google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
200-220 خطبه ها شرح ابن میثمابخطبه ها شرح ابن میثم بحرانی(متن عربی)

خطبه 200 شرح ابن میثم بحرانی

و من كلام له عليه السّلام بالبصرة،
و قد دخل على العلاء بن زياد الحارثى- و هو من أصحابه- يعوده، فلما رأى سعة داره قال: مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسَعَةِ هَذِهِ الدَّارِ فِي الدُّنْيَا- أَمَا أَنْتَ إِلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ كُنْتَ أَحْوَجَ- وَ بَلَى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الْآخِرَةَ- تَقْرِي فِيهَا الضَّيْفَ وَ تَصِلُ فِيهَا الرَّحِمَ- وَ تُطْلِعُ مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا- فَإِذاً أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا الْآخِرَةَ- فَقَالَ لَهُ الْعَلَاءُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَشْكُو إِلَيْكَ أَخِي عَاصِمَ بْنَ زِيَادٍ- قَالَ وَ مَا لَهُ- قَالَ لَبِسَ الْعَبَاءَةَ وَ تَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا- قَالَ عَلَيَّ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ- يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ- أَ مَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَ وَلَدَكَ- أَ تَرَى اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا- أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ- قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- هَذَا أَنْتَ فِي خُشُونَةِ مَلْبَسِكَ وَ جُشُوبَةِ مَأْكَلِكَ- قَالَ وَيْحَكَ إِنِّي لَسْتُ كَأَنْتَ- إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ- كَيْلَا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ‏

اللغة

أقول: استهام بك: أى أذهبك لوجهك، و زيّن لك الهيام، و هو الذهاب في التيه.

و جشوبة المأكل: غلظته و خشونته، و قيل: الطعام الجشب: الّذي لا إدام معه.

و تبيّغ: تهيّج.

المعنى
و قد استفهمه عن غرضه في توسعة داره استفهام توبيخ و إنكار لما أنّ ذلك ينافي الزهد في الدنيا و الحرص في الآخرة. ثمّ عن كونه أحوج إليها في الآخرة استفهام تثبيت و تقرير، و أراد أنّك لو كنت أنفقت ما أخرجته على بنائها من المال في سبيل اللّه لكان أولى و لكنت إليه أحوج منها، و في رواية بإثبات الهمزة مع ما في قوله: ما أنت. و قوله: و بلى. إلى آخره.
هداية له إلى وجوه استعمالها في مرضات اللّه و التقرّب بها إليه بعد التفريط في بنائها، و عدّ وجوه المبارّ المتعلّقة بها. و مطالع الحقوق وجوهها الشرعيّة المتعلّقة به كالزكاة و الصدقة و غيرهما، و ظاهر كونها مبلّغه إلى الآخرة عند إخراج تلك الحقوق منها و فيها، و مقرّ به إلى اللّه. و قوله: علىّ به. ينوب مناب فعل الأمر: أى جيئوا به، و عدىّ تصغير عدوّ، و أصله عديو و فحذفوا إحدى الواوين و قلّبوا الثانية ياء تخفيفا و ادغموا فيها ياء التصغير، و إنّما صغّره استصغارا له باعتبار أنّ شيطانه لم يعدّه إلى كبيرة بل قاده إلى أمرو إن كان خارجا به عن الشريعة إلّا أنّه قريب من السلامة، و دخل عليه بالخدعة في رأى الصالحين، و كان شيطانه بذلك الاعتبار صغيرا بالنسبة إلى شيطان آخر و هو باعتبار القيادة لذلك الوسواس عدّى نفسه، و قيل: بل صغّره من جهة حقارة فعله ذلك لكونه عن جهل منه و إنّما منعه من هذه الطريقة لكونه لم يترك الدنيا على وجه الترك بل كان لمشاركة هواه لعقله، و كان تركه ذلك مستلزما لإهمال حقوق تجب عليه في الشريعة و تلزمه فنبّه بقوله: لقد استهام بك الخبيث على أنّ فعله ذلك عن مشاركة الشيطان و لم يكن عن عقليّة خالصة، و بقوله: أما رحمت أهلك و ولدك على الحقوق اللازمة له من قبلهم، و قد أهملها بفعله ذلك.

فقوله: أ ترى اللّه. إلى قوله: ذلك. في مقام التوبيخ له على ذلك الترك و هو كقوله تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ«» الآية، و الحاصل أنّ ترك الدنيا بالكلّيّة ليس هو مطلوب الشارع من الزهد فيها و التخلّى عنها لأنّ الشارع يراعى نظام العالم باشتراك الخلق في عمارة الدنيا و تعاونهم على المصالح بقاء النوع الإنسانىّ و ترك الدنيا و إهمالها بالكلّيّة يعدم ذلك النظام و ينافيه بل الّذي يأمر به الشارع القصد في الدنيا و استعمال متاعها على القوانين الّتي وردت بها الرسل و الوقوف فيها عند الحدود المضروبة في شرايعهم دون تعدّيها كما أشار إليه عليه السّلام من منع هذا الرجل، و أمّا السالكون من الصوفيّة بعد عصر الصحابة فهم على الطريقين: فمنهم من يختار القشف و ترك الطيّبات و هجر اللذّات رأسا، و منهم من يؤثر الترف، و الّذي يفعله المحقّقون من السالكين من التقشّف فلا ينافي الشريعة لعلمهم بأسرارها و طريقتهم تلك أقرب إلى السلامة من طريق المترفين لكون الترف مجال الشيطان، و قد كان سلوك الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و علىّ عليه السّلام و جماعة من أكابر الصحابة أميل إلى طريق التقشّف لكن مع مشاركتهم لأهل الدنيا في تدبير أحوال المدن و صلاح العالم غير منقطعين عن أهلها و لا منعزلين فأمّا اعتراض عاصم على علىّ عليه السّلام في نهيه له فحاصله أنّه قاس نفسه في ترك الدنيا عليه، و تقديره إنّك إذا نهيتنى عن ذلك فكيف بك: أى فكيف بما أرى من هذه الحال و أنت المقتدى به، أو فكيف أصنع بك مع الحال الّتي أنت عليها، و إنّما ينبغي لى أن أقتدى بك فأجابه عليه السّلام بجواب إقناعىّ بيّن فيه الفرق بينه و بينه، و هو إنّى إنّما فعلت ذلك لكونى إماما و كلّ إمام فرض اللّه عليه أن يقدّر نفسه بضعفة الناس: أى ليسويّها بهم في حالهم كيلا يهيّج بالفقير فقره فيضعف عن حلمه فيكفر أو يفسق و قد كان عليه السّلام قبل الخلافة كذلك، و الجواب المحقّق هو ما قلناه من كون هذه الطريق أسلم، و أمّا الفرق بينهما فيرجع إلى أنّ عاصما سلك على غير علم بكيفيّة السلوك مع ترك الحقوق الّتي تلزمه لأهله و ولده فكانت حالة الّتي فارقها أولى به. و باللّه التوفيق.

شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 4 ، صفحه‏ى 17

 

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=