نامه ۵۳ صبحی صالح
۵۳- و من کتاب له ( علیه السلام ) کتبه للأشتر النخعی لما ولاه على مصر و أعمالها حین اضطرب أمر أمیرها محمد بن أبی بکر، و هو أطول عهد کتبه و أجمعه للمحاسن.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَالِکَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِی عَهْدِهِ إِلَیْهِ حِینَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَایَهَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَهَ بِلَادِهَا
أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ إِیْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِی کِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِی لَا یَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا یَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا
وَ أَنْ یَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ یَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَکَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ
وَ أَمَرَهُ أَنْ یَکْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ یَزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَهٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ
ثُمَّ اعْلَمْ یَا مَالِکُ أَنِّی قَدْ وَجَّهْتُکَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَیْهَا دُوَلٌ قَبْلَکَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ النَّاسَ یَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِکَ فِی مِثْلِ مَا کُنْتَ تَنْظُرُ فِیهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاهِ قَبْلَکَ وَ یَقُولُونَ فِیکَ مَا کُنْتَ تَقُولُ فِیهِمْ
وَ إِنَّمَا یُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِینَ بِمَا یُجْرِی اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْیَکُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَیْکَ ذَخِیرَهُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ
فَامْلِکْ هَوَاکَ وَ شُحَّ بِنَفْسِکَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَکَ فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِیمَا أَحَبَّتْ أَوْ کَرِهَتْ وَ أَشْعِرْ قَلْبَکَ الرَّحْمَهَ لِلرَّعِیَّهِ وَ الْمَحَبَّهَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ
وَ لَا تَکُونَنَّ عَلَیْهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمُ أَکْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَکَ فِی الدِّینِ وَ إِمَّا نَظِیرٌ لَکَ فِی الْخَلْقِ یَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ یُؤْتَى عَلَى أَیْدِیهِمْ فِی الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ
فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِکَ وَ صَفْحِکَ مِثْلِ الَّذِی تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ یُعْطِیَکَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّکَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِی الْأَمْرِ عَلَیْکَ فَوْقَکَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاکَ وَ قَدِ اسْتَکْفَاکَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاکَ بِهِمْ
وَ لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَکَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا یَدَ لَکَ بِنِقْمَتِهِ وَ لَا غِنَى بِکَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَهٍ
وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَهٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَهً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّی مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِکَ إِدْغَالٌ فِی الْقَلْبِ وَ مَنْهَکَهٌ لِلدِّینِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِیَرِ
وَ إِذَا أَحْدَثَ لَکَ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ سُلْطَانِکَ أُبَّهَهً أَوْ مَخِیلَهً فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْکِ اللَّهِ فَوْقَکَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْکَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنْ نَفْسِکَ
فَإِنَّ ذَلِکَ یُطَامِنُ إِلَیْکَ مِنْ طِمَاحِکَ وَ یَکُفُّ عَنْکَ مِنْ غَرْبِکَ وَ یَفِیءُ إِلَیْکَ بِمَا عَزَبَ عَنْکَ مِنْ عَقْلِکَ
إِیَّاکَ وَ مُسَامَاهَ اللَّهِ فِی عَظَمَتِهِ وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِی جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ یُذِلُّ کُلَّ جَبَّارٍ وَ یُهِینُ کُلَّ مُخْتَالٍ
أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِکَ وَ مِنْ خَاصَّهِ أَهْلِکَ وَ مَنْ لَکَ فِیهِ هَوًى مِنْ رَعِیَّتِکَ فَإِنَّکَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ
وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ کَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ
وَ کَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى یَنْزِعَ أَوْ یَتُوبَ وَ لَیْسَ شَیْءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْیِیرِ نِعْمَهِ اللَّهِ وَ تَعْجِیلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَهٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِیعٌ دَعْوَهَ الْمُضْطَهَدِینَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِینَ بِالْمِرْصَادِ
وَ لْیَکُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَیْکَ أَوْسَطُهَا فِی الْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِی الْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِیَّهِ فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّهِ یُجْحِفُ بِرِضَى الْخَاصَّهِ وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّهِ یُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى الْعَامَّهِ
وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِیَّهِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِی مَئُونَهً فِی الرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَهً لَهُ فِی الْبَلَاءِ وَ أَکْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُکْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّهِ
وَ إِنَّمَا عِمَادُ الدِّینِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِینَ وَ الْعُدَّهُ لِلْأَعْدَاءِ الْعَامَّهُ مِنَ الْأُمَّهِ فَلْیَکُنْ صِغْوُکَ لَهُمْ وَ مَیْلُکَ مَعَهُمْ
وَ لْیَکُنْ أَبْعَدَ رَعِیَّتِکَ مِنْکَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَکَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَایِبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِی النَّاسِ عُیُوباً الْوَالِی أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَکْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْکَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَیْکَ تَطْهِیرُ مَا ظَهَرَ لَکَ
وَ اللَّهُ یَحْکُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْکَ فَاسْتُرِ الْعَوْرَهَ مَا اسْتَطَعْتَ یَسْتُرِ اللَّهُ مِنْکَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِیَّتِکَ
أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَهَ کُلِّ حِقْدٍ وَ اقْطَعْ عَنْکَ سَبَبَ کُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ کُلِّ مَا لَا یَضِحُ لَکَ وَ لَا تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِیقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِیَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِینَ
وَ لَا تُدْخِلَنَّ فِی مَشُورَتِکَ بَخِیلًا یَعْدِلُ بِکَ عَنِ الْفَضْلِ وَ یَعِدُکَ الْفَقْرَ وَ لَا جَبَاناً یُضْعِفُکَ عَنِ الْأُمُورِ وَ لَا حَرِیصاً یُزَیِّنُ لَکَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى یَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ
إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِکَ مَنْ کَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَکَ وَزِیراً وَ مَنْ شَرِکَهُمْ فِی الْآثَامِ فَلَا یَکُونَنَّ لَکَ بِطَانَهً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَهِ وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَهِ
وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَیْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَیْسَ عَلَیْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ یُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَى إِثْمِهِ
أُولَئِکَ أَخَفُّ عَلَیْکَ مَئُونَهً وَ أَحْسَنُ لَکَ مَعُونَهً وَ أَحْنَى عَلَیْکَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَیْرِکَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِکَ خَاصَّهً لِخَلَوَاتِکَ وَ حَفَلَاتِکَ
ثُمَّ لْیَکُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَکَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَکَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَهً فِیمَا یَکُونُ مِنْکَ مِمَّا کَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِیَائِهِ وَاقِعاً ذَلِکَ مِنْ هَوَاکَ حَیْثُ وَقَعَ
وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلَّا یُطْرُوکَ وَ لَا یَبْجَحُوکَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ کَثْرَهَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِی مِنَ الْعِزَّهِ
وَ لَا یَکُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِیءُ عِنْدَکَ بِمَنْزِلَهٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِی ذَلِکَ تَزْهِیداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِی الْإِحْسَانِ وَ تَدْرِیباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَهِ عَلَى الْإِسَاءَهِ وَ أَلْزِمْ کُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ
وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَیْسَ شَیْءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِیَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَیْهِمْ وَ تَخْفِیفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَیْهِمْ وَ تَرْکِ اسْتِکْرَاهِهِ إِیَّاهُمْ عَلَى مَا لَیْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ
فَلْیَکُنْ مِنْکَ فِی ذَلِکَ أَمْرٌ یَجْتَمِعُ لَکَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِیَّتِکَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ یَقْطَعُ عَنْکَ نَصَباً طَوِیلًا
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّکَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُکَ عِنْدَهُ
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّکَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُکَ عِنْدَهُ وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّهً صَالِحَهً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّهِ وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَهُ وَ صَلَحَتْ عَلَیْهَا الرَّعِیَّهُ وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّهً تَضُرُّ بِشَیْءٍ مِنْ مَاضِی تِلْکَ السُّنَنِ فَیَکُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ الْوِزْرُ عَلَیْکَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا
وَ أَکْثِرْ مُدَارَسَهَ الْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَهَ الْحُکَمَاءِ فِی تَثْبِیتِ مَا صَلَحَ عَلَیْهِ أَمْرُ بِلَادِکَ وَ إِقَامَهِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَکَ
وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِیَّهَ طَبَقَاتٌ لَا یَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا کُتَّابُ الْعَامَّهِ وَ الْخَاصَّهِ وَ مِنْهَا قُضَاهُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ
وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْیَهِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّهِ وَ مُسْلِمَهِ النَّاسِ وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ
وَ مِنْهَا الطَّبَقَهُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِی الْحَاجَهِ وَ الْمَسْکَنَهِ
وَ کُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِیضَهً فِی کِتَابِهِ أَوْ سُنَّهِ نَبِیِّهِ ( صلىاللهعلیهوآلهوسلم )عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً
فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِیَّهِ وَ زَیْنُ الْوُلَاهِ وَ عِزُّ الدِّینِ وَ سُبُلُ الْأَمْنِ وَ لَیْسَ تَقُومُ الرَّعِیَّهُ إِلَّا بِهِمْ
ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا یُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِی یَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ یَعْتَمِدُونَ عَلَیْهِ فِیمَا یُصْلِحُهُمْ وَ یَکُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ
ثُمَّ لَا قِوَامَ لِهَذَیْنِ الصِّنْفَیْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاهِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْکُتَّابِ لِمَا یُحْکِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ وَ یَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ یُؤْتَمَنُونَ عَلَیْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا
وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِیعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ فِیمَا یَجْتَمِعُونَ عَلَیْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ یُقِیمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ یَکْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَیْدِیهِمْ مَا لَا یَبْلُغُهُ رِفْقُ غَیْرِهِمْ
ثُمَّ الطَّبَقَهُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَهِ وَ الْمَسْکَنَهِ الَّذِینَ یَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ
وَ فِی اللَّهِ لِکُلٍّ سَعَهٌ وَ لِکُلٍّ عَلَى الْوَالِی حَقٌّ بِقَدْرِ مَا یُصْلِحُهُ وَ لَیْسَ یَخْرُجُ الْوَالِی مِنْ حَقِیقَهِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِکَ إِلَّا بِالِاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَهِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِینِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَ الصَّبْرِ عَلَیْهِ فِیمَا خَفَّ عَلَیْهِ أَوْ ثَقُلَ:
فَوَلِّ مِنْ جُنُودِکَ أَنْصَحَهُمْ فِی نَفْسِکَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِکَ وَ أَنْقَاهُمْ جَیْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً
مِمَّنْ یُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ یَسْتَرِیحُ إِلَى الْعُذْرِ وَ یَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ یَنْبُو عَلَى الْأَقْوِیَاءِ وَ مِمَّنْ لَا یُثِیرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا یَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ
ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِی الْمُرُوءَاتِ وَ الْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَهِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَهِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَهِ وَ الشَّجَاعَهِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَهِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْکَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ
ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا یَتَفَقَّدُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لَا یَتَفَاقَمَنَّ فِی نَفْسِکَ شَیْءٌ قَوَّیْتَهُمْ بِهِ وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِیَهٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ النَّصِیحَهِ لَکَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِکَ
وَ لَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِیفِ أُمُورِهِمُ اتِّکَالًا عَلَى جَسِیمِهَا فَإِنَّ لِلْیَسِیرِ مِنْ لُطْفِکَ مَوْضِعاً یَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِیمِ مَوْقِعاً لَا یَسْتَغْنُونَ عَنْهُ
وَ لْیَکُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِکَ عِنْدَکَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِی مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَیْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا یَسَعُهُمْ وَ یَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِیهِمْ حَتَّى یَکُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِی جِهَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَکَ عَلَیْهِمْ یَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَیْکَ
وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّهِ عَیْنِ الْوُلَاهِ اسْتِقَامَهُ الْعَدْلِ فِی الْبِلَادِ وَ ظُهُورُ مَوَدَّهِ الرَّعِیَّهِ
و إِنَّهُ لَا تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلَّا بِسَلَامَهِ صُدُورِهِمْ وَ لَا تَصِحُّ نَصِیحَتُهُمْ إِلَّا بِحِیطَتِهِمْ عَلَى وُلَاهِ الْأُمُورِ وَ قِلَّهِ اسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْکِاسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ
فَافْسَحْ فِی آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ فِی حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِمْ وَ تَعْدِیدِ مَا أَبْلَى ذَوُو الْبَلَاءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ کَثْرَهَ الذِّکْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ النَّاکِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
ثُمَّ اعْرِفْ لِکُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَیْرِهِ وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَایَهِ بَلَائِهِ وَ لَا یَدْعُوَنَّکَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا کَانَ صَغِیراً وَ لَا ضَعَهُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا کَانَ عَظِیماً
وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا یُضْلِعُکَ مِنَ الْخُطُوبِ وَ یَشْتَبِهُ عَلَیْکَ مِنَ الْأُمُورِ
فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْکُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ
فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْکَمِ کِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَهِ غَیْرِ الْمُفَرِّقَهِ:
ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُکْمِ بَیْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِیَّتِکَ فِی نَفْسِکَ مِمَّنْ لَا تَضِیقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا تُمَحِّکُهُ الْخُصُومُ وَ لَا یَتَمَادَى فِی الزَّلَّهِ وَ لَا یَحْصَرُ مِنَ الْفَیْءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَ لَا یَکْتَفِی بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ
وَ أَوْقَفَهُمْ فِی الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَهِ الْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَى تَکَشُّفِ الْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُکْمِ مِمَّنْ لَا یَزْدَهِیهِ إِطْرَاءٌ وَ لَا یَسْتَمِیلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِکَ قَلِیلٌ
ثُمَّ أَکْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ افْسَحْ لَهُ فِی الْبَذْلِ مَا یُزِیلُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَهِ لَدَیْکَ مَا لَا یَطْمَعُ فِیهِ غَیْرُهُ مِنْ خَاصَّتِکَ لِیَأْمَنَ بِذَلِکَ اغْتِیَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَکَ
فَانْظُرْ فِی ذَلِکَ نَظَراً بَلِیغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّینَ قَدْ کَانَ أَسِیراً فِی أَیْدِی الْأَشْرَارِ یُعْمَلُ فِیهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْیَا:
ثُمَّ انْظُرْ فِی أُمُورِ عُمَّالِکَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً وَ لَا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاهً وَ أَثَرَهً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِیَانَهِ
وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَهِ وَ الْحَیَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَهِ وَ الْقَدَمِ فِی الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمَهِ فَإِنَّهُمْ أَکْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِی الْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً وَ أَبْلَغُ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً
ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَیْهِمُ الْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِکَ قُوَّهٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَیْدِیهِمْ وَ حُجَّهٌ عَلَیْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَکَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَکَ
ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ ابْعَثِ الْعُیُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَکَ فِی السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَهٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَهِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِیَّهِ
وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ یَدَهُ إِلَى خِیَانَهٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَیْهِ عِنْدَکَ أَخْبَارُ عُیُونِکَ اکْتَفَیْتَ بِذَلِکَ شَاهِداً
فَبَسَطْتَ عَلَیْهِ الْعُقُوبَهَ فِی بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّهِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِیَانَهِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَهِ:
وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا یُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِی صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ کُلَّهُمْ عِیَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ
وَ لْیَکُنْ نَظَرُکَ فِی عِمَارَهِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِکَ فِی اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یُدْرَکُ إِلَّا بِالْعِمَارَهِ وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَیْرِ عِمَارَهٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَ أَهْلَکَ الْعِبَادَ وَ لَمْ یَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِیلًا
فَإِنْ شَکَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّهً أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّهٍ أَوْ إِحَالَهَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ یَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ
وَ لَا یَثْقُلَنَّ عَلَیْکَ شَیْءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَهَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ یَعُودُونَ بِهِ عَلَیْکَ فِی عِمَارَهِ بِلَادِکَ وَ تَزْیِینِ وِلَایَتِکَ
مَعَ اسْتِجْلَابِکَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِکَ بِاسْتِفَاضَهِ الْعَدْلِ فِیهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِکَ لَهُمْ وَ الثِّقَهَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِکَ عَلَیْهِمْ وَ رِفْقِکَ بِهِمْ
فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِیهِ عَلَیْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَیِّبَهً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ
وَ إِنَّمَا یُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا یُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاهِ عَلَى الْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّهِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ:
ثُمَّ انْظُرْ فِی حَالِ کُتَّابِکَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِکَ خَیْرَهُمْ وَ اخْصُصْ رَسَائِلَکَ الَّتِی تُدْخِلُ فِیهَا مَکَایِدَکَ وَ أَسْرَارَکَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْکَرَامَهُ فَیَجْتَرِئَ بِهَا عَلَیْکَ فِی خِلَافٍ لَکَ بِحَضْرَهِ مَلَإٍ
وَ لَا تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَهُ عَنْ إِیرَادِ مُکَاتَبَاتِ عُمِّالِکَ عَلَیْکَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْکَ فِیمَا یَأْخُذُ لَکَ وَ یُعْطِی مِنْکَ وَ لَا یُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَکَ وَ لَا یَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَیْکَ
وَ لَا یَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِی الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ یَکُونُ بِقَدْرِ غَیْرِهِ أَجْهَلَ
ثُمَّ لَا یَکُنِ اخْتِیَارُکَ إِیَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِکَ وَ اسْتِنَامَتِکَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْکَ فَإِنَّ الرِّجَالَ یَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاهِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ وَ لَیْسَ وَرَاءَ ذَلِکَ مِنَ النَّصِیحَهِ وَ الْأَمَانَهِ شَیْءٌ
وَ لَکِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِینَ قَبْلَکَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ کَانَ فِی الْعَامَّهِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَهِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِکَ دَلِیلٌ عَلَى نَصِیحَتِکَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّیتَ أَمْرَهُ
وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ کُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِکَ رَأْساً مِنْهُمْ لَا یَقْهَرُهُ کَبِیرُهَا وَ لَا یَتَشَتَّتُ عَلَیْهِ کَثِیرُهَا وَ مَهْمَا کَانَ فِی کُتَّابِکَ مِنْ عَیْبٍ فَتَغَابَیْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ
ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَیْراً الْمُقِیمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ الْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ
فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ وَ جُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ فِی بَرِّکَ وَ بَحْرِکَ وَ سَهْلِکَ وَ جَبَلِکَ وَ حَیْثُ لَا یَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا یَجْتَرِءُونَ عَلَیْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِکَ وَ فِی حَوَاشِی بِلَادِکَ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِکَ أَنَّ فِی کَثِیرٍ مِنْهُمْ ضِیقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِیحاً وَ احْتِکَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَکُّماً فِی الْبِیَاعَاتِ وَ ذَلِکَ بَابُ مَضَرَّهٍ لِلْعَامَّهِ وَ عَیْبٌ عَلَى الْوُلَاهِ
فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِکَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلىاللهعلیهوآلهوسلم )مَنَعَ مِنْهُ وَ لْیَکُنِ الْبَیْعُ بَیْعاً سَمْحاً بِمَوَازِینِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ
فَمَنْ قَارَفَ حُکْرَهً بَعْدَ نَهْیِکَ إِیَّاهُ فَنَکِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ فِی غَیْرِ إِسْرَافٍ:
ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِی الطَّبَقَهِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِینَ لَا حِیلَهَ لَهُمْ مِنَ الْمَسَاکِینِ وَ الْمُحْتَاجِینَ وَ أَهْلِ الْبُؤْسَى وَ الزَّمْنَى فَإِنَّ فِی هَذِهِ الطَّبَقَهِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً
وَ احْفَظِ لِلَّهِ مَا اسْتَحْفَظَکَ مِنْ حَقِّهِ فِیهِمْ وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَیْتِ مَالِکِ وَ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِی الْإِسْلَامِ فِی کُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِی لِلْأَدْنَى
وَ کُلٌّ قَدِ اسْتُرْعِیتَ حَقَّهُ وَ لَا یَشْغَلَنَّکَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّکَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْیِیعِکَ التَّافِهَ لِإِحْکَامِکَ الْکَثِیرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّکَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لَهُمْ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لَا یَصِلُ إِلَیْکَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُیُونُ وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِکَ ثِقَتَکَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْیَهِ وَ التَّوَاضُعِ فَلْیَرْفَعْ إِلَیْکَ أُمُورَهُمْ
ثُمَّ اعْمَلْ فِیهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ یَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَیْنِ الرَّعِیَّهِ أَحْوَجُ إِلَى الْإِنْصَافِ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ کُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ فِی تَأْدِیَهِ حَقِّهِ إِلَیْهِ
وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْیُتْمِ وَ ذَوِی الرِّقَّهِ فِی السِّنِّ مِمَّنْ لَا حِیلَهَ لَهُ وَ لَا یَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَهِ نَفْسَهُ وَ ذَلِکَ عَلَى الْوُلَاهِ ثَقِیلٌ وَ الْحَقُّ کُلُّهُ ثَقِیلٌ وَ قَدْ یُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَهَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ:
وَ اجْعَلْ لِذَوِی الْحَاجَاتِ مِنْکَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِیهِ شَخْصَکَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِیهِ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَکَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَکَ وَ أَعْوَانَکَ مِنْ أَحْرَاسِکَ وَ شُرَطِکَ حَتَّى یُکَلِّمَکَ مُتَکَلِّمُهُمْ غَیْرَ مُتَتَعْتِعٍ
فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله علیه وآله وسلم )یَقُولُ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّهٌ لَا یُؤْخَذُ لِلضَّعِیفِ فِیهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِیِّ غَیْرَ مُتَتَعْتِعٍ
ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِیَّ وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّیقَ وَ الْأَنَفَ یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْکَ بِذَلِکَ أَکْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ یُوجِبْ لَکَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَیْتَ هَنِیئاً وَ امْنَعْ فِی إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ
ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِکَ لَا بُدَّ لَکَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَهُ عُمَّالِکَ بِمَا یَعْیَا عَنْهُ کُتَّابُکَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ یَوْمَ وُرُودِهَا عَلَیْکَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِکَ
وَ أَمْضِ لِکُلِّ یَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِکُلِّ یَوْمٍ مَا فِیهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِکَ فِیمَا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْکَ الْمَوَاقِیتِ وَ أَجْزَلَ تِلْکَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ کَانَتْ کُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِیهَا النِّیَّهُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیَّهُ
وَ لْیَکُنْ فِی خَاصَّهِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِینَکَ إِقَامَهُ فَرَائِضِهِ الَّتِی هوَ الْأَنَفَ یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْکَ بِذَلِکَ أَکْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ یُوجِبْ لَکَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَیْتَ هَنِیئاً وَ امْنَعْ فِی إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ
ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِکَ لَا بُدَّ لَکَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَهُ عُمَّالِکَ بِمَا یَعْیَا عَنْهُ کُتَّابُکَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ یَوْمَ وُرُودِهَا عَلَیْکَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِکَ
وَ أَمْضِ لِکُلِّ یَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِکُلِّ یَوْمٍ مَا فِیهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِکَ فِیمَا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْکَ الْمَوَاقِیتِ وَ أَجْزَلَ تِلْکَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ کَانَتْ کُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِیهَا النِّیَّهُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیَّهُ
وَ لْیَکُنْ فِی خَاصَّهِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِینَکَ إِقَامَهُ فَرَائِضِهِ الَّتِی هِیَ لَهُ خَاصَّهً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِکَ فِی لَیْلِکَ وَ نَهَارِکَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِکَ کَامِلًا غَیْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِکَ مَا بَلَغَ
وَ إِذَا قُمْتَ فِی صَلَاتِکَ لِلنَّاسِ فَلَا تَکُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَیِّعاً فَإِنَّ فِی النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّهُ وَ لَهُ الْحَاجَهُ
وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله علیه وآله وسلم )حِینَ وَجَّهَنِی إِلَى الْیَمَنِ کَیْفَ أُصَلِّی بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ کَصَلَاهِ أَضْعَفِهِمْ وَ کُنْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً
وَ أَمَّا بَعْدُ فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَکَ عَنْ رَعِیَّتِکَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاهِ عَنِ الرَّعِیَّهِ شُعْبَهٌ مِنَ الضِّیقِ وَ قِلَّهُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ
وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ یَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَیَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْکَبِیرُ وَ یَعْظُمُ الصَّغِیرُ وَ یَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ یَحْسُنُ الْقَبِیحُ وَ یُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ
وَ إِنَّمَا الْوَالِی بَشَرٌ لَا یَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَیْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْکَذِبِ
وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَیْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُکَ بِالْبَذْلِ فِی الْحَقِّ فَفِیمَ احْتِجَابُکَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِیهِ أَوْ فِعْلٍ کَرِیمٍ تُسْدِیهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ کَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِکَ إِذَا أَیِسُوا مِنْ بَذْلِکَ
مَعَ أَنَّ أَکْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَیْکَ مِمَّا لَا مَئُونَهَ فِیهِ عَلَیْکَ مِنْ شَکَاهِ مَظْلِمَهٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَهٍ:
ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِی خَاصَّهً وَ بِطَانَهً فِیهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّهُ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَهٍ فَاحْسِمْ مَادَّهَ أُولَئِکَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْکَ الْأَحْوَالِ
وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِیَتِکَ وَ حَامَّتِکَ قَطِیعَهً وَ لَا یَطْمَعَنَّ مِنْکَ فِی اعْتِقَادِ عُقْدَهٍ تَضُرُّ بِمَنْ یَلِیهَا مِنَ النَّاسِ فِی شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَکٍ یَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَیْرِهِمْ فَیَکُونَ مَهْنَأُ ذَلِکَ لَهُمْ دُونَکَ وَ عَیْبُهُ عَلَیْکَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَهِ
وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ وَ کُنْ فِی ذَلِکَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِکَ مِنْ قَرَابَتِکَ وَ خَاصَّتِکَ حَیْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا یَثْقُلُ عَلَیْکَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّهَ ذَلِکَ مَحْمُودَهٌ
وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِیَّهُ بِکَ حَیْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِکَ وَ اعْدِلْ عَنْکَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِکَ فَإِنَّ فِی ذَلِکَ رِیَاضَهً مِنْکَ لِنَفْسِکَ وَ رِفْقاً بِرَعِیَّتِکَ وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَکَ مِنْ تَقْوِیمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ:
وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاکَ إِلَیْهِ عَدُوُّکَ و لِلَّهِ فِیهِ رِضًا فَإِنَّ فِی الصُّلْحِ دَعَهً لِجُنُودِکَ وَ رَاحَهً مِنْ هُمُومِکَ وَ أَمْناً لِبِلَادِکَ
وَ لَکِنِ الْحَذَرَ کُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّکَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِیَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِی ذَلِکَ حُسْنَ الظَّنِّ
وَ إِنْ عَقَدْتَ بَیْنَکَ وَ بَیْنَ عَدُوِّکَ عُقْدَهً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْکَ ذِمَّهً فَحُطْ عَهْدَکَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَکَ بِالْأَمَانَهِ وَ اجْعَلْ نَفْسَکَ جُنَّهً دُونَ مَا أَعْطَیْتَ
فَإِنَّهُ لَیْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَیْءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَیْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِیمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِکَ الْمُشْرِکُونَ فِیمَا بَیْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِینَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ
فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِکَ وَ لَا تَخِیسَنَّ بِعَهْدِکَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّکَ فَإِنَّهُ لَا یَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِیٌّ
وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَیْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِیماً یَسْکُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَ یَسْتَفِیضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَهَ وَ لَا خِدَاعَ فِیهِ
وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِیهِ الْعِلَلَ وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْکِیدِ وَ التَّوْثِقَهِ
وَ لَا یَدْعُوَنَّکَ ضِیقُ أَمْرٍ لَزِمَکَ فِیهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَیْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَکَ عَلَى ضِیقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَیْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِیطَ بِکَ مِنَ اللَّهِ فِیهِ طِلْبَهٌ لَا تَسْتَقْبِلُ فِیهَا دُنْیَاکَ وَ لَا آخِرَتَکَ:
إِیَّاکَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْکَهَا بِغَیْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَیْسَ شَیْءٌ أَدْعَى لِنِقْمَهٍ وَ لَا أَعْظَمَ لِتَبِعَهٍ وَ لَا أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَهٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّهٍ مِنْ سَفْکِ الدِّمَاءِ بِغَیْرِ حَقِّهَا وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُکْمِ بَیْنَ الْعِبَادِ فِیمَا تَسَافَکُوا مِنَ الدِّمَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَهِ
فَلَا تُقَوِّیَنَّ سُلْطَانَکَ بِسَفْکِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِکَ مِمَّا یُضْعِفُهُ وَ یُوهِنُهُ بَلْ یُزِیلُهُ وَ یَنْقُلُهُ وَ لَا عُذْرَ لَکَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِی فِی قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِیهِ قَوَدَ الْبَدَنِ
وَ إِنِ ابْتُلِیتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَیْکَ سَوْطُکَ أَوْ سَیْفُکَ أَوْ یَدُکَ بِالْعُقُوبَهِ فَإِنَّ فِی الْوَکْزَهِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَهً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِکَ نَخْوَهُ سُلْطَانِکَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّیَ إِلَى أَوْلِیَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ:
وَ إِیَّاکَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِکَ وَ الثِّقَهَ بِمَا یُعْجِبُکَ مِنْهَا وَ حُبَ الْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِکَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّیْطَانِ فِی نَفْسِهِ لِیَمْحَقَ مَا یَکُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِینَ
وَ إِیَّاکَ وَ الْمَنَّ عَلَى رَعِیَّتِکَ بِإِحْسَانِکَ أَوِ التَّزَیُّدَ فِیمَا کَانَ مِنْ فِعْلِکَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَکَ بِخُلْفِکَ
فَإِنَّ الْمَنَّ یُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَ التَّزَیُّدَ یَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ وَ الْخُلْفَ یُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ النَّاسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ
وَ إِیَّاکَ وَ الْعَجَلَهَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ التَّسَقُّطَ فِیهَا عِنْدَ إِمْکَانِهَا أَوِ اللَّجَاجَهَ فِیهَا إِذَا تَنَکَّرَتْ أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ کُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ کُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ
وَ إِیَّاکَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِیهِ أُسْوَهٌ وَ التَّغَابِیَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُیُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْکَ لِغَیْرِکَ وَ عَمَّا قَلِیلٍ تَنْکَشِفُ عَنْکَ أَغْطِیَهُ الْأُمُورِ وَ یُنْتَصَفُ مِنْکَ لِلْمَظْلُومِ
امْلِکْ حَمِیَّهَ أَنْفِکَ وَ سَوْرَهَ حَدِّکَ وَ سَطْوَهَ یَدِکَ وَ غَرْبَ لِسَانِکَ وَ احْتَرِسْ مِنْ کُلِّ ذَلِکَ بِکَفِّ الْبَادِرَهِ وَ تَأْخِیرِ السَّطْوَهِ حَتَّى یَسْکُنَ غَضَبُکَ فَتَمْلِکَ الِاخْتِیَارَ وَ لَنْ تَحْکُمَ ذَلِکَ مِنْ نَفْسِکَ حَتَّى تُکْثِرَ هُمُومَکَ بِذِکْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّکَ وَ الْوَاجِبُ عَلَیْکَ أَنْ تَتَذَکَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَکَ مِنْ حُکُومَهٍ عَادِلَهٍ أَوْ سُنَّهٍ فَاضِلَهٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِیِّنَا ( صلىاللهعلیهوآلهوسلم )أَوْ فَرِیضَهٍ فِی کِتَابِ اللَّهِ
فَتَقْتَدِیَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِیهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِکَ فِی اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَیْکَ فِی عَهْدِی هَذَا وَ اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّهِ لِنَفْسِی عَلَیْکَ لِکَیْلَا تَکُونَ لَکَ عِلَّهٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِکَ إِلَى هَوَاهَا:
وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ بِسَعَهِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ کُلِّ رَغْبَهٍ أَنْ یُوَفِّقَنِی وَ إِیَّاکَ لِمَا فِیهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَهِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَیْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ
مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِی الْعِبَادِ وَ جَمِیلِ الْأَثَرِ فِی الْبِلَادِ وَ تَمَامِ النِّعْمَهِ وَ تَضْعِیفِ الْکَرَامَهِ وَ أَنْ یَخْتِمَ لِی وَ لَکَ بِالسَّعَادَهِ وَ الشَّهَادَهِ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ
وَ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً کَثِیراً وَ السَّلَامُ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۲۰
الفصل الخامس من عهده علیه السلام
و إن أفضل قره عین الولاه استقامه العدل فی البلاد، و ظهور موده الرعیه، و أنه لا تظهر مودتهم إلا بسلامه صدورهم، و لا تصح نصیحتهم إلا بحیطتهم على ولاه [الامور] أمورهم، و قله استثقال دولهم و ترک استبطاء انقطاع مدتهم، فافسح فی آمالهم، و واصل فی حسن الثناء علیهم و تعدید ما أبلى ذوو البلاء منهم، فإن کثره الذکر لحسن أفعالهم تهز الشجاع، و تحرض الناکل، إن شاء الله تعالى. ثم اعرف لکل امرىء منهم ما أبلى، و لا تضیفن بلاء امرىء إلى غیره، و لا تقصرن به دون غایه بلائه، و لا یدعونک شرف امرىء إلى أن تعظم من بلائه ما کان صغیرا، و لا ضعه امرىء إلى أن تستصغر من بلائه ما کان عظیما. و اردد إلى الله و رسوله ما یضلعک من الخطوب و یشتبه علیک من الامور، فقد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم:
یا أیها الذین آمنوا أطیعوا الله و أطیعوا الرسول و أولی الأمر منکم فإن تنازعتم فی شیء فردوه إلى الله و الرسول ۵۹- النساء فالرد إلى الله: الأخذ بمحکم کتابه، و الرد إلى الرسول:الأخذ بسنته الجامعه غیر المفرقه.
اللغه
(قره عین) لی و لک: أى فرح و سرور لی و لک، (الحیطه) على وزن الشیمه مصدر حاطه یحوطه حوطا و حیاطه و حیطه: أى کلاه و رعاه، (استثقال) استفعال من الثقل: تحمل الشده و الاستنکار بالقلب، (بطؤ) بالضم ککرم بطاء ککتاب و أبطأ ضد أسرع و منه الخبر: من بطأ به عمله لم ینفعه نسبه، أى من أخره عمله السیىء و تفریطه فی العمل الصالح لم ینفعه فی الاخره شرف النسب، (فسحت) له فی المجلس فسحا من باب نفع: فرجت له عن مکان یسعه و فسح المکان بالضم، و أفسح لغه.
(تهز الشجاع): یقال هزه و هز به إذا حرکه، (و تحرض الناکل): قوله تعالى: و حرض المؤمنین على القتال، أی حثهم و التحریض الحث و الاحماء علیه، (أبلى): أی أظهر الاخلاص فی الجهاد، (لا تضیفن): صیغه نهی مؤکده بالثقیله من أضاف یضیف: لا تنسبن، (ضعه): اسم مصدر من وضع یضع أی خسه مقامه و حسبه، (ما یضلعک): یقال ضلع بالفتح یضلع ضلعا بالتسکین أی مال عن الحق و حمل مضلع أی مثقل، (الخطوب): و هذا خطب جلیل أی أمر عظیم.
الاعراب
استقامه العدل: خبر قوله أفضل، إلا بسلامه صدورهم: مستثنى مفرغ، ذووا: جمع ذا بمعنى صاحب: أی أصحاب الاخلاص فی الجهاد، ما أبلى: یحتمل أن یکون لفظه ما مصدریه أی ابتلائه و یحتمل أن یکون موصوله بحذف العائد أی ما أبلا فیه، دون: ظرف مضاف إلى قوله: غایه بلائه، و لا ضعه: عطف على قوله:
شرف امرىء أی لا یدعونک ضعه امرىء، من الخطوب: لفظه من بیانیه، غیر المفرقه: صفه ثانیه لقوله بسنته.
المعنى
قد تعرض علیه السلام فی ضمن هذا الفصل المتعلق بالجند و امرائه للعداله فقال:
(و إن أفضل قره عین الولاه استقامه العدل فی البلاد) و ذلک لارتباط إجراء العدل فی البلاد بالجند من وجوه شتى نذکرها بعد التنبیه على نکته مهمه فی المقام، و هى أن الجند بمعناه العام هو المالک و القائم بالسیف فی الرعیه بحیث یکون القوه و القدره على إجراء الامور بیده، و قد تفرع من الجند فی النظامات العصریه ما یلی:
۱- إداره الشرطه العامه التی تنظر إلى إجراء الأمن فی البلاد بحراسه الأسواق و الطرق و طرد اللصوص و أخذهم و معاقبتهم و طرد کل من یرید الاستفاده من الناس من غیر طریقها القانونی و المحافظ على الأمن من جهه المنع عن النزاع و المضاربه و المقاتله و ارتکاب الجنایات بأنواعها.
۲- إداره حفظ الانتظامات العامه السائده على إداره الشرطه.
۳- إداره الجیش الحافظ للأمن فی البلاد تجاه هجوم الأعداء من الخارج.
و یرتبط العدل بالجند و فروعه من نواح شتى:
الف- من حیث أن کل سرقه أو جنایه أو جنحه وقعت بین الناس فتعرض على إداره الشرطه و هی التی تتصدى لدفعها و تتعرض لرفعها بعد وقوعها و تنظم أوراق الاعترافات و تشریح القضایا للعرض على المحاکمات فیکون مفتاح العدل بید إداره الشرطه من حیث انضباطها و حراستها للشعب حتى لا توجد فرصه للصوص فیسرقون متاع الناس و فرصه للنزاع و القتال فیحدث الجنایات بأنواعها، فهذا مبدأ إجراء العدل فی البلاد و من حیث رعایه الحق و الحقیقه فی تنظیم أوراق الاعترافات و الشهادات و تشریح القضایا و ضبطها على حقیقتها للعرض على المحاکم و إحقاق حق المظلوم عن الظالم، فلو کان الجند غیر معتن بحراسه الناس و نظاره الطرق و الأسواق و الدور لیلا و نهارا لکثر السرقه و الجنایه و اختل العدل و النظام، و لو کان الجندی غیر دین و غیر أمین فیأخذ الرشوه و یقع تحت نفوذ ذوى القدره فلا یضبط الاعترافات و أوراق الشهادات على ما تحکى عن الواقع و یدسسها و یلطخها بالرشوه و أو غیر ذلک فیختل الأمن و العدل و یکثر المظالم بین الشعب.
ب- من حیث أن الظلم و ثلم سیاج العدل ینشأ غالبا من القدره فالمقتدر هو الذى یطمع فی أموال الضعفاء و أعراضهم و یتعرض للعدوان و التجاوز، فلما کان السیف و القدره فی ید الجندی فهو الذی یتعرض للظلم على أفراد الشعب. و قد ملىء کتب التواریخ من ارتکاب الامراء و الجنود الظلم على الناس من وجوه شتى و أکثر من یقع منهم الظلم و یختل بهم العدل فی کل عصر هم الذین بیدهم السیف و السوط فیطمعون فی أموال الناس و أعراضهم و یتجاوزون على حقوق غیرهم سیما إذا کان الوالی نفسه ظالما و متجاوزا فقد قال شاعر فارسی ما معناه:
لو أن الملک أکل تفاحه من الرعیه ظلما و عدوانا یستأصل عبیده ألفا من شجرات التفاح ظلما و عدوانا.
و لو أخذ الملک من الرعیه خمس بیضات ظلما یشوی جنده و عبیده ألف دجاجه من أموال الرعیه ظلما و عدوانا.
ج- من حیث أن امراء الجنود کثیرا ما یطمحون إلى تحصیل مراتب أعلى و مناصب أغلى فیثیرون الفتن و یثورون على الولاه فتقع هناک حروب و ثورات تجر إلى القتل و النهب و الأسر و یشتعل نار الفتنه فتعم الأبریاء و الضعفاء من النساء و الولدان و المرضى و من لا حرج علیهم، و أکثر الفتن فی التاریخ نشأت من مطامح و مطامع امراء الجیوش حتى فی صدر الاسلام و فی حکومه النبی علیه السلام، فهذا خالد بن الولید أمره النبی صلى الله علیه و آله بعد فتح مکه فعدا على بنی جذیمه و قتل منهم رجالا أبریاء فوصل الخبر إلى النبی صلى الله علیه و آله فنادى: اللهم إنی أبرا إلیک مما فعل خالد، و بعث مولانا علی بن أبی طالب لتلافی خطأ خالد.
قال فی سیره ابن هشام «ص ۲۸۳ ج ۲ ط مصر»: بعث رسول الله صلى الله علیه و آله خالد بن الولید حین افتتح مکه داعیا و لم یبعثه مقاتلا و معه قبائل من العرب:
سلیم بن منصور و مدلج بن مره فوطئوا بنی جذیمه بن عامر بن کنانه، فلما رآه القوم أخذوا سلاحهم، فقال خالد: ضعوا السلاح فان الناس قد أسلموا، قال ابن إسحاق: فحدثنی بعض أصحابنا من أهل العلم من بنی جذیمه- إلى أن قال- فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد عند ذلک فکتفوا ثم عرضهم على السیف فقتل من قتل منهم فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله علیه و آله رفع یدیه إلى السماء ثم قال: اللهم إنی أبرا إلیک مما صنع خالد بن الولید.
قال ابن هشام: حدثنی بعض أهل العلم أنه حدث عن إبراهیم بن جعفر المحمودی قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله: رأیت أنی لقمت لقمه من حیس فالتذذت طعمها فاعترض فی حلقی منها شیء حین ابتلعتها فأدخل على یده فنزعه، فقال أبو بکر الصدیق «رض»: یا رسول الله، هذه سریه من سرایاک تبعثها فیأتیک بها بعض ما تحب و یکون فی بعضها اعتراض فتبعث علیا فیسهله.
قال ابن هشام: و حدثنی أنه انفلت رجل من القوم فأتى رسول الله صلى الله علیه و آله فأخبره الخبر، فقال رسول الله صلى الله علیه و آله: هل أنکر علیه أحد؟ قال: نعم أنکر علیه رجل أبیض ربعه فنهمه خالد فسکت عنه، و أنکر علیه رجل آخر طویل مضطرب فراجعه فاشتدت مراجعتهما، فقال عمر بن الخطاب: أما الأول یا رسول الله، فابنى عبد الله و أما الاخر فسالم مولى أبی حذیفه- إلى أن قال- ثم دعا رسول الله صلى الله علیه و سلم علی بن أبی طالب رضوان الله علیه فقال: یا علی اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر فی أمرهم و أمر الجاهلیه تحت قدمیک، فخرج علی حتى جاءهم و معه مال قد بعث به رسول الله فودى لهم الدماء و ما اصیب لهم من الأموال حتى أنه لیدى لهم میلغه الکلب حتى إذا لم یبق شیء من دم و لا مال إلا وداه، بقیت معه بقیه من المال فقال لهم علی حین فرغ منهم: هل بقى لکم بقیه من دم أو مال لم یودیکم؟ قالوا: لا، قال: فانی اعطیکم هذه البقیه من هذا المال احتیاطا لرسول الله صلى الله علیه و آله مما لا یعلم و لا تعلمون …
و قد ارتکب خالد هذا فی صدر حکومه أبی بکر قتل مالک بن نویره و أسر أهله و قبیله على وجه وضیع و فضیح مما فت فی عضد العدل الاسلامی بما لم یتدارک بعد، و إذا تصفحت تاریخ أی شعب من الشعوب و تأملت فی أحوالهم وجدت أکثر الفتن و المظالم و الجنایات ناشئه من قبل الامراء و رءوس الجیوش، و تمد إلى هذا العصر المضیء بالقوانین و النظامات الدولیه العامه الحائزه للامم المتحده المحافظه على السلم و السلام فی جمیع الشعوب الملجا لدفع المظالم عن الأبریاء و الضعفاء و مع ذلک لا تمضى سنه بل و أشهر حتى تسمع ثوره عسکریه ناشئه من امراء الجیش هنا و هناک تتضمن مقاتل و مظالم لا تحصى.
و قد نادى علیه السلام فی هذا الفصل الذی عقده فی عهده التاریخی الذی لا مثیل له بحفظ العداله و نبه على أن العداله قره عین الولاه مشیرا إلى أن استقامه العدل فی البلاد مرتبطه بالجند من نواح کثیره کما بیناه.
ثم توجه علیه السلام فی هذا المقام إلى أهم ما یجب فی نظام الدوله العادله، و هو أن یکون الحکومه حکومه الشعب و أن یرى الشعب الحکومه ناشئه منه و حافظه لمصالحه فیودها و یحبها عن ظهر قلبه، فشرح رابطه الأمه و الشعب فی حکومه کهذه فی خمسه امور جذریه:
۱- ظهور موده الرعیه و إظهارهم الحب لها.
۲- سلامه صدورهم بالنسبه إلى الحکومه و عدم الحقد و الخصومه بالنسبه إلیها.
۳- إحاطتهم على ولاه الامور إحاطه الولدان بالوالد مع إظهار الإخلاص و النصیحه لها
۴- عدم استثقال إدامه الحکم و الدوله نفورا عن مظالمها.
۵- ترک تمنى انقطاع مده غلبه الحکومه بزوالها رجاء للخلاص عن ظلمها و عدوانها.
و هذه هی امارات حکومه شعبیه قائمه على درک الشعب و نیله لحقوقه السیاسیه المعبر عنه بحکومه الشعب على الشعب المبنی على الدیموقراطیه الأصیله الصحیحه و إماره حکومه کهذه هو حسن رابطه الجند مع الشعب و الرعیه بحیث یدرک الشعب أن الجند منه و له یحرس منافعه و یدفع عنه هجوم عدوه و یحفظ على العدل و المساواه بین أفراده.
و مما لا شک أن أکثر الحکومات قامت على القهر و الاضطهاد بالنسبه على الامه و الرعیه خصوصا فی مبادئ تأسیسها فی العصور القدیمه و بقی فی التاریخ أعلام حکومات نمرودیه و فرعونیه کسمات لرجال جبار ظلام لا یتوقع منهم إلا الارهاب و النهب و ربما یرتعد الفرائض من سماع أسمائهم بعد دفنهم فی عمق التاریخ من زمن بعید، و إنما یظهر قهر الحکومات الجباره و اضطهادها للرعیه على أیدی الجند المأمورین لقهر الناس و قتلهم و أسرهم، فکان الناس من زمن بعید و فی أکثر الشعوب و الامم یواجهون الجندی کعدو ظالم لا ینتظر منه إلا الایلام و الارهاب فوصى علیه السلام فی ضمن عهده هذا إلى السعى لقلب هذه الرابطه بین الشعب و الجند و تحویلها إلى رابطه ودیه أخویه أسس الاسلام حکومته علیها، فانه جعل وظائف الجند من الامور العامه، و کلف بها جمیع الامه ففی عصر النبی صلى الله علیه و آله کل المسلمین جنود و جنود الاسلام کل مسلم بالغ عاقل، فالجند الاسلامی ناش عن صمیم الامه فلم یکن هناک جند و شعب متمایزون حتى یرهب الشعب من الجند و یتجاوز الجند على الشعب، و لما توسع الامه الاسلامیه بالفتوحات المتواصله المتوالیه و دخل فی ظل الاسلام شعوب شتى لم یتسم کلها بسمه الجند الاسلامی وصى علیه السلام فی عهده هذا بحفظ الرابطه الودیه بین الجند و سائر أفراد الشعب بحیث لا یدرک الشعب أن الجند صنف ممتاز عنه قاهر علیه و حاکم على أمره.
وصیته علیه السلام باحیاء الفضیله و حفظ الحقوق
ثم أمر علیه السلام بعدم التضییق على امراء الجنود و حصرهم فی درجه واحده، بل التوسیع علیهم فی الارتقاء إلى درجات أعلى بحسب ما لهم من الاستعداد و اللیاقه لها فقال علیه السلام (فافسح فی آمالهم).
و هذا کما جرى فی التاریخ من أمر طارق بن زیاد فی ما بعد فانه أحد الامراء و القواد الأمجاد الأفذاذ فی تاریخ الفتوحات الاسلامیه بلغته همته إلى فتح الاندلس بعد استیلاء الجنود الاسلامیه على سواحل البحر الأبیض من سوریه و مصر إلى المغرب الأقصى إلى المراکش، و یوجب ذلک عبر مضیق جبل الطارق و الزحف على بلاد العدو وراء البحر و لا یرخص موسى بن نصیر القائد العام للجنود الاسلامیه فی ذلک العصر لقصور همته أو غبطته على فتح کهذا من أحد قواده، و لکن طارق عزم على ذلک و عبر مضیق البحر فی سبعه آلاف جندی و فتح مملکه اندلس، و أتى بایه کبیره من الرجولیه و علو الهمه فی تاریخ الفتوحات العسکریه فصار اندلس مملکه إسلامیه غنیه بالتمدن و العلم منذ ثمانیه قرون بقیت آثارها إلى عصرنا هذا، و أمر علیه السلام بحسن الثناء على رجال کهذا و ضبط ما لهم من الماثر فی الجهاد إحیاء للفضیله و ترغیبا لسائر الأفراد القاصری الهم و الهمه.
وصیته علیه السلام بالمساواه و ترک التبعیض
المساواه و التاخی أصل إسلامی مال إلیه کل الشعوب فی هذه العصور الأخیره المنیره بالتفکیر و الاختراع، و ادرج فی برنامج الحقوق العامه البشریه، و لکن المقصود منه لیس تساوی الأفراد فی النیل من شئون الحیاه: الصالح منهم و الطالح و الجاد منهم و الکسلان على نهج سواء، بل المقصود منه نیل کل ذی حق حقه من حظ الحیاه على حسب رتبته العلمیه و جده فی العمل، فهذا الأصل یبتنی على تعیین الحقوق، و قد شرح علیه السلام فی هذا الفصل من کلامه هذا الأصل فقال (اعرف لکل امرىء منهم ما أبلى) فأمر بایصال حق الجهد و الاخلاص إلى صاحبه و عرفان هذا الحق بما یوجبه من الرتبه و الامتیاز و فسر التبعیض البغیض فی امور:
۱- إضافه جهد رجل إلى غیره و احتسابه لغیر صاحبه.
۲- عدم استیفاء حق المجاهد الجاد و التقصیر فی رعایه حقه على ما یستحقه.
۳- احتساب العمل الصغیر من رجل شریف کبیرا رعایه لشرفه.
۴- استصغار عمل کبیر من رجل وضیع بحساب ضعته.
فهذه هى التبعیضات الممنوعه التی توجب سلب الحقوق عن ذوی الحقوق.
توصیته علیه السلام برعایه القانون و تبیین معناه و التثبت عند التردید و الاشتباه
فالقانون فی الحکومه الاسلامیه هو نص القرآن الصریح و سنه الرسول الثابت الصحیح، فکثیرا ما یعرض امور على الوالی یشکل علیه حکمها و یشتبه علیه أمرها من جهه العرض على القانون فیختلف فی حکمها الاراء و یتولد النزاع و قد بین الله حکمه بعد الأمر باطاعه القانون من وجوب إطاعه الله و إطاعه رسوله و إطاعه اولى الأمر الحافظ للقانون بعد الرسول صلى الله علیه و آله فقال «و إن تنازعتم فی شیء فردوه إلى الله و الرسول».
و ینبغی البحث فی مفاد هذه الایه من وجهین:
الأول أن هذا التنازع الذی یوجب فی رفعه الرجوع إلى الله و رسوله هوما یقع بین أفراد الامه الاسلامیه غیر اولى الأمر الذی أوجب طاعتهم فی ردیف طاعه الله و طاعه رسوله، فیکون النزاع المردود إلى الله و رسوله تاره بین فردین من الامه، و اخرى بین فرد أو جمع من الامه مع اولى الأمر، أو مخصوص بالنزاع بین الامه غیر اولى الأمر، و لا بد من القول بأن هذا النزاع لا یشمل اولى الأمر، لأن اولى الأمر عدوا واجب الطاعه کالله و الرسول و لا معنى لوجوب طاعه اولى الأمر و تصویر النزاع معهم بحیث یرد فی رفعه إلى الله و الرسول، فاولوا الأمر مندرج فی الرسول و لا بد من کونهم معصومین و مصونین عن الخطاء و الاشتباه و لا یجتمع وجوب طاعه اولى الأمر على الاطلاق مع کونهم طرفا فی النزاع.
الثانی أن هذا التنازع المبحوث عنه فی الایه لا بد و أن یکون فی الشبهه الحکمیه و فی العلم بکبرى کلیه للحکم الشرعی التی هو نص القانون المرجوع إلیه، کاختلاف الصحابه فی وجوب الغسل من الدخول بلا إنزال، فأنکره جمع قائلین بأن الماء من الماء حتى رجعوا إلى عموم قوله تعالى «أو لامستم النساء» الشامل للدخول بلا إنزال، و کالنزاع فی حکم المجوس من حیث إنهم أهل الکتاب فیشملهم حکم الجزیه أم ملحقون بالکافر الحربی حتى رجعوا بدلاله مولانا امیر- المؤمنین علیه السلام إلى أنهم أهل کتاب لقوله تعالى «و أصحاب الرس»، و کالنزاع فی أمر حلى الکعبه فی زمان حکومه عمر، فقال قوم بجواز بیعها و صرفها فی تجهیز الجنود الاسلامیه لتقویه عساکر الاسلام حتى أرجعهم مولانا أمیر المؤمنین إلى ما نزل فی القرآن من أحکام الأموال و ما عمل به النبی صلى الله علیه و آله فی حلی الکعبه من عدم التعرض لها.
و أما فی الشبهات الموضوعیه فقد ینازع الامه مع النبی صلى الله علیه و آله نفسه کما وقع فی موارد:
منها فی الخروج من الحصون للحرب مع المشرکین فی احد، فرأى النبی أولا التحصن فرد رأیه أکثر الصحابه فرجع إلى قولهم و أفضى إلى هزیمه المسلمین و قتل ما یزید على سبعین من کبار الصحابه منهم حمزه بن عبد المطلب، و قد شرع الشورى بین النبی و المسلمین بهذا الاعتبار فقال الله تعالى «و شاورهم فی الأمر- ۱۵۹ آل عمران».
و قد أمر علیه السلام لرفع التنازع بالرجوع إلى محکم الکتاب فقال «فالرد إلى الله: الأخذ بمحکم الکتاب» و الظاهر منه أن المرجع عند النزاع أولا هو الرجوع إلى الایات المحکمه من القرآن التی وصفها الله تعالى بأنها ام الکتاب، فقال تعالى: «هو الذی أنزل علیک الکتاب منه آیات محکمات هن أم الکتاب و أخر متشابهات ۷- آل عمران».
فما هى الایه المحکمه؟
الایه المحکمه هى التی لها دلاله واضحه على المعنى یتوافق عرف اللسان الذی نزل علیه القرآن على فهمه منها، و المحکم بحسب الاصطلاح هو الجامع بین النص و الظاهر الذی یتوافق عرف اللسان على فهمه من الکلام، قال الشیخ البهائی فی زبدته فی مبحث الدلالات: اللفظ إن لم یحتمل غیر ما یفهم منه لغه فنص، و إلا فالراجح ظاهر و المرجوح مأول و الجامع بین الأولین محکم و بین الأخیرین متشابه.
فالمحکم هو الظاهر الدلاله على المعنى المقصود مضافا إلى کون معناه أمرا مفهوما للعموم لتضمنها حکما عملیا أو أصلا اعتقادیا کایات الأحکام و ما یدل على التوحید و صفات الله الجلالیه و الجمالیه.
فان لم تکن الایه ظاهره الدلاله على المقصود کالحروف المقطعه الواقعه فی أوائل غیر واحد من السور، أو تدل على معنى مبهم غامض یحتاج إلى البیان و التوضیح کقوله تعالى «و یحمل عرش ربک فوقهم یومئذ ثمانیه- ۱۷- الحاقه» فلیست من الایات المحکمه التی یرجع إلیها عند الاختلاف.
فان لم تکن هناک آیه محکمه ترفع النزاع فترجع إلى السنه الجامعه الغیر المفرقه و هى قول أو تقریر صادر عن النبی صلى الله علیه و آله مجمع علیها بین أصحابه و ثابت عند الامه، و لم تکن النصوص و القضایا الصادره عنه صلى الله علیه و آله المجمع علیها بین الأصحاب بقلیل فی ذلک العصر الذی صدر هذا العهد الشریف.
و نختم هذا الفصل بنقل تفسیر هذه الایه الشریفه عن «مجمع البیان»:
«یا أیها الذین آمنوا أطیعوا الله» أى الزموا طاعه الله فى ما أمرکم به و نهاکم عنه «و أطیعوا الرسول» أى و ألزموا طاعه رسوله أیضا، و إنما أفرد الأمر بطاعه الرسول و إن کانت طاعته مقترنه بطاعه الله، مبالغه فی البیان و قطعا لتوهم من توهم أنه لا یجب لزوم ما لیس فی القرآن من الأوامر- إلى أن قال- «و اولى الأمر منکم» للمفسرین فیه قولان: أحدهما أنه الامراء عن أبی هریره و ابن عباس فی إحدى الروایتین و میمون بن مهران و السدی و اختاره الجبائی و البلخی و الطبری، و الاخر أنهم العلماء عن جابر بن عبد الله و ابن عباس فی الروایه الاخرى و مجاهد و الحسن و عطا و جماعه، و قال بعضهم: لأنهم الذین یرجع إلیهم فی الأحکام و یجب الرجوع إلیهم عند التنازع دون الولاه.
و أما أصحابنا فانهم رووا عن الباقر و الصادق علیهما السلام أن اولى الأمر الأئمه من آل محمد صلى الله علیه و آله أوجب الله طاعتهم بالاطلاق کما أوحب طاعته و طاعه رسوله و لا یجوز أن یوجب الله طاعه أحد على الاطلاق إلا من ثبت عصمته و علم أن باطنه کظاهره و أمن منه الغلط، و إلا یلزم الأمر بالقبیح و لیس ذلک بحاصل فی الامراء و لا العلماء سواهم، جل الله أن یأمر بطاعه من یعصیه أو بالانقیاد للمختلفین فی القول و الفعل، لأنه محال أن یطاع المختلفون کما أنه محال أن یجتمع ما اختلفوا فیه، و مما یدل على ذلک أیضا أن الله قرن طاعه اولى الأمر بطاعه رسوله کما قرن طاعه رسوله بطاعته و أولو الأمر فوق الخلق جمیعا کما أن الرسول فوق اولى الأمر و فوق سائر الخلق، و هذه صفه أئمه الهدى من آل محمد الذین ثبت إمامتهم و عصمتهم و اتفقت الامه على علو رتبتهم و عدالتهم، انتهى ما نقلناه عن التفسیر.
الترجمه
و براستى بهترین چیزى که باعث شادمانى و رضایت والیان است پابرجا شدن عدل و داد است در بلاد و ظهور دوستدارى رعیت است نسبت بانان، و براستى که این گنجینه دوستى و مهرورزى را از گنجدان دل آنان نتوان بر آورد مگر باین که
۱- سینه هاشان از کینه پاک باشد.
۲- خیر خواهى و اخلاص آنان نسبت بوالیان محقق نشود مگر باین که دوستانه و با اطمینان خاطر گرد والیان بر آیند و آن را بسود خود بدانند و سلطنت و تسلط والی را بر خود سنگین و ناروا نشمارند و براى زوال دولت و حکومت او روز شماره نکنند و بقاء حکومت او را بر خود ستم ندانند.
باید میدان آرزوى فرماندهان قشون را توسعه بخشى و راه ترقى را در برابر آنها باز گزارى و از آنها ستایش کنى و خدمات ارزنده اى که انجام داده اند همیشه برشمارى و در نظر آرى زیرا هر چه بیشتر خدمات خوب آنها را یاد آور شوى دلیران را بهتر برانگیزد و کناره گیران را تشویق بکار و خدمت باشد.
باید براى هر کدام حق خدمت او را منظور دارى و خدمت یکى را بپاى دیگرى بحساب نیاورى و کمتر از آنچه هست نشمارى، شرافت و مقام هیچکس باعث نشود که خدمت اندک او را بزرگ بحساب آورى و زبونى و بینوائى هیچکس سبب نشود که خدمت بزرگ او را بکم گیرى.
اگر تو را در احکام خدا و قانون شرع هدى مشکلى پیش آید و شبهه اى در حکمى بدلت شود خداوند خودش مردم را در این باره ارشاد کرده و فرموده:
«أیا کسانى که گرویدید فرمان خدا را ببرید و فرمان رسول خدا را ببرید و از اولى الأمر را و اگر در باره حکمى میان شما اختلاف و نزاعى رخ داد آن را از خدا و رسولش جویا شوید» رد حکم بخدا عبارت از عمل بایات روشن قرآن است، و رد حکم و جویا شدنش از رسول خدا بمعنى رجوع بسنت و روش مقرر و ثابت و مورد اتفاق آن حضرت است که مورد اختلاف نباشد.
الفصل السادس من عهده علیه السلام
ثم اختر للحکم بین الناس أفضل رعیتک فی نفسک ممن لا تضیق به الأمور، و لا تمحکه الخصوم، و لا یتمادى فی الزله، و لا یحصر من الفیء إلى الحق إذا عرفه، و لا تشرف نفسه على طمع و لا یکتفی بأدنى فهم دون أقصاه، و أوقفهم فی الشبهات، و آخذهم بالحجج، و أقلهم تبرما بمراجعه الخصم، و أصبرهم على تکشف الأمور، و أصرمهم عند اتضاح الحکم ممن لا یزدهیه إطراء و لا یستمیله إغراء، و أولئک قلیل، ثم أکثر تعاهد قضائه، و افسح له فی البذل ما یزیل علته، و تقل معه حاجته إلى الناس، و أعطه من المنزله لدیک ما لا یطمع فیه غیره من خاصتک، لیأمن بذلک اغتیال الرجال له عندک، فانظر فی ذلک نظرا بلیغا، فإن هذا الدین قد کان أسیرا فی أیدى الأشرار، یعمل فیه بالهوى، و تطلب به الدنیا.
اللغه
(الحکم) مصدر حکم یحکم و جاء منه حکم تحکیما و تحکم تحکما و حاکم و تحاکم و هو إنشاء نفسانی یتعلق بالنسبه بین الموضوع و المحمول ایجابا أو سلبا فیسمى تصدیقا و خبرا إذا حکى عما ورائه، و یحتمل الصدق، و الکذب و إنشاء إذا لم یحک بأقسامه من الأمر و النهی و القسم و الدعاء و غیر ذلک، و ینسب إلى الشرع فیقال: الحکم الشرعی، و هو طلب الشارع الفعل أو ترکه مع استحقاق الذم بمخالفته أو بدونه أو تسویته و یتولد منه الحکم الوضعی بأقسامه أو هو إنشاء مستقل فی بعض صوره، و الحکم الشرعی عند الأشاعره خطاب الله المتعلق بأفعال المکلفین، و هذا التفسیر أعم و أتم، و الحکم القضائى إنشاء إثبات حق لأحد المترافعین کما إذا اقیم البینه أو اعترف المدعى علیه أو نفیه کما إذا أنکر و حلف، (محک) الرجل: لج و ماحک زید عمرا: لاجه، (الزله): موضع الخطر و المزله، المزلق، (الصرم): القطع، (لا یزدهیه): افتعال من الزهو و هو الکبر، (الاطراء): کثره المدح، (الاغتیال): الأخذ على غره.
الاعراب
فی نفسک: ظرف متعلق بقوله أفضل، ممن: لفظه من للتبعیض و الظرف مستقر و حال من فاعل أفضل، و أوقفهم: عطف على قوله أفضل، قلیل: خبر اولئک یستعمل فی المفرد و الجمع، ما یزیل علته: لفظه ما اسمیه موصوفه بما بعدها أى شیئا أو بذلا یزیل علته، له عندک: ظرفان متعلقان بقوله اغتیال الرجال.
المعنى
یحتاج إداره شئون الاجتماع إلى قانون کلی یتضمن تعیین الحقوق و الحدود بین الأفراد على الوجه الکلی، و إلى قانون یتضمن رفع الاختلاف بینهم عند النزاع و الخصومه فی الحقوق التی یتضمنها القوانین العامه، و إلى قوه لإجراء هذه القوانین، و من هنا یقسمون قوى المجتمع الحاکمه على الشعب و الأمه إلى القوه المقننه و القوه القضائیه و القوه المجریه، و هذه القوى الثلاثه هى أرکان إداره شعب و امه متمدنه مترقیه و لا بد من استقلال کل. هذه القوى فی شئونها و عدم مداخله أی منها فی الشئون المتعلقه بالقوه الاخرى حتى یستقیم الامور و تتحقق العداله فی المجتمع و یصل کل ذی حق إلى حقه.
و قد تعرض علیه السلام فی هذا الفصل من عهده للأشتر علیه الرحمه حین ولاه مصر إلى القوه القضائیه و ما یلزم فی القاضی من الأوصاف و الألقاب لیکون أهلا لتصدی منصب القضاء و الحکم بین الناس فقال (ثم اختر للحکم بین الناس أفضل رعیتک فی نفسک) فقد أدرج علیه السلام فی هذه الجمله استقلال القوه القضائیه حیث إن المتصدی للقضاء لا بد و أن یکون من أفضل أفراد الامه، و إذا کان من أفضل أفراد الامه فیکون مستقلا فی أمره و لا یتسلط علیه غیره لأن المفضول لا یحکم على الفاضل و الأفضل، مضافا إلى ما أکد ذلک الاستقلال بما ذکره علیه السلام فی آخر الفصل من قوله (و أعطه من المنزله لدیک ما لا یطمع فیه غیره من خاصتک لیأمن بذلک اغتیال الرجال له عندک).
ثم فسر علیه السلام الأفضل بمن یحوز ألقابا سته:
۱- لا تضیق به الامور لقله الاحاطه بوجوه تدبیرها و عدم قوه التحلیل و التجزیه للقضایا الوارده علیه فیحار فیها و یعرضه الشک و التردید فی حلها و فصلها.
۲- کنایه و لا تمحکه الخصوم، قال فی الشرح المعتزلی: جعله ما حکا أى لجوجا، و قال ابن میثم: أى یغلبه على الحق باللجاج، و قیل: ذلک کنایه عن کونه ممن یرتضیه الخصوم فلا تلاجه و یقبل بأول قوله.
أقول: یمکن أن یکون کنایه عن کونه بشده صلابته فی أمره و هیبه ایمانه و تمسکه بالحق بحیث لا یطمع الخصوم فی جعله محکا یمتحنونه هل یقبل الرشوه أم لا و هل یؤثر فیه التطمیع و التهدید أم لا؟
۳- و لا یتمادى فی الزله، حیث إن القاضی فی معرض الاشتباه دائما من جهه تحیل المترافعین و تشبث کل واحد منهما فی جلب نظر القاضی إلى الاعتماد بکون الحق له فاذا عرض له رأى ثم کشف له أنه خلاف الحق لا یتمادى فی الزله و لا یصعب علیه الرجوع إلى الحق.
۴- لا یحصر من الرجوع إلى الحق إذا عرفه، قال الشارح المعتزلی:هو المعنى الأول بعینه، إلا أن ها هنا زیاده، و هو أنه لا یحصر أى لا یعیا فی المنطق، لأن من الناس من إذا زل حصر عن أن یرجع و أصابه کالفهاهه و العی و أضاف ابن میثم أنه لا یأبى للرجوع إلى الحق حفظا لجاهه و خوفا من الشناءه کما یفعله قضاه السوء.
۵- أن لا یحدث نفسه بالطمع فی الاستفاده من المترافعین فیتوجه إلى إلى الأوفر منهم ثروه أو جاها لیستفید من ماله أو جاهه، ثم یجره ذلک إلى أخذ الرشوه و المیل عن الحق و الحکم بخلاف الحق.
۶- أن یکون دقیقا فی کشف القضیه المعروضه علیه محققا لفهم الحقیقه و لا یکتفی بالنظر السطحی فی فهم صدق المتداعیین و کذبهم، بل یکتنه القضیه عن طرق کشف الجرم و عن طرق کشف الحقیقه و هى کثیره غیر محصوره جدا، و قد ظهر منه علیه السلام فی قضایاه الکثیره ما یقضی منه العجب.
فمما ذکر من ذلک أنه سافر عبد مع مولا له شاب فادعى العبد أثناء السفر أنه هو المالک لسیده و أنه عبده و عامل معه معامله المسترق فدخلا کوفه و ترافعا عند علی علیه السلام و لم یکن هناک بینه لأحدهما و لم یعترف العبد المتجاوز للحقیقه بوجه من الوجوه، فأحضرهما یوما و أمر بحفر ثقبتین فی جدار متعاکسا و أمرهما باخراج رأسهما من تلک الثقبتین، ثم نادى بصوت عال یا قنبر اضرب عنق العبد، فلما سمع العبد ذلک هابه و أخرج رأسه من الثقبه فورا فصار ذلک اعترافا له بالحقیقه، و قد قرر فی محاکم هذه العصور طرائق هائله فی کشف الحقیقه و کشف الجرائم.
فهذه هى الصفات التی توجب فضیله الفرد و تشکل له شخصیه رهیبه تؤهله لتصدی منصب القضاوه، و لم یکتف علیه السلام بهذه الصفات حتى أکملها بسته اخرى فقال:
۱- أوقف الرعیه عند عروض الشبهه، فلا یأخذ بأحد طرفی الشبهه حتى یفحص و یبین له الحق بدلیل علمی یوجب الاطمینان.
۲- آخذهم بالحجج، فلا یقصر فی جمع الدلائل و الأمارات على فهم الحقیقه من أی طریق کان.
۳- و أقل الناس تضجرا و قلقا من مراجعه الخصوم، فلا ینهرهم و لا یصیح فی وجوههم لیسع لهم بیان الحال و المال فینکشف له الحق و لا یضیع حق الخصوم قال الشارح المعتزلی: و هذه الخصله من محاسن ما شرطه علیه السلام، فان القلق و الضجر و التبرم قبیح و أقبح ما یکون من القاضی.
۴- أن یکون أصبر الناس على کشف حقیقه الامور بالبحث و جمع الدلائل.
۵- أن یحکم عند وضوح الحق صریحا و قاطعا و لا یؤخر صدور الحکم.
۶- أن لا یؤثر فیه المدح و الثناء من المتداعیین أو غیرهما فیصیر متکبرا و لا یؤثر فیه تحریض الغیر فیجلب نظره إلى أحد الخصمین.
و قد أعلن علیه السلام بعد بیان هذه الأوصاف بأن الواجدین لها قلیل.
و اعلم أن القضاوه من شئون النبوه کما قال الله تعالى «فلا و ربک لا یؤمنون حتى یحکموک فیما شجر بینهم ثم لا یجدوا فی أنفسهم حرجا مما قضیت و یسلموا تسلیما ۶۵- النساء فهى من شئون الریاسه العامه على الدین و الدنیا الثابته للنبی بالرساله و للوصی بحکم الوصایه، و قد ورد فی الحدیث أن مسند القضاوه مجلس لا یجلسه إلا نبی أو وصی أو شقی، فلا بد من کسب هذا المنصب من النبی و الوصی، فلا یجوز تصدی القضاوه لأحد من عند نفسه و إن کان مجتهدا و واجدا لأوصاف القاضی.
قال فی «الریاض» بعد ذکر شرائط القاضی: و اعلم أنه لا بد مع اجتماع هذه الشرائط من إذن الامام بالقضاء لمستجمعها خصوصا أو عموما، و لا یکفی مجرد اجتماعها فیه إجماعا لما مضى من اتفاق النص و الفتوى على اختصاصه علیه السلام بمنصب القضاء، فلا یجوز لأحد التصرف فیه إلا باذنه قطعا و منه ینقدح الوجه فی ما اتفقوا علیه من أنه لا ینعقد القضاء بنصب العوام له، أى المستجمع للشرائط أو غیره بالطریق الأولى بینهم قاضیا، انتهى.
ثم استثنى بعد ذلک بقوله: نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعیه فحکم بینهما لزم حکمه فی حقهما فی المشهور بین أصحابنا بل لم ینقلوا فیه خلافا أصلا مستندین إلى وقوع ذلک فی زمن الصحابه و لم ینکر أحد منهم ذلک، انتهى.
أقول: لو تم الدلیل على ذلک کان من موارد صدور الاذن على وجه العموم فکان قاضی التراضی قاضیا منصوبا بالأدله العامه.
إلى أن قال: و مع عدم الامام ینفذ قضاء الفقیه من فقهاء أهل البیت علیهم السلام الجامع للصفات المشترطه فی الفتوى لقول أبی عبد الله علیه السلام: فاجعلوه قاضیا فقد جعلته قاضیا فتحاکموا إلیه.
و قد نقل عن الشهید الثانی فی المسالک ما لفظه: ما تقدم من اشتراط نصب القاضی و إن کان فقیها و مجتهدا و عدم نفوذ حکمه إلا مع التراضی به مختص بحال حضور الإمام و تمکنه من نصب القضاه، و أما مع عدم ذلک إما لغیبته أو لعدم بسط یده فیسقط هذا الشرط من جمله الشروط و هو نصب الامام، انتهى.
ثم قال: و ینفذ عندنا قضاء الفقیه العدل الامامی الجامع لباقی الشروط و إن لم یتراض الخصمان بقوله لقول أبی عبد الله علیه السلام لأبی خدیجه: إیاکم أن یحاکم بعضکم بعضا إلى أهل الجور و لکن انظروا إلى رجل منکم یعلم شیئا من قضایانا فاجعلوه بینکم قاضیا فإنی قد جعلته قاضیا فتحاکموا إلیه- إلى أن قال: و قریب منها روایه عمر بن حنظله، قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن رجلین من أصحابنا یکون بینهما منازعه فی دین أو میراث فتحاکما إلى السلطان أو إلى القضاه أ یحل ذلک؟ فقال علیه السلام من تحاکم إلى الطاغوت فحکم له فانما یأخذه سحقا و إن کان حقه ثابتا لأنه أخذ بحکم الطاغوت و قد أمر الله تعالى أن یکفر به، قلت: کیف یصنعان؟ قال: انظروا إلى من کان منکم روى حدیثنا و نظر فی حلالنا و حرامنا و عرف أحکامنا فارضوا به حکما فانی قد جعلته علیکم حاکما- إلخ.
أقول: یستفاد من الحدیثین أن الامام نصب الفقیه الجامع للشرائط قاضیا على وجه العموم فلیس هناک استثناء عن اشتراط القضاء باذن الامام، و ظاهر الفقهاء أن القاضی یلزم أن یکون مجتهدا مطلقا فلا یجوز للمتجزی تصدی القضاء و إن کان استفاده ذلک من الحدیثین مشکل.
و اعلم أنه قد ذکر الفقهاء للقاضی شرائط کما یلی:
قال فی الریاض: و اعلم أن الصفات المشترطه فیه سته: التکلیف بالبلوغ و کمال العقل، و الایمان بالمعنى الأخص أی الاعتقاد بالاصول الخمسه، و العداله و طهاره المولد عن الزنا، و العلم و لو بالمعنى الشامل للظن الاجتهادی بالحکم الشرعی القائم مقامه بالدلیل القطعی فانه فی الحقیقه علم و لو بوسیله الظن فإنه فی طریق الحکم لا نفسه، و الذکوره، بلا خلاف فی شیء من ذلک أجده بیننا بل علیه الاجماع فی عبائر جماعه کالمسالک و غیره فی الجمیع- إلى أن قال: و لا بد أن یکون ضابطا فلو غلبه النسیان لم ینعقد له القضاء، و هل یشترط علمه بالکتابه؟
الأشبه نعم- إلى أن قال: و لا ینعقد القضاء للمرأه و فی انعقاده للأعمى تردد إلى أن قال: و الأقرب الأشهر أنه لا ینعقد له القضاء- انتهى.
أقول: لا ینطبق ما ذکره الفقهاء من شرائط القاضی على ما ذکره علیه السلام فی هذا الفصل من الصفات الاثنتی عشر للقاضی فإن کلامه علیه السلام یخلو من کثیر من هذه الشرائط کشرط الایمان بالمعنى الأخص، کیف و قد نصب شریحا قاضیا فی أیام حکومته و لم یکن مؤمنا بالمعنى الأخص کما أن. کلامه خال عن اشتراط الذکوره و طهاره المولد، إلا أن یقال إن هذه الشرائط یستفاد من فحوى کلامه فإنها دون ما ذکره علیه السلام من الشرائط للقاضی بکثیر مع التوجه إلى قوله علیه السلام (و اولئک قلیل).
و هل یشترط هذه الشرائط التی عددها علیه السلام فی القاضی على وجه الوجوب فلا یجوز نصب القاضی الفاقد لأحد هذه الشروط مطلقا أو عند وجود واجد هذه الشرائط؟ ظاهر کلام الفقهاء عدم وجوب رعایه وجود کل هذه الشرائط فی القاضی و قد ذکروا بعضها من صفات مستحبه له.
قال فی الریاض: النظر الثانی فی الاداب و هى قسمان: مستحبه و مکروهه و لم یرد بکثیر منها نص و لا روایه و لکن ذکرها الأصحاب فلا بأس بمتابعتهم مسامحه فی أدله السنن و الکراهه، فالمستحب إشعار رعیته و أخبارهم بوصوله إن إن لم یشتهر خبره، و الجلوس فی قضائه فی موضع بارز مثل رحبه أو فضاء یسهل الوصول إلیه، و یکون مستقبل القبله فی جلوسه لتحصیل الفضیله على قول و الأکثر على استحبابه، مستدبر القبله لیکون وجوه الناس إلیها نظرا إلى عموم المصلحه و أن یأخذ مبتدأ ما فی ید الحاکم المعزول من حجج الناس و ودائعهم- إلى أن قال: و السؤال بعد ذلک عن أهل السجون و إثبات أسمائهم و البحث عن موجب اعتقالهم و حبسهم لیطلق من یجب إطلاقه، و یستحب تفریق الشهود عند الإقامه، فإنه أوثق خصوصا فی موضع الریبه عدا ذوی البصائر و الشأن من العلماء و الصلحاء الأعیان فلا یستحب تفریقهم بل یکره و ربما یحرم لما یتضمن تفریقهم من الغضاضه و المهانه بهم بل ربما یحصل فی ذلک کسر قلوبهم، و أن یستحضر من أهل العلم و الاجتهاد من یعاونه فی المسائل المشتبهه.
و المکروهات: الاحتجاب أى اتخاذ الحاجب وقت القضاء، للنبوی: من ولى شیئا من امور الناس فاحتجب دون حاجتهم و فاقتهم احتجب الله تعالى دون حاجته و فاقته و فقره- إلى أن قال: و أن یقضی مع ما یشغل النفس کالغضب لغیر الله تعالى و الجوع و العطش و المرض و غلبه النعاس و مدافعه الأخبثین و نحو ذلک من المشغلات کما یستفاد من الأخبار ففی النبوی: لا یقضی و هو غضبان، و فی آخر:
لا یقضی إلا و هو شبعان- إلى أن قال: و أن یرتب و یعین قوما للشهاده دون غیرهم لما یترتب علیه من التضییق على الناس و الغضاضه من العدل الغیر المرتب، و نقل قول بتحریمه نظرا إلى أن ذلک موجب لإبطال شهاده مقبولی الشهاده فانه ربما یتحمل الشهاده غیرهم فاذا لم تقبل شهادتهم ضاع الحق عن أهله و قد قال سبحانه «و أشهدوا ذوى عدل منکم» فأطلق، انتهى.
و قال فی مبحث وظائف الحکم و آدابه: و هى أربع: الاولى یجب على القاضی التسویه بین الخصوم فی السلام علیهما و رده إذا سلما علیه، و الکلام معهما و المکان لهما فیجلسهما بین یدیه معا، و النظر إلیهما و الإنصات و الاستماع لکلامهما، و العدل فی الحکم بینهما و غیر ذلک من أنواع الإکرام کالاذن فی الدخول و طلاقه الوجه للنصوص المستفیضه- إلى أن قال: من جملته قول علی علیه السلام لشریح: ثم واس بین المسلمین بوجهک و منطقک و مجلسک حتى لا یطمع قریبک فی حیفک، و لا یبأس عدوک من عدلک، انتهى.
و قد ذکر الشارح المعتزلی فی هذا الشأن حدیثا کما یلی: و استعدى رجل على علی بن أبی طالب علیه السلام عمر بن الخطاب و علی جالس، فالتفت عمر إلیه، فقال: قم یا أبا الحسن فاجلس مع خصمک، فقام فجلس معه و تناظرا ثم انصرف الرجل و رجع علی علیه السلام إلى محله، فتبین عمر التغیر فی وجهه،فقال:یا أبا الحسن، مالی أراک متغیرا، أکرهت ما کان؟ قال: نعم، قال: و ما ذاک؟
قال: کنیتنی بحضره خصمی، هلا قلت: قم یا علی فاجلس مع خصمک، فاعتنق عمر علیا، و جعل یقبل وجهه، و قال: بأبی أنتم بکم هدانا الله و بکم أخرجنا من الظلمه إلى النور.
و نذکر فی آخر هذا الفصل ما ذکره الشارح المعتزلی فی آداب القاضی نقلا عن الفقهاء:
قال: و قد ذکر الفقهاء فی آداب القاضی امورا، قالوا:لا یجوز أن یقبل هدیه فی أیام القضاء، و لا یجوز قبولها فی أیام القضاء ممن له حکومه و خصومه و إن کان ممن له عاده قدیمه، و کذلک إن کانت الهدیه أنفس و أرفع مما کانت قبل أیام القضاء لا یجوز قبولها، و یجوز أن یحضر القاضی الولائم و لا یحضر عند قوم دون قوم لأن التخصیص یشعر بالمیل، و یجوز أن یعود المرضى، و یشهد الجنائز، و یأتی مقدم الغائب، و یکره له مباشره البیع و الشراء، و لا یجوز أن یقضی و هو غضبان، و لا جائع و لا عطشان، و لا فی حال الحزن الشدید، و لا الفرح الشدید، و لا یقضی و النعاس یعانیه، و المرض یقلقه،و لا هو یدافع الأخبثین، و لا فی حر مزعج، و لا فی برد مزعج، و ینبغی أن یجلس للحکم فی موضع بارز یصل إلیه کل أحد، و لا یحتجب إلا لعذر، و یستحب أن یکون مجلسه فسیحا لا یتأذی بذلک هو أیضا، و یکره الجلوس فی المساجد للقضاء، فان احتاج إلى و کلاء جاز أن یتخذهم و یوصیهم بالرفق بالخصوم و یستحب أن یکون له حبس، و أن یتخذ کاتبا إن احتاج إلیه و من شرط کاتبه أن یکون عارفا بما یکتب به عن القضاء، و اختلف فی جواز کونه ذمیا، و الأظهر أنه لا یجوز، و لا یجوز أن یکون کاتبه فاسقا، و لا یجوز أن یکون الشهود عنده قوما معینین بل الشهاده عامه فی من استکمل شروطها.
و اعلم أنه من المقرر فی القوانین القضائیه فی هذا العصر أن الحکم الصادر فی قضیه واحده یقبل النقض مرتین، فقسموا الدائره القضائیه إلى ثلاث مراتب:
المحکمه الابتدائیه التی یعرض علیها القضیه أول مره فاذا صدر حکم من قاضی هذه المحکمه یکون لمن صدر الحکم علیه أن یعرضه على محکمه الاستیناف و یطلب تجدید النظر فیه، و یجوز لقاضی محکمه الاستیناف نقض الحکم إن رأى فیه خللا من حیث القوانین القضائیه، فان أبرمه فلمن هو علیه أن یعرضه مره ثالثه إلى محکمه أعلى و هی محکمه التمیز، فلها أن ینقضه إن رأت فیه خللا فان أبرمته یصیر قطعیا باتا لا یقبل النقض، و قد أشار علیه السلام إلى هذه المراتب الثلاثه فی ضمن هذا الفصل، فقوله علیه السلام (و لا یحصر من الفىء إلى الحق إذا عرفه) إشاره إلى الحکم الاستینافی، فإن الرجوع إلى الحق إنما یکون بعد صدور حکم ابتدائی فی القضیه المعروضه على محکمه القضاء، ثم أشار إلى الدرجه الثالثه بقوله (و أکثر تعاهد قضائه) فإن تعاهد القضاء، ثم أشار إلى الدرجه الثالثه بقوله (و أکثر تعاهد قضائه) فإن تعاهد القضاء و الفحص عنها من قبل الوالی یشمل الأحکام الصادره فی القضایا المعروضه، و فائده الفحص و التعاهد عنها إنما یکون فی نقضها إذا رأى الوالی فیها خللا.
ثم أوصى للقضاه بوفور البذل لهم بحیث یکفی لمؤونتهم و سد حاجاتهم،فلا یؤدیهم ضیق المعیشه إلى أخذ الرشوه و المیل عن الحق.
ثم أوصى بحفظ جانبهم و إعطاء المنزله العالیه لهم عند الوالی بحیث لا یجترىء أحد على انتقادهم لدى الوالی و حط رتبتهم لیکون ذلک مظنه لتهدیدهم من قبل ذوی النفوذ بالسعى فی عزلهم إذا لم یوافقوا لما أرادوا منهم من المیل عن الحق بنفعهم و المقصود من هذه الجمله حفظ استقلال القوه القضائیه عن القوه المقننه و القوه المجریه و عدم تدخل أحد فیها حتى یطمئن القاضی بنفسه و یعتقد أنه لا یحول بینه و بین تشخیص الحق فی القضیه المعروضه علیه أحد، فیفحص عن الحق و یمیزه و یحکم به من دون خوف و لا وجل.
الترجمه
سپس برگزین براى قضاوت میان مردم در اختلافات آنها بهترین رعایاى خود را در نظر خودت از کسانى که داراى این صفات باشند:
۱- کارها بر آنها مشکل نگردند و در حل و فصل آنها در نمانند.
۲- اهل دعوى آنها را به لجبازى نکشند و در معرض امتحان نیاورند.
۳- اگر بلغزش و خطائى دچار شدند دنبال آن نروند و بمحض این که فهمیدند بحق برگردند.
۴- رجوع و برگشت بحق پس از فهمیدن آن بر آنها دشوار و ناهموار نباشد.
۵- خود را در پرتگاه طمع نکشند و پیرامون آن نگردند.
۶- بفهم سطحی و ابتدائی در قضایا اکتفاء نکنند و دنبال فهم نهائی و تحقیق کافی باشند.
با این حال، از همه مردم در مورد شبهه و ابهام حق محتاطتر باشند، و از همه بیشتر دنبال دلیل و حجت براى روشن شدن حق بگردند، و از مراجعت أهل دعوى دلگیر و تنگ خلق نشوند، و از همه کس براى کشف حقیقت بردبارتر باشند و چون حق را روشن و گویا فهمیدند در صدور حکم قاطع باشند.
از کسانى باشند که ستایش آنها را فریفته و خود بین نسازد و تشویق و ترغیب در آنها مؤثر نگردد و دل آنها را نبرد، اینان کمیابند.
سپس بسیار از قضاوت آنها بازرسى کن و بجریان کار آنها مطلع باش و براى قاضی بخشش فراوان کن و حقوق مکفی مقرردار باندازهاى که رفع نیاز او را بکند و حاجت وى را بمردم دیگر بحد أقل برساند.
براى او در نزد خود مقامى بس منیع مقرردار که هیچکدام از خواص کار- گزاران تو بدان مقام طمع نورزند تا بدینوسیله از دستبرد مردان دیگر در پیشگاه تو نسبت بخود مصون باشند، در این باره نظرى رسا داشته باش زیرا این دین بدست مردمى بد اسیر بوده است، و بهوى و هوس در آن عمل مىشده و آنرا وسیله بر آوردن آرزوهاى شیطانی کردند و بوسیله آن دنیا طلبى نمودند.
الفصل السابع من عهده علیه السلام
ثم انظر فی أمور عمالک فاستعملهم اختبارا، و لا تولهم محاباه و أثره، فانهم [فإنهما] جماع من شعب الجور و الخیانه، و توخ منهم أهل التجربه و الحیاء من أهل البیوتات الصالحه، و القدم فی الإسلام المتقدمه، فإنهم أکرم أخلاقا، و أصح أعراضا و أقل فی المطامع إشرافا، و أبلغ فی عواقب الامور نظرا، ثم أسبغ علیهم الأرزاق، فإن ذلک قوه لهم على استصلاح أنفسهم، و غنى لهم عن تناول ما تحت أیدیهم، و حجه علیهم إن خالفوا أمرک، أو ثلموا أمانتک، ثم تفقد أعمالهم، و ابعث العیون من أهل الصدق و الوفاء علیهم، فإن تعاهدک فی السر لأمورهم حدوه لهم على استعمال الأمانه، و الرفق بالرعیه، و تحفظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط یده إلى خیانه اجتمعت بها علیه عندک أخبار عیونک اکتفیت بذلک شاهدا، فبسطت علیه العقوبه فی بدنه، و أخذته بما أصاب من عمله، ثم نصبته بمقام المذله، و وسمته بالخیانه، و قلدته عار التهمه. و تفقد أمر الخراج بما یصلح أهله، فإن فی صلاحه و صلاحهم صلاحا لمن سواهم، و لا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس کلهم عیال على الخراج و أهله، و لیکن نظرک فی عماره الأرض أبلغ من نظرک فی استجلاب الخراج، لأن ذلک لا یدرک إلا بالعماره، و من طلب الخراج بغیر عماره أخرب البلاد، و أهلک العباد، و لم یستقم أمره إلا قلیلا، فإن شکوا ثقلا أو عله أو انقطاع شرب أو باله أو إحاله أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش خففت عنهم بما ترجو أن یصلح به أمرهم، و لا یثقلن علیک شیء خففت به المئونه عنهم، فإنه ذخر یعودون به علیک فی عماره بلادک، و تزیین ولایتک، مع استجلابک حسن ثنائهم، و تبجحک باستفاضه العدل فیهم، معتمدا فضل قوتهم بما ذخرت عندهم من إجمامک لهم، و الثقه منهم بما عودتهم من عدلک علیهم و رفقک بهم، فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فیه علیهم، من بعد احتملوه طیبه أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته، و إنما یؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، و إنما یعوز أهلها لإشراف أنفس الولاه على الجمع، و سوء ظنهم بالبقاء، و قله انتفاعهم بالعبر.
اللغه
(المحاباه): المعاطاه و العطاء بلا عوض، (الاثره): الاستبداد و الانعام للحب و الموده، (الجماع): الجمع، (التوخی): التقصد، ثلمت الاناء من باب ضرب: کسرته من حافته، الثلمه کبرمه: الخلل الواقع فی الحائط و غیره، (الحدوه): الحث، (وسمه) وسما و سمه: أثر فیه بسمه و کی، و المیسم بکسر المیم اسم الاله التی یکوى بها، یقال (ثقل) الشیء بالضم ثقلا و زان عنب و یسکن للتخفیف فهو ثقیل، (الشرب): النصیب من الماء، (الباله): القلیل من الماء یبل به الأرض، و الظاهر أنه فی الأراضی التی یسقیه الأمطار فحسب، فاذا قلت الأمطار یقال: اصیب بالباله، (أحالت) الأرض: تغیرت عما علیه من الاستواء فلم ینجب زرعها و لا أثمر نخلها، و ذلک یکون على أثر السیول و الأمطار الغزیره (البجح): الفرح، یقال: بجح بالشىء بالکسر و بالفتح لغه ضعیفه و بجحته فتبجح:
أى فرحته ففرح و فی حدیث: أهل الجنه فی خیراتها یتبجحون، (معتمدا):قاصدا، (الاجمام): الاراحه، (الاعواز): الفقر.
الاعراب
اختبارا: مفعول له لقوله فاستعملهم، محاباه: مفعول له لقوله لا تولهم، توخ: أمر من توخى یتوخى، و أهل التجربه مفعوله، المتقدمه: صفه لقوله البیوتات، أخلاقا: منصوب على التمیز من النسبه فی قوله أکرم، ما تحت أیدیهم:
ما موصوله و تحت أیدیهم ظرف مستقر صله و العائد محذوف أو مستتر فی الظرف باعتبار متعلقه المقدر و یحتمل أن تکون موصوفه و ما بعدها صفتها أى شیئا تحت أیدیهم، فان أحد منهم: أحد فاعل فعل مضمر یفسره قوله: بسط یده إلى خیانه اکتفیت بذلک شاهدا: جمله فعلیه حالیه و قوله فبسطت علیه العقوبه جزاء الشرط، بما یصلح أهله: ما موصوله و ما بعدها صلتها، سواهم: ظرف مستقر صله لقوله من فی لمن، إلا بهم: استثناء مفرغ، خففت عنهم: جزاء شرط لقوله فان شکوا، معتمدا: حال عن المخاطب، من بعد: بضم بعد مبنیا لکون المضاف إلیه المحذوف منویا أى بعد ذلک الارفاق، طیبه: حال، من إعواز: من هنا للتعلیل.
المعنى
قد انبسط النظم السیاسی للبلاد فی هذه العصور فیتشکل الحکومه من رئیس أو ملک یعین وزراء عدیده لکل شأن من شئون البلد، فوزیر للحرب، و وزیر للمالیه، و وزیر للامور الداخلیه، و وزیر للامور الخارجیه، و وزیر للعلوم، و وزیر للاشغال العامه، و هکذا، و ربما یزید الوزراء على عشرین وزیرا و یتشکل کل وزاره من مدیریات و إدارات کثیره یشتغل فی امورها خلق کثیر، و لکن النظم السیاسی فی صدر حکومه الاسلام کان بسیطا جدا، و هذا هو العله الرئیسیه لتقدم الاسلام و نفوذه فی الامم و الشعوب، فکان ینبعث من قبل الخلیفه لکل ناحیه عامل، و الشغل الرئیسی لهذا العامل مهما کان مدار عمله وسیعا أمران:
۱- إقامه الصلاه للناس بامامته فکان حضور الجماعه و الصلاه خلف العامل واجبا على کل المکلفین فیحضرون المسجد کل یوم فی مواقیت الصلوات الخمسه و یصطفون وراء العامل فیصلی بهم و یعلمهم الکتاب و الحکمه فی صلاته و یلقنهم العقائد الاسلامیه و یدر بهم للاصطفاف تجاه العدو فی میادین الجهاد، فکانت جامعه الصلاه مدرسه للمعارف و تعلیم النظامات العسکریه لکل مسلم، و لا یشغل منه إلا مقدار ساعتین فی کل یوم و لیله، و یکون له الفرصه الکافیه أن یذهب وراء مشاغله و حرفه المعتاده.
۲- جمع الخراج من الدهاقین و الزارعین و یدخل فی ضمنه الجزیه المفروضه على أهل الکتاب الداخلین فی ذمه الاسلام من الیهود و النصارى و المجوس، و هم الأکثرون عددا فی هذا العصر المشتغلون بأمر الزراعه و العمران فی شتى نواحی البلاد الاسلامیه الممتده من إفریقیا إلى حدود الصین، فکان شخصیه الوالی هی النقطه الرئیسیه فی استقامه نظم البلاد الاسلامیه و صحه مسیر الاسلام نحو التقدم و الازدهار و نحو هدفه الاساسی الذی هو هدایه الناس کافه کما قال الله تعالى:و ما أرسلناک إلا کافه للناس بشیرا و نذیرا، ۲۸- السبأ و لا یوصل إلى هذا الهدف الرئیسی إلا برعایه القوانین الاسلامیه و بث العدل الاسلامی و رعایه نوع البشر و إرائه طریق سعادته بالسیره و العمل، فکان وظیفه العامل ثقیله و دقیقه، و من هذه الجهه أوصى لانتخاب العمال بقوله (فاستعملهم اختبارا).
قال فی الشرح المعتزلی «ج ۱۷ ص ۲۹ ط مصر»: و هم عمال السواد و الصدقات و الوقوف و المصالح و غیرها، فأمره أن یستعملهم بعد اختبارهم و تجربتهم و أن لا یولیهم محاباه لهم و لمن یشفع فیهم و لا إثره و لا إنعاما علیهم.
أقول: لا وجه لاختصاص کلامه بصنف من العمال، بل المقصود منه مطلق العمال و من یلی أمر ناحیه من البلاد، و الاثره هو إظهار المحبه لأحد أو التعطف له لتودده أو حاجته أو غیر ذلک من الدواعی الخصوصیه، و فی نسخه ابن میثم:«فانهم جماع من الجور و الخیانه».
فالمقصود أن العمال الشاغلین للأعمال فی زمان عثمان و من تقدمه کانوا جمعا من شعب الجور و الخیانه، فإن الخلفاء الذین تقمصوا الخلافه بغیر حق و یخافون على مقامهم من ثوره طلاب الحق و یستعملون فی أعمالهم من یوافقهم فی نفاقهم و یعینهم على جورهم و شقاقهم ممن ینحرف عن الحق و یمیل إلى الباطل لضعف عقیدته و رقه دیانته و ایمانه.
فانظر إلى أبی بکر المتحفظ على الظاهر و المتظاهر بحفظ السیره النبویه قد اختار خالد بن ولید المنحرف عن أهل بیت النبوه و الحاسد الحاقد على مرکز الولایه علی بن أبی طالب أمیر الامراء فی حکومته و فوض إلیه قوه السیف الاسلامی و لقبه سیف الله و سیف شهره رسول الله مع وجود مات من الأبطال فی الأصحاب ممن لهم القدمه فی الاسلام و الاخلاص و النصیحه، فارتکب خالد جنایات و فضائح فی العالم الاسلامی یقشعر الأبدان من سماعها.
و هذا عمر استعمل على الکوفه و هى أحد الثغور الاسلامیه الرئیسیه بما لها من الوسعه الشامله من حدود نجد إلى تخوم خراسان مغیره بن شعبه أحد أعداء أمیر المؤمنین الألداء، و هو رجل الجنایه و الخیانه من عصره الجاهلی قد التجأ بالاسلام على أثر جنایه و خیانه فضیحه ارتکبها کما فی سیره ابن هشام «ص ۲۱۳ ج ۲ ط مصر» قال الزهری فی حدیثه: ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله علیه و آله عروه بن مسعود الثقفی- إلى أن قال: ثم جعل یتناول لحیه رسول الله صلى الله علیه و آله و هو یکلمه قال: و المغیره بن شعبه واقف على رأس رسول الله صلى الله علیه و آله فی الحدید قال: فجعل یقرع یده إذا تناول لحیه رسول الله صلى الله علیه و آله و یقول: اکفف یدک عن وجه رسول- الله صلى الله علیه و آله قبل أن لا تصل إلیک «أى المقرعه» قال: و یقول عروه: ویحک ما أفظک و أغلظک؟! قال: فتبسم رسول الله صلى الله علیه و آله فقال له عروه: من هذا یا محمد؟
قال: هذا ابن أخیک المغیره بن شعبه، قال: أى غدر، و هل غسلت سوأتک إلا بالأمس، قال ابن هشام: أراد عروه بقوله هذا أن المغیره بن شعبه قبل إسلامه قتل ثلاثه عشر رجلا من بنى مالک من ثقیف فتهایج الحیان من ثقیف بنو مالک رهط المقتولین و الأحلاف رهط المغیره فودى عروه المقتولین ثلاث عشره دیه و أصلح ذلک الأمر، انتهى.
أقول: و کان قتلهم غدرا لأخذ هدایاهم التی أعطاهم ملک الیمن فأخذها و فر بها إلى رسول الله صلى الله علیه و آله فأسلم و عرضها على رسول الله صلى الله علیه و آله فلم یقبلها، فارتکب فی أیام عمله فی الکوفه فضیحه الزنا و هو محصن مع ام جمیل امرأه ذات بعل على ضوء النهار فاطلع على زناه أربعه من الصحابه و التابعین العاملین فی دار- الحکومه منهم زیاد بن أبیه فعرضوا أمره إلى عمر فطلبه و الشهود إلى المدینه و حاکمه بنفسه و أدى ثلاثه من الشهود شهاده تامه على ارتکابه الزنا، و لکن لما ورد زیاد لأداء الشهاده قال له عمر: أرى وجه رجل لا یفتضح به أحد کبار أصحاب رسول الله، فلقنه بهذا الکلام ما أراد أن یلقنه، فقال زیاد: رأیت مغیره نائما مع ام جمیل على فراش واحد و هو راکب على بطن ام جمیل و سکت عن رؤیته دخوله فیها کالمیل فی المکحله و نقص شهادته و لم یر عمر شهادته کافیه فأمر بضرب سائر الشهود حد القذف و برأ مغیره، و أی فضیحه فی الاسلام أفضح من هذه؟.
و أما عمال عثمان فلا یحتاج جورهم و خیانتهم إلى توضیح فانه کالعیان المغنی عن البیان، فقال علیه السلام: إن العمال السابقین کانوا جماعا من شعب الجور و الخیانه.
و لکن فی نسخه المعتزلی «فانهما جماع من شعب الجور و الخیانه» و قال فی شرحه: فانهما- یعنی استعمال المحاباه و الاثره- جماع من شعب الجور و الخیانه و قد تقدم شرح مثل هذه اللفظه، و المعنى أن ذلک یجمع ضروبا من الجور و الخیانه أما الجور فانه یکون قد عدل عن المستحق إلى غیر المستحق ففی ذلک جور على المستحق، و أما الخیانه فلأن الأمانه تقتضی تقلید الأکفاء، فمن لم یعتمد ذلک فقد خان من ولاه.
و اغتر ابن میثم بهذا التفسیر فقال: فلا یولیهم محاباه و إثره، کأن یعطونه شیئا على الولایه فیولیهم و یستأثر بذلک دون مشاوره فیه، فانهما أى المحاباه و الاثره- کما هو مصرح به فی بعض النسخ عوض الضمیر- جماع من شعب الجور و الخیانه، أما الجور فللخروج بهما عن واجب العدل المأمور به شرعا، و أما الخیانه فلأن التحری فی اختیارهم من الدین و هو أمانه فی ید الناصب لهم،فکان نصبهم من دون ذلک بمجرد المحاباه و الاثره خروجا عن الأمانه و نوعا من الخیانه.
أقول: لا یخفى ما فی ما ذکره الشارحان من تطبیق جمله: جماع من شعب الجور و الخیانه على الانتخاب بالمحاباه و الاثره من التکلف و التعسف، نعم لا إشکال فی أن هذا الانتخاب جور و خیانه و لکن لا ینطبق علیه أنه جماع من شعب الجور و الخیانه إلا بالتکلف، فالأظهر أن هذه الجمله راجعه إلى العمال الشاغلین للأعمال قبل حکومته علیه السلام.
ثم أمر علیه السلام بانتخاب العمال من أهل البیوتات الصالحه و المتقدمه فی الاسلام لما ذکرنا سابقا من أن کفیل تربیه الأفراد فی ذلک العصر هى الاسره و البیت، و لم تکن هناک شهاده على صلاحیه الفرد غیر النظر فی البیت و الاسره التی ربى فیها و نشأ فی ظلها، فقد وصف هؤلاء المربین فی البیوت الصالحه بأنهم موصوفون بما یلزم للعامل من کرم الأخلاق و مصونیه العرض و قله الطمع و النظر فی عواقب الامور.
ثم أوصى بوفور الأرزاق و الرواتب علیهم، لئلا یضطروا إلى الاختلاس مما فی أیدیهم من أموال الخراج و یتم الحجه علیهم إن خانوا.
ثم أوصى بتفقد أعمالهم و بث العیون علیهم لحثهم على حفظ الأمانه و الرفق بالرعیه.
ثم شرع عقوبه الخائن الذی ثبت خیانته باتفاق أخبار العیون و المتفقدین فی البدن بعرضهم على السیاط و عزلهم عن العمل و إعلام خیانتهم للعموم و تقلیدهم بعار التهمه و أثر ذلک انفصالهم عن شغلهم أبدا.
ثم توجه إلى أمر الخراج و هو المصدر الوحید فی هذا العصر لخزانه الحکومه و ما یلزمها من المصارف فی شتى حوائجها من أرزاق الجند و رواتب العمال و الخدم، و نبه على أن المبدأ الوحید للخراج هو عمران البلاد بالزرع و الغرس و ما یتحصل منه عوائد جدیده و بین أن التولیدات المثمره إنما هى من الزراعه و تربیه المواشی، و کلیهما یتفقان على عمران البلاد و قدره الزراع و الدهاقین المالیه على العمل فی الانتاج و التولید و أن طلب الخراج مع قطع النظر عن العمران موجب للخراب و الاستیصال.
و من واجب العمران التوجه إلى الافات الطارئه فی المحاصیل الزراعیه و الحیوانیه، فقال علیه السلام «فان شکوا ثقلا- أى جورا- فی ضرب مقدار الخراج المضروب علیهم أو جور العمال فی أخذه أو عله نحو أن یصیب الغله آفه کالجراد و البرق و البرد و غیرها.
أو انقطاع شرب- بأن ینقص الماء فی النهر أو طم القنوات فی أثر السیول أو الزلازل و نحوها.
أو باله- یعنی قله الأمطار فی ما یسقى بماء المطر أو کثره الأمطار الموجبه للسیول الجارفه للزرع و الشجر.
أو إحاله أرض اغتمرها غرق- یعنی أن الأرض قد تحولت فی أثر السیول أو تکرار الزرع فلم یحصل منها زرع لأن الغرق غمرها و أفسد زرعها.
أو أجحف بها عطش فأتلفها.
فلا بد من سماع الشکوى و التحقیق عنها و التخفیف على الزراع و الدهاقین و بذل المساعده لهم بحیث یصلح أمرهم و یتمکنوا من الاشتغال بالعمران و نبه على أن هذا التخفیف و المساعده لم یذهب هدرا، لأنه:
۱- ذخر یعودون به علیک فی عماره بلادک.
۲- زینه و افتخار لولایتک فان زینه الوالی عمران البلاد و راحه العباد.
۳- تکتسب حسن ثنائهم علیک و تسر باستفاضه العدل فیهم مع اعتمادک على فضل قوتهم بما ذخرت عندهم من توجهک علیهم و توجههم علیک بالوثوق بک و الاعتماد بعدلک و رفقک.
۴- فربما حدث علیک حادث و تحتاج إلى الاقتراض منهم أو طلب المعونه منهم أو مساعدتهم لک بنفوسهم فیجیبونک و یساعدونک بطیب أنفسهم.
ثم انتج من ذلک ضابطتین عامتین هامتین:
۱- العمران محتمل ما حملته.
۲- یؤتى خراب الأرض من فقر أهلها و إعوازهم مصارف عمرانها.
ثم نبه على أن إعواز أهل الأرض ناش عن الولاه السوء الذی لا هم لهم إلا جمع المال و الأخذ من الرعایا بکل حال، لسوء ظنهم ببقائهم على العمل و خوفهم من العزل و عدم انتفاعهم بالعبر و اعتقادهم بالعقوبه من الله فی الاخره.
و قد نقل الشارح المعتزلی هنا ما یؤید کلام مولانا لا بأس بنقله قال:
عهد سابور بن اردشیر لابنه
و قد وجدت فی عهد سابور بن أردشیر إلى ابنه کلاما یشابه کلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی هذا العهد و هو قوله:
و اعلم أن قوام أمرک بدرور الخراج، و درور الخراج بعماره البلاد، و بلوغ الغایه فی ذلک استصلاح أهله بالعدل علیهم، و المعونه لهم، فإن بعض الامور لبعض سبب، و عوام الناس لخواصهم عده، و بکل صنف منهم إلى الاخر حاجه، فاختر لذلک أفضل من تقدر علیه من کتابک، و لیکونوا من أهل البصر و العفاف و الکفایه، و استرسل إلى کل أحد منهم شخصا یضطلع به، و یمکنه تعجیل الفراغ منه، فان اطلعت على أن أحدا منهم خان أو تعدى، فنکل به، و بالغ فی عقوبته، و احذر أن تستعمل على الأرض الکثیر خراجها إلا البعید الصوت، العظیم شرف المنزله و لا تولین أحدا من قواد جندک الذین هم عده للحرب، و جنه من الأعداء شیئا من أمر الخراج، فلعلک تهجم من بعضهم على خیانه فی المال، أو تضییع للعمل فان سوغته المال، و أغضیت له على التضییع کان ذلک هلاکا و إضرارا بک و برعیتک و داعیه إلى فساد غیره، و إن أنت کافأته فقد استفسدته، و أضقت صدره، و هذا أمر توقیه حزم، و الإقدام علیه حزق، و التقصیر فیه عجز.
و اعلم أن من أهل الخراج من یلجىء بعض أرضه و ضیاعه إلى خاصه الملک و بطانته لأحد أمرین، أنت حرى بکراهتهما، إما لامتناع من جور العمال و ظلم الولاه، و تلک منزله یظهر بها سوء أثر العمال و ضعف الملک و إخلاله بما تحت یده، و إما للدفع عما یلزم من الحق و التیسر له، و هذه خله تفسد بها آداب الرعیه، و تنقص بها أموال الملک، فاحذر ذلک، و عاقب الملتجئین و الملجأ إلیهم.
الترجمه
سپس در کارهاى کارمندان و عمال خود بنگر و از روى امتحان و آزمایش آنان را بکار بگمار و بمحض دلخوشى و احسان به آنها یا خویش و اظهار خصوصیت با آنها کارگزارشان مکن، زیرا آنها مجموعهاى از تیرههاى جور و ستم و خیانتند.
از میان آنان اهل تجربه و مردم آبرومند را انتخاب کن، کسانى که از خانواده هاى خوب و پیشقدم در اسلام هستند و پیشرو بودند، زیرا که آنان:
۱- اخلاقى گرامى تر و اصیلتر دارند.
۲- آبروى آنها نیالوده و محفوظ و بابروى خود علاقه دارند.
۳- کمتر پیرامون طمع و جلب منافع مى گردند.
۴- در عواقب امور و دنباله کارها نظرى رساتر و عمیقتر دارند و ملاحظه عاقبت کار خود را بهتر مى کنند.
سپس حقوق و ارزاق مکفی بدانها بده زیرا وفور معیشت مایه اصلاح نفوس آنها است و سبب بى نیازى آنان از تصرف در اموالى که زیر دست آنها است مى شود و وسیله اتمام حجت بر آنها مى گردد در صورتى که از دستور تو سرپیچند و در امانتت خیانت ورزند.
سپس کارهاى آنان را زیر نظر بگیر و دیده بانهاى درست و وفادار بر آنها بگمار، زیرا بازرسى پنهانى تو از کارهاى آنان موجب تشویق آنها است بر امانتدارى و خوشرفتارى با رعیت، معاونان خود را خوب بپا و اگر از آنها کسى دست بخیانت گشود و مورد اتفاق نظر خبر گزاران و دیدهبانان گردید و گواهى آنانرا در باره
اثبات جرمش کافی دانستى او را زیر تازیانه مجازات بکش و مسئول کار خودش بشناس و در معرض خوارى در آور و داغ خیانت بر پیشانى او بنه و جامه ننگین تهمت را در بر او کن.
از وضع خراج و در آمد املاک بازرسى کن بوجهى که مایه بهبود خراجگزاران باشد، زیرا در بهبود امر خراج و بهبود حال خراجگزاران بهبود حال دیگران نهفته است و دیگران را جز بدانها بهبودى حال میسر نیست، زیرا همه مردم نانخوران خراجند و خراجگزاران، و باید توجه تو بابادى زمین بیشتر باشد از توجه بجلب خراج، زیرا خراج جز از زمین آباد بدست نیاید و هر کس آباد نکرده خراج خواهد شهرستانها را ویران و بندگان خدا را نابود سازد و جز اندک زمانى کارش درست نیاید.
اگر زارعان و دهقانان شکایت کردند از فزونى و گرانى مقدار خراج یا از آفت در زراعت یا قطع آب یا کمى باران یا دگرگونى و فساد زمین زراعت و درخت بواسطه آنکه سیل آنرا غرق کرده یا تشنگى بدان زیان رسانیده خراج آنها را تا حدى که مایه بهبود حالشان باشد تخفیف بده و این تخفیف که مایه کمک بدانها است بر تو گران نیاید زیرا:
۱- این ذخیره و پس اندازیست در ملک که بوسیله آباد کردن بلاد تو بتو برمی گردد.
۲- سبب زیور و آرایش حکمرانى تواست.
۳- مایه جلب ستایش آنان و شادمانى تو بانتشار عدالت در باره آنها است در حالى که بفزونى نیروى آنها اعتماد دارى بدانچه براى آنها ذخیره کردى و فراهم آوردى و جلب اعتماد آنها را بخود نمودى بوسیله آنکه آنها را بعدالت گسترى خود معتاد ساختى و با نرمش با آنها معامله کردى.
بعلاوه بسا باشد که براى تو پیشامدى رخ دهد و گرفتارى پیش آید و چون تو با آنها احسان کردى و خوشرفتارى نمودى و اعتماد آنها را جلب کردى در دنبال آن هر تقاضا را با طیب خاطر پذیرا شوند و بتو هر گونه کمک و مساعدت را از روى رضا و رغبت تقدیم دارند.
بابادانى هر چه بار نهى بار مىکشد و همانا ویرانى سرزمینها زائیده ندارى و بى وسیلهاى أهل آن سرزمین است آیا ندارى و بیچارگى مردم از کجا ناشى مى شود؟
از توجه کارگزاران بجمع مال دنیا و ربودن دسترنج مردمان براى بدبینى آن کارگزاران نسبت به بقاء آنان بر سر کار خود و بواسطه کم عبرت گرفتن آنها از آنچه براى مردم با ایمان و با بصیرت مایه عبرتست.
الفصل الثامن من عهده علیه السلام
ثم انظر فی حال کتابک فول على أمورک خیرهم، و اخصص رسائلک التی تدخل فیها مکائدک و أسرارک بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ممن لا تبطره الکرامه فیجترئ بها علیک فی خلاف لک بحضره ملإ، و لا تقصر به الغفله عن إیراد مکاتبات عمالک علیک، و إصدار جواباتها على الصواب عنک فیما یأخذ لک و یعطی منک، و لا یضعف عقدا اعتقده لک، و لا یعجز عن إطلاق ما عقد علیک، و لا یجهل مبلغ قدر نفسه فی الامور، فإن الجاهل بقدر نفسه یکون بقدر غیره أجهل، ثم لا یکن اختیارک إیاهم على فراستک و استنامتک و حسن الظن منک، فإن الرجال یتعرفون لفراسات الولاه بتصنعهم و حسن خدمتهم [حدیثهم] و لیس وراء ذلک من النصیحه
و الأمانه شیء، و لکن اختبرهم بما ولوا للصالحین قبلک، فاعمد لأحسنهم کان فی العامه أثرا، و أعرفهم بالأمانه وجها، فإن ذلک دلیل على نصیحتک لله و لمن ولیت أمره، و اجعل لرأس کل أمر من أمورک رأسا منهم لا یقهره کبیرها، و لا یتشتت علیه کثیرها، و مهما کان فی کتابک من عیب فتغابیت عنه ألزمته.
اللغه
(کتاب) جمع کاتب: من یتولی دیوان المکاتبات، (مکائد): جمع مکیده: تدبیر سری تجاه العدو، (لا تبطره): و قد تکرر فی الحدیث ذکر البطر و هو کما قیل: سوء احتمال الغنى و الطغیان عند النعمه و یقال: هو التجبر و شده النشاط، و قد بطر بالکسر یبطر بالفتح- مجمع البحرین-.
(الملأ): قیل: الملأ جماعه من الناس یملئون العین و القلب هیبه، و قیل:
هم أشراف الناس و رؤساؤهم الذین یرجع إلى قولهم، (العقد): المعاهده فی أمر بین اثنین، (الفراسه) بالکسر الاسم من قولک تفرست فیه خیرا، و هی نوعان أحدهما ما یوقعه الله فی قلوب أولیائه فیعلمون بعض أحوال الناس بنوع من الکرامات و إصابه الحدس و الظن و هو ما دل علیه ظاهر الحدیث: اتقوا فراسه المؤمن فانه ینظر بنور الله، و ثانیهما نوع یعلم بالدلائل و التجارب، (استنام) إلى کذا: سکن إلیه، (تغابیت) عنه: تغافلت عنه.
الاعراب
ممن لا تبطره: من للتبعیض، بحضره ملأ: متعلق بقوله فیجترئ، فیما یأخذ: لفظه ما موصوله و ما بعدها صلتها و العائد محذوف، وراء ذلک، ظرف مستقر خبر لیس قدم على اسمها و هو شیء، بما ولوا: یجوز أن تکون ما مصدریه:
أى بالولایه التی ولوها و العائد محذوف على أی تقدیر، کان فی العامه: اسم کان مقدر فیه و فی العامه ظرف مستقر خبر له، و أثرا تمیز من قوله علیه السلام لأحسنهم ألزمته: جزاء قوله علیه السلام: مهما کان.
المعنى
من أهم النظامات الرئیسیه فی الدول الراقیه و المتمدنه نظام الدیوان و الکتاب، فقد اهتم به الملوک و الرؤساء من عهد قدیم و تمثل فی النظام الاسلامی فی عهد النبی صلى الله علیه و آله فی کتابه آى القرآن، و قد دار حول النبی فی هذا العصر مع ندره الکاتب فی الامه العربیه الامیین اثنى عشر کاتبا یوصفون بکتاب الوحى یرأسهم مولانا أمیر المؤمنین صلوات الله علیه، و قد اهتم النبی صلى الله علیه و آله بتوفیر الکتاب فی الجامعه الإسلامیه حتى جعل فداء أسرى الحروب الکاتبین تعلیم الکتابه لعشر نفر من المسلمین، و کان علی علیه السلام هو الکاتب المخصوص للنبی صلى الله علیه و آله یتولی کتابه العهود و المواثیق بینه و بین الناس فی مواقف کثیره على الأکثر: منها کتابه عهد الصلح بین المسلمین و قبائل الیهود الساکنین حول المدینه فی صدر الهجره، کما فی سیره ابن هشام «ص ۳۰۱ ج ۱ ط مصر».
قال ابن إسحاق: و کتب رسول الله صلى الله علیه و آله کتابا بین المهاجرین و الأنصار و وادع فیه یهود و عاهدهم و أقرهم على دینهم و أموالهم و شرط علیهم و اشترط لهم.
بسم الله الرحمن الرحیم، هذا کتاب من محمد النبی صلى الله علیه و آله بین المؤمنین و المسلمین من قریش و یثرب و من تبعهم «و» فلحق بهم و جاهد معهم إنهم امه واحده من دون الناس، المهاجرون من قریش على ربعتهم یتعاقلون بینهم و هم یفدون عانیهم بالمعروف و القسط بین المؤمنین و بنو عوف على ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولى و کل طائفه تفدى عانیها بالمعروف و القسط بین المؤمنین و بنو ساعده على ربعتهم یتعاقلون معاقلهم الاولى و کل طائفه منهم تفدى عانیها بالمعروف و القسط بین المؤمنین و بنو النجار على ربعتهم- إلى أن قال: و أنه من تبعنا من یهود فإن له النصر و الأسوه غیر مظلومین و لا متناصرین علیهم- إلخ.
و هو عهد تاریخی غزیر اللفظ و المعنى، و لم یصرح فی السیره باسم الکاتب و لکن الظاهر أنه علی بن أبی طالب علیه السلام- فتدبر.
و منها العهد التاریخی المنعقد بینه صلى الله علیه و آله مع قریش فی واقعه الحدیبیه حیث منع قبائل قریش مکه عن دخول المسلمین مکه المکرمه لأداء العمره و صدوهم فی وادی حدیبیه و عرضوهم للحرب، فامتنع النبی صلى الله علیه و آله عن إثاره حرب فی هذه الواقعه و تردد بینه و بین قریش عده من الرجال حتى تمکن سهیل بن عمرو من عقد صلح بین النبی صلى الله علیه و آله مع قریش فی ضمن شروط هامه ثقیله على المسلمین و تولى علی علیه السلام کتابه هذا العهد، کما فی سیره ابن هشام «ص ۲۱۶ ج ۲ ط مصر»:
قال: ثم دعا رسول الله صلى الله علیه و آله علی بن أبی طالب رضوان الله علیه فقال: اکتب:
بسم الله الرحمن الرحیم، فقال سهیل: لا أعرف هذا و لکن اکتب باسمک اللهم، فقال رسول الله صلى الله علیه و آله: اکتب باسمک اللهم، فکتبها، ثم قال: اکتب هذا ما صالح علیه محمد رسول الله سهیل بن عمرو قال: فقال سهیل: لو شهدت أنک رسول الله لم اقاتلک و لکن اکتب اسمک و اسم أبیک، قال: فقال رسول الله صلى الله علیه و آله اکتب هذا ما صالح علیه محمد بن عبد الله سهیل بن عمرو و اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنین یأمن فیهن الناس و یکف بعضهم عن بعض على أنه من أتى محمدا من قریش بغیر إذن ولیه رده علیهم و من جاء قریشا ممن مع محمد لم یردوه علیه و أن بیننا عیبه مکفوفه و أنه لا إسلال و لا إغلال و أنه من أحب أن یدخل فی عقد محمد و عهده دخل فیه و من أحب أن یدخل فی عقد قریش و عهدهم دخل فیه فتواثبت خزاعه فقالوا نحن فی عقد محمد و عهده و تواثبت بنو بکر فقالوا: نحن فی عقد قریش و عهدهم و أنک ترجع عنا عامک هذا فلا تدخل علینا مکه و أنه إذا کان عام قابل خرجنا عنک فدخلتها بأصحابک فأقمت بها ثلاثا معک سلاح الراکب السیوف فی القرب لا تدخلها بغیرها- إلى أن قال: فی بیان شهود الکتاب:
و علی بن أبی طالب و کتب و کان هو کاتب الصحیفه.
و قد بین علیه السلام فی هذا الفصل نظام الدیوان و ألقاب الکتاب اللائقین الأنجاب و نظم أمر الدیوان و الکتاب فی مباحث قیمه.
۱- فی شخصیه الکاتب من الوجهه الأخلاقیه و رعایه الأمانه و الصداقه و لم یتعرض علیه السلام لما یلزم فی الکاتب من الوجهه الفنیه و ما یجب علیه من تعلم الخط و تحصیل درجات علمیه لیتمکن من الاشتغال بکتابه الدیوان العالی لأنه معلوم بالضروره لمن یعرض نفسه لهذا المنصب العالی فشغل الکتابه فی دیوان رسمی یحتاج فی عصرنا هذا إلى شهاده إتمام تحصیلات الدوره المتوسطه مضافا إلى ما یلزم له من التعلم الخصوصی لفن الکتابه و الفوز بجوده الخط.
و قد لخص الوصف العام للکاتب بقوله علیه السلام (فول على امورک خیرهم) قال ابن میثم: و تفسیر الخیر هنا هو من کان تقیا قیما بما یراد منه من مصالح العمل.
أقول: کأنه غفل عن معنى التفضیل المصرح به فی قوله علیه السلام: خیرهم.
قال فی الشرح المعتزلی:
فصل فی الکتاب و ما یلزمهم من الاداب
و اعلم أن الکاتب الذی یشیر أمیر المؤمنین علیه السلام إلیه هو الذی یسمى الان فی الاصطلاح العرفی وزیرا، لأنه صاحب تدبیر حضره الأمیر، و النائب عنه فی اموره و إلیه تصل مکتوبات العمال و عنه تصدر الأجوبه، و إلیه العرض على الأمیر، و هو المستدرک على العمال، و المهیمن علیهم، و هو على الحقیقه کاتب الکتاب، و لهذا یسمونه الکاتب المطلق.
أقول: الوزاره منصب ممتاز عن الکتابه فی عصرنا هذا و أظن أنه کان ممتازا فی العصور السابقه، و إن کان الوزیر یشتغل بالکتابه و إنشاء ما یهم من الکتب فی بعض الأزمان، و فی بعض الأحیان إلا أنه لا یدل على کون الکاتب هو الوزیر، فقد کان فی عهد هارون و مأمون یصدر التوقیعات الهامه فی الامور
العامه المرتبطه بدار الخلافه بقلم یحیى بن خالد البرمکی و ابنه جعفر و فضل و لهم مقام الوزاره فی دیوان الخلافه إلا أنه لم یعهد توصیفهم بالکاتب فی کتب السیر و التواریخ.
قال: و کان یقال للکاتب على الملک ثلث: رفع الحجاب عنه، و اتهام الوشاه علیه، و إفشاء السر لدیه.
۲- فی تقسیم الکتاب إلى درجات و طبقات:
فمنهم کاتب السر، فأوصى فیه بأن یکون أجمع الکتاب للأخلاق الصالحه و لا یکون خفیف المزاج فیسوء فیه أثر خلواته مع الوالی و تودیعه أسراره لدیه فیعتریه البطر و الطغیان على الوالی فیجترئ علیه بإظهار الخلاف و الأنانیه فی المحضر الحافل بالأشراف و الرؤساء و الامراء فیهون الوالی بجرأته علیه و یضعف قدره عند الملأ.
و منهم کاتب الدیوان العام الذی یرد علیه مکاتبات العمال و یتکلف جوابها فیوصی علیه السلام فیه أن یکون حافظا یقظا لا یسامح فی اصدار جواب هذه الکتب على وجه الصواب سواء فیما یتعلق بأخذ الخراج و العوائد أو ما یتعلق باعطاء الرواتب و المصارف، فیضبط ذلک کله لیتمکن الوالى من النظر فی الواردات و الصادرات.
و أن یکون فطنا لیقا فی تنظیم مواد العهود و العقود بین الوالی و غیره من أصناف الرعایا أو الأجانب، و هذا أمر یحتاج إلى بصیره فائقه و فطنه وقاده یقتدر صاحبها إلى تنظیم مواد المعاهده محکمه غیر مبهمه بحیث لا یمکن لطرف المعاهده أن یجعل بعض جملها مبهمه و یفسرها على ما یرید کما أنه یحتاج التخلص عن المسئولیه تجاه مقررات العهود إلى بصیره و حسن تعبیر عبر علیه السلام بقوله (و لا یعجز عن إطلاق ما عقد علیک).
و اشترط فی الکاتب أن یعرف قدره و یقف عند حده فی إعمال النفوذ لدى الوالی و لا یغتر بصحبته مع الوالی و مجالسته معه لأداء ما یجب علیه من شغله فی إنهاء الرسائل إلیه و أخذ الإمضاء منه فی جوابها فلا یحسب هذا الحضور و المجالسه التی یقتضیها شغله دلالا على الوالی فیطیر فوق قدره.
ثم نبه على أن انتخاب الکتاب و انتصابهم فی هذا الشغل الهام لا بد و أن یکون معتمدا على اختبار کامل فی صلاحیتهم و لا یکتفی فی إثبات لیاقتهم بمجرد الحدس و الفراسه و حسن الظن الناشی عن التظاهر بالإخلاص و تقدیم الخدمه لأن الرجال أهل تصنع و تظاهر ربما یغتر الوالی بهما و هم خلو من الاخلاص فی الباطن.
و بین علیه السلام أن الدلیل على صلاحیتهم سابقتهم فی تولی الکتابه للصالحین قبل ذلک مع حسن أثرهم فی نظر العامه و عرفان أمانتهم عند الناس.
ثم أشار إلى تفنن أمر الکتابه و وجوهها المختلفه فأمر بأن یجعل لکل من الامور رئیسا لائقا من الکتاب الماهرین فی هذا الفن بحیث لا یقهره مشکل ورد علیه و لا یعجز عن الإداره إذا تکثرت الواردات علیه، و نبه على أنه من الواجب الفحص عن صحه عمل الکتاب و عدم الغفله عنهم فلو غفل عنهم و تضرر الناس منهم کان تبعته على الوالی و هو مسئول عنه.
و نذکر هنا وصیه صدرت من ابرویز إلى کاتبه نقلا عن الشرح المعتزلی «ص ۸۱ ج ۱۷ ط مصر».
و قال أبرویز لکاتبه: اکتم السر، و اصدق الحدیث، و اجتهد فی النصیحه و علیک بالحذر، فان لک على أن لا اعجل علیک حتى أستأنی لک، و لا أقبل فیک قولا حتى أستیقن، و لا أطمع فیک أحدا فتغتال، و اعلم أنک بمنجاه رفعه فلا تحطها و فی ظل مملکه فلا تستزیلنه، قارب الناس مجامله من نفسک، و باعدهم مسامحه عن عدوک، و اقصد إلى الجمیل ازدراعا لغدک و تنزه بالعفاف صونا لمروءتک، و تحسن عندی بما قدرت علیه، احذر لا تسرعن الألسنه علیک، و لا تقبحن الاحدوثه عنک، و صن نفسک صون الدره الصافیه، و أخلصها خلاص الفضه البیضاء و عاتبها معاتبه الحذر المشفق، و حصنها تحصین المدینه المنیعه، لا تدعن أن ترفع إلى الصغیر فانه یدل على الکبیر، و لا تکتمن عنى الکبیر فإنه لیس بشاغل عن الصغیر، هذب امورک، ثم القنى بها، و احکم أمرک، ثم راجعنى فیه، و لا تجترئن على فامتعض، و لا تنقبضن منی فأتهم، و لا تمرضن ما تلقانی به و لا تخدجنه، و إذا أفکرت فلا تعجل، و إذا کتبت فلا تعذر، و لا تستعن بالفضول فإنها علاوه على الکفایه، و لا تقصرن عن التحقیق فانها هجنه بالمقاله، و لا تلبس کلاما بکلام، و لا تبعدن معنى عن معنى، و اکرم لی کتابک عن ثلاث:
خضوع یستخفه، و انتشار یهجنه، و معان تعقد به، و اجمع الکثیر مما ترید فی القلیل مما تقول، و لیکن بسطه کلامک على کلام السوقه کبسطه الملک الذی تحدثه على الملوک، فاجعله عالیا کعلوه، و فائقا کتفوقه، فانما جماع الکلام کله خصال أربع: سؤالک الشیء، و سؤالک عن الشیء، و أمرک بالشیء، و خبرک عن الشیء، فهذه الخصال دعائم المقالات، إن التمس إلیها خامس لم یوجد، و إن نقص منها واحد لم یتم، فاذا أمرت فأحکم، و إذا سألت فأوضح، و إذا طلبت فأسمح و إذا أخبرت فحقق، فانک إذا فعلت ذلک أخذت بجراثیم القول کله، فلم یشتبه علیک وارده، و لم تعجزک صادره، أثبت فی دواوینک ما أخذت، احص فیها ما أخرجت، و تیقظ لما تعطى، و تجرد لما تأخذ، و لا یغلبنک النسیان عن الاحصاء و لا الاناه عن التقدم، و لا تخرجن وزن قیراط فی غیر حق، و لا تعظمن إخراج الالوف الکثیره فی الحق، و لیکن ذلک کله عن مؤامرتی.
الترجمه
سپس در حال کاتبان آستانت نظر کن و کارهایت را به بهترین آنان بسپار و نامه هاى محرمانه و حاوى تدبیرات خود را مخصوص کسى کن که:
۱- بیشتر از همه واجد اخلاق شایسته و نیک باشد.
۲- احترام و مقام مخصوص نزد تو او را مست و بیخود نسازد تا در حضور بزرگان و سروران با تو اظهار مخالفت کند و نسبت بتو گستاخى و دلیرى کند.
۳- غفلت و مسامحه کارى مایه کوتاه آمدن او از عرض نامههاى عمال تو
بر تو و صدور پاسخهاى درست آنها نگردد چه در باره آنچه براى تو دریافت مىشود و چه در باره آنچه از طرف تو پرداخت مىگردد.
۴- عهد نامهاى که براى تو تنظیم میکند سست و شکننده نباشد، و از آزاد کردن تو از قید مقررات عهدنامهها بوسیله تفسیرهاى پذیرفته عاجز نماند.
۵- باندازه خود و حدود مداخله او در کارها نادان و نفهمیده نباشد زیرا کسى که اندازه خود را نداند باندازه و قدر و مرتبه دیگران نادانتر باشد.
سپس باید انتخاب و انتصاب آنان در مقام منیع کاتبان متکى بخوشبینی و دلباختگى و خوش گمانى تو نباشد زیرا مردان زرنگ راه جلب فراست و خوشبینى والیان را بوسیله ظاهر سازى و تظاهر بخوش خدمتى خوب مىشناشند، در صورتى که در پس این ظاهر سازى هیچ اخلاص و حقیقتى وجود ندارد و لیکن باید آنها را بوسیله تصدى کارهاى مربوطه براى نیکان پیش از خود بیازمائى، و هر کدام نزد عموم مردم خوش سابقهتر و بأمانت دارى معروفترند بر گزینى که این خود دلیل است بر این که نسبت به پروردگار خود بکسى که از جانب او متصدى ولایت و فرمانگزارى شدى خیر اندیشى کردى.
و باید براى هر نوعى از کارهاى خود رئیسى براى دفتر مربوطه انتخاب کنى که کارهاى مهم او را مقهور و درمانده نسازند و کارهاى بسیار او را پریشان نکنند، و باید بدانى هر عیبى در کاتبان تو باشد و مایه زیان گردد تو خود مسئول آنى.
الفصل التاسع من عهده علیه السلام
ثم استوص بالتجار و ذوی الصناعات و أوص بهم خیرا، المقیم منهم و المضطرب بماله، و المترفق ببدنه [بیدیه]، فإنهم مواد المنافع، و أسباب المرافق، و جلابها من المباعد و المطارح فی برک و بحرک، و سهلک و جبلک، [و] حیث لا یلتئم الناس لمواضعها، و لا یجترءون علیها، فإنهم سلم لا تخاف بائقته، و صلح لا تخشى غائلته، و تفقد أمورهم بحضرتک و فی حواشی بلادک و اعلم- مع ذلک- أن فی کثیر منهم ضیقا فاحشا، و شحا قبیحا، و احتکارا للمنافع، و تحکما فی البیاعات، و ذلک باب مضره للعامه، و عیب على الولاه، فامنع من الاحتکار، فإن رسول الله- صلى الله علیه و آله- منع منه، و لیکن البیع بیعا سمحا: بموازین عدل، و أسعار لا تجحف بالفریقین من البائع و المبتاع، فمن قارف حکره بعد نهیک إیاه فنکل به، و عاقبه فی غیر إسراف.
اللغه
(المضطرب بماله): التاجر الذی یدور بماله من بلد إلى بلد للکسب، (جلاب) جمع جالب، (المطارح) جمع مطرح: الأرض البعیده، (البائقه):
الداهیه، (الغائله): الشر، (حواشی البلاد)، أطرافها، (الشح)، البخل مع حرص فهو أشد من البخل لأن البخل فی المال و هو فی مال و معروف تقول: شح یشح من باب قتل و فی لغه من باب ضرب و تعب فهو شحیح- مجمع البحرین.
(الاحتکار): حبس المنافع عن الناس عند الحاجه إلیها، (التحکم فی البیاعات): التطفیف فی الوزن و الزیاده فی السعر، (السمحه) بفتح فسکون أى السهله التی لا ضیق فیها و لا حرج و سمح به یسمح بفتحتین سموحا و سماحا و سماحه أی جاد، (قارف): قارف الذنب و غیره إذا داناه و لا صقه و إن شئت إذا أتاه و فعله- مجمع البحرین.
الاعراب
استوص بالتجار: مفعوله محذوف: أى أوص نفسک بذلک، أوص بهم خیرا حذف مفعوله: أى أوص عما لک، المقیم: بدل أو عطف بیان للضمیر فی بهم و المضطرب عطف علیه، المترفق ببدنه، بیان لقوله ذو الصناعات، فانهم سلم: أى اولو سلم فحذف المضاف و اقیم المضاف إلیه مقامه للمبالغه و الضمیر فی بائقته یرجع إلى السلم باعتبار اولى السلم، و هکذا الکلام فی قوله صلح- إلخ.
فی کثیر منهم ظرف مستقر خبر إن، البیاعات جمع بیاع مصدر بایع أی المبایعات، عیب على الولاه عطف على قوله باب مضره، بیعا مفعول مطلق نوعی بموازین عدل: جار و مجرور متعلق بقوله بیعا، و أسعار عطف على قوله موازین، من البائع من بیانیه.
المعنى
انتقل علیه السلام بعد تنظیم الحکومه إلى الاجتماع و ما یصلح به أمر الامه و رکنه التجاره و الصناعه، و التجاره شغل شریف حث علیها فی الشرع الاسلامی لکونها وسیله لتبادل الحاصلات الأولیه و التولیدات الصناعیه، و هذا التبادل رکن الحیاه الاجتماعیه و نظام الحیویه المدنیه، و قد ورد أخبار کثیره فی مدح التجاره و الترغیب إلیها ففی الخبر أنه تسعه أعشار الرزق فی التجاره و واحده فی سائر المکاسب.
قال فی الوسائل فی مقدمات کتاب التجاره: و بإسناده عن روح عن أبی عبد الله علیه السلام
قال: تسعه اعشار الرزق فی التجاره.
و روى بسنده عن عبد المؤمن الأنصاری عن أبی جعفر علیه السلام قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله: البرکه عشره أجزاء: تسعه أعشارها فی التجاره و العشر الباقی فی الجلود. قال الصدوق: یعنی بالجلود الغنم.
و بإسناده عن علی علیه السلام فی حدیث الأربعمائه قال: تعرضوا للتجارات فإن لکم فیها غنى عما فی أیدى الناس، و إن الله عز و جل یحب المحترف الأمین المغبون غیر محمود و لا مأجور.
و بإسناده عن محمد بن یعقوب، عن علی بن إبراهیم، عن أبیه، عن ابن أبى عمیر، عن محمد الزعفرانی، عن أبی عبد الله علیه السلام قال: من طلب التجاره استغنى عن الناس، قلت: و إن کان معیلا؟ قال: و إن کان معیلا إن تسعه أعشار الرزق فی التجاره.
و بسنده عن أبی عبد الله علیه السلام قال: التجاره تزید فی العقل.
و بالإسناد عن علی بن الحکم، عن أسباط بن سالم، قال: دخلت على أبی عبد الله علیه السلام فسألنا عن عمر بن مسلم ما فعل؟ فقلت: صالح و لکنه قد ترک التجاره، فقال أبو عبد الله علیه السلام: عمل الشیطان- ثلاثا- أما علم أن رسول الله صلى الله علیه و آله اشترى عیرا أتت من الشام فاستفضل فیها ما قضى دینه و قسم فی مراتبه، یقول الله عز و جل «رجال لا تلهیهم تجاره و لا بیع عن ذکر الله- إلى آخر الایه ۳۷- النور» یقول القصاص: إن القوم لم یکونوا یتجرون، کذبوا و لکنهم لم یکونوا یدعون الصلاه فی میقاتها و هم أفضل ممن حضر الصلاه و لم یتجر.
و الأخبار فی هذا الموضوع کثیره مستفیضه، و کفى فی فضل التجاره أنها کانت شغل النبی صلى الله علیه و آله قبل أن یبعث نبیا، و قد سافر إلى الشام فی التجاره مع عمه أبی طالب و هو غلام لم یبلغ الحلم، ثم صار عاملا لخدیجه بنت خویلد و سافر إلى الشام للتجاره مره اخرى، و قد أعجبت خدیجه أمانته و کفایته فطلبت منه أن یزوجها.
و الظاهر من حدیث أسباط بن سالم الانف الذکر أنه لم یدع الاشتغال بها بعد البعثه و تحمل أعباء النبوه، کما یستفاد ذلک من تعییر قریش له بقولهم:
«ما لهذا الرسول یأکل الطعام و یمشی فی الأسواق- کما فی الایه ۷ من سوره الفرقان».
و قد وصف علیه السلام التجار بما لا مزید علیه من خدمتهم فی الاجتماع الانسانی و حمایتهم المدنیه البشریه فقال:
۱- (و المضطرب بماله) أى من یجعل ماله متاعا یدور به فی البلاد البعیده یقطع المفاوز و یعرض نفسه للأخطار لیصل حوائج کل بلد إلیه.
۲- فانهم مواد المنافع و أسباب المرافق.
قد اهتم الدول الراقیه و الشعوب المتقدمه فی هذه العصور بأمر التجاره و أدرکوا حقیقه ما أفاده علیه السلام فی هذه الجمله القصیره قبل قرون طویله من أن التجاره مواد المنافع، و قد أبلغ علیه السلام فی إفاده ما للتجاره من الأهمیه فی أمر الاقتصاد حیث جاء بکلمه المواد جمعا مضافا مفیدا للعموم، و بکلمه المنافع جمعا معرفا باللام مفیدا للاستغراق، فأفاد أن کل ماده لکل منفعه مندرج فی أمر التجاره، فالتجاره تحتاج إلى ما یتجر به من الأمتعه و إلى سوق تباع تلک الأمتعه، ثم یؤخذ بدلها متاعا آخر و یبدل بمتاع آخر فیستفاد من هذه المبادلات کلها أرباحا.
و قد بلغ أهمیه التجاره فی هذه القرون المعاصره إلى حیث صارت محورا للسیاسه العامه للدول العظمى فکانوا یبحثون عن الاراضی التی یحصل منها مواد نافعه کالمعادن الغزیره من النفط و الذهب و الفضه و المحاصیل الزراعیه التی تصرف فی صناعه النسج و غیرها، ثم ینقلونها إلى بلادهم و یصنعون منها أنواع الأمتعه التی یحتاج إلیها کل شعب من الشعوب، و یبحثون عن الأسواق التی یصرف منها هذه المصنوعات، فصارت هذه المنافع التجاریه أساسا لسیاسه الدول و مثارا للحروب الهائله و مدارا للمعامله مع الشعوب، تحیلت الدول العظمی فی الحیلوله بین الشعوب المتأخره ذات المواد الصالحه للصنعه کالنفط و أنواع المعادن و المحاصیل الزراعیه المتحوله إلى المنسوجات، و بین الرقی و التقدم فی أمر الصنعه و العلم باداره المکائن الصناعیه.
و قد ابتلت امه ایران و شعبها بهذه العرقله السیاسیه و المکیده الحیاله منذ قرون و سلطت على معادنها و منافعها و أسواقها دول حیاله عظمى دبرت تأخرها فی أمر الصناعه منذ قرون، و قد غفلت امه ایران و شعبها بل الامم الاسلامیه کلهم من هذه الجمله من کلام مولانا أمیر المؤمنین فی أمر التجار (فإنهم مواد المنافع و أسباب المرافق).
و قد کان التجاره العالمیه فی القرون المزدهره الاسلامیه أیام الخلفاء العباسیین الاول فی ید المسلمین، فکانوا یجوبون البحار و البراری شرقا و غربا فی جمیع القارات بوسیله السفن الأریاحیه الخطیره و یحملون أنواع الأمتعه إلى تلک البلاد البعیده و الجزر النائیه و یبدلونها بما فی هذه البلاد و الجزر البحریه من أنواع المحاصیل و النقود و یزرعون العقائد الإسلامیه فی قلوب أهالیها، فنحن نعلم الان فی رسوخ الإسلام إلى بلاد نائیه و قارات متنائیه کإفریقیا و جزائر أندونوسیا و أبعد منها، و کان المبلغون الأولون للاسلام فی هذه البلاد البعیده حتى الصین و الیابان هم تجار المسلمین الأبطال فی القرون الزاهیه الاسلامیه، فکانوا یدخلون تلک البلاد و یخالطون أهلها تجارا سالمین و یحببون إلیهم الإسلام بأعمالهم الإسلامیه النیره الجاذبه، فیعمل الإسلام فیهم کجهاز حی نشیط یتوسع و ینمو حتى بلغ أهل الإسلام فی جمیع الأصقاع ماه ملایین، و هذا أهم المنافع التجاریه التی نالها المسلمون فی عصور نشاطهم و تقدمهم، و هذا أحد الأسرار المخزونه فی قوله علیه السلام:فإنهم مواد المنافع و أسباب المرافق.
و قد نبه علیه السلام إلى أن الروابط التجاریه تفید الشعوب و عامه البشریه من جهه أنها سبب استقرار السلم و الصلح بین أفراد الامه و بین الشعوب فقال علیه السلام (فانهم سلم لا تخاف بائقته و صلح لا تخشى غائلته) فیا لها من جمله ذهبیه حیه فی هذه القرون المعاصره، و فی القرن العشرین العطشان لاستقرار الصلح العالمی و السلم العام بین الشعوب.
فالرابطه التجاریه المبنیه على تبادل المنافع و الحوائج تکون ودیه و أخویه دائما و هذا هو أساس الوداد العقلانی الصادق الثابت فإن المتبادلین للحوائج و المنافع یحب کل منهما الاخر لأن حب أحدهما للاخر یرجع إلى حب الذات الذى هو الحب الثابت للانسان، فان الانسان یحب ذاته قبل کل شیء فحبه لذاته ذاتی و یحب کل شیء لحبه بذاته حبا عرضیا بواسطه فی الثبوت أو العروض، فالرابطه التجاریه سواء کانت بین فردین أو شعبین أو شعوب شتى رابطه ودیه سلمیه نافره للحرب و التنازع، فالشعوب المحبه للسلام ساعون لبسط التجاره الحره الداعیه إلى الود و التفاهم المتبادل، فإن کل أحد یحب من یقضى حاجته و ینفعه، و الحب الزواجی الذی هو أساس تزویج ثابت لا بد و أن یرجع إلى هذا المعنى و یدرک کل من الزوجین أن الاخر یتبادل معه قضاء الحوائج و تبادل المنافع.
و أما الحب الغریزی القائم بین الام و ولدها فلا یصح أن یکون مبدءا للمعاهدات و العقود، و هو الذی یعبر عنه بالعشق فی لسان الأدب و الشعر، و هو حب کاذب خارج عن تحت الاراده و الاداره و أحسن ما عبر عنه ما نقل عن الشیخ الرئیس أبو علی بن سینا فی تعریف العشق من أنه: مرض سوداوى یزول بالجماع و السفر و یزید بالفکر و النظر.
و الشعوب المحبه للسلام فی عالم البشریه یسعون وراء عقد روابط تجاریه حره مع الشعوب الاخرى مبنیه على تبادل المنافع و الحوائج و یسعون وراء التجاره بالتهاتر أى تبادل الحاجیات بنوع آخر منها و لا تقیدون بیوعهم بأخذ النقود، فالتجاره الحره تکون أساسا للسلم بین الشعوب کما أشار إلیه علیه السلام بقوله (فإنهم سلم لا تخاف بائقته و صلح لا تخشى غائلته) و قد فسر البائقه بالداهیه فیفید أن التجاره الحره لیس فیها دهاء و مکر و قصد سوء من قبیل الاستعمار و التسلط و صلح لیس ورائه مضره و هلاک.
و أمر علیه السلام بتفقد أحوال التجار و النظاره علیهم تکمیلا لتوصیته لهم بالخیرو الحمایه لرؤوس أموالهم عن التلف و السرقه بأیدى اللصوص، و هذه توصیه بإقرار الأمن فی البلاد و فی طرق التجاره بحرا و برا، و قد التفت الامم الراقیه إلى ذلک فاهتموا باستقرار الأمن فی البلاد و الطرق، و فی حفظ رءوس الأموال التجاریه عن المکائد و الدسائس المذهبه لها، فقال علیه السلام: (تفقد امورهم بحضرتک) أى فی البلد، (و فی حواشی بلادک) أی فی الطرق و الأماکن البعیده.
ثم نبه علیه السلام إلى خطر فی أمر التجاره یتوجه إلى عامه الناس المحتاجین فی معاشهم إلى شراء الأمتعه من الأسواق، و هو خلق الشح و طلب الادخار و الاستکثار من المال الکامن فی طبع الکثیر من التجار، فانه یؤول إلى الاستعمار و التسلط على اجور الزراع و العمال إلى حیث یؤخذون عبیدا و أسرى لأصحاب رءوس الأموال فوصفهم بقوله علیه السلام: (أن فی کثیر منهم):
۱- (ضیقا فاحشا) أى حبا بالغا فی جلب المنافع و ازدیاد رقم الأموال المختصه به ربما یبلغ إلى الجنون و لا یقف بالملایین و الملیارات.
۲- (و شحا قبیحا) یمنع من السماح على سائر الأفراد بما یزید على حاجته بل بما لا یقدر على حفظه و حصره.
۳- (و احتکارا للمنافع) بلا حد و لا حساب حتى ینقلب إلى جهنم کلما قیل لها: هل امتلئت؟ یجیب: هل من مزید؟
۴- (و تحکما فی البیاعات) أى یؤول ذلک الحرص الجهنمی إلى تشکیل الشرکات و الانحصارات الجباره فیجمعون حوائج الناس بمکائدهم و قوه رءوس أموالهم و یبیعونها بأى سعر أرادوا و بأی شروط خبیثه تحفظ مزید منافعهم و تقهر الناس و تشدد سلاسل مطامعهم و مظالمهم على أکتافهم و استنتج علیه السلام من ذلک مفسدتین مهلکتین:
الف- (باب مضره للعامه) و أى مضره أعظم من الأسر الاقتصادی فی أیدی ثعابین رءوس الأموال.
ب- (و عیب على الولاه) و أی عیب أشنأ من تسلیم الامه إلى هذا الأسر المهلک.
فشرع علیه السلام لسد هذه المفاسد، المنع من الاحتکار للمنافع، فنلفت نظر القراء الکرام إلى أن الاحتکار على وجهین.
۱- احتکار الأجناس و هو موضوع بحث الفقهاء فی باب البیع حیث حکموا بحرمه الاحتکار أو کراهته على خلاف بین الفقهاء، فقد عده المحقق فی المختصر النافع فی المکروهات فقال بعد عد جمله منها: و الاحتکار، و قال صاحب الریاض فی شرحه: و هو حبس الطعام، کما عن الجوهری أو مطلق الأقوات یتربص به الغلاء للنهى عنه فی المستفیضه.
منها الصحیح، إیاک أن تحتکر، المعتبر بوجود فضاله المجمع على تصحیح روایاته فی سنده فلا یضر اشتراک راویه بین الثقه و الضعیف، و على تقدیر تعینه فقد ادعى الطوسى الإجماع على قبول روایته، و لذا عد موثقا و ربما قیل بوثاقته، و فیه: لا یحتکر الطعام إلا خاطئ، و لذا قیل: یحرم، کما عن المقنع و المرتضى و الحلی و أحد قولی الحلبی و المنتهى و به قال فی المسالک و الروضه، و لا یخلو عن قوه- إلى أن قال: و إنما یکون الاحتکار الممنوع منه فی خمسه:
الحنطه، و الشعیر، و التمر، و الزبیب، و السمن، على الأشهر- إلى أن قال:
و قیل: کما عن المبسوط و ابن حمزه أنه یکون فی الملح أیضا، و قواه فی القواعد و المسالک و أفتى به صریحا فی الروضه تبعا للمعته، و لعله لفحوى الأخبار المتقدمه لأن احتیاج الناس إلیه أشد مع توقف أغلب الماکل علیه- إلى أن قال: و إنما یتحقق الکراهه إذا اشتراه و استبقاه لزیاده الثمن مع فقده فی البلد و احتیاج الناس إلیه و لا یوجد بایع و لا باذل مطلقا غیره، فلو لم یشتره بل کان غلته لم یکره کما عن النهایه للصحیح: الحکره أن یشترى طعاما لیس فی المصر غیره، و نحوه الخبر المتقدم عن المجالس لکنه ضعیف السند، و مع ذلک الشرط فیه کالأول یحتمل وروده مورد الغالب فالتعمیم أجود، وفاقا للمسالک عملا بالاطلاق و التفاتا إلى مفهوم التعلیل فی الصحیح المتقدم: یکره أن یحتکر و الناس لیس لهم طعام- إلى أن قال: و یشترط زیاده على ما مر أن یستبقیه فی زمان الرخص أربعین یوما و فی الغلاء ثلاثه أیام، فلا حکره قبل الزمانین فی الموضعین لروایه ضعیفه عن المقاومه لما مر و تقییده قاصره، و یجبر الحاکم المحتکر على البیع مع الحاجه إجماعا، کما فی ب وقیح و کلام جماعه و هو الحجه مضافا إلى الخبرین فی أحدهما أنه مر بالمحتکرین فأمر بحکرتهم إلى أن یخرج فی بطون الأسواق و حیث ینطلق الناس إلیها.
و هل یسعر الحاکم السعر علیه حینئذ الأصح الأشهر لا، مطلقا وفاقا للطوسی و الرضی و الحلی و الشهید الثانی للأصل و عموم السلطنه فی المال، و خصوص الخبر:
لو قومت علیهم، فغضب صلى الله علیه و آله حتى عرف الغضب من وجهه فقال: أنا أقوم علیهم إنما السعر إلى الله تعالى یرفعه إذا شاء و یضعه إذا شاء.
خلافا للمفید و الدیلمی فیسعر علیه بما یراه الحاکم من المصلحه لانتفاء فائده الإجبار لا معه لجواز الاجحاف فی القیمه، و فیه منع انحصار الفائده فیما ذکره مع اندفاع الاجحاف بما یأتی.
و لا بن حمزه و الفاضل و اللمعه فالتفصیل بین اجحاف المالک فالثانی، و عدمه فالأول، تحصیلا لفائده الإجبار و دفعا لضرر الاجحاف، و فیهما نظر فقد یحصلان بالأمر بالنزول عن المجحف و هو و إن کان فی معنى التسعر إلا أنه لا ینحصر على قدر خاص.
هذا خلاصه ما ذکره الفقهاء فی باب الاحتکار نقلناه عن الریاض مزدوجا شرحه مع متن المختصر النافع للمحقق رحمه الله.
۲- احتکار المنافع، کما عبر فی کلامه علیه السلام و الظاهر أن احتکار المنافع التی عنونه علیه السلام غیر الاحتکار المعنون فی الفقه، و المقصود منه الحرص على أخذ الأریاح و المنافع من التجارات زائدا عن المقدار المشروع على الوجه المشروع بحیث یؤدی هذا الحرص و الولع إلى تشکیل الشرکات و ضرب الانحصارات التی شاع فی هذه العصور و مال إلیه أرباب رءوس الأموال الهامه فی الشرکات النفطیه و الانحصارات المعدنیه و یدل على ذلک امور:
۱- أنه علیه السلام جعل ثمره الضیق الفاحش و الشح القبیح احتکار المنافع، و الاحتکار المعنون فی الفقه هو احتکار الأجناس و الحبوبات المعینه، و الفرق بینهما ظاهر.
۲- أنه علیه السلام عطف على قوله «احتکارا للمنافع» قوله «و تحکما فی البیاعات» و البیاعات جمع معرف بالألف و اللام یفید العموم، و الاحتکار الفقهی لا ینتج هذا المعنى بل التحکم فی البیاعات و التسلط على الأسواق معنى آخر ناش عن الانحصارات التجاریه التی توجدها أرباب رءوس الأموال.
۳- ما رواه فی الوسائل بسنده عن محمد بن یعقوب، عن أبی علی الأشعری، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن أبی جعفر الفزارى قال: دعا أبو عبد الله علیه السلام مولى یقال له مصادف فأعطاه ألف دینار و قال له: تجهز حتى تخرج إلى مصر فإن عیالی قد کثروا، قال: فتجهز بمتاع و خرج مع التجار إلى مصر، فلما دنوا من مصر استقبلتهم قافله خارجه من مصر فسألوهم عن المتاع الذی معهم ما حاله فی المدینه و کان متاع العامه فأخبروهم أنه لیس بمصر منه شیء فتحالفوا و تعاقدوا على أن لا ینقصوا متاعهم من ربح الدینار دینارا، فلما قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدینه فدخل مصادف على أبی عبد الله علیه السلام و معه کیسان کل واحد ألف دینار فقال: جعلت فداک هذا رأس المال و هذا الاخر ربح، فقال: إن هذا الربح کثیر و لکن ما صنعتم فی المتاع؟ فحدثه کیف صنعوا و تحالفوا، فقال: سبحان الله تحلفون على قوم مسلمین أن لا تبیعوهم إلا بربح الدینار دینارا، ثم أخذ أحد الکیسین و قال: هذا رأس مالی و لا حاجه لنا فی هذا الربح، ثم قال: یا مصادف مجالده السیوف أهون من طلب الحلال. و قد رواه بسندین آخرین مع اختلاف یسیر.
أقول: یستفاد من هذا الحدیث أن التجار أو جدوا فی معاملتهم مع أهل مصر انحصارا و هم محتاجون على المتاع فأخذوا منهم مائه فی المائه من الربح
فلما اطلع الإمام على عملهم لم یتصرف فی هذا الربح لأنه مأخوذ من أرباب الحاجه إلى المتاع بالتحالف و إیجاد الانحصار الموضعی، و هذا هو عین ما یستعمله أصحاب الشرکات و الانحصارات فی هذا العصر و هو ما عبر عنه علی علیه السلام «باحتکار المنافع و التحکم فی البیاعات» فیستفاد من ذلک کله أن کبرى احتکار المنافع کبرى مستقله، و مغایره مع کبرى الاحتکار المعنون فی الفقه، و أنه تشریع علوی کما أن المنع عن الاحتکار فی الطعام تشریع نبوی.
فاحتکار المنافع فی مورد تحالف الشرکات و الانحصارات على أسعار معینه فی الأمتعه فیخرج وضع السوق عن طبعه المبنی على مجرد العرضه و التقاضا من دون مداخله أمر آخر فی ذلک، و حینئذ لا بد أن یداخل الحکومه و ینظر فی أمر الأسعار و یعین للأجناس سعرا عادلا یوافق مقدره الناس المحتاجین إلى هذه الأمتعه و یمنع التجار الانحصاریین عن الاجحاف بالناس فی أسعارهم الناشئه عن أهوائهم و ولعهم بجمع الأموال و الإغاره على العمال و الزراع فی مص دمائهم و أخذ اجورهم.
و أما الاحتکار الفقهی المبنی على مجرد الامتناع عن بیع الأطعمه المدخره انتظارا لارتفاع سعره فهو فی مورد لا مداخله لأرباب رءوس الأموال فی السوق و کان السوق على طبعه العادى و السعر حینئذ ینطبق على مقتضى تقاضا المبتاعین و مقدار عرضه البایعین و هو السعر الذی یلهمه الله فی قلوب أهل السوق فیتوافقون علیه کما فی حدیث الوسائل فی أبواب الاحتکار بسنده عن علی بن أبی طالب علیه السلام أنه قال: رفع الحدیث إلى رسول الله صلى الله علیه و آله، أنه مر بالمحتکرین فأمر بحکرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق و حیث تنظر الأبصار إلیها فقیل لرسول الله صلى الله علیه و آله:
لو قومت علیهم، فغضب رسول الله صلى الله علیه و آله حتى عرف الغضب فی وجهه فقال: أنا أقوم علیهم؟ إنما السعر إلى الله یرفعه إذا شاء و یخفضه إذا شاء.
فقوله علیه السلام «فامنع من الاحتکار» یرجع إلى المنع عن احتکار المنافع و إیجاد الشرکات الانحصاریه و تعلیله بأن رسول الله صلى الله علیه و آله منع الاحتکار یحتمل وجهین:
۱- أنه أخذ عن رسول الله صلى الله علیه و آله المنع عن الاحتکار المطلق بحیث یشمل احتکار المنافع و احتکار الأطعمه، فنقله عنه دلیلا على ما أمر به من المنع عن احتکار المنافع.
۲- أنه ذکر منع رسول الله صلى الله علیه و آله عن احتکار الأطعمه تنظیرا و بیانا لحکمه التشریع مع أنه لا یحکم و لا یقول إلا ما علمه رسول الله صلى الله علیه و آله.
و قد تبین مما ذکرنا أن الحق فی مسئله حق تسعیر الحاکم و عدمه، هو التفصیل بین ما إذا کان وضع السوق طبیعیا عادیا منزها عن مداخله أرباب رءوس الأموال و أطماعهم فلا یجوز للحاکم تسعیر الطعام أو المتاع الذى اجبر مالکه على عرضه للبیع و یرجع فی السعر إلى طبع السوق الملهم من طبع العرضه و التقاضا.
و أما إذا کان السوق تحت نفوذ أرباب رءوس المال و مطامعهم و حملوا علیه الانحصارات الرأسمالیه أو ما بحکمها فلا بد للحاکم من تعیین السعر العادل، کما قال علیه السلام «و لیکن البیع بیعا سمحا بموازین عدل و أسعار لا تجحف بالفریقین من البائع و المبتاع».
الترجمه
سپس در باره بازرگانان و صنعتگران سفارش خواه باش، و در باره آنان بخوبى و رعایت حال سفارش، کن، چه بازرگانان صاحب بنگاه و اقامتگاه در شهر و روستا و چه بازرگانان دوره گرد که سرمایه خود را بهمراه خود بهر شهر و دیار مى گردانند و آن صنعتگرانى که با دسترنج خود وسیله آسایش دیگران را فراهم مى سازند، زیرا آنان مایه هاى سودهاى کلان و وسائل آسایش هم نوعانند و هر کالا را از سرزمینهاى دور دست و پرتگاهها بدست مى آورند، از بیابان تو و از دریاى تو و از سرزمینهاى هموار تو و از کوهستانهایت و از آن جائى که عموم مردم با آنها سرو کارى ندارند و رفت و آمدى نمى کنند و جرئت رفتن بدان سرزمینها را ندارند.
زیرا که بازرگانان و صنعتگران مردمى سالمند و از نیرنگ و آهنگ شورش و جنگ آنان بیمى در میان نیست، مردمى صلح دوست و آرامش طلبند و از زیان آنان هراسى در میان نیست.
و باید از حال و وضع آنها بازرسى کنى چه آنکه در کنار تو و در شهر و دیار تو باشند و یا در کنارههاى دور دست کشور و محور حکمرانى تو.
و بدانکه با این حال بسیارى از آنها بسیار تنگ نظرند و گرفتار بخل و دریغى زشت و زننده و در پى انباشتن سودهاى کلانند و تسلط بر انجام همه گونه معاملات و این خود مایه زیان عموم رعایا و ننگ و نکوهش بر حکمرانانست، از احتکار غدقن کن، زیرا رسول خدا صلى الله علیه و آله از آن غدقن کرده، و باید فروش هر متاع فروشى آزاد و روا و بوسیله ترازوهاى درست و نرخهاى عادلانهاى باشد که بهیچکدام از طرفین معامله از فروشنده و خریدار ستمى نشود و هر کس پس از غدقن تو دستش باحتکار و انباشتن سود آلوده شد او را شکنجه کن و عقوبت نما و از حد مگذران
منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی
بازدیدها: ۲۱۹