خطبه 96 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

96 و من كلام له ع- :

وَ لَئِنْ أَمْهَلَ اللَّهُ الظَّالِمَ- فَلَنْ يَفُوتَ أَخْذُهُ- وَ هُوَ لَهُ بِالْمِرْصَادِ عَلَى مَجَازِ طَرِيقِهِ- وَ بِمَوْضِعِ الشَّجَا مِنْ مَسَاغِ رِيقِهِ- أَمَا وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ- لَيَظْهَرَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَيْكُمْ- لَيْسَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْكُمْ- وَ لَكِنْ لِإِسْرَاعِهِمْ إِلَى بَاطِلِهِمْ وَ إِبْطَائِكُمْ عَنْ حَقِّي- وَ لَقَدْ أَصْبَحَتِ الْأُمَمُ تَخَافُ ظُلْمَ رُعَاتِهَا- وَ أَصْبَحْتُ أَخَافُ ظُلْمَ رَعِيَّتِي- اسْتَنْفَرْتُكُمْ لِلْجِهَادِ فَلَمْ تَنْفِرُوا- وَ أَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا- وَ دَعَوْتُكُمْ سِرّاً وَ جَهْراً فَلَمْ تَسْتَجِيبُوا- وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ تَقْبَلُوا- شُهُودٌ كَغُيَّابٍ وَ عَبِيدٌ كَأَرْبَابٍ- أَتْلُو عَلَيْكُمْ الْحِكَمَ فَتَنْفِرُونَ مِنْهَا- وَ أَعِظُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ الْبَالِغَةِ- فَتَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا- وَ أَحُثُّكُمْ عَلَى جِهَادِ أَهْلِ الْبَغْيِ- فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلِي- حَتَّى أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقِينَ أَيَادِيَ سَبَا تَرْجِعُونَ إِلَى مَجَالِسِكُمْ- وَ تَتَخَادَعُونَ عَنْ مَوَاعِظِكُمْ- أُقَوِّمُكُمْ غُدْوَةً وَ تَرْجِعُونَ إِلَيَّ عَشِيَّةً- كَظَهْرِ الْحَنِيَّةِ عَجَزَ الْمُقَوِّمُ وَ أَعْضَلَ الْمُقَوَّمُ- أَيُّهَا الْقَوْمُ الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ- الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ- الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ- الْمُبْتَلَى بِهِمْ أُمَرَاؤُهُمْ- صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ اللَّهَ وَ أَنْتُمْ تَعْصُونَهُ- وَ صَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللَّهَ- وَ هُمْ يُطِيعُونَهُ- لَوَدِدْتُ وَ اللَّهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَنِي بِكُمْ- صَرْفَ الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ- فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةَ مِنْكُمْ- وَ أَعْطَانِي رَجُلًا مِنْهُمْ-يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ- مُنِيتُ مِنْكُمْ بِثَلَاثٍ وَ اثْنَتَيْنِ- صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ- وَ بُكْمٌ ذَوُو كَلَامٍ- وَ عُمْيٌ ذَوُو أَبْصَارٍ- لَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ- وَ لَا إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ الْبَلَاءِ- تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ- يَا أَشْبَاهَ الْإِبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا- كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ- وَ اللَّهِ لَكَأَنِّي بِكُمْ فِيمَا إِخَالُكُمْ- أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى وَ حَمِيَ الضِّرَابُ- قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ- انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا- وَ إِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ مِنْهَاجٍ مِنْ نَبِيِّي- وَ إِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ- أَلْقُطُهُ لَقْطاً أمهله أخره و أخذه فاعل و المفعول محذوف- تقديره فلن يفوته- و المرصاد الطريق و هي من ألفاظ الكتاب العزيز- .

و مجاز طريقه مسلكه و موضع جوازه- و الشجا ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره- و موضع الشجا هو الحلق نفسه- و مساغ ريقه موضع الإساغة- أسغت الشراب أوصلته إلى المعدة- و يجوز سغت الشراب أسوغه و أسيغه- و ساغ الشراب نفسه يسوغ سوغا أي سهل مدخله في الحلق- يتعدى و لا يتعدى- و هذا الكلام من باب التوسع و المجاز- لأن الله تعالى لا يجوز عليه الحصول في الجهات- و لكنه كقوله تعالى- وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ- و قوله وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ- .

ثم أقسم ع- أن أهل الشام لا بد أن يظهروا على أهل العراق- و أن ذلك ليس لأنهم على الحق- و أهل العراق على الباطل- بل لأنهم أطوع لأميرهم- و مدار النصرة في الحرب- إنما هو على طاعة الجيش و انتظام أمره- لا على اعتقاد الحق- فإنه ليس يغني في الحرب- أن يكون الجيش محقا في العقيدة- إذا كان مختلف الآراء- غير مطيع لأمر المدبر له- و لهذا تجد أهل الشرك- كثيرا ما ينتصرون على أهل التوحيد- . ثم ذكر ع نكتة لطيفة في هذا المعنى- فقال العادة أن الرعية تخاف ظلم الوالي- و أنا أخاف ظلم رعيتي- و من تأمل أحواله ع في خلافته- علم أنه كان كالمحجور عليه- لا يتمكن من بلوغ ما في نفسه- و ذلك لأن العارفين بحقيقة حاله كانوا قليلين- و كان السواد الأعظم- لا يعتقدون فيه الأمر الذي يجب اعتقاده فيه- و يرون تفضيل من تقدمه من الخلفاء عليه- و يظنون أن الأفضلية إنما هي الخلافة- و يقلد أخلافهم أسلافهم- و يقولون لو لا أن الأوائل علموا- فضل المتقدمين عليه لما قدموهم- و لا يرونه إلا بعين التبعية لمن سبقه- و أنه كان رعية لهم- و أكثرهم إنما يحارب معه بالحمية- و بنخوة العربية لا بالدين و العقيدة- و كان ع مدفوعا إلى مداراتهم و مقاربتهم- و لم يكن قادرا على إظهار ما عنده- أ لا ترى إلى كتابه إلى قضاته في الأمصار- .

وقوله فاقضوا كما كنتم تقضون- حتى تكون للناس جماعة- و أموت كما مات أصحابي و هذا الكلام لا يحتاج إلى تفسير- و معناه واضح- و هو أنه قال لهم اتبعوا عادتكم الآن بعاجل الحال- في الأحكام و القضايا التي كنتم تقضون بها- إلى أن يكون للناس جماعة- أي إلى أن تسفر هذه الأمور و الخطوب- عن الاجتماع و زوال الفرقة و سكون الفتنة- و حينئذ أعرفكم ما عندي- في هذه القضايا و الأحكام التي قد استمررتم عليها- .

ثم قال أو أموت كما مات أصحابي- فمن قائل يقول عنى بأصحابه الخلفاء المتقدمين-و من قائل يقول عنى بأصحابه شيعته- كسلمان و أبي ذر و المقداد و عمار و نحوهم- أ لا ترى إلىقوله على المنبر في أمهات الأولاد كان رأيي و رأي عمر ألا يبعن- و أنا أرى الآن بيعهن- فقام عليه عبيدة السلماني- فقال له رأيك مع الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك- فما أعاد عليه حرفا- فهل يدل هذا على القوة و القهر- أم على الضعف في السلطان و الرخاوة- و هل كانت المصلحة و الحكمة- تقتضي في ذلك الوقت غير السكوت و الإمساك- أ لا ترى أنه كان يقرأ في صلاة الصبح- و خلفه جماعة من أصحابه- فقرأ واحد منهم رافعا صوته- معارضا قراءة أمير المؤمنين ع- إن الحكم إلا لله يقضي بالحق و هو خير الفاصلين- فلم يضطرب ع- و لم يقطع صلاته و لم يلتفت وراءه- و لكنه قرأ معارضا له على البديهة- فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ- وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ- و هذا صبر عظيم- و أناة عجيبة و توفيق بين- و بهذا و نحوه استدل أصحابنا المتكلمون- على حسن سياسته و صحة تدبيره- لأن من مني بهذه الرعية المختلفة الأهواء- و هذا الجيش العاصي له المتمرد عليه- ثم كسر بهم الأعداء- و قتل بهم الرؤساء- فليس يبلغ أحد في حسن السياسة و صحة التدبير مبلغه- و لا يقدر أحد قدره-

و قد قال بعض المتكلمين من أصحابنا- إن سياسة علي ع إذا تأملها المنصف- متدبرا لها بالإضافة إلى أحواله- التي دفع إليها مع أصحابه- جرت مجرى المعجزات- لصعوبة الأمر و تعذره- فإن أصحابه كانوا فرقتين- إحداهما تذهب إلى أن عثمان قتل مظلوما- و تتولاه و تبرأ من أعدائه- و الأخرى و هم جمهور أصحاب الحرب- و أهل الغناء و البأس- يعتقدون أن عثمان قتل- لأحداث أوجبت عليه القتل- و قد كان منهم من يصرح بتكفيره- و كل من هاتين الفرقتين يزعم- أن عليا ع موافق لها على رأيها- و تطالبه في كل وقت بأن يبدي مذهبه في عثمان- و تسأله أن يجيب بجواب واضح في أمره- و كان ع يعلم- أنه متى وافق إحدى الطائفتين باينته الأخرى- و أسلمته و تولت عنه و خذلته- فأخذ ع يعتمد في جوابه- و يستعمل في كلامه- ما تظن به كل واحدة من الفرقتين- أنه يوافق رأيها و يماثل اعتقادها- فتارة يقول الله قتله و أنا معه- و تذهب الطائفة الموالية لعثمان- إلى أنه أراد أن الله أماته و سيميتني كما أماته- و تذهب الطائفة الأخرى- إلى أنه أراد أنه قتل عثمان مع قتل الله له أيضا- و كذلك قوله تارة أخرى ما أمرت به و لا نهيت عنه-

و قوله لو أمرت به لكنت قاتلا- و لو نهيت عنه لكنت ناصرا- و أشياء من هذا الجنس مذكورة مروية عنه- فلم يزل على هذه الوتيرة حتى قبض ع- و كل من الطائفتين موالية له معتقدة- أن رأيه في عثمان كرأيها- فلو لم يكن له من السياسة إلا هذا القدر- مع كثرة خوض الناس حينئذ في أمر عثمان- و الحاجة إلى ذكره في كل مقام- لكفاه في الدلالة على أنه أعرف الناس بها- و أحذقهم فيها- و أعلمهم بوجوه مخارج الكلام- و تدبير أحوال الرجال- .

ثم نعود إلى الشرح- قوله ع و نصحت لكم- هو الأفصح و عليه ورد لفظ القرآن- و قول العامة نصحتك ليس بالأفصح- . قوله و عبيد كأرباب- يصفهم بالكبر و التيه- . فإن قلت كيف قال عنهم- إنهم عبيد و كانوا عربا صلبية- قلت يريد أن أخلاقهم كأخلاق العبيد- من الغدر و الخلاف و دناءة الأنفس- و فيهم مع ذلك كبر السادات و الأرباب و تيههم- فقد جمعوا خصال السوء كلها- . و أيادي سبأ مثل يضرب للمتفرقين- و أصله قوله تعالى عن أهل سبإ- وَ مَزَّقْناهُمْ‏ كُلَّ مُمَزَّقٍ- و سبأ مهموز- و هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان- و يقال ذهبوا أيدي سبأ و أيادي سبأ- الياء ساكنة و كذلك الألف- و هكذا نقل المثل أي ذهبوا متفرقين- و هما اسمان جعلا واحدا مثل معديكرب- .

قوله تتخادعون عن مواعظكم- أن تمسكون عن الاتعاظ و الانزجار- و تقلعون عن ذلك- من قولهم كان فلان يعطي ثم خدع- أي أمسك و أقلع- و يجوز أن يريد- تتلونون و تختلفون في قبول الموعظة- من قولهم خلق فلان خلق خادع أي متلون- و سوق خادعة أي مختلفة متلونة- و لا يجوز أن يريد باللفظة المعنى المشهور منها- لأنه إنما يقال فلان يتخادع لفلان- إذا كان يريه أنه منخدع له- و ليس بمنخدع في الحقيقة- و هذا لا يطابق معنى الكلام- . و الحنية القوس- و قوله كظهر الحنية يريد اعوجاجهم- كما أن ظهر القوس معوج- و أعظل المقوم أي أعضل داؤه أي أعيا- و يروى أيها الشاهدة أبدانهم بحذف الموصوف- . ثم أقسم أنه يود أن معاوية صارفه بهم- فأعطاه من أهل الشام واحدا- و أخذ منه عشرة صرف الدينار بالدراهم- أخذ هذا اللفظ عبد الله بن الزبير- لما وفد إليه أهل البصرة و فيهم الأحنف- فتكلم منهم أبو حاضر الأسدي- و كان خطيبا جميلا- فقال له عبد الله بن الزبير اسكت- فو الله لوددت أن لي بكل عشرة من أهل العراق واحدا- من أهل الشام- صرف الدينار بالدراهم- فقال يا أمير المؤمنين- إن لنا و لك مثلا- أ فتأذن في ذكره قال نعم- قال مثلنا و مثلك و مثل أهل الشام قول الأعشى-

علقتها عرضا و علقت رجلا
غيري و علق أخرى غيرها الرجل‏

أحبك أهل العراق و أحببت أهل الشام- و أحب أهل الشام عبد الملك فما تصنع- ثم ذكر ع أنه مني- أي بلي منهم بثلاث و اثنتين- إنما لم يقل بخمس- لأن الثلاث إيجابية و الاثنتين سلبية- فأحب أن يفرق بين الإثبات و النفي- . و يروى لا أحرار صدق عند اللقاء جمع صادق- و لا إخوان ثقة عند البلاء أي موثوق بهم- . تربت أيديكم كلمة يدعى على الإنسان بها- أي لا أصبتم خيرا و أصل ترب أصابه التراب- فكأنه يدعو عليه- بأن يفتقر حتى يلتصق بالتراب- . قوله فما إخالكم أي فما أظنكم- و الأفصح كسر الألف و هو السماع- و بنو أسد يفتحونها و هو القياس- . قوله ألو أصله أن لو- ثم أدغمت النون في الألف فصارت كلمة واحدة- . و حمس الوغى بكسر الميم اشتد و عظم- فهو حمس و أحمس بين الحمس و الحماسة- . و الوغى في الأصل الأصوات و الجلبة- و سميت الحرب نفسها وغى لما فيها من ذلك- .

و قوله انفراج المرأة عن قبلها- أي وقت الولادة- . قوله ألقطه لقطا- يريد أن الضلال غالب على الهدى- فأنا ألتقط طريق الهدى- من بين طريق الضلال لقطا من هاهنا و هاهنا- كما يسلك الإنسان طريقا دقيقة- قد اكتنفها الشوك و العوسج من جانبيهما كليهما- فهو يلتقط النهج التقاطا: انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ- فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ- وَ اتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ- فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدًى- وَ لَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى- فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا- وَ إِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا- وَ لَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا- وَ لَا تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا-لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ص- فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ- لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً- وَ قَدْ بَاتُوا سُجَّداً وَ قِيَاماً- يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَ خُدُودِهِمْ- وَ يَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ- كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى- مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ- إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ- حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ- وَ مَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ- خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ وَ رَجَاءً لِلثَّوَابِ السمت الطريق- و لبد الشي‏ء بالأرض يلبد بالضم لبودا التصق بها- و يصبحون شعثا غبرا- من قشف العبادة و قيام الليل- و صوم النهار و هجر الملاذ- فيراوحون بين جباههم و خدودهم- تارة يسجدون على الجباه- و تارة يضعون خدودهم على الأرض بعد الصلاة- تذللا و خضوعا- و المراوحة بين العمل- أن يعمل هذا مرة و هذا مرة- و يراوح بين رجليه- إذا قام على هذه تارة و على هذه أخرى- .

و يقال معزى لهذا الجنس من الغنم- و معز و معيز و أمعوز و معز بالتسكين- و واحد المعز ماعز كصحب و صاحب- و الأنثى ماعزة و الجمع مواعز- . و هملت أعينهم سالت تهمل و تهمل- . و يروى حتى تبل جباههم- أي يبل موضع السجود فتبتل الجبهة بملاقاته- و مادوا تحركوا و اضطربوا- إما خوفا من العقاب- كما يتحرك الرجل و يضطرب- أو رجاء للثواب كما يتحرك النشوان من الطرب- و كما يتحرك الجذل المسرور من الفرح

شرح‏ نهج ‏البلاغة(ابن ‏أبي ‏الحديد) ج 7 

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.