حکمت ۲۶۰ صبحی صالح
۲۶۰-وَ قَالَ ( علیهالسلام )کَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَیْهِ وَ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَیْهِ وَ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِ وَ مَا ابْتَلَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَحَداً بِمِثْلِ الْإِمْلَاءِ لَهُ
قال الرضی و قد مضى هذا الکلام فیما تقدم إلا أن فیه هاهنا زیاده جیده مفیده
فصل نذکر فیه شیئا من غریب کلامه المحتاج إلى التفسیر
۱- و فی حدیثه ( علیه السلام )فَإِذَا کَانَ ذَلِکَ ضَرَبَ یَعْسُوبُ الدِّینِ بِذَنَبِهِ فَیَجْتَمِعُونَ إِلَیْهِ کَمَا یَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِیفِ
قال الرضی الیعسوب السید العظیم المالک لأمور الناس یومئذ و القزع قطع الغیم التی لا ماء فیها
۲- و فی حدیثه ( علیه السلام )هَذَا الْخَطِیبُ الشَّحْشَحُ یرید الماهر بالخطبه الماضی فیها و کل ماض فی کلام أو سیر فهو شحشح و الشحشح فی غیر هذا الموضع البخیل الممسک
۳- و فی حدیثه ( علیه السلام )إِنَّ لِلْخُصُومَهِ قُحَماً
یرید بالقحم المهالک لأنها تقحم أصحابها فی المهالک و المتالف فی الأکثر فمن ذلک قحمه الأعراب و هو أن تصیبهم السنه فتتعرق أموالهم فذلک تقحمها فیهم و قیل فیه وجه آخر و هو أنها تقحمهم بلاد الریف أی تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو
۴- و فی حدیثه ( علیه السلام )إِذَا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الْحِقَاقِ فَالْعَصَبَهُ أَوْلَى
و النص منتهى الأشیاء و مبلغ أقصاها کالنص فی السیر لأنه أقصى ما تقدر علیه الدابه و تقول نصصت الرجل عن الأمر إذا استقصیت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فیه فنص الحقاق یرید به الإدراک لأنه منتهى الصغر و الوقت الذی یخرج منه الصغیر إلى حد الکبیر و هو من أفصح الکنایات عن هذا الأمر و أغربها یقول فإذا بلغ النساء ذلک فالعصبه أولى بالمرأه من أمها إذا کانوا محرما مثل الإخوه و الأعمام و بتزویجها إن أرادوا ذلک.
و الحقاق محاقه الأم للعصبه فی المرأه و هو الجدال و الخصومه و قول کل واحد منهما للآخر أنا أحق منک بهذا یقال منه حاققته حقاقا مثل جادلته جدالا و قد قیل إن نص الحقاق بلوغ العقل و هو الإدراک لأنه ( علیهالسلام ) إنما أراد منتهى الأمر الذی تجب فیه الحقوق و الأحکام. و من رواه نص الحقائق فإنما أراد جمع حقیقه هذا معنى ما ذکره أبو عبید القاسم بن سلام.
و الذی عندی أن المراد بنص الحقاق هاهنا بلوغ المرأه إلى الحد الذی یجوز فیه تزویجها و تصرفها فی حقوقها تشبیها بالحقاق من الإبلو هی جمع حقه و حق و هو الذی استکمل ثلاث سنین و دخل فی الرابعه و عند ذلک یبلغ إلى الحد الذی یتمکن فیه من رکوب ظهره و نصه فی السیر و الحقائق أیضا جمع حقه فالروایتان جمیعا ترجعان إلى معنى واحد و هذا أشبه بطریقه العرب من المعنى المذکور أولا
۵- و فی حدیثه ( علیه السلام )إِنَّ الْإِیمَانَ یَبْدُو لُمْظَهً فِی الْقَلْبِ کُلَّمَا ازْدَادَ الْإِیمَانُ ازْدَادَتِ اللُّمْظَهُ
و اللمظه مثل النکته أو نحوها من البیاض و منه قیل فرس ألمظ إذا کان بجحفلته شیء من البیاض
۶- و فی حدیثه ( علیه السلام )إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا کَانَ لَهُ الدَّیْنُ الظَّنُونُ یَجِبُ عَلَیْهِ أَنْ یُزَکِّیَهُ لِمَا مَضَى إِذَا قَبَضَهُ
فالظنون الذی لا یعلم صاحبه أ یقبضه من الذی هو علیه أم لا فکأنه الذی یظن به فمره یرجوه و مره لا یرجوه و هذا من أفصح الکلام و کذلک کل أمر تطلبه و لا تدری على أی شیء أنت منه فهو ظنون
و على ذلک قول الأعشى
ما یجعل الجد الظنون الذی
جنب صوب اللجب الماطر
مثل الفراتی إذا ما طما
یقذف بالبوصی و الماهر
و الجد البئر العادیه فی الصحراء و الظنون التی لا یعلم هل فیها ماء أم لا
۷- و فی حدیثه ( علیه السلام )أنَّهُ شَیَّعَ جَیْشاً بِغَزْیَهٍ فَقَالَ اعْذِبُوا عَنِ النِّسَاءِ مَا اسْتَطَعْتُمْ
و معناه اصدفوا عن ذکر النساء و شغل القلب بهن و امتنعوا من المقاربه لهن لأن ذلک یفت فی عضد الحمیه و یقدح فی معاقد العزیمه و یکسر عن العدو و یلفت عن الإبعاد فی فکل من امتنع من شیء فقد عذب عنه و العاذب و العذوب الممتنع من الأکل و الشرب
۸- و فی حدیثه ( علیه السلام )کَالْیَاسِرِ الْفَالِجِ یَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزَهٍ مِنْ قِدَاحِهِ
الیاسرون هم الذین یتضاربون بالقداح على الجزور و الفالج القاهر و الغالب یقال فلج علیهم و فلجهم و قال الراجز
لما رأیت فالجا قد فلجا
۹- و فی حدیثه ( علیه السلام )کُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَیْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله علیه وآله وسلم )فَلَمْ یَکُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ
و معنى ذلک أنه إذا عظم الخوف من العدو و اشتد عضاض الحرب فزع المسلمون إلى قتال رسول الله ( صلى الله علیه وآله وسلم ) بنفسه فینزل الله علیهم النصر به و یأمنون مما کانوا یخافونه بمکانه.
و قوله إذا احمر البأس کنایه عن اشتداد الأمر و قد قیل فی ذلک أقوال أحسنها أنه شبه حمی الحرب بالنار التی تجمع الحراره و الحمره بفعلها و لونها و مما یقوی ذلک قول رسول الله ( صلى الله علیه وآله وسلم ) و قد رأى مجتلد الناس یوم حنین و هی حرب هوازن الآن حمی الوطیس فالوطیس مستوقد النار فشبه رسول الله ( صلى الله علیه وآله وسلم ) ما استحر من جلاد القوم باحتدام النار و شده التهابها
انقضى هذا الفصل و رجعنا إلى سنن الغرض الأول فی هذا الباب
حکمت 266 شرح ابن أبي الحديد ج 19
266 و منه: كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ- فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ قال معنى ذلك أنه إذا عظم الخوف من العدو- و اشتد عضاض الحرب- فزع المسلمون إلى قتال رسول الله ص بنفسه- فينزل الله تعالى النصر عليهم به- و يأمنون ما كانوا يخافونه بمكانه- . و قوله إذا احمر البأس- كناية عن اشتداد الأمر- و قد قيل في ذلك أقوال- أحسنها أنه شبه حمي الحرب- بالنار التي تجمع الحرارة و الحمرة بفعلها و لونها- و مما يقوي ذلك- قول الرسول ص و قد رأى مجتلد الناس- يوم حنين و هي حرب هوازن- الآن حمي الوطيس- و الوطيس مستوقد النار- فشبه رسول الله ص ما استحر من جلاد القوم- باحتدام النار و شدة التهابها الجيد في تفسير هذا اللفظ أن يقال- البأس الحرب نفسها قال الله تعالى- وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ- و في الكلام حذف مضاف- تقديره إذا احمر موضع البأس- و هو الأرض التي عليها معركة القوم- و احمرارها لما يسيل عليها من الدم
نبذ من غريب كلام الإمام علي و شرحه لأبي عبيد
و لما كان تفسير الرضي رحمه الله- قد تعرض للغريب من كلامه ع- و رأينا أنه لم يذكر من ذلك إلا اليسير- آثرنا أن نذكر جملة من غريب كلامه ع- مما نقله أرباب الكتب المصنفة في غريب الحديث عنه ع- . فمن ذلك ما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتابه لأن أطلي بجواء قدر أحب إلي من أن أطلي بزعفران- .
قال أبو عبيد هكذا الرواية عنه بجواء قدر- قال و سمعت الأصمعي يقول إنما هي الجئاوة- و هي الوعاء الذي يجعل القدر فيه و جمعها جياء- . قال و قال أبو عمرو يقال لذلك الوعاء جواء و جياء- قال و يقال للخرقة- التي ينزل بها الوعاء عن الأثافي جعال- . ومنها قوله ع حين أقبل يريد العراق- فأشار إليه الحسن بن علي ع أن يرجع- و الله لا أكون مثل الضبع- تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد- . قال أبو عبيد قال الأصمعي- اللدم صوت الحجر أو الشيء يقع على الأرض- و ليس بالصوت الشديد- يقال منه لدم ألدم بالكسر- و إنما قيل ذلك للضبع- لأنهم إذا أرادوا أن يصيدوها- رموا في جحرها بحجر خفيف- أو ضربوا بأيديهم فتحسبه شيئا تصيده- فتخرج لتأخذه فتصاد- و هي زعموا أنها من أحمق الدواب- بلغ من حمقها أن يدخل عليها- فيقال أم عامر نائمة أو ليست هذه- و الضبع هذه أم عامر فتسكت حتى تؤخذ- فأراد علي ع أني لا أخدع كما تخدع الضبع باللدم- .
و منهاقوله ع من وجد في بطنه رزا فلينصرف و ليتوضأ- . قال أبو عبيد قال أبو عمرو- إنما هو أرزا مثل أرز الحية- و هو دورانها و حركتها- فشبه دوران الريح في بطنه بذلك- . قال و قال الأصمعي هو الرز- يعنى الصوت في البطن من القرقرة و نحوها قال الراجز-
كان في ربابه الكبار
رز عشار جلن في عشار
و قال أبو عبيد فقه هذا الحديث- أن ينصرف فيتوضأ و يبني على صلاته ما لم يتكلم- و هذا إنما هو قبل أن يحدث- . قلت و الذي أعرفه من الأرز- أنه الانقباض لا الدوران و الحركة- يقال أرز فلان بالفتح و بالكسر- إذ تضام و تقبض من بخله فهو أروز- و المصدر أرزا و أروزا- قال رؤبة
فذاك يخال أروز الأرز
– فأضاف الاسم إلى المصدر- كما يقال عمر العدل و عمرو الدهاء- لما كان العدل و الدهاء أغلب أحوالهما- و قال أبو الأسود الدؤلي يذم إنسانا- إذا سئل أرز و إذا دعي اهتز يعني إلى الطعام- وفي الحديث أن الإسلام ليأرز إلى المدينة- كما تأرز الحية إلى جحرها- أي يجتمع إليها و ينضم بعضه إلى بعض فيها- .
و منهاقوله لئن وليت بني أمية لأنفضنهم- نفض القصاب التراب الوذمة- و قد تقدم منا شرح ذلك و الكلام فيه- . و منهاقوله في ذي الثدية المقتول بالنهروان إنه مودن اليد أو مثدن اليد أو مخدع اليد- قال أبو عبيدة قال الكسائي و غيره- المودن اليد القصير اليد- و يقال أودنت الشيء أي قصرته و فيه لغة أخرى- ودنته فهو مودون قال حسان يذم رجلا-
و أملك سوداء مودونة
كأن أناملها الحنظب
و أما مثدن اليد بالثاء فإن بعض الناس قال- نراه أخذه من الثندوة و هي أصل الثدي- فشبه يده في قصرها و اجتماعها بذلك- فإن كان من هذا فالقياس أن يقال مثند- لأن النون قبل الدال في الثندوة- إلا أن يكون من المقلوب فذاك كثير في كلامهم- . و أما مخدع اليد فإنه القصير اليد أيضا- أخذ من أخداج الناقة ولدها- و هو أن تضعه لغير تمام في خلقه- قال و قال الفراء- إنما قيل ذو الثدية فأدخلت الهاء فيها- و إنما هي تصغير ثدي و الثدي مذكر- لأنها كأنها بقية ثدي قد ذهب أكثره فقللها- كما تقول لحيمة و شحيمة فأنث على هذا التأويل- قال و بعضهم يقول ذو اليدية- قال أبو عبيد و لا أرى الأصل كان إلا هذا- و لكن الأحاديث كلها تتابعت بالثاء ذو الثدية- .
و منهاقوله ع لقوم و هو يعاتبهم- ما لكم لا تنظفون عذراتكم- قال العذرة فناء الدار- و إنما سميت تلك الحاجة عذرة لأنها بالأفنية كانت تلقى-فكنى عنها بالعذرة كما كنى عنها بالغائط- و إنما الغائط الأرض المطمئنة- و قال الحطيئة يهجو قوما-
لعمري لقد جربتكم فوجدتكم
فباح الوجوه سيئ العذرات
و منهاقوله ع لا جمعة و لا تشريق إلا في مصر جامع- قال أبو عبيد التشريق هاهنا صلاة العيد- و سميت تشريقا لإضاءة وقتها- فإن وقتها إشراق الشمس و صفاؤها و إضاءتها- وفي الحديث المرفوع من ذبح قبل التشريق فليعد- أي قبل صلاة العيد- . قال و كان أبو حنيفة يقول- التشريق هاهنا هو التكبير في دبر الصلاة- يقول لا تكبير إلا على أهل الأمصار تلك الأيام- لا على المسافرين أو من هو في غير مصر- . قال أبو عبيد و هذا كلام لم نجدا أحدا يعرفه- إن التكبير يقال له التشريق- و ليس يأخذ به أحد من أصحابه لا أبو يوسف و لا محمد- كلهم يرى التكبير على المسلمين جميعا- حيث كانوا في السفر و الحضر و في الأمصار و غيرها- .
و منهاقوله ع استكثروا من الطواف بهذا البيت- قبل أن يحال بينكم و بينه- فكأني برجل من الحبشة أصعل أصمع حمش الساقين- قاعدا عليها و هي تقدم- قال أبو عبيدة هكذا يروى أصعل- و كلام العرب المعروف صعل و هو الصغير الرأس- و كذا رءوس الحبشة و لهذا قيل للظليم صعل- و قال عنترة يصف ظليما-
صعل يلوذ بذي العشيرة بيضه
كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
قال و قد أجاز بعضهم أصعل في الصعل- و ذكر أنها لغة لا أدري عمن هي- و الأصمع الصغير الأذن و امرأة صمعاء- . و في حديث ابن عباس- أنه كان لا يرى بأسا أن يضحي بالصمعاء- و حمش الساقين بالتسكين دقيقها- .
و- منهاأن قوما أتوه برجل فقالوا- إن هذا يؤمنا و نحن له كارهون- فقال له إنك لخروط أ تؤم قوما هم لك كارهون- قال أبو عبيد- الخروط المتهور في الأمور الراكب برأسه جهلا- و منه قيل انخرط علينا فلان- أي اندرأ بالقول السيئ و الفعل- قال و فقه هذا الحديث- أنه ما أفتى ع بفساد صلاته لأنه لم يأمره بالإعادة- و لكنه كره له أن يؤم قوما هم له كارهون و منهاأن رجلا أتاه و عليه ثوب من قهز- فقال إن بني فلان ضربوا بني فلانة بالكناسة- فقال ع صدقني سن بكره- قال أبو عبيد هذا مثل تضربه العرب- للرجل يأتي بالخبر على وجهه و يصدق فيه- و يقال إن أصله أن الرجل ربما باع بعيره- فيسأل المشتري عن سنه فيكذبه- فعرض رجل بكرا له فصدق في سنه- فقال الآخر صدقني سن بكره فصار مثلا- . و القهز بكسر القاف ثياب بيض يخالطها حرير- و لا أراها عربية و قد استعملها العرب-
قال ذو الرمة يصف البزاة البيض-
من الورق أو صق كأن رءوسها
من القهز و القوهي بيض المقانع
و منهاذكر ع آخر الزمان و الفتن فقال- خير أهل ذلك الزمان كل نومة- أولئك مصابيح الهدى- ليسوا بالمسابيح و لا المذاييع البذر- و قد تقدم شرح ذلك- .
و منهاأن رجلا سافر مع أصحاب له فلم يرجع حين رجعوا- فاتهم أهله أصحابه و رفعوهم إلى شريح- فسألهم البينة على قتله فارتفعوا إلى علي ع- فأخبروه بقول شريح فقال-
أوردها سعد و سعد مشتمل
يا سعد لا تروى بهذاك الإبل
ثم قال إن أهون السقي التشريع- ثم فرق بينهم و سألهم فاختلفوا- ثم أقروا بقتلهم فقتلهم به – قال أبو عبيد هذا مثل- أصله أن رجلا أورد إبله ماء- لا تصل إليه الإبل إلا بالاستقاء- ثم اشتمل و نام و تركها لم يستسق لها- و الكلمة الثانية مثل أيضا- يقول إن أيسر ما كان ينبغي أن يفعل بالإبل- أن يمكنها من الشريعة و يعرض عليها الماء- يقول أقل ما كان يجب على شريح- أن يستقصي في المسألة و البحث عن خبر الرجل- و لا يقتصر على طلب البينة- .
و منهاقوله و قد خرج على الناس- و هم ينتظرونه للصلاة قياما- ما لي أراكم سامدين- قال أبو عبيد أي قائمين- و كل رافع رأسه فهو سامد- و كانوا يكرهون أن ينتظروا الإمام قياما و لكن قعودا- و السامد في غير هذا الموضع اللاهي اللاعب- و منه قوله تعالى وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ- و قيل السمود الغناء بلغة حمير- .
و منهاأنه خرج فرأى قوما يصلون قد سدلوا ثيابهم- فقال كأنهم اليهود خرجوا من فهرهم- قال أبو عبيد فهرهم بضم الفاء- موضع مدراسهم الذي يجتمعون فيه كالعيد- يصلون فيه و يسدلون ثيابهم- و هي كلمة نبطية أو عبرانية- أصلها بهر بالباء فعربت بالفاء- . و السدل إسبال الرجل ثوبه- من غير أن يضم جانبيه بين يديه- فإن ضمه فليس بسدل- و قد رويت فيه الكراهة عن النبي ص- .
و منهاأن رجلا أتاه في فريضة و عنده شريح- فقال أ تقول أنت فيها أيها العبد الأبظر- قال أبو عبيد هو الذي في شفته العليا طول- و نتوء في وسطها محاذي الأنف- قال و إنما نراه قال لشريح أيها العبد- لأنه كان قد وقع عليه سبي في الجاهلية- .
و منهاأن الأشعث قال له و هو على المنبر- غلبتنا عليك هذه الحمراء- فقال ع من يعذرني من هؤلاء الضياطرة- يتخلف أحدهم يتقلب على فراشه و حشاياه كالعير- و يهجر هؤلاء للذكر أ أطردهم- إني إن طردتهم لمن الظالمين و الله لقد سمعته يقول- و الله ليضربنكم على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا- قال أبو عبيد الحمراء العجم و الموالي- سموا بذلك لأن الغالب على ألوان العرب السمرة- و الغالب على ألوان العجم البياض و الحمرة- و الضياطرة الضخام الذين لا نفع عندهم و لا غناء- واحدهم ضيطار- .
و منهاقوله ع اقتلوا الجان ذا الطفيتين و الكلب الأسود ذا الغرتين- قال أبو عبيد الجان حية بيضاء- و الطفية في الأصل خوصة المقل و جمعها طفي- ثم شبهت الخطتان على ظهر الحية بطفيتين- و الغرة البياض في الوجه
نبذ من غريب كلام الإمام علي و شرحه لابن قتيبة
و قد ذكر ابن قتيبة- في غريب الحديث له ع كلمات أخرى- فمنهاقوله من أراد البقاء و لا بقاء فليباكر الغداء- و ليخفف الرداء و ليقل غشيان النساء- فقيل له يا أمير المؤمنين و ما خفة الرداء في البقاء- فقال الدين-قال ابن قتيبة قوله الرداء الدين- مذهب في اللغة حسن جيد و وجه صحيح- لأن الدين أمانة و أنت تقول- هو لك علي و في عنقي حتى أؤديه إليك- فكأن الدين لازم للعنق- و الرداء موضعه صفحتا العنق- فسمى الدين رداء و كنى عنه به و قال الشاعر-
إن لي حاجة إليك فقالت
بين أذني و عاتقي ما تريد
يريد بقوله بين أذني و عاتقي ما تريد في عنقي- و المعنى أني قد ضمنته فهو علي- و إنما قيل للسيف رداء لأن حمالته تقع موقع الرداء- و هو في غير هذا الموضع العطاء- يقال فلان غمر الرداء أي واسع العطاء- قال و قد يجوز أن يكون كنى بالرداء عن الظهر- لأنه يقع عليه يقول فليخفف ظهره و لا يثقله بالدين- كما قال الآخر خماص الأزر يريد خماص البطون- . و قال و بلغني نحو هذا الكلام عن أبي عبيد- قال قال فقيه العرب من سره النساء و لا نساء- فليبكر العشاء و ليباكر الغداء- و ليخفف الرداء و ليقل غشيان النساء- قال فالنسء التأخير- و منه إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ- . و قوله فليبكر العشاء أي فليؤخره-
قال الشاعر
فأكريت العشاء إلى سهيل
و يجوز أن يريد فلينقص العشاء-
قال الشاعر
و الطل لم يفضل و لم يكر
و منهاأنه أتي ع بالمال- فكوم كومة من ذهب و كومة من فضة- فقال يا حمراء و يا بيضاء احمري و ابيضي و غري غيري-
هذا جناي و خياره فيه
و كل جان يده إلى فيه
قال ابن قتيبة هذا مثل ضربه- و كان الأصمعي يقوله و هجانه فيه أي خالصه- و أصل المثل لعمرو بن عدي ابن أخت جذيمة الأبرش- كان يجني الكمأة مع أتراب له- فكان أترابه يأكلون ما يجدون- و كان عمرو يأتي به خاله و يقول هذا القول- . و منها حديث أبي جأب قال جاء عمي من البصرة يذهب بي و كنت عند أمي- فقالت لا أتركك تذهب به- ثم أتت عليا ع فذكرت ذلك له- فجاء عمي من البصرة فقال- نعم و الله لأذهبن به و إن رغم أنفك- فقال علي ع كذبت و الله و ولقت- ثم ضرب بين يديه بالدرة- . قال ولقت مثل كذبت و كذلك ولعت بالعين- و كانت عائشة تقرأ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ-
و قال الشاعر-
و هن من الأحلاف و الولعان
يعني النساء أي من أهل الأحلاف- .
و منهاقوله ع إن من ورائكم أمورا متماحلة ردحا- و بلاء مكلحا مبلحا قال ابن قتيبة المتماحلة الطوال- يعني فتنا يطول أمرها و يعظم- و يقال رجل متماحل و سبسب متماحل- و الردح جمع رداح و هي العظيمة- يقال للكتيبة إذا عظمت رداح- و يقال للمرأة العظيمة العجيزة رداح- . قال و منه حديث أبي موسى- و قيل له زمن علي و معاوية أ هي أ هي- فقال إنما هذه الفتنة حيضة من حيضات الفتن- و بقيت الرداح المظلمة التي من أشرف أشرفت له- . و مكلحا أي يكلح الناس بشدتها- يقال كلح الرجل و أكلحه الكلحة الهم- و المبلح من قولهم بلح الرجل إذا انقطع من الإعياء- فلم يقدر على أن يتحرك و أبلحه السير-
و قال الأعشى
و اشتكى الأوصال منه و بلح
و منهاقوله ع يوم خيبر
أنا الذي سمتن أمي حيدرة
كليث غابات كريه المنظرة
أفيهم بالصاع كيل السندرة
قال ابن قتيبة كانت أم علي ع سمته- و أبو طالب غائب حين ولدته أسدا- باسم أبيها أسد بن هاشم بن عبد مناف- فلما قدم أبو طالب غير اسمه و سماه عليا- و حيدرة اسم من أسماء الأسد- و السندرة شجرة يعمل منها القسي و النبل- قال
حنوت لهم بالسندري المؤثر
– فالسندرة في الرجز- يحتمل أن تكون مكيالا يتخذ من هذه الشجرة- سمي باسمها كما يسمى القوس بنبعة- قال و أحسب إن كان الأمر كذلك- أن الكيل بها قد كان جزافا فيه إفراط- قال و يحتمل أن تكون السندرة هاهنا امرأة- كانت تكيل كيلا وافيا أو رجلا- .
و منهاقوله ع من يطل أير أبيه يتمنطق به- قال ابن قتيبة هذا مثل ضربه- يريد من كثرت إخوته عز و اشتد ظهره- و ضرب المنطقة إذا كانت تشد الظهر مثلا لذلك-
قال الشاعر
فلو شاء ربي كان أير أبيكم
طويلا كأير الحارث بن سدوس
– قيل كان للحارث بن سدوس أحد و عشرون ذكرا- و كان ضرار بن عمرو الضبي يقول- ألا إن شر حائل أم فزوجوا الأمهات- و ذلك أنه صرع فأخذته الرماح- فاشتبك عليه إخوته لأمه حتى خلصوه- . قال فأما المثل الآخر و هو قولهم- من يطل ذيله يتمنطق به- فليس من المثل الأول في شيء- و إنما معناه من وجد سعة وضعها في غير موضعها- و أنفق في غير ما يلزمه الإنفاق فيه- .
و منها قوله خير بئر في الأرض زمزم- و شر بئر في الأرض برهوت – . قال ابن قتيبة- هي بئر بحضرموت يروى أن فيها أرواح الكفار- . قال و قد ذكر أبو حاتم عن الأصمعي- عن رجل من أهل حضرموت قال- نجد فيها الرائحة المنتنة الفظيعة جدا- ثم نمكث حينا- فيأتينا الخبر بأن عظيما من عظماء الكفار قد مات- فنرى أن تلك الرائحة منه- قال و ربما سمع منها مثل أصوت الحاج- فلا يستطيع أحد أن يمشي بها
و منها قوله ع أيما رجل تزوج امرأة مجنونة- أو جذماء أو برصاء أو بها قرن- فهي امرأته إن شاء أمسك و إن شاء طلق- قال ابن قتيبة القرن بالتسكين العفلة الصغيرة- و منه حديث شريح أنه اختصم إليه في قرن بجارية- فقال أقعدوها فإن أصاب الأرض فهو عيب- و إن لم يصب الأرض فليس بعيب- .
و منهاقوله ع لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة- إلا طعن في نيطه- قال ابن قتيبة الضرمة النار- و ما بالدار نافخ ضرمة أي ما بها أحد- . قال و قال أبو حاتم عن أبي زيد- طعن فلان في نيطه أي في جنازته- و من ابتدأ في شيء أو دخل فيه فقد طعن فيه- قال و يقال النيط الموت رماه الله بالنيط- قال و قد روي إلا طعن بضم الطاء- و هذا الراوي يذهب إلى أن النيط نياط القلب- و هي علاقته التي يتعلق بها- فإذا طعن إنسان في ذلك المكان مات- .
و منها قوله ع إن الله أوحى إلى إبراهيم ع- أن ابن لي بيتا في الأرض- فضاق بذلك ذرعا- فأرسل الله إليه السكينة و هي ريح خجوج- فتطوقت حول البيت كالحجفة – و قال ابن قتيبة الخجوج من الرياح السريعة المرور-
و يقال أيضا خجوجاء قال ابن أحمر-
هوجاء رعبلة الرواح خجوجاة
الغدو رواحها شهر
قال و هذا مثل حديث علي ع الآخر- و هوأنه قال السكينة لها وجه كوجه الإنسان- و هي بعد ريح هفافة- أي خفيفة سريعة و الحجفة الترس- . و منهاأن مكاتبا لبعض بني أسد قال- جئت بنقد أجلبه إلى الكوفة- فانتهيت به إلى الجسر فإني لأسربه عليه- إذا أقبل مولى لبكر بن وائل يتخلل الغنم ليقطعها- فنفرت نقدة- فقطرت الرجل في الفرات فغرق فأخذت- فارتفعنا إلى علي ع فقصصنا عليه القصة- فقال انطلقوا فإن عرفتم النقدة بعينها فادفعوها إليهم- و إن اختلطت عليكم فادفعوا شرواها من الغنم إليهم- قال ابن قتيبة النقد غنم صغار الواحدة نقدة- و منه قولهم في المثل أذل من النقد- . و قوله أسربه أي أرسله قطعة قطعة- و شرواها مثلها- .
و منهاقوله ع في ذكر المهدي من ولد الحسين ع- قال إنه رجل أجلى الجبين أقنى الأنف- ضخم البطن أربل الفخذين- أفلج الثنايا بفخذه اليمنى شامة- . قال ابن قتيبة الأجلى و الأجلح شيء واحد- و القنا في الأنف طوله و دقة أرنبته و حدب في وسطه- و الأربل الفخذين المتباعد ما بينهما و هو كالأفحج- تربل الشيء أي انفرج و الفلج صفرة في الأسنان- .
و منها قوله ع إن بني أمية لا يزالون يطعنون في مسجل ضلالة- و لهم في الأرض أجل- حتى يهريقوا الدم الحرام في الشهر الحرام- و الله لكأني أنظر إلى غرنوق من قريش يتخبط في دمه- فإذا فعلوا ذلك لم يبق لهم في الأرض عاذر- و لم يبق لهم ملك على وجه الأرض- قال ابن قتيبة هو من قولك ركب فلان مسجله- إذا جد في أمر هو فيه كلاما كان أو غيره- و هو من السجل و هو الصب و الغرنوق الشاب- .
قلت و الغرنوق القرشي الذي قتلوه- ثم انقضى أمرهم عقيب قتله إبراهيم الإمام- و قد اختلفت الرواية في كيفية قتله- فقيل قتل بالسيف- و قيل خنق في جراب فيه نورة- و حديث أمير المؤمنين ع يسند الرواية الأولى- .
و منهاما روي أنه اشترى قميصا بثلاثة دراهم ثم قال- الحمد لله الذي هذا من رياشه- قال ابن قتيبة الريش و الرياش واحد- و هو الكسوة قال عز و جل- قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً و قرئ و رياشا- . و منها قوله ع لا قود إلا بالأسل- قال ابن قتيبة هو ما أرهف و أرق من الحديد- كالسنان و السيف و السكين- و منه قيل أسلة الذراع لما استدق منه- قال و أكثر الناس على هذا المذهب-و قوم من الناس يقولون- قد يجوز أن القود بغير الحديد كالحجر و العصا- إن كان المقتول قتل بغير ذلك- .
و منهاأنه ع رأى رجلا في الشمس- فقال قم عنها فإنها مبخرة مجفرة- و تثقل الريح و تبلي الثوب و تظهر الداء الدفين- قال ابن قتيبة مبخرة تورث البخر في الفم- و مجفرة تقطع عن النكاح و تذهب شهوة الجماع- يقال جفر الفحل عن الإبل- إذا أكثر الضراب حتى يمل و ينقطع- و مثله قذر و تقذر قذورا و مثله أقطع فهو مقطع- .
و جاءفي الحديث أن عثمان بن مظعون قال- يا رسول الله إني رجل تشق علي العزبة في المغازي- أ فتأذن لي في الخصاء- قال لا و لكن عليك بالصوم فإنه مجفر- قال و قد روى عبد الرحمن عن الأصمعي عمه- قال تكلم أعرابي فقال- لا تنكحن واحدة فتحيض إذا حاضت- و تمرض إذا مرضت- و لا تنكحن اثنتين فتكون بين ضرتين- و لا تنكحن ثلاثا فتكون بين أثاف- و لا تنكحن أربعا فيفلسنك و يهرمنك- و ينحلنك و يجفرنك- فقيل له لقد حرمت ما أحل الله- فقال سبحان الله- كوزان و قرصان و طمران و عبادة الرحمن- و قوله تثفل الريح أي تنتنها- و الاسم الثفل و منه الحديث و ليخرجن ثفلات- و الداء الدفين المستتر الذي قد قهرته الطبيعة- فالشمس تعينه على الطبيعة و تظهره- .
و منهاقوله ع و هو يذكر مسجد الكوفة في زاويته- فار التنور و فيه هلك يغوث و يعوق- و هو الفاروق و منه يستتر جبل الأهواز- و وسطه على روضة منرياض الجنة- و فيه ثلاث أعين أنبتت بالضغث- تذهب الرجس و تطهر المؤمنين- عين من لبن و عين من دهن و عين من ماء- جانبه الأيمن ذكر و في جانبه الأيسر مكر- و لو يعلم الناس ما فيه من الفضل لأتوه و لو حبوا- .
قال ابن قتيبة قوله أنبتت بالضغث- أحسبه الضغث الذي ضرب أيوب أهله- و العين التي ظهرت لما ركض الماء برجله- قال و الباء في بالضغث زائدة- تقديره أنبتت الضغث- كقوله تعالى تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ- و كقوله يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ- . و أما قوله في جانبه الأيمن ذكر فإنه يعني الصلاة- و في جانبه الأيسر مكر- أراد به المكر به حتى قتل ع في مسجد الكوفة- .
و منهاأن رسول الله ص بعث أبا رافع مولاه- يتلقى جعفر بن أبي طالب لما قدم من الحبشة- فأعطاه علي ع حتيا و عكة سمن و قال له- أنا أعلم بجعفر أنه إن علم ثراه مرة واحدة ثم أطعمه- فادفع هذا السمن إلى أسماء بنت عميس- تدهن به بني أخي من صمر البحر و تطعمهم من الحتي- . قال ابن قتيبة الحتي سويق يتخذ من المقل-
قال الهذلي يذكر أضيافه-
لا در دري أن أطعمت نازلكم
قرف الحتي و عندي البر مكنوز
و قوله ثراه مرة أي بلة دفعة واحدة و أطعمه الناس- و الثرى الندا- و صمر البحر نتنه و غمقه و منه قيل للدبر الصمارى- . و منها قوله ع يوم الشورى لما تكلم الحمد لله الذي اتخذ محمدا منا نبيا- و ابتعثه إلينا رسولا- فنحن أهل بيت النبوة و معدن الحكمة- أمان لأهل الأرض و نجاة لمن طلب- إن لنا حقا إن نعطه نأخذه- و إن نمنعه نركب أعجاز الإبل و إن طال السرى- لو عهد إلينا رسول الله ص عهدا- لجالدنا عليه حتى نموت- أو قال لنا قولا لأنفذنا قوله على رغمنا- لن يسرع أحد قبلي إلى صلة رحم و دعوة حق- و الأمر إليك يا ابن عوف على صدق النية و جهد النصح- و أستغفر الله لي و لكم- قال ابن قتيبة أي أن معناه ركبنا مركب الضيم و الذل- لأن راكب عجز البعير يجد مشقة- لا سيما إذا تطاول به الركوب على تلك الحال- و يجوز أن يكون أراد- نصبر على أن نكون أتباعا لغيرنا- لأن راكب عجز البعير يكون ردفا لغيره- .
و منهاقوله ع لما قتل ابن آدم أخاه غمص الله الخلق و نقص الأشياء- قال ابن قتيبة يقال غمصت فلانا أغمصه و اغتمصته- إذا استصغرته و احتقرته- قال و معنى الحديث أن الله تعالى نقص الخلق- من عظم الأبدان و طولها- من القوة و البطش و طول العمر و نحو ذلك و منها أن سلامة الكندي قال كان علي ع يعلمنا الصلاة على رسول الله ص فيقول- اللهم داحي المدحوات و بارئ المسموكات- و جبار القلوب على فطراتها شقيها و سعيدها- اجعل شرائف صلواتك و نوامي بركاتك- و رأفة تحياتك على محمد عبدك و رسولك- الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق- و المعلن الحق بالحق و الدامغ جيشات الأباطيل- كما حملته فاضطلع بأمرك لطاعتك- مستوفزا في مرضاتك- لغير نكل في قدم و لا وهن في عزم- داعيا لوحيك حافظا لعهدك- ماضيا على نفاذ أمرك حتى أورى قبسا لقابس- آلاء الله تصل بأهله أسبابه به- هديت القلوب بعد خوضات الفتن و الإثم- موضحات الأعلام و نائرات الأحكام و منيرات الإسلام- فهو أمينك المأمون و خازن علمك المخزون- و شهيدك يوم الدين- و بعيثك نعمة و رسولك بالحق رحمة- اللهم افسح له مفسحا في عدلك- و اجزه مضاعفات الخير من فضلك- مهنآت غير مكدرات- من فوز ثوابك المحلول و جزل عطائك المعلول- اللهم أعل على بناء البانين بناءه- و أكرم مثواه لديك و نزله و أتمم له نوره- و اجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة مرضي المقالة- ذا منطق عدل و خطة فصل و برهان عظيم- .
قال ابن قتيبة داحي المدحوات أي باسط الأرضين- و كان الله تعالى خلقها ربوة ثم بسطها- قال سبحانه وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها- و كل شيء بسطته فقد دحوته- و منه قيل لموضع بيض النعامة أدحي- لأنها تدحوه للبيض أي توسعه و وزنه أفعول- و بارئ المسموكات خالق السموات- و كل شيء رفعته و أعليته فقد سمكته- و سمك البيت و الحائط ارتفاعه قال الفرزدق-
إن الذي سمك السماء بنى لنا
بيتا دعائمه أعز و أطول
و قوله جبار القلوب على فطراتها- من قولك جبرت العظم فجبر- إذا كان مكسورا فلأمته و أقمته- كأنه أقام القلوب و أثبتها على ما فطرها عليه- من معرفته و الإقرار به شقيها و سعيدها- قال و لم أجعل إجبارا هاهنا- من أجبرت فلانا على الأمر إذا أدخلته فيه كرها و قسرته- لأنه لا يقال من أفعل فعال- لا أعلم ذلك إلا أن بعض القراء قرأ- أهديكم سبيل الرشاد بتشديد الشين- و قال الرشاد الله فهذا فعال من أفعل- و هي قراءة شاذة غير مستعملة- فأما قول الله عز و جل وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ- فإنه أراد و ما أنت عليهم بمسلط تسليط الملوك- و الجبابرة الملوك و اعتبار ذلك قوله- لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ أي بمتسلط تسلط الملوك- فإن كان يجوز أن يقال من أجبرت فلانا على الأمر- أنا جبار له و كان هذا محفوظا- فقد يجوز أن يجعل قول علي ع- جبار القلوب من ذلك و هو أحسن في المعنى- .
و قوله الدامغ جيشات الأباطيل- أي مهلك ما نجم و ارتفع من الأباطيل- و أصل الدمغ من الدماغ- كأنه الذي يضرب وسط الرأس- فيدمغه أي يصيب الدماغ منه و منه قول الله عز و جل- بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ- أي يبطله و الدماغ مقتل فإذا أصيب هلك صاحبه- . و جيشات مأخوذ من جاش الشيء أي ارتفع- و جاش الماء إذا طمى و جاشت النفس- . و قوله كما حمل فاضطلع- افتعل من الضلاعة و هي القوة- .
و قوله لغير نكل في قدم- النكل مصدر و هو النكول- يقال نكل فلان عن الأمر ينكل نكولا- فهذا المشهور و نكل بالكسر ينكل نكلا قليلة- . و القدم التقدم- قال أبو زيد رجل مقدام إذا كان شجاعا- فالقدم يجوز أن يكون بمعنى التقدم و بمعنى المتقدم- . قوله و لا وهن في عزم أي و لا ضعف في رأي- . و قوله حتى أورى قبسا لقابس- أي أظهر نورا من الحق- يقال أوريت النار إذا قدحت ما ظهر بها- قال سبحانه أَ فَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ- .
و قوله آلاء الله تصل بأهله أسبابه- يريد نعم الله تصل بأهل ذلك القبس- و هو الإسلام و الحق سبحانه- أسبابه و أهله المؤمنون به- . قلت تقدير الكلام حتى أورى قبسا لقابس- تصل أسباب ذلك القبس آلاء الله و نعمه بأهله المؤمنين به- و اعلم أن اللام في لغير نكل- متعلقة بقوله مستوفزا- أي هو مستوفز لغير نكول- بل للخوف منك و الخضوع لك- .
قال ابن قتيبة- قوله ع به هديت القلوب بعد الكفر- و الفتن موضحات الأعلام- أي هديته لموضحات الأعلام- يقال هديت الطريق و للطريق و إلى الطريق- . و قوله نائرات الأحكام و منيرات الإسلام- يريد الواضحات البينات- يقال نار الشيء و أنار إذا وضح- . و قوله شهيدك يوم الدين- أي الشاهد على الناس يوم القيامة- و بعيثك رحمة أي مبعوثك فعيل في معنى مفعول- .
و قوله افسح له مفسحا أي أوسع له سعة- و روي مفتسحا بالتاء- قوله في عدلك أي في دار عدلك- يعني يوم القيامة- و من رواه عدنك بالنون أراد جنة عدن- . و قوله من جزل عطائك المعلول من العلل- و هو الشرب بعد الشرب- فالشرب الأول نهل و الثاني علل- يريد أن عطاءه عز و جل مضاعف- كأنه يعل عباده أي يعطيهم عطاء بعد عطاء- . و قوله أعل على بناء البانين بناءه- أي ارفع فوق أعمال العاملين عمله- و أكرم مثواه أي منزلته من قولك- ثويت بالمكان أي نزلته و أقمت به- و نزله رزقه- . و نحن قد ذكرنا بعض هذه الكلمات فيما تقدم- على رواية الرضي رحمه الله و هي مخالفة لهذه الرواية- و شرحنا ما رواه الرضي- و ذكرنا الآن ما رواه ابن قتيبة و شرحه- لأنه لا يخلو من فائدة جديدة- .
و منهاقوله ع خذ الحكمة أنى أتتك- فإن الكلمة من الحكمة تكون في صدر المنافق- فتلجلج في صدره حتى تسكن إلى صاحبها- . قال ابن قتيبة يريد الكلمة قد يعلمها المنافق- فلا تزال تتحرك في صدره و لا تسكن- حتى يسمعها منه المؤمن أو العالم- فيعيها و يثقفها و يفقهها منه- فتسكن في صدره إلى أخواتها من كلم الحكمة- .
و منها قوله ع البيت المعمور نتاق الكعبة من فوقها- . قال ابن قتيبة- نتاق الكعبة أي مظل عليها من فوقها- من قول الله سبحانهوَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ- أي زعزع فأظل عليهم- .
و منهاقوله ع أنا قسيم النار قال ابن قتيبة أراد أن الناس فريقان- فريق معي فهم على هدى- و فريق علي فهم على ضلالة كالخوارج- و لم يجسر ابن قتيبة أن يقول و كأهل الشام- يتورع يزعم ثم إن الله أنطقه بما تورع عن ذكره- فقال متمما للكلام بقوله فأنا قسيم النار- نصف في الجنة معي و نصف في النار- قال و قسيم في معنى مقاسم- مثل جليس و أكيل و شريب- . قلت قد ذكر أبو عبيد الهروي هذه الكلمة- في الجمع بين الغريبين- قال و قال قوم إنه لم يرد ما ذكره- و إنما أراد هو قسيم النار و الجنة يوم القيامة حقيقة- يقسم الأمة فيقول هذا للجنة و هذا للنار
خطبة منسوبة للإمام علي خالية من حرف الألف
و أنا الآن أذكر من كلامه الغريب- ما لم يورده أبو عبيد و ابن قتيبة في كلامهما- و أشرحه أيضا و هي خطبة رواها كثير من الناس له ع خالية من حرف الألف
قالوا تذاكر قوم من أصحاب رسول الله ص- أي حروف الهجاء أدخل في الكلام- فأجمعوا على الألف فقال علي ع- حمدت من عظمت منته و سبغت نعمته- و سبقت غضبه رحمته- و تمت كلمته و نفذت مشيئته و بلغت قضيته- حمدته حمد مقر بربوبيته متخضع لعبوديته- متنصل من خطيئته متفرد بتوحيده- مؤمل منه مغفرة تنجيه يوم يشغل عن فصيلته و بنيه- و نستعينه و نسترشده و نستهديه- و نؤمن به و نتوكل عليه- و شهدت له شهود مخلص موقن- و فردته تفريد مؤمن متيقن- و وحدته توحيد عبد مذعن- ليس له شريك في ملكه- و لم يكن له ولي في صنعه- جل عن مشير و وزير- و عن عون معين و نصير و نظير- علم فستر و بطن فخبر- و ملك فقهر و عصي فغفر- و حكم فعدل لم يزل و لن يزول- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ- و هو بعد كل شيء رب متعزز بعزته- متمكن بقوته متقدس بعلوه متكبر بسموه- ليس يدركه بصر و لم يحط به نظر- قوي منيع بصير سميع رءوف رحيم- عجز عن وصفه من يصفه و ضل عن نعته من يعرفه قرب فبعد و بعد فقرب- يجيب دعوة من يدعوه و يرزقه و يحبوه- ذو لطف خفي و بطش قوي- و رحمة موسعة و عقوبة موجعة- رحمته جنة عريضة مونقة- و عقوبته جحيم ممدودة موبقة- و شهدت ببعث محمد رسوله و عبده و صفيه- و نبيه و نجيه و حبيبه و خليله- بعثه في خير عصر و حين فترة و كفر- رحمة لعبيده و منة لمزيده- ختم به نبوته و شيد به حجته- فوعظ و نصح و بلغ و كدح- رءوف بكل مؤمن- رحيم سخي رضي ولي زكي- عليه رحمة و تسليم و بركة و تكريم- من رب غفور رحيم قريب مجيب- وصيتكم معشر من حضرني بوصية ربك- و ذكرتكم بسنة نبيكم- فعليكم برهبة تسكن قلوبكم- و خشية تذري دموعكم- و تقية تنجيكم قبل يوم تبليكم و تذهلكم- يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته- و خف وزن سيئته و لتكن مسألتكم و تملقكم- مسألة ذل و خضوع و شكر و خشوع- بتوبة و تورع و ندم و رجوع- و ليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه- و شبيبته قبل هرمه و سعته قبل فقره- و فرغته قبل شغله و حضره قبل سفره- قبل تكبر و تهرم و تسقم- يمله طبيبه و يعرض عنه حبيبه- و ينقطع غمده و يتغير عقله- ثم قيل هو موعوك و جسمه منهوك- ثم جد في نزع شديد- و حضره كل قريب و بعيد- فشخص بصره و طمح نظره- و رشح جبينه و عطف عرينه- و سكن حنينه و حزنته نفسه- و بكته عرسه و حفر رمسه- و يتم منه ولده و تفرق منه عدده- و قسم جمعه و ذهب بصره و سمعه- و مدد و جرد و عري و غسل- و نشف و سجي و بسط له و هيئ- و نشر عليه كفنه و شد منه ذقنه- و قمص و عمم و ودع و سلم- و حمل فوق سرير و صلي عليه بتكبير- و نقل من دور مزخرفة- و قصور مشيدة و حجر منجدة- و جعل في ضريح ملحود و ضيق مرصود- بلبن منضود مسقف بجلمود- و هيل عليه حفره و حثي عليه مدره- و تحقق حذره و نسي خبره- و رجع عنه وليه و صفيه و نديمه و نسيبه- و تبدل به قرينه و حبيبه- فهو حشو قبر و رهين قفر- يسعى بجسمه دود قبره و يسيل صديده من منخره- يسحق تربه لحمه و ينشف دمه- و يرم عظمه حتى يوم حشره- فنشر من قبره حين ينفخ في صور- و يدعى بحشر و نشور- فثم بعثرت قبور و حصلت سريرة صدور- و جيء بكل نبي و صديق و شهيد- و توحد للفصل قدير بعبده خبير بصير- فكم من زفرة تضنيه و حسرة تنضيه- في موقف مهول و مشهد جليل- بين يدي ملك عظيم- و بكل صغير و كبير عليم- فحينئذ يلجمه عرقه و يحصره قلقه- عبرته غير مرحومة و صرخته غير مسموعة- و حجته غير مقولة- زالت جريدته و نشرت صحيفته- نظر في سوء عمله- و شهدت عليه عينه بنظره- و يده ببطشه و رجله بخطوه- و فرجه بلمسه و جلده بمسه- فسلسل جيده و غلت يده- و سيق فسحب وحده- فورد جهنم بكرب و شدة- فظل يعذب في جحيم- و يسقى شربة من حميم- تشوي وجهه و تسلخ جلده- و تضربه زبنية بمقمع من حديد- و يعود جلده بعد نضجه كجلد جديد- يستغيث فتعرض عنه خزنة جهنم- و يستصرخ فيلبث حقبة يندم- . نعوذ برب قدير من شر كل مصير- و نسأله عفو من رضي عنه و مغفرة من قبله- فهو ولي مسألتي و منجح طلبتي- فمن زحزح عن تعذيب ربه- جعل في جنته بقربه- و خلد في قصور مشيدة- و ملك بحور عين و حفدة- و طيف عليه بكئوس- أسكن في حظيرة قدوس- و تقلب في نعيم و سقي من تسنيم- و شرب من عين سلسبيل و مزج له بزنجبيل- مختم بمسك و عبير مستديم للملك- مستشعر للسرر يشرب من خمور- في روض مغدق- ليس يصدع من شربه و ليس ينزف- .
هذه منزلة من خشي ربه- و حذر نفسه معصيته- و تلك عقوبة من جحد مشيئته- و سولت له نفسه معصيته- فهو قول فصل و حكم عدل- و خبر قصص قص و وعظ نص- تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ- نزل به روح قدس مبين- على قلب نبي مهتد رشيد- صلت عليه رسل سفرة مكرمون بررة- عذت برب عليم رحيم كريم- من شر كل عدو لعين رجيم- فليتضرع متضرعكم و ليبتهل مبتهلكم- و ليستغفر كل مربوب منكم لي و لكم- و حسبي ربي وحده
فصيلة الرجل رهطه الأدنون- و كدح سعى سعيا فيه تعب- و فرغته الواحدة من الفراغ- تقول فرغت فرغة كقولك ضربت ضربة- و سجى الميت بسط عليه رداء- و نشر الميت من قبره بفتح النون و الشين- و أنشره الله تعالى- . و بعثرت قبور انتثرت و نبشت- . قوله و سيق بسحب وحده- لأنه إذا كان معه غيره كان كالمتأسي بغيره- فكان أخف لألمه و عذابه- و إذا كان وحده كان أشد ألما و أهول- و روي فسيق يسحب وحده- و هذا أقرب إلى تناسب الفقرتين- و ذاك أفخم معنى- . و زبنية على وزن عفرية واحد الزبانية- و هم عند العرب الشرط- و سمي بذلك بعض الملائكة- لدفعهم أهل النار إليها كما يفعل الشرط في الدنيا- و من أهل اللغة من يجعل واحد الزبانية زباني- و قال بعضهم زابن- و منهم من قال هو جمع لا واحد له- نحو أبابيل و عباديد- و أصل الزبن في اللغة الدفع- و منه ناقة زبون تضرب حالبها و تدفعه- .
و تقول ملك زيد بفلانة بغير ألف- و الباء هاهنا زائدة كما زيدت في كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً- و إنما حكمنا بزيادتها لأن العرب تقول- ملكت أنا فلانة أي تزوجتها- و أملكت فلانة بزيد أي زوجتها به- فلما جاءت الباء هاهنا- و لم يكن بد من إثبات الألف لأجل مجيئها- جعلناها زائدة و صار تقديره و ملك حورا عينا- . و قال المفسرون في تسنيم- إنه اسم ماء في الجنة سمي بذلك- لأنه يجري من فوق الغرف و القصور- . و قالوا في سلسبيل إنه اسم عين في الجنة ليس ينزف- و لا يخمر كما يخمر شارب الخمر في الدنيا- . انقضى هذا الفصل- ثم رجعنا إلى سنن الغرض الأول
ترجمه فارسی شرح ابن ابی الحدید
حكمت (266)
و منه: كنّا اذا احمرّ البأس اتقينا برسول الله فلم يكن احد منا اقرب الى العدو منه. قال: معنى ذلك انّه اذا عظم الخوف من العدو، و اشتدّ عضاض الحرب فزع المسلمون الى قتال رسول الله صلّى اللّه عليه و آله بنفسه، فينزل الله تعالى النصر عليهم به، و يأمنون ما كانوا يخافونه بمكانه. و قوله: «اذا احمرّ الباس»: كناية عن اشتداد الامر، و قد قيل فى ذلك اقوال، احسنها انّه شبّه حمى الحرب بالنار التى تجمع الحراره و الحمرة بفعلها و لونها، و ممّا يقوىّ ذلك قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله و قد راى مجتلد الناس يوم حنين و هى حرب هوازن: «الان حمى الوطيس»، و الوطيس: مستوقد النار، فشبّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما استحرّ من جلاد القوم باحتدام النّار و شدة التهابها.
«و از جمله حديث آن حضرت است كه چون كارزار سخت مى شد ما به رسول خدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم پناه مى برديم و هيچ يك از ما به دشمن نزديكتر از وى نبود.» سيد رضى مى گويد: معنى آن اين است كه چون بيم از دشمن بسيار مى شد و جنگ به سختى دندان نشان مى داد، مسلمانان به رسول خدا پناه مى بردند و به جنگ كردن آن حضرت به تن خويش دل مى بستند و خداوند متعال به بركت آن حضرت نصرت بر مسلمانان نازل مى فرمود و از آنچه مى ترسيدند، امان مى يافتند.
و درباره معنى اين سخن على عليه السّلام كه گفته است «اذا احمرّ الباس» و كنايه از سختى كارزار است، سخنانى گفتهاند كه از همه نيكوتر اين است كه امام عليه السّلام گرمى جنگ را به آتش تشبيه كرده است كه هم سوزندگى دارد و هم سرخى. كارش سوزنده و رنگش سرخ است و از جمله چيزها كه اين معنى را تقويت مىكند سخن پيامبر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم است كه در جنگ حنين كه همان جنگ هوازن است چون كارزار مردم را ديد، فرمود: «حمى الوطيس» و وطيس، افروختنگاه آتش است و رسول خدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم گرمى نبرد مردمان را به گرمى آتش و سختى سوزش آن تشبيه فرموده است.
ابن ابى الحديد مى گويد: تفسير بهتر درباره اين لفظ اين است كه گفته شود لغت بأس به معنى خود جنگ است، خداوند متعال فرموده است: «و شكيبايان در راحتى و سختى و هنگام بأس جنگ»، در اين سخن مضاف حذف شده است و تقدير كلام چنين بوده كه چون جايگاه جنگ سرخ شود و زمينى كه آوردگاه است و قرمزى آن به سبب خونى است كه بر آن مىريزد و جريان مىيابد.
ابن ابى الحديد سپس مى گويد: چون ديديم كه سيد رضى رحمه الله فقط اندكى از سخنان على عليه السّلام را كه در آن الفاظ غريب و محتاج به شرح و تفسير آمده، آورده است ترجيح داديم برخى ديگر از سخنان آن حضرت را كه مؤلفان كتابهاى غريب الحديث آورده اند بياوريم و توضيح دهيم. آن گاه در سى صفحه مواردى را از دو كتاب غريب الحديث ابو عبيد قاسم بن سلّام و غريب الحديث ابن قتيبه آورده است كه به ترجمه يكى دو مورد از هر يك بسنده مى شود.
از جمله سخنان آن حضرت به گروهى كه ايشان را سرزنش مى فرمود، اين است كه شما را چه مى شود كه عذرات خود را پاك و نظافت نمى كنيد كه در اين سخن لغت عذرات به معنى كنار خانه است، و شاهدى از شعر حطيئة مى آورد كه همين لغت را به همين معنى در نكوهش قومى به كار برده و گفته است: سوگند به جان خودم شما را آزمودم و داراى چهره هاى زشت يافتم و كنار خانه هايتان بد و كثيف است.
ديگر اين سخن آن حضرت است كه فرموده است: «لا جمعة و لا تشريق الّا فىمصر جامع»، نماز جمعه و نماز عيد جز در شهرى كه شهر باشد، برگزار نمى شود، كه در اين عبارت لغت تشريق به معنى نماز عيد است و چون هنگام گزاردن آن هنگام درخشش و نورانى بودن خورشيد است به تشريق از آن تعبير شده است. همچنان كه در حديث مرفوع آمده است: «من ذبح قبل التشريق فليعد» يعنى هر كس پيش از نماز عيد قربانى كند بايد آن را اعاده كند.
ابن قتيبة در كتاب غريب الحديث خود براى على عليه السّلام كلمات ديگرى هم نقل كرده است كه از آن جمله اين سخن است: من اراد البقاء، و لا بقاء، فليباكر الغداء و ليخفّف الرّداء و ليقل غشيان النّساء. فقيل له: يا امير المؤمنين و ما خفّة الرّداء فى البقاء فقال: الدّين.
«هر كس بقاء را مى خواهد هر چند كه بقايى وجود ندارد، غذاى خود را ناشتا بخورد و رداى خود را سبك دارد و آميزش با زنان را كم كند.»، گفته شد: اى امير المؤمنين مقصود از سبك ساختن ردا چيست فرمود: يعنى وام.
ابن قتيبه مى گويد: اين تعبير بسيار پسنديده و نيكو و درست است زيرا وام امانت است و معمول بر آن است كه مى گويى بر عهده و بر گردن من است تا آن را بپردازم، گويى پرداخت وام بر گردن است و جايگاه اتصال ردا بر بدن دو كرانه گردن است، بدين سبب على عليه السّلام به صورت كنايه از وام به گردن تعبير كرده است. در شعر هم اين كنايه آمده و شاعرى گفته است: گفتمش مرا به تو نيازى است، گفت آنچه مىخواهى ميان گوش و دوش من است- يعنى ضامن آن هستم و بر عهده من خواهد بود.
به همين مناسبت گاهى به شمشير هم ردا گفتهاند، از اينكه محل آويختن آن دوش و جايگاه ردا است. در موارد ديگر بيشتر به معنى عطا و بخشش به كار مىرود، البته ممكن هم هست كه ردا كنايه از پشت باشد كه وام همچون ردا بر پشت آدمى سنگينى مىكند و واقع مىشود.
ديگر از كلمات مشكل و قابل توضيح اين رجز امير المؤمنين عليه السّلام به روز جنگ خيبر است كه فرموده است: «من همانم كه مادرم، حيدرهام نام نهاده است.» ابن قتيبه مى گويد: ابو طالب به هنگام تولد على عليه السّلام حضور نداشته است و مادرش او را به نام پدرش اسد بن هاشم بن عبد مناف، اسد نام نهاده است و چون ابو طالب آمده است نام او را به على تغيير داده است و حيدره هم از نامهاى شير است.
ابن ابى الحديد سپس مى گويد: من اينك از غرايب سخن على عليه السّلام خطبه اى را مى آورم كه ابو عبيدة و ابن قتيبة آن را نياورده اند و آن خطبه را شرح مى دهم. در اين خطبه نسبتا مفصل حرف الف به كار نرفته است و آن را بسيارى از مردم از قول آن حضرت نقل كرده و گفته اند: گروهى از ياران پيامبر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم گفتگو كردند كه كدام حرف از حروف هجا در كلام عرب بيشتر آمده است و اتفاق نظر پيدا كردند كه آن حرف الف است. امير المؤمنين عليه السّلام خطبه اى ايراد فرمود كه در آن هيچ حرف الفى به كار نرفته است.
جلوه تاریخ در شرح نهج البلاغه ابن ابى الحدیدجلد 8 //دکتر محمود مهدوى دامغانى