خطبه 195 شرح ابن میثم بحرانی

و من كلام له عليه السّلام كان كثيرا ما ينادى به أصحابه

تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَقَدْ نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحِيلِ- وَ أَقِلُّوا الْعُرْجَةَ عَلَى الدُّنْيَا- وَ انْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ- فَإِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَئُوداً وَ مَنَازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً- لَا بُدَّ مِنَ الْوُرُودِ عَلَيْهَا وَ الْوُقُوفِ عِنْدَهَا- . وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَلَاحِظَ الْمَنِيَّةِ نَحْوَكُمْ دَانِيَةٌ- وَ كَأَنَّكُمْ بِمَخَالِبِهَا وَ قَدْ نَشِبَتْ فِيكُمْ- وَ قَدْ دَهَمَتْكُمْ فِيهَا مُفْظِعَاتُ الْأُمُورِ وَ مُعْضِلَاتُ الْمَحْذُورِ- . فَقَطِّعُوا عَلَائِقَ الدُّنْيَا وَ اسْتَظْهِرُوا بِزَادِ التَّقْوَى و قد مضى شي‏ء من هذا الكلام فيما تقدم، بخلاف هذه الرواية.

اللغة

أقول: العرجة و التعريج: الإقامة على المكان و الاحتباس به.

و عقبة كؤود: شاقة المصاعد.

و الملاحظ: جمع ملحظ و هو مصدر أو محلّ اللحظ و هو النظر بموخّر العين.

و دانية: مجدّدة.

و مفظعات الامور: عظائمها و شدائدها المجاوزة حدّ المقدار المعتاد.

و معضلات المحذور: ما ثقل منها و أمال.

و مدار الفصل على الأمر بالتجهيز من الدنيا

و هو الاستعداد للسفر إلى اللّه بما يحتاج إليه المسافرون إلى حضرته من الزاد المبلغ و هو التقوى، و الرحيل يحتمل أن يريد به السفر بالموت فيكون المنادى هو حوادث الأيّام الداعية بضرورتها للأمزجة إلى الانهدام، و يحتمل أن يريد به السفر إلى اللّه بالرياضة الكاملة، و المنادى بذلك هو الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الكتاب العزيز و أولياء اللّه. ثمّ على الأمر بإقلال التعريج على الدنيا: أي بقلّة الالتفات إليها إلّا على القدر الضرورىّ منها و هو الزهد. ثمّ بالانقلاب عنها بصالح ما يحضرهم في الدنيا و يمكنهم إعداده و الاستعداد به و هو الأعمال الصالحة و التقوى و قوله: فإنّ أمامكم عقبة كؤودا.

استعار لفظ العقبة بوصف الكؤود، و وجه المشابهة شدّة الملاقات و قطع منازله في حال تألم النفوس إلى آخر الموت، و أراد بالمنازل المحوفة المهولة منازل الآخرة بعد من القبر و ساير درجات النفوس في الشقاوة و الأهوال الاخرويّة و ظاهر أنّه لا بدّ من ورود تلك المنازل و الوقوف عندها إلى حين عبورها خصوصا أصحاب الملكات الرديئة و العلايق الدنيّة البدنيّة فإنّ وقوفهم بتلك المنازل أطول و شدائدهم فيها أهول.

و قوله: و اعلموا. إلى قوله: فيكم.
أخذ بعض لوازم المستعار و هو الملاحظة و ذويها، و كنّى بذلك عن كونها هم بالرصد لا تنقطع عنهم، و روى دائنة: أى قريبة منهم، و كذلك المخالب و نشبتها كناية عن لحوق الآفات و الأمراض المهلكة لهم، و معنى التشبيه هاهنا تشبيه المقدّر القريب وقوعه و هو لحوق الموت لهم، و نسبة مخالب المنية فيهم بوقوع ذلك في السرعة، و الباء في بمخالبها للالصاق، و الواوان في قوله: و قد للحال.

و قوله: و قد دهمتكم. إلى قوله: المحذور.
كناية عن لحوق شدائد الموت و مثقلات الظهور المحذورة و هى الذنوب.

و قوله: فقطّعوا علايق الدنيا.
أمر بالزهد الحقيقىّ فيها و التخفيف منها بترك الفضول و الاستكثار من متاعها، و استظهروا بزاد التقوى: أى اتّخذوه ظهيرا لكم على مشاقّ السفر إلى الآخرة، و باللّه التوفيق.

شرح نهج البلاغة(ابن‏ ميثم بحراني)، ج 4 ، صفحه‏ى 8

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.