نامه ۵۳ صبحی صالح
۵۳- و من کتاب له ( علیه السلام ) کتبه للأشتر النخعی لما ولاه على مصر و أعمالها حین اضطرب أمر أمیرها محمد بن أبی بکر، و هو أطول عهد کتبه و أجمعه للمحاسن.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَالِکَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِی عَهْدِهِ إِلَیْهِ حِینَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَایَهَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَهَ بِلَادِهَا
أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ إِیْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِی کِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِی لَا یَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا یَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا
وَ أَنْ یَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ یَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَکَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ
وَ أَمَرَهُ أَنْ یَکْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ یَزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَهٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ
ثُمَّ اعْلَمْ یَا مَالِکُ أَنِّی قَدْ وَجَّهْتُکَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَیْهَا دُوَلٌ قَبْلَکَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ النَّاسَ یَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِکَ فِی مِثْلِ مَا کُنْتَ تَنْظُرُ فِیهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاهِ قَبْلَکَ وَ یَقُولُونَ فِیکَ مَا کُنْتَ تَقُولُ فِیهِمْ
وَ إِنَّمَا یُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِینَ بِمَا یُجْرِی اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْیَکُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَیْکَ ذَخِیرَهُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ
فَامْلِکْ هَوَاکَ وَ شُحَّ بِنَفْسِکَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَکَ فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِیمَا أَحَبَّتْ أَوْ کَرِهَتْ وَ أَشْعِرْ قَلْبَکَ الرَّحْمَهَ لِلرَّعِیَّهِ وَ الْمَحَبَّهَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ
وَ لَا تَکُونَنَّ عَلَیْهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمُ أَکْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَکَ فِی الدِّینِ وَ إِمَّا نَظِیرٌ لَکَ فِی الْخَلْقِ یَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ یُؤْتَى عَلَى أَیْدِیهِمْ فِی الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ
فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِکَ وَ صَفْحِکَ مِثْلِ الَّذِی تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ یُعْطِیَکَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّکَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِی الْأَمْرِ عَلَیْکَ فَوْقَکَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاکَ وَ قَدِ اسْتَکْفَاکَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاکَ بِهِمْ
وَ لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَکَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا یَدَ لَکَ بِنِقْمَتِهِ وَ لَا غِنَى بِکَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَهٍ
وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَهٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَهً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّی مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِکَ إِدْغَالٌ فِی الْقَلْبِ وَ مَنْهَکَهٌ لِلدِّینِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِیَرِ
وَ إِذَا أَحْدَثَ لَکَ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ سُلْطَانِکَ أُبَّهَهً أَوْ مَخِیلَهً فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْکِ اللَّهِ فَوْقَکَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْکَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنْ نَفْسِکَ
فَإِنَّ ذَلِکَ یُطَامِنُ إِلَیْکَ مِنْ طِمَاحِکَ وَ یَکُفُّ عَنْکَ مِنْ غَرْبِکَ وَ یَفِیءُ إِلَیْکَ بِمَا عَزَبَ عَنْکَ مِنْ عَقْلِکَ
إِیَّاکَ وَ مُسَامَاهَ اللَّهِ فِی عَظَمَتِهِ وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِی جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ یُذِلُّ کُلَّ جَبَّارٍ وَ یُهِینُ کُلَّ مُخْتَالٍ
أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِکَ وَ مِنْ خَاصَّهِ أَهْلِکَ وَ مَنْ لَکَ فِیهِ هَوًى مِنْ رَعِیَّتِکَ فَإِنَّکَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ
وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ کَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ
وَ کَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى یَنْزِعَ أَوْ یَتُوبَ وَ لَیْسَ شَیْءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْیِیرِ نِعْمَهِ اللَّهِ وَ تَعْجِیلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَهٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِیعٌ دَعْوَهَ الْمُضْطَهَدِینَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِینَ بِالْمِرْصَادِ
وَ لْیَکُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَیْکَ أَوْسَطُهَا فِی الْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِی الْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِیَّهِ فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّهِ یُجْحِفُ بِرِضَى الْخَاصَّهِ وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّهِ یُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى الْعَامَّهِ
وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِیَّهِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِی مَئُونَهً فِی الرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَهً لَهُ فِی الْبَلَاءِ وَ أَکْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُکْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّهِ
وَ إِنَّمَا عِمَادُ الدِّینِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِینَ وَ الْعُدَّهُ لِلْأَعْدَاءِ الْعَامَّهُ مِنَ الْأُمَّهِ فَلْیَکُنْ صِغْوُکَ لَهُمْ وَ مَیْلُکَ مَعَهُمْ
وَ لْیَکُنْ أَبْعَدَ رَعِیَّتِکَ مِنْکَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَکَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَایِبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِی النَّاسِ عُیُوباً الْوَالِی أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَکْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْکَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَیْکَ تَطْهِیرُ مَا ظَهَرَ لَکَ
وَ اللَّهُ یَحْکُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْکَ فَاسْتُرِ الْعَوْرَهَ مَا اسْتَطَعْتَ یَسْتُرِ اللَّهُ مِنْکَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِیَّتِکَ
أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَهَ کُلِّ حِقْدٍ وَ اقْطَعْ عَنْکَ سَبَبَ کُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ کُلِّ مَا لَا یَضِحُ لَکَ وَ لَا تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِیقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِیَ غَاشٌّ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِینَ
وَ لَا تُدْخِلَنَّ فِی مَشُورَتِکَ بَخِیلًا یَعْدِلُ بِکَ عَنِ الْفَضْلِ وَ یَعِدُکَ الْفَقْرَ وَ لَا جَبَاناً یُضْعِفُکَ عَنِ الْأُمُورِ وَ لَا حَرِیصاً یُزَیِّنُ لَکَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى یَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ
إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِکَ مَنْ کَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَکَ وَزِیراً وَ مَنْ شَرِکَهُمْ فِی الْآثَامِ فَلَا یَکُونَنَّ لَکَ بِطَانَهً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَهِ وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَهِ
وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَیْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَیْسَ عَلَیْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ یُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَى إِثْمِهِ
أُولَئِکَ أَخَفُّ عَلَیْکَ مَئُونَهً وَ أَحْسَنُ لَکَ مَعُونَهً وَ أَحْنَى عَلَیْکَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَیْرِکَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِکَ خَاصَّهً لِخَلَوَاتِکَ وَ حَفَلَاتِکَ
ثُمَّ لْیَکُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَکَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَکَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَهً فِیمَا یَکُونُ مِنْکَ مِمَّا کَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِیَائِهِ وَاقِعاً ذَلِکَ مِنْ هَوَاکَ حَیْثُ وَقَعَ
وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلَّا یُطْرُوکَ وَ لَا یَبْجَحُوکَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ کَثْرَهَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِی مِنَ الْعِزَّهِ
وَ لَا یَکُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِیءُ عِنْدَکَ بِمَنْزِلَهٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِی ذَلِکَ تَزْهِیداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِی الْإِحْسَانِ وَ تَدْرِیباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَهِ عَلَى الْإِسَاءَهِ وَ أَلْزِمْ کُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ
وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَیْسَ شَیْءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِیَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَیْهِمْ وَ تَخْفِیفِهِ الْمَئُونَاتِ عَلَیْهِمْ وَ تَرْکِ اسْتِکْرَاهِهِ إِیَّاهُمْ عَلَى مَا لَیْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ
فَلْیَکُنْ مِنْکَ فِی ذَلِکَ أَمْرٌ یَجْتَمِعُ لَکَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِیَّتِکَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ یَقْطَعُ عَنْکَ نَصَباً طَوِیلًا
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّکَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُکَ عِنْدَهُ
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّکَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُکَ عِنْدَهُ وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّهً صَالِحَهً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّهِ وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَهُ وَ صَلَحَتْ عَلَیْهَا الرَّعِیَّهُ وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّهً تَضُرُّ بِشَیْءٍ مِنْ مَاضِی تِلْکَ السُّنَنِ فَیَکُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ الْوِزْرُ عَلَیْکَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا
وَ أَکْثِرْ مُدَارَسَهَ الْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَهَ الْحُکَمَاءِ فِی تَثْبِیتِ مَا صَلَحَ عَلَیْهِ أَمْرُ بِلَادِکَ وَ إِقَامَهِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَکَ
وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِیَّهَ طَبَقَاتٌ لَا یَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا کُتَّابُ الْعَامَّهِ وَ الْخَاصَّهِ وَ مِنْهَا قُضَاهُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ
وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْیَهِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّهِ وَ مُسْلِمَهِ النَّاسِ وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ
وَ مِنْهَا الطَّبَقَهُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِی الْحَاجَهِ وَ الْمَسْکَنَهِ
وَ کُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِیضَهً فِی کِتَابِهِ أَوْ سُنَّهِ نَبِیِّهِ ( صلىاللهعلیهوآلهوسلم )عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً
فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِیَّهِ وَ زَیْنُ الْوُلَاهِ وَ عِزُّ الدِّینِ وَ سُبُلُ الْأَمْنِ وَ لَیْسَ تَقُومُ الرَّعِیَّهُ إِلَّا بِهِمْ
ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا یُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِی یَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَ یَعْتَمِدُونَ عَلَیْهِ فِیمَا یُصْلِحُهُمْ وَ یَکُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ
ثُمَّ لَا قِوَامَ لِهَذَیْنِ الصِّنْفَیْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاهِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْکُتَّابِ لِمَا یُحْکِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ وَ یَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ یُؤْتَمَنُونَ عَلَیْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا
وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِیعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ فِیمَا یَجْتَمِعُونَ عَلَیْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ یُقِیمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ یَکْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَیْدِیهِمْ مَا لَا یَبْلُغُهُ رِفْقُ غَیْرِهِمْ
ثُمَّ الطَّبَقَهُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَهِ وَ الْمَسْکَنَهِ الَّذِینَ یَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ
وَ فِی اللَّهِ لِکُلٍّ سَعَهٌ وَ لِکُلٍّ عَلَى الْوَالِی حَقٌّ بِقَدْرِ مَا یُصْلِحُهُ وَ لَیْسَ یَخْرُجُ الْوَالِی مِنْ حَقِیقَهِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِکَ إِلَّا بِالِاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَهِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِینِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَ الصَّبْرِ عَلَیْهِ فِیمَا خَفَّ عَلَیْهِ أَوْ ثَقُلَ:
فَوَلِّ مِنْ جُنُودِکَ أَنْصَحَهُمْ فِی نَفْسِکَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِکَ وَ أَنْقَاهُمْ جَیْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً
مِمَّنْ یُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ یَسْتَرِیحُ إِلَى الْعُذْرِ وَ یَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ یَنْبُو عَلَى الْأَقْوِیَاءِ وَ مِمَّنْ لَا یُثِیرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا یَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ
ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِی الْمُرُوءَاتِ وَ الْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَهِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَهِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَهِ وَ الشَّجَاعَهِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَهِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْکَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ
ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا یَتَفَقَّدُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لَا یَتَفَاقَمَنَّ فِی نَفْسِکَ شَیْءٌ قَوَّیْتَهُمْ بِهِ وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِیَهٌ لَهُمْ إِلَى بَذْلِ النَّصِیحَهِ لَکَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِکَ
وَ لَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِیفِ أُمُورِهِمُ اتِّکَالًا عَلَى جَسِیمِهَا فَإِنَّ لِلْیَسِیرِ مِنْ لُطْفِکَ مَوْضِعاً یَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِیمِ مَوْقِعاً لَا یَسْتَغْنُونَ عَنْهُ
وَ لْیَکُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِکَ عِنْدَکَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِی مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَیْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا یَسَعُهُمْ وَ یَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِیهِمْ حَتَّى یَکُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِی جِهَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَکَ عَلَیْهِمْ یَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَیْکَ
وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّهِ عَیْنِ الْوُلَاهِ اسْتِقَامَهُ الْعَدْلِ فِی الْبِلَادِ وَ ظُهُورُ مَوَدَّهِ الرَّعِیَّهِ
و إِنَّهُ لَا تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلَّا بِسَلَامَهِ صُدُورِهِمْ وَ لَا تَصِحُّ نَصِیحَتُهُمْ إِلَّا بِحِیطَتِهِمْ عَلَى وُلَاهِ الْأُمُورِ وَ قِلَّهِ اسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْکِاسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ
فَافْسَحْ فِی آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ فِی حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِمْ وَ تَعْدِیدِ مَا أَبْلَى ذَوُو الْبَلَاءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ کَثْرَهَ الذِّکْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ النَّاکِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
ثُمَّ اعْرِفْ لِکُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَیْرِهِ وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَایَهِ بَلَائِهِ وَ لَا یَدْعُوَنَّکَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا کَانَ صَغِیراً وَ لَا ضَعَهُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا کَانَ عَظِیماً
وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا یُضْلِعُکَ مِنَ الْخُطُوبِ وَ یَشْتَبِهُ عَلَیْکَ مِنَ الْأُمُورِ
فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْکُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ
فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْکَمِ کِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَهِ غَیْرِ الْمُفَرِّقَهِ:
ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُکْمِ بَیْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِیَّتِکَ فِی نَفْسِکَ مِمَّنْ لَا تَضِیقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا تُمَحِّکُهُ الْخُصُومُ وَ لَا یَتَمَادَى فِی الزَّلَّهِ وَ لَا یَحْصَرُ مِنَ الْفَیْءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَعٍ وَ لَا یَکْتَفِی بِأَدْنَى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ
وَ أَوْقَفَهُمْ فِی الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَهِ الْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَى تَکَشُّفِ الْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُکْمِ مِمَّنْ لَا یَزْدَهِیهِ إِطْرَاءٌ وَ لَا یَسْتَمِیلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِکَ قَلِیلٌ
ثُمَّ أَکْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ افْسَحْ لَهُ فِی الْبَذْلِ مَا یُزِیلُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَهِ لَدَیْکَ مَا لَا یَطْمَعُ فِیهِ غَیْرُهُ مِنْ خَاصَّتِکَ لِیَأْمَنَ بِذَلِکَ اغْتِیَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَکَ
فَانْظُرْ فِی ذَلِکَ نَظَراً بَلِیغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّینَ قَدْ کَانَ أَسِیراً فِی أَیْدِی الْأَشْرَارِ یُعْمَلُ فِیهِ بِالْهَوَى وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْیَا:
ثُمَّ انْظُرْ فِی أُمُورِ عُمَّالِکَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً وَ لَا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاهً وَ أَثَرَهً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِیَانَهِ
وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَهِ وَ الْحَیَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَهِ وَ الْقَدَمِ فِی الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمَهِ فَإِنَّهُمْ أَکْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِی الْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً وَ أَبْلَغُ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً
ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَیْهِمُ الْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِکَ قُوَّهٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَیْدِیهِمْ وَ حُجَّهٌ عَلَیْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَکَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَکَ
ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ ابْعَثِ الْعُیُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَکَ فِی السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَهٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَهِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِیَّهِ
وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ یَدَهُ إِلَى خِیَانَهٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَیْهِ عِنْدَکَ أَخْبَارُ عُیُونِکَ اکْتَفَیْتَ بِذَلِکَ شَاهِداً
فَبَسَطْتَ عَلَیْهِ الْعُقُوبَهَ فِی بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّهِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِیَانَهِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَهِ:
وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا یُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِی صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ کُلَّهُمْ عِیَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ
وَ لْیَکُنْ نَظَرُکَ فِی عِمَارَهِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِکَ فِی اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یُدْرَکُ إِلَّا بِالْعِمَارَهِ وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَیْرِ عِمَارَهٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَ أَهْلَکَ الْعِبَادَ وَ لَمْ یَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِیلًا
فَإِنْ شَکَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّهً أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّهٍ أَوْ إِحَالَهَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ یَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ
وَ لَا یَثْقُلَنَّ عَلَیْکَ شَیْءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَهَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ یَعُودُونَ بِهِ عَلَیْکَ فِی عِمَارَهِ بِلَادِکَ وَ تَزْیِینِ وِلَایَتِکَ
مَعَ اسْتِجْلَابِکَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِکَ بِاسْتِفَاضَهِ الْعَدْلِ فِیهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِکَ لَهُمْ وَ الثِّقَهَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِکَ عَلَیْهِمْ وَ رِفْقِکَ بِهِمْ
فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِیهِ عَلَیْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَیِّبَهً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ
وَ إِنَّمَا یُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا یُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاهِ عَلَى الْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّهِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ:
ثُمَّ انْظُرْ فِی حَالِ کُتَّابِکَ فَوَلِّ عَلَى أُمُورِکَ خَیْرَهُمْ وَ اخْصُصْ رَسَائِلَکَ الَّتِی تُدْخِلُ فِیهَا مَکَایِدَکَ وَ أَسْرَارَکَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْکَرَامَهُ فَیَجْتَرِئَ بِهَا عَلَیْکَ فِی خِلَافٍ لَکَ بِحَضْرَهِ مَلَإٍ
وَ لَا تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَهُ عَنْ إِیرَادِ مُکَاتَبَاتِ عُمِّالِکَ عَلَیْکَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْکَ فِیمَا یَأْخُذُ لَکَ وَ یُعْطِی مِنْکَ وَ لَا یُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَکَ وَ لَا یَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَیْکَ
وَ لَا یَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِی الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ یَکُونُ بِقَدْرِ غَیْرِهِ أَجْهَلَ
ثُمَّ لَا یَکُنِ اخْتِیَارُکَ إِیَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِکَ وَ اسْتِنَامَتِکَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْکَ فَإِنَّ الرِّجَالَ یَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاهِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ وَ لَیْسَ وَرَاءَ ذَلِکَ مِنَ النَّصِیحَهِ وَ الْأَمَانَهِ شَیْءٌ
وَ لَکِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِینَ قَبْلَکَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ کَانَ فِی الْعَامَّهِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَهِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِکَ دَلِیلٌ عَلَى نَصِیحَتِکَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّیتَ أَمْرَهُ
وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ کُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِکَ رَأْساً مِنْهُمْ لَا یَقْهَرُهُ کَبِیرُهَا وَ لَا یَتَشَتَّتُ عَلَیْهِ کَثِیرُهَا وَ مَهْمَا کَانَ فِی کُتَّابِکَ مِنْ عَیْبٍ فَتَغَابَیْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ
ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَیْراً الْمُقِیمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ الْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ
فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ وَ جُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ فِی بَرِّکَ وَ بَحْرِکَ وَ سَهْلِکَ وَ جَبَلِکَ وَ حَیْثُ لَا یَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا یَجْتَرِءُونَ عَلَیْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِکَ وَ فِی حَوَاشِی بِلَادِکَ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِکَ أَنَّ فِی کَثِیرٍ مِنْهُمْ ضِیقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِیحاً وَ احْتِکَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَکُّماً فِی الْبِیَاعَاتِ وَ ذَلِکَ بَابُ مَضَرَّهٍ لِلْعَامَّهِ وَ عَیْبٌ عَلَى الْوُلَاهِ
فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِکَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلىاللهعلیهوآلهوسلم )مَنَعَ مِنْهُ وَ لْیَکُنِ الْبَیْعُ بَیْعاً سَمْحاً بِمَوَازِینِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ
فَمَنْ قَارَفَ حُکْرَهً بَعْدَ نَهْیِکَ إِیَّاهُ فَنَکِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ فِی غَیْرِ إِسْرَافٍ:
ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِی الطَّبَقَهِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِینَ لَا حِیلَهَ لَهُمْ مِنَ الْمَسَاکِینِ وَ الْمُحْتَاجِینَ وَ أَهْلِ الْبُؤْسَى وَ الزَّمْنَى فَإِنَّ فِی هَذِهِ الطَّبَقَهِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً
وَ احْفَظِ لِلَّهِ مَا اسْتَحْفَظَکَ مِنْ حَقِّهِ فِیهِمْ وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَیْتِ مَالِکِ وَ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ صَوَافِی الْإِسْلَامِ فِی کُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِی لِلْأَدْنَى
وَ کُلٌّ قَدِ اسْتُرْعِیتَ حَقَّهُ وَ لَا یَشْغَلَنَّکَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّکَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْیِیعِکَ التَّافِهَ لِإِحْکَامِکَ الْکَثِیرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّکَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لَهُمْ
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لَا یَصِلُ إِلَیْکَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُیُونُ وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِکَ ثِقَتَکَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْیَهِ وَ التَّوَاضُعِ فَلْیَرْفَعْ إِلَیْکَ أُمُورَهُمْ
ثُمَّ اعْمَلْ فِیهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ یَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَیْنِ الرَّعِیَّهِ أَحْوَجُ إِلَى الْإِنْصَافِ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ کُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ فِی تَأْدِیَهِ حَقِّهِ إِلَیْهِ
وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْیُتْمِ وَ ذَوِی الرِّقَّهِ فِی السِّنِّ مِمَّنْ لَا حِیلَهَ لَهُ وَ لَا یَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَهِ نَفْسَهُ وَ ذَلِکَ عَلَى الْوُلَاهِ ثَقِیلٌ وَ الْحَقُّ کُلُّهُ ثَقِیلٌ وَ قَدْ یُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَهَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ:
وَ اجْعَلْ لِذَوِی الْحَاجَاتِ مِنْکَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِیهِ شَخْصَکَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِیهِ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَکَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَکَ وَ أَعْوَانَکَ مِنْ أَحْرَاسِکَ وَ شُرَطِکَ حَتَّى یُکَلِّمَکَ مُتَکَلِّمُهُمْ غَیْرَ مُتَتَعْتِعٍ
فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله علیه وآله وسلم )یَقُولُ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّهٌ لَا یُؤْخَذُ لِلضَّعِیفِ فِیهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِیِّ غَیْرَ مُتَتَعْتِعٍ
ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِیَّ وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّیقَ وَ الْأَنَفَ یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْکَ بِذَلِکَ أَکْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ یُوجِبْ لَکَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَیْتَ هَنِیئاً وَ امْنَعْ فِی إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ
ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِکَ لَا بُدَّ لَکَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَهُ عُمَّالِکَ بِمَا یَعْیَا عَنْهُ کُتَّابُکَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ یَوْمَ وُرُودِهَا عَلَیْکَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِکَ
وَ أَمْضِ لِکُلِّ یَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِکُلِّ یَوْمٍ مَا فِیهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِکَ فِیمَا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْکَ الْمَوَاقِیتِ وَ أَجْزَلَ تِلْکَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ کَانَتْ کُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِیهَا النِّیَّهُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیَّهُ
وَ لْیَکُنْ فِی خَاصَّهِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِینَکَ إِقَامَهُ فَرَائِضِهِ الَّتِی هوَ الْأَنَفَ یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْکَ بِذَلِکَ أَکْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ یُوجِبْ لَکَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَیْتَ هَنِیئاً وَ امْنَعْ فِی إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ
ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِکَ لَا بُدَّ لَکَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَهُ عُمَّالِکَ بِمَا یَعْیَا عَنْهُ کُتَّابُکَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ یَوْمَ وُرُودِهَا عَلَیْکَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِکَ
وَ أَمْضِ لِکُلِّ یَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِکُلِّ یَوْمٍ مَا فِیهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِکَ فِیمَا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْکَ الْمَوَاقِیتِ وَ أَجْزَلَ تِلْکَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ کَانَتْ کُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِیهَا النِّیَّهُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیَّهُ
وَ لْیَکُنْ فِی خَاصَّهِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِینَکَ إِقَامَهُ فَرَائِضِهِ الَّتِی هِیَ لَهُ خَاصَّهً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِکَ فِی لَیْلِکَ وَ نَهَارِکَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِکَ کَامِلًا غَیْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِکَ مَا بَلَغَ
وَ إِذَا قُمْتَ فِی صَلَاتِکَ لِلنَّاسِ فَلَا تَکُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَیِّعاً فَإِنَّ فِی النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّهُ وَ لَهُ الْحَاجَهُ
وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله علیه وآله وسلم )حِینَ وَجَّهَنِی إِلَى الْیَمَنِ کَیْفَ أُصَلِّی بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ کَصَلَاهِ أَضْعَفِهِمْ وَ کُنْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً
وَ أَمَّا بَعْدُ فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَکَ عَنْ رَعِیَّتِکَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاهِ عَنِ الرَّعِیَّهِ شُعْبَهٌ مِنَ الضِّیقِ وَ قِلَّهُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ
وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ یَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَیَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْکَبِیرُ وَ یَعْظُمُ الصَّغِیرُ وَ یَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ یَحْسُنُ الْقَبِیحُ وَ یُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ
وَ إِنَّمَا الْوَالِی بَشَرٌ لَا یَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَیْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْکَذِبِ
وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَیْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُکَ بِالْبَذْلِ فِی الْحَقِّ فَفِیمَ احْتِجَابُکَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِیهِ أَوْ فِعْلٍ کَرِیمٍ تُسْدِیهِ أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ کَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِکَ إِذَا أَیِسُوا مِنْ بَذْلِکَ
مَعَ أَنَّ أَکْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَیْکَ مِمَّا لَا مَئُونَهَ فِیهِ عَلَیْکَ مِنْ شَکَاهِ مَظْلِمَهٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَهٍ:
ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِی خَاصَّهً وَ بِطَانَهً فِیهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّهُ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَهٍ فَاحْسِمْ مَادَّهَ أُولَئِکَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْکَ الْأَحْوَالِ
وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِیَتِکَ وَ حَامَّتِکَ قَطِیعَهً وَ لَا یَطْمَعَنَّ مِنْکَ فِی اعْتِقَادِ عُقْدَهٍ تَضُرُّ بِمَنْ یَلِیهَا مِنَ النَّاسِ فِی شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَکٍ یَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَى غَیْرِهِمْ فَیَکُونَ مَهْنَأُ ذَلِکَ لَهُمْ دُونَکَ وَ عَیْبُهُ عَلَیْکَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَهِ
وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ وَ کُنْ فِی ذَلِکَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِکَ مِنْ قَرَابَتِکَ وَ خَاصَّتِکَ حَیْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا یَثْقُلُ عَلَیْکَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّهَ ذَلِکَ مَحْمُودَهٌ
وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِیَّهُ بِکَ حَیْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِکَ وَ اعْدِلْ عَنْکَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِکَ فَإِنَّ فِی ذَلِکَ رِیَاضَهً مِنْکَ لِنَفْسِکَ وَ رِفْقاً بِرَعِیَّتِکَ وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَکَ مِنْ تَقْوِیمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ:
وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاکَ إِلَیْهِ عَدُوُّکَ و لِلَّهِ فِیهِ رِضًا فَإِنَّ فِی الصُّلْحِ دَعَهً لِجُنُودِکَ وَ رَاحَهً مِنْ هُمُومِکَ وَ أَمْناً لِبِلَادِکَ
وَ لَکِنِ الْحَذَرَ کُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّکَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِیَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِی ذَلِکَ حُسْنَ الظَّنِّ
وَ إِنْ عَقَدْتَ بَیْنَکَ وَ بَیْنَ عَدُوِّکَ عُقْدَهً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْکَ ذِمَّهً فَحُطْ عَهْدَکَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَکَ بِالْأَمَانَهِ وَ اجْعَلْ نَفْسَکَ جُنَّهً دُونَ مَا أَعْطَیْتَ
فَإِنَّهُ لَیْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَیْءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَیْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِیمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِکَ الْمُشْرِکُونَ فِیمَا بَیْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِینَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ
فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِکَ وَ لَا تَخِیسَنَّ بِعَهْدِکَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّکَ فَإِنَّهُ لَا یَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِیٌّ
وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَیْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِیماً یَسْکُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَ یَسْتَفِیضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَهَ وَ لَا خِدَاعَ فِیهِ
وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِیهِ الْعِلَلَ وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْکِیدِ وَ التَّوْثِقَهِ
وَ لَا یَدْعُوَنَّکَ ضِیقُ أَمْرٍ لَزِمَکَ فِیهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَیْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَکَ عَلَى ضِیقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَیْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِیطَ بِکَ مِنَ اللَّهِ فِیهِ طِلْبَهٌ لَا تَسْتَقْبِلُ فِیهَا دُنْیَاکَ وَ لَا آخِرَتَکَ:
إِیَّاکَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْکَهَا بِغَیْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَیْسَ شَیْءٌ أَدْعَى لِنِقْمَهٍ وَ لَا أَعْظَمَ لِتَبِعَهٍ وَ لَا أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَهٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّهٍ مِنْ سَفْکِ الدِّمَاءِ بِغَیْرِ حَقِّهَا وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُکْمِ بَیْنَ الْعِبَادِ فِیمَا تَسَافَکُوا مِنَ الدِّمَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَهِ
فَلَا تُقَوِّیَنَّ سُلْطَانَکَ بِسَفْکِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِکَ مِمَّا یُضْعِفُهُ وَ یُوهِنُهُ بَلْ یُزِیلُهُ وَ یَنْقُلُهُ وَ لَا عُذْرَ لَکَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِی فِی قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِیهِ قَوَدَ الْبَدَنِ
وَ إِنِ ابْتُلِیتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَیْکَ سَوْطُکَ أَوْ سَیْفُکَ أَوْ یَدُکَ بِالْعُقُوبَهِ فَإِنَّ فِی الْوَکْزَهِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَهً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِکَ نَخْوَهُ سُلْطَانِکَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّیَ إِلَى أَوْلِیَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ:
وَ إِیَّاکَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِکَ وَ الثِّقَهَ بِمَا یُعْجِبُکَ مِنْهَا وَ حُبَ الْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِکَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّیْطَانِ فِی نَفْسِهِ لِیَمْحَقَ مَا یَکُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِینَ
وَ إِیَّاکَ وَ الْمَنَّ عَلَى رَعِیَّتِکَ بِإِحْسَانِکَ أَوِ التَّزَیُّدَ فِیمَا کَانَ مِنْ فِعْلِکَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَکَ بِخُلْفِکَ
فَإِنَّ الْمَنَّ یُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَ التَّزَیُّدَ یَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ وَ الْخُلْفَ یُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ النَّاسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ
وَ إِیَّاکَ وَ الْعَجَلَهَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ التَّسَقُّطَ فِیهَا عِنْدَ إِمْکَانِهَا أَوِ اللَّجَاجَهَ فِیهَا إِذَا تَنَکَّرَتْ أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ کُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ کُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ
وَ إِیَّاکَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِیهِ أُسْوَهٌ وَ التَّغَابِیَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُیُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْکَ لِغَیْرِکَ وَ عَمَّا قَلِیلٍ تَنْکَشِفُ عَنْکَ أَغْطِیَهُ الْأُمُورِ وَ یُنْتَصَفُ مِنْکَ لِلْمَظْلُومِ
امْلِکْ حَمِیَّهَ أَنْفِکَ وَ سَوْرَهَ حَدِّکَ وَ سَطْوَهَ یَدِکَ وَ غَرْبَ لِسَانِکَ وَ احْتَرِسْ مِنْ کُلِّ ذَلِکَ بِکَفِّ الْبَادِرَهِ وَ تَأْخِیرِ السَّطْوَهِ حَتَّى یَسْکُنَ غَضَبُکَ فَتَمْلِکَ الِاخْتِیَارَ وَ لَنْ تَحْکُمَ ذَلِکَ مِنْ نَفْسِکَ حَتَّى تُکْثِرَ هُمُومَکَ بِذِکْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّکَ وَ الْوَاجِبُ عَلَیْکَ أَنْ تَتَذَکَّرَ مَا مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَکَ مِنْ حُکُومَهٍ عَادِلَهٍ أَوْ سُنَّهٍ فَاضِلَهٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِیِّنَا ( صلىاللهعلیهوآلهوسلم )أَوْ فَرِیضَهٍ فِی کِتَابِ اللَّهِ
فَتَقْتَدِیَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِیهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِکَ فِی اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَیْکَ فِی عَهْدِی هَذَا وَ اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّهِ لِنَفْسِی عَلَیْکَ لِکَیْلَا تَکُونَ لَکَ عِلَّهٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِکَ إِلَى هَوَاهَا:
وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ بِسَعَهِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِعْطَاءِ کُلِّ رَغْبَهٍ أَنْ یُوَفِّقَنِی وَ إِیَّاکَ لِمَا فِیهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَهِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَیْهِ وَ إِلَى خَلْقِهِ
مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِی الْعِبَادِ وَ جَمِیلِ الْأَثَرِ فِی الْبِلَادِ وَ تَمَامِ النِّعْمَهِ وَ تَضْعِیفِ الْکَرَامَهِ وَ أَنْ یَخْتِمَ لِی وَ لَکَ بِالسَّعَادَهِ وَ الشَّهَادَهِ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ
وَ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً کَثِیراً وَ السَّلَامُ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۲۰
المختار الثانی و الخمسون من کتبه علیه السلام
و من عهد له علیه السلام کتبه للاشتر النخعی رحمه الله، لما ولاه على مصر و أعمالها حین اضطرب أمر محمد بن أبى بکر، و هو أطول عهد و اجمع کتبه للمحاسن مالک بن الحارث الأشتر النخعی قد عده الشیخ رحمه الله فی رجاله من أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام و قال فی القسم الأول من الخلاصه: «و هو ما اجتمع فیه الصحاح و الحسان» مالک بن الأشتر قدس الله روحه و رضی الله عنه جلیل القدر عظیم المنزله کان اختصاصه بعلی علیه السلام أظهر من أن یخفی، و تأسف أمیر المؤمنین لموته و قال: لقد کان لی مثل ما کنت لرسول الله صلى الله علیه و آله، انتهى، و قد روی عن الکشی فیه روایات:
فمنها ما عن الفضل بن شاذان أنه من التابعین الکبار و رؤسائهم و زهادهم.
و منها ما رواه مرسلا بقوله لما نعی الأشتر مالک بن الحارث النخعی أمیر المؤمنین علیه السلام تأوه حزنا، ثم قال: رحم الله مالکا و ما مالک؟! عز علی به هالکا لو کان صخرا لکان صلدا و لو کان جبلا لکان فندا و کأنه قدمنی قدا.
و منها ما رواه هو عن محمد بن علقمه بن الأسود النخعی، قال: خرجت فی رهط ارید الحج، منهم مالک بن الحارث الأشتر و عبد الله بن الفضل التمیمی و رفاعه بن شداد البجلی حتى قدمنا الربذه، فاذا امرأه على قارعه الطریق تقول:
یا عباد الله المسلمین هذا أبوذر صاحب رسول الله صلى الله علیه و آله هلک غریبا لیس لی أحد یعیننی علیه، قال: فنظر بعضنا إلى بعض و حمدنا الله على ما ساق إلینا و استرجعنا على عظیم المصیبه، ثم أقبلنا معها فجهزناه و تنافسنا فی کفنه حتى خرج من بیننا بالسواء، ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه، ثم قدمنا الأشتر فصلى بنا علیه، ثم دفناه، فقام الأشتر على قبره ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله علیه و آله عبدک فی العابدین و جاهد فیک المشرکین، لم یغیر و لم یبدل لکنه
رأى منکرا فغیره بلسانه و قلبه حتى جفی و نفى و حرم و احتقر ثم مات وحیدا غریبا، اللهم فاقصم من حرمه و نفاه عن مهاجره حرم رسولک، قال: فرفعنا أیدینا جمیعا و قلنا آمین، ثم قدمت الشاه التی صنعت فقالت: إنه قد أقسم علیکم أن لا تبرحوا حتى تتغدوا فتغدینا و ارتحلنا.
و منها ما روی عن حلام دلف الغفاری و کانت له صحبه، قال: مکث أبو ذر بالربذه حتى مات فلما حضرته الوفاه قال لامرأته: اذبحی شاه من غنمک و اصنعیها فاذا نضجت فاقعدی على قارعه الطریق فاول رکب تریهم قولی یا عباد الله المسلمین هذا أبو ذر صاحب رسول الله قد قضى نحبه و لقى ربه فأعینونى علیه و أجیبوه.
فان رسول الله صلى الله علیه و آله أخبرنی أنى أموت فی أرض غربه و أنه یلی غسلی و دفنی و الصلاه على رجال من امته صالحون.
و منها ما فی البحار من أنه مما کتب أمیر المؤمنین إلى مالک الأشتر لما نعی إلیه محمد بن أبی بکر و کان مقیما بنصیبین، أما بعد فانک ممن أستظهر به على إقامه الدین و أقمع به نخوه الاثیم و أسد به الثغر المخوف، و قد کنت ولیت محمد ابن أبی بکر مصر فخرج خوارج و کان حدثا لا علم له بالحرب فاستشهد فاقدم إلی لننظر فی امور مصر و استخلف على عملک أهل الثقه و النصیحه من أصحابک و استخلف مالک بن شبیب بن عامر.
و قد ذکر جماعه من أهل السیر أنه لما بلغ معاویه إرسال علی علیه السلام الأشتر إلى مصر عظم ذلک إلیه و بعث إلى رجل من أهل الخراج و قیل: دس إلیه مولى عمر، و قیل مولى عثمان فاغتاله فسقاه السم فهلک، و لما بلغ معاویه موته خطب الناس فقال: أما بعد فانه کان لعلی بن أبی طالب یمینان قطعت إحداهما یوم صفین و هو عمار بن یاسر و قد قطعت الاخرى الیوم و هو مالک بن الأشتر.
و فی شرح ابن أبی الحدید أنه کان فارسا شجاعا رئیسا من أکابر الشیعه و عظمائها شدید التحقق بولاء أمیر المؤمنین علیه السلام و نصره و قال فیه بعد موته: رحم الله مالکا فلقد کان لی کما کنت لرسول الله صلى الله علیه و آله.
أقول: إن الأشتر کان رجل فذ من نخع أحد قبائل یمن و قد کان أکثر أهل یمن ذووا بصیره فی الدین و من المخلصین لأمیر المؤمنین لوجوه:
۱- أن مقاطعه یمن دخل تحت حمایه فارس منذ زمان کسرى أنوشروان و أنها صارت تحت إداره الفرس عشرات من السنین و اختلطت سکانها بالفرس فکانوا ذوی بصیره و أجابوا إلى الاسلام عن طوع و إراده و اتصلوا بأهل بیت النبی صلى الله علیه و آله فنشأ فیهم رجال من المخلصین لعلی علیه السلام العارفین بحقه أمثال مالک الأشتر النخعی و کمیل بن زیاد النخعی.
۲- أن رسول الله صلى الله علیه و آله خص أهل یمن بأن بعث علیهم علی بن أبی طالب علیه السلام غیر مره، قال فی «ص ۴۱۵ ج ۲ من سیره ابن هشام ط مصر»:«غزوه علی بن أبی طالب رضوان الله علیه إلى الیمن»:و غزوه علی بن أبی طالب رضوان الله علیه الیمن غزاها مرتین، قال ابن هشام: قال أبو عمرو المدنی: بعث رسول الله صلى الله علیه و آله علی بن أبی طالب إلى الیمن و بعث خالد بن الولید فی جند آخر و قال: إن التقیتما فالأمیر علی بن أبی طالب.
و کان علی علیه السلام سنه حجه الوداع فی یمن و التحق برسول الله صلى الله علیه و آله فی الحج و قد أحرم على إحرام رسول الله صلى الله علیه و آله فاشترک معه فی الهدی الذی ساقه.
قال ابن هشام فی سیرته «ص ۳۸۹ ج ۲ ط مصر»:قال ابن إسحاق: و حدثنی عبد الله بن أبی نجیح أن رسول الله صلى الله علیه و آله کان بعث علیا رضی الله عنه إلى نجران فلقیه بمکه و قد أحرم فدخل على فاطمه بنت رسول الله رضی الله عنها فوجدها قد حلت و تهیأت فقال: ما لک یا بنت رسول الله؟
قالت: أمرنا رسول الله أن نحل بعمره فحللنا، ثم أتى رسول الله صلى الله علیه و آله فلما فرغ من الخبر عن سفره قال له رسول الله صلى الله علیه و آله: انطلق فطف بالبیت و حل کما حل أصحابک قال: یا رسول الله إنی أهللت کما أهللت فقال: ارجع فاحلل کما حل أصحابک قال: یا رسول الله إنی قلت حین أحرمت: اللهم إنی اهل بما أهل به نبیک و عبدک و رسولک محمد صلى الله علیه و آله، قال: فهل معک من هدی؟ قال: لا، فأشرکه
رسول الله فی هدیه و ثبت على إحرامه مع رسول الله صلى الله علیه و آله حتى فرغا من الحج و نحر رسول الله صلى الله علیه و آله الهدی عنهما.
قال ابن إسحاق: و حدثنی یحیى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبی عمره عن یزید بن طلحه بن یزید بن دکانه قال: لما أقبل علی رضی الله عنه من الیمن لتلقى رسول الله صلى الله علیه و آله بمکه تعجل إلى رسول الله صلى الله علیه و آله فاستخلف على جنده الذین معه رجلا من أصحابه فعمد ذلک الرجل فکسا کل رجل من القوم حله من البز الذی کان مع علی رضی الله عنه، فلما دنا جیشه خرج لیلقاهم فاذا علیهم الحلل قال: ویلک ما هذا؟ قال: کسوت القوم لیتجملوا به إذا قدموا فی الناس، قال:ویلک انزع قبل أن تنتهی به إلى رسول الله صلى الله علیه و آله قال: فانزع الحلل من الناس فردها فی البز قال: و أظهر الجیش شکواه لما صنع بهم.
قال ابن إسحاق: فحدثنی عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سلیمان ابن محمد بن کعب بن عجره، عن عمته زینب بنت کعب و کانت عند أبی سعید الخدری عن أبی سعید الخدری قال: اشتکى الناس علیا رضوان الله علیه فقام رسول الله فینا خطیبا فسمعته یقول:
أیها الناس لا تشکوا علیا فوالله إنه لأخشن فی ذات الله أو فی سبیل الله من أن یشکى، انتهى ما أردنا نقله عن السیره لابن هشام.
فمما ذکرنا یظهر أن عرب یمن و قبائله الذین سکنوا کوفه بعد الفتح الاسلامی کانوا أهل بصیره بالدین و أهل إخلاص لأهل بیت النبی و أمیر المؤمنین علیه السلام، و من هذه الجهه لما جمع طلحه و الزبیر الجموع فی بصره بغیا على حکومه علی علیه السلام خرج علی إلیهم من مدینه بما لا یبلغ ألف نفس من کبار أصحاب النبی اعتمادا على نصره أهل کوفه فاستنصر منهم فنصروه، فانهزم أصحاب الجمل و أکثر المهاجرین فی الکوفه من قبائل یمن
موقعیه مصر فی الحکومه الاسلامیه
مصر من البلاد العریقه فی المدنیه منذ آلاف من القرون، و قد کشف الباحثون فیها آثار المدنیه إلى ما یزید عن عشرات من القرون، و برع فیها جمع من الفلاسفه الأول قد استمد یونان فی عصره الذهبی من تعلیمات شائعه فیها، ثم عقب ذلک بحکومه البطالسه فیها فأسسوا فیها دور الحکمه و ألفوا کتبا قیمه بقی منها نحو مجسطی، فکانت مصر متهیئه لبیان دقائق النظم الاجتماعیه و القضائیه و العسکریه أکثر من سائر البلاد.
و هذا هو السبب فی تطویل هذا العهد و تعرضه لکافه شئون الحیاه المادیه و المعنویه، فان الاسلام حاو لکل ما یحتاج إلیه بنو الانسان من النظم و القوانین لتربیه الروح و الماده، و هذا أحد معانی الشریعه الکامله الناسخه لما قبلها من الشرائع و الباقیه إلى آخر الدهر.
و لکن العرب فی الحجاز و سائر أقطار الجزیره کانوا فی سذاجه من العیش و بساطه من الفهم لا یستطیعون تحمل دقائق القوانین و تفاصیل النظم مما یتعلق بشتى أنواع المعاش من الزراعه و التجاره و القضاوه و غیر ذلک، لعدم الانس بها فی حیاتهم و عدم ممارسه شئونها.
فدعاهم الاسلام فی بادىء الأمر على أبسط تعالیمها فی العقیده و الأخلاق، و أزکى شئون الانسانیه من الاعتقاد بالصانع و عبادته و ملازمه الامور الخیریه من البر بالوالدین و صله الأرحام و ترک الفحشاء و الکذب و غیر ذلک، و لما نشر الاسلام إلى بلاد فارس وجد قوما عریقا فی المدنیه و ألیفا بالنظم الاجتماعیه ففسح أمامه مجالا لبسط تعالیمه الجذریه.
کما أنه إذا نشر الاسلام فی مصر وجد أمامه قوم من الأقباط و بقایا الفلاسفه و البطالسه ما رسوا الحیاه المدنیه أکثر و أدق و لما وقعت فی حوزه حکومه علی علیه السلام قام فیها بتعالیم هامه و عامه منها صدور هذا العهد، و إن کان علی علیه السلام یتفرس بعدم توفیق مالک نفسه لإجرائه.
و قد نفصله على خمسه عشر فصلا یمتاز بعضها عن بعض بما تضمنها من الشئون المختلفه و الاداب الممتازه فی کل شأن من الشئون.
الفصل الاول
بسم الله الرحمن الرحیم هذا ما أمر به عبد الله علی أمیر المؤمنین مالک بن الحارث الأشتر فی عهده إلیه، حین ولاه مصر: جبایه خراجها، و جهاد عدوها، و استصلاح أهلها، و عماره بلادها. أمره بتقوى الله، و إیثار طاعته، و اتباع ما أمر به فی کتابه:
من فرائضه و سننه، التی لا یسعد أحد إلا باتباعها، و لا یشقى إلا مع جحودها و إضاعتها، و أن ینصر الله سبحانه بقلبه و یده و لسانه، فإنه- جل اسمه- قد تکفل بنصر من نصره، و إعزاز من أعزه. و أمره أن یکسر نفسه عند الشهوات، و ینزعها [یزعها] عند الجمحات فإن النفس أماره بالسوء إلا ما رحم الله. ثم اعلم، یا مالک أنی قد وجهتک إلى بلاد قد جرت علیها دول قبلک من عدل و جور، و أن الناس ینظرون من أمورک فی مثل ما کنت تنظر فیه من أمور الولاه قبلک، و یقولون فیک ما کنت
تقول فیهم، و إنما یستدل على الصالحین بما یجرى الله لهم على ألسن عباده، فلیکن أحب الذخائر إلیک ذخیره العمل الصالح فاملک هواک، و شح بنفسک عما لا یحل لک، فإن الشح بالنفس الإنصاف منها فیما أحبت أو کرهت.
اللغه
(الجبایه): جبا الخراج: جمعه، (یزعها): یکفها، (جمح الفرس):
تغلب على راکبه و ذهب به لا ینثنی- المنجد-.
الاعراب
حین ولاه مصر: ظرف اضیف إلى جمله فعلیه متعلق بقوله: عهده.
المعنى
قد عقد لمالک ولایه عامه على کل امور مصر و جمعها فی أربع:
۱- الامور المالیه و الاقتصادیه التی تترکز فی ذلک العصر فی جمع الخراج فان مصر من الأراضی المفتوحه عنوه انتقل أراضیها العامره إلى المسلمین فقرروا فیها الخراج.
۲- فی الامور العسکریه فأثبت له القیاده العامه على القوى المسلحه و الجامع لها جهاد الأعداء.
۳- الامور الاجتماعیه و النظم الحقوقیه الراجعه إلى کل فرد فعبر عنها بقوله: (و استصلاح أهلها).
۴- عمران البلاد بالزراعه و الغرس و سائر ما یثمر للناس فی معاشهم.
ثم ابتدء بما یلزم علیه فی نفسه من التأدیب و الحزم لیقدر على إجراء أمره علیه السلام و حصرها فی امور:
۱- تقوى الله و إیثار طاعته.
۲- اتباع ما أمر الله فى کتابه من الفرائض و السنن.
۳- نصره الله بالقلب و الید و اللسان.
قال الشارح المعتزلی: نصره الله بالید: الجهاد بالسیف، و بالقلب الاعتقاد للحق، و باللسان: قول الحق.
أقول: لا ینحصر نصره الله بالید على الجهاد بالسیف فانها تحقق فی کل أعمال الجوارح المرضیه لله تعالى، و منها الجهاد بالسیف إذا حان وقته و حضر شرطه.
ثم وصاه بحفظ نفسه عن التغلب علیه فی اموره و أمر بکسر شهواته و میوله نحو اللذائذ المادیه و حذره منها أشد الحذر.
ثم خاطبه باسمه فقال: (ثم اعلم یا مالک انی قد وجهتک إلى بلاد قد جرت علیها دول قبلک من عدل و جور) فقد أثبت علیه السلام لمصر فی تاریخها الماضی دول و حکومات و وصفها بانها عدل و جور، فلا بد من الفحص عن هذه الدول و الفحص عن ماهى عادله أو جائره.
فهل المقصود من هذه الدول هی العمال الاسلامیین بعد فتح مصر، و هل یصح التعبیر عنهم بأنها دول عدل و لو باعتبار شمول السلطه الإسلامیه من أواخر خلافه أبی بکر إلى أیام عمر و عثمان فالدول الجاریه دوله عمر و عثمان مثلا، أو حکومه عمرو بن عاص فاتح مصر و من ولیه من امثال ابن أبی السرح، و هل توصف واحده منها بأنها عادله؟ أو المراد من الدول الجاریه المتتالیه فی مصر الدول قبل الإسلام فی قرون کثیره و أشکال شتى فلا بد من بیان إجمالى لهذه الدول، و هل یمکن تعرف دوله عادله فیها أم لا.
فنقول: نتوجه إلى دول مصر فی ضوء القرآن الکریم فانه قد تعرض لشرح بعض دولها إجمالا فیما یأتی.
۱- دوله مصر المعاصر لیوسف النبی صلوات الله علیه المعبر عنها بدوله عزیز مصر.
ففی سوره یوسف الایه ۳۰ «و قال نسوه فی المدینه امرأت العزیز تراود فتاها
عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها فی ضلال مبین».
و الظاهر أن عزیز مصر هو حاکمها و رئیسها فی هذا العصر المعبر عنه بفرعون و قد قیل: إن عزیز مصر غیر فرعون مصر بل هو رئیس جندها أو أحد أرکان دولتها و لکن سیاق الایات الوارده یأباها، فانظر إلى آیه ۴۲ فی بیان رؤیا الملک:
«و قال الملک إنی أرى سبع بقرات سمان یأکلهن سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و أخر یابسات- إلى آیه- ۵۰- و قال الملک ائتونی به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربک فسئله ما بال النسوه اللاتی قطعن أیدیهن إن ربی بکیدهن علیم- ۵۱- قال ما خطبکن إذ راودتن یوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا علیه من سوء قالت امرأه العزیز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه و إنه لمن الصادقین- إلى آیه- ۵۴- و قال الملک ائتونی به أستخلصه لنفسی فلما کلمه قال إنک الیوم لدینا مکین أمین».
فسیاق هذه الایات یشهد بوضوح أن زوج زلیخا و عزیز مصر رجل واحد و هو حاکم مطلق على امور مصر و لیس فوقه أحد، و یستفاد من نص الایات الأخیره من سوره یوسف أن عزیز مصر لما اطلع على مقام یوسف و طهارته و عصمته و نبوته تنزل عن عرش مصر و فوض إلیه امور مصر کافه فصار یوسف عزیز مصر، کما فی آیه ۷۸ «یا أیها العزیز إن له أبا شیخا کبیرا فخذ أحدنا مکانه إنا نراک من المحسنین- إلى آیه ۸۸- قالوا یا أیها العزیز مسنا و أهلنا الضر و جئنا ببضاعه مزجاه فأوف لنا الکیل و تصدق علینا إن الله یجزی المتصدقین».
فعزیز مصر و هو زوج زلیخا و إن لم یتنزل عن العرش رسما بحیث تتحول الحکومه من بیت إلى بیت لکنه آمن بیوسف و انقاد له و فوض إلیه اموره، کما یستفاد من الایه ۲۴- المؤمن- عن قول مؤمن آل فرعون موسى «و لقد جاءکم یوسف من قبل بالبینات فما زلتم فی شک مما جاءکم به حتى إذا هلک قلتم لن یبعث الله من بعده رسولا».
و هذا الذی ذکرناه و إن کان مخالفا لما اثبته التوراه فی تاریخ یوسف و تبعها التواریخ و لکن الالتزام بتحریف التوراه و التاریخ لیس بعیدا عن الصواب بعد ظهور القرآن المستند إلى الوحى، و بهذه الجهه قال الله تعالى فی آیه ۱۰۲:
«ذلک من أنباء الغیب نوحیه إلیک» و یتعارض القرآن مع التوراه فی موارد شتى من قصه یوسف أشرنا إلیها فی تفسیرنا لسوره یوسف «کانون عفت قرآن» من أراد الاطلاع فلیرجع إلیه.
فعلى ضوء هذا التفسیر کان دوله عزیز مصر فی زمن یوسف علیه السلام دوله عادله و دوله فرعون مصر المعاصر لموسى بن عمران دوله جائره من کل النواحی منکرا لله تعالى و لعبادته و منادیا على رءوس الأشهاد «أنا ربکم الأعلى» و ظالما لبنی إسرائیل إلى حیث یذبح أبنائهم و یستحیى نسائهم و یجر علیهم بلاء عظیما لیستأصلهم عن شافتهم حتى صارت من الأمثال السائره العالمیه فی الجور و الظلم و العدوان.
هذا بالنظر إلى مجمل التاریخ المنعکس فی الکتب السماویه.و قد انتهت حکومه مصر قبل الإسلام إلى بطالسه یونان فأثروا فی بسط الفلسفه الیونانیه فیها و أسسوا دورا لتعلیم الفلسفه و مکتبه عامه بقیت إلى عصر الفتح الإسلامی و کان حاکم مصر و والیها فی ذلک العصر مقوقس الذی کتب إلیه رسول الله صلى الله علیه و آله کتابا یدعوه إلى قبول الإسلام مع الکتب التی بعثها إلى غیر واحد من رؤساء و ملوک ذلک العصر، ففی سیره ابن هشام «ص ۳۹۲ ج ۲ ط مصر».
قال ابن هشام: حدثنی من أثق به عن أبی بکر الهذلی قال: بلغنی أن رسول الله صلى الله علیه و آله خرج على أصحابه ذات یوم بعد عمرته التی صدعنها یوم الحدیبیه فقال: أیها الناس إن الله قد بعثنی رحمه و کافه فلا تختلفوا على کما اختلف الحواریون على عیسى بن مریم، فقال أصحابه: و کیف اختلف الحواریون یا رسول الله؟ فقال:
دعاهم إلى الذی دعوتکم إلیه فأما من بعثه مبعثا قریبا فرضی و سلم، و أما من بعثه مبعثا بعیدا فکره وجهه و تثاقل و شکا ذلک عیسى إلى الله، فأصبح المتثاقلون و کل واحد منهم یتکلم بلغه الامه التی بعث إلیها، و بعث رسول الله صلى الله علیه و آله رسلا من أصحابه و کتب معهم کتابا إلى الملوک یدعوهم فیها إلى الإسلام، فبعث دحیه بن خلیفه الکلبی إلى قیصر ملک الروم، و بعث عبد الله بن حذافه السهمى إلى کسرى ملک فارس، و بعث عمرو بن امیه الضمری إلى النجاشی ملک الحبشه، و بعث حاطب ابن أبی بلتعه إلى المقوقس ملک الاسکندریه- إلخ.
و مقوقس هذا رجل یونانی یحکم على مصر عقب ملوک بطالسه و کان تحت حمایه ملوک الروم البیزانطیه فی ذلک العصر، فلما جاءه رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم إلیه الکتاب لقیه ببشر و احترام و رده إلى رسول الله صلى الله علیه و آله مصحوبا بهدایا منها الماریه القبطیه التی قبلها رسول الله صلى الله علیه و آله بقبول حسن و سریها و اتخذها لفراشه و أولدها فولدت له إبراهیم ابن النبی و نالت حظوه عند رسول الله صلى الله علیه و آله.
و قد دخل مصر فی حوزه الإسلام سنه العشرین من الهجره و أقدم على فتحها عمرو بن العاص بعد ما استتب للمسلمین فتح سوریه و تسلطوا علیها و فر هرقل ملک الروم الشرقیه إلى قسطنطینیه.
فلما سافر عمر إلى الشام للنظر فی أمر معاویه و ما بلغه من سرفه لقیه عمرو بن العاص فی قریه یقال لها: جابیه قرب دمشق و أخلى به و عرض علیه زحفه إلى مصر بجیش من المسلمین معللا بأن فتح مصر یضاعف شوکه الإسلام، فمنعه عمر معللا بخوفه من جموع الروم الساکنین فی مصر للدفاع عنها على حیش الإسلام، فأقام عمرو بن العاص فی دمشق حتى استقر سلطه الإسلام على جمیع بلاد الشام و رجع بعد فتح النوبه إلى فلسطین بأمر من عمر، و یهمه فتح مصر دائما حتى تهیأ جیشا و قصد مصر من دون تحصیل رخصه من عمر، و بلغ خبره إلى عمر فلم یرتضه و کتب إلیه: «من عمر بن الخطاب إلى العاصی بن العاصی أما بعد فانک سرت إلى مصر و من معک و بها جموع الروم، و إنما معک نفر یسیر و لعمری لو ثکلت امک و ما سرت بهم فإن لم یکن بلغت مصر فارجع بهم».
و أمر عقبه بن عامر الجهنی بایصال هذا الکتاب إلى عمرو بن عاص معجلا فأسرع لإیصال المکتوب حتى أدرکه فی رفح، و هی مرحله فی طریق مصر منها إلى عسقلان یومان، فلما رآه عمرو بن العاص تفرس أنه قاصد من عمر لیرجع فماطل فی أخذ کتابه حتى بلغ عریش و کانت هی بلده من مصر فی ساحل بحر الروم و نهایه أرض الشام، فطلب عقبه و أخذ منه کتاب عمر و قرأه على الناس و قال: هذا العریش الذی نحن فیه من أى البلاد؟ قالوا: من بلاد مصر، فقال:لا ینبغی لنا أن نرجع لأن الخلیفه شرط لرجوعنا عدم دخول مصر، فرحل فی تخوم مصر حتى بلغ جیل [الحلال].
و وصل الخبر إلى مقوقس ملک مصر، فأرسل قائدا له یسمى مذقور الأعیرج بجیش لدفع المسلمین و تلاقى الفریقان فی أرض فرما، و اشتد الحرب بینهما و قتل من الفریقین جمع کثیر فهزم جمع الروم و تقدم عمرو بن العاص إلى قواصر و رحل إلى أم دنین و نزل فیها بقرب القاهره، و هی بلده فی جنب فسطاط بینهما سور، و هی کانت دار الملک لمصر کما أنها عاصمه مصر فی هذا العصر، ثم رجع أعیرج إلى الحرب مع عمرو بن عاص فتلاقیا فی أم دنین و قتل خلق کثیر من الجانبین و دامت الحرب مده شهر کامل و لم یتیسر فتح مصر، و کتب عمرو بن عاص إلى عمر و استمد منه، فأرسل عمر أربعه من أبطال المسلمین و هم زبیر بن العوام و المقداد ابن الأسود و عباده بن صامت و مسلمه بن المخلد فی اثنى عشر ألفا لمددهم فأسرعوا فی السیر و لحقوا بعمرو بن العاص فقوى جیش الإسلام و وهن أمر أعیرج و تحصن فی قصر له و حوله خندق یتخلله معابر إلى القصر ملاها بقطعات حاده من الحدید لا یقدر العبور علیها الراکب و الراجل، و جهد المسلمون فی فتح الحصن، و بلغ الخبر إلى مقوقس، فزحف بجیوش لحرب المسلمین و دام الحرب سبعه أشهر.
فقال الزبیر: اضحى بنفسی فی سبیل الله عسى أن یفتح هذا الحصن للمسلمین فصنع عده مراقی و نصبها على الحصن فقال: إذا سمعتم تکبیری من فوق السور فارفعوا أصواتکم جمیعا معی بالتکبیر، فصعد الحصن بجمع من رجاله و هبط و فتح الباب فعرض مقوقس على المسلمین الصلح لما رأى من جهودهم فی فتح الحصن و شرط لهم دینارین من الذهب کل سنه عن کل شخص فی مصر، فطلبوا هذا الجزیه من الروم الساکنین فی أرض مصر و عرض على هرقل فلم یرض بذلک، و أمر مقوقس بالحرب مع المسلمین و لکن مقوقس لم ینکث عهده و لحق القبط بالمسلمین، و لما استقر المسلمون فی مصر صلحا أو عنوه على قول بعضهم و فتحوا الاسکندریه و دخلها عمرو ابن العاص فتن بها و أراد الإقامه فیها کمرکز لجیوش الإسلام، فاستجاز من عمر فی ضمن مکتوب أفصح فیه عن فتوحاته فأجابه بما یلی:لا تجعلوا بینی و بینکم ماء حتى إذا ما أردت أرکب الیکم راحلتی حتى أقدم علیکم قدمت.
فلما قرأ مکتوب عمر رحل من اسکندریه إلى الفسطاط فسکنها و جعلها معسکر المسلمین فتنازع الجیش فی مسکنهم حول فسطاط فأمر عمرو أربعه من امراء الجیش فخطوا لهم و عینوا حدود مساکنهم، و قد اشترک من أصحاب رسول الله صلى الله علیه و آله فی حرب مصر أربعه عشر من المهاجرین یرأسهم زبیر بن العوام، و سته عشر من الأنصار یرأسهم عباده بن صامت الأنصاری.
و لما ثم فتح مصر صار عمرو بن عاص والیا علیها و هو أول من صار والیا على مصر من المسلمین و هو قرشی من سهم بن عمرو بن هصیص بن کعب بن لوی، و کان یسافر إلى مصر تاجرا فی أیام الجاهلیه، و فتح مصر أیام عمر یوم الجمعه غره محرم سنه العشرین من الهجره، و بقى فیها والیا أربع سنین و شهورا، زار عمر خلالها مرتین.
کان فی إسکندریه مصر رجل یسمى یحیى النحوی من أساقفه إسکندریه فهداه الله إلى الإسلام فکبر على الأساقفه فاجتمعوا حوله و ناظروه فأجابهم و دام على إسلامه، فلما فتح عمرو بن العاص المصر دخل علیه فاستقبله باکرام لما سمع من فضله و مجاوبته للنصارى فی إثبات حقانیه الإسلام و اتخذه ندیما له یکتسب من فضله و حکمته.
فقال یوما لعمرو: قد حزت ما فی الإسکندریه من الأموال و الخزائن و لا کلام لأحد معک فی ذلک لکن هنا شیء لا یفیدکم و نحتاج إلیه فاعف عنه و دعه لنا، فقال عمرو: ما هو؟ قال: کتب الحکمه التی جمعها ملوک إسکندریه طیله قرون خاصه یوناطیس الذی یدعوه أهل أروپا فیلاد لفس و کان محبا للحکمه، فأمر رجلا یسمى زهیره بجمع الکتب و نصبه ضابطا لمکتبته، فاشترى الکتب من التجار بأثمان غالیه حتى اجتمع فی مکتبته أکثر من أربعه و خمسین ألف کتابا، و قلده ملوک البطالسه فی جمع الکتب إلى ما خرج عن الاحصاء.
فعجب عمرو بن العاص من کلامه، و قال: لا بد من أن أکتب ذلک لعمر بن الخطاب و آخذ منه الجواب فکتب إلیه، فأجابه: إن کان ما فی هذه الکتب ما یوافق کتاب الله لا حاجه لنا بها و إن کان مخالفا له لا نرتضیها فأعدمها و امح أثرها فقسمها عمرو على حمامات إسکندریه لیصرفوها فیها بدلا من الوقود فأوقدوها خلال سته أشهر حتى أفنوها.
و قد استنکر بعض المورخین الجدد من أهل مصر صدور الأمر من عمر باحراق کتب مکتبه إسکندریه لما صدر فی الإسلام من الأمر بالفحص و البحث عن الحقائق و تحصیل العلم و لو بالصین.
أقول: و قد عرفت مما ذکرنا من ملخص تاریخ فتح مصر بید المسلمین أنه لم یحکم فی مصر إلى أیام أمیر المؤمنین علیه السلام و إلى حین صدور هذا العهد التاریخی للأشتر النخعی إلا عمرو بن العاص و عبد الله بن سرح بن أبی سرح الذی ولاه عثمان على مصر بعد عزل فاتحه عمرو بن العاص فثار علیه الرومان، فاستعان عثمان بعمرو فسار إلى مصر و أخمد ثوره الرومان و أخرجهم من مصر و لکن لم یرض عثمان بعزل عبد الله فاشترکا فی إداره امور مصر و تنازعا و رجح عثمان عبد الله بن سرح علیه فرجع إلى المدینه ناقما على عثمان معینا لأعدائه و محرضا للقیام علیه حتى قتل و هما والیان على مصر.
و لا یصدق على حکومتهما باعتبار أنهما عاملان للخلیفه لفظ الدوله و لا یمتازان بالعدل و الجور بل کلاهما من نسیج واحد و من أهل النفاق و من أعداء أهل البیت و المخالفین لولایه أمیر المؤمنین علیه السلام و من الحکام الجائرین فان عمرو ابن العاص توجه فی مصر إلى جمع المال و الادخاد حتى بلغ ثروته إلى حیث ظهر للملأ اغتصابه لأموال المسلمین و أخذه من بیت المال فوق حقه و سهمه حتى بلغ خبره إلى عمر بن الخطاب فکتب إلیه معاتبا له:
أما بعد، فقد ظهر لی من مالک ما لم یکن فی رزقک و لا کان لک مال قبل أن أستعملک، فأنى لک هذا؟ فوالله لو لم یهمنی فی ذات الله إلا من اختان فی مال الله لکثر همی و انتثر أمری، و لقد کان عندی من المهاجرین الأولین من هو خیر منک و لکنی قلدتک رجاء غنائک فاکتب إلى من أین لک هذا المال؟ و عجل.
فأجابه عمرو بن العاص:
أما بعد، فقد فهمت کتاب أمیر المؤمنین فأما ما ظهر لی من مال فإنا قدمنا بلادا رخیصه الأسعار و کثیره الغزو، فجعلنا ما أصابنا فی الفضول التی اتصل بأمیر المؤمنین نباها و الله لو کانت خیانتک حلالا ما خنتک و قد ائتمنتنى فان لنا أحسابا إذا رجعنا إلیها أغنتنا عن خیانتک، و ذکرت أن عندک من المهاجرین الأولین من هو خیر منی فإذا کان ذاک فوالله ما دققت لک یا أمیر المؤمنین بابا و لا فتحت لک قفلا.
فلما وصل جوابه إلى عمر کتب إلیه ثانیا:
أما بعد فإنی لست من تسطیرک الکتاب و تثقیفک الکلام فی شیء، و لکنکم معشر الامراء قعدتم على عیون الأموال و لن تقدموا عذرا، و إنما تأکلون النار و تتعجلون العار، و قد وجهت إلیک محمد بن مسلمه فسلم إلیه شطر مالک.
فأعطى الکتاب محمد بن مسلمه و بعثه إلى مصر، فلما وصل إلى مصر و حضر عند عمرو بن العاص أحضر له طعاما، فقال محمد: لو دعوتنی إلى الضیافه و أحضرت لی طعاما لأکلته و لکن هذا الطعام مقدمه للشر فنحه عنى و احضر شطر مالک، و لا مناص لعمرو بن العاص من إطاعه أمر عمر، فأمر باحضار شطر من ماله من المواشی و الذهب و الفضه و أثاث الدار و غیرها، فلما نظر إلیها رأى خزانه جزیله فقال تأسفا:
لعن الله زمانا صرت فیه عاملا لعمر، و الله لقد رأیت عمر و أباه على کل واحد منهم عبائه قطوانیه لا تجاوز ما یض رکبتیه و على عنقه حزمه[۱] حطب و العاص بن وائل فی مزردات الدیباج.
و کان محمد بن مسلمه من شجعان الأنصار و المخلصین لحکومه عمر فاختاره من عمال غضبه و یبعثه إلى کبار الرجال لإجراء أوامره الرهیبه الشاقه فهو الذی أجرى أمره فی تشطیر أموال خالد بن الولید فی الشام و عزله من إماره جیش الإسلام و تأدیبه فی محضر الأنام.
و هو الذی أجرى أمر عمر فی سعد بن وقاص باحراق قصره الذی بناه فی الکوفه و نصب فیه بابین من أبواب قصر مدائن.
و هو الذی فتک بکعب بن أشرف و قتله فی عصر النبی صلى الله علیه و آله کما قال ابن هشام فی سیرته.
فنقول: إن الدول التی وقع فی صدر هذا العهد و وصفها علیه السلام بأن فیها عادل و جائر لا یصح أن تکون حکومه عمرو عاص و خلفه على مصر لأنها لیست دوله إلا بتکلف و لا یطلق علیها دول بلفظ الجمع مع أنهما جائران لاتباعهما عمر و عثمان و حالهما معلومه مع أنهما عریقان فی النفاق و عداوه أهل البیت و خصوصا الثانی منهما.
فلا بد أن یکون المقصود من هذه الدول الحاکمه على مصر قبل الإسلام مما بقیت آثارها و أخبارها و عرفها خلق مصر و لو بالنقل عن الأسلاف أو بسبب ثبت أخبارها فی کتب التاریخ، فوجه علیه السلام مالکا إلى هذا التاریخ العمیق العریق فی القدم و ملأ عهده هذا من القوانین السائده فی مصر القدیمه و من بعض سیر ملوکها العدول.
و لا ینافی توصیف بعض دول مصر بالعداله مع کونهم و ثنیین، لأن عداله الدوله بالنسبه إلى رعایاها و حفظ النظم و الحقوق لا یرتبط بمذهبها، و یمکن أن یعد ذلک من کراماته علیه السلام و إحاطته بالعلوم و الأخبار.
ثم نبهه علیه السلام إلى أن سیره الحاکم و الوالی بمالها من التعلق إلى عموم الناس تنعکس فی التاریخ و تلهج بها الألسن و کما أنک تقضی فی أعمال الولاه قبلک یقضی علیک من یقوم مقامک، بعدک و دلیل الصلحاء ما یجرى على لسان العباد باذن الله فلا تتوجه إلى ادخاد الأموال کما هو عاده طلاب الدنیا المفتونین بها بل لیکن أحب الذخائر إلیک ذخیره العمل الصالح، و العمل الصالح للوالی و عامله ما یوجب راحه رعیته و اجراء العدل فیما بینهم، و لذا أمر بمنع الهوى عن التأثیر فی أعماله و منع النفس عما لا یحل له.
الترجمه
بنام خداوند بخشنده مهربان.
این فرمان بنده خدا أمیر مؤمنانست بمالک بن حارث الأشتر که باید آنرا در عهده خود بشناسد، و این فرمان هنگامى شرف صدور یافته که او را والى بر کشور مصر نموده تا خراج آن را بگیرد و با دشمن آن بجنگد و ملت آنرا اصلاح کند و بلاد آنرا آباد نماید.
۱- تقوا از خدا را شعار خود کند و طاعتش را غنیمت شمارد و از آنچه در کتابش از فرائض و سنن دستور داده پیروى نماید، زیرا هیچکس بسعادت نرسیده مگر با پیروى از آنها، و کسى بدبخت نگردد مگر بانکار و ترک عمل بدانها.
۲- خداوند سبحان را با دست و دل و زبان یارى کند، زیرا خداى جل اسمه ضامن یارى و عزت کسانیست که او را یارى کنند و عزیز شمارند.
۳- خود را از شهوترانى و سرکشى نفس بازدارد، زیرا نفس بطبع خود بدخواه است مگر خدا رحم کند.
اى مالک من تو را بکشورى فرستادم که پیش از تو دولتهاى عادل و ظالمى بخود دیده، مردم بهمان چشم تو را بینند که تو والیان پیش از خود را بینى، و در باره تو همان را مى گویند که در باره آنها می گوئى، خداوند مردمان نیک و شایسته را بزبان بندگان خود معرفى می کند، باید محبوبترین ذخیره در نظر تو پس انداز کردن عمل صالح باشد، هواى نفس خود را داشته باش و نسبت بخود از آنچه بر تو حلال نیست دریغ کن، زیرا دریغ کردن بخویشتن رعایت انصاف با او است در آنچه دوست دارى یا بد دارى.
الفصل الثانی من عهده علیه السلام للاشتر النخعی
و أشعر قلبک الرحمه للرعیه، و المحبه لهم، و اللطف بهم، و لا تکونن علیهم سبعا ضاریا تغتنم أکلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لک فی الدین، و إما نظیر لک فی الخلق، یفرط منهم الزلل، و تعرض لهم العلل، و یؤتى على أیدیهم فی العمد و الخطاء، فأعطهم من عفوک و صفحک مثل الذی تحب أن یعطیک الله من عفوه و صفحه، فإنک فوقهم، و والى الأمر علیک فوقک، و الله فوق من ولاک، و قد استکفاک أمرهم، و ابتلاک بهم، و لا تنصبن نفسک لحرب الله، فإنه لا یدی لک بنقمته، و لا غنى بک عن عفوه و رحمته، و لا تندمن على عفو، و لا تبجحن بعقوبه، و لا تسرعن إلى بادره وجدت منها مندوحه، و لا تقولن إنی مؤمر آمر فأطاع، فإن ذلک إدغال فی القلب، و منهکه للدین، و تقرب من الغیر، و إذا أحدث لک ما أنت فیه من سلطانک أبهه أو مخیله فانظر إلى عظم ملک الله فوقک و قدرته منک على ما لا تقدر علیه من نفسک، فإن ذلک یطامن إلیک من طماحک، و یکف عنک من غربک، و یفىء إلیک بما عزب عنک من عقلک.
إیاک و مساماه الله فی عظمته، و التشبه به فی جبروته، فإن الله یذل کل جبار، و یهین کل مختال. أنصف الله و أنصف الناس من نفسک و من خاصه أهلک و من لک فیه هوى من رعیتک، فإنک إلا تفعل تظلم، و من ظلم عباد الله کان الله خصمه دون عباده، و من خاصمه الله أدحض حجته، و کان لله حربا حتى ینزع و یتوب، و لیس شیء أدعى إلى تغییر نعمه الله و تعجیل نقمته من إقامه على ظلم، فإن الله یسمع دعوه المضطهدین، و هو للظالمین بالمرصاد. و لیکن أحب الأمور إلیک أوسطها فی الحق، و أعمها فی العدل و أجمعها لرضى الرعیه، فإن سخط العامه یجحف برضى الخاصه، و إن سخط الخاصه یغتفر مع رضى العامه، و لیس أحد من الرعیه أثقل على الوالی مئونه فی الرخاء و أقل معونه له فی البلاء، و أکره للإنصاف، و أسال بالإلحاف، و أقل شکرا عند الإعطاء و أبطأ عذرا عند المنع، و أضعف صبرا عند ملمات الدهر من أهل الخاصه، و إنما عماد الدین و جماع المسلمین و العده للأعداء العامه من الأمه، فلیکن صغوک لهم، و میلک معهم.
و لیکن أبعد رعیتک منک، و أشنؤهم عندک أطلبهم لمعایب الناس، فإن فی الناس عیوبا، الوالی أحق من سترها، فلا تکشفن عما غاب عنک منها، فإنما علیک تطهیر ما ظهر [منها] لک، و الله یحکم على ما غاب عنک، فاستر العوره ما استطعت، یستر الله منک ما تحب ستره من رعیتک، أطلق عن الناس عقده کل حقد، و اقطع عنک سبب کل وتر، و تغاب عن کل ما لا یصح لک، و لا تعجلن إلى تصدیق ساع، فإن الساعى غاش و إن تشبه بالناصحین. و لا تدخلن فی مشورتک بخیلا یعدل بک عن الفضل، و یعدک الفقر، و لا جبانا یضعفک عن الأمور، و لا حریصا یزین لک الشره بالجور، فإن البخل و الجبن و الحرص غرائز شتى یجمعها سوء الظن بالله.
إن شر وزرائک من کان للأشرار قبلک وزیرا، و من شرکهم فی الاثام فلا یکونن لک بطانه، فإنهم أعوان الأثمه،و إخوان الظلمه، و أنت واجد منهم خیر الخلف ممن له مثل آرائهم و نفاذهم، و لیس علیه مثل آصارهم و أوزارهم ممن لم یعاون ظالما على ظلمه و لا آثما على إثمه، أولئک أخف علیک مئونه، و أحسن لک معونه، و أحنى علیک عطفا، و أقل لغیرک إلفا، فاتخذ أولئک خاصه لخلواتک و حفلاتک، ثم لیکن آثرهم عندک أقولهم بمر الحق لک، و أقلهم مساعده فیما یکون منک مما کره الله لأولیائه، واقعا ذلک من هواک حیث وقع، و الصق بأهل الورع و الصدق ثم رضهم على أن لا یطروک، و لا یبجحوک بباطل لم تفعله، فإن کثره الإطراء تحدث الزهو، و تدنی من العزه. و لا یکونن المحسن و المسیء عندک بمنزله سواء، فإن فی ذلک تزهیدا لأهل الاحسان فی الإحسان، و تدریبا لأهل الإساءه على الإساءه و ألزم کلا منهم ما ألزم نفسه.
و اعلم أنه لیس شیء بأدعى إلى حسن ظن و [ال [راع]] برعیته من إحسانه إلیهم، و تخفیفه المئونات علیهم، و ترک استکراهه إیاهم على ما لیس له قبلهم، فلیکن منک فی ذلک أمر یجتمع لک به حسن الظن برعیتک، فإن حسن الظن یقطع عنک نصبا طویلا، و إن أحق من حسن ظنک به لمن حسن بلاؤک عنده، و إن أحق من ساء ظنک به لمن ساء بلاؤک عنده. و لا تنقض سنه صالحه عمل بها صدور هذه الأمه، و اجتمعت بها الألفه، و صلحت علیها الرعیه، و لا تحدثن سنه تضر بشیء من ماضی تلک السنن فیکون الأجر لمن سنها، و الوزر علیک بما نقضت منها. و أکثر مدارسه العلماء، و منافثه [مناقشه] الحکماء فی تثبیت ما صلح علیه أمر بلادک، و إقامه ما استقام به الناس قبلک.
اللغه
(الضارى): المعتاد للصید، الجرىء علیه، (الصفح): الإعراض عن الذنب و غفرانه، (البجح) بسکون الجیم: الفرح و السرور، (البادره): الحده، (المندوحه): السعه فی الأمر و عدم الضیق و الاضطرار، (الإدغال): إدخال الفساد فی الأمر، (المنهکه): الضعف، (الابهه) و (المخیله): الکبر، (یطامن):
یسکن، (طماح) النفس: جماحها عن المشتهیات، طمح البصر: ارتفع، (عزب) الفرس حدته و أول جریه، (المساماه): مفاعله من السمو، (الجبروت):عظیم الکبر، (أدحض حجته): أبطلها، (ینزع): یرجع، (اجحف) به: ذهب به، (الالحاف). شده السؤال و الاصرار فیه، (ملمات الدهر): ما یلم و ینزل من خطوبه و بلایاه، (جماع المسلمین): جمعهم و عامتهم (الصغو): المیل،(أشنأهم): أبغضهم، (الوتر): الحقد، (التغابی): التجاهل و التغافل، (بطانه) الرجل: خاصته الملاصقون به، (الاصار) جمع إصر: الاثام، (حفلاتک):
جلساتک فی المجالس و المحافل، (الاطراء): المبالغه فی المدح و الثناء، (الزهو):الکبر، (التدریب): التعوید، (المناقشه): المحادثه و البحث.
الاعراب
تغتنم أکلهم: جمله حالیه عن اسم لا تکونن، مثل الذی تحب، صفه موصوف محذوف أى عفوا و صفحا مثل الذی تحب، و والى الأمر مبتدأ و فوقک ظرف مستقر خبر له و الجمله حالیه، لا یدی، نافیه للجنس و یدی مبنى على علامه النصب و هو الیاء و حذف النون على التوسع و التشبیه بالمضاف.
إیاک و مساماه الله، منصوب على التحذیر، تغاب: أمر من تغابى یتغابى تغابیا للأشرار قبلک، قبلک ظرف مستقر حال عن الأشرار.
المعنى
قد تعرض علیه السلام هذا فی الفصل من عهده للأشتر لبیان روابطه مع رعیته و المسوسین له من العامه و الخاصه فی ثلاثه مراحل:
الاولى: رابطته باعتبار أنه وال على الناس و بیده القدره و الأمر و النهى مع کل أحد، و بینها فی امور:
۱- أن یکون ملؤ قلبه المحبه و اللطف و الرحمه لکافه الرعیه.
۲- عدم سوء الاستفاده عن قدرته علیهم فیصیر ذئبا وقع على غنم یأکلهم لأن رعایاه، إما إخوانه فی الدین ککافه المسلمین، و إما إخوانه فی الإنسانیه کالذمی و المعاهد.
۳- الصفح عن خطایاهم و العفو عن ذنوبهم لنقصان التربیه، و نبهه على ان نسبتهم إلیه کنسبته إلى الوالی الامر علیه و فوقه أیضا هو الله، فینبغی الصفح عنهم، کما أنه یرجو الصفح عنه من الوالی الامر و فوقه من الله القادر، و بین أن تعذیب عباد الله بمنزله الحرب مع الله الذی لا قدره تجاه عقوبته، و لا غنى عن عفوه و رحمته.
۴- عدم الندامه على عفو المجرم مهما کان.
۵- عدم السرور و الانشراح لعقوبه المجرم إذا اقتضاها الضروره.
۶- ملازمه الحلم و الاجتناب عن بادره الغضب.
۷- لا تفسد قلبک بحدیث الریاسه و السلطه.
۸- و إذا أحدث السلطان فیه أبهه و طغیانا فلینظر إلى عظم ملک الله حتى یخضع قلبه و یدرک عجز نفسه و یکف عن جریه فی سبیل الأماره، و یجد عقله الزائل فی سکر الریاسه.
۹- حذره عن اغتراره باحتفاف الناس حوله و انقیادهم له فتطغى نفسه کفرعون و یبارز الله فی عظمته و جبروته، فانه یذله الله و یهینه کفرعون و یأخذه بنکال الاخره و الالى و یصیر عبره لمن یخشى.
۱۰- أمره برعایه الانصاف مع الله و خلقه، سواء بالنسبه إلى نفسه أو أهله أو من یهواه من رعیته، فلا یهضم حق الله و حق أحد من عباده لرعایه هؤلاء فانه ظلم و الله خصم للظالم، و من خاصمه الله أدحض حجته و کان لله حربا حتى یتوب و الظلم یوجب تغییر النعم و سلب الأماره و الحکم.
۱۱- أمره برعایه ما هو الأفضل فی أداء الحق و ما هو أعم لجمیع الرعیه فی اجراء العدل و ما هو أجمع لرضا الرعیه فی تمشیه الامور و إن کان یوجب سخط الخاصه من أرباب النفوذ و أصحاب المقامات السامیه، و علل ذلک بأن غضب عامه الرعیه و عدم رضاهم عن وضعهم یوجب الثوره و البلوى و لا یقدر الخاصه مهما کانوا مخلصین للحکومه و جادین فی نصرته المقاومه تجاه سیول الثائرین و أهل البلوى کما حدث فی زمان عثمان حیث إن سوء سیاسته و عدم تأدیته الحقوق العمومیه صار سببا لنقمه عامه الجیش الإسلامی، فانحازوا من مصر و کوفه و اجتمعوا فی المدینه و حصروا عثمان و لم یقدر خاصته کمروان بن حکم و سائر رجال بنی امیه مع کمال نفوذهم و دهائهم أن یصدوا سیل الثائرین و المهاجمین حتى قتل عثمان فی داره و القی بجسده إلى البقیع و تبعه ما تبعه من الحوادث الهامه، و لکن إذا کان العموم راضیا و موافقا مع الوالی فسخط بعض الخواص لا یؤثر شیئا، لأن الفرد و الأفراد القلیلین لا یقدرون على مقاومه الوالی إذا لا تساعدهم العموم.
ثم وصف الخاصه الملاصقه بالوالی مع کمال أدبهم و تواضعهم بما یلی:
الف- هم أثقل الناس على الوالی من جهه المئونه و ما یتوقعون من معاش اشرافی یصاحب الخدم و الحشم و الغلمان و الممالیک، کما کان فی حال الرخاء و العافیه.
ب- هم أقل الناس معونه عند حلول البلاء و ضیق الحال.
ج- هم أکره الناس للعدل و الانصاف لأن وضعهم یقتضی التجاوز و التعدى بحقوق غیرهم.
د- هم أصر الناس على السؤال و تقدیم التقاضا لحوائجهم حقا کانت أم باطله.
ه- هم أقل الناس شکرا للعطایا و أبطأ لقبول الاعتذار عند المنع.
و- هم أضعف صبرا فی النوائب و تجاه الحوادث فیفرون عن صف الجهاد عند شده البأس، ثم وصف العامه من الناس بما یلى:
هم عماد الدین و حفاظه، و یتشکل منهم جامعه المسلمین و السواد الأعظم و هم العده فی الدفاع عن الأعداء.
۱۲- ثم وصف أهل النمامه و طلاب عیوب الناس و أمره بابعاده و شنئانه و نبه أن من مصلحه الوالی الستر على عیوب الناس و عدم التفتیش عنها حق لا یوجب نفورهم عنه و خوفهم منه.
۱۳- أمره بقطع کل ما یوجب حقد الناس و تمکن البغضاء فی صدورهم.
۱۴- التجاهل عن امور لا یصح للوالی الدخول فیها من أحوال الناس الخصوصیه مما لا یصح و یظهر له.
۱۵- التوقف فی تصدیق من یسعى لدیه عن غیره حتى یتفحص و یتحقق و وصف الساعی بأنه غاش فی صوره ناصح.
۱۶- النهى عن المشوره مع البخیل.
۱۷- النهى عن المشوره مع الجبان.
۱۸- النهى عن المشوره مع الحریص.
و قد أشار إلى أن المشوره مع هؤلاء لا تهتدی إلى رأی صالح مصیب باعتبار ما رکز فی طبع هؤلاء من مساوى الأخلاق التی تؤثر فی رأیهم و تکدره، فالبخیل یمنع عن الإیثار و البذل لکل أحد کما أن الجبان لا یرى الحرب و الجهاد مع الأعداء مصلحه فی حال من الأحوال، لأن جبنه یدعوه إلى حفظ النفس و الإخفاء عن العدو کما أن الحریص الجامع للدنیا یدعو إلى الشره.ثم نبه إلى أن هذه الذمائم ترجع إلى مبدء واحد و هو سوء الظن بالله تعالى و قله معرفته.
و اعلم أن الوزیر هو المعاون و الظهیر کما قال الله تعالى حکایه عن موسى ابن عمران «رب اشرح لی صدری و یسر لی أمری و احلل عقده من لسانی یفقهوا قولی و اجعل لی وزیرا من أهلی هارون أخی اشدد به ۲۵- ۲۸ سوره طه» و قد خصص هذا العنوان بمن یعاون الرؤساء و الملوک حتى یتبادر من لفظ وزیر فلان أنه سلطان، و والی مصر باعتبار سعه میدان نفوذه یساوی ملکا من الملوک و قد کان لکل فرعون من فراعنه مصر و کل ملک من ملوکه و کل وال من ولاته الاسلامیین وزراء و معاونون و هم أهیأ الناس للالتصاق بالوالی الجدید و کسب الجاه عنده و إشغال مقام الوزاره لدیه و تقدیم الهدایا و تحسین الثناء و بذل العون له بما لهم من التجربه و الاطلاع على مجارى الامور، و قلما یقدر وال جدید أو ملک جدید من التخلص عن أمثال هؤلاء، و لکنه صلوات الله علیه بین حال تلک العصابه المتمرنه على الظلم فقال: إذا کان الوزیر وزیرا للوالی الشریر فقد شرکه فی الاثام و المظالم و لا یجوز الاعتماد علیه و اتخاذه بطانه فی امور الحکومه فانهم أعوان الأثمه و إخوان الظلمه.
ثم هداه إلى رجال آخرین یفضلون على أمثال هؤلاء من وجوه:
۱- لهم مثل آرائهم و نفاذهم فی الامور مبرؤون من الاصار و الأوزار لعدم المعاونه على الظلم و الاثم فیکون آرائهم أصقل و نفاذهم أکثر.
۲- اولئک أخف مئونه لانهم أهل صلاح و سداد و لم یعتادوا الاسراف فی المعیشه و ادخار الأموال.
۳- معونتهم للوالی أکثر من الوزراء السابقین لعدم اعتیادهم بالمسامحه فی الامور.
۴- لم یغیر صفاء قلوبهم المطامع و المکائد فکان حبهم للوالی خالصا و عطفهم علیه عن صمیم القلب.
۵- لم یألفوا مع اناس آخرین هم أتباع و أعوان الأشرار الماضین فالفتهم مع غیر الوالی قلیل.
ثم أمره بالانتخاب من اولئک الوزراء الصالحین فقال علیه السلام:
(ثم لیکن آثرهم عندک أقولهم بمر الحق لک) على خلاف عاده الولاه الظلمه الطالبین لمن یؤیدهم على أهوائهم الباطله، و قد ذکر الشارح المعتزلی هنا قصه لطیفه کما یلی:اتى الولید بن عبد الملک برجل من الخوارج، فقال له: ما تقول فی الحجاج؟
قال: و ما عسیت أن أقول فیه، هل هو إلا خطیئه من خطایاک، و شرر من نارک، فلعنک الله و لعن الحجاج معک و أقبل یشتمهما، فالتفت الولید إلى عمر بن عبد العزیز فقال: ما تقول فی هذا؟ قال: ما أقول فیه هذا رجل یشتمکم، فإما أن تشتموه کما شتمکم، و إما أن تعفوا عنه، فغضب الولید و قال لعمر: ما أظنک إلا خارجیا، فقال عمر: و ما أظنک إلا مجنونا، و قام فخرج مغضبا، و لحقه خالدابن الریان صاحب شرطه الولید، فقال له: ما دعاک إلى ما کلمت به أمیر المؤمنین؟ لقد ضربت بیدی إلى قائم سیفی أنتظر متى یأمرنی بضرب عنقک، قال:
أو کنت فاعلا لو أمرک؟ قال: نعم، فلما استخلف عمر جاء خالد بن الریان فوقف على رأسه متقلدا سیفه، فنظر إلیه و قال: یا خالد ضع سیفک، فانک مطیعنا فی کل أمر نأمرک به، و کان بین یدیه کاتب کان للولید، فقال له: ضع أنت قلمک فانک کنت تضر به و تنفع، اللهم إنی قد وضعتهما فلا ترفعهما، قال: فوالله ما زالا وضیعین مهینین حتى ماتا.
أقول: عمر بن عبد العزیز لما تصدى للخلافه یعلم أن مظالم بنی أمیه شاعت فی الأقطار الاسلامیه و تلاطمت فکاد عرش الخلافه یسقط فدبر أحسن تدبیر لتعلیل تلک المظالم و قطع أیادى المولعین بها بکل وجه ممکن، و من أهم ما نفذه إسقاط سب أهل البیت من الخطب و رد فدک إلى بنی فاطمه کما ذکرناه فی مقامه و لم یأل جهدا فی إصلاح الاجتماع و لکن لم یترکوه على سریر الخلافه إلا مما یقرب ثلاث سنین.
ثم أمره علیه السلام بالتقرب بأهل الورع و الصدق و ترکهم على حالهم حرا لئلا ینحرفوا عن طریق الورع و الصدق فیطروه بالثناء و یمدحوه بما لا یستحق فان الإطراء یفسدهم و یؤثر فی الوالی فیکسبه زهوا و غرورا فیفسد هو أیضا.
ثم أمره برعایه العداله و الحق بینهم و لیس معناه أن ینظر إلى جمیعهم بنظره واحده و یکون المحسن و المسىء سواء فانه یوجب تزهید أهل الاحسان فی الاحسان و تدریب أهل الإسائه بالإسائه.
ثم نبهه على أن ألزم ما یکون یتوجه إلیه الوالى جلب حسن ظن الرعیه و جلب عطفه و أدعى شیء إلى ذلک أمران:
۱- الاحسان بالرعایا ببذل ما یحتاجون من المئونه و الحوائج.
۲- تخفیف ما یطلب منهم من الخراج و المئونات و ترک استکراههم على ما لیس فی عهدتهم لجلب حسن ظنهم و اعتمادهم على الوالی فحسن الظن بالوالی إذا عم الرعایا یسهل الأمر علیه فی إرادتهم و لا یحتاج إلى بث العیون و المحافظین علیهم، و حسن الظن لا بد و أن یکون أثر التجربه و الامتحان.
ثم وصاه برعایه السنن الصالحه التی عمل بها صدور الامه الاسلامیه و شاعت بین المسلمین و ألفوا بها فلا یصح نقض هذه السنن و تبدیلها بالبدع أو ترکها رأسا و المقصود منها السنن الحسنه التی عمل بها المسلمون اقتداء بالنبی صلى الله علیه و آله أو عملوها فی مشهد من النبی فأقرهم علیها فصارت من السنن الاسلامیه الثابته.
الترجمه
۱- دلت را نسبت برعیت پر از مهر و محبت و لطف کن، نسبت به آنها چون درنده آزار کنندهاى مباش که خوردن آنان را غنیمت شمارى، زیرا از دو کس بیرون نیستند یا برادر دینى تو هستند یا همنوع تو محسوبند و در معرض لغزش و خطا قرار دارند و از روى عمد و یا خطا گاهى تجاوز مى کنند، باندازهاى در باره آنها گذشت و عفو منظوردار که خود از خداوند توقع گذشت و عفو گناه خود را دارى، تو بالادست آنهائى و والى تو بالا دست تواست و خداوند بالا دست کسى است که تو را والى کرده و کار آنها را بتو وانهاده و بوسیله آنها تو را در معرض امتحان قرار داده است.
۲- هرگز بجنگ و ستیز با خدا بر مخیز زیرا تاب انتقام او را ندارى و از عفو و رحمتش بى نیاز نیستى.
۳- هرگز از عفو خلافکار پشیمان مباش.
۴- هرگز بر شکنجه و عقوبت مبال.
۵- تا راه گریز دارى بتندى و تحکم مشتاب، مگو من فرماندهم و فرمانم اجراء مى شود، زیرا این خود فساد در دل و سستى در دین پدید مى کند و دگرگونى و آشوب ببار مى آورد.
۶- چون از ملاحظه حکومت و مقاومت تکبر و سرافرازى بتو دست داد.نگاهى بملک بزرگ خدا کن که بالا دست تو است و توجه کن که خداوند بر تو قدرت دارد و تو در برابر او بر خود هم قدرت ندارى زیرا این توجه سرکشى ترافرونشاند و تندى ترا باز دارد و عقلی که بر اثر خود بینى از سرت بدر رفته به تو باز گردد.
۷- مبادا با خداوند در بزرگى و جبروت سر همسرى و همانندى داشته باشى زیرا خداوند هر جبارى را خوار و هر بالنده اى را زبون مى کند.
۸- نسبت بخداوند و مردم از طرف خودت و خاندانت و دوستانت انصاف و عدالت را مراعات کن، اگر نکنى ستم ورزیدهاى (و هر کس ببندگان خدا ستم کند خدا از طرف بندگانش خصم اوست و چون خدا با کسى خصومت کند دلیلش را باطل نماید و با او بجنگد تا برگردد و توبه کند)، هیچ چیز از ادامه ستمکارى مؤثرتر در زوال نعمت خداوند و تعجیل انتقام او نیست، زیرا خدا نفرین ستمکشان را خوب مى شنود و در کمین ستمکاران است.
۹- کارهائى را بیشتر دوست دار که با حقیقت تر و عادلانه تر و رضایت عمومى رعایا را بهتر جلب مى کند، زیرا خشم ملت رضایت مخصوصان دولت را پایمال مى کند ولى خشم مخصوصان دولت با وجود رضایت عمومى ملت جبران و در گذشت مى شود، مخصوصان و اطرافیان والى در هنگام صلح و آسایش هزینه بسیار سنگینى بر او تحمیل مى کنند و در هنگام گرفتارى کمتر باو کمک مى دهند، از عدالت بیشتر بدشان مى آید و پرروتر در خواست عطا و مقام مى کنند، چون به آنها چیزى داده شود کمتر شکر مى کنند و اگر دریغ شود دیرتر عذر مى پذیرند، و در پیشامدهاى ناگوار روزگار ناشکیباترند.همانا ستون دیانت و جامعه مسلمانان و ذخیره دفن دشمنان توده عمومى ملت باشند، باید گوشت بسخن آنها و دلت با آنها باشد.
۱۰- هر کس از رعایا نسبت بمردم عیب جوتر است او را از خود دور کن و دشمنتر بدار، زیرا طبعا در مردم عیبهائى هست که بایست والی بیشتر از دیگران آنها را بپوشد، در مقام مباش که عیب آنها را بدانى زیرا هر چه را بدانى باید آنرا اصلاح کنى ولى آنچه از تو پنهانست خدا در باره آن حکم مى کند تا، مى توانى بدیها را بپوش تا خدا عیب ترا از رعیت بپوشد.
۱۱- با مردم بهیچ وجه کینه توزى مکن و خونى از آنها بر عهده مگیر و از آنچه بر تو روشن نیست تغافل بورز.
۱۲- در تصدیق را پورتچیان سخن چین شتاب مکن، زیرا آنان در لباس خیر خواه آب بشیر مى کنند.
۱۳- چند طایفه را هم شور خود مکن.
الف- بخیل، زیرا تو را از فضل و احسان منصرف مى کند و از تهى دستى بیم مى دهد.
ب- ترسو، زیرا تو را در هر کارى بسستى و ضعف مى کشاند.
ج- حریص و آزمند، زیرا دست اندازى بر خلاف حق را در نظر تو نمایش مى دهد، بحل و ترس و حرص چند خصلت بدند که ریشه همه آنها بد گمانى بخدا است.
۱۴- بدترین وزیران تو کسانى اند که وزیر والیان بدکار پیش از تو بوده اند و با آنها در گناهان همکارى کرده اند، مبادا اینان طرفداران و مخصوصان تو باشند زیرا که یار گنهکاران و برادر ستمگرانند، تو مى توانى بجاى آنها بهتر از آنها را بیابی، کسانى که نظریات و نفوذ آنها را دارند ولى وزر و وبال آنها را ندارند و با ستمکاران و گنهکاران همکارى نکرده اند، این مردان پاکدامن هزینه کمترى بر تو تحمیل مى کنند و نسبت بتو مهربانترند و با بیگانه ها کم الفت ترند، آنها را مخصوصان جلسه هاى سرى و انجمنهاى علنى خود قرار ده سپس بر گزیده تر آنها پیش تو کسى باشد که حق را بى پرده برابر تو بگوید و در مخالف خواست حق براى دوستانش ترا کمتر مساعدت کند چه دلخواه تو باشد چه نباشد.
۱۵- به پاکدامنان و راستگویان بپیوند و آنها را چنان بار آور و بپرور که تملق ترا نگویند و بکارهائى که نکرده اى بیهوده ستایش و خوشامد ترا نگویند، زیرا مدح خود پسندى آورد و بغرور کشاند.
۱۶- مردمان درست و خوشرفتار و نادرست و بدکار را بیک چشم منگر و برابر مدان، زیرا در این صورت مردان درست و خوشرفتار بخدمت کردن و درستى بى رغبت مى شوند و مردان بدکار و نادرست ببد کردارى تشویق و وادار مى گردند، هر یک از این دو را بپاداش کارشان که خود براى خود خواسته اند برسان.
۱۷- باید رعیت را بخود خوشبین و امیدوار کنى و بهترین راهش اینست که به آنها احسان کنى و بار هزینه و مخارج آنها را تا مى توانى سبک کنى و آنها را به چیزى که در عهده آنها نیست بزور وادار نکنى، در این زمینه طبعا تو هم برعیت خوشبین خواهى شد و خوشبینى تو به آنها رنج و اندوه فراوان و دنباله دارى را از دوشت بر مى دارد.
۱۸- نسبت بهر کس پیش تو آزمایش خوب داده باید خوشبین باشى و هر کس آزمایش بد داده باو بدبین باش.
۱۹- روش نیکى که پیشروان و رهبران نخست این امت بکار زده اند و با آن توده را بهم پیوسته اند و کار رعیت را اصلاح کرده اند نقض مکن و روش تازه و بدى که باین دستورات نیک گذشته لطمه مىزند پدید میاور تا آنانکه روشهاى نیک را گذاشته اجر برند و تو و بال نقض آنرا بگردن بگیرى.
۲۰- در باره دستورات اصلاحى کشور و اداره کارهاى مردم که پیش از تو بوده است با دانشمندان مطلع بسیار گفتگو کن و با فرزانگان خیر خواه بسیار انجمن نما.
الفصل الثالث من عهده علیه السلام
و اعلم أن الرعیه طبقات لا یصلح بعضها إلا ببعض، و لا غنى ببعضها عن بعض، فمنها جنود الله، و منها کتاب العامه و الخاصه و منها قضاه العدل، و منها عمال الإنصاف و الرفق، و منها أهل الجزیه و الخراج من أهل الذمه و مسلمه الناس، و منها التجار و أهل الصناعات، و منها الطبقه السفلى من ذوى الحاجه و المسکنه، و کل قد سمى الله له سهمه، و وضع على حده فریضته فی کتابه أو سنه نبیه- صلى الله علیه و آله- عهدا منه عندنا محفوظا. فالجنود بإذن الله حصون الرعیه، و زین الولاه، و عز الدین و سبل الأمن، و لیس تقوم الرعیه إلا بهم، ثم لا قوام للجنود إلا بما یخرج الله لهم من الخراج الذی یقوون به على جهاد عدوهم، و یعتمدون علیه فیما یصلحهم و یکون من وراء حاجتهم، ثم لا قوام لهذین الصنفین إلا بالصنف الثالث من القضاه و العمال و الکتاب لما یحکمون من المعاقد، و یجمعون من المنافع، و یؤتمنون علیه من خواص الأمور و عوامها، و لا قوام لهم جمیعا إلا بالتجار و ذوی الصناعات فیما یجتمعون علیه من مرافقهم، و یقیمونه من أسواقهم، و یکفونهم من الترفق بأیدیهم مما لا یبلغه رفق غیرهم، ثم الطبقه السفلى من أهل الحاجه و المسکنه الذین یحق رفدهم و معونتهم، و فی الله لکل سعه، و لکل على الوالی حق بقدر ما یصلحه. و لیس یخرج الوالی من حقیقه ما ألزمه الله تعالى من ذلک إلا بالاهتمام و الاستعانه بالله، و توطین نفسه على لزوم الحق و الصبر
علیه فیما خف علیه أو ثقل.
اللغه
(الرعیه): الماشیه الراعیه، الماشیه المرعیه، (الطبقه): المرتبه و من ذلک قولهم: الطبقه الاجتماعیه و طبقه العمال و نحوها، (الجند): جمع أجناد و جنود و الواحد جندی: العسکر، (الکاتب) ج: کتاب: العالم و من عمله الکتابه- المنجد.
(الجزیه): الخراج المعروف المجعول على رأس الذمی یأخذه الامام فی کل عام، قال تعالى: «حتى یعطوا الجزیه عن ید و هم صاغرون» قیل: سمیت بذلک لأنها قضایه منهم لما علیهم، و قیل: لأنها یجتزى بها و یکتفى بها منهم (الحصن):
واحد الحصون: و هو المکان المرتفع لا یقدر علیه لارتفاعه و منه: الفقهاء حصون الاسلام کحصن سور المدینه- مجمع البحرین.
(المعاقد) جمع معقد: و هو العقد و القرار فی المعاملات و یطلق على الأوراق المتضمنه للمعاهدات.
الاعراب
لا یصلح بعضها إلا ببعض، جمله فعلیه صفه لقوله طبقات، لا غنى ببعضها لاء المشبهه بلیس و غنى اسمها، منها جنود الله جمله اسمیه قدم خبرها لکونه ظرفا، و هکذا ما عطف علیها من سائر الجمل، أو سنه نبیه عطف على قوله فریضه عهدا منه منصوب على التمیز الرافع للابهام عن النسبه من قوله: قد سمى الله سهمه و یحتمل أن یکون حالا، لا قوام للجنود: لاء نافیه للجنس و الخبر محذوف أى لا قوام متحقق للجنود، ما لا یبلغه: لفظه ما اسمیه: أى شیئا لا یبلغه، و فی الله لکل سعه: سعه مبتدأ مؤخر، و فی الله ظرف مستقر خبر له و لکل جار و مجرور متعلق بقوله سعه.
المعنى
قد تعرض علیه السلام فی هذا الفصل من عهده المبارک لبیان طبقات الناس
و الرعیه و أثبت للرعیه طبقات سبعه و لیس المقصود من ذلک إثبات نظام الطبقات و تأییده فان نظام الطبقات مخالف للعدل و الدیمقراطیه الحاکمه بتساوى الرعیه فی الحقوق.
فالبشر فی تحوله الاجتماعی شرع من النظام القبلیه و الاسره المبنی على أن الحکم المطلق ثابت لرئیس القبیله و أبى الاسره یحکم على الأفراد بما شاء یعز من شاء و یذل من شاء، فلا حیاه للفرد إلا فی ضمن القبیله و یشترک معها فی الخیرات و الشرور على ما یراه صاحب الاسره و رئیس القبیله، و هذا أدنى نظام اجتماعی وصل إلیه البشر فی تکامله الاجتماعی و انتقاله من الغاب إلى الصحراء، و قد ظل البشر فی هذا النظام آلافا من السنین یسکن فی ظل بیوت من الشعر أو الجلد و ینتقل من کور إلى کور، و قد أشار الله تعالى إلى هذا الدور فی قوله:
و الله جعل لکم من بیوتکم سکنا و جعل لکم من جلود الأنعام بیوتا تستخفونها یوم ظعنکم و یوم إقامتکم و من أصوافها و أوبارها و أشعارها أثاثا و متاعا إلى حین- النحل الایه ۸۰».
و قد تحولت امم من هذا النظام إلى نظام مدنى أرقى قبل آلاف من السنین فقد ذکر بعضهم اکتشاف آثار المدنیه فی مصر من قبل خمسه عشر ألف عام و فی الصین إلى ما قبل ذلک بالاف من القرون، ثم ازدهرت المدنیه فی بین النهرین و ضواحى ایران و فارس و ظل قبائل اروبا و إفریقا برابره یعیشون تحت الخیام إلى هذه العصور الأخیره إلا ما ظهرت من المدنیه فی یونان و بعض ضواحى البحر الأبیض و جزرها.
فنظام الطبقات یحصل للامم بعد التحول من النظام القبلی و مرجعه إلى اعتبار الامتیازات بین الأفراد و الأصناف و یبتنى على التبعیض فی الحقوق العامه، کما شاع الان فی ایفریقیا الجنوبیه حیث إن الجنس الأبیض و هم الاسره الحاکمه فی البلاد یمتازون عن السودان و هم أکثر سکان البلاد الأصلیین بحقوق واسعه، فنظام الطبقات
یخالف التساوی و التاخی بین الأفراد و التساوی فی الحقوق کما نادى به الإسلام فی القرآن الشریف حیث یقول: یا أیها الناس إنا خلقناکم من ذکر و أنثى و جعلناکم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أکرمکم عند الله أتقاکم إن الله علیم خبیر- ۱۳- الحجرات» و قد تعلق العرب على النظام الطبقاتی و اعتبار الامتیاز من وجوه شتى: منها عدم تزویج بناتهم مع غیر العرب و عدم تزویج القبائل بعضها مع بعض باعتبار علو شأنه، و قد اهتم النبی صلى الله علیه و آله بمحو النظام الطبقاتی و إلقاء هذه الامتیازات المتوهمه بکل جهده.
و مقصوده علیه السلام من قوله (و اعلم أن للرعیه طبقات) لیس اثبات الطبقات بهذا المعنى بل بیان اختلاف الرعیه فی ما تتصدیه من شئون الحیاه البشریه حیث إن الانسان مدنی بالطبع یحتاج إلى حوائج کثیره فی معاشه من المأکل و الملبس و المسکن و لا یقدر فرد واحد بل أفراد على إداره کل هذه الامور فلا بد و أن ینقسم الرعیه بحسب مشاغله إلى طبقات و یتصدى کل طبقه شأنا من الشئون و شغلا من المشاغل، ثم یتبادل حاصل أعماله بعضهم مع بعض حتى یتم أمر معیشتهم و یکمل حوائج حیاتهم و جعل الرعیه سبع طبقات:
۱- الجنود المحافظون للحدود و الثغور و المدافعون عن هجوم الأعداء.
۲- کتاب العامه المتصدون لکتابه العقود و المعاهدات و الحقوق و غیرها من المراسلات.
۳- قضاه العدل و رؤساء المحاکم المتصدون للترافع بین الناس و النظر فی الدعاوى و اثبات الحق عن غیره بحسب الموازین القضائیه المقرره.
۴- عمال الامور الحسبیه المحافظون على الانصاف و الرفق بین الناس و هم الذین یجرون الأحکام القضائیه و ینفذونها و یتعلق هذه الوظیفه فی هذه العصور باداره الشرطه العامه و ما یتبعها من المخافر.
۵- أهل الجزیه و الخراج من أهل الذمه و مسلمه الناس، قال ابن میثم و قوله من أهل الذمه و مسلمه الناس تفصیل للأهل الأول، فأهل الذمه تفسیر لأهل الجزیه و مسلمه الناس تفسیر لأهل الخراج، و یجوز أن یکون
تفسیرا لأهل الجزیه و الخراج لأن للامام أن یقبل أرض الخراج من سائر المسلمین و أهل الذمه.
أقول: لا إشکال فی اختصاص أهل الجزیه بالذمیین، و أما أهل الخراج أیضا کان أکثرهم فی صدر الإسلام ذمیا لأن المسلمین مشتغلون بامور الدین و تجهیز الجیوش و لا فرصه لهم فی الاشتغال بزرع الأرض و حرسها فکل أرض یملکها المسلمون یکون فی أیدى أهل الذمه یعملون فیها و یؤدون خراجها، و لکن ظهر فی أهل الخراج من المسلمین و زادوا تدریجا بوجهین:
الف- أن کثیرا من أهل الذمه التابعین للإسلام أسلموا فیما بعد لما ظهر لهم من دلائل صدق الاسلام و حسن سلوکه.
ب- أنه بعد ما شاع الاسلام فی کثیر من المعموره و انتشر فی البلدان النائیه العامره کمصر و الشام فقد تصدى جمع من المسلمین لأمر الزراعه و الحرث و صاروا من أهل الخراج.
۶- التجار و أهل الصناعات و الحرف الکثیره التی علیها مدار حیاه البشر و اداره شتى شئونها من التجاره و البنایه و العماره و غیرها.
۷- الطبقه السفلى من ذوى الحاجه و المسکنه، و التعبیر عن هذه الطبقه بالسفلى باعتبار أنها لا تقدم عملا نافعا فی الاجتماع تتبادل به مع أعمال الطبقات الاخر فلا بد و أن تعیش من عمل الطبقات الاخر.
و قد بین علیه السلام فی نظم طبقات الرعیه أنه لا محل للعاطل و من لا یعمل عملا یفید الاجتماع فی المجتمع الحی البشری، فما ترى بین الامه من جماعات لا یتصدون لهذه المشاغل و یعیشون ربما أرغد عیش بین الرعیه فهم کاللصوص و المغیرین.
فمنهم أرباب رءوس المال الذین یتحصلون الأرباح من رأس مالهم و یعاملون بالربا، و قد قال الله تعالى «و ذروا ما بقی من الربا إن کنتم مؤمنین. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله و رسوله- ۲۷۸- البقره».و قد شاع هذه الطبقه فی هذه العصور یسکنون القصور و یعیشون بالهناء و السرور من دون أن یعملوا عملا للاجتماع.
و منهم أرباب الحیل و المخادیع ممن یدعى السحر و النیرنجات و الرمل و أمثال ذلک فیتوجه إلیهم البسطاء من الناس و یبذلون فی سبیل دعاویهم الباطله الغالی و الرخیص من أموالهم.
و منهم أصحاب التعاویذ و الدراویش و من حذا حذوهم ممن یحصلون أموال البسطاء و الغافلین بأنواع المکائد و الحیل.
و منهم من یسأل بکفه و یدور فی الأسواق و الدور و یستغیث بالناس لتحصیل المعاش و الرزق بالتکدی.
و لو عد فی مثل هذه العصور طبقات الناس فی بلد إسلامی یوجد فیها طبقات کثیره لا تدخل فی هذه السبعه.
ثم بین علیه السلام الموقع الاجتماعی لکل من هذه الطبقات و احتیاج بعضها إلى بعض فی إداره شئون الحیاه و إدامتها فوصف الجنود بأنهم:
۱- حصون الرعیه و وسیله الأمن و الراحه لهم بحیث لا حفاظ و لا دفاع تجاه الأعداء المهاجمین أو اللصوص السالبین إلا بوجودهم.
۲- زینه و ابهه للولاه تجاه العدو الخارجی و المخالف الداخلی فلولا وجود الجند لا یمکن للوالی تمشیه الامور و تدریبها.
۳- الجنود الاسلامیه الذین یقومون فی میادین الجهاد بنصره الحق عز للدین تجاه الأعداء الکافرین.
۴- الجنود سبل للأمن من وجوه شتى فلا یجترىء اللص أن یسلب أموال الناس خوفا من الجنود و لا یجترىء العدو أن یهاجم على المسلمین و یسلبهم أموالهم خوفا من الجنود.
و لا بد لمعاش الجندی و سد حوائجه من وجوه کافیه یصل إلیه دوما و هو الخراج الذی یتحصل من الأراضی الخراجیه و قد یکون أجناسا صالحه للمعیشه کحصه من حنطه الأرض الخراجیه، و قد یکون درهما و دینارا یصرف فی رفع الحوائج، فوجود الجند إنما یقوم على الخراج المقرر له فانه لو لا هذا الخراج یحتاج إلى التخلی عن شغله و السعى وراء طلب المعیشه فلا یبقى جندیا فان الجنود لا بد و أن یکونوا معدین للجهاد و مقاومه العدو فی کل حین و تحصیل الخراج و ایصاله إلى الجند یحتاج إلى الصنف الثالث من القضاه و العمال و الکتاب، فان الخراج إنما یؤخذ على طبق معاهده بین عمال الأرض و الوالی فلا بد من تنظیم أسناد ثم لا بد من عمال یحصلون الخراج من عمال الأرض طبق المعاقده المرضیه و ربما ینشأ هناک خلافات بین عمال الوالی و عمال الأراضی أو بعضهم مع بعض فلا بد من الرجوع إلى القاضی فی حل هذه الخلافات، و هذه الجامعه المرکبه من القوه الدفاعیه و المالیه و القضائیه و الکتاب لا یقدرون على المعیشه إلا مع ما یقضی حوائج المعیشه من اللباس و الغذاء و أنواع الأثاث و الریاش التی یحتاج وجودها إلى من یصنعها و یهیؤها و إلى من ینقلها من بلد إلى بلد، و هم التجار و ذوى الصناعات فأهل الصنعه بفنونها و شعوبها منتشره فی شرق الأرض و غربها و یتخصص أهل کل بلد بصنعه خاصه بهم و الواسطه فی حمل هذه المصنوعات من بلد إلى بلد هم التجار الذین یتعرفون وجود کل صنعه فی أی بلد و یتحملون المشاق فی نقلها إلى أسواق اخرى حیث یضعونها فی منال أیدى الطالبین، فالتجار و ذووا الصنعه رکن فی الاجتماع المدنی لما یجتمعون علیه من مرافقهم و یقیمونه من أسواقهم و یکفونه من الترفق بأیدیهم ما لا یبلغه رفق غیرهم.
ثم بعد ذلک لا یخلو الاجتماع مهما کان صحیحا و منظما و عادلا من وجود ذوى العاهات و العجزه و الأشیاخ الذین لا یقدرون على العمل، فهذه الطبقه کالقشر من الشجره فکما أنه لا یمکن وجود شجره سالمه مثمره من دون قشر، لا یمکن وجود اجتماع خال من هذه الطبقه السفلى، فمنهم من أدى خدمته أیام شبابه و دوران صحته ثم عرضه الهرم أو اعترضه السقم فتعذر له العمل، فلا بد من رعایته بتحمل مئونته، و منهم من حرم من القوه لعاهه عرضته فلا بد من حفظ حرمته و رعایه کرامته، و هم الذین یحق رفدهم و معونتهم و تهیه وسائل معیشتهم و یسع رحمه الله کل هذه الطبقات السبعه و لکل منهم على الوالی حق الرعایه و المحافظه بقدر ما یصلحه.
الترجمه
اى مالک، بدانکه ملت از طبقه هاى چندى تشکیل مى شود که باید هر کدام را با دیگرى اصلاح کرد و همه با هم پیوسته و مرتبط و بهم نیازمندند.
الف- جنود الله، آرتشى که در راه خدا و براى خدا مى جنگد.
ب- نویسندگان عامه و خاصه، دفترداران عمومی و منشیان مخصوص که براى رجال و بزرگان نامه هاى خصوصى والی و کارگزاران عالیرتبه او را تنظیم مى نمایند.
ج- قاضیان و دادگران عادل، دادستانها و قاضیان محاکم.
د- کارمندان إنصاف و رفق: تشکیلات کل شهربانى و شهردارى، اداره أمر بمعروف و نهى از منکر.
ه- أهل جزیه و خراج از کفار ذمی و مسلمانان، بدهکاران مالیات سری و مالیات زمینهائى که خالصه دولت اسلامی است و متصرفین آن باید سهم در آمد زمین را بدولت بپردازند.
و- بازرگانان و پیشه وران و صنعتگران.
ز- بیچارگان و زبونان که نیازمندند و دست طلب دراز دارند: مردمان بیچاره که سرمایهاى و کار و شغلى ندارند و یا نمىتوانند کار کنند و باز نشستهاند و براى قوت خود محتاجند.
خداوند در کتاب خود قرآن مجید و سنت پیغمبرش براى هر کدام از این طبقات بخشى از ثروت که در کشور است نام برده و در خور استحقاقش قرار معینى نهاده، این دستور بودجه و پخش آن بما سپرده است و نزد ما مصون و محفوظ است.
لشکریان باذن خدا پناه رعیت و زینت والیان و عزت دین و وسیله أمنیت راهها مى باشند، رعیت بىوجود آنها بر سرپا نمىماند و آنها بر سر پا نمى مانند مگر بوسیله دریافت حقوق خود که خدا از خراج و مالیات براى آنها معین کرده و بپشت گرمى آن در جنگ با دشمنان نیرومند مى شوند و زندگى خود را اصلاح مى نمایند و رفع نیاز مى کنند.
این دو دسته لشکریان و خراجگزاران را دسته سومى باید اداره کند که عبارتند از قاضیان (دستگاه دادگسترى) و کارمندان دولت (استانداران و فرمانداران و بخشداران) و نویسندگان (متصدیان امور دفترى) براى آنکه معاملات و معاهدات را منعقد مىکنند و عوائد را جمع آورى مىکنند و کارهاى کلى و جزئی به آنها سپرده است.
زندگى همه اینها اداره نمى شود مگر بوسیله بازرگانان و صنعتگران که وسائل زندگى را جمع آورى مى کنند و بازار داد و ستد بوجود مى آورند و با دست خود أبزارهاى زندگانى را جمع آورى مى کنند و مى سازند که دیگران نمى توانند بسازند، سپس آن دسته پائین و بیچاره اند که نیازمند و مسکینند، کسانى که باید به آنها بخشش کرد و براى خدا بدانها کمک نمود، هر کدام آنها را نزد والى جائى است و بر او لازم است باندازهاى که زندگى آنها اصلاح شود به آنها کمک دهد.
والى از عهده این خدمتى که خدا بر او لازم کرده بر نیاید مگر بکوشش و استعانت از خداوند و وادار کردن خود بر درستکارى و صبر بر آن سبک باشد بر او یا سنگین.
الفصل الرابع من عهده علیه السلام
فول من جنودک أنصحهم فی نفسک لله و لرسوله و لإمامک، و أنقاهم جیبا، و أفضلهم حلما، ممن یبطىء عن الغضب، و یستریح إلى العذر، و یرأف بالضعفاء، و ینبو على الأقویاء، و ممن لا یثیره العنف، و لا یقعد به الضعف.
ثم الصق بذوی الأحساب، و أهل البیوتات الصالحه و السوابق الحسنه، ثم أهل النجده و الشجاعه و السخاء و السماحه، فإنهم جماع من الکرم، و شعب من العرف، ثم تفقد من أمورهم ما یتفقد الوالدان من ولدهما، و لا یتفاقمن فی نفسک شیء قویتهم به، و لا تحقرن لطفا تعاهدتهم به و إن قل، فإنه داعیه لهم إلى بذل النصیحه لک و حسن الظن بک، و لا تدع تفقد لطیف أمورهم اتکالا على جسیمها، فإن للیسیر من لطفک موضعا ینتفعون به، و للجسیم موقعا لا یستغنون عنه. و لیکن آثر رءوس جندک عندک من واساهم فی معونته، و أفضل علیهم من جدته، بما یسعهم و یسع من ورائهم من خلوف أهلیهم، حتى یکون همهم هما واحدا فی جهاد العدو، فإن عطفک علیهم یعطف قلوبهم علیک.
اللغه
(جنود) جمع جند و الواحد جندی: العسکر، (أنقاهم جیبا): أطهرهم فی القلب و النفس و ألزمهم للتقوى، (بطؤ) یبطىء: ضد أسرع، (رؤف) رأفه:
رحمه أشد رحمه فهو رؤوف، (نبا) ینبو: تجافى و تباعد، (أثاره) هیجه، (العنف):الشده و القساوه، (قعد به): أعجزه، (النجده): الرفعه، (السماحه): البذل، (جماع الشیء): جمعه، یقال: الخمر جماع الاثم أى جامعه لکل أصنافه، (فقم)
فقما الأمر: عظم، تفاقم الأمر: عظم و لم یجر على استواء- المنجد، (الخلوف):المتخلفون جمع خلف بالفتح.
الاعراب
أنصحهم فی نفسک: فی نفسک متعلق بقوله أنصحهم، جیبا: تمیز لقوله أنقاهم رافع للابهام عن النسبه و کذلک حلما منصوب على التمیز، من قوله أفضلهم عن الغضب: متعلق بقوله یبطىء و یفید المجاوزه أى یبطىء متجاوزا عن الغضب، على الأقویاء: یفید الاستعلاء، لا یقعد به الضعف: الباء للتعدیه، ثم الصق:
یفید التراخی أى ول من جنودک فی الدرجه الثانیه من ذوى الأحساب، ثم أهل النجده: تراخ ثان، جماع: خبر إن أى مجمع الکرامه و شعب من الأعمال الحسنه، لا یتفاقمن: نهی مؤکد، اتکالا: مفعول له لقوله لا تدع، للیسیر من لطفک: ظرف مستقر خبر إن قدم على اسمها و هو مرفوع موضعا، ینتفعون به:
جمله فعلیه صفه لقوله موضعا، آثر: أفعل التفضیل من الاثره یعنی أحبهم و أخصهم إلیک، جدته: اسم مصدر من الوجدان مثل عده من الوعد: أى مما تمکن منه.
ورائهم: ظرف مستقر صله لقوله من، من خلوف: بیان لقوله من ورائهم.
المعنى
قد تعرض علیه السلام فی هذا الفصل لبیان ما یلزم أن یتصف به الجندی من الأوصاف حتى یستحق لمقام الولایه على السائرین و هذا هو من أهم امور النظام العسکری و قد انشأ فی هذه العصور معاهد و مدارس لتعلیم النظام و تربیه الضباط و الامراء فی الجیوش و تتضمن هذه التعلیمات تمرینات و تدریبات عسکریه شاقه فی دورات متعدده ینتهی کل منها إلى امتحانات صعبه ربما قل الناجحون منها.
و لکن الاسلام یتوجه إلى روحیه الجندی أکثر مما یتوجه إلى تدریبه العملی، فان الجندی إنما یواجه العدو و یدافع عنه بروحه و ایمانه و قوه عقیدته أکثر مما یعتمد على قوه جسمه و أعماله، فقد کان رسول الله صلى الله علیه و آله یجمع المسلمین فی صفوف صلاه الجماعه یعلمهم آی القرآن و یبین لهم طریق عباده الرحمن و یؤید اعتقادهم بالله و رسوله بالتمرین و التدریب على الاصول التعلیمیه للاسلام و یتخرج من بینهم رجال کأکبر قواد الجیوش فی العالم یبارزون الأبطال المدربین فی کلیات العسکریه الرومانیه و الفارسیه فیقهرونهم و یغلبون علیهم حتى اشتهروا فی هذه العصور بالبطوله و الشجاعه یقع الخوف فی قلوب الأعداء من ذکر أسمائهم، و قد افتخر النبی صلى الله علیه و آله بقوله: «و نصرت بالرعب مسیره شهر».
و هذه البطوله الفائقه تعتمد على قوه الروح و الایمان فی القواد الاسلامیین أکثر مما تعتمد على قوه الجسم و التدریبات العملیه، و قد وصف علیه السلام من یستحق مقام الولایه على الجند و ینبغی أن یکون أمیرا بسبعه أوصاف:
۱- أن یکون أنصح و أطوع لله و رسوله و للامام المفترض الطاعه من سائر الافراد، فلا یألوا جهدا فی تحصیل رضا الله و رسوله و رضا إمامه مهما کلفه من الجهد و المشقه، و قد قدم هذا الاخلاص و النصح لرسول الله صلى الله علیه و آله سعد بن معاذ رئیس الأوس فی قضیه بدر حین عرض صلى الله علیه و آله على الأنصار الزحف لمقاتله قریش فی بدر فجمع أصحابه و عرض علیهم ما أراده، قال ابن هشام فی سیرته «ص ۳۷۴ ج ۱ ط مصر»:
ثم نزل و أتاه الخبر عن قریش بمسیرهم لیمنعوا عیرهم فاستشار الناس فأخبرهم عن قریش- إلى أن قال: ثم قام المقداد بن عمرو فقال: یا رسول الله امض لما أراک الله فنحن معک و الله لا نقول لک کما قالت بنو إسرائیل لموسى «اذهب أنت و ربک فقاتلا إنا هاهنا قاعدون» و لکن اذهب انت و ربک فقاتلا إنا معکما مقاتلون، فو الذی بعثک بالحق لو سرت بنا إلى برک الغماد- موضع بعید مخوف- لجالدنا معک من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله: خیرا و دعا له به.
ثم قال رسول الله صلى الله علیه و آله: أشیروا علی أیها الناس و إنما یرید الأنصار و ذلک أنهم عدد الناس و أنهم حین بایعوه بالعقبه قالوا: یا رسول الله إنا برءاء من ذمامک حتى تصل إلى دیارنا فإذا وصلت إلینا فأنت فی ذمتنا نمنعک مما نمنع أبنائنا و نسائنا، فکان رسول الله صلى الله علیه و آله یتخوف أن لا تکون الأنصار ترى علیها نصره إلا ممن دهمه بالمدینه من عدوه و أن لیس علیهم أن یسیر بهم إلى عدو من بلادهم.
فلما قال ذلک رسول الله صلى الله علیه و آله، قال له سعد بن معاذ: و الله لکأنک تریدنا یا رسول الله؟ قال: أجل قال: فقد آمنا بک، و صدقناک، و شهدنا أن ما جئت به هو الحق، و أعطیناک على ذلک عهودنا و مواثیقنا على السمع و الطاعه فامض یا رسول الله لما أردت فنحن معک فو الذی بعثک بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معک، ما تخلف منا رجل واحد و ما نکره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر فی الحرب صدق فی اللقاء لعل الله یریک منا ما تقر به عینک فسر بنا على برکه الله.
۲- أن یکون أطهر أفراد الجیش قلبا و سریره و تجنبا عن الفواحش و المنکرات.
۳- أن یکون أثبتهم حلما و تسلطا على نفسه تجاه ما یثیر الغضب حتى لا یسوقه جبروت امارته على ارتکاب الشده بالنسبه إلى من وقعوا تحت امرته بارتکاب ما یخالف هواه کما هو مقتضى طبع الامراء و أصحاب القوه و بسط الید و النفوذ.
۴- کان ممن یقبل الاعتذار عمن ارتکب خلافا و یتصف بالعفو و الصفح عن المذنب.
۵- حین ما یکون جندیا موصوفا بشده الشکیمه تجاه الأعداء مهیبا عند السائرین لإنفاذ أوامره، یکون رقیق القلب یرأف بالضعفاء، کما وصف الله المؤمنین بقوله عز من قائل «أشداء على الکفار رحماء بینهم ۲۹- الفتح».
۶- کان مقاوما للأقویاء المعتادین لإعمال النفوذ فی الدوله لإحراز منافعهم و مقاصدهم و تحمیل مظالمهم على الضعفاء.
۷- کان حلیما و صبورا تجاه الشدائد و مفکرا فی حل ما ینوبه من العقد و العقائد فلا یؤثر فیه العنف و شده النائبه و صعوبه الحادثه فیثیره و یجذبه إلى ارتکاب ما لا یلیق به أو یجد فی نفسه ضعفا فیتکاسل و یقعد عن العمل و تدبیر الأمرو الخطب الذی به حل.
هذا، و إحراز هذه الصفات الکریمه فی الأفراد یحتاج إلى درس کامل عن أحوالهم و إلى تجارب و امتحانات متتالیه و متطاوله ربما لا یتیسر بالنسبه إلى ما یحتاج إلیه من الأفراد فقرر علیه السلام ضابطتین تکونان کالأماره و الدلیل على وجود هذه الصفات العالیه النفسانیه.
الاول ضابطه الاسره و البیت
و هى فصیله من القبیله تبقى دورا طویلا بعد التحول من النظام القبلی إلى النظام الدولی فکانت العرب تظل فی النظام القبلی منذ قرون کثیره حتى جاء نظام الاسلام فحول العرب إلى نظام حکومی أعلى لیس الحاکم فیه إراده رئیس القبیله و مقرراتها بل الحاکم فیه قانون الاسلام و الدستورات النبویه، و لکن المله بقیت تحت تربیه الاسره و البیت فهی التی تکفل تربیه الفرد و تعلیمه بلا واسطه أو بوسیله المکاتب أو المعلمین المخصوصین، فذوى الأحساب و أهل البیوتات الصالحه و السوابق الحسنه هم المؤدبون و المربون تربیه صحیحه.
فاذا تم النظام الحکومی فی الشعب و أکمل فیه وسائل التربیه و التثقیف بانشاء دور التعلیمات الابتدائیه و المتوسطه و العالیه و تشمل جمیع الأفراد کما فی الدول الراقیه و الشعوب المترقیه فینفصل الفرد عن البیت و الاسره و ینتقل إلى تربیه النظام الحکومی فیطالب بالشهادات المدرسیه فی کل دور و یعتمد فی تعهده لأی شغل و مقام إلى ما فی یده من الشهادات المدرسیه و الکلیات و المعاهد العلمیه و لا ینظر إلى بیته و اسرته و إلى أبیه و امه لأن جهوده الذی بذله فی سبیل التحصیل المنعکس فی شهاداته المدرسیه و أوراق دور علمه یثبت جوهر شخصیته و ما یستحقه من الرتب و الدرجات فی النظام و سائر الشئون.
و لکن الحکومه الاسلامیه الفنیه فی عصره علیه السلام لم تبلغ إلى حد یتکفل تربیه الأفراد، و کان الاعتماد فی صلاحیه الأفراد إلى البیت و الأسره، فالانتساب إلى بیت صالح و اسره معروفه یقوم مقام الشهاده الصادره من کلیه علمیه أو معهد رسمى کما کانت حکومه الفرس فی أدوارها الطویله قائمه على نظام الأسره و البیوتات فی تربیه الأفراد و تأدیبهم و إن بلغت من السعه و النفوذ إلى ما یوجب العجب و التحسین، و قد بین تلک الحکمه الاجتماعیه الفیلسوف الیونانی الشهیر أرسطوطالیس فی ما أجاب به الإسکندر الفاتح الشهیر ننقله من الشرح المعتزلی بعینه، قال:
رساله الاسکندر الى أرسطو و رد أرسطو علیه
و ینبغی أن نذکر فی هذا الموضع رساله أرسطو إلى الإسکندر فی معنى المحافظه على أهل البیوتات و ذوی الأحساب، و أن یخصهم بالریاسه و الامره، و لا یعدل عنهم إلى العامه و السفله، فان فی ذلک تشییدا لکلام أمیر المؤمنین علیه السلام و وصیته.
لما ملک الاسکندر ایرانشهر و هو العراق مملکه الأکاسره و قتل دارا بن دارا کتب إلى أرسطو و هو ببلاد یونان:
علیک أیها الحکیم منا السلام، أما بعد، فان الأفلاک الدائره، و العلل السمائیه و إن کانت أسعدتنا بالامور التی أصبح الناس بها دائبین، فانا جد واجدین لمس الاضطرار إلى حکمتک، غیر جاحدین لفضلک و الاقرار بمنزلتک و الاستنامه[۱] إلى مشورتک و الاقتداء برأیک، و الاعتماد لأمرک و نهیک لما بلونا من جدا ذلک علینا، و ذقنا من جنا منفعته، حتى صار ذلک بنجوعه فینا و ترسخه فی أذهاننا و عقولنا کالغذاء لنا، فما ننفک نعول علیه و نستمد منه استمداد الجداول من البحور، و تعویل الفروع على الاصول، و قوه الأشکال بالأشکال، و قد کان مما سبق إلینا من النصر و الفلح، و اتیح لنا من الظفر، و بلغنا فی العدو من النکایه و البطش ما یعجز العقول عن وصفه، و یقصر شکر المنعم عن موقع الانعام به، و کان من ذلک أنا جاوزنا أرض سوریه و الجزیره، إلى بابل و أرض فارس، فلما حللنا بعقوه أهلها- العقوه ما حول الدار- و ساحه بلادهم، لم یکن إلا ریثما تلقنا برأس ملکهم هدیه إلینا، و طلبا للحظوه عندنا، فأمرنا بصلب من جاء به، و شهرته لسوء بلائه، و قله ارعوائه و وفائه ثم أمرنا بجمع من کان هناک من أولاد ملوکهم و أحرارهم و ذوی الشرف منهم، فرأینا رجالا عظیمه أجسامهم و أحلامهم، حاضره ألبابهم و أذهانهم، رائعه مناظرهم و مناطقهم، دلیلا على أن ما یظهر من روائهم و منطقهم أن وراء من قوه أیدیهم، و شده نجدتهم و بأسهم ما لم یکن لیکون لنا سبیل إلى غلبتهم، و إعطائهم بأیدیهم، لو لا أن القضاء أدالنا منهم، و أظفرنا بهم، و أظهرنا علیهم، و لم نر بعیدا من الرأى فی أمرهم أن نستأصل شافتهم، و نجتث أصلهم، و نلحقهم بمن مضى من أسلافهم، لتکون القلوب بذلک إلى الأمن من جرائرهم و بوائقهم، فرأینا أن لا نعجل باسعاف بادىء الرأى فی قتلهم دون الاستظهار علیهم بمشورتک فیهم، فارفع إلینا رأیک، فیما استشرناک فیه بعد صحته عندک، و تقلیبک إیاه بجلی نظرک، و سلام على أهل السلام فلیکن علینا و علیک.
فکتب الیه أرسطو
لملک الملوک و عظیم العظماء، الإسکندر المؤید بالنصر على الأعداء، المهدی له الظفر بالملوک، من أصغر عبیده و أقل خوله، ارسطوطالیس البخوع بالسجود، و التذلل فی السلام، و الإذعان فی الطاعه.
أما بعد، فانه لا قوه بالمنطق و إن احتشد الناطق فیه، و اجتهد فی تثقیف معانیه و تألیف حروفه و مبانیه على الاحاطه بأقل ما تناله القدره من بسط علو الملک و سمو ارتفاعه عن کل قول، و إبرازه على کل وصف، و اغترافه بکل إطناب، و قد کان تقرر عندی من مقدمات إعلام فضل الملک فی صهله سبقه، و بروز شأوه، و یمن نقیبته مذأدت إلى حاسه بصری صوره شخصه، و اضطرب فی حس سمعی صوت لفظه، و وقع و همی على تعقیب نجاح رأیه، أیام کنت أودی إلیه من تکلف تعلیمی إیاه ما أصبحت قاضیا على نفسی بالحاجه إلى تعلمه منه، و مهما یکن منی إلیه فی ذلک، فانما هو عقل مردود إلى عقله، مستنبطه أو الیه و توالیه من علمه و حکمته، و قد جلا إلى کتاب الملک و مخاطبته إیاى و مسألته لی عما لا یتخالجنی الشک فی لقاح ذلک و إنتاجه من عنده، فعنه صدر و علیه ورد، و أنا فیما اشیر إلیه على الملک- و إن اجتهدت فیه و احتشدت له، و تجاوزت حد الوسع و الطاقه منی فی استنطاقه و استقصائه- کالعدم مع الوجود، بل کما لا یتجزأ فی جنب معظم الأشیاء و لکنی غیر ممتنع من اجابه الملک إلى ما سأل، مع علمی و یقینی بعظم غناه عنی و شده فاقتى إلیه، و أنا راد إلى الملک ما اکتسبته منه، و مشیر علیه بما أخذته عنه، فقائل له:
إن لکل تربه لا محاله قسما من الفضائل، و إن لفارس قسمها من النجده و القوه و إنک إن تقتل أشرافهم تخلف الوضعاء على أعقابهم، و تورث سفلتهم على منازل علیتهم، و تغلب أدنیائهم على مراتب ذوی أخطارهم، و لم یبتل الملوک قط ببلاء هو أعظم علیهم و أشد توهینا لسلطانهم من غلبه السفله، و ذل الوجوه فاحذر الحذر کله من أن تمکن تلک الطبقه من الغلبه و الحرکه، فإنه إن نجم بعد الیوم على جندک و أهل بلادک ناجم دهمهم منه مالا رویه فیه و لا بقیه معه، فانصرف عن هذا الرأی إلى غیره و اعمد إلى من قبلک من اولئک العظماء و الأحرار، فوزع بینهم مملکتهم، و ألزم اسم الملک کل من ولیته منهم ناحیته و اعقد التاج على رأسه، و إن صغر ملکه، فإن المتسمى بالملک لازم لاسمه، و المعقود التاج على رأسه لا یخضع لغیره، فلیس ینشب ذلک أن یوقع کل ملک منهم بینه و بین صاحبه تدابرا و تقاطعا و تغالبا على الملک، و تفاخرا بالمال و الجند حتى ینسوا بذلک أضغانهم علیک و أوتارهم فیک، و یعود حربهم لک حربا بینهم، و حنقهم علیک حنقا منهم على أنفسهم، ثم لا یزدادون ذلک بصیره إلا أحدثوا لک بها استقامه، و إن دنوت منهم دانوا لک، و إن نأیت عنهم تعززوا بک، حتى یثب من ملک منهم على جاره باسمک، و یسترهبه بجندک، و فی ذلک شاغل لهم عنک و أمان لاحداثهم بعدک، و إن کان لا أمان للدهر، و لا ثقه بالأیام.
قد أدیت إلى الملک ما رأیته لی حظا، و على حقا من إجابتی إیاه إلى ما سألنی عنه، و محضته النصیحه فیه، و الملک أعلى عینا، و أنفذ رویه، و أفضل رأیا و أبعد همه فیما استعان بی علیه، و کلفنی بتبیینه و المشوره علیه فیه، لا زال الملک متعرفا من عوائد النعم، و عواقب الصنع، و توطید الملک، و تنفیس الأجل، و درک الأمل، ما تأتی فیه قدرته على غایه قصوى ما تناله قدره البشر، و السلام الذی لا انقضاء له، و لا انتهاء، و لا فناء، فلیکن على الملک.
قالوا: فعمل الملک برأیه، و استخلف على إیران شهر أبناء الملوک و العظماء من أهل فارس فهم ملوک الطوائف الذین بقوا بعده و المملکه موزعه بینهم إلى أن جاء أردشیر بن بابک فانتزع الملک منهم.
و ینبغی أن یلفت النظر إلى مکاتبه إسکندر و أرسطو هذه من وجوه:
۱- ما یستفاد من کتاب إسکندر من إعجابه بالاسره المالکه فی إیران أیام داریوش حیث اعجب بهم و هابهم و خاف منهم بعد الغلبه علیهم حتى هم بقتلهم و استیصال شافتهم لیأمن بوائقهم على ملکه فیما بعد، ها بهم و هم أذلاء و اسراء تحت یدیه، هابهم من قوه منطقهم و وفور تعقلهم و بسالتهم و شجاعتهم و اعترف بأن الغلبه علیهم کان قضاء مقدرا لا أمرا بشریا میسرا، و یستفاد من ذلک أنه کان فی الاسره المالکه تربیه و تثقیف لا یوجد مثلها حتى فی یونان مرکز الفلسفه فی هذه العصور.
۲- إن هذه التربیه و الثقافه کانت مقصوره على الاسره المالکه لا تتعداهم، و کانت عامه الناس فی هذه المملکه الواسعه الأطراف فاقدین لکل شیء لا یمسون من شئون الحیاه إلا العمل تحت إراده الحکام و نیل أدنى المعیشه مما یناله البهائم و الأنعام، فهم فی الحقیقه کالغنم یرعاهم الاسره المالکه تأکل منهم ما یشاء و تبقی ما یشاء، و هذا هو السر فی إمکان الحکومه على هذه الشعوب الکثیره فی بلاد شاسعه الأطراف، و من هذه الجهه لا تهتم عامه الشعوب فی الدفاع عن الوطن و لا تدخل لهم فی هذا الأمر السیاسی إلا ما یؤمرون به من جهه الامراء، فاذا ضعف الحکومه فی ناحیه أو شعب یهاجم علیها العدو و یتسلط علیها بلا منازع و مدافع و بقی هذا التلاشی بین الحکومه و الشعب فی إیران إلى أیام الفتح العربی، فهاجم ما یقل عن أربعین ألف جندی بدوی و غلب على الامبراطوریه الممدوده من نواحی سوریه و الشام إلى ثغور الهند و الصین.
۳- یستحق العجب من تدبیر الحکیم أرسطو لرد إسکندر الفاتح المغرور عن عزمه بقتل الاسره المالکه فی إیران، فقد أظهر فی جوابه عن کتاب إسکندر کل خضوع و انقیاد تجاه هذا الجبار العنید لیستمیله إلى إصغاء ما یملی علیه من سوء عاقبه هذا العزم الخبیث و دلل علیه بأن قتل الاسره المالکه المدبره فی إیران الذین یحکمون و یدیرون شئون امم شتى یزدادون على ملائین من البشر الذین لا یمسون من شئون الحیاه إلا کالأنعام و الأغنام- یوجب تلاشى الامه البشریه و فنائهم و یولد منه الهرج و المرج المفنى لجماعات من البشر، فان البشر الغیر المثقف الوحشی إذا کسب قوه و منعه یعیث فی الأرض فسادا و خرابا و دمارا کما ارتکبه آتیلا الامر على القبائل الوحشیه فی اوروبا، و چنگیز الامر على قبائل وحشیه فی صین.
و نعود فنقول: إنه علیه السلام أشار فی کلامه هذا إلى أن الاعتماد على الفرد یکتسب من ملاحظه أسرته و بیته الذی تولد و نشأ فیه.
الضابطه الثانیه ما یستفاد من حال الفرد نفسه ، فانه دخل فی جماعه المسلمین فی هذه الأیام خلق کثیر من سائر الشعوب لا یعرف لهم اسره و بیت و یعبرون عنهم بالموالی فکان الاعتماد علیهم یرجع إلى ما یستفاد من أخلاقهم فبین لذلک أربعه أوصاف:
۱- النجده، و هی صفه تنبىء عن علو الهمه و تمنع الرجولیه.
۲- الشجاعه، و هی صفه تنبىء عن الغیره و سرعه الاقدام فی الدفاع عما یجب حفظه.
۳- السخاء، و هی صفه تنبىء عن بسط الید و عدم حب المال و الادخار و حب الإیثار على الأغیار.
۴- السماحه، و هی صفه تنبىء عن الاقتدار على جمع الناس و تألیفهم حوله و التسلط علیهم بحسن الخلق و بسط الجود.
فهذه صفات شخصیه إذا اجتمعت فی فرد تؤهلها للامره و توجب الاعتماد علیه فی إعطاء الولایه على الجند.
ثم أشار فی آخر هذا الفصل إلى أن أفضل رؤساء الجند و امراء الجیوش من یواسیهم فی المعونه و یوفر علیهم فیما یجده من المئونه و لا یقتصر على خصوص رواتبهم المقرره المحدوده بحیث یغنیهم لما یحتاجون إلیه من مئونه أنفسهم و مئونه أهلهم المتخلفین ورائهم ینتظرون عونهم فی کل حین فیکون حینئذ همهم هما واحدا فی جهاد العدو و الدفاع عن حوزه الإسلام.
الترجمه
آن کس را از لشکریان خود بر قشون فرمانده کن که داراى خصائل زیر باشد:
۱- در پیش خود از همه نسبت بخدا و رسول خدا صلى الله علیه و آله و نسبت به امام و رهبر تو با اخلاصتر و خیرخواهتر باشد.
۲- از همه پاکدامنتر و پارساتر باشد.
۳- از همه در حلم و بردبارى بیشتر باشد و از کسانى باشد که خشم او را فرا نگیرد و بزودى از جاى خود بدر نرود.
۴- عذر پذیر باشد.
۵- نسبت به بینوایان و ضعفاء رؤوف و مهربان باشد.
۶- نسبت به افراد نیرومند و با نفوذ تأثیر ناپذیر و خوددار باشد.
۷- از کسانى باشد که سختى و دشوارى کارها او را از جاى بدر نبرد و از خود بیخود و بیچاره نسازد و ناتوانى و سستى او را زمین گیر نگرداند.سپس خود را بمردمان خانواده دار و آبرومند و منسوبان بخانوادههاى خوش سابقه و خوب نزدیک کن و فرماندهان خود را از میان آنها انتخاب کن.و از آن پس مردمان راد مرد و دلیر را که با سخاوت و مردم دارند در نظر بگیر زیرا آنان جامع اوصاف کرامتند و همه خوبیها در وجود آنها هست.
سپس از همه کارهاشان وارسى کن و آنها را تحت نظر بگیر چنانچه پدر و مادر از فرزند خود دلجوئى میکنند و هیچ تقویت و نیرو بخشى بدانها در نظر تو مشکل و گره دار جلوه نکند و هیچ لطف و دلجوئى نسبت بدانها در چشمت خرد و کوچک نیاید و گر چه اندک و ناچیز باشد، زیرا این خود براى آنها باعث خیر خواهى و اخلاصمندى و خوشبینى بتو مى گردد، از وارسى و تفقد کارهاى ریز و چشم نارس آنها صرف نظر نکن باعتماد این که کارهاى عمده و چشم گیر آنها را بازرسى کردى، زیرا لطف و دلجوئى تو در کارهاى خرد و کوچک موقعیتى دارد که از آن بهرهمند شوند و در کارهاى مهم هم در جاى خود از بازرسى تو مستغنى نباشند.
باید بر گزیدهترین فرماندهان قشونت در نزد تو کسانى باشند که با افراد دیگر قشون همدردى دارند و بدانها کمک مىنمایند و از آنچه در دسترس دارند بدانها بذل میکنند تا آنجا که وسیله وسعت زندگى خود آنها و افراد خانواده آنها باشد که در پشت سر خود بجا نهادهاند و چشم انتظار مخارج از آنها هستند تا این که یکدل و یک جهت در جهاد با دشمن بکوشند و پریشان خاطر نباشند راستى که مهربانى و مهروزى تو با آنها مایه این مى شود که از دل با تو مهر ورزند و مخلص تو باشند.
و یجدر بنا هنا أن نترجم مکاتبه إسکندر مع أرسطو فی هذا المقام طلبا لمزید النفع للقراء الکرام.
نامه اسکندر بارسطو و پاسخ أرسطو بنامه او چون اسکندر ایران شهر که کشور عراق و مملکت خسروان پارس بود بچنگ آورد و دارا بن دارا را کشت بارسطو که در یونان بود این نامه را نوشت:
اى حکیم از طرف ما بر تو درود باد أما بعد، براستى که چرخهاى گردان و علل آسمان گر چه ما را بامورى سعادتمند کرده که زبانزد همه مردم است ولى باز ما با کمال جد و کوشش به حکمت و فرزانگى تو خود را نیازمند مى دانیم، فضلیت تو را انکار نتوانیم و بمقام والاى تو اقرار داریم و بمشورت تو دلگرم هستیم و پیروى از رأى تو را لازم شمرده و بامر و نهى تو اعتماد داریم، چون سود آن را آزموده و نفع آن را چشیدیم تا آنجا که در ما ریشه کرده و در اذهان ما رسوخ نموده و غذاى خرد ما گردیده و همیشه بنظر تو اعتماد توانیم و چون نهرى از آن دریاى دانش بهرهمند مى شویم و چون شاخه اى هستیم از تنه تنومند و بنظرهاى تو نیرومند مى شویم، چنان پیروزى و پیشتازى بما سبقت جست و ظفرمندى ما را نصیب آمد و در سرکوبى و غلبه بر دشمن بدانجا رسیدیم که وصفش بگفت در نیاید و شکر این نعمت از دست ما برنیاید و از این جمله است که ما از سرزمین سوریه و جزیره در گذشتیم تا به بابل و سرزمین فارس تاختیم و چون در بن خانه و عرصه بلاد آنها جاى گزین شدیم دیرى نگذشت که چند تن از خود آنان سر پادشاهشان را بدست خودشان براى ما پیشکش آوردند تا در نزد ما بهرهمند گردند و بمقامى رسند، فرمان دادیم آنانکه سر را آوردند بدار آویخته شدند زیرا سزاى بد رفتارى و بیوفائى آنها همین بود، سپس فرمان دادیم تا همه شاهزادگان و رادمردانى که در آن کشور بود گرد آوردند، مردمى دیدیم تنومند و پهلوان و سر بزرگ و خردمند و آزموده، خوش منظر و خوش گفتار، و این خود دلیل است که عقل و منطق نیرومندى در خود دارند و پهلوان و رادمرد و جنگجو هستند تا آنجا که ما را راهى براى غلبه و پیروزى بر آنها وجود نداشته جز این که قضا و قدر بسود ما چرخیده و ما را بر آنها پیروز کرده و بر آنها مسلط نموده.
و بنظر خود این را دور نمى دانیم که همه را از بن بر کنیم و از ریشه براندازیم و بگذشتههایشان ملحق سازیم تا از دست درازى و انتقامجوئى آنان آسوده خاطر و دل نهاده باشیم، و در نظر آوردیم که در کشتار آنان شتاب نکنیم تا رأى شما را در این باره ندانیم و با شما مشورت نکنیم، شما رأى خود را در این باره براى ما روشن سازید، وزیر و روى این مطلب را بسنجید، و همه درود درود گویان بر ما و شما باد.
ارسطو در پاسخ او چنین نوشت
بسوى شاه شاهان و بزرگ بزرگان، اسکندر که در پیروزى بر دشمنان تأیید یافته و ظفر بر پادشاهان هدیه پیشگاه او شده، از طرف خردترین بندهها و کمترین وابسته هاى او ارسطوطالیس که در پیشگاهش پیشانى ساید، و درود و تذلل و فرمانبرى و انقیاد وى را گردن نهاده.
أما بعد، گفت را هر چه گویا در آن مهارت بخرج دهد و در سنجش معانى و تألیف حروف و مبانیش بکوشد، احاطه بکمترین درجه قدرت و بسط علو سلطنت و فرازمندى رفعت تو نتواند، زیرا از هر گفتارى و توصیفى و تفصیلى برتر است.
از مقدمات اعلامیه فضیلت آن پادشاه در میدان مسابقت و بروز مرتبه و یمن مقدم بر من مقرر گردیده است چنان درجهاى که حس دیدهام پیکر او را ورانداز کرده و گوشم آوازه او را شنیده و کامبخشى راى او در وهمم صورت بسته، از همان دورانى که من بظاهر مکلف باموزش او بودم خود را نیازمند آموختن حکمت او مىدانستم، و هر آنچه از من بوى القاء مىشد همانى بود که از پرتو عقل او در من منعکس مىگردید، و استنباطى بود که بهم نظرى با او از علم و حکمتش رد و بدل مىکردم، از نامه پادشاه و خطاب وى با من و پرسش از من روشن است که شکى ندارم نظر خود را در فکر من بیدار کرده و از رأى روشن خود در من نتیجه خواسته هم از او بمن نظرى صادر شود و هم از او دریافت گردد و باو بر گردد آنچه من بحضرت پادشاه اشاره کنم با همه کوشش و تلاشى که در آن نمایم و از حد وسع و طاقت در آن بگذرم و در بازرسى و نکته سنجى آن بکوشم باز هم در برابر رأى منیرش چون عدم است نسبت بوجود و چون جزء لا یتجزى در برابر معظم أشیاء، ولى در هر حال من از اجابت پادشاه سر بر نتابم و پرسش وى را بىپاسخ نگذارم، با این که مىدانم که حضرتش از رأى من بىنیاز است و من بدو بسیار نیازمند و محتاج، من خود همان را که از آن پادشاه بدست آورده و استفاده کردم بوى باز گردانم، و همان را که از حکمتش دریافت نمودم بوى اشارت کنم و بحضرتش گویم.
بناچار هر خاکى و هر سرزمینى را بهرهایست از فضائل، و راستى که سرزمین پارس را بهرهایست از بزرگوارى و نیرومندى، و براستى که اگر تو مردم شرافتمند آن سرزمین را بکشى مردمى پست را جایگزین آنها مىسازى و خانمان و کشور بزرگانشان را بدست أوباش مىسپارى، و زبونان را بر آبرومندانشان چیره میکنى و پادشاهان هرگز گرفتار بلائى نشوند که بزرگتر و دردناکتر و بیشتر مایه توهین سلطنت آنان باشد از غلبه أوباش و بىآبرویان، باید بسختى بر حذر باشى از این که طائفه أو باش را صاحب قدرت و حرکت در أمر کشور سازى، زیرا چنانچه از این أوباش شورشى بر علیه لشکر تو و أهل کشور تو رخ دهد بلائى بدانها رسد که نتوان پیش بینى کرد و کسى را باقى نخواهند گذاشت، از این نظر بر گرد و نظر بهترى پیش گیر، و هر آن کس از این بزرگان و شاهزادگان که در دسترس توأند بخواه و بنواز و کشورشان را میان آنها تقسیم کن، و هر کدام را فرمانرواى سرزمین کردى نام پادشاه بر او بنه و تاجى بر سر او بگذار و اگر چه قلمرو فرمان او کوچک باشد، زیرا هر کس را پادشاه خواندند بدین نام بچسبد و بر سر هر که تاج نهند زیر بار فرمان دیگرى نرود، و این تدبیر سبب گردد که میان آنها ستیزه و تفرقه و نزاع بر سر ملک و سلطنت در گیرد و با یکدیگر از نظر مال و قشون مفاخرت آغازند تا آنکه کینه هاى تو را فراموش کنند، و خونها که از آنها ریختى بدست فراموشى سپارند، و جنگى که باید با تو بنمایند بمیان خودشان بر گردد، و کینه بر تو که بایست در سینهها پرورند بکینه میانه خودشان مبدل گردد، و سپس هر چه در این زمینه بیناتر گردند و بمقام خود دل بستهتر شوند نسبت بتو خوش بینتر و راست کردارتر گردند، اگر بدانها نزدیک شوى و از هر یک آنها دلجوئى کنى نسبت بتو اظهار اطاعت و انقیاد کنند، و اگر از آنها دورى گزینى از تو عزت و آبرو خواستار شوند تا آنکه هر کدام بنام و باعتبار پشتیبانى تو بر همسایه خود بشورد و بوسیله لشکر تو او را بترساند و در این کشمکش و ستیز از تو صرفنظر کنند و با تو در مقام ستیزه درنیایند و تو از گزند آنها در آسایش باشى، گر چه در این روزگار آسایشى وجود ندارد و اعتمادى بگذشت زمانه نیست.
من آنچه را بهره دانش و فکرت خود مى دانستم بپیشگاه پادشاه عرضه داشتم این حقى بود بر عهده من که مخلصانه در پاسخ آن حضرت نگاشتم و اندرز بىشائبه خود را بعرض رسانیدم، و در عین حال آن پادشاه از من بیناتر است و اندیشه نافذتر و رأیى بهتر و همتى والاتر نسبت بدانچه در باره آن از من کمک خواسته و مرا بتوضیح و شور در آن واداشته دارد.
همیشه پادشاه از نعمتهاى واصله و احسانهاى بى دریغ بر خوردار باد و ملکش پاینده و عمرش دراز و آرزویش رسا باد تا آنجا که نیرویش بنهایت آنچه قدرت بشر رسا است بر آید، درودى بىانتها و پیوسته و بى نهایت و فنا ناپذیر بر پادشاه باد.
مورخان گفتهاند: پادشاه برأى ارسطو عمل کرد و نظر او را بکار بست و شاهزادگان و آزادگان پارس را بر سراسر کشور ایران جایگزین و فرمانروا ساخت، و آنان همان پادشاهان ملوک الطوائف بودند که پس از او بجاى ماندند و کشور ایران میان آنان تقسیم بود تا اردشیر بن بابک آمد و کشور را از آنها گرفت و مملکت را متحد ساخت.
منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی
بازدیدها: ۲۰۱