خطبه ۱۹ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

۱۹ و من کلام له ع- قاله للأشعث بن قیس

 

و هو على منبر الکوفه یخطب- فمضى فی بعض کلامه شی‏ء اعترضه الأشعث فیه- فقال یا أمیر المؤمنین هذه علیک لا لک- فخفض إلیه بصره ع ثم قال- : وَ مَا یُدْرِیکَ مَا عَلَیَّ مِمَّا لِی- عَلَیْکَ لَعْنَهُ اللَّهِ وَ لَعْنَهُ اللَّاعِنِینَ- حَائِکٌ ابْنُ حَائِکٍ مُنَافِقٌ ابْنُ کَافِرٍ- وَ اللَّهِ لَقَدْ أَسَرَکَ الْکُفْرُ مَرَّهً وَ الْإِسْلَامُ أُخْرَى- فَمَا فَدَاکَ مِنْ وَاحِدَهٍ مِنْهُمَا مَالُکَ وَ لَا حَسَبُکَ- وَ إِنَّ امْرَأً دَلَّ عَلَى قَوْمِهِ السَّیْفَ- وَ سَاقَ إِلَیْهِمُ الْحَتْفَ- لَحَرِیٌّ أَنْ یَمْقُتَهُ الْأَقْرَبُ وَ لَا یَأْمَنَهُ الْأَبْعَدُ قال الرضی رحمه الله- یرید ع أنه أسر فی الکفر مره و فی الإسلام مره- . و أما قوله ع دل على قومه السیف- فأراد به حدیثا- کان للأشعث مع خالد بن الولید بالیمامه- غر فیه قومه و مکر بهم- حتى أوقع بهم خالد- و کان قومه بعد ذلک یسمونه عرف النار- و هو اسم للغادر عندهم‏ خفض إلیه بصره طأطأه- و قوله فما فداک لا یرید به الفداء الحقیقی- فإن الأشعث فدی فی الجاهلیه بفداء یضرب به المثل- فقال أغلى فداء من الأشعث و سنذکره- و إنما یرید ما دفع عنک الأسر مالک و لا حسبک- و یمقته یبغضه و المقت البغض

الأشعث بن قیس و نسبه و بعض أخباره

اسم الأشعث معدیکرب و أبوه قیس الأشج- سمی الأشج لأنه شج فی بعض حروبهم- ابن معدیکرب بن معاویه بن معدیکرب- بن معاویه بن جبله بن عبد العزى بن ربیعه- بن معاویه الأکرمین بن الحارث بن معاویه- بن الحارث بن معاویه بن ثور بن مرتع- بن معاویه بن کنده بن عفیر بن عدی- بن الحارث بن مره بن أدد- . و أم الأشعث کبشه بنت یزید بن شرحبیل بن یزید- بن إمرئ القیس بن عمرو المقصور الملک- . کان الأشعث أبدا أشعث الرأس- فسمی الأشعث و غلب علیه حتى نسی اسمه- و لعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث یقول أعشى همدان-

 

یا ابن الأشج قریع کنده
لا أبالی فیک عتبا

 
أنت الرئیس ابن الرئیس
و أنت أعلى الناس کعبا

 

تزوج رسول الله ص قتیله أخت الأشعث- فتوفی قبل أن تصل إلیه- . فأما الأسر- الذی أشار أمیر المؤمنین ع إلیه فی الجاهلیه- فقد ذکره ابن الکلبی فی جمهره النسب- فقال إن مرادا لما قتلت قیسا الأشج- خرج الأشعث طالبا بثأره- فخرجت کنده متساندین على ثلاثه ألویه- على أحد الألویه کبس بن هانئ بن شرحبیل- بن الحارث بن عدی بن ربیعه بن معاویه الأکرمین- و یعرف هانئ بالمطلع- لأنه کان یغزو فیقول اطلعت بنی فلان فسمی المطلع- و على أحدها القشعم أبو جبر بن یزید الأرقم- و على أحدها الأشعث فأخطئوا مرادا- و لم یقعوا علیهم و وقعوا على بنی الحارث بن کعب- فقتل کبس و القشعم أبو جبر و أسر الأشعث- ففدی بثلاثه آلاف بعیر لم یفد بها عربی بعده و لا قبله- فقال فی ذلک عمرو بن معدیکرب الزبیدی-

 

فکان فداؤه ألفی بعیر
و ألفا من طریفات و تلد

 

– . و أما الأسر الثانی فی الإسلام- فإن رسول الله ص لما قدمت کنده حجاجا قبل الهجره- عرض رسول الله ص نفسه علیهم- کما کان یعرض نفسه على أحیاء العرب- فدفعه بنو ولیعه من بنی عمرو بن معاویه و لم یقبلوه- فلما هاجر ص و تمهدت دعوته و جاءته وفود العرب- جاءه وفد کنده فیهم الأشعث و بنو ولیعه فأسلموا- فأطعم رسول الله ص بنی ولیعه طعمه من صدقات حضرموت- و کان قد استعمل على حضرموت- زیاد بن لبید البیاضی الأنصاری- فدفعها زیاد إلیهم فأبوا أخذها- و قالوا لا ظهر لنا- فابعث بها إلى بلادنا على ظهر من عندک- فأبى زیاد و حدث بینهم و بین زیاد شر کاد یکون حربا- فرجع منهم قوم إلى رسول الله ص- و کتب زیاد إلیه ع یشکوهم- و فی هذه الوقعه کان الخبر المشهور عن رسول الله ص قال لبنی ولیعه لتنتهن یا بنی ولیعه- أو لأبعثن علیکم رجلا عدیل نفسی- یقتل مقاتلتکم و یسبی ذراریکم- قال عمر بن الخطاب فما تمنیت الإماره إلا یومئذ- و جعلت أنصب له صدری رجاء أن یقول هو هذا- فأخذ بید علی ع و قال هو هذا – . ثم کتب لهم رسول الله ص إلى زیاد- فوصلوا إلیه بالکتاب و قد توفی رسول الله ص- و طار الخبر بموته إلى قبائل العرب- فارتدت بنو ولیعه و غنت بغایاهم- و خضبن له أیدیهن- . و قال محمد بن حبیب کان إسلام بنی ولیعه ضعیفا- و کان رسول الله ص یعلم ذلک منهم- و لما حج رسول الله ص حجه الوداع- و انتهى إلى فم الشعب دخل أسامه بن زید لیبول- فانتظره رسول الله ص و کان أسامه أسود أفطس- فقال بنو ولیعه هذا الحبشی حبسنا- فکانت الرده فی أنفسهم- . قال أبو جعفر محمد بن جریر- فأمر أبو بکر زیادا على حضرموت- و أمره بأخذ البیعه على أهلها و استیفاء صدقاتهم- فبایعوه إلا بنی ولیعه- فلما خرج لیقبض الصدقات من بنی عمرو بن معاویه- أخذ ناقه لغلام منهم یعرف بشیطان بن حجر- و کانت صفیه نفیسه اسمها شذره- فمنعه الغلام عنها و قال خذ غیرها- فأبى زیاد ذلک و لج- فاستغاث شیطان بأخیه العداء بن حجر- فقال لزیاد دعها و خذ غیرها- فأبى زیاد ذلک و لج الغلامان فی أخذها- و لج زیاد و قال لهما لا تکونن شذره علیکما کالبسوس- فهتف الغلامان یا لعمرو أ نضام و نضطهد- إن الذلیل من أکل فی داره- و هتفا بمسروق بن معدیکرب- فقال مسروق لزیاد أطلقها فأبى- فقال مسروق

 

یطلقها شیخ بخدیه الشیب
ملمع فیه کتلمیع الثوب‏

ماض على الریب إذا کان الریب‏

 

– . ثم قام فأطلقها فاجتمع إلى زیاد بن لبید أصحابه- و اجتمع بنو ولیعه و أظهروا أمرهم- فبیتهم زیاد و هم غارون- فقتل منهم جمعا کثیرا و نهب و سبى- و لحق فلهم بالأشعث بن قیس فاستنصروه- فقال لا أنصرکم حتى تملکونی علیکم- فملکوه و توجوه کما یتوج الملک من قحطان- فخرج إلى زیاد فی جمع کثیف- و کتب أبو بکر إلى المهاجر بن أبی أمیه و هو على صنعاء- أن یسیر بمن معه إلى زیاد- فاستخلف على صنعاء و سار إلى زیاد- فلقوا الأشعث فهزموه و قتل مسروق- و لجأ الأشعث و الباقون إلى الحصن المعروف بالنجیر- فحاصرهم المسلمون حصارا شدیدا حتى ضعفوا- و نزل الأشعث لیلا إلى المهاجر و زیاد- فسألهما الأمان على نفسه حتى یقدما به على أبی بکر- فیرى فیه رأیه- على أن یفتح لهم الحصن و یسلم إلیهم من فیه- . و قیل بل کان فی الأمان عشره من أهل الأشعث- . فأمناه و أمضیا شرطه ففتح لهم الحصن- فدخلوه و استنزلوا کل من فیه و أخذوا أسلحتهم- و قالوا للأشعث اعزل العشره فعزلهم- فترکوهم و قتلوا الباقین و کانوا ثمانمائه- و قطعوا أیدی النساء اللواتی شمتن برسول الله ص- و حملوا الأشعث‏ إلى أبی بکر- موثقا فی الحدید هو و العشره- فعفا عنه و عنهم- و زوجه أخته أم فروه بنت أبی قحافه و کانت عمیاء- فولدت للأشعث محمدا و إسماعیل و إسحاق- .

و خرج الأشعث یوم البناء علیها إلى سوق المدینه- فما مر بذات أربع إلا عقرها- و قال للناس هذه ولیمه البناء و ثمن کل عقیره فی مالی- فدفع أثمانها إلى أربابها- . قال أبو جعفر محمد بن جریر فی التاریخ- و کان المسلمون یلعنون الأشعث- و یلعنه الکافرون أیضا و سبایا قومه- و سماه نساء قومه عرف النار و هو اسم للغادر عندهم- . و هذا عندی هو الوجه- و هو أصح مما ذکره الرضی رحمه الله تعالى- من قوله فی تفسیر قول أمیر المؤمنین- و إن امرأ دل على قومه السیف- أنه أراد به حدیثا کان للأشعث مع خالد بن الولید- بالیمامه غر فیه قومه و مکر بهم حتى قتلهم- فإنا لم نعرف فی التواریخ- أن الأشعث جرى له بالیمامه مع خالد هذا و لا شبهه- و أین کنده و الیمامه- کنده بالیمن و الیمامه لبنی حنیفه- و لا أعلم من أین نقل الرضی رحمه الله تعالى هذا- . فأما الکلام الذی کان أمیر المؤمنین ع- قاله على منبر الکوفه فاعترضه فیه الأشعث- فإن علیا ع قام إلیه و هو یخطب- و یذکر أمر الحکمین رجل من أصحابه- بعد أن انقضى أمر الخوارج- فقال له نهیتنا عن الحکومه ثم أمرتنا بها- فما ندری أی الأمرین أرشد- فصفق ع بإحدى یدیه على الأخرى و قال- هذا جزاء من ترک العقده- و کان مراده ع هذا جزاؤکم إذ ترکتم الرأی و الحزم- و أصررتم على إجابه القوم إلى التحکیم- فظن الأشعث أنه أراد- هذا جزائی حیث ترکت الرأی و الحزم و حکمت- لأن هذه اللفظه محتمله- أ لا ترى أن الرئیس‏ إذا شغب علیه جنده- و طلبوا منه اعتماد أمر لیس بصواب- فوافقهم تسکینا لشغبهم لا استصلاحا لرأیهم- ثم ندموا بعد ذلک قد یقول- هذا جزاء من ترک الرأی و خالف وجه الحزم- و یعنی بذلک أصحابه و قد یقوله یعنی به نفسه- حیث وافقهم أمیر المؤمنین ع- إنما عنى ما ذکرناه دون ما خطر للأشعث- فلما قال له هذه علیک لا لک قال له- و ما یدریک ما علی مما لی- علیک لعنه الله و لعنه اللاعنین- . و کان الأشعث من المنافقین فی خلافه علی ع- و هو فی أصحاب أمیر المؤمنین ع- کما کان عبد الله بن أبی بن سلول فی أصحاب رسول الله ص- کل واحد منهما رأس النفاق فی زمانه – . و أما قوله ع للأشعث حائک ابن حائک- فإن أهل الیمن یعیرون بالحیاکه- و لیس هذا مما یخص الأشعث- . و من کلام خالد بن صفوان- ما أقول فی قوم لیس فیهم إلا حائک برد- أو دابغ جلد أو سائس قرد- ملکتهم امرأه و أغرقتهم فأره و دل علیهم هدهد

بازدیدها: ۵۴

خطبه ۱۸ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)(ذم اختلاف العلماء فی الفتیا)

۱۸ و من کلام له ع فی ذم اختلاف العلماء فی الفتیا

 

 : تَرِدُ عَلَى أَحَدِهِمُ الْقَضِیَّهُ فِی حُکْمٍ مِنَ الْأَحْکَامِ- فَیَحْکُمُ فِیهَا بِرَأْیِهِ- ثُمَّ تَرِدُ تِلْکَ الْقَضِیَّهُ بِعَیْنِهَا عَلَى غَیْرِهِ- فَیَحْکُمُ فِیهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ- ثُمَّ یَجْتَمِعُ الْقُضَاهُ بِذَلِکَ عِنْدَ الْإِمَامِ الَّذِی اسْتَقْضَاهُمْ- فَیُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمِیعاً وَ إِلَهُهُمْ وَاحِدٌ- وَ نَبِیُّهُمْ وَاحِدٌ وَ کِتَابُهُمْ وَاحِدٌ- أَ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاخْتِلَافِ فَأَطَاعُوهُ- أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَوْهُ- أَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دِیناً نَاقِصاً- فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِهِ- أَمْ کَانُوا شُرَکَاءَ لَهُ فَلَهُمْ أَنْ یَقُولُوا وَ عَلَیْهِ أَنْ یَرْضَى- أَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دِیناً تَامّاً- فَقَصَّرَ الرَّسُولُ ص عَنْ تَبْلِیغِهِ وَ أَدَائِهِ- وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ یَقُولُ ما فَرَّطْنا فِی الْکِتابِ مِنْ شَیْ‏ءٍ- وَ فِیهِ تِبْیَانُ کُلِّ شَیْ‏ءٍ- وَ ذَکَرَ أَنَّ الْکِتَابَ یُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً- وَ أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِیهِ- فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ لَوْ کانَ مِنْ عِنْدِ غَیْرِ اللَّهِ- لَوَجَدُوا فِیهِ اخْتِلافاً کَثِیراً- وَ إِنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرُهُ أَنِیقٌ وَ بَاطِنُهُ عَمِیقٌ- لَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ وَ لَا تَنْقَضِی غَرَائِبُهُ- وَ لَا تُکْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِهِ‏

الأنیق المعجب و آنقنی الشی‏ء أی أعجبنی- یقول لا ینبغی أن یحمل جمیع ما فی الکتاب العزیز- على ظاهره- فکم من ظاهر فیه غیر مراد- بل المراد به أمر آخر باطن- و المراد الرد على أهل الاجتهاد فی الأحکام الشرعیه- و إفساد قول من قال کل مجتهد مصیب- و تلخیص الاحتجاج من خمسه أوجه-

الأول أنه لما کان الإله سبحانه واحدا- و الرسول ص واحدا و الکتاب واحدا- وجب أن یکون الحکم فی الواقعه واحدا- کالملک الذی یرسل إلى رعیته رسولا بکتاب- یأمرهم فیه بأوامر یقتضیها ملکه و إمرته- فإنه لا یجوز أن تتناقض أوامره- و لو تناقضت لنسب إلى السفه و الجهل- .

الثانی لا یخلو الاختلاف الذی ذهب إلیه المجتهدون- إما أن یکون مأمورا به أو منهیا عنه- و الأول باطل- لأنه لیس فی الکتاب و السنه- ما یمکن الخصم أن یتعلق به فی کون الاختلاف مأمورا به- و الثانی حق و یلزم منه تحریم الاختلاف- .

الثالث إما أن یکون دین الإسلام ناقصا أو تاما- فإن کان الأول کان الله سبحانه قد استعان بالمکلفین- على إتمام شریعه ناقصه أرسل بها رسوله- إما استعانه على سبیل النیابه عنه أو على سبیل المشارکه له- و کلاهما کفر- و إن کان الثانی- فإما أن یکون الله تعالى أنزل الشرع تاما- فقصر الرسول عن تبلیغه- أو یکون الرسول قد أبلغه على تمامه و کماله- فإن کان الأول فهو کفر أیضا- و إن کان الثانی فقد بطل الاجتهاد- لأن الاجتهاد إنما یکون فیما لم یتبین- فأما ما قد بین فلا مجال للاجتهاد فیه- .

الرابع الاستدلال بقوله تعالى- ما فَرَّطْنا فِی الْکِتابِ مِنْ شَیْ‏ءٍ- و قوله تِبْیاناً لِکُلِّ شَیْ‏ءٍ- و قوله سبحانه وَ لا رَطْبٍ وَ لا یابِسٍ إِلَّا فِی کِتابٍ‏  مُبِینٍ- فهذه الآیات داله على اشتمال الکتاب العزیز على جمیع الأحکام- فکل ما لیس فی الکتاب وجب ألا یکون فی الشرع- .

الخامس قوله تعالى- وَ لَوْ کانَ مِنْ عِنْدِ غَیْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِیهِ اخْتِلافاً کَثِیراً- فجعل الاختلاف دلیلا على أنه لیس من عند الله- لکنه من عند الله سبحانه- بالأدله القاطعه الداله على صحه النبوه- فوجب ألا یکون فیه اختلاف- . و اعلم أن هذه الوجوه هی التی یتعلق بها الإمامیه- و نفاه القیاس و الاجتهاد فی الشرعیات- و قد تکلم علیها أصحابنا فی کتبهم- و قالوا إن أمیر المؤمنین ع کان یجتهد و یقیس- و ادعوا إجماع الصحابه على صحه الاجتهاد و القیاس- و دفعوا صحه هذا الکلام- المنسوب فی هذا الکتاب إلى أمیر المؤمنین ع- و قالوا إنه من روایه الإمامیه- و هو معارض بما ترویه الزیدیه عنه و عن أبنائه ع- فی صحه القیاس و الاجتهاد- و مخالطه الزیدیه لأئمه أهل البیت ع- کمخالطه الإمامیه لهم- و معرفتهم بأقوالهم و أحوالهم و مذاهبهم- کمعرفه الإمامیه- لا فرق بین الفئتین فی ذلک- و الزیدیه قاطبه جارودیتها و صالحیتها- تقول بالقیاس و الاجتهاد- و ینقلون فی ذلک نصوصا عن أهل البیت ع- و إذا تعارضت الروایتان تساقطتا- و عدنا إلى الأدله المذکوره فی هذه المسأله- و قد تکلمت فی اعتبار الذریعه للمرتضى- على احتجاجه فی إبطال القیاس و الاجتهاد- بما لیس هذا موضع ذکره

بازدیدها: ۲۱

خطبه ۱۷ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

۱۷ و من کلام له ع فی صفه من یتصدى للحکم بین الأمه- و لیس لذلک بأهل

 
إِنَّ أَبْغَضَ الْخَلَائِقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى رَجُلَانِ- رَجُلٌ وَکَلَهُ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ- فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِیلِ- مَشْغُوفٌ بِکَلَامِ بِدْعَهٍ وَ دُعَاءِ ضَلَالَهٍ- فَهُوَ فِتْنَهٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِهِ ضَالٌّ عَنْ هُدَى مَنْ کَانَ قَبْلَهُ- مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِ فِی حَیَاتِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ- حَمَّالٌ خَطَایَا غَیْرِهِ رَهْنٌ بِخَطِیئَتِهِ- وَ رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا مُوضِعٌ فِی جُهَّالِ الْأُمَّهِ- عَادٍ فِی أَغْبَاشِ الْفِتْنَهِ عَمٍ بِمَا فِی عَقْدِ الْهُدْنَهِ- قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ عَالِماً وَ لَیْسَ بِهِ- بَکَّرَ فَاسْتَکْثَرَ مِنْ جَمْعٍ مَا قَلَّ مِنْهُ خَیْرٌ مِمَّا کَثُرَ- حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ آجِنٍ وَ اکْتَنَزَ مِنْ غَیْرِ طَائِلٍ- جَلَسَ بَیْنَ النَّاسِ قَاضِیاً ضَامِناً لِتَخْلِیصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَیْرِهِ- فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ- هَیَّأَ لَهَا حَشْواً رَثًّا مِنْ رَأْیِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ- فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِی مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْکَبُوتِ- لَا یَدْرِی أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ- فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ یَکُونَ قَدْ أَخْطَأَ- وَ إِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ یَکُونَ قَدْ أَصَابَ- جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ عَاشٍ رَکَّابُ عَشَوَاتٍ- لَمْ یَعَضَّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ- یُذْرِی الرِّوَایَاتِ إِذْرَاءَ الرِّیحِ الْهَشِیمَ- لَا مَلِی‏ءٌ وَ اللَّهِ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَیْهِ- وَ لَا هُوَ أَهْلٌ لِمَا فُوِّضَ إِلَیْهِ- لَا یَحْسَبُ الْعِلْمَ فِی شَیْ‏ءٍ مِمَّا أَنْکَرَهُ- وَ لَا یَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَیْرِهِ- وَ إِنْ أَظْلَمَ عَلَیْهِ أَمْرٌ اکْتَتَمَ بِهِ- لِمَا یَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ- تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ- وَ تَعَجُّ مِنْهُ‏ الْمَوَارِیثُ إِلَى اللَّهِ- مِنْ مَعْشَرٍ یَعِیشُونَ جُهَّالًا وَ یَمُوتُونَ ضُلَّالًا- لَیْسَ فِیهِمْ سِلْعَهٌ أَبْوَرُ مِنَ الْکِتَابِ إِذَا تُلِیَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ- وَ لَا سِلْعَهٌ أَنْفَقُ بَیْعاً- وَ لَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْکِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ- وَ لَا عِنْدَهُمْ أَنْکَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَ لَا أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْکَرِ وکله إلى نفسه ترکه و نفسه وکلته وکلا و وکولا- و الجائر الضال العادل عن الطریق- و قمش جهلا جمعه و موضع مسرع- أوضع البعیر أسرع- و أوضعه راکبه فهو موضع به أی أسرع به- . و أغباش الفتنه ظلمها الواحده غبش- و أغباش اللیل بقایا ظلمته- و منه الحدیث فی صلاه الصبح و النساء متلفعات بمروطهن ما یعرفن من الغبش – و الماء الآجن الفاسد- و أکثر کقولک استکثر- و یروى اکتنز أی اتخذ العلم کنزا- . و التخلیص التبیین و هو و التلخیص متقاربان- و لعلهما شی‏ء واحد من المقلوب- . و المبهمات المشکلات- و إنما قیل لها مبهمه لأنها أبهمت عن البیان- کأنها أصمتت فلم یجعل علیها دلیل و لا إلیها سبیل- أو جعل علیها دلیل و إلیها سبیل إلا أنه متعسر مستصعب- و لهذا قیل لما لا ینطق من الحیوان بهیمه- و قیل للمصمت اللون الذی لا شیه فیه بهیم- . و قوله حشوا رثا کلام مخرجه الذم- و الرث الخلق ضد الجدید- . و قوله حشوا یعنی کثیرا لا فائده فیه- و عاش خابط فی ظلام- و قوله لم یعض یرید أنه لم یتقن و لم یحکم الأمور- فیکون بمنزله من یعض بالناجذ و هو آخر الأضراس-

و إنمایطلع إذا استحکمت شبیبه الإنسان و اشتدت مرته- و لذلک یدعوه العوام ضرس الحلم- کأن الحلم یأتی مع طلوعه و یذهب نزق الصبا- و یقولون رجل منجذ أی مجرب محکم- کأنه قد عض على ناجذه و کمل عقله- . و قوله یذری الروایات هکذا أکثر النسخ- و أکثر الروایات یذری من أذرى رباعیا- و قد أوضحه قوله إذراء الریح- یقال طعنه فأذراه أی ألقاه- و أذریت الحب للزرع أی ألقیته- فکأنه یقول یلقی الروایات- کما یلقی الإنسان الشی‏ء على الأرض- و الأجود الأصح الروایه الأخرى- یذرو الروایات ذرو الریح الهشیم- و هکذا ذکر ابن قتیبه فی غریب الحدیث- لما ذکر هذه الخطبه عن أمیر المؤمنین ع- قال تعالى فَأَصْبَحَ هَشِیماً تَذْرُوهُ الرِّیاحُ- و الهشیم ما یبس من النبت و تفتت- . قوله لا ملی‏ء أی لا قیم به- و فلان غنی ملی‏ء أی ثقه بین الملأ و الملاء بالمد- و فی کتاب ابن قتیبه تتمه هذا الکلام- و لا أهل لما قرظ به- قال أی لیس بمستحق للمدح الذی مدح به- و الذی رواه ابن قتیبه من تمام کلام أمیر المؤمنین ع- هو الصحیح الجید- لأنه یستقبح فی العربیه أن تقول لا زید قائم- حتى تقول و لا عمرو أو تقول و لا قاعد- فقوله ع لا ملی‏ء أی لا هو ملی‏ء- و هذا یستدعی لا ثانیه و لا یحسن الاقتصار على الأولى- .

و قوله ع اکتتم به أی کتمه و ستره- و قوله تصرخ منه و تعج العج رفع الصوت- و هذا من باب الاستعاره- . و فی کثیر من النسخ إلى الله أشکو- فمن روى ذلک وقف على المواریث- و من روى الروایه الأولى وقف على قوله إلى الله- و یکون قوله من معشر من تمام صفات ذلک الحاکم- أی هو من معشر صفتهم کذا- . و أبور أفعل من البور الفاسد- بار الشی‏ء أی فسد و بارت السلعه أی کسدت و لم تنفق- و هو المراد هاهنا و أصله الفساد أیضا- . إن قیل بینوا الفرق بین الرجلین- اللذین أحدهما وکله الله إلى نفسه و الآخر رجل قمش جهلا- فإنهما فی الظاهر واحد- . قیل أما الرجل الأول فهو الضال فی أصول العقائد- کالمشبه و المجبر و نحوهما- أ لا تراه کیف قال مشغوف بکلام بدعه و دعاء ضلاله- و هذا یشعر بما قلناه- من أن مراده به المتکلم فی أصول الدین- و هو ضال عن الحق- و لهذا قال إنه فتنه لمن افتتن به ضال عن هدى من قبله- مضل لمن یجی‏ء بعده- و أما الرجل الثانی فهو المتفقه فی فروع الشرعیات- و لیس بأهل لذلک کفقهاء السوء- أ لا تراه کیف یقول جلس بین الناس قاضیا- .

و قال أیضا تصرخ من جور قضائه الدماء- و تعج منه المواریث- فإن قیل ما معنى قوله فی الرجل الأول رهن بخطیئته- قیل لأنه إن کان ضالا فی دعوته مضلا لمن اتبعه- فقد حمل خطایاه و خطایا غیره- فهو رهن بالخطیئتین معا- و هذا مثل قوله تعالى- وَ لَیَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ- . إن قیل ما معنى قوله عم بما فی عقد الهدنه- قیل الهدنه أصلها فی اللغه السکون- یقال هدن إذا سکن- و معنى الکلام أنه لا یعرف ما فی الفتنه من الشر- و لا ما فی السکون و المصالحه من الخیر- .

 

و یروى بما فی غیب الهدنه أی فی طیها و فی ضمنها- و یروى غار فی أغباش الفتنه أی غافل ذو غره- . و روی من جمع بالتنوین- فتکون ما على هذا اسما موصولا- و هی و صلتها فی موضع جر لأنها صفه جمع- و من لم یرو التنوین فی جمع حذف الموصوف- تقدیره من جمع شی‏ء ما قل منه خیر مما کثر- فتکون ما مصدریه- و تقدیر الکلام قلته خیر من کثرته- و یکون موضع ذلک جرا أیضا بالصفه

بازدیدها: ۴۷

خطبه ۱۶ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

۱۶ و من خطبه له ع لما بویع بالمدینه

 

 
: ذِمَّتِی بِمَا أَقُولُ رَهِینَهٌ وَ أَنَا بِهِ زَعِیمٌ- إِنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ الْعِبَرُ عَمَّا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْمَثُلَاتِ- حَجَزَتْهُ التَّقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ- أَلَا وَ إِنَّ بَلِیَّتَکُمْ قَدْ عَادَتْ کَهَیْئَتِهَا یَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّهُ- وَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَهً- وَ لَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَهً وَ لَتُسَاطُنَّ سَوْطَ الْقِدْرِ- حَتَّى یَعُودَ أَسْفَلُکُمْ أَعْلَاکُمْ وَ أَعْلَاکُمْ أَسْفَلَکُمْ- وَ لَیَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ کَانُوا قَصَّرُوا- وَ لَیُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ کَانُوا سَبَقُوا- وَ اللَّهِ مَا کَتَمْتُ وَشْمَهً وَ لَا کَذَبْتُ کِذْبَهً- وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَ هَذَا الْیَوْمِ- أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَایَا خَیْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا- وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِی النَّارِ- أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَى مَطَایَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا- وَ أُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّهَ- حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِکُلٍّ أَهْلٌ- فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِیماً فَعَلَ- وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ لَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ‏ءٌ فَأَقْبَلَ- قال الرضی و أقول- إن فی هذا الکلام الأدنى من مواقع‏ الإحسان- ما لا تبلغه مواقع الاستحسان- و إن حظ العجب منه أکثر من حظ العجب به- و فیه مع الحال التی وصفنا زوائد من الفصاحه- لا یقوم بها لسان و لا یطلع فجها إنسان- و لا یعرف ما أقول إلا من ضرب فی هذه الصناعه بحق- و جرى فیها على عرق- وَ ما یَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ- و من هذه الخطبه شُغِلَ مَنِ الْجَنَّهُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ- سَاعٍ سَرِیعٌ نَجَا وَ طَالِبٌ بَطِی‏ءٌ رَجَا- وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ هَوَى- الْیَمِینُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّهٌ وَ الطَّرِیقُ الْوُسْطَى هِیَ الْجَادَّهُ- عَلَیْهَا بَاقِی الْکِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّهِ- وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّهِ وَ إِلَیْهَا مَصِیرُ الْعَاقِبَهِ- هَلَکَ مَنِ ادَّعَى وَ خَابَ مَنِ افْتَرَى- مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَکَ عِنْدَ جَهَلَهِ النَّاسِ- وَ کَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَلَّا یَعْرِفَ قَدْرَهُ- لَا یَهْلِکُ عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ أَصْلٍ- وَ لَا یَظْمَأُ عَلَیْهَا زَرْعُ قَوْمٍ- فَاسْتَتِرُوا فِی بُیُوتِکُمْ وَ أَصْلِحُوا ذَاتَ بَیْنِکُمْ- وَ التَّوْبَهُ مِنْ وَرَائِکُمْ- وَ لَا یَحْمَدْ حَامِدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَلُمْ لَائِمٌ إِلَّا نَفْسَهُ‏ الذمه العقد و العهد-

یقول هذا الدین فی ذمتی کقولک فی عنقی- و هما کنایه عن الالتزام و الضمان و التقلد- و الزعیم الکفیل- و مخرج الکلام لهم مخرج الترغیب فی سماع ما یقوله- کما یقول المهتم بإیضاح أمر لقوم لهم- أنا المدرک المتقلد بصدق ما أقوله لکم- و صرحت کشفت و العبر جمع عبره و هی الموعظه- و المثلات العقوبات و حجزه منعه- . و قوله لتبلبلن أی لتخلطن تبلبلت الألسن أی اختلطت- و لتغربلن- یجوز أن یکون من الغربال الذی یغربل به الدقیق- و یجوز أن یکون من غربلت اللحم أی قطعته- فإن کان الأول کان له معنیان- أحدهما الاختلاط کالتبلبل- لأن غربله الدقیق تخلط بعضه ببعض- و الثانی أن یرید بذلک أنه یستخلص الصالح منکم من الفاسد- و یتمیز کما یتمیز الدقیق عند الغربله من نخالته- . و تقول ما عصیت فلانا وشمه أی کلمه- و حصان شموس یمنع ظهره- شمس الفرس بالفتح و به شماس و أمر الباطل کثر- . و قوله لقدیما فعل أی لقدیما فعل الباطل ذلک- و نسب الفعل إلى الباطل مجازا- و یجوز أن یکون فعل بمعنى انفعل- کقوله

قد جبر الدین الإله فجبر

أی فانجبر- و السنخ الأصل و قوله سنخ أصل کقوله-

إذا حاص عینیه کرى النوم‏

 

 و فی بعض الروایات من أبدى صفحته للحق هلک عند جهله الناس و التأویل مختلف- فمراده على الروایه الأولى و هی الصحیحه- من کاشف الحق مخاصما له هلک- و هی کلمه جاریه مجرى المثل- و مراده على الروایه الثانیه- من أبدى صفحته لنصره الحق غلبه أهل الجهل- لأنهم العامه و فیهم الکثره فهلک- . و هذه الخطبه من جلائل خطبه ع و من مشهوراتها- قد رواها الناس کلهم و فیها زیادات حذفها الرضی- إما اختصارا أو خوفا من إیحاش السامعین- و قد ذکرها شیخنا أبو عثمان الجاحظ- فی کتاب البیان و التبیین على وجهها- و رواها عن أبی عبیده معمر بن المثنى- .

 

قال أول خطبه خطبها أمیر المؤمنین علی ع بالمدینه- فی خلافته- حمد الله و أثنى علیه و صلى على النبی ص ثم قال- ألا لا یرعین مرع إلا على نفسه- شغل من الجنه و النار أمامه- ساع مجتهد ینجو و طالب یرجو و مقصر فی النار ثلاثه- و اثنان ملک طار بجناحیه و نبی أخذ الله بیده لا سادس- هلک من ادعى و ردی من اقتحم- الیمین و الشمال مضله و الوسطى الجاده- منهج علیه باقی الکتاب و السنه و آثار النبوه- إن الله داوى هذه الأمه بدواءین السوط و السیف- لا هواده عند الإمام فیهما- استتروا فی بیوتکم و أصلحوا ذات بینکم- و التوبه من ورائکم- من أبدى صفحته‏ للحق هلک- قد کانت لکم أمور ملتم فیها على میله- لم تکونوا عندی فیها محمودین و لا مصیبین- أما إنی لو أشاء لقلت عفا الله عما سلف- سبق الرجلان و قام الثالث کالغراب همته بطنه- ویحه لو قص جناحاه و قطع رأسه لکان خیرا له- انظروا فإن أنکرتم فأنکروا و إن عرفتم فآزروا- حق و باطل و لکل أهل- و لئن أمر الباطل لقدیما فعل- و لئن قل الحق لربما و لعل- و قلما أدبر شی‏ء فأقبل- و لئن رجعت إلیکم أمورکم إنکم لسعداء- و إنی لأخشى أن تکونوا فی فتره و ما علینا إلا الاجتهاد

قال شیخنا أبو عثمان رحمه الله تعالى و قال أبو عبیده و زاد فیها فی روایه جعفر بن محمد ع عن آبائه ع ألا إن أبرار عترتی و أطایب أرومتی- أحلم الناس صغارا و أعلم الناس کبارا- ألا و إنا أهل بیت من علم الله علمنا و بحکم الله حکمنا- و من قول صادق سمعنا- فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا- و إن لم تفعلوا یهلککم الله بأیدینا- و معنا رایه الحق من تبعها لحق و من تأخر عنها غرق- ألا و بنا یدرک تره کل مؤمن- و بنا تخلع ربقه الذل عن أعناقکم- و بنا فتح لا بکم و منا یختم لا بکم- .

 

قوله لا یرعین أی لا یبقین- أرعیت علیه أی أبقیت- یقول من أبقى على الناس فإنما أبقى على نفسه- و الهواده الرفق و الصلح و أصله اللین- و التهوید المشی‏ رویدا-و فی الحدیث أسرعوا المشی فی الجنازه- و لا تهودوا کما تهود أهل الکتاب – و آزرت زیدا أعنته التره و الوتر- و الربقه الحبل یجعل فی عنق الشاه- و ردی هلک من الردى- کقولک عمی من العمى و شجی من الشجا- . و قوله شغل من الجنه و النار أمامه- یرید به أن من کانت هاتان الداران أمامه- لفی شغل عن أمور الدنیا إن کان رشیدا- . و قوله ساع مجتهد إلى قوله لا سادس کلام- تقدیره المکلفون على خمسه أقسام- ساع مجتهد و طالب راج و مقصر هالک- ثم قال ثلاثه أی فهؤلاء ثلاثه أقسام- و هذا ینظر إلى قوله سبحانه- ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْکِتابَ الَّذِینَ اصْطَفَیْنا مِنْ عِبادِنا- فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ- وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَیْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ- ثم ذکر القسمین الرابع و الخامس- فقال هما ملک طار بجناحیه و نبی أخذ الله بیده- یرید عصمه هذین النوعین من القبیح-

 

ثم قال لا سادس أی لم یبق فی المکلفین قسم سادس- و هذا یقتضی أن العصمه لیست إلا للأنبیاء و الملائکه- و لو کان الإمام یجب أن یکون معصوما لکان قسما سادسا- فإذن قد شهد هذا الکلام بصحه ما تقوله المعتزله- فی نفی اشتراط العصمه فی الإمامه- اللهم إلا أن یجعل الإمام المعصوم داخلا فی القسم الأول- و هو الساعی المجتهد- و فیه بعد و ضعف- . و قوله هلک من ادعى و ردی من اقتحم- یرید هلک من ادعى و کذب- لا بد من تقدیر ذلک لأن الدعوى تعم الصدق و الکذب- و کأنه یقول هلک من ادعى الإمامه- و ردی من اقتحمها و ولجها عن غیر استحقاق- لأن کلامه ع فی هذه الخطبه- کله کنایات عن الإمامه لا عن غیرها- .

 

و قوله الیمین و الشمال مثال- لأن السالک الطریق المنهج اللاحب ناج- و العادل عنها یمینا و شمالا معرض للخطر- . و نحو هذا الکلام ما روی عن عمر- أنه لما صدر عن منى فی السنه التی قتل فیها- کوم کومه من البطحاء فقام علیها فخطب الناس- فقال أیها الناس قد سنت لکم السنن- و فرضت لکم الفرائض و ترکتم على الواضحه- إلا أن تمیلوا بالناس یمینا و شمالا- ثم قرأ أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَیْنِ- وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ- ثم قال إلا إنهما نجدا الخیر و الشر- فما جعل نجد الشر أحب إلیکم من نجد الخیر

 

من کلام للحجاج و زیاد نسجا فیه على منوال کلام علی

 

و قوله إن الله داوى هذه الأمه بدواءین کلام شریف- و على منواله نسج الحجاج و زیاد- کلامهما المذکور فیه السوط و السیف- فمن ذلک قول الحجاج من أعیاه داؤه فعلی دواؤه- و من استبطأ أجله فعلی أن أعجله- و من استثقل رأسه وضعت عنه ثقله- و من استطال ماضی عمره قصرت علیه باقیه- إن للشیطان طیفا و إن للسلطان سیفا- فمن سقمت سریرته صحت عقوبته- و من وضعه ذنبه رفعه صلبه- و من لم تسعه العافیه لم تضق عنه الهلکه- و من سبقته بادره فمه سبق بدنه سفک دمه- إنی لأنذر ثم لا أنظر و أحذر ثم لا أعذر- و أتوعد ثم لا أغفر إنما أفسدکم ترقیق ولاتکم- و من استرخى لببه ساء أدبه- إن الحزم و العزم سلبانی‏ سوطی- و جعلا سوطی سیفی فقائمه فی یدی- و نجاده فی عنقی و ذبابه قلاده لمن عصانی- و الله لا آمر أحدا أن یخرج من باب من أبواب المسجد- فیخرج من الباب الذی یلیه إلا ضربت عنقه- . و من ذلک قول زیاد- إنما هو زجر بالقول ثم ضرب بالسوط- ثم الثالثه التی لا شوى لها- فلا یکونن لسان أحدکم شفره- تجری على أوداجه- و لیعلم إذا خلا بنفسه أنی قد حملت سیفی بیده- فإن شهره لم أغمده و إن أغمده لم أشهره-

و قوله ع کالغراب یعنی الحرص و الجشع- و الغراب یقع على الجیفه و یقع على التمره- و یقع على الحبه- و فی الأمثال أجشع من غراب و أحرص من غراب- . و قوله ویحه لو قص- یرید لو کان قتل أو مات قبل أن یتلبس بالخلافه- لکان خیرا له من أن یعیش و یدخل فیها- ثم قال لهم أفکروا فیما قد قلت- فإن کان منکرا فأنکروه و إن کان حقا فأعینوا علیه- . و قوله استتروا فی بیوتکم نهی لهم عن العصبیه- و الاجتماع و التحزب- فقد کان قوم بعد قتل عثمان تکلموا فی قتله- من شیعه بنی أمیه بالمدینه- .

 
و أما قوله قد کانت أمور لم تکونوا عندی فیها محمودین- فمراده أمر عثمان و تقدیمه فی الخلافه علیه- و من الناس من یحمل ذلک على خلافه الشیخین أیضا- و یبعد عندی أن یکون أراده- لأن المده قد کانت طالت- و لم یبق من یعاتبه لیقول- قد کانت أمور لم تکونوا عندی فیها محمودین- فإن هذا الکلام یشعر بمعاتبه قوم على أمر- کان أنکره منهم- و أما بیعه عثمان- ثم ما جرى بینه و بین عثمان من منازعات طویله- و غضب تاره و صلح أخرى- و مراسلات خشنه و لطیفه- و کون الناس بالمدینه کانوا حزبین و فئتین- إحداهما معه ع و الأخرى مع عثمان- فإن صرف الکلام إلى ما قلناه بهذا الاعتبار ألیق- . و لسنا نمنع من أن یکون فی کلامه ع الکثیر- من التوجد و التألم- لصرف الخلافه بعد وفاه الرسول ص عنه- و إنما کلامنا الآن فی هذه اللفظات التی فی هذه الخطبه- على أن قوله ع سبق الرجلان- و الاقتصار على ذلک فیه کفایه فی انحرافه عنهما- . و أما قوله حق و باطل إلى آخر الفصل- فمعناه کل أمر فهو إما حق و إما باطل- و لکل واحد من هذین أهل- و ما زال أهل الباطل أکثر من أهل الحق- و لئن کان الحق قلیلا لربما کثر و لعله ینتصر أهله- . ثم قال على سبیل التضجر بنفسه و قلما أدبر شی‏ء فأقبل- استبعد ع أن تعود دوله قوم بعد زوالها عنهم- و إلى هذا المعنى ذهب الشاعر فی قوله-

 

و قالوا یعود الماء فی النهر بعد ما
ذوی نبت جنبیه و جف المشارع‏

 

فقلت إلى أن یرجع النهر جاریا
و یعشب جنباه تموت الضفادع‏

 

ثم قال و لئن رجعت علیکم أمورکم- أی إن ساعدنی الوقت- و تمکنت من أن أحکم فیکم بحکم الله تعالى و رسوله- و عادت إلیکم أیام شبیهه بأیام رسول الله ص- و سیره مماثله لسیرته فی أصحابه إنکم لسعداء- . ثم قال و إنی لأخشى أن تکونوا فی فتره- الفتره هی الأزمنه التی بین الأنبیاء- إذا انقطعت الرسل فیها- کالفتره التی بین عیسى ع و محمد ص- لأنه لم یکن بینهما نبی- بخلاف المده التی کانت بین موسى و عیسى ع- لأنه بعث فیها أنبیاء کثیرون- فیقول ع- إنی لأخشى ألا أتمکن من الحکم بکتاب الله تعالى فیکم- فتکونوا کالأمم الذین فی أزمنه الفتره- لا یرجعون إلى نبی یشافههم بالشرائع و الأحکام- و کأنه ع قد کان یعلم أن الأمر سیضطرب علیه- . ثم قال و ما علینا إلا الاجتهاد- یقول أنا أعمل ما یجب علی من الاجتهاد- فی القیام بالشریعه و عزل ولاه السوء- و أمراء الفساد عن المسلمین- فإن تم ما أریده فذاک- و إلا کنت قد أعذرت- . و أما التتمه المرویه عن جعفر بن محمد ع فواضحه الألفاظ- و قوله فی آخرها و بنا تختم لا بکم- إشاره إلى المهدی الذی یظهر فی آخر الزمان- و أکثر المحدثین على أنه من ولد فاطمه ع- و أصحابنا المعتزله لا ینکرونه- و قد صرحوا بذکره فی کتبهم- و اعترف به شیوخهم إلا أنه عندنا لم یخلق بعد و سیخلق- . و إلى هذا المذهب یذهب أصحاب الحدیث أیضا- .

 

و روى قاضی القضاه

 
رحمه الله تعالى عن کافی الکفاه أبی القاسم إسماعیل بن عباد رحمه الله بإسناد متصل بعلی ع أنه ذکر المهدی و قال- إنه من ولد الحسین ع و ذکر حلیته- فقال رجل أجلى الجبین أقنى الأنف- ضخم البطن أزیل الفخذین أبلج الثنایا- بفخذه الیمنى شامه و ذکر هذا الحدیث بعینه عبد الله بن قتیبه فی کتاب غریب الحدیث

بازدیدها: ۱۳۹

خطبه ۱۵ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

۱۵ و من کلام له ع فیما رده على المسلمین من قطائع عثمان- رضی الله عنه

 

وَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ وَ مُلِکَ بِهِ الْإِمَاءُ- لَرَدَدْتُهُ- فَإِنَّ فِی الْعَدْلِ سَعَهً- وَ مَنْ ضَاقَ عَلَیْهِ الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَیْهِ أَضْیَقُ القطائع ما یقطعه الإمام بعض الرعیه- من أرض بیت المال ذات الخراج- و یسقط عنه خراجه- و یجعل علیه ضریبه یسیره عوضا عن الخراج- و قد کان عثمان أقطع کثیرا من بنی أمیه- و غیرهم من أولیائه و أصحابه- قطائع من أرض الخراج على هذه الصوره- و قد کان عمر أقطع قطائع- و لکن لأرباب الغناء فی الحرب- و الآثار المشهوره فی الجهاد- فعل ذلک ثمنا عما بذلوه من مهجهم فی طاعه الله سبحانه- و عثمان أقطع القطائع صله لرحمه و میلا إلى أصحابه- عن غیر عناء فی الحرب و لا أثر- .

 
و هذه الخطبه ذکرها الکلبی مرویه مرفوعه إلى أبی صالح عن ابن عباس رضی الله عنهما أن علیا ع خطب فی الیوم الثانی من بیعته بالمدینه- فقال ألا إن کل قطیعه أقطعها عثمان- و کل مال أعطاه من مال الله- فهو مردود فی بیت المال- فإن الحق القدیم لا یبطله شی‏ء- و لو وجدته و قد تزوج به النساء و فرق فی البلدان- لرددته إلى حاله- فإن فی العدل سعه- و من ضاق عنه الحق فالجور علیه أضیق
و تفسیر هذا الکلام- أن الوالی إذا ضاقت علیه تدبیرات أموره فی العدل- فهی فی الجور أضیق علیه- لأن الجائر فی مظنه أن یمنع و یصد عن جوره- . قال الکلبی- ثم أمر ع بکل سلاح وجد لعثمان فی داره- مما تقوى به على المسلمین- فقبض- و أمر بقبض نجائب کانت فی داره من إبل الصدقه- فقبضت- و أمر بقبض سیفه و درعه- و أمر ألا یعرض لسلاح وجد له لم یقاتل به المسلمون- و بالکف عن جمیع أمواله التی وجدت فی داره- و فی غیر داره- و أمر أن ترتجع الأموال التی أجاز بها عثمان- حیث أصیبت أو أصیب أصحابها- . فبلغ ذلک عمرو بن العاص و کان بأیله من أرض الشام- أتاها حیث وثب الناس على عثمان- فنزلها فکتب إلى معاویه ما کنت صانعا فاصنع- إذ قشرک ابن أبی طالب من کل مال- تملکه کما تقشر عن العصا لحاها- . و قال الولید بن عقبه و هو أخو عثمان من أمه- یذکر قبض علی ع نجائب عثمان و سیفه و سلاحه-

 

بنی هاشم ردوا سلاح ابن أختکم
و لا تنهبوه لا تحل مناهبه‏

 

بنی هاشم کیف الهواده بیننا
و عند علی درعه و نجائبه‏

 

بنی هاشم کیف التودد منکم
و بز ابن أروى فیکم و حرائبه‏

 

بنی هاشم إلا تردوا فإننا
سواء علینا قاتلاه و سالبه‏

 

بنی هاشم إنا و ما کان منکم
کصدع الصفا لا یشعب الصدع شاعبه‏

 

قتلتم أخی کیما تکونوا مکانه‏
کما غدرت یوما بکسرى مرازبه‏

 

فأجابه عبد الله بن أبی سفیان- بن الحارث بن عبد المطلب- بأبیات طویله من جملتها-

 

فلا تسألونا سیفکم إن سیفکم
أضیع و ألقاه لدى الروع صاحبه‏

 

و شبهته کسرى و قد کان مثله‏
شبیها بکسرى هدبه و ضرائبه‏

 

 أی کان کافرا کما کان کسرى کافرا- . و کان المنصور رحمه الله تعالى إذا أنشد هذا الشعر- یقول لعن الله الولید- هو الذی فرق بین بنی عبد مناف بهذا الشعر

بازدیدها: ۲۹

خطبه ۱۴ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

۱۴ و من کلام له ع فی مثل ذلک

 
 : أَرْضُکُمْ قَرِیبَهٌ مِنَ الْمَاءِ بَعِیدَهٌ مِنَ السَّمَاءِ- خَفَّتْ عُقُولُکُمْ وَ سَفِهَتْ حُلُومُکُمْ- فَأَنْتُمْ غَرَضٌ لِنَابِلٍ وَ أُکْلَهٌ لآِکِلٍ وَ فَرِیسَهٌ لِصَائِلٍ الغرض ما ینصب الیرمى بالسهام- و النابل ذو النبل و الأکله بضم الهمزه المأکول- و فریسه الأسد ما یفترسه- . و سفه فلان بالکسر أی صار سفیها و سفه بالضم أیضا- فإذا قلت سفه فلان رأیه أو حلمه أو نفسه- لم تقل إلا بالکسر لأن فعل بالضم لا یتعدى- و قولهم سفه فلان نفسه و غبن رأیه و بطر عیشه- و ألم بطنه و رفق حاله و رشد أمره- کان الأصل فیه کله سفهت نفس زید- فلما حول الفعل إلى الرجل انتصب ما بعده بالمفعولیه- هذا مذهب البصریین و الکسائی من الکوفیین- . و قال الفراء لما حول الفعل إلى الرجل- خرج ما بعده مفسرا لیدل على أن السفاهه فیه- و کان حکمه أن یکون سفه زید نفسا- لأن المفسر لا یکون إلا نکره- و لکنه ترک على إضافته- و نصب کنصب النکره تشبیها بها- . و یجوز عند البصریین و الکسائی تقدیم المنصوب- کما یجوز ضرب غلامه زید- و عند الفراء لا یجوز تقدیمه لأن المفسر لا یتقدم- .

 

فأما قوله أرضکم قریبه من الماء بعیده من السماء- فقد قدمنا معنى قوله قریبه من الماء- و ذکرنا غرقها من بحر فارس دفعتین- و مراده ع بقوله قریبه من الماء- أی قریبه من الغرق بالماء- و أما بعیده من السماء- فإن أرباب علم الهیئه و صناعه التنجیم یذکرون- أن أبعد موضع فی الأرض عن السماء الأبله- و ذلک موافق لقوله ع- . و معنى البعد عن السماء هاهنا- هو بعد تلک الأرض المخصوصه- عن دائره معدل النهار و البقاع- و البلاد تختلف فی ذلک- و قد دلت الأرصاد و الآلات النجومیه- على أن أبعد موضع فی المعموره عن دائره معدل النهار- هو الأبله و الأبله هی قصبه البصره- . و هذا الموضع من خصائص أمیر المؤمنین ع- لأنه أخبر عن أمر لا تعرفه العرب و لا تهتدى إلیه- و هو مخصوص بالمدققین من الحکماء- و هذا من أسراره و غرائبه البدیعه

بازدیدها: ۱۹

خطبه ۱۳ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)(ذم أهل البصره)

۱۳ و من کلام له ع فی ذم أهل البصره

 
– کُنْتُمْ جُنْدَ الْمَرْأَهِ وَ أَتْبَاعَ الْبَهِیمَهِ- رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَهَرَبْتُمْ- أَخْلَاقُکُمْ دِقَاقٌ وَ عَهْدُکُمْ شِقَاقٌ- وَ دِینُکُمْ نِفَاقٌ وَ مَاؤُکُمْ زُعَاقٌ- وَ الْمُقِیمُ بَیْنَ أَظْهُرِکُمْ مُرْتَهَنٌ بِذَنْبِهِ- وَ الشَّاخِصُ عَنْکُمْ مُتَدَارَکٌ بِرَحْمَهٍ مِنْ رَبِّهِ- کَأَنِّی بِمَسْجِدِکُمْ کَجُؤْجُؤِ سَفِینَهٍ- قَدْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَیْهَا الْعَذَابَ مِنْ فَوْقِهَا وَ مِنْ تَحْتِهَا- وَ غَرَّقَ مَنْ فِی ضِمْنِهَا- وَ فِی رِوَایَهٍ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتُغْرَقَنَّ بَلْدَتُکُمْ- حَتَّى کَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَى مَسْجِدِهَا کَجُؤْجُؤِ سَفِینَهٍ- أَوْ نَعَامَهٍ جَاثِمَهٍ- وَ فِی رِوَایَهٍ کَجُؤْجُؤِ طَیْرٍ فِی لُجَّهِ بَحْرٍ- وَ فِی رِوَایَهٍ أُخْرَى بِلَادُکُمْ أَنْتَنُ بِلَادِ اللَّهِ تُرْبَهً- أَقْرَبُهَا مِنَ الْمَاءِ وَ أَبْعَدُهَا مِنَ السَّمَاءِ- وَ بِهَا تِسْعَهُ أَعْشَارِ الشَّرِّ- الْمُحْتَبَسُ فِیهَا بِذَنْبِهِ وَ الْخَارِجُ بِعَفْوِ اللَّهِ- کَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَى قَرْیَتِکُمْ هَذِهِ قَدْ طَبَّقَهَا الْمَاءُ- حَتَّى مَا یُرَى مِنْهَا إِلَّا شُرَفُ الْمَسْجِدِ- کَأَنَّهُ جُؤْجُؤُ طَیْرٍ فِی لُجَّهِ بَحْرٍ

قوله و أتباع البهیمه یعنی الجمل- و کان جمل عائشه رایه عسکر البصره- قتلوا دونه کما تقتل الرجال تحت رایاتها- . و قوله أخلاقکم دقاق یصفهم باللؤم- و فی الحدیث أن رجلا قال له یا رسول الله- إنی أحب أن أنکح فلانه إلا أن فی أخلاق أهلها دقه- فقال له إیاک و خضراء الدمن- إیاک و المرأه الحسناء فی منبت السوء – . قوله و عهدکم شقاق یصفهم بالغدر- یقول عهدکم و ذمتکم لا یوثق بها- بل هی و إن کانت فی الصوره عهدا أو ذمه- فإنها فی المعنى خلاف و عداوه- . قوله و ماؤکم زعاق أی ملح- و هذا و إن لم یکن من أفعالهم إلا أنه مما تذم به المدینه- کما قال

 

بلاد بها الحمى و أسد عرینه
و فیها المعلى یعتدی و یجور

 

فإنی لمن قد حل فیها لراحم‏
و إنی من لم یأتها لنذیر

 

– و لا ذنب لأهلها فی أنها بلاد الحمى و السباع- . ثم وصف المقیم بین أظهرهم بأنه مرتهن بذنبه- لأنه إما أن یشارکهم فی الذنوب أو یراها فلا ینکرها- و مذهب أصحابنا أنه لا تجوز الإقامه فی دار الفسق- کما لا تجوز الإقامه فی دار الکفر- . و جؤجؤ عظم الصدر و جؤجؤ السفینه صدرها- .

فأما إخباره ع أن البصره تغرق عدا المسجد الجامع بها- فقد رأیت من یذکر أن کتب الملاحم- تدل على أن البصره تهلک بالماء الأسود- ینفجر من أرضها فتغرق و یبقى مسجدها- . و الصحیح أن المخبر به قد وقع فإن البصره غرقت مرتین- مره فی أیام القادر بالله و مره فی أیام القائم بأمر الله- غرقت بأجمعها و لم یبق منها إلا مسجدها الجامع- بارزا بعضه کجؤجؤ الطائر- حسب ما أخبر به أمیر المؤمنین ع- جاءها الماء من بحر فارس- من جهه الموضع المعروف الآن بجزیره الفرس- و من جهه الجبل المعروف بجبل السنام- و خربت دورها و غرق کل ما فی ضمنها- و هلک کثیر من أهلها- . و أخبار هذین الغرقین معروفه عند أهل البصره- یتناقلها خلفهم عن سلفهم
من أخبار یوم الجمل أیضا

قال أبو الحسن علی بن محمد بن سیف المدائنی- و محمد بن عمر الواقدی- ما حفظ رجز قط أکثر من رجز قیل یوم الجمل- و أکثره لبنی ضبه و الأزد- الذین کانوا حول الجمل یحامون عنه- و لقد کانت الرءوس تندر عن الکواهل- و الأیدی تطیح من المعاصم و أقتاب البطن- تندلق من الأجواف- و هم حول الجمل کالجراد الثابته لا تتحلحل و لا تتزلزل- حتى لقد صرخ ع بأعلى صوته- ویلکم اعقروا الجمل فإنه شیطان- ثم قال اعقروه و إلا فنیت العرب- لا یزال السیف قائما و راکعا- حتى یهوی هذا البعیرإلى الأرض- فصمدوا له حتى عقروه فسقط و له رغاء شدید- فلما برک کانت الهزیمه- . و من الأراجیز المحفوظه یوم الجمل لعسکر البصره- قول بعضهم-

 

نحن بنی ضبه أصحاب الجمل
ننازل الموت إذا الموت نزل‏

 

ننعى ابن عفان بأطراف الأسل‏
ردوا علینا شیخنا ثم بجل‏

 

الموت أحلى عندنا من العسل
لا عار فی الموت إذا حان الأجل‏

 

إن علیا هو من شر البدل‏
إن تعدلوا بشیخنا لا یعتدل‏

أین الوهاد و شماریخ القلل‏

 

 

 فأجابه رجل من عسکر الکوفه- من أصحاب أمیر المؤمنین ع-

 

نحن قتلنا نعثلا فیمن قتل
أکثر من أکثر فیه أو أقل‏

 

أنى یرد نعثل و قد قحل‏
نحن ضربنا وسطه حتى انجدل‏

 

لحکمه حکم الطواغیت الأول
آثر بالفی‏ء و جافى فی العمل‏

 

فأبدل الله به خیر بدل‏
إنی امرؤ مستقدم غیر وکل‏

مشمر للحرب معروف بطل‏

 

 

و من أراجیز أهل البصره-

 

 

یا أیها الجند الصلیب الإیمان
قوموا قیاما و استغیثوا الرحمن‏
إنی أتانی خبر ذو ألوان
إن علیا قتل ابن عفان‏

 

ردوا إلینا شیخنا کما کان‏
یا رب و ابعث ناصرا لعثمان‏

 

یقتلهم بقوه و سلطان‏

فأجابه رجل من عسکر الکوفه-

 

أبت سیوف مذحج و همدان
بأن ترد نعثلا کما کان‏

 

خلقا سویا بعد خلق الرحمن‏
و قد قضى بالحکم حکم الشیطان‏

 

و فارق الحق و نور الفرقان
فذاق کأس الموت شرب الظمآن‏

 

 و من الرجز المشهور المقول یوم الحمل- قاله أهل البصره-

 

یا أمنا عائش لا تراعی
کل بنیک بطل المصاع‏

 

ینعى ابن عفان إلیک ناع‏
کعب بن سور کاشف القناع‏

 

فارضی بنصر السید المطاع
و الأزد فیها کرم الطباع‏

 

 و منه قول بعضهم-

 

 

یا أمنا یکفیک منا دنوه
لن یؤخذ الدهر الخطام عنوه‏

 

و حولک الیوم رجال شنوه‏
و حی همدان رجال الهبوه‏

 

و المالکیون القلیلو الکبوه
و الأزد حی لیس فیهم نبوه‏

 

 

 قالوا و خرج من أهل البصره شیخ صبیح الوجه نبیل- علیه جبه وشی یحض الناس على الحرب و یقول-

 

 

یا معشر الأزد علیکم أمکم
فإنها صلاتکم و صومکم‏

 

و الحرمه العظمى التی تعمکم‏
فأحضروها جدکم و حزمکم‏

 

لا یغلبن سم العدو سمکم
إن العدو إن علاکم زمکم‏

 

و خصکم بجوره و عمکم‏
لا تفضحوا الیوم فداکم قومکم‏

 

– قال المدائنی و الواقدی- و هذا الرجز یصدق الروایه- أن الزبیر و طلحه قاما فی الناس فقالا- إن علیا إن یظفر فهو فناؤکم یا أهل البصره- فاحموا حقیقتکم- فإنه لا یبقی حرمه إلا انتهکها- و لا حریما إلا هتکه و لا ذریه إلا قتلها- و لا ذوات خدر إلا سباهن- فقاتلوا مقاتله من یحمی عن حریمه- و یختار الموت على الفضیحه یراها فی أهله- . و قال أبو مخنف- لم یقل أحد من رجاز البصره قولا- کان أحب إلى أهل الجمل من قول هذا الشیخ- استقتل الناس عند قوله و ثبتوا حول الجمل و انتدبوا- فخرج عوف بن قطن الضبی و هو ینادی- لیس لعثمان ثأر إلا علی بن أبی طالب و ولده- فأخذ خطام الجمل و قال-

 

یا أم یا أم خلا منی الوطن
لا أبتغی القبر و لا أبغی الکفن‏

 

من هاهنا محشر عوف بن قطن‏
إن فاتنا الیوم علی فالغبن‏

 

أو فاتنا ابناه حسین و حسن
إذا أمت بطول هم و حزن‏

 

ثم تقدم فضرب بسیفه حتى قتل- . و تناول عبد الله بن أبزى خطام الجمل- و کان کل من أراد الجد فی الحرب و قاتل قتال مستمیت- یتقدم إلى الجمل فیأخذ بخطامه- ثم شد على عسکر علی ع و قال-

 

أضربهم و لا أرى أبا حسن
ها إن هذا حزن من الحزن‏

 

 فشد علیه علی أمیر المؤمنین ع بالرمح فطعنه فقتله- و قال قد رأیت أبا حسن فکیف رأیته و ترک الرمح فیه- .

و أخذت عائشه کفا من حصى- فحصبت به أصحاب علی ع- و صاحت بأعلى صوتها شاهت الوجوه- کما صنع رسول الله ص یوم حنین- فقال لها قائل و ما رمیت إذ رمیت و لکن الشیطان رمى- و زحف علی ع نحو الجمل بنفسه- فی کتیبته الخضراء من المهاجرین و الأنصار- و حوله بنوه حسن و حسین و محمد ع- و دفع الرایه إلى محمد- و قال أقدم بها حتى ترکزها فی عین الجمل و لا تقفن دونه- فتقدم محمد فرشقته السهام- فقال لأصحابه رویدا حتى تنفد سهامهم- فلم یبق لهم إلا رشقه أو رشقتان- فأنفذا إلیه علی ع إلیه یستحثه و یأمره بالمناجزه- فلما أبطأ علیه جاء بنفسه من خلفه- فوضع یده الیسرى على منکبه الأیمن و قال له- أقدم لا أم لک- فکان محمد رضی الله عنه إذا ذکر ذلک بعد یبکی- و یقول لکأنی أجد ریح نفسه فی قفای- و الله لا أنسى أبدا- ثم أدرکت علیا ع رقه على ولده- فتناول الرایه منه بیده الیسرى- و ذو الفقار مشهور فی یمنى یدیه- ثم حمل فغاص فی عسکر الجمل ثم رجع و قد انحنى سیفه- فأقامه برکبته- فقال له أصحابه و بنوه و الأشتر و عمار- نحن نکفیک یا أمیر المؤمنین- فلم یجب أحدا منهم و لا رد إلیهم بصره- و ظل ینحط و یزأر زئیر الأسد حتى فرق من حوله- و تبادروه و إنه لطامح ببصره نحو عسکر البصره- لا یبصر من حوله و لا یرد حوارا- ثم دفع الرایه إلى ابنه محمد ثم حمل حمله ثانیه وحده- فدخل وسطهم فضربهم بالسیف قدما قدما- و الرجال تفر من بین یدیه و تنحاز عنه یمنه و یسره- حتى خضب الأرض بدماء القتلى- ثم رجع و قد انحنى سیفه فأقامه برکبته- فاعصوصب به أصحابه- و ناشدوه الله فی نفسه و فی الإسلام- و قالوا إنک إن تصب یذهب الدین فأمسک و نحن نکفیک- فقال و الله ما أرید بما ترون إلا وجه الله و الدار الآخره- ثم قال لمحمد ابنه هکذا تصنع یا ابن الحنفیه- فقال الناس من الذی یستطیع ما تستطیعه یا أمیر المؤمنین- .

 

و من کلماته الفصیحه ع فی یوم الجمل- ما رواه الکلبی عن رجل من الأنصار- قال بینا أنا واقف فی أول الصفوف یوم الجمل- إذ جاء علی ع فانحرفت إلیه- فقال أین مثرى القوم فقلت هاهنا نحو عائشه- . قال الکلبی- یرید أین عددهم و أین جم و من کلماته الفصیحه ع فی یوم الجمل- ما رواه الکلبی عن رجل من الأنصار- قال بینا أنا واقف فی أول الصفوف یوم الجمل- إذ جاء علی ع فانحرفت إلیه- فقال أین مثرى القوم فقلت هاهنا نحو عائشه- . قال الکلبی- یرید أین عددهم و أین جمهورهم و کثرتهم- و المال الثری على فعیل هو الکثیر- و منه رجل ثروان و امرأه ثروى و تصغیرها ثریا- و الصدقه مثراه للمال أی مکثره له- . قال أبو مخنف- و بعث علی ع إلى الأشتر أن احمل على میسرتهم- فحمل علیها و فیها هلال بن وکیع فاقتتلوا قتالا شدیدا- و قتل هلال قتله الأشتر- فمالت المیسره إلى عائشه فلاذوا بها- و عظمهم بنو ضبه و بنو عدی- ثم عطفت الأزد و ضبه و ناجیه و باهله إلى الجمل- فأحاطوا به و اقتتل الناس حوله قتالا شدیدا- و قتل کعب بن سور قاضی البصره- جاءه سهم غرب فقتله و خطام الجمل فی یده- ثم قتل عمرو بن یثربی الضبی- و کان فارس أصحاب الجمل و شجاعهم- بعد أن قتل کثیرا من أصحاب علی ع- . قالوا کان عمرو أخذ بخطام الجمل فدفعه إلى ابنه- ثم دعا إلى البراز- فخرج إلیه علباء بن الهیثم السدوسی فقتله عمرو- ثم دعا إلى البراز- فخرج إلیه هند بن عمرو الجملی فقتله عمرو- ثم دعا إلى البراز- فقال زید بن صوحان العبدی لعلی ع یا أمیر المؤمنین- إنی رأیت یدا أشرفت علی من السماء- و هی تقول هلم إلینا- و أنا خارج إلى‏
ابن یثربی- فإذا قتلنی فادفنی بدمی و لا تغسلنی- فإنی مخاصم عند ربی- ثم خرج فقتله عمرو- ثم رجع إلى خطام الجمل مرتجزا یقول-

 

أردیت علباء و هندا فی طلق
ثم ابن صوحان خضیبا فی علق‏

 

قد سبق الیوم لنا ما قد سبق‏
و الوتر منا فی عدی ذی الفرق‏

 

و الأشتر الغاوی و عمرو بن الحمق
و الفارس المعلم فی الحرب الحنق‏

 

ذاک الذی فی الحادثات لم یطق‏
أعنی علیا لیته فینا مزق‏

 

 قال قوله و الوتر منا فی عدی یعنی عدی بن حاتم الطائی- و کان من أشد الناس على عثمان و من أشدهم جهادا مع علی ع- ثم ترک ابن یثربی الخطام و خرج یطلب المبارزه- فاختلف فی قاتله فقال قوم إن عمار بن یاسر خرج إلیه- و الناس یسترجعون له- لأنه کان أضعف من برز إلیه یومئذ- أقصرهم سیفا و أقصفهم رمحا و أحمشهم ساقا- حماله سیفه من نسعه الرحل- و ذباب سیفه قریب من إبطه- فاختلفا ضربتین فنشب سیف ابن یثربی فی حجفه عمار- فضربه عمار على رأسه فصرعه- ثم أخذ برجله یسحبه حتى انتهى به إلى علی ع- فقال یا أمیر المؤمنین استبقنی أجاهد بین یدیک- و أقتل منهم مثل ما قتلت منکم- فقال له علی ع أ بعد زید و هند و علباء أستبقیک- لاها الله إذا- قال فأدننی منک أسارک قال له أنت متمرد- و قد أخبرنی رسول الله ص بالمتمردین و ذکرک فیهم- فقال أما و الله لو وصلت إلیک لعضضت أنفک عضه أبنته منک- . فأمر به علی ع فضربت عنقه- .

و قال قوم- إن عمرا لما قتل من قتل و أراد أن یخرج لطلب البراز- قال للأزد یا معشر الأزد إنکم قوم لکم حیاء و بأس- و إنی قد وترت القوم و هم قاتلی- و هذه أمکم نصرها دین و خذلانها عقوق- و لست أخشى أن أقتل حتى أصرع فإن صرعت فاستنقذونی- فقالت له الأزد- ما فی هذا الجمع أحد نخافه علیک إلا الأشتر- قال فإیاه أخاف- . قال أبو مخنف- فقیضه الله له و قد أعلما جمیعا فارتجز الأشتر-

 

إنی إذا ما الحرب أبدت نابها
و أغلقت یوم الوغى أبوابها

 

و مزقت من حنق أثوابها
کنا قداماها و لا أذنابها

 

لیس العدو دوننا أصحابها
من هابها الیوم فلن أهابها

 

لا طعنها أخشى و لا ضرابها

 

 

ثم حمل علیه فطعنه فصرعه- و حامت عنه الأزد فاستنقذوه فوثب و هو وقیذ ثقیل- فلم یستطع أن یدفع عن نفسه- و استعرضه عبد الرحمن بن طود البکری- فطعنه فصرعه ثانیه- و وثب علیه رجل من سدوس فأخذه مسحوبا برجله- حتى أتى به علیا ع- فناشده الله و قال یا أمیر المؤمنین اعف عنی- فإن العرب لم تزل قائله عنک- إنک لم تجهز على جریح قط- فأطلقه و قال اذهب حیث شئت- فجاء إلى أصحابه و هو لما به حضره الموت- فقالوا له دمک عند أی الناس- فقال أما الأشتر فلقینی و أنا کالمهر الأرن فعلا حده حدی- و لقیت رجلا یبتغی له عشره أمثالی- و أما البکری فلقینی و أنا لما بی- و کان یبتغی لی عشره أمثاله- و تولى أسری أضعف القوم و صاحبی الأشتر- . قال أبو مخنف فلما انکشفت الحرب- شکرت ابنه عمرو بن یثربی الأزد و عابت قومها فقالت-

 
یا ضب إنک قد فجعت بفارس
حامی الحقیقه قاتل الأقران‏

 

عمرو بن یثرب الذی فجعت به‏
کل القبائل من بنی عدنان‏

 

لم یحمه وسط العجاجه قومه
و حنت علیه الأزد أزد عمان‏

 

فلهم علی بذاک حادث نعمه
و لحبهم أحببت کل یمان‏

 

لو کان یدفع عن منیه هالک
طول الأکف بذابل المران‏

 

أو معشر وصلوا الخطا بسیوفهم‏
وسط العجاجه و الحتوف دوان‏

 

ما نیل عمر و الحوادث جمه
حتى ینال النجم و القمران‏

 

لو غیر الأشتر ناله لندبته‏
و بکیته ما دام هضب أبان‏

 

لکنه من لا یعاب بقتله
أسد الأسود و فارس الفرسان‏

 

 

قال أبو مخنف- و بلغنا أن عبد الرحمن بن طود البکری قال لقومه- أنا و الله قتلت عمرا- و إن الأشتر کان بعدی و أنا أمامه فی الصعالیک- فطعنت عمرا طعنه لم أحسب أنها تجعل للأشتر دونی- و إنما الأشتر ذو حظ فی الحرب- و إنه لیعلم أنه کان خلفی- و لکن أبى الناس إلا أنه صاحبه- و لا أرى أن أکون خصم العامه و إن الأشتر لأهل ألا ینازع- فلما بلغ الأشتر قوله قال- أما و الله لو لا أنی أطفأت جمرته عنه ما دنا منه- و ما صاحبه غیری و إن الصید لمن وقذه- فقال عبد الرحمن لا أنازع فیه- ما القول إلا ما قاله و أنى لی أن أخالف الناس- . قال و خرج عبد الله بن خلف الخزاعی- و هو رئیس البصره و أکثر أهلها مالا و ضیاعا- فطلب البراز و سأل ألا یخرج إلیه إلا علی ع- و ارتجز فقال

 
أبا تراب ادن منی فترا
فإننی دان إلیک شبرا
و إن فی صدری علیک غمرا

 

 

فخرج إلیه علی ع فلم یمهله أن ضربه ففلق هامته- . قالوا استدار الجمل کما تدور الرحى- و تکاثفت الرجال من حوله و اشتد رغاؤه- و اشتد زحام الناس علیه- و نادى الحتات المجاشعی أیها الناس أمکم أمکم- و اختلط الناس فضرب بعضهم بعضا- و تقصد أهل الکوفه قصد الجمل- و الرجال دونه کالجبال- کلما خف قوم جاء أضعافهم- فنادى علی ع ویحکم ارشقوا الجمل بالنبل- اعقروه لعنه الله فرشق بالسهام- فلم یبق فیه موضع إلا أصابه النبل و کان مجففا- فتعلقت السهام به فصار کالقنفذ- و نادت الأزد و ضبه یا لثارات عثمان- فاتخذوها شعارا- و نادى أصحاب علی ع یا محمد فاتخذوها شعارا- و اختلط الفریقان- و نادى علی ع بشعار رسول الله ص یا منصور أمت- و هذا فی الیوم الثانی من أیام الجمل- فلما دعا بها تزلزلت أقدام القوم- و ذلک وقت العصر بعد أن کانت الحرب من وقت الفجر- . قال الواقدی-
و قد روی أن شعاره ع کان فی ذلک الیوم حم لا ینصرون- اللهم انصرنا على القوم الناکثین – ثم تحاجز الفریقان و القتل فاش فیهما- إلا أنه فی أهل البصره أکثر- و أمارات النصر لائحه لعسکر الکوفه- ثم تواقفوا فی الیوم الثالث- فبرز أول الناس عبد الله بن الزبیر- و دعا إلى المبارزه فبرز إلیه الأشتر- فقالت عائشه من برز إلى عبد الله قالوا الأشتر- فقالت وا ثکل أسماء- فضرب کل منهما صاحبه فجرحه ثم اعتنقا- فصرع الأشتر عبد الله و قعد على صدره- و اختلط الفریقان- هؤلاء لینقذوا عبد الله و هؤلاء لیعینوا الأشتر- و کان الأشتر طاویا ثلاثه أیام‏ لم یطعم- و هذه عادته فی الحرب و کان أیضا شیخا عالی السن- فجعل عبد الله ینادی-اقتلونی و مالکا

 فلو قال اقتلونی و الأشتر لقتلوهما- إلا أن أکثر من کان یمر بهما لا یعرفهما- لکثره من وقع فی المعرکه صرعى بعضهم فوق بعض- و أفلت ابن الزبیر من تحته و لم یکد- فذلک قول الأشتر-

 

 

أ عائش لو لا أننی کنت طاویا
ثلاثا لألفیت ابن أختک هالکا

 

غداه ینادی و الرجال تحوزه‏
بأضعف صوت اقتلونی و مالکا

 

فلم یعرفوه إذ دعاهم و غمه
خدب علیه فی العجاجه بارکا

 

فنجاه منی أکله و شبابه‏
و أنی شیخ لم أکن متماسکا

 

 

 و روى أبو مخنف عن الأصبغ بن نباته قال- دخل عمار بن یاسر و مالک بن الحارث الأشتر على عائشه- بعد انقضاء أمر الجمل- فقالت عائشه یا عمار من معک قال الأشتر- فقالت یا مالک أنت الذی صنعت بابن أختی ما صنعت- قال نعم- و لو لا أنی کنت طاویا ثلاثه أیام لأرحت أمه محمد منه- فقالت أ ما علمت- أن رسول الله ص قال لا یحل دم مسلم إلا بأحد أمور ثلاثه- کفر بعد إیمان أو زنا بعد إحصان- أو قتل نفس بغیر حق

– فقال الأشتر- على بعض هذه الثلاثه قاتلناه یا أم المؤمنین- و ایم الله ما خاننی سیفی قبلها- و لقد أقسمت ألا یصحبنی بعدها- . قال أبو مخنف- ففی ذلک یقول الأشتر من جمله هذا الشعر الذی ذکرناه-

 

 

و قالت على أی الخصال صرعته
بقتل أتى أم رده لا أبا لکا

 

 

أم المحصن الزانی الذی حل قتله‏
فقلت لها لا بد من بعض ذلکا

 

 

قال أبو مخنف- و انتهى الحارث بن زهیر الأزدی من أصحاب علی ع- إلى الجمل- و رجل آخذ بخطامه لا یدنو منه أحد إلا قتله- فلما رآه الحارث بن زهیر مشى إلیه بالسیف و ارتجز- فقال لعائشه-

 

 

یا أمنا أعق أم نعلم
و الأم تغذو ولدها و ترحم

أ ما ترین کم شجاع یکلم‏
و تختلى هامته و المعصم‏

 

 

 فاختلف هو و الرجل ضربتین فکلاهما أثخن صاحبه- . قال جندب بن عبد الله الأزدی- فجئت حتى وقفت علیهما- و هما یفحصان بأرجلهما حتى ماتا- قال فأتیت عائشه بعد ذلک أسلم علیها بالمدینه- فقالت من أنت قلت رجل من أهل الکوفه- قالت هل شهدتنا یوم البصره قلت نعم- قالت مع أی الفریقین قلت مع علی- قالت هل سمعت مقاله الذی قال-یا أمنا أعق أم نعلم‏

– . قلت نعم و أعرفه- قالت و من هو قلت ابن عم لی- قالت و ما فعل قلت قتل عند الجمل و قتل قاتله- قال فبکت حتى ظننت و الله أنها لا تسکت- ثم قالت لوددت و الله أننی کنت مت قبل ذلک الیوم- بعشرین سنه- . قالوا و خرج رجل من عسکر البصره- یعرف بخباب بن عمرو الراسبی فارتجز فقال-

 

 

أضربهم و لو أرى علیا
عممته أبیض مشرفیا

أریح منه معشرا غویا

 

 

 فصمد علیه الأشتر فقتله- . ثم تقدم عبد الرحمن بن عتاب بن أسید- بن أبی العاص بن أمیه بن عبد شمس- و هومن أشراف قریش- و کان اسم سیفه ولول فارتجز فقال-

 

 

أنا ابن عتاب و سیفی ولول
و الموت دون الجمل المجلل‏

 

 

فحمل علیه الأشتر فقتله- ثم خرج عبد الله بن حکیم بن حزام- من بنی أسد بن عبد العزى بن قصی من أشراف قریش أیضا- فارتجز و طلب المبارزه- فخرج إلیه الأشتر فضربه على رأسه فصرعه- ثم قام فنجا بنفسه- . قالوا و أخذ خطام الجمل سبعون من قریش قتلوا کلهم- و لم یکن یأخذ بخطام الجمل أحد إلا سالت نفسه- أو قطعت یده- و جاءت بنو ناجیه فأخذوا بخطام الجمل- و لم یکن یأخذ الخطام أحد إلا سألت عائشه من هذا- فسألت عنهم فقیل بنو ناجیه- فقالت عائشه صبرا یا بنی ناجیه- فإنی أعرف فیکم شمائل قریش- قالوا و بنو ناجیه مطعون فی نسبهم إلى قریش- فقتلوا حولها جمیعا- . قال أبو مخنف- و حدثنا إسحاق بن راشد عن عبد الله بن الزبیر- قال أمسیت یوم الجمل و بی سبعه و ثلاثون جرحا- من ضربه و طعنه و رمیه- و ما رأیت مثل یوم الجمل قط- ما کان الفریقان إلا کالجبلین لا یزولان- 

 

قال أبو مخنف و قام رجل إلى علی ع فقال- یا أمیر المؤمنین أی فتنه أعظم من هذه- إن البدریه لیمشی بعضها إلى بعض بالسیف- فقال علی ع ویحک- أ تکون فتنه أنا أمیرها و قائدها- و الذی بعث محمدا بالحق و کرم وجهه- ما کذبت و لا کذبت و لا ضللت و لا ضل بی- و لا زللت و لا زل بی- و إنی لعلى بینه من ربی بینها الله لرسوله- و بینها رسوله لی و سأدعى یوم القیامه و لا ذنب لی- و لو کان لی ذنب لکفر عنی ذنوبی ما أنا فیه من قتالهم قال أبو مخنف و حدثنا مسلم الأعور عن حبه العرنی- قال فلما رأى علی ع‏ أن الموت عند الجمل- و أنه ما دام قائما فالحرب لا تطفأ- وضع سیفه على عاتقه و عطف نحوه- و أمر أصحابه بذلک و مشى نحوه و الخطام مع بنی ضبه- فاقتتلوا قتالا شدیدا و استحر القتل فی بنی ضبه- فقتل منهم مقتله عظیمه- و خلص علی ع فی جماعه من النخع و همدان إلى الجمل- فقال لرجل من النخع اسمه بجیر دونک الجمل یا بجیر- فضرب عجز الجمل بسیفه فوقع لجنبه- و ضرب بجرانه الأرض و عج عجیجا لم یسمع بأشد منه- فما هو إلا أن صرع الجمل حتى فرت الرجال- کما یطیر الجراد فی الریح الشدیده الهبوب- و احتملت عائشه بهودجها- فحملت إلى دار عبد الله بن خلف- و أمر علی ع بالجمل أن یحرق ثم یذرى فی الریح- و قال ع لعنه الله من دابه فما أشبهه بعجل بنی إسرائیل- ثم قرأ وَ انْظُرْ إِلى‏ إِلهِکَ الَّذِی ظَلْتَ عَلَیْهِ عاکِفاً- لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِی الْیَمِّ نَسْفاً

بازدیدها: ۷۰

خطبه ۱۲ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

و من کلام له ( علیه‏السلام ) لما أظفره الله بأصحاب الجمل


وَ قَدْ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَدِدْتُ أَنَّ أَخِی فُلَاناً کَانَ شَاهِدَنَا لِیَرَى مَا نَصَرَکَ اللَّهُ بِهِ عَلَى أَعْدَائِکَ فَقَالَ عَلِیٌّ ( علیه‏السلام )أَ هَوَى أَخِیکَ مَعَنَا
فَقَالَ نَعَمْ
قَالَ فَقَدْ شَهِدَنَا
وَ لَقَدْ شَهِدَنَا فِی عَسْکَرِنَا هَذَا قَوْمٌ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ
سَیَرْعَفُ بِهِمُ الزَّمَانُ
وَ یَقْوَى بِهِمُ الْإِیمَانُ

 

۱۲ و من کلام له ع لما أظفره الله بأصحاب الجمل
– وَ قَدْ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ- وَدِدْتُ أَنَّ أَخِی فُلَاناً کَانَ شَاهِدَنَا- لِیَرَى مَا نَصَرَکَ اللَّهُ بِهِ عَلَى أَعْدَائِکَ- فَقَالَ عَلِیٌّ ع أَ هَوَى أَخِیکَ مَعَنَا فَقَالَ نَعَمْ- قَالَ فَقَدْ شَهِدَنَا- وَ لَقَدْ شَهِدَنَا فِی عَسْکَرِنَا هَذَا قَوْمٌ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ- وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ- سَیَرْعَفُ بِهِمُ الزَّمَانُ وَ یَقْوَى بِهِمُ الْإِیمَانُ یرعف بهم الزمان یوجدهم و یخرجهم- کما یرعف الإنسان بالدم الذی یخرجه من أنفه- قال الشاعر

 

و ما رعف الزمان بمثل عمرو
و لا تلد النساء له ضریبا

 

و المعنى مأخوذ من قول النبی ص لعثمان- و لم یکن شهد بدرا تخلف على رقیه ابنه رسول الله ص- لما مرضت مرض موتها- لقد کنت شاهدا و إن کنت غائبا لک أجرک و سهمک

 

من أخبار یوم الجمل

 

قال الکلبی قلت لأبی صالح- کیف لم یضع علی ع السیف فی أهل البصره یوم الجمل- بعد ظفره- قال سار فیهم بالصفح و المن- الذی سار به رسول الله ص‏ فی أهل مکه یوم الفتح- فإنه أراد أن یستعرضهم بالسیف ثم من علیهم- و کان یحب أن یهدیهم الله- . قال فطر بن خلیفه- ما دخلت دار الولید بالکوفه التی فیها القصارون- إلا و ذکرت بأصواتهم وقع السیوف یوم الجمل- . حرب بن جیهان الجعفی لقد رأیت الرماح یوم الجمل- قد أشرعها الرجال بعضهم فی صدر بعض- کأنها آجام القصب- لو شاءت الرجال أن تمشی علیها لمشت- و لقد صدقونا القتال حتى ما ظننت أن ینهزموا- و ما رأیت یوما قط أشبه بیوم الجمل- من یوم جلولاء الوقیعه- . الأصبغ بن نباته لما انهزم أهل البصره- رکب علی ع بغله رسول الله ص الشهباء- و کانت باقیه عنده و سار فی القتلى یستعرضهم- فمر بکعب بن سور القاضی قاضی البصره و هو قتیل- فقال أجلسوه فأجلس فقال له- ویلمک کعب بن سور لقد کان لک علم لو نفعک- و لکن الشیطان أضلک فأزلک فعجلک إلى النار- أرسلوه- ثم مر بطلحه بن عبید الله قتیلا- فقال أجلسوه فأجلس- قال أبو مخنف فی کتابه- فقال ویلمک طلحه لقد کان لک قدم لو نفعک- و لکن الشیطان أضلک فأزلک فعجلک إلى النار- . و أما أصحابنا فیروون غیر ذلک- یروون أنه ع قال له لما أجلسوه- أعزز علی أبا محمد أن أراک معفرا تحت نجوم السماء- و فی بطن هذا الوادی أ بعد جهادک فی الله و ذبک عن رسول الله ص- فجاء إلیه إنسان فقال أشهد یا أمیر المؤمنین- لقد مررت علیه بعد أن أصابه السهم و هو صریع- فصاح بی فقال من أصحاب من أنت- فقلت من أصحاب أمیر المؤمنین ع- فقال امدد یدک لأبایع‏ لأمیر المؤمنین ع- فمددت إلیه یدی فبایعنی لک-
فقال علی ع أبى الله أن یدخل طلحه الجنه- إلا و بیعتی فی عنقه – ثم مر بعبد الله بن خلف الخزاعی- و کان ع قتله بیده مبارزه- و کان رئیس أهل البصره فقال أجلسوه فأجلس- فقال الویل لک یا ابن خلف لقد عانیت أمرا عظیما- . و قال شیخنا أبو عثمان الجاحظ- و مر ع بعبد الرحمن بن عتاب بن أسید- فقال أجلسوه فأجلس- فقال هذا یعسوب قریش- هذا اللباب المحض من بنی عبد مناف- ثم قال شفیت نفسی و قتلت معشری- إلى الله أشکو عجری و بجری- قتلت الصنادید من بنی عبد مناف- و أفلتنی الأعیار من بنی جمح- فقال له قائل- لشد ما أطریت هذا الفتى منذ الیوم یا أمیر المؤمنین- قال إنه قام عنی و عنه نسوه لم یقمن عنک- . قال أبو الأسود الدؤلی- لما ظهر علی ع یوم الجمل دخل بیت المال بالبصره- فی ناس من المهاجرین و الأنصار و أنا معهم- فلما رأى کثره ما فیه قال غری غیری مرارا- ثم نظر إلى المال و صعد فیه بصره و صوب- و قال اقسموه بین أصحابی خمسمائه خمسمائه- فقسم بینهم- فلا و الذی بعث محمدا بالحق- ما نقص درهما و لا زاد درهما- کأنه کان یعرف مبلغه و مقداره- و کان سته آلاف ألف درهم و الناس اثنا عشر ألفا- .

 

حبه العرنی- قسم علی ع بیت مال البصره على أصحابه- خمسمائه خمسمائه- و أخذ خمسمائه درهم کواحد منهم- فجاءه إنسان لم یحضر الوقعه فقال یا أمیر المؤمنین- کنت شاهدا معک بقلبی و إن غاب عنک جسمی- فأعطنی من الفی‏ء شیئا- فدفع إلیه الذی أخذه لنفسه و هو خمسمائه درهم- و لم یصب من الفی‏ء شیئا- . اتفقت الرواه کلها على- أنه ع قبض ما وجد فی عسکر الجمل- من سلاح و دابه و مملوک و متاع و عروض- فقسمه بین أصحابه و أنهم قالوا له- اقسم بیننا أهل البصره فاجعلهم رقیقا فقال لا- فقالوا فکیف تحل لنا دماءهم و تحرم علینا سبیهم- فقال کیف یحل لکم ذریه ضعیفه فی دار هجره و إسلام- أما ما أجلب به القوم فی معسکرهم علیکم فهو لکم مغنم- و أما ما وارت الدور و أغلقت علیه الأبواب فهو لأهله- و لا نصیب لکم فی شی‏ء منه- فلما أکثروا علیه قال- فأقرعوا على عائشه لأدفعها إلى من تصیبه القرعه- فقالوا نستغفر الله یا أمیر المؤمنین ثم انصرفوا

بازدیدها: ۳۸

خطبه ۱۱ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

۱۱ و من کلام له ع لابنه محمد بن الحنفیه- لما أعطاه الرایه یوم الجمل

 
تَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا تَزُلْ- عَضَّ عَلَى نَاجِذِکَ أَعِرِ اللَّهَ جُمْجُمَتَکَ- تِدْ فِی الْأَرْضِ قَدَمَکَ- ارْمِ بِبَصَرِکَ أَقْصَى الْقَوْمِ وَ غُضَّ بَصَرَکَ- وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قوله تزول الجبال و لا تزل خبر فیه معنى الشرط- تقدیره إن زالت الجبال فلا تزل أنت و المراد المبالغه- فی أخبار صفین أن بنی عکل- و کانوا مع أهل الشام- حملوا فی یوم من أیام صفین- خرجوا و عقلوا أنفسهم بعمائمهم- و تحالفوا أنا لا نفر حتى یفر هذا الحکر بالکاف- قالوا لأن عکلا تبدل الجیم کافا- . و الناجذ أقصى الأضراس- و تد أمر من وتد قدمه فی الأرض أی أثبتها فیها کالوتد- و لا تناقض بین قوله ارم ببصرک و قوله غض بصرک- و ذلک لأنه فی الأولى أمره أن یفتح عینه و یرفع طرفه- و یحدق إلى أقاصی القوم ببصره- فعل الشجاع المقدام غیر المکترث و لا المبالی- لأن الجبان تضعف نفسه و یخفق قلبه فیقصر بصره- و لا یرتفع طرفه و لا یمتد عنقه- و یکون ناکس الرأس غضیض الطرف- و فی الثانیه أمره أن یغض بصره- عن بریق سیوفهم و لمعان دروعهم- لئلا یبرق بصره و یدهش و یستشعر خوفا- و تقدیر الکلام و احمل و حذف ذلک للعلم به- فکأنه قال إذا عزمت على الحمله و صممت- فغض حینئذ بصرک و احمل- و کن کالعشواء التی تخبط ما أمامها و لا تبالی- . و قوله عض على ناجذک- قالوا إن العاض على نواجذه ینبو السیف عن دماغه- لأن عظام الرأس تشتد و تصلب- و قد جاء فی کلامه ع هذا مشروحا فی موضع آخر- و هو قوله و عضوا على النواجذ- فإنه أنبى للصوارم عن الهام- و یحتمل أن یرید به شده الحنق- قالوا فلان یحرق علی الأرم یریدون شده الغیظ- و الحرق صریف الأسنان و صوتها و الأرم الأضراس- .

و قوله أعر الله جمجمتک معناه ابذلها فی طاعه الله- و یمکن أن یقال- إن ذلک إشعار له أنه لا یقتل فی تلک الحرب- لأن العاریه مردوده- و لو قال له بع الله جمجمتک- لکان ذلک إشعارا له بالشهاده فیها- . و أخذ یزید بن المهلب هذه اللفظه- فخطب أصحابه بواسط- فقال إنی قد أسمع قول الرعاع جاء مسلمه و جاء العباس- و جاء أهل الشام و من أهل الشام- و الله ما هم إلا تسعه أسیاف سبعه منها معی و اثنان علی- و أما مسلمه فجراده صفراء- و أما العباس فنسطوس ابن نسطوس- أتاکم فی برابره و صقالبه و جرامقه و جراجمه- و أقباط و أنباط و أخلاط- إنما أقبل إلیکم الفلاحون و أوباش کأشلاء اللحم- و الله ما لقوا قط کحدیدکم و عدیدکم- أعیرونی سواعدکم ساعه تصفقون بها خراطیمهم- فإنما هی غدوه أو روحه- حتى یحکم الله بیننا و بین القوم الظالمین- . من صفات الشجاع قولهم فلان مغامر و فلان غشمشم- أی لا یبصر ما بین یدیه فی الحرب- و ذلک لشده تقحمه و رکوبه المهلکه- و قله نظره فی العاقبه- و هذا هو معنى قوله ع لمحمد غض بصرک‏

 

ذکر خبر مقتل حمزه بن عبد المطلب

 
و کان حمزه بن عبد المطلب مغامرا غشمشما لا یبصر أمامه- قال جبیر بن مطعم بن عدی بن نوفل بن عبد مناف- لعبده وحشی یوم أحد- ویلک إن علیا قتل عمی طعیمه سید البطحاء یوم بدر- فإن قتلته الیوم فأنت حر- و إن قتلت محمدا فأنت حر و إن قتلت حمزه فأنت حر- فلا أحد یعدل عمی إلا هؤلاء- فقال أما محمد فإن أصحابه دونه و لن یسلموه- و لا أرانی أصل إلیه- و أما علی فرجل حذر مرس کثیر الالتفات فی الحرب- لا أستطیع قتله- و لکن سأقتل لک حمزه فإنه رجل لا یبصر أمامه فی الحرب- فوقف لحمزه حتى إذا حاذاه زرقه بالحربه- کما تزرق الحبشه بحرابها فقتله

 
محمد بن الحنفیه و نسبه و بعض أخباره

 
دفع أمیر المؤمنین ع یوم الجمل رایته إلى محمد ابنه ع- و قد استوت الصفوف- و قال له احمل فتوقف قلیلا- فقال له احمل فقال یا أمیر المؤمنین- أ ما ترى السهام کأنها شآبیب المطر- فدفع فی صدره فقال أدرکک عرق من أمک- ثم أخذ الرایه فهزها ثم قال-

 

 

اطعن بها طعن أبیک تحمد

لا خیر فی الحرب إذا لم توقد

بالمشرفی و القنا المسدد

 
ثم حمل و حمل الناس خلفه فطحن عسکر البصره قیل لمحمد لم یغرر بک أبوک فی الحرب- و لا یغرر بالحسن و الحسین ع- فقال إنهما عیناه و أنا یمینه فهو یدفع عن عینیه بیمینه کان علی ع یقذف بمحمد فی مهالک الحرب- و یکف حسنا و حسینا عنها- .

و من کلامه فی یوم صفین املکوا عنی هذین الفتیین- أخاف أن ینقطع بهما نسل رسول الله ص أم محمد رضی الله عنه خوله بنت جعفر بن قیس- بن مسلمه بن عبید بن ثعلبه بن یربوع بن ثعلبه بن الدؤل- بن حنیفه بن لجیم بن صعب بن علی بن بکر بن وائل- . و اختلف فی أمرها فقال قوم إنها سبیه من سبایا الرده- قوتل أهلها على ید خالد بن الولید فی أیام أبی بکر- لما منع کثیر من العرب الزکاه- و ارتدت بنو حنیفه و ادعت نبوه مسیلمه- و إن أبا بکر دفعها إلى علی ع من سهمه فی المغنم- . و قال قوم منهم أبو الحسن علی بن محمد بن سیف المدائنی- هی سبیه فی أیام رسول الله ص- قالوا بعث رسول الله ص علیا إلى الیمن- فأصاب خوله فی بنی زبید- و قد ارتدوا مع عمرو بن معدیکرب- و کانت زبید سبتها من بنی حنیفه فی غاره لهم علیهم- فصارت فی سهم علی ع- فقال له رسول الله ص إن ولدت منک غلاما فسمه باسمی و کنه بکنیتی  فولدت له بعد موت فاطمه ع محمدا فکناه أبا القاسم- . و قال قوم و هم المحققون و قولهم الأظهر- إن بنی أسد أغارت على بنی حنیفه فی خلافه أبی بکر الصدیق- فسبوا خوله بنت جعفر- و قدموا بها المدینه فباعوها من علی ع-

و بلغ قومها خبرها فقدموا المدینه على علی ع- فعرفوها و أخبروه بموضعها منهم- فأعتقها و مهرها و تزوجها- فولدت له محمدا فکناه أبا القاسم- . و هذا القول هو اختیار أحمد بن یحیى البلاذری- فی کتابه المعروف بتاریخ الأشراف- . لما تقاعس محمد یوم الجمل عن الحمله- و حمل علی ع بالرایه- فضعضع أرکان عسکر الجمل دفع إلیه الرایه- و قال امح الأولى بالأخرى و هذه الأنصار معک- . و ضم إلیه خزیمه بن ثابت ذا الشهادتین- فی جمع من الأنصار کثیر منهم من أهل بدر- فحمل حملات کثیره- أزال بها القوم عن مواقفهم و أبلى بلاء حسنا- فقال خزیمه بن ثابت لعلی ع- أما إنه لو کان غیر محمد الیوم لافتضح- و لئن کنت خفت علیه الحین- و هو بینک و بین حمزه و جعفر- لما خفناه علیه- و إن کنت أردت أن تعلمه الطعان- فطالما علمته الرجال- .

و قالت الأنصار یا أمیر المؤمنین- لو لا ما جعل الله تعالى للحسن و الحسین- لما قدمنا على محمد أحدا من العرب- فقال علی ع أین النجم من الشمس و القمر- أما إنه قد أغنى و أبلى و له فضله- و لا ینقص فضل صاحبیه علیه- و حسب صاحبکم ما انتهت به نعمه الله تعالى إلیه- فقالوا یا أمیر المؤمنین إنا و الله لا نجعله کالحسن و الحسین- و لا نظلمهما له و لا نظلمه لفضلهما علیه حقه- فقال علی ع أین یقع ابنی من ابنی بنت رسول الله ص – فقال خزیمه بن ثابت فیه-

محمد ما فی عودک الیوم وصمه
و لا کنت فی الحرب الضروس معردا

أبوک الذی لم یرکب الخیل مثله‏
علی و سماک النبی محمدا

فلو کان حقا من أبیک خلیفه
لکنت و لکن ذاک ما لا یرى بدا

و أنت بحمد الله أطول غالب
لسانا و أنداها بما ملکت یدا

و أقربها من کل خیر تریده‏
قریش و أوفاها بما قال موعدا

و أطعنهم صدر الکمی برمحه
و أکساهم للهام عضبا مهندا

سوى أخویک السیدین کلاهما
إمام الورى و الداعیان إلى الهدى‏

أبى الله أن یعطی عدوک مقعدا
من الأرض أو فی الأوج مرقى و مصعدا

بازدیدها: ۳۵

خطبه ۱۰ شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

۱۰ و من خطبه له ع

أَلَا وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ- وَ اسْتَجْلَبَ خَیْلَهُ وَ رَجِلَهُ- وَ إِنَّ مَعِی لَبَصِیرَتِی مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِی وَ لَا لُبِّسَ عَلَیَّ- وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ- لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ وَ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ یمکن أن یعنی بالشیطان الشیطان الحقیقی- و یمکن أن یعنی به معاویه- فإن عنى معاویه- فقوله قد جمع حزبه و استجلب خیله و رجله کلام- جار على حقائقه- و إن عنى به الشیطان کان ذلک من باب الاستعاره- و مأخوذا من قوله تعالى- وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِکَ- وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِکَ وَ رَجِلِکَ- و الرجل جمع راجل کالشرب جمع شارب- و الرکب جمع راکب- . قوله و إن معی لبصیرتی- یرید أن البصیره التی کانت معی فی زمن رسول الله ص- تتغیر- . و قوله ما لبست تقسیم جید- لأن کل ضال عن الهدایه فإما أن یضل من تلقاء نفسه- أو بإضلال غیره له- . و قوله لأفرطن من رواها بفتح الهمزه- فأصله فرط ثلاثی یقال فرط زید القوم أی سبقهم- و رجل فرط یسبق القوم إلى البئر- فیهیئ لهم الأرشیه و الدلاء- و منه قوله ع إنا فرطکم على الحوض- و یکون تقدیر الکلام و ایم الله لأفرطن لهم إلى حوض- فلما حذف الجار عدی الفعل بنفسه فنصب- کقوله تعالى وَ اخْتارَ مُوسى‏ قَوْمَهُ- و تکون اللام فی لهم إما لام التعدیه- کقوله و یؤمن للمؤمنین أی و یؤمن المؤمنین- أو تکون لام التعلیل أی لأجلهم- و من رواها لأفرطن بضم الهمزه- فهو من أفرط المزاده- أی ملأها- . و الماتح المستقی متح یمتح بالفتح- و المائح بالیاء الذی ینزل إلى البئر فیملأ الدلو- . و قیل لأبی علی رحمه الله ما الفرق بین الماتح و المائح- فقال هما کإعجامهما یعنی أن التاء بنقطتین من فوق- و کذلک الماتح لأنه المستقی فهو فوق البئر- و الیاء بنقطتین من تحت- و کذلک المائح- لأنه تحت فی الماء الذی فی البئر یملأ الدلاء- و معنى قوله أنا ماتحه أنا خبیر به- کما یقول من یدعی معرفه الدار أنا بانی هذه الدار- و الکلام استعاره- یقول لأملأن لهم حیاض الحرب التی هی دربتی و عادتی- أو لأسبقنهم إلى حیاض حرب أنا متدرب بها مجرب لها- إذا وردوها لا یصدرون عنها- یعنی قتلهم و إزهاق أنفسهم- و من فر منهم لا یعود إلیها- و من هذا اللفظ قول الشاعر-

مخضت بدلوه حتى تحسى
ذنوب الشر ملأى أو قرابا

بازدیدها: ۵۰