خطبه113 شرح ابن میثم بحرانی

و من خطبة له عليه السّلام

القسم الأول

أَرْسَلَهُ دَاعِياً إِلَى الْحَقِّ- وَ شَاهِداً عَلَى الْخَلْقِ- فَبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّهِ- غَيْرَ وَانٍ وَ لَا مُقَصِّرٍ- وَ جَاهَدَ فِي اللَّهِ أَعْدَاءَهُ- غَيْرَ وَاهِنٍ وَ لَا مُعَذِّرٍ- إِمَامُ مَنِ اتَّقَى وَ بَصَرُ مَنِ اهْتَدَى

اللغة

أقول: الواهن: الضعيف. و المعذّر بالتشديد: المقصّر.

المعنى

و اعلم أنّ الأوصاف الّتى ذكرها للنبىّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ظاهرة، و قد سبقت الإشارة إليها غير مرّة فأمّا كونه إمام من اتّقى فلاستناد أهل التقوى إليه في كيفيّة سلوك سبيل اللّه الّتى هى التقوى، و قد استعار لفظ البصر له. و وجه المشابهة كونه سببا لاهتداء الخلق إلى سبيل الرشاد كما يهتدى صاحب البصيرة في طريقه المحسوس. و باللّه التوفيق.

القسم الثاني مِنْهَا
وَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِمَّا طُوِيَ عَنْكُمْ غَيْبُهُ- إِذاً لَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ- تَبْكُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ- وَ تَلْتَدِمُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ- وَ لَتَرَكْتُمْ‏ أَمْوَالَكُمْ لَا حَارِسَ لَهَا- وَ لَا خَالِفَ عَلَيْهَا- وَ لَهَمَّتْ كُلَّ امْرِئٍ نَفْسُهُ- لَا يَلْتَفِتُ إِلَى غَيْرِهَا- وَ لَكِنَّكُمْ نَسِيتُمْ مَا ذُكِّرْتُمْ- وَ أَمِنْتُمْ مَا حُذِّرْتُمْ- فَتَاهَ عَنْكُمْ رَأْيُكُمْ- وَ تَشَتَّتَ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ- وَ لَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ فَرَّقَ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ- وَ أَلْحَقَنِي بِمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِي مِنْكُمْ- قَوْمٌ وَ اللَّهِ مَيَامِينُ الرَّأْيِ- مَرَاجِيحُ الْحِلْمِ- مَقَاوِيلُ بِالْحَقِّ- مَتَارِيكُ لِلْبَغْيِ- مَضَوْا قُدُماً عَلَى الطَّرِيقَةِ- وَ أَوْجَفُوا عَلَى الْمَحَجَّةِ- فَظَفِرُوا بِالْعُقْبَى الدَّائِمَةِ- وَ الْكَرَامَةِ الْبَارِدَةِ- أَمَا وَ اللَّهِ لَيُسَلَّطَنَّ عَلَيْكُمْ- غُلَامُ ثَقِيفٍ الذَّيَّالُ الْمَيَّالُ- يَأْكُلُ خَضِرَتَكُمْ- وَ يُذِيبُ شَحْمَتَكُمْ- إِيهٍ أَبَا وَذَحَةَ

قال الشريف: أقول: الوذحة: الخنفساء، و هذا القول يرمى‏ء به إلى الحجاج، و له مع الوذحة حديث ليس هذا موضوع ذكره.

 

اللغة

أقول: الصعدات: جمع الصعد، و هو جمع صعيد و هو وجه الأرض. و اللدم و الالتدام: ضرب الوجه و نحوه. و رأى ميمون: مبارك. و قدما بضمّ القاف و الدال: أى تقدّموا و لم ينثنوا. و الوجيف: ضرب من السير فيه قوّة. و الوذحة: كما قيل- كنية للخنفساء. و لم ينقل ذلك في المشهور من كتب اللغة و إنّما المشهور أنّها القطعة من بعر الشاة تنعقد على أصواف أذنابها و تتعلّق بها.

المعنى

و هذا الفصل من خطبة له بالكوفة يستنهض فيها أصحابه إلى حرب الشام، و يتبرّم من تقاعدهم عن صوته. فنبّههم أوّلا على جهلهم بما سيقع من الفتن في الإسلام ممّا غاب عنهم علمه- و علمه هو من اللّه و رسوله- بحيث لو تصوّروا ما علمه منها لاحتال كلّ منهم في الخلاص لنفسه، و لهاموا على وجه الأرض باكين من تقصيرهم في أعمالهم‏ على وفق أوامره الّتى بها يكون نظام العالم إلى الأبد، و الأمن من تلك الفتن لو فعلوها. و لكنّهم نسوا ما ذكّروا به من آيات اللّه و أمنوا التحذير فضلّت عنهم آراؤهم الصالحة الّتى يكون بها نظام امورهم فاستعقب ذلك تشتّت امورهم و غلبة العدوّ على بلادهم، و قيل: أراد بما طوى عنهم غيبه و علمه هو ما يلقى المقصّرون من أهوال الآخرة. و الأوّل أنسب لسياق الكلام. ثمّ عقّب ذلك بالتبرّم منهم و طلب فراقهم و اللحاق بإخوانه من أولياء اللّه مباركى الآراء، ثقال الحلوم لا يستخفنّهم جهل الجهّال، ملازمى الصدق و نصيحة الدين من شأنهم ترك البغى على أنفسهم و غيرهم، مضوا على الطريقة الحميدة، سالكين لمحجّة اللّه غير ملتفتين عنها فوصلوا إلى الثواب الدائم و النعيم المقيم. و قرينة الظفر تخصّص العقبى بالثواب. و العرب تصف النعمة و الكرامة بالبرد. ثمّ بيّن لهم بعض ما سيلحقهم من الفتن العظيمة ممّا طوى عنهم غيبه و هي فتنة الحجّاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن ملك بن كعب بن الأخلاف- قوم من ثقيف- و كان ضعيف العين، دقيق الصوت، ذيّالا: أى طويل الذيل يصحبه تبخترا، ميّالا: أى يكثر التمايل كبرا، و أخبر أنّه يأكل خضرتهم، و كنّى بها عمّا هم عليه من الابّهة و سلامة النفوس و الأموال و حسن الأحوال و بأكله لها عن إزالة تلك و تغييرها إلى أضدادها، و لفظ الأكل مستعار لذلك، و وجه الاستعارة ظاهر، و كذلك استعار الشحمة لثرائهم و قوّتهم و وصف الإذابة لإفناء ذلك بالقتل و الإهانة، و مصداق ذلك المشهور من فعله بأهل العراق كما سبق بيانه في ذكر الكوفة. ثمّ قال: إيه أبا وذحة. و كلمة إيه اسم من أسماء فعل الأمر يستدعى بها الحديث المعهود من الغير- إن سكنت- و إن نوّنت كانت لاستدعاء قول أو فعل ما، و قيل: التسكين للوقف و التنوين للدرج فأمّا تلقيبه عليه السّلام له بأبى وذحة فروى في سبب ذلك أنّه كان يوما يصلّى على سجّادة له فدبّت إليه خنفساء. فقال: نحوّها عنّى فإنّها وذحة من وذح الشيطان. و روى أنّه قال: قاتل اللّه قوما يزعمون أنّ هذه من خلق اللّه. فقيل له: ممّا هى فقال: من وذح إبليس، و كأنّه شبّهها بالوذحة المتعلّقة بذنب الشاة في حجمها أو شكلها فاستعار لها لفظها و نسبته لها إلى إبليس لاستقذاره إيّاه و استكراهه لصورتها أو لأنّها تشوّشه في الصلاة، و روى أبو علىّ بن مسكويه: أنّه نحّاها بقصبته و قال: لعنك اللّه وذحة من وذح الشيطان، و نقل بعض الشارحين و دجة بالدال و الجيم، و كنّى بذلك عن كونه سفّاكا للدماء قطّاعا للأوداج، و فيه بعد.

شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحه‏ى 107

 

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.