خطبه 116 شرح ابن میثم بحرانی

و من كلام له عليه السّلام

و قد جمع الناس و حضهم على الجهاد فسكتوا مليا فقال عليه السّلام: أ مخرسون أنتم فقال قوم منهم: يا أمير المؤمنين، إن سرت سرنا معك، فقال عليه السّلام مَا بَالُكُمْ لَا سُدِّدْتُمْ لِرُشْدٍ وَ لَا هُدِيتُمْ لِقَصْدٍ- أَ فِي مِثْلِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ‏ أَخْرُجَ- وَ إِنَّمَا يَخْرُجُ فِي مِثْلِ هَذَا رَجُلٌ- مِمَّنْ أَرْضَاهُ مِنْ شُجْعَانِكُمْ- وَ ذَوِي بَأْسِكُمْ- وَ لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَدَعَ الْجُنْدَ وَ الْمِصْرَ- وَ بَيْتَ الْمَالِ وَ جِبَايَةَ الْأَرْضِ- وَ الْقَضَاءَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ- وَ النَّظَرَ فِي حُقُوقِ الْمُطَالِبِينَ- ثُمَّ أَخْرُجَ فِي كَتِيبَةٍ أَتْبَعُ أُخْرَى- أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ فِي الْجَفِيرِ الْفَارِغِ- وَ إِنَّمَا أَنَا قُطْبُ الرَّحَى تَدُورُ عَلَيَّ وَ أَنَا بِمَكَانِي- فَإِذَا فَارَقْتُهُ اسْتَحَارَ مَدَارُهَا- وَ اضْطَرَبَ ثِفَالُهَا- هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ الرَّأْيُ السُّوءُ- وَ اللَّهِ لَوْ لَا رَجَائِي الشَّهَادَةَ عِنْدَ لِقَائِي الْعَدُوَّ- وَ لَوْ قَدْ حُمَّ لِي لِقَاؤُهُ- لَقَرَّبْتُ رِكَابِي- ثُمَّ شَخَصْتُ عَنْكُمْ فَلَا أَطْلُبُكُمْ- مَا اخْتَلَفَ جَنُوبٌ وَ شَمَالٌ- إِنَّهُ لَا غَنَاءَ فِي كَثْرَةِ عَدَدِكُمْ- مَعَ قِلَّةِ اجْتِمَاعِ قُلُوبِكُمْ- لَقَدْ حَمَلْتُكُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ- الَّتِي لَا يَهْلِكُ عَلَيْهَا إِلَّا هَالِكٌ- مَنِ اسْتَقَامَ فَإِلَى الْجَنَّةِ وَ مَنْ زَلَّ فَإِلَى النَّارِ

اللغة

أقول: الكتيبة: الجيش. و القدح: السهم قبل أن يراش. و الجفير: كالكنانة أوسع منها. و ثقال الرحى: الجلد الّذي يوضع عليه ليسقط عليه الدقيق. و حمّ الأمر: قدر.

و مدار هذا الفصل على الدعاء عليهم

مصدّرا بالاستفهام عن حالهم القبيحة الّتى هم عليها من مخالفته على سبيل الإنكار عليهم. ثمّ عمّا أشاروا به من خروجه بنفسه إلى الحرب منكرا لذلك أيضا. ثمّ على الإشارة إلى من ينبغي أن يخرج عوضا له. ثمّ بيّن وجه المفسدة في خروجه بنفسه و هو تركه للمصالح الّتى عدّدها ممّا يقوم به أمر الدولة و نظام العالم. و قبح ذلك ظاهر.

و شبّه خروجه معهم بالقدح في الجفير. و وجه الشبه أنّه كان قد نفذ الجيش قبل ذلك و أراد أن يجهز من بقى من الناس في كتيبة اخرى فشبّه نفسه في خروجه في تلك الكتيبة وحده مع تقدّم أكابر جماعته و شجعانها بالقدح في الجفير الفارغ في كونه يتقلقل. و في العرف أن يقال للشريف إذا مشى في حاجة ينوب فيها من هو دونه، و ترك المهامّ الّتى لا تقوم إلّا به: ترك المهمّ الفلانىّ و مشى يتقلقل على كذا. ثمّ استعار لنفسه لفظ القطب ملاحظة لدوران الإسلام و مصالحه عليه كما تدور الرحى على قطبها و ذلك هو وجه الاستعارة، و استلزم ذلك تشبيهه الإسلام و أهله بالرحى، و أنّه إذا أهملها بخروجه إلى الحرب اضطربت كاضطراب الرحى و خروج مدارها و استحارته عن الحركة المستديرة إلى المستقيمة، و لمّا بيّن وجه المفسدة في رأيهم حكم بردائته، و أكّد ذلك بالقسم البارّ. ثمّ أقسم أنّه لو لا رجائه لقاء اللّه بالشهادة في لقاء العدوّ لو قدّر له ذلك لفارقهم غير متأسّف عليهم و لا طالب للعود إليهم أبدا تبرّما من سوء صنيعهم و كثرة مخالفتهم لأوامره. و باللّه التوفيق.

شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحه‏ى 111

 

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.