حکمت ۳۶۷ صبحی صالح
۳۶۷-وَ قَالَ ( علیه السلام )یَا أَیُّهَا النَّاسُ مَتَاعُ الدُّنْیَا حُطَامٌ مُوبِئٌ فَتَجَنَّبُوا مَرْعَاهُ قُلْعَتُهَا أَحْظَى مِنْ طُمَأْنِینَتِهَا وَ بُلْغَتُهَا أَزْکَى مِنْ ثَرْوَتِهَا -حُکِمَ عَلَى مُکْثِرٍ مِنْهَا بِالْفَاقَهِ وَ أُعِینَ مَنْ غَنِیَ عَنْهَا بِالرَّاحَهِ – مَنْ رَاقَهُ زِبْرِجُهَا أَعْقَبَتْ نَاظِرَیْهِ کَمَهاً – وَ مَنِ اسْتَشْعَرَ الشَّغَفَ بِهَا مَلَأَتْ ضَمِیرَهُ أَشْجَاناً – لَهُنَّ رَقْصٌ عَلَى سُوَیْدَاءِ قَلْبِهِ هَمٌّ یَشْغَلُهُ وَ غَمٌّ یَحْزُنُهُ کَذَلِکَ حَتَّى یُؤْخَذَ بِکَظَمِهِ فَیُلْقَى بِالْفَضَاءِ مُنْقَطِعاً أَبْهَرَاهُ هَیِّناً عَلَى اللَّهِ فَنَاؤُهُ وَ عَلَى الْإِخْوَانِ إِلْقَاؤُهُ -وَ إِنَّمَا یَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَى الدُّنْیَا بِعَیْنِ الِاعْتِبَارِ وَ یَقْتَاتُ مِنْهَا بِبَطْنِ الِاضْطِرَارِ وَ یَسْمَعُ فِیهَا بِأُذُنِ الْمَقْتِ وَ الْإِبْغَاضِ – إِنْ قِیلَ أَثْرَى قِیلَ أَکْدَى وَ إِنْ فُرِحَ لَهُ بِالْبَقَاءِ حُزِنَ لَهُ بِالْفَنَاءِ هَذَا وَ لَمْ یَأْتِهِمْ یَوْمٌ فِیهِ یُبْلِسُونَ
حکمت ۳۷۳ شرح ابن أبی الحدید ج ۱۹
۳۷۳: أَیُّهَا النَّاسُ مَتَاعُ الدُّنْیَا حُطَامٌ مُوبِئٌ- فَتَجَنَّبُوا مَرْعَاهً قُلْعَتُهَا أَحْظَى مِنْ طُمَأْنِینَتِهَا- وَ بُلْغَتُهَا أَزْکَى مِنْ ثَرْوَتِهَا- حُکِمَ عَلَى مُکْثِرِیهَا بِالْفَاقَهِ- وَ أُغْنِیَ مَنْ غَنِیَ عَنْهَا بِالرَّاحَهِ- مَنْ رَاقَهُ زِبْرِجُهَا أَعْقَبَتْ نَاظِرَیْهِ کَمَهاً- وَ مَنِ اسْتَشْعَرَ الشَّغَفَ بِهَا مَلَأَتْ ضَمِیرَهُ أَشْجَاناً- لَهُنَّ رَقْصٌ عَلَى سُوَیْدَاءِ قَلْبِهِ- هَمٌّ یَشْغَلُهُ وَ غَمٌّ یَحْزُنُهُ- حَتَّى یُؤْخَذَ بِکَظَمِهِ فَیُلْقَى بِالْفَضَاءِ مُنْقَطِعاً أَبْهَرَاهُ- هَیِّناً عَلَى اللَّهِ فَنَاؤُهُ وَ عَلَى الْإِخْوَانِ إِلْقَاؤُهُ- وَ إِنَّمَا یَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَى الدُّنْیَا بِعَیْنِ الِاعْتِبَارِ- وَ یَقْتَاتُ مِنْهَا بِبَطْنِ الِاضْطِرَارِ- وَ یَسْمَعُ فِیهَا بِأُذُنِ الْمَقْتِ وَ الْإِبْغَاضِ- إِنْ قِیلَ أَثْرَى قِیلَ أَکْدَى- وَ إِنْ فُرِحَ لَهُ بِالْبَقَاءِ حُزِنَ لَهُ بِالْفَنَاءِ- هَذَا وَ لَمْ یَأْتِهِمْ یَوْمٌ هُمْ فِیهِ مُبْلِسُونَ متاع الدنیا أموالها و قنیانها- . و الحطام ما تکسر من الحشیش و الیبس- و شبه متاع الدنیا بذلک لحقارته- . و موبئ محدث للوباء و هو المرض العام- . و مرعاه بقعه ترعى- کقولک مأسده فیها الأسد و محیاه فیها الحیات- . و قلعتها بسکون اللام- خیر من طمأنینتها- أی کون الإنسان فیها منزعجا متهیئا للرحیل عنها- خیر له من أن یکون ساکنا إلیها مطمئنا بالمقام فیها- . و البلغه ما یتبلغ به و الثروه الیسار و الغنى- و إنما حکم على مکثریها بالفاقه و الفقر- لأنهم لا ینتهون إلى حد من الثروه و المال- إلا و جدوا و اجتهدوا- و حرصوا فی طلب الزیاده علیه- فهم فی کل أحوالهم فقراء إلى تحصیل المال- کما أن من لا مال له أصلا- یجد و یجتهد فی تحصیل المال- بل ربما کان جدهم و حرصهم على ذلک- أعظم من کدح الفقیر و حرصه- و روی و أعین من غنی عنها- و من رواه أغنى أی أغنى الله- من غنی عنها و زهد فیها- بالراحه و خلو البال و عدم الهم و الغم- . و الزبرج الزینه و راقه أعجبه- .
و الکمه العمى الشدید و قیل هو أن یولد أعمى- . و الأشجان الأحزان- . و الرقص بفتح القاف- الاضطراب و الغلیان و الحرکه- . و الکظم بفتح الظاء مجرى النفس- . و الأبهران عرقان متصلان بالقلب- و یقال للمیت قد انقطع أبهراه- . قوله و إنما ینظر المؤمن- إخبار فی الصوره و أمر فی المعنى- أی لینظر المؤمن إلى الدنیا بعین الاعتبار- و لیأکل منها ببطن الاضطرار- أی قدر الضروره لا احتکار أو استکثار- و لیسمع حدیثها بأذن المقت و البغض- أی لیتخذها عدوا قد صاحبه فی طریق- فلیأخذ حذره منه جهده و طاقته- و لیسمع کلامه و حدیثه لا استماع مصغ و محب وامق- بل استماع مبغض محترز من غائلته- .
ثم عاد إلى وصف الدنیا و طالبها فقال- إن قیل أثرى قیل أکدى و فاعل أثرى- هو الضمیر العائد إلى من استشعر الشغف بها- یقول بینا یقال أثرى قیل افتقر- لأن هذه صفه الدنیا فی تقلبها بأهلها- و إن فرح له بالحیاه و دوامها قیل مات و عدم- هذا و لم یأتهم یوم القیامه یوم هم فیه مبلسون- أبلس الرجل یبلس إبلاسا أی قنط و یئس- و اللفظ من لفظات الکتاب العزیز
نبذ من الأقوال الحکیمه فی وصف حال الدنیا و صروفها
و قد ذکرنا من حال الدنیا و صروفها- و غدرها بأهلها فیما تقدم أبوابا کثیره نافعه- . و نحن نذکر هاهنا زیاده على ذلک- . فمن کلام بعض الحکماء- ویل لصاحب الدنیا کیف یموت و یترکها- و تغره و یأمنها و تخذله و یثق بها- ویل للمغترین کیف أرتهم ما یکرهون- و فاتهم ما یحبون و جاءهم ما یوعدون- ویل لمن الدنیا همه و الخطایا عمله- کیف یفتضح غدا بذنبه- . و روى أنس قال کانت ناقه رسول الله ص العضباء لا تسبق- فجاء أعرابی بناقه له فسبقها- فشق ذلک على المسلمین فقال رسول الله ص- حق على الله ألا یرفع فی الدنیا شیئا إلا وضعه- . و قال بعض الحکماء- من ذا الذی یبنی على موج البحر دارا- تلکم الدنیا فلا تتخذوها قرارا- .
و قیل لحکیم- علمنا عملا واحدا إذا عملناه أحبنا الله علیه- فقال أبغضوا الدنیا یحببکم الله- . و قال أبو الدرداء قال رسول الله ص لو تعلمون ما أعلم لضحکتم قلیلا و لبکیتم کثیرا- و لهانت علیکم الدنیا و لآثرتم الآخره- . ثم قال أبو الدرداء من قبل نفسه- أیها الناس لو تعلمون ما أعلم- لخرجتم إلى الصعدات تبکون على أنفسکم- و لترکتم أموالکم لا حارس لها- و لا راجع إلیها إلا ما لا بد لکم منه- و لکن غاب عن قلوبکم ذکر الآخره- و حضرها الأمل فصارت الدنیا أملک بأعمالکم- و صرتم کالذین لا یعلمون- فبعضکم شر من البهائم التی لا تدع هواها- ما لکم لا تحابون و لا تناصحون فی أمورکم- و أنتم إخوان على دین واحد- ما فرق بین أهوائکم إلا خبث سرائرکم- و لو اجتمعتم على البر لتحاببتم- ما لکم لا تناصحون فی أمورکم- ما هذا إلا من قله الإیمان فی قلوبکم- و لو کنتم توقنون بأمر الآخره کما توقنون بالدنیا- لآثرتم طلب الآخره- فإن قلت حب العاجله غالب- فإنا نراکم تدعون العاجل من الدنیا للأجل منها- ما لکم تفرحون بالیسیر من الدنیا- و تحزنون على الیسیر منها بفوتکم- حتى یتبین ذلک فی وجوهکم و یظهر على ألسنتکم- و تسمونها المصائب و تقیمون فیها المآتم- و عامتکم قد ترکوا کثیرا من دینهم- ثم لا یتبین ذلک فی وجوههم- و لا تتغیر حال بهم یلقى بعضهم بعضا بالمسره- و یکره کل منکم أن یستقبل صاحبه بما یکره- مخافه أن یستقبله صاحبه بمثله- فاصطحبتم على الغل و بنیتم مراعیکم على الدمن- و تصافیتم على رفض الأجل- أراحنی الله منکم و ألحقنی بمن أحب رؤیته- . و قال حکیم لأصحابه- ارضوا بدنئ الدنیا مع سلامه الدین- کما رضی أهل الدنیا بدنئ الدین مع سلامه الدنیا- .
و قیل فی معناه-
أرى رجالا بأدنى الدین قد قنعوا
و لا أراهم رضوا فی العیش بالدون
فاستغن بالدین عن دنیا الملوک کما
استغنى الملوک بدنیاهم عن الدین
و فی الحدیث المرفوع لتأتینکم بعدی دنیا تأکل إیمانکم- کما تأکل النار الحطب – . و قال الحسن رحمه الله- أدرکت أقواما کانت الدنیا عندهم ودیعه- فأدوها إلى من ائتمنهم علیها- ثم رکضوا خفافا- . و قال أیضا من نافسک فی دینک فنافسه- و من نافسک فی دنیاک فألقها فی نحره- . و قال الفضیل طالت فکرتی فی هذه الآیه- إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِینَهً لَها- لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا- وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَیْها صَعِیداً جُرُزاً- . و من کلام بعض الحکماء- لن تصبح فی شیء من الدنیا- إلا و قد کان له أهل قبلک- و یکون له أهل من بعدک- و لیس لک من الدنیا إلا عشاء لیله و غداء یوم- فلا تهلک نفسک فی أکله- و صم عن الدنیا و أفطر على الآخره- فإن رأس مال الدنیا الهوى و ربحها النار- . و قیل لبعض الرهبان کیف ترى الدهر- قال یخلق الأبدان و یجدد الآمال- و یقرب المنیه و یباعد الأمنیه- قیل فما حال أهله- قال من ظفر به تعب و من فاته اکتأب- . و من هذا المعنى
قول الشاعر-
و من یحمد الدنیا لعیش یسره
فسوف لعمری عن قلیل یلومها
إذا أدبرت کانت على المرء حسره
و إن أقبلت کانت کثیرا همومها
و قال بعض الحکماء- کانت الدنیا و لم أکن فیها- و تذهب الدنیا و لا أکون فیها- و لست أسکن إلیها- فإن عیشها نکد و صفوها کدر- و أهلها منها على وجل- إما بنعمه زائله أو ببلیه نازله أو میته قاضیه- . و قال بعضهم- من عیب الدنیا أنها لا تعطی أحدا ما یستحق- إما أن تزید له و إما أن تنقص- . و قال سفیان الثوری- أ ما ترون النعم کأنها مغضوب علیها- قد وضعت فی غیر أهلها- . و قال یحیى بن معاذ الدنیا حانوت الشیطان- فلا تسرق من حانوته شیئا- فإنه یجیء فی طلبک حتى یأخذک- . و قال الفضیل- لو کانت الدنیا من ذهب یفنى- و الآخره من خزف یبقى- لکان ینبغی لنا أن نختار خزفا یبقى على ذهب یفنى- فکیف و قد اخترنا خزفا یفنى على ذهب یبقى- . و قال بعضهم- ما أصبح أحد فی الدنیا إلا و هو ضیف- و لا شبهه فی أن الضیف مرتحل- و ما أصبح ذو مال فیها إلا و ماله عاریه عنده- و لا ریب أن العاریه مردوده- .
و مثل هذا قول الشاعر-
و ما المال و الأهلون إلا ودیعه
و لا بد یوما أن ترد الودائع
و قیل لإبراهیم بن أدهم کیف أنت- فأنشد
نرقع دنیانا بتمزیق دیننا
فلا دیننا یبقى و لا ما نرقع
و زار رابعه العدویه أصحابها- فذکروا الدنیا فأقبلوا على ذمها- فقالت اسکتوا عن ذکرها و کفوا- فلو لا موقعها فی قلوبکم ما أکثرتم من ذکرها- إن من أحب شیئا أکثر من ذکره- . و قال مطرف بن الشخیر- لا تنظروا إلى خفض عیش الملوک و لین ریاشهم- و لکن انظروا إلى سرعه ظعنهم و سوء منقلبهم- .
قال الشاعر
أرى طالب الدنیا و إن طال عمره
و نال من الدنیا سرورا و أنعما
کبان بنى بنیانه فأقامه
فلما استوى ما قد بناه تهدما
و قال أبو العتاهیه-
تعالى الله یا سلم بن عمرو
أذل الحرص أعناق الرجال
هب الدنیا تساق إلیک عفوا
أ لیس مصیر ذلک إلى الزوال
و ما دنیاک إلا مثل فیء
أظلک ثم آذن بانتقال
و قال بعضهم الدنیا جیفه- فمن أراد منها شیئا فلیصبر على معاشره الکلاب- . و قال أبو أمامه الباهلی- لما بعث الله محمدا ص- أتت إبلیس جنوده و قالوا- قد بعث نبی و جدت مله و أمه- فقال کیف حالهم أ یحبون الدنیا قالوا نعم- قال إن کانوا یحبونها فلا أبالی ألا یعبدوا الأصنام- فإنما أغدو علیهم و أروح بثلاث- أخذ المال من غیر حقه- و إنفاقه فی غیر حقه و إمساکه عن حقه- و الشر کله لهذه الثلاث تبع- . و کان مالک بن دینار یقول- اتقوا السحاره فإنها تسحر قلوب العلماء یعنی الدنیا- .
و قال أبو سلیمان الرازی- إذا کانت الآخره فی القلب جاءت الدنیا فزاحمتها- و إذا کانت الدنیا فی القلب لم تزاحمها الآخره- لأن الآخره کریمه و الدنیا لئیمه- . و قال مالک بن دینار- بقدر ما تحزن للدنیا یخرج هم الآخره من قلبک- و بقدر ما تحزن للآخره یخرج هم الدنیا من قلبک- و هذا مقتبس من قول أمیر المؤمنین ع الدنیا و الآخره ضرتان- فبقدر ما ترضی إحداهما تسخط الأخرى
و قال الشاعر
یا خاطب الدنیا إلى نفسها
تنح عن خطبتها تسلم
إن التی تخطب غداره
قریبه العرس من المأتم
و قالوا لو وصفت الدنیا نفسها- لما قالت أحسن من قول أبی نواس فیها-
إذا امتحن الدنیا لبیب تکشفت
له عن عدو فی ثیاب صدیق
و من کلام الشافعی یعظ أخا له- یا أخی إن الدنیا دحض مزله و دار مذله- عمرانها إلى الخراب سائر- و ساکنها إلى القبور زائر- شملها على الفرقه موقوف- و غناها إلى الفقر مصروف- الإکثار فیها إعسار و الإعسار فیها یسار- فافزع إلى الله و ارض برزق الله- و لا تستسلف من دار بقائک فی دار فنائک- فإن عیشک فیء زائل و جدار مائل- أکثر من عملک و أقصر من أملک- . و قال إبراهیم بن أدهم لرجل- أ درهم فی المنام أحب إلیک أم دینار فی الیقظه- فقال دینار فی الیقظه- فقال کذبت إن الذی تحبه فی الدنیا- فکأنک تحبه فی المنام- و الذی تحبه فی الآخره فکأنک تحبه فی الیقظه- . و قال بعض الحکماء- من فرح قلبه بشیء من الدنیا فقد أخطأ الحکمه- و من جعل شهوته تحت قدمیه فرق الشیطان من ظله- و من غلب علمه هواه فهو الغالب- . و قال بعضهم- الدنیا تبغض إلینا نفسها و نحن نحبها- فکیف لو تحببت إلینا- .
و قال بعضهم الدنیا دار خراب- و أخرب منها قلب من یعمرها- و الجنه دار عمران و أعمر منها قلب من یطلبها- . و قال یحیى بن معاذ العقلاء ثلاثه- من ترک الدنیا قبل أن تترکه- و بنى قبره قبل أن یدخله- و أرضى خالقه قبل أن یلقاه- . و قال بعضهم- من أراد أن یستغنی عن الدنیا بالدنیا- کان کمطفئ النار بالتبن- .
و من کلام بعض فصحاء الزهاد- أیها الناس اعملوا فی مهل- و کونوا من الله على وجل- و لا تغتروا بالأمل و نسیان الأجل- و لا ترکنوا إلى الدنیا- فإنها غداره غراره خداعه- قد تزخرفت لکم بغرورها- و فتنتکم بأمانیها و تزینت لخطابها- فأضحت کالعروس المتجلیه- العیون إلیها ناظره- و القلوب علیها عاکفه و النفوس لها عاشقه- فکم من عاشق لها قتلت- و مطمئن إلیها خذلت- فانظروا إلیها بعین الحقیقه- فإنها دار کثرت بوائقها و ذمها خالقها- جدیدها یبلى و ملکها یفنى- و عزیزها یذل و کثیرها یقل- و حیها یموت و خیرها یفوت- فاستیقظوا من غفلتکم- و انتبهوا من رقدتکم قبل أن یقال- فلان علیل و مدنف ثقیل- فهل على الدواء من دلیل- و هل إلى الطبیب من سبیل- فتدعى لک الأطباء و لا یرجى لک الشفاء- ثم یقال فلان أوصى و ماله أحصى- ثم یقال قد ثقل لسانه فما یکلم إخوانه- و لا یعرف جیرانه- و عرق عند ذلک جبینک- و تتابع أنینک و ثبت یقینک- و طمحت جفونک و صدقت ظنونک- و تلجلج لسانک و بکى إخوانک- و قیل لک هذا ابنک فلان و هذا أخوک فلان- منعت من الکلام فلا تنطق- و ختم على لسانک فلا ینطبق- ثم حل بک القضاء- و انتزعت روحک من الأعضاء- ثم عرج بها إلى السماء- فاجتمع عند ذلک إخوانک- و أحضرت أکفانک- فغسلوک و کفنوک ثم حملوک فدفنوک- فانقطع عوادک و استراح حسادک- و انصرف أهلک إلى مالک- و بقیت مرتهنا بأعمالک- .
و قال بعض الزهاد لبعض الملوک- إن أحق الناس بذم الدنیا و قلاها- من بسط له فیها و أعطی حاجته منها- لأنه یتوقع آفه تغدو على ماله فتجتاحه- و على جمعه فتفرقه- أو تأتی على سلطانه فتهدمه من القواعد- أو تدب إلى جسمه فتسقمه- أو تفجعه بشیء هو ضنین به من أحبابه- فالدنیا الأحق بالذم و هی الآخذه ما تعطی- الراجعه فیما تهب- فبینا هی تضحک صاحبها إذ أضحکت منه غیره- و بینا هی تبکی له إذ أبکت علیه- و بینا هی تبسط کفه بالإعطاء- إذ بسطت کفها إلیه بالاسترجاع و الاسترداد- تعقد التاج على رأس صاحبها الیوم- و تعفره فی التراب غدا- سواء علیها ذهاب من ذهب و بقاء من بقی- تجد فی الباقی من الذاهب خلفا- و ترضى بکل من کل بدلا- .
و کتب الحسن البصری إلى عمر بن عبد العزیز- أما بعد فإن الدنیا دار ظعن لیست بدار إقامه- و إنما أنزل إلیها عقوبه فاحذرها- فإن الزاد منها ربحها و الغنى منها فقرها- لها فی کل حین قتیل- تذل من أعزها و تفقر من جمعها- هی کالسم یأکله من لا یعرفه و هو حتفه- فکن فیها کالمداوی جراحه- یحمی قلیلا مخافه ما یکرهه طویلا- و یصبر على شده الدواء مخافه طول البلاء- فاحذر هذه الدنیا الغداره المکاره الختاله الخداعه- التی قد تزینت بخدعها و فتنت بغرورها- و تحلت بآمالها و تشرفت لخطابها- فأصبحت بینهم کالعروس تجلى على بعلها- العیون إلیها ناظره و القلوب علیها والهه- و النفوس لها عاشقه و هی لأزواجها کلهم قاتله- فلا الباقی بالماضی معتبر- و لا الآخر بالأول مزدجر- و لا العارف بالله حین أخبره عنها مدکر- فمن عاشق لها قد ظفر منها بحاجته- فاغتر و طغی و نسی المعاد- و شغل بها لبه حتى زلت عنها قدمه- فعظمت ندامته و کثرت حسرته- و اجتمعت علیه سکرات الموت بألمه- و حسرات الفوت بغصته- و من راغب فیها لم یدرک منها ما طلب- و لم یرح نفسه من التعب- خرج منها بغیر زاد و قدم على غیر مهاد- فاحذرها ثم احذرها- و کن أسر ما تکون فیها أحذر ما تکون لها- فإن صاحبها کلما اطمأن منها إلى سرور- أشخصته إلى مکروه- و السار منها لأهلها غار- و النافع منها فی غد ضار- قد وصل الرخاء منها بالبلاء- و جعل البقاء فیها للفناء- فسرورها مشوب بالأحزان- و نعیمها مکدر بالأشجان- لا یرجع ما ولى منها و أدبر- و لا یدرى ما هو آت فینتظر- أمانیها کاذبه و آمالها باطله- و صفوها کدر و عیشها نکد- و الإنسان فیها على خطر إن عقل و نظر- و هو من النعماء على غرر و من البلاء على حذر- فلو کان الخالق لها لم یخبر عنها خبرا- و لم یضرب لها مثلا- لکانت هی نفسها قد أیقظت النائم و نبهت الغافل- فکیف و قد جاء من الله عنها زاجر- و بتصاریفها واعظ- فما لها عند الله قدر و لا نظر إلیها منذ خلقها- و لقد عرضت على نبیک محمد ص بمفاتیحها و خزائنها- لا ینقصه ذلک عند الله جناح بعوضه- فأبى أن یقبلها- کره أن یخالف على الله أمره- أو یحب ما أبغضه خالقه- أو یرفع ما وضعه ملیکه- زواها الرب سبحانه عن الصالحین اختبارا- و بسطها لأعدائه اغترارا- فیظن المغرور بها المقتدر علیها أنه أکرم بها- و ینسى ما صنع الله تعالى بمحمد ص- من شده الحجر على بطنه- و قد جاءت الروایه عنه عن ربه سبحانه أنه قال لموسى- إذا رأیت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته- و إذا رأیت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحین- و إن شئت اقتدیت بصاحب الروح و الکلمه عیسى- کان یقول إدامی الجوع- و شعاری الخوف و لباسی الصوف- و صلائی فی الشتاء مشارق الشمس- و سراجی القمر و وسادی الحجر- و دابتی رجلای و فاکهتی و طعامی ما أنبتت الأرض- أبیت و لیس لی شیء- و لیس على الأرض أحد أغنى منیو فی بعض الکتب القدیمه أن الله تعالى لما بعث موسى و هارون ع إلى فرعون- قال لا یروعنکما لباسه الذی لبس من الدنیا- فإن ناصیته بیدی لیس ینطق- و لا یطرف و لا یتنفس إلا بإذنی- و لا یعجبکما ما متع به منها- فإن ذلک زهره الحیاه الدنیا و زینه المترفین- و لو شئت أن أزینکما بزینه من الدنیا- یعرف فرعون حین یراها- أن مقدرته تعجز عما وهبتما لفعلت- و لکنی أرغب بکما عن ذلک- و أزوی ذلک عنکما و کذلک أفعل بأولیائی- إنی لأذودهم عن نعیمها- کما یذود الراعی الشفیق غنمه عن مراتع الهلکه- و إنی لأجنبهم حب المقام فیها- کما یجنب الراعی الشفیق إبله عن مبارک العر- و ما ذاک لهوانهم علی- و لکن لیستکملوا نصیبهم من کرامتی سالما موفورا- إنما یتزین لی أولیائی بالذل و الخضوع و الخوف- و إن التقوى لتثبت فی قلوبهم- فتظهر على وجوههم- فهی ثیابهم التی یلبسونها- و دثارهم الذی یظهرون- و ضمیرهم الذی یستشعرون- و نجاتهم التی بها یفوزون- و رجاؤهم الذی إیاه یأملون- و مجدهم الذی به یفتخرون- و سیماهم التی بها یعرفون- فإذا لقیهم أحدکما فلیخفض لهم جناحه- و لیذلل لهم قلبه و لسانه- و لیعلم أنه من أخاف لی ولیا فقد بارزنی بالمحاربه- ثم أنا الثائر به یوم القیامه- .
و من کلام بعض الحکماء- الأیام سهام و الناس أغراض- و الدهر یرمیک کل یوم بسهامه- و یتخرمک بلیالیه و أیامه- حتى یستغرق جمیع أجزائک و یصمی جمیع أبعاضک- فکیف بقاء سلامتک مع وقوع الأیام بک- و سرعه اللیالی فی بدنک- و لو کشف لک عما أحدثت الأیام فیک من النقص- لاستوحشت من کل یوم یأتی علیک- و استثقلت ممر الساعات بک- و لکن تدبیر الله تعالى فوق النظر و الاعتبار- .
و قال بعض الحکماء- و قد استوصف الدنیا و قدر بقائها- الدنیا وقتک الذی یرجع إلیه طرفک- لأن ما مضى عنک فقد فاتک إدراکه- و ما لم یأت فلا علم لک به- و الدهر یوم مقبل تنعاه لیلته و تطویه ساعاته- و أحداثه تتوالى على الإنسان بالتغییر و النقصان- و الدهر موکل بتشتیت الجماعات و انخرام الشمل- و تنقل الدول و الأمل طویل و العمر قصیر- و إلى الله تصیر الأمور- . و قال بعض الفضلاء- الدنیا سریعه الفناء قریبه الانقضاء- تعد بالبقاء و تخلف فی الوفاء- تنظر إلیها فتراها ساکنه مستقره- و هی سائره سیرا عنیفا و مرتحله ارتحالا سریعا- و لکن الناظر إلیها قد لا یحس بحرکتها فیطمئن إلیها- و إنما یحس بذلک بعد انقضائها- و مثالها الظل فإنه متحرک ساکن- متحرک فی الحقیقه و ساکن فی الظاهر- لا تدرک حرکته بالبصر الظاهر بل بالبصیره الباطنه فلان- منعت من الکلام فلا تنطق- و ختم على لسانک فلا ینطبق- ثم حل بک القضاء- و انتزعت روحک من الأعضاء- ثم عرج بها إلى السماء- فاجتمع عند ذلک إخوانک- و أحضرت أکفانک- فغسلوک و کفنوک ثم حملوک فدفنوک- فانقطع عوادک و استراح حسادک- و انصرف أهلک إلى مالک- و بقیت مرتهنا بأعمالک- . و قال بعض الزهاد لبعض الملوک- إن أحق الناس بذم الدنیا و قلاها- من بسط له فیها و أعطی حاجته منها- لأنه یتوقع آفه تغدو على ماله فتجتاحه- و على جمعه فتفرقه- أو تأتی على سلطانه فتهدمه من القواعد- أو تدب إلى جسمه فتسقمه- أو تفجعه بشیء هو ضنین به من أحبابه- فالدنیا الأحق بالذم و هی الآخذه ما تعطی- الراجعه فیما تهب- فبینا هی تضحک صاحبها إذ أضحکت منه غیره- و بینا هی تبکی له إذ أبکت علیه- و بینا هی تبسط کفه بالإعطاء- إذ بسطت کفها إلیه بالاسترجاع و الاسترداد- تعقد التاج على رأس صاحبها الیوم- و تعفره فی التراب غدا- سواء علیها ذهاب من ذهب و بقاء من بقی- تجد فی الباقی من الذاهب خلفا- و ترضى بکل من کل بدلا- . و کتب الحسن البصری إلى عمر بن عبد العزیز- أما بعد فإن الدنیا دار ظعن لیست بدار إقامه- و إنما أنزل إلیها عقوبه فاحذرها- فإن الزاد منها ربحها و الغنى منها فقرها- لها فی کل حین قتیل- تذل من أعزها و تفقر من جمعها- هی کالسم یأکله من لا یعرفه و هو حتفه- فکن فیها کالمداوی جراحه- یحمی قلیلا مخافه ما یکرهه طویلا- و یصبر على شده الدواء مخافه طول البلاء- فاحذر هذه الدنیا الغداره المکاره الختاله الخداعه- التی قد تزینت بخدعها و فتنت بغرورها- و تحلت بآمالها و تشرفت لخطابها- فأصبحت بینهم کالعروس تجلى على بعلها- العیون إلیها ناظره و القلوب علیها والهه- و النفوس لها عاشقه و هی لأزواجها کلهم قاتله- فلا الباقی بالماضی معتبر- و لا الآخر بالأول مزدجر- و لا العارف بالله حین أخبره عنها مدکر- فمن عاشق لها قد ظفر منها بحاجته- فاغتر و طغی و نسی المعاد- و شغل بها لبه حتى زلت عنها قدمه- فعظمت ندامته و کثرت حسرته- و اجتمعت علیه سکرات الموت بألمه- و حسرات الفوت بغصته- و من راغب فیها لم یدرک منها ما طلب- و لم یرح نفسه من التعب- خرج منها بغیر زاد و قدم على غیر مهاد- فاحذرها ثم احذرها- و کن أسر ما تکون فیها أحذر ما تکون لها- فإن صاحبها کلما اطمأن منها إلى سرور- أشخصته إلى مکروه- و السار منها لأهلها غار- و النافع منها فی غد ضار- قد وصل الرخاء منها بالبلاء- و جعل البقاء فیها للفناء- فسرورها مشوب بالأحزان- و نعیمها مکدر بالأشجان- لا یرجع ما ولى منها و أدبر- و لا یدرى ما هو آت فینتظر- أمانیها کاذبه و آمالها باطله- و صفوها کدر و عیشها نکد- و الإنسان فیها على خطر إن عقل و نظر- و هو من النعماء على غرر و من البلاء على حذر- فلو کان الخالق لها لم یخبر عنها خبرا- و لم یضرب لها مثلا- لکانت هی نفسها قد أیقظت النائم و نبهت الغافل- فکیف و قد جاء من الله عنها زاجر- و بتصاریفها واعظ- فما لها عند الله قدر و لا نظر إلیها منذ خلقها- و لقد عرضت على نبیک محمد ص بمفاتیحها و خزائنها- لا ینقصه ذلک عند الله جناح بعوضه- فأبى أن یقبلها- کره أن یخالف على الله أمره- أو یحب ما أبغضه خالقه- أو یرفع ما وضعه ملیکه- زواها الرب سبحانه عن الصالحین اختبارا- و بسطها لأعدائه اغترارا- فیظن المغرور بها المقتدر علیها أنه أکرم بها- و ینسى ما صنع الله تعالى بمحمد ص- من شده الحجر على بطنه- و قد جاءت الروایه عنه عن ربه سبحانه أنه قال لموسى- إذا رأیت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته- و إذا رأیت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحین- و إن شئت اقتدیت بصاحب الروح و الکلمه عیسى- کان یقول إدامی الجوع- و شعاری الخوف و لباسی الصوف- و صلائی فی الشتاء مشارق الشمس- و سراجی القمر و وسادی الحجر- و دابتی رجلای و فاکهتی و طعامی ما أنبتت الأرض- أبیت و لیس لی شیء- و لیس على الأرض أحد أغنى منی و فی بعض الکتب القدیمه أن الله تعالى لما بعث موسى و هارون ع إلى فرعون- قال لا یروعنکما لباسه الذی لبس من الدنیا- فإن ناصیته بیدی لیس ینطق- و لا یطرف و لا یتنفس إلا بإذنی- و لا یعجبکما ما متع به منها- فإن ذلک زهره الحیاه الدنیا و زینه المترفین- و لو شئت أن أزینکما بزینه من الدنیا- یعرف فرعون حین یراها- أن مقدرته تعجز عما وهبتما لفعلت- و لکنی أرغب بکما عن ذلک- و أزوی ذلک عنکما و کذلک أفعل بأولیائی- إنی لأذودهم عن نعیمها- کما یذود الراعی الشفیق غنمه عن مراتع الهلکه- و إنی لأجنبهم حب المقام فیها- کما یجنب الراعی الشفیق إبله عن مبارک العر- و ما ذاک لهوانهم علی- و لکن لیستکملوا نصیبهم من کرامتی سالما موفورا- إنما یتزین لی أولیائی بالذل و الخضوع و الخوف- و إن التقوى لتثبت فی قلوبهم- فتظهر على وجوههم- فهی ثیابهم التی یلبسونها- و دثارهم الذی یظهرون- و ضمیرهم الذی یستشعرون- و نجاتهم التی بها یفوزون- و رجاؤهم الذی إیاه یأملون- و مجدهم الذی به یفتخرون- و سیماهم التی بها یعرفون- فإذا لقیهم أحدکما فلیخفض لهم جناحه- و لیذلل لهم قلبه و لسانه- و لیعلم أنه من أخاف لی ولیا فقد بارزنی بالمحاربه- ثم أنا الثائر به یوم القیامه- .
و من کلام بعض الحکماء- الأیام سهام و الناس أغراض- و الدهر یرمیک کل یوم بسهامه- و یتخرمک بلیالیه و أیامه- حتى یستغرق جمیع أجزائک و یصمی جمیع أبعاضک- فکیف بقاء سلامتک مع وقوع الأیام بک- و سرعه اللیالی فی بدنک- و لو کشف لک عما أحدثت الأیام فیک من النقص- لاستوحشت من کل یوم یأتی علیک- و استثقلت ممر الساعات بک- و لکن تدبیر الله تعالى فوق النظر و الاعتبار- .
و قال بعض الحکماء- و قد استوصف الدنیا و قدر بقائها- الدنیا وقتک الذی یرجع إلیه طرفک- لأن ما مضى عنک فقد فاتک إدراکه- و ما لم یأت فلا علم لک به- و الدهر یوم مقبل تنعاه لیلته و تطویه ساعاته- و أحداثه تتوالى على الإنسان بالتغییر و النقصان- و الدهر موکل بتشتیت الجماعات و انخرام الشمل- و تنقل الدول و الأمل طویل و العمر قصیر- و إلى الله تصیر الأمور- . و قال بعض الفضلاء- الدنیا سریعه الفناء قریبه الانقضاء- تعد بالبقاء و تخلف فی الوفاء- تنظر إلیها فتراها ساکنه مستقره- و هی سائره سیرا عنیفا و مرتحله ارتحالا سریعا- و لکن الناظر إلیها قد لا یحس بحرکتها فیطمئن إلیها- و إنما یحس بذلک بعد انقضائها- و مثالها الظل فإنه متحرک ساکن- متحرک فی الحقیقه و ساکن فی الظاهر- لا تدرک حرکته بالبصر الظاهر بل بالبصیره الباطنه
ترجمه فارسی شرح ابن ابی الحدید
حکمت (۳۷۳)
ایها الناس متاع الدنیا حطام موبىء، فتجنّبوا مرعاه قلعتها احظى من طمانیتها، و بلغتها ازکى من ثروتها، حکم على مکثریها بالفاقه، و اعین من غنى عنها بالراحه، من راقه زبرجها اعقبت ناظریه کمها، و من استشعر الشغف بها ملأت ضمیره اشجانا، لهن رقص على سویداء قلبه، همّ یشغله، و غمّ یحزنه، کذلک حتى یؤخذ بکظمه فیلقى بالفضاء منقطعا ابهراه، هیّنا على الله فناؤه، و على الاخوان القاؤه.
انما ینظر المومن الى الدنیا بعین الاعتبار، و یقتات منها ببطن الاضطرار، و یسمع فیها باذن المقت و الابغاض، ان قیل اثرى قیل اکدى، و ان فرح له بالبقاء حزن له بالفناء، هذا و لم یأتهم یوم هم فیه مبلسون.
«اى مردم خواسته دنیا خرده گیاه آلوده است، از چراگاهى که دل کندن از آن خوشتر از درنگ در آن است و اندکى روزى از آن پسندیده تر از توانگرى آن است دورى گزینید، آن کس که از آن بسیار برداشت به درویشى محکوم است و آن کس که خود را از آن بى نیاز پنداشت به آسایش یارى داده مى شود، آن کس را که زیور دنیا در نظرش خوش آمد، نابینایى از پى آن دو چشمش را فرو مى گیرد، و آن کس که خود را شیفته دنیا دارد، دنیا درونش را آکنده از اندوه ها مى سازد که در سویداى دلش به جنبش مى آید، غمى که او را گرفتار مى سازد و اندوهى که اندوهگینش مى دارد تا آنکه گریبانش را مى گیرد و به گوشهاى فکنده مى شود و رگهاى گردنش بریده مى شود، نابودى او در نظر خدا و به خاک کردنش در نظر برادرانش آسان و بىارزش است.
همانا که مؤمن به دنیا با دیده اعتبار مى نگرد و از آن به اندازه ضرورت بهره مى برد، سخن دنیا را به گوش خشم و دشمنى مى شنود، که اگر گویند توانگر شد، دیرى نپاید که گویند تهیدست گردید، اگر به بودنش شاد شوند به زودى به نبودنش اندوهگین شوند. این حال دنیاست و حال آنکه هنوز روزى که در آن نومید شوند- رستاخیز- فرا نرسیده است.» ابن ابى الحدید پس از توضیح لغات و استعاراتى که در این سخن آمده است بخشى را در دوازده صفحه درباره سخنان حکمت آمیز که در وصف دنیا و دگرگونیهاى آن گفته شده است اختصاص داده است و در آن به گفتار پارسایان و بزرگان صوفیه استناد کرده است که چند نمونه آن ترجمه مى شود.
انس روایت مى کند و مى گوید: هیچ شترى بر ناقه غضباى پیامبر صلّى اللّه علیه و آله و سلّم پیشى نمى گرفت، قضا را عربى بادیه نشین با ناقه خود آمد که در مسابقه بر ناقه غضبا پیشى گرفت و این کار بر مسلمانان گران آمد. پیامبر صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فرمود: «بر خداوند حق است که هیچ چیز در دنیا برترى داده نشود، مگر آنکه آن را فرو نهد.» یکى از حکیمان گفته است: چه کسى بر موج دریا خانه مى سازد دنیاى شما چنین است، آن را قرارگاه خویش مگیرید.
به حکیمى گفته شد: یک کار به ما بیاموز که چون آن را انجام دهیم، خداى ما را در قبال آن عمل دوست بدارد، گفت: دنیا را دشمن بدارید تا خدایتان دوست بدارد.
ابو الدرداء گوید: پیامبر صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فرمود: «اگر آنچه را که من مى دانم شما بدانید کم مى خندید و فراوان مى گریید و دنیا در نظرتان بى ارزش مى شود و آخرت را برخواهید گزید.» حکیمى به یارانش گفت: با سلامت دین به اندکى از دنیا خشنود شوید، همانگونه که دنیاداران براى سلامت دنیاى خود به اندکى از دین خشنودند.
و در حدیث مرفوع آمده است: همانا پس از من دنیا به شما روى مى آورد و ایمان شما را مى خورد، همان گونه که آتش هیمه را مى خورد.
به یکى از راهبان گفتند: دنیا را چگونه مى بینى گفت: بدنها را فرسوده و آرزوها را تجدید و مرگ را نزدیک و امنیت را دور مى سازد. گفته شد: احوال اهل آن چگونه است گفت: هر که بدان دست یابد به رنج مىافتد و آن کس که آن را از دست مى دهد اندوهگین مى شود.
یحیى بن معاذ گفته است: دنیا دکان شیطان است، از دکان او چیزى مدزد که ابلیس چندان به طلب تو مى آید تا تو را فرو گیرد.
فضیل گفته است: اگر دنیاى فانى شونده از زر مى بود و آخرت از مهره ناسره پایدار، شایسته بود که همان مهره پایدار را بر زر ناپایدار برگزینیم تا چه رسد به آنکه مهره ناپایدار را بر زر پایدار گزیده ایم.
به ابراهیم بن ادهم گفته شد: چگونه اى این بیت را خواند: دنیاى خود را با دریدن دین خویش وصله مى زنیم، نه دین ما باقى مى ماند و نه آنچه را که وصله مى زنیم.
رابعه عدویه را یارانش دیدار کردند و سخن از دنیا به میان آوردند و آن را نکوهش کردند، گفت: خاموش باشید و از نام بردن آن دست بدارید که اگر موقعیت آن در دلهاى شما متمکن نبود این همه درباره اش سخن نمى گفتید که هر کس چیزى را دوست مى دارد فراوان یاد مى کند.
یکى از صوفیان گوید: دنیا خانه اى ویرانه است و ویرانه تر از آن دل کسى است که آن را آباد مى دارد و بهشت، خانه آبادى است و آبادتر از آن، دلى است که در جستجوى آن است.
یحیى بن معاذ گوید: عاقلان سه دسته اند، آنان که دنیا را رها کنند پیش از آنکه دنیا ایشان را رها کند، و گور خود را پیش از آنکه به آن درآیند، بسازند و خداى خود را پیش از آنکه دیدارش کنند، خشنود کنند.
یکى از فاضلان گفته است: دنیا به سرعت فناپذیر است، وعده بقا مى دهد و وفا نمى کند. بدان مى نگرى آن را آرام و بى حرکت مى پندارى، در حالى که به سختى در حال حرکت و کوچ کردن است ولى کسى که به آن مى نگرد حرکت آن را احساس نمى کند. به آن مطمئن مى شود ولى پس از سپرى شدنش متوجه آن مى شود نظیر آن سایه است که در عین متحرک بودن ساکن مى نماید، در حقیقت متحرک و به ظاهر ساکن است، حرکت سایه با چشم ظاهر دیده نمى شود ولى با بینش درونى احساس مى شود.
جلوه تاریخ در شرح نهج البلاغه ابن ابى الحدیدجلد ۸ //دکتر محمود مهدوى دامغانى
بازدیدها: ۴۰۷