خطبه21شرح ابن میثم بحرانی

و من خطبة له عليه السّلام

أَلَا وَ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَرَ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ- لِيَعُودَ الْجَوْرُ إِلَى أَوْطَانِهِ وَ يَرْجِعَ الْبَاطِلُ إِلَى نِصَابِهِ- وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً- وَ لَا جَعَلُوا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ نَصِفاً وَ إِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ- فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِيبَهُمْ مِنْهُ- وَ لَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِي فَمَا التَّبِعَةُ إِلَّا عِنْدَهُمْ- وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ- يَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ وَ يُحْيُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ- يَا خَيْبَةَ الدَّاعِي مَنْ دَعَا وَ إِلَامَ أُجِيبَ- وَ إِنِّي لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ عِلْمِهِ فِيهِمْ- فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ السَّيْفِ- وَ كَفَى بِهِ شَافِياً مِنَ الْبَاطِلِ وَ نَاصِراً لِلْحَقِّ- وَ مِنَ الْعَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَيَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ- هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ- لَقَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ- وَ إِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّي وَ غَيْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِينِي‏

 

أقول: أكثر هذا الفصل من الخطبة الّتي ذكرنا أنّه عليه السّلام خطبها حين بلغه أنّ طلحة و الزبير خلعا بيعته، و فيه زيادة و نقصان، و قد أورد السيّد بعضه فيما قبل و إن كان قد نبّه في خطبته على سبب التكرار و الاختلاف بالزيادة و النقصان، و نحن نورد الخطبة بتمامها ليتّضح المقصود و هي بعد حمد اللّه و الثناء عليه و الصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أيّها الناس إنّ اللّه افترض الجهاد فعظّمه و جعله نصرته و ناصره و اللّه ما صلحت دنيا و لا دين إلّا به، و قد جمع الشيطان حزبه و استجلب خيله و من أطاعه ليعود له دينه و سنّته و خدعه و قد رأيت امورا قد تمحّضت، و اللّه ما أنكروا عليّ منكرا و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا، و إنّهم ليطلبون حقّا تركوه و دما سفكوه فإن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه، و إن كانوا ولّوه دوني فما الطلبة إلّا قبلهم، و إنّ أوّل عدلهم لعلى أنفسهم، و لا أعتذر ممّا فعلته و لا أتبرء ممّا صنعت، و إنّ معي لبصيرتي ما لبست و لا لبّس عليّ و إنّها للفئة الباغية، فيها الحمّ و الحمة طالت جلبتها و انكفت جونتها ليعودنّ الباطل في نصابه يا خيبة الداعي من دعا لو قيل ما أنكر في ذلك، و ما أمامه و فيمن سنّته، و اللّه إذن لزاح الباطل عن نصابه و أنقطع لسانه، و ما أظنّ الطريق له فيه واضح حيث نهج، و اللّه ما تاب من قتلوه قبل موته و لا تنصّل من خطيئته و ما اعتذر إليهم فعذّروه و لا دعا فنصروه، و أيّم اللّه لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه لا يصدرون عنه برىّ و لا يعبّون حسوة أبدا، و إنّها لطيّبة نفسي بحجّة اللّه عليهم و علمه فيهم، و إنّي داعيهم فمعذّر إليهم فإن تابوا و قبلوا و أجابوا و أنابوا فالتوبة مبذولة و الحقّ مقبول و ليس عليّ كفيل، و إن أبوا أعطيتهم حدّ السيف و كفى به شافيا من باطل و ناصر المؤمن و مع كلّ صحيفة شاهدها و كاتبها و اللّه إنّ الزبير و طلحة و عائشة ليعلمون أنّي على الحقّ و هم مبطلون.

اللغة

ذمر مخفّفا و مشدّدا أي حثّ، و الجلب الجماعة من الناس و غيرهم تجمع و تؤلّف، و تمحضّت تحرّكت، و النصف بكسر النون و سكون الصاد النصفة و هي الاسم من الإنصاف، و التبعة ما يلحق الإنسان من درك، و الحمّ بفتح الحاء و تشديد الميم بقيّة الإليّة الّتي اذيبت و اخذ دهنها، و الحمة السواد و هما استعارتان لأرذال الناس و عوامهم، و الجبلة الأصوات، و جونتها بالضمّ سوادها، و انكفت و استكفت أي استدارت، و زاح و انزاح تنحى، و النصاب الأصل، و تنصلّ من الذنب تبرّأ منه، و العب‏ الشرب من غير مصّ، و الحسوة بضم الحاء قدر ما يحسى مرّة، و الجلاد المضاربة بالسيف، و الهبول الثكلى، و الهبل الثكل.

المعنى

و اعلم أنّه عليه السّلام نبّه أوّلا على فضل الجهاد لأنّ غرضه استنفارهم لقتال أهل البصرة فأشار أوّلا إلى وجوبه من اللّه تعالى و الكتاب العزيز مشحون بذلك كقوله تعالى «وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ»«» و نحوه، ثمّ أردفه بذكر تفضيل اللّه تعالى له و ذلك كقوله تعالى «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى‏ وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً»«» ثمّ يذكر أنّ اللّه جعله نصرة له و ناصرا و ذلك كقوله تعالى «إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ» و المراد نصرة دين اللّه و عباده الصالحين إذ هو الغنيّ المطلق الّذي لا حاجة به إلى معين و ظهير، ثمّ بالقسم الصادق أنّه ما صلحت دنيا و لا دين إلّا به أمّا صلاح الدنيا به فلأنّه لولا الجهاد في سبيل اللّه و مقاومة أهل الغلبة لخربت الأرض و البلاد كما قال اللّه تعالى «وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ»«» و أمّا صلاح الدين فظاهر أنّه إنّما يكون بمجاهدة أعداء دين اللّه الساعين في هدم قواعده، فأمّا قوله و قد ذمر الشيطان حزبه و استجلب جلبه و من أطاعه. فقد سبق بيانه، و قوله ليعود له دينه و سنّته و خدعه فظاهر أنّ غاية سعي الشيطان من وسوسته تمكّنه من الخداع و عود المذاهب الباطلة الّتي كانت قبل الرسول صلى اللّه عليه و آله دينه و طريقته، و كلّ ذلك تنفير للسامعين عمّا له من خالقه و جذب لهم إلى الحرب.

قوله و قد رأيت امورا قد تمحضت. إشارة إلى تعيين ما يستنفرهم إليه، و تلك الامور هي ما يحسّ به من مخالفة القوم و اهبّتهم لقتاله. قوله و اللّه ما أنكروا عليّ منكرا و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا و إنّهم إلى قوله سفكوه. إشارة إلى إنكار ما إدّعوه منكرا و نسبوه إليه من قتل عثمان و السكوت عن النكير على قاتليه فأنكر أوّلا إنكارهم عليه تخلّفه عن عثمان الّذي زعموا أنّه منكر، و لمّا لم يكن منكرا كما ستعلم ذلك كان الإنكار عليه هو المنكر، و أشار بقوله و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا إلى أنّهم لو وضعوا العدل بينهم و بينه لظهر أنّ دعواهم باطلة، و قوله و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه و دما هم سفكوه. إشارة إلى طلبهم لدم عثمان مع كونهم شركاء فيه. روى أبو جعفر الطبريّ في تاريخه أنّ عليا عليه السّلام كان في ماله بخير لمّا أراد الناس حصر عثمان فقدم المدينة و الناس مجتمعون على طلحة في داره فبعث عثمان إليه يشكو أمر طلحة فقال عليه السّلام: أنا أكفيكه فانطلق إلى دار طلحة و هي مملوّة بالناس فقال له: يا طلحة ما هذا الأمر الّذي صنعت بعثمان فقال طلحة: يا أبا الحسن بعد ما مسّ الحزام طبيين فانصرف عليّ عليه السّلام إلى بيت المال فأمر بفتحه فلم يجدوا المفتاح فكسّر الباب و فرّق ما فيه على الناس فانصرفوا من عند طلحة حتّى بقى وحده فسرّ عثمان بذلك، و جاء طلحة إلى عثمان فقال له: يا أمير المؤمنين إنّي أردت أمرا فحال اللّه بيني و بينه و قد جئتك تائبا فقال: و اللّه ما جئت تائبا و لكن جئت مغلوبا اللّه حسيبك يا طلحة، و روى أبو جعفر أيضا أنّه كان لعثمان على طلحة بن عبد اللّه خمسون ألفا فقال له يوما قد تهيّى‏ء مالك فاقبضه فقال هو لك معونة على مرّوتك فلمّا حصر عثمان قال عليّ عليه السّلام بطلحة أنشدك اللّه إلّا كففت عن عثمان فقال لا و اللّه حتّى تعطى بني اميّة الحقّ من أنفسها فكان عليّ عليه السّلام يقول بعد ذلك ألحا اللّه ابن الصعبة أعطاه عثمان ما أعطاه و فعل به ما فعل، و روى أنّ الزبير لمّا برز لعليّ عليه السّلام يوم الجمل قال له: ما حملك يا عبد اللّه على ما صنعت قال: أطلب بدم عثمان فقال له: أنت و طلحة و ليّتماه و إنّما توبتك من ذلك أن تقدّم نفسك و تسلّمها إلى ورثته، و بالجملة فدخولهم في قتل عثمان ظاهر و هذه مقدّمة من الحجّة عليهم.

و قوله فلئن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه و لئن كانوا ولّوه دوني فما التبعة إلّا عندهم. تمام للحجّة و تقريرها أنّهم دخلوا في دم عثمان و كلّ من دخل فيه فإمّا بالشركة أو بالاستقلال و على التقديرين فليس لهم أن يطلبوا بدمه، و أشار إلى القسم الأوّل بقوله فإن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه أي على تقدير كونهم شركائي في ذلك فعليهم أن يبدئوا بتسليمهم أنفسهم إلى أوليائه، و أشار إلى الثاني بقوله و إن كانوا ولّوه دوني فما الطلبة إلّا قبلهم، و قوله و إنّ أوّل عدلهم لعلى أنفسهم زيادة تقرير للحجّة أي أنّ العدل الّذي يزعمون أنّهم يقيمونه في الدم المطلوب ينبغي أن يصنعوه أوّلا على أنفسهم،

و قوله و لا أعتذر ممّا فعلت‏ و لا أبرء ممّا صنعت أي أنّ الاعتزال الّذي فعلته في وقت قتل عثمان لم يكن على وجه تقصير في الدين يوجب الاعتذار و التبرّء منه فاعتذروا تبرّء كما سنبيّن وجه ذلك إنشاء اللّه قوله و إنّ معي لبصيرتي ما لبست و لا لبّس عليّ. تقدّم بيانه،

و قوله و إنّها للفئة الباغية فيها الحمّ و الحمة. استعار هاتين اللفظتين لاسقاط الناس و أرذا لهم الّذين جمعوا لقتاله، و وجه الاستعارة مشابهتهم فحم الإلية و ما اسوّد منها في قلّة المنفعة و الخير، و قوله طالت جلبتها أي ارتفعت أصواتها، و هي كناية عمّا ظهر من القوم من تهديدهم و توعيدهم بالقتال،

و قوله و انكفت جونتها أي استدار سوادها و اجتمع و هو كناية أيضا عن مجمع جماعتهم لما يقصدون، و قوله يرتضعون أمّا قد فطمت استعار لفظ الامّ لنفسه عليه السّلام أو للخلافة فبيت المال لبنها، و المسلمون أولادها المرتضعون، و كنّى بارتضاعهم لها و قد فطمت عن التماسهم منه عليه السّلام من الصلات و التفصيلات مثل ما كان عثمان يصلهم به و يفضل بعضهم على بعض و منعه لهم من ذلك،

و قوله و يحيون بدعة قد اميتت إشارة إلى ذلك التفضيل فإنّه كان بخلاف سنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سنّة الشيخين و البدعة مقابلة للسنّة، و إماتتها تركه عليه السّلام في ولايته و قوله ليعودنّ الباطل في نصابه توعّد لهم بعود ما كانوا عليه من الباطل في الجاهليّة و استنفار للسامعين إلى القتال،

و قوله يا خيبة الداعي من دعا خرج مخرج التعجّب من عظم خيبة الدعاة إلى قتاله و من دعا، و إلى ما اجيب استفهام على سبيل الاستحقار للمدعوّين لقتاله و الناصرين إذ كانوا عوامّ الناس و رعاعهم و للمدعوّ إليه و هو الباطل الّذي دعوا لنصرته،

و قوله لو قيل ما أنكر في ذلك و ما إمامه و فيمن سنّته و اللّه إذن لزاح الباطل عن نصابه و انقطع لسانه متّصلة معناها لو سأل سائل مجادلا لهؤلاء الدعاة إلى الباطل عمّا أنكروه من أمري و عن إمامهم‏ الّذي به يقتدون و فيمن سنّتهم الّتي إليها يرجعون لشهد لسان حالهم فأنّي أنا إمامهم و فيّ سنّتهم فانزاح باطلهم الّذي أتوابه و انقطع لسانه، و استعمال لفظ اللسان هاهنا حقيقة على تقدير حذف المضاف أي انقطع لسان صاحبه عن الجواب به و تكون الاستعارة في لفظ الانقطاع للسكوت، أو مجاز في العبارة عن الباطل و التكلّم به أي انقطع الجواب الباطل،

و قوله و ما أظنّ الطريق له فيه واضح حيث نهج الجملة عطف على قوله و انقطع لسانه، و واضح مبتدأ و فيه خبره و الجملة في موضع النصب مفعول ثان لأظنّ أي و ما أظنّ لو سأل السائل عن ذلك أنّ الطريق الّذي يرتكبه المجيب له فيه مجال بيّن و مسلك واضح حيث سلك بل كيف توجّه في الجواب انقطع،

و قوله و اللّه ما طاب من قتلوه إلى قوله فنصروه. إشارة إلى عثمان و ذمّ لهم من جهة طلبهم بدم من اعتذر إليهم قبل موته فلم يغدروه، و دعاهم إلى نصرته في حصاره فلم ينصروه مع تمكّنهم من ذلك، و قوله و ايم اللّه لأفرطنّ لهم حاضا أنا ماتحه ثمّ لا يصدرون عنه بري‏ء. قد تقدّم تفسيره، و قوله و لا يعبّون حسوة أبدا كناية عن عدم تمكينه لهم من هذا الأمر أو شي‏ء منه كما تقول لخصمك في شي‏ء و اللّه لا تذوق منه و لا تشرب منه جرعة، و قوله أنّها لطيّبة نفسي بحجّة اللّه عليهم و علمه فيهم. نفسي منصوب بدلا من الضمير المتّصل بأن أو بإضمار فعل تفسيرا له، و حجّة اللّه إشارة إلى أوامر اللّه الصادرة بقتال الفئة الباغية كقوله تعالى «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏»«» و كذلك كلّ أمر للّه أو نهي عصى فيه فهو حجّة للحقّ و كلّ حجّة للحقّ فهي حجّة للّه أي أنّي راض بقيام حجّة اللّه عليهم و علم بما يصنعون، و أيّ رضى للعاقل أتمّ و طيبة نفس أعظم من كونه لازما للحقّ و كون خصمه على الباطل خارجا من طاعة اللّه و هو القائم على كلّ نفس بما كسبت، و قوله و إنّي داعيهم فمعذّر إلى قوله و ناصر المؤمن واضح بيّن،

و قوله و ليس علىّ كفيل أي لا أحتاج فيما أبذله لهم من الصفح و الأمان على تقدير إنابتهم إلى ضامن، و شافيا و ناصرا منصوبان على التمييز،

و قوله و مع كلّ صحيفة شاهدها و كاتبها الواو للحال أي أنّهم إن لم يرجعوا اعطيتهم حدّ السيف، و الملائكة الكرام الكاتبون الّذين يعلمون ما نفعل يكتب كلّ منهم أعمال من وكلّ به في صحيفة و يشهد بها في محفل القيامة، و قوله و من العجب بعثتهم إلىّ أن أبرز للطعان و أن أصبر للجلاد تعجّب من تهدّدهم له بذلك مع علمهم بحاله في الشجاعة و الحرب و الصبر على المكاره، و هو محلّ الاستهزاء و التعجّب منهم، و قوله هبلتهم الهبول أي ثكلتهم الثواكل، و هي من الكلمات الّتي تدعو بها العرب، و قوله لقد كنت و ما أهدّد بالحرب و لا أرهب بالضرب أي من حيث أنا كنت كذلك،

و قوله و إنّي لعلى يقين من ربّي و في غير شبهة من أمري تأكيد لقوّته على الحرب و إقدامه على الجلاد و جذب لقلوب السامعين إلى الثقة بأنّهم‏ على بيّنة من اللّه و بصيرة في متابعته على القتال و الحرب فإنّ الموقن بأنّه على الحقّ ناصر للّه ذابّ عن دينه عار عن غبار الشبه الباطلة في وجه يقينه يكون أشدّ صبرا و أقوى جلدا و أثبت في المكاره ممّن لا يكون كذلك فيقدم على القتال بشبهة عظّت على عين بصيرته أو هوى لزخرف الدنيا و باطلها قاده إلى ذلك، و باللّه التوفيق

هذا آخر الجلد الأوّل و يتلوه أوّل الجلد الثاني من هذا الكتاب‏

شرح‏ نهج ‏البلاغة(ابن ‏ميثم بحرانی)، ج 1 ، صفحه‏ى 333

 

 

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.