
۶۷ و من کتاب له ع کتبه إلى قثم بن العباس- و هو عامله على مکه
أَمَّا بَعْدُ فَأَقِمْ لِلنَّاسِ الْحَجَّ- وَ ذَکِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ- وَ اجْلِسْ لَهُمُ الْعَصْرَیْنِ- فَأَفْتِ الْمُسْتَفْتِیَ- وَ عَلِّمِ الْجَاهِلَ وَ ذَاکِرِ الْعَالِمَ- وَ لَا یَکُنْ لَکَ إِلَى النَّاسِ سَفِیرٌ إِلَّا لِسَانُکَ- وَ لَا حَاجِبٌ إِلَّا وَجْهُکَ- وَ لَا تَحْجُبَنَّ ذَا حَاجَهٍ عَنْ لِقَائِکَ بِهَا- فَإِنَّهَا إِنْ ذِیدَتْ عَنْ أَبْوَابِکَ فِی أَوَّلِ وِرْدِهَا- لَمْ تُحْمَدْ فِیمَا بَعْدُ عَلَى قَضَائِهَا- وَ انْظُرْ إِلَى مَا اجْتَمَعَ عِنْدَکَ مِنْ مَالِ اللَّهِ- فَاصْرِفْهُ إِلَى مَنْ قِبَلَکَ مِنْ ذَوِی الْعِیَالِ وَ الْمَجَاعَهِ- مُصِیباً بِهِ مَوَاضِعَ الْمَفَاقِرِ وَ الْخَلَّاتِ- وَ مَا فَضَلَ عَنْ ذَلِکَ فَاحْمِلْهُ إِلَیْنَا لِنَقْسِمَهُ فِیمَنْ قِبَلَنَا- وَ مُرْ أَهْلَ مَکَّهَ أَلَّا یَأْخُذُوا مِنْ سَاکِنٍ أَجْراً- فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یَقُولُ- سَواءً الْعاکِفُ فِیهِ وَ الْبادِ- فَالْعَاکِفُ الْمُقِیمُ بِهِ- وَ الْبَادِی الَّذِی یَحُجُّ إِلَیْهِ مِنْ غَیْرِ أَهْلِهِ- وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاکُمْ لِمَحَابِّهِ وَ السَّلَامُ
قد تقدم ذکر قثم و نسبه- أمره أن یقیم للناس حجهم- و أن یذکرهم بأیام الله و هی أیام الإنعام- و أیام الانتقام لتحصل الرغبه و الرهبه- . و اجلس لهم العصرین الغداه و العشی- . ثم قسم له ثمره جلوسه لهم ثلاثه أقسام- إما أن یفتی مستفتیا من العامه فی بعض الأحکام- و إما أن یعلم متعلما یطلب الفقه- و إما أن یذاکر عالما و یباحثه و یفاوضه- و لم یذکر السیاسه و الأمور السلطانیه- لأن غرضه متعلق بالحجیج و هم أضیافه- یقیمون لیالی یسیره و یقفلون-
و إنما یذکر السیاسه و ما یتعلق بها فیما یرجع إلى أهل مکه- و من یدخل تحت ولایته دائما- ثم نهاه عن توسط السفراء و الحجاب بینه و بینهم- بل ینبغی أن یکون سفیره لسانه و حاجبه وجهه- و روی و لا یکن إلا لسانک سفیرا لک إلى الناس- بجعل لسانک اسم کان مثل قوله- فَما کانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا- و الروایه الأولى هی المشهوره- و هو أن یکون سفیرا اسم کان- و لک خبرها- و لا یصح ما قاله الراوندی إن خبرها إلى الناس- لأن إلى هاهنا متعلقه بنفس سفیر- فلا یجوز أن تکون- الخبر عن سفیر تقول سفرت إلى بنی فلان فی الصلح- و إذا تعلق حرف الجر بالکلمه صار کالشیء الواحد- . ثم قال فإنها إن ذیدت أی طردت و دفعت- . کان أبو عباد ثابت بن یحیى کاتب المأمون إذا سئل الحاجه- یشتم السائل و یسطو علیه و یخجله و یبکته ساعه- ثم یأمر له بها فیقوم و قد صارت إلیه- و هو یذمه و یلعنه قال علی بن جبله العکوک-
لعن الله أبا عباد
لعنا یتوالى
یوسع السائل شتما
ثم یعطیه السؤالا
و کان الناس یقفون لأبی عباد وقت رکوبه- فیتقدم الواحد منهم إلیه بقصته لیناوله إیاها- فیرکله برجله بالرکاب و یضربه بسوطه- و یطیر غضبا ثم لا ینزل عن فرسه حتى یقضی حاجته- و یأمر له بطلبته فینصرف الرجل بها- و هو ذام له ساخط علیه فقال فیه دعبل-
أولى الأمور بضیعه و فساد
ملک یدبره أبو عباد
متعمد بدواته جلساءه
فمضرج و مخضب بمداد
و کأنه من دیر هزقل مفلت
حرب یجر سلاسل الأقیاد
فاشدد أمیر المؤمنین صفاده
بأشد منه فی ید الحداد
و قال فیه بعض الشعراء-
قل للخلیفه یا ابن عم محمد
قید وزیرک إنه رکال
فلسوطه بین الرءوس مسالک
و لرجله بین الصدور مجال
و المفاقر الحاجات یقال سد الله مفاقره- أی أغنى الله فقره- ثم أمره أن یأمر أهل مکه- ألا یأخذوا من أحد من الحجیج أجره مسکن- و احتج على ذلک بالآیه- و أصحاب أبی حنیفه یتمسکون بها- فی امتناع بیع دور مکه و إجارتها- و هذا بناء على أنالمسجد الحرام هو مکه کلها- و الشافعی یرى خلاف ذلک و یقول إنه الکعبه- و لا یمنع من بیع دور مکه و لا إجارتها- و یحتج بقوله تعالى الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ- و أصحاب أبی حنیفه یقولون- إنها إضافه اختصاص لا إضافه تملیک- کما تقول جل الدابه- و قرأ سواء بالنصب على أن یکون أحد مفعولی جعلنا- أی جعلناه مستویا فیه العاکف و الباد- و من قرأ بالرفع جعل الجمله هی المفعول الثانی
شرح نهج البلاغه(ابن أبی الحدید) ج ۱۸
بازدیدها: ۳۴
دیدگاهها