google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
60-80 خطبه ها شرح ابن ابی الحدیدخطبه ها شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

خطبه 79 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)(بعد فراغه من حرب الجمل في ذم النساء)

79 و من كلام له ع بعد فراغه من حرب الجمل في ذم النساء

مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ- نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ- فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ- فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ- وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ- فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مِنْهُنَّ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ- وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ- فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ- فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ- وَ لَا تُطِيعُوهُنَّ فِي الْمَعْرُوفِ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ فِي الْمُنْكَرِ جعل ع نقصان الصلاة نقصانا في الإيمان- و هذا هو قول أصحابنا إن الأعمال من الإيمان- و إن المقر بالتوحيد و النبوة- و هو تارك للعمل ليس بمؤمن- .

و قوله ع و لا تطيعوهن في المعروف- ليس بنهي عن فعل المعروف و إنما هو نهي عن طاعتهن- أي لا تفعلوه لأجل أمرهن لكم به بل افعلوه لأنه معروف- و الكلام ينحو نحو المثل المشهور- لا تعط العبد كراعا فيأخذ ذراعا- . و هذا الفصل كله رمز إلى عائشة- و لا يختلف أصحابنا في أنها أخطأت فيما فعلت- ثم تابت و ماتت تائبة و إنها من أهل الجنة- .

قال كل من صنف في السير و الأخبار- أن عائشة كانت من أشد الناس على عثمان- حتى إنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله ص- فنصبته في منزلها و كانت تقول للداخلين إليها- هذا ثوب رسول الله ص لم يبل و عثمان قد أبلى سنته- . قالوا أول من سمى عثمان نعثلا عائشة- و النعثل الكثير شعر اللحية و الجسد- و كانت تقول اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا- .

و روى المدائني في كتاب الجمل قال- لما قتل عثمان كانت عائشة بمكة- و بلغ قتله إليها و هي بشراف- فلم تشك في أن طلحة هو صاحب الأمر- و قالت بعدا لنعثل و سحقا إيه ذا الإصبع- إيه أبا شبل إيه يا ابن عم- لكأني أنظر إلى إصبعه و هو يبايع له- حثوا الإبل و دعدعوها- . قال و قد كان طلحة حين قتل عثمان- أخذ مفاتيح بيت المال- و أخذ نجائب كانت لعثمان في داره ثم فسد أمره- فدفعها إلى علي بن أبي طالب ع

أخبار عائشة في خروجها من مكة إلى البصرة بعد مقتل عثمان

و قال أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي في كتابه- أن عائشة لما بلغها قتل عثمان و هي بمكة أقبلت مسرعة- و هي تقول إيه ذا الإصبع لله أبوك- أما إنهم وجدوا طلحة لها كفوا- فلما انتهت إلى شراف- استقبلها عبيد بن أبي سلمة الليثي فقالت له ما عندك- قال قتل عثمان قالت ثم ما ذا- قال ثم حارت بهم الأمور إلى خير محار بايعوا عليا- فقالت لوددت أن السماء انطبقت على الأرض إن تم هذا- ويحك انظر ما تقول قال- هو ما قلت لك يا أم المؤمنين فولولت- فقال لها ما شأنك يا أم المؤمنين-و الله ما أعرف بين لابتيها أحدا أولى بها منه و لا أحق- و لا أرى له نظيرا في جميع حالاته- فلما ذا تكرهين ولايته قال فما ردت عليه جوابا- .

قال و قد روي من طرق مختلفة- أن عائشة لما بلغها قتل عثمان و هي بمكة- قالت أبعده الله ذلك بما قدمت يداه- و ما الله بظلام للعبيد- . قال و قد روى قيس بن أبي حازم- أنه حج في العام الذي قتل فيه عثمان- و كان مع عائشة لما بلغها قتله فتحمل إلى المدينة قال- فسمعها تقول في بعض الطريق إيه ذا الإصبع- و إذا ذكرت عثمان قالت أبعده الله- حتى أتاها خبر بيعة علي فقالت- لوددت أن هذه وقعت على هذه- ثم أمرت برد ركائبها إلى مكة فردت معها- و رأيتها في سيرها إلى مكة تخاطب نفسها- كأنها تخاطب أحدا قتلوا ابن عفان مظلوما- فقلت لها يا أم المؤمنين أ لم أسمعك آنفا تقولين- أبعده الله و قد رأيتك قبل أشد الناس عليه- و أقبحهم فيه قولا فقالت لقد كان ذلك- و لكني نظرت في أمره فرأيتهم استتابوه- حتى إذا تركوه كالفضة البيضاء- أتوه صائما محرما في شهر حرام فقتلوه- .

قال و روي من طرق أخرى- أنها قالت لما بلغها قتله أبعده الله- قتله ذنبه و أقاده الله بعمله- يا معشر قريش لا يسومنكم قتل عثمان كما سام أحمر ثمود قومه- أن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع- فلما جاءت الأخبار ببيعة علي ع قالت- تعسوا تعسوا لا يردون الأمر في تيم أبدا- . كتب طلحة و الزبير إلى عائشة و هي بمكة كتابا- أن خذلي الناس عن بيعة علي- و أظهري الطلب بدم عثمان- و حملا الكتاب مع ابن أختها عبد الله بن الزبير- فلما قرأت الكتاب كاشفت و أظهرت الطلب بدم عثمان- و كانت أم سلمة رضي الله عنها بمكة في ذلك العام- فلما رأت صنع عائشة قابلتها بنقيض ذلك- و أظهرت موالاة علي ع- و نصرته على مقتضي العداوة المركوزة في طباع الصرتين- .

قال أبو مخنف جاءت عائشة إلى أم سلمة- تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان- فقالت لها يا بنت أبي أمية- أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله ص- و أنت كبيرة أمهات المؤمنين- و كان رسول الله ص يقسم لنا من بيتك- و كان جبريل أكثر ما يكون في منزلك- فقالت أم سلمة لأمر ما قلت هذه المقالة-

فقالت عائشة إن عبد الله أخبرني- أن القوم استتابوا عثمان- فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام- و قد عزمت على الخروج إلى البصرة- و معي الزبير و طلحة فاخرجي معنا- لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا بنا- فقالت أم سلمة إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان- و تقولين فيه أخبث القول- و ما كان اسمه عندك إلا نعثلا- و إنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله ص- أ فأذكرك قالت نعم قالت أ تذكرين يوم أقبل ع و نحن معه- حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال- خلا بعلي يناجيه فأطال- فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني- فهجمت عليهما فما لبثت أن رجعت باكية- فقلت ما شأنك-

فقلت إني هجمت عليهما و هما يتناجيان- فقلت لعلي ليس لي من رسول الله إلا يوم من تسعة أيام- أ فما تدعني يا ابن أبي طالب و يومي- فأقبل رسول الله ص علي و هو غضبان محمر الوجه- فقال ارجعي وراءك- و الله لا يبغضه أحد من أهل بيتي- و لا من غيرهم من الناس إلا و هو خارج من الإيمان- فرجعت نادمة ساقطة قالت عائشة نعم أذكر ذلك- قالت و أذكرك أيضا- كنت أنا و أنت مع رسول الله ص- و أنت تغسلين رأسه و أنا أحيس له حيسا- و كان الحيس يعجبه- فرفع رأسه و قال يا ليت شعري- أيتكن صاحبة الجمل الأذنب- تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط- فرفعت يدي من الحيس-

فقلت أعوذ بالله و برسوله من ذلك- ثم ضرب على ظهرك- و قال إياك أن تكونيها- ثم قال يا بنت أبي أمية إياك أن تكونيها يا حميراء- أما أنا فقد أنذرتك- قالت عائشة نعم أذكر هذا- قالت و أذكرك أيضا- كنت أنا و أنت مع رسول الله ص في سفر له- و كان علي يتعاهد نعلي رسول الله ص فيخصفها- و يتعاهد أثوابه فيغسلها فنقبت له نعل- فأخذها يومئذ يخصفها و قعد في ظل سمرة- و جاء أبوك و معه عمر فاستأذنا عليه- فقمنا إلى الحجاب و دخلا يحادثانه فيما أراد- ثم قالا يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا- فلو أعلمتنا من يستخلف علينا- ليكون لنا بعدك مفزعا-

فقال لهما أما إني قد أرى مكانه- و لو فعلت لتفرقتم عنه- كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران- فسكتا ثم خرجا- فلما خرجنا إلى رسول الله ص قلت له- و كنت أجرأ عليه منا- من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم فقال خاصف النعل- فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا- فقلت يا رسول الله ما أرى إلا عليا فقال هو ذاك- فقالت عائشة نعم أذكر ذلك- فقالت فأي خروج تخرجين بعد هذا فقالت- إنما أخرج للإصلاح بين الناس- و أرجو فيه الأجر إن شاء الله فقالت أنت و رأيك- فانصرفت عائشة عنها- و كتبت أم سلمة بما قالت و قيل لها إلى علي ع- .

فإن قلت فهذا نص صريح في إمامة علي ع- فما تصنع أنت و أصحابك المعتزلة به- قلت كلا إنه ليس بنص كما ظننت- لأنه ص لم يقل قد استخلفته- و إنما قال لو قد استخلفت أحدا لاستخلفته- و ذلك لا يقتضي حصول الاستخلاف-و يجوز أن تكون مصلحة المكلفين متعلقة بالنص عليه- لو كان النبي ص مأمورا بأن ينص على إمام بعينه من بعده- و أن يكون من مصلحتهم أن يختاروا لأنفسهم من شاءوا- إذا تركهم النبي ص و آراءهم و لم يعين أحدا- .

و روى هشام بن محمد الكلبي في كتاب الجمل- أن أم سلمة كتبت إلى علي ع من مكة أما بعد- فإن طلحة و الزبير و أشياعهم أشياع الضلالة- يريدون أن يخرجوا بعائشة إلى البصرة- و معهم عبد الله بن عامر بن كريز- و يذكرون أن عثمان قتل مظلوما و أنهم يطلبون بدمه- و الله كافيهم بحوله و قوته- و لو لا ما نهانا الله عنه من الخروج- و أمرنا به من لزوم البيت- لم أدع الخروج إليك و النصرة لك- و لكني باعثة نحوك ابني عدل نفسي عمر بن أبي سلمة- فاستوص به يا أمير المؤمنين خيرا- . قال فلما قدم عمر على علي ع أكرمه- و لم يزل مقيما معه حتى شهد مشاهده كلها- و وجهه أميرا على البحرين و قال لابن عم له- بلغني أن عمر يقول الشعر فابعث إلي من شعره- فبعث إليه بأبيات له أولها-

جزتك أمير المؤمنين قرابة
رفعت بها ذكري جزاء موفرا

 فعجب علي ع من شعره و استحسنه- . و من الكلام المشهور الذي قيل- إن أم سلمة رحمها الله كتبت به إلى عائشة- إنك جنة بين رسول الله ص و بين أمته- و إن الحجاب دونك لمضروب على حرمته- و قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه- و سكن عقيراك فلا تصحريها- لو أذكرتك قوله من رسول الله ص تعرفينها- لنهشت بها نهش الرقشاء المطرقة- ما كنت‏ قائلة لرسول الله ص- لو لقيك ناصة قلوص قعودك من منهل إلى منهل- قد تركت عهيداه و هتكت ستره- إن عمود الدين لا يقوم بالنساء و صدعه لا يرأب بهن- حماديات النساء خفض الأصوات و خفر الأعراض- اجعلي قاعدة البيت قبرك حتى تلقينه- و أنت على ذلك- . فقالت عائشة ما أعرفني بنصحك و أقبلني لوعظك- و ليس الأمر حيث تذهبين ما أنا بعمية عن رأيك- فإن أقم ففي غير حرج- و إن أخرج ففي إصلاح بين فئتين من المسلمين- .

و قد ذكر هذا الحديث أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة- في كتابه المصنف في غريب الحديث في باب أم سلمة- على ما أورده عليك قال- لما أرادت عائشة الخروج إلى البصرة- أتتها أم سلمة فقالت لها- إنك سدة بين محمد رسول الله ص و بين أمته- و حجابك مضروب على حرمته- قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه- و سكن عقيراك فلا تصحريها الله من وراء هذه الأمة- لو أراد رسول الله ص أن يعهد إليك عهدا علت علت- بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد- إن عمود الإسلام لا يثأب بالنساء إن مال- و لا يرأب بهن إن صدع- حماديات النساء غض الأطراف- و خفر الأعراض و قصر الوهازة- ما كنت قائلة لو أن رسول الله ص عارضك بعد الفلوات- ناصة قلوصا من منهل إلى آخر- إن بعين الله مهواك و على رسوله تردين- و قد وجهت سدافته و يروى سجافته و تركت عهيداه- لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي ادخلي الفردوس- لاستحييت أن ألقى محمدا ص هاتكة حجابا و قد ضربه علي- اجعلي حصنك بيتك و وقاعة الستر قبرك حتى تلقينه- و أنت على تلك أطوع ما تكونين لله بالرقبة- و أنصر ما تكون للدين ما حلت عنه- لو ذكرتك قولا تعرفينه- لنهشت به نهش الرقشاء المطرقة- . فقالت عائشة ما أقبلني لوعظك و ليس الأمر كما تظنين- و لنعم المسير مسير فزعت فيه إلى فئتان متناجزتان- أو قالت متناحرتان إن أقعد ففي غير حرج- و إن أخرج فإلى ما لا بد لي من الازدياد منه- .

تفسير غريب هذا الخبر- السدة الباب-و منه حديث رسول الله ص أنه ذكر أول من يرد عليه الحوض- فقال الشعث رءوسا الدنس ثيابا- الذين لا تفتح لهم السدد- و لا ينكحون المتنعمات- و أرادت أم سلمة أنك باب بين النبي ص و بين الناس- فمتى أصيب ذلك الباب بشي‏ء- فقد دخل على رسول الله ص في حرمه و حوزته- و استبيح ما حماه تقول- فلا تكوني أنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك- فتحوجي الناس إلى أن يفعلوا ذلك- و هذا مثل قول نعمان بن مقرن للمسلمين في غزاة نهاوند- ألا و إنكم باب بين المسلمين و المشركين- إن كسر ذلك الباب دخل عليهم منه- .

و قولها قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه- أي لا تفتحيه و لا توسعيه بالحركة و الخروج- يقال ندحت الشي‏ء إذا وسعته- و منه يقال فلان في مندوحة عن كذا أي في سعة- تريد قول الله تعالى وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ- و من روى تبدحيه بالباء- فإنه من البداح و هو المتسع من الأرض و هو معنى الأول- . و سكن عقيراك من عقر الدار و هو أصلها- أهل الحجاز يضمون العين و أهل نجد يفتحونها- و عقير اسم مبني من ذلك على صيغة التصغير- و مثله مما جاء مصغرا الثريا- و الحميا و هو سورة الشراب- قال ابن قتيبة و لم أسمع بعقيرا إلا في هذا الحديث- .

قولها فلا تصحريها أي لا تبرزيها و تجعليها بالصحراء- يقال أصحر كما يقال أنجد و أسهل و أحزن- . و قولها الله من وراء هذه الأمة- أي محيط بهم و حافظ لهم و عالم بأحوالهم- كقوله تعالى وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ- قولها لو أراد رسول الله ص الجواب محذوف- أي لفعل و لعهد و هذا كقوله تعالى- وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ- أي لكان هذا القرآن- . قولها علت علت أي جرت في هذا الخروج- و عدلت عن الجواب و العول الميل و الجور- قال تعالى ذلِكَ أَدْنى‏ أَلَّا تَعُولُوا- و من الناس من يرويه علت علت بكسر العين- أي ذهبت في البلاد و أبعدت السير- يقال عال فلان في البلاد أي ذهب و أبعد- و منه قيل للذئب عيال- .

قولها عن الفرطة في البلاد أي عن السفر و الشخوص- من الفرط و هو السبق و التقدم- و رجل فارط أتى الماء أي سابق- . قولها لا يثأب بالنساء- أي لا يرد بهن إن مال إلى استوائه- من قولك ثأب فلان إلى كذا أي عاد إليه- . قولها و لا يرأب بهن إن صدع أي لا يسد بهن و لا يجمع- و الصدع الشق- و يروى إن صدع بفتح الصاد و الدال- أجروه مجرى قولهم جبرت العظم فجبر- . قولها حماديات النساء يقال حماداك أن تفعل كذا- مثل قصاراك أن تفعل كذا أي جهدك و غايتك- .

و غض الأطراف جمعها و خفر الأعراض- الخفر الحياء و الأعراض جمع عرض و هو الجسد- يقال فلان طيب العرض أي طيب ريح البدن- و من رواه الأعراض بكسر الهمزة جعله مصدرا- من أعرض عن كذا- . قولها و قصر الوهازة- قال ابن قتيبة سألت عن هذا فقال لي من سألته- سألت عنه أعرابيا فصيحا- فقال الوهازة الخطوة- يقال للرجل إنه لمتوهز و متوهر إذا وطئ وطئا ثقيلا- . قولها ناصة قلوصا أي رافعة لها في السير- و النص الرفع و منه يقال حديث منصوص أي مرفوع- و القلوص من النوق الشابة- و هي بمنزلة الفتاة من النساء- . و المنهل الماء ترده الإبل- .

قولها إن بعين الله مهواك- أي إن الله يرى سيرك و حركتك- و الهوى الانحدار في السير من النجد إلى الغور- . قولها و على رسوله تردين أي تقدمين في القيامة- . قولها و قد وجهت سدافته- السدافة الحجاب و الستر- هي من أسدف الليل إذا ستر بظلمته- كأنه أرخى ستورا من الظلام و يروى بفتح السين- و كذلك القول في سجافته- إنه يروى بكسر السين و فتحها- و السدافة و السجافة بمعنى- . و وجهت أي نظمتها بالخرز- و الوجيهة خرزة معروفة و عادة العرب- أن تنظم على المحمل خرزات إذا كان للنساء- . قولها و تركت عهيداه لفظة مصغرة مأخوذة من العهد- مشابهة لما سلف من قولها- عقيراك و حماديات النساء- . قولها و وقاعة الستر- أي موقعه على الأرض إذا أرسلته- و هي الموقعة أيضا و موقعة الطائر- .

قولها حتى تلقينه و أنت على تلك- أي على تلك الحال فحذف- . قولها أطوع ما تكونين لله إذا لزمته- أطوع مبتدأ و إذا لزمته خبر المبتدأ- و الضمير في لزمته راجع إلى العهد و الأمر الذي أمرت به- . قولها لنهشت به نهش الرقشاء المطرقة- أي لعضك و نهشك ما أذكره لك- و أذكرك به كما تنهشك أفعى رقشاء- و الرقش في ظهرها هو النقط و الجرادة أيضا رقشاء- قال النابغة

فبت كأني ساورتني ضئيلة
من الرقش في أنيابها السم ناقع‏

و الأفعى يوصف بالإطراق- و كذلك الأسد و النمر و الرجل الشجاع- و كان معاوية يقول في علي ع- الشجاع المطرق و قال الشاعر و ذكر أفعى-

أصم أعمى ما يجيب الرقى
من طول إطراق و إسبات‏

قولها فئتان متناجزتان- أي تسرع كل واحدة منهما إلى نفوس الأخرى- و من رواه متناحرتان أراد الحرب و طعن النحور بالأسنة- و رشقها بالسهام- . و فزعت إلى فلان في كذا أي لذت به و التجأت إليه- . و قولها إن أقعد ففي غير حرج أي في غير إثم- و قولها فإن أخرج فإلى ما لا بد لي من الازدياد منه- كلام من يعتقد الفضيلة في الخروج- أو يعرف موقع الخطإ و يصر عليه- . لما عزمت عائشة على الخروج إلى البصرة- طلبوا لها بعيرا أيدا يحمل هودجها- فجاءهم يعلى بن أمية ببعيره المسمى عسكرا- و كان عظيم الخلق شديدا فلما رأته أعجبها- و أنشأ الجمال يحدثها بقوته و شدته- و يقول في أثناء كلامه عسكر- فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت- و قالت ردوه لا حاجة لي فيه- و ذكرت حيث سئلت أن رسول الله‏ ص ذكر لها هذا الاسم- و نهاها عن ركوبه- و أمرت أن يطلب لها غيره فلم يوجد لها ما يشبهه- فغير لها بجلال غير جلاله- و قيل لها قد أصبنا لك أعظم منه خلقا و أشد قوة- و أتيت به فرضيت- .

قال أبو مخنف و أرسلت إلى حفصة- تسألها الخروج و المسير معها- فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فأتى أخته فعزم عليها- فأقامت و حطت الرحال بعد ما همت- . كتب الأشتر من المدينة إلى عائشة و هي بمكة- أما بعد فإنك ظعينة رسول الله ص- و قد أمرك أن تقري في بيتك- فإن فعلت فهو خير لك- فإن أبيت إلا أن تأخذي منسأتك و تلقي جلبابك- و تبدي للناس شعيراتك- قاتلتك حتى أردك إلى بيتك- و الموضع الذي يرضاه لك ربك- .

فكتبت إليه في الجواب أما بعد- فإنك أول العرب شب الفتنة- و دعا إلى الفرقة و خالف الأئمة و سعى في قتل الخليفة- و قد علمت أنك لن تعجز الله حتى يصيبك منه بنقمة- ينتصر بها منك للخليفة المظلوم- و قد جاءني كتابك و فهمت ما فيه- و سيكفينيك الله- و كل من أصبح مماثلا لك في ضلالك و غيك إن شاء الله- . و قال أبو مخنف لما انتهت عائشة في مسيرها إلى الحوأب- و هو ماء لبني عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب- حتى نفرت صعاب إبلها- فقال قائل من أصحابها أ لا ترون- ما أكثر كلاب الحوأب و ما أشد نباحها- فأمسكت زمام بعيرها- و قالت و إنها لكلاب الحوأب ردوني ردوني- فإني سمعت رسول الله ص يقول و ذكرت الخبر- فقال لها قائل مهلا يرحمك الله فقد جزنا ماء الحوأب- فقالت فهل من شاهد- فلفقوا لها خمسين أعرابيا جعلوا لهم جعلا فحلفوا لها- أن هذا ليس بماء الحوأب فسارت لوجهها- . لما انتهت عائشة و طلحة و الزبير- إلى حفر أبي موسى قريبا من البصرة- أرسل‏ عثمان بن حنيف- و هو يومئذ عامل علي ع على البصرة- إلى القوم أبا الأسود الدؤلي يعلم له علمهم- فجاء حتى دخل على عائشة فسألها عن مسيرها- فقالت أطلب بدم عثمان- قال إنه ليس بالبصرة من قتلة عثمان أحد- قالت صدقت و لكنهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة- و جئت أستنهض أهل البصرة لقتاله- أ نغضب لكم من سوط عثمان- و لا نغضب لعثمان من سيوفكم- فقال لها ما أنت من السوط و السيف- إنما أنت حبيس رسول الله ص أمرك أن تقري في بيتك- و تتلي كتاب ربك و ليس على النساء قتال- و لا لهن الطلب بالدماء- و إن عليا لأولى بعثمان منك و أمس رحما- فإنهما ابنا عبد مناف- فقالت لست بمنصرفة حتى أمضي لما قدمت له- أ فتظن يا أبا الأسود أن أحدا يقدم على قتالي- قال أما و الله لتقاتلن قتالا أهونه الشديد- .

ثم قام فأتى الزبير- فقال يا أبا عبد الله عهد الناس بك- و أنت يوم بويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك- تقول لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب- و أين هذا المقام من ذاك فذكر له دم عثمان- قال أنت و صاحبك وليتماه فيما بلغنا- قال فانطلق إلى طلحة فاسمع ما يقول فذهب إلى طلحة- فوجده سادرا في غيه مصرا على الحرب و الفتنة- فرجع إلى عثمان بن حنيف- فقال إنها الحرب فتأهب لها- . لما نزل علي ع بالبصرة- كتبت عائشة إلى زيد بن صوحان العبدي- من عائشة بنت أبي بكر الصديق زوج النبي ص- إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان- أما بعد فأقم في بيتك و خذل الناس عن علي- و ليبلغني عنك ما أحب- فإنك أوثق أهلي عندي و السلام- .

فكتب إليها من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر- أما بعد فإن الله أمرك بأمر و أمرنا بأمر- أمرك أن تقري في بيتك- و أمرنا أن نجاهد و قد أتاني كتابك-فأمرتني أن أصنع خلاف ما أمرني الله- فأكون قد صنعت ما أمرك الله به- و صنعت ما أمرني الله به- فأمرك عندي غير مطاع و كتابك غير مجاب و السلام- .

روى هذين الكتابين شيخنا أبو عثمان عمرو بن بحر- عن شيخنا أبي سعيد الحسن البصري- . و ركبت عائشة يوم الحرب الجمل المسمى عسكرا في هودج- قد ألبس الرفرف ثم ألبس جلود النمر- ثم ألبس فوق ذلك دروع الحديد- . الشعبي عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه أبي بكرة- قال لما قدم طلحة و الزبير البصرة تقلدت سيفي- و أنا أريد نصرهما فدخلت على عائشة- و إذا هي تأمر و تنهى و إذا الأمر أمرها- فذكرت حديثا كنت سمعتهعن رسول الله ص لن يفلح قوم تدبر أمرهم امرأة- فانصرفت و اعتزلتهم- .

و قد روي هذا الخبر على صورة أخرى أن قوما يخرجون بعدي في فئة رأسها امرأة- لا يفلحون أبدا- . كان الجمل لواء عسكر البصرة لم يكن لواء غيره- . خطبت عائشة و الناس قد أخذوا مصافهم للحرب- فقالت أما بعد فإنا كنا نقمنا على عثمان ضرب السوط- و إمرة الفتيان و مرتع السحابة المحمية- ألا و إنكم استعتبتموه فأعتبكم- فلما مصتموه كما يماص الثوب الرحيض- عدوتم عليه فارتكبتم منه دما حراما- و ايم الله إن كان لأحصنكم فرجا و أتقاكم لله- .

خطب علي ع لما تواقف الجمعان- فقال لا تقاتلوا القوم حتى يبدءوكم- فإنكم بحمد الله على حجة- و كفكم عنهم حتى يبدءوكم حجة أخرى- و إذا قاتلتموهم فلا تجهزوا على جريح- و إذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبرا- و لا تكشفوا عورة و لا تمثلوا بقتيل- و إذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا- و لا تدخلوا دارا و لا تأخذوا من أموالهم شيئا- و لا تهيجوا امرأة بأذى- و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم و صلحاءكم- فإنهن ضعاف القوى و الأنفس و العقول- لقد كنا نؤمر بالكف عنهن و إنهن لمشركات- و إن كان الرجل ليتناول المرأة بالهراوة و الجريدة- فيعير بها و عقبه من بعده- .

قتل بنو ضبة حول الجمل فلم يبق فيهم إلا من لا نفع عنده- و أخذت الأزد بخطامه- فقالت عائشة من أنتم قالوا الأزد- قالت صبرا فإنما يصبر الأحرار- ما زلت أرى النصر مع بني ضبة فلما فقدتهم أنكرته- فحرضت الأزد بذلك فقاتلوا قتالا شديدا- و رمي الجمل بالنبل- حتى صارت القبة عليه كهيئة القنفذ- .

قال علي ع لما فني الناس على خطام الجمل- و قطعت الأيدي و سالت النفوس- ادعوا لي الأشتر و عمارا فجاءا- فقال اذهبا فاعقرا هذا الجمل- فإن الحرب لا يبوخ ضرامها ما دام حيا- إنهم قد اتخذوه قبلة فذهبا و معهما فتيان من مراد- يعرف أحدهما بعمر بن عبد الله- فما زالا يضربان الناس حتى خلصا إليه- فضربه المرادي على عرقوبيه- فأقعى و له رغاء ثم وقع لجنبه و فر الناس من حوله- فنادى علي ع اقطعوا أنساع الهودج- ثم قال لمحمد بن أبي بكر اكفني أختك- فحملها محمد حتى أنزلها دار عبد الله بن خلف الخزاعي- .

بعث علي عبد الله بن عباس إلى عائشة- يأمرها بالرحيل إلى المدينة- قال فأتيتها فدخلت عليها- فلم يوضع لي شي‏ء أجلس عليه- فتناولت وسادة كانت في رحلها فقعدت عليها- فقالت يا ابن عباس أخطأت السنة- قعدت على وسادتنا في بيتنا بغير إذننا- فقلت ليس هذا بيتك الذي أمرك الله أن تقري فيه- و لو كان بيتك ما قعدت على وسادتك إلا بإذنك- ثم قلت إن أمير المؤمنين أرسلني إليك- يأمرك بالرحيل إلى المدينة- فقالت و أين أمير المؤمنين ذاك عمر- فقلت عمر و علي قالت أبيت- قلت أما و الله ما كان أبوك إلا قصير المدة- عظيم المشقة قليل المنفعة ظاهر الشؤم بين النكد- و ما عسى أن يكون أبوك- و الله ما كان أمرك إلا كحلب شاة حتى صرت- لا تأمرين و لا تنهين و لا تأخذين و لا تعطين- و ما كنت إلا كما قال أخو بني أسد-

ما زال إهداء الصغائر بيننا
نث الحديث و كثرة الألقاب‏

حتى نزلت كأن صوتك بينهم‏
في كل نائبة طنين ذباب‏

قال فبكت حتى سمع نحيبها من وراء الحجاب- ثم قالت إني معجلة الرحيل إلى بلادي إن شاء الله تعالى- و الله ما من بلد أبغض إلي من بلد أنتم فيه- قلت و لم ذاك فو الله لقد جعلناك للمؤمنين أما- و جعلنا أباك صديقا- قالت يا ابن عباس أ تمن علي برسول الله- قلت ما لي لا أمن عليك بمن لو كان منك لمننت به علي- . ثم أتيت عليا ع فأخبرته بقولها و قولي فسر بذلك- و قال لي ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم- و في رواية أنا كنت أعلم بك حيث بعثتك

شرح‏ نهج ‏البلاغة(ابن ‏أبي ‏الحديد) ج 6

نمایش بیشتر

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

دکمه بازگشت به بالا
-+=