و من كلام له عليه السّلام
لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً- وَ لَيْسَ أَمْرِي وَ أَمْرُكُمْ وَاحِداً- إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ وَ أَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ- أَيُّهَا النَّاسُ أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ- وَ ايْمُ اللَّهِ لَأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ وَ لَأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ- حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ وَ إِنْ كَانَ كَارِهاً
اللغة
أقول: الفلتة: الأمر يقع بغير تدبّر و لا رويّة. و الحزامة: الحلقة من الشعر يجعل في أنف البعير.
المعنى
و مفهوم قوله: لم تكن بيعتكم إيّاى فلتة. أنّها لمّا كانت عن تدبّر و اجتماع رأى منكم لم يكن لأحدكم بعدها أن يخالف أو يندم عليها، و فيه تعريض ببيعة أبى بكر حيث قال عمر فيها: كانت بيعة أبى بكر فلتة وقى اللّه شرّها. و قوله: و ليس أمرى و أمركم واحدا. إشارة إلى الاختلاف بين حركاته و مقاصدهم. ثمّ بيّن الفرق بقوله: إنّى اريدكم للّه: أى إنّما اريد طاعتكم لإقامة دين اللّه، و إقامة حدوده، و أنتم تريدونني لأنفسكم: أى لحظوظ أنفسكم من العطاء و التقريب و ساير منافع الدنيا. ثمّ لمّا وبّخهم بذلك أيّه بهم، و طلب منهم الإعانة على أنفسهم: أى بالطاعة له و امتثال أوامره. فأقسم لينصفنّ المظلوم و ليقودنّ الظالم بخزامته، و كذلك استعار لفظ المنهل للحقّ. و وجه الاستعار كونه موردا يشفى به ألم المظلوم كما يشفى به ألم العطشان.
و باللّه التوفيق.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحهى 165