نامه ۲۸ صبحی صالح
۲۸- و من کتاب له ( علیه السلام ) إلى معاویه جوابا قال الشریف و هو من محاسن الکتب
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی کِتَابُکَ تَذْکُرُ فِیهِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ مُحَمَّداً ( صلى الله علیه وآله )لِدِینِهِ وَ تَأْیِیدَهُ إِیَّاهُ لِمَنْ أَیَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ
فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْکَ عَجَباً إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا وَ نِعْمَتِهِ عَلَیْنَا فِی نَبِیِّنَا فَکُنْتَ فِی ذَلِکَ کَنَاقِلِ التَّمْرِ إِلَى هَجَرَ أَوْ دَاعِی مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ
وَ زَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِی الْإِسْلَامِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَذَکَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَکَ کُلُّهُ وَ إِنْ نَقَصَ لَمْ یَلْحَقْکَ ثَلْمُهُ وَ مَا أَنْتَ وَ الْفَاضِلَ وَ الْمَفْضُولَ وَ السَّائِسَ وَ الْمَسُوسَ
وَ مَا لِلطُّلَقَاءِ وَ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ التَّمْیِیزَ بَیْنَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ وَ تَرْتِیبَ دَرَجَاتِهِمْ وَ تَعْرِیفَ طَبَقَاتِهِمْ هَیْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَیْسَ مِنْهَا وَ طَفِقَ یَحْکُمُ فِیهَا مَنْ عَلَیْهِ الْحُکْمُ لَهَا
أَ لَا تَرْبَعُ أَیُّهَا الْإِنْسَانُ عَلَى ظَلْعِکَ وَ تَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِکَ وَ تَتَأَخَّرُ حَیْثُ أَخَّرَکَ الْقَدَرُ فَمَا عَلَیْکَ غَلَبَهُ الْمَغْلُوبِ وَ لَا ظَفَرُ الظَّافِرِ وَ إِنَّکَ لَذَهَّابٌ فِی التِّیهِ رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ
أَ لَا تَرَى غَیْرَ مُخْبِرٍ لَکَ وَ لَکِنْ بِنِعْمَهِ اللَّهِ أُحَدِّثُ أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ لِکُلٍّ فَضْلٌ
حَتَّى إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهِیدُنَا قِیلَ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ خَصَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلىاللهعلیهوآله )بِسَبْعِینَ تَکْبِیرَهً عِنْدَ صَلَاتِهِ عَلَیْهِ
أَ وَ لَا تَرَى أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَیْدِیهِمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لِکُلٍّ فَضْلٌ حَتَّى إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا مَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ قِیلَ الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّهِ وَ ذُو الْجَنَاحَیْنِ
وَ لَوْ لَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْکِیَهِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ لَذَکَرَ ذَاکِرٌ فَضَائِلَ جَمَّهً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِینَ فَدَعْ عَنْکَ مَنْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِیَّهُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا
لَمْ یَمْنَعْنَا قَدِیمُ عِزِّنَا وَ لَا عَادِیُّ طَوْلِنَا عَلَى قَوْمِکَ أَنْ خَلَطْنَاکُمْ بِأَنْفُسِنَا فَنَکَحْنَا وَ أَنْکَحْنَا فِعْلَ الْأَکْفَاءِ وَ لَسْتُمْ هُنَاکَ وَ أَنَّى یَکُونُ ذَلِکَ
وَ مِنَّا النَّبِیُّ وَ مِنْکُمُ الْمُکَذِّبُ وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ مِنْکُمْ أَسَدُ الْأَحْلَافِ وَ مِنَّا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّهِ وَ مِنْکُمْ صِبْیَهُ النَّارِ وَ مِنَّا خَیْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ مِنْکُمْ حَمَّالَهُ الْحَطَبِ فِی کَثِیرٍ مِمَّا لَنَا وَ عَلَیْکُمْ
فَإِسْلَامُنَا قَدْ سُمِعَ وَ جَاهِلِیَّتُنَا لَا تُدْفَعُ وَ کِتَابُ اللَّهِ یَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا وَ هُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللَّهِ
وَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَفَنَحْنُ مَرَّهً أَوْلَى بِالْقَرَابَهِ وَ تَارَهً أَوْلَى بِالطَّاعَهِ
وَ لَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الْأَنْصَارِ یَوْمَ السَّقِیفَهِ بِرَسُولِ اللَّهِ ( صلىاللهعلیهوآله )فَلَجُوا عَلَیْهِمْ فَإِنْ یَکُنِ الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَکُمْ وَ إِنْ یَکُنْ بِغَیْرِهِ فَالْأَنْصَارُ عَلَى دَعْوَاهُمْ
وَ زَعَمْتَ أَنِّی لِکُلِّ الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ وَ عَلَى کُلِّهِمْ بَغَیْتُ فَإِنْ یَکُنْ ذَلِکَ کَذَلِکَ فَلَیْسَتِ الْجِنَایَهُ عَلَیْکَ فَیَکُونَ الْعُذْرُ إِلَیْکَوَ تِلْکَ شَکَاهٌ ظَاهِرٌ عَنْکَ عَارُهَا
وَ قُلْتَ إِنِّی کُنْتُ أُقَادُ کَمَا یُقَادُ الْجَمَلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّى أُبَایِعَ
وَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ وَ أَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ
وَ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَهٍ فِی أَنْ یَکُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ یَکُنْ شَاکّاً فِی دِینِهِ وَ لَا مُرْتَاباً بِیَقِینِهِ وَ هَذِهِ حُجَّتِی إِلَى غَیْرِکَ قَصْدُهَا وَ لَکِنِّی أَطْلَقْتُ لَکَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِکْرِهَا
ثُمَّ ذَکَرْتَ مَا کَانَ مِنْ أَمْرِی وَ أَمْرِ عُثْمَانَ فَلَکَ أَنْ تُجَابَ عَنْ هَذِهِ لِرَحِمِکَ مِنْهُ فَأَیُّنَا کَانَ أَعْدَى لَهُ وَ أَهْدَى إِلَى مَقَاتِلِهِ أَ مَنْ بَذَلَ لَهُ نُصْرَتَهُ فَاسْتَقْعَدَهُ وَ اسْتَکَفَّهُ أَمْ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ فَتَرَاخَى عَنْهُ وَ بَثَّ الْمَنُونَ إِلَیْهِ حَتَّى أَتَى قَدَرُهُ عَلَیْهِ
کَلَّا وَ اللَّهِ لَ قَدْ یَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِینَ مِنْکُمْ وَ الْقائِلِینَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَیْنا وَ لا یَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِیلًا.
وَ مَا کُنْتُ لِأَعْتَذِرَ مِنْ أَنِّی کُنْتُ أَنْقِمُ عَلَیْهِ أَحْدَاثاً فَإِنْ کَانَ الذَّنْبُ إِلَیْهِ إِرْشَادِی وَ هِدَایَتِی لَهُ فَرُبَّ مَلُومٍ لَا ذَنْبَ لَهُ وَ قَدْ یَسْتَفِیدُ الظِّنَّهَ الْمُتَنَصِّحُ
وَ مَا أَرَدْتُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَکَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ
وَ ذَکَرْتَ أَنَّهُ لَیْسَ لِی وَ لِأَصْحَابِی عِنْدَکَ إِلَّا السَّیْفُ فَلَقَدْ أَضْحَکْتَ
بَعْدَ اسْتِعْبَارٍ مَتَى أَلْفَیْتَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الْأَعْدَاءِ نَاکِلِینَ وَ بِالسَّیْفِ مُخَوَّفِینَ فَلَبِّثْ قَلِیلًا یَلْحَقِ الْهَیْجَا حَمَلْ
فَسَیَطْلُبُکَ مَنْ تَطْلُبُ وَ یَقْرُبُ مِنْکَ مَا تَسْتَبْعِدُ
وَ أَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَکَ فِی جَحْفَلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ التَّابِعِینَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ شَدِیدٍ زِحَامُهُمْ سَاطِعٍ قَتَامُهُمْ مُتَسَرْبِلِینَ سَرَابِیلَ الْمَوْتِ أَحَبُّ اللِّقَاءِ إِلَیْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ
وَ قَدْ صَحِبَتْهُمْ ذُرِّیَّهٌ بَدْرِیَّهٌ وَ سُیُوفٌ هَاشِمِیَّهٌ قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فِی أَخِیکَ وَ خَالِکَ وَ جَدِّکَ وَ أَهْلِکَ وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۹
خاتمه
نذکر فیها أمرین لمن أراد أن یتذکر، و یسعى إلى لقاء ربه و یتنعم به أحدهما نقل عده أذکار و أدعیه عن خزنه علم الله عز و جل و عیب وحیه الذین أنعم الله علیهم بلقائه و کانوا یناجون بها ربهم الجلیل لأنها جلاء القلوب عن رین علائقها الدنیاویه، و إرشاد للطالب إلى لقاء ربه المتعال، و ثانیهما نبذه مما هی آداب مبتغی اللقاء و الفائزین به.
أما الأول فقد روى السید الأجل جمال العارفین ابن طاوس قدس سره الشریف فی أعمال شعبان من کتابه القیم الکریم المسمى بالإقبال (ص ۶۸۵ من الطبع الرحلی) عن ابن خالویه- إلى أن قال: إنها مناجاه أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام و الأئمه من ولده علیهم السلام کانوا یدعون بها فی شهر شعبان:
اللهم صل على محمد و آل محمد و اسمع دعائى إذا دعوتک- إلى قوله علیه السلام:
إلهی هب لی کمال الإنقطاع إلیک و أنر أبصار قلوبنا بضیاء نظرها إلیک حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمه و تصیر أرواحنا معلقه بعز قدسک- إلى أن قال علیه السلام: إلهی إن أنا متنى الغفله عن الاستداد للقائک فقد نبهتنی المعرفه بکرم آلائک- إلى أن قال علیه السلام: و ألحقنی بنور عزک الأبهج فأکون لک عارفا و عن سواک منحرفا و منک خائفا مراقبا یا ذا الجلال و الاکرام، و رواه العلامه المجلسی فی البحار أیضا (ص ۸۹ ج ۱۹ من طبع الکمبانی).
و قال السید المذکور فی أعمال شهر رجب من ذلک الکتاب (ص ۶۴۶):و من الدعوات فی کل یوم من رجب ما رویناه أیضا عن جدی أبى جعفر الطوسی رضی الله عنه فقال: أخبرنی جماعه عن ابن عیاش قال: مما خرج على ید الشیخ الکبیر أبى جعفر محمد بن عثمان بن سعید رضى الله عنه من الناحیه المقدسه ما حدثنی به خیر بن عبد الله قال: کتبته من التوقیع الخارج إلیه:بسم الرحمن الرحیم ادع فی کل یوم من أیام رجب: اللهم إنی أسئلک بمعانی جمیع ما یدعوک به ولاه أمرک المأمونون على سرک المستبشرون [المستسرون- خ ل] بأمرک الواصفون لقدرتک المعلنون لعظمتک، و أسألک بما نطق فیهم من مشیتک، فجعلتهم معادن لکلماتک و أرکانا لتوحیدک و آیاتک و مقاماتک التی لا تعطیل لها فی کل مکان یعرفک بها من عرفک، لا فرق بینک و بینها إلا أنهم عبادک و خلقک، فتقها و رتقها بیدک بدؤها منک و عودها إلیک. إلخ.
قلت: هذا التوقیع من أسرار الله المکنونه المخزونه، و الحقائق المودعه فیها تدرک و لا توصف ینالها من کان له قلب و لو تصدینا لشرحه على قدر باعنا القصیره و بضاعتنا المزجاه لا نجر إلى تألیف کتاب على حده، و الضمیر المجرور فی لها و بها و بینها راجعه إلى المقامات و کذلک الضمیر المنصوب فی إلا أنهم عبادک و ضمیرهم لذوى العقول فالمقامات من ذوى العقول، و لا بأس بإتیان الضمیر، تاره من غیر ذوى العقول و تاره من ذوى العقول، و ذلک نحو قوله تبارک و تعالى:
و علم آدم الأسماء کلها ثم عرضهم على الملائکه أورد الضمیر ثانیا من ذوى العقول إشاره إلى أن الأسماء لیست ألفاظا داله على معانیها لأن معرفه الألفاظ تعد من العلوم الأدبیه و هی لا توجب شرح الصدر و سعه الذات، بل المراد بها حقائق المخلوقات و مقامات دار الوجود على ما هی علیه.
قوله علیه السلام: لا فرق بینک و بینها إلا أنهم عبادک، قال القیصری فی آخر الإشاره إلى بعض المراتب الکلیه من الفصل الأول من مقدماته على شرح الفصوص (ص ۱۱ من الطبع الناصری): و مرتبه الإنسان الکامل عباره عن جمع جمیع المراتب الإلهیه و الکونیه من العقول و النفوس الکلیه و الجزئیه، و مراتب الطبیعه إلى آخر تنزلات الوجود و یسمى بالمرتبه العمائیه أیضا فهی مضاهیه للمرتبه الإلهیه، و لا فرق بینهما إلا بالربوبیه و المربوبیه لذلک صار خلیفه الله- إلخ.
إنما نقلنا کلام القیصری فی المقام لکى یعلم أن أصل ما تفوه به العرفاء الشامخون مقتبس من مشکاه بیت آل النبی صلى الله علیه و آله، نعم انهم و الله ینابیع الحکمه و المعرفه و العرفان و خزنه الحقائق کلها.
و فی دعاء عرفه لمولانا الحسین بن علی صلوات الله علیهما، کما أتى به السید المذکور فی الإقبال أیضا (ص ۳۴۸): إلهى ترددی فی الاثار یوجب بعد المزار فاجمعنی علیک بخدمه توصلنی إلیک کیف یستدل علیک بما هو فی وجوده مفتقر إلیک؟ أ یکون لغیرک من الظهور ما لیس لک حتى یکون هو المظهر لک؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دلیل یدل علیک؟ و متى بعدت حتى تکون الاثار، هی التی توصل إلیک؟ عمیت عین لا تراک علیها رقیبا، و خسرت صفقه عبد لم تجعل له من حبک نصیبا.
إلهی أمرت بالرجوع إلى الاثار فارجعنی إلیک بکسوه الأنوار و هدایه الاستبصار حتى أرجع إلیک منها، کما دخلت إلیک منها مصون السر عن النظر إلیها، و مرفوع الهمه عن الاعتماد علیها إنک على کل شیء قدیر.
إلهی هذا ذلی ظاهر بین یدیک، و هذا حالی لا یخفى علیک، منک أطلب الوصول إلیک، و بک أستدل علیک، فاهدنی بنورک إلیک، و أقمنی بصدق العبودیه بین یدیک.
إلهی علمنی من علمک المخزون، و صنی بسرک [بسترک- خ ل] المصون.
إلهی حققنی بحقائق أهل القرب، و اسلک بی مسلک أهل الجذب.
و روى ثقه الإسلام الکلینی فی باب الدعاء فی أدبار الصلوات من الکافی (ص ۳۹۹ ج ۲ من المعرب) بإسناده عن محمد بن الفرج قال: کتب إلی أبو جعفر ابن الرضا- یعنی الإمام الجواد علیه السلام- بهذا الدعاء و علمنیه- إلى أن قال علیه السلام: و أسألک الرضا بالقضاء و برکه الموت بعد العیش و برد العیش بعد الموت و لذه المنظر إلى وجهک و شوقا إلى رؤیتک و لقائک من غیر ضراء مضره و لا فتنه مضله. إلخ.
و فی دعاء یوم الاثنین للإمام موسى بن جعفر الکاظم علیه السلام: و أسألک خشیتک فی السر و العلانیه و العدل فی الرضا و الغضب و القصد فی الغنى و الفقر و أن تحبب إلى لقاءک فی غیر ضراء مضره و لا فتنه مضله. إلخ. رواه الکفعمی رضوان الله علیه فی البلد الأمین (ص ۱۱۸) و فی المصباح أیضا (ص ۱۱۵).
و فی الدعاء السابع و الأربعین من الصحیفه السجادیه: و أخفنی مقامک و شوقنی لقاءک.
و فی المناجاه الخمس عشره لمولانا علی بن الحسین صلوات الله علیه- و قال العلامه المجلسی رحمه الله علیه فی التاسع عشر من البحار (ص ۱۰۵ من الطبع الکمبانی): و قد وجدتها مرویه عنه علیه السلام فی بعض کتب الأصحاب رضوان الله علیهم. انتهى.
و عدها المحدث الخبیر و العالم الجلیل الشیخ حر العاملی صاحب الوسائل فی الصحیفه الثانیه من الأدعیه السجادیه علیه السلام و نسبها إلیه من غیر تردید.
ففی مناجاه الخائفین: و لیتنی علمت أمن أهل السعاده جعلتنی و بقربک و جوارک خصصتنی فتقر بذلک عینی و تطمئن له نفسی- إلى أن قال علیه السلام: إلهی لا تغلق على موحدیک أبواب رحمتک و لا تحجب مشتاقیک عن النظر إلى جمیل رؤیتک.
و فی مناجاه الراغبین: إلهی إن کان قل زادی فی المسیر إلیک فلقد حسن ظنی بالتوکل علیک- إلى أن قال علیه السلام: و إن أنا متنى الغفله عن الاستعداد للقائک فقد نبهتنی المعرفه [المغفره- خ ل] بکرمک و آلائک- إلى أن قال علیه السلام:أسألک بسبحات وجهک و بأنوار قدسک، و أبتهل إلیک بعواطف رحمتک و لطائف برک أن تحقق ظنی بما اؤمله من جزیل إکرامک و جمیل إنعامک فی القربى منک و الزلفى لدیک و التمتع بالنظر إلیک.
و فی مناجاه المطیعین لله: اللهم احملنا فی سفن نجاتک و متعنا بلذیذ مناجاتک و أوردنا حیاض حبک، و أذقنا حلاوه ودک و قربک.
و فی مناجاه المریدین: و لقاؤک قره عینی، و وصلک منى نفسی، و إلیک شوقی و فی محبتک ولهی و إلى هواک صبابتی و رضاک بغیتی، و رؤیتک حاجتی و جوارک طلبی، و قربک غایه سؤلی، و فی مناجاتک انسی و راحتی [روحی- خ ل].
و فی مناجاه المحبین: إلهی من ذا الذی ذاق حلاوه محبتک، فرام منک بدلا؟! و من ذا الذی أنس بقربک فابتغى عنک حولا؟! إلهی فاجعلنا ممن اصطفیته لقربک و ولایتک، و أخلصته لودک و محبتک، و شوقته إلى لقاءک، و رضیته بقضائک، و منحته بالنظر إلى وجهک- إلى أن قال: و اجتبیته لمشاهدتک.
و فی مناجاه المتوسلین: و اجعلنی من صفوتک الذین أحللتهم بحبوحه جنتک و بوأتهم دار کرامتک، و أقررت أعینهم بالنظر إلیک یوم لقائک، و أورثتهم منازل الصدق فی جوارک.
و فی مناجاه المفتقرین: ولوعتى لا یطفیها إلا لقاؤک، و شوقى إلیک لا یبله إلا النظر إلى وجهک.
و فی مناجاه العارفین: فهم إلى أو کار الأفکار یأوون، و فی ریاض القرب و المکاشفه یرتعون- إلى أن قال: و قرت بالنظر إلى محبوبهم أعینهم، إلى أن قال: ما أطیب طعم حبک، و ما أعذب شرب قربک.
و فی مناجاه الذاکرین: فلا تطمئن القلوب إلا بذکراک، و لا تسکن النفوس إلا عند رؤیاک- إلى أن قال: و أستغفرک من کل لذه بغیر ذکرک، و من کل راحه بغیر انسک، و من کل سرور بغیر قربک.
و فی مناجاه الزاهدین: و اقرر أعیننا یوم لقائک برؤیتک.
فعلیک بتلک المناجاه الخمس عشره سیما مناجاه العارفین و مناجاه المحبین منها فانها جلاء للقلوب.
و فی آخر الدعاء السابع و الأربعین من الصحیفه و کان من دعائه علیه السلام فی یوم عرفه: و أ تحفنى بتحفه من تحفاتک، و اجعل تجارتی رابحه، و کرتی غیر خاسره، و أخفنى مقامک، و شوقنى لقاءک- إلخ.
و فی باب فی أنه عز و جل لا یعرف إلا به من توحید الصدوق رضوان الله علیه باسناده عن زیاد بن المنذر، عن أبی جعفر محمد بن علی الباقر، عن أبیه، عن جده علیهم السلام أنه قال: إن رجلا قام إلى أمیر المؤمنین علیه السلام و قال: بماذا عرفت ربک؟
قال: بفسخ العزم، و نقض الهمم لما هممت فحیل بینی و بین همى و عزمت فخالف القضاء عزمی علمت أن المدبر غیرى، قال: فبما ذا شکرت نعماه؟ قال: نظرت إلى بلاء قد صرفه عنى و أبلى به غیری فعلمت أنه قد أنعم علی فشکرته، قال:فبما ذا أحببت لقاه؟ قال: لما رأیته قد اختار لی من دین ملائکته و رسله و أنبیائه علمت أن الذی أکرمنى بهذا لیس ینسانی فأحببت لقاه.
روى الکلینی فی باب الاهتمام بامور المسلمین و النصیحه لهم و نفعهم باسناده عن سفیان بن عیینه قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول: علیک بالنصح لله فی خلقه فلن تلقاه بعمل أفضل منه.
و اعلم أن ما تقدم من التوقیع الشریف الصادر من الناحیه المقدسه و فیه قوله علیه السلام: لا فرق بینک و بینها إلا أنهم عبادک و خلقک، و ما مر فی ذیله من کلام القیصری: لا فرق بینهما إلا بالربوبیه و المربوبیه کأنما یفیدان وجها خامسا فی وحده الوجود أعلى و أشمخ و أدق و أشرف من الأربعه المتقدمه المبینه، و لعل کلام العارف الربانى الخواجه صائن الدین على ترکه اصفهانی یشیر إلى هذا الوجه المنیع حیث قال: فهو العابد باعتبار تعینه و تقیده بصوره العبد الذی هو شأن من شئونه الذاتیه و هو المعبود باعتبار إطلاقه، اعلم أن الشهود الأتم الأکمل قضى أن کل ما یسمى مرآه و مجلی و مظهرا و عینا و نحو ذلک لیس سوى تعینات صور أحوال الحق على ما بینها من التفاوت فی الحکم و الحق من حیث هو باطن هویته متجلی فی عین کل فرد فرد من أحواله المتمیزه التی تغیب و ظهرت له انتهى کلامه.
و الله تعالى أعلم بمراد أولیائه، اللهم ارزقنا فهم ما أودعت فی کلماتک التامه، قال عز من قائل: یحذرکم الله نفسه و الله رؤف بالعباد.
| اى برتر از خیال و قیاس و گمان و وهم | وز آنچه گفتهاند و شنیدیم و خواندهایم | |
| مجلس تمام گشت و باخر رسید عمر | ما همچنان در أول وصف تو ماندهایم | |
و أما الأمر الثانی فنقول: لا یعرج الإنسان إلى ذی المعارج إلا بجناحى العلم و العمل قال عز من قائل: و أن لیس للإنسان إلا ما سعى و أن سعیه سوف یرى (النجم: ۴۰) و قال تعالى: یوم یتذکر الإنسان ما سعى (النازعات: ۳۵)، و من أراد الآخره و سعى لها سعیها و هو مؤمن فأولئک کان سعیهم مشکورا (الاسراء: ۲۰)و قال تعالى: فمن کان یرجوا لقاء ربه فلیعمل عملا صالحا و لا یشرک بعباده ربه أحدا (آخر الکهف).
ثم تأمل تأملا کاملا فی قوله تعالى: لیس للإنسان إلا ما سعى، فإن ما هو خارج عن ذاتک لیس لک حقیقه بل له ارتباط ما إلیک فاسع إلى ما هو لک بل هو أنت و أنت هو على الحقیقه لما ثبت بالبراهین العقلیه المعاضده بالأدله النقلیه من اتحاد العاقل بمعقوله، و نعم ما أفاده الشیخ أبو علی الرئیس رضوان الله علیه فی النمط الثامن من کتاب الإشارات: کمال الجوهر العاقل أن یتمثل فیه جلیه الحق الأول قدر ما یمکنه أن ینال منه ببهائه الذی یخصه ثم یتمثل فیه الوجود کله على ما هو علیه مجردا عن الشوب مبتدأ فیه بعد الحق الأول بالجواهر العقلیه العالیه ثم الروحانیه السماویه ثم ما بعد ذلک تمثلا لا یمایز الذات.
فاعلم أن الخبر لیس کالمعاینه، و العلم بالشیء غیر النیل لوصوله و وجدانه و حصوله، و لا یبلغ مرتبه علم الیقین مرتبه عین الیقین فضلا عن مرتبه حق الیقین بل الأول دون الثانی بمراحل و الثانی دون الثالث بمنازل، قال الشیخ الرئیس قدس سره فی أواخر النمط التاسع من کتاب الإشارات: من أحب أن یتعرفها- یعنی أن یتعرف الدرجات التی یجدها السالک- فلیتدرج إلى أن یصیر من أهل المشاهده دون المشافهه و من الواصلین إلى العین دون السامعین للأثر.
و قال الخواجه نصیر الدین الطوسی رضوان الله علیه فی الشرح بعد کلام فی الدرجات: و اعلم أن العباره عن هذه الدرجات غیر ممکنه لأن العبارات موضوعه للمعانی التی یتصورها أهل اللغات ثم یحفظونها ثم یتذکرونها ثم یتفاهمونها تعلیما و تعلما، أما التی لا یصل إلیها إلا غائب عن ذاته فضلا عن قوى بدنه فلیس یمکن أن یوضع لها ألفاظ فضلا عن أن یعبر عنها بعباره، و کما أن المعقولات لا تدرک بالأوهام و الموهومات لا تدرک بالخیالات و المتخیلات لا تدرک بالحواس کذلک ما من شأنه أن یعاین بعین الیقین فلا یمکن أن تدرک بعلم الیقین فالواجب على من یرید ذلک أن یجتهد فی الوصول إلیه بالعیان دون أن یطلبه بالبرهان.
قلت: قد مضى فی ذلک کلامنا آنفا و تقدم قول الإمام الصادق علیه السلام فیه.
و لا یتیسر الوصول إلى لقائه تعالى إلا بالعمل الصالح و الإخلاص فی عبادته کما فى آیه الکهف الکریمه و إنما یتأتى لمن تخلص عن العلائق النفسانیه و الشواغل الدنیاویه و إلا لم یحصل معها ذوق اللذائذ العقلیه حتى یحصل الشوق إلیها فمن لم یعشق العباده فإنما لتمکن تلک العوائق فیه و نعم ما قال الشیخ فی النمط الثامن من الإشارات: الان إذا کنت فی البدن و فی شواغله و علائقه فلم تشتق إلى کما لک المناسب أو لم تتألم بحصول ضده فاعلم أن ذلک منک لا منه.
و ما قال المعلم الثانی أبو نصر الفارابی رضوان الله علیه فی الفصوص: إن لک منک غطاء فضلا عن لباسک من البدن فاجهد أن ترفع الحجاب فحینئذ تلحق فلا تسأل عما تباشره، فإن ألمت فویل لک، و إن سلمت فطوبی لک و نفسک و أنت فی بدنک کأنک لست فی بدنک و کأنک فی صقع الملکوت فترى ما لا عین رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر فاتخذ لک عند الحق عهدا إلى أن تأتیه فردا.
قلت: قوله: فلا تسأل عما تباشره، کلام عمیق بعید الغور یفسره قول الشیخ الرئیس فی آخر النمط التاسع فی مقامات العارفین: و العارف ربما ذهل فیما یصار به إلیه فغفل عن کل شیء فهو فی حکم من لا یکلف، و کیف و التکلیف لمن یعقل التکلیف حال ما یعقله و لمن اجترح بخطیئته إن لم یعقل التکلیف.
و قال الخواجه نصیر الدین الطوسی فی الشرح: و المراد أن العارف ربما ذهل فی حال اتصاله بعالم القدس عن هذا العالم فغفل عن کل ما فی هذا العالم و صدر عنه إخلال بالتکالیف الشرعیه فهو لا یصیر بذلک متأثما لأنه فى حکم من لا یکلف لأن التکلیف لا یتعلق إلا بمن یعقل التکلیف فی وقت تعقله ذلک، أو بمن یتأثم بترک التکلیف إن لم یکن یعقل التکلیف کالنائمین و الغافلین و الصبیان الذین هم فى حکم المکلفین.
و إلى هذا المعنى أشار الخواجه عبد الله الأنصار بقوله: صاحب غلبه عشق از خود آگاه نیست آنچه مست مى کند او را گناه نیست، و الخواجه شمس الدین الحافظ بقوله:
| رشته تسبیحم ار بگسست معذورم بدار | دستم اندر ساعد ساقى سیمین ساق بود | |
و بیانه أوضح من ذلک یطلب من شرح اللاهیجى على گلشن راز للشبستری (ص ۱۹۸ من الطبع الأول)، و من شرح الأمیر إسماعیل الشنب غازانی التبریزى على فصوص الفارابی (ص ۷۱) رحمه الله علیهم.
و قوله: و أنت فی بدنک کانک إلخ، و منه أخذ الشیخ الرئیس أبو علی بن سینا کلامه فی أول النمط التاسع فی مقامات العارفین: فکأنهم و هم فی جلابیب من أبدانهم قد نضوها و تجردوا عنها إلى عالم القدس إلخ، و کأن هذا الکلام مأخوذ من مشکاه الولایه العلویه حیث قال إمام الموحدین علی بن أبی طالب علیه السلام فی صفه الزهاد: کانوا قوما من أهل الدنیا و لیسوا من أهلها فکانوا فیها کمن لیس منها إلخ (نهج البلاغه آخر المختار ۲۲۸ من باب الخطب) و حیث قال علیه السلام لکمیل بن زیاد: صحبوا الدنیا بأبدان أرواحها معلقه بالمحل الأعلى إلخ (المختار ۱۴۷ من باب الحکم و المواعظ من النهج)، و إلى هذا المعنى أشار السعدى بقوله:
| هرگز وجود حاضر و غائب شنیدهاى | من در میان جمع و دلم جاى دیگر است | |
و قوله: فترى ما لا عین رأت، مأخوذ من حدیث عن النبی صلى الله علیه و آله أنه قال: قال الله تعالى: أعددت لعبادى الصالحین ما لا عین رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر.
و قوله: فاتخذ لک عند الحق فردا، کأنما إشاره إلى قوله تبارک و تعالى:لا یملکون الشفاعه إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا (مریم: ۸۸)، و قوله: إلى أن تأتیه فردا إشاره إلى قوله تعالى: و کلهم آتیه یوم القیامه فردا (مریم: ۹۶).
ثم اعلم أن معرفه النفس هی مرقاه إلى معرفه الرب، و من عرف نفسه فقد عرف ربه کما تقدمت الإشاره إلیه إجمالا، و فی الخبر المروی تاره عن أمیر المؤمنین علی علیه السلام کما فی الصافی للفیض قدس سره، و اخرى عن أبی عبد الله جعفر بن محمد الصادق علیهما السلام کما فی المجلی لابن جمهور الأحسائى رضوان الله علیه: الصوره الإنسانیه هی أکبر حجج الله على خلقه، و هی الکتاب الذی کتبه بیده، و هی الهیکل الذی بناه بحکمته، و هی مجموع صور العالمین، و هی المختصر من اللوح المحفوظ، و هی الشاهده على کل غائب، و هی الحجه على کل جاحد، و هی الطریق المستقیم إلى کل خیر، و هی الجسر (الصراط- خ ل) الممدود بین الجنه و النار.
و هذا الخبر الشریف باب بل أبواب إلى معارف حقه و أسرار مکنونه و لعمری جدیر أن یقال فیه کل الصید فی جوف الفراء، شرحه یخرجنا إلى الإسهاب، و یجرنا إلى تألیف رساله علیحده أو کتاب، و حیث إن الصوره الإنسانیه هی مجموع صور العالمین قالوا فی حد الفلسفه: هی معرفه الإنسان نفسه، کما فی رساله الکندی فی حدود الأشیاء و رسومها (ص ۱۷۳ من طبع مصر) و قد أتى الکندی فیها فی حد الفلسفه بسته حدود من القدماء و هذا أحدها، و قال بعد نقله الحد المذکور: و هذا قول شریف النهایه بعید الغور مثلا أقول: إن الأشیاء إذا کانت أجساما و لا أجسام، و ما لا أجسام إما جواهر و إما أعراض، و کان الإنسان هو الجسم و النفس و الأعراض، و کانت النفس جوهرا لا جسما فإنه إذا عرف ذاته عرف الجسم بأعراضه و العرض الأول و الجوهر الذی هو لا جسم فإذن إذا علم ذلک جمیعا فقد علم الکل، و لهذه العله سمى الحکماء الإنسان العالم الأصغر.
و قال العارف المتنزه المیرزا جواد الملکی قدس سره فی کتابه المسمى بلقاء الله: ان الإنسان له عوالم ثلاثه: عالم الحس و الشهاده، و عالم الخیال و المثال، و عالم العقل و الحقیقه، فمن جهه أن إنیته الخاصه إنما بدأت من عالم الطبیعه کما فی الایه الکریمه المبارکه و بدأ خلق الإنسان من طین صار عالمه هذا له بالفعل و عرف نفسه و حقیقته بعالمه هذا، بل لو سمع من عارف أو عالم عالمیه الاخرین أنکره، بل لو أخبره أحد بصفات عالمه العقلى لکفره، و ذلک لأن عالمه الطبیعى له بالفعل و عالمیه الاخرین بالقوه، و لم ینکشف له بالکشف التام إلا عالم الطبیعه، و آثار من عالم المثال، و شیء قلیل من عالمه العقلى.
و انسانیته انما بعالمه العقلی و إلا فهو مشترک مع سائر بنی جنسه من الحیوان فی عالمیه الاخرین، و إن کان عالماه الاخران أیضا من جهه المرتبه أشرف من عالمى سائر الحیوانات.
و بهذه العوالم الثلاثه و ترتیبها وقع التلویح بل التصریح فی دعاء سجده لیله النصف من شعبان عن النبی صلى الله علیه و آله حیث قال فیها: و سجد لک سوادی و خیالی و بیاضی.
و بالجمله فعالمه الحسى عباره عن بدنه الذی له ماده و صوره، و عالمه المثالى عباره عن عالمه الذی حقائقه صور عاریه عن المواد، و عالمه العقلی عباره عن عالمه الذی هو حقیقته و نفسه بلا ماده و لا صوره.
و لکل من هذه العوالم لوازم و آثار خاصه لازمه لفعلیتها، فمن انغمر فی عالم الطبیعه و تحققت باثارها و تحرکت بحکمها و ضعفت فیه آثار عالمه العقلی فقد أخلد إلى الأرض و صار موجودا بما هو حیوان بل أضل من الحیوان کما هو الصریح فی قوله تعالى: إن هم إلا کالأنعام بل هم أضل سبیلا، و من ترقى إلى العالم العقلی و غلب آثاره على آثار عالمیه الطبیعى و الخیالی و کان الحاکم فی مملکه وجوده العقل یصیر موجودا روحانیا حتى یتکامل فی العقلانیه و انکشف له حقیقته و نفسه و روحه فإذا ترتفع عنه الحجب الظلمانیه بل النورانیه أو غالبها بینه و بین معرفه الله جل جلاله و یتحقق فی حقه قوله صلى الله علیه و آله: من عرف نفسه فقد عرف ربه.
و إذا تمهد لک هذه الإجمالیات فراجع إلى تفصیل لوازم کل عالم من العوالم و اشتغل بتدبیر السفر و توکل على الرب الرحیم و استعن منه و توسل بأولیائه فی کل جزئی و کلی من شئونک:
و اعلم أن هذا العالم الحسى هو عالم الموت و الفناء و الفقد و الظلمه و الجهل و هو ذات ماده و صوره سائلتین زائلتین دائم التغیر و الانقسام و لا شعور له و لا إشعار إلا بتبعیه العالمین الاخرین و إنما ظهوره للحس بتوسط الأعراض من حیث وحدته الإتصالیه أما من حیث کثرته المقداریه المتجزیه عند فرض القسمه فکل واحد من الأجزاء معدوم عن الاخر و مفقود عنه فالکل غائب عن الکل و معدوم عنه و ذلک من جهه أن الماده مصحوبه بالعدم بل هو جوهر مظلم و أول ما ظهر من الظلام.
و لأنها فی ذاتها بالقوه و بما لها فی أصلها من عالم النور تقبل الصور النوریه و تذهب ظلماتها بنور صورها فهذه النشأه اختلط نورها بظلامها و ضعف وجودها و ظهورها و لضعفها احتاجت إلى مهد المکان و ظئر الزمان و أهلها المخصوصون بها أشقیاء الجن و الإنس و الحیوان و النبات و الجماد، و فی الحدیث القدسی: ما نظرت إلى الأجسام منذ خلقتها، و هم الذین علومهم مختصه بهذا العالم و یعلمون ظاهرا من الحیوه الدنیا و هم عن الاخره غافلون، و لم یتجاوز علمهم عن المحسوسات و لم یعرفوا من العوالم العالیه إلا الأسماء، و کلما سمعوا حکایه منها قدروا له لوازم عالمهم و أنکروا ما یقال لهم من لوازم غیر عالمهم.
و بالجمله مرعیهم و مأنسهم و وطنهم هذا العالم المحسوس و ملاذهم و مقاصدهم کلها من مألوفات هذا العالم و هم الذین قلنا إنهم من الذین أخلدوا إلى الأرض و هم یعتقدون أن أنفسهم هو هذا البدن و أرواحهم هی الروح الحیوانی، و أن الجماد کلها موجودات متأصله متحققه و جواهر قائمه بذواتها مخلوقه فی عالمها و حیزها، و أن موجودات العوالم الاخر على القول بها موجودات اعتباریه خیالیه لا حقیقه لها و أن اللذه إنما هی فی المأکل و المشرب و المنکح و جاه هذا العالم، و ذکرهم و فکرهم و خیالهم و آمالهم و علومهم کلها متعلقه بالمحسوسات و انسهم بها یحبونها و یستأنسون بها، و یشتاقون لما لم یصلوا إلیه من زخارفها و حلوها و خضرتها بل یعشقونها و شغفهم حبها کالعاشق المستهتر.
فمن کان منهم مع ذلک مؤمنا بالله و ملائکته و کتبه و رسله و الیوم الاخر و لکن بایمان مستقر غیر زائل عند الموت لضعفه و قله نوره و شده ظلمه المعاصى و خلط مع ذلک عملا صالحا و آخر سیئا اولئک ممن یرجى له المغفره و لو بعد حین.
و أما الطائفه الاولى فهم الأشقیاء الکافرون لیس لهم فی الاخره إلا النار لأنهم من أهل السجین و یوم القیامه إذا میزت الحقائق و التحقت الفروع بالاصول التحق ما فی هذا العالم من النور إلى عوالمه و بقى ظلمتها و نارها و تبدلت صور کل واحد من الأفعال و الأخلاق بما یناسب عالم القیامه من الحیات و العقارب و عذب بها فاعلها و مختلقها، و من کان یرید الدنیا و زینتها نوف إلیهم أعمالهم فیها و هم فیها لا یبخسون اولئک لیس لهم فی الاخره إلا النار.
و لو فرض لهم عمل خیر یوف إلیهم فی حیاتهم الدنیا أو ینقص بقدره من عذابهم فی الاخره و بالجمله أن الإنسان لما خلق ابتداء من هذه الأرض فإن بقی فیها بعد ما خلق فیه الروح و العقل و استأنس بها و ألف لذاتها کان ممن أخلد إلى الأرض فیوم القیامه ملتحق بالسجین.
و إن خلص منها بعد ذلک بمعنى أن تحقق باثار العقل و الروح و صار جسدا عقلانیا، و هیکلا نورانیا فیوم القیامه یرتقى إلى أعلى علیین، و بعباره و ضحى خلق الله الإنسان فی أول ما خلق من سلاله من طین، و بقی مده فی صوره السلاله و النطفه و العلقه و المضغه و العظم و اللحم، ثم أعطاه الحیاه و بقی حیا إلى أن وهبه قوه الحرکه و البطش، و بقی على ذلک حتى وهبه قوه التمیز بین النافع و الضار فأراد النافع و کره الضار فإن اتبع إرادته لإراده الله جل جلاله فی جمیع حرکاته و سکناته و لم یبق له إراده مخالفه لإرادته تعالى فهذا مقام الرضا و هذا الشخص دائما یکون فی الجنه و لهم فیها ما یشاءون و لذلک کان اسم خازن الجنه الرضوان.
و فی حدیث المعراج ان الله قال: فمن عمل برضاى ألزمته (الزمه- خ ل) ثلاث خصال: أعرفه شکرا لا یخالطه جهل، و ذکرا لا یخالطه النسیان، و محبه لا یؤثر على محبتى محبه المخلوقین.
ثم إن عرف أن قدرته منتفیه فی قدره الله و لم یر قدره لغیر الله لا لنفسه و لا لغیره فهو مقام التوکل- و من یتوکل على الله فهو حسبه.
ثم إن وفق مع ذلک أن ینفی علمه أیضا فی علم الله لئلا یکون بنفسه شیئا فهذا مقام الوحده (التوحید- خ ل) اولئک الذین أنعم الله علیهم.
فإن اتبع إراده نفسه و عمل فی حرکاته و سکناته بهواه، و الحق لا یتبع بهوى غیره، فیخالف هواه مع هوى الحق فیکون هوى الحق و لا یکون هواه و حیل بینهم و بین ما یشتهون، إلى أن یوصله الهوى إلى الهاویه و یقیده بالأغلال و السلاسل فی جمیع مراداته و هذا شأن الممالیک بالنسبه إلى مراداتهم و لذلک سمى خازن جهنم مالکا.
و إن تخلف عن التوکل یقع فی الخذلان، و إن تخلف عن جلیل مرتبه التوحید (الوحده- خ ل) رد إلى سفلى الدرکات و هی درکه اللعنه اولئک یلعنهم الله و یلعنهم اللاعنون،- إلى أن قال قدس سره:
و لا یذهب علیک أن ما ذکرنا من العوالم إنما هی داخل هذا العالم و لیس خارجا عنه بمعنى أن هذا العالم حاله و کیفیه للموجودات فی حد و مرتبه من الوجود و عالم المثال حاله و کیفیه اخرى ألطف من هذه الکیفیات فی باطن هذا العالم و لیس خارجا منه فمن کان له نور لعینه الحسیه و اجتمع بنور الشمس أو القمر الحسیین یرى العالم الحسى بکیفیات حسیه و صور حسیه و من کان لعینیه المثالیه نور مثالى و اجتمع نوره بنور الکواکب المثالیه یرى مثال هذا العالم بکیفیات مثالیه و صور مثالیه فإن کیفیات العوالم و صورها مختلفه کل بحسبها و مناسبتها و هکذا.
و یکشف عن هذا الإختلاف الرؤیا و تعبیرها بما یرى واقعه مطابقا لصورتها المثالیه یرى النائم اللبن و یفسره المعبر بالعلم و یقع فی الواقع ما یرى على وفق التعبیر.
و یکشف عن ذلک أیضا الأخبار الکثیره الوارده فی أحوال البرزخ و القیامه و تجسیم الأعمال بما یناسبها من الصور، فحصل من جمیع ما قلنا أن الموجود
الحق الواقعى إنما هو الذات جل جلاله فی عالمها و سائر العوالم انما هو شأن من شئون و تجلی من تجلیاتها مثلا تجلى بالتجلی الأول فوجد منه العالم العقلی ثم تجلى ثانیا فظهر العالم النفسی، و هکذا إلى أن خلق هذا العالم الحسى ففی الخارج موجود حقیقى حق ثابت و شئونه فکل شأن من شئونه عباره عن عالم من العوالم تام فی مرتبته و لکل عالم آثار و صفات حتى ینتهى إلى أحسن العوالم و أکثفها و أضیقها و هو هذا العالم المحسوس و هذا العالم کیفیه خاصه و صور و حدود شتى لازم لهذه المرتبه من الوجود، و وجوده و آثاره مخصوصه بعالمها و هکذا.
و عالم الرؤیاء إنما هو من عالم المثال فکلما یرى فیها فهو من هذا العالم أرضها و سماؤها و جمادها و نباتها بل و صور المرایا أیضا منه و الصور الخیالیه أیضا منه و هذا العالم عالم واسع بل عوالم کثیره بل قیل إن فی عالم المثال ثمانیه عشر ألف عالم.
و حکی عن بعض العرفاء أن کلما ورد فی الشرع مما ظاهره مجاز فی عالمنا فقد وجدناه فی بعض هذه العوالم حقیقه من غیر تجوز- فکما أن کلما یراه النائم فی الرؤیا إنما هو حال و کیف مثالى یظهر لنفسه فی عالم المثال فکذلک ما یراه الیقظان فی عالمنا هذا الحسى حال و کیف حسى یظهر لنفسه فی عالم الحس- إلى أن قال رضوان الله علیه:
و الإدراک لا یمکن إلا بنیل المدرک لذات المدرک و ذلک إما بخروجه من ذاته إلى أن یصل إلیه أو بادخاله إیاه فی ذاته و کلاهما محال إلا أن یتحد معه و یتصور بصورته فالذات العالمه لیست بذاتها بعینها هی الذات الجاهله، فالعلم بالأجسام لا یتعلق بوجوداتها الخارجیه لأن صورها بما هی هی لیست حاصله بهذا النحو من الحصول الاتحادى إلا لموادها و لیست حاصله لأنفسها و حصولها لموادها لیس بنحو العلمی إذ هی أمر عدمى لیست إلا جهه القوه فی الوجودات فلیس لها فی أنفسها ذات یصح أن یدرک شیئا و یعلمه و إذا لم یکن الصور الخارجیه للأجسام مما یصح أن یحصل لها شیء الحصول المعتبر فی العلم و لا هی حاصله لما یصح له أن یعلمها فلیست هی عالمه بشیء أصلا و لا لشیء أن یعلمها بعینها کما هی فهى إذا معلومه بالقوه بمعنى أن فی قوتها أن ینتزع منها عالم صورا فیعلمها أى یتصور بمثل صورها لاستحاله انتقال المنطبعات فى المواد فالمعلوم بالذات من کل شیء لیس إلا صورا إدراکیه قائمه بالنفس متحده معها لا ماده خارجیه.فالمعلوم بالفعل لیس إلا لعالمه فکل عالم معلومه غیر معلوم عالم آخر و هو فی الحقیقه عالم و علم و معلوم، هذا.
و المقصود من التعرض بهذه التفصیلات التنبیه إلى الفکر فی معرفه النفس و کیفیه الترقی منها إلى معرفه الرب، و الإستدلال بما یستحکم به تصدیق ذلک و أن یتفطن المبتدی لاصول تنفع فی فکره، و إلا فلیس کیفیه التفکر إلا أن یشتغل المتفکر تاره لتجزیه نفسه، و اخرى لتجزیه العالم حتى یتحقق له أن ما یعلمه من العالم لیس إلا نفسه و عالمه لا العالم الخارجى، و أن هذه العوالم المعلومه له إنما هو مرتبه من نفسه و حتى یجد نفسه لنفسه ما هی؟! ثم ینقى عن قلبه کل صوره و خیال و یکون فکره فی العدم حتى تنکشف له حقیقه نفسه أى یرتفع العالم من بین یدیه و یظهر له حقیقه نفسه بلا صوره و لا ماده، و هذا هو أول معرفه النفس و لعل إلى ذلک اشیر فی تفسیر قوله تعالى: أ فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه (الزمر: ۲۴) حیث سئل عنه و قال علیه السلام: نور یقذفه الله فی قلبه فیشرح صدره، قیل: هل لذلک من علامه؟ قال علیه السلام: علامته التجافی عن دار الغرور و الإنابه إلى دار الخلود و الاستعداد للموت قبل حلول الفوت.
و لعل العامه لا یعتقدون فی معنى التجافی إلا الزهد فی شهوات الدنیا، و لا یتصورون معنى للتجافی الحقیقی الذی هو ارتفاع الغرور الواقع فی هذا العالم لأهله و عدم رؤیه الأشیاء کما هی الذی هو شأن العامه الذین لم یبلغوا بعد معرفه النفس بهذه المعرفه، انتهى ما أردنا من نقل کلامه نور الله تعالى رمسه. و قد أجاد فیما أفاد و کتابه فی لقاء الله ممتع جدا لله دره مؤلفا.
و کلامه- ره- فی النشات الثلاثه الإنسانیه تشیر إلى ما برهنه المتأله المولى صدرا فی الرابع من الأسفار حیث قال قدس سره:حکمه عرشیه: إن للنفس الإنسانیه نشئات ثلاثه إدراکیه: النشأه الاولى هی الصوره الحسیه الطبیعیه و مظهرها الحواس الخمس الظاهره و یقال لها الدنیا لدنوها و قربها لتقدمها على الأخیرتین، و عالم الشهاده لکونها مشهوده بالحواس و شرورها و خیراتها معلومه لکل أحد لا یحتاج إلى البیان و فی هذه النشأه لا یخلو موجود عن حرکته و استحالته و وجود صورتها لا تنفک عن وجود مادتها.
و النشأه الثانیه هی الأشباح و الصور الغائبه عن هذه الحواس و مظهرها الحواس الباطنه و یقال لها عالم الغیب و الاخره لمقایستها إلى الاولى لأن الاخره و الاولى من باب المضاف، و لهذا لا یعرف إحداهما إلا مع الاخرى کالمتضایفین کما قال تعالى: و لقد علمتم النشأه الأولى فلو لا تذکرون، و هی تنقسم إلى الجنه و هی دار السعداء، و الجحیم و هی دار الأشقیاء، و مبادى السعادات و الشقاوات فیهما هی الملکات و الأخلاق الفاضله و الرذیله.
و النشأه الثالثه هی العقلیه و هی دار المقربین و دار العقل و المعقول و مظهرها القوه العاقله من الإنسان إذا صارت عقلا بالفعل، و هی لا تکون إلا خیرا محضا و نورا صرفا فالنشأه الاولى دار القوه و الاستعداد و المزرعه لبذور الأرواح و نبات النیات و الإعتقادات، و الاخریتان کل منهما دار التمام و الفعلیه، و حصول الثمرات و حصاد المزروعات.
و قد أفاد قدس سره هذا المطلب الأرفع الأعلى فی عده مواضع من الأسفار فراجع إلى ص ۱۷، و ص ۲۱، و ص ۹۷، و ص ۱۳۱ من ج ۹.
و إذا دریت أن الصوره الإنسانیه هی مجموع صور عالمی الأمر و الخلق فادر أیضا أن الإنسان إذا کان مراقبا لقلبه و حارسا له عن ولوج الأجانب و الأغیار، و ناظرا إلى ربه و مستشعرا جانب الله عز و جل و منصرفا بفکره إلى قدس الجبروت مستدیما لشروق نور الحق فی سره یلوح له ملکوت السموات و الأرض و یرتقى إلى أعلى علیین، و یصافحه الملائکه المقربین، قال عز من قائل: إن الذین قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل علیهم الملائکه ألا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنه التی کنتم توعدون نحن أولیاؤکم فی الحیاه الدنیا و فی الآخره و لکم فیها ما تشتهی أنفسکم و لکم فیها ما تدعون نزلا من غفور رحیم (حم السجده، فصلت ۳۱- ۳۳)، و قد تقدم فی صدر الرساله کلام العارف السهروردی: الفکر فی صوره قدسیه یتلطف بها طالب الأریحیه.
و فی باب تنقل أحوال القلب من کتاب الإیمان و الکفر من اصول الکافی (ص ۳۰۹ ج ۲ من المعرب) باسناده عن سلام بن المستنیر عن أبی جعفر علیه السلام قال:أما إن أصحاب محمد صلى الله علیه و آله قالوا: یا رسول الله نخاف علینا النفاق قال: فقال: و لم تخافون ذلک؟ قالوا: إذا کنا عندک فذکرتنا و رغبتنا و جلنا و نسینا الدنیا و زهدنا حتى کأنا نعاین الاخره و الجنه و النار و نحن عندک، فإذا خرجنا من عندک و دخلنا هذه البیوت و شممنا الأولاد و رأینا العیال و الأهل یکاد أن نحول عن التی کنا علیها عندک و حتى کأنا لم نکن على شیء أ فتخاف علینا أن یکون ذلک نفاقا؟ فقال لهم رسول الله صلى الله علیه و آله: کلا إن هذه خطوات الشیطان فیرغبکم فی الدنیا، و الله لو تدومون على الحاله التی وصفتم أنفسکم بها لصافحتکم الملائکه و مشیتم على الماء- الخبر.
و روى عن رسول الله صلى الله علیه و آله: لو لا إن الشیاطین یحومون على قلوب بنی آدم لنظروا إلى ملکوت السماء، قال الکندی فی رسالته فی النفس: إن النفس بسیطه ذات شرف و کمال عظیمه الشأن، جوهرها من جوهر الباری عز و جل کقیاس ضیاء الشمس من الشمس.
و قد بین أن هذه النفس منفرده عن هذا الجسم مباینه له و أن جوهرها جوهر إلهی روحانی بما یرى من شرف طباعها و مضادتها لما یعرض للبدن من الشهوات و الغضب.
و ذلک أن القوه الغضبیه قد تتحرک على الإنسان فی بعض الأوقات فتحمله على ارتکاب الأمر العظیم فتضادها هذه النفس و تمنع الغضب من أن یفعل فعله أو أن یرتکب الغیظ و ترته، و تضبطه کما یضبط الفارس الفرس إذا هم أن یجمح به أو یمده.
و هذا دلیل بین على أن القوه التی یغضب بها الإنسان غیر هذه النفس التی تمنع الغضب أن یجری إلى ما یهواه لأن المانع لا محاله غیر الممنوع لأنه لا یکون شیء واحد یضاد نفسه، فأما القوه الشهوانیه فقد تتوق فی بعض الأوقات إلى بعض الشهوات ففکر النفس العقلیه فی ذلک أنه أخطأ و أنه یؤدی إلى حال ردیه فتمنعها عن ذلک و تضادها، و هذا أیضا دلیل على أن کل واحده منهما غیر الاخرى.
و هذه النفس التی هی من نور البارى عز و جل إذا هی فارقت البدن علمت کل ما فی العالم و لم یخف عنها خافیه، و الدلیل على ذلک قول أفلاطن حیث یقول: إن کثیرا من الفلاسفه الطاهرین القدماء لما یتجردوا من الدنیا و تهاونوا بالأشیاء المحسوسه و تفردوا بالنظر و البحث عن حقائق الأشیاء انکشف لهم الغیب، و علموا بما یخفیه الناس فی نفوسهم و اطلعوا على سرائر الخلق.
فإذا کان هذا هکذا، و النفس بعد مرتبطه بهذا البدن فی هذا العالم المظلم الذی لو لا نور الشمس لکان فی غایه الظلمه فکیف إذا تجردت هذه النفس، و فارقت البدن، و صارت فی عالم الحق الذی فیه نور الباری سبحانه؟!.
و لقد صدق أفلاطن فی هذا القیاس و أصاب به البرهان الصحیح، ثم إن أفلاطن أتبع هذا القول بأن قال: فأما من کان غرضه فی هذا العالم التلذذ بالماکل و المشارب المستحیله إلى الجیف، و کان أیضا غرضه فی لذه الجماع فلا سبیل لنفسه العقلیه إلى معرفه هذه الأشیاء الشریفه و لا یمکنها الوصول إلى التشبه بالباری سبحانه.
ثم إن أفلاطن قاس القوه الشهوانیه التی للإنسان بالخنزیر، و القوه الغضبیه بالکلب، و القوه العقلیه التی ذکرنا بالملک، و قال: من غلبت علیه الشهوانیه و کانت هی غرضه و أکثر همته فقیاسه قیاس الخنزیر، و من غلب علیه الغضبیه فقیاسه قیاس الکلب، و من کان الأغلب علیه قوه النفس العقلیه و کان أکثر أدبه الفکر و التمییز و معرفه حقائق الأشیاء، و البحث عن غوامض العلم کان انسانا فاضلا قریب الشبه من الباری سبحانه لأن الأشیاء التی نجدها للباری عز و جل هی الحکمه و القدره و العدل و الخیر و الجمیل و الحق.
و قد یمکن للإنسان أن یدبر نفسه بهذه الحیله حسب ما فی طاقه الإنسان فیکون حکیما عدلا جوادا خیرا یؤثر الحق و الجمیل، و یکون بذلک کله بنوع دخل دون النوع الذی للباری سبحانه من قوته و قدرته لأنها إنما اقتبست من قربها قدره مشاکله لقدرته، فإن النفس على رأى أفلاطن و جله الفلاسفه باقیه بعد الموت جوهرها کجوهر البارى عز و علا فی قوتها إذا تجردت أن تعلم سائر الأشیاء کما یعلم البارى بها أو دون ذلک برتبه یسیره، لأنها اودعت من نور البارى جل و عز.
و إذا تجردت و فارقت هذا البدن و صارت فی عالم العقل فوق الفلک صارت فی نور البارى، و رأت البارى عز و جل و طابقت نوره و جلت فی ملکوته فانکشف لها حینئذ علم کل شیء، و صارت الأشیاء کلها بارزه لها کمثل ماهی بارزه للبارى عز و جل، لأنا إذا کنا و نحن فی هذا العالم الدنس قد نرى فیه أشیاء کثیره بضوء الشمس فکیف إذا تجردت نفوسنا، و صارت مطابقه لعالم الدیمومیه و صارت تنظر بنور البارى فهى لا محاله ترى بنور البارى کل ظاهر و خفى و تقف على کل سر و علانیه.
و کان أفسقورس یقول: إن النفس إذا کانت و هی مرتبطه بالبدن تارکه للشهوات متطهره من الأدناس، کثیره البحث و النظر فی معرفه حقائق الأشیاء انصقلت صقاله ظاهره و اتحد بها صوره من نور البارى یحدث فیها و یکامل نور البارى بسبب ذلک الصقال الذی اکتسبه من التطهر فحینئذ یظهر فیها صور الأشیاء کلها و معرفتها کما یظهر صور خیالات سائر الأشیاء المحسوسه فی المرآه إذا کانت صقیله، فهذا قیاس النفس لأن المرآه إذا کانت صدئه لم یتبین صوره شیء فیها بته، فإذا زال منها الصدء ظهرت و تبینت فیها جمیع الصور، کذلک النفس العقلیه إذا کانت صدئه دنسه کانت على غایه الجهل و لم یظهر فیها صور المعلومات و إذا تطهرت و تهذبت و انصقلت، و صفاء النفس هو أن النفس تتطهر من الدنس و تکتسب العلم ظهر فیها حینئذ صوره معرفه جمیع الأشیاء، و على حسب جوده صقالتها تکون معرفتها بالأشیاء، فالنفس کلما ازدادت صقالا ظهر لها و فیها معرفه الأشیاء.
و هذه النفس لا تنام بته لأنها فی وقت النوم تترک استعمال الحواس و تبقى محصوره، لیست بمجرده على حدتها، و تعلم کل ما فی العوالم و کل ظاهر و خفی و لو کانت هذه النفس تنام لما کان الإنسان إذا رأى فی النوم شیئا یعلم أنه فی النوم بل لا یفرق بینه و بین ما کان فی الیقظه.
و إذا بلغت هذه النفس مبلغها فی الطهاره رأت فی النوم عجائب من الأحلام و خاطبتها الأنفس التی قد فارقت الأبدان و أفاض علیها البارى من نوره و رحمته فتلتذ حینئذ لذه دائمه فوق کل لذه تکون بالمطعم و المشرب و النکاح و السماع و النظر و الشم و اللمس، لأن هذه لذات حسیه دنسه تعقب الأذی، و تلک لذه إلهیه روحانیه ملکوتیه تعقب الشرف الأعظم، و الشقى المغرور الجاهل من رضى لنفسه بلذات الحس و کانت هی أکثر أغراضه و منتهى غایته.
و إنما نجیء فی هذا العالم فی شبه المعبر و الجسر الذی یجوز علیه السیاره لیس لنا مقام یطول، و أما مقامنا و مستقرنا الذی نتوقع فهو العالم الأعلى الشریف الذی تنتقل إلیه نفوسنا بعد الموت حیث تقرب من باریها، و نقرب من نوره و رحمته، و نراه رؤیه عقلیه لا حسیه، و یفیض علیها من نوره و رحمته، فهذا قول افسقورس الحکیم. انتهى ما نقلنا عن الفیلسوف الکندی.
و قد صدر هذه النکات اللطیفه الشریفه عن قلوب نقیه، و هی کلمات اقتبست من مشکاه الأنبیاء غایه الأمر بوسائط، و الملهم المبتدع القدیم حق علیم منه عظیم.
قوله: جوهرها من جوهر البارى، یعنى أنها من عالم الأمر الحکیم قال عز من قائل: قل الروح من أمر ربی (الأسراء: ۸۶) و نفخت فیه من روحی* (ص: ۷۳).
و قوله کقیاس ضیاء الشمس من الشمس شریف جدا و قد قال الإمام کشاف الحقائق وارث علوم النبیین أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق علیه السلام: إن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها، رواه ثقه الإسلام الکلینی قدس سره فی باب أخوه المؤمنین بعضهم لبعض من کتاب الإیمان و الکفر من اصول الکافی (ص ۳۳ ج ۲ من المعرب).
قوله: إذا هی فارقت البدن علمت کل ما فی العالم، قال تبارک و تعالى:
لقد کنت فی غفله من هذا فکشفنا عنک غطاءک فبصرک الیوم حدید (ق: ۲۴)
قوله: إذا هی فارقت البدن علمت کل ما فی العالم، قال تبارک و تعالى:لقد کنت فی غفله من هذا فکشفنا عنک غطاءک فبصرک الیوم حدید (ق: ۲۴).
و قوله: ثم إن افلاطن قاس القوه الشهوانیه التی للإنسان بالخنزیر إلخ کلام شریف أیضا و من هنا یعلم أیضا حشر الناس على صور نیاتهم و أن الجزاء فی الاخره بنفس العمل و قد وردت فی ذلک روایات کثیره من بیت الوحى و العصمه و الطهاره ففی الحدیث عن رسول الله صلى الله علیه و آله: یحشر الناس على صور نیاتهم، و فی الاخر عن البراء بن عازب قال: کان معاذ بن جبل جالسا قریبا من رسول الله صلى الله علیه و آله فی منزل أبی أیوب الأنصاری فقال معاذ: یا رسول الله ما رأیت قول الله تعالى: یوم ینفخ فی الصور فتأتون أفواجا، الایات؟ فقال: یا معاذ سألت عن أمر عظیم من الأمر، ثم أرسل عینیه ثم قال: یحشر عشره أصناف من امتى أشتاتا قد میزهم الله من المسلمین و بدل صورهم: فبعضهم على صوره القرده و بعضهم على صوره الخنازیر، و بعضهم منکسون أرجلهم من فوق و وجوههم من تحت ثم یسحبون علیها، و بعضهم عمی یترددون، و بعضهم صم بکم لا یعقلون، و بعضهم یمضغون ألسنتهم فیسیل القیح من أفواههم لعابا یتقذرهم أهل الجمع، و بعضهم مقطعه أیدیهم و أرجلهم، و بعضهم مصلبون على جذوع من نار، و بعضهم أشد نتنا من الجیف، و بعضهم یلبسون جبابا سابغه من قطران لازقه بجلودهم.
فأما الذین على صوره القرده فالقتات من الناس، و أما الذین على صوره الخنازیر فأهل السحت، و أما المنکسون على رؤوسهم فاکلوا الربا، و العمی الجائرون فی الحکم، و الصم البکم المعجبون بأعمالهم، و الذین یمضغون بألسنتهم فالعلماء و القضاه الذین خالف أعمالهم أقوالهم، و المقطعه أیدیهم و أرجلهم الذین یؤذون الجیران، و المصلبون على جذوع من نار فالسعاه بالناس إلى السلطان و الذین هم أشد نتنا من الجیف فالذین یتمتعون بالشهوات و اللذات و یمنعون حق الله تعالى فی أموالهم، و الذین یلبسون الجباب فأهل التجبر و الخیلاء.
و هذا الحدیث قد رواه الفریقان فی الجوامع و کتب التفسیر و فی الحدیث عنه صلى الله علیه و آله: من خالف الإمام فی أفعال الصلاه یحشر و رأسه رأس حمار، و قد روى الکلینی فی باب الکبر من کتاب الإیمان و الکفر من اصول الکافی (ص ۲۳۵ ج ۲ من المعرب) باسناده عن داود بن فرقد عن أخیه قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول: إن المتکبرین یجعلون فی صور الذر یتوطأهم الناس حتى یفرغ الله من الحساب.
و فی الحدیث عنه صلى الله علیه و آله: کما تعیشون تموتون و کما تنامون تبعثون و روى عن النبی صلى الله علیه و آله انه قال: رأیت لیله أسرى بى قوما تقرض شفاههم، و کلما قرضت وفت، فقال لی جبرئیل: هؤلاء خطباء امتک تقرض شفاههم لأنهم یقولون ما لا یفعلون، رواه علم الهدى سید المرتضى فی المجلس الأول من أمالیه غرر الفوائد و درر القلائد (ص ۶ من ج ۱ من طبع مصر).
و قال أمیر المؤمنین علیه السلام فی صفه بعض علماء السوء: فالصوره صوره انسان و القلب قلب حیوان.
و فی حدیث الریان بن شبیب عن ثامن الأئمه علی بن موسى الرضا علیهما السلام:یا ابن شبیب إن سرک أن تکون معنا فی الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا و افرح لفرحنا و علیک بولایتنا، فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله تعالى معه یوم القیامه، رواه المجلسی رحمه الله علیه فی عاشر البحار (ص ۱۶۵ من طبع الکمبانى) عن عیون أخبار الرضا و أمالى الصدوق.
قلت: کنت ذات لیله متفکرا فی أمری من حشری معادی و ناظرا فی صحیفه عملی، و یوم عرضی للحساب و نحوها إذ رأیت فیما رأیت فی صقع نفسی شیئا لازبا بها جدا، محشورا عندها غیر منفک عنها، و لما أمعنت النظر فیه عرفته، و کان نسخه مخطوطه من کتاب، قد کنت احبها شدیدا فعندئذ حضر و خطر بالبال، قوله علیه السلام: فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله تعالى معه یوم القیامه، فإن الکتاب جماد کالحجر و لا فرق بینهما من هذه الحیثیه.
و من تلک البراهین النقلیه المعاضده للعقلیه قال أساطین الحکمه: إن حشر الخلائق فی الاخره على أنحاء مختلفه حسب أعمالهم و أخلاقهم فلقوم على سبیل الوفد، یوم نحشر المتقین إلى الرحمن وفدا، و لقوم على سبیل التعذیب و یوم یحشر أعداء الله إلى النار فهم یوزعون، و لقوم نحشر المجرمین یومئذ زرقا و لقوم و نحشره یوم القیمه أعمی، و بالجمله کل أحد إلى غایه سعیه و عمله و إلى ما یحبه و یهواه حتى أنه لو أحب حجرا لحشر معه لقوله تعالى: إنکم و ما تعبدون من دون الله حصب جهنم، و قوله تعالى: احشروا الذین ظلموا و أزواجهم و ما کانوا یعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحیم.
و المراد بأزواجهم الملکات و صورها فان تکرر الأفاعیل یوجب الملکات و کل ملکه تغلب على نفس الإنسان تتصور فی القیامه بصوره تناسبها، قل کل یعمل على شاکلته، و لا شک أن أفاعیل الأشقیاء المدبرین إنما هی بحسب هممهم القاصره النازله فی مراتب البرازخ الحیوانیه و تصوراتهم مقصوره على أغراض بهیمیه أو سبعیه أو شیطانیه تغلب على نفوسهم فلا جرم یحشرون على صور تلک الحیوانات، و إذا الوحوش حشرت، و فی الحدیث عنه صلى الله علیه و آله یحشر بعض الناس على صور یحسن عندها القرده و الخنازیر، و فیه أیضا یحشر الناس یوم القیامه ثلاثه أصناف: رکبانا، و مشاه، و على وجوههم.
و السر فی ذلک أن لکل خلق من الأخلاق المذمومه و الهیئات الردیه المتمکنه فی النفس صوره نوع من أنواع الحیوانات و بدن یختص بذلک کصور أبدان الأسود و نحوها لخلق التکبر و التهور مثلا، و أبدان الثعالب و أمثالها للخبث و الروغان، و أبدان القرود و نحوها للمحاکاه و السخریه، و الخنازیر للحرص و الشهوه إلى غیر ذلک.
و ربما کان لشخص واحد من الإنسان عدد کثیر من الأخلاق الردیه على مراتب متفاوته فبحسب ذلک تختلف الصور الحیوانیه فی الاخره قال الله عز و جل: شهد علیهم سمعهم و أبصارهم و جلودهم بما کانوا یعملون.
قال المولى صدرا قدس سره فی مبحث الحشر من الأسفار: إن فی داخل بدن کل إنسان و مکمن جوفه حیوانا صوریا بجمیع أعضائه و أشکاله و قواه و حواسه هو موجود قائم بالفعل لا یموت بموت هذا البدن و هو المحشور یوم القیامه بصورته المناسبه لمعناه و هو الذی یثاب و یعاقب و لیست حیاته کحیاه هذا البدن المرکب عرضیه وارده علیه من الخارج و إنما حیاته کحیاه النفس ذاتیه و هو حیوان متوسط بین الحیوان العقلى و الحیوان الحسى یحشر فی القیامه على صوره هیئات و ملکات کسبتها النفس بیدها العماله، و بهذا یرجع و یؤول معنى التناسخ المنقول عن الحکماء الأقدمین کأفلاطن و من سبقه مثل سقراط و فیثاغورس و غیرهما من الأساطین، و کذا ما ورد فی لسان النبوات، و علیه یحمل الایات المشیره إلى التناسخ، و کذا قوله تعالى: و إذا وقع القول علیهم أخرجنا لهم دابه من الأرض تکلمهم أن الناس کانوا بآیاتنا لا یوقنون، و قوله تعالى: و یوم نحشر من کل أمه فوجا ممن یکذب بآیاتنا فهم یوزعون، و قوله تعالى: یومئذ یتفرقون، کل ذلک إشاره إلى انقلاب النفوس فی جوهرها و صیرورتها من أفواج الامم الصامته و خروجها یوم النشور إذا بعثر ما فی القبور و حصل ما فی الصدور على صوره أنواع الحیوانات من السباع و الموذیات و البهائم و الوحوش و الشیاطین.
و قال فی المبدأ و المعاد: (ص ۳۲۵) قال بعض العرفاء: کل من شاهد بنور البصیره باطنه فی الدنیا لرآه مشحونا بأصناف السباع و أنواع الهوام مثل الغضب
و الشهوه و الحقد و الحسد و الکبر و العجب و الریاء و غیرها و هی التی لا تزال تفترسه و تنهشه إن سهى عنه بلحظه إلا أن أکثر الناس لکونه محجوب العین عن مشاهدتها فإذا کشف الغطاء و وضع فی قبره عاینها و قد تمثلت له بصورها و أشکالها الموافقه لمعانیها فیرى بعینه العقارب و الحیات قد أحدقت به و إنما هی صفاته الحاضره الان قد انکشفت له صورها، فإن أردت یا أخی أن تقتلها و تقهرها و أنت قادر علیها قبل الموت فافعل و إلا فوطن نفسک على لدغها و نهشها بصمیم قلبک فضلا عن ظاهر بشرتک و جسمک.
و قول الکندی کان أفسقورس یقول إن النفس إلخ، یقصد بأفسقورس فیثاغورس الفیلسوف المشهور من أعاظم الحکماء الأقدمین قد استفاد من مشکاه النبوه و له فی نضد العالم و ترتیبه على خواص العدد و مراتبه رموز عجیبه و أغراض بعیده و له فی شأن المعاد مذاهب قارب فیها أبیذ قلس من أن عالما فوق عالم الطبیعه روحانیا نورانیا لا یدرک العقل حسنه و بهاءه، و أن الأنفس الزکیه تحتاج إلیه، و أن کل انسان أحسن تقویمه بالتبرؤ من العجب و التجبر و الریاء و الحسد و غیرها من الشهوات الجسدانیه فقد صار أهلا أن یلحق بالعالم الروحانى و یطلع على ما شاع (یشاء خ ل) من جواهره من الحکمه الالهیه، و أن الأشیاء الملذه للنفس تأتیه حشدا إرسالا کالألحان الموسیقیه الاتیه إلى حاسه السمع فلا یحتاج إلى أن یتکلف لها طلبا، نقلناه من تاریخ الحکماء للقفطى.
و من کلماته السامیه: أنک ستعارض لک فی أفعالک و أقوالک و أفکارک و سیظهر لک من کل حرکه فکریه أو قولیه او عملیه صوره روحانیه أو جسمانیه فإن کانت الحرکه غضبیه أو شهویه صارت ماده لشیطان یؤذیک فی حیاتک و یحجبک عن ملاقاه النور بعد وفاتک، و إن کانت الحرکه عقلیه صارت ملکا تلتذ بمنادمته فی دنیاک، و تهتدى به فی اخراک إلى جوار الله و دار کرامته، نقلناه من مبحث نشر الصحائف و ابراز الکتب من الأسفار.
و ما أفاد هؤلاء الأعاظم فی إنیه النفس و تطوراتها لطیف جدا إلا أنى ما رأیت بعد قول الله تعالى و رسوله صلى الله علیه و آله کلاما فی النفس و أطوارها ألطف و أجمع و أتقن من کلام إمام الموحدین و رایه السالکین و قدوه المتألهین علی أمیر المؤمنین علیه السلام حیث قال لحبر من أحبار الیهود و علمائهم: من اعتدل طباعه صفى مزاجه، و من صفى مزاجه قوى أثر النفس فیه، و من قوى أثر النفس فیه سمى إلى ما یرتقیه، و من سمى إلى ما یرتقیه فقد تخلق بالأخلاق النفسانیه، و من تخلق بالأخلاق النفسانیه فقد صار موجودا بما هو انسان دون أن یکون موجودا بما هو حیوان، و دخل فی الباب الملکى، و لیس له عن هذه الحاله مغیر فقال الیهودی: الله أکبر یا ابن أبی طالب لقد نطقت بالفلسفه جمیعها، نقله العلامه الشیخ بهاء الدین العاملی قدس سره فی أواخر المجلد الخامس من الکشکول (ص ۵۹۴ من طبع نجم الدوله).
و قال فی المجلد الثانی منه (ص ۲۴۶) عن کمیل بن زیاد قال: سألت مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام فقلت: یا أمیر المؤمنین ارید أن تعرفنى نفسی، فقال: یا کمیل و أى الأنفس ترید أن اعرفک؟ قلت: یا مولاى و هل هی إلا نفس واحده؟!.
قال: یا کمیل انما هی أربعه: النامیه النباتیه، و الحسیه الحیوانیه، و الناطقه القدسیه، و الکلیه الإلهیه، و لکل واحده من هذه خمس قوى و خاصیتان:
فالنامیه النباتیه لها خمس قوى: ماسکه، و جاذبه، و هاضمه، و دافعه و مربیه، و لها خاصیتان: الزیاده و النقصان، و انبعاثها من الکبد.
و الحسیه الحیوانیه لها خمس قوى: سمع، و بصر، و شم، و ذوق، و لمس و لها خاصیتان: الرضا و الغضب، و انبعاثها من القلب.
و الناطقه القدسیه لها خمس قوى: فکر، و ذکر، و علم، و حلم، و نباهه، و لیس لها انبعاث و هی أشبه الأشیاء بالنفوس الملکیه، و لها خاصیتان:
النزاهه و الحکمه.
و الکلیه الالهیه لها خمس قوى: بقاء فی فناء، و نعیم فی شقاء، و عز فی ذل و فقر فی غناء، و صبر فی بلاء، و لها خاصیتان: الرضا و التسلیم و هذه التی
مبدؤها من الله و إلیه تعود، قال الله تعالى: و نفخت فیه من روحی*، و قال الله تعالى: یا أیتها النفس المطمئنه ارجعی إلى ربک راضیه مرضیه، و العقل وسط الکل.
و روى فی کتاب الدرر و الغرر أن أمیر المؤمنین علیه السلام سئل عن العالم العلوی فقال: صور عاریه عن المواد، عالیه من القوه و الاستعداد، تجلى لها فأشرقت و طالعها فتلألأت، و ألقى فی هویتها مثاله فأظهر عنها أفعاله، و خلق الإنسان ذا نفس ناطقه إن زکیها بالعلم و العقل فقد شابهت جواهر أوائل عللها، و إذا اعتدل مزاجها و فارقت الأضداد فقد شارک بها السبع الشداد (نقلناه من الکلمه التاسعه عشر من قره العیون فی أعز الفنون للفیض قدس سره)، و قد رواه العالم الجلیل ابن شهر آشوب فی المناقب أیضا.
و لنذکر ما حصل لبعض الأعاظم من التخلص عن درن البدن، و التنزه عن رین الرذائل النفسانیه فکوشف لهم ما وراء الطبیعه ترغیبا للمشتاقین إلى السیر فی عالم المجردات، و أنموذجا من عظم شأن النفس و شرفها للطالبین:(۱) قال الفیلسوف یعقوب بن إسحاق الکندی فی رسالته فی النفس (ص ۲۷۹ من رسائل الکندى): و قد وصف أرسطاطالیس أمر الملک الیونانى الذی تحرج بنفسه فمکث لا یعیش و لا یموت أیاما کثیره، کلما أفاق أعلم الناس بفنون من علم الغیب و حدثهم بما رأى من الأنفس و الصور و الملائکه، و أعطاهم فی ذلک البراهین، و أخبر جماعه من أهل بیته بعمر واحد واحد منهم، فلما امتحن کل ما قال لم یتجاوز أحد منهم المقدار الذی حده له من العمر، و أخبر أن خسفا یکون فی بلاد الأوس بعد سنه، و سیل یکون فی موضع آخر بعد سنتین فکان الأمر کما قال.
قال: و ذکر أرسطاطالیس أن السبیل فی ذلک أن نفسه إنما علمت ذلک العلم لأنها کادت أن تفارق البدن، و انفصلت عنه بعض الانفصال فرأت ذلک فکیف لو فارقت البدن على الحقیقه؟! لکانت قد رأت عجائب من أمر الملکوت الأعلى.
فقل للباکین ممن طبعه أن یبکى من الأشیاء المخزونه ینبغی أن یبکى و یکثر البکاء على من یهمل نفسه، و ینهک من ارتکاب الشهوات الحقیره الخسیسه الدنیه المموهه التی تکسبه الشره (الشره- خ ل) و تمیل بطبعه إلى طبع البهائم و یدع أن یتشاغل بالنظر فی هذا الأمر الشریف و التخلص إلیه، و یطهر نفسه حسب طاقته، فإن الطهر الحق هو طهر النفس لا طهر البدن فإن العالم الحکیم المبرز المتعبد لباریه، إذا کان ملطخ البدن باکماه فهو عند جمیع الجهال، فضلا عن العلماء أفضل و أشرف من الجاهل الملطخ البدن بالمسک و العنبر.
و من فضیله المتعبد لله الذی قد هجر الدنیا و لذاتها الدنیه أن الجهال کلهم إلا من سخر منهم بنفسه یعترف بفضله و یجله و یفرح أن یطلع منه على الخطاء.
فیا أیها الإنسان الجاهل ألا تعلم أن مقامک فی هذا العالم إنما هو کلمحه ثم تصیر إلى العالم الحقیقى، فتبقى فیه أبد الابدین؟ انتهى کلام الکندی تغمده الله بغفرانه.
(۲) و روى الکلینی أعلى الله مقامه فی باب حقیقه الإیمان و الیقین من کتاب الایمان و الکفر من جامعه الکافی (ص ۴۴ ج ۲ من المعرب) باسناده عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول: إن رسول الله صلى الله علیه و آله صلى بالناس الصبح فنظر إلى شاب فی المسجد و هو یخفق و یهوى برأسه، مصفرا لونه، قد نحف جسمه، و غارت عیناه فی رأسه، فقال له رسول الله صلى الله علیه و آله کیف أصبحت یا فلان؟
قال: أصبحت یا رسول الله موقنا، فعجب رسول الله صلى الله علیه و آله من قوله و قال: إن لکل یقین حقیقه فما حقیقه یقینک؟ فقال: إن یقینى یا رسول الله هو الذی أحزننى و أسهر لیلی و أظمأ هو اجرى فعزفت نفسی عن الدنیا و ما فیها حتى کأنى أنظر إلى عرش ربى و قد نصب للحساب و حشر الخلائق لذلک و أنا فیهم، و کأنى أنظر إلى أهل الجنه یتنعمون فی الجنه و یتعارفون و على الأرائک متکئون، و کأنى أنظر إلى أهل النار و هم فیها معذبون مصطرخون، و کأنى الان أسمع زفیر النار یدور فی مسامعى، فقال رسول الله صلى الله علیه و آله لأصحابه: هذا عبد نور الله قلبه بالإیمان ثم قال له: ألزم ما أنت علیه، فقال الشاب: ادع الله لی یا رسول الله أن ارزق الشهاده معک، فدعا له رسول الله صلى الله علیه و آله فلم یلبث أن خرج فی بعض غزوات النبی صلى الله علیه و آله فاستشهد بعد تسعه نفر و کان هو العاشر.
و روى بعده باسناده عن عبد الله بن مسکان عن أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام قال: استقبل رسول الله صلى الله علیه و آله حارثه بن مالک بن النعمان الأنصارى فقال له: کیف أنت یا حارثه بن مالک؟ فقال: یا رسول الله مؤمن حقا، فقال له رسول الله صلى الله علیه و آله:لکل شیء حقیقه فما حقیقه قولک؟ فقال: یا رسول الله عزفت نفسی عن الدنیا فأسهرت لیلی و أظمأت هو اجری و کأنى أنظر إلى عرش ربى و قد وضع للحساب و کأنى أنظر إلى أهل الجنه یتزاورون فی الجنه، و کأنى أسمع عواء أهل النار فی النار، فقال له رسول الله صلى الله علیه و آله: عبد نور الله قلبه، أبصرت فأثبت، فقال: یا رسول الله ادع الله لی أن یرزقنی الشهاده معک فقال: اللهم ارزق حارثه الشهاده، فلم یلبث إلا أیاما حتى بعث رسول الله صلى الله علیه و آله سریه فبعثه فیها فقاتل فقتل تسعه أو ثمانیه ثم قتل.
و قال: و فی روایه القاسم بن برید عن أبی بصیر قال: استشهد مع جعفر بن أبی طالب بعد تسعه نفر و کان هو العاشر.
قلت: إنما قال لرسول الله صلى الله علیه و آله: ادع لی أن ارزق الشهاده معک لما فیها من فضیله سامیه و کفى فیها ما قال عز من قائل: و لا تحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتا بل أحیاء عند ربهم یرزقون، و أرى فی طلبه الشهاده منه صلى الله علیه و آله أن حفظ الحال أصعب من تحصیله کالمال قال شاعر العجم:
| مال را هر کسى بدست آرد | رنجش اندر نگاهداشتن است | |
و تأمل فی کلام رسول الله صلى الله علیه و آله حیث قال له: الزم ما أنت علیه، أو أبصرت فاثبت، أمره بلزوم ما وجده من الإیمان الکامل الذی نور الله به قلبه و ثباته على ذلک، فإن للکمالات الحاصله آفات کثیره و المراقبه فی حفظها و عدم زوالها لازمه جدا لمن تنعم بها، قال الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر علیهما السلام لهشام بن الحکم:یا هشام إن الله حکى عن قوم صالحین أنهم قالوا: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هدیتنا و هب لنا من لدنک رحمه إنک أنت الوهاب حین علموا أن القلوب تزیغ و تعود إلى عماها و رداها (رواه الکلینی- ره- فی کتاب العقل و الجهل من اصول الکافی الحدیث ۱۲).
قال الشیخ العلامه البهائى قدس سره کما فی سلافه العصر (ص ۲۹۲):سانحه: قد تهب من عالم القدس نفحه من نفحات الانس على قلوب أصحاب العلائق الدینیه، و العلائق الدنیویه، فتقطر بذلک مشام أرواحهم و تجری روح الحقیقه فی رمیم أشباحهم، فیدرکون قیح الأنفاس الجسمانیه، و یذعنون بخساسه الانتکاس فی مهاوى القیود الهیولانیه، فیمیلون إلى سلوک مسالک الرشاد و ینتبهون من نوم الغفله عن البداء و المعاد، لکن هذا التنبیه سریع الزوال، و وحى الإضمحلال، فیا لیته یبقی إلى حصول جذبه إلهیه تمیط عنهم أدناس عالم الزور و تطهرهم من أرجاس دار الغرور، ثم إنهم عند زوال تلک النفحه القدسیه، و انقضاء هاتیک النسمه الإنسیه یعودون إلى الانعکاس فی تلک الأدناس، فیتأسفون على ذلک الحال الرفیع المنال، و ینادى لسان حالهم بهذا المقال، إن کانوا من أصحاب الکمال:
| تیرى زدى و زخم دل آسوده شد از ان | هان اى طبیب خسته دلان مرهم دگر | |
و بالجمله کأن الشاب خاف من زیغ القلب و زوال النعمه فرأى أن خروجه من الدنیا مع ذلک النور الإلهی أفضل و أحب إلیه من البقاء فیها مع خوف زواله فاستحب الأول على الثانی، و الله تعالى أعلم.
و قد روى ابن الأثیر فی اسد الغابه باسناده عن أنس هذه الواقعه و نسبها إلى حارثه أیضا (ص ۳۵۵ ج ۱)، و کذا الغزالى فی إحیاء العلوم، لکن نسبها العارف الرومى فی المجلد الأول من المثنوی إلى زید و الظاهر أنه زید بن حارثه حیث قال:
| گفت پیغمبر صباحى زید را | کیف أصبحت اى رفیق با صفا | |
إلى آخر الأبیات.
و نسبها أبو نعیم الأصفهانی فی حلیه الأولیاء (ص ۲۴۲ ج ۱) إلى معاذ بن جبل و رواها باسناده عن أنس بن مالک أیضا، و نسبها الدیلمی فی الباب السابع و الثلاثین من کتابه إرشاد القلوب إلى سعد بن معاذ و ألفاظهما واحده و الاختلاف یسیر، و فی روایه أبی نعیم أن معاذ بن جبل رضی الله تعالى عنه دخل على رسول الله صلى الله علیه و آله فقال: کیف أصبحت یا معاذ؟ قال: أصبحت مؤمنا بالله تعالى قال: إن لکل قول مصداقا و لکل حق حقیقه فما مصداق ما تقول؟ قال: یا نبی الله ما أصبحت صباحا قط إلا ظننت أنى لا أمسى، و ما أمسیت مساء قط إلا ظننت أنى لا أصبح، و لا خطوت خطوه إلا ظننت أنى لا أتبعها اخرى، و کأنى أنظر إلى کل امه جاثیه تدعى إلى کتابها معها نبیها و اوثانها التی کانت تعبد من دون الله و کأنى أنظر إلى عقوبه أهل النار و ثواب أهل الجنه، قال: عرفت فالزم.
(۳) قال العارف المتنزه المتأله السید حیدر الاملی قدس سره فی أول کتابه جامع الأسرار و منبع الأنوار: و الله ثم و الله لو صارت أطباق السماوات أوراقا، و أشجار الأرضین أقلاما، و البحور السبعه مع المحیط مدادا، و الجن و الإنس و الملک کتابا لا یمکنهم شرح عشر من عشیر ما شدت من المعارف الإلهیه و الحقائق الربانیه، الموصوفه فی الحدیث القدسی «أعددت لعبادى الصالحین ما لا عین رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر»، المذکوره فی القرآن: فلا تعلم نفس ما اخفی لهم من قره أعین جزاء بما کانوا یعملون.
و لا یتیسر لهم بیان جزء من أجزاء ما عرفت من الأسرار الجبروتیه و الغوامض الملکوتیه المعبر عنها فی القرآن بما لم یعلم لقوله تعالى: اقرأ و ربک الأکرم الذی علم بالقلم علم الإنسان ما لم یعلم المومى إلیها أیضا بتعلیم الرحمن، لقوله تعالى الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البیان المسماه بکلمات الله التی لا تبید و لا تنفد لقوله تعالى قل لو کان البحر مدادا لکلمات ربی لنفد البحر قبل أن تنفد کلمات ربی و لو جئنا بمثله مددا و لقوله تعالى: و لو أن ما فی الأرض من شجره أقلام و البحر یمده من بعده سبعه أبحر ما نفدت کلمات الله إن الله عزیز حکیم.
(۴) و فی سلافه العصر فی محاسن الشعراء بکل مصر (ص ۴۷۹) تألیف العلامه السید علی صدر الدین المدنی صاحب ریاض السالکین فی شرح صحیفه سید الساجدین، و شرح الفوائد الصمدیه فی النحو، و الدرجات الرفیعه فی طبقات الشیعه و غیرها تبلغ إلى ثمانیه عشر مؤلفا فی فنون متنوعه: الأمیر محمد باقر بن محمد الشهیر بالداماد الحسنى- إلى أن قال صاحب السلافه فی ترجمته قدس سره:
و من غریب رسائله رسالته الخلیعه و هی مما یدل على تأله سریرته، و تقدس سیرته، و صورتها:
بسم الله الرحمن الرحیم الحمد کله لله رب العالمین، و صلاته على سیدنا محمد و آله الطاهرین، کنت ذات یوم من أیام شهرنا هذا و قد کان یوم الجمعه سادس عشر شهر رسول الله شعبان المکرم لعام ثلاث و عشرین و ألف من هجرته المقدسه فی بعض خلواتى أذکر ربى فی تضاعیف أذکارى و أورادى باسمه الغنی فاکرر یا غنى یا مغنى مشددها بذلک عن کل شیء إلا عن التوغل فی حریم سره و الانمحاء فی شعاع نوره و کأن خاطفه قدسیه قد ابتدرت إلى، فاجتذبتنی من الوکر الجثمانى ففککت حلق شبکه الحس، و حللت عقد حباله الطبیعه و أخذت أطیر بجناح الروح فی وسط ملکوت الحقیقه، و کأنى قد خلعت بدنى و رفضت عدنى، و مقوت خلدى، و نضوت جسدى، و طویت اقلیم الزمان، و صرت إلى عالم الدهر فإذا أنا بمصر الوجود بجماجم امم النظام الجملى من الابداعیات و التکوینیات و الإلهیات و الطبیعیات و القدسیات و الهیولانیات و الدهریات و الزمنیات و أقوام الکفر و الإیمان، و أرهاط الجاهلیه و الإسلام من الدارجین و الدارجات و الغابرین و الغابرات، و السالفین و السالفات، و العاقبین و العاقبات، فی الازال و الاباد، و بالجمله آحاد مجامع الإمکان و دارات عوالم الإمکان بقضها و قضیضها و صغیرها و کبیرها باثباتها و بابدائها حالیاتها و آتیاتها و إذا الجمیع زفه زفه و زمره زمره یجذبهم قاطبه معاملون، وجوه ماهیاتهم شطر بابه سبحانه شاخصون، بابصار نیاتهم تلقاء جنابه جل سلطانه من حیث لا یعلمون، و هم جمیعا بألسنه فقر ذواتهم الفاخره، و ألسن فاقه هو یأتهم الهالکه فی صحیح الضراعه و صراخ الابتهال ذاکروه و داعوه و مستصرخوه و منادوه بیاغنی یا مغنی من حیث هم لا یشعرون فطفقت فی تلک الضجه العقلیه، و الصرخه الغیبیه أخر مغشیا علی، و کدت من شده الوله و الدهش أنسی جوهر ذات العاقله و أغیب عن بصر نفسی المجرده و اهاجر ساهره أرض الکون و أخرج من صقع قطر الوجود رأسا إذ قد ودعتنی تلک الخلسه الخالسه حینا حیونا إلیها، و خطفتنی تلک الخطفه الخاطفه تائقا لهوفا علیها فرجعت إلى أرض التیار، و کوره البوار، و بقعه الزور، و قریه الغرور تاره اخرى.هذا منتهى الرساله المذکوره.
(۵) قال صدر المتألهین قدس سره فی آخر الثانی من العاشر من رابع الأسفار: إنی أعلم من المشتغلین بهذه الصناعه من کان رسوخه بحیث یعلم من أحوال الوجود امورا یقصر الأفهام الذکیه عن إدراکها، و لم یوجد مثلها فی زبر المتقدمین و المتأخرین من الحکماء، و العلماء، لله الحمد و له الشکر.
و لا یخفى على العارف بأسالیب الکلمات أنه أراد بقوله هذا نفسه الشریفه و قال المتأله السبزوارى رضوان الله علیه: و الحق معه، و تحقیقاته الأنیقه أعدل شاهد على ما أفاده، شکر الله مساعیه.
(۶) قال الشیخ الرئیس فی آخر السابعه من ثامن طبیعیات الشفاء (ص ۴۱۷ ج ۱): حکی لی رجل بیابان دهستان یخدر نفسه و نفخه الحیات و الأفاعى التی بها و هی قتاله جدا و الحیات لا تنکأ فیه باللسع و لا تلسعه اختیارا ما لم یقسرها علیه، فإن لسعته حیه ماتت، و حکی أن تنینا عظیما لسعته فماتت و عرض له حمى یوم، ثم إنى لما حصلت ببیابان دهستان طلبته فلم یعش و خلف ولدا أعظم خاصیه فی هذا الباب منه، فرأیت منه عجائب نسیت أکثرها و کان من جملتها أن الأفاعى تصد عن عزه و یحتد عن نفسه و یخدر فی یده، انتهى.
و هذه الأحوال التی سمعتها نزر یسیر مما رأینا فی الکتب المعتبره من العجائب الصادره عن النفس الناطقه الإنسانیه، على أن هؤلاء العظام ممن لم یبلغوا رتبه النبوه و الإمامه بل جلهم لو لا الکل اقتبسوا من مشکاه نبى أو وصى نبی فما ظنک بالفائز إلى الخلافه الالهیه من الأنبیاء و الأوصیاء صلوات الله علیهم أجمعین.
فلنأت بعده امور من مواعظ الله سبحانه و مواعظ رسوله و أهل بیته مما لا محیص عنها للسائر إلى الله تعالى فنقول:
۱- القرآن الکریم صوره الإنسان الکامل الکتبیه، أعنى أنه صوره الحقیقه المحمدیه صلى الله علیه و آله إن هذا القرآن یهدى للتی هی أقوم، لقد کان لکم فی رسول الله اسوه حسنه، فبقدر ما قربت منه قربت من الإنسان الکامل، فانظر إلى حظک منه فإن حقائق آیاته درجات ذاتک و مدارج عروجک، و من وصیه إمام الثقلین أبی الحسنین علی علیه السلام لابنه محمد ابن الحنفیه رضى الله عنه کما رواه صدوق الطائفه المحقه فی الفقیه (الوافی ص ۶۴ ج ۱۴):
و علیک بتلاوه (بقراءه- خ) القرآن و العمل به و لزوم فرائضه و شرائعه و حلاله و حرامه و أمره و نهیه و التهجد به و تلاوته فی لیلک و نهارک فإنه عهد من الله تعالى إلى خلقه فهو واجب على کل مسلم أن ینظر فی کل یوم فی عهده و لو خمسین آیه، و اعلم أن درجات الجنه على عدد آیات القرآن فإذا کان یوم القیامه یقال لقارئ القرآن: اقرء و ارق، فلا یکون فی الجنه بعد النبیین و الصدیقین أرفع درجه منه.و انظر بنور العقل و العلم إلى ما أفاضه ولى الله الأعظم فی کلامه هذا فإن محاسنه و لطائفه فوق أن یحوم حولها العباره.
و قد روى علم الهدى الشریف المرتضى فی الغرر و الدرر عن نافع عن أبی إسحاق الهجری عن أبی الأحوص عن عبد الله بن مسعود عن سید البشر صلى الله علیه و آله انه قال: إن هذا القرآن مأدبه الله، فتعلموا مأدبته ما استطعتم، و إن أصفر البیوت لجوف أصفر من کتاب الله تعالى (المجلس ۲۶ منه، ص ۳۵۴ ج ۱ من طبع مصر) قلت: تعبیر القرآن بمأدبه الله تدرک حلاوته و لا توصف قال الشریف علم الهدى:
المأدبه فی کلام العرب هی الطعام یصنعه الرجل و یدعو الناس إلیه فشبه النبی صلى الله علیه و آله ما یکتسبه الإنسان من خیر القرآن و نفعه و عائدته علیه إذا قرأه و حفظ بما یناله المدعو من طعام الداعى و انتفاعه به، یقال: قد أدب الرجل یأدب فهو آدب إذا دعا الناس إلى طعامه، و یقال للمأدبه: المدعاه، و ذکر الأحمر أنه یقال فیها أیضا مأدبه بفتح الدال، و قد روى هذا الحدیث بفتح الدال «مأدبه» و قال الأحمر: المراد بهذه اللفظه مع الفتح هو المراد بها مع الضم.
و قال غیره: المأدبه بفتح الدال مفعله من الأدب، معناه أن الله تعالى أنزل القرآن أدبا للخلق و تقویما لهم و إنما دخلت الهاء فی مأدبه و مأدبه و القرآن مذکر لمعنى المبالغه کما قالوا هذا شراب مطیبه للنفس. و کما قال عنتره: و الکفر مخبثه لنفس المنعم، انتهى ما أردنا من نقل کلامه قدس سره.
فیا إخوان الصفاء هلموا إلى مأدبه إلهیه فیها ما تشتهى الأنفس و تلذ الأعین و إلى مأدبه لیس وراءها أدب و مؤدب و ما ذا بعد الحق إلا الضلال.
و فی فلاح السائل للسید الأجل ابن طاوس قدس سره: فقد روى أن مولانا الصادق علیه السلام کان یتلو القرآن فی صلاه فغشى علیه فلما أفاق سئل ما الذی أوجب ما انتهت حالک إلیه؟ فقال علیه السلام ما معناه: ما زلت اکرر آیات القرآن حتى بلغت إلى حال کأننى سمعتها مشافهه ممن أنزلها على المکاشفه و العیان، فلم تقم القوه البشریه بمکاشفه الجلاله الالهیه.
و اعلم أن القرآن محیط لا نفاد له کیف لا و هو مجلى الفیض الإلهی و قد تقدم فی الرساله عن الامامین الأول و السادس علیهما السلام أن الله عز و جل تجلى لخلقه فی کلامه و لکن لا یبصرون. قال الطریحى رحمه الله علیه فی ماده جمع من مجمع البحرین: و فی الحدیث اعطیت جوامع الکلم، یرید به القرآن الکریم لأن الله جمع بألفاظه الیسیره المعانی الکثیره حتى روى عنه أنه قال: ما من حرف من حروف القرآن إلا و له سبعون ألف معنى، انتهى.
و قلت: إذا کان شکل واحد هندسی یعرف عند أهله بالشکل القطاع یفید «۴۹۷۶۶۴» أحکام هندسیه کما برهن فی محله فلا بعد أن یکون لکل حرف من القرآن سبعون ألف معنى. و یطلب الکلام فی القطاع فی رسالتنا المعموله فی معرفه الوقت و القبله.
یا عباد الرحمن! هذه آیات آخر الفرقان من القرآن الفرقان لا تلکها بین فکیک بل تدبر فیها حق التدبر فان کل آیه منها دستور برأسه من عمل به فاز و نجا.
و عباد الرحمن الذین یمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما و الذین یبیتون لربهم سجدا و قیاما و الذین یقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها کان غراما إنها ساءت مستقرا و مقاما و الذین إذا أنفقوا لم یسرفوا و لم یقتروا و کان بین ذلک قواما و الذین لا یدعون مع الله إلها آخر و لا یقتلون النفس التی حرم الله إلا بالحق و لا یزنون و من یفعل ذلک یلق أثاما یضاعف له العذاب یوم القیامه و یخلد فیه مهانا إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا فأولئک یبدل الله سیئاتهم حسنات و کان الله غفورا رحیما و من تاب و عمل صالحا فإنه یتوب إلى الله متابا و الذین لا یشهدون الزور و إذا مروا باللغو مروا کراما و الذین إذا ذکروا بآیات ربهم لم یخروا علیها صما و عمیانا و الذین یقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذریاتنا قره أعین و اجعلنا للمتقین إماما أولئک یجزون الغرفه بما صبروا و یلقون فیها تحیه و سلاما خالدین فیها حسنت مستقرا و مقاما قل ما یعبؤا بکم ربی لو لا دعاؤکم فقد کذبتم فسوف یکون لزاما.
۲- روى الدیلمی رضوان الله علیه فی الموضعین من کتابه إرشاد القلوب أحدهما فی أواخر الباب الثالث عشر، و ثانیهما فی أواخر الباب العشرین عن النبی صلى الله علیه و آله قال: قال الله تعالى: من أحدث و لم یتوضأ فقد جفانی، و من أحدث و توضأ و لم یصل رکعتین فقد جفانی، و من صلى رکعتین و لم یدعنی فقد جفانی و من أحدث و توضأ و صلى رکعتین و دعانى فلم أجبه فیما یسأل من أمر دینه و دنیاه فقد جفوته و لست برب جاف.
و اعلم یا حبیبى أن الوضوء نور و الدوام على الطهاره سبب لارتقائک إلى عالم القدس. و هذا الدستور العظیم النفع مجرب عند أهله جدا فعلیک بالمواظبه علیها ثم علیک بعلو الهمه و کبر النفس فاذا صلیت الرکعتین فلا تسأله تبارک و تعالى إلا ما لا یبید و لا ینفد و لا یفنى فلا تطلب منه إلا إیاه و لیکن لسان حالک هکذا:
| ما از تو نداریم بغیر از تو تمنا | حلوا بکسى ده که محبت نچشیده است | |
فإن من ذاق حلاوه محبته تعالى یجد دونها تفها، على أن ما یطلب مما سواه کل واحد منها مظهر اسم من أسمائه فاذا وجد الأصل کانت فروعه حاضره عنده، و قلت فی أبیات:
| چرا زاهد اندر هواى بهشت است | چرا بیخبر از بهشت آفرین است؟! | |
و قال العارف المتأله صدر الدین الدزفولى قدس سره:
| خدایا زاهد از تو حور مىخواهد قصورش بین | بجنت مىگریزد از درت یا رب شعورش بین | |
فاذا صلیت فقل ساجدا: اللهم ارزقنى حلاوه ذکرک و لقاءک، و الحضور عندک و نحوها.
۳- قال عز من قائل: و کلوا و اشربوا و لا تسرفوا إنه لا یحب المسرفین (الأعراف: ۳۲) و اعلم حبیبى أن فضول الطعام یمیت القلب بلا کلام، و یفضى إلى جموح النفس و طغیانها، و الجوع من أجل خصال المؤمن و نعم ما قال یحیى بن معاذ: لو تشفعت بملائکه سبع سماوات، و بمائه ألف و أربعه و عشرین ألف نبى و بکل کتاب و حکمه و ولى على أن تصالحک النفس فی ترک الدنیا و الدخول تحت الطاعه لم تجبک، و لو تشفعت إلیها بالجوع لأجابتک و انقادت لک، نقل قوله هذا أبو طالب المکى فی علم القلوب ص ۲۱۵ من طبع مصر.
فی الکافی عن الإمام الصادق علیه السلام: إن البطن لیطغى من أکله، أقرب ما یکون العبد من ربه عز و جل إذا خف بطنه، و أبغض ما یکون العبد إلى الله عز و جل إذا امتلأ بطنه.
۴- إیاک و فضول الکلام فقد روى شیخ الطائفه الناجیه فی أمالیه بإسناد عن عبد الله بن دینار عن أبی عمر قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله: لا تکثروا الکلام بغیر ذکر الله فإن کثره الکلام بغیر ذکر الله قسو القلب إن أبعد الناس من الله القلب القاسی، و قد جعله الشیخ قدس سره الخبر الأول من کتابه الأمالی فلا بد فی عمله هذا من عنایه خاصه فی ذلک، و قد رواه الکلینی رضوان الله علیه فی باب الصمت و حفظ اللسان من اصول الکافی (ص ۹۴ ج ۲ من المعرب) باسناده عن أبی عبد الله علیه السلام قال: کان المسیح علیه السلام یقول: لا تکثروا- إلى آخر الخبر.
۵- و علیک بالمحاسبه، ففی باب محاسبه العمل من اصول الکافی (ص ۳۲۸ ج ۲ من المعرب) بإسناده عن أبی الحسن الماضی صلوات الله علیه- یعنی الإمام الکاظم علیه السلام- قال: لیس منا من لم یحاسب نفسه فی کل یوم، فإن عمل حسنا استزاد الله، و إن عمل سیئا استغفر الله منه و تاب إلیه.
و فی الفصل الخامس من الباب الثانی من مکارم الأخلاق فی وصیه رسول الله صلى الله علیه و آله لأبی ذر الغفاری رحمه الله علیه: یا أبا ذر لا یکون الرجل من المتقین حتى یحاسب نفسه أشد من محاسبه الشریک شریکه، فیعلم من أین مطعمه و من أین مشربه و من أین ملبسه أمن حل ذلک أم من حرام.
۶- و المراقبه لله تعالى، و هی العمده فی الباب، و هی مفتاح کل سعاده و مجلبه کل خیر و هى خروج العبد عن حوله و قوته مراقبا لمواهب الحق و متعرضا لنفحات ألطافه و معرضا عما سواه، و مستغرقا فی بحر هواه و مشتاقا إلى لقائه، و إلیه قلبه یحن ولدیه روحه یئن و به یستعین علیه و منه یستعین إلیه حتى یفتح الله له باب رحمه لا ممسک لها و یغلق علیه باب عذاب لا مفتح له بنور ساطع من رحمه الله تعالى على النفس به یزول عنها فی لحظه ما لا یزول بثلاثین سنه بالمجاهدات و الریاضات، یبدل الله سیئاتهم حسنات، للذین أحسنوا الحسنى و زیاده و الزیاده حسنات ألطاف الحق، و ذلک فضل الله یؤتیه ما یشاء.
| گدائى گردد از یک جذبه شاهى | به یک لحظه دهد کوهى بکاهى | |
فعلیک بالمراقبه، و علیک بالمراقبه، و علیک بالمراقبه، ففی الباب التاسع و الثلاثین من إرشاد القلوب للدیلمی رضوان الله علیه: قال الله تعالى: و کان الله على کل شیء رقیبا، و قال النبی صلى الله علیه و آله لبعض أصحابه: اعبد الله کأنک تراه فإن لم تکن تراه فهو یراک، و هذا إشاره إلى المراقبه لأن المراقبه علم العبد باطلاع الرب علیه فی کل حالاته و ملاحظه الإنسان لهذا الحال هو المراقبه، و أعظم مصالح العبد استحضاره مع عدد أنفاسه أن الله تعالى علیه رقیب و منه قریب، یعلم أفعاله و یرى حرکاته و یسمع أقواله و یطلع على أسراره و أنه ینقلب فی قبضته و ناصیته و قلبه بیده و أنه لا طاقه له على الستر عنه و لا على الخروج من سلطانه.
قال لقمان لابنه: یا بنی إذا أردت أن تعصى الله فاطلب مکانا لا یراک فیه إشاره منه لأنک لا تجد مکانا لا یراک فیه فلا تعصه و قال تعالى: و هو معکم أین ما کنتم.
و کان بعض العلماء یرفع شابا على تلامیذه کلهم فلاموه فی ذلک فأعطى کل واحد منهم طیرا و قال: اذبحه فی مکان لا یراک فیه أحد فجاءوا کلهم بطیورهم و قد ذبحوها فجاء الشاب بطیره و هو غیر مذبوح، فقال له: لم لم تذبحه؟ فقال:
لقولک لا تذبحه إلا فی موضع لا یراک فیه أحد، و لا یکون مکان إلا یرانی الواحد الأحد الفرد الصمد، فقال له: أحسنت ثم قال لهم: لهذا رفعته علیکم و میزته منکم.
و من علامات المراقبه إیثار ما آثر الله و تعظیم ما أعظم الله و تصغیر ما صغر الله فالرجاء یحثک على الطاعات و الخوف یبعد عن المعاصى، و المراقبه تؤدى إلى طریق الحیاء و تحمل على ملازمه الحقائق و المحاسبه على الدقائق، و أفضل الطاعات مراقبه الحق سبحانه و تعالى على دوام الأوقات.
و من سعاده المرء أن یلزم نفسه المحاسبه و المراقبه و سیاسیه نفسه باطلاع الله و مشاهدته لها، و أنها لا تغیب عن نظره و لا تخرج عن علمه، انتهى کلامه قدس سره.
قلت: و من آداب المراقب أن یراقب أعمال الأوقات من الشهور و الأیام بل الساعات بل یواظب أن لا یهمل الانات و یکون على الدوام متعرضا لنفحات انسه
و نسائم قدسه کما قال صلى الله علیه و آله: إن لربکم فی أیام دهرکم نفحات ألا فتعرضوا لها و لا تعرضوا عنها، و للعلم الایه المرزا جواد آقا الملکى التبریزى قدس سره الشریف کتاب فی مراقبات أعمال السنه و هو من أحسن ما صنع فی هذا الأمر فعلیک بالکتاب.
و فی خاتمه إرشاد القلوب فیما سأل رسول الله صلى الله علیه و آله ربه لیله المعراج: یا أحمد هل تدرى أى عیش أهنى و أى حیاه أبقى؟ قال: اللهم لا، قال: أما العیش الهنى فهو الذی لا یفتر صاحبه عن ذکری و لا ینسى نعمتی و لا یجهل حقی یطلب رضاى لیله و نهاره.
و أما الحیاه الباقیه فهی التی یعمل لنفسه حتى تهون علیه الدنیا، و تصغر فی عینیه، و تعظم الاخره عنده، و یؤثر هواى على هواه، و یبتغى مرضاتی، و یعظم حق عظمتی، و یذکر علمی به و یراقبنی باللیل و النهار کل سیئه و معصیه، و ینفى قلبه عن کل ما أکره، و یبغض الشیطان و وساوسه، و لا یجعل لإبلیس على قلبه سلطانا و سبیلا، فإذا فعل ذلک أسکنت قلبه حبا حتى أجعل قلبه لی و فراغه و اشتغاله و همه و حدیثه من النعمه التی أنعمت بها على أهل محبتی من خلقی، و أفتح عین قلبه و سمعه حتى یسمع بقلبه و ینظر بقلبه إلى جلالی و عظمتی و أضیق علیه الدنیا، و أبغض إلیه ما فیها من اللذات، و أحذره من الدنیا و ما فیها کما یحذر الراعی غنمه من مراتع الهلکه، فإذا کان هکذا یفر من الناس فرارا و ینقل من دار الفناء إلى دار البقاء و من دار الشیطان إلى دار الرحمن، یا أحمد لازینه بالهیبه و العظمه فهذا هو العیش الهنی و الحیاه الباقیه، و هذا مقام الراضین.
فمن عمل برضاى الزمه ثلاث خصال: أعرفه شکرا لا یخالطه الجهل، و ذکرا لا یخالطه النسیان، و محبه لا یؤثر على محبتی محبه المخلوقین، فإذا أحبنی أحببته و أفتح عین قلبه إلى جلالی فلا أخفى علیه خاصه خلقی، فاناجیه فی ظلم اللیل و نور النهار حتى ینقطع حدیثه من المخلوقین و مجالستهم معهم، و اسمعه کلامه و کلام ملائکتی، و اعرفه السر الذی سترته عن خلقی و البسه الحیاء حتى یستحیى منه الخلق کلهم، و یمشی على الأرض مغفورا له، و اجعل قلبه واعیا و بصیرا و لا یخفى علیه شیء من جنه و لا نار، و اعرفه بما یمر على الناس فی یوم القیامه من الهول و الشده و ما احاسب به الأغنیاء و الفقراء و الجهال و العلماء و انور فی قبره، و انزل علیه منکرا و نکیرا حتى یسألاه و لا یرى غم الموت و ظلمه القبر و اللحد و هول المطلع حتى أنصب له میزانه و انشر له دیوانه ثم أضع کتابه فی یمینه فیقرأه منشورا ثم لا أجعل بینى و بینه ترجمانا، فهذه صفات المحبین، الحدیث.
فتأمل یا مرید الطریق إلى الله تعالى فی قوله عز و جل لحبیبه خاتم النبیین من الجوائز الکریمه التی أعدها للمراقبین و الراضین و المحبین و من تلک المواهب الجزیله و العطایا النفیسه العزیزه الیتیمه الثمینه فتح عین القلب و قد ذکرها لعظم شرفها و علو رتبتها مرتین.
و نظیر تلک المنح السنیه ما وعد عباده فی النوافل و الفرائض من القرب حیث قال تعالى: و ما یتقرب إلى عبدى بشیء أحب مما افترضت علیه، و إنه لیتقرب إلى بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته کنت سمعه الذی یسمع به و بصره الذی یبصر به، و لسانه الذی ینطق به، و یده الذی یبطش بها، إن دعانی أجبته، و إن سألنی أعطیته.
نقله العلامه الشیخ البهائی فی کتاب الأربعین، و هو الحدیث الخامس و الثلاثون منه، بإسناده عن أبان بن تغلب عن الإمام جعفر بن محمد بن علی الباقر علیه السلام قال: لما أسرى بالنبی صلى الله علیه و آله قال: یا رب ما حال المؤمن عندک؟ قال: یا محمد- إلى قوله: و ما یتقرب إلى عبدى- إلخ و قال- قده-: و هذا الحدیث صحیح السند و هو من الأحادیث المشهوره بین الخاصه و العامه و قد رووه فی صحاحهم بأدنى تغییر، فراجع إلیه.
و قد رواه ثقه الإسلام الکلینی قدس سره فی باب من أذى المسلمین و احتقرهم من أبواب الإیمان و الکفر (ص ۲۶۳ ج ۲ من المعرب) بطریقین، و روى فیه
حدیثا ثالثا یقرب منهما معنى، هذا قرب النوافل الذی یدور فی ألسنه القوم أى القرب الذی یحصل للعبد من النوافل، و أما قرب الفرائض فقال عز و جل ما یتقرب إلى عبدى بشیء أحب إلى مما افترضته علیه و ما زال یتقرب إلى عبدى بالفرائض حتى إذا ما احبه و إذا أحببته کان سمعی الذی أسمع به، و بصری الذی أبصر به، و یدی الذی أبطش بها.
فانظر إلى تفاوه القربین ففی الأول کان الله سمع العبد و بصره و لسانه و یده، و فی الثانی کان العبد سمع الله تعالى و بصره و یده، فالواجبات أکثر ثوابا و أعلى مرتبه من المندوبات بتلک النسبه بین القربین.
قال العلامه المحقق نصیر الدین محمد الطوسی قدس الله سره: العارف إذا انقطع عن نفسه و اتصل بالحق رأى کل قدره مستغرقه فی قدرته المتعلقه بجمیع المقدورات، و کل علم مستغرقا فی علمه الذی لا یعزب عنه شیء من الموجودات و کل إراده مستغرقه فی إرادته التی لا یتأبى عنها شیء من الممکنات، بل کل وجود و کل کمال وجود فهو صادر عنه، فائض من لدنه فصار الحق حینئذ بصره الذی به یبصر، و سمعه الذی به یسمع، و قدرته التی بها یفعل، و علمه الذی به یعلم، و وجوده الذی به یوجد فصار العارف حینئذ متخلقا بأخلاق الله بالحقیقه.
نقلنا کلامه من الرابعه من الرابعه من قره العیون للفیض رضوان الله علیه و فی الثالثه من السابعه من ذلک الکتاب:قال بعض العارفین إذا تجلى الله سبحانه بذاته لأحد یرى کل الذوات و الصفات و الأفعال متلاشیه فی أشعه ذاته و صفاته و أفعاله یجد نفسه مع جمیع المخلوقات کأنها مدبره لها و هی أعضاؤها لا یلم بواحد منها شیء إلا و یراه ملما به، و یرى ذاته الذات الواحده و صفته صفتها و فعله فعلها لاستهلاکه بالکلیه فی عین التوحید، و لما انجذب بصیره الروح إلى مشاهده جمال الذات استتر نور العقل الفارق بین الأشیاء فی غلبه نور الذات القدیمه و ارتفع التمیز بین القدم و الحدوث لزهوق الباطل عند مجیء الحق، و یسمى هذه الحاله جمعا، و لصاحب الجمع أن یضیف إلى نفسه کل أثر ظهر فى الوجود و کل صفه و فعل و اسم لانحصار الکل عنده فی ذات واحده فتاره یحکى عن هذا و تاره عن حال ذاک و لا نعنى بقولنا قال فلان بلسان الجمع إلا هذا.
| عشق بگرفت مرا از من و بنشست بجاى | سیاتم ستدند و حسناتم دادند | |
ثم قال الفیض بعد نقل کلام هذا العارف: و لعل هذا هو السر فی صدور بعض الکلمات الغریبه من مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام فی خطبه البیان و غیرها کقوله علیه السلام:أنا آدم الأول، أنا نوح الأول، أنا آیه الجبار، أنا حقیقه الأسرار، أنا مورق الأشجار، أنا مونع الثمار، أنا مجری الأنهار- إلى أن قال علیه السلام: أنا ذلک النور الذی اقتبس موسى منه الهدى، أنا صاحب الصور، أنا مخرج من فی القبور أنا صاحب یوم النشور، أنا صاحب نوح و منجیه، أنا صاحب أیوب المبتلى و شافیه أنا أقمت السماوات بأمر ربى- إلى آخر ما قال من أمثال ذلک صلوات الله و سلامه علیه.
و قد أجاد فی المقام العالم العارف الشهیر داود بن محمود القیصری فی الفصل الثامن من مقدماته على شرح فصوص الحکم فی أن العالم هو صوره الحقیقه الإنسانیه بقوله: إن الاسم الله مشتمل على جمیع الأسماء و هو متجل فیها بحسب مراتبه فلهذا الاسم الإلهى بالنسبه إلى غیره من الأسماء اعتباران: اعتبار ظهور ذاته فی کل واحد من الأسماء، و اعتبار اشتماله علیها کلها من حیث المرتبه الإلهیه.
فبالأول یکون مظاهرها کلها مظهر هذا الاسم الأعظم لأن الظاهر و المظهر فی الوجود شیء واحد لا کثره فیه و لا تعدد و فی العقل یمتاز کل منهما عن الاخر کما یقول أهل النظر بأن الوجود عین المهیه فی الخارج و غیره فی العقل فیکون اشتماله علیها اشتمال الحقیقه الواحده على أفرادها المتنوعه.
و بالثانی یکون مشتملا علیها من حیث المرتبه الالهیه اشتمال الکل المجموعی على الأجزاء التی هی عینه بالاعتبار الأول.
و إذا علمت هذا علمت أن حقائق العالم فی العلم و العین کلها مظاهر للحقیقه الإنسانیه التی هی مظهر للإسم الله فأرواحها أیضا کلها جزئیات الروح الأعظم الإنسانی سواء کان روحا فلکیا أو عنصریا أو حیوانیا و صورها صور تلک الحقیقه و لوازمها لوازمها لذلک یسمى العالم المفصل بالإنسان الکبیر عند أهل الله لظهور الحقیقه الانسانیه و لوازمها فیه، و لهذا الاشتمال و ظهور الأسرار الإلهیه کلها فیها دون غیرها استحقت الخلافه من بین الحقائق کلها و لله در القائل: سبحان من أظهر ناسوته- إلى آخر البیتین المذکورین آنفا.
فأول ظهورها فی صوره العقل الأول الذی هو صوره إجمالیه للمرتبه العمائیه المشار إلیها فی الحدیث الصحیح عند سؤال الأعرابی أین کان ربنا قبل أن یخلق الخلق؟ قال علیه السلام: کان فی عماء ما فوقه هواء و لا تحته هواء، لذلک قال علیه السلام:أول ما خلق الله نوری، و أراد العقل کما أیده بقوله: أول ما خلق الله العقل ثم فی صوره باقی العقول و النفوس الناطقه الفلکیه و غیرها، و فی صوره الطبیعه و الهیوا الکلیه و الصوره الجسمیه البسیطه و المرکبه بأجمعها.
و یؤید ما ذکرنا قول أمیر المؤمنین ولی الله فی الأرضین قطب الموحدین علی بن أبی طالب علیه السلام فی خطبه کان یخطبها للناس: أنا نقطه باء بسم الله، أنا جنب الله الذی فرطتم فیه، و أنا القلم، و أنا اللوح المحفوظ، و أنا العرش، و أنا الکرسی، و أنا السماوات السبع و الأرضون، إلى أن صحافی أثناء الخطبه و ارتفع عنه حکم تجلی الوحده و رجع إلى عالم البشریه، و تجلى له الحق بحکم الکثره فشرع معتذرا فأقر بعبودیته و ضعفه و انقهاره تحت أحکام الأسماء الإلهیه.
و لذلک قیل: الانسان الکامل لا بد أن یسرى فی جمیع الموجودات کسریان الحق فیها، و ذلک فی السفر الثالث الذی من الحق إلى الخلق بالحق، و عند هذا السفر یتم کماله و به یحصل له حق الیقین.
و من ههنا یتبین أن الاخریه هی عین الأولیه، و یظهر سر هو الأول و الاخر و الظاهر و الباطن و هو بکل شیء علیم.
قال الشیخ رضى الله عنه فی فتوحاته فی بیان المقام القطبى: إن الکامل الذی أراد الله أن یکون قطب العالم و خلیفه الله فیه إذا وصل إلى العناصر مثلا متنزلا فی السفر الثالث ینبغی أن یشاهد جمیع ما یرید أن یدخل فی الوجود من الأفراد الإنسانیه إلى یوم القیامه و بذلک الشهود أیضا لا یستحق المقام حتى یعلم مراتبهم أیضا فسبحان من دبر کل شیء بحکمته، و أتقن کل ما صنع برحمته، انتهى کلام القیصری.
۷- الأدب مع الله تعالى فی کل حال، و قد کان بعض مشایخى و هو العالم المتنزه المتأله و الحکیم العارف الموحد البارع الایه السید محمد حسن القاضى الطباطبائى التبریزى الشهیر بالإلهى أعلى الله تعالى مقاماته و رفع درجاته و جزاه عنى خیر جزاء المعلمین کثیرا ما یوصینی فیما یوصى بالمراقبه لله تعالى، و الأدب معه، و محاسبه النفس لا سیما بالأولى منها، و لا أنسى نفحات أنفاسه الشریفه و برکات فیوضاته المنیفه.
قال عیسى روح الله و کلمته علیه السلام: لا تقولوا العلم فی السماء من یصعد فیأتی به، و لا فی تخوم الأرض من ینزل فیأتی به، العلم مجهول فی قلوبکم تأدبوا بین یدی الله باداب الروحانیین، و تخلقوا بأخلاق الصدیقین، یظهر من قلوبکم حتى یعطیکم و یغمرکم.
قال الإمام الجواد علیه السلام کما فی الباب ۴۹ من إرشاد القلوب للدیلمی فی الأدب مع الله تعالى: ما اجتمع رجلان إلا کان أفضلهما عند الله آدبهما فقیل: یا ابن رسول الله قد عرفنا فضله عند الناس فما فضله عند الله؟ فقال بقراءه القرآن کما انزل، و یروى حدیثنا کما قلنا، و یدعو الله مغرما.
و فی ذلک الباب: قد روى أن الله تعالى یقول فى بعض کتبه: عبدى أمن الجمیل أن تناجینى و تلتفت یمینا و شمالا و یکلمک عبد مثلک تلتفت إلیه و تدعنى؟
و ترى من أدبک إذا کنت تحدث أخالک لا تلتفت إلى غیره فتعطیه من الأدب ما لم تعطنى فبئس العبد عبد یکون کذلک.
و فیه أیضا: روى أن النبی صلى الله علیه و آله خرج إلى غنم له و راعیها عریان یفلى ثیابه فلما رآه مقبلا لبسها، فقال النبی صلى الله علیه و آله: امض فلا حاجه لنا فی رعایتک، فقال إنا أهل بیت لا نستخدم من لا یتأدب مع الله و لا یستحیى منه فی خلوته.
و الأدب مع الله بالاقتداء بادابه و آداب نبیه صلى الله علیه و آله و أهل بیته علیهم السلام و هو العمل بطاعته و الحمد لله على السراء و الضراء و الصبر على البلاء و لهذا قال أیوب رب إنی مسنى الضر و أنت أرحم الراحمین، فقد تأدب هنا من وجهین أحدهما أنه لم یقل انک أمسستنى بالضر، و الاخر لم یقل ارحمنی بل عرض تعریضا فقال: و أنت أرحم الراحمین و انما فعل ذلک حفظا لمرتبه الصبر.
و کذا قال إبراهیم علیه السلام: و إذا مرضت فهو یشفین، و لم یقل إذا مرضتنى حفظا للأدب.
و قال أیوب علیه السلام فی موضع آخر: إنی مسنى الشیطان بنصب و عذاب، أشار بذلک إلى الشیطان لأنه کان یغری الناس فیؤذونه و کل ذلک تأدب منهم مع الله تعالى فی مخاطبتهم.
قلت: و تأدب آدم و زوجه علیهما السلام بقولهما: ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنکونن من الخاسرین، و ترک ابلیس الأدب معه تعالى بقوله: فبما أغویتنى لأقعدن لهم صراطک المستقیم.
۸- و العزله، قال الإمام الصادق علیه السلام: صاحب العزله متحصن بحصن الله تعالى و متحرس بحراسته، فیا طوبی لمن تفرد به سرا و علانیه، و فی العزله صیانه الجوارح و فراغ القلب و سلامه العیش و کسر سلاح الشیطان و المجانبه من کل سوء و راحه، و ما من نبى و لا وصى إلا و اختار العزله فی زمانه إما فی ابتدائه و إما فی انتهائه- نقلناه من مصباح الشریعه.
و فی کشکول العلامه البهائی (ص ۱۵۵ من طبع نجم الدوله) عن سفیان الثوری قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد یقول: عزت السلامه حتى لقد خفی مطلبها فإن تکن فی شیء فیوشک أن تکون فی الخمول، فإن لم توجد فی الخمول فیوشک أن تکون فی التخلی و لیس کالخمول، و إن لم تکن فی التخلی فیوشک أن تکون فی الصمت و لیس کالتخلی، و إن لم توجد فی الصمت فیوشک أن یکون فی کلام السلف الصالح، و السعید من وجد فی نفسه خلوه.
و تأمل فی قوله تعالى: و اذکر فی الکتاب مریم إذ انتبذت من أهلها مکانا شرقیا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إلیها روحنا فتمثل لها بشرا سویا (مریم ۱۸)، و العزله هی الخروج عن مخالطه الخلق بالانزواء و الإنقطاع و أصلها عزل الحواس بالخلوه عن التصرف فی المحسوسات فإن کل آفه و فتنه و بلاء ابتلى الروح بها دخلت فیه بروازن الحواس فبالخلوه و عزل الحواس ینقطع مدد النفس عن الدنیا و الشیطان و إعانه الهوى و الشیطان.
۹- و التهجد، قال الله تعالى: و من اللیل فتهجد به نافله لک عسى أن یبعثک ربک مقاما محمودا و قل رب أدخلنی مدخل صدق و أخرجنی مخرج صدق و اجعل لی من لدنک سلطانا نصیرا (الأسراء ۸۱)، و قال تعالى: إن المتقین فی جنات و عیون آخذین ما آتاهم ربهم إنهم کانوا قبل ذلک محسنین کانوا قلیلا من اللیل ما یهجعون و بالأسحار هم یستغفرون (الذاریات ۱۸)، و قال تعالى: یا أیها المزمل قم اللیل إلا قلیلا نصفه أو انقص منه قلیلا أو زد علیه و رتل القرآن ترتیلا إنا سنلقی علیک قولا ثقیلا إن ناشئه اللیل هی أشد وطئا و أقوم قیلا إن لک فی النهار سبحا طویلا و اذکر اسم ربک و تبتل إلیه تبتیلا، و قال تعالى: و اذکر اسم ربک بکره و أصیلا و من اللیل فاسجد له و سبحه لیلا طویلا إن هؤلاء یحبون العاجله و یذرون وراءهم یوما ثقیلا (الانسان ۲۸).
و روى الشیخ الصدوق قدس سره فی باب معنى التوحید و العدل من کتاب التوحید (ص ۸۴) عن سلمان الفارسی رحمه الله تعالى انه أتاه رجل فقال: یا أبا عبد الله إنی لا أقوى على الصلاه باللیل، فقال: لا تعص الله بالنهار، و فیه أیضا: جاء رجل إلى أمیر المؤمنین علیه السلام فقال: یا أمیر المؤمنین إنى قد حرمت الصلاه باللیل، فقال له أمیر المؤمنین علیه السلام: أنت رجل قد قیدتک ذنوبک.
و روى الکلینی- قده- فی باب الذنوب من کتاب الایمان و الکفر (ص ۲۹۰ ج ۲ من المعرب) بإسناده عن ابن بکیر عن أبی عبد الله علیه السلام قال: إن الرجل یذنب الذنب فیحرم صلاه اللیل و إن العمل السیئ أسرع فی صاحبه من السکین فی اللحم.
روى الشیخ الصدوق رضوان الله علیه فی الأمالی بإسناده عن المفضل قال:سمعت مولاى الصادق علیه السلام یقول: کان فیما ناجى الله عز و جل به موسى بن عمران أن قال له: یا ابن عمران کذب من زعم أنه یحبنى فاذا جنه اللیل نام عنى ألیس کل محب یحب خلوه حبیبه؟ ها أنا ذایا ابن عمران مطلع على أحبائی إذا جنهم اللیل حولت أبصارهم من قلوبهم، و مثلت عقوبتى بین أعینهم یخاطبونی عن المشاهده و یکلمونی عن الحضور، یا ابن عمران هب لی من قلبک الخشوع و من بدنک الخضوع، و من عینیک (عینک- خ ل) الدموع فی ظلم اللیل و ادعنى فإنک تجدنی قریبا مجیبا.
۱۰- و التفکر، قال تعالى: الذین یذکرون الله قیاما و قعودا و على جنوبهم و یتفکرون فی خلق السماوات و الأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانک فقنا عذاب النار (آل عمران: ۱۹۲)، و روى الکلینی فی الکافی (ج ۲ ص ۴۵ من المعرب) عن أبی عبد الله علیه السلام قال: أفضل العباده إدمان التفکر فی الله و فی قدرته، و روى عن معمر بن خلاد قال: سمعت الرضا علیه السلام یقول: لیس العباده کثره الصلاه و الصوم، إنما العباده التفکر فی أمر الله عز و جل، و روى عن ربعى قال قال أبو عبد الله علیه السلام: قال أمیر المؤمنین صلوات الله علیه: إن التفکر یدعو إلى البر و العمل به.
و روى العلامه البهائى فی الحدیث الثانی من کتابه الأربعین باسناده عن أمیر المؤمنین علیه السلام قال قال رسول الله صلى الله علیه و آله: من عرف الله و عظمه منع فاه من الکلام، و بطنه من الطعام، و عنى نفسه بالصیام و القیام، قالوا: بابائنا و امهاتنا یا رسول الله هؤلاء أولیاء الله؟ قال: إن أولیاء الله سکتوا فکان سکوتهم فکرا و تکلموا فکان کلامهم ذکرا، و نظروا فکان نظرهم عبره، و نطقوا فکان نطقهم حکمه، و مشوا فکان مشیهم بین الناس برکه، لو لا الاجال التی قد کتبت علیهم لمتستقر أرواحهم فی أجسادهم خوفا من العذاب و شوقا إلى الثواب، و رواه ثقه الإسلام الکلینی فی الکافی بأدنى تفاوت (الحدیث ۲۵ من باب المؤمن و علاماته و صفاته من کتاب الإیمان و الکفر: ص ۱۸۶ ج ۲).
۱۱- و ذکر الله تعالى فی کل حال قلبا و لسانا قال تعالى: و اذکر ربک فی نفسک تضرعا و خیفه و دون الجهر من القول بالغدو و الآصال و لا تکن من الغافلین إن الذین عند ربک لا یستکبرون عن عبادته و یسبحونه و له یسجدون (آخر الأعراف).
و روى عن النبی صلى الله علیه و آله قال: ارتعوا فی ریاض الجنه، فقالوا: و ما ریاض الجنه؟ فقال: الذکر غدوا و رواحا فاذکروا، و من کان یحب أن یعلم منزلته عند الله فلینظر کیف منزله الله عنده فان الله تعالى ینزل العبد حیث أنزل الله العبد من نفسه، ألا إن خیر أعمالکم و أزکاها عند ملیککم و أرفعها عند ربکم فی درجاتکم و خیر ما طلعت علیه الشمس ذکر الله سبحانه و تعالى أخبر عن نفسه فقال: أنا جلیس من ذکرنی، و أی منزله أرفع من منزله جلیس الله تعالى. (الباب الثالث عشر من إرشاد القلوب للدیلمی).
و فی کتاب الدعاء من الکافی: فیما ناجى الله تعالى به موسى علیه السلام قال:یا موسى لا تنسنی على کل حال فإن نسیانی یمیت القلب (ص ۳۶۱ ج ۲).
و فیه أیضا قال الله عز و جل لعیسى علیه السلام: یا عیسى اذکرنی فی نفسک أذکرک فی نفسی و اذکرنی فی ملإک [ملئی- خ ل] اذکرک فی ملإ خیر من ملإ الادمیین یا عیسى ألن لی قلبک و أکثر ذکرى فی الخلوات، و اعلم أن سروری أن تبصبص إلی و کن فی ذلک حیا و لا تکن میتا. (ص ۳۶۴ ج ۲).
و فی الباب الأول من توحید الصدوق رحمه الله علیه: قال رسول الله صلى الله علیه و آله ما قلت و لا قال القائلون قبلی مثل لا إله إلا الله.
و فیه أیضا قال رسول الله صلى الله علیه و آله: خیر العباده قول لا إله إلا الله.
و فیه أیضا قال أبو عبد الله علیه السلام: قول لا إله إلا الله ثمن الجنه.
و فیه أیضا قال رسول الله صلى الله علیه و آله: یقول الله جل جلاله: لا إله إلا الله حصنی فمن دخله أمن من عذابی.
و فیه أیضا عن زید بن أرقم عن النبی صلى الله علیه و آله، و کذا بإسناده عن محمد بن حمران، عن أبی عبد الله علیه السلام: من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنه و إخلاصه أن یحجزه لا إله إلا الله عما حرم الله عز و جل.
و الذکر هو الخروج عن ذکر ما سوى الله بالنسیان عن غیره، و کلمه لا إله إلا الله ذکر معجون مرکب من النفى و الإثبات فبالنفى تزول المواده الفاسده التی یتولد منها مرض القلب و قیود الروح، و باثبات إلا الله تحصل صحه القلب و سلامته عن الرذائل من الأخلاق.
۱۲- و الریاضه فی طریقى العلم و العمل على النهج الذی قرره الشریعه المحمدیه صلى الله علیه و آله فحسب، فدونها لا یوجب إلا بعدا و ما ذا بعد الحق إلا الضلال لما قد دریت آنفا أن هذا القرآن یهدى للتی هی أقوم، و اعلم أن العلم و العمل بمنزله جناحین للإنسان و لولاهما لما یقدر على الطیران إلى أوج الکمال و العروج إلى المعارج.
و النفس بالاعتبار الأول تسمى نظریه و بالاعتبار الثانی عملیه توضیحه أن لها باعتبار تأثرها عما فوقها من المبادی باستفاضتها عنها ما تتکمل به من التعقلات قوه تسمى نظریه، و لها أربع مراتب، و أن لها باعتبار تأثیرها فی البدن لتفید جوهره کمالا تأثیرا اختیاریا قوه اخرى تسمى عملیه و لها أیضا أربع مراتب، على أن هذا الکمال الذی یحصل للبدن بسببها فی الحقیقه تعود إلیها لأن البدن آله لها فی تحصیل العلم و العمل.
أما مراتب القوه النظریه فلأن النفس فی مبدء الفطره خالیه عن العلوم کلها لکنها مستعده لها و إلا لامتنع اتصافها بها و حینئذ تسمى عقلا هیولانیا تشبیها لها بالهیولى الخالیه فی نفسها عن جمیع الصور القابله إیاها، ثم إذا استعملت آلاتها أعنى الحواس الظاهره و الباطنه حصل لها علوم أولیه و استعدت لاکتساب النظریات و حینئذ تسمى عقلا بالملکه لأنها حصلت لها بسبب تلک الأولیات ملکه الانتقال إلى النظریات، ثم رتبت العلوم الأولیه و أدرکت النظریات و حصلت لها ملکه الاستحضار بحیث تستحضرها متى شاءت من غیر کسب جدید لأجل تکرار الاکتساب لکن لا تشاهدها بالفعل بل صارت مخزونه عندها فهو العقل بالفعل لحصول قدره الاستحضار للنفس بالفعل و إذا استحضرت العلوم مشاهده إیاها تسمى عقلا مستفادا لأن النفس الانسانیه فی آخر المراتب تصیر عقلا لکن لا فعالا للکمالات بل عقلا منفعلا بحسب قبول الکمالات من العقل الفعال.
و أما مراتب القوه العملیه فاولیها تهذیب الظاهر باستعمال الشرائع النبویه و النوامیس الالهیه، و هذه المرتبه تسمى عندهم التجلیه- بالجیم، و بعباره واضحه التجلیه أن تورد النفس قواها و أعضائها بالمراقبه الکامله تحت انقیاد الأحکام الشرعیه و النوامیس الالهیه و إطاعتها فتطیع أوامر الشرع و تجتنب عن المناهی حتى یظهر آثار الطهاره الظاهریه فی الظاهر أعنى البدن، و یحصل للنفس أیضا على التدریج ملکه التسلیم و الانقیاد للسلوک إلى طریق الحق تعالى و المتکفل لحصول هذه المرتبه هو علم الفقه على الطریقه الحقه الجعفریه لیس إلا.
و ثانیها تهذیب الباطن عن الملکات الردیه و نفض آثار شواغله عن عالم الغیب و تسمى هذه المرتبه التخلیه بالخاء، و بعباره اخرى التخلیه أن یعرض النفس عن المضار الاجتماعیه و الانفرادیه و مفاسدهما یحذر من عواقبهما الوخیمه دنیویه و اخرویه کالحسد و الحرص و الکبر و العجب و غیرها من الأخلاق الرذیله المبینه فی الکتب الأخلاقیه، و رفض تلک الرذائل عن النفس بمنزله علاج البدن من الأمراض الجسمانیه، و شرب المسهل و الدواء لقلعها فکما أن الجسم ما کان مریضا لم ینفعه غذاء طیب مقو و على الطبیب أن یداوى الجسم و یعالجه أولا ثم یقویه بالأغذیه المقویه کذلک الأمراض الروحیه أعنى تلک الرذائل الأخلاقیه ما لم یقلع من النفس و لم یسلم النفس منها لم ینفعه الملکات الفاضله.
و ثالثها ما یحصل بعد اتصالها بعالم الغیب و هو تحلى النفس بالصور القدسیه و تسمى هذه المرتبه التحلیه بالحاء المهمله، و بعباره اخرى التحلیه أن تتحلى النفس بعد حصول التخلیه بحلى الأخلاق الحمیده و الملکات الفاضله الجمیله مما هی فی نظام الاجتماع و رشد الفرد و تکامله مؤثر جدا فالتحلیه طهاره معنویه و ما لم یتحقق هذه الطهاره للانسان فهو لیس بطاهر حقیقه و إن کان ظاهره متصفا بالطهاره و اتصاف النفس بها بمنزله تقویه المریض بالأغذیه المقویه بعد خلاصه من الأمراض.
و رابعتها ما یتجلى له عقیب ملکه الإتصال و الانفصال عن نفسه بالکلیه و هو ملاحظه جمال الله و جلاله و قصر النظر على کماله حتى یرى کل قدره مضمحله جنب قدرته الکامله، و کل علم مستغرقا فی علمه الشامل بل کل وجود فائضا من جنابه، و تسمى هذه المرتبه بالفناء فی الحق، رزقنا الله و جمیع المؤمنین تلک النعمه العظمى و بلغنا إلى تلک الغایه القصوى، و له أیضا ثلاث مراتب: محو و طمس و محق المحو، فناء أفعال العبد فی فعل الحق، و الطمس، فناء صفاته فی صفات الحق و المحق، فناء وجوده فی ذات الحق، ففی الأول لا یرى فی الوجود فعلا لشیء إلا للحق، و فی الثانی لا یرى لشیء من الوجود صفه إلا للحق، و فی الثالث لا یرى وجودا لشیء إلا للحق، و الفناء قسمان: فناء استهلاک کفناء أنوار الکواکب فی نور الشمس، و حینئذ یبقى عین الفانی و ذاته و یرتفع حکم إنیته، و فناء هلاک کفناء الأمواج عند سکون البحر، و حینئذ یزول الفانی و یرتفع عینه و لا یبقى أثره.
و نزیدک بیانا و نقول: غب ما حصلت المراتب الثلاثه التجلیه و التخلیه و التحلیه للسالک تحصل له ببرکه الطهاره و الصفاء، جاذبه المحبه و العشق إلى جناب الحق جل جلاله فتصیر محبا لما هو کمال له حقیقه من الحضور دائما عنده تعالى و عبادته و الخلوه معه و الانس به، و ذکره قلبا و لسانا، فتوجب تلک الأحوال تشدید المحبه تدریجا و اشتعال نار المحبه یسیرا یسیرا حتى یذهل عن نفسه و لا یرى إلا هو، و یبلغ بحق الیقین إلى أنه تعالى هو الأول و الاخر و الظاهر و الباطن، و إلى أنه هو الظاهر لا غیر، و أن الظاهر هو لا غیر، و إلى أن الباطن هو الظاهر، و أن الأول هو الاخر و الاخر هو الأول، و الکل تحت اسم الظاهر تدوینا و تکوینا لفظا و عینا، و هذه الحاله للعارف تسمى بالفناء فی الله فالفناء ملاحظه جمال الله و جلاله و قصر النظر على کماله.
و للفناء ثلاث درجات: الاولى، الفناء فی الأفعال فیرى العارف فی هذه الدرجه المؤثرات و المبادی و الأسباب و العلل من المجردات و المادیات و من الطبیعیات و الإرادیات باطله بلا أثر، ألا کل شیء ما خلا الله باطل، و لا یرى مؤثرا إلا الحق جل جلاله و لا یرى قدره عامله و لا إراده نافذه فی الکائنات إلا قدرته و إرادته، فیشهد ذاتا غیر متناهیه، و إراده و قدره غیر متناهیتین حاکمه على الجمیع، و عنت الوجوه للحى القیوم، فیرى بعین الشهود بلا شوب ریب حقیقه الکریمه: و ما رمیت إذ رمیت و لکن الله رمى، فیکون لسان حاله مترنما بمقال لا حول و لا قوه إلا بالله، بلا شائبه خیال و وهم بل بعین بصیره و قلب مستیقظ نبیه، و فی هذا المقام یحصل له الیأس عما سواه تعالى و الرجاء الواثق التام إلیه تعالى، و یساوى عنده بل یتحد قدره أعظم ملوک الأرض و قدره أخس ذوى النفوس کالبق مثلا، و هذه الدرجه تسمى بالمحو و إلیه أشار صاحب المثنوی بقوله:
| این سببها بر نظرها پردهها است | که نه هر دیدار صنعش را سزا است | |
| دیدهاى باید سبب سوراخ کن | تا حجب را بر کند از بیخ و بن | |
| تا مسبب بیند اندر لا مکان | هرزه بیند جهد و أسباب دکان | |
و الثانیه، الفناء فی الصفات، فیرى العارف فی هذه الدرجه جمیع أسمائه تعالى و صفاته من صفات اللطف کالرحمن و الرحیم و الرازق و المنعم، و صفات القهر کالقهار و المنتقم مستهلکه فی غیب الذات الأحدیه، و لا یرى إلا الذات الأحدیه و لا یرى تعینا، و حینئذ یرتفع اختلاف المظاهر کالجبرئیل و العزرائیل و موسى و فرعون من عین صاحب هذا المقام، و یتحد عنده و لا یتفاوت له اللطف و القهر و البسط و الغضب و العطاء و المنع و الجنه و النار و الصحه و المرض و الفقر و الغنى و العزه و الذله، و إلى هذه المرحله أشار العارف المصقع بقوله:
| گر وعده دوزخ است و یا خلد غم مدار | بیرون نمىبرند تو را از دیار دوست | |
و هذه الدرجه تسمى بالطمس.
و اعلم أن صفاته تعالى إما ایجابیه و إما سلبیه و یقال لنعوته الإیجابیه لکونها وجودیه جماله تعالى، و لنعوته السلبیه صفات الجلال لتجلیله بأنه المترفع عن الترکیب و الجوهریه و العرضیه و الجسمیه و یقال: انه لیس بمرکب و لیس بعرض و لیس بجسم و لیس له ماهیه و نحوها فلزم أن لا یکون مرئیا و مشاهدا بل و لا مدرکا و لذا نسب الاحتجاب إلى صفه الجلال کما قیل:
| جمالک فی کل الحقائق سائر | و لیس له إلا جلالک ساتر | |
و قال المتأله السبزوارى قدس سره:
| پرده ندارد جمال غیر صفات جلال | نیست بر این رخ نقاب نیست بر این مغز پوست | |
و الصفات الجمالیه و الجلالیه یقال بمعنى آخر أیضا قال القیصری فی الفصل الثانی من مقدماته على شرح الفصوص: ان ذاته تعالى اقتضت بحسب مراتب الالوهیه و الربوبیه صفات متعدده متقابله کاللطف و القهر و الرحمه و الغضب و الرضا و السخط و غیرها و تجمعها النعوت الجمالیه و الجلالیه إذ کل ما یتعلق باللطف فهو الجمال، و ما یتعلق بالقهر فهو الجلال.
و لکل جمال أیضا جلال کالهیمان الحاصل من الجمال الإلهى فإنه عباره عن انقهار العقل منه و تحیره فیه، و لکل جلال جمال و هو اللطف المستور فی القهر الإلهى کما قال الله تعالى: و لکم فی القصاص حیاه یا أولی الألباب، و قال أمیر المؤمنین علیه السلام: سبحان من اتسعت رحمته لأولیائه فی شده نقمته، و اشتدت نقمته لأعدائه فی سعه رحمته، و من هنا یعلم سر قوله علیه السلام: حفت الجنه بالمکاره و حفت النار بالشهوات، انتهى کلام القیصری.
و الثالثه الفناء فی الذات، و العارف فی هذا المقام یرى جمیع أنواع الکائنات المختلفه متحده کما أن الجاهل یحسبها متکثره، إذ تعین کل واحد منها کالملک و الفلک و الإنسان و الحیوان و الأشجار و المعادن أو همه إلى الکثره فظن أنها متبدده متعدده و لکن العارف فی ذلک المشهد العظیم یشاهد من عرش التجرد الأعلى إلى مرکز التراب بصوره نجارستان انتقش بقلم التجلی على جدرانه و سقفه و على جمیع ما فی ذلک النجارستان عکوس علمه تعالى و قدرته و حیاته و رحمته، و نقوش لطفه و قهره، و أشعه جماله و جلاله، و یشاهد جمیع ما فی دار الوجود من برها و بحرها و عالیها و دانیها و مجردها و مادیها متصلا بعضها ببعض و مرتبطا أحدها باخر و منضما هذا بذاک کهیکل انسان واحد مثلا، یخبر الجمیع بنغمه موزونه واحده عن عظمه العالم الربوبى، و فی هذا المقام یتحقق بحقیقه التوحید و کلمه لا إله إلا الله الطیبه، قائلا بلسان الحقیقه یا هو یا من لیس إلا هو، فإذن لا یبقى له و لا للممکنات الاخرى هویه، بل هویه الکل مضمحل و متلاش فی تجلى حقیقه الحق سبحانه، لمن الملک الیوم لله الواحد القهار، و تسمى هذه الدرجه بالمحق.
و ما حررنا فی مراتب القوه العملیه نبذه من إفاضات مولانا المکرم و رشحه من فیوضات استاذنا العلیم، الایه العظمى المیرزا أبی الحسن الرفیعی القزوینی متع الله تعالى المسلمین بطول بقائه و أدام أیام افاداته- مع بعض إفاضات منا مزیدا للإیضاح، و الحمد لله باسط الرزق فالق الإصباح.
و اعلم أن الطهاره الحقیقیه للنفس إنما هی حاصله فی الثالثه من الدرجات لأنها تطهیر النفس عما عداه تعالى، قد أفلح من زکیها.
و أن لسان الغیب الخواجه شمس الدین الحافظ قدس سره أشار فی بیته:
| ساقى حدیث سرو و گل و لاله مىرود | این بحث با ثلاثه غساله مىرود | |
إلى هذه الدرجات الثلاث فعبرها بالثلاثه الغساله لتغسیلها النفس عن الأنجاس و الأدناس فبالفناء فی الأفعال ینبت الورد فی روضه سر القلب، و یستشم العارف من ریاض القدس ریح الورد، و بالفناء فی الصفات ینبت الشقائق فیها إشاره إلى تکامل الورد، و بالثالث ینبت السرو فیها فیحیط أثر العمل شراشر وجود السالک فالجزاء مرتب على وفق العمل فکلما کان العمل أصعب و أشد کان جزاؤه أشرف و أسد، جزاء بما کانوا یعملون، نقل هذه اللطیفه المحقق النراقى قدس سره فی الخزائن عن الشیخ محمد الدارابی (ص ۴۱۳ طبع علمیه اسلامیه ۱۳۸۰ ه ق).
و أن العلامه البهائی قدس سره نقل فی أواخر المجلد الأول من الکشکول (ص ۱۴۳ من طبع نجم الدوله) عن النبی صلى الله علیه و آله قال: خیر الدعاء دعائى و دعاء الأنبیاء من قبلى و هو: «لا إله إلا الله وحده وحده وحده، لا شریک له، له الملک و له الحمد یحیى و یمیت، و هو حى لا یموت، بیده الخیر، و هو على کل شیء قدیر»، و روى ثقه الإسلام الکلینی فی کتاب الدعاء من الکافى (ص ۳۷۵ ج ۲ من المعرب) بإسناده عن علی بن النعمان، عمن ذکره، عن أبی عبد الله علیه السلام قال: قال جبرئیل علیه السلام لرسول الله صلى الله علیه و آله: طوبى لمن قال من امتک: «لا إله إلا الله وحده وحده وحده»، و رواه الشیخ الجلیل الصدوق فی باب ثواب الموحدین و العارفین من کتاب التوحید باسناده عن جابر بن یزید الجعفی، عن أبی جعفر علیه السلام (ص ۸) و تثلیث قول وحده فیها باعتبار توحید الذات و الصفات و الأفعال، أفاده العالم المتأله السعید القاضى السعید فی شرح توحید الصدوق.
فإذا زکیت نفسک فقد أفلحت و لاح فیک ما وعد الله تعالى عباده الصالحین و لم یکن حجابک إلا أنت، قال عز من قائل: کلا بل ران على قلوبهم ما کانوا یکسبون کلا إنهم عن ربهم یومئذ لمحجوبون (المطففین: ۱۶) قال الخواجه صائن الدین على الترکه فی آخر قواعد التوحید: إن العلوم کلها موجوده فینا لکنها مختفیه بالحجب المانعه عن الظهور، و لا یخفى علیک أن ظهورها تاره یکون بالحرکات اللطیفه الفکریه الروحانیه بعد تسلیط القوه القدسیه على قوتى الوهمیه و المتخیله و سائر القوى الجسمانیه و تهذیب الأخلاق و تزیین النفس بالأخلاق الحسنه، و تاره اخرى بتسکین المتخیله و المتوهمه و إلجامهما و منعهما عن الحرکات المضطربه المشوشه بعد تسخیر القوى الجسمانیه بالتزکیه و التصفیه و کلا الطریقین حق عند أکثر المحققین من أهل النظر و أصحاب المجاهده.
| خذا بطن هرشى أو قفاها فإنه | کلا جانبى هرشى لهن طریق | |
و من اعتقد أنه لا اعتبار بالتزکیه و التصفیه فی طریق التعلم و النظر رکب متن الهوى و الهوس حسب هذه العقیده الفاسده، و غلبت على نفسه الشهوه و الغضب و استولت علیه الرذائل الطبیعه المهلکه، و حرمت علیها الفضائل الملکیه المحییه و اشتغل بقراءه کتب مقلدى الفلاسفه و زبر المتکلمین من أصحاب الجدل و المشاغبه و ضیع عمره فی ضبط الاراء المتناقضه و حفظ الأحوال و الأقوال المتقابله فأوقع نفسه فی لجج الخیالات الفاسده و الأوهام الباطله عند تلاطم أمواج الشکوک و الشبهات المفرقه فاضمحل نور قلبه و عمیت بصیرته بتراکم الکدورات المظلمه و العقائد الفاسده و ازداد فیه الجهل و التردد و حصل له البهت و التحیر و لا یدرى أین یذهب فلحق به من الحق الغضب و ظن أن الکمال ما حصل له و وصل إلیه و لیس ورائه حاله مرغوبه کمالیه و لا سعاده باقیه فتیقن خبث هذه العقیده و وجه ضررها من لطفه و استعذابه من مکره و غضبه.
۱۳- و علیک بما نقص علیک من قصص ثلاث هی من أحاسن القصص دستورا أما الاولى فقد روى ثقه الإسلام الکلینی فی باب المؤمن و علاماته و صفاته من کتاب الإیمان و الکفر من الکافی (ص ۱۸۶ ج ۲ من المعرب): أن الحسن بن علی صلوات الله علیهما خطب الناس فقال: أیها الناس أنا اخبرکم عن أخ لی کان من أعظم الناس فی عینی، و کان رأس ما عظم به فی عینی صغر الدنیا فی عینه کان خارجا من سلطان بطنه، فلا یشتهى ما لا یجد، و لا یکثر إذا وجد، کان خارجا من سلطان فرجه فلا یستخف له عقله و لا رأیه، کان خارجا من سلطان الجهاله فلا یمد یده إلا على ثقه لمنفعه، کان لا یتشهى و لا یتسخط و لا یتبرم، کان أکثر دهره صماتا فإذا قال بذ القائلین، کان لا یدخل فی مراء و لا یشارک فی دعوى و لا یدلى بحجه حتى یرى قاضیا، و کان لا یغفل عن اخوانه و لا یخص نفسه بشیء دونهم، کان ضعیفا مستضعفا فإذا جاء الجد کان لیثا عادیا، کان لا یلوم أحدا فیما یقع العذر فی مثله حتى یرى اعتذارا، کان یفعل ما یقول و یفعل ما لا یقول، کان إذا بتزه أمران لا یدرى أیهما أفضل نظر إلى أقربهما إلى الهوى فخالفه، کان لا یشکو وجعا إلا عند من یرجو عنده البرء، و لا یستشیر (یسترشد- خ) إلا من یرجو عنده النصیحه، کان لا یتبرم و لا یتسخط و لا یتشکى و لا یتشهى و لا ینتقم و لا یغفل عن العدو، فعلیکم بمثل هذه الأخلاق الکریمه إن أطقتموها، فإن لم تطیقوها کلها فأخذ القلیل خیر من ترک الکثیر، و لا حول و لا قوه إلا بالله، و هذا الحدیث قد نسبه الشریف الرضى رضوان الله علیه إلى أمیر المؤمنین علی علیه السلام و أتى به فی القسم الثالث من النهج أعنى فی باب المختار من حکم أمیر المؤمنین علیه السلام و هو المختار ۲۸۹.
و رواه أبو محمد الحسن بن علی بن شعبه الحرانی رحمه الله علیه عن أبی محمد الامام الحسن بن علی المجتبى علیهما السلام أیضا، کما فی الکافی و فى هامش نسخه مخطوطه عتیقه من النهج توجد فی مکتبتنا: قال السید الإمام السعید أبو الرضا رضى الله عنه: وجدت هذا الفصل فی أدب ابن المقفع، و وجدت فی کتاب آخر هذا الکلام منسوبا إلى الحسن بن علی صلوات الله علیهما، و نقل ذلک الحدیث العلامه البهائى أیضا فی أوائل المجلد الثالث من کشکوله (ص ۲۴۹ طبع نجم الدوله) من النهج أیضا من غیر تعرض فیه.
قلت: إذا دار الأمر بین الجامع الکافی و بین غیره من الجوامع الروائیه فضلا عن غیرها فلا ریب أن المتعین هو الأول، على أن روایه ابن شعبه موافقه له و معاضده، و بین النسخ تفاوت فی الجمله و نحن نقلناها من نسخه مخطوطه مصححه من الکافی مزدانه بعلائم المقابله و التصحیح من أولها إلى آخرها و بتعلیقات أنیقه رشیقه، و بخط صدر الدین السید علی خان المدنی قدس سره الذی تقدم ذکره فی هذه الرساله غیر مره على ظهرها و هذه صورته: «الحمد لله سبحانه، على هذه النسخه الشریفه المعتمده خط السید نصیر المله و الدین و خط ابن أخیه و صهره السید محمد معصوم و خط ابنه والدی الأمیر نظام الدین أحمد، و قد قرأها على السید العلامه نور الدین ابن علی بن أبی الحسن العلوی قدس الله سبحانه أسرارهم، کتب علی الصدر المدنی عفى عنه».
و أما الثانیه فقد نقلها العلامه الشیخ البهائی قدس سره فی أول المجلد الثالث من کتابه القیم النفیس المسمى بالکشکول (ص ۲۴۵ من طبع نجم الدوله) حیث قال: من خط س[۱] عن عنوان البصری و کان شیخا قد أتى علیه أربع و تسعون سنه، قال: کنت أختلف إلى مالک بن أنس سنین فلما قدم جعفر بن محمد الصادق علیه السلام اختلفت إلیه و أحببت أن آخذ عنه کما أخذت عن مالک، فقال یوما لی: إنی رجل مطلوب و مع ذلک لی أوراد فی کل ساعه من آناء اللیل و النهار فلا تشغلنی عن وردی و خذ عن مالک، و اختلف إلیه کما کنت تختلف.
فاغتممت من ذلک، و خرجت من عنده، و قلت فی نفسی: لو تفرس لی خیرا لما زجرنی عن الاختلاف إلیه و الأخذ عنه، فدخلت مسجد الرسول صلى الله علیه و آله و سلمت علیه ثم رجعت من الغد إلى الروضه، و صلیت فیها رکعتین و قلت: أسألک یا الله یا الله، أن تعطف على قلب جعفر و ترزقنی من علمه ما أهتدی به إلى صراطک المستقیم، و رجعت إلى داری مغتما و لم أختلف إلى مالک بن أنس لما اشرب فی قلبی من حب جعفر علیه السلام فما خرجت من داری إلا إلى الصلاه المکتوبه حتى عیل صبری، فلما ضاق صدرى تنعلت و تردیت و قصدت جعفرا علیه السلام و کان بعد ما صلیت العصر، فلما حضرت باب داره استأذنت علیه فخرج خادم له فقال: ما حاجتک؟ فقلت: السلام على الشریف، فقال: هو قائم فی مصلاه، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلا یسیرا إذا خرج خادم فقال: ادخل على برکه الله.
فدخلت و سلمت علیه فرد على السلام، و قال: اجلس غفر الله لک فجلست فأطرق ملیا، ثم رفع رأسه فقال: أبو من؟ قلت: أبو عبد الله، قال: ثبت الله
کنیتک و وفقک یا أبا عبد الله ما مسئلتک؟ فقلت فی نفسی: لو لم یکن لی فی زیارته و التسلیم علیه غیر هذا الدعاء لکان کثیرا.
ثم رفع رأسه فقال: ما مسئلتک؟ قلت: سألت الله أن یعطف على قلبک و یرزقنی من علمک و أرجو أن الله تعالى أجابنی فی الشریف ما سألته.
فقال: یا أبا عبد الله لیس العلم بالتعلم و إنما هو نور یقع على قلب من یرید الله تبارک و تعالى أن یهدیه، فإن أردت العلم فاطلب أولا فی نفسک حقیقه العبودیه و اطلب العلم باستعماله، و استفهم الله یفهمک.
قلت: یا شریف، قال: یا أبا عبد الله، قلت: یا أبا عبد الله ما حقیقه العبودیه؟
قال: ثلاثه أشیاء أن لا یرى العبد لنفسه فیما خوله الله ملکا لأن العبید لا یکون لهم ملک، یرون المال مال الله یضعونه حیث أمرهم الله به، و لا یدبر العبد لنفسه تدبیرا و جعل اشتغاله فیما أمره الله تعالى به و نهاه عنه، فإذا لم یر العبد لنفسه فیما خوله الله ملکا هان علیه الإنفاق فیما أمره الله تعالى أن ینفق فیه و إذا فوض العبد تدبیر نفسه إلى مدبره هان علیه مصائب الدنیا، و إذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى و نهاه لا یتفرغ منهما إلى المراء و المباهاه مع الناس، و إذا أکرم الله العبد بهذه الثلاثه هان علیه الدنیا و إبلیس و الخلق، و لا یطلب الدنیا تکاثرا أو تفاخرا و لا یطلب ما عند الناس عزا و علوا و لا یدع أیامه باطلا، فهذا أول درجه التقى، قال الله تعالى: تلک الدار الآخره نجعلها للذین لا یریدون علوا فی الأرض و لا فسادا و العاقبه للمتقین.
قلت: یا أبا عبد الله أوصنی، فقال: اوصیک بتسعه أشیاء فانها وصیتی لمریدی الطریق إلى الله تعالى، و الله أسأل أن یوفقک لاستعماله:
ثلاثه منها فی ریاضه النفس، و ثلاثه منها فی الحلم، و ثلاثه منها فی العلم فاحفظها، و إیاک و التهاون بها، قال عنوان: ففرغت قلبی له.
قال: أما اللواتی فی الریاضه: فایاک أن تأکل ما لا تشتهیه فانه یورث الحماقه و البله، و لا تأکل إلا عند الجوع، و إذا أکلت فکل حلالا، و سم الله و ذکر حدیث الرسول صلى الله علیه و آله: ما ملأ آدمی وعاء شرا من بطنه فإن کان و لا بد فثلث لطعامه، و ثلث لشرابه، و ثلث لنفسه.
فأما اللواتی فی الحلم: فمن قال لک إن قلت واحده سمعت عشرا فقل له إن قلت عشرا لم تسمع واحده، و من شتمک فقل إن کنت صادقا فیما تقول فأسئل الله أن یغفر لی، و إن کنت کاذبا فیما تقول فأسئل الله أن یغفر لک، و من وعدک بالخنى فعده بالنصیحه و الدعاء.
و أما اللواتی فی العلم: فاسئل العلماء ما جهلت، و إیاک أن تسئلهم تعنتا و تجربه، و إیاک أن تعمل برأیک شیئا، و خذ بالاحتیاط فی جمیع ما تجد إلیه سبیلا، و اهرب من الفتیا هربک من الأسد، و لا تجعل رقبتک فی الناس جسرا قم عنی یا أبا عبد الله فقد نصحت لک و لا تفسد على وردى فإنی امرؤ ضنین بنفسی و السلام على من اتبع الهدى، منقول کله من خط س. انتهى ما أتى به الشیخ- ره- فی الکشکول.
قلت: تأمل یا باغى السداد و طالب الرشاد و سالک الطریق إلى رب العباد فی هذه الصحیفه المکرمه التی کتبت بقلم الولایه و انتقشت بما کله نور و هدایه.
و اخاطب نفسی الخاطئه فأقول لها: أیتها الهالکه ما غرک بربک الکریم تعمل عنده الأعمال الفاضحه، قومى و سافرى إلى من خلقک فسواک فعدلک فی أى صوره ما شاء رکبک، ألا ترى أن ما سواه معتکف ببابه و مالک لا تطیر إلى جنابه، صرفت العمر فی قیل و قال، و ضیعته فی الجواب و السئوال، قومى فاغتنمى الفرصه، و اخلصى من الغصه، إیاک و التسویف فإنه مبیر الوضیع و الشریف، علیک بالحضور عند ربک الغفور فإن الحضور یورث النور بل النور على النور و الله نور السموات و الأرض و جمالهما جل جلاله و عم نواله، أما قرأت الکتاب الحکیم القرآن العظیم یقول قائله عز اسمه و له الأسماء الحسنى: من جاهد فینا لنهدینهم سبلنا، ألا رأیت کلام إمامک کشاف الحقائق أبی عبد الله جعفر بن محمد الصادق: لیس العلم بالتعلم و إنما هو نور یقع على قلب من یرید الله تبارک و تعالى أن یهدیه.
| اگر بودى کمال اندر نویسائى و خوانائى | چرا آن قبله کل نانویسا بود و ناخوانا | |
إلى متى فی فراش الغفله و اتخذى لک الخلوه، و انتبهى من النوم، و توبى نصوحا فی الیوم، و علیک بالسکوت و الصوم، و قومى عن العشیره و القوم، و یا نفسی الاثمه الجانیه و ازهدى فی الدنیا الفانیه فإن حبها جب کل عطیه و رأس کل خطیئه، أعرضى عن دار الغرور، و توجهى إلى نور کل نور، لعل الله یحدث بعد ذلک أمرا، و عسى أن تأتیه فردا.
| اى شده مغرور بدار غرور | قد خسر الغافل یوم النشور | |
| اى که فتادى ز ره عشق دور | ألا إلى الله تصیر الامور | |
| از چه ندارى خبر از خویشتن | یار حضور و تو ندارى حضور | |
| و ما إخالک بناج لما | یداک قد حصلنا من شرور | |
| و لا تخافن سوى نفسکا | ترس تو بیجا است ز مرگ و ز گور | |
| و الله قد أظهر آیاته | بیخبر است گر چه دل و دیده کور | |
| هر چه توانى بره عشق کوش | کامده از عشق همه در ظهور | |
| دست ز أنبان شکم باز دار | تا که دلت نور دهد همچو هور | |
| هل کان عبد البطن عبد الإلاه | ظلمتى از پرتو و نور است دور | |
| آن بطلب کو بود أصل مراد | إیاک و الزهد لوجدان حور | |
| باش همى در ره دیدار یار | إن شئت عیشا دائما فی السرور | |
| این سر بیهوش تو از خیرگى | لما یفیقن إلى نفخ صور | |
| این دل زنگار تو را راه نیست | فی ساحه القدس من الله نور | |
| نعم لئن تبت نصوحا عسى | أن یغفر الله الرحیم الغفور | |
| فی ظلمه اللیل تناجى الإلاه | تکلم الله کموسى بطور | |
| و ابک بکاء عالیا قانتا | عند صلاه لیلک بالحضور | |
| نیست گرت مرده دلى بهر چه | لست لربک بعبد شکور | |
| مرد خدا را حسنا روى دل | سوى حضور است نه حور و قصور | |
فیامن خلقنى من العدم، یا من کرم بنی آدم یا نور المستوحشین فی الظلم یا شاهد کل نجوى، یا من إلیه الکل یسعى، یا من هو بدنا اللازم، یا من جرى فی الخلق حکمه الجازم، یا من إلى بابه ألوذ، یا من به من شر نفسى أعوذ، یا من تحیر فیه ما سواه، یا من نطق به الألسن و الأفواه.
| اى که زبانها به تو گویاستی | ایکه دل و دیده بیناستی | |
| اى که صفات تو و ذاتت نکو است | اى که ز هر عیب مبراستى | |
| اى که ز نور رخ زیباى تو | روى همه خرم و زیباستی | |
| اى که سزاى دل شوریدگان | شورشى از عشق تو برپاستی | |
| اى که ز تو مرغ شباهنگ را | ناله جانسوز سحرهاستى | |
| دست حسن گیر و رهائیش ده | اى که ز راز دلش آگاستى | |
و أما الثالثه فهى مکاتبه جرت بین العالمین الشیخ أبی سعید بن أبی الخیر و الشیخ الرئیس أبی علی بن سینا و لما رأینا کثره فوائدها أتینا بها مزیدا للفائده و قد نقلها الشیخ البهائى فی أواخر الکشکول (ص ۶۲۳ من طبع نجم الدوله و ص ۵۹۵ ج ۲ من طبع قم)، و لکن صورتها على طبع قم مشوشه بل مشوهه جدا، و هی منقوله أیضا فی نامه دانشوران فی ترجمه الشیخ الرئیس أکمل مما فی الکشکول و قد نقل القاضى نور الله الشهید نبذه من کلام الشیخ الرئیس فی مجالس المؤمنین و هذه صورتها:کتب الشیخ أبو سعید بن أبی الخیر إلى الشیخ الرئیس أبی علی بن سینا أیها العالم وفقک الله لما ینبغی، و رزقک من سعاده الأبد ما تبتغی، إنی من الطریق المستقیم على یقین إلا أن أودیه الظنون على الطریق المستجد (الجد- خ) متشعبه، و إنی من کل طالب طریقه لعل الله یفتح لی من باب حقیقه حاله بوسیله تحقیقه و صدقه تصدیقه، و إنک بالعلم وفقت لموسوم، بمذاکره أهل هذا الطریق مرسوم، فأسمعنى ما رزقت، و بین لی ما علیه وقفت، و إلیه وفقت، و اعلم أن التذبذب بدایه حال الترهب، و من ترهب ترأب، و هذا سهل جدا، و عسر إن عد عدا، و الله ولی التوفیق.
فأجابه الشیخ الرئیس: وصل خطاب فلان مبینا ما صنع الله تعالى لدیه (إلیه- خ) و سبوغ نعمه علیه، و الاستمساک بعروه الوثقى، و الاعتصام بحبله المتین و الضرب فی سبیله، و التولیه شطر التقرب إلیه، و التوجه تلقاء وجهه، نافضا عن نفسه غبره هذه الخربه، رافضا بهمته الاهتمام بهذه القذره- أعز وارد و أسر واصل و أنفس طالع و أکرم طارق، فقرأته و فهمته و تدبرته و کررته و حققته فی نفسی و قررته فبدأت بشکر الله واهب العقل و مفیض العدل، و حمدته على ما أولاه، و سألته أن یوفقه فی اخراه و اولاه، و أن یثبت قدمه على ما توطاه، و لا یلقیه إلى ما تخطاه، و تزیده إلى هدایته هدایه، و إلى درایته التی آتاه درایه، إنه الهادی المبشر و المدبر المقدر، عنه یتشعب کل أثر، و إلیه یستند الحوادث و العبر (الغیر- خ) و کذلک تقضى الملکوت، و یقضى الجبروت و هو من سر الله الأعظم یعلمه من یعلمه و یذهل عنه من لا یعصمه، طوبى لمن قاده القدر إلى زمره السعداء، و حادبه عن رتبه الأشقیاء، و أوزعه استرباح البقاء من رأس مال الغنى، و ما نزهه هذا العاقل فی دار یتشابه فیها عقبی مدرک و مفوت، و یتساویان عند حلول وقت موقت، دار ألیمها موجع، و لذیذها مشبع، و صحتها قسر الأضداد (قران الأضداد- خ) على وزن و اعداد، و سلامتها استمرار فاقه إلى استمراء مذاقه، و دوام حاجه إلى مج مجاجه.
نعم و الله ما المشغول بها إلا مثبط، و المتصرف فیها إلا مخبط، موزع البال بین ألم و یأس، و نقود و أجناس، أخیذ حرکات شتى، و عسیف أوطار تترى و أین هو من المهاجره إلى التوحید، و اعتماد النظام بالتفرید، و الخلوص من التشعب إلى التراب، و عن التذبذب إلى التهذب، و عن ناد (باد- خ) یمارسه إلى أبد یشارقه، هناک اللذه حقا، و الحسن صدقا، سلسال کلما سقیته على الرى کان أهنى و أشفى، و رزق کلما أطعمته على الشبع کان أغذى و أمرىء، رى استبقاء لارى إباء، و شبع استشباع لا شبع استبشاع.
و نسأل الله تعالى أن یجلو عن أبصارنا الغشاوه، و عن قلوبنا القساوه، و أن یهدینا کما هداه، و یؤتینا مما آتاه، و أن یحجز بیننا و بین هذه الغاره الغاشه البسور فی هیأه الباشه، المعاسره فی حلیه المیاسره، المفاصله فی معرض المواصله و أن یجعله إمامنا فیما آثر و أثر، و قائدنا إلى ما صار إلیه و سار، إنه ولى ذلک.
فأما ما التمسه من تذکره ترد منى و تبصره تأتیه من قبلى و بیان یشفیه من کلامى فکبصیر استرشد من مکفوف، و سمیع استخبر عن موقور السمع غیر خبیر فهل لمثلى أن یخاطبه بموعظه حسنه، و مثل صالح، و صواب مرشد، و طریق أسنه له منفذ، و إلى غرضه الذی أمه منفذ؟.
و مع ذلک فلیکن الله تعالى أول فکره و آخره، و باطن اعتباره و ظاهره و لتکن عین نفسه مکحوله بالنظر إلیه، و قدمها موقوفه على المثول بین یدیه مسافرا بعقله فی الملکوت الأعلى، و ما فیه من آیات ربه الکبرى، فإذا انحط إلى قراره فلیر الله فی آثاره فإنه باطن ظاهر تجلى بکل شیء لکل شیء.
| ففی کل شیء له آیه | تدل على أنه واحد | |
فإذا صارت هذه الحال ملکه، و هذه الخصله وتیره، انطبع فی فصه نقش الملکوت، و تجلى له آیه قدس اللاهوت، فألف الأنس الأعلى، و ذاق اللذه القصوى، و أخذ عن نفسه إلى من هوبه أولى، و فاضت علیه السکینه، و حفت به الطمأنینه، و اطلع على الأدنى اطلاع راحم لأهله مستوهن بحبله (بخیله- خ):مستخف لثقله، مستحسن لفعله، مستطل لطرفه، و یذکر نفسه و هی بهجه فتعجب منهم تعجبهم منه، و قد ودعها و کان معها کمن لیس معها.
و لیعلم أن أفضل الحرکات الصلاه، و أمثل السکنات الصیام، و أرفع (أنفع- خ) البر الصدقه (و أفضل البر العطا- خ) و أزکى السیر الاحتمال، و أبطل السعى الریاء (و أفضل السعى المرایاه- على نسخه مجالس المؤمنین)، و لن تخلص النفس عن البدن ما التفتت إلى قیل و قال، و مناقشه و جدال، و انقلعت بحاله من الأحوال، و خیر العمل ما صدر عن مقام نیه (عن خالص نیه- خ) و خیر النیه ما ینفرج عن جناب علم، و الحکمه ام الفضائل، و معرفه الله أول الأوائل، إلیه یصعد الکلم الطیب، و العمل الصالح یرفعه، أقول قولی هذا و أستغفر الله و أستهدیه و أتوب إلیه و أستکفیه، و أسأله أن یقربنى إلیه إنه سمیع مجیب.
ثم یقبل على هذه النفس المزینه بکمالها الذاتی، و یحرسها عن التلطخ بما یشینها من الهیئات الانقیادیه للنقوش المادیه التی إذا بقیت فی النفس المزینه کانت حالها عند الانفصال کحالها عند الاتصال، إذ جوهرها متثاوب و لا مخالطه و إنما یدنسها هیئه الانقیاد لتلک الصواحب بل یفیدها هیئات الاستیلاء و الاستعلاء و الریاسه و لذلک یهجرا کذب قولک، و یخلى حتى تحدث للنفس هیئه صدوقه فیصدق الأحلام و الرؤیا و اللذات، فلیستعملها على اصلاح الطبیعه و إلقاء الشخص و النوع و السیاسه.
و أما المشروب فأن یهجر شربه ملهیا بل تشفیا تداویا، و یعاشر کل فرقه بعادته و رسمه، و یسمح بالمقدور من المال و یترک لمساعده الناس کثیرا ما هو خلاف طبعه، ثم لا یقصر فی الأوضاع الشرعیه، و تعظیم السنن الإلهیه و المواظبات على التعبدات البدنیه، و یکون دوام عمره إذا خلا و خلص من المعاشرین، نظر بالرویه و الفکره فی الملوک الأول و ملکها، و اکبس عن عثار الناس من حیث لا تقف على الناس، عاهد الله أن تسیر بهذه السیره و تدین بهذه الدیانه، و الله ولی الذین آمنوا حسبنا الله نعم الوکیل.
هذا آخر المکاتبه، و قد نقل منها الشیخ فی الکشکول- إلى قوله: إنه سمیع مجیب، و نقلنا بعده من نامه دانشوران، و نقل القاضی نور الله الشهید نور الله مرقده فی المجالس بعد قوله: إنه سمیع مجیب، هذا السطر أیضا: و الحمد لله رب العالمین، و الصلاه و السلام على خیر خلقه محمد و آله أجمعین.
۱۴- کن عالی الهمه، على حد لا تعبد إلا إیاه تعالى، و لا تکن فی إعراضک عن متاع الدنیا و طیباتها معاملا و لا فی عباداتک أجیرا، و کن کما نطق به الناطق بالصواب میزان یوم الحساب، و فصل الخطاب أمیر المؤمنین و سید الوصیین علی علیه السلام: ما عبدتک خوفا من نارک و لا طمعا فی جنتک بل وجدتک أهلا للعباده فعبدتک.
| تو بندگى چو گدایان بشرط مزد مکن | که خواجه خود صفت بندهپرورى داند | |
و فی الباب التاسع عشر من مصباح الشریعه: قال النبی صلى الله علیه و آله: قال الله تعالى:من شغله ذکری عن مسئلتی أعطیته أفضل ما أعطى للسائلین.
و روى ثقه الإسلام الکلینی فی باب العباده من کتاب الإیمان و الکفر من اصول الکافی (ص ۶۸ ج ۲ من المعرب) باسناده عن هارون بن خارجه عن أبی عبد الله علیه السلام قال: إن العباد ثلاثه: قوم عبدوا الله عز و جل خوفا فتلک عباده العبید و قوم عبدوا الله تبارک و تعالى طلب الثواب فتلک عباده الاجراء، و قوم عبدوا الله عز و جل حبا له فتلک عباده الأحرار و هی أفضل العباده.
و رواه ابن شعبه رحمه الله علیه فی تحف العقول عن سید الشهداء أبی عبد الله الحسین علیه السلام أیضا، حیث قال علیه السلام: إن قوما عبدوا الله رغبه فتلک عباده التجار و إن قوما عبدوا الله رهبه فتلک عباده العبید، و إن قوما عبدوا الله شکرا فتلک عباده الأحرار و هی أفضل العباده، و هذا بعینه منقول فی النهج عن أمیر المؤمنین علیه السلام (المختار ۲۳۷ من باب حکمه علیه السلام).
فکن من أهل الله لا من أهل الدنیا و لا من أهل الاخره، و حقیقه الزهد أن یزهد فی الدنیا و الاخره، کما قال رسول الله صلى الله علیه و آله: الدنیا حرام على أهل الاخره، و الاخره حرام على أهل الدنیا، و هما حرامان على أهل الله.
و فی ذلک الباب من الکافی بإسناده عن عمرو بن جمیع، عن أبی عبد الله علیه السلام قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله: أفضل الناس من عشق العباده فعانقها و أحبها بقلبه و باشرها بجسده و تفرغ لها، فهو لا یبالی على ما أصبح من الدنیا على عسر أم على یسر.
أقول: هذه الروایه قد نطقت بالعشق، و فی عشق من سفینه البحار للمحدث القمی رحمه الله علیه: النبوی صلى الله علیه و آله أن الجنه لأعشق لسلمان من سلمان للجنه.
و فی تاسع البحار (ص ۵۸۰) عن الخرائج: روی عن أبی جعفر علیه السلام، عن أبیه قال: مر على علیه السلام بکربلا فقال لما مر به أصحابه و قد اغرورقت عیناه یبکى و یقول: هذا مناخ رکابهم، و هذا ملقى رحالهم، ههنا مراق دمائهم، طوبى لک من تربه علیها تراق دماء الأحبه، و قال الباقر علیه السلام خرج على یسیر بالناس حتى إذا کان بکربلا على میلین أو میل تقدم بین أیدیهم حتى طاف بمکان یقال له المقدفان فقال: قتل فیها مائتا نبی و مائتا سبط، کلهم شهداء و مناخ رکاب و مصارع عشاق شهداء لا یسبقهم من کان قبلهم و یلحقهم من بعدهم.
و کم نرى من المقدسین الخشک یطعنون فی أهل الله باطلاقهم العشق و مشتقاته قائلین بأن أى خبر نطق به؟ و هذا خبرهم بل هذه أخبارهم، على أنه لو لم یأت به أثر فی الجوامع الروائیه لکانت حجتهم داحضه و کلمتهم سفلى.
و فی الباب الرابع و الخمسین من إرشاد القلوب للدیلمی و هو آخر أبواب الکتاب فیما سأل رسول الله صلى الله علیه و آله ربه لیله المعراج: یا أحمد وجوه الزاهدین مصفره من تعب اللیل و صوم النهار، و ألسنتهم کلال من ذکر الله تعالى، قلوبهم فی صدورهم مطعونه من کثره صمتهم قد أعطوا المجهود من أنفسهم لا من خوف نار و لا من شوق جنه و لکن ینظرون فی ملکوت السموات و الأرض فیعلمون أن الله سبحانه أهل للعباده، یا أحمد هذه درجه الأنبیاء و الصدیقین من امتک و امه غیرک و أقوام من الشهداء- إلخ.
و فی باب اتباع الهوى من کتاب الایمان و الکفر من اصول الکافی (ص ۲۵۱ ج ۲ من المعرب) عن أبی حمزه عن أبی جعفر علیه السلام قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله: یقول الله عز و جل: و عزتی و جلالی و عظمتى و کبریائى و نورى و علوى و ارتفاع مکانی لا یؤثر عبد هواه على هواى إلا شتت علیه أمره و لبست علیه دنیاه و شغلت قلبه بها و لم اوته منها إلا ما قدرت له، و عزتى و جلالى و عظمتى و نوری و علوی و ارتفاع مکانى لا یؤثر عبد هواى على هواه إلا استحفظته ملائکتى و کفلت السموات و الأرضین رزقه و کنت له من وراء تجاره کل تاجر و أتته الدنیا و هی راغمه.
و إذا ذقت حلاوه ذکره تعالى و أنست به و رزقت جنه اللقاء لا تطلب منه تعالى إلا إیاه و تنسى غیره، کما فی الباب التاسع عشر من مصباح الشریعه قال الصادق علیه السلام: لقد دعوت الله مره فاستجاب لی و نسیت الحاجه لأن استجابته بإقباله على عبده عند دعوته أعظم و أجل مما یرید منه العبد و لو کانت الجنه و نعیمها الأبدى، و لیس یعقل ذلک إلا العاملون المحبون العارفون صفوه الله و خواصه انتهى.
و کأنما الشیخ العارف السعدى رضوان الله علیه یشیر إلى قوله علیه السلام، حیث زین مطلع گلستانه بو رد بیانه: یکى از صاحبدلان سر بجیب مراقبت فرو برده و در بحر مکاشفت مستغرق گشته، حالى که از آن حالت باز آمد، یکى از دوستان گفت: در این بوستان که بودى ما را چه تحفه آوردى؟ گفت بخاطر داشتم که چون بدرخت گل رسم دامنى پر کنم هدیه أصحاب را، چون برسیدم بوى گلم چنان مست کرد که دامن از دست برفت، و لقد أجاد، طیب الله رمسه و قدس سره.
فمن عبد الله تعالى طلب الثواب أو خوفا من العقاب فهو محروم عن اللذه الحقیقیه، بل إنک إن فتشته لم تجده إلا عابد هواه إن عبده تعالى رغبه، أو محبا لنفسه لا لمولاه إن عبده رهبه، و قد أفاد الشیخ الرئیس أبو علی بن سینا تغمده الله بغفرانه فی مقامات العارفین بقوله:المستحل توسیط الحق مرحوم من وجه فإنه لم یطعم لذه البهجه به فیستطعمها إنما معارفته مع اللذات المخدجه فهو حنون إلیها غافل عما ورائها، و ما مثله بالقیاس إلى العارفین إلا مثل الصبیان بالقیاس إلى المحنکین، فانهم لما غفلوا عن طیبات یحرص علیها البالغون، و اقتصرت بهم المباشره على طیبات اللعب صاروا یتعجبون من أهل الجد إذا زوروا عنها عائفین لها عاکفین على غیرها، کذلک من غض النقص بصره عن مطالعه بهجه الحق أعلق کفیه بما یلیه من اللذات لذات الزور، فترکها فی دنیاه عن کره، و ما ترکها إلا لیستأجل أضعافها و إنما یعبد الله تعالى و یطیعه لیخوله فی الاخره شبعه منها فیبعث إلى مطعم شهى و مشرب هنىء و منکح بهى، و إذا بعثر عنه فلا مطمح لبصره فی اولاه و اخراه إلا إلى لذات قبقبه و ذبذبه، و المستبصر بهدایه القدس فی شجون الإیثار قد عرف اللذه الحق و ولى وجهه سمتها مسترحما على هذا المأخوذ عن رشده إلى ضده، و إن کان ما یتوخاه بکده مبذولا له بحسب وعده.
۱۵- التوبه و هی لا تنفک عمن استبصر و إلا فلیس بمستبصر، و لا أنسى عذوبه کلام سیدنا الاستاذ محمد حسن الإلهى المقدم ذکره قدس سره، و لطافه بیانه فی التوبه حیث قال: التوبه الحقیقیه أن تتوب من خیرک و شرک، و بعد تأمل قلیل قلت له: أما التوبه من الشر فلا کلام فیها، و أما التوبه من الخیر فما مراد جنابک منها؟
فقال رضوان الله علیه: ما نحسبها خیرا من صلاتنا و صیامنا و قراءتنا القرآن و دراستنا و غیرها لو تأملنا فیها لرأیناها مخدجه غیر کامله- و هم یحسبون أنهم یحسنون صنعا- فیجب على المستبصر أن یتوب من هذه الأعمال الناقصه، و أن یقصد الإتیان بها على النحو الکامل الذی یتقبل الله و انما یتقبل الله من المتقین، فما حسبناه خیرا لیس بخیر حقیقه، فطوبى لمن وفق بالتوبه مما حسبه خیرا و عمل ما هو خیر واقعا.
و التوبه تذهب بدرن القلب، و تزیل رینه فإذا یستبصر التائب بدائه و دوائه و یخرج من ذنوبه کیوم ولدته امه، قال الامام الباقر علیه السلام: التائب من الذنب کمن لا ذنب له، و إذا تخلصت النفس من الرذائل و تنزهت من أوساخ الذنوب فقد قبلت توبته، و أما البحث الکلامى عن التوبه فقد أشبعنا الکلام فیه فی شرحنا على المختار ۲۳۵ من خطب النهج من کتابنا تکمله منهاج البراعه (ص ۱۷۱- إلى- ۲۰۱ من ج ۱۵).
و قال السید بن طاوس قدس سره الشریف فی أعمال شهر ذى القعده من کتابه الإقبال: فصل: فیما نذکره مما یعمل فی یوم الأحد من الشهر المذکور و ما فیه من الفضل المذخور وجدنا ذلک بخط الشیخ علی بن یحیى الخیاط رحمه الله و غیره فی کتب أصحابنا الامامیه و قد روینا عنه کلما رواه و خطه عندنا بذلک فی إجازه تاریخها شهر ربیع الأول سنه تسع و ستمائه فقال ما هذا لفظه:روى أحمد بن عبد الله، عن منصور بن عبد الحمید، عن أبی أمامه، عن أنس بن مالک قال: خرج رسول الله صلى الله علیه و آله یوم الأحد فی شهر ذى القعده فقال: یا أیها الناس من کان منکم یرید التوبه؟ قلنا: کلنا یرید التوبه یا رسول الله، فقال علیه السلام:اغتسلوا و توضأوا و صلوا أربع رکعات و اقراوا فی کل رکعه فاتحه الکتاب مره قل هو الله أحد ثلاث مرات و المعوذتین مره ثم استغفروا سبعین مره ثم اختموا بلا حول و لا قوه إلا بالله العلی العظیم ثم قولوا: یا عزیز یا غفار اغفر لى ذنوبى و ذنوب جمیع المؤمنین و المؤمنات فانه لا یغفر الذنوب إلا أنت.
ثم قال علیه السلام: ما من عبد من امتى فعل هذا إلا نودى من السماء یا عبد الله استأنف العمل فإنک مقبول التوبه مغفور الذنب.
و ینادى ملک من تحت العرش أیها العبد بورک علیک و على أهلک و ذریتک.
و ینادى مناد آخر أیها العبد ترضى خصماؤک یوم القیامه.
و ینادى ملک آخر أیها العبد تموت على الإیمان و لا أسلب منک الدین و یفسح فی قبرک و ینور فیه.
و ینادى مناد آخر أیها العبد یرضى أبواک و إن کانا ساخطین و غفر لأبویک ذلک و لذریتک و أنت فی سعه من الرزق فی الدنیا و الاخره.
و ینادى جبرئیل علیه السلام: أنا الذی آتیک مع ملک الموت علیه السلام أن یرفق بک و لا یخدشک أثر الموت انما تخرج الروح من جسدک سلا (سلاما- خ).
قلنا: یا رسول الله لو أن عبدا یقول فی غیر الشهر؟ فقال علیه السلام: مثل ما وصفت
و إنما علمنى جبرئیل علیه السلام هذه الکلمات أیام الله ربى (أیام اسرى بى- خ).
و نذیل الرساله بقصیده الفارسیه تفوه بها هذا الراجی لقاء ربه الرحیم و قد فرغ منها فی أوائل ذى الحجه ۱۳۸۸ ه ق، و سماها بالقصیده اللقائیه:
| اى دل بدر کن از سرت کبر و ریا را | خواهى اگر بینى جمال کبریا را | |
| تا با خودى بیگانهاى از آشنایان | بیگانه شو از خود شناسى آشنا را | |
| عنقاى أوج قاف قرب دلبر من | در زیر پر بگرفته کل ما سوا را | |
| در پایتخت کشور دل پادشاهى | منگر مگر سلطان یهدی من یشا را | |
| مرآت أسماء و صفات حق بود دل | مشکن چنین آیینه ایزد نما را | |
| اى همدم کر و بیان عالم قدس | از خود بدر کن لشکر دیو دغا را | |
| تا از سواد و از خیال و از بیاضت | فانى شوى بینى جهان جان فزا را | |
| گر جذبهاى از جانب جانانه یابى | بازیچه خوانى جذب کاه و کهربا را | |
| گاهى ز اشراق رخ مهر آفرینش | بر آسمان جان دهد رشک ضیا را | |
| گاهى ز زلف مشکساى دلربایش | آشفته خود مىکند أحوال ما را | |
| دل در میان اصبعین او است دائم | از قبض و بسطش فهم کن این مدعا را | |
| الله قد خلقکم أطوارا أى قوم | کیف فلا ترجون لله وقارا | |
| در آستان لطف آن محبوب یکتا | دریوزه گر بینم همه شاه و گدا را | |
| تسبیح گوى ذات پاک لا یزالیش | بنگر ز ذرات ثریا تا ثرى را | |
| بنیوش از من باش دائم در حضورش | تا در حضور او چهها یابى چهها را | |
| گر تار و پود بودم از هم بر شکافى | جز او نخواهى یافت این دولتسرا را | |
| در چشم حق بینم من او او من نباشد | یکتاپرستم من نمىدانم دو تا را | |
| عشق منش از گفته استاد نبود | نوشیدهام با شیر مادر این غذا را | |
| تنها نه من سرگشتهام ز ان رو که بینم | نالان و سرگردان او أرض و سما را | |
| تنها نه من در حیرتم از سر انسان | بل صار فیه القوم کلهم حیارى | |
| فکرى بکن بنگر کهاى و در کجائى | هم از کجا بودى و مىخواهى کجا را | |
| دردا که ما را آگهى از خویش نبود | ور نه بما کردى عطا کشف غطا را | |
| دردت اگر باشد پى درمان دردت | از چه نجوئى از طبیب خود دوا را | |
| یارت دهد اندر حریم خویش بارت | مر آزمونرا گوى از اخلاص یا را | |
| بیدار باش و در ره زاد أبد کوش | بگسل ز خود دام هوسها و هوا را | |
| بر آب زن اوراق نقش این و آنرا | بر دل نشان أحکام قرآن و دعا را | |
| در خلوت شبهاى تارت مىتوانى | آرى بکف سرچشمه آب بقا را | |
| گوئى خلیلآسا اگر وجهت وجهى | گردد بتو راز نهانى آشکارا | |
| تسلیم باش و سر بنه اندر رضایش | بر بند لب از گفتن چون و چرا را | |
| از رحمت بى انتهاى خویش دارد | وابسته دام بلا أهل ولا را | |
| زاهد بود سوداگر و عابد أجیرى | محو است و طمس و محق أرباب وفا را | |
| آیین مردان خدا تقوى است تقوى | مرزوق عند الله بین أهل تقى را | |
| ره رو چنانکه مردم هشیار رفتند | راهى مبین جز راه و رسم مصطفى را | |
| گر مشکلى پیش آیدت ایسالک ره | ناد علیا آن شه مشکل گشا را | |
| خواهى روى اندر مناى عاشقانش | بار سفر بر بند سوى کربلا را | |
| گفتار نیکو باید و کردار نیکو | تا در جزاى این و آن یابى لقا را | |
| أبناء نوعت را ز خود خوشنود مىدار | خواهى ز خود خوشنود أر دارى خدا را | |
| بیچارهایم اى چاره بیچارهگانت | جز تو که یارد دست ما گیرد نگارا | |
| عارم بود از این کلیمى أربعینم | از جود تو دارم من امید عطا را | |
| تسخیر خود کن نجم را آنسان که کردى | تسخیر خود مهر و مه و استارهها را | |
و قد فرغنا من تألیف هذه الرساله اللقائیه فی بلدنا الامل وقت السحر من لیله الاثنین السادسه عشر من ربیع المولود من شهور سنه تسع و ثمانین و ثلاثمائه بعد الألف من الهجره على هاجرها الف تحیه و سلام، رزقنا الله تعالى القرب منه و نعمه لقائه.
منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی
____________________________________________________________
[۱] ( ۱) هکذا فى ذلک الطبع بالسین المهمله فى الاول و الاخر، و فى طبع قم بالشین المعجمه و قال صدیقنا الفاضل محمد صادق النصیرى زاده الله تعالى نصرا فى تعالیقه على الکشکول، کلمه شین المعجمه اشاره الى مجموعه الشهید الثانی- ره-، منه.
بازدیدها: ۴۳۰
دیدگاه‌ها