقيلة من أضاف يضيف: لا تنسبن، (ضعة): اسم مصدر من وضع يضع أي خسة مقامه و حسبه، (ما يضلعك): يقال ضلع بالفتح يضلع ضلعا بالتسكين أي مال عن الحق و حمل مضلع أي مثقل، (الخطوب): و هذا خطب جليل أي أمر عظيم.

الاعراب‏

استقامة العدل: خبر قوله أفضل، إلا بسلامة صدورهم: مستثنى مفرغ، ذووا: جمع ذا بمعنى صاحب: أي أصحاب الاخلاص في الجهاد، ما أبلى: يحتمل أن يكون لفظة ما مصدرية أي ابتلائه و يحتمل أن يكون موصولة بحذف العائد أي ما أبلا فيه، دون: ظرف مضاف إلى قوله: غاية بلائه، و لا ضعة: عطف على قوله:

شرف امرى‏ء أي لا يدعونك ضعة امرى‏ء، من الخطوب: لفظة من بيانية، غير المفرقة: صفة ثانية لقوله بسنته.

المعنى‏

قد تعرض عليه السلام في ضمن هذا الفصل المتعلق بالجند و امرائه للعدالة فقال:

(و إن أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد) و ذلك لارتباط إجراء العدل في البلاد بالجند من وجوه شتى نذكرها بعد التنبيه على نكتة مهمة في المقام، و هى أن الجند بمعناه العام هو المالك و القائم بالسيف في‏ الرعية بحيث يكون القوة و القدرة على إجراء الامور بيده، و قد تفرع من الجند في النظامات العصرية ما يلي:

1- إدارة الشرطة العامة التي تنظر إلى إجراء الأمن‏ في البلاد بحراسة الأسواق و الطرق و طرد اللصوص و أخذهم و معاقبتهم و طرد كل من يريد الاستفادة من الناس‏ من غير طريقها القانوني و المحافظ على الأمن من جهة المنع عن النزاع و المضاربة و المقاتلة و ارتكاب الجنايات بأنواعها.

2- إدارة حفظ الانتظامات العامة السائدة على إدارة الشرطة.

3- إدارة الجيش الحافظ للأمن‏ في البلاد تجاه هجوم الأعداء من الخارج.

و يرتبط العدل‏ بالجند و فروعه من نواح شتى:

الف- من حيث أن كل سرقة أو جناية أو جنحة وقعت بين الناس فتعرض على إدارة الشرطة و هي التي تتصدى لدفعها و تتعرض لرفعها بعد وقوعها و تنظم أوراق الاعترافات و تشريح القضايا للعرض على المحاكمات فيكون مفتاح‏ العدل‏ بيد إدارة الشرطة من حيث انضباطها و حراستها للشعب حتى لا توجد فرصة للصوص فيسرقون متاع الناس و فرصة للنزاع و القتال فيحدث الجنايات بأنواعها، فهذا مبدأ إجراء العدل في البلاد و من حيث رعاية الحق و الحقيقة في تنظيم أوراق الاعترافات و الشهادات و تشريح القضايا و ضبطها على حقيقتها للعرض على المحاكم و إحقاق حق المظلوم عن الظالم، فلو كان الجند غير معتن بحراسة الناس و نظارة الطرق و الأسواق و الدور ليلا و نهارا لكثر السرقة و الجناية و اختل العدل و النظام، و لو كان الجندي غير دين و غير أمين فيأخذ الرشوة و يقع تحت نفوذ ذوى القدرة فلا يضبط الاعترافات و أوراق الشهادات على ما تحكى عن الواقع و يدسسها و يلطخها بالرشوة و أو غير ذلك فيختل الأمن و العدل‏ و يكثر المظالم بين الشعب.

ب- من حيث أن الظلم و ثلم سياج‏ العدل‏ ينشأ غالبا من القدرة فالمقتدر هو الذى يطمع في أموال الضعفاء و أعراضهم و يتعرض للعدوان و التجاوز، فلما كان السيف و القدرة في يد الجندي فهو الذي يتعرض للظلم على أفراد الشعب. و قد ملى‏ء كتب التواريخ من ارتكاب الامراء و الجنود الظلم على الناس من وجوه شتى و أكثر من يقع منهم الظلم و يختل بهم‏ العدل‏ في كل عصر هم الذين بيدهم السيف و السوط فيطمعون في أموال الناس و أعراضهم و يتجاوزون على حقوق غيرهم سيما إذا كان الوالي نفسه ظالما و متجاوزا فقد قال شاعر فارسي ما معناه:

لو أن الملك أكل تفاحة من‏ الرعية ظلما و عدوانا يستأصل عبيده ألفا من شجرات التفاح ظلما و عدوانا.

و لو أخذ الملك من‏ الرعية خمس بيضات ظلما يشوي جنده و عبيده ألف دجاجة من أموال‏ الرعية ظلما و عدوانا.

ج- من حيث أن امراء الجنود كثيرا ما يطمحون إلى تحصيل مراتب أعلى و مناصب أغلى فيثيرون الفتن و يثورون على الولاة فتقع هناك حروب و ثورات تجر إلى القتل و النهب و الأسر و يشتعل نار الفتنة فتعم الأبرياء و الضعفاء من النساء و الولدان و المرضى و من لا حرج عليهم، و أكثر الفتن في التاريخ نشأت من مطامح و مطامع امراء الجيوش حتى في صدر الاسلام و في حكومة النبي عليه السلام، فهذا خالد بن الوليد أمره النبي صلى الله عليه و آله بعد فتح مكة فعدا على بني جذيمة و قتل منهم رجالا أبرياء فوصل الخبر إلى النبي صلى الله عليه و آله فنادى: اللهم إني أبرا إليك مما فعل خالد، و بعث مولانا علي بن أبي طالب لتلافي خطأ خالد.

قال في سيرة ابن هشام «ص 283 ج 2 ط مصر»: بعث رسول الله صلى الله عليه و آله خالد بن الوليد حين افتتح مكة داعيا و لم يبعثه مقاتلا و معه قبائل من العرب:

سليم بن منصور و مدلج بن مرة فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن كنانة، فلما رآه القوم أخذوا سلاحهم، فقال خالد: ضعوا السلاح فان الناس قد أسلموا، قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أصحابنا من أهل العلم من بني جذيمة- إلى أن قال- فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد عند ذلك فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه و آله رفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم إني أبرا إليك مما صنع خالد بن الوليد.

قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم أنه حدث عن إبراهيم بن جعفر المحمودي قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: رأيت أني لقمت لقمة من حيس فالتذذت‏ طعمها فاعترض في حلقي منها شي‏ء حين ابتلعتها فأدخل على يده فنزعه، فقال أبو بكر الصديق «رض»: يا رسول الله، هذه سرية من سراياك تبعثها فيأتيك بها بعض ما تحب و يكون في بعضها اعتراض فتبعث عليا فيسهله.

قال ابن هشام: و حدثني أنه انفلت رجل من القوم فأتى رسول الله صلى الله عليه و آله فأخبره الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: هل أنكر عليه أحد؟ قال: نعم أنكر عليه رجل أبيض ربعة فنهمه خالد فسكت عنه، و أنكر عليه رجل آخر طويل مضطرب فراجعه فاشتدت مراجعتهما، فقال عمر بن الخطاب: أما الأول يا رسول الله، فابنى عبد الله و أما الاخر فسالم مولى أبي حذيفة- إلى أن قال- ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال: يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم و أمر الجاهلية تحت قدميك، فخرج علي حتى جاءهم و معه مال قد بعث به رسول الله فودى لهم الدماء و ما اصيب لهم من الأموال حتى أنه ليدى لهم ميلغة الكلب حتى إذا لم يبق شي‏ء من دم و لا مال إلا وداه، بقيت معه بقية من المال فقال لهم علي حين فرغ منهم: هل بقى لكم بقية من دم أو مال لم يوديكم؟ قالوا: لا، قال: فاني اعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله صلى الله عليه و آله مما لا يعلم و لا تعلمون …

و قد ارتكب خالد هذا في صدر حكومة أبي بكر قتل مالك بن نويرة و أسر أهله و قبيله على وجه وضيع و فضيح مما فت في عضد العدل الاسلامي بما لم يتدارك بعد، و إذا تصفحت تاريخ أي شعب من الشعوب و تأملت في أحوالهم وجدت أكثر الفتن و المظالم و الجنايات ناشئة من قبل الامراء و رءوس الجيوش، و تمد إلى هذا العصر المضي‏ء بالقوانين و النظامات الدولية العامة الحائزة للامم المتحدة المحافظة على السلم و السلام في جميع الشعوب الملجا لدفع المظالم عن الأبرياء و الضعفاء و مع ذلك لا تمضى سنة بل و أشهر حتى تسمع ثورة عسكرية ناشئة من امراء الجيش هنا و هناك تتضمن مقاتل و مظالم لا تحصى.

و قد نادى عليه السلام في هذا الفصل الذي عقده في عهده التاريخي الذي لا مثيل له‏ بحفظ العدالة و نبه على أن العدالة قرة عين الولاة مشيرا إلى أن‏ استقامة العدل في البلاد مرتبطة بالجند من نواح كثيرة كما بيناه.

ثم توجه عليه السلام في هذا المقام إلى أهم ما يجب في نظام الدولة العادلة، و هو أن يكون الحكومة حكومة الشعب و أن يرى الشعب الحكومة ناشئة منه و حافظة لمصالحه فيودها و يحبها عن ظهر قلبه، فشرح رابطة الأمة و الشعب في حكومة كهذه في خمسة امور جذرية:

1- ظهور مودة الرعية و إظهارهم الحب لها.

2- سلامة صدورهم‏ بالنسبة إلى الحكومة و عدم الحقد و الخصومة بالنسبة إليها.

3- إحاطتهم‏ على ولاة الامور إحاطة الولدان بالوالد مع إظهار الإخلاص و النصيحة لها

4- عدم‏ استثقال‏ إدامة الحكم و الدولة نفورا عن مظالمها.

5- ترك‏ تمنى‏ انقطاع مدة غلبة الحكومة بزوالها رجاء للخلاص عن ظلمها و عدوانها.

و هذه هي امارات حكومة شعبية قائمة على درك الشعب و نيله لحقوقه السياسية المعبر عنه بحكومة الشعب على الشعب المبني على الديموقراطية الأصيلة الصحيحة و إمارة حكومة كهذه هو حسن رابطة الجند مع الشعب و الرعية بحيث يدرك الشعب أن الجند منه و له يحرس منافعه و يدفع عنه هجوم عدوه و يحفظ على‏ العدل‏ و المساواة بين أفراده.

و مما لا شك أن أكثر الحكومات قامت على القهر و الاضطهاد بالنسبة على الامة و الرعية خصوصا في مبادئ تأسيسها في العصور القديمة و بقي في التاريخ أعلام حكومات نمرودية و فرعونية كسمات لرجال جبار ظلام لا يتوقع منهم إلا الارهاب و النهب و ربما يرتعد الفرائض من سماع أسمائهم بعد دفنهم في عمق التاريخ من زمن بعيد، و إنما يظهر قهر الحكومات الجبارة و اضطهادها للرعية على أيدي‏ الجند المأمورين لقهر الناس و قتلهم و أسرهم، فكان الناس من زمن بعيد و في أكثر الشعوب و الامم يواجهون الجندي كعدو ظالم لا ينتظر منه إلا الايلام و الارهاب فوصى عليه السلام في ضمن عهده هذا إلى السعى لقلب هذه الرابطة بين الشعب و الجند و تحويلها إلى رابطة ودية أخوية أسس الاسلام حكومته عليها، فانه جعل وظائف الجند من الامور العامة، و كلف بها جميع الامة ففي عصر النبي صلى الله عليه و آله كل المسلمين جنود و جنود الاسلام كل مسلم بالغ عاقل، فالجند الاسلامي ناش عن صميم الامة فلم يكن هناك جند و شعب متمايزون حتى يرهب الشعب من الجند و يتجاوز الجند على الشعب، و لما توسع الامة الاسلامية بالفتوحات المتواصلة المتوالية و دخل في ظل الاسلام شعوب شتى لم يتسم كلها بسمة الجند الاسلامي وصى عليه السلام في عهده هذا بحفظ الرابطة الودية بين الجند و سائر أفراد الشعب بحيث لا يدرك الشعب أن الجند صنف ممتاز عنه قاهر عليه و حاكم على أمره.

وصيته عليه السلام باحياء الفضيلة و حفظ الحقوق‏

ثم أمر عليه السلام بعدم التضييق على امراء الجنود و حصرهم في درجة واحدة، بل التوسيع عليهم في الارتقاء إلى درجات أعلى بحسب ما لهم من الاستعداد و اللياقة لها فقال عليه السلام‏ (فافسح في آمالهم).

و هذا كما جرى في التاريخ من أمر طارق بن زياد في ما بعد فانه أحد الامراء و القواد الأمجاد الأفذاذ في تاريخ الفتوحات الاسلامية بلغته همته إلى فتح الاندلس بعد استيلاء الجنود الاسلامية على سواحل البحر الأبيض من سورية و مصر إلى المغرب الأقصى إلى المراكش، و يوجب ذلك عبر مضيق جبل الطارق و الزحف على بلاد العدو وراء البحر و لا يرخص موسى بن نصير القائد العام للجنود الاسلامية في ذلك العصر لقصور همته أو غبطته على فتح كهذا من أحد قواده، و لكن طارق عزم على ذلك و عبر مضيق البحر في سبعة آلاف جندي و فتح مملكة اندلس، و أتى باية كبيرة من الرجولية و علو الهمة في تاريخ الفتوحات العسكرية فصار اندلس مملكة إسلامية غنية بالتمدن و العلم منذ ثمانية قرون بقيت آثارها إلى عصرنا هذا، و أمر عليه السلام‏ بحسن الثناء على‏ رجال كهذا و ضبط ما لهم من الماثر في الجهاد إحياء للفضيلة و ترغيبا لسائر الأفراد القاصري الهم و الهمة.

وصيته عليه السلام بالمساواة و ترك التبعيض

المساواة و التاخي أصل إسلامي مال إليه كل الشعوب في هذه العصور الأخيرة المنيرة بالتفكير و الاختراع، و ادرج في برنامج الحقوق العامة البشرية، و لكن المقصود منه ليس تساوي الأفراد في النيل من شئون الحياة: الصالح منهم و الطالح و الجاد منهم و الكسلان على نهج سواء، بل المقصود منه نيل كل ذي حق حقه من حظ الحياة على حسب رتبته العلمية و جده في العمل، فهذا الأصل يبتني على تعيين الحقوق، و قد شرح عليه السلام في هذا الفصل من كلامه هذا الأصل فقال‏ (اعرف لكل امرى‏ء منهم ما أبلى) فأمر بايصال حق الجهد و الاخلاص إلى صاحبه و عرفان هذا الحق بما يوجبه من الرتبة و الامتياز و فسر التبعيض البغيض في امور:

1- إضافة جهد رجل إلى غيره و احتسابه لغير صاحبه.

2- عدم استيفاء حق المجاهد الجاد و التقصير في رعاية حقه على ما يستحقه.

3- احتساب العمل الصغير من رجل شريف كبيرا رعاية لشرفه.

4- استصغار عمل كبير من رجل وضيع بحساب ضعته.

فهذه هى التبعيضات الممنوعة التي توجب سلب الحقوق عن ذوي الحقوق.

توصيته عليه السلام برعاية القانون و تبيين معناه و التثبت عند الترديد و الاشتباه‏

فالقانون في الحكومة الاسلامية هو نص القرآن الصريح و سنة الرسول الثابت الصحيح، فكثيرا ما يعرض امور على الوالي يشكل عليه حكمها و يشتبه عليه‏ أمرها من جهة العرض على القانون فيختلف في حكمها الاراء و يتولد النزاع و قد بين‏ الله‏ حكمه بعد الأمر باطاعة القانون من وجوب إطاعة الله‏ و إطاعة رسوله‏ و إطاعة اولى الأمر الحافظ للقانون بعد الرسول صلى الله عليه و آله‏ فقال «و إن تنازعتم في‏ شي‏ء فردوه إلى الله و الرسول».

و ينبغي البحث في مفاد هذه الاية من وجهين:

الأول أن هذا التنازع‏ الذي يوجب في رفعه الرجوع‏ إلى الله و رسوله‏ هوما يقع بين أفراد الامة الاسلامية غير اولى الأمر الذي أوجب طاعتهم في رديف طاعة الله‏ و طاعة رسوله‏، فيكون النزاع المردود إلى الله و رسوله‏ تارة بين فردين من الامة، و اخرى بين فرد أو جمع من الامة مع‏ اولى الأمر، أو مخصوص بالنزاع بين الامة غير اولى الأمر، و لا بد من القول بأن هذا النزاع لا يشمل‏ اولى الأمر، لأن‏ اولى الأمر عدوا واجب الطاعة كالله و الرسول و لا معنى لوجوب طاعة اولى الأمر و تصوير النزاع معهم بحيث يرد في رفعه‏ إلى الله و الرسول‏، فاولوا الأمر مندرج في الرسول و لا بد من كونهم معصومين و مصونين عن الخطاء و الاشتباه و لا يجتمع وجوب طاعة اولى الأمر على الاطلاق مع كونهم طرفا في النزاع.

الثاني أن هذا التنازع‏ المبحوث عنه في الاية لا بد و أن يكون في الشبهة الحكمية و في العلم بكبرى كلية للحكم الشرعي التي هو نص القانون المرجوع إليه، كاختلاف الصحابة في وجوب الغسل من الدخول بلا إنزال، فأنكره جمع قائلين بأن الماء من الماء حتى رجعوا إلى عموم قوله تعالى «أو لامستم النساء» الشامل للدخول بلا إنزال، و كالنزاع في حكم المجوس من حيث إنهم أهل الكتاب فيشملهم حكم الجزية أم ملحقون بالكافر الحربي حتى رجعوا بدلالة مولانا امير- المؤمنين عليه السلام إلى أنهم أهل كتاب لقوله تعالى «و أصحاب الرس»، و كالنزاع في أمر حلى الكعبة في زمان حكومة عمر، فقال قوم بجواز بيعها و صرفها في تجهيز الجنود الاسلامية لتقوية عساكر الاسلام حتى أرجعهم مولانا أمير المؤمنين إلى ما نزل في القرآن من أحكام الأموال و ما عمل به النبي صلى الله عليه و آله في حلي الكعبة من عدم التعرض لها.

و أما في الشبهات الموضوعية فقد ينازع الامة مع النبي صلى الله عليه و آله نفسه كما وقع في موارد:

منها في الخروج من الحصون للحرب مع المشركين في احد، فرأى النبي أولا التحصن فرد رأيه أكثر الصحابة فرجع إلى قولهم و أفضى إلى هزيمة المسلمين و قتل ما يزيد على سبعين من كبار الصحابة منهم حمزة بن عبد المطلب، و قد شرع الشورى بين النبي و المسلمين بهذا الاعتبار فقال الله تعالى «و شاورهم في الأمر- 159 آل عمران».

و قد أمر عليه السلام لرفع‏ التنازع‏ بالرجوع إلى محكم الكتاب فقال‏ «فالرد إلى الله: الأخذ بمحكم الكتاب» و الظاهر منه أن المرجع عند النزاع أولا هو الرجوع إلى الايات المحكمة من القرآن التي وصفها الله تعالى بأنها ام الكتاب، فقال تعالى: «هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب و أخر متشابهات‏ 7- آل عمران».

فما هى الاية المحكمة؟

الاية المحكمة هى التي لها دلالة واضحة على المعنى يتوافق عرف اللسان الذي نزل عليه القرآن على فهمه منها، و المحكم بحسب الاصطلاح هو الجامع بين النص و الظاهر الذي يتوافق عرف اللسان على فهمه من الكلام، قال الشيخ البهائي في زبدته في مبحث الدلالات: اللفظ إن لم يحتمل غير ما يفهم منه لغة فنص، و إلا فالراجح ظاهر و المرجوح مأول و الجامع بين الأولين محكم و بين الأخيرين متشابه.

فالمحكم هو الظاهر الدلالة على المعنى المقصود مضافا إلى كون معناه أمرا مفهوما للعموم لتضمنها حكما عمليا أو أصلا اعتقاديا كايات الأحكام و ما يدل على التوحيد و صفات الله الجلالية و الجمالية.

فان لم تكن الاية ظاهرة الدلالة على المقصود كالحروف المقطعة الواقعة في أوائل غير واحد من السور، أو تدل على معنى مبهم غامض يحتاج إلى البيان و التوضيح كقوله تعالى «و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية- 17- الحاقة» فليست من الايات المحكمة التي يرجع إليها عند الاختلاف.

فان لم تكن هناك آية محكمة ترفع النزاع فترجع إلى السنة الجامعة الغير المفرقة و هى قول أو تقرير صادر عن النبي صلى الله عليه و آله مجمع عليها بين أصحابه و ثابت عند الامة، و لم تكن النصوص و القضايا الصادرة عنه صلى الله عليه و آله المجمع عليها بين الأصحاب بقليل في ذلك العصر الذي صدر هذا العهد الشريف.

و نختم هذا الفصل بنقل تفسير هذه الاية الشريفة عن «مجمع البيان»:

«يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله» أى الزموا طاعة الله فى ما أمركم به و نهاكم عنه‏ «و أطيعوا الرسول» أى و ألزموا طاعة رسوله أيضا، و إنما أفرد الأمر بطاعة الرسول و إن كانت طاعته مقترنة بطاعة الله، مبالغة في البيان و قطعا لتوهم من توهم أنه لا يجب لزوم ما ليس في القرآن من الأوامر- إلى أن قال- «و اولى الأمر منكم» للمفسرين فيه قولان: أحدهما أنه الامراء عن أبي هريرة و ابن عباس في إحدى الروايتين و ميمون بن مهران و السدي و اختاره الجبائي و البلخي و الطبري، و الاخر أنهم العلماء عن جابر بن عبد الله و ابن عباس في الرواية الاخرى و مجاهد و الحسن و عطا و جماعة، و قال بعضهم: لأنهم الذين يرجع إليهم في الأحكام و يجب الرجوع إليهم عند التنازع‏ دون الولاة.

و أما أصحابنا فانهم رووا عن الباقر و الصادق عليهما السلام أن‏ اولى الأمر الأئمة من آل محمد صلى الله عليه و آله أوجب الله طاعتهم بالاطلاق كما أوحب طاعته و طاعة رسوله و لا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الاطلاق إلا من ثبت عصمته و علم أن باطنه كظاهره و أمن منه الغلط، و إلا يلزم الأمر بالقبيح و ليس ذلك بحاصل في الامراء و لا العلماء سواهم، جل الله أن يأمر بطاعة من يعصيه أو بالانقياد للمختلفين في القول و الفعل، لأنه محال أن يطاع المختلفون كما أنه محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه، و مما يدل على ذلك أيضا أن الله قرن طاعة اولى الأمر بطاعة رسوله كما قرن طاعة رسوله بطاعته و أولو الأمر فوق الخلق جميعا كما أن الرسول فوق‏ اولى الأمر و فوق سائر الخلق، و هذه صفة أئمة الهدى من آل محمد الذين ثبت إمامتهم و عصمتهم و اتفقت الامة على علو رتبتهم و عدالتهم، انتهى ما نقلناه عن التفسير.

الترجمة

و براستى بهترين چيزى كه باعث شادمانى و رضايت واليان است پابرجا شدن عدل و داد است در بلاد و ظهور دوستدارى رعيت است نسبت بانان، و براستى كه اين گنجينه دوستى و مهرورزى را از گنجدان دل آنان نتوان بر آورد مگر باين كه

1- سينه‏ هاشان از كينه پاك باشد.

2- خير خواهى و اخلاص آنان نسبت بواليان محقق نشود مگر باين كه دوستانه و با اطمينان خاطر گرد واليان بر آيند و آن را بسود خود بدانند و سلطنت و تسلط والي را بر خود سنگين و ناروا نشمارند و براى زوال دولت و حكومت او روز شماره نكنند و بقاء حكومت او را بر خود ستم ندانند.

بايد ميدان آرزوى فرماندهان قشون را توسعه بخشى و راه ترقى را در برابر آنها باز گزارى و از آنها ستايش كنى و خدمات ارزنده ‏اى كه انجام داده ‏اند هميشه برشمارى و در نظر آرى زيرا هر چه بيشتر خدمات خوب آنها را ياد آور شوى دليران را بهتر برانگيزد و كناره گيران را تشويق بكار و خدمت باشد.

بايد براى هر كدام حق خدمت او را منظور دارى و خدمت يكى را بپاى ديگرى بحساب نياورى و كمتر از آنچه هست نشمارى، شرافت و مقام هيچكس باعث نشود كه خدمت اندك او را بزرگ بحساب آورى و زبونى و بينوائى هيچكس سبب نشود كه خدمت بزرگ او را بكم گيرى.

اگر تو را در احكام خدا و قانون شرع هدى مشكلى پيش آيد و شبهه‏ اى در حكمى بدلت شود خداوند خودش مردم را در اين باره ارشاد كرده و فرموده:

«أيا كسانى كه گرويديد فرمان خدا را ببريد و فرمان رسول خدا را ببريد و از اولى الأمر را و اگر در باره حكمى ميان شما اختلاف و نزاعى رخ داد آن را از خدا و رسولش جويا شويد» رد حكم بخدا عبارت از عمل بايات روشن قرآن است، و رد حكم و جويا شدنش از رسول خدا بمعنى رجوع بسنت و روش مقرر و ثابت و مورد اتفاق آن حضرت است كه مورد اختلاف نباشد.

الفصل السادس من عهده عليه السلام‏

ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور، و لا تمحكه الخصوم، و لا يتمادى في الزلة، و لا يحصر من الفي‏ء إلى الحق إذا عرفه، و لا تشرف نفسه على طمع و لا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، و أوقفهم في الشبهات، و آخذهم بالحجج، و أقلهم تبرما بمراجعة الخصم، و أصبرهم على تكشف الأمور، و أصرمهم عند اتضاح الحكم ممن لا يزدهيه إطراء و لا يستميله إغراء، و أولئك قليل، ثم أكثر تعاهد قضائه، و افسح له في البذل ما يزيل علته، و تقل معه حاجته إلى الناس، و أعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك، فانظر في ذلك نظرا بليغا، فإن هذا الدين قد كان أسيرا في أيدى الأشرار، يعمل فيه بالهوى، و تطلب به الدنيا.

اللغة

(الحكم) مصدر حكم يحكم و جاء منه حكم تحكيما و تحكم تحكما و حاكم و تحاكم و هو إنشاء نفساني يتعلق بالنسبة بين الموضوع و المحمول ايجابا أو سلبا فيسمى تصديقا و خبرا إذا حكى عما ورائه، و يحتمل الصدق، و الكذب و إنشاء إذا لم يحك بأقسامه من الأمر و النهي و القسم و الدعاء و غير ذلك، و ينسب إلى الشرع فيقال: الحكم الشرعي، و هو طلب الشارع الفعل أو تركه مع استحقاق الذم بمخالفته أو بدونه أو تسويته و يتولد منه الحكم الوضعي بأقسامه أو هو إنشاء مستقل في بعض صوره، و الحكم الشرعي عند الأشاعرة خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، و هذا التفسير أعم و أتم، و الحكم القضائى إنشاء إثبات حق لأحد المترافعين كما إذا اقيم البينة أو اعترف المدعى عليه أو نفيه كما إذا أنكر و حلف، (محك) الرجل: لج و ماحك زيد عمرا: لاجه، (الزلة): موضع الخطر و المزلة، المزلق، (الصرم): القطع، (لا يزدهيه): افتعال من الزهو و هو الكبر، (الاطراء): كثرة المدح، (الاغتيال): الأخذ على غرة.

الاعراب‏

في نفسك: ظرف متعلق بقوله أفضل، ممن: لفظة من للتبعيض و الظرف مستقر و حال من فاعل أفضل، و أوقفهم: عطف على قوله أفضل، قليل: خبر اولئك يستعمل في المفرد و الجمع، ما يزيل علته: لفظة ما اسمية موصوفة بما بعدها أى شيئا أو بذلا يزيل علته، له عندك: ظرفان متعلقان بقوله اغتيال الرجال.

المعنى‏

يحتاج إدارة شئون الاجتماع إلى قانون كلي يتضمن تعيين الحقوق و الحدود بين الأفراد على الوجه الكلي، و إلى قانون يتضمن رفع الاختلاف بينهم عند النزاع و الخصومة في الحقوق التي يتضمنها القوانين العامة، و إلى قوة لإجراء هذه القوانين، و من هنا يقسمون قوى المجتمع الحاكمة على الشعب و الأمة إلى القوة المقننة و القوة القضائية و القوة المجرية، و هذه القوى الثلاثة هى أركان إدارة شعب و امة متمدنة مترقية و لا بد من استقلال كل. هذه القوى في شئونها و عدم مداخلة أي منها في الشئون المتعلقة بالقوة الاخرى حتى يستقيم الامور و تتحقق العدالة في المجتمع و يصل كل ذي حق إلى حقه.

و قد تعرض عليه السلام في هذا الفصل من‏ عهده للأشتر عليه الرحمة حين ولاه مصر إلى القوة القضائية و ما يلزم في القاضي من الأوصاف و الألقاب ليكون أهلا لتصدي منصب القضاء و الحكم بين‏ الناس‏ فقال‏ (ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك) فقد أدرج عليه السلام في هذه الجملة استقلال القوة القضائية حيث إن المتصدي للقضاء لا بد و أن يكون من‏ أفضل‏ أفراد الامة، و إذا كان من‏ أفضل‏ أفراد الامة فيكون مستقلا في أمره و لا يتسلط عليه غيره لأن المفضول لا يحكم على الفاضل و الأفضل، مضافا إلى ما أكد ذلك الاستقلال بما ذكره عليه السلام في آخر الفصل من قوله‏ (و أعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك).

ثم فسر عليه السلام‏ الأفضل‏ بمن يحوز ألقابا ستة:

1- لا تضيق به الامور لقلة الاحاطة بوجوه تدبيرها و عدم قوة التحليل و التجزية للقضايا الواردة عليه فيحار فيها و يعرضه الشك و الترديد في حلها و فصلها.

2- كنايه و لا تمحكه الخصوم، قال في الشرح المعتزلي: جعله ما حكا أى لجوجا، و قال ابن ميثم: أى يغلبه على الحق باللجاج، و قيل: ذلك كناية عن كونه ممن يرتضيه الخصوم فلا تلاجه و يقبل بأول قوله.

أقول: يمكن أن يكون كناية عن كونه بشدة صلابته في أمره و هيبة ايمانه و تمسكه بالحق بحيث لا يطمع‏ الخصوم‏ في جعله محكا يمتحنونه هل يقبل الرشوة أم لا و هل يؤثر فيه التطميع و التهديد أم لا؟

3- و لا يتمادى في الزلة، حيث إن القاضي في معرض الاشتباه دائما من جهة تحيل المترافعين و تشبث كل واحد منهما في جلب نظر القاضي إلى الاعتماد بكون‏ الحق‏ له فاذا عرض له رأى ثم كشف له أنه خلاف‏ الحق لا يتمادى في الزلة و لا يصعب عليه الرجوع‏ إلى الحق‏.

4- لا يحصر من‏ الرجوع‏ إلى الحق إذا عرفه‏، قال الشارح المعتزلي:هو المعنى الأول بعينه، إلا أن ها هنا زيادة، و هو أنه‏ لا يحصر أى لا يعيا في المنطق، لأن من‏ الناس‏ من إذا زل حصر عن أن يرجع و أصابه كالفهاهة و العي و أضاف ابن ميثم أنه لا يأبى للرجوع‏ إلى الحق‏ حفظا لجاهه و خوفا من الشناءة كما يفعله قضاة السوء.

5- أن‏ لا يحدث‏ نفسه بالطمع‏ في الاستفادة من المترافعين فيتوجه إلى إلى الأوفر منهم ثروة أو جاها ليستفيد من ماله أو جاهه، ثم يجره ذلك إلى أخذ الرشوة و الميل عن‏ الحق‏ و الحكم بخلاف‏ الحق‏.

6- أن يكون دقيقا في كشف القضية المعروضة عليه محققا لفهم الحقيقة و لا يكتفي بالنظر السطحي في فهم صدق المتداعيين و كذبهم، بل يكتنه القضية عن طرق كشف الجرم و عن طرق كشف الحقيقة و هى كثيرة غير محصورة جدا، و قد ظهر منه عليه السلام في قضاياه الكثيرة ما يقضي منه العجب.

فمما ذكر من ذلك أنه سافر عبد مع مولا له شاب فادعى العبد أثناء السفر أنه هو المالك لسيده و أنه عبده و عامل معه معاملة المسترق فدخلا كوفة و ترافعا عند علي عليه السلام و لم يكن هناك بينة لأحدهما و لم يعترف العبد المتجاوز للحقيقة بوجه من الوجوه، فأحضرهما يوما و أمر بحفر ثقبتين في جدار متعاكسا و أمرهما باخراج رأسهما من تلك الثقبتين، ثم نادى بصوت عال يا قنبر اضرب عنق العبد، فلما سمع العبد ذلك هابه و أخرج رأسه من الثقبة فورا فصار ذلك اعترافا له بالحقيقة، و قد قرر في محاكم هذه العصور طرائق هائلة في كشف الحقيقة و كشف الجرائم.

فهذه هى الصفات التي توجب فضيلة الفرد و تشكل له شخصية رهيبة تؤهله لتصدي منصب القضاوة، و لم يكتف عليه السلام بهذه الصفات حتى أكملها بستة اخرى فقال:

1- أوقف‏ الرعية عند عروض‏ الشبهة، فلا يأخذ بأحد طرفي الشبهة حتى يفحص و يبين له الحق بدليل علمي يوجب الاطمينان.

2- آخذهم بالحجج‏، فلا يقصر في جمع الدلائل و الأمارات على فهم الحقيقة من أي طريق كان.

3- و أقل الناس‏ تضجرا و قلقا من‏ مراجعة الخصوم‏، فلا ينهرهم و لا يصيح في وجوههم ليسع لهم بيان الحال و المال فينكشف له‏ الحق‏ و لا يضيع حق‏ الخصوم‏ قال الشارح المعتزلي: و هذه الخصلة من محاسن ما شرطه عليه السلام، فان القلق و الضجر و التبرم قبيح و أقبح ما يكون من القاضي.

4- أن يكون‏ أصبر الناس على‏ كشف حقيقة الامور بالبحث و جمع الدلائل.

5- أن يحكم عند وضوح‏ الحق‏ صريحا و قاطعا و لا يؤخر صدور الحكم‏.

6- أن لا يؤثر فيه المدح و الثناء من المتداعيين أو غيرهما فيصير متكبرا و لا يؤثر فيه تحريض الغير فيجلب نظره إلى أحد الخصمين.

و قد أعلن عليه السلام بعد بيان هذه الأوصاف بأن الواجدين لها قليل.

و اعلم أن القضاوة من شئون النبوة كما قال الله تعالى «فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما 65- النساء فهى من شئون الرياسة العامة على الدين و الدنيا الثابتة للنبي بالرسالة و للوصي بحكم الوصاية، و قد ورد في الحديث أن مسند القضاوة مجلس لا يجلسه إلا نبي أو وصي أو شقي، فلا بد من كسب هذا المنصب من النبي و الوصي، فلا يجوز تصدي القضاوة لأحد من عند نفسه و إن كان مجتهدا و واجدا لأوصاف القاضي.

قال في «الرياض» بعد ذكر شرائط القاضي: و اعلم أنه لا بد مع اجتماع هذه الشرائط من إذن الامام بالقضاء لمستجمعها خصوصا أو عموما، و لا يكفي مجرد اجتماعها فيه إجماعا لما مضى من اتفاق النص و الفتوى على اختصاصه عليه السلام بمنصب القضاء، فلا يجوز لأحد التصرف فيه إلا باذنه قطعا و منه ينقدح الوجه في ما اتفقوا عليه من أنه لا ينعقد القضاء بنصب العوام له، أى المستجمع للشرائط أو غيره بالطريق الأولى بينهم قاضيا، انتهى.

ثم استثنى بعد ذلك بقوله: نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم حكمه في حقهما في المشهور بين أصحابنا بل لم ينقلوا فيه خلافا أصلا مستندين إلى وقوع ذلك في زمن الصحابة و لم ينكر أحد منهم ذلك، انتهى.

أقول: لو تم الدليل على ذلك كان من موارد صدور الاذن على وجه العموم فكان قاضي التراضي قاضيا منصوبا بالأدلة العامة.

إلى أن قال: و مع عدم الامام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيت عليهم السلام الجامع للصفات المشترطة في الفتوى لقول أبي عبد الله عليه السلام: فاجعلوه قاضيا فقد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه.

و قد نقل عن الشهيد الثاني في المسالك ما لفظه: ما تقدم من اشتراط نصب القاضي و إن كان فقيها و مجتهدا و عدم نفوذ حكمه إلا مع التراضي به مختص بحال حضور الإمام و تمكنه من نصب القضاة، و أما مع عدم ذلك إما لغيبته أو لعدم بسط يده فيسقط هذا الشرط من جملة الشروط و هو نصب الامام، انتهى.

ثم قال: و ينفذ عندنا قضاء الفقيه العدل الامامي الجامع لباقي الشروط و إن لم يتراض الخصمان بقوله لقول أبي عبد الله عليه السلام لأبي خديجة: إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور و لكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم قاضيا فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه- إلى أن قال: و قريب منها رواية عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أ يحل ذلك؟ فقال عليه السلام من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فانما يأخذه سحقا و إن كان حقه ثابتا لأنه أخذ بحكم الطاغوت و قد أمر الله تعالى أن يكفر به، قلت: كيف يصنعان؟ قال: انظروا إلى من كان منكم روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فارضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما- إلخ.

أقول: يستفاد من الحديثين أن الامام نصب الفقيه الجامع للشرائط قاضيا على وجه العموم فليس هناك استثناء عن اشتراط القضاء باذن الامام، و ظاهر الفقهاء أن القاضي يلزم أن يكون مجتهدا مطلقا فلا يجوز للمتجزي تصدي القضاء و إن كان استفادة ذلك من الحديثين مشكل.

و اعلم أنه قد ذكر الفقهاء للقاضي شرائط كما يلي:

قال في الرياض: و اعلم أن الصفات المشترطة فيه ستة: التكليف بالبلوغ و كمال العقل، و الايمان بالمعنى الأخص أي الاعتقاد بالاصول الخمسة، و العدالة و طهارة المولد عن الزنا، و العلم و لو بالمعنى الشامل للظن الاجتهادي بالحكم الشرعي القائم مقامه بالدليل القطعي فانه في الحقيقة علم و لو بوسيلة الظن فإنه في طريق الحكم لا نفسه، و الذكورة، بلا خلاف في شي‏ء من ذلك أجده بيننا بل عليه الاجماع في عبائر جماعة كالمسالك و غيره في الجميع- إلى أن قال: و لا بد أن يكون ضابطا فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء، و هل يشترط علمه بالكتابة؟

الأشبه نعم- إلى أن قال: و لا ينعقد القضاء للمرأة و في انعقاده للأعمى تردد إلى أن قال: و الأقرب الأشهر أنه لا ينعقد له القضاء- انتهى.

أقول: لا ينطبق ما ذكره الفقهاء من شرائط القاضي على ما ذكره عليه السلام في هذا الفصل من الصفات الاثنتي عشر للقاضي فإن كلامه عليه السلام يخلو من كثير من هذه الشرائط كشرط الايمان بالمعنى الأخص، كيف و قد نصب شريحا قاضيا في أيام حكومته و لم يكن مؤمنا بالمعنى الأخص كما أن. كلامه خال عن اشتراط الذكورة و طهارة المولد، إلا أن يقال إن هذه الشرائط يستفاد من فحوى كلامه فإنها دون ما ذكره عليه السلام من الشرائط للقاضي بكثير مع التوجه إلى قوله عليه السلام‏ (و اولئك قليل).

و هل يشترط هذه الشرائط التي عددها عليه السلام في القاضي على وجه الوجوب فلا يجوز نصب القاضي الفاقد لأحد هذه الشروط مطلقا أو عند وجود واجد هذه الشرائط؟ ظاهر كلام الفقهاء عدم وجوب رعاية وجود كل هذه الشرائط في القاضي و قد ذكروا بعضها من صفات مستحبة له.

قال في الرياض: النظر الثاني في الاداب و هى قسمان: مستحبة و مكروهة و لم يرد بكثير منها نص و لا رواية و لكن ذكرها الأصحاب فلا بأس بمتابعتهم مسامحة في أدلة السنن و الكراهة، فالمستحب إشعار رعيته و أخبارهم بوصوله إن إن لم يشتهر خبره، و الجلوس في قضائه في موضع بارز مثل رحبة أو فضاء يسهل الوصول إليه، و يكون مستقبل القبلة في جلوسه لتحصيل الفضيلة على قول و الأكثر على استحبابه، مستدبر القبلة ليكون وجوه الناس إليها نظرا إلى عموم المصلحة و أن يأخذ مبتدأ ما في يد الحاكم المعزول من حجج الناس و ودائعهم- إلى أن قال: و السؤال بعد ذلك عن أهل السجون و إثبات أسمائهم و البحث عن موجب اعتقالهم و حبسهم ليطلق من يجب إطلاقه، و يستحب تفريق الشهود عند الإقامة، فإنه أوثق خصوصا في موضع الريبة عدا ذوي البصائر و الشأن من العلماء و الصلحاء الأعيان فلا يستحب تفريقهم بل يكره و ربما يحرم لما يتضمن تفريقهم من الغضاضة و المهانة بهم بل ربما يحصل في ذلك كسر قلوبهم، و أن يستحضر من أهل العلم و الاجتهاد من يعاونه في المسائل المشتبهة.

و المكروهات: الاحتجاب أى اتخاذ الحاجب وقت القضاء، للنبوي: من ولى شيئا من امور الناس فاحتجب دون حاجتهم و فاقتهم احتجب الله تعالى دون حاجته و فاقته و فقره- إلى أن قال: و أن يقضي مع ما يشغل النفس كالغضب لغير الله تعالى و الجوع و العطش و المرض و غلبة النعاس و مدافعة الأخبثين و نحو ذلك من المشغلات كما يستفاد من الأخبار ففي النبوي: لا يقضي و هو غضبان، و في آخر:

لا يقضي إلا و هو شبعان- إلى أن قال: و أن يرتب و يعين قوما للشهادة دون غيرهم لما يترتب عليه من التضييق على الناس و الغضاضة من العدل الغير المرتب، و نقل قول بتحريمه نظرا إلى أن ذلك موجب لإبطال شهادة مقبولي الشهادة فانه ربما يتحمل الشهادة غيرهم فاذا لم تقبل شهادتهم ضاع الحق عن أهله و قد قال سبحانه «و أشهدوا ذوى عدل منكم» فأطلق، انتهى.

و قال في مبحث وظائف الحكم و آدابه: و هى أربع: الاولى يجب على القاضي‏ التسوية بين الخصوم في السلام عليهما و رده إذا سلما عليه، و الكلام معهما و المكان لهما فيجلسهما بين يديه معا، و النظر إليهما و الإنصات و الاستماع لكلامهما، و العدل في الحكم بينهما و غير ذلك من أنواع الإكرام كالاذن في الدخول و طلاقة الوجه للنصوص المستفيضة- إلى أن قال: من جملته قول علي عليه السلام لشريح: ثم واس بين المسلمين بوجهك و منطقك و مجلسك حتى لا يطمع قريبك في حيفك، و لا يبأس عدوك من عدلك، انتهى.

و قد ذكر الشارح المعتزلي في هذا الشأن حديثا كما يلي: و استعدى رجل على علي بن أبي طالب عليه السلام عمر بن الخطاب و علي جالس، فالتفت عمر إليه، فقال: قم يا أبا الحسن فاجلس مع خصمك، فقام فجلس معه و تناظرا ثم انصرف الرجل و رجع علي عليه السلام إلى محله، فتبين عمر التغير في وجهه،فقال:يا أبا الحسن، مالي أراك متغيرا، أكرهت ما كان؟ قال: نعم، قال: و ما ذاك؟

قال: كنيتني بحضرة خصمي، هلا قلت: قم يا علي فاجلس مع خصمك، فاعتنق عمر عليا، و جعل يقبل وجهه، و قال: بأبي أنتم بكم هدانا الله و بكم أخرجنا من الظلمة إلى النور.

و نذكر في آخر هذا الفصل ما ذكره الشارح المعتزلي في آداب القاضي نقلا عن الفقهاء:

قال: و قد ذكر الفقهاء في آداب القاضي امورا، قالوا:لا يجوز أن يقبل هدية في أيام القضاء، و لا يجوز قبولها في أيام القضاء ممن له حكومة و خصومة و إن كان ممن له عادة قديمة، و كذلك إن كانت الهدية أنفس و أرفع مما كانت قبل أيام القضاء لا يجوز قبولها، و يجوز أن يحضر القاضي الولائم و لا يحضر عند قوم دون قوم لأن التخصيص يشعر بالميل، و يجوز أن يعود المرضى، و يشهد الجنائز، و يأتي مقدم الغائب، و يكره له مباشرة البيع و الشراء، و لا يجوز أن يقضي و هو غضبان، و لا جائع و لا عطشان، و لا في حال الحزن الشديد، و لا الفرح الشديد، و لا يقضي و النعاس يعانيه، و المرض يقلقه،و لا هو يدافع الأخبثين، و لا في حر مزعج، و لا في برد مزعج، و ينبغي أن يجلس للحكم في موضع بارز يصل إليه كل أحد، و لا يحتجب إلا لعذر، و يستحب أن يكون مجلسه فسيحا لا يتأذي بذلك هو أيضا، و يكره الجلوس في المساجد للقضاء، فان احتاج إلى و كلاء جاز أن يتخذهم و يوصيهم بالرفق بالخصوم و يستحب أن يكون له حبس، و أن يتخذ كاتبا إن احتاج إليه و من شرط كاتبه أن يكون عارفا بما يكتب به عن القضاء، و اختلف في جواز كونه ذميا، و الأظهر أنه لا يجوز، و لا يجوز أن يكون كاتبه فاسقا، و لا يجوز أن يكون الشهود عنده قوما معينين بل الشهادة عامة في من استكمل شروطها.

و اعلم أنه من المقرر في القوانين القضائية في هذا العصر أن الحكم الصادر في قضية واحدة يقبل النقض مرتين، فقسموا الدائرة القضائية إلى ثلاث مراتب:

المحكمة الابتدائية التي يعرض عليها القضية أول مرة فاذا صدر حكم من قاضي هذه المحكمة يكون لمن صدر الحكم عليه أن يعرضه على محكمة الاستيناف و يطلب تجديد النظر فيه، و يجوز لقاضي محكمة الاستيناف نقض الحكم إن رأى فيه خللا من حيث القوانين القضائية، فان أبرمه فلمن هو عليه أن يعرضه مرة ثالثة إلى محكمة أعلى و هي محكمة التميز، فلها أن ينقضه إن رأت فيه خللا فان أبرمته يصير قطعيا باتا لا يقبل النقض، و قد أشار عليه السلام إلى هذه المراتب الثلاثة في ضمن هذا الفصل، فقوله عليه السلام‏ (و لا يحصر من الفى‏ء إلى الحق إذا عرفه) إشارة إلى الحكم الاستينافي، فإن الرجوع‏ إلى الحق‏ إنما يكون بعد صدور حكم ابتدائي في القضية المعروضة على محكمة القضاء، ثم أشار إلى الدرجة الثالثة بقوله‏ (و أكثر تعاهد قضائه) فإن‏ تعاهد القضاء، ثم أشار إلى الدرجة الثالثة بقوله‏ (و أكثر تعاهد قضائه) فإن‏ تعاهد القضاء و الفحص عنها من قبل الوالي يشمل الأحكام الصادرة في القضايا المعروضة، و فائدة الفحص و التعاهد عنها إنما يكون في نقضها إذا رأى الوالي فيها خللا.

ثم أوصى للقضاة بوفور البذل‏ لهم بحيث يكفي لمؤونتهم و سد حاجاتهم،فلا يؤديهم ضيق المعيشة إلى أخذ الرشوة و الميل عن‏ الحق‏.

ثم أوصى بحفظ جانبهم و إعطاء المنزلة العالية لهم عند الوالي‏ بحيث لا يجترى‏ء أحد على انتقادهم لدى‏ الوالي‏ و حط رتبتهم ليكون ذلك مظنة لتهديدهم من قبل ذوي النفوذ بالسعى في عزلهم إذا لم يوافقوا لما أرادوا منهم من الميل عن‏ الحق‏ بنفعهم و المقصود من هذه الجملة حفظ استقلال القوة القضائية عن القوة المقننة و القوة المجرية و عدم تدخل أحد فيها حتى يطمئن القاضي بنفسه و يعتقد أنه لا يحول بينه و بين تشخيص‏ الحق‏ في القضية المعروضة عليه أحد، فيفحص عن‏ الحق‏ و يميزه و يحكم به من دون خوف و لا وجل.

الترجمة

سپس برگزين براى قضاوت ميان مردم در اختلافات آنها بهترين رعاياى خود را در نظر خودت از كسانى كه داراى اين صفات باشند:

1- كارها بر آنها مشكل نگردند و در حل و فصل آنها در نمانند.

2- اهل دعوى آنها را به لجبازى نكشند و در معرض امتحان نياورند.

3- اگر بلغزش و خطائى دچار شدند دنبال آن نروند و بمحض اين كه فهميدند بحق برگردند.

4- رجوع و برگشت بحق پس از فهميدن آن بر آنها دشوار و ناهموار نباشد.

5- خود را در پرتگاه طمع نكشند و پيرامون آن نگردند.

6- بفهم سطحي و ابتدائي در قضايا اكتفاء نكنند و دنبال فهم نهائي و تحقيق كافي باشند.

با اين حال، از همه مردم در مورد شبهه و ابهام حق محتاطتر باشند، و از همه بيشتر دنبال دليل و حجت براى روشن شدن حق بگردند، و از مراجعت أهل دعوى دلگير و تنگ خلق نشوند، و از همه كس براى كشف حقيقت بردبارتر باشند و چون حق را روشن و گويا فهميدند در صدور حكم قاطع باشند.

از كسانى باشند كه ستايش آنها را فريفته و خود بين نسازد و تشويق و ترغيب در آنها مؤثر نگردد و دل آنها را نبرد، اينان كميابند.

سپس بسيار از قضاوت آنها بازرسى كن و بجريان كار آنها مطلع باش و براى قاضي بخشش فراوان كن و حقوق مكفي مقرردار باندازه‏اى كه رفع نياز او را بكند و حاجت وى را بمردم ديگر بحد أقل برساند.

براى او در نزد خود مقامى بس منيع مقرردار كه هيچكدام از خواص كار- گزاران تو بدان مقام طمع نورزند تا بدينوسيله از دستبرد مردان ديگر در پيشگاه تو نسبت بخود مصون باشند، در اين باره نظرى رسا داشته باش زيرا اين دين بدست مردمى بد اسير بوده است، و بهوى و هوس در آن عمل مى‏شده و آنرا وسيله بر آوردن آرزوهاى شيطاني كردند و بوسيله آن دنيا طلبى نمودند.

الفصل السابع من عهده عليه السلام‏

ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا، و لا تولهم محاباة و أثرة، فانهم [فإنهما] جماع من شعب الجور و الخيانة، و توخ منهم أهل التجربة و الحياء من أهل البيوتات الصالحة، و القدم في الإسلام المتقدمة، فإنهم أكرم أخلاقا، و أصح أعراضا و أقل في المطامع إشرافا، و أبلغ في عواقب الامور نظرا، ثم أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، و غنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، و حجة عليهم إن خالفوا أمرك، أو ثلموا أمانتك، ثم تفقد أعمالهم، و ابعث العيون‏ من أهل الصدق و الوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة، و الرفق بالرعية، و تحفظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، و أخذته بما أصاب من عمله، ثم نصبته بمقام المذلة، و وسمته بالخيانة، و قلدته عار التهمة. و تفقد أمر الخراج بما يصلح أهله، فإن في صلاحه و صلاحهم صلاحا لمن سواهم، و لا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس كلهم عيال على الخراج و أهله، و ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، و من طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، و أهلك العباد، و لم يستقم أمره إلا قليلا، فإن شكوا ثقلا أو علة أو انقطاع شرب أو بالة أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش خففت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم، و لا يثقلن عليك شي‏ء خففت به المئونة عنهم، فإنه‏ ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك، و تزيين ولايتك، مع استجلابك حسن ثنائهم، و تبجحك باستفاضة العدل فيهم، معتمدا فضل قوتهم بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم، و الثقة منهم بما عودتهم من عدلك عليهم و رفقك بهم، فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فيه عليهم، من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته، و إنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، و إنما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع، و سوء ظنهم بالبقاء، و قلة انتفاعهم بالعبر.

اللغة

(المحاباة): المعاطاة و العطاء بلا عوض، (الاثرة): الاستبداد و الانعام للحب و المودة، (الجماع): الجمع، (التوخي): التقصد، ثلمت الاناء من باب ضرب: كسرته من حافته، الثلمة كبرمة: الخلل الواقع في الحائط و غيره، (الحدوة): الحث، (وسمه) وسما و سمة: أثر فيه بسمة و كي، و الميسم بكسر الميم اسم الالة التي يكوى بها، يقال (ثقل) الشي‏ء بالضم ثقلا و زان عنب و يسكن للتخفيف فهو ثقيل، (الشرب): النصيب من الماء، (البالة): القليل من الماء يبل به الأرض، و الظاهر أنه في الأراضي التي يسقيه الأمطار فحسب، فاذا قلت الأمطار يقال: اصيب بالبالة، (أحالت) الأرض: تغيرت عما عليه من الاستواء فلم ينجب زرعها و لا أثمر نخلها، و ذلك يكون على أثر السيول و الأمطار الغزيرة (البجح): الفرح، يقال: بجح بالشى‏ء بالكسر و بالفتح لغة ضعيفة و بجحته فتبجح:

أى فرحته ففرح و في حديث: أهل الجنة في خيراتها يتبجحون، (معتمدا):قاصدا، (الاجمام): الاراحة، (الاعواز): الفقر.

الاعراب‏

اختبارا: مفعول له لقوله فاستعملهم، محاباة: مفعول له لقوله لا تولهم، توخ: أمر من توخى يتوخى، و أهل التجربة مفعوله، المتقدمة: صفة لقوله البيوتات، أخلاقا: منصوب على التميز من النسبة في قوله أكرم، ما تحت أيديهم:

ما موصولة و تحت أيديهم ظرف مستقر صلة و العائد محذوف أو مستتر في الظرف باعتبار متعلقه المقدر و يحتمل أن تكون موصوفة و ما بعدها صفتها أى شيئا تحت أيديهم، فان أحد منهم: أحد فاعل فعل مضمر يفسره قوله: بسط يده إلى خيانة اكتفيت بذلك شاهدا: جملة فعلية حالية و قوله فبسطت عليه العقوبة جزاء الشرط، بما يصلح أهله: ما موصولة و ما بعدها صلتها، سواهم: ظرف مستقر صلة لقوله من في لمن، إلا بهم: استثناء مفرغ، خففت عنهم: جزاء شرط لقوله فان شكوا، معتمدا: حال عن المخاطب، من بعد: بضم بعد مبنيا لكون المضاف إليه المحذوف منويا أى بعد ذلك الارفاق، طيبة: حال، من إعواز: من هنا للتعليل.

المعنى‏

قد انبسط النظم السياسي للبلاد في هذه العصور فيتشكل الحكومة من رئيس أو ملك يعين وزراء عديدة لكل شأن من شئون البلد، فوزير للحرب، و وزير للمالية، و وزير للامور الداخلية، و وزير للامور الخارجية، و وزير للعلوم، و وزير للاشغال العامة، و هكذا، و ربما يزيد الوزراء على عشرين وزيرا و يتشكل كل وزارة من مديريات و إدارات كثيرة يشتغل في امورها خلق كثير، و لكن النظم السياسي في صدر حكومة الاسلام كان بسيطا جدا، و هذا هو العلة الرئيسية لتقدم الاسلام و نفوذه في الامم و الشعوب، فكان ينبعث من قبل الخليفة لكل ناحية عامل، و الشغل الرئيسي لهذا العامل مهما كان مدار عمله وسيعا أمران:

1- إقامة الصلاة للناس بامامته فكان حضور الجماعة و الصلاة خلف العامل واجبا على كل المكلفين فيحضرون المسجد كل يوم في مواقيت الصلوات الخمسة و يصطفون وراء العامل فيصلي بهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة في صلاته و يلقنهم‏ العقائد الاسلامية و يدر بهم للاصطفاف تجاه العدو في ميادين الجهاد، فكانت جامعة الصلاة مدرسة للمعارف و تعليم النظامات العسكرية لكل مسلم، و لا يشغل منه إلا مقدار ساعتين في كل يوم و ليلة، و يكون له الفرصة الكافية أن يذهب وراء مشاغله و حرفه المعتادة.

2- جمع الخراج من الدهاقين و الزارعين و يدخل في ضمنه الجزية المفروضة على أهل الكتاب الداخلين في ذمة الاسلام من اليهود و النصارى و المجوس، و هم الأكثرون عددا في هذا العصر المشتغلون بأمر الزراعة و العمران في شتى نواحي البلاد الاسلامية الممتدة من إفريقيا إلى حدود الصين، فكان شخصية الوالي هي النقطة الرئيسية في استقامة نظم البلاد الاسلامية و صحة مسير الاسلام نحو التقدم و الازدهار و نحو هدفه الاساسي الذي هو هداية الناس كافة كما قال الله تعالى:و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا، 28- السبأ و لا يوصل إلى هذا الهدف الرئيسي إلا برعاية القوانين الاسلامية و بث العدل الاسلامي و رعاية نوع البشر و إرائة طريق سعادته بالسيرة و العمل، فكان وظيفة العامل ثقيلة و دقيقة، و من هذه الجهة أوصى لانتخاب العمال بقوله‏ (فاستعملهم اختبارا).

قال في الشرح المعتزلي «ج 17 ص 29 ط مصر»: و هم‏ عمال‏ السواد و الصدقات و الوقوف و المصالح و غيرها، فأمره أن يستعملهم بعد اختبارهم و تجربتهم و أن لا يوليهم‏ محاباة لهم و لمن يشفع فيهم و لا إثرة و لا إنعاما عليهم.

أقول: لا وجه لاختصاص كلامه بصنف من العمال، بل المقصود منه مطلق العمال و من يلي أمر ناحية من البلاد، و الاثرة هو إظهار المحبة لأحد أو التعطف له لتودده أو حاجته أو غير ذلك من الدواعي الخصوصية، و في نسخة ابن ميثم:«فانهم جماع من الجور و الخيانة».

فالمقصود أن العمال الشاغلين للأعمال في زمان عثمان و من تقدمه كانوا جمعا من شعب الجور و الخيانة، فإن الخلفاء الذين تقمصوا الخلافة بغير حق و يخافون على مقامهم من ثورة طلاب الحق و يستعملون في أعمالهم من يوافقهم‏ في نفاقهم و يعينهم على جورهم و شقاقهم ممن ينحرف عن الحق و يميل إلى الباطل لضعف عقيدته و رقة ديانته و ايمانه.

فانظر إلى أبي بكر المتحفظ على الظاهر و المتظاهر بحفظ السيرة النبوية قد اختار خالد بن وليد المنحرف عن أهل بيت النبوة و الحاسد الحاقد على مركز الولاية علي بن أبي طالب أمير الامراء في حكومته و فوض إليه قوة السيف الاسلامي و لقبه سيف الله و سيف شهره رسول الله مع وجود مات من الأبطال في الأصحاب ممن لهم القدمة في الاسلام و الاخلاص و النصيحة، فارتكب خالد جنايات و فضائح في العالم الاسلامي يقشعر الأبدان من سماعها.

و هذا عمر استعمل على الكوفة و هى أحد الثغور الاسلامية الرئيسية بما لها من الوسعة الشاملة من حدود نجد إلى تخوم خراسان مغيرة بن شعبة أحد أعداء أمير المؤمنين الألداء، و هو رجل الجناية و الخيانة من عصره الجاهلي قد التجأ بالاسلام على أثر جناية و خيانة فضيحة ارتكبها كما في سيرة ابن هشام «ص 213 ج 2 ط مصر» قال الزهري في حديثه: ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله عروة بن مسعود الثقفي- إلى أن قال: ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه و آله و هو يكلمه قال: و المغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه و آله في الحديد قال: فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله صلى الله عليه و آله و يقول: اكفف يدك عن وجه رسول- الله صلى الله عليه و آله قبل أن لا تصل إليك «أى المقرعة» قال: و يقول عروة: ويحك ما أفظك و أغلظك؟! قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه و آله فقال له عروة: من هذا يا محمد؟

قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة، قال: أى غدر، و هل غسلت سوأتك إلا بالأمس، قال ابن هشام: أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة بن شعبة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بنى مالك من ثقيف فتهايج الحيان من ثقيف بنو مالك رهط المقتولين و الأحلاف رهط المغيرة فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية و أصلح ذلك الأمر، انتهى.

أقول: و كان قتلهم غدرا لأخذ هداياهم التي أعطاهم ملك اليمن فأخذها و فر بها إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فأسلم و عرضها على رسول الله صلى الله عليه و آله فلم يقبلها، فارتكب في أيام عمله في الكوفة فضيحة الزنا و هو محصن مع ام جميل امرأة ذات بعل على ضوء النهار فاطلع على زناه أربعة من الصحابة و التابعين العاملين في دار- الحكومة منهم زياد بن أبيه فعرضوا أمره إلى عمر فطلبه و الشهود إلى المدينة و حاكمه بنفسه و أدى ثلاثة من الشهود شهادة تامة على ارتكابه الزنا، و لكن لما ورد زياد لأداء الشهادة قال له عمر: أرى وجه رجل لا يفتضح به أحد كبار أصحاب رسول الله، فلقنه بهذا الكلام ما أراد أن يلقنه، فقال زياد: رأيت مغيرة نائما مع ام جميل على فراش واحد و هو راكب على بطن ام جميل و سكت عن رؤيته دخوله فيها كالميل في المكحلة و نقص شهادته و لم ير عمر شهادته كافية فأمر بضرب سائر الشهود حد القذف و برأ مغيرة، و أي فضيحة في الاسلام أفضح من هذه؟.

و أما عمال عثمان فلا يحتاج جورهم و خيانتهم إلى توضيح فانه كالعيان المغني عن البيان، فقال عليه السلام: إن العمال السابقين كانوا جماعا من شعب الجور و الخيانة.

و لكن في نسخة المعتزلي‏ «فانهما جماع من شعب الجور و الخيانة» و قال في شرحه: فانهما- يعني استعمال‏ المحاباة و الاثرة- جماع من شعب الجور و الخيانة و قد تقدم شرح مثل هذه اللفظة، و المعنى أن ذلك يجمع ضروبا من‏ الجور و الخيانة أما الجور فانه يكون قد عدل عن المستحق إلى غير المستحق ففي ذلك جور على المستحق، و أما الخيانة فلأن الأمانة تقتضي تقليد الأكفاء، فمن لم يعتمد ذلك فقد خان من ولاه.

و اغتر ابن ميثم بهذا التفسير فقال: فلا يوليهم‏ محاباة و إثرة، كأن يعطونه شيئا على الولاية فيوليهم و يستأثر بذلك دون مشاورة فيه، فانهما أى المحاباة و الاثرة- كما هو مصرح به في بعض النسخ عوض الضمير- جماع من شعب الجور و الخيانة، أما الجور فللخروج بهما عن واجب العدل المأمور به شرعا، و أما الخيانة فلأن التحري في اختيارهم من الدين و هو أمانة في يد الناصب لهم،فكان نصبهم من دون ذلك بمجرد المحاباة و الاثرة خروجا عن الأمانة و نوعا من‏ الخيانة.

أقول: لا يخفى ما في ما ذكره الشارحان من تطبيق جملة: جماع من شعب الجور و الخيانة على الانتخاب بالمحاباة و الاثرة من التكلف و التعسف، نعم لا إشكال في أن هذا الانتخاب جور و خيانة و لكن لا ينطبق عليه أنه‏ جماع من شعب الجور و الخيانة إلا بالتكلف، فالأظهر أن هذه الجملة راجعة إلى العمال الشاغلين للأعمال قبل حكومته عليه السلام.

ثم أمر عليه السلام بانتخاب العمال‏ من أهل البيوتات الصالحة و المتقدمة في الاسلام‏ لما ذكرنا سابقا من أن كفيل تربية الأفراد في ذلك العصر هى الاسرة و البيت، و لم تكن هناك شهادة على صلاحية الفرد غير النظر في البيت و الاسرة التي ربى فيها و نشأ في ظلها، فقد وصف هؤلاء المربين في البيوت‏ الصالحة بأنهم موصوفون بما يلزم للعامل من كرم الأخلاق و مصونية العرض و قلة الطمع و النظر في عواقب الامور.

ثم أوصى بوفور الأرزاق‏ و الرواتب‏ عليهم‏، لئلا يضطروا إلى الاختلاس مما في‏ أيديهم‏ من أموال الخراج و يتم الحجة عليهم إن خانوا.

ثم أوصى‏ بتفقد أعمالهم و بث‏ العيون عليهم‏ لحثهم‏ على‏ حفظ الأمانة و الرفق بالرعية.

ثم شرع‏ عقوبة الخائن الذي ثبت خيانته باتفاق‏ أخبار العيون‏ و المتفقدين في البدن بعرضهم على السياط و عزلهم عن العمل و إعلام خيانتهم للعموم و تقليدهم‏ بعار التهمة و أثر ذلك انفصالهم عن شغلهم أبدا.

ثم توجه إلى‏ أمر الخراج‏ و هو المصدر الوحيد في هذا العصر لخزانة الحكومة و ما يلزمها من المصارف في شتى حوائجها من أرزاق الجند و رواتب العمال و الخدم، و نبه على أن المبدأ الوحيد للخراج‏ هو عمران‏ البلاد بالزرع و الغرس و ما يتحصل منه عوائد جديدة و بين أن التوليدات المثمرة إنما هى‏ من الزراعة و تربية المواشي، و كليهما يتفقان على عمران‏ البلاد و قدرة الزراع و الدهاقين المالية على العمل في الانتاج و التوليد و أن طلب‏ الخراج‏ مع قطع النظر عن العمران موجب للخراب و الاستيصال.

و من واجب العمران التوجه إلى الافات الطارئة في المحاصيل الزراعية و الحيوانية، فقال عليه السلام‏ «فان شكوا ثقلا- أى جورا- في ضرب مقدار الخراج‏ المضروب عليهم أو جور العمال في أخذه‏ أو علة نحو أن يصيب الغلة آفة كالجراد و البرق و البرد و غيرها.

أو انقطاع شرب‏- بأن ينقص الماء في النهر أو طم القنوات في أثر السيول أو الزلازل و نحوها.

أو بالة- يعني قلة الأمطار في ما يسقى بماء المطر أو كثرة الأمطار الموجبة للسيول الجارفة للزرع و الشجر.

أو إحالة أرض اغتمرها غرق‏- يعني أن الأرض قد تحولت في أثر السيول أو تكرار الزرع فلم يحصل منها زرع لأن الغرق غمرها و أفسد زرعها.

أو أجحف بها عطش‏ فأتلفها.

فلا بد من سماع الشكوى و التحقيق عنها و التخفيف على الزراع و الدهاقين و بذل المساعدة لهم بحيث‏ يصلح أمرهم‏ و يتمكنوا من الاشتغال بالعمران و نبه على أن هذا التخفيف و المساعدة لم يذهب هدرا، لأنه:

1- ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك‏.

2- زينة و افتخار لولايتك‏ فان زينة الوالي عمران البلاد و راحة العباد.

3- تكتسب‏ حسن ثنائهم‏ عليك و تسر باستفاضة العدل فيهم‏ مع اعتمادك على‏ فضل قوتهم بما ذخرت عندهم‏ من توجهك عليهم و توجههم عليك بالوثوق بك و الاعتماد بعدلك‏ و رفقك‏.

4- فربما حدث‏ عليك حادث و تحتاج إلى الاقتراض منهم أو طلب المعونة منهم أو مساعدتهم لك بنفوسهم فيجيبونك و يساعدونك بطيب‏ أنفسهم‏.

ثم انتج من ذلك ضابطتين عامتين هامتين:

1- العمران محتمل ما حملته‏.

2- يؤتى خراب الأرض من‏ فقر أهلها و إعوازهم مصارف عمرانها.

ثم نبه على أن‏ إعواز أهل الأرض ناش عن الولاة السوء الذي لا هم لهم إلا جمع المال و الأخذ من الرعايا بكل حال، لسوء ظنهم ببقائهم على العمل و خوفهم من العزل و عدم انتفاعهم بالعبر و اعتقادهم بالعقوبة من الله في الاخرة.

و قد نقل الشارح المعتزلي هنا ما يؤيد كلام مولانا لا بأس بنقله قال:

عهد سابور بن اردشير لابنه‏

و قد وجدت في عهد سابور بن أردشير إلى ابنه كلاما يشابه كلام أمير المؤمنين عليه السلام في هذا العهد و هو قوله:

و اعلم أن قوام أمرك بدرور الخراج، و درور الخراج بعمارة البلاد، و بلوغ الغاية في ذلك استصلاح أهله بالعدل عليهم، و المعونة لهم، فإن بعض الامور لبعض سبب، و عوام الناس لخواصهم عدة، و بكل صنف منهم إلى الاخر حاجة، فاختر لذلك أفضل من تقدر عليه من كتابك، و ليكونوا من أهل البصر و العفاف و الكفاية، و استرسل إلى كل أحد منهم شخصا يضطلع به، و يمكنه تعجيل الفراغ منه، فان اطلعت على أن أحدا منهم خان أو تعدى، فنكل به، و بالغ في عقوبته، و احذر أن تستعمل على الأرض الكثير خراجها إلا البعيد الصوت، العظيم شرف المنزلة و لا تولين أحدا من قواد جندك الذين هم عدة للحرب، و جنة من الأعداء شيئا من أمر الخراج، فلعلك تهجم من بعضهم على خيانة في المال، أو تضييع للعمل فان سوغته المال، و أغضيت له على التضييع كان ذلك هلاكا و إضرارا بك و برعيتك و داعية إلى فساد غيره، و إن أنت كافأته فقد استفسدته، و أضقت صدره، و هذا أمر توقيه حزم، و الإقدام عليه حزق، و التقصير فيه عجز.

و اعلم أن من أهل الخراج من يلجى‏ء بعض أرضه و ضياعه إلى خاصة الملك‏ و بطانته لأحد أمرين، أنت حرى بكراهتهما، إما لامتناع من جور العمال و ظلم الولاة، و تلك منزلة يظهر بها سوء أثر العمال و ضعف الملك و إخلاله بما تحت يده، و إما للدفع عما يلزم من الحق و التيسر له، و هذه خلة تفسد بها آداب الرعية، و تنقص بها أموال الملك، فاحذر ذلك، و عاقب الملتجئين و الملجأ إليهم.

الترجمة

سپس در كارهاى كارمندان و عمال خود بنگر و از روى امتحان و آزمايش آنان را بكار بگمار و بمحض دلخوشى و احسان به آنها يا خويش و اظهار خصوصيت با آنها كارگزارشان مكن، زيرا آنها مجموعه‏اى از تيره‏هاى جور و ستم و خيانتند.

از ميان آنان اهل تجربه و مردم آبرومند را انتخاب كن، كسانى كه از خانواده ‏هاى خوب و پيشقدم در اسلام هستند و پيشرو بودند، زيرا كه آنان:

1- اخلاقى گرامى ‏تر و اصيل‏تر دارند.

2- آبروى آنها نيالوده و محفوظ و بابروى خود علاقه دارند.

3- كمتر پيرامون طمع و جلب منافع مى ‏گردند.

4- در عواقب امور و دنباله كارها نظرى رساتر و عميق‏تر دارند و ملاحظه عاقبت كار خود را بهتر مى‏ كنند.

سپس حقوق و ارزاق مكفي بدانها بده زيرا وفور معيشت مايه اصلاح نفوس آنها است و سبب بى ‏نيازى آنان از تصرف در اموالى كه زير دست آنها است مى ‏شود و وسيله اتمام حجت بر آنها مى‏ گردد در صورتى كه از دستور تو سرپيچند و در امانتت خيانت ورزند.

سپس كارهاى آنان را زير نظر بگير و ديده بان‏هاى درست و وفادار بر آنها بگمار، زيرا بازرسى پنهانى تو از كارهاى آنان موجب تشويق آنها است بر امانتدارى و خوشرفتارى با رعيت، معاونان خود را خوب بپا و اگر از آنها كسى دست بخيانت گشود و مورد اتفاق نظر خبر گزاران و ديده‏بانان گرديد و گواهى آنانرا در باره‏

اثبات جرمش كافي دانستى او را زير تازيانه مجازات بكش و مسئول كار خودش بشناس و در معرض خوارى در آور و داغ خيانت بر پيشانى او بنه و جامه ننگين تهمت را در بر او كن.

از وضع خراج و در آمد املاك بازرسى كن بوجهى كه مايه بهبود خراج‏گزاران باشد، زيرا در بهبود امر خراج و بهبود حال خراج‏گزاران بهبود حال ديگران نهفته است و ديگران را جز بدانها بهبودى حال ميسر نيست، زيرا همه مردم نانخوران خراجند و خراج‏گزاران، و بايد توجه تو بابادى زمين بيشتر باشد از توجه بجلب خراج، زيرا خراج جز از زمين آباد بدست نيايد و هر كس آباد نكرده خراج خواهد شهرستانها را ويران و بندگان خدا را نابود سازد و جز اندك زمانى كارش درست نيايد.

اگر زارعان و دهقانان شكايت كردند از فزونى و گرانى مقدار خراج يا از آفت در زراعت يا قطع آب يا كمى باران يا دگرگونى و فساد زمين زراعت و درخت بواسطه آنكه سيل آنرا غرق كرده يا تشنگى بدان زيان رسانيده خراج آنها را تا حدى كه مايه بهبود حالشان باشد تخفيف بده و اين تخفيف كه مايه كمك بدانها است بر تو گران نيايد زيرا:

1- اين ذخيره و پس اندازيست در ملك كه بوسيله آباد كردن بلاد تو بتو برمي گردد.

2- سبب زيور و آرايش حكمرانى تواست.

3- مايه جلب ستايش آنان و شادمانى تو بانتشار عدالت در باره آنها است در حالى كه بفزونى نيروى آنها اعتماد دارى بدانچه براى آنها ذخيره كردى و فراهم آوردى و جلب اعتماد آنها را بخود نمودى بوسيله آنكه آنها را بعدالت گسترى خود معتاد ساختى و با نرمش با آنها معامله كردى.

بعلاوه بسا باشد كه براى تو پيشامدى رخ دهد و گرفتارى پيش آيد و چون تو با آنها احسان كردى و خوشرفتارى نمودى و اعتماد آنها را جلب كردى در دنبال آن هر تقاضا را با طيب خاطر پذيرا شوند و بتو هر گونه كمك و مساعدت را از روى‏ رضا و رغبت تقديم دارند.

بابادانى هر چه بار نهى بار مى‏كشد و همانا ويرانى سرزمينها زائيده ندارى و بى وسيله‏اى أهل آن سرزمين است آيا ندارى و بيچارگى مردم از كجا ناشى مى‏ شود؟

از توجه كارگزاران بجمع مال دنيا و ربودن دسترنج مردمان براى بدبينى آن كارگزاران نسبت به بقاء آنان بر سر كار خود و بواسطه كم عبرت گرفتن آنها از آنچه براى مردم با ايمان و با بصيرت مايه عبرتست.

الفصل الثامن من عهده عليه السلام‏

ثم انظر في حال كتابك فول على أمورك خيرهم، و اخصص رسائلك التي تدخل فيها مكائدك و أسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ممن لا تبطره الكرامة فيجترئ بها عليك في خلاف لك بحضرة ملإ، و لا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات عمالك عليك، و إصدار جواباتها على الصواب عنك فيما يأخذ لك و يعطي منك، و لا يضعف عقدا اعتقده لك، و لا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك، و لا يجهل مبلغ قدر نفسه في الامور، فإن الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل، ثم لا يكن اختيارك إياهم على فراستك و استنامتك و حسن الظن منك، فإن الرجال يتعرفون لفراسات الولاة بتصنعهم و حسن خدمتهم [حديثهم‏] و ليس وراء ذلك من النصيحة

و الأمانة شي‏ء، و لكن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلك، فاعمد لأحسنهم كان في العامة أثرا، و أعرفهم بالأمانة وجها، فإن ذلك دليل على نصيحتك لله و لمن وليت أمره، و اجعل لرأس كل أمر من أمورك رأسا منهم لا يقهره كبيرها، و لا يتشتت عليه كثيرها، و مهما كان في كتابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته.

اللغة

(كتاب) جمع كاتب: من يتولي ديوان المكاتبات، (مكائد): جمع مكيدة: تدبير سري تجاه العدو، (لا تبطره): و قد تكرر في الحديث ذكر البطر و هو كما قيل: سوء احتمال الغنى و الطغيان عند النعمة و يقال: هو التجبر و شدة النشاط، و قد بطر بالكسر يبطر بالفتح- مجمع البحرين-.

(الملأ): قيل: الملأ جماعة من الناس يملئون العين و القلب هيبة، و قيل:

هم أشراف الناس و رؤساؤهم الذين يرجع إلى قولهم، (العقد): المعاهدة في أمر بين اثنين، (الفراسة) بالكسر الاسم من قولك تفرست فيه خيرا، و هي نوعان أحدهما ما يوقعه الله في قلوب أوليائه فيعلمون بعض أحوال الناس بنوع من الكرامات و إصابة الحدس و الظن و هو ما دل عليه ظاهر الحديث: اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله، و ثانيهما نوع يعلم بالدلائل و التجارب، (استنام) إلى كذا: سكن إليه، (تغابيت) عنه: تغافلت عنه.

الاعراب‏

ممن لا تبطره: من للتبعيض، بحضرة ملأ: متعلق بقوله فيجترئ، فيما يأخذ: لفظة ما موصولة و ما بعدها صلتها و العائد محذوف، وراء ذلك، ظرف‏ مستقر خبر ليس قدم على اسمها و هو شي‏ء، بما ولوا: يجوز أن تكون ما مصدرية:

أى بالولاية التي ولوها و العائد محذوف على أي تقدير، كان في العامة: اسم كان مقدر فيه و في العامة ظرف مستقر خبر له، و أثرا تميز من قوله عليه السلام لأحسنهم ألزمته: جزاء قوله عليه السلام: مهما كان.

المعنى‏

من أهم النظامات الرئيسية في الدول الراقية و المتمدنة نظام الديوان و الكتاب، فقد اهتم به الملوك و الرؤساء من عهد قديم و تمثل في النظام الاسلامي في عهد النبي صلى الله عليه و آله في كتابة آى القرآن، و قد دار حول النبي في هذا العصر مع ندرة الكاتب في الامة العربية الاميين اثنى عشر كاتبا يوصفون بكتاب الوحى يرأسهم مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، و قد اهتم النبي صلى الله عليه و آله بتوفير الكتاب في الجامعة الإسلامية حتى جعل فداء أسرى الحروب الكاتبين تعليم الكتابة لعشر نفر من المسلمين، و كان علي عليه السلام هو الكاتب المخصوص للنبي صلى الله عليه و آله يتولي كتابة العهود و المواثيق بينه و بين الناس في مواقف كثيرة على الأكثر: منها كتابه عهد الصلح بين المسلمين و قبائل اليهود الساكنين حول المدينة في صدر الهجرة، كما في سيرة ابن هشام «ص 301 ج 1 ط مصر».

قال ابن إسحاق: و كتب رسول الله صلى الله عليه و آله كتابا بين المهاجرين و الأنصار و وادع فيه يهود و عاهدهم و أقرهم على دينهم و أموالهم و شرط عليهم و اشترط لهم.

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه و آله بين المؤمنين و المسلمين من قريش و يثرب و من تبعهم «و» فلحق بهم و جاهد معهم إنهم امة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم و هم يفدون عانيهم بالمعروف و القسط بين المؤمنين و بنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الاولى و كل طائفة تفدى عانيها بالمعروف و القسط بين المؤمنين و بنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الاولى و كل طائفة منهم تفدى عانيها بالمعروف و القسط بين‏ المؤمنين و بنو النجار على ربعتهم- إلى أن قال: و أنه من تبعنا من يهود فإن له النصر و الأسوة غير مظلومين و لا متناصرين عليهم- إلخ.

و هو عهد تاريخي غزير اللفظ و المعنى، و لم يصرح في السيرة باسم الكاتب و لكن الظاهر أنه علي بن أبي طالب عليه السلام- فتدبر.

و منها العهد التاريخي المنعقد بينه صلى الله عليه و آله مع قريش في واقعة الحديبية حيث منع قبائل قريش مكة عن دخول المسلمين مكة المكرمة لأداء العمرة و صدوهم في وادي حديبية و عرضوهم للحرب، فامتنع النبي صلى الله عليه و آله عن إثارة حرب في هذه الواقعة و تردد بينه و بين قريش عدة من الرجال حتى تمكن سهيل بن عمرو من عقد صلح بين النبي صلى الله عليه و آله مع قريش في ضمن شروط هامة ثقيلة على المسلمين و تولى علي عليه السلام كتابة هذا العهد، كما في سيرة ابن هشام «ص 216 ج 2 ط مصر»:

قال: ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و آله علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال: اكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: لا أعرف هذا و لكن اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: اكتب باسمك اللهم، فكتبها، ثم قال: اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو قال: فقال سهيل: لو شهدت أنك رسول الله لم اقاتلك و لكن اكتب اسمك و اسم أبيك، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه و آله اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو و اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس و يكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم و من جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه و أن بيننا عيبة مكفوفة و أنه لا إسلال و لا إغلال و أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد و عهده دخل فيه و من أحب أن يدخل في عقد قريش و عهدهم دخل فيه فتواثبت خزاعة فقالوا نحن في عقد محمد و عهده و تواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش و عهدهم و أنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة و أنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها- إلى أن قال: في بيان شهود الكتاب:

و علي بن أبي طالب و كتب و كان هو كاتب الصحيفة.

و قد بين عليه السلام في هذا الفصل نظام الديوان و ألقاب الكتاب اللائقين الأنجاب و نظم أمر الديوان و الكتاب في مباحث قيمة.

1- في شخصية الكاتب من الوجهة الأخلاقية و رعاية الأمانة و الصداقة و لم يتعرض عليه السلام لما يلزم في الكاتب من الوجهة الفنية و ما يجب عليه من تعلم الخط و تحصيل درجات علمية ليتمكن من الاشتغال بكتابة الديوان العالي لأنه معلوم بالضرورة لمن يعرض نفسه لهذا المنصب العالي فشغل الكتابة في ديوان رسمي يحتاج في عصرنا هذا إلى شهادة إتمام تحصيلات الدورة المتوسطة مضافا إلى ما يلزم له من التعلم الخصوصي لفن الكتابة و الفوز بجودة الخط.

و قد لخص الوصف العام للكاتب بقوله عليه السلام‏ (فول على امورك خيرهم) قال ابن ميثم: و تفسير الخير هنا هو من كان تقيا قيما بما يراد منه من مصالح العمل.

أقول: كأنه غفل عن معنى التفضيل المصرح به في قوله عليه السلام: خيرهم‏.

قال في الشرح المعتزلي:

فصل في الكتاب و ما يلزمهم من الاداب‏

و اعلم أن الكاتب الذي يشير أمير المؤمنين عليه السلام إليه هو الذي يسمى الان في الاصطلاح العرفي وزيرا، لأنه صاحب تدبير حضرة الأمير، و النائب عنه في اموره و إليه تصل مكتوبات العمال و عنه تصدر الأجوبة، و إليه العرض على الأمير، و هو المستدرك على العمال، و المهيمن عليهم، و هو على الحقيقة كاتب الكتاب، و لهذا يسمونه الكاتب المطلق.

أقول: الوزارة منصب ممتاز عن الكتابة في عصرنا هذا و أظن أنه كان ممتازا في العصور السابقة، و إن كان الوزير يشتغل بالكتابة و إنشاء ما يهم من الكتب في بعض الأزمان، و في بعض الأحيان إلا أنه لا يدل على كون الكاتب هو الوزير، فقد كان في عهد هارون و مأمون يصدر التوقيعات الهامة في الامور

العامة المرتبطة بدار الخلافة بقلم يحيى بن خالد البرمكي و ابنه جعفر و فضل و لهم مقام الوزارة في ديوان الخلافة إلا أنه لم يعهد توصيفهم بالكاتب في كتب السير و التواريخ.

قال: و كان يقال للكاتب على الملك ثلث: رفع الحجاب عنه، و اتهام الوشاة عليه، و إفشاء السر لديه.

2- في تقسيم الكتاب إلى درجات و طبقات:

فمنهم كاتب السر، فأوصى فيه بأن يكون أجمع الكتاب للأخلاق الصالحة و لا يكون خفيف المزاج فيسوء فيه أثر خلواته مع الوالي و توديعه أسراره لديه فيعتريه البطر و الطغيان على الوالي فيجترئ عليه بإظهار الخلاف و الأنانية في المحضر الحافل بالأشراف و الرؤساء و الامراء فيهون الوالي بجرأته عليه و يضعف قدره عند الملأ.

و منهم كاتب الديوان العام الذي يرد عليه مكاتبات العمال و يتكلف جوابها فيوصي عليه السلام فيه أن يكون حافظا يقظا لا يسامح في اصدار جواب هذه الكتب على وجه الصواب سواء فيما يتعلق بأخذ الخراج و العوائد أو ما يتعلق باعطاء الرواتب و المصارف، فيضبط ذلك كله ليتمكن الوالى من النظر في الواردات و الصادرات.

و أن يكون فطنا ليقا في تنظيم مواد العهود و العقود بين الوالي و غيره من أصناف الرعايا أو الأجانب، و هذا أمر يحتاج إلى بصيرة فائقة و فطنة وقادة يقتدر صاحبها إلى تنظيم مواد المعاهدة محكمة غير مبهمة بحيث لا يمكن لطرف المعاهدة أن يجعل بعض جملها مبهمة و يفسرها على ما يريد كما أنه يحتاج التخلص عن المسئولية تجاه مقررات العهود إلى بصيرة و حسن تعبير عبر عليه السلام بقوله‏ (و لا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك).

و اشترط في الكاتب أن يعرف قدره و يقف عند حده في إعمال النفوذ لدى الوالي و لا يغتر بصحبته مع الوالي و مجالسته معه لأداء ما يجب عليه من شغله في إنهاء الرسائل إليه و أخذ الإمضاء منه في جوابها فلا يحسب هذا الحضور و المجالسة التي يقتضيها شغله دلالا على الوالي فيطير فوق قدره.

ثم نبه على أن انتخاب الكتاب و انتصابهم في هذا الشغل الهام لا بد و أن يكون معتمدا على اختبار كامل في صلاحيتهم و لا يكتفي في إثبات لياقتهم بمجرد الحدس و الفراسة و حسن الظن الناشي عن التظاهر بالإخلاص و تقديم الخدمة لأن الرجال أهل تصنع و تظاهر ربما يغتر الوالي بهما و هم خلو من الاخلاص في الباطن.

و بين عليه السلام أن الدليل على صلاحيتهم سابقتهم في تولي الكتابة للصالحين قبل ذلك مع حسن أثرهم في نظر العامة و عرفان أمانتهم عند الناس.

ثم أشار إلى تفنن أمر الكتابة و وجوهها المختلفة فأمر بأن يجعل لكل من الامور رئيسا لائقا من الكتاب الماهرين في هذا الفن بحيث لا يقهره مشكل ورد عليه و لا يعجز عن الإدارة إذا تكثرت الواردات عليه، و نبه على أنه من الواجب الفحص عن صحة عمل الكتاب و عدم الغفلة عنهم فلو غفل عنهم و تضرر الناس منهم كان تبعته على الوالي و هو مسئول عنه.

و نذكر هنا وصية صدرت من ابرويز إلى كاتبه نقلا عن الشرح المعتزلي «ص 81 ج 17 ط مصر».

و قال أبرويز لكاتبه: اكتم السر، و اصدق الحديث، و اجتهد في النصيحة و عليك بالحذر، فان لك على أن لا اعجل عليك حتى أستأني لك، و لا أقبل فيك قولا حتى أستيقن، و لا أطمع فيك أحدا فتغتال، و اعلم أنك بمنجاة رفعة فلا تحطها و في ظل مملكة فلا تستزيلنه، قارب الناس مجاملة من نفسك، و باعدهم مسامحة عن عدوك، و اقصد إلى الجميل ازدراعا لغدك و تنزه بالعفاف صونا لمروءتك، و تحسن عندي بما قدرت عليه، احذر لا تسرعن الألسنة عليك، و لا تقبحن الاحدوثة عنك، و صن نفسك صون الدرة الصافية، و أخلصها خلاص الفضة البيضاء و عاتبها معاتبة الحذر المشفق، و حصنها تحصين المدينة المنيعة، لا تدعن أن ترفع إلى الصغير فانه يدل على الكبير، و لا تكتمن عنى الكبير فإنه ليس بشاغل‏ عن الصغير، هذب امورك، ثم القنى بها، و احكم أمرك، ثم راجعنى فيه، و لا تجترئن على فامتعض، و لا تنقبضن مني فأتهم، و لا تمرضن ما تلقاني به و لا تخدجنه، و إذا أفكرت فلا تعجل، و إذا كتبت فلا تعذر، و لا تستعن بالفضول فإنها علاوة على الكفاية، و لا تقصرن عن التحقيق فانها هجنة بالمقالة، و لا تلبس كلاما بكلام، و لا تبعدن معنى عن معنى، و اكرم لي كتابك عن ثلاث:

خضوع يستخفه، و انتشار يهجنه، و معان تعقد به، و اجمع الكثير مما تريد في القليل مما تقول، و ليكن بسطة كلامك على كلام السوقة كبسطة الملك الذي تحدثه على الملوك، فاجعله عاليا كعلوه، و فائقا كتفوقه، فانما جماع الكلام كله خصال أربع: سؤالك الشي‏ء، و سؤالك عن الشي‏ء، و أمرك بالشي‏ء، و خبرك عن الشي‏ء، فهذه الخصال دعائم المقالات، إن التمس إليها خامس لم يوجد، و إن نقص منها واحد لم يتم، فاذا أمرت فأحكم، و إذا سألت فأوضح، و إذا طلبت فأسمح و إذا أخبرت فحقق، فانك إذا فعلت ذلك أخذت بجراثيم القول كله، فلم يشتبه عليك واردة، و لم تعجزك صادرة، أثبت في دواوينك ما أخذت، احص فيها ما أخرجت، و تيقظ لما تعطى، و تجرد لما تأخذ، و لا يغلبنك النسيان عن الاحصاء و لا الاناة عن التقدم، و لا تخرجن وزن قيراط في غير حق، و لا تعظمن إخراج الالوف الكثيرة في الحق، و ليكن ذلك كله عن مؤامرتي.

الترجمة

سپس در حال كاتبان آستانت نظر كن و كارهايت را به بهترين آنان بسپار و نامه‏ هاى محرمانه و حاوى تدبيرات خود را مخصوص كسى كن كه:

1- بيشتر از همه واجد اخلاق شايسته و نيك باشد.

2- احترام و مقام مخصوص نزد تو او را مست و بيخود نسازد تا در حضور بزرگان و سروران با تو اظهار مخالفت كند و نسبت بتو گستاخى و دليرى كند.

3- غفلت و مسامحه كارى مايه كوتاه آمدن او از عرض نامه‏هاى عمال تو

بر تو و صدور پاسخهاى درست آنها نگردد چه در باره آنچه براى تو دريافت مى‏شود و چه در باره آنچه از طرف تو پرداخت مى‏گردد.

4- عهد نامه‏اى كه براى تو تنظيم ميكند سست و شكننده نباشد، و از آزاد كردن تو از قيد مقررات عهدنامه‏ها بوسيله تفسيرهاى پذيرفته عاجز نماند.

5- باندازه خود و حدود مداخله او در كارها نادان و نفهميده نباشد زيرا كسى كه اندازه خود را نداند باندازه و قدر و مرتبه ديگران نادانتر باشد.

سپس بايد انتخاب و انتصاب آنان در مقام منيع كاتبان متكى بخوشبيني و دلباختگى و خوش گمانى تو نباشد زيرا مردان زرنگ راه جلب فراست و خوشبينى واليان را بوسيله ظاهر سازى و تظاهر بخوش خدمتى خوب مى‏شناشند، در صورتى كه در پس اين ظاهر سازى هيچ اخلاص و حقيقتى وجود ندارد و ليكن بايد آنها را بوسيله تصدى كارهاى مربوطه براى نيكان پيش از خود بيازمائى، و هر كدام نزد عموم مردم خوش سابقه‏تر و بأمانت دارى معروفترند بر گزينى كه اين خود دليل است بر اين كه نسبت به پروردگار خود بكسى كه از جانب او متصدى ولايت و فرمانگزارى شدى خير انديشى كردى.

و بايد براى هر نوعى از كارهاى خود رئيسى براى دفتر مربوطه انتخاب كنى كه كارهاى مهم او را مقهور و درمانده نسازند و كارهاى بسيار او را پريشان نكنند، و بايد بدانى هر عيبى در كاتبان تو باشد و مايه زيان گردد تو خود مسئول آنى.

الفصل التاسع من عهده عليه السلام‏

ثم استوص بالتجار و ذوي الصناعات و أوص بهم خيرا، المقيم منهم و المضطرب بماله، و المترفق ببدنه [بيديه‏]، فإنهم‏ مواد المنافع، و أسباب المرافق، و جلابها من المباعد و المطارح في برك و بحرك، و سهلك و جبلك، [و] حيث لا يلتئم الناس لمواضعها، و لا يجترءون عليها، فإنهم سلم لا تخاف بائقته، و صلح لا تخشى غائلته، و تفقد أمورهم بحضرتك و في حواشي بلادك و اعلم- مع ذلك- أن في كثير منهم ضيقا فاحشا، و شحا قبيحا، و احتكارا للمنافع، و تحكما في البياعات، و ذلك باب مضرة للعامة، و عيب على الولاة، فامنع من الاحتكار، فإن رسول الله- صلى الله عليه و آله- منع منه، و ليكن البيع بيعا سمحا: بموازين عدل، و أسعار لا تجحف بالفريقين من البائع و المبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكل به، و عاقبه في غير إسراف.

اللغة

(المضطرب بماله): التاجر الذي يدور بماله من بلد إلى بلد للكسب، (جلاب) جمع جالب، (المطارح) جمع مطرح: الأرض البعيدة، (البائقة):

الداهية، (الغائلة): الشر، (حواشي البلاد)، أطرافها، (الشح)، البخل مع حرص فهو أشد من البخل لأن البخل في المال و هو في مال و معروف تقول: شح يشح من باب قتل و في لغة من باب ضرب و تعب فهو شحيح- مجمع البحرين.

(الاحتكار): حبس المنافع عن الناس عند الحاجة إليها، (التحكم في‏ البياعات): التطفيف في الوزن و الزيادة في السعر، (السمحة) بفتح فسكون أى السهلة التي لا ضيق فيها و لا حرج و سمح به يسمح بفتحتين سموحا و سماحا و سماحة أي جاد، (قارف): قارف الذنب و غيره إذا داناه و لا صقه و إن شئت إذا أتاه و فعله- مجمع البحرين.

الاعراب‏

استوص بالتجار: مفعوله محذوف: أى أوص نفسك بذلك، أوص بهم خيرا حذف مفعوله: أى أوص عما لك، المقيم: بدل أو عطف بيان للضمير في بهم و المضطرب عطف عليه، المترفق ببدنه، بيان لقوله ذو الصناعات، فانهم سلم: أى اولو سلم فحذف المضاف و اقيم المضاف إليه مقامه للمبالغة و الضمير في بائقته يرجع إلى السلم باعتبار اولى السلم، و هكذا الكلام في قوله صلح- إلخ.

في كثير منهم ظرف مستقر خبر إن، البياعات جمع بياع مصدر بايع أي المبايعات، عيب على الولاة عطف على قوله باب مضرة، بيعا مفعول مطلق نوعي بموازين عدل: جار و مجرور متعلق بقوله بيعا، و أسعار عطف على قوله موازين، من البائع من بيانية.

المعنى‏

انتقل عليه السلام بعد تنظيم الحكومة إلى الاجتماع و ما يصلح به أمر الامة و ركنه التجارة و الصناعة، و التجارة شغل شريف حث عليها في الشرع الاسلامي لكونها وسيلة لتبادل الحاصلات الأولية و التوليدات الصناعية، و هذا التبادل ركن الحياة الاجتماعية و نظام الحيوية المدنية، و قد ورد أخبار كثيرة في مدح التجارة و الترغيب إليها ففي الخبر أنه تسعة أعشار الرزق في التجارة و واحدة في سائر المكاسب.

قال في الوسائل في مقدمات كتاب التجارة: و بإسناده عن روح عن أبي عبد الله عليه السلام‏

قال: تسعة اعشار الرزق في التجارة.

و روى بسنده عن عبد المؤمن الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: البركة عشرة أجزاء: تسعة أعشارها في التجارة و العشر الباقي في الجلود. قال الصدوق: يعني بالجلود الغنم.

و بإسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة قال: تعرضوا للتجارات فإن لكم فيها غنى عما في أيدى الناس، و إن الله عز و جل يحب المحترف الأمين المغبون غير محمود و لا مأجور.

و بإسناده عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن محمد الزعفراني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من طلب التجارة استغنى عن الناس، قلت: و إن كان معيلا؟ قال: و إن كان معيلا إن تسعة أعشار الرزق في التجارة.

و بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: التجارة تزيد في العقل.

و بالإسناد عن علي بن الحكم، عن أسباط بن سالم، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسألنا عن عمر بن مسلم ما فعل؟ فقلت: صالح و لكنه قد ترك التجارة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: عمل الشيطان- ثلاثا- أما علم أن رسول الله صلى الله عليه و آله اشترى عيرا أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه و قسم في مراتبه، يقول الله عز و جل «رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله‏- إلى آخر الاية 37- النور» يقول القصاص: إن القوم لم يكونوا يتجرون، كذبوا و لكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها و هم أفضل ممن حضر الصلاة و لم يتجر.

و الأخبار في هذا الموضوع كثيرة مستفيضة، و كفى في فضل التجارة أنها كانت شغل النبي صلى الله عليه و آله قبل أن يبعث نبيا، و قد سافر إلى الشام في التجارة مع عمه أبي طالب و هو غلام لم يبلغ الحلم، ثم صار عاملا لخديجة بنت خويلد و سافر إلى الشام للتجارة مرة اخرى، و قد أعجبت خديجة أمانته و كفايته فطلبت منه أن يزوجها.

و الظاهر من حديث أسباط بن سالم الانف الذكر أنه لم يدع الاشتغال بها بعد البعثة و تحمل أعباء النبوة، كما يستفاد ذلك من تعيير قريش له بقولهم:

«ما لهذا الرسول يأكل الطعام و يمشي في الأسواق‏- كما في الاية 7 من سورة الفرقان».

و قد وصف عليه السلام التجار بما لا مزيد عليه من خدمتهم في الاجتماع الانساني و حمايتهم المدنية البشرية فقال:

1- (و المضطرب بماله) أى من يجعل ماله متاعا يدور به في البلاد البعيدة يقطع المفاوز و يعرض نفسه للأخطار ليصل حوائج كل بلد إليه.

2- فانهم مواد المنافع و أسباب المرافق‏.

قد اهتم الدول الراقية و الشعوب المتقدمة في هذه العصور بأمر التجارة و أدركوا حقيقة ما أفاده عليه السلام في هذه الجملة القصيرة قبل قرون طويلة من أن التجارة مواد المنافع، و قد أبلغ عليه السلام في إفادة ما للتجارة من الأهمية في أمر الاقتصاد حيث جاء بكلمة المواد جمعا مضافا مفيدا للعموم، و بكلمة المنافع جمعا معرفا باللام مفيدا للاستغراق، فأفاد أن كل مادة لكل منفعة مندرج في أمر التجارة، فالتجارة تحتاج إلى ما يتجر به من الأمتعة و إلى سوق تباع تلك الأمتعة، ثم يؤخذ بدلها متاعا آخر و يبدل بمتاع آخر فيستفاد من هذه المبادلات كلها أرباحا.

و قد بلغ أهمية التجارة في هذه القرون المعاصرة إلى حيث صارت محورا للسياسة العامة للدول العظمى فكانوا يبحثون عن الاراضي التي يحصل منها مواد نافعة كالمعادن الغزيرة من النفط و الذهب و الفضة و المحاصيل الزراعية التي تصرف في صناعة النسج و غيرها، ثم ينقلونها إلى بلادهم و يصنعون منها أنواع الأمتعة التي يحتاج إليها كل شعب من الشعوب، و يبحثون عن الأسواق التي يصرف منها هذه المصنوعات، فصارت هذه المنافع التجارية أساسا لسياسة الدول و مثارا للحروب الهائلة و مدارا للمعاملة مع الشعوب، تحيلت الدول العظمي في الحيلولة بين الشعوب المتأخرة ذات المواد الصالحة للصنعة كالنفط و أنواع المعادن و المحاصيل الزراعية المتحولة إلى المنسوجات، و بين الرقي و التقدم في أمر الصنعة و العلم بادارة المكائن الصناعية.

و قد ابتلت امة ايران و شعبها بهذه العرقلة السياسية و المكيدة الحيالة منذ قرون و سلطت على معادنها و منافعها و أسواقها دول حيالة عظمى دبرت تأخرها في أمر الصناعة منذ قرون، و قد غفلت امة ايران و شعبها بل الامم الاسلامية كلهم من هذه الجملة من كلام مولانا أمير المؤمنين في أمر التجار (فإنهم مواد المنافع و أسباب المرافق).

و قد كان التجارة العالمية في القرون المزدهرة الاسلامية أيام الخلفاء العباسيين الاول في يد المسلمين، فكانوا يجوبون البحار و البراري شرقا و غربا في جميع القارات بوسيلة السفن الأرياحية الخطيرة و يحملون أنواع الأمتعة إلى تلك البلاد البعيدة و الجزر النائية و يبدلونها بما في هذه البلاد و الجزر البحرية من أنواع المحاصيل و النقود و يزرعون العقائد الإسلامية في قلوب أهاليها، فنحن نعلم الان في رسوخ الإسلام إلى بلاد نائية و قارات متنائية كإفريقيا و جزائر أندونوسيا و أبعد منها، و كان المبلغون الأولون للاسلام في هذه البلاد البعيدة حتى الصين و اليابان هم تجار المسلمين الأبطال في القرون الزاهية الاسلامية، فكانوا يدخلون تلك البلاد و يخالطون أهلها تجارا سالمين و يحببون إليهم الإسلام بأعمالهم الإسلامية النيرة الجاذبة، فيعمل الإسلام فيهم كجهاز حي نشيط يتوسع و ينمو حتى بلغ أهل الإسلام في جميع الأصقاع ماة ملايين، و هذا أهم المنافع التجارية التي نالها المسلمون في عصور نشاطهم و تقدمهم، و هذا أحد الأسرار المخزونة في قوله عليه السلام:فإنهم مواد المنافع و أسباب المرافق‏.

و قد نبه عليه السلام إلى أن الروابط التجارية تفيد الشعوب و عامة البشرية من جهة أنها سبب استقرار السلم و الصلح بين أفراد الامة و بين الشعوب فقال عليه السلام‏ (فانهم سلم لا تخاف بائقته و صلح لا تخشى غائلته) فيا لها من جملة ذهبية حية في هذه القرون المعاصرة، و في القرن العشرين العطشان لاستقرار الصلح العالمي و السلم العام بين الشعوب.

فالرابطة التجارية المبنية على تبادل المنافع و الحوائج تكون ودية و أخوية دائما و هذا هو أساس الوداد العقلاني الصادق الثابت فإن المتبادلين للحوائج و المنافع يحب كل منهما الاخر لأن حب أحدهما للاخر يرجع إلى حب الذات الذى هو الحب الثابت للانسان، فان الانسان يحب ذاته قبل كل شي‏ء فحبه لذاته ذاتي و يحب كل شي‏ء لحبه بذاته حبا عرضيا بواسطة في الثبوت أو العروض، فالرابطة التجارية سواء كانت بين فردين أو شعبين أو شعوب شتى رابطة ودية سلمية نافرة للحرب و التنازع، فالشعوب المحبة للسلام ساعون لبسط التجارة الحرة الداعية إلى الود و التفاهم المتبادل، فإن كل أحد يحب من يقضى حاجته و ينفعه، و الحب الزواجي الذي هو أساس تزويج ثابت لا بد و أن يرجع إلى هذا المعنى و يدرك كل من الزوجين أن الاخر يتبادل معه قضاء الحوائج و تبادل المنافع.

و أما الحب الغريزي القائم بين الام و ولدها فلا يصح أن يكون مبدءا للمعاهدات و العقود، و هو الذي يعبر عنه بالعشق في لسان الأدب و الشعر، و هو حب كاذب خارج عن تحت الارادة و الادارة و أحسن ما عبر عنه ما نقل عن الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا في تعريف العشق من أنه: مرض سوداوى يزول بالجماع و السفر و يزيد بالفكر و النظر.

و الشعوب المحبة للسلام في عالم البشرية يسعون وراء عقد روابط تجارية حرة مع الشعوب الاخرى مبنية على تبادل المنافع و الحوائج و يسعون وراء التجارة بالتهاتر أى تبادل الحاجيات بنوع آخر منها و لا تقيدون بيوعهم بأخذ النقود، فالتجارة الحرة تكون أساسا للسلم بين الشعوب كما أشار إليه عليه السلام بقوله‏ (فإنهم سلم لا تخاف بائقته و صلح لا تخشى غائلته) و قد فسر البائقة بالداهية فيفيد أن التجارة الحرة ليس فيها دهاء و مكر و قصد سوء من قبيل الاستعمار و التسلط و صلح ليس ورائه مضرة و هلاك.

و أمر عليه السلام بتفقد أحوال التجار و النظارة عليهم تكميلا لتوصيته لهم بالخيرو الحماية لرؤوس أموالهم عن التلف و السرقة بأيدى اللصوص، و هذه توصية بإقرار الأمن في البلاد و في طرق التجارة بحرا و برا، و قد التفت الامم الراقية إلى ذلك فاهتموا باستقرار الأمن في البلاد و الطرق، و في حفظ رءوس الأموال التجارية عن المكائد و الدسائس المذهبة لها، فقال عليه السلام: (تفقد امورهم بحضرتك) أى في البلد، (و في حواشي بلادك) أي في الطرق و الأماكن البعيدة.

ثم نبه عليه السلام إلى خطر في أمر التجارة يتوجه إلى عامة الناس المحتاجين في معاشهم إلى شراء الأمتعة من الأسواق، و هو خلق الشح و طلب الادخار و الاستكثار من المال الكامن في طبع الكثير من التجار، فانه يؤول إلى الاستعمار و التسلط على اجور الزراع و العمال إلى حيث يؤخذون عبيدا و أسرى لأصحاب رءوس الأموال فوصفهم بقوله عليه السلام: (أن في كثير منهم):

1- (ضيقا فاحشا) أى حبا بالغا في جلب المنافع و ازدياد رقم الأموال المختصة به ربما يبلغ إلى الجنون و لا يقف بالملايين و المليارات.

2- (و شحا قبيحا) يمنع من السماح على سائر الأفراد بما يزيد على حاجته بل بما لا يقدر على حفظه و حصره.

3- (و احتكارا للمنافع) بلا حد و لا حساب حتى ينقلب إلى جهنم كلما قيل لها: هل امتلئت؟ يجيب: هل من مزيد؟

4- (و تحكما في البياعات) أى يؤول ذلك الحرص الجهنمي إلى تشكيل الشركات و الانحصارات الجبارة فيجمعون حوائج الناس بمكائدهم و قوة رءوس أموالهم و يبيعونها بأى سعر أرادوا و بأي شروط خبيثة تحفظ مزيد منافعهم و تقهر الناس و تشدد سلاسل مطامعهم و مظالمهم على أكتافهم و استنتج عليه السلام من ذلك مفسدتين مهلكتين:

الف- (باب مضرة للعامة) و أى مضرة أعظم من الأسر الاقتصادي في أيدي ثعابين رءوس الأموال.

ب- (و عيب على الولاة) و أي عيب أشنأ من تسليم الامة إلى هذا الأسر المهلك.

فشرع عليه السلام لسد هذه المفاسد، المنع من الاحتكار للمنافع، فنلفت نظر القراء الكرام إلى أن الاحتكار على وجهين.

1- احتكار الأجناس و هو موضوع بحث الفقهاء في باب البيع حيث حكموا بحرمة الاحتكار أو كراهته على خلاف بين الفقهاء، فقد عده المحقق في المختصر النافع في المكروهات فقال بعد عد جملة منها: و الاحتكار، و قال صاحب الرياض في شرحه: و هو حبس الطعام، كما عن الجوهري أو مطلق الأقوات يتربص به الغلاء للنهى عنه في المستفيضة.

منها الصحيح، إياك أن تحتكر، المعتبر بوجود فضالة المجمع على تصحيح رواياته في سنده فلا يضر اشتراك راويه بين الثقة و الضعيف، و على تقدير تعينه فقد ادعى الطوسى الإجماع على قبول روايته، و لذا عد موثقا و ربما قيل بوثاقته، و فيه: لا يحتكر الطعام إلا خاطئ، و لذا قيل: يحرم، كما عن المقنع و المرتضى و الحلي و أحد قولي الحلبي و المنتهى و به قال في المسالك و الروضة، و لا يخلو عن قوة- إلى أن قال: و إنما يكون الاحتكار الممنوع منه في خمسة:

الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب، و السمن، على الأشهر- إلى أن قال:

و قيل: كما عن المبسوط و ابن حمزة أنه يكون في الملح أيضا، و قواه في القواعد و المسالك و أفتى به صريحا في الروضة تبعا للمعته، و لعله لفحوى الأخبار المتقدمة لأن احتياج الناس إليه أشد مع توقف أغلب الماكل عليه- إلى أن قال: و إنما يتحقق الكراهة إذا اشتراه و استبقاه لزيادة الثمن مع فقده في البلد و احتياج الناس إليه و لا يوجد بايع و لا باذل مطلقا غيره، فلو لم يشتره بل كان غلته لم يكره كما عن النهاية للصحيح: الحكرة أن يشترى طعاما ليس في المصر غيره، و نحوه الخبر المتقدم عن المجالس لكنه ضعيف السند، و مع ذلك الشرط فيه كالأول يحتمل وروده مورد الغالب فالتعميم أجود، وفاقا للمسالك عملا بالاطلاق و التفاتا إلى مفهوم التعليل في الصحيح المتقدم: يكره أن يحتكر و الناس ليس لهم طعام- إلى أن قال: و يشترط زيادة على ما مر أن يستبقيه في زمان الرخص أربعين يوما و في الغلاء ثلاثة أيام، فلا حكرة قبل الزمانين في الموضعين لرواية ضعيفة عن المقاومة لما مر و تقييده قاصرة، و يجبر الحاكم المحتكر على البيع مع الحاجة إجماعا، كما في ب وقيح و كلام جماعة و هو الحجة مضافا إلى الخبرين في أحدهما أنه مر بالمحتكرين فأمر بحكرتهم إلى أن يخرج في بطون الأسواق و حيث ينطلق الناس إليها.

و هل يسعر الحاكم السعر عليه حينئذ الأصح الأشهر لا، مطلقا وفاقا للطوسي و الرضي و الحلي و الشهيد الثاني للأصل و عموم السلطنة في المال، و خصوص الخبر:

لو قومت عليهم، فغضب صلى الله عليه و آله حتى عرف الغضب من وجهه فقال: أنا أقوم عليهم إنما السعر إلى الله تعالى يرفعه إذا شاء و يضعه إذا شاء.

خلافا للمفيد و الديلمي فيسعر عليه بما يراه الحاكم من المصلحة لانتفاء فائدة الإجبار لا معه لجواز الاجحاف في القيمة، و فيه منع انحصار الفائدة فيما ذكره مع اندفاع الاجحاف بما يأتي.

و لا بن حمزة و الفاضل و اللمعة فالتفصيل بين اجحاف المالك فالثاني، و عدمه فالأول، تحصيلا لفائدة الإجبار و دفعا لضرر الاجحاف، و فيهما نظر فقد يحصلان بالأمر بالنزول عن المجحف و هو و إن كان في معنى التسعر إلا أنه لا ينحصر على قدر خاص.

هذا خلاصة ما ذكره الفقهاء في باب الاحتكار نقلناه عن الرياض مزدوجا شرحه مع متن المختصر النافع للمحقق رحمه الله.

2- احتكار المنافع‏، كما عبر في كلامه عليه السلام و الظاهر أن احتكار المنافع التي عنونه عليه السلام غير الاحتكار المعنون في الفقه، و المقصود منه الحرص على أخذ الأرياح و المنافع من التجارات زائدا عن المقدار المشروع على الوجه المشروع بحيث يؤدي هذا الحرص و الولع إلى تشكيل الشركات و ضرب الانحصارات التي شاع في هذه العصور و مال إليه أرباب رءوس الأموال الهامة في الشركات النفطية و الانحصارات المعدنية و يدل على ذلك امور:

1- أنه عليه السلام جعل ثمرة الضيق الفاحش و الشح القبيح احتكار المنافع، و الاحتكار المعنون في الفقه هو احتكار الأجناس و الحبوبات المعينة، و الفرق بينهما ظاهر.

2- أنه عليه السلام عطف على قوله‏ «احتكارا للمنافع» قوله‏ «و تحكما في البياعات» و البياعات جمع معرف بالألف و اللام يفيد العموم، و الاحتكار الفقهي لا ينتج هذا المعنى بل التحكم في البياعات و التسلط على الأسواق معنى آخر ناش عن الانحصارات التجارية التي توجدها أرباب رءوس الأموال.

3- ما رواه في الوسائل بسنده عن محمد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن أبي جعفر الفزارى قال: دعا أبو عبد الله عليه السلام مولى يقال له مصادف فأعطاه ألف دينار و قال له: تجهز حتى تخرج إلى مصر فإن عيالي قد كثروا، قال: فتجهز بمتاع و خرج مع التجار إلى مصر، فلما دنوا من مصر استقبلتهم قافلة خارجة من مصر فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة و كان متاع العامة فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شي‏ء فتحالفوا و تعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح الدينار دينارا، فلما قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدينة فدخل مصادف على أبي عبد الله عليه السلام و معه كيسان كل واحد ألف دينار فقال: جعلت فداك هذا رأس المال و هذا الاخر ربح، فقال: إن هذا الربح كثير و لكن ما صنعتم في المتاع؟ فحدثه كيف صنعوا و تحالفوا، فقال: سبحان الله تحلفون على قوم مسلمين أن لا تبيعوهم إلا بربح الدينار دينارا، ثم أخذ أحد الكيسين و قال: هذا رأس مالي و لا حاجة لنا في هذا الربح، ثم قال: يا مصادف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال. و قد رواه بسندين آخرين مع اختلاف يسير.

أقول: يستفاد من هذا الحديث أن التجار أو جدوا في معاملتهم مع أهل مصر انحصارا و هم محتاجون على المتاع فأخذوا منهم مائة في المائة من الربح‏

فلما اطلع الإمام على عملهم لم يتصرف في هذا الربح لأنه مأخوذ من أرباب الحاجة إلى المتاع بالتحالف و إيجاد الانحصار الموضعي، و هذا هو عين ما يستعمله أصحاب الشركات و الانحصارات في هذا العصر و هو ما عبر عنه علي عليه السلام‏ «باحتكار المنافع و التحكم في البياعات» فيستفاد من ذلك كله أن كبرى احتكار المنافع كبرى مستقلة، و مغايرة مع كبرى الاحتكار المعنون في الفقه، و أنه تشريع علوي كما أن المنع عن الاحتكار في الطعام تشريع نبوي.

فاحتكار المنافع في مورد تحالف الشركات و الانحصارات على أسعار معينة في الأمتعة فيخرج وضع السوق عن طبعه المبني على مجرد العرضة و التقاضا من دون مداخلة أمر آخر في ذلك، و حينئذ لا بد أن يداخل الحكومة و ينظر في أمر الأسعار و يعين للأجناس سعرا عادلا يوافق مقدرة الناس المحتاجين إلى هذه الأمتعة و يمنع التجار الانحصاريين عن الاجحاف بالناس في أسعارهم الناشئة عن أهوائهم و ولعهم بجمع الأموال و الإغارة على العمال و الزراع في مص دمائهم و أخذ اجورهم.

و أما الاحتكار الفقهي المبني على مجرد الامتناع عن بيع الأطعمة المدخرة انتظارا لارتفاع سعره فهو في مورد لا مداخلة لأرباب رءوس الأموال في السوق و كان السوق على طبعه العادى و السعر حينئذ ينطبق على مقتضى تقاضا المبتاعين و مقدار عرضة البايعين و هو السعر الذي يلهمه الله في قلوب أهل السوق فيتوافقون عليه كما في حديث الوسائل في أبواب الاحتكار بسنده عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه و آله، أنه مر بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق و حيث تنظر الأبصار إليها فقيل لرسول الله صلى الله عليه و آله:

لو قومت عليهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه و آله حتى عرف الغضب في وجهه فقال: أنا أقوم عليهم؟ إنما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء و يخفضه إذا شاء.

فقوله عليه السلام‏ «فامنع من الاحتكار» يرجع إلى المنع عن احتكار المنافع و إيجاد الشركات الانحصارية و تعليله بأن‏ رسول الله صلى الله عليه و آله منع‏ الاحتكار يحتمل وجهين:

1- أنه أخذ عن رسول الله صلى الله عليه و آله المنع عن الاحتكار المطلق بحيث يشمل احتكار المنافع و احتكار الأطعمة، فنقله عنه دليلا على ما أمر به من المنع عن احتكار المنافع.

2- أنه ذكر منع رسول الله صلى الله عليه و آله عن احتكار الأطعمة تنظيرا و بيانا لحكمة التشريع مع أنه لا يحكم و لا يقول إلا ما علمه رسول الله صلى الله عليه و آله.

و قد تبين مما ذكرنا أن الحق في مسئلة حق تسعير الحاكم و عدمه، هو التفصيل بين ما إذا كان وضع السوق طبيعيا عاديا منزها عن مداخلة أرباب رءوس الأموال و أطماعهم فلا يجوز للحاكم تسعير الطعام أو المتاع الذى اجبر مالكه على عرضه للبيع و يرجع في السعر إلى طبع السوق الملهم من طبع العرضة و التقاضا.

و أما إذا كان السوق تحت نفوذ أرباب رءوس المال و مطامعهم و حملوا عليه الانحصارات الرأسمالية أو ما بحكمها فلا بد للحاكم من تعيين السعر العادل، كما قال عليه السلام‏ «و ليكن البيع بيعا سمحا بموازين عدل و أسعار لا تجحف بالفريقين من البائع و المبتاع».

الترجمة

سپس در باره بازرگانان و صنعتگران سفارش خواه باش، و در باره آنان بخوبى و رعايت حال سفارش، كن، چه بازرگانان صاحب بنگاه و اقامتگاه در شهر و روستا و چه بازرگانان دوره گرد كه سرمايه خود را بهمراه خود بهر شهر و ديار مى‏ گردانند و آن صنعتگرانى كه با دسترنج خود وسيله آسايش ديگران را فراهم مى ‏سازند، زيرا آنان مايه‏ هاى سودهاى كلان و وسائل آسايش هم نوعانند و هر كالا را از سرزمينهاى دور دست و پرتگاه‏ها بدست مى ‏آورند، از بيابان تو و از درياى تو و از سرزمينهاى هموار تو و از كوهستانهايت و از آن جائى كه عموم مردم با آنها سرو كارى ندارند و رفت و آمدى نمى ‏كنند و جرئت رفتن بدان سرزمينها را ندارند.

زيرا كه بازرگانان و صنعتگران مردمى سالمند و از نيرنگ و آهنگ شورش و جنگ آنان بيمى در ميان نيست، مردمى صلح دوست و آرامش طلبند و از زيان آنان هراسى در ميان نيست.

و بايد از حال و وضع آنها بازرسى كنى چه آنكه در كنار تو و در شهر و ديار تو باشند و يا در كناره‏هاى دور دست كشور و محور حكمرانى تو.

و بدانكه با اين حال بسيارى از آنها بسيار تنگ نظرند و گرفتار بخل و دريغى زشت و زننده و در پى انباشتن سودهاى كلانند و تسلط بر انجام همه گونه معاملات و اين خود مايه زيان عموم رعايا و ننگ و نكوهش بر حكمرانانست، از احتكار غدقن كن، زيرا رسول خدا صلى الله عليه و آله از آن غدقن كرده، و بايد فروش هر متاع فروشى آزاد و روا و بوسيله ترازوهاى درست و نرخهاى عادلانه‏اى باشد كه بهيچكدام از طرفين معامله از فروشنده و خريدار ستمى نشود و هر كس پس از غدقن تو دستش باحتكار و انباشتن سود آلوده شد او را شكنجه كن و عقوبت نما و از حد مگذران‏

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 52/1 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )نامه امیر المومنین علی علیه السلام به مالک اشتر نخعی

نامه 53 صبحی صالح

53- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) كتبه للأشتر النخعي لما ولاه على مصر و أعمالها حين اضطرب أمر أميرها محمد بن أبي بكر، و هو أطول عهد كتبه و أجمعه للمحاسن.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا

أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ إِيْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِي لَا يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا يَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا

وَ أَنْ يَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ

وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ يَزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ

ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاةِ قَبْلَكَ وَ يَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ

وَ إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْيَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ

فَامْلِكْ هَوَاكَ وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ

وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ يُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ

فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِي الْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ وَ قَدِ اسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاكَ بِهِمْ

وَ لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَكَ بِنِقْمَتِهِ وَ لَا غِنَى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ

وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَةً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِي الْقَلْبِ وَ مَنْهَكَةٌ لِلدِّينِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِيَرِ

وَ إِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً أَوْ مَخِيلَةً فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْكِ اللَّهِ فَوْقَكَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ

فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ وَ يَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ وَ يَفِي‏ءُ إِلَيْكَ بِمَا عَزَبَ عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ

إِيَّاكَ وَ مُسَامَاةَ اللَّهِ فِي عَظَمَتِهِ وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَ يُهِينُ كُلَّ مُخْتَالٍ

أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَ مَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّكَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ

وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ‏

وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتُوبَ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اللَّهِ وَ تَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ دَعْوَةَ الْمُضْطَهَدِينَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ

وَ لْيَكُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَى الْخَاصَّةِ وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى الْعَامَّةِ

وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَئُونَةً فِي الرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلَاءِ وَ أَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ

وَ إِنَّمَا عِمَادُ الدِّينِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَ الْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ الْعَامَّةُ مِنَ الْأُمَّةِ فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ وَ مَيْلُكَ مَعَهُمْ

وَ لْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَايِبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِي النَّاسِ عُيُوباً الْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ

وَ اللَّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ يَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ

أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْدٍ وَ اقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَضِحُ لَكَ وَ لَا تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِيَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ

وَ لَا تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلًا يَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ وَ يَعِدُكَ الْفَقْرَ وَ لَا جَبَاناً يُضْعِفُكَ عَنِ الْأُمُورِ وَ لَا حَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ

إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِي الْآثَامِ فَلَا يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَةِ وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَةِ

وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَى إِثْمِهِ

أُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَ أَحْنَى عَلَيْكَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَيْرِكَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلَاتِكَ

ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ

وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلَّا يُطْرُوكَ وَ لَا يَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِي مِنَ الْعِزَّةِ

وَ لَا يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِي‏ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ‏ تَزْهِيداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِي الْإِحْسَانِ وَ تَدْرِيباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عَلَى الْإِسَاءَةِ وَ أَلْزِمْ كُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ

وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَ تَخْفِيفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَيْهِمْ وَ تَرْكِ اسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ

فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلًا

وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ

وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَةُ وَ صَلَحَتْ عَلَيْهَا الرَّعِيَّةُ وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مَاضِي تِلْكَ السُّنَنِ فَيَكُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ الْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا

وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَةَ الْحُكَمَاءِ فِي تَثْبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ بِلَادِكَ وَ إِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَكَ

وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لَا يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ وَ مِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ

وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ النَّاسِ وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ                       

وَ مِنْهَا الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ

وَ كُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِيضَةً فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً

فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِيَّةِ وَ زَيْنُ الْوُلَاةِ وَ عِزُّ الدِّينِ وَ سُبُلُ الْأَمْنِ وَ لَيْسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِهِمْ

ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِي يَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ

ثُمَّ لَا قِوَامَ لِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْكُتَّابِ لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ وَ يَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا

وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِيعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ فِيمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ يُقِيمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ يَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَيْدِيهِمْ مَا لَا يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ

ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ الَّذِينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ

وَ فِي اللَّهِ لِكُلٍّ سَعَةٌ وَ لِكُلٍّ عَلَى الْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ وَ لَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالِاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِينِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ فِيمَا خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ:

فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِي نَفْسِكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِكَ وَ أَنْقَاهُمْ جَيْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً

مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ يَسْتَرِيحُ إِلَى الْعُذْرِ وَ يَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ يَنْبُو عَلَى الْأَقْوِيَاءِ وَ مِمَّنْ لَا يُثِيرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا يَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ

ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِي الْمُرُوءَاتِ وَ الْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَ الشَّجَاعَةِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ

ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا يَتَفَقَّدُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لَا يَتَفَاقَمَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْ‏ءٌ قَوَّيْتَهُمْ بِهِ وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِيَةٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ النَّصِيحَةِ لَكَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِكَ

وَ لَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِيفِ أُمُورِهِمُ اتِّكَالًا عَلَى جَسِيمِهَا فَإِنَّ لِلْيَسِيرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِيمِ مَوْقِعاً لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ

وَ لْيَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِي مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا يَسَعُهُمْ وَ يَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَيْهِمْ يَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكَ

وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ عَيْنِ الْوُلَاةِ اسْتِقَامَةُ الْعَدْلِ فِي الْبِلَادِ وَ ظُهُورُ مَوَدَّةِ الرَّعِيَّةِ

و إِنَّهُ لَا تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلَّا بِسَلَامَةِ صُدُورِهِمْ وَ لَا تَصِحُّ نَصِيحَتُهُمْ إِلَّا بِحِيطَتِهِمْ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ وَ قِلَّةِ اسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْكِاسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ

فَافْسَحْ فِي آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ فِي حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَ تَعْدِيدِ مَا أَبْلَى ذَوُو الْبَلَاءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ النَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ثُمَّ اعْرِفْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَيْرِهِ وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلَائِهِ وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ صَغِيراً وَ لَا ضَعَةُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ عَظِيماً

وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا يُضْلِعُكَ مِنَ الْخُطُوبِ وَ يَشْتَبِهُ عَلَيْكَ مِنَ الْأُمُورِ

فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ‏

فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُفَرِّقَةِ:

ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ مِمَّنْ لَا تَضِيقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا تُمَحِّكُهُ الْخُصُومُ وَ لَا يَتَمَادَى فِي الزَّلَّةِ وَ لَا يَحْصَرُ مِنَ الْفَيْ‏ءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَ لَا يَكْتَفِي بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ

وَ أَوْقَفَهُمْ فِي الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَى تَكَشُّفِ الْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُكْمِ مِمَّنْ لَا يَزْدَهِيهِ إِطْرَاءٌ وَ لَا يَسْتَمِيلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِكَ قَلِيلٌ

ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ افْسَحْ لَهُ فِي الْبَذْلِ مَا يُزِيلُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ مَا لَا يَطْمَعُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ اغْتِيَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَكَ

فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً فِي أَيْدِي الْأَشْرَارِ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا:

ثُمَّ انْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً وَ لَا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِيَانَةِ

وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَ الْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ الْقَدَمِ فِي الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِي الْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً وَ أَبْلَغُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً

ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمُ الْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ

ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ ابْعَثِ الْعُيُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَةِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ

وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً

فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ:

وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ

وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَةِ وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَ أَهْلَكَ الْعِبَادَ وَ لَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِيلًا

فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّةً أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّةٍ أَوْ إِحَالَةَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ

وَ لَا يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَةَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلَادِكَ وَ تَزْيِينِ وِلَايَتِكَ

مَعَ اسْتِجْلَابِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ الْعَدْلِ فِيهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ وَ الثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ وَ رِفْقِكَ بِهِمْ

فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ

وَ إِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاةِ عَلَى الْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ:

ثُمَّ انْظُرْ فِي حَالِ كُتَّابِكَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ وَ اخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتِي تُدْخِلُ فِيهَا مَكَايِدَكَ وَ أَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ فَيَجْتَرِئَ بِهَا عَلَيْكَ فِي خِلَافٍ لَكَ بِحَضْرَةِ مَلَإٍ

وَ لَا تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إِيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمِّالِكَ عَلَيْكَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْكَ فِيمَا يَأْخُذُ لَكَ وَ يُعْطِي مِنْكَ وَ لَا يُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ وَ لَا يَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ

وَ لَا يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ

ثُمَّ لَا يَكُنِ اخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِكَ وَ اسْتِنَامَتِكَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْكَ فَإِنَّ الرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ وَ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِيحَةِ وَ الْأَمَانَةِ شَيْ‏ءٌ

وَ لَكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي الْعَامَّةِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَةِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَصِيحَتِكَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ

وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ لَا يَقْهَرُهُ كَبِيرُهَا وَ لَا يَتَشَتَّتُ عَلَيْهِ كَثِيرُهَا وَ مَهْمَا كَانَ فِي كُتَّابِكَ مِنْ عَيْبٍ فَتَغَابَيْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ‏

ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَيْراً الْمُقِيمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ الْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ

فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ وَ جُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ فِي بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ وَ سَهْلِكَ وَ جَبَلِكَ وَ حَيْثُ لَا يَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا يَجْتَرِءُونَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ

وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَ فِي حَوَاشِي بِلَادِكَ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضِيقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِيحاً وَ احْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَكُّماً فِي الْبِيَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَ عَيْبٌ عَلَى الْوُلَاةِ

فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِكَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )مَنَعَ مِنْهُ وَ لْيَكُنِ الْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً بِمَوَازِينِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ

فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ إِيَّاهُ فَنَكِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ:

ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِينَ لَا حِيلَةَ لَهُمْ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَ الْمُحْتَاجِينَ وَ أَهْلِ الْبُؤْسَى وَ الزَّمْنَى فَإِنَّ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً

وَ احْفَظِ لِلَّهِ مَا اسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِيهِمْ وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَيْتِ مَالِكِ وَ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِي الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي لِلْأَدْنَى

وَ كُلٌّ قَدِ اسْتُرْعِيتَ حَقَّهُ وَ لَا يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّكَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْيِيعِكَ التَّافِهَ لِإِحْكَامِكَ الْكَثِيرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ

وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لَا يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُيُونُ وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْيَةِ وَ التَّوَاضُعِ فَلْيَرْفَعْ إِلَيْكَ أُمُورَهُمْ

ثُمَّ اعْمَلْ فِيهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَيْنِ الرَّعِيَّةِ أَحْوَجُ إِلَى الْإِنْصَافِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَ كُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ فِي تَأْدِيَةِ حَقِّهِ إِلَيْهِ

وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْيُتْمِ وَ ذَوِي الرِّقَّةِ فِي السِّنِّ مِمَّنْ لَا حِيلَةَ لَهُ وَ لَا يَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ وَ ذَلِكَ عَلَى الْوُلَاةِ ثَقِيلٌ وَ الْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِيلٌ وَ قَدْ يُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ:

وَ اجْعَلْ لِذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِيهِ شَخْصَكَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِيهِ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ

فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ عليه‏ وآله ‏وسلم  )يَقُولُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ

ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِيَّ وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّيقَ‏ وَ الْأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَ امْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ

ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ

وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ

وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هوَ الْأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً وَ امْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ

ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ

وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا فِيهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ

وَ لْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلًا غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ

وَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ لِلنَّاسِ فَلَا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَيِّعاً فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ

وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏ الله‏ عليه‏ وآله ‏وسلم  )حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى الْيَمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً

 وَ أَمَّا بَعْدُ فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّيقِ وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ

وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِيرُ وَ يَعْظُمُ الصَّغِيرُ وَ يَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ يَحْسُنُ الْقَبِيحُ وَ يُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ

وَ إِنَّمَا الْوَالِي بَشَرٌ لَا يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَيْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ

وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِيهِ أَوْ فِعْلٍ كَرِيمٍ تُسْدِيهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ

مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مِمَّا لَا مَئُونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ:

ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِي خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فِيهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ

وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِيَتِكَ وَ حَامَّتِكَ قَطِيعَةً وَ لَا يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ النَّاسِ فِي شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ يَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَ عَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ

وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِيبِ وَ الْبَعِيدِ وَ كُنْ فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ

وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَ اعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَ رِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ:

وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ و لِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ

وَ لَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ

وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ

فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَيْ‏ءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ

فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِيٌّ

وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى‏ مَنَعَتِهِ وَ يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا خِدَاعَ فِيهِ

وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ الْعِلَلَ وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَ التَّوْثِقَةِ

وَ لَا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ فِيهِ طِلْبَةٌ لَا تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَ لَا آخِرَتَكَ:

إِيَّاكَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى لِنِقْمَةٍ وَ لَا أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لَا أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ فِيمَا تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

فَلَا تُقَوِّيَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَ يُوهِنُهُ بَلْ يُزِيلُهُ وَ يَنْقُلُهُ وَ لَا عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِي فِي قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ قَوَدَ الْبَدَنِ

وَ إِنِ ابْتُلِيتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ سَيْفُكَ أَوْ يَدُكَ بِالْعُقُوبَةِ فَإِنَّ فِي الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ:

وَ إِيَّاكَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَ الثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَ حُبَ‏ الْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ

وَ إِيَّاكَ وَ الْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ أَوِ التَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ

فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَ التَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ وَ الْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ النَّاسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ‏

وَ إِيَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ التَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا أَوِ اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ

وَ إِيَّاكَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ وَ التَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ وَ عَمَّا قَلِيلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ الْأُمُورِ وَ يُنْتَصَفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ

امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ وَ سَوْرَةَ حَدِّكَ وَ سَطْوَةَ يَدِكَ وَ غَرْبَ لِسَانِكَ وَ احْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ وَ تَأْخِيرِ السَّطْوَةِ حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِيَارَ وَ لَنْ تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّكَ وَ الْوَاجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَكَ مِنْ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِيِّنَا ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )أَوْ فَرِيضَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ

فَتَقْتَدِيَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِيهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِكَ فِي اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ فِي عَهْدِي هَذَا وَ اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّةِ لِنَفْسِي عَلَيْكَ لِكَيْلَا تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَى هَوَاهَا:

وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ أَنْ يُوَفِّقَنِي وَ إِيَّاكَ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَيْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ

مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِي الْعِبَادِ وَ جَمِيلِ الْأَثَرِ فِي الْبِلَادِ وَ تَمَامِ النِّعْمَةِ وَ تَضْعِيفِ الْكَرَامَةِ وَ أَنْ يَخْتِمَ لِي وَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ وَ الشَّهَادَةِ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏

وَ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثاني و الخمسون من كتبه عليه السلام‏

و من عهد له عليه السلام كتبه للاشتر النخعي رحمه الله، لما ولاه على مصر و أعمالها حين اضطرب أمر محمد بن أبى بكر، و هو أطول عهد و اجمع كتبه للمحاسن مالك بن الحارث الأشتر النخعي قد عده الشيخ رحمه الله في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و قال في القسم الأول من الخلاصة: «و هو ما اجتمع فيه الصحاح و الحسان» مالك بن الأشتر قدس الله روحه و رضي الله عنه جليل القدر عظيم المنزلة كان اختصاصه بعلي عليه السلام أظهر من أن يخفي، و تأسف أمير المؤمنين لموته و قال: لقد كان لي مثل ما كنت لرسول الله صلى الله عليه و آله، انتهى، و قد روي عن الكشي فيه روايات:

فمنها ما عن الفضل بن شاذان أنه من التابعين الكبار و رؤسائهم و زهادهم.

و منها ما رواه مرسلا بقوله لما نعي الأشتر مالك بن الحارث النخعي أمير المؤمنين عليه السلام تأوه حزنا، ثم قال: رحم الله مالكا و ما مالك؟! عز علي به هالكا لو كان صخرا لكان صلدا و لو كان جبلا لكان فندا و كأنه قدمني قدا.

و منها ما رواه هو عن محمد بن علقمة بن الأسود النخعي، قال: خرجت في رهط اريد الحج، منهم مالك بن الحارث الأشتر و عبد الله بن الفضل التميمي و رفاعة بن شداد البجلي حتى قدمنا الربذة، فاذا امرأة على قارعة الطريق تقول:

يا عباد الله المسلمين هذا أبوذر صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله هلك غريبا ليس لي أحد يعينني عليه، قال: فنظر بعضنا إلى بعض و حمدنا الله على ما ساق إلينا و استرجعنا على عظيم المصيبة، ثم أقبلنا معها فجهزناه و تنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء، ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه، ثم قدمنا الأشتر فصلى بنا عليه، ثم دفناه، فقام الأشتر على قبره ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله عبدك في العابدين و جاهد فيك المشركين، لم يغير و لم يبدل لكنه‏

رأى منكرا فغيره بلسانه و قلبه حتى جفي و نفى و حرم و احتقر ثم مات وحيدا غريبا، اللهم فاقصم من حرمه و نفاه عن مهاجره حرم رسولك، قال: فرفعنا أيدينا جميعا و قلنا آمين، ثم قدمت الشاة التي صنعت فقالت: إنه قد أقسم عليكم أن لا تبرحوا حتى تتغدوا فتغدينا و ارتحلنا.

و منها ما روي عن حلام دلف الغفاري و كانت له صحبة، قال: مكث أبو ذر بالربذة حتى مات فلما حضرته الوفاة قال لامرأته: اذبحي شاة من غنمك و اصنعيها فاذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق فاول ركب تريهم قولي يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله قد قضى نحبه و لقى ربه فأعينونى عليه و أجيبوه.

فان رسول الله صلى الله عليه و آله أخبرني أنى أموت في أرض غربة و أنه يلي غسلي و دفني و الصلاة على رجال من امته صالحون.

و منها ما في البحار من أنه مما كتب أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر لما نعي إليه محمد بن أبي بكر و كان مقيما بنصيبين، أما بعد فانك ممن أستظهر به على إقامة الدين و أقمع به نخوة الاثيم و أسد به الثغر المخوف، و قد كنت وليت محمد ابن أبي بكر مصر فخرج خوارج و كان حدثا لا علم له بالحرب فاستشهد فاقدم إلي لننظر في امور مصر و استخلف على عملك أهل الثقة و النصيحة من أصحابك و استخلف مالك بن شبيب بن عامر.

و قد ذكر جماعة من أهل السير أنه لما بلغ معاوية إرسال علي عليه السلام الأشتر إلى مصر عظم ذلك إليه و بعث إلى رجل من أهل الخراج و قيل: دس إليه مولى عمر، و قيل مولى عثمان فاغتاله فسقاه السم فهلك، و لما بلغ معاوية موته خطب الناس فقال: أما بعد فانه كان لعلي بن أبي طالب يمينان قطعت إحداهما يوم صفين و هو عمار بن ياسر و قد قطعت الاخرى اليوم و هو مالك بن الأشتر.

و في شرح ابن أبي الحديد أنه كان فارسا شجاعا رئيسا من أكابر الشيعة و عظمائها شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين عليه السلام و نصره و قال فيه بعد موته: رحم الله مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه و آله.

أقول: إن الأشتر كان رجل فذ من نخع أحد قبائل يمن و قد كان أكثر أهل يمن ذووا بصيرة في الدين و من المخلصين لأمير المؤمنين لوجوه:

1- أن مقاطعة يمن دخل تحت حماية فارس منذ زمان كسرى أنوشروان و أنها صارت تحت إدارة الفرس عشرات من السنين و اختلطت سكانها بالفرس فكانوا ذوي بصيرة و أجابوا إلى الاسلام عن طوع و إرادة و اتصلوا بأهل بيت النبي صلى الله عليه و آله فنشأ فيهم رجال من المخلصين لعلي عليه السلام العارفين بحقه أمثال مالك الأشتر النخعي و كميل بن زياد النخعي.

2- أن رسول الله صلى الله عليه و آله خص أهل يمن بأن بعث عليهم علي بن أبي طالب عليه السلام غير مرة، قال في «ص 415 ج 2 من سيرة ابن هشام ط مصر»:«غزوة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى اليمن»:و غزوة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه اليمن غزاها مرتين، قال ابن هشام: قال أبو عمرو المدني: بعث رسول الله صلى الله عليه و آله علي بن أبي طالب إلى اليمن و بعث خالد بن الوليد في جند آخر و قال: إن التقيتما فالأمير علي بن أبي طالب.

و كان علي عليه السلام سنة حجة الوداع في يمن و التحق برسول الله صلى الله عليه و آله في الحج و قد أحرم على إحرام رسول الله صلى الله عليه و آله فاشترك معه في الهدي الذي ساقه.

قال ابن هشام في سيرته «ص 389 ج 2 ط مصر»:قال ابن إسحاق: و حدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه و آله كان بعث عليا رضي الله عنه إلى نجران فلقيه بمكة و قد أحرم فدخل على فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنها فوجدها قد حلت و تهيأت فقال: ما لك يا بنت رسول الله؟

قالت: أمرنا رسول الله أن نحل بعمرة فحللنا، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه و آله فلما فرغ من الخبر عن سفره قال له رسول الله صلى الله عليه و آله: انطلق فطف بالبيت و حل كما حل أصحابك قال: يا رسول الله إني أهللت كما أهللت فقال: ارجع فاحلل كما حل أصحابك قال: يا رسول الله إني قلت حين أحرمت: اللهم إني اهل بما أهل به نبيك و عبدك و رسولك محمد صلى الله عليه و آله، قال: فهل معك من هدي؟ قال: لا، فأشركه‏

رسول الله في هديه و ثبت على إحرامه مع رسول الله صلى الله عليه و آله حتى فرغا من الحج و نحر رسول الله صلى الله عليه و آله الهدي عنهما.

قال ابن إسحاق: و حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن دكانة قال: لما أقبل علي رضي الله عنه من اليمن لتلقى رسول الله صلى الله عليه و آله بمكة تعجل إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فاستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي رضي الله عنه، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فاذا عليهم الحلل قال: ويلك ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس، قال:ويلك انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول الله صلى الله عليه و آله قال: فانزع الحلل من الناس فردها في البز قال: و أظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.

قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سليمان ابن محمد بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب و كانت عند أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري قال: اشتكى الناس عليا رضوان الله عليه فقام رسول الله فينا خطيبا فسمعته يقول:

أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله من أن يشكى، انتهى ما أردنا نقله عن السيرة لابن هشام.

فمما ذكرنا يظهر أن عرب يمن و قبائله الذين سكنوا كوفة بعد الفتح الاسلامي كانوا أهل بصيرة بالدين و أهل إخلاص لأهل بيت النبي و أمير المؤمنين عليه السلام، و من هذه الجهة لما جمع طلحة و الزبير الجموع في بصرة بغيا على حكومة علي عليه السلام خرج علي إليهم من مدينة بما لا يبلغ ألف نفس من كبار أصحاب النبي اعتمادا على نصرة أهل كوفة فاستنصر منهم فنصروه، فانهزم أصحاب الجمل و أكثر المهاجرين في الكوفة من قبائل يمن‏

موقعية مصر في الحكومة الاسلامية

مصر من البلاد العريقة في المدنية منذ آلاف من القرون، و قد كشف الباحثون‏ فيها آثار المدنية إلى ما يزيد عن عشرات من القرون، و برع فيها جمع من الفلاسفة الأول قد استمد يونان في عصره الذهبي من تعليمات شائعة فيها، ثم عقب ذلك بحكومة البطالسة فيها فأسسوا فيها دور الحكمة و ألفوا كتبا قيمة بقي منها نحو مجسطي، فكانت مصر متهيئة لبيان دقائق النظم الاجتماعية و القضائية و العسكرية أكثر من سائر البلاد.

و هذا هو السبب في تطويل هذا العهد و تعرضه لكافة شئون الحياة المادية و المعنوية، فان الاسلام حاو لكل ما يحتاج إليه بنو الانسان من النظم و القوانين لتربية الروح و المادة، و هذا أحد معاني الشريعة الكاملة الناسخة لما قبلها من الشرائع و الباقية إلى آخر الدهر.

و لكن العرب في الحجاز و سائر أقطار الجزيرة كانوا في سذاجة من العيش و بساطة من الفهم لا يستطيعون تحمل دقائق القوانين و تفاصيل النظم مما يتعلق بشتى أنواع المعاش من الزراعة و التجارة و القضاوة و غير ذلك، لعدم الانس بها في حياتهم و عدم ممارسة شئونها.

فدعاهم الاسلام في بادى‏ء الأمر على أبسط تعاليمها في العقيدة و الأخلاق، و أزكى شئون الانسانية من الاعتقاد بالصانع و عبادته و ملازمة الامور الخيرية من البر بالوالدين و صلة الأرحام و ترك الفحشاء و الكذب و غير ذلك، و لما نشر الاسلام إلى بلاد فارس وجد قوما عريقا في المدنية و أليفا بالنظم الاجتماعية ففسح أمامه مجالا لبسط تعاليمه الجذرية.

كما أنه إذا نشر الاسلام في مصر وجد أمامه قوم من الأقباط و بقايا الفلاسفة و البطالسة ما رسوا الحياة المدنية أكثر و أدق و لما وقعت في حوزة حكومة علي عليه السلام قام فيها بتعاليم هامة و عامة منها صدور هذا العهد، و إن كان علي عليه السلام يتفرس بعدم توفيق مالك نفسه لإجرائه.

و قد نفصله على خمسة عشر فصلا يمتاز بعضها عن بعض بما تضمنها من الشئون المختلفة و الاداب الممتازة في كل شأن من الشئون.

الفصل الاول‏

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه، حين ولاه مصر: جباية خراجها، و جهاد عدوها، و استصلاح أهلها، و عمارة بلادها. أمره بتقوى الله، و إيثار طاعته، و اتباع ما أمر به في كتابه:

من فرائضه و سننه، التي لا يسعد أحد إلا باتباعها، و لا يشقى إلا مع جحودها و إضاعتها، و أن ينصر الله سبحانه بقلبه و يده و لسانه، فإنه- جل اسمه- قد تكفل بنصر من نصره، و إعزاز من أعزه. و أمره أن يكسر نفسه عند الشهوات، و ينزعها [يزعها] عند الجمحات فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم الله. ثم اعلم، يا مالك أني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل و جور، و أن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، و يقولون فيك ما كنت‏

تقول فيهم، و إنما يستدل على الصالحين بما يجرى الله لهم على ألسن عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح فاملك هواك، و شح بنفسك عما لا يحل لك، فإن الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت.

اللغة

(الجباية): جبا الخراج: جمعه، (يزعها): يكفها، (جمح الفرس):

تغلب على راكبه و ذهب به لا ينثني- المنجد-.

الاعراب‏

حين ولاه مصر: ظرف اضيف إلى جملة فعلية متعلق بقوله: عهده.

المعنى‏

قد عقد لمالك‏ ولاية عامة على كل امور مصر و جمعها في أربع:

1- الامور المالية و الاقتصادية التي تتركز في ذلك العصر في جمع‏ الخراج‏ فان‏ مصر من الأراضي المفتوحة عنوة انتقل أراضيها العامرة إلى المسلمين فقرروا فيها الخراج‏.

2- في الامور العسكرية فأثبت له القيادة العامة على القوى المسلحة و الجامع لها جهاد الأعداء.

3- الامور الاجتماعية و النظم الحقوقية الراجعة إلى كل فرد فعبر عنها بقوله: (و استصلاح أهلها).

4- عمران‏ البلاد بالزراعة و الغرس و سائر ما يثمر للناس في معاشهم.

ثم ابتدء بما يلزم عليه في نفسه من التأديب و الحزم ليقدر على إجراء أمره‏ عليه السلام‏ و حصرها في امور:

1- تقوى الله و إيثار طاعته‏.

2- اتباع ما أمر الله فى كتابه من الفرائض و السنن‏.

3- نصرة الله‏ بالقلب و اليد و اللسان.

قال الشارح المعتزلي: نصرة الله باليد: الجهاد بالسيف، و بالقلب الاعتقاد للحق، و باللسان: قول الحق.

أقول: لا ينحصر نصرة الله باليد على الجهاد بالسيف فانها تحقق في كل أعمال الجوارح المرضية لله تعالى، و منها الجهاد بالسيف إذا حان وقته و حضر شرطه.

ثم وصاه بحفظ نفسه‏ عن التغلب عليه في اموره و أمر بكسر شهواته و ميوله نحو اللذائذ المادية و حذره منها أشد الحذر.

ثم خاطبه باسمه فقال: (ثم اعلم يا مالك اني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل و جور) فقد أثبت عليه السلام لمصر في تاريخها الماضي‏ دول‏ و حكومات و وصفها بانها عدل و جور، فلا بد من الفحص عن هذه الدول و الفحص عن ماهى عادلة أو جائرة.

فهل المقصود من هذه الدول هي العمال الاسلاميين بعد فتح‏ مصر، و هل يصح التعبير عنهم بأنها دول عدل و لو باعتبار شمول السلطة الإسلامية من أواخر خلافة أبي بكر إلى أيام عمر و عثمان فالدول الجارية دولة عمر و عثمان مثلا، أو حكومة عمرو بن عاص فاتح مصر و من وليه من امثال ابن أبي السرح، و هل توصف واحدة منها بأنها عادلة؟ أو المراد من الدول الجارية المتتالية في مصر الدول قبل الإسلام في قرون كثيرة و أشكال شتى فلا بد من بيان إجمالى لهذه الدول، و هل يمكن تعرف دولة عادلة فيها أم لا.

فنقول: نتوجه إلى دول مصر في ضوء القرآن الكريم فانه قد تعرض لشرح بعض دولها إجمالا فيما يأتي.

1- دولة مصر المعاصر ليوسف النبي صلوات الله عليه المعبر عنها بدولة عزيز مصر.

ففي سورة يوسف الاية 30 «و قال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها

عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين‏».

و الظاهر أن عزيز مصر هو حاكمها و رئيسها في هذا العصر المعبر عنه بفرعون و قد قيل: إن عزيز مصر غير فرعون مصر بل هو رئيس جندها أو أحد أركان دولتها و لكن سياق الايات الواردة يأباها، فانظر إلى آية 42 في بيان رؤيا الملك:

«و قال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و أخر يابسات‏- إلى آية- 50- و قال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم‏- 51- قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه و إنه لمن الصادقين‏- إلى آية- 54- و قال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين‏».

فسياق هذه الايات يشهد بوضوح أن زوج زليخا و عزيز مصر رجل واحد و هو حاكم مطلق على امور مصر و ليس فوقه أحد، و يستفاد من نص الايات الأخيرة من سورة يوسف أن عزيز مصر لما اطلع على مقام يوسف و طهارته و عصمته و نبوته تنزل عن عرش مصر و فوض إليه امور مصر كافة فصار يوسف عزيز مصر، كما في آية 78 «يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين‏- إلى آية 88- قالوا يا أيها العزيز مسنا و أهلنا الضر و جئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل و تصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين‏».

فعزيز مصر و هو زوج زليخا و إن لم يتنزل عن العرش رسما بحيث تتحول الحكومة من بيت إلى بيت لكنه آمن بيوسف و انقاد له و فوض إليه اموره، كما يستفاد من الاية 24- المؤمن- عن قول مؤمن آل فرعون موسى «و لقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا».

و هذا الذي ذكرناه و إن كان مخالفا لما اثبته التوراة في تاريخ يوسف‏ و تبعها التواريخ و لكن الالتزام بتحريف التوراة و التاريخ ليس بعيدا عن الصواب بعد ظهور القرآن المستند إلى الوحى، و بهذه الجهة قال الله تعالى في آية 102:

«ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك‏» و يتعارض القرآن مع التوراة في موارد شتى من قصة يوسف أشرنا إليها في تفسيرنا لسورة يوسف «كانون عفت قرآن» من أراد الاطلاع فليرجع إليه.

فعلى ضوء هذا التفسير كان دولة عزيز مصر في زمن يوسف عليه السلام دولة عادلة و دولة فرعون مصر المعاصر لموسى بن عمران دولة جائرة من كل النواحي منكرا لله تعالى و لعبادته و مناديا على رءوس الأشهاد «أنا ربكم الأعلى‏» و ظالما لبني إسرائيل إلى حيث يذبح أبنائهم و يستحيى نسائهم و يجر عليهم بلاء عظيما ليستأصلهم عن شافتهم حتى صارت من الأمثال السائرة العالمية في الجور و الظلم و العدوان.

هذا بالنظر إلى مجمل التاريخ المنعكس في الكتب السماوية.و قد انتهت حكومة مصر قبل الإسلام إلى بطالسة يونان فأثروا في بسط الفلسفة اليونانية فيها و أسسوا دورا لتعليم الفلسفة و مكتبة عامة بقيت إلى عصر الفتح الإسلامي و كان حاكم مصر و واليها في ذلك العصر مقوقس الذي كتب إليه رسول الله صلى الله عليه و آله كتابا يدعوه إلى قبول الإسلام مع الكتب التي بعثها إلى غير واحد من رؤساء و ملوك ذلك العصر، ففي سيرة ابن هشام «ص 392 ج 2 ط مصر».

قال ابن هشام: حدثني من أثق به عن أبي بكر الهذلي قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و آله خرج على أصحابه ذات يوم بعد عمرته التي صدعنها يوم الحديبية فقال: أيها الناس إن الله قد بعثني رحمة و كافة فلا تختلفوا على كما اختلف الحواريون على عيسى بن مريم، فقال أصحابه: و كيف اختلف الحواريون يا رسول الله؟ فقال:

دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه فأما من بعثه مبعثا قريبا فرضي و سلم، و أما من بعثه مبعثا بعيدا فكره وجهه و تثاقل و شكا ذلك عيسى إلى الله، فأصبح المتثاقلون و كل واحد منهم يتكلم بلغة الامة التي بعث إليها، و بعث رسول الله صلى الله عليه و آله رسلا من أصحابه و كتب معهم كتابا إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام، فبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم، و بعث عبد الله بن حذافة السهمى إلى كسرى ملك فارس، و بعث عمرو بن امية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة، و بعث حاطب ابن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الاسكندرية- إلخ.

و مقوقس هذا رجل يوناني يحكم على مصر عقب ملوك بطالسة و كان تحت حماية ملوك الروم البيزانطية في ذلك العصر، فلما جاءه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إليه الكتاب لقيه ببشر و احترام و رده إلى رسول الله صلى الله عليه و آله مصحوبا بهدايا منها المارية القبطية التي قبلها رسول الله صلى الله عليه و آله بقبول حسن و سريها و اتخذها لفراشه و أولدها فولدت له إبراهيم ابن النبي و نالت حظوة عند رسول الله صلى الله عليه و آله.

و قد دخل مصر في حوزة الإسلام سنة العشرين من الهجرة و أقدم على فتحها عمرو بن العاص بعد ما استتب للمسلمين فتح سورية و تسلطوا عليها و فر هرقل ملك الروم الشرقية إلى قسطنطينية.

فلما سافر عمر إلى الشام للنظر في أمر معاوية و ما بلغه من سرفه لقيه عمرو بن العاص في قرية يقال لها: جابية قرب دمشق و أخلى به و عرض عليه زحفه إلى مصر بجيش من المسلمين معللا بأن فتح مصر يضاعف شوكة الإسلام، فمنعه عمر معللا بخوفه من جموع الروم الساكنين في مصر للدفاع عنها على حيش الإسلام، فأقام عمرو بن العاص في دمشق حتى استقر سلطة الإسلام على جميع بلاد الشام و رجع بعد فتح النوبة إلى فلسطين بأمر من عمر، و يهمه فتح مصر دائما حتى تهيأ جيشا و قصد مصر من دون تحصيل رخصة من عمر، و بلغ خبره إلى عمر فلم يرتضه و كتب إليه: «من عمر بن الخطاب إلى العاصي بن العاصي أما بعد فانك سرت إلى مصر و من معك و بها جموع الروم، و إنما معك نفر يسير و لعمري لو ثكلت امك و ما سرت بهم فإن لم يكن بلغت مصر فارجع بهم».

و أمر عقبة بن عامر الجهني بايصال هذا الكتاب إلى عمرو بن عاص معجلا فأسرع لإيصال المكتوب حتى أدركه في رفح، و هي مرحلة في طريق مصر منها إلى عسقلان يومان، فلما رآه عمرو بن العاص تفرس أنه قاصد من عمر ليرجع‏ فماطل في أخذ كتابه حتى بلغ عريش و كانت هي بلدة من مصر في ساحل بحر الروم و نهاية أرض الشام، فطلب عقبة و أخذ منه كتاب عمر و قرأه على الناس و قال: هذا العريش الذي نحن فيه من أى البلاد؟ قالوا: من بلاد مصر، فقال:لا ينبغي لنا أن نرجع لأن الخليفة شرط لرجوعنا عدم دخول مصر، فرحل في تخوم مصر حتى بلغ جيل [الحلال‏].

و وصل الخبر إلى مقوقس ملك مصر، فأرسل قائدا له يسمى مذقور الأعيرج بجيش لدفع المسلمين و تلاقى الفريقان في أرض فرما، و اشتد الحرب بينهما و قتل من الفريقين جمع كثير فهزم جمع الروم و تقدم عمرو بن العاص إلى قواصر و رحل إلى أم دنين و نزل فيها بقرب القاهرة، و هي بلدة في جنب فسطاط بينهما سور، و هي كانت دار الملك لمصر كما أنها عاصمة مصر في هذا العصر، ثم رجع أعيرج إلى الحرب مع عمرو بن عاص فتلاقيا في أم دنين و قتل خلق كثير من الجانبين و دامت الحرب مدة شهر كامل و لم يتيسر فتح مصر، و كتب عمرو بن عاص إلى عمر و استمد منه، فأرسل عمر أربعة من أبطال المسلمين و هم زبير بن العوام و المقداد ابن الأسود و عبادة بن صامت و مسلمة بن المخلد في اثنى عشر ألفا لمددهم فأسرعوا في السير و لحقوا بعمرو بن العاص فقوى جيش الإسلام و وهن أمر أعيرج و تحصن في قصر له و حوله خندق يتخلله معابر إلى القصر ملاها بقطعات حادة من الحديد لا يقدر العبور عليها الراكب و الراجل، و جهد المسلمون في فتح الحصن، و بلغ الخبر إلى مقوقس، فزحف بجيوش لحرب المسلمين و دام الحرب سبعة أشهر.

فقال الزبير: اضحى بنفسي في سبيل الله عسى أن يفتح هذا الحصن للمسلمين فصنع عدة مراقي و نصبها على الحصن فقال: إذا سمعتم تكبيري من فوق السور فارفعوا أصواتكم جميعا معي بالتكبير، فصعد الحصن بجمع من رجاله و هبط و فتح الباب فعرض مقوقس على المسلمين الصلح لما رأى من جهودهم في فتح الحصن و شرط لهم دينارين من الذهب كل سنة عن كل شخص في مصر، فطلبوا هذا الجزية من الروم الساكنين في أرض مصر و عرض على هرقل فلم يرض بذلك، و أمر مقوقس بالحرب‏ مع المسلمين و لكن مقوقس لم ينكث عهده و لحق القبط بالمسلمين، و لما استقر المسلمون في مصر صلحا أو عنوة على قول بعضهم و فتحوا الاسكندرية و دخلها عمرو ابن العاص فتن بها و أراد الإقامة فيها كمركز لجيوش الإسلام، فاستجاز من عمر في ضمن مكتوب أفصح فيه عن فتوحاته فأجابه بما يلي:لا تجعلوا بيني و بينكم ماء حتى إذا ما أردت أركب اليكم راحلتي حتى أقدم عليكم قدمت.

فلما قرأ مكتوب عمر رحل من اسكندرية إلى الفسطاط فسكنها و جعلها معسكر المسلمين فتنازع الجيش في مسكنهم حول فسطاط فأمر عمرو أربعة من امراء الجيش فخطوا لهم و عينوا حدود مساكنهم، و قد اشترك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله في حرب مصر أربعة عشر من المهاجرين يرأسهم زبير بن العوام، و ستة عشر من الأنصار يرأسهم عبادة بن صامت الأنصاري.

و لما ثم فتح مصر صار عمرو بن عاص واليا عليها و هو أول من صار واليا على مصر من المسلمين و هو قرشي من سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لوي، و كان يسافر إلى مصر تاجرا في أيام الجاهلية، و فتح مصر أيام عمر يوم الجمعة غرة محرم سنة العشرين من الهجرة، و بقى فيها واليا أربع سنين و شهورا، زار عمر خلالها مرتين.

كان في إسكندرية مصر رجل يسمى يحيى النحوي من أساقفة إسكندرية فهداه الله إلى الإسلام فكبر على الأساقفة فاجتمعوا حوله و ناظروه فأجابهم و دام على إسلامه، فلما فتح عمرو بن العاص المصر دخل عليه فاستقبله باكرام لما سمع من فضله و مجاوبته للنصارى في إثبات حقانية الإسلام و اتخذه نديما له يكتسب من فضله و حكمته.

فقال يوما لعمرو: قد حزت ما في الإسكندرية من الأموال و الخزائن و لا كلام لأحد معك في ذلك لكن هنا شي‏ء لا يفيدكم و نحتاج إليه فاعف عنه و دعه لنا، فقال عمرو: ما هو؟ قال: كتب الحكمة التي جمعها ملوك إسكندرية طيلة قرون خاصة يوناطيس الذي يدعوه أهل أروپا فيلاد لفس و كان محبا للحكمة، فأمر رجلا يسمى زهيرة بجمع الكتب و نصبه ضابطا لمكتبته، فاشترى الكتب من التجار بأثمان غالية حتى اجتمع في مكتبته أكثر من أربعة و خمسين ألف كتابا، و قلده ملوك البطالسة في جمع الكتب إلى ما خرج عن الاحصاء.

فعجب عمرو بن العاص من كلامه، و قال: لا بد من أن أكتب ذلك لعمر بن الخطاب و آخذ منه الجواب فكتب إليه، فأجابه: إن كان ما في هذه الكتب ما يوافق كتاب الله لا حاجة لنا بها و إن كان مخالفا له لا نرتضيها فأعدمها و امح أثرها فقسمها عمرو على حمامات إسكندرية ليصرفوها فيها بدلا من الوقود فأوقدوها خلال ستة أشهر حتى أفنوها.

و قد استنكر بعض المورخين الجدد من أهل مصر صدور الأمر من عمر باحراق كتب مكتبة إسكندرية لما صدر في الإسلام من الأمر بالفحص و البحث عن الحقائق و تحصيل العلم و لو بالصين.

أقول: و قد عرفت مما ذكرنا من ملخص تاريخ فتح مصر بيد المسلمين أنه لم يحكم في مصر إلى أيام أمير المؤمنين عليه السلام و إلى حين صدور هذا العهد التاريخي للأشتر النخعي إلا عمرو بن العاص و عبد الله بن سرح بن أبي سرح الذي ولاه عثمان على مصر بعد عزل فاتحه عمرو بن العاص فثار عليه الرومان، فاستعان عثمان بعمرو فسار إلى مصر و أخمد ثورة الرومان و أخرجهم من مصر و لكن لم يرض عثمان بعزل عبد الله فاشتركا في إدارة امور مصر و تنازعا و رجح عثمان عبد الله بن سرح عليه فرجع إلى المدينة ناقما على عثمان معينا لأعدائه و محرضا للقيام عليه حتى قتل و هما واليان على مصر.

و لا يصدق على حكومتهما باعتبار أنهما عاملان للخليفة لفظ الدولة و لا يمتازان بالعدل و الجور بل كلاهما من نسيج واحد و من أهل النفاق و من أعداء أهل البيت و المخالفين لولاية أمير المؤمنين عليه السلام و من الحكام الجائرين فان عمرو ابن العاص توجه في مصر إلى جمع المال و الادخاد حتى بلغ ثروته إلى حيث‏ ظهر للملأ اغتصابه لأموال المسلمين و أخذه من بيت المال فوق حقه و سهمه حتى بلغ خبره إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه معاتبا له:

أما بعد، فقد ظهر لي من مالك ما لم يكن في رزقك و لا كان لك مال قبل أن أستعملك، فأنى لك هذا؟ فوالله لو لم يهمني في ذات الله إلا من اختان في مال الله لكثر همي و انتثر أمري، و لقد كان عندي من المهاجرين الأولين من هو خير منك و لكني قلدتك رجاء غنائك فاكتب إلى من أين لك هذا المال؟ و عجل.

فأجابه عمرو بن العاص:

أما بعد، فقد فهمت كتاب أمير المؤمنين فأما ما ظهر لي من مال فإنا قدمنا بلادا رخيصة الأسعار و كثيرة الغزو، فجعلنا ما أصابنا في الفضول التي اتصل بأمير المؤمنين نباها و الله لو كانت خيانتك حلالا ما خنتك و قد ائتمنتنى فان لنا أحسابا إذا رجعنا إليها أغنتنا عن خيانتك، و ذكرت أن عندك من المهاجرين الأولين من هو خير مني فإذا كان ذاك فوالله ما دققت لك يا أمير المؤمنين بابا و لا فتحت لك قفلا.

فلما وصل جوابه إلى عمر كتب إليه ثانيا:

أما بعد فإني لست من تسطيرك الكتاب و تثقيفك الكلام في شي‏ء، و لكنكم معشر الامراء قعدتم على عيون الأموال و لن تقدموا عذرا، و إنما تأكلون النار و تتعجلون العار، و قد وجهت إليك محمد بن مسلمة فسلم إليه شطر مالك.

فأعطى الكتاب محمد بن مسلمة و بعثه إلى مصر، فلما وصل إلى مصر و حضر عند عمرو بن العاص أحضر له طعاما، فقال محمد: لو دعوتني إلى الضيافة و أحضرت لي طعاما لأكلته و لكن هذا الطعام مقدمة للشر فنحه عنى و احضر شطر مالك، و لا مناص لعمرو بن العاص من إطاعة أمر عمر، فأمر باحضار شطر من ماله من المواشي و الذهب و الفضة و أثاث الدار و غيرها، فلما نظر إليها رأى خزانة جزيلة فقال تأسفا:

لعن الله زمانا صرت فيه عاملا لعمر، و الله لقد رأيت عمر و أباه على كل واحد منهم عبائة قطوانية لا تجاوز ما يض ركبتيه و على عنقه حزمة[1] حطب و العاص بن وائل في مزردات الديباج.

و كان محمد بن مسلمة من شجعان الأنصار و المخلصين لحكومة عمر فاختاره من عمال غضبه و يبعثه إلى كبار الرجال لإجراء أوامره الرهيبة الشاقة فهو الذي أجرى أمره في تشطير أموال خالد بن الوليد في الشام و عزله من إمارة جيش الإسلام و تأديبه في محضر الأنام.

و هو الذي أجرى أمر عمر في سعد بن وقاص باحراق قصره الذي بناه في الكوفة و نصب فيه بابين من أبواب قصر مدائن.

و هو الذي فتك بكعب بن أشرف و قتله في عصر النبي صلى الله عليه و آله كما قال ابن هشام في سيرته.

فنقول: إن الدول التي وقع في صدر هذا العهد و وصفها عليه السلام بأن فيها عادل و جائر لا يصح أن تكون حكومة عمرو عاص و خلفه على مصر لأنها ليست دولة إلا بتكلف و لا يطلق عليها دول بلفظ الجمع مع أنهما جائران لاتباعهما عمر و عثمان و حالهما معلومة مع أنهما عريقان في النفاق و عداوة أهل البيت و خصوصا الثاني منهما.

فلا بد أن يكون المقصود من هذه الدول الحاكمة على مصر قبل الإسلام مما بقيت آثارها و أخبارها و عرفها خلق مصر و لو بالنقل عن الأسلاف أو بسبب ثبت أخبارها في كتب التاريخ، فوجه عليه السلام مالكا إلى هذا التاريخ العميق العريق في القدم و ملأ عهده هذا من القوانين السائدة في مصر القديمة و من بعض سير ملوكها العدول.

و لا ينافي توصيف بعض دول مصر بالعدالة مع كونهم و ثنيين، لأن عدالة الدولة بالنسبة إلى رعاياها و حفظ النظم و الحقوق لا يرتبط بمذهبها، و يمكن أن يعد ذلك من كراماته عليه السلام و إحاطته بالعلوم و الأخبار.

ثم نبهه عليه السلام إلى أن سيرة الحاكم و الوالي بمالها من التعلق إلى عموم‏ الناس‏ تنعكس في التاريخ و تلهج بها الألسن و كما أنك تقضي في أعمال الولاة قبلك يقضي عليك من يقوم مقامك، بعدك و دليل الصلحاء ما يجرى على لسان العباد باذن الله فلا تتوجه إلى ادخاد الأموال كما هو عادة طلاب الدنيا المفتونين بها بل‏ ليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح‏، و العمل الصالح‏ للوالي و عامله ما يوجب راحة رعيته و اجراء العدل فيما بينهم، و لذا أمر بمنع الهوى عن التأثير في أعماله و منع‏ النفس عما لا يحل له‏.

الترجمة

بنام خداوند بخشنده مهربان.

اين فرمان بنده خدا أمير مؤمنانست بمالك بن حارث الأشتر كه بايد آنرا در عهده خود بشناسد، و اين فرمان هنگامى شرف صدور يافته كه او را والى بر كشور مصر نموده تا خراج آن را بگيرد و با دشمن آن بجنگد و ملت آنرا اصلاح كند و بلاد آنرا آباد نمايد.

1- تقوا از خدا را شعار خود كند و طاعتش را غنيمت شمارد و از آنچه در كتابش از فرائض و سنن دستور داده پيروى نمايد، زيرا هيچكس بسعادت نرسيده مگر با پيروى از آنها، و كسى بدبخت نگردد مگر بانكار و ترك عمل بدانها.

2- خداوند سبحان را با دست و دل و زبان يارى كند، زيرا خداى جل اسمه ضامن يارى و عزت كسانيست كه او را يارى كنند و عزيز شمارند.

3- خود را از شهوترانى و سركشى نفس بازدارد، زيرا نفس بطبع خود بدخواه است مگر خدا رحم كند.

اى مالك من تو را بكشورى فرستادم كه پيش از تو دولتهاى عادل و ظالمى بخود ديده، مردم بهمان چشم تو را بينند كه تو واليان پيش از خود را بينى، و در باره تو همان را مى ‏گويند كه در باره آنها مي گوئى، خداوند مردمان نيك و شايسته را بزبان بندگان خود معرفى مي كند، بايد محبوبترين ذخيره در نظر تو پس انداز كردن عمل صالح باشد، هواى نفس خود را داشته باش و نسبت بخود از آنچه بر تو حلال نيست دريغ كن، زيرا دريغ كردن بخويشتن رعايت انصاف با او است در آنچه دوست دارى يا بد دارى.

الفصل الثاني من عهده عليه السلام للاشتر النخعي‏

و أشعر قلبك الرحمة للرعية، و المحبة لهم، و اللطف بهم، و لا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، و إما نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، و تعرض لهم العلل، و يؤتى على أيديهم في العمد و الخطاء، فأعطهم من عفوك و صفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه و صفحه، فإنك فوقهم، و والى الأمر عليك فوقك، و الله فوق من ولاك، و قد استكفاك أمرهم، و ابتلاك بهم، و لا تنصبن نفسك لحرب الله، فإنه لا يدي لك بنقمته، و لا غنى بك عن عفوه و رحمته، و لا تندمن على عفو، و لا تبجحن بعقوبة، و لا تسرعن إلى بادرة وجدت منها مندوحة، و لا تقولن إني مؤمر آمر فأطاع، فإن ذلك إدغال في القلب، و منهكة للدين، و تقرب من الغير، و إذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك و قدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك، فإن ذلك‏ يطامن إليك من طماحك، و يكف عنك من غربك، و يفى‏ء إليك بما عزب عنك من عقلك.

إياك و مساماة الله في عظمته، و التشبه به في جبروته، فإن الله يذل كل جبار، و يهين كل مختال. أنصف الله و أنصف الناس من نفسك و من خاصة أهلك و من لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم، و من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، و من خاصمه الله أدحض حجته، و كان لله حربا حتى ينزع و يتوب، و ليس شي‏ء أدعى إلى تغيير نعمة الله و تعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله يسمع دعوة المضطهدين، و هو للظالمين بالمرصاد. و ليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، و أعمها في العدل و أجمعها لرضى الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة، و إن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة، و ليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مئونة في الرخاء و أقل معونة له في البلاء، و أكره للإنصاف، و أسال بالإلحاف، و أقل شكرا عند الإعطاء و أبطأ عذرا عند المنع، و أضعف صبرا عند ملمات الدهر من أهل الخاصة، و إنما عماد الدين و جماع المسلمين و العدة للأعداء العامة من الأمة، فليكن صغوك لهم، و ميلك معهم.

و ليكن أبعد رعيتك منك، و أشنؤهم عندك أطلبهم لمعايب الناس، فإن في الناس عيوبا، الوالي أحق من سترها، فلا تكشفن عما غاب عنك منها، فإنما عليك تطهير ما ظهر [منها] لك، و الله يحكم على ما غاب عنك، فاستر العورة ما استطعت، يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك، أطلق عن الناس عقدة كل حقد، و اقطع عنك سبب كل وتر، و تغاب عن كل ما لا يصح لك، و لا تعجلن إلى تصديق ساع، فإن الساعى غاش و إن تشبه بالناصحين. و لا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل، و يعدك الفقر، و لا جبانا يضعفك عن الأمور، و لا حريصا يزين لك الشره بالجور، فإن البخل و الجبن و الحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله.

إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا، و من شركهم في الاثام فلا يكونن لك بطانة، فإنهم أعوان الأثمة،و إخوان الظلمة، و أنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم و نفاذهم، و ليس عليه مثل آصارهم و أوزارهم ممن لم يعاون ظالما على ظلمه و لا آثما على إثمه، أولئك أخف عليك مئونة، و أحسن لك معونة، و أحنى عليك عطفا، و أقل لغيرك إلفا، فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك و حفلاتك، ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك، و أقلهم مساعدة فيما يكون منك مما كره الله لأوليائه، واقعا ذلك من هواك حيث وقع، و الصق بأهل الورع و الصدق ثم رضهم على أن لا يطروك، و لا يبجحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو، و تدني من العزة. و لا يكونن المحسن و المسي‏ء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الاحسان في الإحسان، و تدريبا لأهل الإساءة على الإساءة و ألزم كلا منهم ما ألزم نفسه.

و اعلم أنه ليس شي‏ء بأدعى إلى حسن ظن و [ال [راع‏]] برعيته من إحسانه إليهم، و تخفيفه المئونات عليهم، و ترك استكراهه إياهم على ما ليس له قبلهم، فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن برعيتك، فإن حسن‏ الظن يقطع عنك نصبا طويلا، و إن أحق من حسن ظنك به لمن حسن بلاؤك عنده، و إن أحق من ساء ظنك به لمن ساء بلاؤك عنده. و لا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، و اجتمعت بها الألفة، و صلحت عليها الرعية، و لا تحدثن سنة تضر بشي‏ء من ماضي تلك السنن فيكون الأجر لمن سنها، و الوزر عليك بما نقضت منها. و أكثر مدارسة العلماء، و منافثة [مناقشة] الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، و إقامة ما استقام به الناس قبلك.

اللغة

(الضارى): المعتاد للصيد، الجرى‏ء عليه، (الصفح): الإعراض عن الذنب و غفرانه، (البجح) بسكون الجيم: الفرح و السرور، (البادرة): الحدة، (المندوحة): السعة في الأمر و عدم الضيق و الاضطرار، (الإدغال): إدخال الفساد في الأمر، (المنهكة): الضعف، (الابهة) و (المخيلة): الكبر، (يطامن):

يسكن، (طماح) النفس: جماحها عن المشتهيات، طمح البصر: ارتفع، (عزب) الفرس حدته و أول جريه، (المساماة): مفاعلة من السمو، (الجبروت):عظيم الكبر، (أدحض حجته): أبطلها، (ينزع): يرجع، (اجحف) به: ذهب به، (الالحاف). شدة السؤال و الاصرار فيه، (ملمات الدهر): ما يلم و ينزل من خطوبه و بلاياه، (جماع المسلمين): جمعهم و عامتهم (الصغو): الميل،(أشنأهم): أبغضهم، (الوتر): الحقد، (التغابي): التجاهل و التغافل، (بطانة) الرجل: خاصته الملاصقون به، (الاصار) جمع إصر: الاثام، (حفلاتك):

جلساتك في المجالس و المحافل، (الاطراء): المبالغة في المدح و الثناء، (الزهو):الكبر، (التدريب): التعويد، (المناقشة): المحادثة و البحث.

الاعراب‏

تغتنم أكلهم: جملة حالية عن اسم لا تكونن، مثل الذي تحب، صفة موصوف محذوف أى عفوا و صفحا مثل الذي تحب، و والى الأمر مبتدأ و فوقك ظرف مستقر خبر له و الجملة حالية، لا يدي، نافية للجنس و يدي مبنى على علامة النصب و هو الياء و حذف النون على التوسع و التشبيه بالمضاف.

إياك و مساماة الله، منصوب على التحذير، تغاب: أمر من تغابى يتغابى تغابيا للأشرار قبلك، قبلك ظرف مستقر حال عن الأشرار.

المعنى‏

قد تعرض عليه السلام هذا في الفصل من‏ عهده‏ للأشتر لبيان روابطه مع رعيته و المسوسين له من العامة و الخاصة في ثلاثة مراحل:

الاولى: رابطته باعتبار أنه وال على الناس و بيده القدرة و الأمر و النهى مع كل أحد، و بينها في امور:

1- أن يكون ملؤ قلبه‏ المحبة و اللطف و الرحمة لكافة الرعية.

2- عدم سوء الاستفادة عن قدرته‏ عليهم‏ فيصير ذئبا وقع على غنم يأكلهم لأن رعاياه، إما إخوانه‏ في الدين‏ ككافة المسلمين، و إما إخوانه‏ في‏ الإنسانية كالذمي و المعاهد.

3- الصفح عن خطاياهم و العفو عن ذنوبهم لنقصان التربية، و نبهه على ان نسبتهم إليه كنسبته إلى‏ الوالي الامر عليه و فوقه أيضا هو الله‏، فينبغي‏ الصفح‏ عنهم، كما أنه يرجو الصفح عنه من‏ الوالي الامر و فوقه من‏ الله‏ القادر، و بين أن تعذيب عباد الله بمنزلة الحرب‏ مع‏ الله‏ الذي لا قدرة تجاه عقوبته، و لا غنى عن عفوه و رحمته‏.

4- عدم الندامة على عفو المجرم مهما كان.

5- عدم السرور و الانشراح لعقوبة المجرم إذا اقتضاها الضرورة.

6- ملازمة الحلم و الاجتناب عن‏ بادرة الغضب.

7- لا تفسد قلبك بحديث الرياسة و السلطة.

8- و إذا أحدث السلطان فيه أبهة و طغيانا فلينظر إلى عظم ملك الله‏ حتى يخضع قلبه و يدرك عجز نفسه و يكف عن جريه في سبيل الأمارة، و يجد عقله الزائل في سكر الرياسة.

9- حذره عن اغتراره باحتفاف الناس حوله و انقيادهم له فتطغى نفسه كفرعون و يبارز الله في عظمته و جبروته‏، فانه يذله‏ الله‏ و يهينه كفرعون و يأخذه بنكال الاخرة و الالى و يصير عبرة لمن يخشى.

10- أمره برعاية الانصاف مع‏ الله‏ و خلقه، سواء بالنسبة إلى نفسه أو أهله أو من يهواه من رعيته، فلا يهضم حق الله و حق أحد من عباده لرعاية هؤلاء فانه‏ ظلم‏ و الله خصم للظالم، و من خاصمه الله أدحض حجته و كان لله حربا حتى يتوب و الظلم يوجب تغيير النعم و سلب الأمارة و الحكم.

11- أمره برعاية ما هو الأفضل‏ في‏ أداء الحق‏ و ما هو أعم لجميع‏ الرعية في‏ اجراء العدل‏ و ما هو أجمع لرضا الرعية في تمشية الامور و إن كان يوجب‏ سخط الخاصة من أرباب النفوذ و أصحاب المقامات السامية، و علل ذلك بأن غضب عامة الرعية و عدم رضاهم عن وضعهم يوجب الثورة و البلوى و لا يقدر الخاصة مهما كانوا مخلصين للحكومة و جادين في نصرته المقاومة تجاه سيول الثائرين و أهل البلوى كما حدث في زمان عثمان حيث إن سوء سياسته و عدم تأديته الحقوق العمومية صار سببا لنقمة عامة الجيش الإسلامي، فانحازوا من مصر و كوفة و اجتمعوا في المدينة و حصروا عثمان و لم يقدر خاصته كمروان بن حكم و سائر رجال بني امية مع كمال نفوذهم و دهائهم أن يصدوا سيل الثائرين و المهاجمين حتى قتل عثمان في داره و القي بجسده إلى البقيع و تبعه ما تبعه من الحوادث الهامة، و لكن إذا كان العموم راضيا و موافقا مع‏ الوالي‏ فسخط بعض الخواص لا يؤثر شيئا، لأن الفرد و الأفراد القليلين لا يقدرون على مقاومة الوالي إذا لا تساعدهم العموم.

ثم وصف‏ الخاصة الملاصقة بالوالي مع كمال أدبهم و تواضعهم بما يلي:

الف- هم‏ أثقل‏ الناس‏ على الوالي‏ من جهة المئونة و ما يتوقعون من معاش اشرافي يصاحب الخدم و الحشم و الغلمان و المماليك، كما كان‏ في‏ حال‏ الرخاء و العافية.

ب- هم‏ أقل‏ الناس‏ معونة عند حلول‏ البلاء و ضيق الحال.

ج- هم‏ أكره‏ الناس للعدل و الانصاف لأن وضعهم يقتضي التجاوز و التعدى بحقوق غيرهم.

د- هم أصر الناس على السؤال و تقديم التقاضا لحوائجهم حقا كانت أم باطلة.

ه- هم‏ أقل‏ الناس‏ شكرا للعطايا و أبطأ لقبول الاعتذار عند المنع‏.

و- هم‏ أضعف صبرا في النوائب و تجاه الحوادث فيفرون عن صف الجهاد عند شدة البأس، ثم وصف‏ العامة من‏ الناس بما يلى:

هم‏ عماد الدين‏ و حفاظه، و يتشكل منهم جامعة المسلمين‏ و السواد الأعظم و هم‏ العدة في الدفاع عن‏ الأعداء.

12- ثم وصف أهل النمامة و طلاب عيوب‏ الناس‏ و أمره بابعادة و شنئانه و نبه أن من مصلحة الوالي الستر على عيوب‏ الناس‏ و عدم التفتيش عنها حق لا يوجب نفورهم عنه و خوفهم منه.

13- أمره بقطع كل ما يوجب‏ حقد الناس‏ و تمكن البغضاء في صدورهم.

14- التجاهل عن امور لا يصح‏ للوالي الدخول فيها من أحوال‏ الناس‏ الخصوصية مما لا يصح‏ و يظهر له.

15- التوقف في‏ تصديق‏ من يسعى لديه عن غيره حتى يتفحص و يتحقق و وصف‏ الساعي‏ بأنه‏ غاش‏ في صورة ناصح.

16- النهى عن‏ المشورة مع‏ البخيل‏.

17- النهى عن‏ المشورة مع‏ الجبان‏.

18- النهى عن‏ المشورة مع‏ الحريص‏.

و قد أشار إلى أن‏ المشورة مع هؤلاء لا تهتدي إلى رأي صالح مصيب باعتبار ما ركز في طبع هؤلاء من مساوى الأخلاق التي تؤثر في رأيهم و تكدره، فالبخيل‏ يمنع عن الإيثار و البذل لكل أحد كما أن‏ الجبان‏ لا يرى الحرب و الجهاد مع الأعداء مصلحة في حال من الأحوال، لأن جبنه يدعوه إلى حفظ النفس و الإخفاء عن العدو كما أن‏ الحريص‏ الجامع للدنيا يدعو إلى‏ الشره‏.ثم نبه إلى أن هذه الذمائم ترجع إلى مبدء واحد و هو سوء الظن بالله‏ تعالى و قلة معرفته.

و اعلم أن‏ الوزير هو المعاون و الظهير كما قال الله تعالى حكاية عن موسى ابن عمران «رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي و اجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به‏ 25- 28 سورة طه» و قد خصص هذا العنوان بمن يعاون الرؤساء و الملوك حتى يتبادر من لفظ وزير فلان أنه سلطان، و والي‏ مصر باعتبار سعة ميدان نفوذه يساوي ملكا من الملوك و قد كان لكل فرعون من فراعنة مصر و كل ملك من ملوكه و كل وال من ولاته الاسلاميين وزراء و معاونون و هم أهيأ الناس للالتصاق بالوالي الجديد و كسب الجاه عنده و إشغال مقام الوزارة لديه و تقديم الهدايا و تحسين الثناء و بذل العون له بما لهم من التجربة و الاطلاع على مجارى الامور، و قلما يقدر وال جديد أو ملك جديد من التخلص عن أمثال هؤلاء، و لكنه صلوات الله عليه بين حال تلك العصابة المتمرنة على الظلم فقال: إذا كان‏ الوزير وزيرا للوالي الشرير فقد شركه في الاثام‏ و المظالم و لا يجوز الاعتماد عليه و اتخاذه‏ بطانة في امور الحكومة فانهم أعوان الأثمة و إخوان الظلمة.

ثم هداه إلى رجال آخرين يفضلون على أمثال هؤلاء من وجوه:

1- لهم مثل آرائهم و نفاذهم‏ في الامور مبرؤون من‏ الاصار و الأوزار لعدم المعاونة على الظلم‏ و الاثم فيكون‏ آرائهم‏ أصقل‏ و نفاذهم‏ أكثر.

2- اولئك أخف مئونة لانهم أهل صلاح و سداد و لم يعتادوا الاسراف في المعيشة و ادخار الأموال.

3- معونتهم للوالي أكثر من الوزراء السابقين لعدم اعتيادهم بالمسامحة في الامور.

4- لم يغير صفاء قلوبهم المطامع و المكائد فكان حبهم للوالي خالصا و عطفهم عليه عن صميم القلب.

5- لم يألفوا مع اناس آخرين هم أتباع و أعوان الأشرار الماضين فالفتهم مع غير الوالي‏ قليل.

ثم أمره بالانتخاب من‏ اولئك‏ الوزراء الصالحين فقال عليه السلام:

(ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك) على خلاف عادة الولاة الظلمة الطالبين لمن يؤيدهم على أهوائهم الباطلة، و قد ذكر الشارح المعتزلي هنا قصة لطيفة كما يلي:اتى الوليد بن عبد الملك برجل من الخوارج، فقال له: ما تقول في الحجاج؟

قال: و ما عسيت أن أقول فيه، هل هو إلا خطيئة من خطاياك، و شرر من نارك، فلعنك الله و لعن الحجاج معك و أقبل يشتمهما، فالتفت الوليد إلى عمر بن عبد العزيز فقال: ما تقول في هذا؟ قال: ما أقول فيه هذا رجل يشتمكم، فإما أن تشتموه كما شتمكم، و إما أن تعفوا عنه، فغضب الوليد و قال لعمر: ما أظنك إلا خارجيا، فقال عمر: و ما أظنك إلا مجنونا، و قام فخرج مغضبا، و لحقه خالدابن الريان صاحب شرطة الوليد، فقال له: ما دعاك إلى ما كلمت به أمير المؤمنين؟ لقد ضربت بيدي إلى قائم سيفي أنتظر متى يأمرني بضرب عنقك، قال:

أو كنت فاعلا لو أمرك؟ قال: نعم، فلما استخلف عمر جاء خالد بن الريان فوقف على رأسه متقلدا سيفه، فنظر إليه و قال: يا خالد ضع سيفك، فانك مطيعنا في كل أمر نأمرك به، و كان بين يديه كاتب كان للوليد، فقال له: ضع أنت قلمك فانك كنت تضر به و تنفع، اللهم إني قد وضعتهما فلا ترفعهما، قال: فوالله ما زالا وضيعين مهينين حتى ماتا.

أقول: عمر بن عبد العزيز لما تصدى للخلافة يعلم أن مظالم بني أمية شاعت في الأقطار الاسلامية و تلاطمت فكاد عرش الخلافة يسقط فدبر أحسن تدبير لتعليل تلك المظالم و قطع أيادى المولعين بها بكل وجه ممكن، و من أهم ما نفذه إسقاط سب أهل البيت من الخطب و رد فدك إلى بني فاطمة كما ذكرناه في مقامه و لم يأل جهدا في إصلاح الاجتماع و لكن لم يتركوه على سرير الخلافة إلا مما يقرب ثلاث سنين.

ثم أمره عليه السلام بالتقرب‏ بأهل الورع و الصدق‏ و تركهم على حالهم حرا لئلا ينحرفوا عن طريق‏ الورع و الصدق‏ فيطروه بالثناء و يمدحوه بما لا يستحق فان الإطراء يفسدهم و يؤثر في‏ الوالي‏ فيكسبه زهوا و غرورا فيفسد هو أيضا.

ثم أمره برعاية العدالة و الحق بينهم و ليس معناه أن ينظر إلى جميعهم بنظرة واحدة و يكون‏ المحسن و المسى‏ء سواء فانه يوجب‏ تزهيد أهل الاحسان في الاحسان و تدريب أهل الإسائة بالإسائة.

ثم نبهه على أن ألزم ما يكون يتوجه إليه‏ الوالى‏ جلب‏ حسن ظن الرعية و جلب عطفه و أدعى شي‏ء إلى ذلك أمران:

1- الاحسان‏ بالرعايا ببذل ما يحتاجون من المئونة و الحوائج.

2- تخفيف‏ ما يطلب منهم من الخراج و المئونات و ترك استكراههم على ما ليس‏ في عهدتهم لجلب‏ حسن‏ ظنهم و اعتمادهم على‏ الوالي فحسن الظن‏ بالوالي إذا عم الرعايا يسهل الأمر عليه في إرادتهم و لا يحتاج إلى بث العيون و المحافظين‏ عليهم‏، و حسن الظن‏ لا بد و أن يكون أثر التجربة و الامتحان.

ثم وصاه برعاية السنن الصالحة التي‏ عمل بها صدور الامة الاسلامية و شاعت بين المسلمين و ألفوا بها فلا يصح نقض‏ هذه السنن‏ و تبديلها بالبدع أو تركها رأسا و المقصود منها السنن‏ الحسنة التي عمل بها المسلمون اقتداء بالنبي صلى الله عليه و آله أو عملوها في مشهد من النبي فأقرهم عليها فصارت من‏ السنن‏ الاسلامية الثابتة.

الترجمة

1- دلت را نسبت برعيت پر از مهر و محبت و لطف كن، نسبت به آنها چون درنده آزار كننده‏اى مباش كه خوردن آنان را غنيمت شمارى، زيرا از دو كس بيرون نيستند يا برادر دينى تو هستند يا همنوع تو محسوبند و در معرض لغزش و خطا قرار دارند و از روى عمد و يا خطا گاهى تجاوز مى ‏كنند، باندازه‏اى در باره آنها گذشت و عفو منظوردار كه خود از خداوند توقع گذشت و عفو گناه خود را دارى، تو بالادست آنهائى و والى تو بالا دست تواست و خداوند بالا دست كسى است كه تو را والى كرده و كار آنها را بتو وانهاده و بوسيله آنها تو را در معرض امتحان قرار داده است.

2- هرگز بجنگ و ستيز با خدا بر مخيز زيرا تاب انتقام او را ندارى و از عفو و رحمتش بى ‏نياز نيستى.

3- هرگز از عفو خلافكار پشيمان مباش.

4- هرگز بر شكنجه و عقوبت مبال.

5- تا راه گريز دارى بتندى و تحكم مشتاب، مگو من فرماندهم و فرمانم اجراء مى ‏شود، زيرا اين خود فساد در دل و سستى در دين پديد مى ‏كند و دگرگونى و آشوب ببار مى ‏آورد.

6- چون از ملاحظه حكومت و مقاومت تكبر و سرافرازى بتو دست داد.نگاهى بملك بزرگ خدا كن كه بالا دست تو است و توجه كن كه خداوند بر تو قدرت دارد و تو در برابر او بر خود هم قدرت ندارى زيرا اين توجه سركشى ترافرونشاند و تندى ترا باز دارد و عقلي كه بر اثر خود بينى از سرت بدر رفته به تو باز گردد.

7- مبادا با خداوند در بزرگى و جبروت سر همسرى و همانندى داشته باشى زيرا خداوند هر جبارى را خوار و هر بالنده ‏اى را زبون مى ‏كند.

8- نسبت بخداوند و مردم از طرف خودت و خاندانت و دوستانت انصاف و عدالت را مراعات كن، اگر نكنى ستم ورزيده‏اى (و هر كس ببندگان خدا ستم كند خدا از طرف بندگانش خصم اوست و چون خدا با كسى خصومت كند دليلش را باطل نمايد و با او بجنگد تا برگردد و توبه كند)، هيچ چيز از ادامه ستمكارى مؤثرتر در زوال نعمت خداوند و تعجيل انتقام او نيست، زيرا خدا نفرين ستمكشان را خوب مى ‏شنود و در كمين ستمكاران است.

9- كارهائى را بيشتر دوست دار كه با حقيقت ‏تر و عادلانه‏ تر و رضايت عمومى رعايا را بهتر جلب مى‏ كند، زيرا خشم ملت رضايت مخصوصان دولت را پايمال مى ‏كند ولى خشم مخصوصان دولت با وجود رضايت عمومى ملت جبران و در گذشت مى ‏شود، مخصوصان و اطرافيان والى در هنگام صلح و آسايش هزينه بسيار سنگينى بر او تحميل مى‏ كنند و در هنگام گرفتارى كمتر باو كمك مى ‏دهند، از عدالت بيشتر بدشان مى ‏آيد و پرروتر در خواست عطا و مقام مى ‏كنند، چون به آنها چيزى داده شود كمتر شكر مى ‏كنند و اگر دريغ شود ديرتر عذر مى ‏پذيرند، و در پيشامدهاى ناگوار روزگار ناشكيباترند.همانا ستون ديانت و جامعه مسلمانان و ذخيره دفن دشمنان توده عمومى ملت باشند، بايد گوشت بسخن آنها و دلت با آنها باشد.

10- هر كس از رعايا نسبت بمردم عيب جوتر است او را از خود دور كن و دشمن‏تر بدار، زيرا طبعا در مردم عيبهائى هست كه بايست والي بيشتر از ديگران آنها را بپوشد، در مقام مباش كه عيب آنها را بدانى زيرا هر چه را بدانى بايد آنرا اصلاح كنى ولى آنچه از تو پنهانست خدا در باره آن حكم مى‏ كند تا، مى ‏توانى بديها را بپوش تا خدا عيب ترا از رعيت بپوشد.

11- با مردم بهيچ وجه كينه توزى مكن و خونى از آنها بر عهده مگير و از آنچه بر تو روشن نيست تغافل بورز.

12- در تصديق را پورتچيان سخن چين شتاب مكن، زيرا آنان در لباس خير خواه آب بشير مى‏ كنند.

13- چند طايفه را هم شور خود مكن.

الف- بخيل، زيرا تو را از فضل و احسان منصرف مى ‏كند و از تهى دستى بيم مى ‏دهد.

ب- ترسو، زيرا تو را در هر كارى بسستى و ضعف مى ‏كشاند.

ج- حريص و آزمند، زيرا دست اندازى بر خلاف حق را در نظر تو نمايش مى ‏دهد، بحل و ترس و حرص چند خصلت بدند كه ريشه همه آنها بد گمانى بخدا است.

14- بدترين وزيران تو كسانى ‏اند كه وزير واليان بدكار پيش از تو بوده ‏اند و با آنها در گناهان همكارى كرده ‏اند، مبادا اينان طرفداران و مخصوصان تو باشند زيرا كه يار گنهكاران و برادر ستمگرانند، تو مى‏ توانى بجاى آنها بهتر از آنها را بيابي، كسانى كه نظريات و نفوذ آنها را دارند ولى وزر و وبال آنها را ندارند و با ستمكاران و گنهكاران همكارى نكرده ‏اند، اين مردان پاكدامن هزينه كمترى بر تو تحميل مى ‏كنند و نسبت بتو مهربانترند و با بيگانه‏ ها كم الفت ترند، آنها را مخصوصان جلسه‏ هاى سرى و انجمنهاى علنى خود قرار ده سپس بر گزيده ‏تر آنها پيش تو كسى باشد كه حق را بى ‏پرده برابر تو بگويد و در مخالف خواست حق براى دوستانش ترا كمتر مساعدت كند چه دلخواه تو باشد چه نباشد.

15- به پاكدامنان و راستگويان بپيوند و آنها را چنان بار آور و بپرور كه تملق ترا نگويند و بكارهائى كه نكرده ‏اى بيهوده ستايش و خوشامد ترا نگويند، زيرا مدح خود پسندى آورد و بغرور كشاند.

16- مردمان درست و خوشرفتار و نادرست و بدكار را بيك چشم منگر و برابر مدان، زيرا در اين صورت مردان درست و خوشرفتار بخدمت كردن و درستى بى‏ رغبت مى‏ شوند و مردان بدكار و نادرست ببد كردارى تشويق و وادار مى‏ گردند، هر يك از اين دو را بپاداش كارشان كه خود براى خود خواسته‏ اند برسان.

17- بايد رعيت را بخود خوشبين و اميدوار كنى و بهترين راهش اينست كه به آنها احسان كنى و بار هزينه و مخارج آنها را تا مى ‏توانى سبك كنى و آنها را به چيزى كه در عهده آنها نيست بزور وادار نكنى، در اين زمينه طبعا تو هم برعيت خوشبين خواهى شد و خوشبينى تو به آنها رنج و اندوه فراوان و دنباله دارى را از دوشت بر مى‏ دارد.

18- نسبت بهر كس پيش تو آزمايش خوب داده بايد خوشبين باشى و هر كس آزمايش بد داده باو بدبين باش.

19- روش نيكى كه پيشروان و رهبران نخست اين امت بكار زده ‏اند و با آن توده را بهم پيوسته ‏اند و كار رعيت را اصلاح كرده‏ اند نقض مكن و روش تازه و بدى كه باين دستورات نيك گذشته لطمه مى‏زند پديد مياور تا آنانكه روشهاى نيك را گذاشته اجر برند و تو و بال نقض آنرا بگردن بگيرى.

20- در باره دستورات اصلاحى كشور و اداره كارهاى مردم كه پيش از تو بوده است با دانشمندان مطلع بسيار گفتگو كن و با فرزانگان خير خواه بسيار انجمن نما.

الفصل الثالث من عهده عليه السلام‏

و اعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، و لا غنى ببعضها عن بعض، فمنها جنود الله، و منها كتاب العامة و الخاصة و منها قضاة العدل، و منها عمال الإنصاف و الرفق، و منها أهل الجزية و الخراج من أهل الذمة و مسلمة الناس، و منها التجار و أهل‏ الصناعات، و منها الطبقة السفلى من ذوى الحاجة و المسكنة، و كل قد سمى الله له سهمه، و وضع على حده فريضته في كتابه أو سنة نبيه- صلى الله عليه و آله- عهدا منه عندنا محفوظا. فالجنود بإذن الله حصون الرعية، و زين الولاة، و عز الدين و سبل الأمن، و ليس تقوم الرعية إلا بهم، ثم لا قوام للجنود إلا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوهم، و يعتمدون عليه فيما يصلحهم و يكون من وراء حاجتهم، ثم لا قوام لهذين الصنفين إلا بالصنف الثالث من القضاة و العمال و الكتاب لما يحكمون من المعاقد، و يجمعون من المنافع، و يؤتمنون عليه من خواص الأمور و عوامها، و لا قوام لهم جميعا إلا بالتجار و ذوي الصناعات فيما يجتمعون عليه من مرافقهم، و يقيمونه من أسواقهم، و يكفونهم من الترفق بأيديهم مما لا يبلغه رفق غيرهم، ثم الطبقة السفلى من أهل الحاجة و المسكنة الذين يحق رفدهم و معونتهم، و في الله لكل سعة، و لكل على الوالي حق بقدر ما يصلحه. و ليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله تعالى من ذلك إلا بالاهتمام و الاستعانة بالله، و توطين نفسه على لزوم الحق و الصبر

عليه فيما خف عليه أو ثقل.

اللغة

(الرعية): الماشية الراعية، الماشية المرعية، (الطبقة): المرتبة و من ذلك قولهم: الطبقة الاجتماعية و طبقة العمال و نحوها، (الجند): جمع أجناد و جنود و الواحد جندي: العسكر، (الكاتب) ج: كتاب: العالم و من عمله الكتابة- المنجد.

(الجزية): الخراج المعروف المجعول على رأس الذمي يأخذه الامام في كل عام، قال تعالى: «حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون» قيل: سميت بذلك لأنها قضاية منهم لما عليهم، و قيل: لأنها يجتزى بها و يكتفى بها منهم (الحصن):

واحد الحصون: و هو المكان المرتفع لا يقدر عليه لارتفاعه و منه: الفقهاء حصون الاسلام كحصن سور المدينة- مجمع البحرين.

(المعاقد) جمع معقد: و هو العقد و القرار في المعاملات و يطلق على الأوراق المتضمنة للمعاهدات.

الاعراب‏

لا يصلح بعضها إلا ببعض، جملة فعلية صفة لقوله طبقات، لا غنى ببعضها لاء المشبهة بليس و غنى اسمها، منها جنود الله جملة اسمية قدم خبرها لكونه ظرفا، و هكذا ما عطف عليها من سائر الجمل، أو سنة نبيه عطف على قوله فريضة عهدا منه منصوب على التميز الرافع للابهام عن النسبة من قوله: قد سمى الله سهمه و يحتمل أن يكون حالا، لا قوام للجنود: لاء نافية للجنس و الخبر محذوف أى لا قوام متحقق للجنود، ما لا يبلغه: لفظة ما اسمية: أى شيئا لا يبلغه، و في الله لكل سعة: سعة مبتدأ مؤخر، و في الله ظرف مستقر خبر له و لكل جار و مجرور متعلق بقوله سعة.

المعنى‏

قد تعرض عليه السلام في هذا الفصل من عهده المبارك لبيان‏ طبقات الناس‏

و الرعية و أثبت للرعية طبقات‏ سبعة و ليس المقصود من ذلك إثبات نظام‏ الطبقات‏ و تأييده فان نظام‏ الطبقات‏ مخالف‏ للعدل‏ و الديمقراطية الحاكمة بتساوى‏ الرعية في الحقوق.

فالبشر في تحوله الاجتماعي شرع من النظام القبلية و الاسرة المبني على أن الحكم المطلق ثابت لرئيس القبيلة و أبى الاسرة يحكم على الأفراد بما شاء يعز من شاء و يذل من شاء، فلا حياة للفرد إلا في ضمن القبيلة و يشترك معها في الخيرات و الشرور على ما يراه صاحب الاسرة و رئيس القبيلة، و هذا أدنى نظام اجتماعي وصل إليه البشر في تكامله الاجتماعي و انتقاله من الغاب إلى الصحراء، و قد ظل البشر في هذا النظام آلافا من السنين يسكن في ظل بيوت من الشعر أو الجلد و ينتقل من كور إلى كور، و قد أشار الله تعالى إلى هذا الدور في قوله:

و الله جعل لكم من بيوتكم سكنا و جعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم و يوم إقامتكم و من أصوافها و أوبارها و أشعارها أثاثا و متاعا إلى حين‏- النحل الاية 80».

و قد تحولت امم من هذا النظام إلى نظام مدنى أرقى قبل آلاف من السنين فقد ذكر بعضهم اكتشاف آثار المدنية في مصر من قبل خمسة عشر ألف عام و في الصين إلى ما قبل ذلك بالاف من القرون، ثم ازدهرت المدنية في بين النهرين و ضواحى ايران و فارس و ظل قبائل اروبا و إفريقا برابرة يعيشون تحت الخيام إلى هذه العصور الأخيرة إلا ما ظهرت من المدنية في يونان و بعض ضواحى البحر الأبيض و جزرها.

فنظام الطبقات يحصل للامم بعد التحول من النظام القبلي و مرجعه إلى اعتبار الامتيازات بين الأفراد و الأصناف و يبتنى على التبعيض في الحقوق العامة، كما شاع الان في ايفريقيا الجنوبية حيث إن الجنس الأبيض و هم الاسرة الحاكمة في البلاد يمتازون عن السودان و هم أكثر سكان البلاد الأصليين بحقوق واسعة، فنظام‏ الطبقات‏

يخالف التساوي و التاخي بين الأفراد و التساوي في الحقوق كما نادى به الإسلام في القرآن الشريف حيث يقول: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير- 13- الحجرات» و قد تعلق العرب على النظام الطبقاتي و اعتبار الامتياز من وجوه شتى: منها عدم تزويج بناتهم مع غير العرب و عدم تزويج القبائل بعضها مع بعض باعتبار علو شأنه، و قد اهتم النبي صلى الله عليه و آله بمحو النظام الطبقاتي و إلقاء هذه الامتيازات المتوهمة بكل جهده.

و مقصوده عليه السلام من قوله‏ (و اعلم أن للرعية طبقات) ليس اثبات‏ الطبقات‏ بهذا المعنى بل بيان اختلاف‏ الرعية في ما تتصديه من شئون الحياة البشرية حيث إن الانسان مدني بالطبع يحتاج إلى حوائج كثيرة في معاشه من المأكل و الملبس و المسكن و لا يقدر فرد واحد بل أفراد على إدارة كل هذه الامور فلا بد و أن ينقسم‏ الرعية بحسب مشاغله إلى‏ طبقات‏ و يتصدى كل طبقة شأنا من الشئون و شغلا من المشاغل، ثم يتبادل حاصل أعماله بعضهم مع بعض حتى يتم أمر معيشتهم و يكمل حوائج حياتهم و جعل‏ الرعية سبع‏ طبقات‏:

1- الجنود المحافظون للحدود و الثغور و المدافعون عن هجوم‏ الأعداء.

2- كتاب العامة المتصدون لكتابة العقود و المعاهدات و الحقوق و غيرها من المراسلات.

3- قضاة العدل‏ و رؤساء المحاكم المتصدون للترافع بين‏ الناس‏ و النظر في الدعاوى و اثبات الحق عن غيره بحسب الموازين القضائية المقررة.

4- عمال‏ الامور الحسبية المحافظون على‏ الانصاف و الرفق‏ بين‏ الناس‏ و هم الذين يجرون الأحكام القضائية و ينفذونها و يتعلق هذه الوظيفة في هذه العصور بادارة الشرطة العامة و ما يتبعها من المخافر.

5- أهل الجزية و الخراج من أهل الذمة و مسلمة الناس‏، قال ابن ميثم و قوله‏ من أهل الذمة و مسلمة الناس‏ تفصيل‏ للأهل‏ الأول، فأهل الذمة تفسير لأهل الجزية و مسلمة الناس‏ تفسير لأهل الخراج‏، و يجوز أن يكون‏

تفسيرا لأهل الجزية و الخراج‏ لأن للامام أن يقبل أرض‏ الخراج‏ من سائر المسلمين و أهل الذمة.

أقول: لا إشكال في اختصاص‏ أهل الجزية بالذميين، و أما أهل الخراج‏ أيضا كان أكثرهم في صدر الإسلام ذميا لأن المسلمين مشتغلون بامور الدين و تجهيز الجيوش و لا فرصة لهم في الاشتغال بزرع الأرض و حرسها فكل أرض يملكها المسلمون يكون في أيدى‏ أهل الذمة يعملون فيها و يؤدون خراجها، و لكن ظهر في‏ أهل الخراج‏ من المسلمين و زادوا تدريجا بوجهين:

الف- أن كثيرا من‏ أهل الذمة التابعين للإسلام أسلموا فيما بعد لما ظهر لهم من دلائل صدق الاسلام و حسن سلوكه.

ب- أنه بعد ما شاع الاسلام في كثير من المعمورة و انتشر في البلدان النائية العامرة كمصر و الشام فقد تصدى جمع من المسلمين لأمر الزراعة و الحرث و صاروا من‏ أهل الخراج‏.

6- التجار و أهل الصناعات‏ و الحرف الكثيرة التي عليها مدار حياة البشر و ادارة شتى شئونها من التجارة و البناية و العمارة و غيرها.

7- الطبقة السفلى من ذوى الحاجة و المسكنة، و التعبير عن هذه الطبقة بالسفلى‏ باعتبار أنها لا تقدم عملا نافعا في الاجتماع تتبادل به مع أعمال‏ الطبقات‏ الاخر فلا بد و أن تعيش من عمل‏ الطبقات‏ الاخر.

و قد بين عليه السلام في نظم‏ طبقات الرعية أنه لا محل للعاطل و من لا يعمل عملا يفيد الاجتماع في المجتمع الحي البشري، فما ترى بين الامة من جماعات لا يتصدون لهذه المشاغل و يعيشون ربما أرغد عيش بين‏ الرعية فهم كاللصوص و المغيرين.

فمنهم أرباب رءوس المال الذين يتحصلون الأرباح من رأس مالهم و يعاملون بالربا، و قد قال الله تعالى‏ «و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله و رسوله‏- 278- البقرة».و قد شاع هذه الطبقة في هذه العصور يسكنون القصور و يعيشون بالهناء و السرور من دون أن يعملوا عملا للاجتماع.

و منهم أرباب الحيل و المخاديع ممن يدعى السحر و النيرنجات و الرمل و أمثال ذلك فيتوجه إليهم البسطاء من الناس و يبذلون في سبيل دعاويهم الباطلة الغالي و الرخيص من أموالهم.

و منهم أصحاب التعاويذ و الدراويش و من حذا حذوهم ممن يحصلون أموال البسطاء و الغافلين بأنواع المكائد و الحيل.

و منهم من يسأل بكفه و يدور في الأسواق و الدور و يستغيث بالناس لتحصيل المعاش و الرزق بالتكدي.

و لو عد في مثل هذه العصور طبقات الناس‏ في بلد إسلامي يوجد فيها طبقات‏ كثيرة لا تدخل في هذه السبعة.

ثم بين عليه السلام الموقع الاجتماعي لكل من هذه‏ الطبقات‏ و احتياج بعضها إلى بعض في إدارة شئون الحياة و إدامتها فوصف‏ الجنود بأنهم:

1- حصون الرعية و وسيلة الأمن‏ و الراحة لهم بحيث لا حفاظ و لا دفاع تجاه الأعداء المهاجمين أو اللصوص السالبين إلا بوجودهم.

2- زينة و ابهة للولاة تجاه العدو الخارجي و المخالف الداخلي فلولا وجود الجند لا يمكن للوالي تمشية الامور و تدريبها.

3- الجنود الاسلامية الذين يقومون في ميادين‏ الجهاد بنصرة الحق عز للدين تجاه الأعداء الكافرين.

4- الجنود سبل‏ للأمن‏ من وجوه شتى فلا يجترى‏ء اللص أن يسلب أموال‏ الناس‏ خوفا من‏ الجنود و لا يجترى‏ء العدو أن يهاجم على المسلمين و يسلبهم أموالهم خوفا من‏ الجنود.

و لا بد لمعاش الجندي و سد حوائجه من وجوه كافية يصل إليه دوما و هو الخراج‏ الذي يتحصل من الأراضي الخراجية و قد يكون أجناسا صالحة للمعيشة كحصة من حنطة الأرض الخراجية، و قد يكون درهما و دينارا يصرف في رفع‏ الحوائج، فوجود الجند إنما يقوم‏ على‏ الخراج‏ المقرر له فانه لو لا هذا الخراج‏ يحتاج إلى التخلي عن شغله و السعى وراء طلب المعيشة فلا يبقى جنديا فان‏ الجنود لا بد و أن يكونوا معدين للجهاد و مقاومة العدو في كل حين و تحصيل‏ الخراج‏ و ايصاله إلى الجند يحتاج إلى‏ الصنف الثالث من القضاة و العمال و الكتاب‏، فان‏ الخراج‏ إنما يؤخذ على طبق معاهدة بين‏ عمال‏ الأرض و الوالي‏ فلا بد من تنظيم أسناد ثم لا بد من‏ عمال‏ يحصلون‏ الخراج‏ من‏ عمال‏ الأرض طبق‏ المعاقدة المرضية و ربما ينشأ هناك خلافات بين‏ عمال الوالي‏ و عمال‏ الأراضي أو بعضهم مع بعض فلا بد من الرجوع إلى القاضي في حل هذه الخلافات، و هذه الجامعة المركبة من القوة الدفاعية و الماليه و القضائية و الكتاب‏ لا يقدرون على المعيشة إلا مع ما يقضي حوائج المعيشة من اللباس و الغذاء و أنواع الأثاث و الرياش التي يحتاج وجودها إلى من يصنعها و يهيؤها و إلى من ينقلها من بلد إلى بلد، و هم‏ التجار و ذوى الصناعات‏ فأهل الصنعة بفنونها و شعوبها منتشرة في شرق الأرض و غربها و يتخصص أهل كل بلد بصنعة خاصة بهم و الواسطة في حمل هذه المصنوعات من بلد إلى بلد هم‏ التجار الذين يتعرفون وجود كل صنعة في أي بلد و يتحملون المشاق في نقلها إلى أسواق اخرى حيث يضعونها في منال أيدى الطالبين، فالتجار و ذووا الصنعة ركن في الاجتماع المدني‏ لما يجتمعون عليه من مرافقهم و يقيمونه من أسواقهم و يكفونه من الترفق بأيديهم ما لا يبلغه رفق غيرهم‏.

ثم‏ بعد ذلك لا يخلو الاجتماع مهما كان صحيحا و منظما و عادلا من وجود ذوى العاهات و العجزة و الأشياخ الذين لا يقدرون على العمل، فهذه‏ الطبقة كالقشر من الشجرة فكما أنه لا يمكن وجود شجرة سالمة مثمرة من دون قشر، لا يمكن وجود اجتماع خال من هذه‏ الطبقة السفلى‏، فمنهم من أدى خدمته أيام شبابه و دوران صحته ثم عرضه الهرم أو اعترضه السقم فتعذر له العمل، فلا بد من رعايته بتحمل مئونته، و منهم من حرم من القوة لعاهة عرضته فلا بد من حفظ حرمته و رعاية كرامته، و هم الذين يحق رفدهم و معونتهم و تهية وسائل معيشتهم و يسع‏ رحمة الله‏ كل هذه‏ الطبقات‏ السبعة و لكل‏ منهم‏ على الوالي حق‏ الرعاية و المحافظة بقدر ما يصلحه‏.

الترجمة

اى مالك، بدانكه ملت از طبقه‏ هاى چندى تشكيل مى ‏شود كه بايد هر كدام را با ديگرى اصلاح كرد و همه با هم پيوسته و مرتبط و بهم نيازمندند.

الف- جنود الله، آرتشى كه در راه خدا و براى خدا مى ‏جنگد.

ب- نويسندگان عامه و خاصه، دفترداران عمومي و منشيان مخصوص كه براى رجال و بزرگان نامه ‏هاى خصوصى والي و كارگزاران عاليرتبه او را تنظيم مى ‏نمايند.

ج- قاضيان و دادگران عادل، دادستان‏ها و قاضيان محاكم.

د- كارمندان إنصاف و رفق: تشكيلات كل شهربانى و شهردارى، اداره أمر بمعروف و نهى از منكر.

ه- أهل جزيه و خراج از كفار ذمي و مسلمانان، بدهكاران ماليات سري و ماليات زمينهائى كه خالصه دولت اسلامي است و متصرفين آن بايد سهم در آمد زمين را بدولت بپردازند.

و- بازرگانان و پيشه‏ وران و صنعتگران.

ز- بيچارگان و زبونان كه نيازمندند و دست طلب دراز دارند: مردمان بيچاره كه سرمايه‏اى و كار و شغلى ندارند و يا نمى‏توانند كار كنند و باز نشسته‏اند و براى قوت خود محتاجند.

خداوند در كتاب خود قرآن مجيد و سنت پيغمبرش براى هر كدام از اين طبقات بخشى از ثروت كه در كشور است نام برده و در خور استحقاقش قرار معينى نهاده، اين دستور بودجه و پخش آن بما سپرده است و نزد ما مصون و محفوظ است.

لشكريان باذن خدا پناه رعيت و زينت واليان و عزت دين و وسيله أمنيت راهها مى ‏باشند، رعيت بى‏وجود آنها بر سرپا نمى‏ماند و آنها بر سر پا نمى ‏مانند مگر بوسيله دريافت حقوق خود كه خدا از خراج و ماليات براى آنها معين كرده و بپشت گرمى آن در جنگ با دشمنان نيرومند مى ‏شوند و زندگى خود را اصلاح مى ‏نمايند و رفع نياز مى ‏كنند.

اين دو دسته لشكريان و خراج‏گزاران را دسته سومى بايد اداره كند كه عبارتند از قاضيان (دستگاه دادگسترى) و كارمندان دولت (استانداران و فرمانداران و بخشداران) و نويسندگان (متصديان امور دفترى) براى آنكه معاملات و معاهدات را منعقد مى‏كنند و عوائد را جمع آورى مى‏كنند و كارهاى كلى و جزئي به آنها سپرده است.

زندگى همه اينها اداره نمى ‏شود مگر بوسيله بازرگانان و صنعتگران كه وسائل زندگى را جمع آورى مى ‏كنند و بازار داد و ستد بوجود مى ‏آورند و با دست خود أبزارهاى زندگانى را جمع آورى مى ‏كنند و مى‏ سازند كه ديگران نمى ‏توانند بسازند، سپس آن دسته پائين و بيچاره اند كه نيازمند و مسكينند، كسانى كه بايد به آنها بخشش كرد و براى خدا بدانها كمك نمود، هر كدام آنها را نزد والى جائى است و بر او لازم است باندازه‏اى كه زندگى آنها اصلاح شود به آنها كمك دهد.

والى از عهده اين خدمتى كه خدا بر او لازم كرده بر نيايد مگر بكوشش و استعانت از خداوند و وادار كردن خود بر درستكارى و صبر بر آن سبك باشد بر او يا سنگين.

الفصل الرابع من عهده عليه السلام‏

فول من جنودك أنصحهم في نفسك لله و لرسوله و لإمامك، و أنقاهم جيبا، و أفضلهم حلما، ممن يبطى‏ء عن الغضب، و يستريح إلى العذر، و يرأف بالضعفاء، و ينبو على الأقوياء، و ممن لا يثيره العنف، و لا يقعد به الضعف.

ثم الصق بذوي الأحساب، و أهل البيوتات الصالحة و السوابق الحسنة، ثم أهل النجدة و الشجاعة و السخاء و السماحة، فإنهم جماع من الكرم، و شعب من العرف، ثم تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما، و لا يتفاقمن في نفسك شي‏ء قويتهم به، و لا تحقرن لطفا تعاهدتهم به و إن قل، فإنه داعية لهم إلى بذل النصيحة لك و حسن الظن بك، و لا تدع تفقد لطيف أمورهم اتكالا على جسيمها، فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به، و للجسيم موقعا لا يستغنون عنه. و ليكن آثر رءوس جندك عندك من واساهم في معونته، و أفضل عليهم من جدته، بما يسعهم و يسع من ورائهم من خلوف أهليهم، حتى يكون همهم هما واحدا في جهاد العدو، فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك.

اللغة

(جنود) جمع جند و الواحد جندي: العسكر، (أنقاهم جيبا): أطهرهم في القلب و النفس و ألزمهم للتقوى، (بطؤ) يبطى‏ء: ضد أسرع، (رؤف) رأفة:

رحمه أشد رحمة فهو رؤوف، (نبا) ينبو: تجافى و تباعد، (أثاره) هيجه، (العنف):الشدة و القساوة، (قعد به): أعجزه، (النجدة): الرفعة، (السماحة): البذل، (جماع الشي‏ء): جمعه، يقال: الخمر جماع الاثم أى جامعة لكل أصنافه، (فقم)

فقما الأمر: عظم، تفاقم الأمر: عظم و لم يجر على استواء- المنجد، (الخلوف):المتخلفون جمع خلف بالفتح.

الاعراب‏

أنصحهم في نفسك: في نفسك متعلق بقوله أنصحهم، جيبا: تميز لقوله أنقاهم رافع للابهام عن النسبة و كذلك حلما منصوب على التميز، من قوله أفضلهم عن الغضب: متعلق بقوله يبطى‏ء و يفيد المجاوزة أى يبطى‏ء متجاوزا عن الغضب، على الأقوياء: يفيد الاستعلاء، لا يقعد به الضعف: الباء للتعدية، ثم الصق:

يفيد التراخي أى ول من جنودك في الدرجة الثانية من ذوى الأحساب، ثم أهل النجدة: تراخ ثان، جماع: خبر إن أى مجمع الكرامة و شعب من الأعمال الحسنة، لا يتفاقمن: نهي مؤكد، اتكالا: مفعول له لقوله لا تدع، لليسير من لطفك: ظرف مستقر خبر إن قدم على اسمها و هو مرفوع موضعا، ينتفعون به:

جملة فعلية صفة لقوله موضعا، آثر: أفعل التفضيل من الاثرة يعني أحبهم و أخصهم إليك، جدته: اسم مصدر من الوجدان مثل عدة من الوعد: أى مما تمكن منه.

ورائهم: ظرف مستقر صلة لقوله من، من خلوف: بيان لقوله من ورائهم.

المعنى‏

قد تعرض عليه السلام في هذا الفصل لبيان ما يلزم أن يتصف به الجندي من الأوصاف حتى يستحق لمقام الولاية على السائرين و هذا هو من أهم امور النظام العسكري و قد انشأ في هذه العصور معاهد و مدارس لتعليم النظام و تربية الضباط و الامراء في الجيوش و تتضمن هذه التعليمات تمرينات و تدريبات عسكرية شاقة في دورات متعددة ينتهي كل منها إلى امتحانات صعبة ربما قل الناجحون منها.

و لكن الاسلام يتوجه إلى روحية الجندي أكثر مما يتوجه إلى تدريبه العملي، فان الجندي إنما يواجه العدو و يدافع عنه بروحه و ايمانه و قوة عقيدته أكثر مما يعتمد على قوة جسمه و أعماله، فقد كان رسول الله صلى الله عليه و آله يجمع المسلمين في صفوف صلاة الجماعة يعلمهم آي القرآن و يبين لهم طريق عبادة الرحمن و يؤيد اعتقادهم بالله و رسوله بالتمرين و التدريب على الاصول التعليمية للاسلام و يتخرج من بينهم رجال كأكبر قواد الجيوش في العالم يبارزون الأبطال المدربين في كليات العسكرية الرومانية و الفارسية فيقهرونهم و يغلبون عليهم حتى اشتهروا في هذه العصور بالبطولة و الشجاعة يقع الخوف في قلوب الأعداء من ذكر أسمائهم، و قد افتخر النبي صلى الله عليه و آله بقوله: «و نصرت بالرعب مسيرة شهر».

و هذه البطولة الفائقة تعتمد على قوة الروح و الايمان في القواد الاسلاميين أكثر مما تعتمد على قوة الجسم و التدريبات العملية، و قد وصف عليه السلام من يستحق مقام الولاية على الجند و ينبغي أن يكون أميرا بسبعة أوصاف:

1- أن يكون‏ أنصح‏ و أطوع‏ لله و رسوله و للامام‏ المفترض الطاعة من سائر الافراد، فلا يألوا جهدا في تحصيل رضا الله و رسوله و رضا إمامه مهما كلفه من الجهد و المشقة، و قد قدم هذا الاخلاص و النصح لرسول الله صلى الله عليه و آله سعد بن معاذ رئيس الأوس في قضية بدر حين عرض صلى الله عليه و آله على الأنصار الزحف لمقاتلة قريش في بدر فجمع أصحابه و عرض عليهم ما أراده، قال ابن هشام في سيرته «ص 374 ج 1 ط مصر»:

ثم نزل و أتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم فاستشار الناس فأخبرهم عن قريش- إلى أن قال: ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك و الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى «اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون» و لكن اذهب انت و ربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد- موضع بعيد مخوف- لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله: خيرا و دعا له به.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله: أشيروا علي أيها الناس و إنما يريد الأنصار و ذلك أنهم عدد الناس و أنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا برءاء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع أبنائنا و نسائنا، فكان رسول الله صلى الله عليه و آله يتخوف أن لا تكون الأنصار ترى عليها نصره‏ إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه و أن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم.

فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله، قال له سعد بن معاذ: و الله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل قال: فقد آمنا بك، و صدقناك، و شهدنا أن ما جئت به هو الحق، و أعطيناك على ذلك عهودنا و مواثيقنا على السمع و الطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد و ما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله.

2- أن يكون أطهر أفراد الجيش قلبا و سريرة و تجنبا عن الفواحش و المنكرات.

3- أن يكون أثبتهم‏ حلما و تسلطا على‏ نفسه‏ تجاه ما يثير الغضب‏ حتى لا يسوقه جبروت امارته على ارتكاب الشدة بالنسبة إلى من وقعوا تحت امرته بارتكاب ما يخالف هواه كما هو مقتضى طبع الامراء و أصحاب القوة و بسط اليد و النفوذ.

4- كان ممن يقبل الاعتذار عمن ارتكب خلافا و يتصف بالعفو و الصفح عن المذنب.

5- حين ما يكون جنديا موصوفا بشدة الشكيمة تجاه الأعداء مهيبا عند السائرين لإنفاذ أوامره، يكون رقيق القلب‏ يرأف بالضعفاء، كما وصف الله المؤمنين بقوله عز من قائل «أشداء على الكفار رحماء بينهم‏ 29- الفتح».

6- كان مقاوما للأقوياء المعتادين لإعمال النفوذ في الدولة لإحراز منافعهم و مقاصدهم و تحميل مظالمهم على‏ الضعفاء.

7- كان حليما و صبورا تجاه الشدائد و مفكرا في حل ما ينوبه من العقد و العقائد فلا يؤثر فيه‏ العنف‏ و شدة النائبة و صعوبة الحادثة فيثيره‏ و يجذبه إلى ارتكاب ما لا يليق به أو يجد في نفسه ضعفا فيتكاسل‏ و يقعد عن العمل و تدبير الأمرو الخطب الذي به حل.

هذا، و إحراز هذه الصفات الكريمة في الأفراد يحتاج إلى درس كامل عن أحوالهم و إلى تجارب و امتحانات متتالية و متطاولة ربما لا يتيسر بالنسبة إلى ما يحتاج إليه من الأفراد فقرر عليه السلام‏ ضابطتين تكونان كالأمارة و الدليل على وجود هذه الصفات العالية النفسانية.

الاول ضابطة الاسرة و البيت‏

و هى فصيلة من القبيلة تبقى دورا طويلا بعد التحول من النظام القبلي إلى النظام الدولي فكانت العرب تظل في النظام القبلي منذ قرون كثيرة حتى جاء نظام الاسلام فحول العرب إلى نظام حكومي أعلى ليس الحاكم فيه إرادة رئيس القبيلة و مقرراتها بل الحاكم فيه قانون الاسلام و الدستورات النبوية، و لكن الملة بقيت تحت تربية الاسرة و البيت فهي التي تكفل تربية الفرد و تعليمه بلا واسطة أو بوسيلة المكاتب أو المعلمين المخصوصين، فذوى الأحساب و أهل البيوتات الصالحة و السوابق الحسنة هم المؤدبون و المربون تربية صحيحة.

فاذا تم النظام الحكومي في الشعب و أكمل فيه وسائل التربية و التثقيف بانشاء دور التعليمات الابتدائية و المتوسطة و العالية و تشمل جميع الأفراد كما في الدول الراقية و الشعوب المترقية فينفصل الفرد عن البيت و الاسرة و ينتقل إلى تربية النظام الحكومي فيطالب بالشهادات المدرسية في كل دور و يعتمد في تعهده لأي شغل و مقام إلى ما في يده من الشهادات المدرسية و الكليات و المعاهد العلمية و لا ينظر إلى بيته و اسرته و إلى أبيه و امه لأن جهوده الذي بذله في سبيل التحصيل المنعكس في شهاداته المدرسية و أوراق دور علمه يثبت جوهر شخصيته و ما يستحقه من الرتب و الدرجات في النظام و سائر الشئون.

و لكن الحكومة الاسلامية الفنية في عصره عليه السلام لم تبلغ إلى حد يتكفل تربية الأفراد، و كان الاعتماد في صلاحية الأفراد إلى البيت و الأسرة، فالانتساب إلى بيت صالح و اسرة معروفة يقوم مقام الشهادة الصادرة من كلية علمية أو معهد رسمى كما كانت حكومة الفرس في أدوارها الطويلة قائمة على نظام الأسرة و البيوتات في تربية الأفراد و تأديبهم و إن بلغت من السعة و النفوذ إلى ما يوجب العجب و التحسين، و قد بين تلك الحكمة الاجتماعية الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطوطاليس في ما أجاب به الإسكندر الفاتح الشهير ننقله من الشرح المعتزلي بعينه، قال:

رسالة الاسكندر الى أرسطو و رد أرسطو عليه‏

و ينبغي أن نذكر في هذا الموضع رسالة أرسطو إلى الإسكندر في معنى المحافظة على أهل البيوتات و ذوي الأحساب، و أن يخصهم بالرياسة و الامرة، و لا يعدل عنهم إلى العامة و السفلة، فان في ذلك تشييدا لكلام أمير المؤمنين عليه السلام و وصيته.

لما ملك الاسكندر ايران‏شهر و هو العراق مملكة الأكاسرة و قتل دارا بن دارا كتب إلى أرسطو و هو ببلاد يونان:

عليك أيها الحكيم منا السلام، أما بعد، فان الأفلاك الدائرة، و العلل السمائية و إن كانت أسعدتنا بالامور التي أصبح الناس بها دائبين، فانا جد واجدين لمس الاضطرار إلى حكمتك، غير جاحدين لفضلك و الاقرار بمنزلتك و الاستنامة[1] إلى مشورتك و الاقتداء برأيك، و الاعتماد لأمرك و نهيك لما بلونا من جدا ذلك علينا، و ذقنا من جنا منفعته، حتى صار ذلك بنجوعه فينا و ترسخه في أذهاننا و عقولنا كالغذاء لنا، فما ننفك نعول عليه و نستمد منه استمداد الجداول من البحور، و تعويل الفروع على الاصول، و قوة الأشكال بالأشكال، و قد كان مما سبق إلينا من النصر و الفلح، و اتيح لنا من الظفر، و بلغنا في العدو من النكاية و البطش ما يعجز العقول عن وصفه، و يقصر شكر المنعم عن موقع الانعام به، و كان من ذلك أنا جاوزنا أرض سورية و الجزيرة، إلى بابل و أرض فارس، فلما حللنا بعقوة أهلها- العقوة ما حول الدار- و ساحة بلادهم، لم يكن إلا ريثما تلقنا برأس ملكهم هدية إلينا، و طلبا للحظوة عندنا، فأمرنا بصلب من جاء به، و شهرته لسوء بلائه، و قلة ارعوائه و وفائه ثم أمرنا بجمع من كان هناك من أولاد ملوكهم و أحرارهم و ذوي الشرف منهم، فرأينا رجالا عظيمة أجسامهم و أحلامهم، حاضرة ألبابهم و أذهانهم، رائعة مناظرهم و مناطقهم، دليلا على أن ما يظهر من روائهم و منطقهم أن وراء من قوة أيديهم، و شدة نجدتهم و بأسهم ما لم يكن ليكون لنا سبيل إلى غلبتهم، و إعطائهم بأيديهم، لو لا أن القضاء أدالنا منهم، و أظفرنا بهم، و أظهرنا عليهم، و لم نر بعيدا من الرأى في أمرهم أن نستأصل شافتهم، و نجتث أصلهم، و نلحقهم بمن مضى من أسلافهم، لتكون القلوب بذلك إلى الأمن من جرائرهم و بوائقهم، فرأينا أن لا نعجل باسعاف بادى‏ء الرأى في قتلهم دون الاستظهار عليهم بمشورتك فيهم، فارفع إلينا رأيك، فيما استشرناك فيه بعد صحته عندك، و تقليبك إياه بجلي نظرك، و سلام على أهل السلام فليكن علينا و عليك.

فكتب اليه أرسطو

لملك الملوك و عظيم العظماء، الإسكندر المؤيد بالنصر على الأعداء، المهدي له الظفر بالملوك، من أصغر عبيده و أقل خوله، ارسطوطاليس البخوع بالسجود، و التذلل في السلام، و الإذعان في الطاعة.

أما بعد، فانه لا قوة بالمنطق و إن احتشد الناطق فيه، و اجتهد في تثقيف معانيه و تأليف حروفه و مبانيه على الاحاطة بأقل ما تناله القدرة من بسط علو الملك و سمو ارتفاعه عن كل قول، و إبرازه على كل وصف، و اغترافه بكل إطناب، و قد كان تقرر عندي من مقدمات إعلام فضل الملك في صهلة سبقه، و بروز شأوه، و يمن نقيبته مذأدت إلى حاسة بصري صورة شخصه، و اضطرب في حس سمعي صوت لفظه، و وقع و همي على تعقيب نجاح رأيه، أيام كنت أودي إليه من تكلف تعليمي إياه ما أصبحت قاضيا على نفسي بالحاجة إلى تعلمه منه، و مهما يكن مني إليه في ذلك، فانما هو عقل مردود إلى عقله، مستنبطة أو اليه و تواليه من علمه‏ و حكمته، و قد جلا إلى كتاب الملك و مخاطبته إياى و مسألته لي عما لا يتخالجني الشك في لقاح ذلك و إنتاجه من عنده، فعنه صدر و عليه ورد، و أنا فيما اشير إليه على الملك- و إن اجتهدت فيه و احتشدت له، و تجاوزت حد الوسع و الطاقة مني في استنطاقه و استقصائه- كالعدم مع الوجود، بل كما لا يتجزأ في جنب معظم الأشياء و لكني غير ممتنع من اجابة الملك إلى ما سأل، مع علمي و يقيني بعظم غناه عني و شدة فاقتى إليه، و أنا راد إلى الملك ما اكتسبته منه، و مشير عليه بما أخذته عنه، فقائل له:

إن لكل تربة لا محالة قسما من الفضائل، و إن لفارس قسمها من النجدة و القوة و إنك إن تقتل أشرافهم تخلف الوضعاء على أعقابهم، و تورث سفلتهم على منازل عليتهم، و تغلب أدنيائهم على مراتب ذوي أخطارهم، و لم يبتل الملوك قط ببلاء هو أعظم عليهم و أشد توهينا لسلطانهم من غلبة السفلة، و ذل الوجوه فاحذر الحذر كله من أن تمكن تلك الطبقة من الغلبة و الحركة، فإنه إن نجم بعد اليوم على جندك و أهل بلادك ناجم دهمهم منه مالا روية فيه و لا بقية معه، فانصرف عن هذا الرأي إلى غيره و اعمد إلى من قبلك من اولئك العظماء و الأحرار، فوزع بينهم مملكتهم، و ألزم اسم الملك كل من وليته منهم ناحيته و اعقد التاج على رأسه، و إن صغر ملكه، فإن المتسمى بالملك لازم لاسمه، و المعقود التاج على رأسه لا يخضع لغيره، فليس ينشب ذلك أن يوقع كل ملك منهم بينه و بين صاحبه تدابرا و تقاطعا و تغالبا على الملك، و تفاخرا بالمال و الجند حتى ينسوا بذلك أضغانهم عليك و أوتارهم فيك، و يعود حربهم لك حربا بينهم، و حنقهم عليك حنقا منهم على أنفسهم، ثم لا يزدادون ذلك بصيرة إلا أحدثوا لك بها استقامة، و إن دنوت منهم دانوا لك، و إن نأيت عنهم تعززوا بك، حتى يثب من ملك منهم على جاره باسمك، و يسترهبه بجندك، و في ذلك شاغل لهم عنك و أمان لاحداثهم بعدك، و إن كان لا أمان للدهر، و لا ثقة بالأيام.

قد أديت إلى الملك ما رأيته لي حظا، و على حقا من إجابتي إياه إلى‏ ما سألني عنه، و محضته النصيحة فيه، و الملك أعلى عينا، و أنفذ روية، و أفضل رأيا و أبعد همة فيما استعان بي عليه، و كلفني بتبيينه و المشورة عليه فيه، لا زال الملك متعرفا من عوائد النعم، و عواقب الصنع، و توطيد الملك، و تنفيس الأجل، و درك الأمل، ما تأتي فيه قدرته على غاية قصوى ما تناله قدرة البشر، و السلام الذي لا انقضاء له، و لا انتهاء، و لا فناء، فليكن على الملك.

قالوا: فعمل الملك برأيه، و استخلف على إيران شهر أبناء الملوك و العظماء من أهل فارس فهم ملوك الطوائف الذين بقوا بعده و المملكة موزعة بينهم إلى أن جاء أردشير بن بابك فانتزع الملك منهم.

و ينبغي أن يلفت النظر إلى مكاتبة إسكندر و أرسطو هذه من وجوه:

1- ما يستفاد من كتاب إسكندر من إعجابه بالاسرة المالكة في إيران أيام داريوش حيث اعجب بهم و هابهم و خاف منهم بعد الغلبة عليهم حتى هم بقتلهم و استيصال شافتهم ليأمن بوائقهم على ملكه فيما بعد، ها بهم و هم أذلاء و اسراء تحت يديه، هابهم من قوة منطقهم و وفور تعقلهم و بسالتهم و شجاعتهم و اعترف بأن الغلبة عليهم كان قضاء مقدرا لا أمرا بشريا ميسرا، و يستفاد من ذلك أنه كان في الاسرة المالكة تربية و تثقيف لا يوجد مثلها حتى في يونان مركز الفلسفة في هذه العصور.

2- إن هذه التربية و الثقافة كانت مقصورة على الاسرة المالكة لا تتعداهم، و كانت عامة الناس في هذه المملكة الواسعة الأطراف فاقدين لكل شي‏ء لا يمسون من شئون الحياة إلا العمل تحت إرادة الحكام و نيل أدنى المعيشة مما يناله البهائم و الأنعام، فهم في الحقيقة كالغنم يرعاهم الاسرة المالكة تأكل منهم ما يشاء و تبقي ما يشاء، و هذا هو السر في إمكان الحكومة على هذه الشعوب الكثيرة في بلاد شاسعة الأطراف، و من هذه الجهة لا تهتم عامة الشعوب في الدفاع عن الوطن و لا تدخل لهم في هذا الأمر السياسي إلا ما يؤمرون به من جهة الامراء، فاذا ضعف الحكومة في ناحية أو شعب يهاجم عليها العدو و يتسلط عليها بلا منازع و مدافع و بقي هذا التلاشي بين الحكومة و الشعب في إيران إلى أيام الفتح العربي، فهاجم ما يقل‏ عن أربعين ألف جندي بدوي و غلب على الامبراطورية الممدودة من نواحي سورية و الشام إلى ثغور الهند و الصين.

3- يستحق العجب من تدبير الحكيم أرسطو لرد إسكندر الفاتح المغرور عن عزمه بقتل الاسرة المالكه في إيران، فقد أظهر في جوابه عن كتاب إسكندر كل خضوع و انقياد تجاه هذا الجبار العنيد ليستميله إلى إصغاء ما يملي عليه من سوء عاقبة هذا العزم الخبيث و دلل عليه بأن قتل الاسرة المالكة المدبرة في إيران الذين يحكمون و يديرون شئون امم شتى يزدادون على ملائين من البشر الذين لا يمسون من شئون الحياة إلا كالأنعام و الأغنام- يوجب تلاشى الامة البشرية و فنائهم و يولد منه الهرج و المرج المفنى لجماعات من البشر، فان البشر الغير المثقف الوحشي إذا كسب قوة و منعة يعيث في الأرض فسادا و خرابا و دمارا كما ارتكبه آتيلا الامر على القبائل الوحشية في اوروبا، و چنگيز الامر على قبائل وحشية في صين.

و نعود فنقول: إنه عليه السلام أشار في كلامه هذا إلى أن الاعتماد على الفرد يكتسب من ملاحظة أسرته و بيته الذي تولد و نشأ فيه.

الضابطة الثانية ما يستفاد من حال الفرد نفسه‏ ، فانه دخل في جماعة المسلمين في هذه الأيام خلق كثير من سائر الشعوب لا يعرف لهم اسرة و بيت و يعبرون عنهم بالموالي فكان الاعتماد عليهم يرجع إلى ما يستفاد من أخلاقهم فبين لذلك أربعة أوصاف:

1- النجدة، و هي صفة تنبى‏ء عن علو الهمة و تمنع الرجولية.

2- الشجاعة، و هي صفة تنبى‏ء عن الغيرة و سرعة الاقدام في الدفاع عما يجب حفظه.

3- السخاء، و هي صفة تنبى‏ء عن بسط اليد و عدم حب المال و الادخار و حب الإيثار على الأغيار.

4- السماحة، و هي صفة تنبى‏ء عن الاقتدار على جمع‏ الناس‏ و تأليفهم حوله‏ و التسلط عليهم بحسن الخلق و بسط الجود.

فهذه صفات شخصية إذا اجتمعت في فرد تؤهلها للامرة و توجب الاعتماد عليه في إعطاء الولاية على الجند.

ثم أشار في آخر هذا الفصل إلى أن أفضل رؤساء الجند و امراء الجيوش‏ من‏ يواسيهم‏ في المعونة و يوفر عليهم فيما يجده من المئونة و لا يقتصر على خصوص رواتبهم المقررة المحدودة بحيث يغنيهم لما يحتاجون إليه من مئونة أنفسهم و مئونة أهلهم المتخلفين‏ ورائهم‏ ينتظرون عونهم في كل حين‏ فيكون‏ حينئذ همهم هما واحدا في جهاد العدو و الدفاع عن حوزة الإسلام.

الترجمة

آن كس را از لشكريان خود بر قشون فرمانده كن كه داراى خصائل زير باشد:

1- در پيش خود از همه نسبت بخدا و رسول خدا صلى الله عليه و آله و نسبت به امام و رهبر تو با اخلاص‏تر و خيرخواه‏تر باشد.

2- از همه پاكدامن‏تر و پارساتر باشد.

3- از همه در حلم و بردبارى بيشتر باشد و از كسانى باشد كه خشم او را فرا نگيرد و بزودى از جاى خود بدر نرود.

4- عذر پذير باشد.

5- نسبت به بينوايان و ضعفاء رؤوف و مهربان باشد.

6- نسبت به افراد نيرومند و با نفوذ تأثير ناپذير و خوددار باشد.

7- از كسانى باشد كه سختى و دشوارى كارها او را از جاى بدر نبرد و از خود بيخود و بيچاره نسازد و ناتوانى و سستى او را زمين گير نگرداند.سپس خود را بمردمان خانواده ‏دار و آبرومند و منسوبان بخانواده‏هاى خوش سابقه و خوب نزديك كن و فرماندهان خود را از ميان آنها انتخاب كن.و از آن پس مردمان راد مرد و دلير را كه با سخاوت و مردم دارند در نظر بگير زيرا آنان جامع اوصاف كرامتند و همه خوبيها در وجود آنها هست.

سپس از همه كارهاشان وارسى كن و آنها را تحت نظر بگير چنانچه پدر و مادر از فرزند خود دلجوئى ميكنند و هيچ تقويت و نيرو بخشى بدانها در نظر تو مشكل و گره دار جلوه نكند و هيچ لطف و دلجوئى نسبت بدانها در چشمت خرد و كوچك نيايد و گر چه اندك و ناچيز باشد، زيرا اين خود براى آنها باعث خير خواهى و اخلاصمندى و خوشبينى بتو مى ‏گردد، از وارسى و تفقد كارهاى ريز و چشم نارس آنها صرف نظر نكن باعتماد اين كه كارهاى عمده و چشم گير آنها را بازرسى كردى، زيرا لطف و دلجوئى تو در كارهاى خرد و كوچك موقعيتى دارد كه از آن بهره‏مند شوند و در كارهاى مهم هم در جاى خود از بازرسى تو مستغنى نباشند.

بايد بر گزيده‏ترين فرماندهان قشونت در نزد تو كسانى باشند كه با افراد ديگر قشون همدردى دارند و بدانها كمك مى‏نمايند و از آنچه در دسترس دارند بدانها بذل ميكنند تا آنجا كه وسيله وسعت زندگى خود آنها و افراد خانواده آنها باشد كه در پشت سر خود بجا نهاده‏اند و چشم انتظار مخارج از آنها هستند تا اين كه يكدل و يك جهت در جهاد با دشمن بكوشند و پريشان خاطر نباشند راستى كه مهربانى و مهروزى تو با آنها مايه اين مى ‏شود كه از دل با تو مهر ورزند و مخلص تو باشند.

و يجدر بنا هنا أن نترجم مكاتبة إسكندر مع أرسطو في هذا المقام طلبا لمزيد النفع للقراء الكرام.

نامه اسكندر بارسطو و پاسخ أرسطو بنامه او چون اسكندر ايران شهر كه كشور عراق و مملكت خسروان پارس بود بچنگ آورد و دارا بن دارا را كشت بارسطو كه در يونان بود اين نامه را نوشت:

اى حكيم از طرف ما بر تو درود باد أما بعد، براستى كه چرخهاى گردان و علل‏ آسمان گر چه ما را بامورى سعادتمند كرده كه زبانزد همه مردم است ولى باز ما با كمال جد و كوشش به حكمت و فرزانگى تو خود را نيازمند مى ‏دانيم، فضليت تو را انكار نتوانيم و بمقام والاى تو اقرار داريم و بمشورت تو دلگرم هستيم و پيروى از رأى تو را لازم شمرده و بامر و نهى تو اعتماد داريم، چون سود آن را آزموده و نفع آن را چشيديم تا آنجا كه در ما ريشه كرده و در اذهان ما رسوخ نموده و غذاى خرد ما گرديده و هميشه بنظر تو اعتماد توانيم و چون نهرى از آن درياى دانش بهره‏مند مى ‏شويم و چون شاخه‏ اى هستيم از تنه تنومند و بنظرهاى تو نيرومند مى ‏شويم، چنان پيروزى و پيشتازى بما سبقت جست و ظفرمندى ما را نصيب آمد و در سركوبى و غلبه بر دشمن بدانجا رسيديم كه وصفش بگفت در نيايد و شكر اين نعمت از دست ما برنيايد و از اين جمله است كه ما از سرزمين سوريه و جزيره در گذشتيم تا به بابل و سرزمين فارس تاختيم و چون در بن خانه و عرصه بلاد آنها جاى گزين شديم ديرى نگذشت كه چند تن از خود آنان سر پادشاهشان را بدست خودشان براى ما پيشكش آوردند تا در نزد ما بهره‏مند گردند و بمقامى رسند، فرمان داديم آنانكه سر را آوردند بدار آويخته شدند زيرا سزاى بد رفتارى و بيوفائى آنها همين بود، سپس فرمان داديم تا همه شاهزادگان و رادمردانى كه در آن كشور بود گرد آوردند، مردمى ديديم تنومند و پهلوان و سر بزرگ و خردمند و آزموده، خوش منظر و خوش گفتار، و اين خود دليل است كه عقل و منطق نيرومندى در خود دارند و پهلوان و رادمرد و جنگجو هستند تا آنجا كه ما را راهى براى غلبه و پيروزى بر آنها وجود نداشته جز اين كه قضا و قدر بسود ما چرخيده و ما را بر آنها پيروز كرده و بر آنها مسلط نموده.

و بنظر خود اين را دور نمى‏ دانيم كه همه را از بن بر كنيم و از ريشه براندازيم و بگذشته‏هايشان ملحق سازيم تا از دست درازى و انتقامجوئى آنان آسوده خاطر و دل نهاده باشيم، و در نظر آورديم كه در كشتار آنان شتاب نكنيم تا رأى شما را در اين باره ندانيم و با شما مشورت نكنيم، شما رأى خود را در اين باره براى ما روشن سازيد، وزير و روى اين مطلب را بسنجيد، و همه درود درود گويان بر ما و شما باد.

ارسطو در پاسخ او چنين نوشت‏

بسوى شاه شاهان و بزرگ بزرگان، اسكندر كه در پيروزى بر دشمنان تأييد يافته و ظفر بر پادشاهان هديه پيشگاه او شده، از طرف خردترين بنده‏ها و كمترين وابسته‏ هاى او ارسطوطاليس كه در پيشگاهش پيشانى سايد، و درود و تذلل و فرمانبرى و انقياد وى را گردن نهاده.

أما بعد، گفت را هر چه گويا در آن مهارت بخرج دهد و در سنجش معانى و تأليف حروف و مبانيش بكوشد، احاطه بكمترين درجه قدرت و بسط علو سلطنت و فرازمندى رفعت تو نتواند، زيرا از هر گفتارى و توصيفى و تفصيلى برتر است.

از مقدمات اعلاميه فضيلت آن پادشاه در ميدان مسابقت و بروز مرتبة و يمن مقدم بر من مقرر گرديده است چنان درجه‏اى كه حس ديده‏ام پيكر او را ورانداز كرده و گوشم آوازه او را شنيده و كامبخشى راى او در وهمم صورت بسته، از همان دورانى كه من بظاهر مكلف باموزش او بودم خود را نيازمند آموختن حكمت او مى‏دانستم، و هر آنچه از من بوى القاء مى‏شد همانى بود كه از پرتو عقل او در من منعكس مى‏گرديد، و استنباطى بود كه بهم نظرى با او از علم و حكمتش رد و بدل مى‏كردم، از نامه پادشاه و خطاب وى با من و پرسش از من روشن است كه شكى ندارم نظر خود را در فكر من بيدار كرده و از رأى روشن خود در من نتيجه خواسته هم از او بمن نظرى صادر شود و هم از او دريافت گردد و باو بر گردد آنچه من بحضرت پادشاه اشاره كنم با همه كوشش و تلاشى كه در آن نمايم و از حد وسع و طاقت در آن بگذرم و در بازرسى و نكته سنجى آن بكوشم باز هم در برابر رأى منيرش چون عدم است نسبت بوجود و چون جزء لا يتجزى در برابر معظم أشياء، ولى در هر حال من از اجابت پادشاه سر بر نتابم و پرسش وى را بى‏پاسخ نگذارم، با اين كه مى‏دانم كه حضرتش از رأى من بى‏نياز است و من بدو بسيار نيازمند و محتاج، من‏ خود همان را كه از آن پادشاه بدست آورده و استفاده كردم بوى باز گردانم، و همان را كه از حكمتش دريافت نمودم بوى اشارت كنم و بحضرتش گويم.

بناچار هر خاكى و هر سرزمينى را بهره‏ايست از فضائل، و راستى كه سرزمين پارس را بهره‏ايست از بزرگوارى و نيرومندى، و براستى كه اگر تو مردم شرافتمند آن سرزمين را بكشى مردمى پست را جايگزين آنها مى‏سازى و خانمان و كشور بزرگانشان را بدست أوباش مى‏سپارى، و زبونان را بر آبرومندانشان چيره ميكنى و پادشاهان هرگز گرفتار بلائى نشوند كه بزرگتر و دردناكتر و بيشتر مايه توهين سلطنت آنان باشد از غلبه أوباش و بى‏آبرويان، بايد بسختى بر حذر باشى از اين كه طائفه أو باش را صاحب قدرت و حركت در أمر كشور سازى، زيرا چنانچه از اين أوباش شورشى بر عليه لشكر تو و أهل كشور تو رخ دهد بلائى بدانها رسد كه نتوان پيش بينى كرد و كسى را باقى نخواهند گذاشت، از اين نظر بر گرد و نظر بهترى پيش گير، و هر آن كس از اين بزرگان و شاهزادگان كه در دسترس توأند بخواه و بنواز و كشورشان را ميان آنها تقسيم كن، و هر كدام را فرمانرواى سرزمين كردى نام پادشاه بر او بنه و تاجى بر سر او بگذار و اگر چه قلمرو فرمان او كوچك باشد، زيرا هر كس را پادشاه خواندند بدين نام بچسبد و بر سر هر كه تاج نهند زير بار فرمان ديگرى نرود، و اين تدبير سبب گردد كه ميان آنها ستيزه و تفرقه و نزاع بر سر ملك و سلطنت در گيرد و با يكديگر از نظر مال و قشون مفاخرت آغازند تا آنكه كينه‏ هاى تو را فراموش كنند، و خونها كه از آنها ريختى بدست فراموشى سپارند، و جنگى كه بايد با تو بنمايند بميان خودشان بر گردد، و كينه بر تو كه بايست در سينه‏ها پرورند بكينه ميانه خودشان مبدل گردد، و سپس هر چه در اين زمينه بيناتر گردند و بمقام خود دل بسته‏تر شوند نسبت بتو خوش بين‏تر و راست كردارتر گردند، اگر بدانها نزديك شوى و از هر يك آنها دلجوئى كنى نسبت بتو اظهار اطاعت و انقياد كنند، و اگر از آنها دورى گزينى از تو عزت و آبرو خواستار شوند تا آنكه هر كدام بنام و باعتبار پشتيبانى تو بر همسايه خود بشورد و بوسيله لشكر تو او را بترساند و در اين كشمكش و ستيز از تو صرفنظر كنند و با تو در مقام ستيزه درنيايند و تو از گزند آنها در آسايش باشى، گر چه در اين روزگار آسايشى وجود ندارد و اعتمادى بگذشت زمانه نيست.

من آنچه را بهره دانش و فكرت خود مى ‏دانستم بپيشگاه پادشاه عرضه داشتم اين حقى بود بر عهده من كه مخلصانه در پاسخ آن حضرت نگاشتم و اندرز بى‏شائبه خود را بعرض رسانيدم، و در عين حال آن پادشاه از من بيناتر است و انديشه نافذتر و رأيى بهتر و همتى والاتر نسبت بدانچه در باره آن از من كمك خواسته و مرا بتوضيح و شور در آن واداشته دارد.

هميشه پادشاه از نعمتهاى واصله و احسانهاى بى ‏دريغ بر خوردار باد و ملكش پاينده و عمرش دراز و آرزويش رسا باد تا آنجا كه نيرويش بنهايت آنچه قدرت بشر رسا است بر آيد، درودى بى‏انتها و پيوسته و بى‏ نهايت و فنا ناپذير بر پادشاه باد.

مورخان گفته‏اند: پادشاه برأى ارسطو عمل كرد و نظر او را بكار بست و شاهزادگان و آزادگان پارس را بر سراسر كشور ايران جايگزين و فرمانروا ساخت، و آنان همان پادشاهان ملوك الطوائف بودند كه پس از او بجاى ماندند و كشور ايران ميان آنان تقسيم بود تا اردشير بن بابك آمد و كشور را از آنها گرفت و مملكت را متحد ساخت.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 51 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 52 صبحی صالح

52- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى أمراء البلاد في معنى الصلاة

أَمَّا بَعْدُ فَصَلُّوا بِالنَّاسِ الظُّهْرَ حَتَّى تَفِي‏ءَ الشَّمْسُ مِنْ مَرْبِضِ الْعَنْزِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعَصْرَ وَ الشَّمْسُ بَيْضَاءُ حَيَّةٌ فِي عُضْوٍ مِنَ النَّهَارِ حِينَ يُسَارُ فِيهَا فَرْسَخَانِ

وَ صَلُّوا بِهِمُ الْمَغْرِبَ حِينَ يُفْطِرُ الصَّائِمُ وَ يَدْفَعُ الْحَاجُّ إِلَى مِنًى وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعِشَاءَ حِينَ يَتَوَارَى الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْغَدَاةَ وَ الرَّجُلُ يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ صَلُّوا بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ وَ لَا تَكُونُوا فَتَّانِينَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الواحد و الخمسون من كتبه عليه السلام و من كتاب له عليه السلام الى امراء البلاد في معنى الصلاة

أما بعد، فصلوا بالناس الظهر حتى تفى‏ء الشمس مثل مربض العنز، و صلوا بهم العصر و الشمس بيضاء حية في عضو من النهار حين يسار فيها فرسخان، و صلوا بهم المغرب حين يفطر الصائم و يدفع‏ الحاج إلى منى، و صلوا بهم العشاء حين يتوارى الشفق إلى ثلث الليل، و صلوا بهم الغداة و الرجل يعرف وجه صاحبه، و صلوا بهم صلاة أضعفهم و لا تكونوا فتانين.

اللغة

(مربض العنز): محل نوم الشاة طوله يقرب من ذراعين و عرضه يقرب من ذراع، (و يدفع الحاج إلى منى): وقت الافاضة من عرفات إلى منى و هو آخر يوم عرفة يبتدء من المغرب الشرعي، (يتوارى الشفق): يزول الحمرة المغربية الحادثة بعد غروب الشمس، (و الرجل يعرف وجه صاحبه): أى إذا كانا تحت السماء و لم يكن غيم و لا مانع.

الاعراب‏

صلوا بالناس: الباء في قوله: بالناس، يشبه أن تكون للتعدية كالباء في ذهب به لأن الامام يوجد الصلاة في المأمومين بتصديه للامامة كما أن ذهب به ربما يستعمل في مقام تصدى الفاعل لهداية الذاهب و إمامته في الذهاب، مثل مربض العنز: أى فيئا مثل مربض العنز فحذف الموصوف و هو مفعول مطلق لقوله تفى‏ء، و الشمس بيضاء حية مبتدأ و خبر و الجملة حالية عن فاعل صلوا، و في عضو من النهار: ظرف مستقر خبر بعد خبر لقوله: و الشمس، و كذلك قوله:

حين يسار فيها فرسخان، و يمكن أن يكون ظرفا لغوا متعلقا بقوله: صلوا، و قوله:حين يفطر الصائم، ظرف متعلق بقوله: صلوا.

المعنى‏

هذا دستور لإقامة صلاة الجماعة مع الناس‏ إلى امراء البلاد لأن الإمامة في الصلاة من أهم وظائف الامراء في الإسلام و خصوصا في ذلك العصر لأن، الجماعة في الصلاة محور تربية المسلمين و تعليمهم لما يهمهم من امور الدين و خصوصا تعليم آي القرآن و سوره، فان الامام يقرأ بعد الحمد ما يتيسر من سور القرآن الكريم و المأمومين ينصتون له و يحفظون ما يقرؤه بالمداومة و المحافظة على‏ الصلاة كما أن إقامة الصلاة في صفوف مرصوصة منظمة يدربهم على الاصطفاف تجاه الأعداء في ميادين الجهاد و معارك القتال و هو فن نظامي عسكري كان له أثر كبير في تقدم جيوش الاسلام و الغلبة على أعدائهم، و قد اشير إليه في قوله تعالى «إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص‏ 3- الصف» فالمقاتلة في صف كأنهم بنيان مرصوص مما يدربون عليها في الاصطفاف لصلاة الجماعة.

فالظاهر أن هذا الدستور لا يرجع إلى تحديد أوقات الصلاة تشريعا بحيث يمكن الاستناد به لاثبات الوقت المشروع، نعم يستفاد منه أن إقامة الصلاة في هذه الأوقات مقرونة بالفضيلة و مناسبة مع حال الامة.

و ليس الغرض منه تحديد وقت الصلاة الشرعي كما يظهر من ابن ميثم قال: «ص 133 ج 5» بين في هذا الكتاب أوقات‏ الصلاة المفروضة، فالأول وقت‏ الظهر وحده بوقت‏ في‏ء الشمس‏ أى رجوعها و ميلها إلى المغرب، ثم نبه بتقديره‏ بمربض العنز و هو أول وقت‏ الظهر و ذلك مما يختلف باختلاف البلاد.

أقول: ظاهر كلامه بل صريحه أن رجوع الظل الحادث بعد الزوال إلى مقدار مربض العنز أول وقت‏ الظهر، و فيه:

1- أن ظاهر قوله عليه السلام: (صلوا بالناس الظهر حتى تفي‏ء الشمس مثل مربض العنز) أن بلوغ الفى‏ء إلى هذا المقدار آخر وقت صلاة الظهر، لأن لفظة حتى تفيد انتهاء الغاية في الزمان و المكان لا ابتداءها، فالمقصود أنه‏ صلوا الظهر من حين الزوال إلى أن يبلغ الفي‏ء هذا المقدار.

2- أنه مخالف لقوله تعالى «أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل و قرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا 87- الأسراء».

قال في المجمع: أقم الصلوة لدلوك الشمس، أى لزوالها و ميلها، يقال: دلكت الشمس و النجوم من باب قعد دلوكا إذا زالت و مالت عن الاستواء، قال الجوهري: و يقال دلوكها غروبها، و هو خلاف ما صح عن الباقر عليه السلام من أن دلوك الشمس زوالها، فهذه الاية شرعت أوقات‏ الصلاة و ابتدأت ببيان وقت‏ الظهر من حين زوال‏ الشمس‏ و رجوع الفى‏ء إلى مقدار مربض العنز متأخر عنه بساعات خصوصا في البلاد التي يسامت الشمس رءوس أهلها و يزول الظل عند زوال الشمس كالمدينة في أيام من كون الشمس في برج جوزاء.

3- أنه مخالف لما اتفق عليه الفقهاء الامامية من أن أول وقت‏ صلاة الظهر من حين زوال الشمس و ميلها عن دائرة نصف نهار البلد.

قال المحقق في الشرائع: فما بين زوال الشمس إلى غروبها وقت للظهر و العصر و إن كان يختص‏ الظهر من أوله بمقدار أدائها و كذا العصر من آخره و ما بينهما فمشترك.

قال صاحب الجواهر في شرح كلامه: كل ذلك على المشهور بين الأصحاب بل لا خلاف في كون الزوال مبدأ صلاة الظهر بين المسلمين كما عن المرتضى و غيره الاعتراف به عدا ما يحكى عن ابن عباس و الحسن و الشعبي من جواز تقديمها للمسافر عليه بقليل و هو بعد انقراضه لا يقدح في إجماع من عداهم من المسلمين على خلافه إن لم يكن ضروريا من ضروريات الدين.

ثم تعرض صاحب الجواهر رحمه الله لأخبار كثيرة يستفاد منها تأخير وقت‏ الظهر عن الزوال، فقال: فما في صحيح الفضلاء عن الباقر و الصادق عليهما السلام من أن وقت‏ الظهر بعد الزوال قدمان و وقت‏ العصر بعد ذلك قدمان، و صحيح زرارة عن الباقر عليه السلام أن وقت الظهر بعد ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعين من وقت الظهر، و ذلك أربعة أقدام من زوال الشمس، بل عن ابن مسكان أنه قال: حدثني بالذراع و الذراعين سليمان بن خالد و أبو بصير المرادي و حسين صاحب القلانس و ابن أبي يعفور و من لا أحصيه منهم، و خبر عبد الله بن مسكان أنه كان حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله قبل أن يظلل قامة و كان إذا كان الفى‏ء ذراعا و هو قدر مربض‏ غزال صلى الظهر و إذا كان ضعف ذلك صلى العصر و نحوه غيره.

و خبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا كان في‏ء الجدار ذراعا صلى الظهر و إذا كان ذراعين صلى العصر، قلت: إن الجدار يختلف، بعضها قصير و بعضها طويل؟ فقال: كان جدار مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله يومئذ قامة.

و خبر إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق عليه السلام: إن وقت الظهر بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلا في يوم الجمعة أو في السفر فان وقتها حين تزول الشمس.

و مضمر ابن أبي نصر: سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر؟ فكتب: قامة للظهر و قامة للعصر.

و خبر عمر بن سعيد بن هلال عن الصادق عليه السلام: قال: قل لزرارة إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر و إذا كان ظلك مثليك فصل العصر.

و خبر سعيد الأعرج عن الصادق عليه السلام أيضا عن وقت الظهر، أ هو إذا زالت الشمس؟ فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلا في السفر و يوم الجمعة فان وقتها إذا زالت الشمس فقال: بعد الزوال.

و خبر ابن شعيب عن الصادق عليه السلام: سألته عن صلاة الظهر؟ فقال: إذا كان الفي‏ء ذراعا قلت: ذراعا من أي شي‏ء؟ قال: ذراعا من فيئك، قلت: فالعصر؟

قال: الشطر من ذلك، قلت: هذا شبر؟ قال: أو ليس الشبر بكثير.

و خبر زرارة عن الصادق عليه السلام أيضا: وقت الظهر على ذراع.

و خبر ذريح المحاربي: سأل أبا عبد الله اناس و أنا حاضر، إلى أن قال:

فقال بعض القوم: إنا نصلي الاولى إذا كانت على قدمين و العصر على أربعة أقدام فقال أبو عبد الله عليه السلام: النصف من ذلك أحب إلي.

و خبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام: الصلاة في الحضر ثمان ركعات إذا زالت الشمس ما بينك و بين أن يذهب ثلثا القامة، فاذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفريضة.

و خبر عبيد بن زرارة: سألت أبا عبد الله عليه السلام من أفضل وقت الظهر؟ قال:

ذراع بعد الزوال، قال: قلت: فالشتاء و الصيف واحد؟ قال: نعم.

و يستفاد من مجموع هذه الأخبار امور:

1- أن المقصود من‏ مربض العنز في كلامه عليه السلام هو مقدار مربضه عرضا و يقرب من ذراع.

2- أن المقصود من هذه التعبيرات المختلفة كمربض العنز و مربض‏ الغزال و الذراع و القدمين أمر واحد و أن اختلاف التعبير بمناسبة انس ذهن المخاطب بأحد هذه المقادير.

3- أن تأخير صلاة الظهر عن الزوال بهذا المقدار كان لغرض من الأغراض:

منها- إرادة الرخصة في التنفل كما ذكره في الجواهر، قال: محمول على إرادة الرخصة للمتنفل في تأخير الظهر هذا المقدار و أنه لا يتوهم حرمته للنهي عن التطوع وقت الفريضة كما يؤمى إليه الأمر بالظهر عند الزوال حيث لا تشرع النافلة فيه كالسفر يوم الجمعة، و في خبر زرارة قال: قال لي: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان؟ قال: قلت: لم؟ قال: لمكان الفريضة لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يبلغ ذراعا فاذا بلغ ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة.

و منها- انتظار اجتماع الناس و حضورهم في الجماعة و عدم تخلف أحد منها كما هو الظاهر من دستوره لامراء بلاده.

و منها- انتظار برودة الهواء في الأيام الشديدة الحر كما ورد من قوله صلى الله عليه و آله «أبردوا بصلاة الظهر» و فسر بأن المقصود من الإبراد بصلاة الظهر هو تأخيره إلى أن يبلغ الظل مقدار ذراع و تنكسر سورة الحر.

هذا، و لم يتعرض عليه السلام في كتابه هذا لبيان آخر وقت الظهر، و هذا دليل على أنه ليس في مقام تحديد الوقت، و وقت صلاة العصر بعد مضي مقدار أداء صلاة الظهر من الزوال و يمتد إلى غروب الشمس فيختص العصر بمقدار أربع ركعات من آخر النهار كما في مرسلة داود بن فرقد المنجبرة عن الصادق عليه السلام إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فاذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر و العصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات فاذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر و بقى وقت العصر حتى تغيب الشمس- إلخ.

و لكنه قرر وقت أداء صلاة العصر و عقد الجماعة لها بقوله: (و صلوا بهم العصر و الشمس بيضاء حية) أى لم ينكسر ضوؤها بقربها و هبوطها إلى افق المغرب ثم أوضح ذلك بقوله‏ (حين يسار فيها فرسخان) و المقصود سير القوافل المعمولة و يشغل مسير الفرسخين مما يقرب من ساعتين و الظل في هذا الوقت يقرب من المثلين كما نقل في الجواهر: و دخل أبو بصير على أبي عبدالله عليه السلام فقال: إن زرارة سألني عن شي‏ء فلم اجبه فقد ضقت من ذلك فاذهب أنت رسولي إليه فقل له: صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك و العصر إذا كان مثليك، و كان زرارة هكذا يصلى في الصيف.

و لم يتعرض عليه السلام لبيان آخر وقت‏ العصر أيضا و قد عرفت أنه يمتد إلى غروب الشمس.

و أما صلاة المغرب‏ فقد أمر بعقد الجماعة لها من أول وقتها و هو غروب الشمس و ذكر له علامتين:

1- حين يفطر الصائم‏، و إفطار الصائم‏ إنما يكون بعد انتهاء النهار و دخول‏ الليل‏ لقوله تعالى «ثم أتموا الصيام إلى الليل‏».

2- حين يدفع الحاج‏ من عرفات‏ إلى‏ المشعر، و هو بعد انتهاء نهار عرفة أيضا و لكن في التعبير بقوله عليه السلام: إلى منى‏، غموض فان دفع‏ الحاج إلى منى‏ إنما يكون في عشية يوم التروية ليبيتوا بمنى ثم يذهبوا إلى عرفات من صبيحة اليوم التاسع و ليس له وقت محدود و على أي حال فالمقصود إقامة صلاة المغرب‏ في أول‏ الليل‏ بعد انتهاء النهار، و قد اختلف كلمات الأصحاب في تحديده:

قال في الشرائع: و كذا إذا غربت الشمس دخل وقت المغرب و يختص من‏ أوله بمقدار ثلاث ركعات ثم يشاركها العشاء حتى ينتصف‏ الليل‏ و يختص‏ العشاء من آخر الوقت بمقدار أربع ركعات- إلى أن قال: و يعلم الغروب باستتار القرص و قيل: بذهاب الحمرة عن المشرق و هو الأشهر، قال صاحب الجواهر في شرحه:

بل في كشف اللثام أنه مذهب المعظم بل هو المشهور نقلا و تحصيلا فتوى و عملا شهرة عظيمة سيما بين المتأخرين، بل في الرياض أن عليه عامتهم إلا من ندر، بل في المعتبر أن عليه عمل الأصحاب كما عن التذكرة بل عن السرائر الاجماع عليه ….

أقول: لا إشكال في أن المدار في دخول الليل و انتهاء النهار هو سقوط الشمس عن الافق و غيبوبة الشمس عن الأبصار و الأنظار و حلول السواد محل بياض النهار، و لكن البحث في أن سقوط الشمس عن أي الافق مدار نهاية النهار و دخول الليل، فالأفق الظاهري هو ما يحيط به خط موهوم يخرج من عين الناظر و يتصل بمنتهى الافق في الأرض المستوية بحيث إذا هبطت عنه الشمس تغيب عن عين الناظر، و الافق الحقيقي هو ما يحيط به دائرة متوهمة يمر بمركز الأرض من تحت رجل الناظر بحيث إذا جاوزت عنه الشمس تقع محاذية للقسم الأسفل من الكرة الأرضية، فسقوط الشمس عن الافق الظاهري محسوسة في الأرض المستوية و أما سقوطه عن الافق المركزي فيعلم بعلامة و هى ذهاب الحمرة المشرقية الحادثة أوان غيبوبة الشمس عن الافق الظاهري كان، فينبغي أن يقال أنه لا خلاف في ان حقيقة المغرب هو سقوط القرص كما أنه لا خلاف بين الامامية في اعتبار ذهاب الحمرة علامة للمغرب، إنما الكلام في تحقيق معنا ذهاب الحمرة عن المشرق، ففسره بعضهم بانه عبارة عن ارتفاع الحمرة إلى فوق الرأس ثم هبوطها إلى افق المغرب و ظهورها هناك، و لكنه ليس بصحيح، لأن الحمرة المشرقية ترتفع عن الافق إلى فوق القامة ثم تمحو و تضمحل و لا مفهوم لتجاوز الحمرة عن فوق الرأس بهذا المعنى.

و فسره بعضهم بارتفاع الحمرة عن افق المشرق إلى ما يتجاوز قامة إنسان معتدل بحيث إذا توهم قيام إنسان في الافق الشرقي و قيس الحمرة المرتفعة معه‏ كانت الحمرة فوق رأسه فيصح أن يقال إن الحمرة جاوزت عن الرأس، و هذا هو الصحيح.

فالحاصل أن المغرب يدخل بسقوط الشمس عن الافق المركزي و علامته ارتفاع الحمرة عن افق المشرق فوق القامة و إن كانت باقية بعد، و هذا هو المراد من تجاوز الحمرة قمة الرأس، كما ورد في مرسل ابن أبي عمير الذي وصفه في الجواهر بأنه في قوة المسند عن الصادق عليه السلام وقت سقوط القرص و وقت الافطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة و تتفقد التي ترتفع من المشرق فاذا جاوزت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الافطار و سقط القرص- انتهى.

و هذا هو مراد ابن أبي عقيل فيما حكى عنه كما في الجواهر:

«أول وقت المغرب سقوط القرص، و علامة ذلك أن يسود افق السماء من المشرق و ذلك الليل» فانه لا معنى لتجاوز الحمرة عن قمة الرأس إلا ارتفاعها فوق القامة فانها بعد ذلك تضمحل و تمحو فان ظهور هذا الحمرة إنما هو من تجلي أشعة الشمس في الطبقة البخارية الهوائية حول الافق.

و يؤيد ذلك ما رواه في الجواهر عن كتاب محمد بن علي بن محبوب، قال:أمرت أبا الخطاب أن يصلي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشمس فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب و كان يصلي حين يغيب الشفق.

هذا، و لم يتعرض عليه السلام في كتابه هذا لبيان آخر وقت‏ صلاة المغرب‏ و قد عرفت أنه يمتد إلى نصف‏ الليل‏ و إن اختص من آخره مقدار أربع ركعات‏ بصلاة العشاء.ثم قال عليه السلام‏ (و صلوا بهم العشاء حين يتواري الشفق الى ثلث الليل).

فقد فسر الشفق‏ بالحمرة المغربية، قال في الشرح المعتزلي: فأما وقت‏ العشاء فقال الشعافعي: هو أن يغيب‏ الشفق‏ و هو الحمرة- إلى أن قال: و قد حكينا مذهب أبي حنيفة فيما تقدم و هو أن يغيب‏ الشفق‏ الذي هو البياض و به قال زفر و المزني- انتهى.

فقد ترى اختلاف الفقهاء في أن‏ الشفق‏ هو الحمرة المغربية القليلة البقاء بعد غروب الشمس أو البياض الباقي في افق المغرب إلى ما يقرب ساعتين من الليل، و قد فسر بعض الفقهاء الشفق‏ بالحمرة المغربية فقال بضيق وقت‏ المغرب‏ و نافلتها حيث إن هذا الوقت لا يكفي إلا لأداء فريضة المغرب‏ و نافلتها، و الظاهر أن المراد من‏ الشفق‏ في كلامه عليه السلام هو البياض الساطع بعد غروب‏ الشمس‏ إلى مقدار ساعة و نصف من‏ الليل‏ تقريبا فانه المعهود لأداء صلاة العشاء عند تفريقها عن‏ صلاة المغرب‏، و عليه جرت السنة و السيرة في مدينة الرسول صلى الله عليه و آله إلى عصرنا هذا.

و حدد عليه السلام آخر وقت أداء صلاة العشاء بمضي‏ ثلث الليل‏ و ظاهره سعة وقت إقامة الجماعة في‏ صلاة العشاء إلى ثلث الليل‏ باختلاف وضع البلدان و اختلاف الليل و النهار في الفصول المختلفة و ليس المقصود أن‏ ثلث الليل‏ نهاية وقت‏ صلاة العشاء على وجه الاطلاق، لما عرفت مما ذكرنا أن هذا الكتاب ليس بصدد بيان الأوقات بحدودها، بل المقصود منه دستور لإقامة الجماعة في وقت مناسب لها.

و أما الغداة فقال عليه السلام كنايه‏ (و صلوا بهم الغداة و الرجل يعرف وجه صاحبه) و هذا التعبير كناية عن بسط ضوء الفجر بحيث يعرف‏ الرجل صاحبه‏ إذا نظر إليه كما عبر في القرآن الكريم عن الفجر الصادق بقوله عز من قائل «حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر» ففسره بعضهم بأن المراد منه بسط ضوء الصباح إلى حيث يمتاز الخيط الأسود من الخيط الأبيض لأصحاب العيون الصحيحة، بناء على أن لفظة من في قوله تعالى «من الفجر» للتعليل فالمقصود أن الفجر يعتبر من بسط الضوء إلى حيث يكشف الظلمة و يتبين الأشياء فيمتاز الخيط الأسود من الخيط الأبيض أو يعرف الرجل وجه صاحبه‏ إذا لم يكن هناك مانع من غيم أو سقف أو غيرهما.

و قد وصى عليه السلام امراءه بعد بيان أوقات الجماعة بأمرين:

1- مراعاة حال الضعفاء في‏ الصلاة بترك التطويل و أداء المستحبات في الركوع و السجود فيصعب الأمر على الضعفاء و يرد عليهم المشقة فيبغضون الجماعة.

2- ترك الفتنة في إقامة الجماعة و هي على وجوه:

الالف- أى لا تفتنوا الناس بإتعابهم و إدخال المشقة عليهم بإطالة الصلاة و إفساد صلاة المأمومين بما يفعلونه من أفعال مخصوصة …، هكذا فسره في الشرح المعتزلي.

ب- وجه الفتنة هنا أنهم يكونون صادفين للناس عن الاتفاق و التساعد على الجماعة باطالتها المستلزمة لتخلف العاجزين و الضعفاء، هكذا فسره ابن ميثم «ص 134 ج 5».أقول: و أنت ترى أن كلا التفسيرين متشابهان و كأنه تكرار للأمر الأول.

ج- أن يكون المراد من النهي عن الفتنة عدم التوسل بالمأمومين و اجتماعهم لاثارة الخلاف و الصول على المخالفين أو عدم الافتتان بالصفوف المرتصة خلفهم فيدخلهم الكبرياء و العجب، فتدبر.

الترجمة

از يك نامه‏اى كه در معنى نماز بفرماندهان بلاد نگاشت.

أما بعد نماز ظهر را براى مردم بخوانيد تا گاهى كه سايه خورشيد باندازه خوابگاه گوسفندى بر گردد، و نماز عصر را هنگامى براى آنان بخوانيد كه خورشيد پرتو افكن و زنده است و قسمتى از روز باقى است باندازه‏اى كه بتوان مقدار دو فرسخ در آن طى مسافت كرد (پياده يا با چهارپا)، نماز مغرب را در آن گاه برايشان بخوانيد كه روزه‏دار افطار كند و حاج از عرفات كوچ كنند «بسوى منى»، و نماز عشا را در آن گاه برايشان بخوانيد كه شفق نهان مى ‏شود تا يك سوم أز شب، و نماز بامداد را در آن گاه بخوانيد كه هر مردى چهره مصاحب خود را مى ‏شناسد، نماز را برابر توانائى ضعيف‏ترين مردم بخوانيد، و در نماز فتنه جو مباشيد.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 50 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 51 صبحی صالح

51- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى عماله على الخراج‏

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَصْحَابِ الْخَرَاجِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَحْذَرْ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا يُحْرِزُهَا

وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ يَسِيرٌ وَ أَنَّ ثَوَابَهُ كَثِيرٌ وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْبَغْيِ وَ الْعُدْوَانِ عِقَابٌ يُخَافُ لَكَانَ فِي ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَا لَا عُذْرَ فِي تَرْكِ طَلَبِهِ

فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ فَإِنَّكُمْ خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ وَ وُكَلَاءُ الْأُمَّةِ وَ سُفَرَاءُ الْأَئِمَّةِ وَ لَا تُحْشِمُوا أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ وَ لَا تَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ

وَ لَا تَبِيعُنَّ لِلنَّاسِ فِي الْخَرَاجِ كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَ لَا صَيْفٍ وَ لَا دَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهَا وَ لَا عَبْداً

وَ لَا تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِمَكَانِ دِرْهَمٍ وَ لَا تَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مُصَلٍّ وَ لَا مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ تَجِدُوا فَرَساً أَوْ سِلَاحاً يُعْدَى بِهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدَعَ ذَلِكَ فِي أَيْدِي أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونَ شَوْكَةً عَلَيْهِ

وَ لَا تَدَّخِرُوا أَنْفُسَكُمْ نَصِيحَةً وَ لَا الْجُنْدَ حُسْنَ سِيرَةٍ وَ لَا الرَّعِيَّةَ مَعُونَةً وَ لَا دِينَ اللَّهِ قُوَّةً

وَ أَبْلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَا

 وَ عِنْدَكُمْ أَنْ نَشْكُرَهُ بِجُهْدِنَا وَ أَنْ نَنْصُرَهُ بِمَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

مختار الخمسون من كتبه عليه السلام و من كتاب له عليه السلام الى عماله على الخراج‏

من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أصحاب الخراج:

أما بعد، فإن من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ما يحرزها، و اعلموا أن ما كلفتم يسير، و أن ثوابه كثير، و لو لم يكن فيما نهى الله عنه من البغى و العدوان عقاب يخاف لكان في ثواب اجتنابه ما لا عذر في ترك طلبه، فأنصفوا الناس من‏

أنفسكم، و اصبروا لحوائجهم، فإنكم خزان الرعية، و وكلاء الامة، و سفراء الأئمة، و لا تحشموا أحدا عن حاجته، و لا تحبسوه عن طلبته، و لا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء و لا صيف و لا دابة يعتملون عليها و لا عبدا، و لا تضربن أحدا سوطا لمكان درهم، و لا تمسن مال أحد من الناس مصل و لا معاهد إلا أن تجدوا فرسا أو سلاحا يعدى به على أهل الإسلام فإنه لا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الإسلام فيكون شوكة عليه، و لا تدخروا أنفسكم نصيحة، و لا الجند حسن سيرة، و لا الرعية معونة، و لا دين الله قوة، و أبلوا في سبيل الله ما استوجب عليكم، فإن الله سبحانه قد اصطنع عندنا و عندكم أن نشكره بجهدنا، و أن ننصره بما بلغت قوتنا، و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

اللغة

(السفير): الرسول، (حشمته) و احتشمته بمعنى: أى أغضبته و أخجلته، (الشوكة): القوة، (أبليته): أعطيته.

الاعراب‏

عقاب: اسم لم يكن اخر عن خبره، يخاف: فعل مبني للمفعول المستتر فيه و الجملة صفة لقوله عقاب، ما لا عذر: ما نكرة موصوفة بما بعده و هو اسم مكان.

لا تبيعن: نهى مؤكد بنون التأكيد الثقيلة، كسوة شتاء: مفعول، اصطنع:افتعال من صنع أى أعطى، أن نشكره: بمنزلة المفعول له لقوله: اصطنع بحذف اللام أى لأن نشكره، قال في الشرح المعتزلي: و حذفها أكثر نحو قوله تعالى «لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم‏ 80- المائدة».

المعنى‏

قد نظم عليه السلام في كتابه هذا الاقتصاد العمومي و اعتمد في نظمه هذا على الايمان و الأخلاق، فان أكثر ما يصل إلى بيت المال في ذلك الزمان يجتمع من أموال الزكاة التي تتعلق بالمسلمين فيما يجب عليه الزكاة من الغلات الأربعة و الأنعام الثلاثة و الذهب و الفضة المسكوكتين بشرائطها المقررة في الفقه الاسلامي و من أموال الخراج التي تؤخذ من أهل الذمة و المعاهدين الذين يعملون في الأراضي المفتوحة عنوة، فان هذه الأراضي ينتقل إلى ملك المسلمين عموما فتسلم إلى من يعمل فيها قبال سهم من زراعتها أو مقدار معين من النقود و الأول يسمى بالمقاسمة و الثاني بالخراج.

قال ابن هشام في سيرته «ص 241 ج 2 ط مصر»: فأخبرني ابن هشام أن رسول الله صلى الله عليه و آله افتتح خيبر عنوة بعد القتال و كانت خيبر مما أفاء الله عز و جل على رسول الله صلى الله عليه و آله و خمسها رسول الله صلى الله عليه و آله و قسمها بين المسلمين و نزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال فدعاهم رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: إن شئتم دفعت إليكم هذا الأموال على أن تعملوها و تكون ثمارها بيننا و بينكم و أقركم ما أقركم الله، فقبلوا فكانوا على ذلك يعملونها و كان رسول الله صلى الله عليه و آله يبعث عبد الله بن رواحة فيقسم ثمرها و يعدل عليهم في الخرص.

و قد نظم أمر الخراج‏ في البلاد التي استولى عليه المسلمون بعد ذلك من بلاد الروم و فارس، و قد بعث عمر أيام حكومته عبد الله بن مسعود و حذيفة بن يمان لمساحة الأراضي العامرة في عراق و ضرب الخراج فحسبوها ثلاثين ألف ألف جريب من مزارع الحنطة و الشعير و النخل فضربوا على كل جريب من النخيل‏ ثمانية دراهم و من الحنطة درهمين و من الشعير أقل من ذلك، فكان الخراج يبلغ مأئة و سبعون ألف ألف درهم، و كان مهمة الحكومة الاسلامية تحصيل هذا الخراج و حفظه و إيصاله إلى موارده و مصارفه، فكان عمال الخراج من عمد النظام في عالم الاسلام، و كان يعتمد على تقواهم و دينهم في ذلك و قد نبههم عليه السلام على ذلك و حذرهم من الخيانة و التسامح في أموال المسلمين فابتدأ كلامه بقوله:

(فان من لم يحذر ما هو سائر إليه، لم يقدم لنفسه ما يحرزها) أشار إلى أن المسير هو الموت و لقاء الله العالم بكل خفية و خائنة فمن اهتمه أمر نفسه فلا بد من الحذر من موارد الهلكة و العقاب، و نبه على أن اشتغالهم بأمر الخراج‏ لا بد و أن يكون باعتبار إطاعة الله‏ و وليه فيما يلزم عليهم و يكون في عهدتهم لا باعتبار ما ينالونه من الاجرة المالية في هذا العمل بما هو حلال لهم، فقال عليه السلام: (ما كلفتم يسير و إن ثوابه كثير) و أكد ذلك بقوله: (لو لم يكن فيما نهى الله عنه من البغي و العدوان عقاب يخاف، لكان في ثواب اجتنابه ما لا عذر في ترك طلبه).

ثم حرضهم على رعاية العدل و الانصاف في أخذ الخراج‏ و إيصاله إلى مصارفه، قال ابن هشام في سيرته (ص 239 ج 2 ط مصر): فكان رسول الله صلى الله عليه و آله كما حدثني عبد الله بن أبي بكر- يبعث إلى أهل خيبر عبد الله بن رواحة خارصا بين المسلمين و يهود فيخرص عليهم فاذا قالوا: تعديت علينا قال: إن شئتم فلكم و إن شئتم فلنا فتقول يهود: بهذا قامت السماوات و الأرض.

ثم وصف عمال الخراج بألقاب شامخة ثلاثة:

1- جعلهم‏ خزان الرعية فيلزم عليهم رعاية الأمانة و ترك الخيانة.

2- جعلهم‏ و كلاء الامة فلا بد لهم من رعاية العدالة و المصلحة في ما حول إليهم من أمر الامة.

3- جعلهم‏ سفراء الأئمة فلا بد لهم من حفظ مقام سفارتهم برعاية الصحة و الأمانة في ما تحت أيديهم.

ثم نهاهم عن إظهار الحشمة و الهيبة تجاه‏ الناس‏ ليمنعوهم عن إظهار حوائجهم‏

و يحبسوهم عن مطالبهم.

ثم استثنى من‏ الخراج‏ لوازم المعيشة من اللباس و دواب العمل و العبد الخادم و نهى عن ضرب‏ الناس‏ في تحصيل‏ الخراج‏ و عن مصادرة أموالهم و إن كانوا كفارا في ذمة الاسلام‏ و عهده إلا أن يكون مما يعين به على مخالفة الاسلام‏ و تقوية أعداء الاسلام‏ من‏ الفرس و السلاح‏ فلا بد من ضبطها لدفع مادة الفساد و حفظ الأمن في البلاد الاسلامية.

ثم وصاهم امورا أربعة:

1- بذل النصح لأنفسهم.

2- و حسن السيرة مع الجنود الذين يضحون أنفسهم في سبيل تقوية الاسلام.

3- و إعانة الرعية فيما يقويهم على العمل و الاكتساب لتوفير الفوائد و مزيد الدخل القومي.

4- تقوية الدين‏ بالتبليغ و المواظبة على العمل بقوانينه.

ثم أمرهم بالجد في سبيل‏ ما أوجب‏ الله عليهم‏ من التكاليف و ضبط الخراج‏ و رعاية الأمانة فيه لأداء شكر الله تعالى في قبال نعمة الاسلام‏ و التسلط على‏ الأعداء و بلادهم و نعمهم.

الترجمة

از نامه‏اى كه بكارمندان خراج نگاشت:

از طرف بنده خدا علي امير مؤمنين بأصحاب خراج أما بعد هر كس از سرانجامى كه بدان در حركت است نهراسد براى خود پيشگيرى لازم را مراعات نكرده است، بدانيد اين وظيفه‏اى كه بشما واگذار شده اندك است و ثوابش بسيار است، اگر در ارتكاب آنچه خداوند از آن نهى كرده از ستمگرى و تجاوز عقوبتى بيمناك نبود همان درك ثواب اجتناب از آن براى قطع عذر در ترك اطاعت فرمان خدا بس بود.

از طرف خود نسبت بمردم انصاف را رعايت كنيد و در برابر انجام حوائج‏ و نيازمنديهاى آنان شكيبا باشيد زيرا شماها خزانه داران رعيت و وكلاء امت و سفيران أئمه هستيد، هيچكس را از نيازى كه دارد گرفتار حشمت خود نسازيد و او را از تقاضايش باز نداريد.

براى تحصيل خراج از مردم جامه تن آنها را چه تابستانى باشد و چه زمستاني نفروشيد و حيوانى كه وسيله كار آنها است از گاو و الاغ نفروشيد و بنده و خدمتكار را هم بفروش نرسانيد.

بخاطر يك درهم بدهى خراج احدى را يك تازيانه نزنيد، بمال احدى چه مسلمان باشد و چه كافر در پناه اسلام دست درازى نكنيد، مگر اين كه اسب يا ساز و برگ جنگ باشد كه وسيله تجاوز بأهل اسلام گردد كه براى مسلمان نشايد كه نيروى جنگى را در دست دشمنان اسلام وانهد و وسيله شوكت آنها در برابر مسلمانان گردد.

از نصيحت و اندرز خود دريغ نكنيد و از خوشرفتارى با قشونى ‏ها كوتاهى نكنيد، از كمك برعيت خوددارى ننمائيد و از تقويت و تأييد دين خدا باز نايستيد در راه آنچه خدا بر شما واجب كرده تلاش كنيد، زيرا خداوند بما و شماها احسان كرده و نعمت بخشيده تا با همه كوشش خود شكر او را بگزاريم و تا آنجا كه نيروى ما برسد او را يارى كنيم و جنبش و توانى نيست جز بخداوند والا و بزرگوار.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 49 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

 نامه 50 صبحی صالح

50- و من كتاب له ( عليه السلام  ) إلى أمرائه على الجيش‏

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَصْحَابِ الْمَسَالِحِ

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ حَقّاً عَلَى الْوَالِي أَلَّا يُغَيِّرَهُ عَلَى رَعِيَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ وَ لَا طَوْلٌ خُصَّ بِهِ وَ أَنْ يَزِيدَهُ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ نِعَمِهِ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ وَ عَطْفاً عَلَى إِخْوَانِهِ

أَلَا وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي أَلَّا أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إِلَّا فِي حَرْبٍ وَ لَا أَطْوِيَ دُونَكُمْ أَمْراً إِلَّا فِي حُكْمٍ وَ لَا أُؤَخِّرَ لَكُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ وَ لَا أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقْطَعِهِ وَ أَنْ تَكُونُوا عِنْدِي فِي الْحَقِّ سَوَاءً

فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَجَبَتْ لِلَّهِ عَلَيْكُمُ النِّعْمَةُ

وَ لِي عَلَيْكُمُ الطَّاعَةُ وَ أَلَّا تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَةٍ وَ لَا تُفَرِّطُوا فِي صَلَاحٍ وَ أَنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْتَقِيمُوا لِي عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِمَّنِ اعْوَجَّ مِنْكُمْ ثُمَّ أُعْظِمُ لَهُ الْعُقُوبَةَ وَ لَا يَجِدُ عِنْدِي فِيهَا رُخْصَةً

فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِكُمْ وَ أَعْطُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ مَا يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ أَمْرَكُمْ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار التاسع و الاربعون من كتبه عليه السلام و من كتاب له عليه السلام الى امرائه على الجيوش‏ 

من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح:

أما بعد فإن حقا على الوالي أن لا يغيره على رعيته فضل ناله، و لا طول خص به، و أن يزيده ما قسم الله له من نعمه دنوا من عباده، و عطفا على إخوانه. ألا و إن لكم عندي أن لا أحتجز دونكم سرا إلا في حرب، و لا أطوى دونكم أمرا إلا في حكم، و لا أؤخر لكم حقا عن محله، و لا أقف به دون مقطعه، و أن تكونوا عندي في الحق سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت لله عليكم النعمة، و لي عليكم الطاعة، و أن لا تنكصوا عن دعوة، و لا تفرطوا في صلاح، و أن تخوضوا الغمرات إلى الحق، فإن أنتم لم تستقيموا لي على ذلك لم يكن أحد أهون على ممن اعوج منكم، ثم أعظم له العقوبة، و لا يجد عندي فيها رخصة، فخذوا هذا من أمرائكم، و أعطوهم من أنفسكم ما يصلح الله به أمركم، و السلام.

اللغة

(أصحاب المسالح): جماعات تكون بالثغر يحمون البيضة، و المسلحة هي الثغر، كالمرغبة، (لا أحتجز): لا أستر، (لا تنكصوا): لا ترجعوا أي لا تردوا الدعوة، (الغمرة): اللجة من البحر يغرق من وقع فيه.

الاعراب‏

أن لا يغيره: تركيب من لفظة أن الناصبة مع لاء النافية، و فضل فاعل لقوله‏ يغيره، و الجملة خبر فان، و أن يزيده، عطف على قوله: أن لا يغيره، و هو خبر لقوله فان أيضا، دنوا من عباده مفعول ثان لقوله يزيده.

المعنى‏

كتابه هذا إلى امراء الجيوش‏، أول مصدر تشريعي و سند قانوني للنظام العسكري في الدولة الإسلامية الفنية يبين فيه الحقوق و النظامات بين‏ الوالي‏ و هو مقام الرئاسة المطلقة للقوى المسلحة في الحكومة مع الامراء و الضباط و القواد الذين بيدهم الأمر في الحرب و السلم، و تعرض في هذا الكتاب للرابطة بين‏ الوالي‏ و الامراء و هم الطبقة الاولى و أصحاب الدرجة العليا من المراتب العسكرية المعبر عنهم في هذا العصر بالفريق، و دونهم درجات و مراتب متنازلة إلى أن ينتهى إلى قائد عشرة، و من بيان الرابطة و الحقوق المتبادلة بين الوالي و امراء الجيوش يتضح الحقوق و الروابط بين الامراء و سائر المأمورين و الرؤساء، و قد بنى الأمر في هذا المقام على أكمل درجات الديموقراطية العليا و هو سقوط الرتبة و المزية بين الوالي و امراء الجيوش، و بين أن هذا الفضل‏ الذي‏ ناله الوالي‏ من ارتقائه إلى مقام الرئاسة بأمر من‏ الله‏ أو بعلة اخرى كانتخابه من طرف‏ الرعية يلزم‏ ألا يغيره على الرعية و لا يثبت له درجة و مزية عليهم، بل لابد و أن يزيده ما قسم الله له من نعمته دنوا من عباده و عطفا على إخوانه‏ فيكون بينهم كأحدهم، و قد كان سيرته عليه السلام مع رعيته هكذا طول أيام أمارته و ولايته، و هذا هو الدرجة العليا في الديموقراطية لم يبلغ النظامات الديموقراطية البشرية إليها بعد.

ثم التزم في مقام ولايته العليا لامراء جيوشه بامور أربعة:

1- اشتراكهم معه في الاطلاع على إجراء كل أمر إلا في‏ بعض الأسرار المتعلقة بالحرب‏، فانه ربما يلزم إخفائه حتى عن الأمراء، صيانة عن إفشائه قبل أوانه لئلا يطلع عليه العدو، فكتمان الأسرار الحربية من مهام الامور العسكرية حتى في هذه العصور، و قد اكتسب نظره هذا أهمية في خلال القرون الماضية إلى هذا العصر، و قد اهتم الدول الكبرى في إنشاء إدارات هامة للتجسس و كسب‏ الاطلاع عن برامج أعدائهم في الحروب و عن سائر ما يتعلق بها.

قال ابن ميثم: و يحتمل أن يكون ترك مشورتهم لأمرين:

أحدهما: أن أكثرهم ربما لا يختار الحرب، فلو توقف على المشورة فيه لما استقام أمره بها، و لذلك كان كثيرا ما يحملهم على الجهاد و يتضجر من تثاقلهم عليه و هم له كارهون كما سبق.

الثاني: أن يكتم ذلك خوف انتشاره إلى العدو فيكون سبب استعداده و تأهبه للحرب، و لذلك كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا أراد سفرا إلى الحرب ورى بغيره كما روى أنه لما نوى غزاة بدر كتب للسرية كتابا و أمرهم أن يخرجوا من المدينة إلى صوب مكة يومين أو ثلاثة أيام، ثم ينظروا في الكتاب و يعملوا بما فيه. فلما ساروا المدة نظروا فيه فاذا هو يأمرهم فيه بالخروج إلى نخلة محمود و أن يفعلوا كذا و كذا ففعلوا و خرج النبي صلى الله عليه و آله خلفهم إلى بدر و كان الظفر لهم و لو أعلمهم حين أمرهم بالخروج أنه يسير إلى قريش لا نتشر ذلك إلى قريش و كان استعدادهم لهم أقوى، و جاز أن يكون ذلك أيضا مانعا لبعض الصحابة عن النهوض خوفا من أهل مكة و شوكتهم.

أقول: في حمل كلامه هذا على ترك المشورة معهم نظر، فان اخفاء بعض الامور الحربية غير ترك المشورة، مع أن حروبه في الجمل و صفين و نهروان كان مع الشور و الاطلاع.

و أما ما ذكره من إخفائه صلوات الله عليه أمر بدر فلا يوافق ما ذكر ابن هشام في سيرته قال: في (ص 369 ج 1 ط مصر) عن ابن عباس في حديث بدر قالوا:

لما سمع رسول الله صلى الله عليه و آله بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم فقال:

هاهي عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم و ثقل بعضهم و ذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه و آله يلقى حربا …

نعم ذكر في غزوة تبوك ما يلي: إن رسول الله صلى الله عليه و آله أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم، و ذلك في زمن عسرة من الناس و شدة من الحر و جدب من البلاء،و حين طابت الثمار، و الناس يحبون في ثمارهم و ظلالهم، و يكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه، و كان رسول الله صلى الله عليه و آله قلما يخرج في غزوة إلا كنى عنها و أخبر أنه يريد غير الوجه الذي يصمد له إلا ما كان من غزوة تبوك فإنه بينها للناس لبعد الشقة و شدة الزمان و كثرة العدو الذي يصمد له ليتأهب الناس لذلك اهبته فأمر الناس بالجهاد و أخبرهم أنه يريد الروم …

2- عدم استقلاله بانجاز الامور و اجرائها و دعوتهم للشركة فيها إلا أن يكون ذلك الأمر حكما إلهيا فانه لا مجال لاشتراك غيره معه‏ في‏ بيان الحكم الإلهي أو إنشاء حكم‏ شرعي.

3- عدم تأخير حقوقهم‏ عن محله‏ و وقته و عدم التردد فيه، بل ينفذه في وقته صريحا سواء كان في عطايا بيت المال المقررة لهم أو غيرها مما يستحقونها.

4- عدم التبعيض فيما بينهم و عدم ترجيح بعضهم على بعض مع تساوي العمل و الرتبة لأغراض شخصية أو قبلية أو ارتشاء أو استمالة و توصية من ذوي النفوذ كما يرتكبه الولاة الغير العدول أو الولاة الظلمة فانهم يرجحون من يستخدمهم في أغراضهم على غيرهم.

ثم أعلمهم عليه السلام أن مراعات هذه الشروط يتم‏ عليهم نعمة الولاية العادلة من‏ الله‏ تعالى فيلزم عليهم رعاية امور أربعة:

1- الطاعة في كل ما أمرهم من الوظائف و ما وجهه إليهم من الأوامر.

2- عدم رد دعوته في اجراء الامور و إنجازها و ما يلزم في ذلك من عقد المؤمرات و اللجان المربوطة بها.

3- عدم التقصير و التفريط في اظهار نظرات اصلاحية و ارتكاب ما يلزم‏ في صلاح‏ أمر الأمة و حفظ وحدتها و الالفة بين أفرادها و جماعاتها ليكونوا يدا واحدة على أعدائها.

4- أن يخوضوا الغمرات‏ و يتحملوا الشدائد و يجهدوا في تثبيت‏ الحق‏ و دحض الباطل.

ثم توجه إلى تشريع المجازات على التخلف بوجهين:

الألف- إسقاط الرتب و الدرجات عن المتخلفين و إنزال المعوجين عن درجاتهم فقال عليه السلام: (فلم يكن أحد أهون على ممن اعوج منكم).

ب- تشديد العقوبة المقتضية للتخلف و ترك الانضباط و الاطاعة و عدم الارفاق بالمتخلف.

فقد شرع عليه السلام في كتابه هذا نظاما عسكريا و أعطى اصولا كليا فرع عليه علماء الحقوق النظاميين قوانين شتى يكون المدار على العمل بها في النظامات العسكرية إلى عصرنا هذا.

الترجمة

از نامه‏اى كه بفرماندهان و افسران قشون خود نوشته است.

از طرف بنده خدا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين بسرپرستان و فرماندهان مرزهاى اسلامى.

أما بعد، براستى بر شخص والي و فرمانده كل و رئيس ارتش لازمست كه فضيلت ولايت و فرمانروائى مزاج برادرانه او را دگرگون نسازد نسبت برعايا و زير دستانش و مقام شامخي كه مخصوص او است او را از امت جدا نكند بلكه اين نعمتى كه خداوندش نصيب كرده او را به بندهايش نزديكتر سازد و بر برادران همكيش او مهربانتر نمايد، بدانيد كه شما را بر من اين حقوق در عهده است:

1- هيچ رازى را از شما كتمان نكنم و همه اطلاعات را در دسترس شما بگذارم و بشما گزارش دهم مگر راجع باسرار جنگى باشد كه كتمان آن لازمست.

2- هيچ أمرى را بى مشورت و مراجعه بشما انجام ندهم مگر بيان حكم إلهي باشد كه مخصوص مقام خود من است.

3- هيچ يك از حقوق شماها را از موقع خود بتأخير نياندازم و دچار ترديد و توقف نسازم.

4- تبعيضي ميان شما قائل نشوم و همه را در حقوق و مزايا برابر بحساب آورم.

چون اين شرائط و مقررات را رعايت كردم نعمت ولايت عدل إلهي بر شما مسلم گرديده است، و شما هم بايد چهار حق را نسبت بمن رعايت كنيد:

1- فرمانبردار و طاعت گزار باشيد.

2- دعوت مرا رد نكنيد و از آن سرباز نزنيد.

3- در صلاح و اصلاح امور كشور و ملت تقصير و كوتاهى روا نداريد.

4- در اجراى حق نهايت بكوشيد و خود را باب و آتش بزنيد تا حق مجرى شود.

در خاتمه بدانيد كه اگر بر اين مقررات پاى بند نشويد و از آنها تخلف ورزيد هيچكس نزد من خوارتر و زبونتر نيست از كسى كه راه كج رفته در ميان شماها، و سپس مجازات و سزاى او را سخت و بزرگ نمايم و تخفيف و گذشتى از آن رعايت نكنم اين دستور را از فرماندهان خود بگيريد، و خود را آماده كنيد كه وسيله صلاح كارهاى خود باشيد، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 48 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 49 صبحی صالح

49- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى معاوية أيضا

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَ لَمْ يُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَيْئاً إِلَّا فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً عَلَيْهَا وَ لَهَجاً بِهَا وَ لَنْ يَسْتَغْنِيَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ فِيهَا عَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ مِنْهَا وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ نَقْضُ مَا أَبْرَمَ وَ لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَى حَفِظْتَ مَا بَقِيَ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثامن و الاربعون من كتبه عليه السلام و من كتاب له عليه السلام الى غيره [الى معاوية أيضا]

أما بعد، فإن الدنيا مشغلة عن غيرها، و لم يصب صاحبها منها شيئا إلا فتحت له حرصا عليها، و لهجا بها، و لن يستغنى صاحبها بما نال فيها عما لم يبلغه منها، و من وراء ذلك فراق ما جمع، و نقض ما أبرم! و لو اعتبرت بما مضى حفظت ما بقى، و السلام.

اللغة

اللهج: الحرص الشديد.

المعنى‏

قال الشارح المعتزلي: و قد ذكر نصر بن مزاحم هذا الكتاب و قال:
إن أمير المؤمنين‏ عليه السلام‏ كتبه إلى عمرو بن العاص، و زاد فيه زيادة لم يذكرها الرضي: «أما بعد، فان الدنيا مشغلة عن‏ الاخرة، و صاحبها منهوم‏ عليها، لم يصب شيئا منها قط إلا فتحت عليه حرصا، و ادخلت عليه مؤنة تزيده رغبة فيها و لن يستغنى صاحبها بما نال عما لم يدرك، و من وراء ذلك فراق ما جمع‏، و السعيد من وعظ بغيره، فلا تحبط أجرك أبا عبد الله و لا تشرك‏ معاوية، في باطله، فإن‏ معاوية غمص الناس و سفه الحق، و السلام‏».
قال نصر: و هذا أول كتاب كتبه علي عليه السلام إلى عمرو بن العاص فكتب إليه عمرو جوابه:
أما بعد، فان الذي فيه صلاحنا، و ألفة ذات بيننا، أن تنيب إلى الحق، و أن تجيب إلى ما ندعوكم إليه من الشورى، فصبر الرجل منا نفسه على الحق، و عذره الناس بالمحاجزة، و السلام.
قال نصر بن مزاحم: فكتب علي عليه السلام إلى عمرو بن العاص بعد ذلك كتابا غليظا و هو الذي ضرب مثله فيه بالكلب يتبع الرجل، و هو مذكور في نهج البلاغة.
أقول: ما ذكره عن نصر بن مزاحم صريح في أن هذا الكتاب موجه إلى غير معاوية و تذكر بالغ لعمرو بن عاص في الرجوع عن غيه و هربه عن حبالة معاوية فانه عليه السلام نبه على أن مشغلة الإنسان على وجهين:

1- المشغلة الروحانية و الهدف الإنساني المجرد عن الأميال المادية و هي التقرب إلى الله و تحصيل رضاه لأداء شكره و رسم العبودية تجاه عظمته ثم طلب رضوان الله و نيل المثوبات الاخروية و منها رعاية الوجهة الملكية و السماوية الراجعة إلى الروح الإنسانية التي هي من عالم القدس و التجرد، و رعاية الأخلاق السامية البشرية من طلب العلم و المعرفة و كشف الحقائق الكونية و رموز أنوار الوجود المطلق.

2- المشغلة الدنيوية الشاملة لما فيها من الامور المادية المتنوعة كالمال و الجمال و الجاه و الانانية و كلما يرجع إلى الغرائز الحيوانية من الملاد و الشهوات و المكاره و الأسفات التي منشأها كلتا القوتين الشهوية و الغضبية، فبين عليه السلام أن ما رامه مخاطبه بهذا الكتاب سواء كان عمرو بن عاص كما نص عليه نصر بن مزاحم أو معاوية أو غيرهما ممن يتبعهما محب للدنيا و شئونها من الثروة و القدرة و الجاه، و بين أن الدنيا مشغلة موبقة و مهلكة للشاغل بها و للطالب لها لأن صاحب الدنيا كشارب الماء المالح كلما ازداد شربا ازداد عطشا، و كالمبتلى بمرض الاستسقاء لا يرتوى من شرب الماء.
قال الشارح المعتزلي: «و الأصل في هذا قول الله تعالى «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا، و لا يملأ عين ابن آدم إلا التراب» و هذا من القرآن الذي رفع و نسخت تلاوته».

مضافا إلى أن للدنيا شئون و حوائج لا تحصى و لا يؤثر نيل شأن من شئونها أو قضاء حاجة من حوائجها عن سائر الشئون و الحوائج. بل كلما نال طالبها حاجة من حوائجها و شأنا من شئونها ازداد حوائج اخرى، فمن نال ثروتها يحتاج إلى حفظة يحفظونها و مخازن تحتويها، و من نال جاهها و ملوكيتها تحتاج إلى خدم و جند و أعوان، ثم بين أنه من نال شيئا منها فلا يبقى له بل يفارقه و ينقطع منه إما بفناء ما ناله و زواله و هلاكه، و إما بموت صاحبه و طالبه، و عبر عن الجامع بين الوجهين بقوله‏ (و من وراء ذلك فراق ما جمع و نقض ما أبرم).

الترجمة

أما بعد براستى كه دنيا از هر آنچه جز خودش بازدارنده است، دنيادار بچيزى از آن دست نيابد جز آنكه آزش بر آن بيفزايد و دلش بيشتر دربند آن باشد، و هرگز دنيادار بهر آنچه كه از آن بدست آرد بى نياز نگردد از آنچه را كه بدان دست نيافته است.
و در دنبال آن همه جدا شدن از هر آنچه است كه فراهم آورده و شكست هر آنچه است كه محكم ساخته، و اگر تو از آنچه گذشته است عبرت پذير باشى آنچه را كه از عمر و فرصت برايت بجا است غنيمت شمارى و نگهدارى، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 47 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 48 صبحی صالح

48- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى معاوية

فَإِنَّ الْبَغْيَ وَ الزُّورَ يُوتِغَانِ الْمَرْءَ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ وَ يُبْدِيَانِ خَلَلَهُ عِنْدَ مَنْ يَعِيبُهُ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ غَيْرُ مُدْرِكٍ مَا قُضِيَ فَوَاتُهُ وَ قَدْ رَامَ أَقْوَامٌ أَمْراً بِغَيْرِ الْحَقِّ فَتَأَلَّوْا عَلَى اللَّهِ فَأَكْذَبَهُمْ

فَاحْذَرْ يَوْماً يَغْتَبِطُ فِيهِ مَنْ أَحْمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ وَ يَنْدَمُ مَنْ أَمْكَنَ الشَّيْطَانَ مِنْ قِيَادِهِ فَلَمْ يُجَاذِبْهُ

وَ قَدْ دَعَوْتَنَا إِلَى حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ لَسْنَا إِيَّاكَ أَجَبْنَا وَ لَكِنَّا أَجَبْنَا الْقُرْآنَ فِي حُكْمِهِ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السابع و الاربعون من كتبه عليه السلام و من كتاب له عليه السلام الى معاوية

و إن البغى و الزور يوتغان [يذيعان‏] بالمرء في دينه و دنياه و يبديان خلله عند من يعيبه، و قد علمت أنك غير مدرك ما قضى فواته و قد رام أقوام أمرا بغير الحق فتأولوا على الله فأكذبهم، فاحذر يوما يغتبط [يغبط] فيه من أحمد عاقبة عمله، و يندم من أمكن الشيطان من قياده فلم يجاذبه. و قد دعوتنا إلى حكم القرآن و لست من أهله، و لسنا إياك أجبنا، و لكنا أجبنا القرآن في حكمه، و السلام.

[اللغة]

(الزور): خلاف الحق و يطلق كثيرا على الشهادة الكاذبة، (يوتغان):يهلكان، و الوتغ بالتحريك الهلاك، و قد وتغ يوتغ وتغا: أى أثم و هلك، (رام):طلب، (فتأولوا): التأويل: حمل الكلام على خلاف ما قصد منه في الظاهر أو حمل المجمل على أحد محتملاته، و في الشرح المعتزلي: فتالوا، أى حلفوا.

المعنى‏

قال ابن ميثم: هذا الفصل‏ من كتاب له‏ إليه بعد التحكيم و تمسك‏ معاوية بما حكم به الحكمان و يحتمل أن يكون عند إجابته إلى التحكيم.

أقول: صدر عنه‏ عليه السلام‏ هذا الكتاب في مبتدأ حكومة معاوية و استقرار سلطته الظالمة على ناحية كبيرة من البلدان الاسلامية المتعقبة لتسلطه على سائر البلاد، و بين أن مبنى حكومته‏ البغي‏ و هو خروجه عن إطاعة الحكومة الحقة الاسلامية و عدم إطاعته عن أمير المؤمنين عليه السلام و ايجاده الفوضى في بلاد الشام و إغوائه لأهلها مؤيدا بالزور و البهتان الذي تمسك به من الطلب بدم عثمان و تعاون اتباعه معه باتهام علي عليه السلام بقتله أو معاونته في ذلك، و نبهه على أن الحكومة المكتسبة بهذين العاملين توجب هلاكه في الدين و الدنيا و تبدي مساويه عند أهل النقد و أهل البصيرة في مسير التاريخ، و أشار إلى أنه لا ينال ما رامه و ما قصد إليه من تقمصه بخلافة و أمارة ظاهرة الصلاح عند كافة المسلمين كحكومة الأول و الثاني و أن المسلمين يتنفرون عنه لمساوي أعماله، أو المقصود أنه لا يدرك ثار عثمان عمن قتله، أو المراد أنه لا يدرك إثبات تهمة علي عليه السلام بدم عثمان لأنه زور و بهتان معلوم عند المسلمين.

ثم بين أن اناسا ممن يؤيدونه يطلبون السلطنة و الأمارة بغير حق‏ فتحالفوا على الله‏ على ذلك‏ فأكذبهم‏، و الظاهر أن المقصود من هؤلاء الأقوام طلحة و الزبير و أشياعهما ممن حضر البصرة و أثاروا حرب الجمل‏ فأكذبهم‏ الله بانهزامهم و فشلهم، و حذر بهذا التذكر معاوية و خوفه من سوء عاقبته‏ و أفاد عليه السلام‏ أن‏ الشيطان‏ قائده، فلا بد له من المقاومة تجاه‏ الشيطان‏ حتى لا يندم من سوء عاقبته.

ثم أشار إلى أن دعوة معاوية إلى حكم القرآن‏ كانت خدعة منه و أنه لا يعتقد بالقرآن و لا يكون‏ من أهله‏ و أن أمير المؤمنين و شيعته لم يوافقوا على إجابته و إنما وافقوا على إجابة حكم القرآن‏ في أمر الامامة و الخلافة عن النبي صلى الله عليه و آله و حكمه إقرار خلافة علي عليه السلام لنصوص خاصة و عامة تعين إمامته بعد النبي صلى الله عليه و آله من الايات الدالة على إمامته.

قال ابن ميثم: قوله: و قد دعوتنا- إلى آخره صورة سؤاله و الجواب عنه، و كونه‏ ليس من أهله‏ إذ لم يكن صالحا للامامة كما سبق بيانه مرارا، و حيث لم يكن أهلا لأن يجاب إلى الرضا بالتحكيم أعلمه بذلك و أنه إنما أجاب‏ القرآن‏ إلى‏ حكمه‏ و ذلك في قوله تعالى في حق الزوجين: «و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها» الاية، فجعل هذا أصلا و قاس عليه بالطريق الأولى حال الامة عند وقوع الشقاق بينهم، و بعين ذلك احتج ابن عباس- رضي الله عنه- على الخوارج حيث أنكروا التحكيم فقالوا: كيف يجوز لعلي أن يحكم في دين الله الرجال؟ فقال لهم: إن ذلك ليس بأمر علي عليه السلام و إنما هو بأمر من الله تعالى في كتابه، إذ يقول في حق الزوجين: «و إن خفتم» الاية أ فترون أنه أمر تعالى بذلك في حق الرجل و امرأته مراعاة لمصلحتهما و لا يأمر بذلك في حق الامة رعيا لمصلحتهم؟ فرجع كثير منهم إلى قوله، و بالله التوفيق.

أقول: و في كلامه هذا موارد من النظر:

1- أن مفاد قوله عليه السلام‏ (و لكنا أجبنا القرآن في حكمه) ليس الإجابة إلى الدعوة بالتحكيم في أمر الإمامة على وجه عرضه معاوية، فان الإمامة تشريع إلهى لا يناله رأى البشر، بل المراد الإجابة إلى حكم القرآن‏ في تعيين أمر الإمامة و بيان أوصاف الإمام مما ينطبق عليه عليه السلام.

2- انه عليه السلام لم يرض بالتحكيم و إنما أكرهوه على ذلك فسكت عما يطلبه‏

ذووا الباس من جنده حفظا لدماء أهله و خصوصا الحسن و الحسين عليهما السلام منهم حيث إنهما إمامان بعده و لا بد من بقائهما و تحملهما أمر الإمامة على ما قرره النبي صلى الله عليه و آله، و قد أوضح عليه السلام ذلك فيما أجاب به رأس اليهود في مصاحبته معه عليه السلام بعد المراجعة من صفين، كما ذكره الشيخ الصدوق رحمه الله في الباب الرابعة عشر من الخصال في ضمن ما يلي به من الامتحان و الابتلاء في زمان حياة النبي صلى الله عليه و آله و بعد مماته، فاكره عليه السلام على التحكيم أولا و على انتخاب أبي موسى الأشعري حكما ثانيا.

3- أن قياس الحكمية في أمر الإمامة بالحكمية في اختلاف الزوجين قياس مع الفارق من وجوه شتى، فان الاختلاف بين الزوجين يرجع إلى حقوقهما الخاصة بهما و لهما الحق على إسقاطها و الطلب بها و التراضى عليها بكل وجه و لكن أمر الإمامة حق إلهى و لا مدخل للرأى و النظر من الناس فيها، و يرجع إلى كافة الرعية فكيف يصح تحكيم جمع أو أفراد فيه، و ما نقله عن ابن عباس لا يصح إلا على وجه الجدال بالأحسن و الاحتجاج على الخصم بما يلتزم به دحضا لشبهته و دفعا لتهمته و إرجاعا له إلى الحق بأى وجه تيسر، و إلا فاية التحكيم بين الزوجين بمعزل عن الإمامة و الخلافة خصوصا على ما التزم به الامامية من أنها لا يثبت إلا بالنص من المعصوم في حق إمام معصوم.

الترجمة

از يك نامه ‏اى كه بمعاويه نگاشته است:

و راستى كه شورش بر حكومت و گفتار دروغ مرد را در ورطه هلاكت دين و دنيا اندازند و كم و كاستى او را نزد تيز بينان و عيب جويان هويدا سازند.

تو بخوبى مى ‏دانى كه آنچه بحكم قضاى حتمى از دست رفته بدست نتوانى آورد، مردمى بنا حق دنبال كارى و مقامى ناشايست آنها رفتند و با هم بر خداوند هم سوگند شدند و خداوند دروغ آنها را فاش ساخت.

بر حذر باش از روزى كه بر هر كه سرانجامش ستوده و رضايت بخش است رشك برند و هر كس شيطانش مهار كشيده و در برابرش مقاومتى نكرده و دنبال او رفته پشيمان است و افسوس مى‏ خورد.

تو ما را بحكم قرآن دعوت كردى با اين كه أهل آن نبودى، و ما هم پاسخ گو و پذيراى دعوت تو نبوديم ولي قرآن را در حكم و فرمانش پذيرا هستيم. و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 46 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )وصیت

نامه 47 صبحی صالح

47- و من وصية له ( عليه ‏السلام  ) للحسن و الحسين ( عليهماالسلام  ) لما ضربه ابن ملجم لعنه الله‏

أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَلَّا تَبْغِيَا الدُّنْيَا وَ إِنْ بَغَتْكُمَا وَ لَا تَأْسَفَا عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا وَ قُولَا بِالْحَقِّ وَ اعْمَلَا لِلْأَجْرِ وَ كُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً وَ لِلْمَظْلُومِ عَوْناً

أُوصِيكُمَا وَ جَمِيعَ وَلَدِي وَ أَهْلِي وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَ نَظْمِ أَمْرِكُمْ وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )يَقُولُ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ

اللَّهَ اللَّهَ فِي الْأَيْتَامِ فَلَا تُغِبُّوا أَفْوَاهَهُمْ وَ لَا يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ‏

 وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ مَا زَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ

وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْقُرْآنِ لَا يَسْبِقُكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ لَا تُخَلُّوهُ مَا بَقِيتُمْ فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَلْسِنَتِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

وَ عَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَ التَّبَاذُلِ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّدَابُرَ وَ التَّقَاطُعَ لَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ

ثُمَّ قَالَ‏يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ خَوْضاً تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا لَا تَقْتُلُنَّ بِي إِلَّا قَاتِلِي

انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هَذِهِ فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ وَ لَا تُمَثِّلُوا بِالرَّجُلِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلم  )يَقُولُ إِيَّاكُمْ وَ الْمُثْلَةَ وَ لَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السادس و الاربعون و من وصية له عليه السلام للحسن و الحسين عليهما السلام لما ضربه ابن ملجم لعنه الله‏

أوصيكما بتقوى الله، و أن لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما، و لا تأسفا على شي‏ء منها زوى عنكما، و قولا بالحق، و اعملا للأجر، و كونا للظالم خصما، و للمظلوم عونا. أوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى الله، و نظم أمركم، و صلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما- صلى الله عليه و آله- يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام. الله الله في الأيتام، فلا تغبوا أفواههم، و لا يضيعوا بحضرتكم و الله الله في جيرانكم، فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم، و الله الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم و الله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم، و الله الله في بيت ربكم، لا تخلوه ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا، و الله الله في الجهاد بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم في سبيل الله، و عليكم بالتواصل و التباذل و إياكم و التدابر و التقاطع، لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهى‏

عن المنكر، فيولى عليكم أشراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم. ثم قال: يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون: قتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين، ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي. انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة، و لا يمثل بالرجل فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه و آله- يقول: «إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور».

اللغة

(لا تبغيا): لا تطلبا، (زوى عنكما): قبض عنكما، (صلاح ذات البين):

الصلح بينكم و ترك الخصومة و ذات ها هنا زائدة مقحمة، (لا تغبوا أفواههم):

لا تطعموهم يوما بعد يوم فتجيعوهم، (لم تناظروا): عجل لكم البلاء و الاستيصال، (المثلة): قطع الاعضاء.

الاعراب‏

الله الله: منصوب على التحذير أى اتقوا الله، إياكم و التدابر: مفعول لمحذوف على التحذير.

المعنى‏

هذه‏ وصية عامة لأهل بيته و غيرهم من المسلمين نظمها في اثنتى عشرة مادة و قدم عليها وصية خاصة لولديه‏ الحسن و الحسين عليهما السلام‏ في ست مواد تالية:

1- ملازمة التقوى‏ 2- ترك طلب‏ الدنيا و إن أقبلت 3- ترك التأسف على فوت امور الدنيا مهما كانت 4- ملازمة القول‏ بالحق‏ 5- العمل للثواب و إدراك أجر الاخرة 6- الخصومة مع‏ الظالم و عون المظلوم‏ للدفاع عنه.

و أما وصاياه العامة:

1- ملازمة التقوى‏

2- التزام‏ النظم‏ في كل الامور، فان عدم رعاية النظم‏ يوجب عدم الوصول إلى المارب و الحوائج.

3- إصلاح‏ ذات البين‏ و ترك الخصومة و النزاع و النفاق.

4- رعاية الأيتام‏ في حفظ مالهم و تغذيتهم و تربيتهم و هو الغير البالغ الذي فقد أباه، قال الشارح المعتزلي: و الظاهر أنه لا يعني‏ الأيتام‏ الذين لهم مال تحت أيدي أوصيائهم، لأن اولئك الأوصياء محرم عليهم أن يصيبوا من أموال اليتامى إلا القدر النزر جدا عند الضرورة ثم يقضونه مع التمكن، و من هذه حاله لا يحسن أن يقال له: لا تغيروا أفواه أيتامكم، و إنما الأظهر أنه يعني الذين مات آباؤهم، و هم فقراء يتعين مواساتهم، و يقبح القعود عنهم، كما قال تعالى:«و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و أسيرا 8- الدهر» و اليتم في الناس من قبل الأب، و في البهائم من قبل الام- إلى أن قال- و لا يسمى الصبي يتيما إلا إذا كان دون البلوغ و إذا بلغ زال اسم اليتم عنه، و اليتامى أحد الأصناف الذين عينوا في الخمس بنص الكتاب العزيز.

5- رعاية الجيران‏، فإن الجار بمنزلة الملتجى‏ء المأمون بالنسبة إلى جاره و من حقه كف السوء عنه و الاحسان و الاعانة بالنسبة إليه، و أبلغ ما روي في حق الجار ما حدثه عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و آله من قوله‏ (ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم).

قال في الشرح المعتزلي: و اللفظ الذي ذكره عليه السلام قد ورد مرفوعا في رواية عبد الله بن عمر لما ذبح شاة، فقال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول: «ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» و في الحديث أن حسن الجوار و صلة الرحم يعمران الديار و يزيدان في الأعمار.و قد ورد في ذم جار السوء أخبار و آثار كثيرة.

6- ملازمة القرآن‏ تعليما و تعلما و ملازمة العمل به‏ و بأحكامه، و قد حذر عليه السلام من المسامحة في ذلك إلى حيث يسبق غير المسلمين عليهم في العمل به كما نشاهده الان من عمل غير المسلمين بأحكام العامة من الصدق و التعاون و الجد في العمل حتى تقدموا على المسلمين في كثير من الامور.

7- ملازمة إقامة الصلاة بالجمعة و الجماعة كما هى سنة الرسول صلى الله عليه و آله، فانها بهذه الكيفية عمود الدين‏ و ملاك تربية المسلمين و جمعهم و تأليف قلوبهم و وحدتهم.

8- ملازمة إقامة شعائر الحج في كل سنة، ليجتمع جميع المسلمين في هذا المعبد الاسلامي العام فيتعارفون و يتعاونون و يشد بعضهم ازر بعض، فان الحج عمود الاجتماع الاسلامي فلو ترك ينثلم الوحدة الاسلامية و لا يناظر المسلمون.

9- الجهاد بالمال و النفس و اللسان، فانه واجب على كل حال بحسب ما اقتضاه الأحوال.

10- التواصل‏ و حفظ الرابطة مع الاخوان المسلمين في شتى البلاد الاسلامية و بذل العون بالمال و الحال بعضهم مع بعض.

11- ترك‏ التدابر و الهجر و القطيعة فانه يوجب المقت و العداوة و سوء الظن و التخاذل.

12- ملازمة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لردع الاشرار عن أعمالهم السوء و قيام الأبرار باجراء الامور النافعة للعامة و الامة، فان التسامح فيهما يوجب تسلط الأشرار و الاستيلاء على موارد القدرة و الثروة في الجامعة الاسلامية و يؤثر الدعاء في دفعهم لتقصير المسلمين و جرهم البلاء على أنفسهم.

ثم وصى عشيرته بالاكتفاء بالقصاص عن‏ القاتل‏ و عدم الأخذ بالظنة و التهمة و عدم الانتقام من سائر الأمة و إن كانوا أعداء و عدم التجاوز على الجاني دون‏ ضربة ارتكبه في قتله.

الترجمة

چون ابن ملجم ملعون ضربت بر سر آن حضرت زد بحسن و حسين عليهما السلام چنين وصيت كرد:

من بشما وصيت مى‏ كنم كه پرهيزكار باشيد و بدنبال دنيا نرويد و گر چه دنيا بدنبال شما آيد، بهر چه از دنيا كه از دست شما بدر رفت افسوس مخوريد، حق بگوئيد، براى ثواب آخرت كار كنيد، دشمن ظالم باشيد و كمك كار مظلوم.

من بشما و همه فرزندان و خاندانم و بهر كس اين نامه من بدو رسد وصيت مى‏ كنم كه:

تقوا پيشه سازيد و كارهاى خود را منظم داريد و با هم خوب باشيد و خوب رفتار كنيد زيرا از جد شما صلى الله عليه و آله شنيدم كه مى ‏فرمود: صلح و صلاح ميان مسلمانان بهتر است از همه گونه نماز و روزه.

خدا را، خدا را در باره كودكان پدر مرده، مبادا آنها را گرسنه بگذاريد و در حضور شما از ميان بروند و نابود گردند.

خدا را، خدا را در باره همسايه‏ هاى شما كه مورد سفارش پيمبر شمايند پيوسته در باره آنان سفارش مى ‏كرد تا آنجا كه پنداشتيم سهمى از ارث برايشان مقرر خواهد داشت.

خدا را، خدا را در باره قرآن، مبادا ديگران در عمل بدان بر شما پيشدستى كنند.

خدا را، خدا را در باره نماز كه ستون دين شما است.

خدا را، خدا را در باره خانه پروردگارتان كعبه معظمه، تا زنده ‏ايد آنرا وانگذاريد زيرا اگر متروك گردد مهلت نخواهيد يافت.

خدا را، خدا را در باره جهاد با مال و جان و زبانتان در راه خدا.

بر شما باد كه با هم پيوسته باشيد و بهم بخشش كنيد، مبادا بهم پشت كنيد و از هم ببريد، امر بمعروف و نهى از منكر را از دست ندهيد كه بدان شما بر شما حكمران‏ گردند و سپس هر چه دعا كنيد پذيرفته نباشد و باجابت نرسد، سپس فرمود:

اى زادگان عبد المطلب و هاشميين، شما را فتنه جو و خونريز نيابم كه دست بخون مسلمانان بيالائيد و بگوئيد: أمير المؤمنين را كشتند، أمير المؤمنين را كشتند «چنانچه معاويه خون عثمان را بهانه كرد و بقتل و غارت مسلمانان پرداخت» نبايد بخاطر كشتن من جز كشنده مرا بكشيد.

متوجه باشيد اگر من بر أثر اين ضربت ابن ملجم كشته شدم و وفات كردم از او با يك ضربت قصاص كنيد، مبادا آن مرد را مثله كنيد و دست و پايش را ببريد، زيرا من خود از رسول خدا صلى الله عليه و آله شنيدم كه مى ‏فرمود: بپرهيزيد از مثله گر چه نسبت بيك سگ گزنده باشد.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 45 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 46 صبحی صالح

46- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى بعض عماله‏

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ وَ أَقْمَعُ بِهِ نَخْوَةَ الْأَثِيمِ وَ أَسُدُّ بِهِ لَهَاةَ الثَّغْرِ الْمَخُوفِ

فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَى مَا أَهَمَّكَ وَ اخْلِطِ الشِّدَّةَ بِضِغْثٍ مِنَ اللِّينِ‏

 وَ ارْفُقْ مَا كَانَ الرِّفْقُ أَرْفَقَ وَ اعْتَزِمْ بِالشِّدَّةِ حِينَ لَا تُغْنِي عَنْكَ إِلَّا الشِّدَّةُ

وَ اخْفِضْ لِلرَّعِيَّةِ جَنَاحَكَ وَ ابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ آسِ بَيْنَهُمْ فِي اللَّحْظَةِ وَ النَّظْرَةِ وَ الْإِشَارَةِ وَ التَّحِيَّةِ حَتَّى لَا يَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ وَ لَا يَيْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الخامس و الاربعون من كتبه عليه السلام و من كتاب له عليه السلام الى بعض عماله‏

أما بعد، فإنك ممن أستظهر به على إقامة الدين، و أقمع به نخوة الأثيم، و أسد به لهاة الثغر المخوف، فاستعن بالله على ما أهمك، و أخلط الشدة بضغث من اللين، و ارفق ما كان الرفق أرفق، و اعتزم بالشدة حين لا يغني عنك إلا الشدة و اخفض للرعية جناحك، و ابسط لهم وجهك، و ألن لهم جانبك، و آس بينهم في اللحظة و النظرة و الإشارة و التحية، حتى لا يطمع العظماء في حيفك، و لا ييأس الضعفاء من عدلك، و السلام.

اللغة

(أستظهر): أجعلك كظهري أتقوى بك، (النخوة): الكبر، (الأثيم):المخطئ المذنب، كنايه (اللهات): ما بين الفكين الأعلى و الأسفل، و هى كناية عن هجوم العدو كالسبع فاتحا فاه لأخذ الصيد، (الضغث): النصيب من الشي‏ء يختلط بغيره.

الاعراب‏

ما كان الرفق: ما مصدرية زمانية و كان صلتها، حتى لا يطمع: لفظة حتى تفيد التعليل.

المعنى‏

لم يشر الشراح إلى من كاتبه عليه السلام بهذا الكتاب و إلى من خاطبه بهذه التوصيات الحكيمة، و لكن يستفاد من قوله عليه السلام‏ (و أسد به لهاة الثغر المخوف) أنه كان من الأمراء و العمال‏ المرابطين في أحد الثغور الهامة الهائلة، و الثغور التي لا بد من المراقبة منها في عصر حكومته على قسمين: منها ما كانت بين المسلمين و الكفار من ناحية المشرق و المغرب، و منها ما كان بين المؤمنين و الفساق في داخل البلاد الاسلامية كثغور الشام و العراق، فان معاوية يحكم في قطعة واسعة من البلاد الاسلامية تمتد من شمال الجزيرة إلى نواحي العراق، و كان يراقب الغرة من المجاهدين المؤمنين الذين يطيعون عليا للفتك بهم و التسلط على ما في يدهم كما فعله بحسان بن حسان البكري عامل علي عليه السلام على أنبار، و ربما يشعر قوله عليه السلام‏ (و اقمع به نخوة الأثيم) على الوجه الثاني كما أن قوله عليه السلام‏ «لهاة الثغر المخوف» لا يخلو من ايماء إلى ذلك فان الثغور الداخلية حينئذ كانت أخوف من الثغور الخارجية المجاورة مع الكفار، و قد ارتكب معاوية أيام الهدنة المضروبة طيلة سنة في قضية الحكمين من العيث و الفساد في نواحي العراق و الحجاز ما لا يرتكبه الكفار في الثغور الاسلامية الخارجية.

و قد أمر علي عليه السلام عامله على محافظة امور ثلاثة:

1- الاعانة على إقامة الدين الذي هو برنامج تربية المسلمين مادة و معنا.

2- قمع العصاة و المخالفين الذين يريدون الفساد و الافساد في حوزة المسلمين.

3- المراقبة على‏ الثغر الاسلامى و الدفاع عن هجوم الأعداء، و أمر عامله بالاستعانة على ما يهمه من‏ الله‏ تعالى و الاستمداد من سياسة ذات جهتين مخلوطة و مركبة من‏ الرفق‏ و الشدة و اللين‏ و الضغط، بحسب ما يعترضه من الحوادث و العوارض تجاه العدو و المخالف، فان مدار التدبير و السياسة على الانذار و التبشير و الاحسان و التقتير كما قال الشاعر:

فوضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى و وصاه في معاملته مع الرعايا المطيعين بمراعاة أربعة امور:

1- التواضع لهم و خفض الجناح تجاههم لحفظ حرمتهم و عدم إظهار الكبرياء في وجوههم كما أمر الله نبيه صلى الله عليه و آله في السلوك مع المؤمنين فقال تعالى: «و اخفض جناحك للمؤمنين‏ 88- الحجر».

2- لقائهم بالبشر و البشاشة و الفرح للدلالة على مودتهم و لتحكيم الرابطة الاخوية معهم 3- الاستيناس بهم و التلطف معهم ليطمئنوا برحمة الحكومة و يخلصوا لها ايمانهم بها.

4- المواساة بينهم و رفع التبعيض بحيث ينسلكون في نظم الأخوة الاسلامية كملا، و لا يطمع العظماء و أرباب الثروة و النفوذ في سوء الاستفادة من الحاكم في الظلم على‏ الضعفاء، و لا ييئس الضعفاء من عدل‏ الحاكم و الشكاية عن الظالم.

الترجمة

در نامه ‏اى بيكى از كارگزاران خود چنين مى‏ نويسد:

أما بعد، تو يكى از كسانى هستى كه من براى پايدار كردن دين بدانها پشت گرم هستم، و سر بزرگى گنهكار را بوسيله آنها مى‏ كوبم، و مرز معرض هجوم و بيمناك را مسدود مى‏ سازم، از خدا در كارهائى كه بعهده تو است يارى بجو، سخت گيرى را با اندكى نرمش در آميز، تا آنجا كه نرمش براى پيشرفت كارت هموارتر است نرمش كن، و چون جز سخت گيرى چاره‏ اى نماند بر دشمن سخت‏گير.

در برابر رعيت فرمانبر تواضع پيشه كن و بزرگى بدانها مفروش، با خوشروئى با آنها روبرو شو، و آنانرا بخود راه بده و مأنوس كن، و مساوات و برابرى كامل را ميان آنها رعايت كن تا آنجا كه نگاه و توجه و إشاره و درود را ميان همه پخش كنى و برابرى را رعايت كنى تا آنكه بزرگان و أرباب نفوذ در طرفدارى و ستم تو طمع نورزند و بوسيله تقرب بتو بر ديگران ستم نكنند و بينوايان از عدالت و داد خواهيت نوميد نگردند، و از شكايت ستمكاران دم در نبندند.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 44 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 45 صبحی صالح

  45- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى عثمان بن حنيف الأنصاري و كان عامله على البصرة و قد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها، فمضى إليها قوله:

أَمَّا بَعْدُ يَا ابْنَ حُنَيْفٍ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إِلَى مَأْدُبَةٍ فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا تُسْتَطَابُ لَكَ الْأَلْوَانُ وَ تُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ

وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلَى طَعَامِ قَوْمٍ عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ وَ غَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُهُ‏                    

مِنْ هَذَا الْمَقْضَمِ فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ وَ مَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ

أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً يَقْتَدِي بِهِ وَ يَسْتَضِي‏ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ أَلَا وَ إِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ وَ مِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ أَلَا وَ إِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَ لَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ وَ عِفَّةٍ وَ سَدَادٍ

فَوَاللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً وَ لَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً وَ لَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً

وَ لَا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً وَ لَا أَخَذْتُ مِنْهُ إِلَّا كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ وَ لَهِيَ فِي عَيْنِي أَوْهَى وَ أَوْهَنُ مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ بَلَى كَانَتْ فِي أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كُلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّمَاءُ فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وَ سَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ آخَرِينَ وَ نِعْمَ الْحَكَمُ اللَّهُ

وَ مَا أَصْنَعُ بِفَدَكٍ وَ غَيْرِ فَدَكٍ وَ النَّفْسُ مَظَانُّهَا فِي غَدٍ جَدَثٌ تَنْقَطِعُ فِي ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا وَ تَغِيبُ أَخْبَارُهَا وَ حُفْرَةٌ لَوْ زِيدَ فِي فُسْحَتِهَا وَ أَوْسَعَتْ يَدَا حَافِرِهَا لَأَضْغَطَهَا الْحَجَرُ وَ الْمَدَرُ وَ سَدَّ فُرَجَهَا التُّرَابُ الْمُتَرَاكِمُ

وَ إِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ وَ تَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ

وَ لَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ وَ لُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ وَ نَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ وَ لَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ وَ يَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الْأَطْعِمَةِ وَ لَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَ لَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ

أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَ حَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَ أَكْبَادٌ حَرَّى أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ

 وَ حَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ            وَ حَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ

أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ

فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلَافِهَا وَ تَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا أَوْ أُتْرَكَ سُدًى أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلَالَةِ أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ

وَ كَأَنِّي بِقَائِلِكُمْ يَقُولُ إِذَا كَانَ هَذَا قُوتُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَدْ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ عَنْ قِتَالِ الْأَقْرَانِ وَ مُنَازَلَةِ الشُّجْعَانِ أَلَا وَ إِنَّ الشَّجَرَةَ الْبَرِّيَّةَ أَصْلَبُ عُوداً وَ الرَّوَاتِعَ الْخَضِرَةَ أَرَقُّ جُلُوداً وَ النَّابِتَاتِ الْعِذْيَةَ أَقْوَى وَقُوداً وَ أَبْطَأُ خُمُوداً.

وَ أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَالضَّوْءِ مِنَ الضَّوْءِ وَ الذِّرَاعِ مِنَ الْعَضُدِ وَ اللَّهِ لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَى قِتَالِي لَمَا وَلَّيْتُ عَنْهَا وَ لَوْ أَمْكَنَتِ الْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا

وَ سَأَجْهَدُ فِي أَنْ أُطَهِّرَ الْأَرْضَ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ الْمَعْكُوسِ وَ الْجِسْمِ الْمَرْكُوسِ حَتَّى تَخْرُجَ الْمَدَرَةُ مِنْ بَيْنِ حَبِّ الْحَصِيدِ

وَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَ هُوَ آخِرُهُ

إِلَيْكِ عَنِّي يَا دُنْيَا فَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ قَدِ انْسَلَلْتُ مِنْ مَخَالِبِكِ وَ أَفْلَتُّ مِنْ حَبَائِلِكِ وَ اجْتَنَبْتُ الذَّهَابَ فِي مَدَاحِضِكِ

أَيْنَ الْقُرُونُ الَّذِينَ غَرَرْتِهِمْ بِمَدَاعِبِكِ أَيْنَ الْأُمَمُ الَّذِينَ فَتَنْتِهِمْ بِزَخَارِفِكِ فَهَا هُمْ رَهَائِنُ الْقُبُورِ وَ مَضَامِينُ اللُّحُودِ

وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتِ شَخْصاً مَرْئِيّاً وَ قَالَباً حِسِّيّاً لَأَقَمْتُ عَلَيْكِ حُدُودَ اللَّهِ فِي عِبَادٍ غَرَرْتِهِمْ بِالْأَمَانِيِّ وَ أُمَمٍ أَلْقَيْتِهِمْ فِي الْمَهَاوِي وَ مُلُوكٍ أَسْلَمْتِهِمْ إِلَى التَّلَفِ وَ أَوْرَدْتِهِمْ مَوَارِدَ الْبَلَاءِ إِذْ لَا وِرْدَ وَ لَا صَدَرَ

هَيْهَاتَ مَنْ وَطِئَ دَحْضَكِ زَلِقَ وَ مَنْ رَكِبَ لُجَجَكِ غَرِقَ وَ مَنِ ازْوَرَّ عَنْ حَبَائِلِكِ وُفِّقَ وَ السَّالِمُ مِنْكِ لَا يُبَالِي إِنْ ضَاقَ بِهِ مُنَاخُهُ وَ الدُّنْيَا عِنْدَهُ كَيَوْمٍ حَانَ انْسِلَاخُهُ

اعْزُبِي عَنِّي فَوَاللَّهِ لَا أَذِلُّ لَكِ فَتَسْتَذِلِّينِي وَ لَا أَسْلَسُ لَكِ فَتَقُودِينِي وَ ايْمُ اللَّهِ يَمِيناً أَسْتَثْنِي فِيهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ لَأَرُوضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهِشُّ مَعَهَا إِلَى الْقُرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مَطْعُوماً وَ تَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً

وَ لَأَدَعَنَّ مُقْلَتِي كَعَيْنِ مَاءٍ نَضَبَ مَعِينُهَا مُسْتَفْرِغَةً دُمُوعَهَا

أَ تَمْتَلِئُ السَّائِمَةُ مِنْ رِعْيِهَا فَتَبْرُكَ وَ تَشْبَعُ الرَّبِيضَةُ مِنْ عُشْبِهَا فَتَرْبِضَ وَ يَأْكُلُ عَلِيٌّ مِنْ زَادِهِ فَيَهْجَعَ قَرَّتْ إِذاً عَيْنُهُ إِذَا اقْتَدَى بَعْدَ السِّنِينَ الْمُتَطَاوِلَةِ بِالْبَهِيمَةِ الْهَامِلَةِ وَ السَّائِمَةِ الْمَرْعِيَّةِ

طُوبَى لِنَفْسٍ أَدَّتْ إِلَى رَبِّهَا فَرْضَهَا وَ عَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا وَ هَجَرَتْ فِي اللَّيْلِ غُمْضَهَا حَتَّى إِذَا غَلَبَ الْكَرَى عَلَيْهَا افْتَرَشَتْ أَرْضَهَا وَ تَوَسَّدَتْ كَفَّهَا فِي مَعْشَرٍ أَسْهَرَ عُيُونَهُمْ خَوْفُ مَعَادِهِمْ وَ تَجَافَتْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ جُنُوبُهُمْ

وَ هَمْهَمَتْ بِذِكْرِ رَبِّهِمْ شِفَاهُهُمْ وَ تَقَشَّعَتْ بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِمْ ذُنُوبُهُمْ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏

فَاتَّقِ اللَّهَ يَا ابْنَ حُنَيْفٍ وَ لْتَكْفُفْ أَقْرَاصُكَ لِيَكُونَ مِنَ النَّارِ خَلَاصُكَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الرابع و الاربعون و من كتاب له عليه السلام الى عثمان بن حنيف الانصارى، و هو عامله على البصرة، و قد بلغه أنه دعى الى وليمة قوم من أهلها فمضى اليها.

[الفصل الأول من الكتاب‏]

أما بعد، يا ابن حنيف فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة

دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان، و تنقل إليك الجفان، و ما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو، و غنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، و ما أيقنت بطيب وجوهه [وجهه‏] فنل منه. ألا و إن لكل مأموم إماما يقتدي به، و يستضي‏ء بنور علمه ألا و إن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، و من طعمه بقرصيه، ألا و إنكم لا تقدرون على ذلك، و لكن أعينوني بورع و اجتهاد و عفة و سداد، فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، و لا ادخرت من غنائمها وفرا، و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا.

اللغة

(الفتية): ج فتى كفتيان و فتو الشاب و الجواد، (المأدبة) بضم الدال:

طعام يدعى إليه الجماعة و أدب القوم يأدبهم بالكسر أى دعاهم إلى طعامه، (الألوان): أنواع من الطعام اللذيذ، (الجفان): جمع جفن، و هو القصعة الكبيرة، (العائل): الفقير، (مجفو): مفعول من جفاه أي معرض عنه يقال:

جفوت الرجل أجفوه إذا أعرضت عنه، (المقضم): معلف الدابة، يأكل منه الشعير بأطراف أسنانه، و الفضم: الأكل بأطراف الأسنان إذا أكل يابسا يقال:

قضمت الدابة شعيرها من باب تعب و من باب ضرب لغة: كسرته بأطراف أسنانها- مجمع البحرين-، و (لفظت) الشي‏ء من فمي ألفظه لفظا من باب ضرب:

رميت به، (الطمر) بالكسر هو الثوب الخلق العتيق أو الكساء البالي من غير الصوف- مجمع-.

الاعراب‏

تستطاب لك الألوان: جملة حالية عن المخاطب و ما بعدها عطف إليها، تجيب إلى طعام قوم، مفعول ثان لقوله ظننت، و جملة: عائلهم مجفو، مبتدأ و خبر حال عن القوم و ما بعدها عطف إليها.

المعنى‏

عثمان بن حنيف‏، بضم الحاء، ابن واهب بن الحكم بن ثعلبة بن الحارث‏ الأنصاري‏ الأوسي أخو سهل بن حنيف أحد الأمجاد من الأنصار، أخذ من النبي صلى الله عليه و آله العلم و التربية و بلغ الدرجة العالية فنال مناصب كبرى، قال في الشرح المعتزلي: «عمل لعمر ثم لعلي و ولاه عمر مساحة الأرض و جبايتها بالعراق، و ضرب الخراج و الجزية على‏ أهلها، و ولاه علي‏ عليه السلام على البصرة، فأخرجه طلحة و الزبير منها حين قدماها».

و يظهر من ذلك أنه كان رجلا بارعا في علم الاقتصاد و السياسة معا فاستفاد منه عمر من الناحية الاقتصادية و فوض إليه أمر الخراج و الجزية و هو من أهم الامور في هذا العصر و خصوصا في أرض العراق العامرة، و كان من خواص علي عليه السلام و من السابقين الذين رجعوا إليه و أخلصوا له، قال في الرجال الكبير بعد ترجمته: «هو من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام، قاله الفضل ابن شاذان» و كلمة السابقين في وصفه مأخوذ من قوله تعالى في سورة البراءة الاية 100 «و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم و رضوا عنه و أعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم» و كفى له بذلك مدحا و إخلاصا له عليه السلام فإن الاية تخصص السابقين الأولين من الأنصار و المهاجرين بهذه الفضيلة التي لا فضيلة فوقها، و السبق و التقدم إنما هو بقبول ولاية أمير المؤمنين فإنها ميزان الايمان‏ و الإخلاص لله و رسوله و دليل البراءة من النفاق و المطامع الدنيوية.

و مؤاخذته عليه السلام بمجرد إجابة دعوة من بعض فتيان البصرة و تشديده في توبيخه بهذه الجمل البالغة في الطعن و المذمة دليل آخر على علو رتبته و سمو درجة ايمانه و أنه لا ينبغي من مثله إجابة مثل تلك الدعوة و الاشتراك في حفلة ضيافة تعقد لكسب الشهرة، أو جلب المنفعة، أو الانهماك في اللذة و الغفلة، أو الاستمتاع بالأغذية اللذيذة، فظاهر الكتاب الموجه على‏ عثمان بن حنيف‏ بالعتاب توبيخ عنيف على ارتكابه خلافا عظيما يستحق به هذا التوبيخ الشديد الذي آلم من الضرب بالسوط، أو الحبس إلى حين الموت، فلا بد من التدبر في امور:

الاول: ما هو جوهر هذا الخلاف الذي ارتكبه هذا الوالي الذي فوض إليه إدارة امور ثغر هام من الثغور الاسلامية في هذا الزمان، فالبصرة أحد الثغور الهامة الاسلامية في تينك العصور تضاهي مركزية الكوفة و مصر و الشام، و قد انتخبه عليه السلام واليا له و فوض إليه إدارة شئونه و سياسة نظامه في هذا الموقف الرهيب، فكيف يؤبخه و يؤنبه بهذه الجمل القاسية ملؤها الوهن و الاستضعاف فهذا الخلاف يحتمل وجوها:

1- أنه مجرد إجابة دعوة الاشتراك في‏ وليمة لذيذة هيئت للتفريح و الانس مع الأحباب و الأقران.

2- اعدت هذه الوليمة على حساب استمالة الوالي و النفوذ فيه للاستفادة منه في شتى المقاصد المرجوعة إليه و للاعتماد عليه في تنفيذ الحوائج كما هو عادة ذوي النفوذ و الجاه في كل بلد، فإن شأنهم تسخير عمال الدولة بالتطميع و الإحسان للاستمداد منه في مقاصدهم.

3- إن هذه الوليمة اعدت من عصابة مخالفة لعلي عليه السلام و موالية لمعاوية و أعوانه فهي حفلة مؤامرة ضد علي عليه السلام و الهدف منها جلب الوالي إلى الموافقة مع مقاصد سياسة هامة و صرف‏ عثمان بن حنيف‏ عن موالاته عليه السلام إلى معاداته كما فعل‏ معاوية مع‏ زياد بن أبيه‏ بعد ذلك، فانه أحد أعوان علي عليه السلام و أحد ولاته‏ المسيسن، و له يد في تقوية حكومته فاستجلبه معاوية بالمكائد و المواعيد و أثبته أخا لجلبه من موالاة علي عليه السلام إلى معاداته، و استفاد منه أكثر استفادة في حكومته.

و ما ذكره عليه السلام في كتابه هذا يناسب الوجه الثالث، فانه موقف خطر يحتاج إلى الحذر منه أشد الحذر فشرع عليه السلام يوبخ عثمان في قبول هذه الدعوة و الإسراع‏ إليها و تقبل ما أعدوه له من النذل من إعداد الأطعمة الطيبة المختلفة الألوان‏ و تقديم الأقداح الكبيرة في الخوان، و أشار عليه السلام إلى أن هذه الوليمة مما لم يقصد به رضاء الله و إكرام والي ولي الله، و إلا فيشترك فيه ذووا الحاجة و الفقراء من الجيران و سائر المسلمين و لم يخصصوا الدعوة بالأغنياء و ذوي النفوذ و الثروة.

ثم أشار عليه السلام إلى أن الحاضرين حول هذه الخوان من الغافلين المنهمكين في اللذات المادية، فعبر عن الخوان‏ بالمقضم‏ و هو ما يعد فيه علف الدابة من التبن و الشعير، و تعبيره عليه السلام يعم كل خوان و مطعم مهيا لأمثال هؤلاء المفتونين بأمر الدنيا.

و قوله عليه السلام‏ (فما اشتبه عليك علمه فالفظه) يحتمل وجهين:

1- أن يكون المقصود منه بيان الأصل في الأموال و أن الأصل فيها التحريم و لزوم الاحتياط و التحرز إلا ما ثبت حله بوجه شرعي كما ورد في الحديث أنه: لا يحل مال إلا من حيث ما أحله الله، فالأصل في المال المشتبه الحل و الحرمة التحريم و إن قلنا في غيره بالحلية و هو الظاهر من قوله عليه السلام‏ «فما اشتبه عليك علمه فالفظه» و لكن يشكل عليه بأنه لا ينطبق على المورد لأن مورد الكتاب الأكل من مأدبة الضيافة و دليل حلها هو ظاهر يد المسلم و إصالة اليد دليل عام يتكى عليه في اكثر المعاملات و المبادلات.

2- أن يكون المقصود تحقيق الحلال الواقعي و عدم الاكتفاء بالأمارات و الأدلة المحتملة للخلاف تحصيلا للورع عن الحرام الواقعي، كما يستفاد من‏ قوله عليه السلام‏ (و ما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه) فيستفاد منه أنه قرر على عماله احتياطا في الدين فوق حد العدالة التي كانت شرطا في تصدي هذه المناصب الجليلة.

قال ابن ميثم في شرح المقام: «و يفهم منه بحسب التأديب الأول أن التنزه عن هذا المباح أفضل له من تناوله» فحمل كلامه عليه السلام على الوجه الثاني و هو أوضح، لأن مقام هذا الصحابي الكبير أجل من أن ينال ما لا يحل له من الطعام جهلا بالمسألة أو تسامحا في أمر دينه فكان هذا التشدد منه عليه السلام عليه لعلو رتبته، فنبه عليه السلام على أنه لا يليق هذا العمل بمثله و إن كان لا بأس عليه لغيره ممن لم ينل مقامه في العلم و الورع.

ثم توجه عليه السلام إلى بيان منظمة لعماله أو مطلق شيعته، و لخصها في كلمتين:

1- الاقتداء بالامام‏ في العمل و السيرة.

2- الاستضائة من‏ نور علمه‏ و الأخذ بدستوره في كل الامور، و الاقتداء بالامام عملا و أخذ دستور العمل منه، كلاهما سلوك طريق النجاة و لكن الثاني أعم، فانه يشمل الغايب عن محضر الامام و يشمل التكاليف الخاصة بالمأموم‏ دون الامام، و هى كثيرة جدا.

ثم لخص عليه السلام سيرته في كلمتين لتكون مدار العمل لعماله و للاقتداء به عليه السلام:

1- الاكتفاء من رياش الدنيا و لباسها و زينتها بطمرين أى ثوبين باليين إزار و رداء من غير صوف يلبسه أحوج الناس.

2- الاكتفاء من طعامها و غذائها و لذائذها بقرصين من خبز الشعير اليابس الفارغ عن الادام.

و قد مثل عليه السلام في هذه الكلمتين الزهد بأدق معانيه و أشق ما فيه بحيث جعله من كراماته و أنه مما لا يقدر على العمل به غيره فقال عليه السلام: (ألا و إنكم لا تقدرون على ذلك).

ثم نظم برنامجا تربويا لعماله و من يتصدي إدارة امور حكومته في أربع مواد:

1- الورع‏- و هو تحصن النفس عن الرذائل و الاجتناب عن المحارم و المحرمات.

2- الاجتهاد- في تحري الحقيقة و العمل على مقتضي الوظيفة و تحمل الكد و الاذى في سبيل الحق.

3- العفة- و هى ضبط النفس عما لا يحل و لا ينبغي من المشتهيات و ما فيه الرغبات.

4- السداد- و هو تحكيم المعرفة بالامور و الأخذ باليقين و تحكيم العمل و الدقة في تقرير شرايطه و كيفياته و عدم التسامح فيه.

و قد بقي في المقام نكتة و هى أنه ربما يزهد بعض الناس في معاشهم حبا بجمع المال و ادخاره، فيعيشون عيش الفقراء و يكنزون الذهب و الفضة و يقتنون العقار و الدار فقال عليه السلام‏ (فو الله ما كنزت من دنياكم تبرا و لا ادخرت من غنائمها وفرا و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا)، و زاد في متن الكتاب في شرح ابن أبي الحديد «ج 16 ط مصر»: «و لا حزت من أرضها شبرا، و لا أخذت منه إلا كقوت اتان دبرة» و هى التي عقر ظهرها فقل أكلها.

ثم بين إحساسه من الدنيا التي يطلبها أهلها و يجهدون في طلبها و أنه من النفرة و الانزجار إلى أقصى حد، فقال «دنياكم‏ في عيني أهون من عفصة مقرة» و العفصة حبة كالبندقة تستعمل في دبغ الجلود و يتخذ منها الحبر- كما في مجمع البحرين- أى من طعم هذه الحبة المرة و هى في نهاية النفور.

بقية من المختار الرابع و الاربعين من كتبه عليه السلام‏

بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم، و سخت عنها نفوس [قوم‏] آخرين، و نعم الحكم الله‏ و ما أصنع بفدك و غير فدك، و النفس مظانها في غد جدث، تنقطع في ظلمته آثارها، و تغيب أخبارها، و حفرة لو زيد في فسحتها، و أوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر و المدر، و سد فرجها التراب المتراكم، و إنما هى نفسي أروضها بالتقوى لتأتى آمنة يوم الخوف الأكبر، و تثبت على جوانب المزلق.

اللغة

(فدك): قرية من قرى اليهود بينها و بين مدينة النبي صلى الله عليه و آله يومان، و بينها و بين خيبر دون مرحلة- مجمع البحرين-، (الشح): البخل مع حرص فهو أشد من البخل، (سخوت) نفسي عن الشي‏ء: تركته، (الجدث): القبر، (أضغطها الحجر): جعلها ضاغطة، (المظان) جمع مظنة: موضع الشي‏ء و مألفه الذي يكون فيه.

الاعراب‏

في أيدينا: ظرف مستقر خبر كانت و قوله: فدك، اسم لها، من كل:جار و مجرور و ما موصولية و جملة أظلته السماء صلتها و جملة الظرف في محل الحال من فدك، و النفس مظانها في غد جدث: جملة حالية، و قوله: حفرة، عطف على جدث.

المعنى‏

لما قال عليه السلام‏ «و لا حزت من أرضها شبرا» توجه إلى ماض بعيد و هو بعيد وفاة النبي صلى الله عليه و آله فقال: (كانت في أيدينا فدك) فبخلت بها قوم‏، سلبوها و أخذوها من‏ أيدينا غصبا و هم المتصدون لغصب خلافته خوفا منهم أن يجمع الناس حول أهل البيت برجاء هذا المال فأيدوهم و استردوا حقهم‏ (و سخت عنها نفوس‏ آخرين) يظهر من بعض الشراح أن المراد من‏ نفوس آخرين‏ هم أهل البيت أى تركوها في أيدي الغاصبين و انصرفوا عنها قال الشارح المعتزلي: و سخت عنها نفوس آخرين‏ أى سامحت و أغضت و ليس يعني بالسخاء ها هنا إلا هذا لا السخاء الحقيقي لأنه عليه السلام و أهله لم يسمحوا بفدك‏ إلا غصبا و قسرا.

أقول: يمكن أن يكون المراد من‏ الاخرين‏ هم الأنصار حيث سكتوا عن مطالبة حقهم و قعدوا عن نصرتهم لاسترداده و إن لم يبخلوا بكونها في أيديهم و هذا هو الظاهر لأنه عليه السلام في مقام الشكوى إلى الله عمن ظلمه و أهله في غصب‏ فدك‏ و قد سامح الأنصار في نصرته لردها بعد مطالبتها من جانب فاطمة عليها السلام.

قال في الشرح المعتزلي: قال أبو بكر: حدثني أبو زيد عمر بن شبة قال:حدثنا حيان بن بشر، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا ابن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، قال: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله صلى الله عليه و آله أن يحقن دمائهم و يسيرهم ففعل، فسمع ذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، و كانت للنبي صلى الله عليه و آله خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.

و قال ابن ميثم: ثم المشهور بين الشيعة و المتفق عليه عندهم أن رسول الله صلى الله عليه و آله أعطاها فاطمة عليها السلام و رووا ذلك من طرق مختلفة.

منها: عن أبي سعيد الخدري قال لما انزلت «و آت ذا القربى حقه 31- الروم:» أعطى رسول الله صلى الله عليه و آله فاطمة فدك، فلما تولى أبو بكر الخلافة عزم على أخذها منها فأرسلت إليها يطالبها بميراثها من رسول الله صلى الله عليه و آله و تقول: إنه أعطاني فدكا في حياته و استشهدت على ذلك عليا عليه السلام و ام أيمن فشهدا لها بها فأجابها عن الميراث بخبر رواه هو: نحن معاشر الأنبياء لا نورث فما تركناه فهو صدقة، و عن دعوى فدك: أنها لم تكن للنبي و إنما كانت للمسلمين في يده يحمل بها الرجال و ينفقه في سبيل الله و أنا أليه كما كان يليه.

و في شرح المعتزلي قال: أبو بكر و حدثني محمد بن أحمد بن يزيد، عن عبد الله بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن بن حسن قالوا جميعا:لما بلغ فاطمة عليها السلام إجماع أبي بكر على منعها فدك، لاثت خمارها، و أقبلت في لمة من حفدتها و نساء قومها تطأ في ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه و آله حتى دخلت على أبي بكر و قد حشد الناس من المهاجرين و الأنصار، فضرب بينها و بينهم ريطة بيضاء و قال بعضهم: قبطية و قالوا قبطية، بالكسر و الضم، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء، ثم أمهلت طويلا حتى سكنوا من فورتهم، ثم قالت:

أبتدء بحمد من هو أولى بالحمد و الطول و المجد، الحمد لله على ما أنعم و له الشكر بما ألهم، و ذكر خطبة جيدة قالت في آخرها:فاتقوا الله حق تقاته، و أطيعوه فيما أمركم به، فانما يخشى الله من عباده العلماء، و احمدوا الله الذي بعظمته و نوره يبتغي من في السماوات و الأرض إليه الوسيلة، و نحن وسيلته في خلقه، و نحن خاصته، و محل قدسه، و نحن حجته في غيبه، و نحن ورثة أنبيائه،

ثم قالت:أنا فاطمة بنت محمد، أقول عودا على بدء و ما أقول ذلك سرفا و لا شططا فاسمعوا بأسماع واعية، و قلوب داعية، ثم قالت: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم‏: 128- التوبة» فان تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم، و أخا ابن عمي دون رجالكم.

ثم ذكرت كلاما طويلا، سنذكره فيما بعد في الفضل الثاني، ثم أنتم الان تزعمون أن لا إرث لي «أ فحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون‏: 50- المائدة» ايها معاشر المسلمين، ابتز إرث أبي، أبى الله أن ترث يا ابن أبي قحافة أباك و لا أرث أبي، لقد جئت شيئا فريا، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله‏، و الزعيم محمد، و الموعد القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و لكل نبأ مستقر و سوف تعلمون، من يأتيه عذاب يخزيه و يحل‏ عليه عذاب مقيم، ثم التفت إلى قبر أبيها فتمثلت بقول هند بنت أثاثه:

قد كان بعدك أنباء و هيمنة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب‏
أبدت رجال لنا نجوى صدورهم‏ لما قضيت و حالت دونك الكتب‏
تجهمتنا رجال و استخف بنا إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب‏

قال: و لم ير الناس أكثر باك و لا باكية منهم يومئذ: ثم عدلت إلى مسجد الأنصار فقالت: يا معشر البقية، و أعضاد الملة، و حضنة الاسلام، ما هذه الفترة عن نصرتي، و الونية عن معونتي، و الغمزة في حقي، و السنة عن ظلامتي، أما كان رسول الله صلى الله عليه و آله يقول: «المرء يحفظ في ولده» سرعان ما أحدثتم، و عجلان ما أتيتم، الان مات رسول الله صلى الله عليه و آله أمتم دينه، ها إن موته لعمري خطب جليل استوسع و هنه، و استبهم فتقه، و فقد راتقه، و اظلمت الأرض له، و خشعت الجبال و أكدت الامال، اضيع بعده الحريم، و هتكت الحرمة، و اذيلت المصونة، و تلك نازلة أعلن بها كتاب الله قبل موته، و أنبأكم بها قبل وفاته، فقال «و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أ فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاكرين‏: 144- آل عمران».

ايها بنى قيلة أ أهتضم تراث أبي، و أنتم بمرأى و مسمع، تبلغكم الدعوة و يشملكم الصوت، و فيكم العدة و العدد، و لكم الدار و الجنن، و أنتم نخبة الله التي انتخب، و خيرته التي اختار، باديتم العرب، و بادهتم الامور، و كافحتم البهم، حتى دارت بكم رحى الاسلام، و در حلبه، و خبت نيران الحرب، و سكنت فورة الشرك، و هدأت دعوة الهرج، و استوثق نظام الدين، أفتأخرتم بعد الإقدام، و نكصتم بعد الشدة، و جبنتم بعد الشجاعة عن قوم «إن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم و طعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون‏» ألا و قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، و ركنتم إلى الدعة، فجحدتم الذي وعيتم، و سغتم الذي سوغتم، و إن تكفروا أنتم و من في الأرض جميعا فان الله لغني حميد.

ألا و قد قلت لكم ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، و خور القناة، و ضعف اليقين، فدونكموها فاحتووها مدبرة الظهر، ناقبة الخف، باقية العار، موسومة الشعار، موصولة ب نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، فبعين الله ما تعملون، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‏.

و حدث بسنده عن عوانة بن الحكم قال: لما كلمت فاطمة عليها السلام أبا بكر بما كلمته به حمد أبو بكر الله و أثنى عليه و صلى على رسوله، ثم قال: يا خيرة النساء و ابنة خير الاباء: و الله ما عدوت رأى رسول الله صلى الله عليه و آله، و ما عملت إلا بأمره، و إن الرائد لا يكذب أهله، و قد قلت فأبلغت و أغلظت فأهجرت، فغفر الله لنا و لك، أما بعد، فقد دفعت آلة رسول الله و دابته و حذاءه إلى على عليه السلام، و أما ما سوى ذلك فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول «إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا و لا فضة و لا أرضا و لا عقارا و لا دارا و لكنا نورث الايمان و الحكمة و العلم و السنة» فقد عملت بما أمرني و نصحت له، و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه انيب.

قال أبو بكر: و روى هشام بن محمد، عن أبيه قال: قالت فاطمة لأبي بكر:إن أم أيمن تشهد لي أن رسول الله صلى الله عليه و آله أعطاني فدك، فقال لها: يا ابنة رسول الله، و الله ما خلق الله خلقا أحب إلى من رسول الله صلى الله عليه و آله أبيك و لوددت أن السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك، و الله لأن تفتقر عائشة أحب إلي من أن تفتقري، أ تراني اعطى الأحمر و الأبيض حقه و أظلمك حقك، و انت بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم، إن هذا المال لم يكن للنبي صلى الله عليه و سلم، و إنما كان مالا من أموال المسلمين يحمل به النبي الرجال، و ينفقه في سبيل الله، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم وليته كما كان يليه،

قالت:و الله لا كلمتك أبدا، قال: و الله لا هجرتك أبدا، قالت: و الله لأدعون الله عليك قال: و الله لأدعون الله لك، فلما حضرتها الوفاة أوصت ألا يصلى عليها، فدفنت ليلا، و صلى عليها عباس بن عبد المطلب، و كان بين وفاتها و وفاة أبيها اثنتان‏ و سبعون ليلة.

قال أبو بكر: و حدثني محمد بن زكريا، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة بالإسناد الأول قال: فلما سمع أبو بكر خطبتها شق عليه مقالتها، فصعد المنبر و قال: أيها الناس ما هذه الرعة إلى كل قالة، أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم، ألا من سمع فليقل، و من شهد فليتكلم، إنما هو ثعالة شهيده ذنبه، مرب لكل فتنة، هو الذي يقول كروها جذعة بعد ما هرمت، يستعينون بالضعفة، و يستنصرون بالنساء، كام طحال أحب أهلها إليها البغي ألا إني لو أشاء أن أقول لقلت، و لو قلت لبحت، إني ساكت ما تركت.

ثم التفت إلى الأنصار فقال: قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم، و أحق من لزم عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم أنتم، فقد جاءكم فاويتم و نصرتم، ألا إني لست باسطا يدا و لا لسانا على من لم يستحق ذلك منا، ثم نزل، فانصرفت فاطمة إلى منزلها.

أقول: هذا شطر مما ورد في أمر فدك عن طرق أهل السنة، ذكرناه بنصه عن الشرح المعتزلي، و قد بحث الفريقان في هذه المسألة بحثا وافيا لا مزيد عليه، و أولوا ما ورد فيه و ما صدر من النصوص بكل وجه ممكن لتأييد كل فريق مذهبه و كفى في ذلك ما نقله الشارح المعتزلي عن قاضى القضاة و ما نقله من النقد و الرد عليه من السيد المرتضى- رحمه الله- و ما علق على نقوض السيد المرتضى انتصارا لقاضى القضاة، من أراد الاطلاع فليرجع إليه، و نحن نلخص البحث في أمر فدك بما يلي:

الاول: لا خلاف و لا شك في أن فدك كانت ملكا صافيا خالصا لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، لأن أهلها ملكوها إياها صلحا على أن يزرعوها بنصف عوائدها، و ما روي من أنه صلى الله عليه و آله صالحهم على النصف محمول على العوائد لا على صلب الملك و لا ينافي مع ما دل على أن أهلها صالحوه على جميعها، و الدليل على ذلك من وجوه:

1- قوله تعالى: «و ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب و لكن الله يسلط رسله على من يشاء و الله على كل شي‏ء قدير: 6- الحشر».

ظاهر هذه الاية أن ما أعطاه الله رسوله من أهل القرى من غير ايجاف الخيل و الركاب و زحف المجاهد و المحارب فهو خاصة للرسول لا يشترك فيه سائر المسلمين كأرض صالح أهلها مع النبي صلى الله عليه و آله و سلموها إليه أو باد أهلها أو تركوها و هاجروا منها، و فدك مما سلمها أهلها إلى النبي صلى الله عليه و آله من دون حرب و زحف، فهي له خاصة، و الاية التالية تنظر إلى الفى‏ء الذي اخذ عنوة، فهو للنبي صلى الله عليه و آله و ذوى القربى و غيرهم.

2- اعتراف أبي بكر بأنه للنبي صلى الله عليه و آله حيث تمسك بمنعها عن فاطمة عليها السلام بحديث رواه عن النبي و هو قوله «لا نورث، ما تركناه صدقة» مع أنه لو لم يعترف بكونها ملك النبي صلى الله عليه و آله لا يحتاج إلى التمسك بهذا الحديث، بل يمنعها باعتبار عدم ارتباطها بها.

3- أنه بعد ما ادعت فاطمة عليها السلام أنها نحلة أبي و قد وهبها لي، طلب ابو بكر منها الشهود، و طلب الشهود على النحلة، يدل على اعترافه بأنها ملك مخصوص بالنبي صلى الله عليه و آله، لأنه لا هبة إلا في ملك، نعم قال في الشرح المعتزلي:

قال أبو بكر: و روى هشام بن محمد، عن أبيه قال: قالت فاطمة لأبي بكر: إن ام أيمن تشهد لي أن رسول الله صلى الله عليه و آله أعطاني فدك، فقال لها: يا ابنة رسول الله و الله ما خلق الله خلقا أحب إلى من رسول الله صلى الله عليه و آله أبيك- إلى أن قال- إن هذا المال لم يكن للنبي صلى الله عليه و سلم و إنما كان مالا من أموال المسلمين يحمل النبي به الرجال و ينفقه في سبيل الله، فلما توفى رسول الله وليته كما كان يليه، قالت: و الله لا كلمتك أبدا- إلخ.

و يرد الإشكال على هذا الحديث بوجوه:

1- معارضته صريحا مع ما رواه في الشرح أيضا:قال أبو بكر: حدثني أبو زيد عمر بن شبة قال: حدثنا يحيى بن بشر، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا ابن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، قال: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله صلى الله عليه و آله أن يحقن دمائهم و يسيرهم ففعل، فسمع ذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، و كانت للنبي صلى الله عليه و آله خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.

و هذا الحديث صريح و معلل و موافق للقرآن و له وجوه من الترجيح سندا.

2- قال الشارح المعتزلي: و أما الخبر الثاني و هو الذي رواه هشام بن محمد الكلبي عن أبيه ففيه إشكال أيضا، لأنه قال: إنها طلبت فدك و قالت: إن أبي أعطانيها، و إن ام أيمن تشهد لي بذلك، فقال لها أبو بكر في الجواب: إن هذا المال لم يكن لرسول الله صلى الله عليه و سلم و إنما كان مالا من أموال المسلمين يحمل به الرجال و ينفقه في سبيل الله، فلقائل أن يقول له: أ يجوز للنبي صلى الله عليه و آله أن يملك ابنته أو غير ابنته من أفناء الناس ضيعة مخصوصة، أو عقارا مخصوصا من مال المسلمين، لوحي أوحى الله إليه- إلى أن قال: و هذا ليس بجواب صحيح.

3- مخالفته مع الاية السابقة السادسة من سورة الحشر كما بيناه، فالقول بأن فدك لم يكن للنبي صلى الله عليه و آله مردود و مخالف لما عليه الفريقان، فاذا ثبت أن فدك كانت خاصة لرسول الله يثبت أن انتقالها إلى فاطمة عليها السلام كان بهبة رسول الله إياها لا بالارث فانه لو كان بالارث لا يختص بفاطمة سلام الله عليها، فانها لم تك وارثة منحصرة له صلى الله عليه و آله بل تشترك معيا أزواج النبي التسع و عصبة النبي صلى الله عليه و آله، على مذهب العامة فلا يصح لها دعوى كل فدك.

و لم يرد في رواية اشتراك غيرها معها في دعوى فدك إلا ما رواه في الشرح عن أبي بكر بسنده عن عروة عن عائشة أن فاطمة و العباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه و آله و هما حينئذ يطلبان أرضه بفدك و سهمه بخيبر، فقال لهما أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: «لا نورث، ما تركناه صدقة» إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه من هذا المال، و إني و الله لا احيز أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله يصنعه إلا صنعته، قال: فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت.

و هذه رواية شاذة تتضمن إرث العصبة مع الأولاد، و هو مخالف لمذهب الامامية، مع احتمال أن يكون ارضه بفدك غير ضيعة فدك، بل قطعة ارض مخصوصة فيها.

الثاني لا بد و أن يكون في بحث فاطمة عليها السلام مع أبي بكر دعويان:

1- دعوى فدك بعنوان النحلة لا بعنوان الميراث.

2- دعوى ميراث النبي مما تركه من غير فدك، و هو امور، منها سهمه صلى الله عليه و آله بخيبر، و منها سهم الخمس الذي كان له في حياته من سهم الله و سهم الرسول، و منها سائر ما يملكه من الدار و المتاع و غيرهما و قد حازها كلها أبو بكر بحجة ما تفرد بروايته من قوله «لا نورث ما تركناه صدقة» فدعوى الهبة و الارث لم تتعلق بموضوع واحد و هو فدك، بل الهبة متعلقة بفدك و دعوى الارث بغيرها، كما يستفاد مما رواه في الشرح المعتزلي عن أبي بكر بسنده إلى ام هاني، أن فاطمة قالت لأبي بكر: من يرثك إذا مت؟ قال: ولدي و أهلي، قالت: فمالك ترث رسول الله صلى الله عليه و آله دوننا؟ قال: يا ابنة رسول الله، ما ورث أبوك دارا و لا مالا و لا ذهبا و لا فضة، قالت: بلى سهم الله الذي جعله لنا، و صار فيئنا الذي بيدك، فقال لها: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول: إنما هي طعمة أطعمنا الله، فاذا مت كانت بين المسلمين.

و لا بد من القول بأن الدعويين مختلفتان و لم تتواردا على مورد واحد، فانهما متكاذبان، لأن دعوى الهبة تقتضي الاعتقاد بخروج المورد عن ملك النبي صلى الله عليه و آله في حياته، و دعوى الارث تقتضي بقائه في ملكه إلى حين الموت اللهم إلا أن يقال: إن دعوى الهبة مقدمة على دعوى الارث فلما ردت طرحت دعوى الارث على وجه التنزل عنها و على وجه الجدال مع الخصم، و فيه بعد.

و قد اختلف كلامهم في أن أي الدعويين مقدمة، قال في الشرح المعتزلي‏ في الفصل الثالث من مباحثه التي طرحها في أمر فدك «ص 269 ج 16 ط مصر»:و قد أنكر أبو علي ما قاله السائل من أنها لما ردت في دعوى النحلة ادعته إرثا و قال: بل كانت طلبت الارث قبل ذلك، فلما سمعت منه الخبر كفت و ادعت النحلة.

و العجب كل العجب من أبي علي، كيف خفى عليه أنه لو كانت دعوى الارث مقدمة فقد اعترفت فاطمة عليها السلام ببقاء المورد في ملك أبيه إلى حين الوفات، فكيف يصح منها أن تدعي النحلة بعد ذلك.

و العجب من السيد المرتضى- رحمه الله- حيث لم يتوجه في جوابه عن كلامه هذا في الشافي إلى خبطه فقال: و أما إنكار أبي علي أن يكون النحل قبل ادعاء الميراث و عكسه الأمر فيه، فأول ما فيه أن لا نعرف له غرضا صحيحا في إنكار ذلك لأن كون أحد الأمرين قبل الاخر لا يصحح له مذهبا فلا يعتد على مخالفه مذهبا، ثم قال رحمه الله:ثم إن الأمر في أن الكلام في النحل كان المتقدم ظاهرا، و الروايات كلها به واردة، و كيف أن تبتدأ بطلب الميراث فيما تدعيه بعينه نحلا أو ليس هذا يوجب أن تكون قد طالبت بحقها من وجه لا تستحقه منه مع الاختيار و كيف يجوز ذلك و الميراث يشتركها فيه غيرها، و النحل تنفرد به».

أقول: قد ترى أن السيد رحمه الله لم يشر إلى التكاذب و التناقض الذي يلزم على المدعي للميراث قبل ادعاء النحل، فانه لو ادعى الميراث أولا فقد اعترف ببقاء الملك على ملك المورث إلى حين الموت، فلو ادعى النحل بعد ذلك فقد ناقض دعواه الاولى و كذب نفسه، و لا يصح صدوره من فاطمة عليها السلام مع عصمته و طهارته، فلا بد من القطع بتقدم دعوى النحل على دعوى الارث، و لا يصح جعله ظاهر الحال أو ظاهر الأخبار، كما يستفاد من كلام السيد رحمه الله.

و قد انتصر الشارح المعتزلي لأبي على بما يلي «ص 285 ج 16 ط مصر»:

فأما تعجب المرتضى من قول أبي علي أن دعوى الارث كانت متقدمة على‏ دعوى النحل و قوله: إنا لا نعرف له غرضا في ذلك، فانه لا يصح له بذلك مذهب و لا يبطل على مخالفيه مذهب، فان المرتضى لم يقف على مراد الشيخ أبي علي في ذلك، و هذا شي‏ء يرجع إلى اصول الفقه، فان أصحابنا استدلوا على جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد باجماع الصحابة، لأنهم أجمعوا على تخصيص قوله تعالى: «يوصيكم الله في أولادكم‏» برواية أبي بكر عن النبي صلى الله عليه و آله «لا نورث ما تركناه صدقة»، قالوا: و الصحيح في الخبر أن فاطمة عليها السلام طالبت بعد ذلك بالنحل لا بالميراث، فلهذا قال الشيخ أبو علي: إن دعوى الميراث تقدمت على دعوى النحل، و ذلك لأنه ثبت أن فاطمة انصرفت عن ذلك المجلس غير راضية و لا موافقة لأبي بكر، فلو كانت دعوى الارث متأخرة، و انصرفت عن سخط لم يثبت الاجماع على تخصيص الكتاب بخبر الواحد، أما إذا كانت دعوى الارث متقدمه فلما روى لها الخبر أمسكت و انتقلت إلى النزاع من جهة اخرى، فانه يصح حينئذ الاستدلال بالاجماع على تخصيص الكتاب بخبر الواحد، فأما أنا فالأخبار عندي متعارضة، يدل بعضها على أن دعوى الارث متأخرة، و بعضها على أنها متقدمة و أنا في هذا الموضع متوقف، و ما ذكره المرتضى من أن الحال تقتضي أن تكون البداية بدعوى النحل فصحيح، انتهى.

أقول: لا يخفى ما في كلام الشارح المعتزلي من الاضطراب و التناقض، فتارة ينتصر لأبي علي جزما ليصحح الاجماع، و اخرى يحكم بتعارض الأخبار و يتوقف و ثالثة يصحح كلام المرتضى في تقدم دعوى النحل.

و الأصح أن مورد دعوى النحل خصوص فدك و لم يرد عليها دعوى الارث أصلا لا قبلها و لا بعدها، و مورد دعوى الارث سائر ما تركه رسول الله من سهمه بخيبر و سهمه في الخمس و غير ذلك من متاعه، و قد تصرف أبو بكر في جميع ذلك و قام مقامه كلا و لم يمسك عن أموال رسول الله يدا إلا من آلة رسول الله و دابته و حذائه حيث دفعها إلى علي عليه السلام، كما في رواية عوانة بن الحكم.

و العجب من الشارح المعتزلي حيث انتصر لأبي علي بما يوجب تكاذب فاطمة عليها السلام لنفسها و سقوط كلامها عن الاعتبار بالتناقض الظاهر، و كيف يصح لها عليها السلام دعوى النحل في فدك بعد الاعتراف بأنها ميراث لرسول الله صلى الله عليه و آله، و قد أصر في غير موضع من كلامه على اعتراف فاطمة بصحة ما رواه أبو بكر من قوله «لا نورث، ما تركناه صدقة» و موافقتها معه في ذلك، و من يتدبر في كلام فاطمة تجاه أبي بكر و من وافقه يفهم أن فاطمة عليها السلام أنكر حديثه و نسبت المعترف به إلى الكفر و الالحاد و الخروج عن الاسلام و متابعة القرآن، فانظر إلى قولها فيما ذكره الشارح المعتزلي بأسناد عدة:

«ثم أنتم الان تزعمون أن لا إرث لي «أ فحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون‏» ايها معاشر المسلمين ابتز إرث أبي، أبى الله أن ترث يا ابن أبي قحافة أباك و لا أرث أبي، لقد جئت شيئا فريا، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله‏، و الزعيم محمد، و الموعد القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و لكل نبإ مستقر و سوف تعلمون‏، من يأتيه عذاب يخزيه و يحل عليه عذاب مقيم‏»، و قالت فيما خاطبت و عاتبت به الأنصار:

«ما هذه الفترة عن نصرتي، و الونية عن معونتي، و الغمزة في حقي، و السنة عن ظلامتي- إلى أن قالت عليها السلام: ايها بني قيلة، أ أهتضم تراث أبي، و أنتم بمرأى و مسمع، تبلغكم الدعوة، و يشملكم الصوت، و فيكم العدة و العدد، و لكم الدار و الجنن، و أنتم نخبة الله التي انتخب، و خيرته التي اختار، باديتم العرب، و بادهتم الامور، و كافحتم البهم، حتى دارت بكم رحى الاسلام، و در حلبه، و خبت نيران الفتنة، و سكنت فورة الشرك، و هدأت دعوة الهرج و استوثق نظام الدين، أفتأخرتم بعد الإقدام، و نكصتم بعد الشدة، و جبنتم بعد الشجاعة، عن قوم «نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم و طعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون‏».

أقول: من تدبر هذه الكلمات التي خرجت من قلب ملتهب و أسف عميق‏ يفهم بوضوح عدم طريق للموافقة بين بنت الرسول المظلومة الممنوعة عن حقها مع مخالفيها بوجه من الوجوه، و قد صرحت فيها بنكث العهد و مخالفة الرسول عن اولئك المخالفين.

الثالث مما يهم في المقام، بيان أن فدك كانت في تصرف فاطمة عليها السلام فانتزعها منها أبو بكر؟ أو كانت في ضمن ما تركه النبي صلى الله عليه و آله فمنعها أبو بكر من التصرف فيها؟

حكى في الشرح المعتزلي عن قاضى القضاة ما يلي «ص 269 ج 16 ط مصر»:و لسنا ننكر صحة ما روي من ادعائها فدك، فأما أنها كانت في يدها فغير مسلم، بل إن كانت في يدها لكان الظاهر أنها لها، فاذا كانت في جملة التركة فالظاهر أنها ميراث.

و نقل عن السيد المرتضى في رد كلامه «ص 275 ج 16 ط مصر»: فأما إنكار صاحب الكتاب لكون فدك في يدها فما رأيناه اعتمد في إنكار ذلك على حجة، بل قال: لو كان ذلك في يدها لكان الظاهر أنها لها، و الأمر على ما قال، فمن أين أنه لم يخرج عن يدها على وجه يقتضى الظاهر خلافه، و قد روى من طرق مختلفة غير طريق أبي سعيد الذي ذكره صاحب الكتاب أنه لما نزل قوله تعالى «فآت ذا القربى حقه‏: 38- الروم» دعا النبي صلى الله عليه و آله فاطمة عليها السلام فأعطاها فدك، و إذا كان ذلك مرويا فلا معنى لدفعه بغير حجة.

أقول: لا إشكال في أن ظاهر «فأعطاها فدك» الواردة في غير واحد من الأخبار هو إقباض النبي صلى الله عليه و آله إياها، لا مجرد إنشاء صيغة الهبة، فان العطاء حقيقة في العمل الخارجي، و من هذه الجهة عنون الفقهاء المعاطاة في مقابل العقد و المعاملة الانشائية، فالمعاطاة معاملة بالعمل و بالأخذ و الرد، و أدل دليل على كونها في تصرف فاطمة عليها السلام عليها السلام حين موت النبي صلى الله عليه و آله كلام أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الكتاب الموجه‏ إلى عثمان بن حنيف‏ من كبار الصحابة حيث يقول صلوات الله عليه:«بلى كانت في أيدينا فدك» فانه كاد أن يكون صريحا في كونها تحت‏ تصرف أهل البيت.

الرابع: لقضية فدك جهتان هامتان:الاولى النظر إليها عن الوجهة الحقوقية و القضائية و البحث من حيث إن فدك كانت حقا لفاطمة سلام الله عليها بهبة من النبي صلى الله عليه و آله كما هو الظاهر، أو بالارث كما ذكره غير واحد من الأصحاب و جم من المخالفين فاخذت منها غصبا و تعمدا، أو على وجه الشبهة باعتماد الحديث الذي رواه أبو بكر عن النبي صلى الله عليه و آله «لا نورث، ما تركناه صدقة» و البحث في هذا الحديث يقع من وجهين:

الأول: من جهة السند، و يضعف من وجوه شتى، كتفرد أبي بكر بنقله مع وفور الصحابة و توفر الداعي ببيانه للناس لإزالة الشبهة، و كعدم اطلاع أهل البيت عليهم السلام و أزواج النبي صلى الله عليه و آله عنه مع مسيس الحاجة إلى إبلاغهم هذا الحكم من النبي ليعرفوا تكليفهم في تركته من حين موته، و يكاد يقطع باستحالة إخفاء النبي صلى الله عليه و آله هذا الحكم عنهم مع ولعه بتقوى ذويه و أهل بيته.

الثاني: من جهة دلالته حيث إن للنبي صلى الله عليه و آله جهتان متمايزتان: الاولى جهة شخصية و أنه كسائر أفراد البشر و المسلمين يملك و يتزوج و يصير أبا و يكون ابنا لأبيه، و له حقوق متساوية مع غيره فيملك و يملك و يرث و يورث، الثانية جهة نبوته و ما يتعلق به بعنوان أنه نبي فيكون والد الامة و مالك الوجوه العامة من الغنائم و السبايا، و بيده مفتاح بيت المال يتصرف فيه على ما يراه صلاحا، فيمكن أن يكون مقصوده من قوله صلى الله عليه و آله «لا نورث» الجهة الثانية و معناه أن ما يملكه النبي بعنوان أنه نبي غير مورث و تترك صدقة عامة للامة و لا يشمل ما يملكه باعتبار شخصه من أمواله الخاصة فانها متروكة لوارثه كسائر الأفراد.

و حيث كانت فدك مطرحا لدعوى فاطمة عليها السلام من جهة النحلة و طلب أبو بكر منها البينة فشهد لها علي عليه السلام و ام أيمن فردت شهادتهما أو لم يكتف بهما لنقصانهما عن حد البينة الشرعية فانها تتحقق بشهادة رجلين أو رجل و امرأتين عرضت القضية لبحث قضائي من وجوه شتى.

منها، هل يصح أو يجب الاكتفاء بمجرد الدعوى من فاطمة عليها السلام للحكم لها؟ أم حالها حال سائر الناس و لا بد من عرض دعويها على الموازين القضائية العامة؟

و تحقيق البحث فيه يرجع إلى النظر في أمرين:الأول في أن البينة حجة لاثبات دعوى المدعي باعتبار صرف الحكاية عن الواقع و من جهة الكاشفية فقط، فكل كاشف عن الواقع يساويها في البيان أو يقوى عليها يقوم مقامها، أم هي حجة قضائية بخصوصها و لها موضوعية لفصل الدعوى و إثبات المدعى؟ و الظاهر هو الأول لأن البينة كاشفة عن الواقع و حجة بهذا الاعتبار و لذا يقوم مقامها الشياع، و حينئذ فعصمة فاطمة عليها السلام و طهارتها عن الكذب بحكم آية التطهير الشامل لها مما يوجب العلم بصدق دعويها فيحكم لها لهذا العلم الناشي عن خصوصية المدعي و إن منعنا عن جواز حكم القاضي في موضوع النزاع بمجرد علمه الغير المستند إلى طرح الدعوى كالوحى أو الاستظهار بالغيب من الرياضة أو مثل علوم الجفر و الرمل و نحوهما لمن هو أهله.

ففي الشرح المعتزلي: قال المرتضى: نحن نبتدى‏ء فندل على أن فاطمة عليها السلام ما ادعت من نحل فدك إلا ما كانت مصيبة فيه، و أن مانعها و مطالبها بالبينة متعنت، عادل عن الصواب، لأنها لا تحتاج إلى شهادة و بينة- إلى أن قال- أما الذي يدل على ما ذكرناه فهو أنها معصومة من الغلط، مأمون منها فعل القبيح و من هذا صفته لا يحتاج فيما يدعيه إلى شهادة و بينة.

ثم استشهد لاثبات عصمتها، باية التطهير و حديث «فاطمة بضعة مني، من آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله عز و جل» و هذا يدل على عصمتها، لأنها لو كانت ممن يقترف الذنوب لم يكن من يؤذيها مؤذيا له على كل حال، بل متى فعل المستحق من ذمها، أو إقامة الحد عليها، إن كان الفعل يقتضيه سارا له و مطيعا، على أننا لا نحتاج في هذا الموضع على الدلالة على عصمتها، بل يكفي في هذا الموضع العلم بصدقها فيما ادعته، و هذا لا خلاف فيه بين المسلمين لأن‏ أحدا لا يشك أنها لم تدع ما ادعته كاذبة، و ليس بعد أن لا تكون كاذبة إلا أن تكون صادقة، و إنما اختلفوا في أنه هل يجب بعد العلم بصدقها تسليم ما ادعته بغير بينة أم لا يجب ذلك؟

ثم استدل على أن البينة من جهة الكاشفية لا من جهة الموضوعية بوجوه:

1- اشتراط العدالة في البينة للاعتماد بصدقها.

2- جواز حكم الحاكم بعلمه من غير شهادة.

3- كون الإقرار أقوى من البينة من حيث إنه أكشف للواقع- إلى أن قال:

«و الذي يدل على صحة ما ذكرناه أيضا أنه لا خلاف بين أهل النقل في أن أعرابيا نازع النبي صلى الله عليه و آله في ناقة، فقال عليه السلام «هذا لي و قد خرجت إليك من ثمنها» فقال الأعرابي: من يشهد لك بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد بذلك، فقال النبي صلى الله عليه و آله: «من أين علمت، و ما حضرت ذلك؟» قال: لا و لكن علمت ذلك من حيث علمت أنك رسول الله، فقال: «قد أجزت شهادتك و جعلتها شهادتين» فسمي ذا الشهادتين، و هذه القضية شبيهة لقصة فاطمة عليها السلام.

و منها أنه حيث كانت فاطمة عليها السلام مدعية لفدك باتفاق أهل الحديث يستفاد أنها كانت متصرفة فيها و صاحبة يد عليها، فلا يصح مطالبتها بالبينة إلا أن يقال بأن دعويها مقرونة بالاستناد إلى ادعاء الهبة و بهذا الاعتبار تحتاج إلى البينة، و قد شهد لها علي عليه السلام و ام أيمن، و يظهر مما نسب إلى أبي بكر التوقف في الحكم لها باعتبار نقصان البينة، فانها تتحقق برجلين أو رجل و امرأتين، فيبحث عن خطأ أبي بكر في ذلك باعتبار أن عليا مشمول لاية التطهير و معصوم، فيقوم شهادته مقام رجلين و ام أيمن ممن ثبت كونها من أهل الجنة فيقطع بصدقها و يقوم شهادتها مقام امرأتين و أكثر، و نسب إلى عمر رد شهادتهما باتهام علي عليه السلام بأنه يجر النار إلى قرصه، و القدح في ام أيمن بأنها عجمية مردودة الشهادة فيا لهما من خطأ و جور.

الثانية النظر إليها من الوجهة السياسية، و هي أن أخذ فدك من فاطمة عليها السلام‏

و أخذ سائر مواريث النبي منها و من سائر الوراث تابع للاستيلاء على الخلافة و الحكم، فلا يستقر بيعة سقيفة على أبي بكر إلا بهذين الأمرين، لأن الرياسة على الامة من أهم مواريث النبي صلى الله عليه و آله و من أوفر ما تركه بعده فتتعلق بذويه الأقربين من اهل بيته، و لا يكفي مجرد بيعة الناس مع ابي بكر لسلب هذا الحق عن اهل البيت إلا بمنع التوريث عن النبي صلى الله عليه و آله، و منع الارث يحتاج إلى قضية عامة و هي جملة «لا نورث، ما تركناه صدقة» التى ابتكرها أبو بكر و تفرد بنقلها و لم يكن لمن بايع معه من المهاجرين و الأنصار إلا التسليم لها و ترك النكير عليها، فانهم لو أنكروها و قاموا في وجه أبي بكر لردها يضطرون إلى نقض بيعتهم معه بالرئاسة و الخلافة فلا يستقيم قبول وراثة فاطمة و سائر أهل البيت عما تركه النبي صلى الله عليه و آله مع بيعتهم لأبي بكر بالخلافة.

و يدل على ذلك ما حكي أن هارون العباسي قال لموسى بن جعفر عليه السلام:حد لي فدك حتى أرده، فقال عليه السلام: حدها من سيف البحر إلى دومة الجندل إلى عريش مصر، فقال هارون: حتى أنظر فيها، فالظاهر أن مقصوده عليه السلام أن فدك نموذج ما تركه النبي صلى الله عليه و آله لأهل بيته و هو ما استقر حكومته عليه في حياته.

و قال الشارح المعتزلي «ص 284 ج 16 ط مصر»: «و سألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد، فقلت له: أ كانت فاطمة صادقة؟ قال:نعم، قلت: فلم لم يدفع إليها ابو بكر فدك و هي عنده صادقة؟ فتبسم، ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه و حرمته و قلة دعابته، قال: لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجائت إليه غدا و ادعت لزوجها الخلافة، و زحزحته عن مقامه، و لم يكن يمكنه الاعتذار و الموافقة بشى‏ء لأنه يكون قد أسجل على نفسه أنها صادقة فيما تدعي كائنا ما كان من غير حاجة إلى بينة و لا شهود، و هذا كلام صحيح، و إن كان قد أخرجه مخرج الدعابة و الهزل».

ثم إن عمق سياسة قضية فدك يظهر من التدبر في خطب ابي بكر و مكالمته‏ مع فاطمة عليها السلام حيث يستفاد منها أن أبا بكر كان داهية دهياء و لا يكون في المسلمين يومئذ أدهى منه و أمكر، و صور خطة سياسته في هذه القضية من ثلاث:

الاولى رقته و لينه تجاه فاطمة عليها السلام بما لا مزيد عليه و تمسكه بالإطاعة لرسول الله صلى الله عليه و آله و ولعه على العمل بسنته و سيرته حرفا بحرف و قدما على قدم، و تحريش الناس على فاطمة عليها السلام بأنها يريد خلاف قول أبيها طلبا لحطام الدنيا فانظر فيما يلي:

في الشرح المعتزلي «ص 214 ج 16 ط مصر»: و روى هشام بن محمد عن أبيه قال: قالت فاطمة لأبي بكر: إن أم أيمن تشهد لي أن رسول الله صلى الله عليه و آله أعطاني فدك، فقال لها: يا ابنة رسول الله، و الله ما خلق الله خلقا أحب إلى من رسول الله صلى الله عليه و آله أبيك، و لوددت أن السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك، و الله لأن تفتقر عايشة أحب إلي من أن تفتقري، أ تراني اعطي الأحمر و الأبيض حقه و أظلمك حقك، و أنت بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم، إن هذا المال لم يكن للنبي صلى الله عليه و سلم، و إنما كان مالا من أموال المسلمين، يحمل النبي به الرجال، و ينفقه في سبيل الله، فلما توفى رسول الله صلى الله عليه و سلم وليته كما كان يليه، قالت: و الله لا كلمتك أبدا، قال: و الله لا هجرتك أبدا، قالت: و الله لأدعون الله عليك، قال: و الله لأدعون الله لك، فلما حضرتها الوفاة أوصت ألا يصلي عليها. فدفنت ليلا …

و في الشرح أيضا «ص 213 ج 16 ط مصر»: عن عوانة بن الحكم، قال:لما كلمت فاطمة عليها السلام أبا بكر بما كلمته به، حمد أبو بكر الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ثم قال: يا خيرة النساء و ابنة خير الاباء، و الله ما عدوت رأي رسول الله صلى الله عليه و آله، و ما عملت إلا بأمره، و إن الرائد لا يكذب أهله، و قد قلت فأبلغت و أغلظت فأهجرت، فغفر الله لنا و لك، أما بعد، فقد دفعت آلة رسول الله، و دابته و حذاءه إلى علي عليه السلام، فأما ما سوى ذلك فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا و لا فضة و لا أرضا و لا عقارا و لا دارا،و لكنا نورث الايمان و الحكمة و العلم و السنة، فقد عملت بما أمرني، و نصحت له، و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه انيب.

فقد ترى أبا بكر في هذه المكالمة و هذه الخطبة القصيرة التي أجاب بها عن خطبة فاطمة الطويلة القاصعة يظهر الخضوع و التذلل لفاطمة عليها السلام و الطوع و الانقياد لأمر أبيها حتى يصور فاطمة عليها السلام في نظر الناس عاقة لأبيها و طالبة لحطام الدنيا.

الثانية استصغار علي و أهل بيته و إهانتهم في نظر الناس ليسقط عندهم هيبة أهل البيت و ينتهك حرمتهم التي اكتسبوها في ضوء توصيات النبي صلى الله عليه و آله و حرمة مهبط الوحي و الرسالة، و يجترءوا على الصول عليهم، بما يقتضيه السياسة في مواقفها الاتية.

فانظر إلى قوله في تلك الخطبة «أما بعد، فقد دفعت آلة رسول الله و دابته و حذاءه إلى علي» فإن فيه من الإهانة بمقام علي عليه السلام ما لا يخفى، فيغصب أبو بكر منبر رسول الله و سيفه و يدفع إلى علي عليه السلام حذاءه.

ثم انظر إلى ما أفاده في خطبته الثانية كما في الشرح المعتزلي «ص 214 ج 16 ط مصر»: قال أبو بكر: و حدثني محمد بن زكريا قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة بالإسناد الأول قال: فلما سمع أبو بكر خطبتها شق عليه مقالتها، فصعد المنبر و قال: أيها الناس، ما هذه الرعة إلى كل قالة، أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم، ألا من سمع فليقل و من شهد فليتكلم، إنما هو ثعالة شهيده ذنبه، مرب لكل فتنة هو الذي يقول: كروها جذعة بعد ما هرمت، يستعينون بالضعفة و يستنصرون بالنساء كام طحال أحب أهلها إليها البغي ألا أني لو أشاء أن أقول لقلت، و لو قلت لبحت، إني ساكت ما تركت …

قال الشارح المعتزلي: قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري و قلت له: بمن يعرض؟ فقال: بل يصرح، قلت:لو صرح لم أسألك، فضحك و قال: بعلي بن أبي طالب عليه السلام، قلت: هذا الكلام كله لعلي يقوله؟ قال: نعم، إنه الملك يا بني، و يظهر نهاية استخفافه بعلي‏ و فاطمة عليها السلام و استصغاره لشأنهما بما فسره من غريب ألفاظ الخطبة، قال: فسألته عن غريبه، فقال: أما الرعة بالتخفيف، أى الاستماع و الاصغاء، و القالة: القول، و ثعالة: اسم الثعلب علم غير مصروف مثل ذؤالة للذئب، و شهيده ذنبه: أي لا شاهد له على ما يدعى إلا بعضه و جزء منه، و أصله مثل، قالوا: إن الثعلب أراد أن يغري الأسد بالذئب فقال: إنه قد أكل الشاة التي قد أعددتها لنفسك، و كنت حاضرا، قال: فمن يشهد لك بذلك؟ فرفع ذنبه و عليه دم، و كان الأسد قد افتقد الشاة فقبل شهادته، و قتل الذئب، و مرب: ملازم، أرب بالمكان، و كروها جذعة: أعيدوها إلى الحال الاولى، يعني الفتنة و الهرج، و ام طحال امرأة بغي في الجاهلية، فيضرب بها المثل فيقال: أزنى من ام طحال، انتهى.

فقد اتهم عليا عليه السلام في كلامه هذا بأنه يجر النار إلى قرصه و يشهد لجر النفع و جلب المنفعة و أنه يريد إلقاء الفتنة بين المسلمين و ايقاد نيران الحرب و رد الاسلام قهقرى، فيستعين بالضعفة و النساء، و كفى و هنا به و بفاطمة قوله:كام طحال أحب أهلها إليها البغي، و هل قصد تشبيه علي عليه السلام بام طحال أو فاطمة عليها السلام أو هما معا، و كفى به توهينا لهما و إظهارا للكفر و الزندقة.

و يقصد في ضمن ذلك سلب الفوائد عن علي عليه السلام بحيث لا يملك درهما و لا دينارا، فيكون قد اشتغل بتحصيل القوت و يكون آكلا سهمه من بيت المال بنظارته كأحد اجرائه و امرائه لئلا يتوجه إليه الناس فيعتز بهم و يطلب حقه من الخلافة.

قال في الشرح المعتزلي (ص 236 ج 16 ط مصر): و قال لي علوي من الحلة، يعرف بعلي بن مهنا، ذكي ذو فضائل: ما تظن قصد أبى بكر و عمر بمنع فاطمة فدك؟ قلت: ما قصدا؟ قال: أرادا أن لا يظهرا لعلي- و قد اغتصباه الخلافة- رقة ولينا، و لا يرى عندهما خورا، فاتبعا القرح بالقرح.

و قلت لمتكلم من متكلمى الإمامية يعرف بعلي بن تقي من بلدة النيل و هل كانت فدك إلا نخلا يسيرا و عقارا ليس بذلك الخطير؟ فقال لي: ليس الأمر كذلك، بل كانت جليلة جدا، و كان فيها من النخل نحو ما بالكوفة الان من النخل، و ما قصد أبو بكر و عمر بمنع فاطمة عنها إلا يتقوى علي بحاصلها و غلتها على المنازعة في الخلافة، و لهذا اتبعا ذلك بمنع فاطمة و علي و سائر بني هاشم و بني المطلب حقهم في الخمس، فان الفقير الذي لا مال له تضعف همته و يتصاغر عند نفسه و يكون مشغولا بالاحتراف و الاكتساب عن طلب الملك و الرئاسة، فانظر إلى ما قد وقر في صدور هؤلاء …

الثالثة إرعاب الناس و تخويفهم إلى حيث ينقادون لحكمهم و يتهيأون لكل ما يقررونه بعد ذلك من مؤامراتهم، فتشديدهم الأمر على أهل بيت النبي إلى حيث هددوهم بإحراق بيتهم أو أشعلوا النار في باب فاطمة عليها السلام و في روايات عدة أنهم ضربوها بالسياط تقرير لهذه السياسة الحديدية النارية التي يرتكبها الطامعون في استقرار حكومتهم و كبح مخالفيهم.

قال في الشرح المعتزلي «ص 283 ج 16 ط مصر»: فيما نقله عن السيد المرتضى في جواب قاضى القضاة: فأما قوله إن حديث الإحراق لم يصح، و لو صح لساغ لعمر مثل ذلك فقد بينا أن خبر الاحراق قد رواه غير الشيعة و قوله أنه يسوغ مثل ذلك، فكيف يسوغ إحراق بيت علي و فاطمة عليها السلام و هل في ذلك عذر يصغى إليه أو يسمع، و إنما يكون علي و أصحابه خارقين للاجماع و مخالفين للمسلمين لو كان الاجماع قد تقرر و ثبت، و ليس بمتقرر و لا ثابت مع خلاف علي وحده فضلا عن أن يوافقه على ذلك غيره …

و تهديد أبي بكر للناس و خصوص الأنصار الذين هم العدة و العدد و صاحبوا الدار و الجنن يظهر من ذيل خطبته السابقة «ص 215 ج 16 ط مصر»:ثم التفت إلى الأنصار فقال: قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم، و أحق من لزم عهد رسول الله أنتم، قد جائكم فاويتم و نصرتم، ألا أنى لست باسطا يدا و لا لسانا على من لم يستحق ذلك منا، ثم نزل، فانصرفت فاطمة عليها السلام إلى منزلها.

قال الشارح المعتزلي في ضمن ما سأله عن النقيب أبي يحيى «قلت: فما مقالة الأنصار؟ قال: هتفوا بذكر علي فخاف من اضطراب الأمر عليهم، فنهاهم».

و بهذه السياسة الحديدية المقرونة بأشد الارعاب أخمدوا نار الثورة الفاطمية التي أشعلتها عليهم بخطبتها الرنانة الفائقة و تمسكوا بالملك و الخلافة بكل قوة و شدة، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

الترجمة

از نامه آن حضرت عليه السلام است كه بعثمان بن حنيف انصارى نگاشته- عثمان ابن حنيف كار گزار آن حضرت بود بر استان بصره، و از وى به آن حضرت گزارش رسيده بود كه براى صرف وليمه جشن جمعى از مردم بصره دعوت شده و اين دعوت را پذيرفته و در آن وليمه شركت كرده، و در ضمن نامه بدو نوشته است:

أما بعد أى زاده حنيف، بمن خبر رسيده كه مردى از جوانان اهل بصره از تو بر سر خوان مهمانى دعوت كرده و توهم بدان شتافتى، خوراكهاى رنگارنگ برايت آورده ‏اند و قدحهاى چند در برابرت چيده ‏اند (تو حريصانه از آنها خوردى و استخوانهاى گوشت را بدندان پاك كردى).

من گمان نمى ‏بردم تو پذيراى دعوت مردمى شوى بر سر خوان خوراكشان كه بينوايان آنها گرسنه ‏اند و توانگرانشان دعوت شده ‏اند، بنگر از اين آخر دنيا چه مى‏ جوى، آنچه را يقين ندارى كه حلال است بدور انداز و از آنچه بيقين مى ‏دانى حلال است استفاده كن.

هلا براستى كه هر مأمومى را امامى است كه از او پيروى كند و از پرتو دانشش روشنى گيرد، هلا براستى امام و پيشواى شما از دنياى خود بدو پاره كرباس و دو قرصه نان جوين قناعت كرده، معلومست كه شما نتوانيد چنين زندگى كنيد و تا اين اندازه قناعت ورزيد، ولى بورع و كوشش خود در كار دين بمن كمك كنيد، و با پارسائى و درستكارى مرا مدد كنيد، بخدا سوگند، من از دنياى شما گنجينه زرى نيندوختم و از دست آورده اى آن برى برنگرفتم، و ذخيره و پس اندازى نيندوختم، و براى‏ كهن جامه تن خود پارچه كرباسينى آماده نساختم، و از زمين اين دنيا يك وجب بچنگ نياوردم، و از اين دنيا جز قوتى اندك باندازه خوراك ماده الاغى پشت ريش بر نگرفتم، و هر آينه اين دنيا در چشم من سست‏تر و پست‏تر است از دانه بلوطى گرف و نامطبوع.

آرى در زير دست ما تنها يك فدك بود از هر آنچه آسمان بر آن سايه دارد و دلهاى مردمى بر آن دريغ آورد و دلهاى ديگران بر آن بخششگر شد و از دست ما ربوده گرديد، و چه خوب دادگرى است خداوند، مرا چه كار است با فدك يا جز فدك با اين كه منزل فرداى هر كس گور است، گورى كه در تاريكيش آثار و كردار هر كس منقطع مى ‏گردد و اخبارش نهان مى‏ شود گودالى كه اگر در ميدانش بيفزايند و دست حفارش پهناور سازد سنگ و كلوخش تنگ سازد و خاكهاى انباشته سوراخ و روزنش را مسدود سازد، همانا منم و اين نفس سركشم كه بوسيله تقوى و پرهيزكارى آنرا سوقان مى ‏دهم تا بلكه در روز هراس بزرگتر در آسايش باشد و بر اطراف پرتگاه دوزخ پابرجا و استوار گذر كند.

بقية من المختار الرابع و الاربعين من كتبه عليه السلام‏

و لو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، و لباب هذا القمح، و نسائج هذا القز، و لكن هيهات أن يغلبني هواى، و يقودني جشعي إلى تخير الأطعمة و لعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، و لا عهد له بالشبع!! أو أبيت مبطانا و حولي بطون غرثى، و أكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:و حسبك داء [عارا] أن تبيت ببطنة و حولك أكباد تحن إلى القد.

أ أقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين و لا أشاركهم في مكاره الدهر؟ أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها تكترش من أعلافها، و تلهو عما يراد بها، أو أترك سدى، أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة.

اللغة

(القمح): الحنطة: (الجشع): أشد الحرص، (المبطان)، الذي لا يزال عظيم البطن من كثرة الأكل، فأما المبطن: فالضامر البطن، و أما البطين فالعظيم البطن بالخلقة، و أما البطن: فهو الذي لا يهمه إلا بطنه، و أما المبطون فالعليل البطن، (و البطون الغرثى): الجائعة، (البطنة): الكظة، و ذلك أن يمتلى الانسان من الطعام امتلاء شديدا، (القد): إناء من جلد يدخر فيها الغذاء أو بمعنى القديد: اللحم المشوى المقدد الذي يجف بالشمس و يدخره أهل البادية يتغذون به (التقمم): أكل الشاة ما بين يديها بمقمتها أي بشفتها (تكترش من أعلافها): أي تملأ كرشها من العلف، و الكرش للشاة بمنزلة المعدة للإنسان، و يقال (أجررته) رسنه: أى أهملته، (الاعتساف): السلوك في غير طريق (المتاهة): أرض يتاه فيها لعدم وجود الطريق.

الاعراب‏

هيهات اسم فعل بمعنى بعد، بالحجاز جار و مجرور متعلق بفعل مقدر و الجملة خبر مقدم لقول لعل، و من لا طمع له اسم لها، أو أبيت، عطف على قوله يغلبني و منصوب مثله، حولي، ظرف مستقر خبر لقوله بطون غرثى و الجملة حالية عن الضمير في قوله أبيت، همها علفها، جملة حالية عن البهيمة، شغلها تقممها مبتدأ و خبر و الجملة حال عن المرسلة، أو اترك سدى عطف على قوله يشغلني و كذلك قوله اهمل و اجر و اعتسف.

المعنى‏

بين عليه السلام في هذا الفصل من كتابه إلى‏ عثمان بن حنيف‏ أن تجنبه عن الأكل الطيب الهنى‏ء و القناعة بقرصين جافين من شعير ليس من الضرورة لعدم القدرة على ما زاد من الماكل الهنيئة، و أشار إلى اقتداره على أطيب الأكل و أهنى العيش من وجوه:

1- من فوائد ما استنبطه من العيون و ما غرسه من النخيل في ينبع أيام اعتزاله في المدينة و اشتغاله بالحرث و الزراعة في نواحيها، فمن ضياعه العين المعروفة بعين نيزر أحد مواليه المشتغلين بالزراعة من قبله عليه السلام في ينبع، فقد ورد في الحديث أنه حضر يوما يحفر فيه بئرا فأصاب حجرا فألقى عليه السلام ردائه و أخذ المعول و ضرب الحجر حتى كسره فطلع من تحته عين ماء كأنها عنق البعير.

و في حديث آخر: أن مغيرة بن شعبة مر عليه عليه السلام يوما و قد ركب بعيرا و تحته حمل فقال له عليه السلام: ما تحتك يا علي؟ فأجابه: مائة ألف نخلة إن شاء الله فكان يحمل نوايا التمر ليغرسه. و على الجملة كان له عليه السلام ضياع و نخيل أنشأها و جعلها صدقة و صرفها على الفقراء.

2- أنه عليه السلام يقدر على الاحتراف و الكسب بوجوه شتى و يهتدى إلى تهية أطيب العيش من كد يده مضافا إلى ما يستحقه من العطايا و الحقوق من بيت المال و هو رئيس المسلمين و أمير المؤمنين، فيقدر على ما يريد من العيش الرغيد، و لكنه ترك ذلك و لازم الزهد و الرياضة ليكون اسوة للزاهدين.

بقية من المختار الرابع و الاربعين من كتبه عليه السلام‏

و كأني بقائلكم يقول: إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران، و منازلة الشجعان؟! ألا و إن الشجرة البرية أصلب عودا، و الروائع الخضرة أرق جلودا، و النابتات العذية [و النباتات البدوية] أقوى وقودا و أبطأ خمودا! و أنا من رسول الله كالصنو من الصنو و الذراع من العضد، و الله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها، و لو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها، و سأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس، و الجسم المركوس حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد.

اللغة

(الأقران): جمع قرن و هو الكفو في المبارزة و القتال، (الشجرة البرية):التي تنبت في البر الذي لا ماء فيه، (الروائع): جمع رائعة و هي الشجرة النابتة على الماء، (النابتات العذية) بسكون الذال: الزرع لا يسقيه إلا ماء المطر، (الصنو):إذا خرجت نخلتان أو أكثر من أصل واحد فكل واحدة منها هي صنو أو صنو، (ركس) ركسا الشي‏ء: قلب أوله على آخره.

المعنى‏

كان المخالفون لعلي عليه السلام يعترضون عليه حتى في زهده و رياضته و يذمون قلة أكله باعتبار أنه مخل بما يجب عليه من وظيفة الجهاد و الدفاع عن العدو، لأنه موجب لضعفه و قلة مقاومته تجاه العدو الشجاع اللدود، و كأنه ارتفع صدى هذا الاعتراض من الكوفة إلى البصرة فتذكر عليه السلام في هذا الكتاب وجه الدفاع عنه بقوله: (ألا و إن الشجرة البرية أصلب عودا و الروائع الخضرة أرق جلودا).

و يمكن أن يكون هذا الكلام جوابا عن اعتراض ربما يرد على تحريص‏ أصحابه بالزهد و قلة الأكل و المواظبة على جشوبة العيش، فدفعه عليه السلام بأن القوة و الشجاعة ذاتية للمؤمن و لا تتوقف على تقوية الجسم بالأغذية اللذيذة.

ثم أيد سيرته هذه بمتابعته للنبي صلى الله عليه و آله فقال: (أنا من رسول الله) كغصنان من أصل واحد فأصلهما عبد المطلب عليه السلام تفرع منه عبد الله أبو النبي و أبو طالب أبو علي عليه السلام أو أنهما مشتقان من أصل نوري واحد في تسلسل الوجود و انبعاثه عن المصدر الأزلي كما في غير واحد من الأخبار، و عن النبي صلى الله عليه و آله قال: أنا و علي من شجرة واحدة و سائر الناس من شجر شتى. و هذه الرواية تؤيد النسخة التي روت قوله‏ (كالصنو من الصنو) بالصاد المهملة بعدها نون معجمة.

و نسخة شرح ابن أبى الحديد «289 ج 16 ط مصر»: «كالضوء من الضوء» بالضاد المعجمة، و بهذا الاملاء فسره في شرحه فقال: (ص 290) و ذلك لأن الضوء الأول يكون علة في الضوء الثاني، ألا ترى أن الهواء المقابل للشمس يصير مضيئا من الشمس، فهذا الضوء هو الضوء الأول.

ثم إنه يقابل وجه الأرض فيضي‏ء وجه الأرض منه، فالضوء الذي على وجه الأرض هو الضوء الثاني، و ما دام الضوء الأول ضعيفا فالضوء الثاني ضعيف، فإذا ازداد الجو إضاءة ازداد وجه الأرض إضاءة لأن المعلول يتبع العلة، فشبه عليه السلام نفسه بالضوء الثاني، و شبه رسول الله صلى الله عليه و آله بالضوء الأول، و شبه منبع الأضواء و الأنوار سبحانه و جلت أسماؤه بالشمس التي توجب الضوء الأول، ثم الضوء الأول يوجب الضوء الثاني، و ها هنا نكتة و هي أن الضوء الثاني يكون أيضا علة لضوء ثالث، و ذلك أن الضوء الحاصل على وجه الأرض- و هو الضوء الثاني- إذا أشرق على جدار مقابل ذلك الجدار قريبا منه مكان مظلم، فان ذلك المكان يصير مضيئا بعد أن كان مظلما.

أقول: قد اعتبر الشارح المذكور لفظة من في كلامه نشوية فيصير المعنى‏ و أنا من رسول الله‏ كالضوء الناشي من الضوء، و استفاد منه تسلسل أنواع العلوم و الافاضات إلى سائر الناس بوساطته جيلا بعد جيل إلى أن يضعف و يضمحل و يعود الإسلام غريبا، و يمكن استفادة تسلسل الإمامة منه نسلا بعد نسل كما هو معتقد الامامية و لا يلزم أن يكون الضوء الثاني أضعف من الضوء الأول إذا تساوت القابليات و الانعكاسات المثالية كما لا يخفى.

ثم التفت عليه السلام إلى شجاعته في ذات‏ الله‏ و أنه لا يخاف‏ تظاهر العرب‏ تجاهه و بين أنهم ارتدوا عن الإسلام و صاروا كالمشركين يجب قتالهم و تطهير الأرض‏ من وجودهم و أن من يجاهد الكفار يجب عليه أن يغلظ عليهم و يستأصل شافتهم، و أشار إلى معاوية رأس النفاق و الشقاق و وصفه بأنه‏ شخص معكوس‏ انقلب على وجهه و ارتد عن حقيقة إنسانيته، و سقط في مهوى شهواته حتى أثر باطنه في ظاهره فصار جسمه مركوسا إلى ظلمات الطبيعة و دركات الهوى و البهيمية، فوجوده بين المسلمين كالمدرة بين حب الحصيد يوجب الفساد و يضل العباد قالوا: و إلى ذلك وقعت الاشارة بقوله تعالى: «أ فمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم‏: 22- الملك».

بقية من المختار الرابع و الاربعين من كتبه عليه السلام‏

إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، و أفلت من حبائلك، و اجتنبت الذهاب في مداحضك أين القرون الذين غررتهم بمداعبك؟ أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك؟ ها هم رهائن القبور، و مضامين اللحود، و الله لو كنت شخصا مرئيا، و قالبا حسيا، لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني، و أمم ألقيتهم في المهاوي، و ملوك أسلمتهم إلى التلف، و أوردتهم موارد البلاء، إذ لا ورد و لا صدر.

هيهات من وطي‏ء دحضك زلق، و من ركب لججك غرق، و من ازور عن حبائلك وفق، و السالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه، و الدنيا عنده كيوم حان انسلاخه.

أعزبي عني فوالله لا أذل لك فتستذليني، و لا أسلس لك فتقوديني، و أيم الله- يمينا أستثني فيها بمشيئة الله- لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، و تقنع بالملح مأدوما، و لأدعن مقلتي كعين ماء نصب معينها مستفرغة دموعها، أ تمتلئ السائمة من رعيها فتبرك؟ و تشبع الربيضة من عشبها فتربض؟ و يأكل علي من زاده فيهجع؟ قرت إذا عينه إذ اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة، و السائمة المرعية! طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها، و عركت بجنبها بؤسها، و هجرت في الليل غمضها، حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها و توسدت كفها، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، و تجافت عن مضاجعهم جنوبهم، و همهمت بذكر ربهم شفاههم، و تقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم «أولئك حزب الله ألا إن حزب الله‏ هم المفلحون‏ 22- المجادلة». فاتق الله يا ابن حنيف، و لتكفك أقراصك، ليكون من النار خلاصك.

اللغة

(الغارب) جمع غوارب: الكاهل، أو بين الظهر او السنام و العنق، كنايه حبلك على غاربك: كناية من كنايات الطلاق، أى اذهبي حيث شئت، لأن الناقة إذا القي حبلها على غاربها فقد فسح لها أن ترعى حيث شاءت و تذهب حيث شاءت.

(المخالب) جمع مخلب و هى للطيور الجوارح، (المداحض): المزالق، (المداعب) جمع مدعبة: الدعابات، (زخارف) جمع زخرف: ما يتزين به، (رهائن) جمع رهينة و هى الوثيقة، استعاره (مضامين): أى الذي تضمنتهم القبور فاستعارها للموتى لشبههم في اللحود بالأجنة في بطون الامهات، (المهاوي) جمع مهواة: المهلكة، (الدحض): المكان الزلق، (ازور): تنحى، (مناخ البعير):

مبركه، (اعزبي): ابعدي، (اسلس): انقاد، (ايم الله): من صيغ الحلف، (تهش): تفرح (نضب): غار في الأرض، (ماء معين): جار على وجه الأرض، (فتبرك): أى تنام، (الربيضة): جمع الغنم (فيهجع): فينام، (البهيمة الهاملة): المسترسلة المهملة من الزمام، (السائمة المرعية): جمع الغنم مع الراعي، (عركت بجنبها): أى تحمل الشدة في العبادة ناقلا من جنب إلى جنب.

المعنى‏

كتب على عليه السلام هذا الكتاب إلى أحد عماله في ناحية كبيرة من دار حكومته الواسعة و هو في ابان قدرته و على عرش حكومته الاسلامية التي حازها بحق، فينبغي أن يتوجه إليها و يطمئن بها، و لكن يتوجه إلى أنها مظهر من مظاهر الدنيا الغرارة الفتانة يكاد يغلب عليه ببهرجها و زينتها و عواملها الخلاعة الخلابة من توجه عموم الناس إلى بابه، و من انقياد الامراء و الحكام و الضابطين إلى جنابه، و من ورود سيل الخراج و الأموال و الغنائم من شتى نواحى البلاد الاسلامية تحت يده، فمن هو الرجل الذي لا يغر بهذه المظاهر الفتانة الدنيوية و يقدر على ضبط نفسه عن التأثر بها و الافتتان منها، فكان عليه السلام يلقن بهذه الجمل النافذة كره الدنيا و كيدها و غرورها و عواقبها على نفسه و على قلوب أعوانه و حكامه و يطرد الدنيا عن حوله و عن فنائه بقوله عليه السلام: (إليك عني يا دنيا) فأنت مطلقة عني‏ لا سبيل لك إلي، و يهددها أشد التهديد بأنها لو كانت جسما محسوسا كالواحد من البشر يقيم عليها الحد و يعرضها للمجازات بما ارتكبته من الخلاف في حق ذويها:

1- بجرم التغرير و إرائة ما لا واقع له لطلابها فكانت مدلسة يتوجه إليها مجازات التدليس.

2- التسبيب إلى الهلاك و التلف لأبنائها و جرهم إلى موارد البلاء و الدمار.

ثم بين أنه لا نجاة لمن غربها و صار في طلبها فليس لها إلا مزالق هائلة و لجج مهلكة، فمن سلم عنها فهو على طريق النجاة، و إن ضاق عليه أمر الدنيا، فان الدنيا لمحة يسيرة تنصرم عاجلا و يفوز المؤمن السالم فيها عن مكائدها إلى الفوز الأبد و الراحة الطويلة.

ثم يبين عليه السلام سيرته في معيشة الدنيا مقرونا بالحلف بالله تعالى في التمسك بالرياضة و تقليل الطعام إلى حيث يفرح نفسه بأكل قرصة من الشعير لسد جوعتها و تقنع بالملح للإدام، و مع ذلك يبكى من خشية الله و موقف الحساب إلى حيث ينضب عينه من الدموع، و أشار إلى أن النفس الانسانية أشرف من الاقتداء بالبهائم من الابال و البقر و الغنم في الأكل و طلب الراحة، فلا بد من حفظ الامتياز، و هو ملازمة الجوع و الخوف من الله و العبادة في جوف الليل، و الهمهمة بذكر الله بالشفاه، و غسل الذنوب بالاستغفار في باب الله.

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 43 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 44 صبحی صالح

44- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى زياد ابن أبيه و قد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه‏

وَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْكَ يَسْتَزِلُّ لُبَّكَ وَ يَسْتَفِلُّ غَرْبَكَ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْطَانُ يَأْتِي الْمَرْءَ

مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ لِيَقْتَحِمَ غَفْلَتَهُ وَ يَسْتَلِبَ غِرَّتَهُ

وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلْتَةٌ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَ نَزْغَةٌ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ لَا يَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ وَ لَا يُسْتَحَقُّ بِهَا إِرْثٌ وَ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا كَالْوَاغِلِ الْمُدَفَّعِ وَ النَّوْطِ الْمُذَبْذَبِ

فَلَمَّا قَرَأَ زِيَادٌ الْكِتَابَ قَالَ شَهِدَ بِهَا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ وَ لَمْ تَزَلْ فِي نَفْسِهِ حَتَّى ادَّعَاهُ مُعَاوِيَةُ

قال الرضي قوله ( عليه ‏السلام  ) الواغل هو الذي يهجم على الشرب ليشرب معهم و ليس منهم فلا يزال مدفعا محاجزا

و النوط المذبذب هو ما يناط برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك فهو أبدا يتقلقل إذا حث ظهره و استعجل سيره

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثالث و الاربعون و من كتاب له عليه السلام الى زياد بن أبيه، و قد بلغه أن معاوية كتب اليه يريد خديعته باستلحاقه‏

و قد عرفت أن معاوية كتب إليك يستزل لبك، و يستفل غربك، فاحذره، فإنما هو الشيطان: يأتي المرء [المؤمن‏] من بين يديه و من خلفه، و عن يمينه و عن شماله، ليقتحم غفلته، و يستلب غرته. و قد كان من أبي سفيان في زمن عمر بن الخطاب فلتة من حديث النفس، و نزغة من نزغات الشيطان، لا يثبت بها نسب، و لا يستحق بها إرث، و المتعلق بها كالواغل المدفع، و النوط المذبذب. فلما قرأ زياد الكتاب قال: شهد بها و رب الكعبة، و لم تزل في نفسه حتى ادعاه معاوية. قال الرضي:

قوله عليه السلام: الواغل: هو الذي يهجم على الشرب ليشرب معهم و ليس منهم، فلا يزال مدفعا محاجزا، و النوط المذبذب هو ما يناط برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك، فهو أبدا يتقلقل إذا حث ظهره، و استعجل سيره.

اللغة

(يستزل لبك): يطلب زلله و خطأه، اللب: العقل و القلب، مجاز- مجاز مركب (يستفل غربك): يريد أن يفل عزمك، الغرب: حد السيف و هو مجاز عن العزم، و يصح أن يكون الجملة مجازا مركبا، (فلتة): الكلام أو الأمر بغير روية، (نزغة من نزغات الشيطان): نزغ الشيطان بينهم أى أغرى بعضهم على بعض و نزغه الشيطان إلى المعاصي أى حثه، (محاجزا): ممنوعا، (القعب): القدح الضخم الغليظ- المنجد-.

الاعراب

فلتة: اسم كان و خبره من أبي سفيان و هو ظرف مستقر و في زمن جار و مجرور متعلق بالظرف المتقدم و يمكن أن يكون مستقرا خبرا بعد خبر.

من حديث النفس: متعلق بقوله عليه السلام «فلتة». الهاء في قول الرضي نقلا عن زياد «شهد بها» يرجع إلى مقدر و هو «القصة».

المعنى‏

قد حكم‏ عليه السلام‏ في هذا الكتاب‏ بأن‏ معاوية هو الشيطان‏ باعتبار أنه يوسوس من كل جانب مشيرا إلى ما ورد في وصف‏ الشيطان‏ في قوله تعالى «ثم لآتينهم من بين أيديهم و من خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم‏، 17 الأعراف».

قال الشارح المعتزلي «ص 178 ج 16 ط مصر»: و قال شقيق البلخي:

ما من صباح إلا قعد لى الشيطان على أربعة مراصد: من بين يدى، و من خلفي و عن يميني، و عن شمالي، أما من بين يدي فيقول: لا تخف فإن الله غفور رحيم، فأقرأ «و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى‏، 82- طه» و أما من خلفي فيخوفني الضيعة على مخلفي، فأقرأ: و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، 6- هود» و أما من قبل يميني فيأتيني من جهة الثناء، فأقرأ: «و العاقبة للمتقين‏» و أما من قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات، فأقرأ: «و حيل بينهم و بين ما يشتهون‏، 54- السباء».

و قد تعرض فيه لنفي نسب‏ زياد من أبي سفيان‏ و تكذيب‏ معاوية في ادعائه أخا له و إنكاره استلحاقه به طمعا في نصره له و هذه مسألة دقيقة و لا بد من النظر فيه من وجوه:

1- قد ادعى‏ أبو سفيان في زمن عمر أن‏ زياد بن‏ سمية مع كون امها زوجة لعبيد مكونة من نطفته و هو الذي وضعه في رحم أمه، قال المعتزلي:

و روى أبو عمر بن عبد البر في كتاب «الاستيعاب» عن هشام بن محمد بن سائب الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أن عمر بعث زيادا في إصلاح فساد واقع باليمن، فلما رجع من وجهه خطب عند عمر خطبة لم يسمع مثلها- و أبو سفيان حاضر و علي عليه السلام و عمرو بن العاص- فقال عمرو بن العاص: لله أبو هذا الغلام! لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه، فقال أبو سفيان: إنه لقرشي، و إني لأعرف الذي وضعه في رحم امه، فقال علي عليه السلام: و من هو؟ قال أنا فقال: مهلا يا أبا سفيان، فقال أبو سفيان:

أما و الله لو لا خوف شخص‏ يراني يا علي من الأعادي‏
لأظهر أمره صخر بن حرب‏ و لم يخف المقالة في زياد
و قد طالت مجاملتي ثقيفا و تركي فيهم ثمر الفؤاد

و في رواية نقلها عن الواقدي أنه قال في جواب علي عليه السلام: أتيت امه في الجاهلية سفاحا، فقال علي عليه السلام: مه يا أبا سفيان! فإن عمر إلى المساءة سريع، فعرف زياد ما دار بينهما، فكانت في نفسه.

و قد روى في هذا المعنى أحاديث اخر كلها صريحة في دعوى أبي سفيان لزياد ابنا له قطعا و الكلام في أنه ادعى هذه الدعوى جزافا و على سبيل الخرص و السلف أو له علم بذلك و من أين علم ذلك فإن مجرد بغائه مع سمية مرة و زوجها معها حاضر عندها ثم حملها و ولادتها لا يدل على كونه منه.

و هذا ما روى عن المدائني من حديث الاستلحاق، قال: لما أراد معاوية استلحاق زياد و قد قدم عليه الشام جمع الناس و صعد المنبر، و أصعد زيادا معه‏ فأجلسه بين يديه على المرقاة التي تحت مرقاته، و حمد الله و أثنى عليه ثم قال:

أيها الناس إني قد عرفت نسبتنا أهل البيت في زياد، و من كان عنده شهادة فليقم بها- إلى أن قال- فقام أبو مريم السلولي- و كان خمارا في الجاهلية- فقال:

أشهد يا أمير المؤمنين أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف، فأتاني فاشتريت له لحما و خمرا و طعاما، فلما أكل قال: يا أبا مريم، أصب لي بغيا فخرجت، فأتيت بسمية فقلت لها: إن أبا سفيان ممن قد عرفت شرفه و جوده، و قد أمرني أن اصيب له بغيا، فهل لك؟ فقالت: نعم، يجي‏ء الان عبيد بغنمه- و كان راعيا- فإذا تعشى و وضع رأسه أتيته فرجعت إلى أبي سفيان فأعلمته، فلم تلبث أن جاءت تجر ذيلها، فدخلت معه، فلم تزل عنده حتى أصبحت، فقلت له لما انصرفت: كيف رأيت صاحبتك؟ قال: خير صاحبة، لو لا ذفر في إبطيها.

و ربما طال مصاحبة أبي سفيان مع سمية حتى عرف ذلك و أنه كان كثيرا يزور الطائف للبغى و المصاحبة مع بغاتها كما يدل عليه ما تقدم من شعره:

و قد طالت مجاملتي ثقيفا و تركي فيهم ثمر الفؤاد

ثم إنه‏ عليه السلام‏ تذكر في‏ كتابه‏ ما أظهره أبو سفيان في زمان عمر، و وصفه بأنه‏ فلتة من حديث النفس و نزغة من نزغات الشيطان‏، و يحتمل كلامه عليه السلام وجهين:

1- أن زعمه كون‏ زياد منه لا أصل له، و إنما هو صرف‏ حديث نفس‏ بلا روية و تخيل شيطاني كاذب لا أصل له.

2- أن إظهار هذه الحقيقة فلتة و كلام بلا روية و استلحاق زياد بمجرد كونه من مائه‏ نزغة من نزغات الشيطان‏ لأن الماء من الزنا لا يثبت به النسب‏ كما صرح به النبي صلى الله عليه و آله «الولد للفراش و للعاهر الحجر».

و كأن زيادا حمل كلامه عليه السلام على الوجه الثاني حيث استفاد منه إثبات كونه متكونا من ماء أبي سفيان‏ فقال: شهد بها و رب الكعبة، و لكن الظاهر منه هو الأول و الظاهر أن شهادة أبى مريم السلولي شهادة زور زوره معاوية و حملها عليه أو زورها هو طمعا في التقرب و العطاء و كان أبو بكر أخو زياد ينكر ذلك أشد الانكار، و حلف أن لا يكلم زياد أبدا و قال: هذا زنى امه و انتفى من أبيه، و لا و الله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قبل.

الترجمة

از نامه ‏اى كه حضرتش عليه السلام بزياد بن ابيه نوشت چون به آن حضرت گزارش رسيد كه معاويه به او نامه ‏اى نوشته و قصد دارد او را بفريبد و به برادرى خود پيوندش دهد:

من دانستم كه معاويه بتو نامه نوشته است تا دلت را بلغزاند و تصميمت را بگرداند، از او در حذر باش، همانا كه او شيطانى است كه بمؤمن در آيد از پيش رو و از پشت سر و از سمت راست و از سمت چپ او از همه سو بادم در آويزد تا او را غافلگير كند و فريب دهد.

از أبى سفيان در دوران خلافت عمر بن الخطاب يك سخن پريشان و بيجائى سر زد كه ناشى از جهش نفس أماره بود و يك پرشى بود از پرشهاى شيطان، با اين سخن بى پرو پا و بيجا نه نسب ثابت مى ‏شود و نه پايه استحقاق ارث و ميراثى مى ‏تواند بود، كسى كه باين سخن چنگ زند چون شتريست بيگانه كه با اشتران بر آبگاهشان در آيد و او را برانند و يا چون ظرفى است كه ببار مركبى بياويزند و هميشه در لرزش و اضطراب باشد، رضي عليه الرحمة گويد: اين كه فرموده است (الواغل) آنست كه هجوم برد براى نوشيدن از آب و بيگانه باشد و پيوسته او را برانند و دور كنند و (نوط مذبذب) آن ظرفى است كه شتر سوار به بند زير پاى خود بندد مانند قدحى يا سبوئى يا هر چه بدانها ماند و آن در موقع راندن مركب يا شتاباندن آن پيوسته در لرزش است و زيرورو مى ‏شود.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 42 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 43 صبحی صالح

43- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني و هو عامله على أردشيرخرة

بَلَغَنِي عَنْكَ أَمْرٌ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَدْ أَسْخَطْتَ إِلَهَكَ وَ عَصَيْتَ إِمَامَكَ أَنَّكَ تَقْسِمُ فَيْ‏ءَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي حَازَتْهُ رِمَاحُهُمْ وَ خُيُولُهُمْ وَ أُرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاؤُهُمْ فِيمَنِ اعْتَامَكَ مِنْ أَعْرَابِ قَوْمِكَ

فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَئِنْ كَانَ ذَلِكَ حَقّاً لَتَجِدَنَّ لَكَ عَلَيَّ هَوَاناً وَ لَتَخِفَّنَّ عِنْدِي مِيزَاناً فَلَا تَسْتَهِنْ بِحَقِّ رَبِّكَ وَ لَا تُصْلِحْ دُنْيَاكَ بِمَحْقِ دِينِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا

أَلَا وَ إِنَّ حَقَّ مَنْ قِبَلَكَ وَ قِبَلَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قِسْمَةِ هَذَا الْفَيْ‏ءِ سَوَاءٌ يَرِدُونَ عِنْدِي عَلَيْهِ وَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثاني و الاربعون و من كتاب له عليه السلام الى مصقلة بن هبيرة الشيبانى، و هو عامله على أردشير خرة

بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت إلهك، و أغضبت إمامك: أنك تقسم في‏ء المسلمين الذي حازته رماحهم و خيولهم، و أريقت عليه دماؤهم، فيمن اعتامك من أعراب قومك. فوالذي فلق الحبة، و برأ النسمة، لئن كان ذلك حقا لتجدن بك على هوانا، و لتخفن عندي ميزانا، فلا تستهن بحق ربك، و لا تصلح دنياك بمحق دينك، فتكون من الأخسرين أعمالا. ألا و إن حق من قبلك و قبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفى‏ء سواء: يردون عندي عليه، و يصدرون عنه.

ورد في نسخة شرح المعتزلي «ص 175 ج 6 طبع مصر»: و عصيت إمامك بدل أغضبت.

اللغة

(اعتامك): اختارك من بين الناس، أصله من العيمة، و هي خيار المال، و قد روي «فيمن اعتماك» بالقلب، و الصحيح المشهور الأول (الفى‏ء): الغنيمة و مال الخراج المضروب على الأراضى المفتوحة عنوة، (حازته): جمعته، (المحق) محق محقا الشي‏ء: أبطله و محاه.

الاعراب‏

لتجدن بك علي هوانا: بالباء و معناها اللام و يصح أن يكون الباء للسبية أى بسبب فعلك كما في قوله تعالى «فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم 160- النساء» و روى «و لتجدن بك عندي هوانا».

أردشير خرة: كورة من كور فارس.

المعنى‏

مصقلة بن هبيرة من سادات نجد و من بني شيبان و فيه ضعف و اتباع هوى يظهر من عتابه عليه السلام في كتابه هذا و يشير إلى أنه تصرف في بيت المال و قسم الخراج في بني قومه من دون إجازته عليه السلام ظنأ منه احتسابه عليهم من سهامهم في بيت مال المسلمين و يظهر أنه خصص من بني قومه من اعتامه و اختاره و صار من خواصه و حاشيته.

فبين عليه السلام أن الفى‏ء من أي بلد يحوز فهو لجميع‏ المسلمين‏ و لا يختص بمن حضر ذلك البلد منهم لأنه من الأراضي المفتوحة عنوة التي‏ حازته‏ جيوش الاسلام بضرب الرماح و زحف الخيول و بذل النفوس فصارت ملكا لعامة المسلمين و اختيارها بيد الإمام فلا بد من جمع خراجها في بيت المال و تقسيمه بنظر الامام حفظا للعدالة فإن خراج جميع الأراضي و البلدان ليس مساويا و الساكن في كل البلاد ليسوا مساوين حتى يحرز العدالة باختصاص في‏ء كل بلد بأهله.

مضافا إلى أن تصرف كل عامل فيما يجمع من الخراج يوجب الفوضى و اختلال النظام المالي و الاقتصادي للدولة الاسلامية فكان شرع عليه السلام في كتابه هذا قانون الميزانية العامة الذي يتكي عليه اقتصاد البلدان العامرة الشاملة للملايين من النفوس و لا محيص عنه في إدارة شئون المالية لبلد كافل بالجماهير فالخزانة العامة بمنزلة القلب لجريان الشئون الاقتصادية فينشعب منها شرائين المصارف المالية و ينتشر في مجارى الامور الكلية و الجزئية ثم يجتمع فيها ثم ينتشر كجريان الدم في أعضاء الحيوان ينتشر من القلب في جميع العروق الدموية ثم يجتمع فيه ثم ينتشر، و كان للمصقلة خلاف آخر معه عليه السلام أدى إلى فراره في ظل معاوية و هو أنه ارتد بنو الناجية عن علي عليه السلام و أخذوا يحاربون‏ مع المسلمين فسار في تعقيبهم معقل بن قيس في جهاد مر طويل حتى غلب عليهم بعد ائتلافهم مع جمع من النصارى في حوالي أهواز فأسر منهم جما غفيرا فاشتراهم مصقلة بمأة الالوف من الدراهم في ذمته و أعتقهم ثم امتنع من تسليم ما تعهد إلى بيت المال و طالبه علي عليه السلام و استحضره إلى الكوفة و تعهد بأدائه أقساطا فأدى قسطا منه ثم هرب إلى معاوية فرارا عن أداء هذا الدين فصدر منه عليه السلام في حقه:

«عمل عمل الأحرار و فر فرار العبيد» و هل ينظر هذا الكتاب إلى ذلك أو هذه قصة آخر عنه في خلافه معه؟ الله أعلم.

الترجمة

از نامه‏ اى كه بمصقلة بن هبيرة شيباني نوشت و وى كارگزار آن حضرت بود بر شهرستان اردشير خره:

بمن گزارشى رسيده در باره تو كه اگر درست باشد محققا معبود خود را بخشم آورده ‏اى و امام خود را نافرمانى و غضبناك كردى.

راستى كه تو در آمد خراج مسلمانان را كه با سرنيزه و تاخت و تاز قشون و ريختن خون خود بدست آوردند ميان آن دسته از اعراب قوم و قبيله ‏ات كه دور تو جمع شدند پخش كردى؟؟

سوگند بدان خدائى كه دانه را سبز كند و جاندار را بيافريند اگر اين گزارش درست باشد خود را در نزد من خوار و بى ‏مقدار خواهى يافت و در پيش من سبك و كم ارج خواهى بود، بحق پروردگار خود سستى و بى ‏اعتنائى روا مدار و دنيايت را با از ميان بردن دينت اصلاح مكن تا از آنها باشى كه در كردار خود از همه زيانمندترند، آگاه باش كه حق كسانى كه نزد تو هستند از مسلمانان و كسانى كه نزد ما هستند در پخش اين خراج و غنيمت برابرند و همه بايد در نزد من و باجازه من بر آن وارد شوند و سهم خود را از دست من بگيرند و بر گردند، و السلام‏

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 41 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 42 صبحی صالح

42- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي و كان عامله على البحرين، فعزله، و استعمل نعمان بن عجلان الزّرقي مكانه‏

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ وَلَّيْتُ النُّعْمَانَ بْنِ عَجْلَانَ الزُّرَقِيَّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَ نَزَعْتُ يَدَكَ بِلَا ذَمٍّ لَكَ وَ لَا تَثْرِيبٍ عَلَيْكَ فَلَقَدْ أَحْسَنْتَ الْوِلَايَةَ وَ أَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ فَأَقْبِلْ غَيْرَ ظَنِينٍ وَ لَا مَلُومٍ وَ لَا مُتَّهَمٍ وَ لَا مَأْثُومٍ

فَلَقَدْ أَرَدْتُ الْمَسِيرَ إِلَى ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَحْبَبْتُ أَنْ تَشْهَدَ مَعِي فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ وَ إِقَامَةِ عَمُودِ الدِّينِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الواحد و الاربعون و من كتاب له عليه السلام الى عمر بن أبى سلمة المخزومى، و كان عامله على البحرين فعزله و استعمل نعمان بن عجلان الزرقى مكانه:

أما بعد، فاني قد وليت نعمان ابن عجلان الزرقي على البحرين‏ و نزعت يدك بلا ذم لك و لا تثريب عليك، فلقد أحسنت الولاية و أديت الأمانة، فأقبل غير ظنين، و لا ملوم، و لا متهم، و لا مأثوم، فلقد أردت المسير إلى ظلمة أهل الشام، و أحببت أن تشهد معي، فإنك ممن أستظهر به على جهاد العدو، و إقامة عمود الدين، إن شاء الله.

اللغة

(لا تثريب عليك): لا لوم عليك و التثريب: الاستقصاء في اللوم، (الظنين):المتهم، و الظنة: التهمة و الجمع الظنن.

المعنى‏

عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه و آله، و أبوه أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم يكنى أبا حفص: ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة، و قيل: إنه كان يوم قبض رسول الله صلى الله عليه و آله ابن تسع سنين. و أما النعمان بن عجلان الزرقى‏ من الأنصار من بني زريق، قال ابن عبد البر:

كان النعمان هذا لسان الأنصار و شاعرهم و هو القائل يوم السقيفة:

و قلتم حرام نصب سعد و نصبكم‏ عتيق بن عثمان حلال أبا بكر
و أهل أبو بكر لها خير قائم‏ و إن عليا كان أخلق بالأمر
و إن هوانا في علي و إنه‏ لأهل لها من حيث يدرى و لا يدري‏

أقول: و لعل إحضار عمر بن أبي سلمة إلى جبهة صفين باعتبار و جاهته و حرمته في المسلمين حيث إنه قرشي و مهاجر و من بني مخزوم و هم من سادات قريش يتنافسون بني هاشم في السيادة و الشرف.

و هذا من أهم موانع اسلام أبي جهل، كما في سيرة ابن هشام «ص 193 ج 1 ط مصر»: في مصاحبة الأخنس مع أبي جهل بعد استماعهم آيات من القرآن في ليال متتابعة عن لسان النبي صلى الله عليه و آله باستراق السمع من وراء بيته: قال: ثم خرج من عنده «أي من عند أبي سفيان» حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال: يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال: ما ذا سمعت، تنازعنا نحن و بنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا و حملوا فحملنا و أعطوا فأعطينا حتى إذا تحاذينا على الركب و كنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه و الله لا نؤمن به أبدا و لا نصدقه.

الترجمة

از نامه ‏اى كه آن حضرت عليه السلام به عمر بن أبي سلمة مخزومي نگاشته، وى از طرف آن حضرت كارگزار بحرين بود، و او را از كار بركنار كرد و نعمان بن عجلان زرقى را بجاى او گماشت.

أما بعد، من براستى نعمان بن عجلان زرقي را بر بحرين كارگزار ساختم و بدان ولايت گماشتم، و دست تو را از آن بر گرفتم، نه تو را نكوهشى هست و نه بر تو انتقاد و سرزنش مي باشد، تو خوب فرمانگزارى كردى، و أمانت خود را پرداختى، نزد من بيا، نه بد گمانى دارى و نه شرمسارى، نه متهمى و نه گنه كار. من مى‏ خواهم بسوى ستمكاران أهل شام كوچ كنم، و دوست دارم كه تو هم با من حاضر باشى، زيرا تو از كسانى هستى كه پشت من در نبرد با دشمن بوجود تو نيرومند است، و هم تو در بر پا داشتن ستون دين ياور و پشتيبان من هستى، إن شاء الله.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 40 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 41 صبحی صالح

41- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى بعض عماله‏

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي كُنْتُ أَشْرَكْتُكَ فِي أَمَانَتِي وَ جَعَلْتُكَ شِعَارِي وَ بِطَانَتِي وَ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِي أَوْثَقَ مِنْكَ فِي نَفْسِي لِمُوَاسَاتِي وَ مُوَازَرَتِي وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَيَّ

فَلَمَّا رَأَيْتَ الزَّمَانَ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ‏  قَدْ كَلِبَ وَ الْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ وَ أَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ خَزِيَتْ وَ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ فَنَكَتْ وَ شَغَرَتْ قَلَبْتَ لِابْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الْمِجَنِّ فَفَارَقْتَهُ مَعَ الْمُفَارِقِينَ وَ خَذَلْتَهُ مَعَ الْخَاذِلِينَ وَ خُنْتَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ فَلَا ابْنَ عَمِّكَ آسَيْتَ وَ لَا الْأَمَانَةَ أَدَّيْتَ

وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنِ اللَّهَ تُرِيدُ بِجِهَادِكَ وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ كَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِيدُ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَنْ دُنْيَاهُمْ وَ تَنْوِي غِرَّتَهُمْ عَنْ فَيْئِهِمْ

فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ الشِّدَّةُ فِي خِيَانَةِ الْأُمَّةِ أَسْرَعْتَ الْكَرَّةَ وَ عَاجَلْتَ الْوَثْبَةَ وَ اخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الْمَصُونَةِ لِأَرَامِلِهِمْ وَ أَيْتَامِهِمُ اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الْأَزَلِّ دَامِيَةَ الْمِعْزَى الْكَسِيرَةَ

فَحَمَلْتَهُ إِلَى الْحِجَازِ رَحِيبَ الصَّدْرِ بِحَمْلِهِ غَيْرَ مُتَأَثِّمٍ مِنْ أَخْذِهِ كَأَنَّكَ لَا أَبَا لِغَيْرِكَ حَدَرْتَ إِلَى أَهْلِكَ تُرَاثَكَ مِنْ أَبِيكَ وَ أُمِّكَ

فَسُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ أَ وَ مَا تَخَافُ نِقَاشَ الْحِسَابِ أَيُّهَا الْمَعْدُودُ كَانَ عِنْدَنَا مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ كَيْفَ تُسِيغُ شَرَقَدْ كَلِبَ وَ الْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ وَ أَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ خَزِيَتْ وَ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ فَنَكَتْ وَ شَغَرَتْ قَلَبْتَ لِابْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الْمِجَنِّ فَفَارَقْتَهُ مَعَ الْمُفَارِقِينَ وَ خَذَلْتَهُ مَعَ الْخَاذِلِينَ وَ خُنْتَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ

فَلَا ابْنَ عَمِّكَ آسَيْتَ وَ لَا الْأَمَانَةَ أَدَّيْتَ

وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنِ اللَّهَ تُرِيدُ بِجِهَادِكَ وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ كَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِيدُ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَنْ دُنْيَاهُمْ وَ تَنْوِي غِرَّتَهُمْ عَنْ فَيْئِهِمْ

فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ الشِّدَّةُ فِي خِيَانَةِ الْأُمَّةِ أَسْرَعْتَ الْكَرَّةَ وَ عَاجَلْتَ الْوَثْبَةَ وَ اخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الْمَصُونَةِ لِأَرَامِلِهِمْ وَ أَيْتَامِهِمُ اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الْأَزَلِّ دَامِيَةَ الْمِعْزَى الْكَسِيرَةَ

فَحَمَلْتَهُ إِلَى الْحِجَازِ رَحِيبَ الصَّدْرِ بِحَمْلِهِ غَيْرَ مُتَأَثِّمٍ مِنْ أَخْذِهِ كَأَنَّكَ لَا أَبَا لِغَيْرِكَ حَدَرْتَ إِلَى أَهْلِكَ تُرَاثَكَ مِنْ أَبِيكَ وَ أُمِّكَ

فَسُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ أَ وَ مَا تَخَافُ نِقَاشَ الْحِسَابِ أَيُّهَا الْمَعْدُودُ كَانَ عِنْدَنَا مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ كَيْفَ تُسِيغُ شَرَاباً وَ طَعَاماً وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأْكُلُ حَرَاماً وَ تَشْرَبُ حَرَاماً

وَ تَبْتَاعُ الْإِمَاءَ وَ تَنْكِحُ النِّسَاءَ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَ الْمَسَاكِينِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُجَاهِدِينَ الَّذِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْأَمْوَالَ وَ أَحْرَزَ بِهِمْ هَذِهِ الْبِلَادَ

فَاتَّقِ اللَّهَ وَ ارْدُدْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْكَ لَأُعْذِرَنَّ إِلَى اللَّهِ فِيكَ وَ لَأَضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي الَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلَّا دَخَلَ‏  النَّارَ

وَ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ فَعَلَا مِثْلَ الَّذِي فَعَلْتَ مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ وَ لَا ظَفِرَا مِنِّي بِإِرَادَةٍ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا وَ أُزِيحَ الْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا

وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا أَخَذْتَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلَالٌ لِي أَتْرُكُهُ مِيرَاثاً لِمَنْ بَعْدِي

فَضَحِّ رُوَيْداً فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَى وَ دُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَى وَ عُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يُنَادِي الظَّالِمُ فِيهِ بِالْحَسْرَةِ وَ يَتَمَنَّى الْمُضَيِّعُ فِيهِ الرَّجْعَةَ وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الاربعون و من كتاب له عليه السلام الى بعض عماله‏

أما بعد، فإني كنت أشركتك في أمانتي، و جعلتك شعاري‏ و بطانتي، و لم يكن في أهلي رجل أوثق منك في نفسي لمواساتي و موازرتي و أداء الأمانة إلى، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، و العدو قد حرب، و أمانة الناس قد خزيت، و هذه الأمة قد فنكت و شغرت، قلبت لابن عمك ظهر المجن، ففارقته مع المفارقين، و خذلته مع الخاذلين، و خنته مع الخائنين فلا ابن عمك آسيت، و لا الأمانة أديت، و كأنك لم تكن الله تريد بجهادك، و كأنك لم تكن على بينة من ربك، و كأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة عن دنياهم، و تنوي غرتهم عن فيئهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة، و عاجلت الوثبة، و اختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم و أيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة، فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله، غير متأثم من أخذه، كأنك- لا أبا لغيرك- حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك و أمك، فسبحان الله! أ ما تؤمن بالمعاد؟ أ و ما تخاف نقاش الحساب؟

أيها المعدود- كان- عندنا من ذوى الألباب، كيف تسيغ شرابا و طعاما و أنت تعلم أنك تأكل حراما و تشرب حراما؟ و تبتاع الإماء و تنكح النساء من مال‏ اليتامى و المساكين و المؤمنين و المجاهدين الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال، و أحرز بهم هذه البلاد!! فاتق الله و أردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل ثم أمكننى الله لأعذرن إلى الله فيك، و لأضربنك بسيفى الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار! و الله لو أن الحسن و الحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة، و لا ظفرا مني بإرادة، حتى آخذ الحق منهما، و أزيل الباطل عن مظلمتهما، و أقسم بالله رب العالمين: ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم حلال لي أتركه ميراثا لمن بعدي، فضح رويدا فكأنك قد بلغت المدى، و دفنت تحت الثرى، و عرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادى الظالم فيه بالحسرة، و يتمنى المضيع فيه الرجعة، و لات حين مناص.

اللغة

(الأمانة): الوديعة، قال الشارح المعتزلي «ص 168 ج 16»: جعلتك شريكا فيما قمت فيه من الأمر، و ائتمننى الله عليه من سياسة الأمة، و سمى الخلافة أمانة، (الشعار): ما يلي الجسد من الثياب، (و بطانة الرجل): خاصته، (كلب الزمان) اشتد، (حرب العدو): استأسد و اشتد غضبه، (و الفنك):التعدي و الغلبة (شغرت) الأمة: خلت من الخير، و شغر البلد خلا من الناس و قيل معناه: تفرقت.

(و قلبت له ظهر المجن): إذا كنت معه فصرت عليه، و أصل ذلك أن الجيش إذا لقوا العدو كانت ظهور مجانهم إلى وجه العدو، و إذا صاروا مع العدو قلبوها إلى رئيسهم الذي فارقوه. (أسرعت الكرة) أي حملت على جمع الأموال (الذئب الأزل): خفيف الوركين و ذلك أشد على عدوه، (نقاش الحساب): مناقشته، (و الهوادة): المصالحة و المصانعة (فضح رويدا) أمر بالأناة و السكون، و أصلها الرجل يطعم إبله ضحى و يسيرها مسرعا ليسير فلا يشبعها: فيقال له: ضح رويدا، (المناص): المهرب و المخلص و (النوص): الهرب و التخلص.

الاعراب‏

ابن عمك: مفعول مقدم لقوله: «آسيت»، الله: مفعول تريد قدم عليه و جملة تريد بجهادك خبر لم تكن، اختطاف الذئب مفعول مطلق نوعى لقوله:«اختطفت»، كان: كأنه زائدة أن ما أخذت: مؤول بالمصدر أى المأخوذ من أموالهم و فاعل لقوله «يسرني» و حلال بدل منه، رويدا نائب للمفعول المطلق و صفة لمحذوف أى ضحى رويدا، حين مناص اسم لا و خبرها محذوف.

المعنى‏

و مما يوجب الأسف المحرق هذا الكتاب المخاطب به أحد خواصه من بني عشيرته و الأكثر على أنه‏ عبد الله بن عباس‏، فالظاهر أنه لما كتب عليه السلام إليه كتابه بعد مقتل‏ محمد بن أبي بكر، و قد مر آنفا أيس ابن عباس من إدامة حكومته العادلة و علم أن الحكومة تقع في يد أعدائه و أعداء بني هاشم و أقل ما ينتقمون منهم منعهم عن حقوقهم و ايقاعهم في ضيق المعاش و ضنك العيش فادخر من بيت مال البصرة مقادير يظهر من كتابه عليه السلام أنها كثيرة تسع لابتياع العقار في مكة و المدينة و الطائف و ابتياع العبيد و نكاح الأزواج. و قد أثر عمله هذا في قلبه الشريف حيث يتوجه إلى تأمين معاش عشرات الالوف من الأرامل و الأيتام اللاتى قتل أزواجهن و آباؤهم في معارك جمل‏ و صفين و لا كفيل لهن في معاشهن، و كان ما يجمع في بيت مال البصرة مبلغا كثيرا يسد كثيرا من حاجته في هذه الأرامل و الأيتام فالتهب قلبه الشريف من هذا الاختطاف و الاختلاس الذي ارتكبه مثل ابن عباس أو من يقارنه أو يقاربه من أهله و عشيرته، فرماه من لسانه الشريف بسهام ما أغرزها في القلب و سيوف ما أقطعها للوتين و كان ابن عباس يتوجه إلى حالة علي الروحية فيبادر إلى جوابه بأخصر عبارة و يشير إلى عذره في خيانته. قال الشارح المعتزلي «ص 170 ج 16 ط مصر»: و قد روى أرباب هذا القول «أى القول بأن هذا الكتاب خطاب إلى عبد الله بن عباس» أن عبد الله بن عباس كتب إلى علي عليه السلام جوابا عن هذا الكتاب، قالوا: و كان جوابه:أما بعد، فقد أتاني كتابك تعظم علي ما أصبت من بيت مال البصرة، و لعمري إن حقي في بيت المال أكثر مما أخذت، و السلام. هذا و قد ذكر في نسخة شرح ابن أبي الحديد كتابا منه‏ إلى بعض عماله‏ لم يذكر في نسخة شرح ابن ميثم نذكره هنا تتميما للفائدة

قال:الأصل: و من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله: أما بعد، فقد بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك، و عصيت إمامك، و أخزيت أمانتك، بلغني أنك جردت الأرض فأخذت ما تحت قدميك و أكلت ما تحت يديك، فارفع الى حسابك، و اعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس، و السلام‏.

الترجمة

از نامه ‏اى كه آن حضرت عليه السلام بيكى از كارگزارانش نوشت:

أما بعد براستى كه من تو را در رياست خود كه سپرده بمن بود شريك كردم و تو را همراز دل و همكار حكمرانى خويش نمودم، در ميان خاندانم در نظرم مردى از تو بيشتر براى همدردى و پشتيبانيم وجود نداشت، و در پرداخت سپرده و أمانت‏ بهتر مورد اعتماد نبود، چون ديدى كه روزگار بر عمو زاده‏ ات دست انداخت و سخت گرفت و دشمن چيره شد و اختيار را از دست گرفت، و مردم در أمانت دارى خيانت كردند و برسوائي گرائيدند، و اين ملت اسلامى ربوده شده و پريشان و بدبخت گرديد، تو پشت بعموزاده خود دادى و از او برگشتى، و بهمراهى آنان كه از او جدا شدند جدا شدى و بهمراهى آن دسته بيوفا از او گسستى و با خيانتكاران وى پيوستى، نه با عموزاده خود همدردى و غمخوارى كردى، و نه أمانت خود را پرداختى، گويا اين كه تو در جهاد و تلاش خود خدا را نخواستى و گويا كه در برابر پروردگارت گواه روشن بر طريقه حق نداشتى، و گويا كه همانا تو براى بدست آوردن دنياى اين ملت با آنها نيرنگ باختى و در دل داشتى كه آنها را فريب بدهى و بيت المال آنها را براى خودت ببرى، و چون سختى روزگار براى خيانت بر امت بتو فرصت داد شتابانه بيورش پرداختى و بزودى جست و خير را آغاز كردى، و هر چه را توانستي از أموال آنان كه پشتوانه زندگى بيوه زنان و كودكان بى ‏پدر آنان بود در ربودى چونان كه گرگ لاغر كفل بزغاله شكسته استخوان خونين را در مى ‏ربايد.

اين أموال بيت المال را بر گرفتى و با دل خوش بحجاز فرستادى و خود را از برگرفتن آن گناه كار ندانستى، گويائى كه- جز تو بى‏ پدر باد- ارث پدر و مادرت را بسوى خاندانت سرازير كردى، سبحان الله، تو بروز رستاخيز ايمان ندارى؟ تو از خورده‏ گيري حساب قيامت خبر ندارى؟! اي آنكه نزد ما در شمار خردمندان و دلداران و هشياران بودي چگونه بر خود نوشابه و خوراكى را گوارا مى ‏داري كه مى ‏دانى حرام مى‏ خورى و حرام مى‏ نوشى؟؟ و چطور از مال يتيمان و مستمندان و مؤمنان و جانبازان كنيزان مى ‏خرى و زنانى بهمسرى در مى ‏آورى از مال كسانى كه خداوند اين أموال را غنيمت و بهره آنها مقرر داشته و بوجود آنها اين بلاد اسلامى را در برابر دشمنان نگه داشته است، از خدا بپرهيز أموال اينان را بدانها باز گردان، زيرا اگر اين كار را نكنى، و مال مردم را به آنها باز پس ندهى و سپس‏ خداوند مرا بر تو مسلط كند و بچنگ من افتى من نزد خداوند در عقوبت تو معذورم و هر آينه تو را از دم تيغ خود بگزرانم، همان شمشيرى كه بكسى نزدم مگر آنكه بدوزخ رفت.

بخدا سوگند اگر حسن و حسينم بمانند كاري كه تو كردي بكنند براى آنها در نزد من هيچ مسامحه و سازشى نيست و بجلب اراده من بسود خود پيروز نخواهند شد تا آنكه حق را از آنها بستانم و زنگ باطل را از ستمى كه كردند بزدايم، من بخداوند پروردگار جهانيان سوگند مى‏ خورم: كه خوش نداشتم آنچه را تو بر گرفتى و بردى از أموال مردم برايم از راه حلال ميسر باشد و آنها را براى كسانم پس از خود بارث بگذارم. آرام بران و بينديش گويا تو باخر عمر خود رسيدي، و زير خاك تيره بگور اندر شدى و كردارت برخت كشيده شده، در همان جا كه ستمكار فرياد افسوس بر آورد، و بنده ضايع روزگار و بدكردار آرزوى برگشت بدنيا دارد، و راه چاره ‏اي وجود ندارد.

«ترجمه نامه ‏اى كه در شرح ذكر شده است»:

أما بعد بمن از تو گزارش كاري رسيده كه اگر آن را كرده باشى محققا پروردگار ترا بخشم آوردي و امام خود را نافرمانى كردي، و أمانت خود را خيانت كردى، و كارش را برسوائى كشاندي، بمن گزارش رسيده كه تو سر زمين حكومتت را لخت كردى، و هر چه زير پايت بوده بر گرفتى و آنچه در پيش رويت بوده خوردي حساب خود را بمن صورت بده و بدانكه حساب خداوند از حساب مردم بزرگتر است، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 39 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 39 صبحی صالح

39- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى عمرو بن العاص‏

فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا امْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ يَشِينُ الْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ وَ يُسَفِّهُ الْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ

فَاتَّبَعْتَ أَثَرَهُ وَ طَلَبْتَ فَضْلَهُ اتِّبَاعَ الْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ بِمَخَالِبِهِ وَ يَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ لَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ

فَإِنْ يُمَكِّنِّي اللَّهُ مِنْكَ وَ مِنِ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا وَ إِنْ تُعْجِزَا وَ تَبْقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار التاسع و الثلاثون و من كتاب له عليه السلام الى عمرو بن العاص‏

فإنك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرى‏ء ظاهر غيه، مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، و يسفه الحليم بخلطته، فاتبعت أثره، و طلبت فضله اتباع الكلب للضرغام: يلوذ إلى مخالبه، و ينتظر ما يلقي إليه من فضل فريسته، فأذهبت دنياك و آخرتك! و لو بالحق أخذت أدركت ما طلبت، فإن يمكني الله منك و من ابن أبي سفيان أجزكما بما قدمتما، و إن تعجزاني و تبقيا فما أمامكما شر لكما، و السلام.

[المصدر]

قال الشارح المعتزلي «ص 163 ج 16 ط مصر»: و ذكر نصر بن مزاحم في كتاب «صفين» هذا الكتاب بزيادة لم يذكرها الرضي، قال: نصر، و كتب‏ علي عليه السلام إلى عمرو بن العاص:

من عبد الله أمير المؤمنين إلى الأبترين الأبتر عمرو بن العاص بن وائل، شانئ محمد و آل محمد في الجاهلية و الإسلام، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فانك تركتك مروءتك لامرء فاسق مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، و يسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه تبعا، كما قيل: «وافق شن طبقة» فسلبك دينك و أمانتك و دنياك و آخرتك، و كان علم الله بالغا فيك، فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما الليل دجى، أو أتى الصبح يلتمس فاضل سؤره، و حوايا فريسته، و لكن لا نجاة من القدر، و لو بالحق أخذت لأدركت ما رجوت، و قد رشد من كان الحق قائده، و إن يمكن الله منك و من ابن آكلة الأكباد ألحقتكما بمن قتله الله من ظلمة قريش على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله، و إن تعجزا و تبقيا بعد فالله حسبكما، و كفى بانتقامه انتقاما، و بعقابه عقابا، و السلام.

اللغة

(الغى): الضلالة، (يشين): يصير قبيح الوجه مذموما، (الضرغام):

الأسد (المخالب): أظفار السبع من الحيوان، (الفريسة): ما يصيده السبع و يقتله (اجزكما): اعاقبكما، (وافق شن طبقه) أو طبقة: مثل سائر قال في فرائد الأدب: يضرب مثلا للشيئين يتفقان، قال الأسمعي: الشن وعاء من أدم كان قد تشن أى تقبض فجعل له طبقا أى غطاء فوافقه، و قيل أيضا: شن رجل من دهاة العرب و كان ألزم نفسه أن لا يتزوج إلا بامرأة تلائمه، فكان يجوب البلاد في ارتياد طلبته، فوافق في بعض أسفاره رجلا إلى بلاد ذلك الرجل و هما راكبان فقال له شن: أ تحملني أو أحملك؟ فاستجهله الرجل، و إنما أراد أتحدثني أو أحدثك لنميط عنا كلال السفر، و قال له و قد رأى زرعا مستحصدا: أكل هذا الزرع أم لا؟ و إنما أراد هل بيع و أكل ثمنه، ثم استقبلتهما جنازة فقال له شن:

أحى من على هذا النعش أم ميت؟ و إنما أراد هل له عقب يحيا به ذكره؟ فلما بلغ الرجل وطنه و عدل بشن إليه، سألته بنت له اسمهما طبقة عنه، فعرفها قصته‏ و جهله عندها، فقالت: يا أبت ما هذا إلا فطن داه، و فسرت له أغراض كلماته فخرج إلى شن و حكى له قولها، فخطبها فزوجاها إياه، و حملها إلى أهله، فلما رأوها و عرفوا ما حوته من الدهاء و الفطنة قالوا: وافق شن طبقة.

المعنى‏

بين‏ عليه السلام‏ حال‏ عمرو بن العاص‏ و معاوية بأبلغ بيان، و يشعر كلامه إلى أن معاوية لا دين له أصلا، و أن عمرا جعل دينه‏ تبعا لدنيا معاوية.

قال الشارح المعتزلي «ص 160 ج 16 ط مصر»: كل ما قاله فيهما هو الحق الصريح بعينه، لم يحمله بغضه لهما، و غيظه منهما إلى أن بالغ في ذمهما به، كما يبالغ الفصحاء عند سورة الغضب، و تدفق الألفاظ على الألسنة، و لا ريب عند أحد من العقلاء ذوي الانصاف أن عمرا جعل دينه‏ تبعا لدنيا معاوية، و أنه ما بايعه و تابعه إلا على جعالة له، و ضمان تكفل له بايصاله، و هي ولاية مصر مؤجلة و قطعة وافرة من المال معجلة، و لولديه و غلمانه مائلا أعينهم.

الترجمة

از نامه‏اى كه بعمرو بن عاص نوشت:

براستى كه تو دين خود را دنباله و پيرو دنياى معاويه ساختى آن مردى كه گمراهى و ضلالتش آشكار و بى‏پرده است، آبرويش بر باد رفته و پرده‏اش دريده مرد راد و ارجمند از همنشينى با او لكه دار و آلوده و زشت مى‏شود، و بردبار و با وقار از آميزش با او بنا بخردى و سفاهت كشيده مى ‏شود.

تو دنبال او رفتى و فضله او را خواستى چونان كه سگى بدنبال شيرى رود و بنيروى چنگال او پناهنده گردد، و در انتظار ته مانده شكار او باشد كه پيش او اندازند.

تو دنيا و آخرت خود را از ميان بردى، و اگر حق و راستى را پيشه مى ‏ساختى آنچه را خواستار بودى بدست مياوردى، اگر خدا مرا بر تو و بر زاده أبو سفيان قدرت عنايت كرد بسزاى كردار گذشته ‏تان مى ‏رسانم، و اگر مرا درمانده كرديد

و زنده مانديد آنچه در برابر شما است براى شما بدتر از سزائيست كه من بدهم، و السلام.

ترجمه نامه بروايت نصر بن مزاحم طبق نقل ابن أبى الحديد

از طرف بنده خدا علي أمير مؤمنان بسوى ابتر بن ابتر عمرو بن عاص بن وائل، دشمن محمد و خاندان محمد در جاهليت و اسلام، درود بر آنكه پيرو حق است.

أما بعد براستى تو مردانگى خود را زير پا كردى براى مردى فاسق و بى ‏آبرو كه راد مرد از نشستن با او لكه‏ دار مى ‏شود، و مرد بردبار از آميزش با او بى ‏خرد و ناهنجار مى ‏گردد، دلت پيرو دل او شد چنانكه گفته ‏اند (شن و طبقه با هم دمساز شدند) دين و أمانت را از تو ربود و دنيا و آخرتت را بر باد داد، و آنچه خدا مى‏ دانست در باره تو انجام گرديد.

چون گرگى شدى كه دنبال شيرى باشد، در تاريكى شب، يا بامدادان آيد در خواست ته مانده او را كند و درونيهاى شكار او را كه دور ريخته بخواهد، آرى از قدر نجاتى نيست، اگر حق و راستى را پيشه كرده بودى آنچه را اميد داشتي بدان مى ‏رسيدى، محققا براه راست رفته كسى كه حق پيشواى او باشد، اگر خداوند مرا بر تو و زاده هند جگر خوار فرمانگزار ساخت، شما هر دو را بستمكاران قريش عهد رسول خدا صلى الله عليه و آله كه خداوندشان كشت ملحق كنم، و اگر از دست من گريختيد و زنده مانديد، خداوند شما را بس است، و كافي است انتقام او و شكنجه و عذاب او در برابر هر انتقام و هر شكنجه و عذابى، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 38 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 38 صبحی صالح

38- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ غَضِبُوا لِلَّهِ حِينَ‏   عُصِيَ فِي أَرْضِهِ وَ ذُهِبَ بِحَقِّهِ فَضَرَبَ الْجَوْرُ سُرَادِقَهُ عَلَى الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ الْمُقِيمِ وَ الظَّاعِنِ فَلَا مَعْرُوفٌ يُسْتَرَاحُ إِلَيْهِ وَ لَا مُنْكَرٌ يُتَنَاهَى عَنْهُ

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَا يَنَامُ أَيَّامَ الْخَوْفِ وَ لَا يَنْكُلُ عَنِ الْأَعْدَاءِ سَاعَاتِ الرَّوْعِ أَشَدَّ عَلَى الْفُجَّارِ مِنْ حَرِيقِ النَّارِ وَ هُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو مَذْحِجٍ

فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا أَمْرَهُ فِيمَا طَابَقَ الْحَقَّ فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ لَا كَلِيلُ الظُّبَةِ وَ لَا نَابِي الضَّرِيبَةِ فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَنْفِرُوا فَانْفِرُوا وَ إِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِيمُوا فَأَقِيمُوا فَإِنَّهُ لَا يُقْدِمُ وَ لَا يُحْجِمُ وَ لَا يُؤَخِّرُ وَ لَا يُقَدِّمُ إِلَّا عَنْ أَمْرِي

وَ قَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِي لِنَصِيحَتِهِ لَكُمْ وَ شِدَّةِ شَكِيمَتِهِ عَلَى عَدُوِّكُمْ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثامن و الثلاثون و من كتاب له عليه السلام الى أهل مصر، لما ولى عليهم الاشتر رحمه الله‏

من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى القوم الذين غضبوا لله حين‏ عصى في أرضه، و ذهب بحقه، فضرب الجور سرادقه، على البر و الفاجر، و المقيم و الظاعن، فلا معروف يستراح إليه، و لا منكر يتناهى عنه. أما بعد، فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، و لا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشد على الفجار من حريق النار، و هو مالك ابن الحارث أخو مذحج، فاسمعوا له، و أطيعوا أمره فيما طابق الحق، فإنه سيف من سيوف الله، لا كليل الظبة، و لا نابى الضريبة، فإن أمركم أن تنفروا فانفروا، و إن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم و لا يحجم، و لا يؤخر و لا يقدم، إلا عن أمري، و قد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم، و شدة شكيمته على عدوكم.

اللغة

(السرادق) جمع سرادقات: الفسطاط الذي يعد فوق صحن البيت، (الظاعن):

الراحل، (النكول): الرجوع، (الظبة) بالتخفيف: حد السيف، و (النابى) من السيوف: الذي لا يقطع، (الاحجام): ضد الإقدام، (شديد الشكيمة):

القوى الأبى، و أصل الشكيمة: الحديدة المعترضة في فم الفرس.

الاعراب‏

يستراح إليه: جملة فعلية خبر للاء المشبهة بليس و المقصود الاخبار عن سلب‏ اطمينان الناس على ما يتظاهر به عمال عثمان من إقامة الصلاة و نحوها، و كذا قوله: يتناهى عنه، خبر و المقصود عدم النهى عن المنكر، لا ينام: فعلية و صفة لقوله: «عبدا».

المعنى‏

وجه‏ عليه السلام كتابه‏ هذا إلى‏ الأخيار الوجهاء من‏ أهل مصر الذين‏ نقموا على المظالم الواقعة بيد عمال‏ عثمان‏ في‏ مصر و قاموا للنهى عنها و بعثوا وفدا إلى عثمان يطلبون عزل عاملهم و استبداله برجل صالح، و قد استظهر الشارح المعتزلي من هذا العنوان الوصفي رضاء علي عليه السلام‏ بقتل عثمان و قال في «ص 158 ج 16 ط مصر»: هذا الفصل يشكل علي تأويله، لأن‏ أهل مصر هم الذين قتلوا عثمان و إذا شهد أمير المؤمنين عليه السلام‏ أنهم‏ غضبوا لله حين عصي في الأرض‏، فهذه شهادة قاطعة على عثمان بالعصيان. ثم تعسف باعترافه في الجواب عنه في كلام طويل.

أقول: لا وجه لهذا الاستظهار فإن المخاطب بهذا الكلام من‏ أهل مصر هم الموصوفون بما ذكره عليه السلام منهم، و لا يلزم أن يكون قتلة عثمان داخلا فيهم.و العجب من ابن ميثم حيث يقول «ص 83 ج 5»، فإن قلت: فيلزم أن يكون عليه السلام راضيا بقتل‏ عثمان‏، إذ مدح قاتله على المسير بقتله.

أقول: قد عرفت أن الخطاب في الكتاب لم يوجه إلى عامة أهل مصر و لا إلى قتلة عثمان و لا وجه لهذا الاستنكار و التعرض للجواب من ابن ميثم.

و قد بالغ عليه السلام في كتابه هذا في مدح‏ الأشتر و تعريفه، و ذلك لتقريبه إلى أفكار أهل مصر، فإنهم ينظرون إلى كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله في أمر الحكومة و الولاية عليهم و يخضعون للصحابي و الأشتر من التابعين فيثقل عليهم الانقياد إلى طاعته و الخضوع لحكومته خصوصا بعد حكومة محمد بن أبي بكر المعظم عند أهل مصر بأبيه و نسبه القرشي، و لهذا وصف‏ الأشتر في خاتمة كتابه هذا بقوله: (فإنه لا يقدم و لا يحجم، و لا يؤخر و لا يقدم إلا عن أمري) ليقنع أهل مصر بأن الامر لهم‏ و الحاكم عليهم هو نفسه و أن‏ الأشتر آلة و واسطة لإيصال أوامره إليهم، فهو نفسه وال عليهم و حاكم بينهم.

قال الشارح المعتزلي «ص 159 ج 16 ط مصر»: و هذا إن كان قاله مع أنه قد سنح له أن يعمل برأيه في امور الحرب من غير مراجعته فهو عظيم جدا لأنه يكون قد أقامه مقام نفسه، و جاز أن يقول: إنه لا يفعل شيئا إلا عن أمري و إن كان لا يراجعه في الجزئيات على عادة العرب في مثل ذلك، لأنهم يقولون فيمن يثقون به نحو ذلك.

أقول: كان‏ الأشتر رحمه الله‏ بطيب طينته و حسن استعداده و كمال خلوصه له عليه السلام تأدب بادابه و لمس بقلبه الطاهر روحيته الشريفة فينعكس في نفسه إرادته و مشيته عليه السلام فكأنه كانت مرآة مجلوة محاذية لنفس علي عليه السلام أينما كان، فما أراد إلا ما أراده، و ما شاء إلا ما شاء كما أن نفس النبي صلى الله عليه و آله كانت مرآة مجلوة تجاه مشية الله تعالى فيطبع فيها ما يشاء الله، فكان صلى الله عليه و آله «ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى‏» فأنزل الله تعالى في حقه «ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا 7- الحشر».ثم نبه على علو مقام‏ الأشتر رأيا و إقداما بقوله: (و قد آثرتكم به على نفسي).

الترجمة

از نامه ‏اى كه در باره حكومت مالك اشتر بر مصر به أهل مصر نوشت:

از طرف بنده خدا علي أمير مؤمنان بسوى مردمى كه براى خداوند بخشم آمدند چون در سرزمين آنان نافرمانى حضرت او شد و حق اطاعت او را از ميان بردند و ستمكارى و نا روا خيمه سياه خود را بر فراز سر نيكوان و بدكاران و مقيمان و كوچ كنان آن شهرستان برافراشت و همه را فرو گرفت، و كار خيرى نماند كه وسيله آسايش باشد و كار زشتى نماند كه از آن جلوگيرى شود.

أما بعد، محققا من يكى از بندگان خدا را بسوى شما گسيل داشتم كه در روزگار نا أمن خواب ندارد، و در هنگام هراس از تعقيب دشمنان سر باز نمى‏ زند، بر جان نابكاران از زبانه آتش سخت‏تر در گيرد.

او مالك بن حارث از تيره مذحج است نسبت بأو شنوا باشيد، و در آنچه مطابق حق است از او فرمان بريد، زيرا كه او شمشيريست از شمشيرهاى خدا بر جان دشمنان دين نه دمش كند است و نه ضربتش بى أثر، اگر بشما فرمايد، بسيج شويد، بسيج شويد، و اگر فرمايد: در جاى خود بمانيد، بمانيد، زيرا كه او پيش نرود و عنان در نكشد و عقب ننشيند، و پيش نتازد مگر بفرمان خود من، من او را از خود باز گرفتم و بشما دادم، چون خير انديش شما و سخت گير و شكننده دشمن شما است.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 37 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 37 صبحی صالح

37- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى معاوية

فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلْأَهْوَاءَ الْمُبْتَدَعَةِ وَ الْحَيْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ مَعَ تَضْيِيعِ الْحَقَائِقِ وَ اطِّرَاحِ الْوَثَائِقِ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ طِلْبَةٌ وَ عَلَى عِبَادِهِ حجة

فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ عَلَى عُثْمَانَ وَ قَتَلَتِهِ فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثْمَانَ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ وَ خَذَلْتَهُ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَهُ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السابع و الثلاثون و من كتاب له عليه السلام الى معاوية

فسبحان الله!! ما أشد لزومك للأهواء المبتدعة، و الحيرة المتبعة، مع تضييق [تضييع‏] الحقائق، و اطراح الوثائق، التي هى لله طلبة، و على عباده حجة، فأما إكثارك الحجاج في عثمان و قتلته فإنك إنما نصرت عثمان حيث كان النصر لك، و خذلته حيث كان النصر له، و السلام.

و لهذا الكتاب صدر ذكره الشراح هكذا:

أما بعد، فان الدنيا حلوة خضرة، ذات زينة و بهجة، لم يصب إليها أحد إلا و شغلته بزينتها عما هو أنفع له منها، و بالاخرة امرنا و عليها حثثنا، فدع يا معاوية ما يفنى، و اعمل لما يبقى، و احذر الموت الذي إليه مصيرك، و الحساب الذي إليه عاقبتك. و اعلم أن الله تعالى إذا أراد بعبد خيرا حال بينه و بين ما يكره، و وفقه لطاعته، و إذا أراد بعبد شرا أغراه بالدنيا و أنساه الاخرة، و بسط له أمله، و عاقه عما فيه صلاحه، و قد وصلني كتابك فوجدتك ترمي غير غرضك، و تنشد غير ضالتك، و تخبط في عماية، و تتيه في ضلالة، و تعتصم بغير حجة، و تلوذ بأضعف شبهة. فأما سؤالك إلى المشاركة و الإقرار لك على الشام، فلو كنت فاعلا لذلك اليوم لفعلته أمس. و أما قولك: إن عمر ولاكها فقد عزل عمر من كان ولى صاحبه، و عزل عثمان من كان عمر ولاه، و لم ينصب للناس إمام إلا ليرى من صلاح الامة ما قد كان ظهر لمن كان قبله، أو خفى عنهم عيبه، و الأمر يحدث بعده الأمر، و لكل وال رأى و اجتهاد، فسبحان الله ما أشد لزومك- إلى آخر الكتاب.

أقول: و قد اختلف متن المحذوف من كتابه عليه السلام في نسخة شرح ابن ميثم و ابن أبي الحديد في موارد أهمها في قوله: «و أما سؤالك إلى المشاركة» ففي نسخة ابن أبي الحديد «و أما سؤالك المتاركة» فالمقصود من المشاركة أن يكون شريكا في أمر الخلافة، و الغرض منه تجزية الحكومة الاسلامية و إفراز الشام منها لمعاوية، و المقصود من المتاركة ترك الحرب و إقرار معاوية عاملا على الشام، فالظاهر منه أن هذا الكتاب من الكتب التي ترادت بين علي عليه السلام و بينه أيام حرب صفين و تضييق الأمر على معاوية كما يشير إليه قوله عليه السلام: (مع تضييق الحقائق، و اطراح الوثائق) و قد اقترح معاوية في كتابه اقتراحا يشمل أمرين:

متاركة الحرب أو المشاركة في أمر الخلافة و إقراره على الشام، مستدلا بأن عمر ولاه على الشام، و رد عليه السلام اقتراحه بتصميمه على عزله من قبل لفقد صلاحيته في نظره للولاية على المسلمين، و رد استدلاله بأن من شأن الإمام الاستقلال في عزل العمال و الحكام و جرت عليه سيرة السلف، فعمر عزل من ولاه أبو بكر، و عثمان‏ عزل من ولاه عمر، فلا وجه لهذا التشبث، و ذكر أنه يلازم الأهواء المبتدعة بتقلب الأحوال و يتبع‏ الحيرة و الضلال في أشد الأحوال مع ظهور الحجة و الوثائق‏ لديه على بطلان دعواه.

ثم بين أنه هو الذي خذل‏ عثمان‏ حتى قتل و إنما يظهر الانتصار له و الانتقام لدمه بحساب نفسه و لانتصار مقاصده كما روي عن البلاذري أنه قال:

لما أرسل عثمان إلى معاوية يستمده، بعث يزيد بن أسد القسري، جد خالد ابن عبد الله القسري أمير العراق، و قال له: إذا أتيت ذا خشب فأقم بها، و لا تتجاوزها، و لا تقل: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فانني أنا الشاهد و أنت الغائب.

قال: فأقام بذي خشب حتى قتل عثمان، فاستقدمه حينئذ معاوية، فعاد إلى الشام بالجيش الذي كان أرسل معه، و إنما صنع معاوية ذلك ليقتل عثمان فيدعو إلى نفسه.

و نقل عن مكتوب لابن عباس في جواب معاوية أنه قال: و أما قولك: إنى من الساعين على عثمان، و الخاذلين له، و السافكين دمه، و ما جرى بيني و بينك صلح فيمنعك مني، فاقسم بالله لأنت المتربص بقتله، و المحب لهلاكه، و الحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من أمره- إلى أن قال- أنت تعلم أنهم لن يتركوه حتى يقتل، فقتل كما كنت أردت.

الترجمة

از نامه‏اى كه آن حضرت بمعاويه نوشت:

أما بعد، براستى دنيا شيرين و خوش نما است، زيور دار و بهجت افزا است هيچكس بدان دل نبازد جز آنكه بزيورش او را سرگرم سازد تا از آنچه وى را سودمندتر است وا اندازد، ما فرمان داريم بكار آخرت بپردازيم و به آن است كه ترغيب شده ‏ايم.

اى معاويه، آنچه را نيست مى ‏شود از دست بگذار و براى آنچه بجا مى ‏ماند كار كن، بترس از مرگى كه بسوى آن مى‏ روى و از حساب خداوند كه سرانجام تو است، و بدانكه راستى چون خداوند براى بنده‏اى خير و نيكوئى خواهد ميان او و هر آنچه بد دارد حايل گردد و او را براى طاعت خود موفق دارد، و هر گاه براى بنده ‏اى بدى خواهد او را بدنيا وادار كند و آخرت را از يادش ببرد و پهناى آرزو را در برابرش بگشايد و او را از آنچه صلاح او است دور كند.

نامه تو بمن رسيد و دريافتم كه بهدف خود تير نيندازى و جز گمشده خود را مى‏ جوئى، در تاريكى مى ‏پوئى، و در گمگاه مى ‏دوى، بچيزى كه حجت نتواند بود پناه مى‏ برى، و بسست‏ترين شبه‏اى دست مى ‏اندازى.

أما اين كه از من در خواست دارى شريك كار خلافت باشى و جنگ متاركه گردد و بر حكومت شام بمانى پاسخش اينست كه:

اگر من امروز چنين كارى مى‏ كردم همان ديروز كرده بودم، و أما اين كه مي گوئى عمرت فرمان ولايت و حكومت بر شام صادر كرده است محقق است كه عمر خودش واليان صاحب خود أبى بكر را از كار بر كنار كرد و عثمان هم كه بر سر كار آمد هر كه را عمر والى كرده بود از كار بر كنار كرد و عزل نمود، براى مردم امام و رهبرى منصوب نگردد جز براى اين كه صلاح امت را بنظر خود بسنجد و آنچه از پيش بر طبق آن بوده بكار بندد، و آن عيبى كه نهفته بوده منظور دارد و بر طرف سازد، بدنبال هر كارى كار تازه‏اى مى‏آيد و بايد تجديد نظر شود، هر پيشوائى رأى و اجتهادى دارد.

سبحان الله تا چند بدنبال هوسهاى نو ظهور چسبيده ‏اى و از سرگردانى پيروى ميكنى با اين كه حقيقت محدود است، و دلائلى كه مسئوليت إلهى بار مى ‏آورند و بربندگان خدا حجت تمام مي كنند در دست هستند و مشهود.

أما اين كه در باره عثمان و كشندگانش پرمي گوئى و راه احتجاج مى‏ پوئى راستى كه تو آنجا كه يارى عثمان يارى خودت باشد با نصرت او همداستانى، و آنجا كه يارى تو پيروزى او است او را ترك ميگوئى و وامى ‏گذارى.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 36 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 36 صبحی صالح

36- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء و هو جواب كتاب كتبه إليه عقيل‏

فَسَرَّحْتُ إِلَيْهِ جَيْشاً كَثِيفاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ شَمَّرَ هَارِباً وَ نَكَصَ نَادِماً فَلَحِقُوهُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَ قَدْ طَفَّلَتِ الشَّمْسُ لِلْإِيَابِ فَاقْتَتَلُوا شَيْئاً كَلَا وَ لَا

فَمَا كَانَ إِلَّا كَمَوْقِفِ سَاعَةٍ حَتَّى نَجَا جَرِيضاً بَعْدَ مَا أُخِذَ مِنْهُ بِالْمُخَنَّقِ وَ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ غَيْرُ الرَّمَقِ فَلَأْياً بِلَأْيٍ مَا نَجَا

فَدَعْ عَنْكَ قُرَيْشاً وَ تَرْكَاضَهُمْ فِي الضَّلَالِ وَ تَجْوَالَهُمْ فِي الشِّقَاقِ وَ جِمَاحَهُمْ فِي التِّيهِ

فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِي كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ عليه ‏وآله ‏وسلم  )قَبْلِي فَجَزَتْ قُرَيْشاً عَنِّي الْجَوَازِي فَقَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ سَلَبُونِي سُلْطَانَ ابْنِ أُمِّي

وَ أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ رَأْيِي فِي الْقِتَالِ فَإِنَّ رَأْيِي قِتَالُ الْمُحِلِّينَ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ لَا يَزِيدُنِي كَثْرَةُ النَّاسِ حَوْلِي عِزَّةً وَ لَا تَفَرُّقُهُمْ عَنِّي وَحْشَةً

وَ لَا تَحْسَبَنَّ ابْنَ أَبِيكَ وَ لَوْ أَسْلَمَهُ النَّاسُ مُتَضَرِّعاً مُتَخَشِّعاً وَ لَا مُقِرّاً لِلضَّيْمِ وَاهِناً وَ لَا سَلِسَ الزِّمَامِ‏ لِلْقَائِدِ وَ لَا وَطِي‏ءَ الظَّهْرِ لِلرَّاكِبِ الْمُتَقَعِّدِوَ لَكِنَّهُ كَمَا قَالَ أَخُو بَنِي سَلِيمٍ

  فَإِنْ تَسْأَلِينِي كَيْفَ أَنْتَ فَإِنَّنِي
صَبُورٌ عَلَى رَيْبِ الزَّمَانِ صَلِيبُ‏

يَعِزُّ عَلَيَّ أَنْ تُرَى بِي كَآبَةٌ
فَيَشْمَتَ عَادٍ أَوْ يُسَاءَ حَبِيبُ‏

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار السادس و الثلاثون من كتاب له عليه السلام الى عقيل بن ابى طالب فى ذكر جيش أنفذه الى بعض الاعداء، و هو جواب كتاب كتبه اليه‏

فسرحت إليه جيشا كثيفا من المسلمين، فلما بلغه ذلك شمر هاربا، و نكص نادما، فلحقوه ببعض الطريق و قد طفلت الشمس للإياب، فاقتتلوا شيئا كلا و لا، فما كان إلا كموقف ساعة حتى نجا جريضا بعد ما أخذ منه بالمخنق، و لم يبق منه غير الرمق فلأيا بلأى ما نجا فدع عنك قريشا و تركاضهم في الضلال و تجوالهم في الشقاق و جماحهم في التيه، فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله «صلى الله عليه و آله» قبلي، فجزت قريشا عني الجوازي،

فقد قطعوا رحمي، و سلبوني سلطان ابن أمي. و أما ما سألت عنه من رأيي في القتال، فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله، لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، و لا تفرقهم عني وحشة، و لا تحسبن ابن أبيك- و لو أسلمه الناس- متضرعا متخشعا، و لا مقرا للضيم واهنا، و لا سلس الزمام للقائد، و لا وطى‏ء الظهر للراكب المقتعد، و لكنه كما قال أخو بني سليم:

فإن تسأليني كيف أنت؟ فإنني‏ صبور على ريب الزمان صليب‏
يعز على أن ترى بي كابة فيشمت عاد أو يساء حبيب‏

اللغة

(سرحت): أرسلت، (كثيفا): متراكما كثيرا، (شمر): هيأ، (نكص): رجع إلى عقبه، (طفلت) الشمس بالتشديد: إذا مالت للمغيب، (الجريض): أى غص ريقه من شدة الجهد و الكرب، و حكى عن الاصمعي، و يقال: هو يجرض نفسه: أى يكاد يموت، (المخنق) بالتشديد: موضع الخنق في الحيوان من عنقه، (الرمق): بقية النفس و الروح، (اللأى): الشدة و العسر و قيل: البطء، (الاجماع): تصميم العزم، (الجوازى): جمع جازية كالجوارى جمع جارية و هى أنواع العقاب للنفوس السيئة، (المحلين): الناقضين للبيعة يقال لمن نقض عهده و بيعته: محل و لمن حفظه: محرم، (الضيم): الظلم (واهنا): ضعيفا، (المقتعد): الراكب على ظهر البعير.

الاعراب‏

هاربا: حال، كلا و لا: ظرف مستقر في محل النصب لأنه صفة لقوله «شيئا» و معناه قليلا و قليلا، كموقف ساعة: مستثنى مفرغ في محل الاسم لقوله‏ (كان) و هو فعل تام لا خبر له، جريضا: حال من فاعل نجا، لأيا: مصدر منصوب قائم مقام الحال، أى نجا مبطئا و العامل في المصدر محذوف اى أبطأ إبطاء و ما زائدة و بلأى: جار و مجرور متعلق بقوله لأيا أى لأيا مقرونا بلأى، تركاضهم عطف على قريشا و معناه شدة العدو و كذا تجوالهم، الجوازي: فاعل جزت.

قال الشارح المعتزلي في «ص 151 ج 16 ط مصر»: هذه كلمة تجرى مجرى المثل، تقول لمن يسي‏ء إليك و تدعو عليه: جزتك عنى الجوازي، أى أصابتك كل سوء و مجازاة تقدر لعملك.

المعنى‏

أشار السيد الرضى رحمه الله أن‏ كتابه عليه السلام‏ هذا جواب عن كتاب كتبه إليه عقيل‏، و الظاهر أنه‏ أخوه عقيل بن أبى طالب‏ و لم يذكر الشراح أن عقيلا من أي بلد كتب إليه كتابه هذا، و يشير جوابه عليه السلام إلى أن كتاب عقيل يتضمن بيان أحد من الغارات التي وجهها معاوية إلى أطراف حكومته في أيام الهدنة السنوية المقررة بعد صلح صفين، و أن عقيلا تعرض في كتابه لبيان اضطراب حكومته و إعراض عامة قريش عنه عليه السلام، فيريد استبطان رأيه في إدامة الحرب مع مخالفيه بعد قلة أنصاره و اضطراب أطراف حكومته في أثر غارات معاوية و قتل كثير من شيعته، و أجابه عليه السلام بتسريح‏ الجيش‏ في أثر المغير و الضغط عليه إلى أن نجا برمق من حياته.

فيحتمل أن يكون كلامه هذا ناظرا إلى إغارة بسر بن أرطاة على نواحى جزيرة العرب من الحجاز و اليمن و اليمامة فانها أشد الغارات و أنكاها و أكثرها قتلا لشيعة علي عليه السلام و أوقعها محلا في قلوب أنصاره، و قد أشار إلى ذلك الشارح المعتزلي «ص 148 ج 16 ط مصر» حيث يقول بعد ذكر المكتوب: قد تقدم ذكر هذا الكتاب في اقتصاصنا ذكر حال بسر بن أرطاة و غارته على اليمن في أول الكتاب.

و لكن لم نعثر في التواريخ على محاصرة جيش‏ علي عليه السلام بسرا على هذا الوجه الذي يشعر به هذا الكتاب‏، بل ذكروا أنه لما بلغ إليه عليه السلام إغارة بسر على المدينة و مكة المكرمة و قتله لشيعته و ذبحه لا بنى عبيد الله بن عباس عامله على اليمن، خطب أهل الكوفة و أكثر من ذمهم و تأبينهم، فأجابه حارثة بن قدامة السعدي فرحب عليه السلام به و سرحه في ألفى رجل من الفرسان، و لما سمع بسر في اليمن تسريح الجيش من الكوفة خاف و هرب إلى نجران و كان يستخير من جيش حارثة و يهرب من لقائهم هنا و هنا حتى رجع إلى الشام.

نعم حكى عن ابن أعثم الكوفي أنه لما بلغ بسر إلى أرض اليمامة زحف في عقبه عبيد الله بن عباس في ألف فارس حتى لقيه و حارب معه و قتله.

و قد تعرض عليه السلام في‏ جواب كتاب عقيل‏ لامور:

1- إظهار البسالة من قبل‏ المسلمين‏ في تعقيب المعتدي و ضعفه قبال‏ جيش المسلمين‏ بحيث صار موردا للحملة عند التلاقي مع القرب من غروب الشمس فلم يقدر على المقاومة ليلة واحدة، قال الشارح المعتزلي «ص 149 ج 16 طبع مصر»: و الطفل بالتحريك بعد العصر حين تطفل الشمس للغروب- إلى أن قال-: و قال الراوندي «عند الاياب» عند الزوال و هذا غير صحيح لأن هذا الوقت لا يسمى طفلا، ليقال إن الشمس قد طفلت فيه.

2- أنه لا يتوجه إلى نصرة قريش‏ له و لا يعبأ بمخالفتهم و أنهم كلا يركضون‏ في الضلال‏ و يجولون‏ في الشقاق‏ معه‏ في تيه‏ من الطريق‏ و أنهم أجمعوا على حربه كإجماعهم على حرب رسول الله صلى الله عليه و آله‏ و دعا عليهم بقوله: «جزت قريشا عنى الجوازي» و شكى منهم‏ أنهم قطعوا رحمه و سلبوه سلطان ابن امه، قال الشارح المعتزلي «ص 151 ج 16 ط مصر»: و سلطان ابن امي‏ يعني به الخلافة، و ابن امه هو رسول الله صلى الله عليه و آله‏، لأنهما ابنا فاطمة بنت عمرو بن عمران بن عائذ بن مخزوم ام عبد الله و أبى طالب، و لم يقل سلطان ابن أبي، لأن غير أبي طالب من الأعمام يشتركه في النسب إلى عبد المطلب.

3- أبدى رأيه صريحا في القتال‏ مع‏ المحلين‏ و هم الخارجون من الميثاق‏ و البيعة يعني البغاة و المخالفين مع الإمام المفترض الطاعة، و يقال لكل من خرج عن الإسلام أو حارب في الحرم أو في الأشهر الحرم: محل، و بين أنه لا ينقاد للعتاة و لا يقر بالضيم و لا يعرضه و هن و فتور مهما قل ناصره و كثر أعداؤه.

الترجمة

ترجمه از نامه ‏اى كه بعقيل در باره اعزام قشون به برخى دشمنان نوشته در پاسخ نامه وى:

من قشونى انبوه از مسلمانان را بسوى او گسيل داشتم، و چون اين قشون به وى رسيد براى گريختن كمر را تنگ بربست و با پشيمانى فراوان بدنبال برگشت، قشون به تعقيب او پرداخت و در نيمه راهش دريافت و خورشيد بدامن مغرب سرازير شده بود جنگى ناچيز در ميانه در گرفت و با نبردى اندك كه باندازه ايست ساعتى بود شكست خورده، نيمه جانى با رنج فراوان از معركه بدر برد، چون گلو گير شده بود و جز رمقى بر تن نداشت و بكندى و سختى خود را نجات داد.

ياد قريش را از نهاد بدر كن كه دو سپه بوادى گمراهى مى ‏تازند و در ميدان تفرقه اندازى جولان مى ‏زنند و خود را به گمگاه شقاوت پرتاب مى ‏نمايند، راستى كه همگى تصميم دارند با من پيكار كنند چنانچه همه تصميم داشتند تا با رسول خدا صلى الله عليه و آله پيش از من پيكار كردند، هر گونه كيفر و سزا بر قريش باد كه براستى با من قطع رحم كردند و از من بريدند و خلافت همزاد و پسر مادرم را از من باز گرفتند.

أما اين كه از نظر من در باره جنگ پرسيدى، راستى كه رأى من بر آنست كه با شكننده‏هاى عهد و ميثاق ديانت بجنگم تا بخدا برسم، فزونى مردم در دنبال من براى من عزتى نيفزايد، و جدا شدن آنها از من مايه هراس من نگردد گمان مبر پسر پدرت- و گر چه همه مردمش از دست بدهند و او را تنها بگذارند- زاري و زبوني پيشه سازد و بستم ستمكاران تن در دهد و سست گردد و مهارش را

آرام بدست پيشوائى سپارد و پشت خود را براى را كبى هموار گيرد و خم كند، ولى او چنانست كه شاعر بنى سليم سروده:

اگر پرسى كه چونى راست گويم‏ كه در ريب زمان سخت و شكيبا
نخواهم در رخ من غم ببينى‏ كه دشمن شاد گردد، دوست رسوا

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 35 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 35 صبحی صالح

35- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد بن أبي بكر

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدِ اسْتُشْهِدَ فَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً وَ عَامِلًا كَادِحاً وَ سَيْفاً قَاطِعاً وَ رُكْناً دَافِعاً

وَ قَدْ كُنْتُ حَثَثْتُ النَّاسَ عَلَى لَحَاقِهِ وَ أَمَرْتُهُمْ بِغِيَاثِهِ قَبْلَ الْوَقْعَةِ وَ دَعَوْتُهُمْ سِرّاً وَ جَهْراً وَ عَوْداً وَ بَدْءاً فَمِنْهُمُ الْآتِي كَارِهاً وَ مِنْهُمُ الْمُعْتَلُّ كَاذِباً وَ مِنْهُمُ الْقَاعِدُ خَاذِلًا

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لِي مِنْهُمْ فَرَجاً عَاجِلًا فَوَاللَّهِ لَوْ لَا طَمَعِي عِنْدَ لِقَائِي عَدُوِّي فِي الشَّهَادَةِ وَ تَوْطِينِي نَفْسِي عَلَى الْمَنِيَّةِ لَأَحْبَبْتُ أَلَّا أَلْقَى مَعَ هَؤُلَاءِ يَوْماً وَاحِداً وَ لَا أَلْتَقِيَ بِهِمْ أَبَداً

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الخامس و الثلاثون و من كتاب له عليه السلام الى عبد الله بن العباس، بعد مقتل محمد بن أبى بكر.

أما بعد، فإن مصر قد افتتحت، و محمد ابن أبي بكر «رحمه الله» قد استشهد، فعند الله نحتسبه ولدا ناصحا، و عاملا كادحا، و سيفا قاطعا، و ركنا دافعا، و قد كنت حثثت الناس على لحاقه، و أمرتهم بغياثه قبل الوقعة، و دعوتهم سرا و جهرا، و عودا و بدءا، فمنهم الاتي كارها، و منهم المعتل كاذبا، و منهم القاعد خاذلا. أسأل الله أن يجعل لي منهم فرجا عاجلا، فوالله لو لا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة، و توطيني نفسي على المنية، لأحببت‏ أن لا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا، و لا التقى بهم أبدا.

اللغة

(نحتسبه): يقال: احتسب ولده إذا مات كبيرا، و افترط ولده إذا مات صغيرا، و يقال: احتسبت كذا عند الله أى طلبت به الحسبة بكسر الحاء و هي الأجر (الشهادة): القتل في سبيل الله، و استشهد كأنه استحضر إلى الله (كادحا):مجدا في الأمر، (حنثت): أمرتهم أكيدا.

الاعراب‏

فعند الله: ظرف متعلق بقوله «نحتسبه»، ولدا: بدل من ضمير نحتسبه قال ابن ميثم: و ولدا و عاملا و سيفا و ركنا أحوال، و فيه غموض و الأظهر أن عاملا و ما بعده نعوت لقوله ولدا، الوقعة: اللام فيه للعهد: أي وقعة قتل محمد بن أبي بكر سرا: بدل من المفعول المطلق و هو دعاء و قد حذف.

المعنى‏

بعث‏ عليه السلام‏ بهذا المكتوب‏ إلى عبد الله بن العباس‏ و هو يومئذ عامله على البصرة و هي أيضا ثغر من الثغور الهامة و متاخم للشام من وجه يطمع معاوية في التسلط عليها لكونها ثالث ثلاثة من المعسكرات الإسلامية العظمى، و هى: مصر، و الكوفة، و البصرة.

و يعلم معاوية أن في البصرة اناس يكرهون عليا عليه السلام بعد وقعة الجمل لقتل كثير منهم في هذه الوقعة فلا يخلو صدورهم من حب الانتقام عن علي عليه السلام و قد ولى عليها ابن عباس‏ لشرفه و علمه و اعتماده عليه و كان أحد أركان حكومته و ينبغي إعلامه بما وقع في الحكومة من الامور الهامة و فتح‏ مصر.

و قتل‏ محمد بن أبي بكر من أهم ما وقع في حكومته عليه السلام لأن‏ مصر أحد الأركان الثلاثة في البلاد الإسلامية، و محمد بن أبي بكر من الرجال الأفذاذ و ابن أول الخلفاء في الحكومة الإسلامية، فكان قتله و هتك حرمته من أنكى الرزايا في المجتمع الإسلامي، هذا.

مع الايماء إلى‏ ابن عباس‏ بشدة صولة الأعداء و عدم رعايتهم أى حرمة و أي شخصية ليكون يقظا في حوزة حكومته مدبرا في رد كيد الأعداء، فإن حوزة حكومته و هي البصرة مطمح نظر معاوية و أعوانه الطغاة.

و يتلظى لهبات قلبه الكئيب من خلال سطور هذا الكتاب، فقد أصابه جراحات عميقة لا تندمل من موت الأشتر الذي كان يمينه القاطعة في دفع أعدائه و لم يتسلى عنه حتى ورد عليه خبر فتح‏ مصر و قتل‏ محمد بن أبى بكر الذى يكون قرة عينه في العالم الإسلامي و ناصره المخلص الوحيد من أبناء الخلفاء الماضين فكان إطاعته له عليه السلام حجة قاطعة له تجاه مخالفيه و لعله وصفه في كلامه‏ بالسيف القاطع‏ بهذا الاعتبار و من الوجهة السياسية كتوصيفه بأنه كان‏ ركنا دافعا.

و كان فوت‏ الأشتر و محمد بن أبي بكر نكاية من جهتين:

1- أن الأشتر اغتيل و مات بالسم المدسوس من قبل جواسيس معاوية فعظم فوته عليه حيث إنه لو كان قتل في الحرب كان مصيبته أخف.

2- حيث إن محمدا اخذ و قتل صبرا و احرق جثمانه بأشد الإحراق و أفظعه و لو كان قتل في الحرب و الضرب كان مصابه أخف.

و انضم إلى هذين المصيبتين الكبريين عصيان أصحابه، فصار عليه السلام آيسا من الحكومة على المسلمين و كارها من الحياة حتى‏ يسأل الله الفرج‏ و الخلاص من هذا الأناس، و هل أراد عليه السلام‏ بالفرج العاجل‏ إلا الموت؟؟ فيا لله من مصيبة ما أعظمها و أفجعها.

الترجمة

نامه‏ اى كه پس از كشته سدن محمد بن أبي بكر به عبدالله بن عباس نگاشته:

أما بعد، براستى كه مصر بدست دشمنان گشوده و تصرف شد و محمد بن أبي بكر- كه خدايش رحمت كناد- بدرجه شهادت رسيد، من او را بحساب خدا مى‏ گذارم بحساب فرزندى خير خواه و كارگزارى كوشا و رنج كش، و شمشيرى‏ برنده و گذرا و پشتيبانى در دفع أعداء، من محققا مردم را ترغيب و وادار نمودم كه وى را دريابند و به آنها فرمان دادم تا حادثه واقع نشده بفرياد او برسند، آشكارا و نهان و از آغاز تا انجام از آنها دعوت كردم.

يك دسته بنا خواه حاضر شدند و يك دسته آنها عذرهاى دروغين آوردند و يك دسته‏ شان تقاعد كردند و ترك يارى نمودند.

من از خدا خواهانم كه راه خلاص نزديكى از دست اين مردم برايم مقرر سازد، بخدا سوگند اگر اين آرزو نبودم كه در برخورد با دشمن سعادت شهادت يابم و عزم بر مرگ نداشتم دوست داشتم يك روز هم با اين مردم بسر نبرم و هرگز با آنها روى در رو نشوم.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 34 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 34 صبحی صالح

34- و من كتاب له ( عليه ‏السلام  ) إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر عن مصر، ثم توفي الأشتر في توجهه إلى هناك

قبل وصوله إليها

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي مَوْجِدَتُكَ مِنْ تَسْرِيحِ الْأَشْتَرِ إِلَى عَمَلِكَ وَ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ اسْتِبْطَاءً لَكَ فِي الْجَهْدَ وَ لَا ازْدِيَاداً لَكَ فِي الْجِدِّ وَ لَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ يَدِكَ مِنْ سُلْطَانِكَ لَوَلَّيْتُكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَ أَعْجَبُ إِلَيْكَ وِلَايَةً

إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي كُنْتُ وَلَّيْتُهُ أَمْرَ مِصْرَ كَانَ رَجُلًا لَنَا نَاصِحاً وَ عَلَى عَدُوِّنَا شَدِيداً نَاقِماً فَرَحِمَهُ اللَّهُ فَلَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ وَ لَاقَى‏ حِمَامَهُ وَ نَحْنُ عَنْهُ رَاضُونَ أَوْلَاهُ اللَّهُ رِضْوَانَهُ وَ ضَاعَفَ الثَّوَابَ لَهُ

فَأَصْحِرْ لِعَدُوِّكَ وَ امْضِ عَلَى بَصِيرَتِكَ وَ شَمِّرْ لِحَرْبِ مَنْ حَارَبَكَ وَ ادْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ وَ أَكْثِرِ الِاسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ وَ يُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزِلُ بِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الرابع و الثلاثون و من كتاب له عليه السلام الى محمد بن أبى بكر لما بلغه توجده من عزله بالاشتر عن مصر، ثم توفى الاشتر في توجهه الى مصر قبل وصوله اليها

أما بعد، فقد بلغني موجدتك من تسريح الأشتر إلى عملك، و إني لم أفعل ذلك استبطاء لك في الجهد، و لا ازديادا في الجد، و لو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لوليتك ما هو أيسر عليك مئونة، و أعجب إليك ولاية. إن الرجل الذي كنت وليته أمر مصر كان رجلا لنا ناصحا، و على عدونا شديدا ناقما، فرحمه الله فلقد استكمل أيامه، و لاقى حمامه، و نحن عنه راضون، أولاه الله رضوانه، و ضاعف الثواب له، فأصحر لعدوك، و أمض على بصيرتك، و شمر لحرب من‏ حاربك، و ادع إلى سبيل ربك، و أكثر الاستعانة بالله يكفك ما أهمك، و يعنك على ما نزل بك، إن شاء الله.

اللغة

(الموجدة): الغضب و الحزن، وجدت على فلان موجدة، (التسريح):

الإرسال، (الجهد): الطاقة، و من رواها الجهد بالفتح فهو من قولهم أجهد جهدك في كذا أى أبلغ الغاية، (ناقما): من نقمت على فلان كذا إذا أنكرته عليه و كرهته منه، (الحمام): الموت، (أصحر له): أخرج له إلى الصحراء و أبرز له من أصحر الأسد من خيسه إذا خرج إلى الصحراء، (شمر) فلان للحرب: أخذ لها اهبتها.

الاعراب‏

من تسريح: للتعليل، استبطاء: مفعول له، لنا: ظرف مستقر أى ثابتا لنا و تعلقه بقوله «ناصحا» فيه غموض، أولاه الله: جملة دعائية، يكفك مجزوم في جواب الأمر.

المعنى‏

مصر بلدة عامرة ضمت إلى حكومة علي عليه السلام بعد تصديه للحكومة، و هى بلدة هامة من أعظم ثغور الإسلام كما أشار إليه‏ عليه السلام‏ في مكتوب‏ له إلى محمد بن أبى بكر بعد ما ولاه على‏ مصر: «ثم اعلم يا محمد إنى وليتك أعظم أجنادي أهل مصر و إذ وليتك ما وليتك من أمر الناس فإنك محقوق أن تخاف فيه على نفسك».

و لما كان مصر مجاورة للشام و يمد إليها الأعناق لكثرة خيراتها كانت أحد مراكز دعاة معاوية و جواسيسه و سكن فيه جمع من شيعة عثمان، و لما ورد محمد ابن أبى بكر فيها واليا تخلفوا عنها و لا يقدر على إخضاعهم فاختار علي عليه السلام‏ مالك‏ الأشتر و عهد له على‏ مصر لقوته و منعته، و لما اطلع‏ محمد بن أبي بكر على ذلك شق عليه تبديله‏ بالأشتر لمكانته من أبي بكر و قريش، و لكن الأشتر لم يصل‏ إلى مصر و اغتيل في الطريق فكتب‏ عليه السلام‏ هذا الكتاب إلى محمد بن أبي بكر كاعتذار مما بلغه‏ و إعلام لوفاة الأشتر و تثبيت ولايته على مصر مشيرا إلى أن الولاية على مصر شاق و معرض للخطر، و مؤكدا على التيقظ و الاستعداد لمقابلة ما يجرى في مصر من المكائد.

قال الشارح المعتزلي (ص 142 ج 16 ط مصر): ام محمد رحمه الله أسماء بنت عميس الخثعمية و هى اخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه و آله و اخت لبابة ام الفضل و عبد الله زوج العباس بن عبد المطلب، و كانت من المهاجرات إلى أرض الحبشة، و هي إذ ذاك تحت جعفر بن أبي طالب عليه السلام، فولد له هناك محمد بن جعفر و عبد الله و عونا، ثم هاجرت معه إلى المدينة، فلما قتل جعفر يوم موتة تزوجها أبو بكر فولدت له محمد بن أبى بكر هذا، ثم مات عنها فزوجها علي عليه السلام، و ولدت له يحيى بن علي، لا خلاف في ذلك- إلى أن قال-: و قد روى أن أسماء كانت تحت حمزة بن عبد المطلب، فولدت له بنتا تسمى أمة الله- و قيل أمامة- و محمد بن أبى بكر ممن ولد في عصر رسول الله صلى الله عليه و آله- إلى أن قال-: ثم كان في حجر علي عليه السلام و قتل بمصر، و كان علي عليه السلام يثني عليه و يقرظه و يفضله، و كان لمحمد رحمه الله عبادة و اجتهاد، و كان ممن حضر عثمان و دخل عليه.

الترجمة

نامه ‏اى كه بمحمد بن أبي بكر نوشت، چون به آن حضرت گزارش رسيد كه محمد از عزل خود بوسيله جاى گزينى مالك اشتر ناراحت و اندوهگين شده، سپس أشتر پيش از رسيدن به مصر در راه مصر وفات كرد.

أما بعد بمن رسيده كه از گسيل داشتن اشتر بكار گزارى در جاى تو غمنده و ناراحت شدى، من اين كار را براى آن نكردم كه تو در كوشش و تلاش در كار خود كندى و مسامحه دارى، و نه اين كه خواسته باشم تو را در كوشش بيشتر نسبت بكار گزاريت وادار كرده باشم، و اگر هم آن حكومت كه داشتى از دستت‏ مى‏ گرفتم تو را حكومتى مى ‏دادم كه اداره آن آسان‏تر باشد و در چشم تو خوش‏تر جلوه كند.

راستى آن مردى كه من كار حكومت مصر را بدو واگزار كردم، مردى بود كه از ما بود، خير خواه بود و نسبت بدشمنان ما سخت گير و دلير بود، و خرده گير و بدخواه، خدايش رحمت كند كه روزگار عمر خود را بسر آورد و در گذشت، ما از او خوشنوديم، خداوندش مشمول رضايت خود سازد و ثوابش را دو چندان كند.

بايدت از خانه بدرآئى و در بيابانها بدشمن بتازى، و با بينائى دنبال وظيفه خود بروى، و با هر كه بجنگ تو آيد مردانه بجنگى، و پر از خدا يارى جوئى تا مهم تو را كفايت كند و تو را در گرفتارى يارى نمايد، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 33 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 33 صبحی صالح

33- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى قثم بن العباس و هو عامله على مكة

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَيْنِي بِالْمَغْرِبِ كَتَبَ إِلَيَّ يُعْلِمُنِي أَنَّهُ‏ وُجِّهَ إِلَى الْمَوْسِمِ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الْعُمْيِ الْقُلُوبِ الصُّمِّ الْأَسْمَاعِ الْكُمْهِ الْأَبْصَارِ

الَّذِينَ يَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَ يُطِيعُونَ الْمَخْلُوقَ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَ يَحْتَلِبُونَ الدُّنْيَا دَرَّهَا بِالدِّينِ وَ يَشْتَرُونَ عَاجِلَهَا بِآجِلِ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ وَ لَنْ يَفُوزَ بِالْخَيْرِ إِلَّا عَامِلُهُ وَ لَا يُجْزَى جَزَاءَ الشَّرِّ إِلَّا فَاعِلُهُ

فَأَقِمْ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ قِيَامَ الْحَازِمِ الصَّلِيبِ وَ النَّاصِحِ اللَّبِيبِ التَّابِعِ لِسُلْطَانِهِ الْمُطِيعِ لِإِمَامِهِ وَ إِيَّاكَ وَ مَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ وَ لَا تَكُنْ عِنْدَ النَّعْمَاءِ بَطِراً وَ لَا عِنْدَ الْبَأْسَاءِ فَشِلًا وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثالث و الثلاثون و من كتاب له عليه السلام الى قثم بن العباس و هو عامله على مكة:

أما بعد، فإن عيني بالمغرب كتب إلى يعلمني أنه وجه إلى الموسم أناس من أهل الشام، العمى القلوب، الصم الأسماع، الكمه الأبصار، الذين يلتمسون الحق بالباطل، و يطيعون المخلوق في معصية الخالق، و يحتلبون الدنيا درها بالدين، و يشترون عاجلها باجل الابرار المتقين، و لن يفوز بالخير إلا عامله، و لا يجزى جزاء الشر إلا فاعله، فأقم على ما في يديك قيام الحازم الصليب، و الناصح اللبيب، التابع لسلطانه، المطيع لإمامه، و إياك و ما يعتذر منه، و لا تكن عند النعماء بطرا، و لا عند البأساء فشلا، و السلام.

اللغة

(العين): الجاسوس، (المغرب): الشام لأنه في مغرب كوفة و مكة، (الموسم): موقع أداء الحج و مجمع الحجاج في مكة المكرمة، (العمى) جمع أعمى: من لا يبصر، (الصم): جمع أصم، (الكمه): جمع الأكمه: الأعمى خلقة، (البطر): شدة الفرح و كثرة النشاط، (البأساء): الشدة و لا أفعل له لأنه اسم غير صفة، (الفشل): الجبن و الضعف.

الاعراب‏

بالمغرب: متعلق بالعين لما فيه من معنى الوصفية و جملة كتب إلى خبره العمى القلوب: من إضافة الصفة إلى معموله و الاضافة لفظية و لا مانع من دخول أل على المضاف و كذا ما بعده، درها: بدل اشتمال من الدنيا.

المع‏نى‏

قثم بن عباس‏ بن عبد المطلب من الموالين لعلى‏ عليه السلام‏ ولاه‏ على مكة المكرمة بعد عزل أبا قتادة الأنصاري عنها، و لم يزل واليا عليها حتى قتل علي عليه السلام، حكى عن ابن عبد البر أن‏ قثم‏ استشهد بسمرقند، كان خرج إليها مع سعيد بن عثمان بن عفان زمن معاوية فقتل بها، قيل: و كان‏ قثم‏ يشبه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.

قال الشارح المعتزلي في (ص 138 ج 16 ط مصر): كان معاوية قد بعث إلى مكة دعاة فى السر يدعون إلى طاعته و يثبطون العرب عن نصرة أمير المؤمنين و يوقعون في أنفسهم أنه إما قاتل لعثمان أو خاذل، و إن الخلافة لا تصلح فيمن قتل أو خذل، و ينشرون عندهم محاسن معاوية بزعمهم و أخلاقه و سيرته، فكتب أمير المؤمنين‏ عليه السلام‏ هذا الكتاب إلى عامله بمكة ينبهه على ذلك ليعتمد فيه بما تقتضيه السياسة و لم يصرح في هذا الكتاب بماذا يأمره أن يفعل إذا ظفر بهم.

أقول: لعل ذلك قد كان و لكن لا يلائم ما ذكره ما يستفاد من هذا الكتاب فانه صادر باعتبار موسم الحج و اجتماع الحجاج في مكة من كل صقع من الأصقاع‏  الاسلامية، و الموقف يقتضى القيام بعمل جهري للملأ لا القيام بأمر سري و قد ورد في شأن صدور هذا الكتاب أن معاوية بعث يزيد بن شجرة أميرا على ثلاثة آلاف جندي مجرب و أمره بزحفه إلى مكة جهارا و إقامته الحج للناس من قبله و إخراجه و الي أمير المؤمنين من مكة و أخذه البيعة له عن الحاضرين في مكة المكرمة و لكن شرط عليه أن يكون كل ذلك من دون حرب و إراقة دم في الحرم، و لما ورد جيش يزيد بن شجرة الجحفة و اطلع قثم على ذلك عزم الهرب من مكة و الالتجاء بالجبال، فمنعه الصحابي الكبير أبو سعيد الخدري فورد يزيد بن شجرة مكة و نزل بمنى و طلب أبا سعيد و أخبره أنه لا يريد حربا و أن الأمير قثم لا يرضى بامامته للحاج و لا أرضاه و اقترح أن يختار الناس رجلا ثالثا يؤم الفريقين، فاستشاروا و توافقوا على إمامة شيبة بن عثمان العبدي، فأقام لهم الحج و صلى بالفريقين و لم يقع حرب بينهما، و خرج يزيد بعد الحج بجمعه عن مكة المكرمة.و هذا ألصق بما كتبه‏ عليه السلام إلى قثم بن العباس‏ في هذا المقام.

و قوله عليه السلام: (يحتلبون الدنيا درها بالدين) توصيف لأتباع معاوية و إشعار بعدم اعتقادهم بالدين و إنما يظهرون شعائر الدين ليحتلبون بها متاع الدنيا و يجعلونها وسيلة لأغراضهم المادية الخسيسة.

الترجمة

نامه آن حضرت بقثم بن عباس كه كارگزار او بود در مكه معظمه:

أما بعد براستى كه ديده بان من در مغرب بمن نامه ‏اى نوشته و بمن گزارش داده كه جمعى از مردم شام براى موسم انجام حج بمكه فرستاده شدند، مردمى كوردل كه نه گوش شنوا دارند و نه ديده بينا، مردمى كه حق را بباطل در آميزند و آنرا وسيله مقاصد پوچ خود سازند، مردمى كه در فرمانبردن از مخلوق نافرمانى آفريدگار را دارند، و پستان دنيا را بوسيله اظهار دين بدوشند، و دين را وسيله‏ دريافت آرمانهاى دنياى خود سازند، و سرانجام سعادت با نيكان پرهيزكار را بدنياى فانى بفروشند، هرگز بسرانجام نيك نرسد مگر نيكوكار، و سزاى بدكردارى را نكشد مگر بدكار و شرانگيز.

تو بر آنچه در دست دارى از كار گزارى مكه با كمال حزم و پايدارى ايستادگى كن و مردى باش خير انديش و خردمند كه پيرو حاكم خويش است و فرمانبر از پيشواى خود، مبادا مرتكب خلافى شوى كه نياز بپوزش داشته باشد و بر أثر دست يافتن بنعمتهاى خداوند خوشگذرانى پيشه مكن، و در موقع سختى و گرفتارى سستى از خود نشان مده.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 32 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )

نامه 32 صبحی صالح

32- و من كتاب له ( عليه‏ السلام  ) إلى معاوية

وَ أَرْدَيْتَ جِيلًا مِنَ النَّاسِ كَثِيراً خَدَعْتَهُمْ بِغَيِّكَ وَ أَلْقَيْتَهُمْ فِي مَوْجِ بَحْرِكَ تَغْشَاهُمُ الظُّلُمَاتُ وَ تَتَلَاطَمُ بِهِمُ الشُّبُهَاتُ

فَجَازُوا عَنْ وِجْهَتِهِمْ وَ نَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ وَ تَوَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ وَ عَوَّلُوا عَلَى أَحْسَابِهِمْ إِلَّا مَنْ فَاءَ مِنْ أَهْلِ الْبَصَائِرِ

فَإِنَّهُمْ فَارَقُوكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِكَ وَ هَرَبُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ مُوَازَرَتِكَ إِذْ حَمَلْتَهُمْ عَلَى الصَّعْبِ وَ عَدَلْتَ بِهِمْ عَنِ الْقَصْدِ

فَاتَّقِ اللَّهَ يَا مُعَاوِيَةُ فِي نَفْسِكَ وَ جَاذِبِ الشَّيْطَانَ قِيَادَكَ فَإِنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْكَ وَ الْآخِرَةَ قَرِيبَةٌ مِنْكَ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

المختار الثاني و الثلاثون من كتاب له عليه السلام الى معاوية

و أرديت جيلا من الناس كثيرا: خدعتهم بغيك، و ألقيتهم في موج بحرك، تغشاهم الظلمات، و تتلاطم بهم الشبهات، فجازوا عن وجهتهم، و نكصوا على أعقابهم، و تولوا على أدبارهم و عولوا على أحسابهم إلا من فاء من أهل البصائر فإنهم فارقوك بعد معرفتك، و هربوا إلى الله من موازرتك، إذ حملتهم على الصعب، و عدلت بهم عن القصد، فاتق الله يا معاوية في نفسك و جاذب الشيطان قيادك، فإن الدنيا منقطعة عنك، و الاخرة قريبة منك، و السلام.

و أول هذا الكتاب‏

من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد: فان الدنيا دار تجارة، و ربحها أو خسرها الاخرة، فالسعيد من كانت بضاعته فيها الأعمال الصالحة، و من رأى الدنيا بعينها، و قدرها بقدرها، و إني لأعظك مع علمي بسابق العلم فيك مما لا مرد له دون نفاذه، و لكن الله تعالى أخذ على العلماء أن يؤدوا الأمانة، و أن ينصحوا الغوي و الرشيد، فاتق الله، و لا تكن ممن لا يرجو الله وقارا، و من حقت عليه كلمة العذاب، فإن الله بالمرصاد، و إن دنياك مستدبر عنك، و ستعود حسرة عليك، فاقلع عما أنت عليه من الغي و الضلال، على كبر سنك، و فناء عمرك، فان حالك اليوم كحال الثوب المهيل الذي لا يصلح من جانب إلا فسد من آخر، و قد أرديت جيلا، إلخ.

اللغة

(أرديت): اوقعت في الهلاك و الضلالة، (جيلا): الجيل من الناس:

الصنف منهم فالترك جيل و الروم جيل و الهند جيل، (نكصوا): أى انقلبوا (قياد): حبل يقاد به البعير و نحوه، (المهيل) المتداعى في التمزق و منه رمل مهيل أى ينهال و يسيل (عول) على كذا، اعتمد عليه (فاء): رجع (المؤازرة): المعاونة.

الاعراب‏

كثيرا: صفة للجيل و يدل على متابعة شعوب كثيرة لمعاوية في حرب علي عليه السلام كاقباط الشام و يهود من القاطنين فيها و غيرهم و غرضهم اشعال الحرب بين المسلمين و تضعيف الدين ليحصلوا حريتهم في أديانهم، تغشاهم الظلمات: فعلية حالية، قيادك: مفعول ثان لقوله «جاذب» و لا يتعدى باب المفاعلة إلى مفعولين على الاصول و يمكن ان يكون منصوبا على التميز فتدبر.

المعنى‏

تعرض‏ عليه السلام‏ في‏ كتابه‏ هذا لوعظ معاوية اتماما للحجة عليه و وفاء بما في‏ ذمته من إرشاد الناس‏ و توضيح الحق لهم ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة.

و نبه‏ معاوية على أن ما ارتكبه من الخلاف أمر يرجع إلى إضلال‏ كثير من الناس‏ و لا تدارك له إلا برجوعه إلى الحق و إعلامه ضلالته ليرجع عنها من وقع فيه بغيه و تلبيسه مع إشارته إلى أنه لا يتعظ بمواعظه حيث يقول في صدر الكتاب «و إني لأعظك مع علمي بسابق العلم فيك مما لا مرد له دون نفاذه- إلخ» و مقصوده إعلام حاله على سائر المسلمين لئلا يقعوا في حبل ضلالته و خدعوا بالقاء شبهاته.

و قد نقل الشارح المعتزلي «ص 133 ج 16 ط مصر»: بعد نقل صدر كتابه عن أبي الحسن علي بن محمد المدائنى مكاتبات عدة بعد هذا الكتاب بين علي عليه السلام و معاوية تحتوى على جمل شديدة اللحن يبين فيها على عليه السلام ما عليه معاوية من الغي و الضلالة و الخدعة و الجهالة، فيرد عليه معاوية بما يفترى على علي عليه السلام من الأباطيل و الأضاليل مقرونا بالوعيد و التهديد، ثم يقول في «ص 136»:

قلت: و أعجب و أطرب ما جاء به الدهر … يفضى أمر علي عليه السلام إلى أن يصير معاوية ندا له و نظيرا مماثلا، يتعارضان الكتاب و الجواب- إلى أن قال: ثم أقول ثانيا لأمير المؤمنين عليه السلام: ليت شعرى لما ذا فتح باب الكتاب و الجواب بينه و بين معاوية؟ و إذا كانت الضرورة قد قادت إلى ذلك، فهلا اقتصر في الكتاب إليه على الموعظة من غير تعرض للمفاخرة و المنافرة، و إذا كانت لا بد منهما فهلا اكتفى بهما من غير تعرض لأمر آخر يوجب المقابلة و المعارضة بمثله، و بأشد منه «و لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم» و هلا دفع هذا الرجل العظيم الجليل نفسه عن سباب هذا السفيه الأحمق» ثم جر الكلام إلى ابتداء علي عليه السلام بلعن معاوية في القنوت مع عمرو بن العاص و أبي موسى و غيرهم، فقابله معاوية بلعنه مع أولاده و مع جمع من أخصاء أصحابه.

أقول: ظاهر كلامه تأسف مع اعتراض شديد أو اعتراض مقرون بتأسف‏ عميق، و يشدد اعتراضه عليه استدلاله بالاية الشريفة، و فحوى كلامه أن عمله عليه السلام مخالف لمفاد الاية، و هذا جرئة عليه عليه السلام، و غرضه تنديده بمقام عصمته و امامته و الجواب أن لعن أعداء الله و الدعاء عليهم منصوص في القرآن في غير واحد من الايات.

كقوله عز من قائل: «تبت يدا أبي لهب و تب‏» و قوله عز من قائل: «لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود و عيسى ابن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون‏: 79- المائدة».

مضافا إلى أن ما يندرج في كتب علي عليه السلام بيان للحقيقة من أحوال معاوية و المقصود كشف الحقيقة لعموم الناس حتى لا يضلوا بتضليلاته و لا ينخدعوا بخدعه و تسويلاته.

و مفاد الاية التي استدل بها النهى عن سب الالهة و لعل وجهه أن الالهة غير مستحقين للسب لأنهم أجسام غير شاعرة يعبدون بغير إرادتهم و مستحق الملامة و السب عبادهم الذين يصنعونهم و يعبدونهم، مع أن الاية نزلت حين ضعف المسلمين و حين الهدنة لأنها مكية من سورة الأنعام.

قال في مجمع البيان: «لا تسبوا الذين يدعون من دون الله‏» أي لا تخرجوا من دعوة الكفار و محاجتهم إلى أن تسبوا ما يعبدونه من دون الله فان ذلك ليس من الحجاج في شي‏ء «فيسبوا الله عدوا بغير علم‏» و أنتم اليوم غير قادرين على معاقبتهم بما يستحقون لأن الدار دارهم و لم يؤذن لكم في القتال.

الترجمة

دسته‏ هاى بسيارى از مردم را بنابودى كشاندى، بگمراهى خود آنان را فريفتى و در امواج تاريك وجود خود افكندى، و پرده‏هاى تاريك وجود تو آنها را فرو گرفت، و شبهه‏ ها كه ساختى و پرداختى آنانرا درهم پيچيد، تا از پيشاهنگى خود در گذشتند و بروى پاشنه پاى خود سرنگون گشتند، و روى بر پشت دادند و از حق برگشتند، بخاندان و تبار خويش تكيه كردند و از دين خدا برگشتند،

جز آنانكه از مردمان بينا و هشيار روى از تو برتافتند و پس از اين كه تو را شناختند از تو جدا شدند و بسوى خدا گريزان باز گشتند و از يارى با تو سر باز زدند، چون كه آنان را بكوهستانى سخت مى ‏بردى و از راه هموار و درست بدر مى ‏كردى، أى معاويه براى خاطر خود از خداوند بپرهيز و مهار خود را كه بدست شيطان دادى و آنرا مى‏ كشد خود بدست گير و بسوى حق بكش زيرا كه دنيا بناخواه از تو بريده مى ‏شود و آخرت بتو نزديكست و بناخواه مى‏ رسد، و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه نامه ها نامه شماره 31 شرح میر حبیب الله خوئی(به قلم علامه حسن زاده آملی )وصیت

نامه 31 صبحی صالح

31- و من وصية له ( عليه ‏السلام  ) للحسن بن علي ( عليهماالسلام  ) كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين‏

مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ الْمُسْتَسْلِمِ لِلدُّنْيَا السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَى وَ الظَّاعِنِ عَنْهَا غَداً إِلَى الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لَا يُدْرِكُ السَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ

غَرَضِ الْأَسْقَامِ وَ رَهِينَةِ الْأَيَّامِ وَ رَمِيَّةِ الْمَصَائِبِ وَ عَبْدِ الدُّنْيَا وَ تَاجِرِ الْغُرُورِ وَ غَرِيمِ الْمَنَايَا وَ أَسِيرِ الْمَوْتِ وَ حَلِيفِ الْهُمُومِ وَ قَرِينِ الْأَحْزَانِ وَ نُصُبِ الْآفَاتِ وَ صَرِيعِ الشَّهَوَاتِ وَ خَلِيفَةِ الْأَمْوَاتِ

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فِيمَا تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْيَا عَنِّي وَ جُمُوحِ الدَّهْرِ عَلَيَّ وَ إِقْبَالِ الْآخِرَةِ إِلَيَّ مَا يَزَعُنِي عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ وَ الِاهْتِمَامِ بِمَا وَرَائِي غَيْرَ أَنِّي حَيْثُ تَفَرَّدَ بِي دُونَ هُمُومِ النَّاسِ هَمُّ نَفْسِي

فَصَدَفَنِي رَأْيِي وَ صَرَفَنِي عَنْ هَوَايَ وَ صَرَّحَ لِي مَحْضُ أَمْرِي فَأَفْضَى بِي إِلَى جِدٍّ لَا يَكُونُ فِيهِ لَعِبٌ وَ صِدْقٍ لَا يَشُوبُهُ كَذِبٌ

وَ وَجَدْتُكَ بَعْضِي بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي وَ كَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي فَعَنَانِي‏

مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابِي مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقِيتُ لَكَ أَوْ فَنِيتُ

فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ أَيْ بُنَيَّ وَ لُزُومِ أَمْرِهِ وَ عِمَارَةِ قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ وَ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ وَ أَيُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبَبٍ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ إِنْ أَنْتَ أَخَذْتَ بِهِ

أَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَ أَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ وَ قَوِّهِ بِالْيَقِينِ وَ نَوِّرْهُ بِالْحِكْمَةِ وَ ذَلِّلْهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَ قَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ وَ بَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا

وَ حَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَ فُحْشَ تَقَلُّبِ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ وَ اعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ وَ ذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الْأَوَّلِينَ

وَ سِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَ آثَارِهِمْ فَانْظُرْ فِيمَا فَعَلُوا وَ عَمَّا انْتَقَلُوا وَ أَيْنَ حَلُّوا وَ نَزَلُوا فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُوا عَنِ الْأَحِبَّةِ وَ حَلُّوا دِيَارَ الْغُرْبَةِ وَ كَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ

فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ وَ لَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ وَ دَعِ الْقَوْلَ فِيمَا لَا تَعْرِفُ وَ الْخِطَابَ فِيمَا لَمْ تُكَلَّفْ وَ أَمْسِكْ عَنْ طَرِيقٍ إِذَا خِفْتَ ضَلَالَتَهُ فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلَالِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْأَهْوَالِ

وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ وَ أَنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِيَدِكَ وَ لِسَانِكَ وَ بَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ وَ جَاهِدْ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَ لَا تَأْخُذْكَ فِي اللَّهِ   لَوْمَةُ لَائِمٍ وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ لِلْحَقِّ حَيْثُ كَانَ

وَ تَفَقَّهْ فِي الدِّينِ وَ عَوِّدْ نَفْسَكَ التَّصَبُّرَ عَلَى الْمَكْرُوهِ وَ نِعْمَ الْخُلُقُ التَّصَبُرُ فِي الْحَقِّ

وَ أَلْجِئْ نَفْسَكَ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا إِلَى إِلَهِكَ فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَى كَهْفٍ حَرِيزٍ وَ مَانِعٍ عَزِيزٍ وَ أَخْلِصْ فِي الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ فَإِنَّ بِيَدِهِ الْعَطَاءَ وَ الْحِرْمَانَ وَ أَكْثِرِ الِاسْتِخَارَةَ وَ تَفَهَّمْ وَصِيَّتِي وَ لَا تَذْهَبَنَّ عَنْكَ صَفْحاً فَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا نَفَعَ

وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَ لَا يُنْتَفَعُ بِعِلْمٍ لَا يَحِقُّ تَعَلُّمُهُ

أَيْ بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ بَلَغْتُ سِنّاً وَ رَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيْكَ وَ أَوْرَدْتُ خِصَالًا مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي

أَوْ أَنْ أُنْقَصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوَى وَ فِتَنِ الدُّنْيَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ وَ إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْ‏ءٍ قَبِلَتْهُ

فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ يَشْتَغِلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَ عُوفِيتَ مِنْ عِلَاجِ التَّجْرِبَةِ

فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ وَ اسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ

أَيْ بُنَيَّ إِنِّي وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي فَقَدْ نَظَرْتُ‏ فِي أَعْمَالِهِمْ وَ فَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ وَ سِرْتُ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ

فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ وَ نَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَهُ وَ تَوَخَّيْتُ لَكَ جَمِيلَهُ وَ صَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ

وَ رَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي الْوَالِدَ الشَّفِيقَ وَ أَجْمَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَبِكَ

أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَ أَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ وَ مُقْتَبَلُ الدَّهْرِ ذُو نِيَّةٍ سَلِيمَةٍ وَ نَفْسٍ صَافِيَةٍ وَ أَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَأْوِيلِهِ وَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَ أَحْكَامِهِ وَ حَلَالِهِ وَ حَرَامِهِ لَا أُجَاوِزُ ذَلِكَ بِكَ إِلَى غَيْرِهِ

ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِي الْتَبَسَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلَامِكَ إِلَى أَمْرٍ لَا آمَنُ عَلَيْكَ بِهِ الْهَلَكَةَ

وَ رَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اللَّهُ فِيهِ لِرُشْدِكَ وَ أَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتِي هَذِهِ

وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَى اللَّهِ وَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ الْأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ وَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ

فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا أَنْ نَظَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ وَ فَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَى الْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَ الْإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا

فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا عَلِمُوا فَلْيَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ لَا بِتَوَرُّطِ الشُّبُهَاتِ وَ عُلَقِ الْخُصُومَاتِ

وَ ابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِي ذَلِكَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ وَ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي تَوْفِيقِكَ وَ تَرْكِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَوْلَجَتْكَ فِي شُبْهَةٍ أَوْ أَسْلَمَتْكَ إِلَى ضَلَالَةٍ

فَإِنْ أَيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ وَ تَمَّ رَأْيُكَ فَاجْتَمَعَ وَ كَانَ هَمُّكَ فِي ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً فَانْظُرْ فِيمَا فَسَّرْتُ لَكَ

وَ إِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ وَ فَرَاغِ نَظَرِكَ وَ فِكْرِكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبِطُ الْعَشْوَاءَ وَ تَتَوَرَّطُ الظَّلْمَاءَ وَ لَيْسَ طَالِبُ الدِّينِ مَنْ خَبَطَ أَوْ خَلَطَ وَ الْإِمْسَاكُ عَنْ ذَلِكَ أَمْثَلُ

فَتَفَهَّمْ يَا بُنَيَّ وَصِيَّتِي وَ اعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الْحَيَاةِ وَ أَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمِيتُ وَ أَنَّ الْمُفْنِيَ هُوَ الْمُعِيدُ وَ أَنَّ الْمُبْتَلِيَ هُوَ الْمُعَافِي

وَ أَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلَّا عَلَى مَا جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّعْمَاءِ وَ الِابْتِلَاءِ وَ الْجَزَاءِ فِي الْمَعَادِ أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لَا تَعْلَمُ

فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ مِنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَى جَهَالَتِكَ فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ بِهِ جَاهِلًا ثُمَّ عُلِّمْتَ وَ مَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الْأَمْرِ وَ يَتَحَيَّرُ فِيهِ رَأْيُكَ وَ يَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ

فَاعْتَصِمْ بِالَّذِي‏ خَلَقَكَ وَ رَزَقَكَ وَ سَوَّاكَ وَ لْيَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ وَ إِلَيْهِ رَغْبَتُكَ وَ مِنْهُ شَفَقَتُكَ

وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَداً لَمْ يُنْبِئْ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا أَنْبَأَ عَنْهُ الرَّسُولُ ( صلى ‏الله‏ عليه‏ وآله  )فَارْضَ بِهِ رَائِداً وَ إِلَى النَّجَاةِ قَائِداً فَإِنِّي لَمْ آلُكَ نَصِيحَةً وَ إِنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ فِي النَّظَرِ لِنَفْسِكَ وَ إِنِ اجْتَهَدْتَ مَبْلَغَ نَظَرِي لَكَ:

وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ وَ لَرَأَيْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ لَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَ صِفَاتِهِ وَ لَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ لَا يُضَادُّهُ فِي مُلْكِهِ أَحَدٌ وَ لَا يَزُولُ أَبَداً وَ لَمْ يَزَلْ

أَوَّلٌ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ بِلَا أَوَّلِيَّةٍ وَ آخِرٌ بَعْدَ الْأَشْيَاءِ بِلَا نِهَايَةٍ عَظُمَ عَنْ أَنْ تَثْبُتَ رُبُوبِيَّتُهُ بِإِحَاطَةِ قَلْبٍ أَوْ بَصَرٍ

فَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَافْعَلْ كَمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِكَ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي صِغَرِ خَطَرِهِ وَ قِلَّةِ مَقْدِرَتِهِ وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ و عَظِيمِ حَاجَتِهِ إِلَى رَبِّهِ فِي طَلَبِ طَاعَتِهِ وَ الْخَشْيَةِ مِنْ عُقُوبَتِهِ وَ الشَّفَقَةِ مِنْ سُخْطِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْكَ إِلَّا بِحَسَنٍ وَ لَمْ يَنْهَكَ إِلَّا عَنْ قَبِيحٍ:

يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الدُّنْيَا وَ حَالِهَا وَ زَوَالِهَا وَ انْتِقَالِهَا وَ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الْآخِرَةِ وَ مَا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا فِيهَا وَ ضَرَبْتُ لَكَ فِيهِمَا الْأَمْثَالَ لِتَعْتَبِرَ بِهَا وَ تَحْذُوَ عَلَيْهَا

إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ خَبَرَ الدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدِيبٌ فَأَمُّوا مَنْزِلًا خَصِيباً وَ جَنَاباً مَرِيعاً فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ الطَّرِيقِ وَ فِرَاقَ الصَّدِيقِ وَ خُشُونَةَ السَّفَرِ وَ جُشُوبَةَ المَطْعَمِ لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ وَ مَنْزِلَ قَرَارِهِمْ

فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِشَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً وَ لَا يَرَوْنَ نَفَقَةً فِيهِ مَغْرَماً وَ لَا شَيْ‏ءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ وَ أَدْنَاهُمْ مِنْ مَحَلَّتِهِمْ

وَ مَثَلُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بِمَنْزِلٍ خَصِيبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَى مَنْزِلٍ جَدِيبٍ فَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ وَ لَا أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا فِيهِ إِلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ وَ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ

يَا بُنَيَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ غَيْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ اكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا وَ لَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ وَ أَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَ اسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ

وَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ وَ لَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ وَ إِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ وَ لَا تَقُلْ مَا لَا تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ

وَ اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ وَ آفَةُ الْأَلْبَابِ فَاسْعَ فِي كَدْحِكَ وَ لَا تَكُنْ خَازِناً لِغَيْرِكَ وَ إِذَا أَنْتَ هُدِيتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ:

وَ اعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِيقاً ذَا مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَ أَنَّهُ لَا غِنَى بِكَ فِيهِ عَنْ حُسْنِ الِارْتِيَادِ وَ قَدْرِ بَلَاغِكَ مِنَ الزَّادِ مَعَ خِفَّةِ الظَّهْرِ فَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَى ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ فَيَكُونَ ثِقْلُ ذَلِكَ وَبَالًا عَلَيْكَ

وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيُوَافِيكَ بِهِ غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَاغْتَنِمْهُ وَ حَمِّلْهُ إِيَّاهُ وَ أَكْثِرْ مِنْ تَزْوِيدِهِ وَ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلَا تَجِدُهُ

وَ اغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ فِي حَالِ غِنَاكَ لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ فِي يَوْمِ عُسْرَتِكَ

وَ اعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَئُوداً الْمُخِفُّ فِيهَا أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمُثْقِلِ وَ الْمُبْطِئُ عَلَيْهَا أَقْبَحُ حَالًا مِنَ الْمُسْرِعِ وَ أَنَّ مَهْبِطَكَ بِهَا لَا مَحَالَةَ إِمَّا عَلَى جَنَّةٍ أَوْ عَلَى نَارٍ

فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ وَ وَطِّئِ الْمَنْزِلَ قَبْلَ حُلُولِكَ فَلَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ وَ لَا إِلَى الدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ

وَ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ وَ تَكَفَّلَ لَكَ بِالْإِجَابَةِ وَ أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ وَ تَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ‏

وَ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ وَ لَمْ يُلْجِئْكَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكَ إِلَيْهِ

وَ لَمْ يَمْنَعْكَ إِنْ أَسَأْتَ مِنَ التَّوْبَةِ وَ لَمْ يُعَاجِلْكَ بِالنِّقْمَةِ وَ لَمْ يُعَيِّرْكَ بِالْإِنَابَةِ وَ لَمْ يَفْضَحْكَ حَيْثُ الْفَضِيحَةُ بِكَ أَوْلَى وَ لَمْ يُشَدِّدْ عَلَيْكَ فِي قَبُولِ الْإِنَابَةِ وَ لَمْ يُنَاقِشْكَ بِالْجَرِيمَةِ وَ لَمْ يُؤْيِسْكَ مِنَ الرَّحْمَةِ

بَلْ جَعَلَ نُزُوعَكَ عَنِ الذَّنْبِ حَسَنَةً وَ حَسَبَ سَيِّئَتَكَ وَاحِدَةً وَ حَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً وَ فَتَحَ لَكَ بَابَ الْمَتَابِ وَ بَابَ الِاسْتِعْتَابِ

فَإِذَا نَادَيْتَهُ سَمِعَ نِدَاكَ وَ إِذَا نَاجَيْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ فَأَفْضَيْتَ إِلَيْهِ بِحَاجَتِكَ وَ أَبْثَثْتَهُ ذَاتَ نَفْسِكَ وَ شَكَوْتَ إِلَيْهِ هُمُومَكَ وَ اسْتَكْشَفْتَهُ كُرُوبَكَ

وَ اسْتَعَنْتَهُ عَلَى أُمُورِكَ وَ سَأَلْتَهُ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِعْطَائِهِ غَيْرُهُ مِنْ زِيَادَةِ الْأَعْمَارِ وَ صِحَّةِ الْأَبْدَانِ وَ سَعَةِ الْأَرْزَاقِ

ثُمَّ جَعَلَ فِي يَدَيْكَ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِهِ بِمَا أَذِنَ لَكَ فِيهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ فَمَتَى شِئْتَ اسْتَفْتَحْتَ بِالدُّعَاءِ أَبْوَابَ نِعْمَتِهِ وَ اسْتَمْطَرْتَ شَآبِيبَ رَحْمَتِهِ فَلَا يُقَنِّطَنَّكَ إِبْطَاءُ إِجَابَتِهِ فَإِنَّ الْعَطِيَّةَ عَلَى قَدْرِ النِّيَّةِ

وَ رُبَّمَا أُخِّرَتْ عَنْكَ الْإِجَابَةُ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَعْظَمَ لِأَجْرِ السَّائِلِ وَ أَجْزَلَ لِعَطَاءِ الْآمِلِ وَ رُبَّمَا سَأَلْتَ الشَّيْ‏ءَ فَلَا تُؤْتَاهُ وَ أُوتِيتَ خَيْراً مِنْهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا أَوْ صُرِفَ عَنْكَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ

فَلَرُبَّ أَمْرٍ قَدْ طَلَبْتَهُ فِيهِ هَلَاكُ دِينِكَ لَوْ أُوتِيتَهُ فَلْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ فِيمَا يَبْقَى‏ لَكَ جَمَالُهُ وَ يُنْفَى عَنْكَ وَبَالُهُ فَالْمَالُ لَا يَبْقَى لَكَ وَ لَا تَبْقَى لَهُ

وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّكَ إِنَّمَا خُلِقْتَ لِلْآخِرَةِ لَا لِلدُّنْيَا وَ لِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ وَ لِلْمَوْتِ لَا لِلْحَيَاةِ وَ أَنَّكَ فِي قُلْعَةٍ وَ دَارِ بُلْغَةٍ وَ طَرِيقٍ إِلَى الْآخِرَةِ وَ أَنَّكَ طَرِيدُ الْمَوْتِ الَّذِي لَا يَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ وَ لَا يَفُوتُهُ طَالِبُهُ وَ لَا بُدَّ أَنَّهُ مُدْرِكُهُ

فَكُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَرِ أَنْ يُدْرِكَكَ وَ أَنْتَ عَلَى حَالٍ سَيِّئَةٍ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ مِنْهَا بِالتَّوْبَةِ فَيَحُولَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ

ذكر الموت‏

يَا بُنَيَّ أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ ذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ وَ تُفْضِي بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَكَ وَ قَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ وَ شَدَدْتَ لَهُ أَزْرَكَ وَ لَا يَأْتِيَكَ بَغْتَةً فَيَبْهَرَكَ

وَ إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلَادِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا وَ تَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا فَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ عَنْهَا وَ نَعَتْ هِيَ لَكَ عَنْ نَفْسِهَا وَ تَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوِيهَا

فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلَابٌ عَاوِيَةٌ وَ سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَ يَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا وَ يَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا

نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وَ أُخْرَى مُهْمَلَةٌ قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا وَ رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ‏ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا وَ لَا مُسِيمٌ يُسِيمُهَا

سَلَكَتْ بِهِمُ الدُّنْيَا طَرِيقَ الْعَمَى وَ أَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنَارِ الْهُدَى فَتَاهُوا فِي حَيْرَتِهَا وَ غَرِقُوا فِي نِعْمَتِهَا وَ اتَّخَذُوهَا رَبّاً فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَ لَعِبُوا بِهَا وَ نَسُوا مَا وَرَاءَهَا

الترفق في الطلب‏

رُوَيْداً يُسْفِرُ الظَّلَامُ كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ الْأَظْعَانُ يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَلْحَقَ

وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُهُ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ وَاقِفاً وَ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ وَ إِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً

وَ اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ وَ لَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ وَ أَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَخَفِّضْ فِي الطَّلَبِ وَ أَجْمِلْ فِي الْمُكْتَسَبِ فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ وَ لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرْزُوقٍ وَ لَا كُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ

وَ أَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَ إِنْ سَاقَتْكَ إِلَى الرَّغَائِبِ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً وَ لَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ حُرّاً وَ مَا خَيْرُ خَيْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِشَرٍّ وَ يُسْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِعُسْرٍ

وَ إِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ‏  الْهَلَكَةِ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَكُونَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وَ آخِذٌ سَهْمَكَ

وَ إِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَعْظَمُ وَ أَكْرَمُ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِهِ وَ إِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ

وصايا شتى‏

وَ تَلَافِيكَ مَا فَرَطَ مِنْ صَمْتِكَ أَيْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِكَ وَ حِفْظُ مَا فِي الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ وَ حِفْظُ مَا فِي يَدَيْكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ طَلَبِ مَا فِي يَدَيْ غَيْرِكَ

وَ مَرَارَةُ الْيَأْسِ خَيْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَى النَّاسِ وَ الْحِرْفَةُ مَعَ الْعِفَّةِ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى مَعَ الْفُجُورِ وَ الْمَرْءُ أَحْفَظُ لِسِرِّهِ وَ رُبَّ سَاعٍ فِيمَا يَضُرُّهُ مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ وَ مَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ

قَارِنْ أَهْلَ الْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ وَ بَايِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ وَ ظُلْمُ الضَّعِيفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ

إِذَا كَانَ الرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ الْخُرْقُ رِفْقاً رُبَّمَا كَانَ الدَّوَاءُ دَاءً وَ الدَّاءُ دَوَاءً وَ رُبَّمَا نَصَحَ غَيْرُ النَّاصِحِ وَ غَشَّ الْمُسْتَنْصَحُ

وَ إِيَّاكَ وَ الِاتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَى وَ الْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ وَ خَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَ لَا كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ

وَ مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ وَ مَفْسَدَةُ الْمَعَادِ وَ لِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ سَوْفَ يَأْتِيكَ مَا قُدِّرَ لَكَ التَّاجِرُ مُخَاطِرٌ وَ رُبَّ يَسِيرٍ أَنْمَى مِنْ كَثِيرٍ

لَا خَيْرَ فِي‏ مُعِينٍ مَهِينٍ وَ لَا فِي صَدِيقٍ ظَنِينٍ سَاهِلِ الدَّهْرَ مَا ذَلَّ لَكَ قَعُودُهُ وَ لَا تُخَاطِرْ بِشَيْ‏ءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِيَّةُ اللَّجَاجِ

احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى الصِّلَةِ وَ عِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللَّطَفِ وَ الْمُقَارَبَةِ وَ عِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى الْبَذْلِ وَ عِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ وَ عِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ وَ عِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى الْعُذْرِ حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ

وَ كَأَنَّهُ ذُو نِعْمَةٍ عَلَيْكَ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أَهْلِهِ

لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ وَ امْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبِيحَةً وَ تَجَرَّعِ الْغَيْظَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ جُرْعَةً أَحْلَى مِنْهَا عَاقِبَةً وَ لَا أَلَذَّ مَغَبَّةً

وَ لِنْ لِمَنْ غَالَظَكَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَلِينَ لَكَ وَ خُذْ عَلَى عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ أَحْلَى الظَّفَرَيْنِ

وَ إِنْ أَرَدْتَ قَطِيعَةَ أَخِيكَ فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا إِنْ بَدَا لَهُ ذَلِكَ يَوْماً مَا

وَ مَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْراً فَصَدِّقْ ظَنَّهُ وَ لَا تُضِيعَنَّ حَقَّ أَخِيكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّهُ وَ لَا يَكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَى الْخَلْقِ بِكَ

وَ لَا تَرْغَبَنَّ فِيمَنْ زَهِدَ عَنْكَ وَ لَا يَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَى عَلَى قَطِيعَتِكَ مِنْكَ عَلَى صِلَتِهِ وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَى الْإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الْإِحْسَانِ

وَ لَا يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي مَضَرَّتِهِ وَ نَفْعِكَ وَ لَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ

وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ الرِّزْقَ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَ رِزْقٌ يَطْلُبُكَ فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ

مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَ الْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَى إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ وَ إِنْ كُنْتَ جَازِعاً عَلَى مَا تَفَلَّتَ مِنْ يَدَيْكَ فَاجْزَعْ عَلَى كُلِّ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ اسْتَدِلَّ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ فَإِنَّ الْأُمُورَ أَشْبَاهٌ

وَ لَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا تَنْفَعُهُ الْعِظَةُ إِلَّا إِذَا بَالَغْتَ فِي إِيلَامِهِ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالْآدَابِ وَ الْبَهَائِمَ لَا تَتَّعِظُ إِلَّا بِالضَّرْبِ.

اطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْيَقِينِ مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ جَارَ وَ الصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ وَ الصَّدِيقُ مَنْ صَدَقَ غَيْبُهُ وَ الْهَوَى شَرِيكُ الْعَمَى

وَ رُبَّ بَعِيدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ وَ قَرِيبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِيدٍ وَ الْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبِيبٌ مَنْ تَعَدَّى الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِهِ كَانَ أَبْقَى لَهُ وَ أَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ مَنْ لَمْ يُبَالِكَ فَهُوَ عَدُوُّكَ

قَدْ يَكُونُ الْيَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلَاكاً لَيْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ وَ لَا كُلُّ فُرْصَةٍ تُصَابُ وَ رُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِيرُ قَصْدَهُ وَ أَصَابَ الْأَعْمَى رُشْدَهُ

أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ وَ قَطِيعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ الْعَاقِلِ مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَانَهُ وَ مَنْ أَعْظَمَهُ أَهَانَهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ رَمَى أَصَابَ إِذَا تَغَيَّرَ السُّلْطَانُ تَغَيَّرَ الزَّمَانُ

سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ وَ عَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ إِيَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَكُونُ مُضْحِكاً وَ إِنْ حَكَيْتَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِكَ

الرأي في المرأة

وَ إِيَّاكَ وَ مُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ فَإِنَّ رَأْيَهُنَّ إِلَى أَفْنٍ وَ عَزْمَهُنَّ إِلَى وَهْنٍ

وَ اكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ أَبْقَى عَلَيْهِنَّ وَ لَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ عَلَيْهِنَّ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ

وَ لَا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ

وَ لَا تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا وَ لَا تُطْمِعْهَا فِي أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا وَ إِيَّاكَ وَ التَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو الصَّحِيحَةَ إِلَى السَّقَمِ وَ الْبَرِيئَةَ إِلَى الرِّيَبِ

وَ اجْعَلْ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ خَدَمِكَ عَمَلًا تَأْخُذُهُ بِهِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَلَّا يَتَوَاكَلُوا فِي خِدْمَتِكَ وَ أَكْرِمْ عَشِيرَتَكَ فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ الَّذِي بِهِ تَطِيرُ وَ أَصْلُكَ الَّذِي إِلَيْهِ تَصِيرُ وَ يَدُكَ الَّتِي بِهَا تَصُولُ

دعاء

اسْتَوْدِعِ اللَّهَ دِينَكَ وَ دُنْيَاكَ وَ اسْأَلْهُ خَيْرَ الْقَضَاءِ لَكَ فِي الْعَاجِلَةِ وَ الْآجِلَةِ وَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ السَّلَامُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج20  

الجزء العشرين‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

[تتمة باب المختار من كتب أمير المؤمنين ع و رسائله إلى أعدائه و أمرائه‏]

المختار الحادى و الثلاثون و من وصية له عليه السلام للحسن بن على، كتبها اليه بحاضرين منصرفا من صفين.

الفصل الاول من قوله‏:

من الوالد الفان، المقر للزمان، المدبر العمر، المستسلم للدهر، الذام للدنيا، الساكن مساكن الموتى، الظاعن عنها غدا إلى المولود المؤمل ما لا يدرك، السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام، و رهينة الأيام، و رمية المصائب، و عبد الدنيا، و تاجر الغرور، و غريم المنايا، و أسير الموت، و حليف الهموم، و قرين الأحزان، و نصب الافات، و صريع الشهوات و خليفة الأموات. أما بعد، فإن فيما تبينت من إدبار الدنيا عني، و جموح الدهر علي، و إقبال الاخرة إلى، ما يزعني عن ذكر من سواى‏ و الاهتمام بما ورائي، غير أني حيث تفرد بي- دون هموم الناس- هم نفسي، فصدفني رأيي، و صرفني عن هواى، و صرح لي محض أمري، فأفضى بي إلى جد لا يكون فيه لعب، و صدق لا يشوبه كذب، وجدتك بعضي، بل وجدتك كلي، حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني، و كأن الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي، فكتبت إليك كتابي مستظهرا به إن أنا بقيت لك أو فنيت.

اللغة

(حاضرين) بصيغة التثنية و قرء بصيغة الجمع مع اللام و بدونها: اسم موضع بالشام، (الفان) من الفناء حذف لامه للسجع، (الرمية): الهدف، (نصب):

المنصوب (يزعني): يكفني (المحض): الخالص (الشوب): المزج و الخلط.

الاعراب‏

من الوالد: متعلق بمحذوف بقرينة الحال و هو كتب و ما يساوقه، و إلى المولود متعلق به أيضا، غرض الأسقام: صفة ثالثة للمولود و مجموعها معرف مركب فترك فيها العطف، فيما تبينت ظرف مستقر اسم إن، و قوله: ما، لفظه موصول خبر لها، قوله: حيث تفرد بي، ظرف يتضمن معنى الشرط و قوله: فكتبت إليك بمنزلة الجزاء له.

المعنى‏

هذه‏ وصية عامة تامة أخرجها إلى ابنه‏ الحسن عليه السلام‏ و جمع فيها أنواع المواعظ و النصائح الكافية الشافية و صنوف الحكمة العملية الوافية، و كفى بها دستورا إرشاديا لكل مسلم بل لكل إنسان، فكأنه عليه السلام جرد من نفسه الزكية والدا للكل أو نموذجا لجميع الوالدين، و جرد من ابنه الحسن عليه السلام ولدا لكل الأولاد أو نموذجا لجميع الأبناء في أى بلاد، ثم سرد النصائح و نظم المواعظ لتكون وصيته هذا انجيلا لأمة الاسلام: و توجيه هذه الوصية إلى ابنه الحسن يشير إلى زعامته بعده و اهتضامه و اعتزاله فلا يكون إلا إماما مبشرا منذرا بلا سلاح و لا اقتدار.

الترجمة

سى و يكم از سفارشنامه‏ئى كه بحسن بن علي سپرد و آنرا در هنگام بازگشت از نبرد صفين در حاضرين نگارش فرمود:

از پدرى فنا پذير و زمان افكنده و از عمر گذشته و سر بروزگار سپرده، بدگوى دنيا و سكنى گزين منازل مرده‏ها كه فردا از آن كوچا است.

بسوى فرزندى آرزومند بدانچه در نيابد آنكه براه هالكان است و بيماريهايش نشانه گرفته ‏اند، گرو چند روز است و هدف مصائب و بنده دنيا غرور فروش است و بدهكار جان عزيز به مرگ‏ها و اسير مردنست و پيوند سپار با هموم و همگام با احزان، نشانه آفات است و كشته شهوات و جانشين أموات.

أما بعد- بمن از ملاحظه برگشت دنيا و هجوم روزگار و پيشامد آخرت باندازه‏اى در آويخت كه از ياد ديگران و از اهتمام باين و آنم باز داشت جز اين كه چون از همه بخود پرداختم و خود را شناختم و از هوسرانى گذشتم و كار خود را بخوبى فهميدم بكوششى خسته ناپذير و صداقتي بى دروغ برخاستم و تو را پاره از خويش يافتم نه بلكه همه خودم شناختم تا جائى كه گزندت گزند من است و اگر بميرى من مرده باشم و بكار تو تا آنجا توجه دارم كه بكار خود، و اين نامه را براى كمك بتو پرداختم كه در نظر بگيرى چه بمانم و چه بميرم.

الفصل الثاني قوله عليه السلام:

فإني أوصيك بتقوى الله- أى بني- و لزوم أمره، و عمارة قلبك بذكره، و الاعتصام بحبله، و أي سبب أوثق من سبب بينك و بين الله إن أنت أخذت به؟! أحي قلبك بالموعظة، و أمته بالزهادة، و قوه باليقين، و نوره بالحكمة، و ذلله بذكر الموت، و قرره بالفناء، و بصره فجائع الدنيا، و حذره صولة الدهر، و فحش تقلب الليالي و الأيام، و اعرض عليه أخبار الماضين، و ذكره بما أصاب من كان قبلك من الأولين، و سر في ديارهم و آثارهم، فانظر فيما فعلوا و عما انتقلوا، و أين حلوا و نزلوا، فإنك تجدهم قد انتقلوا عن الأحبة، و حلوا دار الغربة، و كأنك عن قليل قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك، و لا تبع آخرتك بدنياك، و دع القول فيما لا تعرف، و الخطاب فيما لم تكلف، و أمسك عن طريق إذا خفت ضلالته، فإن الكف عند حيرة الضلالة خير من ركوب الأهوال و أمر بالمعروف تكن من أهله، و أنكر المنكر بيدك و لسانك و باين من فعله بجهدك، و جاهد في الله حق جهاده، و لا تأخذك‏ في الله لومة لائم، و خض الغمرات للحق حيث كان، و تفقه في الدين، و عود نفسك التصبر على المكروه، و نعم الخلق التصبر و ألجى‏ء نفسك في الأمور كلها إلى إلهك فإنك تلجئها إلى كهف حريز، و مانع عزيز، و أخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء و الحرمان، و أكثر الإستخارة، و تفهم وصيتي، و لا تذهبن عنها صفحا، فإن خير القول ما نفع، و اعلم أنه لا خير في علم لا ينفع و لا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه.

اللغة

كنايه (الغمرات): جمع الغمرة و هي اللجة في البحر و كناية عن الشدائد، (المثوى): محل الاقامة.

المعنى‏

قد لخص عليه السلام في هذا الفصل جوامع وصاياه في أمور خمسة:

1- التوجه إلى الله تعالى برعاية تقواه، و لزوم أمره، و الاعتصام بحبله‏.

2- التوجه إلى‏ القلب‏ بتحليته بالفضائل، و إحيائه بالمواعظ، و تخليته عن الرذائل بالزهد و ذكر الموت‏.

3- التوجه إلى الخلق الغابر، و التدبر في أحوالهم و مال أمرهم.

4- التوجه إلى طريقه في الحيات و سيره في صراط السعادة بالحذر عن الارتباك فيما لا يعلم.

5- التوجه إلى الاجتماع بنشر الخير و المعروف‏، و دفع الشر و المنكر باليد و اللسان، و الجهاد للحق بملازمة الصبر و الالتجاء إلى الرب بالاخلاص‏ في مسألته و الاستخارة من حضرته.

الترجمة

براستى سفارشت مي كنم كه از خدا بپرهيز و بفرمانش بچسب و دلت را بيادش آباد كن و برشته وى در آويز، كدام وسيله محكمتر از آنست كه ميان تو و خدا باشد اگرش بدست گيرى؟؟.

دلت را با پند زنده دار و با زهدش بكش و با يقينش نيرو بخش و با حكمتش درخشان دار و بياد مرگش زبون ساز و بفناء تن مقرش كن و بنا گواريها دنيايش بينا نما و از پوزش روزگارش بر حذر دار و از بى باكى ديگر گونيهاى زمانه، اخبار گذشته گان را بر او عرض كن، و آنچه بر سرشان آمده بيادش آر، در خانمان و آثار آنان بگرد و ببين از كجا آمدند؟ كجا رفتند؟ كجا خفتند؟ تا در يابى كه از دوستان بريدند و بغربت رسيدند و توهم بزودى يكى از آنها شوى، آرامگاهت را درست كن و آخرتت را بدنيا مفروش آنچه را ندانى مگو و در آنچه را نبايستت ملاى، از راهى كه ندانى مرو، زيرا توقف هنگام گمراهى به است از دچارى بپرتگاه جانگاه.

بكارهاى خير وادار تا اهل خير باشي، و با دست و زبانت از زشتيها جلوگيرى كن و تا توانى از زشتكار بدور باش، در راه خدا تلاش و مبارزه كن و در راه خدا از سرزنش كسى نهراس، و براى حق هر جا باشد خود را در لجه‏ ها افكن و مسائل دين را بياموز، خود را ببردبارى ناخواه دل وادار و چه خوب روشى است بردبارى، و خود را در همه كارها بپناه خدا بسپار كه بدژ محكمى و مقام منيعى سپردى، از درگاه پروردگارت باخلاص در خواست كن كه عطاء و حرمان بدست او است، پر استخاره كن و سفارش مرا بفهم و از ان رو مگردان، راستى كه بهترين سخن آنست كه سود بخشد و بدانكه در دانش بى سود خيرى نيست و علمى كه نبايد آموخت سودى ندهد.

الفصل الثالث قوله عليه السلام:

أى بني إني لما رأيتني قد بلغت سنا، و رأيتني أزداد وهنا، بادرت بوصيتي إليك، و أوردت خصالا منها قبل أن يعجل بي أجلي دون أن أفضى إليك بما في نفسي، أو أن أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي، أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى، أو فتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور، و إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقى فيها من شي‏ء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك و يشتغل لبك، ليستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته و تجربته، فتكون قد كفيت مئونة الطلب، و عوفيت من علاج التجربة، فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه و استبان لك ما ربما أظلم علينا منه. أى بني، إني- و إن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي- فقد نظرت في أعمالهم، و فكرت في أخبارهم، و سرت في آثارهم، حتى عدت كأحدهم، بل كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، و نفعه من ضرره، فاستخلصت لك من كل أمر نخيله و توخيت لك جميله،

و صرفت عنك مجهوله، و رأيت- حيث عناني من أمرك ما يعنى الوالد الشفيق، و أجمعت عليه من أدبك- أن يكون ذلك و أنت مقبل العمر، و مقتبل الدهر، ذو نية سليمة، و نفس صافية، و أن أبتدئك بتعليم كتاب الله و تأويله، و شرائع الإسلام و أحكامه، و حلاله و حرامه، [و] لا أجاوز ذلك بك إلى غيره، ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم و آرائهم مثل الذي التبس عليهم، فكان إحكام ذلك على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلى من إسلامك إلى أمر لا آمن عليك به الهلكة، و رجوت أن يوفقك الله لرشدك، و أن يهديك لقصدك، فعهدت إليك وصيتي هذه. و اعلم يا بني، أن أحب ما أنت آخذ به إلى من وصيتي تقوى الله، و الاقتصار على ما فرضه الله عليك، و الأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك، و الصالحون من أهل بيتك، فإنهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر، و فكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا، و الإمساك عما لم يكلفوا، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك‏ ذلك بتفهم و تعلم، لا بتورط الشبهات، و غلو الخصومات، و ابدأ قبل نظرك في ذلك، بالاستعانة بإلهك، و الرغبة إليه في توفيقك و ترك كل شائبة أولجتك في شبهة، أو أسلمتك إلى ضلالة، فإذا أيقنت أن قد صفا قلبك فخشع، و تم رأيك فاجتمع، و كان همك في ذلك هما واحدا، فانظر فيما فسرت لك، و إن أنت لم يجتمع لك ما تحب من نفسك و فراغ نظرك و فكرك،

فاعلم أنك إنما تخبط العشواء، و تتورط الظلماء، و ليس طالب الدين من خبط أو خلط، و الإمساك عن ذلك أمثل. فتفهم، يا بني، وصيتي، و اعلم أن مالك الموت هو مالك الحياة، و أن الخالق هو المميت، و أن المفني هو المعيد، و أن المبتلى هو المعافي، و أن الدنيا لم تكن لتستقر إلا على ما جعلها الله عليه من النعماء و الإبتلاء و الجزاء في المعاد، أو ما شاء مما لا نعلم، فإن أشكل عليك شي‏ء من ذلك فاحمله على جهالتك به، فإنك أول ما خلقت جاهلا ثم علمت، و ما أكثر ما تجهل من الأمر، و يتحير فيه رأيك، و يضل فيه بصرك، ثم تبصره بعد ذلك، فاعتصم بالذي خلقك، و رزقك و سواك، فليكن له تعبدك، و إليه‏ رغبتك، و منه شفقتك. و اعلم يا بني، أن أحدا لم ينبى‏ء عن الله كما أنبأ عنه الرسول، صلى الله عليه و آله، فارض به رائدا، و إلى النجاة قائدا، فإني لم آلك نصيحة، و إنك لن تبلغ في النظر لنفسك- و إن اجتهدت- مبلغ نظري لك.

اللغة

(الوهن): الضعف، (أفضى): أوصل، (الحدث): الشاب و الغلام، (الصفو):

الخالص، (النخيل): الدقيق الذي غربل و اخذ دخيله، (الشائبة): الوهم، (خبط العشواء): كناية عن ارتكاب الخطر.

الاعراب‏

فاعلم أنك انما تخبط إلخ- بمنزلة الجزاء لقوله عليه السلام: و إن أنت لم يجتمع إلخ-، لم آلك: صيغة المتكلم من فعل الجحد من ألى يألو، نصيحة: تميز من فعل لم آلك.

المعنى‏

قد أشار عليه السلام في هذا الفصل إلى بيان سبب اقدامه لكتابة هذه الوصية عاجلا في انصرافه من صفين مشوش البال منكسر الحال مبتلى بالأهوال من قبل الخوارج في المال فبين أن سببه الخوف من الأجل و نقص الرأى و فوت الوقت من قبل المولود و قبل أن يغرق في الفساد فلا ينفعه الموعظة.

قال الشارح المعتزلي في «ص 66 ج 16 ط مصر»: قوله عليه السلام‏ (أو انقص في رأيى) هذا يدل على بطلان قول من قال: إنه لا يجوز أن ينقص في رأيه، و أن الإمام معصوم عن أمثال ذلك و كذلك قوله للحسن: (أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى و فتن الدنيا) يدل على أن الإمام لا يجب أن يعصم عن‏ غلبات الهوى‏ و لا عن‏ فتن الدنيا.

أقول: مع اظهاره للاخلاص بعلي و غلوه في توصيفه في غير مورد من الشرح و في قصائده المشهورة كأنه غلب عليه النصب في هذا المقام فاستفاد من كلام له و للحسن عليهما السلام ما ليس بمقصود، لما قلنا من أن إخراج هذه الوصية ينظر إلى حال عامة الوالدين و أبنائهم مجردا عن الخصوصيات الشخصية ليكون مثالا نافعا للكل، و لا تنافي عصمته و عصمة ولده و مقام الامامة و القداسة فيهما، كيف؟! و عمر الحسن في هذا الوقت يزيد على ثلاثين و قد استأهل للخلافة عند عامة الناس و نص عليه بالامامة في غير مورد فلا يقصد عليه السلام أن يربيه بعد ذلك بهذا الكلام و إنما المقصود «إياك أعنى و اسمعي يا جارة».

الترجمة

اى پسر جانم چون بينى سالخورده ‏ام و هر روزه سست‏تر مي شوم در سفارشم بتو پيشدستى كردم و مواد آنرا پيش از آنكه مرگم برسد بر شمردم و خاطره خود را بر نهفتم تا مبادا دچار كاستى رأى شوم چونان كه تنم كاسته مى ‏شود يا آنكه مبادا هوس و دلبرى دنيا بر تو چيره شوند و چون شتر فرارى از پندم سرباز زنى، همانا دل جوان چون زمين بكر است و هر بذرى در آن افكنده شود بپذيرد، من پيشدستى كردم تا دلت سخت نشده و درونت مشغول باطل نگرديده تو را دريابم تا از صميم قلب بدان روشى كه آزموده شده رو آورى و از رنج جستجو راحت شوى و از صميم قلب بدان روشى كه آزموده شده رو آورى و از رنج جستجو راحت شوى و از آزمايش معاف گردى ما آنچه اندوختيم بتو داديم تا اگر تيرگى در آن باشد خود نقطه آنرا روشن سازى.

اى پسر جانم گر چه من عمر كسان پيش از خود را نگذراندم ولى در كردار آنان نگريستم و در اخبارشان انديشيدم و در آثارشان گرديدم تا يكى از آنان شمرده شدم بلكه چون هم كارهاشان بمن گزارش شده گويا از آغاز تا انجام با آنها عمر كردم و زلال و تيره و زيان و سود همه كارها را فهميدم و زبده و خوب آنها را برايت بر گزيدم و كارهاى جاهلانه را از تو دور كردم، و چون كارهاى تو مورد توجه پدرى مهربانست خواستم تو در آغاز عمر و نخست بر خورد با روزگار

نهادى پاك و خاطرى تابناك داشته باشي و خواستم آموزش را از قرآن خدا و تفسير آن و از دستورهاى اسلام و احكام حلال و حرامش آغاز كنى و از آن نگذرى و بر تو ترسيدم كه در مورد اختلافات چون مردم دچار اشتباه شوى و دنبال اهواء و آراء باطل بروى و با اين كه دلخواه نيست كه تو را تنبيه سازم ولى تحكيم اين مطلب نزد من دوست‏تر است از اين كه تو را تسليم بوصغى كنم كه برايت خطرناك باشد و اميدوارم خداوند توفيق رشدت دهد و براستى تو را هدايت فرمايد براى اينست كه سفارشنامه خود را بتو مى ‏سپارم.

اى پسر جانم بدانكه بهترين فصل وصيت من كه بكار بندى پرهيزكارى و عمل بفرائض إلهى است و پيروى از روش پدران شايسته خاندانست، زيرا آنها هيچ بى ‏اعتنا نبودند كه خود را منظور دارند چنانچه تو ناظر خودى و براى خود بينديشند چنانچه تو در انديشه‏ اى و در نتيجه آنچه را دانستند بكار بستند و از آنچه نبايست دست باز داشتند، اگر دلت نپذيرفت ندانسته پيرو آنان باشى تا خود بدانى بايد از روى فهم و آموزش حقيقت را بجوئى نه بوسيله پرت شدن در شبهه و از راه امتياز پرستى، و پيش از جستجوى حقيقت از معبودت يارى بجو و توفيق بخواه و از هر توهمى كه تو را در شبهه افكند و بگمراهى كشد دست بكش، و چون يقين كردى دلت پاك شده و خشوع دارد و رأيت تابناك است و تصميم دارد و تشويش خاطر ندارى در آنچه برايت شرح دادم نظر نما و گرنه بدانكه در رنج افتادى و در تاريكى پرتاب شدى و كسى كه دچار خبط و اشتباه باشد طالب دين حق نباشد و بهتر است دست نگه دارد.

پسر جانم وصيت مرا خوب بفهم و بدانكه مالك مرگ و زندگى و آفريننده و ميراننده يكى است و همان كه بفنا مى ‏برد بزندگى باز مى ‏آورد و آنكه درد مى ‏دهد عافيت بخشد، و راستى كه دنيا پايدار نباشد جز بر پايه نعمتهائى كه خداوند در آن مقرر داشته و بر بنياد ابتلا و جزاء در معاد يا هر آنچه او بخواهد و ما نمى‏ دانيم و اگر چيزى از اين بابت بر تو مشكل است بنادانى خود حمل كن زيرا تو در آغاز آفريدنت نادان بودى و سپس دانا شدى و چه بسيار است آنچه را نمى‏ دانى و در باره‏ آن سرگردانى و ديدرس تو نيست و پس از آن خواهى ديد، تو بايد خود را در پناه آن كسى بيندازى كه آفريدت و روزيت داد و درستت كرد، و بايد هم او را بپرستى و بدو روى آرى و از او بترسى.

و بدان- اى پسر جانم- هيچكس از سوى خدا خبرى درست‏تر نياورده از آنچه رسول صلى الله عليه و آله آورده او را بپيشوائى بپسند و براى نجات رهبر خود ساز، زيرا من هيچ اندرزى از تو دريغ نداشتم و تو هر چه هم تلاش براى خير خواهى خود نمائى باندازه من نتوانى بحقيقت رسيد.

الفصل الرابع من قوله عليه السلام:

و اعلم، يا بني، أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، و لرأيت آثار ملكه و سلطانه، و لعرفت أفعاله و صفاته، و لكنه إله واحد كما وصف نفسه، لا يضاده في ملكه أحد، و لا يزول أبدا، و لم يزل، أول قبل الأشياء بلا أولية، و آخر بعد الأشياء بلا نهاية عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر، فإذا عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك أن يفعله في صغر خطره، و قلة مقدرته و كثرة عجزه، و عظيم حاجته إلى ربه، في طلب طاعته، و الخشية من عقوبته، و الشفقة من سخطه، فإنه لم يأمرك إلا بحسن، و لم ينهك إلا عن قبيح. يا بني، إني قد أنبأتك عن الدنيا و حالها، و زوالها و انتقالها و أنبأتك عن الاخرة و ما أعد لأهلها فيها، و ضربت لك فيهما الأمثال لتعتبر بها، و تحذو عليها! إنما مثل من خبر الدنيا كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جديب فأموا منزلا خصيبا، و جنابا مريعا فاحتملوا وعثاء الطريق، و فراق الصديق، و خشونة السفر، و جشوبة المطعم، ليأتوا سعة دارهم، و منزل قرارهم، فليس يجدون لشي‏ء من ذلك ألما، و لا يرون نفقة فيه مغرما، و لا شي‏ء أحب إليهم مما قربهم من منزلهم، و أدناهم من محلهم، و مثل من اغتر بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصيب فنبا بهم إلى منزل جديب، فليس شي‏ء أكره إليهم و لا أفظع عندهم من مفارقة ما كانوا فيه إلى ما يهجمون عليه، و يصيرون إليه. يا بني، اجعل نفسك ميزانا فيما بينك و بين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، و أكره له ما تكره لها، و لا تظلم كما لا تحب أن تظلم، و أحسن كما تحب أن يحسن إليك، و استقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك، و ارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، و لا تقل ما لا تعلم، و إن قل ما تعلم، و لا تقل ما لا تحب أن يقال لك.

و اعلم أن الإعجاب ضد الصواب، و آفة الألباب، فاسع في كدحك، و لا تكن خازنا لغيرك، و إذا أنت هديت لقصدك، فكن أخشع ما تكون لربك.

اللغة

حذا (عليه): اقتدى به: (قوم سفر): بالتسكين اى مسافرون، (أموا): قصدوا (الجديب): ضد الخصيب (الجناب المريع): ذو الكلاء و العشب (و عثاء الطريق) مشقتها.

المعنى‏

قد استدل عليه السلام في إثبات التوحيد بما يقرب من الاستدلال في قوله تعالى «ما اتخذ الله من ولد و ما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق و لعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون- 91 المؤمنون» فان المقصود نفى‏ الشريك‏ بنفي آثاره التي لا بد من ترتبه على وجوده لو كان، و هذا أحد طرق إثبات التوحيد المأثورة المشهورة.

ثم انتقل عليه السلام بعد تنوير الفكر بنور التوحيد إلى بيان زوال الدنيا و ضرب المثل للفريقين من أهل السعادة و الشقاوة و كفى به واعظا.

الترجمة

پسر جانم بدانكه اگر پروردگارت را شريكى بود فرستاده‏ هايش نزد تو مى ‏آمدند و آثار ملك و سلطنتش را مى‏ ديدى و كردار و صفاتش را مى‏ شناختى، ولى همان معبود يكتا است چنانچه خود را بيگانگى ستوده در ملكش ديگرى نيست و هرگز زوال نپذيرد و تا هميشه بوده است بى نهايت آغاز هر چيز است و بى‏ نهايت در انجام هر چيز، بزرگتر از آنست كه ربوبيتش در دل و ديده گنجد، چون اين را دانستى چنان كن كه مانند تو بى ‏أهميت و بى‏ مقدار و پر عجز و حاجتمند بپروردگار خود بايست در طلب طاعت و ترس از كيفر و نگرانى از غضبش بكار بندد زيرا تو را فرمان نداده جز بكار نيك، و نهى نكرده جز از كار بد.

پسر جانم منت از دنيا و حالش آگاه ساختم و هم از زوال و انتقالش، و از آخرت و آنچه براى اهلش آماده شده آگاه كردم و مثلها آوردم تا پند گيرى و بروش آنها كار كنى، همانا مثل كسى كه دنيا را بررسى كرده است اهلش مانند مردمى مسافرند كه در منزل قحط و سختى گرفتارند و قصد دارند بمنزل پر نعمت و آستان با بركتى بروند و سختى راه و دورى از دوست و رنج سفر و خوراك ناهموار را بر خود هموار كردند تا بخانه وسيع و قرارگاه خود رسند از رنجهاى چنين سفرى دردى نگشند و هزينه آنرا زيانى ندانند و چيزى محبوبتر از آن نيست كه آنانرا بمنزل موعودشان نزديك سازد و بقرارگاهشان بكشاند، و مثل آنانكه فريب دنيا خورده ‏اند و دل بدان بسته ‏اند مثل مردمى است كه در منزل پر نعمت باشند و خواهند بمنزل قحطى و سختى سفر كنند و چيزى نزد آنها بدخواه ‏تر و دشوارتر از آن نيست كه از آنچه دارند جدا شوند و بدان آينده بد و سخت برسند.

پسرجانم خود را ترازوئى قرار ده و با آن خويش را با ديگران بسنج براى ديگران همان را بخواه كه براى خود مى ‏خواهى و همان را بد دار كه براى خود بدميدارى، ستم مكن چونان كه دوست ندارى ستم بشوى، احسان كن چنانچه دوست دارى بتو احسان شود، از خود زشت شمار آنچه را از ديگران زشت مى‏ شمارى از خود نسبت بمردم همان را پسند كه از مردم نسبت بخودت پسنده دارى آنچه را ندانى مگو و اگر چه كم است آنچه را مى‏ دانى، مگو با ديگران آنچه را دوست ندارى با تو بگويند.

و بدانكه خود بينى مخالف حق و صوابست و آفت خرد و عقل است، در رنج خود هموار باش و تلاش مكن كه گنجينه براى ديگران بسازى و چون بقصد خود كامياب شدى بايد بيشتر براى پروردگارت خاشع و شكر گزار باشى.

الفصل الخامس من قوله عليه السلام:

و اعلم أن أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة، و مشقة شديدة، و أنه لا غنى بك فيه عن حسن الارتياد، و قدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر، فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك فيكون ثقل ذلك وبالا عليك، و إذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه فاغتنمه و حمله إياه، و أكثر من تزويده و أنت قادر عليه، فلعلك تطلبه فلا تجده، و اغتنم من استقرضك في حال غناك ليجعل قضاءه لك في يوم عسرتك. و اعلم أن أمامك عقبة كؤدا، المخف فيها أحسن حالا من المثقل و البطي‏ء عليها أقبح حالا من المسرع، و أن مهبطك بها لا محالة على جنة أو على نار، فارتد لنفسك قبل نزولك، و وطى‏ء المنزل قبل حلولك، فليس بعد الموت مستعتب، و لا إلى الدنيا منصرف. و اعلم أن الذي بيده خزائن السماوات و الأرض قد أذن لك في الدعاء و تكفل لك بالإجابة، و أمرك أن تسأله ليعطيك، و تسترحمه ليرحمك، و لم يجعل بينك و بينه من تحجبه عنك، و لم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، و لم يمنعك إن أسأت من التوبة، و لم يعيرك‏ بالانابة، و لم يعاجلك بالنقمة، و لم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى و لم يشدد عليك في قبول الإنابة، و لم يناقشك بالجريمة، و لم يؤيسك من الرحمة، بل جعل نزوعك عن الذنب حسنة، و حسب سيئتك واحدة و حسب حسنتك عشرا، و فتح لك باب المتاب و باب الاستعتاب، فإذا ناديته سمع نداءك، و إذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه بحاجتك و أبثثته ذات نفسك، و شكوت إليه همومك، و استكشفته كروبك، و استعنته على أمورك، و سألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره: من زيادة الأعمار، و صحة الأبدان، و سعة الأرزاق، ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه، بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، و استمطرت شابيب رحمته، فلا يقنطنك إبطاء إجابته، فإن العطية على قدر النية و ربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، و أجزل لعطاء الامل، و ربما سألت الشي‏ء فلا تؤتاه، و أوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، و ينفى عنك وباله، فالمال لا يبقى لك، و لا تبقى له.

اللغة

(الارتياد): طلب المنزل الرحب، (الوبال): الهلكة، (كؤود):الشاق الصعود (الشابيب) الدفعات من المطر الغزير.

الاعراب‏

أمامك: ظرف مستقر خبر مقدم لقوله «أن» و ما بعده اسم له، من زيادة الأعمار: بيان للفظ ما في قوله: «ما لا يقدر».

المعنى‏

جعل عليه السلام الانسان مسافرا في‏ طريق‏ الحيات و اصلا إلى‏ الجنة أو النار بانتخابه السير المؤدي إلى هذه أو هذه، و في طريقه عقبة شاقة و هى المرور على شهواته و أهوائه و أخطائه فوصاه بحمل‏ الزاد الكافي للسير في هذا الطريق البعيد و الاجتهاد في تحصيل المعاون معه لحمل الزاد باعطاء الفقراء و المساكين مقدارا من أمواله ليكون ذخرا في مسعاه و معاده أو قرضا يرد عليه‏ في‏ أيام‏ عسرته‏ في آخرته.

ثم نبه عليه السلام على ملازمة الدعاء و التضرع إلى الله في كل حال من الأحوال و لجميع الحوائج سواء كان مذنبا أو مطيعا فان المذنب إذا تضرع إلى الله تعالى و سأل منه التوبة و المغفرة يخرج عن ذنبه، و المطيع إذا سأله أجابه و إن لم يظهر له الاجابة كما يريد، و بين أن الدعاء إلى الله لا يضيع بحال من الأحوال فان لم يوافق المسألة مع المصلحة أعطاه الله في إجابة دعائه‏ ما هو خير مما سأله‏ عاجلا أو آجلا.

الترجمة

بدانكه در برابر تو راه دور و رنج سختى است و راستى كه تو نيازمند يك بررسى عميقى هستى كه راه خود را هموار سازى و اندازه توشه خود را بسنجى و سبك بار باشى، مبادا بار گران و طاقت فرسائى بر دوش بگيرى و از سنگينى آن بنالى و هلاك شوى، و اگر از نيازمندان كسى را يافتى كه برايت توشه بقيامت برد و فردا كه بدان نياز دارى بتو برساند وجود او را غنيمت شمار و توشه خود را بدوش او گزار و هر چه مى ‏توانى بيشتر بأو بسپار شايد ديگر او را درنيابى و غنيمت بدان كه كسى از تو مالى بوام گيرد و در روز سختى بتو بپردازد.

بدانكه در برابر تو گردنه سخت و دشوارى است، هر كه در آن سبك بار باشد خوش حالتر است از كسى كه بارش سنگين است، و هر كه كند رو باشد بد حال تر است از آنگه شتابان مى‏ رود، فرودگاه تو در پشت اين گردنه بناچار بهشت است يا دوزخ، پيش از آنكه از اين گردنه فرود شوى جلو پاى خود را پاك كن و ببهشت برو نه بدوزخ، و پيش از مرگ براى خود منزل را هموار ساز كه پس از مردن نه عذرى پذيرفته شود و نه راه بازگشتى بدنيا مى ‏ماند.

و بدانكه آن خدائى كه همه گنجهاى آسمان و زمين را در دست دارد بتو اجازه داده تا بدرگاهش خواستار هر حاجتى شوى و از او بخواهى و دعاء كنى و ضامن شده كه دعايت را اجابت كند و بتو فرموده از او بخواهى تا بتو بدهد و از او رحمت طلبى تا بتو رحم كند، و ميان تو و خودش دربانى مقرر نداشته كه تو را از او باز دارد و تو را وادار بواسطه تراشى نكرده، و اگر بد كردارى جلو توبه و بازگشت تو را نگرفته، و در بازگشت تو را مورد سرزنش نساخته، و در كيفر تو شتاب ندارد و در آنجا كه شايد تو را رسوا نساخته و در پذيرش توبه و بازگشت تو سخت نگرفته و از تو جريمه نخواسته و از رحمتش تو را نا اميد نساخته، بلكه روگردانى تو را از گناه خوش كردارى مقرر كرده و بدكارى تو را يكى بشمار گرفته و كار خوبت ده برابر بحساب آورده است و در توبه را براى تو باز گذاشته و باب عذر خواهى را مفتوح داشته، هر آن گاهش بخوانى فريادت را مى ‏شنود و اگر رازش بگوئى رازت را ميداند، تو مى ‏توانى عرض حاجت خود را بى‏ واسطه بأو برسانى و هر چه در دل دارى با او در ميان گزارى و از گرفتاريهايت بوى شكايت كنى و از او چاره دردهايت را بخواهى و در هر كارت از او يارى بجوئى و از خزائن رحمتش درخواست كنى آنچه را جز او نتواند بتو عطا كند از فزونى عمر و تندرستى و وسعت روزى، سپس همه كليدهاى خزائن خودش را بتو سپرده كه‏ اجازه مطلق در خواست از وى را بتو داده است، هر وقت بخواهى مى ‏توانى بوسيله دعاء أبواب نعمت بيدريغش را بروى خود باز كنى و از ريزش سيل آساى رحمتش بر خود ببارانى و برخوردار باشى، نبايد تأخير اجابتش تو را نوميد سازد، زيرا بخشش باندازه صدق نيت است و بسا تأخير اجابت براى اينست كه اجر خواستار بزرگتر شود و عطيه بيشترى دريابد، و بسا كه چيزى درخواست كردى و بتو نداده و در عوض بهتر از آنرا در دنيا و يا آخرت بتو خواهد رسانيد، يا اين كه مسئول تو را دريغ داشته و پاداش بهترى مقرر نموده است چه بسا چيزى را خواستى كه سبب از دست رفتن دين تو شود اگرش بدست آرى، بايد هميشه درخواهت از درگاه خدا چيزى باشد كه بهره آن براى تو بماند و وبال و رنجى ببار نياورد، مال دنيا نه براى تو مى‏ ماند و نه تو براى آن مى‏ مانى.

الفصل السادس من قوله عليه السلام:

و اعلم أنك إنما خلقت للاخرة لا للدنيا، و للفناء لا للبقاء، و للموت لا للحياة، و أنك في منزل قلعة، و دار بلغة، و طريق إلى الاخرة، و أنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، و لا يفوته طالبه، و لا بد أنه مدركه، فكن منه على حذر أن يدركك و أنت على حال سيئة قد كنت تحدث نفسك منها بالتوبة فيحول بينك و بين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك. يا بني، أكثر من ذكر الموت و ذكر ما تهجم عليه، و تفضي بعد الموت إليه، حتى يأتيك و قد أخذت منه حذرك، و شددت‏ له أزرك، و لا يأتيك بغتة فيبهرك، و إياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهل الدنيا إليها، و تكالبهم عليها، فقد نبأك الله عنها، و نعت [نعتت‏] لك نفسها، و تكشفت لك عن مساويها، فإنما أهلها كلاب عاوية، و سباع ضارية، يهر بعضها بعضا، و يأكل عزيزها ذليلها و يقهر كبيرها صغيرها، نعم معقلة، و أخرى مهملة، قد أضلت عقولها و ركبت مجهولها، سروح عاهة، بواد وعث! ليس لها راع يقيمها، و لا مسيم يسيمها، سلكت بهم الدنيا طريق العمى، و أخذت بأبصارهم عن منار الهدى، فتاهوا في حيرتها، و غرقوا في نعمتها، و اتخذوها ربا فلعبت بهم و لعبوا بها، و نسوا ما وراءها!! رويدا يسفر الظلام، كان قد وردت الأظعان، يوشك من أسرع أن يلحق.

اللغة

يقال: هذا منزل قلعة بضم القاف و سكون اللام: ليس بمستوطن، و يقال:

هم على قلعة أى على رحلة، (البلغة): قدر الكفاية من المعاش، (الأزر): الظهر و القوة، (فيبهرك) أى يجعلك مبهوتا مغلوبا لا تقدر على التدارك، (أخلد)، إلى كذا: اتخذه دار الخلد و الاقامة الدائمة، (التكالب): التنازع على التسلط كالكلاب يتنازعون للتسلط على الجيف، (المساوى): المعايب، (الضراوة)، الجرأة على الاصطياد، (المعقدة): المربوطة بالعقال، (المجهول) و المجهل: المفازة التى لا أعلام فيها، (واد وعث): (واد وعث): لا يثبت فيه خف و لا حافر لسهولته أو كونه مزلقا (سروح عاهة) جمع سرح و هى المواشى المبتلاة بالافة المعرضة للهلاك، (مسيم يسيمها): راع يرعاها، (رويدا) تصغير رود و أصل الحرف من رادت الريح ترود تحرك حركة خفيفة و المعنى لا تعجل (يسفر الظلام)، يقال أسفر وجهه إذا أضاء و أسفر الصبح إذا انكشف، (الأظعان): جمع ظعن، و هي الجماعات المتنقلة في البراري.

الاعراب‏

للاخرة: اللام للعاقبة، منزل قلعة و دار بلغة: الظاهر أن القلعة و البلغة بمعنى المصدر فالأولى إضافة ما قبلهما إليهما و يحتمل أن تكونا صفة لما قبلهما بالتأويل، نعم معقلة: خبر بعد خبر لقوله «أهلها»، سروح عاهة: خبر ثالث بأبصارهم: مفعول أخذت و الظاهر ان الباء زائدة للتأكيد، رويدا: منصوب بمقدر أى امهل رويدا، هذه الجملة و ما بعدها أمثال سائرة.

المعنى‏

بين عليه السلام في هذا الفصل الهدف من خلق الانسان و أوضح بأبين بيان أن‏ الدنيا طريق‏ و معبر له لا يستحق أن يطمئن إليه بل يجب أن يتزود منها لاخرته و يهيأ فيها لملاقات ربه، و يكون‏ على حذر من الاشتغال بها و ارتكاب سيئاتها حتى‏ يأتيه‏ الموت بغتة و لا يجد مهلة للتوبة و التدارك لما فاته.

ثم حذره أكيدا عن تقليد الناس في الافتنان‏ بالدنيا و الاشتغال بها كأنها دار خلود لهم و ليس لهم انتقال عنها إلى دار اخرى، و نبه على ذلك بوجوه:

1- إخبار الله‏ تعالى‏ عن‏ فنائها.

2- توصيف‏ الدنيا نفسها بالفناء و الزوال آناء الليل و النهار.

3- المغترون بها كلاب‏ و أنعام ضالة مبتلاة بالافات بلا مرشد و لا راع‏ و لا مناص لهم من الهلاكة و الدمار، فلا ينبغي الاقتداء بهم في أفعالهم و أحوالهم في حال من الأحوال.

الترجمة

بدان پسر جانم كه تو تنها براى آخرت آفريده شدى نه دنيا، و براى فنا از دنيا بوجود آمدى نه براى زيست در آن، و سرانجامت در دنيا مرگ است نه زندگى، و بدانكه تو امروز در منزل كوچ و خانه موقت هستى كه رهگذريست باخرت، و راستى كه مرگ در پى تو است و گريزان از مرگ را رهائى نيست و از دست جوينده خود بدر نمى ‏رود و بناچار او را مى ‏گيرد، تو بر حذر باشى كه مرگت فرا رسد و در حال گناه باشى و در دل داشته باشى كه از آن توبه كنى ولى مرگ بتو مهلت ندهد و بى ‏توبه بميرى و خود را هلاك سازى، پسر جانم بسيار در ياد مرگ باش و بياد دار كه بكجا افكنده مى‏ شوى و پس از مرگ بكجا و بچه وضعى مى‏ رسى تا آنكه چون مرگت رسد خود را آماده كرده باشى و پشتيبانت محكم باشد و ناگهانت نگيرد تا خيره و درمانده شوى.

مبادا فريب بخورى كه دنيا طلبان بدان دل داده و آنرا جاودانه گرفته‏ اند و بر سر آن با هم سگانه مبارزه مي كنند، زيرا خدا از فناء دنيا خبر داده و خود دنيا هم خود را به بيوفائى توصيف كرده و از بديهاى خود برايت پرده بر گرفته، همانا اهل دنيا سگهائى عوعو كننده و درنده‏هائى پوزش آور و زيان زننده ‏اند بروى يكديگر زوزه كشند، و عزيزانشان خوارهايشان را بخورند، و بزرگشان خوردشان را مقهور سازند، چار پايانى باشند بسته يا مهار گسيخته و آزاد، عقل خود را گمراه كرده و در بيابانى ناشناخته مى ‏تازند، رمه‏هائى بيمار و آفت زده در نمكزارى لغزان سرگردانند، نه شبانى دارند كه آنها را نگهدارى كند و نه چوپانى كه آنها را بچراند، دنيا آنها را بكوره راه ناهموارى كشانده و چشم آنها را از ديدار راه روشن هدايت بسته، در سرگردانى دنيا گم شداند و در نعمت بى ‏عافيت آن اندرند، دنيا را پروردگار خود شناخته و دودستى آنرا گرفته ‏اند و دنيايشان ببازى گرفته و آنها هم سرگرم بازى با دنيا شدند و فراموش كردند كه در دنبال دنيا چه عالمى است؟.

آرام باش، پرده تاريكى بكنار مى ‏رود، گويا كاروانهاى جهان ناپيدا وارد شوند، هركس شتاب كند بزودى بكاروانهاى پيش گذر مى‏ رسد.

الفصل السابع من قوله عليه السلام:

و اعلم [يا بني‏] أن من كانت مطيته الليل و النهار فإنه يسار به و إن كان واقفا، و يقطع المسافة و إن كان مقيما وادعا. و اعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك، و لن تعدو أجلك، و أنك في سبيل من كان قبلك فخفض في الطلب، و أجمل في المكتسب، فإنه رب طلب قد جر إلى حرب، و ليس كل طالب بمرزوق، و لا كل مجمل بمحروم، و أكرم نفسك عن كل دنية و إن ساقتك إلى الرغائب، فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا، و لا تكن عبد غيرك، و قد جعلك الله حرا، و ما خير خير لا ينال إلا بشر، و يسر لا ينال إلا بعسر! و إياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة، و إن استطعت أن لا يكون بينك و بين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك، و آخذ سهمك، و إن اليسير من الله- سبحانه- أعظم و أكرم من الكثير من خلقه، و إن كان كل منه.

و تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من‏ منطقك، و حفظ ما في الوعاء بشد الوكاء، و حفظ ما في يديك أحب إلى من طلب ما في يد غيرك، و مرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس، و الحرفة مع العفة خير من الغنى مع الفجور، و المرء أحفظ لسره، و رب ساع فيما يضره! من أكثر أهجر، و من تفكر أبصر، قارن أهل الخير تكن منهم، و باين أهل الشر تبن عنهم، بئس الطعام الحرام، و ظلم الضعيف أفحش الظلم، إذا كان الرفق خرقا كان الخرق رفقا، و ربما كان الدواء داء و الداء دواء، و ربما نصح غير الناصح و غش المستنصح، و إياك و الإتكال على المنى فإنها بضائع النوكى، و العقل حفظ التجارب، و خير ما جربت ما وعظك، بادر الفرصة قبل أن تكون غصة، ليس كل طالب يصيب، و لا كل غائب يؤب، و من الفساد إضاعة الزاد و مفسدة المعاد، و لكل أمر عاقبة، سوف يأتيك ما قدر لك، التاجر مخاطر، و رب يسير أنمى من كثير.

و لا خير في معين مهين، و لا في صديق ظنين، ساهل الدهر ما ذل لك قعوده، و لا تخاطر بشى‏ء رجاء أكثر منه، و إياك أن تجمح بك مطية اللجاج، أحمل نفسك من أخيك عند صرمه‏ على الصلة، و عند صدوده على اللطف و المقاربة، و عند جموده على البذل، و عند تباعده على الدنو، و عند شدته على اللين، و عند جرمه على العذر، حتى كأنك له عبد، و كأنه ذو نعمة عليك، و إياك أن تضع ذلك في غير موضعه، أو أن تفعله بغير أهله لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادى صديقك، و امحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة، و تجرع الغيظ فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة و لا ألذ مغبة، و لن لمن غالظك فإنه يوشك أن يلين لك، و خذ على عدوك بالفضل فإنه أحلى الظفرين، و إن أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية يرجع إليها إن بدا له ذلك يوما ما، و من ظن بك خيرا فصدق ظنه، و لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك و بينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه، و لا يكن أهلك أشقى الخلق بك، و لا ترغبن فيمن زهد عنك و لا يكونن أخوك على مقاطعتك أقوى منك على صلته، و لا يكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان، و لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك، فإنه يسعى في مضرته و نفعك، و ليس جزاء من سرك أن تسوءه.

اللغة

(المطية): ما يقطع به المسافة فاختلاف الليل و النهار يوحب طي مدة العمر، (تعدو): تجاوز (التخفيض و الاجمال): ترك الحرص في طلب الدنيا، (الحرب): سلب المال و فنائه، (أوجفت): أسرعت (التلافي): التدارك (الوكاء):حبل يشد به رأس القربة، (الحرفة): الاكتساب بالتعب، (أهجر الرجل): اذا أفحش في منطقه (الرفق): اللين و (الخرق): ضده، (النوكى): الحمقى (الصرم):القطع (الصدود): الاعراض، (الظنين): المتهم، (محضه النصيحة): أخلصها له (المغبة): العاقبة.

الاعراب‏

و قد جعلك الله حرا، جملة حالية، استفهام انكارى- نفى و ما خير خير: يحتمل أن يكون كلمة ما استفهامية للانكار فالخير الأول مضاف إلى الثاني و لو جعلت نافية ففي الاضافة غموض و في العبارة إبهام و الاعراب في قوله «و يسر لا ينال» أغمض فتدبر بشد الوكاء ظرف مستقر خبر لقوله «حفظ»، ما ذل، لفظة ما مصدرية زمانية رجاء أكثر منه: مفعول له لقوله «لا تخاطر»، ما في قوله «يوماما» نكرة تفيد القلة.

المعنى‏

قرر عليه السلام في هذا الفصل زوال‏ الدنيا و فناءها بحساب رياضى فقال: إن العمر عدد من الليالى و الأيام المارة على الدوام و يصل إلى النهاية و ينفد لا محالة و بعد ما أثبت بالبرهان الرياضى أن العمر منقض و أن الأجل محتوم فلا ينبغي الركون إلى الدنيا و الاعتماد عليها، ثم توجه إلى ابطال ما يفتتن به أهل الدنيا من الامال و بين‏ أن‏ الانسان في هذه الدنيا لا يبلغ إلى آماله لأن الأمل غير محدود، و الأجل محدود، و وصاه بترك الحرص و الكد في طلب الدنيا، فإن الرزق المقدر يصل بأدنى‏ طلب‏ و ما يطلب بجد و كد ربما يتلف و يضيع و يعرضه‏ الحرب‏.

قال ابن ميثم: و ذلك كما شوهد في وقتنا أن تاجرا كان رأس ماله سبعة عشر دينارا فسافر بها إلى الهند مرارا حتى بلغت سبعة عشر ألفا فعزم حينئذ على ترك السفر و الاكتفاء بما رزقه الله، فسولت له نفسه الأمادة بالسوء في العود و حببت إليه الزيادة فعاود السفر فلم يلبث أن خرجت عليه السراق في البحر فأخذوا جميع ما كان معه، فرجع و قد حرب ماله، و ذلك ثمرة الحرص المذموم.

ثم تعرض عليه السلام للوصية بحفظ كرامة النفس و الاحتفاظ بالشخصية التي هي شرف وجود الانسان و امتيازه عن سائر أنواع الحيوان فقال عليه السلام: (و أكرم نفسك عن كل دنية و إن ساقتك إلى الرغائب) و يندرج في وصيته هذه الأمر بحفظ الحرية و الاستقلال في عالم البشرية التي هي لب الديمو قراطية في الاجتماع الانسانى و أشار إلى أن‏ النفس‏ أعز و أعلى من كل شي‏ء فلا قيمة له بوجه من الوجوه و أكد ذلك بقوله عليه السلام‏ (و لا تكن عبد غيرك و قد جعلك الله حرا).

ثم أشار إلى أن آفة الحرية الطمع‏ فحذر منه أشد الحذر و في التشبث بالوسائط نوع من الضعف في الاستقلال و الحرية فقال عليه السلام‏ (و إن استطعت أن لا يكون بينك و بين الله ذو نعمة فافعل).

ثم سرد أنواعا من الفضائل و حث على اكتسابها، و أنواعا من الرذائل و وصى الاجتناب عنها، فمن الفضائل: الصمت، و حفظ المال، و تكلف‏ الحرفة و من الرذائل: إظهار الحاجة إلى الناس‏، و تحصيل‏ الغنى بالفجور و كثرة الكلام.

و من الفضائل: الفكر و مصاحبة أهل الخير، و من الرذائل مصاحبة أهل الشر و الظلم بالضعيف‏، و جر عليه السلام كلامه إلى الوصية بحفظ روابط الود مع الأحباء و الأقرباء فانه اس الاجتماع و التعاون المفيد في الحياة، فقال عليه السلام:(احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة) و بين كل ما يمكن أن يصير سببا لقطع رابطة الاخاء وفت عضد المحبة و الاجتماع و أراه دواءه الناجع النافع فدواء الإعراض الاقبال و المقارنة باللطف‏، و دواء المنع عن العطاء هو البذل عليه و دواء التباعد الناشي عنه هو التقارب و الدنو منه، و دواء شدته‏ و صولته هو اللين‏ و الرفق‏ معه، و دواء جرمه‏ و اجترائه هو الاعتذار منه و له، و قد لخص كل ذلك في قوله: (حتى كأنك له عبد).و قد ذيل وصايته هذه بأن تلك المعاملة الاخائية لا بد و أن تكون مع من يليق بها و هو المؤمن المعتقد.

الترجمة

اى پسر جانم بدانكه هر كس بر پاكش شب و روز سوار است هميشه بسوى مرگ در رفتار است گر چه در جاى خود ايستاده و استوار است، و بنا خواه طى راه مى ‏نمايد گر چه مقيم و آسوده مى ‏زيد، بطور يقين بدان كه بارزو و آرمان خود نمى‏ رسى و از عمر مقدر نمى ‏گذرى و براه همه كسانى كه پيش از تو بوده ‏اند مى‏ روى، در طلب دنيا آرام باش و در كسب مال هموار رفتار كن زيرا بسا طلب كه بسر انجام تلف مى ‏كشد، نه هر كس دنبال روزى دود بروزى مى ‏رسد و نه هر كس آرام و هموار كار مي كند از روزى وا مى‏ ماند، خود را از هر پستى در طلب دنيا گرامى دار و اگر چه آن كار پست تو را بارمانهايت برساند، زيرا اگر خود را بفروشى بهائى كه ارزش شخصيت را داشته باشد بدست نياورى، خود را بنده ديگرى مساز و بأو مفروش در صورتى كه خداوندت آزاد و مستقل آفريده است، چه خير و خوبى دارد آن خيرى كه جز بوسيله بدى بدست نيايد، و چه آسايشى است در آنچه جز بدشوارى فراهم نشود؟؟.

مبادا اختيار خود را بمركب سركش طمع بسپارى تا تو را در پرتگاه هلاك و نابودى كشاند، اگر توانى هيچ منعمى را ميان خود و خدا واسطه طلب روزى نسازى همين كار را بكن وزير بار نوكرى ديگران مرو، زيرا تو قسمت روزى خود را خواهى يافت و بهره‏ ات بتو خواهد رسيد همان روزى اندك از طرف خداوند سبحان بى منت ديگران بزرگتر و گرامى ‏تر است از بهره بيشتر از دست ديگران، و گر چه همه از طرف خداوند منانست.

هر كه نان از قبل خويش خورد منت از حاتم طائى نبرد

تدارك تقصيرى كه از خموشى بر آيد آسانتر است از تدارك آنچه از گفتار ناهنجار زايد، نگهدارى رازهاى درون ببستن زبانست چون بستن سر ظرف آنچه را در آنست حفظ مى ‏نمايد، نگهدارى آنچه در دست خود دارى نزد من محبوبتر است از جستن چيزى كه در دست ديگرانست، تلخى نوميدى به است از دست نياز بمردم دراز كردن، پيشه ورى و آبرومندى به است از بى ‏نيازى بوسيله هرزگى هر مردى بهتر، راز خود را نگه مى ‏دارد، بسا كسى كه در زيان بخود مى‏ كوشد هر كه پر گويد ژاژ خوايد، هر كه انديشه كند بينا گردد، با خيرمندان در آميز تا از ايشان باشى، از شر انگيزان جدا شو تا از آنها بر كنار باشى، چه بد خوراكى است مال حرام، ستم بر ناتوان فاحش‏ترين ستم است، در جائى كه از ملايمت كج خلقى بر آيد كج خلقى ملايمت زايد، چه بسا كه دارو درد گردد و درد دارو، چه بسا كه اندرز از بد خواه بر آيد و خير خواه بد غلى در اندرز خود گرايد،

مبادا بر آرزوهاى خود اعتماد كنى كه آرزومندى كالاى احمقان است، عقل و خرد تجربه اندوزيست، بهترين تجربه آنست كه تو را پند دهد تا غصه و افسوس نيامده وقت را غنيمت شمار و از دستش مده، هر كس جويد بمقصد رسد و نه هر غائبى بخانه ‏اش بر گردد، ضايع نمودن توشه راه ارتكاب تباه است و مفسد روز رستاخيز، هر كارى را دنباله ‏ايست و بسر انجامى گرايد، هر چه براى تو مقدر باشد بتو خواهد رسيد، بازرگان خود را بخطر مى ‏اندازد، چه بسا اندكى كه پر بركت تر از بسيار است، در ياور و همكار پست و زبون خيرى نباشد و نه در دوست دو دل و متهم بخيانت، تا روزگار با تو بسازد با او بساز، چيزى كه در دسترس است باميد بيش از آنش در خطر مي فكن، مبادا عنان خود را بدست مركب سركش لجبازى بسپارى، براى نگهدارى برادر و دوست خود اگر از تو بريد با او پيوست كن، و هنگام رو گردانى او با لطف و مهربانى بأو نزديك شو، و چون مشت خود را بست بأو ببخش، و چون دورى گزيد بأو نزديك شو، و هنگام سختگيرى او با او نرمش كن، و چون جرمى مرتكب شد بر او پوزش آور، تا آنجا در برابر او فروتن باش بمانند بنده‏اى در برابر آقاى خود و تا آنجا كه او را منعم خويش بحساب آورى، و مبادا اين معامله برادرانه را با نا اهل و ناشايست آن روا دارى.

با دشمن دوستت طرح دوستى مريز تا با دوستت دشمنى كرده باشى، با برادر خود پاك و صريح نصيحت كن و حق را بأو بگو چه خوش آيد او باشد چه او را بد آيد، خشم را فرو خور زيرا من نوششى را شيرين سرانجام تر و لذت بخش تر در دنبال از آن آن نديدم، با كسى كه درشتت بر آيد نرمش كن چه بسا كه نرم شود، بر دشمن خود بتفضل و احسان برترى جو، زيرا كه اين شيرين‏تر پيروزيها است اگر خواستى از دوستى ببرى يك رشته از حسن رابطه را بجاى گزار كه بوسيله آن بوى بر گردى اگر روزى پشيمان شدى، هر گاه كسى بتو گمان خوبى دارد بأو خوبى كن و گمانش را درست در آور باعتماد دوستى و يگانگى حق دوست را زير پا مكن زيرا كسى كه حقش را ضايع سازى با تو برادرى نكند.

مبادا خاندان تو بد بخترين مردم باشند نسبت بتو و از آنها رعايت ديگران را نكنى، كسى كه تو را ترك گويد و از تو رو گرداند دل بأو مبند، برادر و دوست تو در قطع رابطه بر تو از پيوند تو با او پيشدستى نكند و پيش از آنكه او قطع رابطه كند جلو آنرا بگير و مواظب باش كه او در بد رفتارى با تو از خوشرفتارى تو با او پيشدستى نكند و با خوشرفتارى جلو بد رفتاريش را ببند ستم ستمگر بر تو گران نيايد زيرا كه او در زيان خود و سود تو كوشش مى‏ نمايد پاداش كسى كه تو را شادمان مى ‏نمايد اين نيست كه تو بأو بدى كنى و دلش را آزرده سازى.

الفصل الثامن من قوله عليه السلام:

و اعلم، يا بني أن الرزق رزقان: رزق تطلبه، و رزق‏ يطلبك، فإن أنت لم تأته أتاك، ما أقبح الخضوع عند الحاجة، و الجفاء عند الغنى، إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك، و إن جزعت على ما تفلت من يديك فاجزع على كل ما لم يصل إليك، استدل على ما لم يكن بما قد كان فإن الأمور أشباه، و لا تكونن ممن لا تنفعه العظة إلا إذا بالغت في إيلامه، فإن العاقل يتعظ بالأدب، و البهائم لا تتعظ إلا بالضرب، اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر و حسن اليقين، من ترك القصد جار، و الصاحب مناسب، و الصديق من صدق غيبه، و الهوى شريك العمى [العنا]، و رب قريب أبعد من بعيد، و بعيد أقرب من قريب، و الغريب من لم يكن له حبيب، من تعدى الحق ضاق مذهبه، و من اقتصر على قدره كان أبقى له، و أوثق سبب أخذت به سبب بينك و بين الله، و من لم يبالك فهو عدوك، قد يكون اليأس إدراكا إذا كان الطمع هلاكا، ليس كل عورة تظهر، و لا كل فرصة تصاب، و ربما أخطأ البصير قصده، و أصاب الأعمى رشده، أخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته، و قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل، من أمن الزمان خانه، و من أعظمه أهانه، ليس كل من رمى أصاب،

إذا تغير السلطان تغير الزمان، سل عن الرفيق قبل الطريق، و عن الجار قبل الدار. إياك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكا و إن حكيت ذلك عن غيرك، و إياك و مشاورة النساء، فإن رأيهن إلى أفن، و عزمهن إلى وهن، و اكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن فإن شدة الحجاب أبقى عليهن، و ليس خروجهن بأشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن، و إن استطعت إن لا يعرفن غيرك فافعل، و لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فإن المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة، و لا تعد بكرامتها نفسها، و لا تطمعها في أن تشفع لغيرها، و إياك و التغاير في غير موضع غيرة، فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم، و البريئة إلى الريب، و اجعل لكل إنسان من خدمك عملا تأخذه به، فإنه أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك، و أكرم عشيرتك فإنهم جناحك الذي به تطير، و أصلك الذي إليه تصير، و يدك التي بها تصول. أستودع الله دينك و دنياك، و أسأله خير القضاء لك في العاجلة و الاجلة، و الدنيا و الاخرة، و السلام.

اللغة

(مثوى): اسم مكان من ثوى بمعنى محل الاقامة، (تفلت): تخلص و في معناه الافلات و الانفلات (العظة): كالعدة مصدر وعظ يعظ، (عزائم الصبر): ما لزمته منها، (مناسب) مفعول من ناسب أى من ذوى القربى، (العورة): قال ابن ميثم: هنا الاسم من أعور الصيد إذا أمكنك من نفسه و أعور الفارس إذا بدامنه موضع خلل الضرب، (أفن): الأفن بسكون الفاء، النقص، و المتأفن، المتنقص و روى إلى أفن بالتحريك فهو ضعيف الرأى، أفن الرجل يأفن أفنا أى ضعف رأيه (الوهن): الضعف، (القهرمانة): فارسي معرب.

الاعراب‏

رزق تطلبه، عطف بيان لقوله «رزقان»، من دنياك متعلق بقوله «لك» و هي ظرف مستقر خبر مقدم لقوله «ان» و ماء الموصولة اسم له، و اكفف عليهن من أبصارهن قال الشارح المعتزلي «ص 124 ج 16 ط مصر»: من ها هنا زائدة و هو مذهب أبي الحسن الأخفش من زيادة من في الموجب، و يجوز أن يحمل على مذهب سيبويه فيعنى به: فاكفف عليهن بعض أبصارهن، بأشد خبر ليس، و الباء زائدة، لا تعد: نهى من عدا يعدو أى لا تجاوز، التغاير: تفاعل من الغيرة و هي الرقابة في النساء.

المعنى‏

قد قسم عليه السلام‏ الرزق‏ إلى‏ رزق‏ يحصل بلا طلب و إلى‏ رزق‏ يحصل بالطلب و قد ورد في غير واحد من الايات و الأخبار أن‏ الرزق‏ مضمون على الله تعالى و أصرح الايات قوله تعالى: «و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين: 6- هود» و قوله تعالى «إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين: 58- الذاريات».

فالايتان تدلان على أن الله تعالى تعهد رزق كل دابة كدين يجب الوفاء به و هو قادر على أداء هذا الدين فيصل رزق كل دابة إليها و أنه تعالى هو الرازق‏ على وجه الحصر و لا رازق غيره لأن ضمير الفصل في قوله: هو الرزاق، و تعريف المسند يفيدان الحصر فمعنى الاية أنه تعالى رازق و لا رازق غيره، و ينبغي البحث هنا في أمرين:

1- أن وصول الرزق إلى كل مرزوق مطلق أو له شرط معلق عليه فاذا لم يحصل الشرط يسقط الرزق المقدر، و ما هو هذا الشرط؟

يستفاد من بعض الأخبار أن الرزق مشروط بالطلب و الاكتساب بوجه ما فاذا ترك الطلب مطلقا يسقط الرزق المقدر، و ذلك كمن ترك تحصيل الرزق و اعتزل في زاوية منتظرا لمن يدخل عليه و يكفله، و يؤيد ذلك وجوب تحصيل النفقة لنفسه و لمن يجب عليه نفقته كالزوجة و الأقارب باتفاق الفقهاء، فلو كان الرزق واصلا مطلقا و حاصلا بتقدير من الله فلا معنى لوجوب تحصيله، و لكن لا إشكال في أن تأثير الطلب مختلف في الأشخاص، فربما يحصل بطلب قليل رزق واسع كثير، و ربما يحصل بالجد و الكد أدنى مئونة العيش و مقدار دفع الجوع و سد الرمق، و نظره عليه السلام في هذا المقام ترك الحرص و تحمل العناء في طلب الدنيا، كما أنه لا إشكال في حصول الرزق لبعض الأشخاص من حيث لا يحتسب قال الشارح المعتزلي «ص 114 ج 16 ط مصر»:دخل عماد الدولة أبو الحسن بن بويه شيراز بعد أن هزم ابن ياقوت عنها و هو فقير لا مال له فساخت إحدى قوائم فرسه في الصحراء في الأرض فزل عنها و ابتدرها غلمانه فخلصوها، فظهر لهم في ذلك الموضع نقب وسيع، فأمرهم بحفره فوجدوا فيه أموالا عظيمة و ذخائر لابن ياقوت.

ثم استلقى يوما آخر على ظهره في داره بشيراز التي كان ابن ياقوت يسكنها فرأى حية في السقف، فأمر غلمانه بالصعود إليها و قتلها، فهربت منهم، و دخلت في خشب الكنيسة فأمر أن يقلع الخشب و تستخرج و تقتل، فلما قلعوا الخشب وجدوا فيه أكثر من خمسين ألف دينار لابن ياقوت.

و احتاج لأن يفصل و يخيط ثيابا له و لأهله فقيل: ها هنا خياط حاذق كان‏ يخيط لابن ياقوت، و هو رجل منسوب إلى الدين و الخير، إلا أنه أصم لا يسمع شيئا أصلا فأمر باحضاره فأحضر و عنده رعب و هلع، فلما أدخله إليه كلمه و قال:اريد أن تخيط لنا كذا و كذا قطعة من الثياب، فارتعد الخياط و اضطرب كلامه و قال: و الله يا مولانا ماله عندى إلا أربعة صناديق ليس غيرها، فلا تسمع قول الأعداء في، فتعجب عماد الدولة و أمر باحضار الصناديق فوجدها كلها ذهبا و حليا و جواهر مملوءة وديعة لابن ياقوت.

2- أن من يأكل من الحرام كالسارق و الكاسب من الوجوه المحرمة فهل يأكل رزقه المقدر أم يأكل من غير رزقه؟ و هل الحرام رزق الله و يندرج في كلامه هذا أن الرزق رزقان‏ أم هو خارج عن مفهوم كلامه و رزق ثالث؟.ثم قبح عليه السلام خلقا معروفا عند الناس و هو الخضوع عند الحاجة و الجفاء عند الغنى‏.

و قد ارتكب الناس هذا الخلق حتى مع الله تعالى فعاتبهم به في كلامه قال عز و جل‏ حتى إذا كنتم في الفلك و جرين بهم بريح طيبة و فرحوا بها جاءتها ريح عاصف و جاءهم الموج من كل مكان و ظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق‏: 22- 23 يونس».

و قد أشار عليه السلام إلى أن ما يفيد للانسان من الدنيا هو يصلح به أمر آخرته فحسب، و أما غير ذلك فيذهب هدرا و يبقى تبعته.و أشار عليه السلام إلى تسلية مقنعة مستدلة لترك الأسف على ما فات بأنه إذ جزع على ما خرج من يده من المال و الجاه فلا بد أن يجزع على جميع ما في الدنيا مما لم‏ يصل إليه‏ لأنه لا فرق بين القسمين، و وصى أن يكون للانسان قلبا خاصغا فهما مستعدا للاتعاظ و هو دليل العقل و الفراسة.

العبد يقرع بالعصا و الحر تكفيه الملامة

و لا يخلو الانسان من‏ هموم‏ ترد على قلبه من حيث يشعر و لا يشعر فوصى‏

عليه السلام بطرد هذه‏ الهموم‏ بملازمة صبر ثابت و يقين‏ صادق و بملازمة طريقة عادلة في أعماله و أخلاقه و نبه على أن‏ الصاحب الصديق‏ كنسيب‏ قريب‏، و كان يقال:«الصديق نسيب الروح و الأخ نسيب البدن».

و قد بين عليه السلام موازين لامور هامة:

1- ميزان الصداقة، فقال: (و الصديق من صدق غيبه) يعنى أن الصداقة يعرف بحفظ الغيب‏ للصديق‏، فربما شخص يظهر الصداقة في الحضور و لم يكن إلا منافقا.

2- ميزان الغربة، فقال: (الغريب من لم يكن له حبيب) أى‏ من لم يكن له‏ مونس يطمئن إليه و يلمسه عن ظهر قلبه برابطة و دية صادقة فهر غريب‏ و إن كان في وطنه.

3- ميزان العداوة، فقال: (و من لم يبالك فهو عدوك) أى‏ من لم‏ يكترث بك و يراعيك‏ فهو عدو.

و قد استغرب الشارح المعتزلي هذه الميزانية للعداوة فقال «ص 119 ج 16 ط مصر»: و هذه الوصاة خاصة بالحسن عليه السلام و أمثاله من الولاة و أرباب الرعايا و ليست عامة للسوقة من أفناء الناس، و ذلك لأن الوالي إذا أنس من بعض رعيته أنه لا يباليه و لا يكترث به، فقد أبدى صفحته، و من أبدى لك صفحة فهو عدوك‏ و أما غير الوالي من أفناء الناس فليس أحدهم إذا لم يبال بالاخر بعدو له.

أقول: قد ذكرنا فى بدء شرح هذه الوصية أنها موجهة من نوع الوالد إلى نوع الولد من دون ملاحظة أية خصوصية في البين، و المقصود من عدم المبالات في كلامه عليه السلام هو عدم رعاية الحق بعد المعرفة و وجود الرابطة بين شخصين و كل من عرف غيره و لم يراع له حقه يكون عدوا له و ظالما، سواء من السوقة و أفناء الناس، أو من الولاة و الحكام، و الفرق أن المعرفة للوالي أعم، و حقوقه على الرعايا أتم و ألزم.

و قد اختلف في تفسير قوله عليه السلام: (ليس كل عورة تظهر) فقال الشارح المعتزلي «في ص 119 ج 16 ط مصر»: يقول: قد تكون‏ عورة العدو مستترة

عنك فلا تظهر، و قد تظهر لك و لا يمكنك إصابتها.

و قال ابن ميثم: نبه بقوله: ليس كل عورة- إلى قوله: رشده‏، على أن من الامور الممكنة و الفرض ما يغفل الطالب‏ البصير عن وجه طلبه فلا يصيبه و لا يهتدى له، و يظفر به‏ الأعمى‏- إلى أن قال: و غرض الكلمة التسلية عن الأسف و الجزع على ما يفوت من المطالب بعد إمكانها.

أقول: قد ارتبط ابن ميثم هذه الجمل الأربع إلى غرض واحد، و الظاهر أن كلا منها حكمة عامة تامة، و المقصود من‏ العورة العيب في عدو أو غيره المعرض للانكشاف، فيقول: ربما يبقي عيب معروض للانكشاف مستورا لغفلة الناس أو سبب آخر، كما أنه ربما لا يستفاد من‏ الفرصة و ربما يخطأ البصير عن‏ قصده‏ كما أنه‏ ربما يصيب‏ الأعمى رشده‏.

و هذه الحكم كلها من قبيل المثل السائر المشهور: رمية من غير رام و تنبيه على أن الأسباب المعمولة ليست عللا تامة للوصول إلى المقاصد و الأهداف.

و نبه بقوله عليه السلام‏ (من أمن الزمان خانه و من عظمه هانه) على أن‏ الزمان‏ إذا أقبل على الانسان لا يصح الاعتماد عليه، فانه دوار غدار كما قال أبو الطيب:و هي معشوقة على الغدر لا تحفظ عهدا و لا تتمم وصلا و قد أشار إلى السبب الأساسى في تغيير الزمان‏ على بني الانسان فقال: (إذا تغير السلطان تغير الزمان) ذكر الشارح المعتزلي «ص 121 ج 16 ط مصر» في شرح هذه الجملة:في كتب الفرس أن أنوشروان جمع عمال السواد و بيده درة يقلبها،

فقال:أي شي‏ء أضر بارتفاع السواد و أدعى إلى محقه؟ أيكم قال ما في نفسي جعلت هذه الدرة في فيه؟ فقال بعضهم: انقطاع الشرب، و قال بعضهم: احتباس المطر و قال بعضهم: استيلاء الجنوب و عدم الشمال، فقال لوزيره: قل أنت فإني أظن عقلك يعادل عقول الرعية كلها أو يزيد عليها، فقال: تغير رأى السلطان في رعيته، و إضمار الحيف لهم، و الجور عليهم، فقال: لله أبوك، بهذا العقل أهلك‏ آبائي و أجدادي لما أهلوك له، و دفع إليه الدرة فجعلها في فيه.

ثم توجه عليه السلام في آخر وصيته إلى المعاملة مع‏ النساء و الخدم و هم أهل البيت و الخاصة و وصى في‏ النساء بأمور:

1- ترك‏ المشاورة معهن لضعف‏ الرأى‏ و وهن العزم‏ و التصميم في الأمور.

2- كف‏ أبصارهن‏ عن الأجانب و زهرة الدنيا بواسطة الحجاب عليهن‏ فانه موجب لبقائهن و وفائهن للزوج.

3- عدم إدخال الرجال الأجانب‏ عليهن‏ في البيت إذا كانوا أهل‏ ريب‏ و فتنة.

4- عدم إحالة تدبير امور البيت من شراء الحوائج و الامور الخارجة عن تدبير أنفسهن‏ عليهن‏ لأن ذلك يؤذيهن و يذهب بجمالهن و بهائهن و ينقص من الاستمتاع بوجودهن.

5- عدم إجابتهن في الشفاعة و الوساطة للأغيار، فانه يوجب توجههم إليهن و يؤدي إلى فسادهن يوما ما.

6- عدم اظهار الغيرة عليهن‏ في غير موضعها، و المقصود المنع من سوء الظن بهن ضنا عليهن‏ و شغفا بحبهن فانه يوجب سوقهن إلى الفساد، و يلوث براءة ساحتهن‏ بالريب‏ و عدم الاعتماد.

و أما وصيته عليه السلام بالنسبة إلى الخدم فانه تنتظم أعمال خدمتهم بتقسيم اموره بينهم و إحالة كل أمر إلى من يناسبه منهم و جعله مسئولا عنه بخصوصه لئلا يكل بعضهم إلى بعض و يضيع الامور و تبقى بلا مسئول خاص.

ثم ختم عليه السلام وصاياه بقوله‏ (و أكرم عشيرتك) و المقصود منه صلة الرحم المأمور بها في الكتاب و السنة معللا بأن العشيرة كالجناح للطيران و كالأصل للبنيان و كاليد للصولة على ذوي العدوان.

و قد قرر ابن خلدون في مقدمته المعروفة في علم الاجتماع و العمران، العصبة و الاعتماد على العشيرة أصلا ثابتا في القبض على الحكومة و السلطان و تحصيل الزعامة على سائر أفراد الانسان، و قرر ذلك الأصل بشواهد كثيرة من التاريخ في شتى النواحي و البلدان.

قال في «ص 117 ج 1 من المقدمة ط مصر»: الفصل السابع عشر في أن الغاية التي تجرى إليه العصبية هي الملك.و ذلك لأنا قدمنا أن العصبية بها تكون الحماية و المدافعة و المطالبة و كل أمر يجتمع عليه و قدمنا أن الادميين الطبيعة الانسانية يحتاجون في كل اجتماع إلى وازع و حاكم يزع بعضهم عن بعض، فلا بد أن يكون متغلبا عليهم بتلك العصبية و إلا لم تتم قدرته على ذلك و هذا التغلب هو الملك.

الترجمة

اى پسر جانم بدانكه روزى بر دو قسم است، يك روزيست كه تو بدنبال آن مى ‏روى و روزى ديگرى كه دنبالت مى ‏آيد و اگر بدنبال آن نروى او بدنبال تو مى ‏آيد، وه چه زشت است كه هنگام نياز فروتن و زبون باشى و چون نياز ندارى جفا كنى و رو گردانى، تو از دنياى خود همانى را دارى كه با آن كار آخرت خود را درست كنى، اگر بدانچه از دستت رفته است بيتابى كنى بايد بر هر چه كه در جهانست و بتو نمى ‏رسد بيتابى كنى و غم آنرا بخورى، بدانچه نباشد از آنچه هست رهياب باش، زيرا همه امور بهم مانند و آنچه هست نمونه‏ ايست براى آنچه نيست.

از آن كسانى مباش كه پند نپذيرد مكر آنكه پندى جانگاه و ملامت بار باشد و دلش را بدرد آورد، زيرا خردمند بهمان ادب و پرورش پند پذيرد، جانورانند و چهار پايان كه جز با كتك فرمان پذير نباشند، آنچه هم و اندوه بر دلت وارد شود بوسيله شكيبائى پايدار و خوش باورى از قدرت پروردگار از خود دور كن هر كس از راه عدل و داد بگردد جائر و نابكار باشد، و رفيق موافق برادر باشد دوست آن كس است در پشت سر دوستى را رعايت كند، هوس همعنان رنج و غم است، بسا خويشى كه از بيگانه دورتر است و بسا بيگانه كه از خويش نزديكتر و مهربانتر، آواره كسى است كه دوستى ندارد.

هر كس از حق تجاوز كند به تنگناى گرفتار آيد، هر كه قدر خود را شناسد و بر آن بايستد براى او پاينده‏ تر است، محكمترين وسيله كه به آن بچسبى آنست كه ميان تو و خدا است، هر كسى بتو بى ‏اعتنا است دشمن تو است، گاهى شود كه نوميدى رسيدن بمقصود باشد در صورتى كه طمع ورزى مايه نابوديست، هر بدى فاش نگردد، و هر فرصتى مورد استفاده نباشد، بسا كه بينا و هشيار از مقصد خود خطا رود و نابينا و نادان بمقصد رسد.

بدى را تا توانى بتأخير انداز كه هر دم مى‏ توانى در آن بشتابى، بريدن نادان برابر پيوند با خردمندانست، هر كس از مكر زمانه آسوده زيد بخيانت او دچار گردد، و هر كس زمانه را بزرگ شمارد خوارى آنرا بيند، نه هر كس تير اندازد بهدف زند، وقتى سلطان ديگر گونه گردد زمانه هم ديگر گون شود نخست از رفيق پرسش كن آن گاه از راه، و از همسايه بررسى كن آن گاه از خانه مبادا سخنى بگوئى كه خنده آور باشد و اگر چه از ديگرى آنرا حكايت كنى.

مبادا با زنان خانه خود در كارهايت مشورت كنى زيرا رأى آنان سست است و تصميمشان نا پايدار است، با حجاب خود جلو ديده آنانرا بر گير زيرا هر چه در پرده باشند بهتر مى ‏مانند و سالم ترند، بيرون رفتن آنها از خانه و گردش آنان در كوى و بر زن از آن بدتر نيست كه بيگانه‏ اى كه مورد اطمينان نباشد نزد آنها آورى و با او معاشرت كنند، و اگر بتوانى آنها را چنان دارى كه جز تو را نشناسند همين كن.

زن را به بيش از آنچه راجع بخود او است بر كارها سر كار و صاحب اختيار مكن، زيرا زن چون گل است و جنس لطيف و قهرمان و كارگزار نيست، و نبايد از اندازه احترام و شايستگى خود تجاوز نمايد، زن را بطمع ميانداز كه پيش تو واسطه انجام كار ديگران شود، و مبادا بيجا غيرت ورزى كنى و بدنبال بدبينى باشى كه اين خود زن درست و پارسا را بيمار و ناهموار سازد و زن پاكدامن را بسوى آلودگى كشد.

براى هر كدام از خدمتكاران خود كارى مخصوص او مقرر دار كه مسئول او باشد، و در عهده او شناخته شود، زيرا اين تقسيم كارها خود سبب مى‏ شود كه كارها را بهم وانگذارند و خدمت را بى ‏سرانجام ننمايند.

عشيره و تيره و تبار خود را گرامى دار و محترم شمار زيرا كه آنان بجاى پرهاى تواند كه بوسيله آنها پران مى ‏شوى و پايه تواند كه بدانهاى مى ‏گردى، و چون دست تواند كه بوسيله آنها يورش و فعاليت دارى.

من تو را از نظر دين و دنيايت بخدا مى ‏سپارم، و از او براى تو فرمان خير و صلاح را در دنيا و آخرت خواستارم و السلام.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی