نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۹ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۲۱ صبحی صالح

۲۲۱- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) قاله بعد تلاوته‏

أَلْهاکُمُ التَّکاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ

یَا لَهُ مَرَاماً مَا أَبْعَدَهُ وَ زَوْراً مَا أَغْفَلَهُ وَ خَطَراً مَا أَفْظَعَهُ لَقَدِ اسْتَخْلَوْا مِنْهُمْ أَیَّ مُدَّکِرٍ وَ تَنَاوَشُوهُمْ مِنْ مَکَانٍ بَعِیدٍ

أَ فَبِمَصَارِعِ آبَائِهِمْ یَفْخَرُونَ أَمْ بِعَدِیدِ الْهَلْکَى یَتَکَاثَرُونَ یَرْتَجِعُونَ مِنْهُمْ أَجْسَاداً خَوَتْ وَ حَرَکَاتٍ سَکَنَتْ

وَ لَأَنْ یَکُونُوا عِبَراً أَحَقُّ مِنْ أَنْ یَکُونُوا مُفْتَخَراً وَ لَأَنْ یَهْبِطُوا بِهِمْ جَنَابَ ذِلَّهٍ أَحْجَى مِنْ أَنْ یَقُومُوا بِهِمْ مَقَامَ عِزَّهٍ لَقَدْ نَظَرُوا إِلَیْهِمْ بِأَبْصَارِ الْعَشْوَهِ وَ ضَرَبُوا مِنْهُمْ فِی غَمْرَهِ جَهَالَهٍ

وَ لَوِ اسْتَنْطَقُوا عَنْهُمْ عَرَصَاتِ تِلْکَ الدِّیَارِ الْخَاوِیَهِ وَ الرُّبُوعِ الْخَالِیَهِ لَقَالَتْ ذَهَبُوا فِی الْأَرْضِ ضُلَّالًا وَ ذَهَبْتُمْ فِی أَعْقَابِهِمْ جُهَّالًا

تَطَئُونَ فِی هَامِهِمْ وَ تَسْتَنْبِتُونَ فِی أَجْسَادِهِمْ وَ تَرْتَعُونَ فِیمَا لَفَظُوا وَ تَسْکُنُونَ فِیمَا خَرَّبُوا وَ إِنَّمَا الْأَیَّامُ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُمْ بَوَاکٍ وَ نَوَائِحُ عَلَیْکُمْ

أُولَئِکُمْ سَلَفُ غَایَتِکُمْ وَ فُرَّاطُ مَنَاهِلِکُمْ الَّذِینَ کَانَتْ لَهُمْ مَقَاوِمُ الْعِزِّ وَ حَلَبَاتُ الْفَخْرِ مُلُوکاً وَ سُوَقاً

سَلَکُوا فِی بُطُونِ الْبَرْزَخِ سَبِیلًا سُلِّطَتِ الْأَرْضُ عَلَیْهِمْ فِیهِ فَأَکَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وَ شَرِبَتْ مِنْ دِمَائِهِمْ

فَأَصْبَحُوا فِی فَجَوَاتِ قُبُورِهِمْ جَمَاداً لَا یَنْمُونَ وَ ضِمَاراً لَا یُوجَدُونَ

لَا یُفْزِعُهُمْ وُرُودُ الْأَهْوَالِ وَ لَا یَحْزُنُهُمْ تَنَکُّرُ الْأَحْوَالِ وَ لَا یَحْفِلُونَ بِالرَّوَاجِفِ وَ لَا یَأْذَنُونَ لِلْقَوَاصِفِ غُیَّباً لَا یُنْتَظَرُونَ وَ شُهُوداً لَا یَحْضُرُونَ وَ إِنَّمَا کَانُوا جَمِیعاً فَتَشَتَّتُوا وَ آلَافاً فَافْتَرَقُوا

وَ مَا عَنْ طُولِ عَهْدِهِمْ وَ لَا بُعْدِ مَحَلِّهِمْ عَمِیَتْ أَخْبَارُهُمْ وَ صَمَّتْ دِیَارُهُمْ وَ لَکِنَّهُمْ سُقُوا کَأْساً بَدَّلَتْهُمْ بِالنُّطْقِ خَرَساً وَ بِالسَّمْعِ صَمَماً وَ بِالْحَرَکَاتِ سُکُوناً فَکَأَنَّهُمْ فِی ارْتِجَالِ الصِّفَهِ صَرْعَى سُبَاتٍ

جِیرَانٌ لَا یَتَأَنَّسُونَ وَ أَحِبَّاءُ لَا یَتَزَاوَرُونَ بَلِیَتْ بَیْنَهُمْ عُرَا التَّعَارُفِ وَ انْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ الْإِخَاءِ

فَکُلُّهُمْ وَحِیدٌ وَ هُمْ جَمِیعٌ وَ بِجَانِبِ الْهَجْرِ وَ هُمْ أَخِلَّاءُ لَا یَتَعَارَفُونَ لِلَیْلٍ صَبَاحاً وَ لَا لِنَهَارٍ مَسَاءً أَیُّ الْجَدِیدَیْنِ ظَعَنُوا فِیهِ کَانَ عَلَیْهِمْ سَرْمَداً

شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ دَارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا وَ رَأَوْا مِنْ آیَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا قَدَّرُوا فَکِلْتَا الْغَایَتَیْنِ مُدَّتْ لَهُمْ إِلَى مَبَاءَهٍ فَاتَتْ مَبَالِغَ الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَلَوْ کَانُوا یَنْطِقُونَ بِهَا لَعَیُّوا بِصِفَهِ مَا شَاهَدُوا وَ مَا عَایَنُوا وَ لَئِنْ عَمِیَتْ آثَارُهُمْ وَ انْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُمْ لَقَدْ رَجَعَتْ فِیهِمْ أَبْصَارُ الْعِبَرِ وَ سَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ الْعُقُولِ وَ تَکَلَّمُوا مِنْ غَیْرِ جِهَاتِ النُّطْقِ فَقَالُوا کَلَحَتِ الْوُجُوهُ النَّوَاضِرُ وَ خَوَتِ الْأَجْسَامُ النَّوَاعِمُ

وَ لَبِسْنَا أَهْدَامَ الْبِلَى وَ تَکَاءَدَنَا ضِیقُ الْمَضْجَعِ وَ تَوَارَثْنَا الْوَحْشَهَ

وَ تَهَکَّمَتْ عَلَیْنَا الرُّبُوعُ الصُّمُوتُ فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا وَ تَنَکَّرَتْ مَعَارِفُ صُوَرِنَا وَ طَالَتْ فِی مَسَاکِنِ الْوَحْشَهِ إِقَامَتُنَا وَ لَمْ نَجِدْ مِنْ کَرْبٍ فَرَجاً وَ لَا مِنْ ضِیقٍ مُتَّسَعاً

فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ بِعَقْلِکَ أَوْ کُشِفَ عَنْهُمْ مَحْجُوبُ الْغِطَاءِ لَکَ وَ قَدِ ارْتَسَخَتْ أَسْمَاعُهُمْ بِالْهَوَامِّ فَاسْتَکَّتْ وَ اکْتَحَلَتْ أَبْصَارُهُمْ بِالتُّرَاب فَخَسَفَتْ

وَ تَقَطَّعَتِ الْأَلْسِنَهُ فِی أَفْوَاهِهِمْ بَعْدَ ذَلَاقَتِهَا وَ هَمَدَتِ الْقُلُوبُ فِی صُدُورِهِمْ بَعْدَ یَقَظَتِهَا وَ عَاثَ فِی کُلِّ جَارِحَهٍ مِنْهُمْ جَدِیدُ بِلًى سَمَّجَهَا وَ سَهَّلَ طُرُقَ الْآفَهِ إِلَیْهَا مُسْتَسْلِمَاتٍ فَلَا أَیْدٍ تَدْفَعُ وَ لَا قُلُوبٌ تَجْزَعُ

لَرَأَیْتَ أَشْجَانَ قُلُوبٍ وَ أَقْذَاءَ عُیُونٍ لَهُمْ فِی کُلِّ فَظَاعَهٍ صِفَهُ حَالٍ لَا تَنْتَقِلُ وَ غَمْرَهٌ لَا تَنْجَلِی

فَکَمْ أَکَلَتِ الْأَرْضُ مِنْ عَزِیزِ جَسَدٍ وَ أَنِیقِ لَوْنٍ کَانَ فِی الدُّنْیَا غَذِیَّ تَرَفٍ وَ رَبِیبَ شَرَفٍ یَتَعَلَّلُ بِالسُّرُورِ فِی سَاعَهِ حُزْنِهِ وَ یَفْزَعُ إِلَى السَّلْوَهِ إِنْ مُصِیبَهٌ نَزَلَتْ بِهِ ضَنّاً بِغَضَارَهِ عَیْشِهِ‏ وَ شَحَاحَهً بِلَهْوِهِ وَ لَعِبِهِ

فَبَیْنَا هُوَ یَضْحَکُ إِلَى الدُّنْیَا وَ تَضْحَکُ إِلَیْهِ فِی ظِلِّ عَیْشٍ غَفُولٍ إِذْ وَطِئَ الدَّهْرُ بِهِ حَسَکَهُ وَ نَقَضَتِ الْأَیَّامُ قُوَاهُ

وَ نَظَرَتْ إِلَیْهِ الْحُتُوفُ مِنْ کَثَبٍ فَخَالَطَهُ بَثٌّ لَا یَعْرِفُهُ وَ نَجِیُّ هَمٍّ مَا کَانَ یَجِدُهُ وَ تَوَلَّدَتْ فِیهِ فَتَرَاتُ عِلَلٍ آنَسَ مَا کَانَ بِصِحَّتِهِ

فَفَزِعَ إِلَى مَا کَانَ عَوَّدَهُ الْأَطِبَّاءُ مِنْ تَسْکِینِ الْحَارِّ بِالْقَارِّ وَ تَحْرِیکِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ فَلَمْ یُطْفِئْ بِبَارِدٍ إِلَّا ثَوَّرَ حَرَارَهً وَ لَا حَرَّکَ بِحَارٍّ إِلَّا هَیَّجَ بُرُودَهً وَ لَا اعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ لِتِلْکَ الطَّبَائِعِ إِلَّا أَمَدَّ مِنْهَا کُلَّ ذَاتِ دَاءٍ

حَتَّى فَتَرَ مُعَلِّلُهُ وَ ذَهَلَ مُمَرِّضُهُ وَ تَعَایَا أَهْلُهُ بِصِفَهِ دَائِهِ وَ خَرِسُوا عَنْ جَوَابِ السَّاِئِلینَ عَنْهُ وَ تَنَازَعُوا دُونَهُ شَجِیَّ خَبَرٍ یَکْتُمُونَهُ

فَقَائِلٌ یَقُولُ هُوَ لِمَا بِهِ وَ مُمَنٍّ لَهُمْ إِیَابَ عَافِیَتِهِ وَ مُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَى فَقْدِهِ یُذَکِّرُهُمْ أُسَى الْمَاضِینَ مِنْ قَبْلِهِ

فَبَیْنَا هُوَ کَذَلِکَ عَلَى جَنَاحٍ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْیَا وَ تَرْکِ الْأَحِبَّهِ إِذْ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ غُصَصِهِ فَتَحَیَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِهِ وَ یَبِسَتْ رُطُوبَهُ لِسَانِهِ

فَکَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِهِ عَرَفَهُ فَعَیَّ عَنْ رَدِّهِ وَ دُعَاءٍ مُؤْلِمٍ بِقَلْبِهِ سَمِعَهُ فَتَصَامَّ عَنْهُ مِنْ کَبِیرٍ کَانَ یُعَظِّمُهُ أَوْ صَغِیرٍ کَانَ یَرْحَمُهُ

وَ إِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ هِیَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَهٍ أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَى عُقُولِ أَهْلِ الدُّنْیَا

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من کلام له علیه السلام و هو المأتان و التاسع عشر من المختار فى باب الخطب‏

بعد تلاوه ألهیکم التکاثر حتى زرتم المقابر، و رواه فی البحار من کتاب عیون الحکم و المواعظ لعلى بن محمد الواسطى مرسلا کما فی المتن، و شرحه فی فصول:

الفصل الاول‏

یا له مراما ما أبعده، و زورا ما أغفله، و خطرا ما أفظعه، لقد استخلوا منهم أی مذکر، و تناوشوهم من مکان بعید، أ فبمصارع آبائهم یفخرون، أم بعدید الهلکى یتکاثرون، یرتجعون منهم أجسادا خوت، و حرکات سکنت، و لأن یکونوا عبرا أحق من أن یکونوا مفتخرا، و لأن یهبطوا بهم جناب ذله، أحجى من أن یقوموا بهم مقام عزه، لقد نظروا إلیهم بأبصار العشوه، و ضربوا منهم فی غمره جهاله. و لو استنطقوا عنهم عرصات تلک الدیار الخاویه، و الربوع الخالیه، لقالت: ذهبوا فی الأرض ضلالا، و ذهبتم فی أعقابهم جهالا، تطئون‏

فی هامهم، و تستنبتون فی أجسادهم، و ترتعون فیما لفظوا، و تسکنون فیما خربوا، و إنما الأیام بینکم و بینهم بواک و نوائح علیکم، أولئکم سلف غایتکم، و فراط مناهلکم، الذین کانت لهم مقاوم العز و حلبات الفخر ملوکا و سوقا سلکوا فی بطون البرزخ سبیلا، سلطت الأرض علیهم فیه، فأکلت من لحومهم، و شربت من دمائهم، فأصبحوا فی فجوات قبورهم جمادا لا ینمون، و ضمارا لا یوجدون، لا یفزعهم ورود الأهوال، و لا یحزنهم تنکر الأحوال، و لا یحفلون بالرواجف، و لا یأذنون للقواصف، غیبا لا ینتظرون، و شهودا لا یحضرون، و إنما کانوا جمیعا فتشتتوا، و آلافا فافترقوا، و ما عن طول عهدهم و بعد محلهم عمیت أخبارهم، و صمت دیارهم، و لکنهم سقوا کأسا بدلتهم بالنطق خرسا، و بالسمع صمما، و بالحرکات سکونا، فکأنهم فی ارتجال الصفه صرعى سبات.

اللغه

(الزور) بفتح الزاء و سکون الواو اسم یطلق على الواحد و الجمع کالضیف فیراد به الزائر و الزائرون و کذلک الزور بضم الزاء و فتح الواو و (الخطر) محرکه الأشراف على الهلاک و (أى مذکر) بصیغه اسم الفاعل من‏

التذکیر و فی بعض النسخ أى مدکر مصدر میمى من الادکار و أصله مدتکر قلبت تاؤه دالا و ادغم و (خوت) الدار و خویت خیا و خواء و خوایه تهدمت و خلت من أهلها، و أرض خاویه خالیه من أهلها، و الخوا بالقصر و المد خلو الجوف من الطعام.

و (الجناب) بفتح الجیم الفناء و (الحجى) العقل و الفطنه و هو حجى کفتى أى جدیر و (العشوه) کالعشا مقصوره و العشاوه سوء البصر باللیل و (ضرب) فی الماء سبح و ضرب فی الأرض سار قال تعالى‏ إذا ضربتم فی الأرض‏ و (غمره) الشی‏ء شدته و معظمه و غمر الماء کثر و الغمر معظم البحر و (العرصه) کل بقعه من الدور واسعه لیس فیها بناء و الجمع عرصات و أعراص و عراص و (الربوع) جمع الربع و هی الدار حیث کانت و المحله و المنزل و (الهام) جمع الهامه و هی الراس.

و (تستنبتون) بالنون من النبات و یروى بالثاء المثلثه بدل النون و (لفظه) رماه من فیه و (السلف) محرکه کل من تقدمک من آبائک و أقوامک و غیرهم و الجمع أسلاف و سلاف و (الغایه) الحد الذى ینتهى إلیه الشی‏ء و (الفرط) محرکه المتقدم إلى الماء یطلق على الواحد و الجمع و (المنهل) المشرب و الموضع الذى فیه المشرب و المنزل یکون بالمفازه.

و (المقاوم) المقامه کالمفاوز و المفازه و هی المجلس و قال الشارح المعتزلی جمع القوم و هى الخشبه التی یمسکها الحراث و (حلبات) جمع حلبه کعرصات و عرصه و هی الخیل تجمع للسباق من کل أوب لا تخرج من اصطبل واحد و (سوق) وزان صرد جمع سوقه بالضم الرعیه و (الفجوات) جمع فجوه و هی الفرجه و ساحه الدار و (لا ینمون) بتخفیف المیم من نمى ینمى و ینمو نموا و نمیا و نماء زاد و یروى بالتشدید من النمیمه و (الضمار) وزان کتاب کل ما لا یرجى رجوعه من المال و الدین و غیره.

و (حقل) القوم حفلا کاحتفل و تحفل اجتمعوا و (اذن) إلیه و له من باب علم استمع معجبا و (الاف) جمع آلف مثل زهاد و زاهد و (ارتجل) الکلام تکلم‏ به من غیر أن یهیأه و (صرعى) جمع صریع و هو المصروع من الصرع و هو الطرح على الأرض و (السبات) کغراب النوم.

الاعراب‏

قوله علیه السلام: یا له مراما ما أبعده، النداء للتعجب دخل على المتعجب منه فان هذا النداء إنما یستعمل فی مقامین:

أحدهما أن یرى المتکلم أمرا عظیما عجیبا فینادى جنسه کقولهم یا للماء و للدواهى إذا تعجبوا من کثرتهما.

و الثانی أن یرى أمرا یستعظمه، فینادى من له نسبه إلیه و مکنه فیه نحو یا للعلماء و غلب فی المنادى المتعجب منه جره باللام کما فی المنادى المستغاث و قد یستغنى عنها بالألف مثل یا عجبا.

و الضمیر فی له مبهم یفسره التمیز بعده، و هذا من جمله المواضع التی جوزوا فیها عود الضمیر على المتأخر لفظا و رتبه کما فی نعم رجلا زید، فان فاعل نعم ضمیر یفسره رجلا و کذلک قوله تعالى‏ ساء مثلا القوم‏ و کبرت کلمه تخرج‏ و قال الزمخشری فی قوله تعالى‏ إن هی إلا حیاتنا الدنیا* هذا ضمیر لا یعلم ما یعنى به إلا بما یتلوه، و أصله إن الحیاه إلا حیاتنا الدنیا، ثم وضع هی موضع الحیاه لأن الخبر یدل علیها و یبینها.

و مراما منصوب على التمیز کما أشرنا إلیه و هو رافع للابهام عن الضمیر مقدر فی المعنى بمن أى یاله من مرام، و جمله ما أبعده صفه لمراما، و ما فیها للتعجب مبتدأ خبره أبعده کما فی قولهم ما أحسن زیدا قال سیبویه: هى نکره تامه بمعنى شی‏ء لتضمنها معنی التعجب و ما بعدها من الجمله الفعلیه خبر و قال الفراء إنها استفهامیه و هو المنقول عن الکوفیین و هو موافق لقولهم باسمیه افعل لأن الاستفهام المشوب بالتعجب لا یلیه إلا الأسماء نحو «ما أصحاب الیمین» و «مالى لا أرى الهدهد» قوله: و زورا ما أغفله، مأخوذ من فعل مفتوح العین من باب قعد و لکن بعد نقله إلى فعل مضموم العین لتصریح علماء الأدبیه بأن فعل التعجب لا یبنى إلا من‏

فعل مضموم العین فی أصل الوضع أو من المنقول إلى فعل إذا کان من غیره نحو ما اضرب و ما اقتل لیدل بذلک على أن التعجب منه صار کالغریزه لأن باب فعل موضوع لهذا المعنى.

و قوله: أى مذکر، بنصب أى لکونها حالا من ضمیر منهم کما فی قولک مررت بزید أى رجل أى کاملا فی الرجولیه استفهام انکارى و قوله: أفى مصارع آبائهم الاستفهام للتوبیخ و الانکار، و قوله: یرتجعون منهم أجسادا الجمله لا محل لها من الاعراب لأنها استیناف بیانى.

و قوله: الذین کانت لهم مقاوم العز، الجمله فی محل الرفع صفه لفراط و لهم خبر کانت قدم على الاسم للتوسع و قوله: ملوکا و سوقا منتصبان على الحال من لهم، و جمادا و ضمارا حالان من ضمیر أصبحوا إن کانت تامه و إلا فخبران لها و قوله: طول عهدهم، متعلق بقوله: عمیت، و قدم علیه للتوسع‏

المعنى‏

اعلم أن هذا الکلام مسوق فی مقام الموعظه و النصیحه و ایقاظ المخاطبین من سبات الغفله، و خصهم على الاعتبار بالماضین من الاباء و الأسلاف و الأقرباء و الالاف و الأوکار بأهل المقابر حیث نزلوا من معاقل العز و ذروه القصور إلى وهده القبور فعمیت عنهم الاثار و انقطعت عنهم الأخبار.

قاله علیه السلام بعد تلاوه قوله تعالى: ألهاکم التکاثر حتى زرتم المقابر، أى شغلکم التفاخر فی الکثره و التغالب بها.

و ذکر المفسرون فی تفسیره وجهین:

الأول أن المراد به‏ التکاثر بالعدد روى ان بنى عبد مناف و بنى سهم بن عمر و تفاخروا و تعادوا و تکاثروا بالسادات و الأشراف، فقال کل من الفریقین:

نحن أکثر منکم سیدا و أعز عزیزا و أعظم نفرا، فکثرهم بنو عبد مناف فقال بنو سهم:

ان البغى أفنانا فی الجاهلیه فعدوا مجموع أحیائنا و أمواتنا مع مجموع أحیائکم و أمواتکم، ففعلوا فکثرهم، فنزلت الایه و المعنى أنکم تکاثرتم بالأحیاء

حتى إذا استوعبتم عددهم صرتم إلى التفاخر و التکاثر بالأموات فعبر عن بلوغهم ذکر الموتى بزیاره القبور تهکما بهم، و قیل: کانوا یزورون المقابر فیقولون:

هذا قبر فلان و هذا قبر فلان یفتخرون بذلک.

الوجه الثانی کنایه [ألهاکم التکاثر حتى زرتم المقابر] أن المراد به التکاثر بالمال، و المعنى ألهیکم التکاثر بالأموال و طلب تکثیرها و الحرص على جمعها إلى أن متم و قبرتم مضیعین أعمارکم فی طلب الدنیا معرضین عما یهمکم من السعى للاخره فتکون زیاره القبور کنایه عن الموت.

و على کلا الوجهین فالایه وارده فی مقام التوبیخ و التقریع على التکاثر، و حذف متعلق‏ ألهیکم‏ لیذهب الوهم و الخیال فیه کل مذهب، فیعم جمیع ما یحتمله المقام من الالهاء عن ذکر الله و عن الواجبات و المندوبات فی المعرفه و الطاعه و التدبر و التفکر، و محصله إلهاء التکاثر بالأمور الدنیویه عن الأمور الدینیه و الأخرویه.

و ربما اید الوجه الثانی بما روى عن النبی صلى الله علیه و آله و سلم أنه تلا هذه السوره فقال: یقول ابن آدم مالى مالى و مالک من مالک إلا ما أکلت فأفنیت، أو لبست فأبلیت، أو تصدقت فأمضیت.

و یدل على الأول کلام أمیر المؤمنین علیه السلام هنا لانکاره علیهم التکاثر بعدید الهلکى و التفاخر بمصارع الاباء و تعجبه من التکاثر و التفاخر مزید التعجب بقوله‏ (یاله مراما ما أبعده) و فیه من الدلاله على المبالغه فی التعجب ما لا یخفى، حیث أتا بنداء التعجب أولا و بلام التعجب ثانیا، و بالضمیر المبهم المفسر بما بعده لوقعه فی النفوس ثالثا و بماء التعجب رابعا و بأفعل التعجب خامسا و المعنى یا عجبا من مرام هو من البعد بمکان، و بالغ فی التعجب به غایته.

و المراد بالمرام‏ هو ما کان مقصدهم من التفاخر من إثبات الفخر و المنقبه لأنفسهم و لو بعدد الأموات، فبین علیه السلام أن ذلک المرام بعید جدا، لأن الفخر بالمیت کالفخر بالجماد فی جنب الانسان فحصوله به غیر ممکن و طلبه تحصیل لما یتحصل، و ما شأنه ذلک فهو أحرى بأن یتعجب منه.

و بعد التنزل عن ذلک نقول: إن التفاخر إنما یکون باثبات الانسان نوعا من أنواع الکمال لنفسه و خیال الکمال ثلاثه: أحدها فی النفس، و الثانی فی البدن و الثالث فیما له ربط بالبدن من خارج أما الذى فی النفس فهى العلوم و المعارف و الأخلاق الفاضله التی بها تنال السعاده الأبدیه.

و أما الذى فی البدن فهی الصحه و الجمال.

و أما الذى له ربط بالبدن فقسمان: أحدهما ضرورى و هو المال و الجاه، و الاخر غیر ضروری و هو القوم و الأقرباء، و هذا الذى عددناه فی المرتبه الثالثه إنما یراد کله للبدن بدلیل أنه إذا تألم عضو من أعضائه یجعل المال و الجاه فداء له، و أما الکمال البدنى من الصحه و السلامه من الافات فانما یریده العقلا للنیل به إلی الکمال النفسانی فانه ما لم یکن صحیح البدن لا یتفرغ لاکتساب الکمال النفسانی المحصل للسعاده الدائمه.

إذا عرفت ذلک فنقول: العاقل ینبغی أن یکون دائما نظره إلى الأهم و الأفضل و یقدمه على غیره، فالتفاخر بکثره العدد و کذا بالمال و الجاه تفاخر بأحسن مراتب الکمال و مانع من تحصیل السعاده النفسانیه بالعلم و العمل، فیکون ذلک ترجیحا لأحسن المراتب فی الکمال على أشرفها و أفضلها و هو مورد التعجب.

و قوله‏ (و زورا ما أغفله) و الکلام فی إفادته للمبالغه کالکلام فی سابقه.

و المراد بالزور الزائرون للمقابر المتفاخرون بهم و التعجب من غفلتهم لجعلهم الأموات التی هى محل الاعتبار مناطا للافتخار و موضع العبره عددا للکثره غافلین عن الصواب معرضین عما ینفعهم فی الماب.

و فیه أیضا من الدلاله على تمادیهم فی الغفله ما لا یخفى، لاشتراطهم فی فعل التعجب أن لا یبنی إلا مما وقع و استمر حتى یستحق أن یتعجب منه، و یضاف إلى ذلک ما قدمناه من اشتراطهم أیضا بنائه من فعل مضموم العین لیدل على أن المتعجب منه صار کالغریزه.

و قوله‏ (و خطرا ما أفظعه) و الکلام فیه کما فى سابقیه.

و المراد بالخطر الهلاک هلاک من فی المقابر المشار إلیه بقوله تعالى‏ زرتم المقابر و أشار علیه السلام بقوله: ما أفظعه‏ إلى شده شناعته و غایه قباحته، لأن کل شنیع حقیر عند شناعه الموت، فان المرء عند الموت و حاله الاحتضار فی سکره ملهیه و غمره کارثه و أنه موجعه و جذبه مکربه و سوقه متعبه، و هو بین أهله لا ینطق بلسانه و لا یسمع بسمعه یردد طرفه بالنظر فی وجوههم یرى حرکات ألسنتهم و لا یسمع رجع کلامهم، ثم قبض بصره کما قبض سمعه و بعد ما خرج الروح من جسده صار جیفه بین أهله قد أوحشوا من جانبه و تباعدوا من قربه، ثم حمل إلى دار غربته و منقطع زورته، و ابتلى هنا لک ببهته السؤال و عثره الامتحان متقلبا بین أطوار الموتات و عقوبات الساعات و نزل الحمیم و تصلیه الجحیم، فأى شی‏ء یکون أعظم فظاعه منه.

و لما نبه علیه السلام على عظم فظاعه هلاک المزورین تعریضا به على الزائرین حیث لم یعتبروا بهم مع کونهم محل العبره أکده بقوله:

(لقد استخلوا منهم أى مذکر) أى استخلوا الدیار، فالمفعول محذوف و المعنى أن الزائرین المتفاخرین بالأموات وجدوا الدیار خالیه منهم أى من المزورین حالکونهم کاملین فی التذکیر و الادکار و هذا المعنى أقرب و أنسب مما ذکره الشارح المعتزلی حیث قال: أراد باستخلوا ذکر من خلا من آبائهم أى من مضى، و المعنى أنه علیه السلام استعظم ما یوجبه حدیثهم عما خلا و عمن خلا من أسلافهم و آثار أسلافهم من التذکیر فقال أى مذکر و واعظ فی ذلک.

(و تناوشوهم من مکان بعید) أى تناولوهم‏ من مکان بعید بینهم و بینهم بعد المشرقین بل یزید لبقاء المتناوشین فی الدنیا و مصیر الاخرین إلى الاخره فکیف یمکن لمن فی الدنیا تناول من فی الاخره و تفاخره به و کسب الفخر و الشرف منه لنفسه و قد قال تعالى فی عکس ذلک «و أنى لهم التناوش من مکان بعید» أى کیف یمکن لهم تناول الایمان فی الاخره و قد کفروا به فی الدنیا، یعنى ما محله الدنیا لا یمکن أن یتناوله من هو فى الاخره لغایه بعد الدارین و تباعد النشأتین.

و لما ذکر تناوشهم من مکان بعید تعریضا به علیهم أردفه بقوله استفهام توبیخى- استفهام انکارى‏ (أ فبمصارع آبائهم یفخرون) تقریعا و توبیخا، و أکد بقوله‏ (أم بعدید الهلکى یتکاثرون) انکارا.

و لما کان هنا مقام أن یسأل عن عله إنکاره للتکاثر الهلکى وجهه تقریعه و توبیخه لهم به أجاب عن ذلک بقوله‏ (یرتجعون منهم أجسادا) یعنى استحقاقهم للتوبیخ و الملام من جهه أنهم یطلبون من الهلکى رجوع أجسادهم إلى الدنیا و هو طلب غیر عقلانى لأن تلک الأجساد قد (خوت) أى خلت من الأرواح و ارتفعت علیها الحیاه فرجوعها إلى الدنیا محال و طالب المحال یعد فی زمره السفهاء و یستحق الطعن و التعزیر و الانکار.

فان قلت: ما معنى ارتجاعهم للأجساد؟

قلت: إنهم حیث تکاثروا بالأموات و تفاخروا بهم فکأنهم طلبوا منهم أن یرجعوا إلى الدنیا و یدخلوا فی حزبهم فیکثر بهم عددهم و یتم به فخرهم و شرفهم.

(و) یطلبون أیضا رجوع‏ (حرکات سکنت) أى یرتجعون من الأموات حرکات أبدانهم لیتحرکوا إلیهم و یدخلوا فی زمرتهم، و هو أیضا طلب للمحال لأن تلک‏ الحرکات‏ قد فنت و نفدت و تبدلت بالسکون بطرو الموت علیها و ما هو کذلک فلا یطلبه العاقل.

ثم أکد التوبیخ بقوله‏ (و لأن یکونوا عبرا أحق من أن یکونوا مفتخرا) لأن مقامهم مقام الاعتبار لا مقام الافتخار (و لأن یهبطوا بهم جناب ذله أحجى) و أجدر (من أن یقوموا بهم مقام عزه) لأنهم بأنفسهم فی بیت الوحده و دار الوحشه على غایه الابتذال و الذله صار و اعظاما نخره و أجزاء متفتته و جیفا منتنه یهرب منها الحیوان و یتنفر منها کل انسان و یکرهها لشده الانتان بل صاروا أوراثا فی أجواف الدیدان، و من هذا حاله فینبغی أن یهرب منه و یتنفر لا أن یتعزز به و یفتخر، بل ینبغی أن یدفع قرابته و تنکر لأن النسبه إلیه تورث الذله و تبطل العزه بجلب الابتذال و الانکسار لا الشرف و الافتخار.

(لقد نظروا إلیهم بأبصار العشوه) أى بأبصار مریضه و لذلک خفیت علیهم معایبهم‏ (و ضربوا منهم فی غمره جهاله) أى خاضوا من ذکر هؤلاء الموتى فی بحر الجهل و الغفله و لذلک افتخروا بمصارعهم.

(و لو استنطقوا عنهم عرصات تلک الدیار) أى دیارهم‏ (الخاویه) منهم‏ (و الربوع) أى منازلهم‏ (الخالیه) عنهم‏ (لقالت) بلسان حالها (ذهبوا فی الأرض ضلالا) هالکین‏ (و ذهبتم فی أعقابهم جهالا) غافلین‏ (تطئون فی هامهم) أى تمشون فی رؤوسهم، و تخصیصها بالذکر لأنها أشرف الأعضاء و الوطئ علیها أبلغ فی إظهار استهانتهم المنافیه للمفاخره بهم المسوق له الکلام، و قد أخذ أبو العلاء المعری هذا المعنى فی نظمه قال:

خفف الوطئ ما أظن ادیم‏ الأرض إلا من هذه الأجساد
رب لحد قد صار لحدا مرارا ضاحک من تزاحم الأضداد
و دفین على بقایا دفین‏ من عهوده الاباء و الأجداد
صاح هذا قبورنا تملاء الأرض‏ فأین القبور من عهد عاد
سران استطعت فی الهواء رویدا لا اختیالا على رقاب العباد

(و تستنبتون فی أجسادهم) أى تنبتون فیها النباتات و تزرعون الزراعات لأن أدیم الأرض الظاهر إذا کان من أبدان الأموات یکون الزرع لا محاله فی التراب المستحیل من أجزاء الحیوانات، و على روایه تستثبتون بالثاء فالمراد أنکم تنصبون فی أجسادهم الأشیاء المثبته من الأوتاد و الدعائم و الأساطین و غیرها.

(و ترتعون فیما لفظوا) أى تأکلون مما ترکوا کنایه‏ (و تسکنون فیما خربوا) أى تسکنون فی بیوت ارتحلوا عنها و فارقوها، فان البیوت إنما تکون عامره بأهلها، فالتخریب کنایه عن الارتحال أو المراد أنهم لم یعمروها بالعباده و الطاعات و قد فسرت العماره فی قوله تعالى‏ إنما یعمر مساجد الله من آمن بالله‏ بذلک قالوا: عمارتها شغلها بالعباده و تجنب أعمال الدنیا و اللهو و إکثار زیارتها.

و قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: قال الله تعالى: «إن بیوتى فی الأرض المساجد و إن زوارى فیها عمارها فطوبى لعبد تطهر فی بیته ثم زارنی فی بیتى فحق على المزور أن یکرم زائره».

(و إنما الأیام بینکم و بینهم بواک و نوائح علیکم) یعنى الأیام و اللیالى التی بینکم و بین الأموات و هى بقیه زمان حیاتکم و تحدوکم لالتحاقکم بهم تبکى و تنوح علیکم لمفارقتها إیاکم.

(اولئکم سلف غایتکم) أى المتقدمون إلى الموت الذى هو غایتکم‏ و غایتهم لانتهاء کل ذى روح إلیها (و فراط مناهلکم) أى سابقوکم إلى مشارب الاخره و منازلها و ردوا إلیها فشربوا من کأس الموت المصبره و تجرعوا من نغب سهام الاخره و غصص أقداح البرزخ جرعه بعد جرعه.

(الذین کانت لهم مقاوم العز) أى مجالسه استعاره‏ (و حلبات الفخر) أى خیل السباق و الصافنات الجیاد التی یفتخر بها، و یحتمل أن تکون حلبات الفخر استعاره عن أسباب الفخر التی توجهت إلیهم من کل جهه کما تجمع الحلبات من کل اوب‏ (ملوکا و سوقا) أى بعضهم سلاطین و بعضهم رعایا.

(سلکوا فی بطون البرزخ سبیلا) قال الشارح المعتزلی‏ البرزخ‏ الحاجز بین الشیئین و البرزخ‏ ما بین الدنیا و الاخره من وقت الموت إلى البعث فیجوز أن یکون‏ البرزخ‏ فی هذا الموضع القبر لأنه حاجز بین المیت و بین أهل الدنیا، و یجوز أن یرید به الوقت الذى بین حال الموت إلى حال النشور، و الأول أقرب إلى مراده علیه السلام لأنه قال: فی بطون البرزخ‏ و لفظه البطون‏ یدل على التفسیر الأول، انتهى.

أقول أما أن‏ البرزخ‏ بمعنى الحاجز فعلیه قوله تعالى‏ بینهما برزخ لا یبغیان‏ و أما أنه من حین الموت إلى وقت البعث فعلیه قوله تعالی‏ و من ورائهم برزخ إلى یوم یبعثون‏.

و أما کونه بمعنى القبر فیدل علیه ما فی البحار عن علی بن الحسین علیهما السلام أنه تلا هذه الایه و قال: هو القبر، و ان لهم فیه لمعیشه ضنکا، و الله إن القبر لروضه من ریاض الجنه أو حفره من حفر النیران، و فی مجمع البحرین فی حدیث الصادق علیه السلام البرزخ القبر و هو الثواب و العقاب و بین الدنیا و الاخره.

و أما أن المراد بالبرزخ‏ هنا القبر فیؤیده ما روى عن بعض النسخ من بطون القبور بدل بطون البرزخ.

و أما تأیید إرادته بلفظه البطون‏ کما زعمه الشارح فلا، بل دلالتها علی المعنى الثانی أظهر، إذ لو أراد الأول لکان الأنسب أن یقال فی بطن البرزخ بصیغه المفرد و إن کان یمکن تصحیحه بجعل اللام فی البرزخ للجنس و لعل نظر الشارح إلى أن‏ البرزخ‏ بالمعنى الثانی لیس له بطن بخلاف القبر. و یدفعه أن بطن کل شی‏ء جوفه و ما خفى منه فیراد ببطون البرزخ‏ على المعنى الثانی ما خفى علینا و احتجب عنا نشاته و حالاته.

و کیف کان تشبیه [سلکوا فی بطون البرزخ سبیلا] شبه مکثهم فی البرزخ إلى حین البعث الذى هو غایتهم بمن سلک طریقا یسلک به إلى منزله، فاستعار علیه السلام له لفظ السلوک.

ثم أشار علیه السلام إلى بعض حالاتهم البرزخیه فقال‏ (سلطت الأرض علیهم فیه) أى فی البرزخ استعاره‏ (فأکلت لحومهم و شربت من دمائهم) نسبه الأکل و الشرب إلى الأرض من باب المجاز و الاستعاره، فان المأکول و المشروب یصیران جزء من بدن الاکل الشارب، فحیث إن أبدانهم فی البرزخ تصیر بعد البلى ترابا و تنقلب بالأجزاء الأرضیه فکان الأرض کانت لهم آکله شاربه.

(فأصبحوا فی فجوات قبورهم جمادا لا ینمون) أى صاروا فی فرج القبور بمنزله الجماد الذى لا ینمو و لا یزید لبطلان حیاتهم بالموت، و النمو و الزیاده من توابع الحیاه کنایه‏ (و ضمارا لا یوجدون) کنایه عن کونهم غیبا لا یرجى رجوعهم.

(لا یفزعهم ورود الأهوال) أى لا یخافون من توارد أهاویل الدنیا و أفزاعها علیهم لخروجهم منها و کونهم من أهل العالم الاخر (و لا یحزنهم تنکر الأحوال) أى تقلب الحالات الدنیویه و تغیراتها الموجبه لحزن أهلها.

کنایه‏ (و لا یحفلون بالرواجف) أى لا یجتمعون بالزلازل و لا یبالون بها، و لعله کنایه عن عدم مبالاتهم بالدواهى الدنیویه الموقعه فی الاضطراب‏ (و لا یأذنون للقواصف) أى لا یصغون إلى الأصوات الشدیده الهایله کصوت الرعد و الأعاصیر و غیرها.

(غیبا لا ینتظرون) أى لا ینتظر الناس عودهم‏ (و شهودا لا یحضرون) أى شاهدین صوره حاضرین بالأبدان غیر حاضرین حقیقه لغیابهم بالأرواح‏ (و إنما کانوا جمیعا فتشتتوا) و کانوا مجتمعین فتفرقوا (و الافا فافترقوا) أى مؤتلفین‏ فافترقوا بالموت کما قال الشاعر:

و کنا باجتماع کالثریا ففرقنا الزمان بنات نعش‏

(و ما عن طول عهدهم) و زمانهم‏ (و) لا (بعد محلهم) و مکانهم‏ (عمیت) أى خفیت‏ (أخبارهم‏ مجاز و صمت دیارهم) إسناد الصمم إلى الدیار من التوسع کما فى قولهم: سال المیزاب و جرى النهر.

و المراد أن خفاء أخبارهم عن الأحیاء لیس من جهه طول العهد و بعد المکان بین الطرفین، و کذلک صمم دیارهم أی قبورهم و مزارهم حیث لا تجیب داعیا و لا تکلم منادیا لیس من جهه عدم وصول ندائهم و بلوغ أصواتهم إلیها ببعد المسافه (و لکنهم سقوا کأسا) الیؤس للتفخیم أى‏ کأسا و بیئه فیها سم ناقع شدید المراره عظیم التأثیر و هی کأس الموت‏ (بدلتهم بالنطق خرسا) فلا یستطیعون أن یجیبوا داعیا و لا أن یخبروا عن حالهم و (بالسمع صمما) فلا یقدرون أن یستمعوا منادیا و یردوا جواب کلامه‏ (و بالحرکات سکونا) أى‏ حرکات‏ الألسنه و الصماخ و سایر الأعضاء و الجوارح سکونها، فعجزوا عن التکلم و الاصغاء و عن الحرکه و السعى إلى الاحیاء و عن ایصال أحوالهم إلیهم.

تشبیه‏ (فکأنهم فی ارتجال الصفه صرعى سبات) یعنى إذا وصفهم واصف مرتجلا بلا سبق تأمل و رویه شبههم بمصروعى‏ سبات‏ أى یقول إنهم سقطوا فی الأرض للنوم فان النوم و الموت أخوان و لا شی‏ء أشد شباهه من النائم بالمیت و لا من‏ المیت بالنائم.

و قد أخذ الماتن الشریف أبو الحسن الرضى معنى الفقرات الأخیره فی نظمه حیث قال:

و لقد حفظت له فأین حفاظه‏ و لقد وفیت له فأین وفاؤه‏
أدعا الدعاء فلم یجبه قطیعه أم ضل عنه من البعاد دعاؤه‏
هیهات أصبح سمعه و عیانه‏ فی الترب قد حجبتهما اقذاؤه‏
یمسى و لین مهاده حصباؤه‏ فیه و مونس لیله ظلماؤه‏
قد قلبت أعیانه و تنکرت‏ أعلامه و تکشفت أضواؤه‏
معف و لیس للذه إعفاؤه‏ مغض و لیس لفکره أغضاؤه‏

و البیت الأخیر مأخوذ من آخر کلامه علیه السلام و هو قوله: صرعى سبات‏

الترجمه

از جمله کلام بلاغت و فصاحت نظام آن امام رفیع المقامست بعد از تلاوت آیه مبارکه ألیهکم التکاثر حتى زرتم المقابر.

مرویست از مقاتل و کلبى که بنى عبد مناف و بنى سهم بر یکدیگر تفاخر کردند بکثرت مردم قبیله و هر یکى گفتند که مردمان ما بیشترند و سادات و أشراف در میان ما زیادتر، چون تعداد مردمان یکدیگر کردند و همه را شمردند بنى عبد مناف غالب آمدند، بنى سهم گفتند بسیارى از مردمان ما را در زمان جاهلیت کشتند باید مرده و زنده قبیله طرفین را بشماریم، چون بدین نوع شمردند بنى سهم زیاد آمد، حق سبحانه و تعالى در مذمت ایشان سوره تکاثر را نازل ساخت، و فرمود ألهاکم التکاثر یعنى مشغول کرد شما را مفاخرت بر یکدیگر به بسیارى قبیله‏ حتى زرتم المقابر تا این که گورستانها را زیارت کردید یعنى از زندگان گذشتید و مردگان را بشمار آوردید حضرت أمیر مؤمنان بعد از تلاوه این آیه فرمودند.

أى بسا تعجب أز مقصودى که چه قدر دور است آن، و از زیارت کننده‏ قبورى که چه اندازه با غفلتست آن، و از هلاکتى که بسیار زشت و شنیع است آن، بتحقیق که خالى یافتند شهرها را از ایشان در حالتى که کامل یاد آورنده بودند و تناول کردند ایشان را از مکان دورى، پس آیا به مکانهاى افتادن و مردن پدران خود فخر مى‏کنند، یا بشماره هلاک شدگان اظهار کثرت مى‏نمایند، طلب برگشتن مى‏کنند از ایشان بدنهائى را که افتاده‏اند بزمین، و حرکاتى را که مبدل شده بسکون، و هر آینه اگر شوند آن هلاک شدگان مایه عبرت ایشان سزاوارتر است از این که شوند مایه مفاخرت ایشان، و اگر نزول کنند بسبب ایشان در ناحیه حقارت خردمندانه‏تر است از این که بایستند بسبب ایشان در مقام عزت، بتحقیق که نگاه کردند بسوى ایشان بدیدهاى معیوب شب کور، و سیر کردند از ایشان در دریاى جهالت.

و اگر استنطاق نمایند از حال ایشان عرصه‏ هاى این شهرهاى خراب شده و منزلهاى خالى از سکنه را هر آینه مى‏گویند آن عرصه‏ها بزبان حال که رفتند ایشان در زیر زمین در حالتى که گمراهان بودند، و رفتید شما در عقب ایشان در حالتى که بودید کام مى‏ گذارید در کله‏ هاى سر ایشان، و نباتات مى ‏رویانید در جسدهاى ایشان، و چرا مى ‏کنید در چیزى که ایشان انداختند، و ساکن مى‏ شوید در مکانى که ایشان خراب کردند، و جز این نیست که روزها میان شما و میان ایشان گریه کنندگان و نوحه کنندگانند بر شما، ایشان پیش روندگان مقصد شمایند و پیش رفتگان منزلگاه شما آن چنان اشخاصى که بود از براى ایشان مقامها یا قائمه‏ هاى عزت و اعتبار، و مایه‏هاى مفاخرت و افتخار، در حالتى که پادشاهان و رعایا بودند.

راه رفتند در شکمهاى عالم برزخ، مسلط کردیده شد زمین بر ایشان در آن برزخ قبر، پس خورد از گوشتهاى ایشان و آشامید از خونهاى ایشان، پس صباح کردند در شکافهاى قبرهاى خودشان در حالتى که جمادى بودند که نمو نمى ‏کردند، و غایبى بودند که امید مراجعت ایشان نبود، نمى‏ ترساند ایشان را وارد شدن خوفهاى دنیا، و غمگین نمى ‏سازد ایشان را تغیر و انقلاب حالات دنیا، و مجتمع نمى ‏شوند بسبب خوف زلزلها و گوش نمى ‏دهند آوازهاى سخت و مهیب دنیا را، غایبانى باشند که انتظار کشیده نمى ‏شوند، و حاضرانى باشند که حاضر نمى ‏شوند.

و جز این نیست که بودند مجتمع با یکدیگر پس متفرق شدند، و با الفت بودند پس جدا گشتند، و نه از جهت طول عهد و نه از جهت دورى مکان کور و پنهان گردید خبرهاى ایشان و کر گردید شهرهاى ایشان و لیکن آشاماندند بایشان جام مرگى را که تبدیل کرد گویائى ایشان را بلالى، و شنوائى ایشان را به کرى، و حرکت را بسکون، پس گویا ایشان در ارتجال صفت افتادگان بی هوشیند، یعنى اگر کسى بخواهد بدون فکر و مقدمه بیان حال و صفت ایشان نماید مى ‏گوید که افتاده و خوابیده‏اند و بى‏هوشند.

الفصل الثانی‏

جیران لا یتأنسون، و أحباء لا یتزاورون، بلیت بینهم عرى التعارف، و انقطعت منهم أسباب الإخاء، فکلهم وحید و هم جمیع، و بجانب الهجر و هم أخلاء، لا یتعارفون للیل صباحا، و لا لنهار مساء، أی الجدیدین ظعنوا فیه کان علیهم سرمدا، شاهدوا من أخطار دارهم أفظع مما خافوا، و رأو من آیاتها أعظم مما قدروا، فکلتا الغایتین مدت لهم إلى مباءه فاتت مبالغ الخوف و الرجاء، فلو کانوا ینطقون بها لعیوا بصفه ما شاهدوا و ما عاینوا، و لئن عمیت آثارهم و انقطعت‏

أخبارهم لقد رجعت فیهم أبصار العبر، و سمعت عنهم آذان العقول، و تکلموا من غیر جهات النطق، فقالوا: کلحت الوجوه النواضر، و خوت الأجساد النواعم، و لبسنا أهدام البلى، و تکائدنا ضیق المضجع، و توارثنا الوحشه، و تهکمت علینا الربوع الصموت، فانمحت محاسن أجسادنا، و تنکرت معارف صورنا، و طالت فی مساکن الوحشه إقامتنا، و لم نجد من کرب فرجا، و لا من ضیق متسعا. فلو مثلتهم بعقلک، أو کشف عنهم محجوب الغطاء لک، و قد ارتسخت أسماعهم بالهوام فاستکت، و اکتحلت أبصارهم بالتراب فخسفت، و تقطعت الألسنه فی أفواههم بعد ذلاقتها، و همدت القلوب فی صدورهم بعد یقظتها، و عاث فی کل جارحه منهم جدید بلى سمجها، و سهل طرق الافه إلیها مستسلمات، فلا أید تدفع، و لا قلوب تجزع، لرأیت أشجان قلوب، و أقذاء عیون، لهم من کل فظاعه صفه حال لا تنتقل، و غمره لا تنجلی.

اللغه

(المباءه) بالمد و الفتح المنزل کالبیأه و الباءه و یقال: إن المباءه هو الموضع الذى تبوء أى ترجع إلیه الابل ثم جعل عباره عن المنزل و قوله‏ (لعیوا) بتشدید الیاء من عى بالأمر و عن حجته یعیى من باب تعب عیا عجز عنه، و قد یدغم فی الماضى و یقال عى و علیه قوله: لعیوا، و فی شرح المعتزلی و روى لعیوا بالتخفیف کما تقول حیوا قالوا: ذهب الیاء الثانیه لالتقاء الساکنین لأن الواو ساکنه و ضمت الیاء الاولى لأجل الواو.

و (کلح) یکلح من باب منع کلوحا تکشر فی عبوس و (نضر) نضاره حسن و (الأهدام) جمع الهدم بالکسر الثوب البالى و المرقع و (تکاءد) فی الأمر و تکادنى من باب تفاعل و تفعل شق على، و عقبه کئود أى صعب و (التهکم) التهدم فی البئر و نحوه، و فی بعض النسخ تهدمت بدل تهکمت قال الشارح المعتزلی یقال تهدم فلان على فلان غضبا إذا اشتد غضبه، و یجوز أن یکون تهدمت أى تساقطت قال: و روى تهکمت بالکاف و هو کقولک تهدمت بالتفسیرین جمیعا، و (رسخ) الغدیر یرسخ من باب منع رسوخا نش ماؤه و نضب فذهب، و رسخ المطر نضب نداؤه فی الأرض و (الهوام) بتشدید المیم جمع الهامه بالتشدید أیضا مثل دواب و دابه قال الأزهری: ماله سم یقتل کالحیه، و قال الفیومى: و قد تطلق الهوام على ما لا یقتل کالحشرات، و لسان (ذلق) ذرب و ذلق السکین حدده و (الهمود) الموت و طفوء النار و ذهاب حرارتها و (عاثه) یعیثه من باب ضرب أفسده.

الاعراب‏

قوله: و هو جمیع الجمله فی محل النصب على الحال، و کذلک قوله:

و هم أخلاء، و قوله: أى الجدیدین مبتدأ خبره کان، و قوله: و لئن عمیت الواو للقسم و المقسم به محذوف و اللام موطئه عند سیبویه و زایده عند غیره، و جواب القسم قوله: لقد رجعت و استغنى به عن جواب الشرط کما فی قوله تعالى‏ لئن أخرجوا لا یخرجون معهم و لئن قوتلوا لا ینصرونهم‏ و هذه قاعده مطرده، فان القسم و الشرط إذا اجتمعا فی الکلام فالجواب للمتقدم منهما و یستغنى عن جواب الثانی لقیام جواب الأول مقامه، و القسم المقدر فی حکم المقسم الملفوظ کما صرح به ابن الحاجب فی الکافیه و نجم الأئمه الرضى فی شرحه و قوله: و قد ارتسخت، الجمله فى محل النصب على الحال من مفعول مثلتهم، و قوله: مستسلمات‏

حال من ضمیر إلیها و قوله: لرأیت أشجان قلوب جواب لو مثلتهم.

المعنى‏

اعلم أنه لما افتتح کلامه فی الفصل السابق بالتوبیخ و التعریض على المتکاثرین بالأموات، و استطرد بشرح حال الموتى فی البرزخ و ابانه فظایعهم اتبعه بهذا الفصل للتنبیه على بقیه حالاتهم فقال:

(جیران لا یتأنسون و أحباء لا یتزاورون) یعنى أنهم‏ جیران‏ لقرب قبورهم و لکن لا یقدرون على الاستیناس، لأن الموانسه من صفات الأحیاء، و أحباء لقرب أبدانهم فیها أو لمحابتهم فی دار الدنیا و لکن لا یستطیعون التزاور لأن الزیاره من حالات المتصفین بالحس و الحیاه و هو عباره اخرى لقوله علیه السلام فی بعض کلماته تدانوا فی خططهم و قربوا فى مزارهم و بعدوا فی لقائهم.

(بلیت بینهم عرى التعارف و انقطعت منهم أسباب الاخاء) یعنى أنهم مع ما کانوا علیه فی الدنیا من معرفه بعضهم بعضا و المحبه و الموده و الاخوه التی کانت بینهم، فقد بلیت عراها یعنى وصلها و اندرست و انقطعت حبالها و انفصمت بحلول الموت و نزول الفناء و الفوت.

(فکلهم وحیدوهم جمیع و بجانب الهجر و هم أخلاء) أى کل واحد منهم‏ وحید حقیقه و هم مع ذلک مجتمعون صوره لاجتماع مقابرهم، و کل منهم فی جانب الهجر واقعا مع خلتهم ظاهرا بمقتضى قرب الجوار، أو المراد بالاجتماع و الخله ما کانوا علیه فی الدنیا من الموده و الصداقه و الأول أظهر، و قد أشار إلیه الشریف الرضى فی قوله:

بادون فی صور الجمیع و أنهم‏ متفردون تفرد الاحاد

قال الشارح المعتزلی: فان قلت: ما معنى قوله: بجانب الهجر، و أى فایده فی لفظه جانب‏ فی هذا الموضع؟

قلت: لأنهم یقولون: فلان فی جانب الهجره و فی جانب القطیعه و لا یقولون فی جانب الوصل و فی جانب المصافاه، و ذلک أن لفظه جنب فی الأصل موضوع للمباعده و منه قولهم: الجار الجنب و هو جارک من قوم غرباء یقال: جنب الرجل‏

و أجنبته و تجنبته و تجانبته کلها بمعنى و رجل أجنبى و أجنب و جانب کله بمعنى‏ (لا یتعارفون للیل صباحا و لا لنهار مساء) أى لا یعرفون‏ للیل‏ نهارا و لا للنهار لیلا، لأن اختلاف اللیل و النهار و تبدل أحدهما بالاخر من الأوضاع الدنیویه و لا اختلاف لهما بالنسبه إلى أهل القبور لکونهم فی بیت الظلمه و النشأه الاخره بالنسبه إلیهم سیان.

و یحتمل أن یکون المراد أنهم لا یتعارف بعضهم بعضا أى لا یجتمعون و لا یتکلمون فی نهارهم للنظر فی أمور لیلهم و لا فی لیلهم للنظر فی أمور نهارهم کما هو عاده أهل الدنیا یجتمعون فی النهار لترتیب ما یفعلونه باللیل و فی اللیل لترتیب ما یفعلونه بالنهار، و الأول أظهر.

و یؤمى إلیه قوله علیه السلام‏ (أى الجدیدین ظعنوا فیهم کان علیهم سرمدا) أراد بالجدیدین‏ اللیل و النهار لتجددهما دائما أى أى واحد من‏ اللیل و النهار ارتحلوا فیه کان علیهم باقیا أبدا فان من مات لیلا لا یتبدل لیله بالنهار، و من مات نهارا لا ینقلب نهاره إلى لیل لخروجه من الدنیا التی فیها یتعاقب اللیل و النهار و یتبدل أحدهما بالاخر.

و الظاهر أن ثبوت هذه الحاله للموتى کسایر الحالات المتقدمه بالنسبه إلى أجسادهم المدفونه فی القبور، و أما بالنسبه إلی أرواحهم المنتقله إلى جنه الدنیا و نعیمها کأرواح السعداء أو المنتقله إلى نار الدنیا و جحیمها کأرواح الأشقیاء، فالمستفاد من أخبار أهل البیت علیهم السلام تعاور اللیل و النهار علیهم، و یستفاد منها أیضا أن أهل الجنه من المؤمنین یجتمعون و یتزاورون و یتحدثون و یتأنسون.

و یدل علیه صریحا ما فی البحار من تفسیر على بن إبراهیم القمى فی قوله تعالى‏ و لهم رزقهم فیها بکره و عشیا قال علیه السلام: ذلک فی جنات الدنیا قبل القیامه و الدلیل على ذلک قوله: بکره و عشیا فالبکره و العشا لا تکونان فی الاخره فی جنان الخلد و إنما یکون الغدو و العشى فی جنان الدنیا التی تنتقل إلیها أرواح المؤمنین.

و فیه منه فی قوله تعالى‏ النار یعرضون علیها غدوا و عشیا قال علیه السلام:

ذلک فی الدنیا قبل القیامه و ذلک إن فى القیامه لا یکون غدوا و لا عشیا، لأن الغدو و العشاء إنما یکونان فی الشمس و القمر و لیس فی جنان الخلد و نیرانها شمس و لا قمر قال و قال رجل لأبی عبد الله صلوات الله علیه: ما تقول فی قول الله عز و جل‏ النار یعرضون علیها غدوا و عشیا فقال أبو عبد الله علیه السلام: ما یقول الناس فیها؟

فقال: یقولون: إنها فی نار الخلد و هم لا یعذبون فیما بین ذلک فقال علیه السلام: فهم من السعداء، فقیل له: جعلت فداک فکیف هذا؟ فقال: هذا فی الدنیا فأما فی نار الخلد فهو قوله تعالى‏ و یوم تقوم الساعه أدخلوا آل فرعون أشد العذاب‏.

و فیه منه عن أبیه رفعه قال: سئل الصادق علیه السلام عن جنه آدم على نبینا و علیه السلام أمن جنان الدنیا کانت أم من جنان الاخره؟ فقال علیه السلام: کانت من جنان الدنیا تطلع فیها الشمس و القمر، و لو کانت من جنان الاخره ما خرج منها.

و یدل على تأنسهم و تزاورهم ما قدمنا روایته فی تذییلات شرح الفصل السابع من فصول الخطبه الثانیه و الثمانین من الکافی باسناده عن حبه العرنى قال:

خرجت مع أمیر المؤمنین علیه السلام إلى الظهر- أى ظهر الکوفه- فوقف بوادى السلام کأنه مخاطب لأقوام فقمت بقیامه حتى أعییت، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت حتى نالنى مثل ما نالنى أولا، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت و جمعت ردائى فقلت: یا أمیر المؤمنین إنى قد أشفقت علیک من طول القیام فراحه ساعه، ثم طرحت الرداء لیجلس علیه، فقال علیه السلام لى: یا حبه إن هو إلا محادثه مؤمن أو مؤانسته، قال: قلت: یا أمیر المؤمنین و إنهم لکذلک؟ قال علیه السلام: نعم و لو کشف لک لرأیتهم حلقا حلقا محتبین یتحادثون، فقلت: أجساد أم أرواح؟ فقال علیه السلام لى:

أرواح، و ما من مؤمن یموت فی بقعه من بقاع الأرض إلا قیل لروحه: ألحقى بوادى السلام، و انها لبقعه من جنه عدن.

و تقدم هناک أیضا فی مرفوعه الکافی عن أبی عبد الله علیه السلام فی صفه

أرواح المؤمنین فی وادی السلام: إنه علیه السلام قال: کأنى بهم حلق حلق قعود یتحدثون، هذا.

و قوله علیه السلام: (شاهدوا من اخطار دارهم أفظع مما خافوا و رأوا من آیاتها أعظم مما قدروا) أى شاهد المجرمون من هلکات الدار الاخره یعنى نقماتها و عقوباتها أشد مما کانوا یخافون منها و یحذرون فی الدنیا، و رأى المتقون من آثار الفضل و الرحمه و علامات الثواب و الکرامه أعظم مما کانوا یقدرونها بحسناتهم و یرجون فی الدنیا کما قال عز من قائل «فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قره أعین جزاء بما کانوا یعملون» و قال علیه السلام فی الخطبه المأه و الثالثه عشر: انه لیس شی‏ء بشر من الشر إلا عقابه و لیس شی‏ء بخیر من الخیر إلا ثوابه، و کلشی‏ء عمن الدنیا سماعه أعظم من عیانه، و کل شی‏ء من الاخره عیانه أعظم من سماعه.

مجاز (فکلتا الغایتین مدت لهم إلى مباءه فأنت مبالغ الخوف و الرجاء) المراد بالغایتین‏ غایتا المجرمین و المتقین و أراد بالغایه الموت کما فی الحدیث الموت غایه المخلوقین، أو أجلهما کما فی قوله علیه السلام فی الخطبه الثالثه و الستین: و إن غایه تنقصها اللحظه و تهدمها الساعه لجدیره بقصر المده، و على أی تقدیر فنسبه مدت‏ إلى‏ الغایه من باب المجاز و التوسع، إذ بها یحصل الوصول إلى مباءه، و أراد بالمباءه منزل الفریقین من النار و الجنه.

فیکون محصل المعنى أن موت المجرمین و موت المتقین أو أجلهما استجرهم و جذبهم إلى منزل و مرجع تجاوز و کان هو فوق ما یبلغه خوف الخائف أو رجاء راج، فکنى بفوقه من مبالغ الخوف و الرجاء عن شده هول النار و عظم خطر الجنه و تجاوزهما عن غایه غایات الخوف و الرجاء.

(فلو کانوا ینطقون بها لعیوا بصفه ما شاهدوا و ما عاینوا) أى لو کانت لهم قدره النطق و الاخبار عن تلک المباءه لعجزوا عن وصف‏ ما شاهدوا فیها من مولمات العقاب و کلت ألسنتهم عن شرح‏ ما عاینوا فیها من مضاعفات الکرامه و الثواب.

(و لئن عمیت آثارهم) أى خفیت عن أبصار الناظرین‏ (و انقطعت أخبارهم)عن آذان المستمعین‏ (لقد رجعت فیهم أبصار العبر و سمعت عنهم آذان العقول) هذا ناظر إلى طرف الأحیاء (و تکلموا من غیر جهات النطق) هذا ناظر إلى طرف الأموات.

و محصل المراد أن الأحیاء و إن لم یمکن لهم إدراک حالات من القبور بطرق المشاعر الظاهره و استطلاعها بالأبصار و الاذان، لکنهم تمکنوا من معرفتها بأبصار البصائر و العبر و الاطلاع علیها بطریق العقل، و کذلک الموتى و إن لم یکن لهم ایصال أخبارهم إلى الأحیاء و إظهار حالاتهم بالنطق و لسان المقال، لکنهم أخبروهم و تکلموا بلسان الحال.

(فقالوا کلحت الوجوه النواضر) أى عبست الوجوه ذات الحسن و البیاض و البهجه و النضاره قال تعالى‏ هم فیها کالحون‏ أى عابسون، و قیل: هو من الکلوح الذى قصرت شفته عن أسنانه کما تقلص رءوس الغنم إذا شیطت بالنار.

(و خوت الأجساد النواعم) و فی بعض النسخ الأجسام النواعم أى سقطت الأجساد المنعمه بلذایذ الدنیا فی وهده القبور أو خلت الأبدان الناعمه اللینه من الأرواح فصارت جیفه منتنه أو المراد خلوها من الدم و الرطوبه و ذهاب طراوتها.

استعاره مرشحه- استعاره تبعیه (و لبسنا أهدام البلى) قال الشارح البحرانی استعار لفظ الأهدام للتغیر و التقشف و التمزیق العارض لجسم المیت لمشابهتها العظم البالى، و یحتمل أن یرید بها الأکفان، انتهى.

أقول: یجوز أن یکون الکلام من قبیل التشبیه المرشح بأن یقدر تشبیه البلى المحیط بهم بالأهدام و الأثواب الممزقه البالیه المحیطه بالبدن، فاضیف المشبه به إلى المشبه ثم قرن بما یلایم المشبه به و یناسبه و هو اللبس ترشیحا للتشبیه، و أن یکون من باب الاستعاره لا الاستعاره الأصلیه کما توهمه الشارح لعدم انتظام معنى الکلام على ما ذکره إلا بتکلف، بل من الاستعاره التبعیه بأن یستعار اللبس للشمول و الاحاطه فیکون محصل المعنى أحاط بنا و شملنا البلى و التمزیق إحاطه اللباس بالبدن فافهم.

(و تکاءدنا ضیق المضجع) أى شق علینا ضیق القبر استعاره‏ (و توارثنا الوحشه) أى وحشه القبور و استعار لفظ التوارث لکون‏ الوحشه منها لابائهم و أسلافهم قبلهم‏ فحصلت لهم بعدهم مجاز عقلى- کنایه- استعاره‏ (و تهکمت علینا الربوع الصموت) أى تساقطت علینا المنازل الصامته و أراد بها القبور و وصفها بالصمت من المجاز العقلى و تساقطها کنایه عن خرابها و انهدامها، و على کون التهکم بمعنى اشتداد الغضب فیکون استعاره لعذاب القبور و یختص بغیر المؤمن لأن المؤمن مأمون منه.

کما یدل علیه ما رواه فی الکافی عن یحیى عن محمد بن الحسین عن عبد الرحمن ابن أبی هاشم عن سالم عن أبی عبد الله علیه السلام قال: ما من موضع قبر إلا و هو ینطق کل یوم ثلاث مرات أنا بیت التراب، أنا بیت البلى، أنا بیت الدود قال علیه السلام: إذا دخله عبد مؤمن قال: مرحبا و أهلا أما و الله لقد کنت أحبک و أنت تمشى على ظهرى فکیف إذا دخلت بطنى فسترى ذلک، قال علیه السلام: فیفسح له مد البصر و یفتح له باب یرى مقعده من الجنه- إلى أن قال- فلا تزل نفحه من الجنه تصیب جسده و یجد لذتها و طیبها حتى یبعث.

قال علیه السلام: و إذا دخل الکافر قالت: لا مرحبا بک و لا أهلا و الله لقد کنت أبغضک و أنت تمشى على ظهرى فکیف إذا دخلت بطنى سترى ذلک، قال علیه السلام: فتضم علیه فتجعله رمیما و یعاد کما کان و یفتح له باب إلى النار یرى مقعده من النار- إلى أن قال- ثم لم تزل نفحه من النار تصیب جسده فیجد ألمها و حرها فی جسده إلى یوم یبعث الحدیث.

و قد مر بتمامه مع أحادیث أخر و مطالب نافعه فی التذییل الثالث من تذییلات شرح الفصل السابع من فصول الخطبه الثانیه و الثمانین فلیراجع هناک.

و یؤید المعنى الأخیر تفریع قوله‏ (فانمحت محاسن أجسادنا) أى ذهب آثار المواضع الحسنه من أبداننا لشده عذاب القبور و مزید تاثیر آلامها (و تنکرت معارف صورنا) أى تغیرت وجوهنا التی بها کنا نعرف فی الدنیا بعظم تأثیر أهاویل البرزخ‏ (و طالت فی مساکن الوحشه) أى القبور (إقامتنا و لم نجد من کرب) و هو الغم الذى یأخذ بالنفس‏ (فرجا و لا من ضیق متسعا) أى من ضیق‏ المضجع محلا ذا سعه یکون بدلا منه، أو مطلق الضیق أى لم نجد من ضیق الحال و ضنک المعیشه اتساعا أى رفاه حال و رغد عیش قال تعالى‏ و من أعرض عن ذکری فإن له معیشه ضنکا أى عیشا ضیقا، قال ابن مسعود و غیره: هو عذاب القبر.

(فلو مثلتهم بعقلک) أى تخیلت صورهم و مثالهم بقوتک المتخیله (أو کشف عنهم محجوب الغطاء لک) أى ارتفع‏ عنهم الغطاء الحاجب و تبین حالهم عندک فالمفعول بمعنى الفاعل کما فى حجابا مستورا و قال الشارح البحرانى، أى ما حجب بأغطیه التراب و السواتر لأجسادهم عن بصرک، انتهى.

و على قوله: فالمحجوب‏ وصف للمیت لا للغطاء و یبعده لفظه عنهم کما لا یخفى.

و کیف کان فالمراد إنه لو شاهدتهم‏ (و) الحال أنه‏ (قد ارتسخت أسماعهم بالهواء فاستکت) أى ذهبت رطوبتها و نضبت نداوتها، بتسلط حشرات الأرض علیها فانسدت‏ (و اکتحلت أبصارهم بالتراب فخسفت) أى فقئت‏ (و تقطعت الألسنه فى أفواههم بعد ذلاقتها) و حدتها کنایه‏ (و همدت القلوب فی صدورهم بعد یقظتها) أى سکنت حرکتها و ذهبت حرارتها بعد ما کانت متیقظه، و هو کنایه عن موتها بعد حیاتها (و عاث فی کل جارحه منهم جدید بلى سمجها) أى أوقع الفساد فی کل جارحه من جوارحهم بلى متجدد أوجب سماجتها و قبحها و سوء منظرها (و سهل طرق الافه إلیها) لأن العنصر الترابى إذا استولى على الأعضاء قوى استعدادها للاستحاله من صورتها التی هی علیها إلى غیرها حال کونها (مستسلمات) منقادات غیر ممتنعه من قبول الافه و الفساد (فلا أید) أى قوه و قدره و سلطان أو کف‏ (تدفع) الالام و الافات عنها (و لا قلوب تجزع) و تحزن لما نزل بها.

(لرأیت) جواب لو أى لو تصورت حالاتهم بخیالک أو شاهدت فظایعهم بعینک على ما فصل لرأیت‏ (أشجان قلوب و أقذاء عیون) أى شاهدت فیهم من الفظایع و الشنائع المفرطه المجاوزه عن الحد ما یورث حزن قلوب الناظرین و أذى عیونهم‏ (لهم من کل فظاعه صفه حال لا تنتقل) قال الشارح المعتزلی أى لا تنتقل إلى حسن و صلاح و لیس یرید لا تنتقل مطلقا لأنها تنتقل إلى فساد و اضمحلال‏

(و) من کل شناعه (غمره لا تنجلى) أى شده لا تنکشف و قد مضى فی شرح الخطبه الثانیه و الثمانین مطالب مناسبه لهذا الفصل من أراد الاطلاع فلیراجع ثمه.

الترجمه

فصل ثانی از این کلام در ذکر شداید برزخ و حالات أهل آنست مى‏ فرماید که ایشان همسایگانى باشند با یکدیگر انس نمى ‏کنند، و دوستانى هستند که زیارت یکدیگر نمى ‏نمایند، پوسیده شده در میان ایشان علاقهاى شناسائى، و بریده شده از ایشان ریسمانهاى اخوت و برادرى، پس همه ایشان تنها باشند و حال آنکه در یکجا هستند، و بکنار هجران و دورى باشند و حال آنکه دوستان هستند، نمى‏ شناسند از براى شب صبحى را، و نه از براى روز شبى را، هر یک از شب و روز را که رحلت کنند در آن باشد برایشان همیشگى مشاهده کردند از هلاکتهاى خانه آخرت خودشان شدیدتر از آن چیزى که ترسیده بودند، و دیدند از علامتهاى آخرت بزرگتر از آن چیزى که تصویر کرده بودند، پس هر دو غایب یعنى أجل سعدا و أجل أشقیا کشاند ایشان را بسوى منزلگاهی که متجاوز شد از منتهاى مرتبه خوف خائفین و رجاء راجین، پس اگر بودند که ناطق بشوند بان هر آینه عاجز مى‏ شدند در بیان صفت آن چیزى که مشاهده کردند و بچشم دیدند، و اگر مخفى شده أثرهاى ایشان و منقطع گردیده خبرهاى ایشان.

بتحقیق مراجعت کرده در ایشان دیدهاى عبرتها، و شنیده از ایشان گوشهاى عقلها، و سخن گفتند ایشان به زبان حال از غیر جهت نطق بلسان، پس گفتند که زشت گشت صورتهاى با آب و رنگ، و بخاک افتاد بدنهاى نرم و نازک، و پوشیدیم ما لباسهاى پاره پاره کهنه را، و به مشقت انداخت ما را تنگى خوابگاه، و بارث بردیم از یکدیگر وحشت را، و منهدم شد بر ما منزلهاى خاموش قبرها، پس محو گشت نیکوئیهاى بدنهاى ما، و تغییر یافت معروفهاى صورتهاى ما، و طول یافت در مسکنهاى وحشت اقامت ما، و نیافتیم از شدت محنت فرجى، و از تنگى حالت وسعتى‏ پس اگر تصور نمائى تو حالتهاى ایشان را بعقل خودت، پا برداشته شود از ایشان پرده پوشان از براى تو در حالتى که فرو رفته باشد رطوبت گوشهاى ایشان بجهت تسلط حشرات الأرض پس کر شده باشد، و سرمه کشیده باشد چشمهاى ایشان بخاک پس فرو رفته باشد در استخوان سر، و پاره پاره گشته زبانها در دهنهاى ایشان بعد از تیزى و بلاغت آنها، و مرده و ساکن شود قلبها در سینهاى ایشان بعد از بیدارى آنها، و فساد کرده باشد در هر عضوى از ایشان پوسیدگى تازه که زشت گردانیده باشد آنها را، و آسان کرده باشد طریق آفت به آنها در حالتى که آنها گردن نهاده باشند بان آفتها، پس نباشد دستهائى که دفع کنند آنها را و نه دلهائى که جزع کنند از آنها هر آینه بعد از آن تصور عقل و کشف حجاب خواهى دید اندوههاى قلبها و خونابه چکیدن چشمها را، از براى ایشان است از هر شناعت و رسوائى صفت حالتى که منتقل نشود، و شدت و سختى که منکشف نگردد و بر طرف نباشد.

الفصل الثالث‏

و کم أکلت الأرض من عزیز جسد، و أنیق لون، کان فی الدنیا غذى ترف، و ربیب شرف، یتعلل بالسرور فی ساعه حزنه، و یفزع إلى السلوه إن مصیبه نزلت به، ضنا بغضاره عیشه، و شحاحه بلهوه و لعبه. فبینا هو یضحک إلى الدنیا، و تضحک الدنیا إلیه، فی ظل عیش غفول، إذ وطئ الدهر به حسکه، و نقضت الأیام قواه، و نظرت إلیه الحتوف من کثب، فخالطه بث لا یعرفه، و نجی هم ما کان یجده،

و تولدت فیه فترات علل انس ما کان بصحته. ففزع إلى ما کان عوده الأطباء من تسکین الحار بالقار، و تحریک البارد بالحار، فلم یطفئ ببارد إلا ثور حراره، و لا حرک بحار إلا هیج بروده، و لا اعتدل بممازج لتلک الطبایع إلا أمد منها کل ذات داء، حتى فتر معلله، و ذهل ممرضه، و تعایا أهله بصفه دائه، و خرسوا عن جواب السائلین عنه، و تنازعوا دونه شجى خبر یکتمونه، فقائل هو لما به، و ممن لهم إیاب عافیته، و مصبر لهم على فقده، یذکرهم أسى الماضین من قبله. فبینا هو کذلک على جناح من فراق الدنیا، و ترک الأحبه، إذ عرض له عارض من غصصه، فتحیرت نوافذ فطنته، و یبست رطوبه لسانه، فکم من مهم من جوابه عرفه فعی عن رده، و دعاء مولم لقلبه سمعه فتصام عنه، من کبیر کان یعظمه، أو صغیر کان یرحمه، و إن للموت لغمرات هی أفظع من أن تستغرق بصفه، أو تعتدل على قلوب أهل الدنیا.

اللغه

(ترف) ترفا من باب منع تنعم و أترفته النعمه أطغته و الترفه بالضم النعمه و الطعام الطیب و (رب) فلان الصبى یربه ربا رباه حتى أدرک و الربیب المربوب‏

قال تعالى‏ و ربائبکم اللاتی فی حجورکم‏ و (السلوه) بفتح السین و ضمها اسم من سلى همه سلوا و سلیا نسیه و (عیش غفول) و زان صبور کثیر الغفله و (الحسک) محرکه نبات تعلق ثمرته بصوف الغنم و عند ورقه شوک ملزز صلب ذو ثلاث شعب.

و (الحتوف) بالضم جمع الحتف بالفتح و هو الموت و (الکثب) محرکه القرب و هو یرى من کثب أى قرب و (النجى) فعیل من ناجاه مناجاه أى ساره و (القار) البارد من قر القدر إذا صب فیه ماء باردا و (الثور) الهیجان و (علل) الصبی بطعام و غیره شغله به و تعلل بالأمر تشاغل و (التمریض) حسن القیام على المریض و (عى) بالأمر و عیى و تعایا و استعیا لم یهتد لوجه مراده أو عجز منه و لم یطق احکامه و (خرس) خرسا من باب فرح انعقد لسانه عن الکلام و (الاسى) بالضم جمع الاسوه و هو ما یتأسى به الانسان و یتسلى.

الاعراب‏

قوله علیه السلام: و کم أکلت الأرض من عزیز جسد، لفظه کم خبریه بمعنی کثیر مبنیه على السکون لشباهتها بکم الاستفهامیه لفظا و معنی من حیث ابهام کلتیهما، و هی منصوبه المحل لکونها مفعول أکلت قدمت علیه لأن لها صدر الکلام، و من عزیز جسد تمیز رافع للابهام الذى فیها، أى أکلت الأرض کثیرا من عزیز جسد، و عزیز صفه لموصوف محذوف أى من میت عزیز الجسد، و إضافه عزیز إلى جسد من إضافه الصفه إلى فاعله کما فی قولک: مررت برجل حسن وجه أى حسن وجهه، و هذا القسم من اضافه الصفه المشبهه و إن استقبحه علماء الأدبیه لأجل خلو الصفه من ضمیر یعود إلى الموصوف لفظا إلا أنه یسوغه کثره الاستعمال و وجود الضمیر تقدیرا، و جمله کان فی الدنیا، فی محل الخفض على أنها صفه لعزیز جسد، و جمله یتعلل، فی محل النصب حال من اسم کان.

و قوله: ضنا مفعول لأجله، مجاز و عیش غفول فی نسبه غفول إلى عیش توسع کما فی عیشه راضیه و قوله إذ وطئ الدهر، إذ للمفاجاه لوقوعها بعد بینا نص على‏

ذلک سیبویه، قال: إذا وقعت بعد بینا و بینما فهی للمفاجاه و مثال وقوعها بعد بینما قوله:

استقدر الله خیرا و ارضین به‏ فبینما العسر إذ دارت میاسیر
و بینما المرء فی الأحیاء مغتبط إذ صار فی الرمس تعفوه الأعاصیر

و الباء فی وطی‏ء به للتعدیه أى أوطأه.

و قوله: علیه السلام آنس ما کان بصحته، آنس منصوب على الحال من ضمیر فیه و العامل فیه تولدت، و ما نکره موصوفه کما فی مررت بما معجب لک، و کان تامه، و بصحته متعلق بانس و محصل المعنى تولدت فیه فترات و الحال أنه آنس شی‏ء وجد أى آنس الأشیاء بصحته، و یحتمل أن تکون ما مصدریه زمانیه کما فی قوله تعالى‏ فاتقوا الله ما استطعتم‏ و قوله‏ ما دمت حیا أى مده استطاعتکم و مده دوامى حیا فیکون معناه آنس مده کونه و وجوده بصحته أى آنس زمان عمره به، و قیل فیه معان اخر و ما قلته أظهر.

قوله: شجی خبر من اضافه الصفه إلى الموصوف أى خبر ذى شجی و غصه، و قوله فقائل، خبر لمبتدأ محذوف و الجمله معطوفه على جمله تنازعوا و تفصیل له، و اللام فی قوله: لما به، بمعنی على کما فی قوله تعالى‏ و یخرون للأذقان‏ و قوله‏ و تله للجبین‏ و لیست بمعناها الأصلى کما توهم.

قوله: و دعاء مولم لقلبه، اللام للتقویه، و فی بعض النسخ بقلبه بالباء بدل اللام و علیه فهى زایده کما فی قوله تعالى‏ و لا تلقوا بأیدیکم إلى التهلکه و یجوز جعلها بمعنی فی على تضمین مولم معنی مؤثر، و بهذا المعنی جاء الباء فی قوله تعالى‏ و لقد نصرکم الله ببدر أى فیها.

المعنى‏

اعلم أنه علیه السلام لما نبه فی الفصلین السابقین على أهاویل البرزخ و فظایعه أردفهما بهذا الفصل استطرادا و تنبیها على غمرات الموت و شدایده و حالات المیت عند الاشراف على الموت و الاحتضار فقال:

استعاره بالکنایه- استعاره تبعیه (و کم أکلت الأرض من عزیز جسد و أنیق لون) إما استعاره بالکنایه تشبیها للأرض بالاکل و اثبات الاکل تخییلا، أو استعاره تبعیه کما فی نطقت الحال بکذا تشبیها لا فناء الأرض‏ لأجزاء المیت و استحالتها لها بالتراب بأکلها لها، فاستعیر الأکل للافناء و دل على الاستعاره بذکر الأرض، و المعنی أفنت الأرض و أبلت کثیرا کثیرا من میت طرى البدن معجب اللون لصفائه و بیاضه و اشراقه.

(کان فی الدنیا غذى ترف و ربیب شرف) أى غذى و تنعم بالتنعم الموجب لبطره و طغیانه، و ربی فی عز و شرف و منعه.

(یتعلل بالسرور فی ساعه حزنه) أى یتشاغل بما یسره و یتلهى به عما یحزنه‏ (و یفزع إلى السلوه إن مصیبه نزلت به) أى یلتجى إلى ما یسلى همه و ینسیه إن أصابته مصیبه (ضنا بغضاره عیشه) أى لأجل بخله بسعه عیشه و طیبه‏ (و شحاحه) و بخاله (بلهوه و لعبه) حتى لا یشوب لهما ما یکدرهما.

(فبینا هو یضحک إلى الدنیا) ابتهاجا بها و شعفا بحبها لجریانها على وفق مراده و تهیئتها لمقدمات عیشه و نشاطه‏ (و تضحک الدنیا إلیه) ابتهاجا به لکونه من أبنائها و الراغبین إلیها و فرط محبتها إیاه، و حاصله تضاحک کل منهما و اشتیاقه إلى الاخر لمزید المحابه و المعافاه بینهما (فى ظل عیش غفول) أى فی دعه و راحه و سعه عیش متصف بکثره الغفله.

و المراد غفله صاحبه به کما فی عیشه راضیه، و قال الشارح المعتزلی: عیش غفول‏ قد غفل عن صاحبه، فهو مستغرق فی العیش لم یتنبه له الدهر فیکدر علیه وقته قال الشاعر:

کأن المرء فی غفلات عیش‏ کأن الدهر عنها فی وثاق‏

– انتهى و لعل ما قلته أولى و دلاله الشعر علیه أظهر استعاره‏ (إذ وطی‏ء الدهر به حسکه) أى أوطاه‏ حسکه‏ أى أنشب شوکه فیه و استعار الحسک لالام الدهر و أسقامه و حوادثه الموجبه لأذاه کایجاب الحسک للأذى مجاز (و نقضت الأیام قواه) نسبه النقض إلى الأیام من التوسع و المراد به انحلال قواه النفسانیه و ضعف جوارحه‏ (و نظرت إلیه الحتوف من کثب)أى من قرب، و تخصیصه بالذکر لأن تأثیر النظر فیه أشد یعنی أن ملاحظه المنیه نحوه دانیه، و جمع الحتوف باعتبار تعدد أسباب الموت.

(فخالطه بث لا یعرفه) أى مازج قلبه حزن لا یعرف علته‏ (و نجی هم ما کان یجده) أى هم خفی لم یکن معهودا به‏ (و تولدت فیه فترات علل آنس ما کان بصحته) قال الشارح المعتزلی: الفترات‏ أوائل المرض انتهى و المراد أنه طرئ علیه و ظهر فی مزاجه علل موجبه لفتور بدنه و ضعف جسمه، و الحال أنه فی غایه الانس بصحته و کمال الرکون إلى سلامته فی لذات طربه و بدوات اربه لا یحتسب رزیه و لا یحتمل بلیه.

(ف) لما وجد فی نفسه ذلک و أحس به استوحش منه و (فزع إلى ما کان عوده الأطباء) أى التجأ إلى ما جعلوه معتادا له من المداواه و المعالجات‏ (من تسکین الحار بالقار و تحریک البارد بالحار) تخصیص‏ التسکین بالقار و التحریک بالبارد لأن من شأن الحراره التحریک و التهییج فاستعمل فی قهرها بالبارد لفظ التسکین‏ و من شأن البروده التخدیر و التجمید فاستعمل فی قهرها بالحار لفظه التحریک.

(فلم یطفى‏ء) الحار (ببارد إلا ثور) و هیج‏ (حراره) زایده على حراره الحار (و لا حرک) البارد (بحار إلا هیج) و ثور (بروده) زایده على بروده البارد.

و محصله أنه لم ینفعه استعمال المسخن و المبرد إلا عکس المطلوب و أنتج له المسخن بروده و المبرد حراره.

(و لا اعتدل بممازج لتلک الطبایع إلا أمد منها کل ذات داء) أى لم یقصد الاعتدال بما یمازج تلک الطبایع الحاره و البارده المفرطه فیردها إلى الاعتدال إلا و أمد ذلک الممازج أو المریض و أعطى مددا و قوه و أعان من هذه الطبایع کل طبیعه ذات داء، أى صار مزج الممازج ممدا و معینا على الطبیعه التی هی منشأ المرض مع ماله من مضاده خاصیه لخاصیتها.

و یوضح ما قاله علیه السلام على وجه البسط ما رواه فی البحار من علل الشرائع بسنده عن وهب بن منبه أنه وجد فی التوراه صفه خلقه آدم على نبینا و علیه السلام‏

حین خلقه الله عز و جل و ابتدعه، قال الله تبارک و تعالى:

انی خلقت و رکبت جسده من أربعه أشیاء، ثم جعلتها وراثه فی ولده تنمی فی أجسادهم و ینمون علیها إلى یوم القیامه، و رکبت جسده حین خلقته من رطب و یابس و سخن و بارد، و ذلک أنی خلقته من تراب و ماء ثم جعلت فیه نفسا و روحا فیبوسه کل جسد من قبل التراب، و رطوبته من قبل الماء، و حرارته من قبل النفس، و برودته من قبل الروح.

ثم خلقت فى الجسد بعد هذا الخلق الأول أربعه أنواع، و هن ملاک الجسد و قوامه بادنا لا یقوم الجسد إلا بهن و لا تقوم منهن واحده إلا بالاخرى: منها المره السوداء، و المره الصفراء، و الدم، و البلغم ثم اسکن بعض هذا الخلق فى بعض، فجعل مسکن الیبوسه فى المره السوداء، و مسکن الرطوبه فى المره الصفراء، و مسکن الحراره فى الدم، و مسکن البروده فى البلغم.

فأیما جسد اعتدلت فیه هذه الأنواع الأربع التى جعلتها ملاکه و قوامه و کانت کل واحده منهن أربعا لا تزید و لا تنقص کملت صحته و اعتدل بنیانه، فان زاد منهن واحده علیهن فقهرتهن و مالت بهن دخل على البدن السقم من ناحیتها بقدر ما زادت و إذا کانت ناقصه تقل عنهن حتى تضعف من طاقتهن و تعجز عن مقارنتهن «مقاومتهن» قال وهب: فالطبیب العالم بالداء و الدواء یعلم من حیث یأتی السقم من قبل زیاده تکون فى احدى هذه الفطره الأربع أو نقصان منها، و یعلم الدواء الذى به یعالجهن فیزید فى الناقصه منهن أو ینقص من الزایده حتى یستقیم الجسد على فطرته و یعتدل الشی‏ء بأقرانه.

إذا عرفت ذلک فنقول: إذا أراد الله أن یشفى المریض و یحصل له البرء من مرضه أصاب المعالج و اهتدى إلى معرفه ما به من الداء و نفع الدواء بالخاصیه التى فیه و إذا قضى أجله أخطأ المعالج أو سقط الدواء من التأثیر أو أمد ضد خاصیته المکمونه

(حتى) اشتد مرضه و (فتر معلله) أى من یشغله عن التوجه إلى مرضه و یمنیه العافیه أو عما یضره من الأطعمه و الأشربه بالأدویه النافعه، و فتوره من جهه طول المرض و حصول الیأس، فان العاده جاریه بأن أهل المریض فى أول مرضه یواظبون علیه و یجتمعون حوله و یعللونه حتى إذا طال المرض و اشتد و ظهر مخائل الموت یقل عزمهم و یفتر هممهم و یحصل لهم التوانى و الکسل.

(و ذهل ممرضه) أى من یواظب علیه و یقوم بأمرء فى دوائه و غذائه و غیره، و ذهوله و غفلته من أجل أنه فى بدایه المرض یکون له جد أکید و جهد جهید فى التعهد و المواظبه بما له من رجاء الصحه و العافیه، و بعد اشتداد المرض و ظهور أمارات الموت توانى و فتر، و تسرع الیه الغفله على ما جرت علیه العاده.

(و تعایا أهله بصفه دائه) أى عجزوا بوصف دائه و شرح مرضه على ما هو علیه للطبیب و غیره، و هذه عاده المریض المثقل.

(و خرسوا عن جواب السائلین عنه) هذه الجمله کالتفسیر لسابقتها، و المراد أن‏ أهله‏ إذا سئلوا عنه یجمجمون و لا یفصحون عن بیان حاله کالأخرس الذى ینعقد لسانه عن التکلم، و إنما یخرسون عن جوابهم لأنه بعد ظهور أمارات الموت علیه لا یسعهم الجواب بصحته لکونه خلاف الواقع، و لا یسوغهم الجواب بما هو الواقع من إشرافه على الموت لعدم طیب أنفسهم به و انطلاق لسانهم ببیانه.

(و تنازعوا دونه شجى خبر یکتمونه) أى اختلفوا عنده فى خبر ذى حزن و غصه یخفونه منه و یجیبون السائلین بالتناجى و المساره کیلا یشعر به، و فصل کیفیه التنازع و الاختلاف بقوله:

(فقائل) منهم‏ (هو لما به) أى على الحال الذى کان علیه لا تفاوت فى مرضه و قیل: معناه هو الأمر الذى نزل به، أى قد أشفى على الموت، و ما قلناه أظهر و أولى.

(و) آخر (ممن لهم إیاب عافیته) أى یمنیهم و یطمعهم عود عافیته‏ بقوله: قد رأیت مثل هذا المریض و أشد مرضا منه ثم عوفى.

(و) ثالث‏ (مصبر لهم على فقده) أى یحملهم على الصبر و التحمل على فقده و فراقه‏ (یذکرهم اسى الماضین من قبله) بقوله: تلک الرزیه مما لا اختصاص لهابکم و لا الموت مخصوصا بهذا المریض بل کل حی سالک سبیل و کل نفس ذائقه الموت، و قد مضى قبل هذا المریض عالم من الناس و بقی بعد الأسلاف الأخلاف فتعزوا بعزاء الله و تسلوا و اصبروا و لم یکن لهم علاج إلا أن قالوا: إنا لله و إنا إلیه راجعون، فینبغی لکم التأسی بالماضین، فان لکم فیهم اسوه، و فی هذا المعنی قال الشاعر و لنعم ما قال:

و إن الاولى بالطف من آل هاشم‏ تأسوا فسنوا للکرام التأسیا

و قالت الخنساء:

و ما یبکون مثل أخی و لکن‏ اسلی النفس عنه بالتأسی‏

و قد قال أمیر المؤمنین علیه السلام فى المختار المأتین و الواحد الذى قاله عند دفن الصدیقه علیهما السلام: قل یا رسول الله عن صفیتک صبرى إلا أن لى فى التأسى بعظیم فرقتک و فادح مصیبتک موضع تعز.

(فبینا هو کذلک على جناح) أى على حرکه سریعه فان الطیران بالجناح سبب سرعه الحرکه فتجوز عنها (من فراق الدنیا و ترک الأحبه إذ) دهمته فجعات المنیه و (عرض له عارض من غصصه) و اعترض فى حلقه و أخذ بخناقه.

(فتحیرت نوافذ فطنته) أى تاهت إدراکات جودته و ذکائه الثاقبه المتعلقه بمصالح النشأه الدنیویه و الاخرویه، و فى بعض النسخ: فطنه، بصیغه الجمع، و المراد تبلد مشاعره و قواه الدراکه و قصورها عن الادراکات النظریه.

(و یبست رطوبه لسانه) و جف حیله- ریقه- و حیل بینه و بین منطقه فصار بین أهله ینظر وجوههم و یسمع رجع کلامهم و یرى حرکات ألسنتهم و لا یستطیع التکلم معهم.

(فکم من مهم من جوابه عرفه فعى عن رده) أى جواب سائل سأله عن أمر مهم من وصیه و وصیته و دینه و مصارف ماله و قیم أطفاله و نحو ذلک فعجز عن رده.

(و دعاء مولم لقلبه سمعه فتصام عنه) أى نداء موجع لقلبه سمعه فأظهر الصمم‏ لعدم قدرته على اجابه المنادى‏ (من کبیر کان یعظمه) کما إذا کان المنادى له والده و ولى النعمه له‏ (أو صغیر کان یرحمه) کما إذا کان المنادى ولده الصغیر.

(و ان للموت لغمرات) و أهاویل و سکرات‏ (هى أفظع من أن تستغرق بصفه) أى تستعاب بوصف و بیان‏ (أو تعتدل) و تستقیم‏ (على قلوب أهل الدنیا) لکونها خارجه عن حد الاحصاء متجاوزه عن طور الاستقصاء و کیف لا و هو هادم اللذات و قاطع الامنیات و جذبه من جذباته أهون عندها نشر المناشیر و قرض المقاریض.

أعاننا الله علیه، و ثبتنا بالقول الثابت لدیه، و وفقنا الله و أیدنا و هدانا الصراط المستقیم بفضله العمیم، هذا.

و قد أشار بعض الشعراء إلى إجمال ما قاله علیه السلام فى هذا الفصل و قال:

بینا الفتى مرح الخطا فرحا بما یسعى له إذ قیل قد مرض الفتى‏
إذ قیل بات بلیله ما نامها إذ قیل أصبح مثقلا ما یرتجى‏
إذ قیل أمسى شاخصا و موجها إذ قیل فارقهم و حل به الردى‏

و لله در المؤلف أبى الحسن الرضى قدس سره ما أعجب نظمه فى شرح حال الدنیا و أهلها و الهالکین منهم و وصف مضجعهم و برزخهم و سایر حالاتهم قال:

انظر إلى هذا الأنام بعبره لا یعجبنک خلقه و رواؤه‏
فتراه کالورق النضیر تقصفت‏ أغصانه و تسلبت شجراته‏
انى محاباه المنون و إنما خلقت مراعى للردى خضراؤه‏
أم کیف تأمل فلته أجساده‏ من ذا الزمان و حشوها اوداؤه‏
لا تعجبن فما العجیب فناؤه‏ بید المنون بل العجیب بقاؤه‏
إنا لنعجب کیف حم حمامه‏ عن صحه و یغیب عناد آؤه‏
من طاح فى سبل الردى آباؤه‏ فلیسلکن طریقهم أبناؤه‏
و مؤمر نزلوا به فى سوقه لا شکله فیهم و لا نظراؤه‏
قد کان یفرق ظله أقرانه‏ و یغض دون جلاله أکفاؤه‏
و محجب ضربت علیه مهابه یغشى العیون بهاؤه و ضیاؤه‏
نادته من خلف الحجاب منیه امم فکان جوابها حوباؤه‏
شقت إلیه سیوفه و رماحه‏ و امیط عنه عبیده و إماؤه‏
لم یغنه من کان ود لو أنه‏ قبل المنون من المنون فداؤه‏
حرم علیه الذل إلا أنه‏ ابدا لیشهد بالجلال بناؤه‏
متخشع بعد الانیس جنائه‏ متضائل بعد القطین فناؤه‏
عریان تطرد کل ریح ترابه‏ و یطیع اول أمرها حصباؤه‏
و لقد مررت ببرزخ فسألته‏ أین الاولى ضممتهم ارجاؤه‏
مثل المطى بوارکا أجداثه‏ یسقى على جنباتها بوغاؤه‏
نادیته فخفى على جوابه‏ بالقول إلا ما زقت أصداؤه‏
من ناظر مطروفه ألحاظه‏ أو خاطر مطلوبه سوداؤه‏
أو واجد مکظومه زفراته‏ أو حاقد منسیه شحناؤه‏
و مسندین على الجنوب کأنهم‏ شرب تخاذل بالطلى أعضاؤه‏
تحت الصعید لغیر إشفاق إلى‏ یوم المعاد یضمهم أحشاؤه‏
أکلتهم الارض التی ولدتهم‏ أکل الضروس حلت له اواؤه‏

الترجمه

فصل سیم از این کلام در اشاره بحالات مرض موت و شداید مرگست مى‏ فرماید:

چه بسیار خورده زمین از بدن تازه و صاحب آب و رنگ خوش آینده را که بود در دنیا پرورده نعمت و پرورش یافته شرف و عزت، در حالتى که تعلل مى ‏ورزید و بهانه می کرد بشادى در حالت حزن و پریشانى، و پناه مى ‏برد به تسلى خواطر اگر مصیبتى نازل مى ‏شد باو از جهت بخل ورزیدن و ضایع نساختن خوش گذرانى خود، و از جهت خساست و هدر نکردن لهو و لعب خود.

پس در این اثنا که او خنده میکرد و فرحناک بود بر دنیا و خنده میکرد و فرحناک بود دنیا بأو در سایه خوش گذرانى که باعث زیادت غفلت او بود ناگاه‏

لگد کوب کرد او را زمانه خار خود را، و شکاند روزگار قوت او را، و نگاه کرد بسوى او مرگ‏ها از نزدیکى، پس آمیخت بأو حزن و اندوهى که نمى‏شناخت او را، و غصه پنهانى که نیافته بود او را، و متولد شد در او سستیهاى مرضها در حالت غایت انس او بصحت خود.

پس ملتحى شد بسوى آن چیزى که عادت داده بودند او را بان طبیبها از فرو نشاندن مایه حرارت بدواهاى بارد، و حرکت دادن مایه برودت بدواهاى حار، پس فرو ننشاند باستعمال دواى بارد مگر این که حرکت داد حرارت را، و حرکت نداد بدواء حار مگر بهیجان آورد برودت را، و معتدل نساخت بچیزى که مخلوط نمود بان طبیعتهاى حاره و بارده مگر این که مدد نمود از این که طبیعتها هر ماده که منشإ درد بود.

تا این که سست شد پرستار او و غافل گردید مواظب مرض او و درمانده گردیدند اهل و عیال او در صفت ناخوشى او و لال گردیدند از جواب پرسندگان أحوال او، و اختلاف کردند در نزد او در غمناک چیزى که پنهان مى‏کردند آن را، پس از ایشان یکى مى‏گفت او بهمین حالتست که هست، و یکى دیگر تطمیع مى‏کرد أهل او را برجوع کردن صحت او، و دیگرى تسلى مى‏داد ایشان را بر مرگ او در حالتى که یادآورى ایشان مى‏کرد پیروى گذشتگان پیش از او را.

پس در این أثنا که او بر این حالت بود بر جناح حرکت از دنیا و ترک کردن أحبا ناگاه عارض شد او را عارضه از غصه‏هاى او، پس متحیر گردید زیرکیهاى نافذه او، و خشک شد رطوبت زبان او، پس چه بسیار مهمى از جوابش بود که شناخت او را پس عاجز از رد آن شد، و چه بسیار از ندا کردن درد آوردنده قلب او بود که شنید او را پس خود را به کرى زد بجهت عدم قدرت بر جواب، آن ندا از بزرگى بود که همیشه تعظیم مى‏کرد او را مثل پدر، یا از کوچکى بود که همیشه مهربانى مى‏کرد بأو مثل أولاد، و بدرستى که مرگ ر است سختیهائى که دشوارترند از این که استیعاب وصف آنها شود، یا این که راست آید شرح آنها بعقلهاى أهل دنیا

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

بازدیدها: ۲۵۸

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۸ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۲۰ صبحی صالح

۲۲۰- و من کلام له ( علیه‏السلام  ) فی وصف السالک الطریق إلى اللّه سبحانه‏

قَدْ أَحْیَا عَقْلَهُ وَ أَمَاتَ نَفْسَهُ حَتَّى دَقَّ جَلِیلُهُ وَ لَطُفَ غَلِیظُهُ وَ بَرَقَ لَهُ لَامِعٌ کَثِیرُ الْبَرْقِ فَأَبَانَ لَهُ الطَّرِیقَ وَ سَلَکَ بِهِ السَّبِیلَ وَ تَدَافَعَتْهُ الْأَبْوَابُ إِلَى بَابِ السَّلَامَهِ وَ دَارِ الْإِقَامَهِ وَ ثَبَتَتْ رِجْلَاهُ بِطُمَأْنِینَهِ بَدَنِهِ فِی قَرَارِ الْأَمْنِ وَ الرَّاحَهِ بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ وَ أَرْضَى رَبَّهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من کلام له علیه السلام و هو المأتان و الثامن عشر من المختار فى باب الخطب‏

قد أحیا عقله و أمات نفسه، حتى دق جلیله، و لطف غلیظه، و برق له لامع کثیر البرق، فأبان له الطریق، و سلک به السبیل، و تدافعته الأبواب إلى باب السلامه، و دار الإقامه، و ثبتت رجلاه بطمأنینه بدنه فی قرار الأمن و الراحه، بما استعمل قلبه و أرضى ربه‏.

اللغه

(دق) الشی‏ء یدق دقه من باب ضر خلاف غلظ فهو دقیق و غلظ الشی‏ء بالضم غلظا و زان عنب و الاسم الغلظه و هو غلیظ و (أبان) و بین و تبین و استبان کلها بمعنى الوضوح و الانکشاف و جمیعها یستعمل لازما و متعدیا إلا بان الثلاثى فلا یستعمل إلا لازما قاله الفیومى.

الاعراب‏

جلیله و غلیظه مرفوعان على الفاعل للزوم فعلیهما، و الباء فى قوله سلک به للتعدیه، و فى قوله بطمأنینه بدنه للمصاحبه، و فى قوله بما استعمل للسببیه، و کلتا الأخیرتین متعلقتان بقوله ثبتت.

المعنى‏

اعلم أن هذا الکلام على غایه و جازته جامع لجمیع صفات العارف الکامل‏ و لکیفیه سلوکه و لمال أمره و لعمرى إنه لا یوجد کلام أوجز من هذا الکلام فی أداء هذا المعنی، و هو فی الحقیقه قطب دائره العرفان و علیه مدارها، و فی الایجاز الذی هو فن نفیس من علم البلاغه تالی کلام الملک الرحمن، مثل قوله: لکیلا تأسوا على ما فاتکم و لا تفرحوا بما آتاکم‏ الجامع للزهد کله و قوله «خذ العفو و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلین» الجامع لمکارم الأخلاق جمیعا، و شرحه یحتاج إلى بسط فی المقال بتوفیق الرب المتعال فأقول مستعینا بالله و بولیه علیه السلام:

قوله علیه السلام‏ (قد أحیا عقله و أمات نفسه) المراد بعقله العقل النظرى و العملی و بنفسه النفس الأماره بالسوء و المراد بحیاه الأول کونه منشئا للاثار المترتبه علیه مقتدرا على تحصیل الکمالات و المعارف الحقه و مکارم الأخلاق المحصله للقرب و الزلفی لدیه تعالى، و بموت الثانی بطلان تصرفاته و آثاره المبعده عنه عز و جل بحذافیره، فان الحیاه و الموت عباره اخرى عن الوجود و العدم لا أثر له أصلا.

و أراد باحیائه الأول و إماتته الثانی تقویته و تغلیبه له علیه بحیث یکون الأول بمنزله سلطان قادر قاهر یفعل ما یشاء و یحکم ما یرید، و الثانی بمنزله عبد ذلیل داخر مقهور لا یرید و لا یصدر إلا باذن مولاه.

و لا یحصل تقویه الأول و تذلیل الثانی إلا بملازمه الکمالات العقلانیه و المجاهده و الریاضه النفسانیه، و المجاهده عباره عن ذبح النفس بسیوف المخالفه کما قال تعالى‏ و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنه هی المأوى‏ و قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم لما بعث سریه و رجعوا: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر و بقى علیهم الجهاد الأکبر، فقیل: یا رسول الله و ما الجهاد الأکبر؟ قال:جهاد النفس.

و قال بعض أهل العرفان: جاهد نفسک بأسیاف الریاضه و الریاضه على أربعه أوجه القوت من الطعام، و الغمض من المنام، و الحاجه من الکلام، و حمل الأذى من جمیع الأنام، فیتولد من قله الطعام موت الشهوات، و من قله المنام صفو الارادات،

و من قله الکلام السلامه من الافات، و من احتمال الأذى البلوغ إلى الغایات و لیس على العبد شی‏ء أشد من الحلم عند الجفا، و الصبر على الأذى، و إذا تحرکت من النفس إراده الشهوات و الاثام و هاجت منها حلاوه فضول الکلام جردت علیهم سیوف قله الطعام من غمد التهجد و قله المنام و ضربتها بأیدى الخمول و قله الکلام حتى تنقطع عن الظلم و الانتقام فتأمن من بوائقها من بین سائر الأناء و تصفیها من ظله شهواتها فتنجو من غوائل آفاتها فتصیر عند ذلک نظیفه و نوریه خفیفه روحانیه، فتجول فی میدان الخیر و تسیر فی مسالک الطاعات کالفرس الفاره فی المیدان و کالمسلک المتنزه فی البستان.

و قال أیضا: أعداء الانسان ثلاثه: دنیاه، و شیطانه، و نفسه، فاحترس من الدنیا بالزهد فیها، و من الشیطان بمخالفته، و من النفس بترک الشهوات.

و تفصیل ذلک على ما قرر فی علم السلوک إن للسالک لطریق الحق المرید للوصول إلى حظیره القدس شروطا و وظایف لابد من ملازمتها.

أما الشروط التی لابد من تقدیمها فی الاراده فهی رفع الموانع و الحجب التی بینه و بین الحق، فان حرمان الخلق من الحق سببه تراکم الحجب و وقوع السد على الطریق قال الله تعالى‏ و جعلنا من بین أیدیهم سدا و من خلفهم سدا فأغشیناهم فهم لا یبصرون‏.

و السد بین المرید و بین الحق ثلاثه: المال، و الجاه، و المعصیه و رفع حجاب المال إنما یحصل بالخروج منه حتى لا یبقی منه إلا قدر الضروره فما دام یبقى له درهم ملتفت إلیه فهو مقید به محجوب عن الله عز و جل، و رفع حجاب الجاه إنما یحصل بالبعد من موضع الجاه و الهرب منه و ایثار خمول الذکر، و رفع حجاب المعصیه إنما یحصل بالتوبه و الندم على ما مضى من المعاصى و تدارک ما فات من العبادات و رد المظالم و إرضاء الخصوم و إذا قدم هذه الشروط فلا بد له من المواظبه على وظائف السلوک، و هى خمس: الجوع، و الصمت، و السهر، و العزله، و الذکر.

أما الجوع فانه ینقص دم القلب و یبیضه و یلطفه و فى بیاضه و تلطیفه نوره و یذیب شحم الفؤاد و فى ذوبانه رقته و رقته مفتاح انکشاف الحجب کما أن قساوته سبب الحجاب، و مهما نقص دم القلب ضاق مسلک العدو الشیطان فان مجاریه العروق الممتلئه بالشهوات، و لذلک قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: إن الشیطان یجرى من ابن آدم مجرى الدم فى العروق فضیقوا مجاریه بالجوع، أو قال بالصوم و فى حدیث آخر ألا اخبرکم بشى‏ء ان أنتم فعلتموه تباعد الشیطان منکم کما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى یا رسول الله، قال صلى الله علیه و آله و سلم: الصوم یسود وجهه الحدیث.

ففائده الجوع فى کسر شهوات المعاصى کلها و الاستیلاء على النفس الأماره بالسوء أمر ظاهر لأن منشأ المعاصى کلها الشهوات و القوى و ماده القوى و الشهوات لا محاله الأطعمه، فتقلیلها یضعف کل شهوه و قوه و یکسر سوره النفس الأماره کالدابه الجموح إذا شبعت شررت و جمحت لا یمکن ضبطها باللجام، و إذا جاعت ذللت و انقادت و بالجمله فالشبع یورث القسوه و الشهوه و السبعیه، و الجوع یوجب الرقه و انکسار الشهوه و الصوله، و هو مشاهد بالتجربه، و من هنا قیل: مفتاح الدنیا الشبع و مفتاح الاخره الجوع، و قال النبى صلى الله علیه و آله و سلم من أجاع بطنه عظم فکرته و فطن قلبه و قال أیضا أحیوا قلوبکم بقله الضحک و قله الشبع و طهروها بالجوع تصفو و ترق.

و أما الصمت فینبغى أن لا یتکلم إلا بقدر الضروره لأن الکلام یشغل القلب و میل القلوب إلى الکلام عظیم، فانه یستروح الیه و یستثقل التجرد للذکر و الفکر و فى الحدیث طوبى لمن أنفق فضول ماله و أمسک عن فضول کلامه، هذا فى الکلام المباح و أما الکلام الغیر المباح من الکذب و النمیمه و البهت و غیرها فبینه و بین السلوک إلى الحق بون بعید بعد المشرقین.

و أما السهر فانه یجلو القلب و یصفیه و ینوره و لذلک مدح الله سبحانه المستغفرین بالأسحار لأنها أوقات صفاء الذهن و نزول الرحمه و الألطاف الالهیه، فیضاف صفاء السهر إلی الصفاء الحاصل من الجوع فیصیر القلب کالکوکب الدرى و المرآه المجلوه مستعدا لافاضه الأنوار الالهیه، فیلوح فیه سبحات جمال الحق و یشاهد رفعه الدرجات الاخرویه و عظم خطرها و خسه الزخارف الدنیویه و حقارتها، فتتم بذلک رغبته عن الدنیا و شوقه إلى الاخره، و السهر أیضا من خواص الجوع و بالشبع غیر ممکن.

و أما العزله و الخلوه ففائدتها دفع الشواغل و ضبط السمع و البصر، فانهما دهلیز القلب و القلب بمنزله حوض تنصب إلیه میاه کریهه کدره من مجارى الحواس و المقصود بالریاضه تفریغ الحوض من المیاه الردغه و من الطین الحاصل منها فینفجر أصل الحوض فیبغ منه ماء نظیف سائغ صاف و لا یمکن نزح ماء الحوض و الأنهار إلیه مفتوحه فیتجدد فی کل حال أکثر مما ینقص.

قال الرضا علیه التحیه و الثناء إن أمیر المؤمنین علیه السلام کان یقول: طوبى لمن أخلص لله العباده و لم یشغل قلبه بما تراه عیناه و لم ینس ذکر الله بما تسمع اذناه الحدیث.فلا بد من ضبط الحواس إلا عن قدر الضروره و لا یتم ذلک إلا بالعزله و الخلوه.

قال بعض السیاحین: قلت لبعض الأبدال المنقطعین عن الخلق کیف الطریق إلى الحق؟ قال: أن تکون فی الدنیا کأنک عابر طریق، و قلت له مره: دلنى على عمل أجد قلبى فیه مع الله تعالى على الدوام، فقال لى: لا تنظر إلى الخلق فان النظر إلیهم ظلمه، قلت: لا بد لى من ذلک، قال: فلا تسمع کلامهم، فان فى سماع کلامهم قسوه، قلت: لابد لى من ذلک، قال: فلا تعاملهم فان معاملتهم وحشه، قلت: أنا بین أظهرهم لا بد لى من معاملتهم، قال: فلا تسکن إلیهم فان السکون إلیهم هلکه، قال:

قلت: هذا لعله یکون، قال یا هذا أتنظر إلى الغافلین و تسمع کلام الجاهلین و تعامل البطالین و ترید أن تجد قلبک مع الله تعالى على الدوام، و لا یمکن ذلک إلا بأن یخلو عن غیره و لا یخلو عن غیره إلا بطول المجاهده، و قد عرفت أن طریق المجاهده مضاده الشهوات و مخالفه هوى النفس، فاذا حصل للسالک هذه المقدمات اشتغل بذکر الله تعالى بالأذکار الشرعیه من الصلاه و تلاوه القرآن و الأدعیه المأثوره و التسبیح و التهلیل و غیر ذلک بلسانه و قلبه، فلا یزال یواظب علیها حتى لا یبقى على قلبه و لسانه‏

غیر ذکره تعالى، و لا یکون له منظور غیره أصلا، فعند ذلک یتجلى له من أنوار جماله و سبحات عظمته و جلاله ما لا یحیط به لسان الواصفین، و یقصر عنه نعت الناعتین.

هذا من الشرایط و الوظایف المقرره قد أشار إلیها أمیر المؤمنین علیه السلام فى مطاوى کلماته و خطبه المتقدمه و غیرها کثیرا.

مثل ما رواه فی الوسایل من أمالى ابن الشیخ قال روى ان أمیر المؤمنین علیه السلام خرج ذات لیله من المسجد و کانت لیله قمراء فأم الجبانه و لحقه جماعه تقفون أثره فوقف علیهم ثم قال علیه السلام: من أنتم؟ قالوا: شیعتک یا أمیر المؤمنین، فتفرس فی وجوههم قال: فمالى لا أرى علیکم سیماء الشیعه، قالوا: و ما سیماء الشیعه یا أمیر المؤمنین؟ قال علیه السلام: صفر الوجوه من السهر عمش العیون من البکاء حدب الظهور من القیام خمص البطون من الصیام ذبل الشفاه من الدعاء علیهم غبره الخاشعین.

و قال علیه السلام فی الخطبه الثانیه و الثمانین: فاتقوا الله تقاه ذى لب شغل التفکر قلبه و أنصب الخوف بدنه و أسهر التهجد غرار نومه و أظمأ الرجاء هواجر یومه و أظلف الزهد شهواته و أوجف الذکر بلسانه و قدم الخوف لابانه و تنکب المخالج عن وضح السبیل و سلک أقصد المسالک إلى النهج المطلوب‏.

و غیر ذلک مما تقدم فی ضمن خطبه المسوقه فى الحث على الزهد و التقوى و وصف حال المتقین و لا حاجه إلى الاعاده.

ثم لا یخفى علیک أن مطلوبیه الاعتزال و الخلوه إنما هى للفراغ للذکر و الخلوه و العباده و کون المعاشره مانعه منه، و أما إذا لم تکن المعاشره مانعه بل تبعثه على سلوک الصراط المستقیم کالجمعه و الجماعات و زیاره الاخوان المؤمنین و الاجتماع فى مجالس الذکر و نحوها فهى من أعظم العبادات، و سلوک نهج الحق على ما ذکرنا من الاداب و الوظایف هو المتلقى من صاحب الشرع.

و أما غیرها مما ذکره الصوفیه من الاداب و الوظایف فى المجاهده و الریاضه و کیفیه السلوک مثل قولهم بالجلوس فى بیت مظلم و الخلوه أربعین‏

یوما، و اشتراطهم الاعتصام بالشیخ و کون السلوک بارشاده، و قولهم بالمداومه على ذکر مخصوص ألقاه الشیخ إلى المرید من الأذکار الفتحیه أو غیرها نحوها من الأذکار المبتدعه أو من الأذکار الشرعیه لکن على هیئه مخصوصه و عدد مخصوص لم یرد به نص، و قولهم بأن المرید إذا تم مجاهدته و لم یبق فى قلبه علاقه تشغله یلزم قلبه على الدوام و یمنعه من تکثیر الأوراد الظاهره بل یقتصر على الفرائض و الرواتب و یکون ورده وردا واحدا و هو ملازمه القلب لذکر الله بعد الخلو عن ذکر غیره، فعند ذلک یلزمه الشیخ زاویه ینفرد بها و یلقنه ذکرا من الأذکار حتى یشغل به لسانه و قلبه فیجلس و یقول مثلا: الله الله أو سبحان الله سبحان الله أو ما یراه الشیخ من الکلمات فلا یزال یواظب علیه حتى تسقط حرکه اللسان و تکون الکلمه کأنها جاریه على اللسان من غیر تحریک، ثم لا یزال یواظب علیه حتى یسقط الأثر عن اللسان و تبقى صوره اللفظ فى القلب ثم لا یزال کذلک حتى یمحى عن القلب حروف اللفظ و صورته و تبقى حقیقه معناه لازمه للقلب حاضره معه غالبه علیه قد فرغ من کل ما سواه و نحو ذلک مما قالوه فشی‏ء منها لم یرد به اذن من الشارع بل هو من بدعاتهم التی أبدعوها اللهم إلا أن یستدل على الأخیر أعنى المواظبه على الذکر باللسان و القلب على ما وصل بعمومات أدله الاکثار من ذکر الله و التفکر فى الله.

إذا عرفت ذلک فلنرجع إلى شرح المتن فأقول:قوله علیه السلام‏ (حتى دق جلیله و لطف غلیظه) غایه لا ماتته لنفسه أولها و لا حیائه لعقله أیضا، و الجمله الثانیه إما مؤکده للاولى فالمعنى أن تکمیله لعقله و ترکه لشهوات نفسه انتهى إلى مرتبه أوجبت هزال جسمه و نحول بدنه، أو المراد بالجلیل أعضاؤه العظام کالرأس و الیدین و الفخذین و الساقین، و بالغلیظ غیرها، أو المراد بالأول عظامه و بالثانى جلده و أعصابه، أو بالأول بدنه و بالثانی قلبه.

و على أى معنی فالمقصود کونه ناحل الجسم ضعیف البدن إما من خوف الله تعالى و تحمله لمشاق العبادات أو لجوعه و کفه عن الأکل و الشرب و سایر الشهوات.

کما قال علیه السلام فى الخطبه المأه و الثانیه و التسعین فی وصف المتقین: قد براهم الخوف برى القداح ینظر الیهم الناظر فیحسبهم مرضى و ما بالقوم من مرض‏.

و قال فی الخطبه الثانیه و الثمانین: فاتقوا الله تقیه ذى لب شغل التفکر قلبه و أنصب الخوف بدنه‏، أى أمرضه و أتعبه.

و قال فى الخطبه المأه و التاسعه و الخمسین حکایه عن کلیم الله على نبینا و علیه السلام إذ یقول رب إنی لما أنزلت إلی من خیر فقیر: و الله ما سأله إلا خبزا یأکله لأنه کان یأکل بقله الأرض و لقد کانت خضره البقل ترى من شفیف صفاق بطنه لهزاله و تشذب لحمه‏.

و قوله علیه السلام‏ (و برق له لامع کثیر البرق) الظاهر أنه عطف على سابقه فیکون هو أیضا غایه لتکمیل عقله و جهاد نفسه یعنی أنه بلغ من کمال قوته النظریه و العملیه إلى مقام شروق الأنوار المعارف الالهیه على مرآه سره فصار مشاهدا بعین بصیرته أنوار قدسه و سبحات وجهه عین الیقین.

کما أشار علیه السلام إلیه فى الخطبه السادسه و الثمانین فى وصف أحب عباد الله تعالى إلیه عز و جل بقوله: فهو من الیقین على مثل ضوء الشمس‏.

و قال زین العابدین و سید الساجدین علیه السلام فی المناجاه التاسعه من المناجاه الخمس عشره و هى مناجاه المحبین: یا من أنوار قدسه لأبصار محبیه رائقه[۱] و سبحات وجهه لقلوب عارفیه شائفه[۲] و قال علیه السلام فى المناجاه الثانیه عشر منها و هى مناجاه العارفین: إلهى فاجعلنا من الذین ترسخت أشجار الشوق إلیک فى حدائق صدورهم، و أخذت لوعه محبتک بمجامع قلوبهم، فهم إلى أوکار الأفکار یأوون، و فى ریاض القرب و المکاشفه یرتعون، و من حیاض المحبه بکاس الملاطفه یکرعون، و شرایع المصافات یروون، قد کشف الغطاء عن أبصارهم، و انجلت ظلمه الریب عن عقائدهم فى ضمائرهم‏

و انتفت مخالجه الشک عن قلوبهم و سرائرهم، و انشرحت بتحقیق المعرفه صدورهم، و علت لسبق السعاده فى الزهاده هممهم، و عذب فى معین المعامله شربهم، و طاب فى مجلس الانس سرهم، و أمن فى موطن المخافه سربهم، و اطمأنت بالرجوع إلى رب الأرباب أنفسهم، و تیقنت بالفوز و الفلاح أرواحهم، و قرت بالنظر إلى محبوبهم أعینهم، و استقر بادراک السؤل و نیل المأمول قرارهم، هذا.

و لأهل السلوک و الصوفیه کلام طویل فى البروق اللامعه أسندوها إلى الشهود و المکاشفه.

قال الرئیس أبو على بن سینا فى محکى کلامه من الاشارات فى ذکر السالک إلى مرتبه العرفان ما لفظه:ثم إنه إذا بلغت به الریاضه و الاراده حدا ما عنت له خلسات من اطلاع نور الحق علیه لذیذه کأنها بروق تومض إلیه ثم تخمد عنه، و هى التى تسمى عندهم أوقاتا و کل وقت یکتنفه وجد الیه و وجد علیه، ثم إنه لیکثر علیه هذا الغواشى إذا أمعن فى الارتیاض، ثم إنه لیتوغل فى ذلک حتى یغشاه فى غیر الارتیاض فکلما لمح شیئا عاج منه إلى جانب القدس فتذکر من أمره أمرا فغشیه غاش فیکاد یرى الحق فی کلشی‏ء و لعله إلى هذا الجد تستولى علیه غواشیه و یزول عن سکینته و یتنبه جلیسه لاستنفاره عن قراره، فاذا طالت علیه الریاضه لم یستنفره غاشیه و هدى للتأنس بما هو فیه، ثم إنه لتبلغ به الریاضه مبلغا ینقلب له وقته سکینته فیصیر المخطوب ما لولا و الومیض شهابا بینا، و یحصل له معارفه مستقره کأنها صحبه مستمره و یستمتع فیها ببهجته فاذا انقلب عنها انقلب حیران أسفا.

و قال أبو القاسم القشیرى فى رساله القشیریه: المحاضره قبل المکاشفه فاذا حصلت المکاشفه فبعدها المشاهده و قال: هى أرفع الدرجات، فالمحاضره حضور القلب و قد تکون بتواترها البرهان و الانسان بعد وراء الستر و إن کان حاضرا باستیلاء سلطان الذکر، و أما المکاشفه فهى الحضور البین غیر مفتقر إلى تأمل الدلیل و تطلب السبیل، ثم المشاهده و هى وجود الحق من غیر بقاء تهمه و قال أیضا: هى ثلاث‏

مراتب: اللوایح، ثم اللوامع، ثم الطوالع، فاللوایح کالبروق ما ظهرت حتى استترت، ثم اللوامع و هى أظهر من اللوایح و لیس زوالها بتلک السرعه فقد تبقى وقتین و ثلاثه و لکن کما قیل: و العین باکیه لم تشبع النظر فأصحاب هذا المقام بین روح و توح لأنهم بین کشف و ستر یلمع ثم یقطع لا یستقر لهم نور النهار حتى تکر علیهم عساکر اللیل، ثم الطوالع و هى أبقى وقتا و أقوى سلطانا و أدوم مکثا و أذهب للظلمه و أنقى للتهمه.

و قال عمرو بن عثمان المکى: المشاهده أن تتوالى أنوار التجلى على القلب من غیر أن یتخللها ستر و لا انقطاع کما لو قدر اتصال البروق فى اللیله المظلمه فکما أنها تصیر بذلک فى ضوء النهار فکذلک القلب إذا دام له التجلى منع النهار فلا لیل و انشدوا شعرا:

لیلی بوجهک مشرق‏
و ظلامه فی الناس سار

و الناس فى سدف الظلام‏
و نحن فى ضوء النهار

و قال الشارح البحرانی قوله علیه السلام: و برق له لامع کثیر البروق‏ أشار باللامع‏ إلى ما یعرض للسالک عند بلوغ الاراده بالریاضه به حد أما من الخلسات إلى الجناب الأعلى فیظهر له أنوار إلهیه لذیذه شبیهه بالبرق فى سرعه لمعانه و اختفائه و تلک اللوامع مسماه عند أهل الطریقه أوقاتا و کل وقت فانه محفوف بوجد الیه ما قبله و وجد علیه ما بعده لأنه لما ذاق تلک اللذه ثم فارقها حصل فیه حنین و أنین الی ما فات منها، ثم إن هذه اللوامع فی مبدء الأمر تعرض له قلیلا فاذا أمعن فى الارتیاض کثرت فأشار علیه السلام، باللامع‏ إلى نفس ذلک النور و بکثره برقه الى کثره عروضه بعد الامعان فی الریاضه، انتهى.

و هو کما ترى محصل ما قدمنا حکایته عن الشیخ الرئیس و مثل هذه المقالات فى کتب المتصوفه کثیر لکنها لم یرد بها خبر من الأئمه علیهم السلام، مع أنهم رؤساء السالکین و أقطاب العارفین و نادر فى أخبارهم علیهم السلام مثل هذا الکلام لأمیر المؤمنین‏ علیه السلام الذى نحن فى شرحه، فانما هو من المجملات و حملها على ما یوافق مذاق أهل الشرع بأن یراد باللوامع أنوار العلوم الحقه و لوامع المعارف الالهیه البالغه إلى مرتبه الکمال و مقام عین الیقین و ببروقها فیضانها علیه من الحضره الأعلى أولى، و الله العالم بحقایق کلام ولیه.

و قوله علیه السلام‏ (فأبان له الطریق و سلک به السبیل) أى أظهر ذلک‏ البرق اللامع‏ و أوضح له الطریق المؤدى إلى رضوانه و سلک به السبیل المبلغ إلى جنانه و هو الطریق المطلوب من الله تعالى الاهتداء إلیه فى قوله: اهدنا الصراط المستقیم قال الصادق علیه السلام فى تفسیره: یعنى أرشدنا للزوم الطریق المؤدى إلى محبتک و المبلغ إلى جنتک و المانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب أو أن نأخذ بارائنا فنهلک.

و قال أمیر المؤمنین علیه السلام یعنى أدم لنا توفیقک الذى أطعناک به فى ماضى أیامنا حتى نطیعک کذلک فى مستقبل أعمارنا قال فى الصافى: لما کان العبد محتاجا إلى الهدایه فى جمیع أموره آنا فانا و لحظه فلحظه فادامه الهدایه هى هدایه أخرى بعد الهدایه الأولى فتفسیر الهدایه بادامتها لیس خروجا عن ظاهر اللفظ.

و فیه من معانى الأخبار عن الصادق علیه السلام هى الطریق إلى معرفه الله و هما صراطان صراط فى الدنیا و صراط فى الاخره فأما الصراط فى الدنیا فهو الامام المفترض الطاعه من عرفه فى الدنیا و اقتدى بهداه مر على الصراط الذى هو جسر جهنم فى الاخره، و من لم یعرفه فى الدنیا زلت قدمه عن الصراط فى الاخره فتردى فى نار جهنم.

قال الفاضل الفیض بعد نقله لتلک الأخبار: و مال الکل واحد عند العارفین بأسرارهم، و بیانه على قدر فهمک:أن لکل إنسان من ابتداء حدوثه إلى منتهى عمره انتقالات جبلیه باطنیه فی الکمال و حرکات نفسانیه و طبیعیه تنشؤ من تکرر الأعمال و تنشؤ منها المقامات و الأحوال، فلا یزال ینتقل من صوره إلى صوره و من خلق إلى خلق و من عقیده إلى عقیده و من حال إلى حال و من مقام إلى مقام و من کمال إلى کمال حتى یتصل بالعالم العقلی و المقربین و یلحق الملأ الأعلى و السابقین ان ساعده التوفیق و کان من الکاملین، أو بأصحاب الیمین إن کان من المتوسطین أو یحشر مع الشیاطین و أصحاب الشمال إن ولاه الشیطان و قارنه الخذلان فی المال، و هذا معنى الصراط و المستقیم منه إذا سلکه سالکه وصله إلى الجنه و هو ما یشتمل علیه الشرع کما قال الله عز و جل‏ و إنک لتهدی إلى صراط مستقیم صراط الله‏ و هو صراط التوحید و المعرفه و التوسط بین الأضداد فی الأخلاق و التزام صوالح الأعمال، و بالجمله صوره الهدى الذی أنشأه المؤمن لنفسه ما دام فی دار الدنیا مقتدیا فیه بهدى إمامه و هو أدق من الشعر و أحد من السیف فی المعنى مظلم لا یهتدى إلا من جعل الله له نورا کما یمشى به فی الناس یسعى علیها على قدر أنوارهم، انتهى.

فان قلت: إن العارف إذا أحیا عقله و أمات نفسه فیکون واقعا قصد على الطریق و سالکا للسبیل البته فما معنى قوله علیه السلام: فأبان له الطریق‏ آه، فان ظاهره بمقتضى افاده الفاء للترتیب کون وضوحها و ظهورها و سلوکها مترتبا على الاحیاء و الاماته.

قلت: و إن کان المکمل لعقله و المجاهد لنفسه سالکا سبیل الحق، لکن فی سلوک هذا السبیل احتمال خلجان الشک و طریان القواطع عن سلوکه بعروض الوساوس الشیطانیه کما قال الله تعالى حکایه عنه‏ قال فبما أغویتنی لأقعدن لهم صراطک المستقیم ثم لآتینهم من بین أیدیهم و من خلفهم و عن أیمانهم و عن شمائلهم و لا تجد أکثرهم شاکرین‏ و أما بعد ما أکمل عقله بعلم الیقین و أمات نفسه و استنار قلبه بأنوار العلم و المعارف و تجلى علیه اللوامع الغیبیه و الألطاف الالهیه و بلغ فی الکمال إلى مرتبه عین الیقین فانه یشاهد حینئذ بعین بصیرته الصراط المستقیم الذى هو سبیل مقیم، و یکون مشیه و سلوکه فیه بذلک النور الذی تجلى له کما قال تعالى‏ یا أیها الذین آمنوا اتقوا الله و آمنوابرسوله یؤتکم کفلین من رحمته و یجعل لکم نورا تمشون به‏ و إذا کان سلوکه به فلا یضل و لا یشقى و لحق بالملاء الأعلى.

(و تدافعته الأبواب إلى باب السلامه و دار الاقامه) الظاهر أن المراد بالأبواب‏ مقامات العارفین و درجات السالکین اللاتى بعضها فوق بعض، و أراد بتدافعها إیاه ترقیه من مقام إلى مقام و من درجه إلى درجه إلى أن ینتهى ترقیاته إلى مرتبه حق الیقین.

فوصل به الصراط الأقوم إلى باب الله الأعظم الذى من دخل منه کان سالما فى الدنیا من المعاطب و المهالک و من الزیغ و الضلال، و سالما فی الاخره من الخزى و النکال، و هو فی الحقیقه باب دار السلام الموعود للمذکرین فی قوله‏ و هذا صراط ربک مستقیما قد فصلنا الآیات لقوم یذکرون لهم دار السلام عند ربهم و هو ولیهم بما کانوا یعملون‏ و المدعو إلیه فی قوله «و الله یدعوا إلى دار السلام و یهدی من یشاء إلى صراط مستقیم‏» أى دار السلامه الدائمه من کل آفه و بلیه مما یلقاه أهل النار و العذاب.

و وصل به أیضا إلى دار الاقامه و هی دار المخلصین فی التوحید فی الدنیا و المقیمین علیه و هم «الذین قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل علیهم الملائکه ألا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنه التى کنتم توعدون» و الجنات المخصوصه فی الاخره و هی‏ جنات عدن یدخلونها یحلون فیها من أساور من ذهب و لؤلؤا و لباسهم فیها حریر و قالوا الحمد لله الذی أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شکور الذی أحلنا دار المقامه من فضله لا یمسنا فیها نصب و لا یمسنا فیها لغوب‏.

قال فی التفسیر: جنات عدن أى جنات إقامه و خلد و هى بطنان الجنه أى وسطها، و قیل: هى مدینه فی الجنه فیها الرسل و الأنبیاء و الشهداء و أئمه الهدى و الناس حولهم و الجنان حولها، و قیل: إن عدن أعلى درجه فی الجنه و فیها عین التسنیم و الجنان حولها محدقه بها و هی مغطاه من یوم خلقها الله حتى ینزلها أهلها الأنبیاء و الصدیقون و الشهداء و الصالحون و من شاء الله.

کنایه‏ (و ثبتت رجلاه بطمأنینه بدنه فی قرار الأمن و الراحه) یعنى أنه بعد اندفاعه إلى باب السلامه و دار الاقامه التی هی مقر الأمن و الراحه استقر فیها، و ثبوت رجلیه کنایه عنه و حصل له برد الیقین الموجب للطمأنینه الکامله و هو منتهى سیر السالکین و غایه غایات المریدین و آخر مقامات العارفین، و أعلى درجات المقربین.

و هو الذى أشار إلیه سید الساجدین علیه السلام فیما قدمنا حکایته عنه علیه السلام قریبا بقوله فی وصف العارفین: و طاب فی مجلس الانس سرهم و أمن فى موطن المخافه سربهم و اطمأنت بالرجوع إلى رب الأرباب أنفسهم و تیقنت بالفوز و الفلاح أرواحهم و قرت بالنظر إلى محبوبهم أعینهم و استقر بادراک السؤل و نیل المأمول قرارهم قال الشارح البحرانى: قوله: و ثبتت رجلاه‏ آه إشاره إلى الطور الثانی للسالک فانه ما دام فی مرتبه الوقت یعرض لبدنه عند لمعان تلک البروق فی سره اضطراب و قلق، لأن النفس إذا فاجاها أمر عظیم اضطربت و تقلقلت، فاذا کثرت تلک الغواشی ألقتها بحیث لا تنزعج عنها و لا یضطرب لورودها علیها البدن بل یسکن و یطمئن لثبوت قدم عقله فی درجه أعلى من درجات الجنه التی هی‏ قرار الأمن و الراحه من عذاب الله. انتهى.

و هو متفرع على ما قدمنا حکایته عن المتصوفه فی شرح البروق اللامعه، و کلام السجاد علیه السلام غیر خال عن الاشاره إلیه.

و یجوز أن یراد بقرار الأمن و الراحه جنه الاخره کما قال علیه السلام فی الخطبه المأه و الثانیه و التسعین فی وصف المتقین: صبروا أیاما قصیره أعقبتهم راحه طویله تجاره مربحه یسرها لهم ربهم‏.

و قال تعالى‏ أولئک یجزون الغرفه بما صبروا و یلقون فیها تحیه و سلاما خالدین فیها حسنت مستقرا و مقاما و قال‏ و الملائکه یدخلون علیهم من کل باب سلام علیکم بما صبرتم فنعم عقبى الدار و قال‏ إن المتقین فی جنات و عیون ادخلوها بسلام آمنین‏ أى یقال لهم: ادخلوا الجنات بسلامه من الافات‏

و براءه من المکاره و المضرات آمنین من الاخراج منها ساکنى النفس إلى انتفاء الضرر فیها قال الزجاج: السلام اسم جامع لکل خیر لأنه یتضمن السلامه و قول الملائکه ادخلوها بسلام بشاره لهم بعظیم الثواب.

و ذلک کله‏ (بما استعمل قلبه و أرضى ربه) أى حصول ذلک المقام العالى و نیل تلک الکرامات العظیمه له إنما هو بسبب استعمال قلبه فی الذکر و التفکر فی الله و إرضائه لربه بالمجاهده و الریاضات و الملازمه على الطاعات و القربات، بل خلوه عن الارادات و المرادات فی جمیع الحالات و جعل رضاه تابعا لرضى مولاه لا یشاء شیئا إلا أن یشاء الله.

فینادى من عند رب العزه بنداء یا أیتها النفس المطمئنه ارجعی إلى ربک راضیه مرضیه فادخلی فی عبادی و ادخلی جنتی‏ و یدخل فی حزب من قال تعالى فیهم‏ إن الذین آمنوا و عملوا الصالحات أولئک هم خیر البریه جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجری من تحتها الأنهار خالدین فیها أبدا رضی الله عنهم و رضوا عنه ذلک لمن خشی ربه‏ دعواهم فیها سبحانک اللهم و تحیتهم فیها سلام و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمین‏.

الترجمه

از جمله کلام آن امام عالی مقام است علیه الصلاه و السلام در وصف عارف بحق مى ‏فرماید:

بتحقیق زنده کرده است او عقل خود را، و کشته است نفس خود را تا این که ضعیف و تحیف شده أعضاى بزرک او، و لطافت پیدا نموده اجزاى درشت او، و برق زده بقلب او نور ساطعى که بغایت براقست، پس ظاهر گردانیده آن نور از براى او راه حق را، و راه رفته بروشنى او در راه حق، و دفع کرده او را درهاى فضل و کرامت بسوى در سلامت و خانه خلود و اقامت، و محکم شده پاهاى او با اطمینان و آرامى بدن او در قرارگاه ایمنى و استراحت بسبب استعمال قلب خود در تفکر و معرفت، و راضى نمودن پروردگار خود را با جهاد نفس و مواظبت‏ طاعت و عبادت.[۳]

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

__________________________________________________________

[۱] ( ۱)- الروق الصافى من الماء و غیره و العجب.

[۲] ( ۲)- شفته شوفا جلوته و دینار مشوف مجلو.

[۳] هاشمى خویى، میرزا حبیب الله، منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه (خوئى) – تهران، چاپ: چهارم، ۱۴۰۰ ق.

 

 

بازدیدها: ۱۳۱

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۷ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۱۹ صبحی صالح

۲۱۹- و من کلام له ( علیه‏ السلام  ) لما مر بطلحه بن عبد الله و عبد الرحمن بن عتاب بن أسید و هما قتیلان یوم الجمل‏

لَقَدْ أَصْبَحَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْمَکَانِ غَرِیباً أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ کُنْتُ أَکْرَهُ أَنْ تَکُونَ قُرَیْشٌ قَتْلَى تَحْتَ بُطُونِ الْکَوَاکِبِ أَدْرَکْتُ وَتْرِی مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ أَفْلَتَتْنِی أَعْیَانُ بَنِی جُمَحَ لَقَدْ أَتْلَعُوا أَعْنَاقَهُمْ إِلَى أَمْرٍ لَمْ یَکُونُوا أَهْلَهُ فَوُقِصُوا دُونَهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من کلام له علیه السلام و هو الماتان و السابع عشر من المختار فى باب الخطب‏

لما مر بطلحه و عبد الرحمن بن عتاب بن اسید و هما قتیلان یوم الجمل:

لقد أصبح أبو محمد بهذا المکان غریبا، أما و الله لقد کنت أکره أن تکون قریش قتلى تحت بطون الکواکب، أدرکت وتری من بنی عبد مناف، و أفلتتنی أعیان بنی جمح، لقد أتلعوا أعناقهم إلى‏ أمر لم یکونوا أهله، فوقصوا دونه.

اللغه

(قریش) قبیله و أبوهم النضر بن کنانه و من لم یلده فلیس بقرشی، و قیل:

قریش هو فهد بن مالک و من لم یلده فلیس بقرشی، و أصل القرش الجمع و تقرشوا إذا تجمعوا و بذلک سمیت قریش لاجتماعها بعد تفرقها فی البلاد، و قیل قریش دابه تسکن البحر و به سمى الرجل قال الشاعر:

و قریش هى التی تسکن البحر
بها سمیت قریش قریشا

قالوا: إن النضر بن کنانه رکب فی البحر الهند فقالوا قریش کسرت مرکبنا فرماها النضر بالحراب فقتلها و حز رأسها و کان لها اذان کالشراع تأکل و لا تؤکل و تعلو و لا تعلى فقدم به مکه فنصبه على أبی قبیس فکان الناس یتعجبون من عظمه فیقولون: قتل النضر قریشا فکسر الاستعمال حتى سموا النضر قریش و قیل فی وجه التسمیه وجوه اخر لا حاجه إلى ذکرها.

و (القتلى) جمع قتیل کالجرحى و جریح و (الوتر) بکسر الواو الجنایه التی یجبیها الرجل على غیره من قتل أو نهب أو سبى و (أفلت) الطائر و غیره افلاتا تخلص و أفلته أنا إذا أطلقته و خلصته یستعمل لازما و متعدیا و اتفلت و تفلت خرج بسرعه و (الأعیان) بالنون الرؤساء و الأشراف، و فی بعض النسخ بالراء المهمله جمع العیر بفتح العین و جمع الجمع عیارات و العیر الحمار و غلب على الوحشى و یقال أیضا للسید و الملک.

و (بنى جمح) فی نسخه الشارح المعتزلی بضم الجیم و فتح المیم، و فی بعض النسخ بسکون المیم و ما ظفرت بعد على ضبطه فیما عندی من کتب اللغه و (التلع) محرکه طول العنق و تلع الرجل من باب کرم و فرح طال عنقه فهو اتلع و تلیع و تلع الرجل من باب منع أخرج رأسه من کلشی‏ء کان فیه و اتلع مد عنقه متطاولا و (وقص) عنقه کوعد کسرها فوقصت یستعمل لازما و متعدیا و وقص الرجل بالبناء على المفعول فهو موقوص‏.

الاعراب‏

الباء فی قوله علیه السلام بهذا المکان بمعنى فى، و فی قوله أفلتتنى على الحذف و الایصال أى أفلتت منى، و قوله أهله بالنصب على أنه خبر کان و یحتمل الانتصاب بحذف الجار فیکون الجار و المجرور خبرا لها أى لم یکونوا من أهله.

المعنى‏

اعلم أن هذا الکلام‏ حسبما أشار إلیه الرضى تکلم به عند تطوافه على القتلى بعد انقضاء الحرب فانه‏ (لما مر بطلحه) بن عبید الله بن عثمان بن عمرو بن کعب ابن سعد بن تیم بن مره (و عبد الرحمن بن عتاب بن اسید) بن أبی العیص بن امیه ابن عبد شمس‏ (و هما قتیلان یوم الجمل) وقف على جسد طلحه و قال:(لقد أصبح أبو محمد) و هو کنیه طلحه (بهذا المکان غریبا) و وقف على جسد عبد الرحمن بن عتاب‏ و قال: لهفى علیک یعسوب قریش هذا فتى الفتیان هذا اللباب المحض من بنى عبد مناف شفیت نفسى و قتلت معشرى إلى الله عجرى و یجرى، فقال له قائل: لشد ما أطریت الفتى یا أمیر المؤمنین منذ الیوم قال علیه السلام إنه قام عنى و عنه نسوه لم یقمن عنک، هکذا نقله الشارح المعتزلی، و قال أیضا: و عبد الرحمن هذا هو الذی احتملت العقاب کفه یوم الجمل و فیها خاتمه فألقتها بالیمامه فعرفت بخاتمه و عرف أهل الیمامه بالوقعه، و قال أیضا: إنه لیس بصحابى و لکنه من التابعین و أبوه عتاب بن اسید من مسلمه الفتح، و لما خرج رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم من مکه إلى حنین استعمله علیها فلم یزل أمیرها حتى قبض رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم.

ثم أقسم بالقسم البار فقال‏ (أما و الله لقد کنت أکره أن تکون قریش قتلى تحت بطون الکواکب) أى مقتولین فی معارک القتال مصر و عین تحت السماء فی الأودیه و الفلوات بحاله الذل و الایتذال لا یکنهم کن و لا یوارى أجسادهم سقف و لا ظلال.

و إنما استکره علیه السلام قتلهم لأن المطلوب الذاتى للأنبیاء و الأولیاء علیهم السلام‏

جذب الخلق إلى الحق و هدایتهم إلى الصراط المستقیم و استقامه امورهم فی المعاش و الماب و حصول هذا المطلوب إنما هو بوجودهم و حیاتهم، فاهتداؤهم بنور هدایته یکون أحب إلیه من موتهم على الضلال.

و لذلک انه علیه السلام لما استبطأ أصحابه اذنه لهم فی القتال بصفین أجاب لهم بقوله المتقدم فی الکلام الرابع و الخمسین: و أما قولکم شکا فی أهل الشام فو الله ما دفعت الحرب یوما إلا و أنا أطمع أن تلحق بى طائفه فتهتدى بى و تعشو إلى ضوئى و ذلک أحب إلى من أن أقتلها على ضلالها و إن کانت تبوء باثامها.

و تخصیص قریش بالذکر لاقتضاء المقام و لمزید حبه لاهتدائهم بملاحظه الرحم و القرابه.

و قوله‏ (ادرکت و ترى من بنى عبد مناف) قال الراوندی فی محکى کلامه:یعنى طلحه و الزبیر کانا من بنى عبد مناف‏ و اعترض علیه الشارح المعتزلی بأن طلحه من تیم بن مره و الزبیر من أسد بن عبد العزى بن قصى، و لیس منهما أحد من بنى عبد مناف و ولد عبد مناف أربعه: هاشم، و عبد شمس، و نوفل، و المطلب، فکل من لم یکن من ولد عبد هؤلاء الأربعه، فلیس من ولد عبد مناف، و رد بأنهما من بنى عبد مناف من قبل الأم لا من قبل الأب.

و کیف کان فالمراد بقوله علیه السلام‏ ادرکت و ترى‏ أدرکت جنایتى التی جناها على‏ بنو عبد مناف‏، و المراد بتلک الجنایه ما فعلوها بالبصره من قتل النفوس، و نهب بیت المال و غیرها مما کان راجعا إلیه علیه السلام فان الجنایه على شیعته و بیت ماله جنایه علیه.

استعاره بالکنایه و قوله‏ (و أفلتتنى أعیان بنى جمح) أى ساداتهم و أوتادهم و على کون أعیار جمع عیر بمعنى الحمار فهى استعاره بالکنایه حیث شبهوا بحمر مستنفره فرت من قسوره.

قال الشارح المعتزلی: بنو جمح من بنى حصیص بن کعب بن لوى بن غالب و اسم جمح تیم بن عمرو بن حصیص، و قد کان مع عایشه منهم یوم الجمل جماعه هربوا و لم یقتل منهم إلا اثنان فمن هرب و نجا بنفسه منهم عبد الله الطویل ابن صفوان بن امیه بن خلف بن وهب بن حذافه بن جمح، و منهم یحیى بن حکیم بن صفوان بن امیه بن خلف، و منهم عامر بن مسعود بن امیه بن خلف کان یسمى دحروجه الجعل لقصره و سواده، و منهم أیوب بن حبیب بن علقمه بن ربیعه الأعور ابن اهیب بن حذافه بن جمح، و قتل من بنى جمح مع عایشه عبد الرحمن بن وهب بن اسید بن خلف بن وهب بن حذافه و عبد الله بن ربیعه بن دراج بن العنبس بن دهیان ابن وهب بن حذافه لا أعرف من بنى جمح انه قتل ذلک الیوم منهم غیرهما.

کنایه‏ (لقد اتلعوا أعناقهم إلى أمر لم یکونوا أهله) أى مدت قریش بالتطاول أعناقهم إلى الخلافه مع عدم استحقاقهم و أهلیتهم لها (فوقصوا دونه) أى کسرت أعناقهم و اندقت عند ذلک الأمر و هو کنایه عن عدم نیلهم إلى المقصود و قتلهم قبل وصوله، خسروا الدنیا و الاخره ذلک هو الخسران المبین.

تذییل‏

روى فی البحار من الکافیه فی إبطال توبه الخاطئه قال: روى خالد بن مخلد عن زیاد بن المنذر عن أبی جعفر علیه السلام عن آبائه علیهم السلام قال: مر أمیر المؤمنین علیه السلام على طلحه و هو صریع فقال: أجلسوه، فاجلس، فقال: أم و الله لقد کانت لک صحبه و لقد شهدت و سمعت و رأیت و لکن الشیطان أزاغک و أما لک فأوردک جهنم.

و قد قدمنا هذه الروایه فی شرح الکلام الثانی عشر و کررنا هنا باقتضاء المقام و تقدمت أیضا هناک مطالب نفیسه من أراد الاطلاع فلیراجع ثمه هذا.

و فى الارشاد و من کلامه علیه السلام عند تطوافه على القتلى: هذه قریش جدعت أنفى و شفیت نفسى لقد تقدمت إلیکم احذرکم عض السیف و کنتم أحداثا لا علم لکم بما ترون، و لکنه الحین و سوء المصرع و أعوذ بالله من سوء المصرع ثم مر على معید بن المقداد فقال: رحم الله أبا هذا لو کان حیا لکان رأیه أحسن من رأى هذا، فقال عمار بن یاسر: الحمد لله الذى أوقعه و جعل خده الأسفل‏

أما و الله یا أمیر المؤمنین لا نبالى من عند عن الحق من والد و ولد، فقال أمیر المؤمنین علیه السلام: رحمک الله و جزاک عن الحق خیرا.

و مر بعبد الله بن ربیعه بن دراج فی القتلی فقال: هذا البائس ما کان أخرجه أدین أخرجه أم نصر لعثمان؟ و الله ما کان رأى عثمان فیه و لا فی أبیه بحسن.

ثم مر بمعبد بن زهیر بن أبی امیه فقال: لو کانت الفتنه برأس الثریا لتناولها هذا الغلام و الله ما کان فیها بذى نخیره و لقد أخبرنی من أدرکه و أنه لیولول فره من السیف.

ثم مر بمسلم بن قرظه فقال: البر أخرج هذا و الله لقد کلمنی أن أکلم عثمان فی شی‏ء کان یدعیه قبله بمکه فأعطاه عثمان و قال: لولا أنت ما اعطیته ان هذا ما علمت بئس أخو العشیره ثم جاء المشوم للحین ینصر عثمان.

ثم مر بعبد الله بن حمید بن زهیر فقال: هذا أیضا ممن أوضع فی قتالنا زعم یطلب الله بذلک و لقد کتب إلى کتبا یؤذى عثمان فیها فأعطاه شیئا فرضى عنه.

ثم مر بعبد الله بن حکیم بن حزام فقال، هذا خالف أباه فی الخروج و أبوه حین لم ینصرنا قد أحسن فی بیعته لنا و إن کان قد کف و جلس حین شک فی القتال ما ألوم الیوم من کف عنا و عن غیرنا، و لکن الملیم الذى یقاتلنا ثم مر علیه السلام بعبد الله بن المغیره بن الأخنس فقال: أما هذا فقتل أبوه یوم قتل عثمان فی الدار فخرج مغضبا لقتل أبیه و هو غلام حدث جبن لقتله.

ثم مر علیه السلام بعبد الله بن أبی عثمان بن الأخنس بن شریق فقال: اما هذا فکأنی أنظر إلیه و قد أخذ القوم السیوف هاربا یعد و من الصف فنهنهت عنه فلم یسمع من نهنهت حتى قتله و کان هذا مما خفى على فتیان قریش اغمار لا علم لهم بالحرب خدعوا و استزلوا فلما وقفوا لججوا فقتلوا ثم مشى قلیلا فمر بکعب بن سور فقال: هذا الذى خرج علینا فی عنقه المصحف یزعم أنه ناصر امه یدعو الناس إلى ما فیه و هو لا یعلم ما فیه، ثم استفتح فخاب کل جبار عنید اما أنه دعا الله أن یقتلنی فقتله الله، اجلسوا کعب بن سور

فاجلس فقال له أمیر المؤمنین: یا کعب لقد وجدت ما وعدنى ربى حقا فهل وجدت ما وعدک ربک حقا؟ ثم قال علیه السلام: اضجعوا کعبا.

و مر على طلحه بن عبید الله فقال: هذا الناکث بیعتی و المنشی‏ء الفتنه فی الأمه و المجلب على و الداعی إلى قتلى و قتل عترتی اجلسوا طلحه بن عبید الله، فأجلس، فقال له أمیر المؤمنین علیه السلام: یا طلحه قد وجدت ما وعدنی ربى حقا فهل وجدت ما وعدک ربک حقا؟ ثم قال علیه السلام: اضجعوا طلحه.

و سار فقال له علیه السلام بعض من کان معه: أتکلم کعبا و طلحه بعد قتلهما؟ فقال علیه الصلاه و السلام: و الله لقد سمعوا کلامى کما سمع أهل القلیب کلام رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم یوم بدر.

ایضاح‏

قوله «جدعت أنفى» أى قطعت و الفاعل راجع إلى قریش و هو کنایه عن جنایتهم التی جنوها علیه علیه السلام حسبما عرفت فى شرح المتن، و قال المحدث العلامه المجلسى: جدعت أنفى أى لم أکن احب قتل هؤلاء و هم من قبیلتى و عشیرتى و لکن اضطررت إلى ذلک، انتهى، و على تفسیره فجدعت بصیغه المتکلم و الأظهر أنه بصیغه الغائب کما قلناه و «العض» المسک بالأسنان فاستعیر لحد السیف و «الحین» الهلاک.

قوله «ما کان بذى نخیره» النخیر صوت بالأنف أى کان یقیم الفتنه لکن لم یکن بعد قیامها صوت و حرکه بل کان یخاف.

قوله «و یولول» یقال و لولت المرأه أعولت و الفرق شده الفزع قوله «هذا ما علمت» أى فیما علمت و فى علمى قوله «ممن اوضع» على البناء على الفاعل أى رکض دابته و أسرع أو على البناء على المفعول، قال الجوهرى: وضع الرجل فى تجارته و اوضع على ما لم یسم فاعله فیهما أى خسر و «الملیم» المذموم قوله «فنهنهت عنه» أى کففت و زجرت.

قوله «و کان هذا مما خفى على آه» قال العلامه المجلسى: أى لم أعلم‏

بوقت قتله فتیان قریش مبتدأ و «الاغمار» جمع غمر بالضم و بضمتین و هو الذین لم یجرب الأمور انتهى.

«و لجج» السیف یلجج لججا من باب تعب أى نشب فلا یخرج و مکان لجج ضیق.

و «کعب بن سور» قاضى البصره ولاه عمر بن الخطاب على قضائها فلم یزل علیها حتى قتل عثمان فلما کان یوم الجمل خرج مع أهل البصره و فى عنقه مصحف فقتل هو یومئذ و ثلاثه اخوه له أو أربعه فجاءت أمهم فوجدتهم فى القتلى فحملتهم و جعلت تقول:

أیا عین ابکى بدمع سرب‏
على فتیه من خیار العرب

‏فما ضرهم غیر جبن النفوس
‏و أى امرء لقریش غلب‏

قوله «ثم استفتح» تلمیح إلى قوله تعالى: و استفتحوا فخاب کل جبار عنید، أى سألوا من الله الفتح على أعدائهم و «اجلب» علیه الناس أى حرضهم و جمعهم و «القلیب» البئر التی لم تطو یذکر و یؤنث و کان حفر یوم بدر قلیب القى فیه القتلى من الکفار.

الترجمه

از جمله کلام آن امام است علیه و آله السلام وقتى که مرور کرد به طلحه و عبد الرحمن بن عتاب بن اسید در حالتى که کشته شده بودند در روز جنگ جمل مى ‏فرماید:

هر آینه بتحقیق صباح کرد أبو محمد یعنى طلحه در این مکان در حالتى که غریبست آگاه باش قسم بخدا بتحقیق بودم من ناخوش مى‏ گرفتم این که شوند طایفه قریش کشته شدگان در زیر شکم ستارگان، دریافت نمودم جنایت خود را از پسران عبد مناف و رمیدند و گریختند از من اشراف و بزرگان قبیله جمح، بتحقیق دراز کردند ایشان یعنى قریش گردنهاى خودشان را بسوى چیزى که أهل آن نبودند، یعنى طلب خلافت نمودند بدون استحقاق پس شکسته شد گردنهاى ایشان نزد آن چیز

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

 

 

 

بازدیدها: ۴۳

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۶ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۱۷ صبحی صالح

۲۱۷- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) فی التظلم و التشکی من قریش‏

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْتَعْدِیکَ عَلَى قُرَیْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِی وَ أَکْفَئُوا إِنَائِی وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِی حَقّاً کُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَیْرِی

وَ قَالُوا أَلَا إِنَّ فِی الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِی الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ فَاصْبِرْ مَغْمُوماً أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً

فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَیْسَ لِی رَافِدٌ وَ لَا ذَابٌّ وَ لَا مُسَاعِدٌ إِلَّا أَهْلَ بَیْتِی

فَضَنَنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَنِیَّهِ فَأَغْضَیْتُ عَلَى الْقَذَى وَ جَرِعْتُ رِیقِی عَلَى الشَّجَا وَ صَبَرْتُ مِنْ کَظْمِ الْغَیْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ وَ آلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ وَخْزِ الشِّفَارِ

قال الشریف رضی الله عنه و قد مضى هذا الکلام فی أثناء خطبه متقدمه إلا أنی ذکرته هاهنا لاختلاف الروایتین

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من کلام له علیه السلام و هو المأتان و السادس عشر من المختار فى باب الخطب‏

و هو ملتقط من کلام طویل قدمنا روایته فی شرح الفصل الثالث من الخطبه السادسه و العشرین: اللهم إنى أستعدیک على قریش فإنهم قد قطعوا رحمی، و اکفئوا إنائی، و أجمعوا على منازعتی حقا کنت أولى به من غیری، و قالوا: ألا إن فی الحق أن تأخذه و فی الحق أن تمنعه،فاصبر مغموما، أو مت متأسفا، فنظرت فإذا لیس لی رافد، و لا ذاب، و لا مساعد إلا أهل بیتی، فضننت بهم عن المنیه، فأغضیت على القذى، و جرعت ریقی على الشجى، و صبرت من کظم الغیظ على أمر من العلقم، و الم للقلب من حز الشفار، و قد مضى هذا الکلام فی أثناء خطبه متقدمه إلا أنی کررته هاهنا لاختلاف الروایتین.

و منه فى ذکر السائرین الى البصره لحربه علیه السلام‏ فقدموا على عمالی و خزان بیت مال المسلمین الذی فی یدی، و على أهل مصر کلهم فی طاعتی، و على بیعتی، فشتتوا کلمتهم، و أفسدوا علی جماعتهم، و وثبوا على شیعتی فقتلوا طائفه منهم غدرا، و طائفه منهم عضوا على أسیافهم، فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقین.

اللغه

(الاستعداء) الاستعانه و الاستنصار، و قال الشارح المعتزلی: العدوى طلبک إلى وال أن یعدیک على من ظلمک أى ینتقم لک منه یقال استعدیت الأمیر على فلان فأعدانی أى استعنت به علیه فأعاننی و (کفاء) الاناء من باب منع قلبته و کبته و (تأخذه) و (تمنعه) بالتاء المثناه فیهما و الأول بصیغه المعلوم و الثانی بصیغه المجهول و فی بعض النسخ بالنون بصیغه المتکلم و المروى عن خط الرضی هو الأول.

و (رفده) رفدا من باب ضرب أعانه و أعطاه فهو رافد و (ضن) بالشی‏ء یضن من باب تعب و ضرب بخل به و (أغضیت) على کذا أى صبرت و سکت و (القذى) ما یقع فی العین من تراب و غیره و (الشجی) ما اعترض فى الحلق من عظم و نحوه و (العلقم) شجر شدید المراره و (الحز) القطع و فى بعض النسخ ذخر الشفار و هو الطعن الخفیف‏ بالرمح و غیره و (الشفار) جمع الشفره و هو السکین العظیم و ما عرض و حد من الحدید و جانب النصل و حد السیف.

الاعراب‏

قوله حقا منصوب بنزع الخافض أى لحق أو فی حق و على الأول فمتعلق بأجمعوا و على الثانی بعلى منازعتی، و على فی قوله على القذى و على الشجى و على أمر جمیعا للاستعلاء المجازى قوله: و طائفه منهم عضوا برفع طائفه على الابتداء، و جمله عضوا خبره، و فی نسخه الشارح المعتزلی و طائفه عضوا بالنصب على العطف فتکون جمله عضوا صفه.

المعنى‏

اعلم أنک قد عرفت فی شرح الفصل الثالث من الخطبه السادسه و العشرین أن هذا الکلام من جمله فصول‏ کلام‏ طویل له علیه السلام قدمنا روایته هناک، و ظهر لک ثمه أن هذا الفصل منه وارد فی اقتصاص مجلس الشورى و التظلم‏ من ازواء الخلافه عنه علیه السلام إلى عثمان‏ و التشکى‏ إلى الله عز و جل فی ذلک.

إذا عرفت ذلک فأقول: قوله‏ (اللهم إنی أستعدیک على قریش) أى أطلب منک الاعانه و النصره علیهم و الانتقام منهم‏ (فانهم قد قطعوا رحمی) أى قرابتی قال الشارح المعتزلی أى أجرونی مجرى الأجانب و یجوز أن یرید أنهم عدونی کالأجنبی من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، و یجوز أن یرید أنهم جعلونی کالأجنبی منهم لا ینصرونی و لا یقومون بأمرى.

استعاره‏ (و اکفئوا إنائی) و هو استعاره لابطال حقه فان قلب الاناء بما فیه یوجب إضاعته و کذلک إبطال الحق مستلزم لاضاعته.

(و أجمعوا على منازعتی حقا کنت أولى به من غیرى) أى اتفقوا على النزاع معى فی حق أنا أولى به و هو حق الخلافه و الولایه، و المراد بأولویته استحقاقه لها بالنص الجلى من الله و رسوله حسبما عرفت فی تضاعیف الشرح لا سیما فی مقدمات الخطبه الثالثه المعروفه بالشقشقیه لا الاستحقاق بمجرد الأفضلیه فقط کما توهمه الشارح المعتزلی وفاقا لسایر المعتزله.

(و قالوا الا أن فی الحق أن تأخذه و فی الحق أن تمنعه) قال القطب الراوندى فی خط الرضی بالتاء و معنى ذلک أنک إن ولیت أنت کانت ولایتک حقا و إن ولی غیرک کانت حقا على مذهب أهل الاجتهاد و من رواها بالنون فالمعنى ظاهر.

(فاصبر مغموما أومت متأسفا) یحتمل أن یکون هذا القول منهم بلسان القال و أن یکون بلسان الحال یعنی إذا کان ممنوعیتک حقا أیضا و لم تکن راضیا به فلیس لک إلا الصبر أو الموت متلهفا متحسرا (فنظرت) لما رأیت منازعتهم و سمعت مقالتهم‏ (فاذا لیس لی رافد) أى ناصر و معین‏ (و لا ذاب و لا مساعد) أى دافع و معاون‏ (إلا أهل بیتی فضننت بهم عن المنیه) أى بخلت بهم عنها.

و هو صریح فی أن ترکه لحقه لم یکن عن طوع کما زعمه المعتزله و انما ترکه لما شاهد من أنه إذا نهض بطلب حقه لجعل نفسه و أهل بیته أغراضا للمنایا و یؤکد ذلک قوله‏ (فأغضیت على القذى) لدلالته على شده تحمله و کذلک قوله‏ (و جرعت) أى ابتلعت‏ (ریقى على الشجى) لدلالته على مزید غصته.

و هکذا قوله‏ (و صبرت من کظم الغیظ على أمر من العلقم) لافادته غایه غیظه و قوله‏ (و آلم للقلب من حز الشفار) لدلالته على منتهى تألمه و من هذا حاله فکیف یکون سکوته عن قیام غیره بالأمر دلیلا على رضاه، و قد تقدم فی شرح الفصل الثانی من الخطبه السادسه و العشرین فصل واف فی هذا المعنى.

قال الرضی «ره» (و قد مضى هذا الکلام فی أثناء خطبه متقدمه) و هى الخطبه المأه و الحادیه و السبعون بل هذا الکلام و تلک الخطبه و الخطبه السادسه و العشرون جمیعا ملتقطه من کلام طویل له علیه السلام رویته فی شرح الفصل الثالث من الخطبه السادسه و العشرین، و الداعی على تکراره ما أشار إلیه بقوله‏ (إلا أنی کررته ههنا لاختلاف الروایتین) أقول: و مع هذا التکرار ففیه أیضا بعض الاختلاف لما قدمنا روایته کما هو ظاهر لمن راجع هناک، هذا.

و منه‏ أى بعض هذا الکلام، و فی نسخه الشارح المعتزلی و البحرانی العنوان: و من کلام له علیه السلام‏، و الظاهر أنه اشتباه من الناسخ لأنه مع ما قبله کلاهما من فقرات الکلام الذى تقدم روایته و لیس کل منهما کلاما مستقلا أو ملتقطا من کلامین متغایرین.

و کیف کان فهو (فی ذکر السائرین إلى البصره لحربه علیه السلام) من طلحه و الزبیر و عایشه و جنودهم.

(فقدموا على عمالی) و هو عثمان بن حنیف الأنصارى و من تبعه کان عاملا له علیه السلام على البصره (و خزان بیت مال المسلمین الذى فی یدی) و کانوا أربعمائه رجل‏ (و على أهل مصر) یرید به البصره (کلهم فی طاعتی و على بیعتی فشتتوا کلمتهم) أى ألقوا الاختلاف بینهم‏ (و أفسدوا على جماعتهم).

و ذلک لأن عایشه بعد دخول البصره و التقاء الفئتین أقبلت على جملها و نادت بصوت مرتفع: أیها الناس أقلوا الکلام و اسکتوا، فاسکت الناس لها فقالت فی جمله کلام تحرضهم فیه على القتال و الاجلاب على قتله عثمان:ألا إن عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته فاذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثم اجعلوا الأمر شورى بین الرهط الذین اختارهم عمر بن الخطاب و لا یدخل فیهم من شرک فی دم عثمان.

قال الراوى فماج الناس و اختلطوا فمن قائل یقول: القول ما قالت، و من قائل یقول: و ما هى و هذا الأمر انما هی امرأه مأموره بلزوم بیتها، و ارتفعت الأصوات و کثر اللغط حتى تضاربوا بالنعال و تراموا بالحصى، ثم إن الناس تمایزوا فصاروا فریقین فریق مع عثمان بن حنیف و فریق مع عایشه و أصحابها.

و الى هذا أشار علیه السلام بقوله: فشتتوا کلمتهم و أفسدوا جماعتهم (و وثبوا على شیعتی فقتلوا طائفه منهم غدرا) و هم السیابحه حراس بیت المال‏ (و طائفه منهم عضوا على أسیافهم) و هم حکیم بن جبله العبدى و أتباعه.

قال الشارح المعتزلی: عضهم‏ على أسیافهم‏ کنایه عن الصبر فی الحرب و ترک الاستسلام، و هی کنایه فصیحه شبه قبضهم على السیوف بالعض، انتهى.

یعنی أنهم جدوا فی الحرب و لزموا سیوفهم‏ (فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقین) فی ولائهم لأمیر المؤمنین علیه السلام و فی تمسکهم بحبل بیعته المتین أو صادقین فیما عاهدوا الله علیه کما قال تعالى‏ من المؤمنین رجال صدقوا ما عاهدوا الله علیه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ینتظر و ما بدلوا تبدیلا و اعلم أن هذا الکلام الذى نقله الرضی عنه علیه السلام فی السایرین إلى البصره مختلف جدا لما قدمنا روایته عنه فی شرح الخطبه السادسه و العشرین، فان الموجود فیه هکذا:

فقدما- یعنی طلحه و الزبیر- على عاملی و خزان بیت مالى و على أهل مصر فی الذین کلهم على بیعتی و فى طاعتی فشتتوا کلمتهم و أفسدوا جماعتهم ثم وثبوا «دئبوا خ» على شیعتی من المسلمین فقتلوا طائفه منهم غدرا و طائفه صبرا و طائفه منهم غضبوا لله فشهروا سیوفهم و ضربوا بها حتى لقوا الله صادقین.

ثم اعلم أنه قد تقدم فی شرح الخطبه المأه و الاحدى و السبعین تفصیل قصه السائرین إلى البصره و ما فعلوا فیها من قتل طائفه صبرا و طائفه غدرا و غیره من الفضائح التی لا یحصى من أراد الاطلاع علیها فلیراجع هناک.

تنبیه‏

قال الشارح المعتزلی بعد شرح الفقرات الاول من هذا الکلام أعنی قوله اللهم إنی أستعدیک على قریش إلى قوله من حز الشفار ما عبارته:

و اعلم أن هذا الکلام قد نقل عن أمیر المؤمنین علیه السلام ما یناسبه و یجرى مجراه و لم یورخ الوقت الذى قاله فیه و لا الحال التی عناها به، و أصحابنا یحملون ذلک على أنه علیه السلام قاله عقیب الشورى و بیعه عثمان، فانه لیس یرتاب أحد من أصحابنا على أنه تظلم و تألم حینئذ، و یکره أکثر أصحابنا حمل أمثال هذا الکلام على التألم من یوم السقیفه.

و لقائل أن یقول لهم: أ تقولون إن بیعه عثمان لم تکن صحیحه؟

فیقولون: لا.

فیقال لهم: فعلى ما ذا تحملون کلامه علیه السلام مع تعظیمکم له و تصدیقکم لأقواله؟

فیقولون: نحمل ذلک على تألمه و تظلمه منهم إذ ترکوا الأولى و الأفضل، فانکم لستم تنکرون أنه کان الأفضل و الأحق بالأمر بل تعترفون بذلک و تقولون ساغت إمامه غیره و صحت لمانع کان فیه و هو ما غلب على ظنون العاقدین للأمر من أن العرب لا تطیعه فانه تخاف من فتنه عظیمه تحدث إن ولى الخلافه لأسباب یذکرونها و یعدونها، و قد روى کثیر من المحدثین أنه علیه السلام عقیب یوم السقیفه تألم و تظلم و استنجد و استصرخ حیث ساموه الحضور و البیعه و أنه قال و هو یشیر إلى القبر: إن القوم استضعفونی و کادوا یقتلوننی، و أنه قال: وا جعفراه و لا جعفر لی الیوم وا حمزتاه و لا حمزه لى الیوم، و قد ذکرنا من هذا المعنى جمله صالحه فیما تقدم و کل ذلک محمول عندنا على أنه طلب الأمر من جهه الفضل و القرابه و لیس بدال عندنا على وجود النص، لأنه لو کان هناک نص لکان أقل کلفه و أسهل طریقا و أیسر لما یرید تناولا أن یقول: یا هؤلاء إن العهد لم یطل و إن رسول الله أمرکم بطاعتى و استخلفنی علیکم بعده، و لم یقع منه بعد ما علمتموه نص ینسخ ذلک و لا یرفعه فما الموجب لترکى و العدول عنی.

فان قالت الامامیه: کان خاف القتل لو ذکر ذلک.

قیل لهم: فهلا خاف القتل و هو یقتل و یدفع لیبایع و هو یستصرخ تاره بقبر رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و تاره بعمه جعفر و أخیه حمزه و هما میتان، و تاره بالأنصار، و تاره ببنی عبد مناف و یجمع الجموع فی داره و یبث الرسل لیلا و نهارا إلى الناس یذکرهم فضله و قرابته و یقول للمهاجرین خصمتم الأنصار بکونکم أقرب إلى رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و أنا اخصمکم بما خصمتم به الأنصار، لأن القرابه إن کانت هی المعتبره فأنا أقرب منکم و هلا خاف من الامتناع و من هذا الاحتجاج و من الخلوه فی داره بأصحابه و من تنفیر الناس عن البیعه التی عقدت حینئذ لمن عقدت له.

و کل هذا إذا تأمله المنصف علم أن الشیعه أصابت فی أمرو أخطأت فی أمر.

أما الأمر الذى أصابت فیه فقولها إنه امتنع و تلکا و أراد الأمر لنفسه و أما الأمر الذى أخطأت فیه فقولها إنه کان منصوصا علیه نصا جلیا بالخلافه تعلمها الصحابه کلها أو أکثرها و إن ذلک خولف طلبا للریاسه الدنیویه و ایثارا للعاجله، و إن حال المخالفین للنص لا تعدو أحد الأمرین إما الکفر أو الفسق فان قرائن الأحوال و أماراتها لا تدل على ذلک و إنما تدل و تشهد بخلافه.

و هذا یقتضی أن أمیر المؤمنین علیه السلام کان فی مبدء الأمر یظن أن العقد لغیره کان من غیر نظر فی المصلحه، و أنه لم یقصد به إلا صرف الأمر عنه و الاستیثار علیه فظهر منه ما ظهر من الامتناع و القعود فی بیته إلى أن صح عنده و ثبت فی نفسه أنهم أصابوا فیما فعلوه و أنهم لم یمیلوا إلى الهوى و لا أرادوا الدنیا، و إنما فعلوا الأصلح فی ظنونهم، لأنه رأى من بغض الناس له و انحرافهم عنه و میلهم علیه و ثوران الأحقاد التی کانت فی أنفسهم و احتدام النیران التی کانت فی قلوبهم، و الترات التی و ترهم فیما قبل بها، و الدماء التی سفکها منهم و أراقها، و تعلل طائفه اخرى منهم للعدول عنه علیه السلام بصغر سنه و استهجانهم تقدیم الشاب على الشیوخ و الکهول، و تعلل طائفه اخرى منهم بکراهیه الجمع بین النبوه و الخلافه فی بیت واحد فیجفخون‏[۱] على الناس کما قاله من قاله، و استصعاب قوم شکیمته و خوفهم شدته و علمهم بأنه لا یداجی‏[۲] و لا یحابی و لا یراقب و لا یجامل‏[۳] فی الدین، و ان الخلافه تحتاج إلى من یجتهد برأیه و یعمل بموجب استصلاحه، و انحراف قوم آخرین عنه کان للحسد الذى کان له عندهم فی حیاه رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم لشده اختصاصه له و تعظیمه ایاه و ما قال فیه فأکثر من النصوص الداله على رفعه شأنه و علو مکانه، و ما اختص به من مصاهرته و اخوته و نحو ذلک من أحواله معه‏ و تنکر قوم آخرین له لنسبتهم إلیه العجب و التیه کما زعموا و احتقاره العرب و استصغاره الناس کما عددوه علیه و إن کانوا عندنا کاذبین، و لکنه قول قیل، و أمر ذکر، و حال نسبت إلیه.

و أعانهم علیها ما کان یصدر عنه من أقوال توهم مثل هذا نحو قوله: فانا صنائع ربنا و الخلق بعد صنائع لنا ما صح به عنده أن الأمر لم یکن لیستتم له یوما واحدا و لا ینتظم و لا یستمر، و أنه لو ولی الأمر لفتقت العرب علیه فتقا یکون فیه استیصال شافه الاسلام و هدم أرکانه، فأذعن بالبیعه و سمح إلى الطاعه و أمسک عن طلب الامره و إن کان على مضض و رمض، و هذا المذهب هو أقصد المذاهب و أصحها، و إلیه یذهب أصحابنا المتأخرون من البغدادیین و به نقول.

قال: و اعلم أن حال علی علیه السلام فی هذا المعنی أشهر من أن تحتاج فی الدلاله علیها إلى الاسهاب و الاطناب، فقد رأیت انتقاض العرب علیه من أقطارها حین بویع بالخلافه بعد وفاه رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم بخمس و عشرین سنه، و فی دون هذه المده تنسی الأحقاد و تموت الترات و تبرد الأکباد الحامیه و تسلوا القلوب الواجده و یعدم قرن من الناس و یوجد قرن و لا یبقی من أرباب تلک الشحناء و البغضاء إلا الأقل فکانت حاله بعد هذه المده الطویله مع قریش کأنها حاله لو أفضت الخلافه إلیه یوم وفاه ابن عمه من إظهار ما فی النفوس و هیجان ما فی القلوب حتى أن الأخلاف من قریش و الأحداث و الفتیان الذین لم یشهدوا وقایعه و فتکاته فی أسلافهم و آبائهم فعلوا به ما لو کانت الأسلاف أحیاء لقصرت عن فعله و تقاعست عن بلوغ شأوه، فکیف کانت تکون حاله لو جلس على منبر الخلافه و سیفه بعد یقطر دما من مهج العرب لا سیما من قریش الذین بهم کان ینبغی لو دهمه خطب أن یعتضد، و علیهم کان وجب أن یعتمد إذا کانت تدرس أعلام المله و تتعفی رسوم الشریعه و تعود الجاهلیه الجهلاء إلى حالها و یفسد ما أصلحه رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فی ثلاث و عشرین فی شهر واحد، فکان من عنایه الله تعالى بهذا الدین أن ألهم الصحابه ما فعلوه، و الله متم نوره و لو کره المشرکون، انتهى کلامه جزاه الله ما یستحقه أقول: و یتوجه علیه:

أولا أن قوله: إن هذا الکلام قد نقل عن أمیر المؤمنین علیه السلام ما یناسبه و یجرى مجراه و لم یورخ الوقت الذى قاله فیه و لا الحاله التی عناها.

فیه إن تاریخ هذا الکلام بخصوصه هو أواخر خلافته بعد فتح مصر و شهاده محمد بن أبی بکر، و نظره فیه إلى مجلس الشورى و عدولهم عنه إلى عثمان حسبما ظهر لک ذلک فی شرح الخطبه السادسه و العشرین عند ما روینا عنه علیه السلام تمام الخطبه التی هذا الکلام ملتقط منها.

و العجب أن الشارح المعتزلی رواها أیضا فی شرح الکلام السابع و الستین من کتاب الغارات کما روینا منه لکنه أسقط صدرها اختصارا أو اقتصارا فلعله نسی ما قدمه فجهل التاریخ.

و أعجب من ذلک أن الشارح البحرانی لقصور باعه و قله اطلاعه على الأخبار و السیر توهم أنه علیه السلام عنی به السایرین إلى البصره حیث قال: و یشبه أن یکون صدور هذا الکلام منه حین خروج طلحه و الزبیر إلى البصره تظلما علیهما فیکون المفهوم من قوله علیه السلام: و أجمعوا على منازعتى حقا إنکار إجماعهم منازعه ذلک الحق، هذا.

و أما ما یجرى مجرى هذا الکلام و یناسبه فتاریخه بعد یوم السقیفه إلى آخر عمره کما یقف علیه المتتبع الخبیر بالأخبار و الناقد البصیر بما قدمناه فی تضاعیف الشرح فی غیر موضع.

و ثانیا أن ما حکاه من أکثر أصحابه المعتزله من کراهتهم حمل أمثال هذا الکلام على التألم من یوم السقیفه و عدم استنکافهم لحملها على التظلم من یوم الشورى.

ففیه أن التفرقه بین الیومین شطط من الکلام کما اعترف به الشارح نفسه أیضا و اعترض به على أصحابه، و ذلک لأن کلماته المتضمنه للتظلم و الشکایه من جمیع الثلاثه فوق حد الاحصاء متجاوزه عن طور الاستقصاء، و لیس کلها مجملا قابلا للحمل على یوم الشورى على زعمهم، بل أکثرها نص فی التظلم من الشیخین‏

و کثیر منها عام لجمیع الثلاثه، و قلیل منها ناظر إلى الشورى، و المجمل منها إن کان فهو أقل القلیل بل لا وجود له أصلا.

و ثالثا أن ما حکاه من أصحابه و هو مذهبه و معتقده أیضا و فاقا لهم من قولهم:بأنه ساغت إمامه غیره علیه السلام و صحت لمانع کان فیه و هو ما غلب على ظنون العاقدین للأمر من أن العرب لا تطیعه.

ففیه أنه بعد اعترافهم و اتفاقهم على أنه علیه السلام الأولى و الأفضل المقتضى لأحقیته بها بحکم العقل و النقل فیکف یجوز العدول إلى غیره بمجرد الظن.

و قد نهى الله صریحا عن اتباع هذا الظن بخصوصه فی قوله «أ فمن یهدى إلى الحق أحق أن یتبع أمن لا یهدى إلا أن یهدى فمالکم کیف تحکمون.

و ما یتبع أکثرهم إلا ظنا إن الظن لا یغنى من الحق شیئا إن الله علیهم بما یفعلون» و عموما فى سایر الایات الناهیه عن العمل بالظن مثل قوله «و إن تطع أکثر من فى الأرض یضلوک عن سبیل الله إن یتبعون إلا الظن و إن هم إلا یخرصون» و قوله «قل هل عندکم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن و إن الظن لا یغنى من الحق شیئا فأعرض عمن تولى عن ذکرنا و لم یرد إلا الحیوه الدنیا. ذلک مبلغهم من العلم إن ربک أعلم بمن ضل عن سبیله و هو أعلم بمن اهتدى» إلى غیر هذه مما لا نطیل بذکرها.

و رابعا أن قوله: و کل ذلک محمول عندنا على أنه طلب الأمر من جهه الفضل و القرابه و لیس بدال عندنا على وجود النص لأنه لو کان هناک نص لکان أقل کلفه و أسهل طریقا و أسهل لما یرید تناولا.

فیه أن إنکار النص کإنکار الأعمى للشمس فى رابعه النهار، و نعم ما قیل:

إذا لم یکن للمرء عین صحیحه
فلا غرو أن یرتاب و الصبح مسفر

و قد قدمنا فى مقدمات الخطبه الشقشقیه من النصوص المتواتره و الأدله العقلیه و النقلیه کتابا و سنه ما فیه کفایه لمن له إنصاف و درایه، و قد احتج علیه السلام و احتج‏

أصحابه أیضا بها على المتخلفین یوم السقیفه و الشورى حسبما مر تفصیلا فى مقدمات الخطبه المذکوره و غیرها من المواقع المناسبه فى تضاعیف الشرح فانظر ما ذا ترى لکنهم خذلهم الله تعالى لم ینفعهم الذکرى لما غلب علیهم من حب الریاسه و اتباع الهوى.

و خامسا أن خوفه علیه السلام من القتل مما لا غبار علیه کما یشهد به ما رواه الشارح نفسه هنا عن کثیر من المحدثین أنه عقیب یوم السقیفه تألم و تظلم و استنجد و استصرخ حیث ساموه الحضور و البیعه و قال مشیرا إلى قبر رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: یا ابن ام إن القوم استضعفونى و کادوا أن یقتلوننی.

و یشهد به أیضا قوله علیه‏السلام هذا الکلام الذى نحن فى شرحه: فنظرت فاذا لیس لى رافد و لا ذاب و لا مساعد إلا أهل بیتى فضننت بهم عن المنیه و نظیر ذلک فى کلماته علیه السلام لکثیر کما هو غیر خفى على الناقد البصیر.

و سادسا قوله إن أمیر المؤمنین کان فی مبتدأ الأمر یظن أن العقد لغیره کان من غیر نظر فی المصلحه إلى قوله و به نقول.

محصله على طوله إن أمیر المؤمنین لم یکن فی بدء الأمر عالما بما علم به أبو بکر و عمر من مصلحه الاسلام و ظن أن قیامهما بالخلافه لمحض حب الریاسه و الاستیثار علیه، و لذلک تظلم و تألم و أراد الأمر لنفسه، فلما استبان خلاف ظنه و صح عنده أنهم راعوا مصلحه الاسلام و أنه لو قام به لم یکن لیتم له و لا ینقاد العرب للسخائم التی فی صدورهم أو غیرها من علل النفوس بل یستأصل شافه الاسلام و ینهدم أرکانه و یذهب عن أصله سکت و أمسک عن الطلب و بایع طوعا و طاب به نفسا.

و فیه أولا أن لازم ذلک أن یکون الأعرابیان الجاهلان الجلفان أعلم بمصالح الاسلام من باب مدینه العلم و الحکمه، و کیف یمکن أن یخفى علیه علیه السلام ما لم یخف على الأعرابى البوال على عقبیه، و قد اعترفت المعتزله أیضا بکونه أکثرعلما منهم کما هو قول الامامیه.

و ثانیا أنه لو کان الأمر على ما زعموا من أنه انکشف له خلاف ظنه و صح حقیه غیره فأذعن بالبیعه و انقاد للطاعه لوجب له علیه السلام أن یستعتب و یعتذر و یستحل منهم حیث أساء الظن فی حقهم و لوجب أن یترک التظلم و الشکایه و التوجد مع أنه ما زال متظلما إلى آخر عمره الشریف.

ألا ترى إلى الخطبه الشقشقیه المتضمنه للتظلم و الشکوى من أولها إلى آخرها و قد خطبها بعد وقعه الخوارج فی أواخر عمره کما یشهد به مضمونها.

و إلى ما قاله فی سادس المختار من باب الخطب حین عزمه على المسیر إلى البصره لحرب الجمل من قوله: فو الله ما زلت مدفوعا عن حقى مستأثرا على منذ قبض الله نبیه صلى الله علیه و آله و سلم حتى یوم الناس هذا.

و ما قاله فى الخطبه السادسه و العشرین التی خطبها بعد شهاده محمد بن أبی بکر و فتح مصر: فنظرت فاذا لیس لى معین إلا أهل بیتی فضننت بهم عن الموت إلى آخر ما مر.

و ما قاله فی المختار المأه و الواحد و الستین حین سأله بعض أصحابه کیف دفعکم القوم عن مقامکم و أنتم أحق به فقال: و أما الاستبداد علینا بهذا المقام و نحن الأعلون نسبا و الأشدون بالرسول صلى الله علیه و آله و سلم نوطا فانها کانت أثره شحت علیها نفوس قوم و سخت عنها نفوس آخرین و الحکم الله و المعود إلیه القیامه إلى غیر هذا مما تقدم فی تضاعیف المتن و الشرح.

و الحاصل أن المعلوم من حاله علیه السلام عند المؤالف و المخالف أنه لم یکن طلبه للخلافه من حب الریاسه و السلطنه بل لاحکام أساس الدین و انتظام حال الاسلام و المسلمین فاذا حصل هذا الغرض بقیام غیره فضلا عن کونه أصلح به منه علیه السلام کما زعمه المعتزله فوجب علیه أن یرضى منهم أشد الرضا و یشکر لهم و یقبل المنه منهم حیث رفعوا عن عاتقه ثقل ما حملوه لا أن یتظلم منهم و یتشکى عنهم و یزری علیهم دائما لیله و نهاره إلى آخر عمره.

و سابعا أن قوله: و اعلم أن حال على علیه السلام فی هذا المعنى أشهر من أن تحتاج‏

فی الدلاله علیها إلى الاسهاب و الاطناب إلى آخر قوله: و الله متم نوره و لو کره المشرکون.

فیه أنه من تسویلات نفوس المعتزله و تمویهاتهم و تلبیساتهم و مزخرفاتهم التی أوحى بها إلیهم أخوهم الشیطان کما قال عز و جل‏ و کذلک جعلنا لکل نبی عدوا شیاطین الإنس و الجن یوحی بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا و سبقهم إلى تلک المزخرفات اللعین بن اللعین ابن آکله الأکباد معاویه بن أبی سفیان فی کتابه الذى کتبه إلى أمیر المؤمنین علیه السلام فانه کتب فیه:

و من قبل ذلک ما عیبت خلیفتى رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم أیام حیاتهما فقعدت عنهما و ألبت علیهما و امتنعت من بیعتهما و رمت أمرا لم یرک الله تعالى له أهلا و رقیت سلما و عرا و حاولت مقاما دحصا و ادعیت ما لم تجد علیه ناصرا، و لعمرى لو ولیتها حینئذ لما ازددت إلا فسادا و اضطرابا، و لا أعقبت و لا یتکها إلا انتشارا و ارتدادا، لأنک الشامخ بأنفه الذاهب بنفسه المستطیل على الناس بلسانه و یده.

فان قوله لعنه الله تعالى: لو ولیتها حینئذ لما ازددت إلا فسادا و اضطرابا و لا أعقبت و لا یتکها إلا انتشارا و ارتدادا عین ما یقوله المعتزله و یدین به و محصل ما زخرفه الشارح ببیاناته الطویله المموهه.

و یبطل جمیع ما قاله و قالوه ما أبطل به الشارح نفسه قول معاویه، فانه عند شرح الثانی و الستین من المختار فی باب الکتب و الرسائل الذی یأتی عنوانه من السید بقوله: و من کتاب له علیه السلام إلى معاویه جوابا أما بعد فانا کنا نحن و أنتم على ما ذکرت من الالفه و المحبه و الجماعه آه أورد هناک الکتاب الذی کتبه معاویه إلى أمیر المؤمنین علیه السلام المتضمن لما قدمنا ذکره ثم أجاب عن جمیع ما أدرجه ذلک الملعون فی کتابه بجواب مفصل إلى أن بلغ إلى قوله المتقدم ذکره فقال فیه ما لفظه:

فأما قوله: لو ولیتها حینئذ لفسد الأمر و اضطرب الاسلام فهذا علم غیب لا یعلمه إلا الله و لعله علیه السلام لو ولیها حینئذ لاستقام الأمر و صلح الاسلام و تمهد

فانه ما وقع الاضطراب عند ولایته بعد عثمان إلا لأن أمره علیه السلام هان عندهم بتأخره عن الخلافه و تقدم غیره علیه، فصغر شأنه فی النفوس و قرر من تقدمه فی قلوب الناس أنه لا یصلح لها کل الصلاحیه، و الناس على ما یحصل فی نفوسهم و لو کان ولیها ابتدءا و هو على تلک الجلاله التی کان علیها أیام حیاه رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و تلک المنزله الرفیعه و الاختصاص الذی کان له لکان الأمر غیر الذی رأیناه عند ولایته بعد عثمان، انتهى کلامه.

أقول: فوا عجبا عجبا و مالى لا أعجب من الشارح فانه مع هذا الکلام الذی یبطل مذهب المعتزله من أصله و یزعزع أرکانه و یهدم أساسه و بنیانه کیف لا یرفع یده عن ذیل مذهب الاعتزال أ فیرضى العاقل أن یتدین بدین بناؤه على الظن و التخریص و الحسبان و یذعن بمحض الوهم و الاستحسان بصحه ولایه الجبت و الطاغوت إن مثلهم إلا کمثل العنکبوت اتخذت بیتا و إن أوهن البیوت لبیت العنکبوت بل کمن أسس بنیانه على شفا جرف هار فانهار به فی نار جهنم، هذا.

و قد مضى تحقیقات لطیفه فی ما یتعلق بهذا المعنى فی مقدمات الخطبه الشقشقیه.

الترجمه

از جمله کلام بلاغت نظام آن حضرتست در تظلم و شکایت از أهل شورى و غاصبان خلافت که گفته:

بار إلها بدرستى که من طلب اعانت و انتقام می کنم از تو بر منافقان قریش، پس بدرستى که ایشان بریدند ریسمان قرابت مرا و پشت رو کردند ظرف خلافت مرا، و اتفاق کردند بر منازعت من در حقى که من سزاوارتر بودم بان از غیر من و گفتند که آگاه باش که در حق است که أخذ کنى تو خلافت را و در حق است که ممنوع بشوى تو از آن، پس صبر کن در حالت اندوه و غم یا بمیر در حالت تأسف و حسرت، پس نگاه کردم بکار خود پس آن زمان نبود مرا معینى و نه دفع کننده و نه ناصرى مگر أهل بیت خودم، پس بخل ورزیدم بایشان از این که هدف تیر مرگ نمایم ایشان را، پس پوشانیدم چشم خود را بالاى چیزى که اذیت‏ رساننده بود، و بلعیدم آب دهان خود را بالاى غم و غصه که گلوگیر بود، و صبر کردم از نگاه داشتن غیظ خود بر چیزى که تلخ‏تر بود از طعم درخت علقم و دردناک‏تر بود مر قلب را از بریدن کارد بزرگ بر آن.

گفته است سید رضى رحمه الله علیه که گذشت این کلام در اثناى خطبه که سابقا گذشته بود لیکن من مکرر نمودم ذکر آن را در اینجا بجهت اختلاف دو روایت.

و از جمله این کلام است در بیان سیر کنندگان بسوى شهر بصره از براى جنگ با آن حضرت که طلحه و زبیر و عایشه و متابعان ایشان بودند مى‏فرماید:

پس آمدند ایشان بر حاکمان من که در بصره بود و بر خزینه داران بیت المال مسلمانان که در دست تصرف من بود و بر اهل شهرى که همه ایشان در طاعت و بر بیعت من بودند، پس مختلف ساختند کلمه ایشان را، و فاسد نمودند جمعیت آنها را، و برجستند بر شیعیان من، پس کشتند طایفه از ایشان را از راه مکر و حیله، و طایفه دیگر از ایشان سخت گرفتند شمشیران خودشان را، پس محاربه کردند با آنها تا این که ملاقات نمودند پروردگار را و بدرجه شهادت رسیدند در حالتى که صادق الاعتقاد بودند.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

 

بازدیدها: ۶۴

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۵ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۱۶ صبحی صالح

۲۱۶- و من خطبه له ( علیه ‏السلام  ) خطبها بصفین‏

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِی عَلَیْکُمْ حَقّاً بِوِلَایَهِ أَمْرِکُمْ وَ لَکُمْ عَلَیَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِی لِی عَلَیْکُمْ فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الْأَشْیَاءِ فِی‏ التَّوَاصُفِ وَ أَضْیَقُهَا فِی التَّنَاصُفِ لَا یَجْرِی لِأَحَدٍ إِلَّا جَرَى عَلَیْهِ وَ لَا یَجْرِی عَلَیْهِ إِلَّا جَرَى لَهُ وَ لَوْ کَانَ لِأَحَدٍ أَنْ یَجْرِیَ لَهُ وَ لَا یَجْرِیَ عَلَیْهِ لَکَانَ ذَلِکَ خَالِصاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَ لِعَدْلِهِ فِی کُلِّ مَا جَرَتْ عَلَیْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ وَ لَکِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ یُطِیعُوهُ وَ جَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَیْهِ مُضَاعَفَهَ الثَّوَابِ تَفَضُّلًا مِنْهُ وَ تَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِیدِ أَهْلُهُ

حق الوالی و حق الرعیه

ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَهُ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَکَافَأُ فِی وُجُوهِهَا وَ یُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ لَا یُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ.

وَ أَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ سُبْحَانَهُ مِنْ تِلْکَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِی عَلَى الرَّعِیَّهِ وَ حَقُّ الرَّعِیَّهِ عَلَى الْوَالِی فَرِیضَهٌ فَرَضَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِکُلٍّ عَلَى کُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لِأُلْفَتِهِمْ وَ عِزّاً لِدِینِهِمْ فَلَیْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِیَّهُ إِلَّا بِصَلَاحِ الْوُلَاهِ وَ لَا تَصْلُحُ الْوُلَاهُ إِلَّا بِاسْتِقَامَهِ الرَّعِیَّهِ

فَإِذَا أَدَّتْ الرَّعِیَّهُ إِلَى الْوَالِی حَقَّهُ وَ أَدَّى الْوَالِی إِلَیْهَا حَقَّهَا عَزَّ الْحَقُّ بَیْنَهُمْ وَ قَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّینِ وَ اعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وَ جَرَتْ عَلَى أَذْلَالِهَا السُّنَنُ فَصَلَحَ بِذَلِکَ الزَّمَانُ وَ طُمِعَ فِی بَقَاءِ الدَّوْلَهِ وَ یَئِسَتْ مَطَامِعُ الْأَعْدَاءِ.

وَ إِذَا غَلَبَتِ الرَّعِیَّهُ وَالِیَهَا أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِی بِرَعِیَّتِهِ اخْتَلَفَتْ هُنَالِکَ‏ الْکَلِمَهُ وَ ظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ وَ کَثُرَ الْإِدْغَالُ فِی الدِّینِ وَ تُرِکَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ فَعُمِلَ بِالْهَوَى وَ عُطِّلَتِ الْأَحْکَامُ وَ کَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ فَلَا یُسْتَوْحَشُ لِعَظِیمِ حَقٍّ عُطِّلَ وَ لَا لِعَظِیمِ بَاطِلٍ فُعِلَ فَهُنَالِکَ تَذِلُّ الْأَبْرَارُ وَ تَعِزُّ الْأَشْرَارُ وَ تَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْعِبَادِ.

فَعَلَیْکُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِی ذَلِکَ وَ حُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَیْهِ فَلَیْسَ أَحَدٌ وَ إِنِ اشْتَدَّ عَلَى رِضَا اللَّهِ حِرْصُهُ وَ طَالَ فِی الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ بِبَالِغٍ حَقِیقَهَ مَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهْلُهُ مِنَ الطَّاعَهِ لَهُ وَ لَکِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ النَّصِیحَهُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ وَ التَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَهِ الْحَقِّ بَیْنَهُمْ وَ لَیْسَ امْرُؤٌ وَ إِنْ عَظُمَتْ فِی الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ وَ تَقَدَّمَتْ فِی الدِّینِ فَضِیلَتُهُ بِفَوْقِ أَنْ یُعَانَ عَلَى مَا حَمَّلَهُ اللَّهُ مِنْ حَقِّهِ وَ لَا امْرُؤٌ وَ إِنْ صَغَّرَتْهُ النُّفُوسُ وَ اقْتَحَمَتْهُ الْعُیُونُ بِدُونِ أَنْ یُعِینَ عَلَى ذَلِکَ أَوْ یُعَانَ عَلَیْهِ

فَأَجَابَهُ ( علیه‏ السلام  ) رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِکَلَامٍ طَوِیلٍ یُکْثِرُ فِیهِ الثَّنَاءَ عَلَیْهِ وَ یَذْکُرُ سَمْعَهُ وَ طَاعَتَهُ لَهُ

فَقَالَ ( علیه ‏السلام  )إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلَالُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِی نَفْسِهِ وَ جَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنْ یَصْغُرَ عِنْدَهُ لِعِظَمِ ذَلِکَ کُلُّ مَا سِوَاهُ

وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ کَانَ کَذَلِکَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَهُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ لَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَیْهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَهُ اللَّهِ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا ازْدَادَ حَقُّ اللَّهِ عَلَیْهِ عِظَماً

وَ إِنَّ مِنْ‏ أَسْخَفِ حَالَاتِ الْوُلَاهِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ أَنْ یُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ وَ یُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْکِبْرِ

وَ قَدْ کَرِهْتُ أَنْ یَکُونَ جَالَ فِی ظَنِّکُمْ أَنِّی أُحِبُّ الْإِطْرَاءَ وَ اسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ وَ لَسْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ کَذَلِکَ وَ لَوْ کُنْتُ أُحِبُّ أَنْ یُقَالَ ذَلِکَ لَتَرَکْتُهُ انْحِطَاطاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَهِ وَ الْکِبْرِیَاءِ

وَ رُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلَاءِ فَلَا تُثْنُوا عَلَیَّ بِجَمِیلِ ثَنَاءٍ لِإِخْرَاجِی نَفْسِی إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِلَیْکُمْ مِنَ التَّقِیَّهِ فِی حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وَ فَرَائِضَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا

فَلَا تُکَلِّمُونِی بِمَا تُکَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَهُ وَ لَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّی بِمَا یُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَهِ وَ لَا تُخَالِطُونِی بِالْمُصَانَعَهِ

وَ لَا تَظُنُّوا بِی اسْتِثْقَالًا فِی حَقٍّ قِیلَ لِی وَ لَا الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِی فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ یُقَالَ لَهُ أَوِ الْعَدْلَ أَنْ یُعْرَضَ عَلَیْهِ کَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَیْهِ

فَلَا تَکُفُّوا عَنْ مَقَالَهٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَهٍ بِعَدْلٍ فَإِنِّی لَسْتُ فِی نَفْسِی بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ وَ لَا آمَنُ ذَلِکَ مِنْ فِعْلِی إِلَّا أَنْ یَکْفِیَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِی مَا هُوَ أَمْلَکُ بِهِ مِنِّی

فَإِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ عَبِیدٌ مَمْلُوکُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَیْرُهُ یَمْلِکُ مِنَّا مَا لَا نَمْلِکُ مِنْ أَنْفُسِنَا وَ أَخْرَجَنَا مِمَّا کُنَّا فِیهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَیْهِ فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَهِ بِالْهُدَى وَ أَعْطَانَا الْبَصِیرَهَ بَعْدَ الْعَمَى

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من خطبه له علیه السلام خطبها بصفین و هى المأتان و الخامسه عشر من المختار فى باب الخطب‏

و هى مرویه فی کتاب الروضه من الکافی باختلاف کثیر و زیاده و نقصان حسبما تعرفه إنشاء الله تعالى بعد الفراغ من شرح تمام الخطبه فی التکمله الاتیه، و شرحها فی فصلین:

الفصل الاول‏

أما بعد فقد جعل الله لی علیکم حقا بولایه أمرکم، و لکم علی من الحق مثل الذی لی علیکم، فالحق أوسع الأشیاء فی التواصف، و أضیقها فی التناصف، لا یجری لأحد إلا جرى علیه، و لا یجری علیه‏ إلا جرى له، و لو کان لأحد أن یجری له و لا یجری علیه لکان ذلک خالصا لله سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده، و لعدله فی کل ما جرت علیه صروف قضائه، و لکنه جعل حقه على العباد أن یطیعوه، و جعل جزائهم علیه مضاعفه الثواب تفضلا منه، و توسعا بما هو من المزید أهله.

ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتکافوء فی وجوهها، و یوجب بعضها بعضا، و لا یستوجب بعضها إلا ببعض. و أعظم ما افترض سبحانه من تلک الحقوق حق الوالی على الرعیه و حق الرعیه على الوالی، فریضه فرضها الله سبحانه لکل على کل، فجعلها نظاما لالفتهم، و عزا لدینهم، فلیست تصلح الرعیه إلا بصلاح الولاه، و لا تصلح الولاه إلا باستقامه الرعیه. فإذا أدت الرعیه إلى الوالی حقه، و أدى الوالی إلیها حقها، عز الحق بینهم، و قامت مناهج الدین، و اعتدلت معالم العدل، و جرت على أذلالها السنن، فصلح بذلک الزمان، و طمع فی بقاء الدوله، و یئست مطامع الأعداء.

و إذا غلبت الرعیه والیها و أجحف الوالی برعیته، اختلفت هنالک الکلمه، و ظهرت معالم الجور، و کثر الإدغال فی الدین، و ترکت محاج السنن، فعمل بالهوى، و عطلت الأحکام، و کثرت علل النفوس، فلا یستوحش لعظیم حق عطل، و لا لعظیم باطل فعل، فهنالک تذل الأبرار، و تعز الأشرار، و تعظم تبعات الله سبحانه عند العباد.

فعلیکم بالتناصح فی ذلک، و حسن التعاون علیه، فلیس أحد و إن اشتد على رضاء الله حرصه، و طال فی العمل اجتهاده، ببالغ حقیقه ما الله سبحانه أهله من الطاعه له، و لکن من واجب حقوق الله سبحانه على عباده النصیحه بمبلغ جهدهم، و التعاون على إقامه الحق بینهم، و لیس امرء و إن عظمت فی الحق منزلته، و تقدمت فی الدین فضیلته، بفوق أن یعان على ما حمله الله من حقه، و لا امرء و إن صغرته النفوس و اقتحمته العیون بدون أن یعین على ذلک أو یعان علیه.

اللغه

(تواصفوا) الشی‏ء أى وصفه بعضهم على بعض و (تناصف) الناس أنصف بعضهم لبعض و (صروف) الدهر تغیراته و انقلاباته جمع الصرف و (التکافؤ) التساوی و الاستواء و (یستوجب) بالبناء على المفعول و (المنهج) واضح الطریق و (ذل) الطریق بالکسر محجتها و الجمع أذلال کحبر و أخبار و (الادغال)

بالکسر أن یدخل فی الشی‏ء ما لیس منه و بالفتح جمع الدغل محرکه کأسباب و سبب هو الفساد و (المحاج) بتشدید الجیم جمع المحجه بفتح المیم و هى الجاده.

و (تذل) و (تعز) بالبناء على الفاعل من باب ضرب و فی بعض النسخ بالبناء على المفعول و (التبعه) و زان کلمه ما تطلبه من ظلامه و الجمع تبعات و (نصحت) له نصحا و نصیحه و فی لغه یتعدى بنفسه فیقال نصحته و هو الاخلاص و الصدق و المشوره و العمل.

و قال الجزرى النصیحه فى اللغه الخلوص یقال: نصحته و نصحت له و معنى نصیحه الله صحه الاعتقاد فی وحدانیته و اخلاص النیه فی عبادته، و النصیحه لکتاب الله هو التصدیق به و العمل بما فیه، و نصیحه رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم التصدیق بنبوته و رسالته و الانقیاد لما امر به و نهى عنه، و نصیحه الأئمه أن یطیعهم فی الحق، و نصیحه عامه المسلمین إرشادهم إلى مصالحهم.

الاعراب‏

قوله: لکان ذلک خالصا لله سبحانه دون خلقه، خالصا خال من ذلک و العامل فیه کان، و على قول بعض النحویین من أن جمیع العوامل اللفظیه تعمل فی الحال إلا کان و اخواتها، فلابد من جعل کان تامه و دون خلقه فی محل النصب أیضا على الحال، و هى حال مؤکده.

و قوله: و توسعا بما هو من المزید أهله، توسعا منصوب على المفعول لأجله، و ما موصوله و جمله هو أهله مبتدأ و خبر صله ما و من المزید بیان لما.

و قوله: فریضه فرضها الله فی بعض النسخ بالنصب على الاشتغال أو على الحال کما قاله بعض الشراح، و فی بعضها بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف.

و قوله: ببالغ خبر لیس اعترضت بینهما جمله و ان اشتد آه و الباء فیه زایده، و قوله: أو یعان علیه فی بعض النسخ بالواو بدل أو.

المعنى‏

اعلم أن هذه الخطبه الشریفه حسبما أشار الیه الرضی و یأتی فی روایه الکافی أیضا فی آخر الفصل الثانی من جمله الخطب التی‏ خطبها بصفین‏، و عمده غرضه علیه السلام فی هذا الفصل منها نصیحه المخاطبین و ارشادهم إلى ما هو صلاحهم فى الدنیا و الاخره من اتباعهم لأمره و اطاعتهم له و إسراعهم فیما یأمر و ینهی و اتفاقهم على التعاون و التناصف و غیر ذلک من وجوه مصالح محاربه القاسطین لعنهم الله أجمعین قال علیه السلام‏ (أما بعد) حمد الله عز و جل و الصلاه على رسوله صلى الله علیه و آله و سلم‏ (فقد جعل الله) عز شأنه‏ (لى علیکم حقا بولایه أمرکم) أى‏ لى علیکم حق‏ الطاعه لأن الله جعلنى والیا علیکم متولیا لامورکم و أنزلنى منکم منزله عظیمه هى منزله الامامه و الولایه و السلطنه و وجوب الطاعه کما قال عز من قائل‏ أطیعوا الله و أطیعوا الرسول و أولی الأمر منکم‏.

(و لکم على من الحق مثل الذى لى علیکم) أراد بالحق الذى‏ لهم علیه ما هو حق الرعیه على الوالى، و الحقان متماثلان فى الوجوب، و قد صرح بهما فى الخطبه الرابعه و الثلاثین بقوله:أیها الناس إن لى علیکم حقا و لکم على حق، فأما حقکم على فالنصیحه لکم و توفیر فیئکم علیکم و تعلیمکم کیلا تجهلوا و تأدیبکم کما تعلموا، و أما حقی علیکم فالوفاء بالبیعه و النصیحه فی المشهد و المغیب و الاجابه حین أدعوکم و الطاعه حین آمرکم‏.

(فالحق أوسع الأشیاء فى التواصف) یعنی إذا أخذ الناس فی بیان الحق و وصفه بعضهم لبعض کان لهم فی ذلک مجال واسع لسهولته على الألسنه (و أضیقها فی التناصف) یعنی إذا حضر التناصف بینهم أى انصاف بعضهم لبعض فطلب منهم ضاق علیهم المجال لشده العمل و صعوبه الانصاف.

و محصله سعه الحق فی مقام الوصف و القول و ضیقه فی مقام الانصاف و العمل.

(لا یجرى لأحد إلا جرى علیه و لا یجرى علیه إلا جرى له) لما ذکر حقه‏ علیهم و حقهم علیه اتبعه بهذه الجمله تأکیدا و ایذانا بأن جریان حقه علیهم إنما هو بجریان حقهم علیه و بالعکس، و فیه توطین لأنفسهم على ما علیهم و تشویق لهم إلى ما لهم.

و انما ساق الکلام مساق العموم تنبیها على أن اللازم على کل أحد أن یقوم فی الحقوق بماله و ما علیه بمقتضی العدل و الانصاف، فإن حق الوالی على الرعیه و الرعیه على الوالی و الوالد على الولد و الولد على الوالد و الزوج على الزوجه و الزوجه على الزوج و المعلم على المتعلم و المتعلم على المعلم و الجار على الجار و غیرهم من ذوى الحقوق حسبما نشیر الیهم تفصیلا إنما هو بالتناصف بین الطرفین.

و یوضحه ما فی البحار من الکافی عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلى عن السکونى عن أبی عبد الله علیه السلام قال: قال النبی صلى الله علیه و آله و سلم: حق على المسلم إذا أراد سفرا أن یعلم إخوانه، و حق على إخوانه إذا قدم أن یأتوه.

قال العلامه المجلسى فیه ایماء إلى أنه إذا لم یعلمهم عند الذهاب لا یلزم علیهم اتیانه بعد الایاب.

(و لو کان لأحد أن یجرى له) حق على غیره‏ (و لا یجرى) لغیره‏ (علیه لکان ذلک) الحق الجارى‏ (خالصا لله سبحانه دون خلقه) أى متجاوزا عن حقه و ذلک‏ (لقدرته على عباده) و عجز غیره، فیجوز له أن یجرى حقه علیهم و یطلب منهم الطاعه و ینفذ أمره فیهم الزاما فیطیعوه قهرا بدون امکان تمرد أحد منهم عن طاعته لکونه قاهرا فوق عباده فعالا لما یشاء، لا راد لحکمه و لا دافع لقضائه کما قال تعالى‏ و لو شاء ربک لآمن من فی الأرض کلهم جمیعا.

و لما کان هنا مظنه أن یتوهم و یقال إنه إذا جرى حقه علیهم و خرجوا من عهدته و قاموا بوظایف عبودیته و طاعته طوعا أو کرها یکون حینئذ لهم حق علیه و هو جزاء ما أتوا به فلو لم یجزهم لکان ذلک منافیا للعدل دفع ذلک التوهم بقوله:(و لعدله فى کل ما جرت علیه صروف قضائه) و أنواعه المتغیره المتبدله، یعنی أن الجزاء لیس مقتضی العدل حتى یکون عدمه منافیا له بل هو العادل فى‏ جمیع مقضیاته و مقدراته لا یسأل عما یفعل و هم یسألون، نعم هو مقتضى التفضل، و التفضل لیس بلازم علیه فلا یثبت لعباده باطاعتهم له حق لهم علیه، هکذا ینبغی أن یفهم المقام.

و قد تاه فیه أفهام الشراح فمنهم من طوى عن تحقیقه کشحا و منهم من خبط فیه خبطه عشواء، فانظر ما ذا ترى.

و قریب مما حققناه ما قاله العلامه المجلسى فى البحار حیث قال فى شرح ذلک: و الحاصل أنه لو کان لأحد أن یجعل الحق على غیره و لم یجعل له على نفسه لکان هو سبحانه أولى بذلک، و استدل على الأولویه بوجهین:الأول القدره، فان غیره تعالى لو فعل ذلک لم یطعه أحد و الله قادر على جبرهم و قهرهم و الثانی أنه لو لم یجزهم على أعمالهم و کلفهم بها لکان عادلا لأن له من النعم على العباد ما لو عبدوه أبدا الدهر لم یوفوا حق نعمه واحده هنها، انتهى فقد علم بذلک کله أنه عز و جل لیس بمقتضى عدله لأحد علیه حق.

(و لکنه) عز شأنه مع ذلک قد (جعل) له على عباده حقا و لهم علیه کذلک بمقتضى انعامه و فضله فجعل‏ (حقه على العباد أن یطیعوه) و یوحدوه‏ (و جعل جزاءهم) لم یقل حقهم رعایه للأدب و دفعا لتوهم الاستحقاق أى جعل جزاء طاعتهم‏ (علیه مضاعفه الثواب) کما قال تعالى‏ فأما الذین آمنوا و عملوا الصالحات فیوفیهم أجورهم و یزیدهم من فضله‏ و قال‏ مثل الذین ینفقون أموالهم فی سبیل الله کمثل حبه أنبتت سبع سنابل فی کل سنبله مائه حبه و الله یضاعف لمن یشاء.

(تفضلا منه و توسعا بما هو من المزید أهله) فیه تنبیه على أن الحق الذى جعل لهم علیه أعظم مما أتوا به مع عدم کونه من جهه الاستحقاق بل لمحض التفضل و الانعام بما هو أهله من الزیاده و التوسعه.

و لما بین حق الله على عباده و هو الحق الذى له لنفسه عقبه ببیان حقوق الناس بعضهم على بعض فقال:(ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض) و جعلها من حقوقه لافتراضها من قبله تعالى و فى القیام بها إطاعه له و امتثال لأمره، فتکون بهذا الاعتبار من حقوقه الواجبه على عباده، و هذه الجمله توطئه و تمهید لما یرید أن ینبه علیه من کون حقه علیه السلام واجبا علیهم من قبله تعالى و کون القیام به اطاعه له عز و علا فیکون ذلک أدعى لهم على أدائه.

(فجعلها) أى تلک الحقوق التی بین الناس‏ (تتکافؤ) و تتقابل‏ (فى وجوهها) أى جعل کل وجه من تلک الحقوق مقابلا بمثله، فحق الوالى على الرعیه مثلا و هو الطاعه مقابل بمثله فهو العدل و حسن السیره الذى هو حق الرعیه على الوالى‏ (و یوجب بعضها بعضا و لا یستوجب) أى لا یستحق‏ (بعضها إلا ببعض) کما أن الوالى إذا لم یعدل لا یستحق الطاعه و الزوجه إذا کانت ناشزه لا یستحق النفقه.

و لما مهد ما مهد تخلص إلى غرضه الأصلی فقال‏ (و أعظم ما افترض سبحانه من تلک الحقوق) المتکافئه (حق الوالی على الرعیه و حق الرعیه على الوالی) و إنما کان من‏ أعظم الحقوق‏ لکون مصلحته عامه لجمیع المسلمین و باعثا على انتظام أمر الدین.

و لذلک أکده بقوله‏ (فریضه فرضها الله سبحانه لکل على کل) و أشار إلى وجوه المصلحه فیها بقوله‏ (فجعلها نظاما لألفتهم و عزا لدینهم) لأنها سبب اجتماعهم و بها یقهرون أعداءهم و یعزون أدیانهم‏ (فلیست تصلح الرعیه إلا بصلاح الولاه) کما هو المشاهد بالعیان و التجربه و شهدت علیه العقول السلیمه (و لا تصلح الولاه إلا باستقامه الرعیه) فی الطاعه إذ بمخالفتهم و عصیانهم یؤل جمعهم إلى الشتات و حبل نظامهم إلى التبات.

(فاذا أدت الرعیه إلى الوالی حقه) و أطاعوه‏ (و أدى الوالی إلیها حقها) و عدل‏ (عز الحق بینهم) أى یکون عزیزا (و قامت مناهج الدین) و سبله‏ (و اعتدلت معالم العدل) أى مظانه أو العلامات التی نصبت فی طریق العدل لسلوکه‏ (و جرت على أذلالها السنن) أى جرت على محاجها و مسالکها بحیث لا تکون فیها اعوجاج‏ و تحریف.

مجاز (فصلح بذلک الزمان) نسبه الصلاح إلى الزمان من باب التوسع و المراد صلاح حال أهله بانتظام امورهم الدنیویه و الاخرویه (و طمع فی بقاء الدوله) و السلطنه (و یئست مطامع الاعداء) أى أطماعها باتفاق أهل المملکه و قوتهم.

(و) أما (إذا) کان الأمر بخلاف ذلک بأن‏ (غلبت الرعیه والیها و أجحف الوالی برعیته) أى تعدى علیهم و ظلمهم ف (اختلفت هنا لک الکلمه) باختلاف الاراء (و ظهرت معالم الجور) أى علاماته، إذ بغلبه الرعیه على الوالی و إجحاف الوالی یحصل الهرج و المرج و یختلط الناس بعضهم ببعض و یتسلط الأشرار على الأبرار و یظلم الأقویاء للضعفاء (و کثر الادغال) أى الابداع و التلبیس أو المفاسد (فى الدین) لاختلاف الأهواء و أخذ کل بما یشتهیه نفسه مما هو مخالف للدین و مفسد له‏ (و ترکت محاج السنن) أى طرقها الواضحه لاعراض الناس عنها (فعمل بالهوى و عطلت الأحکام) الشرعیه و التکالیف الدینیه (و کثرت علل النفوس) أى أمراضها بما حصلت لها من الملکات الردیه کالحقد و الحسد و العداوه و نحوها و قیل عللها وجوه ارتکاباتها للمنکرات فیأتی کل منکر بوجه و عله و رأى فاسد (فلا یستوحش لعظیم حق عطل) لکثره تعطیل الحقوق و کونه متداولا متعارفا بینهم‏ (و لا لعظیم باطل فعل) لشیوع الباطل و اعتیادهم علیه مع کونه موافقا لهواهم‏ (فهنا لک تذل الأبرار) لذله الحق الذى هم أهله‏ (و تعز الاشرار) لعزه الباطل الذى هم أهله‏ (و تعظم تبعات الله عند العباد) إضافه التبعات و هى المظالم إلیه تعالى باعتبار أنه المطالب بها و المؤاخذ علیها و إلا فالتبعات فى الحقیقه لبعض الناس عند بعض.

و لما ذکر مصالح قیام کل من الوالى و الرعیه بما علیها من الحقوق و مفاسد ترکها أمرهم بالمواظبه على الحق و قال:(فعلیکم بالتناصح فى ذلک و حسن التعاون) علیه أى بنصیحه بعضکم لبعض و إعانه کل منکم لاخر فى سلوک نهج الحق و إقامه أعلامه.

و أکد الزامهم‏ بالتناصح و التعاون‏ بقوله: (فلیس أحد و إن اشتد على رضاء الله حرصه و طال فى العمل اجتهاده) و سعیه‏ (ببالغ حقیقه ما الله أهله من الطاعه له) أى لا یمکن لأحد أن یبلغ مدى عباده الله و حقیقه طاعته و إن أتعب فیها نفسه و بذل جهده و بلغ کل مبلغ.

(و لکن من واجب حقوق الله على العباد «عباده» النصیحه) أى نصیحه بعضهم لبعضهم‏ (بمبلغ جهدهم و التعاون على إقامه الحق بینهم) بقدر ما یمکنهم لا بقدر ما هو أهله و یستحقه، فان ذلک غیر ممکن.

و لما حث على‏ التعاون و التناصح‏ أردفه بقوله: (و لیس امرء و ان عظمت فى الحق منزلته و تقدمت فى الدین فضیلته بفوق أن یعان على ما حمله الله من حقه) و دفع بذلک ما ربما یسبق إلى بعض الأوهام من أن البالغ إلى مرتبه الکمال فى الطاعه و الحایز قصب سبق الفضیله کمثله علیه السلام و سایر ولاه العدل أى حاجه له إلى المعین.

وجه الدفع أن البالغ إلى مرتبه الکمال أى مرتبه کانت و المتقدم فى الفضیله أى فضیله تکون لا استغناء له عن المعین و لا مقامه أرفع من أن یعان على ما حمله الله تعالى و کلفه به من طاعته الذى هو حقه.

و ذلک لأن من جمله التکالیف ما هو من عظائم الامور کالجهاد فى سبیل الله و اقامه الحدود و نشر الشرائع و الأحکام و جبایه الصدقات و الأمر بالمعروف و النهى عن المنکر و نحو ذلک مما هو وظیفه الامام و نایبه، و معلوم أنه محتاج فى هذه التکالیف و ما ضاهاها إلى إعانه الغیر البته.

ثم أردفه بقوله‏ (و لا امرؤ و إن صغرته النفوس و اقتحمته) أى احتقرته‏ (العیون بدون أن یعین على ذلک أو یعان علیه).

و دفع بذلک ما ربما یسبق إلى بعض الأوهام أیضا من أن بعض الناس من‏ السوقه و السفله أى حاجه إلى إعانتهم و أى فایده فى معاونتهم وجه الدفع أن ذلک البعض و ان کان بالغا ما بلغ فى الحقاره و الدناءه و انحطاط الشأن لکنه لیس بأدون و أحقر من أن یکون معینا على الحق و لو فى صغایر الامور و محقراتها مثل أن یکون راعیا لدواب المجاهدین أو سقاء لهم أو حطابا أو خیاطا و لا أقل من أن یکون خاصفا لنعلهم، فان فى ذلک کله إعانه الحق و أهله أو معانا علیه و لو بأداء الأخماس و دفع الصدقات إلیهم و لا أقل من تعلیمه معالم دینه و أمره بالمعروف و نهیه عن المنکر.

و محصل المراد بالجملتین المتعاطفتین من قوله علیه الصلاه و السلام- و لیس امرء- إلى قوله علیه السلام- یعان علیه‏- دفع توهم عدم الحاجه إلى الاعانه فى العظماء لرفعه شأنهم و عدم الاحتیاج إلى الضعفاء لحقارتهم و انحطاط درجتهم‏

تذییلان‏ : الاول‏

لما کان هذا الفصل من کلامه علیه السلام مسوقا لبیان حقوق الولاه على الرعیه و الرعیه على الولاه. أحببت أن أذکر جمله من الأخبار و الاثار الوارده فی هذا المعنی فأقول:

قال: المحدث الجزائرى فی الأنوار النعمانیه: فی بعض الأخبار ان عدل الحاکم یوما یعادل عباده العابد خمسین.

و فى الحدیث من ولی من امور المسلمین شیئا ثم لم یحطهم بنصحه کما یحوط أهل بیته فلیتبوء مقعده من النار و روى أیضا أنه إذا کان یوم القیامه یؤتی بالوالی فیقذف على جسر جهنم فیأمر الله سبحانه الجسر فینتقض به انتقاضه فیزول کل عظم منه عن مکانه ثم یأمر الله تعالى العظام فترجع إلى أماکنها ثم یسایله فان کان لله مطیعا أخذ بیده و أعطاه کفلین من رحمته، و إن کان لله عاصیا أخرق به الجسر فغرق و هوى به فی جهنم مقدار سبعین خریفا.

و فى الروایه انه کان فی زمن بنى إسرائیل سلطان ظالم فأوحی الله تعالى‏ إلى نبی من أنبیائه أن قل لهذا الظالم: ما جعلتک سلطانا إلا لتکف أصوات المظلومین عن بابی، فو عزتی و جلالی لاطعمن لحمک الکلاب، فسلط علیه سلطانا آخر حتى قتله فأطعم لحمه الکلاب.

و فى کتاب أمیر المؤمنین علیه السلام إلى حبیب بن المنتجب و الى الیمن: اوصیک بالعدل فی رعیتک و الاحسان إلى أهل مملکتک و اعلم أن من ولی على رقاب عشره من المسلمین و لم یعدل بینهم حشره الله یوم القیامه و یداه مغلولتان إلى عنقه لا یفکها إلا عدله فی دار الدنیا و فی الأثر بعث قیصر ملک الروم إلى کسرى ملک الفرس بماذا أنتم أطول أعمارا و أدوم ملکا؟

فأجابه کسرى: أما بعد أیها السید الکریم و الملک الجسیم أما سبب الملک و اعزازه فی معززه و رسوخه فی مرکزه فلامور أنتم عنها غافلون و لستم لأمثالها فاعلون منها أن لیس لنا نواب یرشی و یمنع و لا بواب یروع و یدفع، لم تزل أبوابنا مشرعه و نوابنا لقضاء الحوائج مسرعه، لا أقصینا صغیرا و لا أدنینا أمیرا، و لا احتقرنا بذوى الاصول، و لا قدمنا الشبان على الکهول، و لا کذبنا فی وعد، و لا صدقنا فی ایعاد، و لا تکلمنا بهزل، و لا سمنا وزیرا إلى عزل، موائدنا مبسوطه، و عقولنا مضبوطه، لا نقطع فی امل، و لا لجلیسنا نمل، خیرنا مضمون، و شرنا مأمون، و عطاؤنا غیر ممنون، و لا نحوج أحدا إلى باب، بل نقضی بمجرد الکتاب، و نرق للباکى، و نستقصی قول الحاکى، ما جعلنا همنا بطوننا و لا فروجنا، أما البطون فلقمه، و أما الفروج فأمه، و لا نؤاخذ على قدر غیظنا، بل نؤاخذ على قدر الجنایه، و لا نکلف الضعیف المعدم ما یتحمله الشریف المنعم، و لا نؤاخذ البرى‏ء بالسقیم، و لا الکریم باللئیم، النمام عندنا مفقود، و العدل فى جانبنا موجود، الظلم لا نتعاطاه، و الجور انفسنا طاباه، و لا نطمع فى الباطل، و لا نأخذ العشر قبل الحاصل، و لا ننکث العهود، و لا نحنث فى الموعود، الفقیر عندنا مدعو، و المفتقر لدینا مقصو، جارنا لا یضام، و عزیزنا لا یرام، رعیتنا مرعیه، و حوائجهم لدینا مقضیه، صغیرهم عندنا خطیر، و ذریهم لدینا کبیر، الفقیر بیننا لا یوجد، و الغنى بما لدیه یسعد، العالم عندنا معظم مکرم، و التقى لدینا موقر مقدم، لا یسد بمملکتنا باب، و لا یوجد عندنا سارق و لا مرتاب، سماؤنا ممطره، و أشجارنا لم تزل مثمره، لا نعامل بالشهوات، و لا نجازى بالهفوات، الطیر إلینا شاکى، و البعیر أتانا متظلم باکى عدلنا قد عم القاصى و الدانى، وجودنا قد عم الطائع و العاصى، عقولنا باهره، و کنوزنا ظاهره، و فروجنا عفائف، و زبولنا نظائف، أفهامنا سلیمه، و حلومنا جسیمه، کفوفنا سوافح، بحورنا طوافح، نفوسنا أبیه، و طوالعنا المعیه، إن سئلنا أعطینا، و إن قدرنا عفونا، و إن وعدنا أوفینا، و إن اغضبنا أغضینا فلما وصل الکتاب إلى قیصر قال: یحق لمن کان هذه سیاسته أن تدوم ریاسته قال انوشیروان: حصن البلاد بالعدل فهو سور لا یغرقه ماء و لا یحرقه نار و لا یهدمه منجنیق.

کان کسرى إذا جلس فى مجلس حکمه أقام رجلین عن یمینه و شماله و کان یقول لهما: إذا زغت فحرکونى و نبهونى، فقالا له یوما و الرعیه تسمع: أیها الملک انتبه فانک مخلوق لا خالق و عبد لا مولى و لیس بینک و بین الله قرابه أنصف الناس و انظر لنفسک و کان یقال: صنفان متباغضان متنافیان السلطان و الرعیه و هما مع ذلک متلازمان إن صلح أحدهما صلح الاخر و ان فسد أحدهما فسد الاخر و کان یقال: محل الملک من الرعیه محل الروح من الجسد و محل الرعیه منه محل الجسد من الروح، فالروح تألم بألم کل عضو من البدن و لیس کل واحد من الأعضاء یألم بألم غیره، و فساد الروح فساد جمیع البدن، و قد یفسد بعض البدن و غیره من سایر البدن صحیح.

و کان یقال: ظلم الرعیه استجلاب البلیه.

و کان یقال: العجب ممن استفسد رعیته و هو یعلم أن عزه بطاعتهم.

و کان یقال: أیدى الرعیه تبع ألسنتها حتى یملک جسومها، و لن یملک‏

جسومها حتى یملک قلوبها فتحبه، و لن تحبه حتى یعدل علیها فی أحکامه عدلا یتساوى فیه الخاصه و العامه و حتى یخفف عنها المؤن و الکلف، و حتى یعفیها من رفع أوضاعها و أراذلها علیها، و هذه الثالثه تحقد على الملک العلیه من الرعیه و تطمع السفله فی الرتب السنیه.

و کان یقال: الرعیه ثلاثه أصناف: صنف فضلاء مرتاضون بحکم الریاسه و السیاسه یعلمون فضیله الملک و عظیم غنائه و یرثون له من ثقل أعبائه فهؤلاء یحصل الملک موادتهم بالبشر عند اللقاء و یلقى أحادیثهم بحسن الاصغاء، و صنف فیهم خیر و شر فصلاحهم یکتسب من معاملتهم بالترغیب و الترهیب، و صنف من السفله الرعاع أتباع لکل راع لا یمتحنون فی أقوالهم و أفعالهم بنقد و لا یرجعون فی الموالاه إلى عقد.

و کان یقال: ترک المعاقبه للسفله على صغایر الجرائم تدعوهم إلى ارتکاب الکبایر العظائم ألا ترى أول نشوز المرأه کلمه سومحت بها، و أول حران الدابه حیده سوعدت علیها.

و کان یقال: إذا لم یعمر الملک ملکه بانصاف الرعیه خرب ملکه بعصیان الرعیه.

قیل لأنوشیروان: أى الجنن أوقى؟ قال: الدین، قیل: فأى العدو أقوى؟

قال: العدل.

و فی شرح المعتزلی جاء رجل من مصر إلى عمر بن الخطاب متظلما فقال یا أمیر المؤمنین هذا مکان العائذ بک قال: لو عذت بمکان ما شانک؟ قال: سابقت ولد عمرو بن العاص بمصر فسبقته فجعل یعنفنی بسوطه و یقول: أنا ابن الأمیر.

و بلغ أباه ذلک فحبسنى خشیه أن اقدم علیک، فکتب إلى عمرو: إذا أتاک کتابى هذا فاشهد الموسم أنت و ابنک، فلما قدم و عمرو و ابنه دفع الدره إلى المصری و قال: اضربه کما ضربک، فجعل یضربه و عمر یقول: اضرب ابن الأمیر اضرب ابن الامیر یرددها حتى قال یا أمیر المؤمنین قد استقدت منه فقال و أشار إلى عمرو:

ضعها على صلعته فقال المصرى یا أمیر المؤمنین انما أضرب من ضربنی فقال:إنما ضربک بقوه أبیه و سلطانه فاضربه إن شئت فو الله لو فعلت لما منعک احد منه حتى تکون أنت الذى یتبرع بالکف عنه، ثم قال: یا ابن العاص متى تعبدتم الناس و قد ولدتهم امهاتهم أحرارا.

کتب عدى بن ارطاه إلى عمر بن عبد العزیز: أما بعد فان قبلنا قوما لا یؤدون الخراج إلا أن یمسهم نصب من العذاب، فاکتب إلى یا أمیر المؤمنین برأیک، فکتب: أما بعد فالعجب کل العجب تکتب إلى تستأذننى فی عذاب البشر کان إذنی لک جنه من عذاب الله أو کان رضاى ینجیک من سخط الله فمن أعطاک ما علیه عفوا فخذ منه، و من أبی فاستحلفه وکله إلى الله، فلأن یلقوا الله بجرائمهم أحب إلى من أن ألقاه بعذابهم.

التذییل الثانی‏

لما استطرد علیه السلام فی هذا الفصل ذکر حق الله تعالى على عباده و ذکر حقوق بعضهم على بعض ینبغی أن نذکر طرفا منها من طریق الأخبار و هى کثیره جدا لا تستقصى، و نقنع منها بأجمعها لتلک الحقوق، و هی رساله علی بن الحسین علیهما السلام المعروفه برساله الحقوق فأقول و بالله التوفیق:

روى فی البحار من کتاب تحف العقول تألیف الشیخ أبی محمد الحسن بن علی بن شعبه قال: رساله علی بن الحسین علیهما السلام المعروفه برساله الحقوق.

اعلم رحمک الله أن لله علیک حقوقا محیطه بک فی کل حرکه حرکتها أو سکنه سکنتها أو منزله نزلتها أو جارحه قلبتها و آله تصرفت بها بعضها أکبر من بعض و أکبر حقوق الله علیک ما أوجبه لنفسه تبارک و تعالى من حقه الذى هو أصل الحقوق و منه تفرع، ثم أوجبه علیک لنفسک من قرنک إلى قدمک على اختلاف جوارحک فجعل لبصرک علیک حقا و لسمعک علیک حقا، و للسانک علیک حقا، و لیدک علیک حقا، و لرجلک علیک حقا، و لبطنک علیک حقا، و لفرجک علیک حقا، فهذه الجوارح السبع التی بها تکون الأفعال، ثم جعل عز و جل لأفعالک علیک حقوقا فجعل لصلاتک علیک حقا، و لصومک علیک حقا، و لصدقتک‏ علیک حقا، و لهدیک علیک حقا، و لأفعالک علیک حقا، ثم تخرج الحقوق منک إلى غیرک من ذوى الحقوق الواجبه علیک، و أوجبها علیک حقا أئمتک، ثم حقوق رعیتک، ثم حقوق رحمک، فهذه حقوق یتشعب منها حقوق، فحقوق أئمتک ثلاثه أوجبها علیک حق سائسک بالسلطان، ثم سائسک بالعلم ثم حق سائسک بالملک و کل سائس امام، و حقوق رعیتک ثلاثه أوجبها علیک حق رعیتک بالسلطان، ثم حق رعیتک بالعلم فان الجاهل رعیه العالم و حق رعیتک بالملک من الأزواج و ما ملکت من الأیمان، و حقوق رحمک کثیره متصله بقدر اتصال الرحم فی القرابه، فأوجبها علیک حق امک، ثم حق أبیک، ثم حق ولدک، ثم حق أخیک، ثم الأقرب فالأقرب، و الأول فالأول، ثم حق مولاک المنعم علیک ثم حق مولاک الجارى نعمتک علیه، ثم حق ذى المعروف لدیک، ثم حق مؤذنک بالصلاه، ثم حق امامک فی صلاتک، ثم حق جلیسک، ثم حق جارک، ثم حق صاحبک، ثم حق شریکک، ثم حق مالک، ثم حق غریمک الذى تطالبه، ثم حق غریمک الذى یطالبک، ثم حق خلیطک، ثم حق خصمک المدعی علیک، ثم حق خصمک الذى تدعى علیه، ثم حق مستشیرک، ثم حق المشیر علیک، ثم حق مستنصحک، ثم حق الناصح لک، ثم حق من هو أکبر منک، ثم حق من هو أصغر منک، ثم حق سائلک، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لک على یدیه مساءه بقول أو فعل أو مسره بذلک بقول أو فعل عن تعمد منه أو عیر تعمد منه، ثم حق أهل ملتک عامه، ثم حق أهل الذمه، ثم الحقوق الحادثه بقدر علل الأحوال و تصرف الأسباب، فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب علیه من حقوقه و وفقه و سدده

۱- فأما حق الله الأکبر فانک تعبده لا تشرک به شیئا فاذا فعلت ذلک باخلاص جعل لک على نفسه أن یکفیک أمر الدنیا و الاخره و یحفظ لک ما تحب منها.

۲- و أما حق نفسک علیک فأن تستوفیها فی طاعه الله فتؤدى إلى لسانک حقه، و إلى سمعک حقه، و إلى بصرک حقه، و إلى یدک حقها، و إلى رجلک حقها، و إلى بطنک حقه، و إلى فرجک حقه، و تستعین بالله على ذلک ۳- و أما حق اللسان فإکرامه عن الخنا، و تعویده الخیر، و حمله على‏

الأدب و اجمامه إلا لموضع الحاجه و المنفعه للدین و الدنیا، و إعفاؤه عن الفضول الشنعه القلیله الفائده التی لا یؤمن ضررها مع قله عائدتها، و بعد شاهد العقل و الدلیل علیه و تزین العاقل بعقله حسن سیرته فی لسانه، و لا قوه إلا بالله العلی العظیم.

۴- و أما حق السمع فتنزیهه عن أن تجعله طریقا إلى قلبک إلا لفوهه کریمه تحدث فی قلبک خیرا أو تکسب خلقا کریما، فانه باب الکلام إلى القلب یؤدى إلیه ضروب المعانی على ما فیها من خیر أو شر، و لا قوه إلا بالله.

۵- و أما حق بصرک فغضه عما لا یحل و ترک ابتذاله إلا لموضع عبره تستقبل بها بصرا أو یستفید بها علما، فان البصر باب الاعتبار ..

۶- و أما حق رجلیک فان لا تمشی بهما إلى ما لا یحل لک، و لا تجعلهما مطیتک فی الطریق المستخفه بأهلها فیها فانها حاملتک و سالکه بک مسلک الدین و السبق لک، و لا قوه إلا بالله.

۷- و أما حق یدک فأن لا تبسطها إلى ما لا یحل لک فتنال بما تبسطها إلیه من الله العقوبه فی الاجل و من الناس بلسان اللائمه فی العاجل، و لا تقبضها مما افترض الله علیها، و لکن توقرها بقبضها عن کثیر مما لا یحل لها و بسطها إلى کثیر مما لیس علیها، فاذا هى قد عقلت و شرفت فی العاجل وجب لها حسن الثواب من الله فی الاجل.

۸- و أما حق بطنک فأن لا تجعله وعاء لقلیل من الحرام و لا لکثیر، و أن تقتصد له فی الحلال و لا تخرجه من حد التقویه إلى حد التهوین و ذهاب المروه و ضبطه إذا هم بالجوع و الظماء فان الشبع المنتهى بصاحبه إلى التخم مکسله و مثبطه و مقطعه عن کل بر و کرم و إن الرى المنتهى بصاحبه إلى السکر مسخفه و مجهله و مذهبه للمروه.

۹- و أما حق فرجک فحفظه مما لا یحل لک، و الاستعانه علیه بغض البصر فانه من أعون الأعوان و کثره ذکر الموت و التهدد لنفسک بالله و التخویف لها به و بالله العصمه و التأیید، و لا حول و لا قوه إلا به.

ثم حقوق الافعال‏

۱۰- فأما حق الصلاه فأن تعلم أنها وفاده إلى الله و أنک قائم بها بین یدی الله فاذا علمت ذلک کنت خلیقا أن تقوم فیها مقام الذلیل الراغب الراهب الخائف الراجی المستکین المتضرع المعظم من قام بین یدیه بالسکون و الاطراق و خشوع الأطراف و لین الجناح و حسن المناجاه له فی نفسه و الطلب إلیه فی فکاک رقبتک التی أحاطت به خطیئتک و استهلکتها ذنوبک، و لا قوه إلا بالله.

۱۱- و أما حق الصوم فأن تعلم أنه حجاب ضرب الله على لسانک و سمعک و بصرک و فرجک و بطنک لیسترک به من النار و هکذا جاء فی الحدیث: الصوم جنه من النار، فان سکنت أطرافک فی حجبتها رجوت أن تکون محجوبا، و إن أنت ترکتها تضطرب فی حجابها و ترفع جنبات الحجاب فتطلع إلى ما لیس لها بالنظره الداعیه للشهوه و القوه الخارجه عن حد التقیه لله لم تأمن أن تخرق الحجاب و تخرج منه، و لا قوه إلا بالله.

۱۲- و أما حق الصدقه فأن تعلم أنها ذخرک عند ربک و ودیعتک التی لا تحتاج إلى الاشهاد فاذا علمت ذلک کنت بما استودعته سرا أوثق بما استودعته علانیه، و کنت جدیرا أن تکون أسررت إلیه أمرا أعلنته و کان الأمر بینک و بینه فیها سرا على کل حال و لم تستظهر علیه فیما استودعته منها اشهاد الاسماع و الابصار علیه بها کأنها أوثق فی نفسک لا کأنک لا تثق به فی تأدیه ودیعتک إلیک، ثم لم تمتن بها على أحد لأنها لک فاذا امتننت بها لم تأمن أن تکون بها مثل تهجین حالک منها إلى من مننت بها علیه لأن فی ذلک دلیلا على أنک لم ترد نفسک بها و لو أردت نفسک بها لم تمتن على أحد، و لا قوه إلا بالله.

۱۳- و أما حق الهدى فأن تخلص بها الاراده إلى ربک و التعرض لرحمته و قبوله و لا ترید عیون الناظرین دونه فاذا کنت کذلک لم تکن متکلفا و لا متصنعا و کنت انما تقصد إلى الله و اعلم أن الله یراد بالیسیر و لا یراد بالعسیر کما أراد

بخلقه التیسیر و لم یرد بهم التعسیر و کذلک التذلل أولى بک من التدهقن لأن الکلفه و المئونه فی المدهقنین فأما التذلل و التمسکن فلا کلفه فیهما و لا مئونه علیهما لأنهما الخلقه و هما موجودان فی الطبیعه و لا قوه إلا بالله.

ثم حقوق الائمه

۱۴- فأما حق سائسک بالسلطان فأن تعلم أنک جعلت له فتنه و أنه مبتلی فیک بما جعله الله له علیک من السلطان و أن تخلص له فی النصیحه و أن لا تماحکه و قد بسطت یده علیک فتکون سبب هلاک نفسک و هلاکه و تذلل و تلطف لاعطائه من الرضا ما یکفه عنک و لا یضر بدینک و تستعین علیه فی ذلک بالله و لا تعازه و لا تعانده فانک إن فعلت ذلک عققته و عققت نفسک فعرضتها لمکروهه و عرضته للهلکه فیک و کنت خلیقا أن تکون معینا له على نفسک و شریکا له فیما أتى إلیک و لا قوه إلا بالله ۱۵- و أما حق سائسک بالعلم فالتعظیم له و التوقیر لمجلسه و حسن الاستماع إلیه و الاقبال علیه و المعونه له على نفسک فیما لا غنى بک عنه من العلم بأن تفرغ له عقلک و تحضره فهمک و تذکى له و تجلى له بصرک بترک اللذات و نقص الشهوات و أن تعلم أنک فیما القی رسوله إلى من لقاک من أهل الجهل فلزمک حسن التأدیه عنه إلیهم فلا تخنه فی تأدیه رسالته و القیام بها عنه إذا تقلدتها و لا حول و لا قوه إلا بالله.

۱۶- و أما حق سائسک بالملک فنحو من سائسک بالسلطان إلا أن هذا یملک ما لا یملکه ذاک تلزمک طاعته فیما دق و جل منک إلا أن تخرجک من وجوب حق الله تعالى و یحول بینک و بین حقه و حقوق الخلق فاذا قضیته رجعت إلى حقه فتشاغلت به و لا قوه إلا بالله.

ثم حقوق الرعیه

۱۷- فأما حقوق رعیتک بالسلطان فأن تعلم أنک استرعیتهم بفضل قوتک علیهم فانه إنما أحلهم محل الرعیه منک ضعفهم و ذلهم فما أولى من کفاکه ضعفه و ذله حتى صیره لک رعیه و صیر حکمک علیه نافذا لا یمتنع منک بعزه و لا قوه و لا یستنصر فیما تعاظمه منک إلا بالله بالرحمه و الحیاطه و الاناه و ما أولاک‏ إذا عرفت ما أعطاک الله من فضل هذه العزه و القوه التی قهرت بها أن تکون لله شاکرا و من شکر الله أعطاه فیما أنعم علیه و لا قوه إلا بالله

۱۸- و أما حق رعیتک بالعلم فأن تعلم أن الله قد جعلک لهم فیما آتاک من العلم و ولاک من خزانه الحکمه فان أحسنت فیما ولاک الله من ذلک و قمت به لهم مقام الخازن الشفیق الناصح لمولاه فی عبیده الصابر المحتسب الذى إذا رأى ذا حاجه اخرج له من الأموال التی فی یدیه کنت راشدا و کنت لذلک أهلا «آملا» معتقدا و إلا کنت له خائنا و لخلقه ظالما و لسلبه و عزه متعرضا.

۱۹- و أما حق رعیتک بملک النکاح فأن تعلم أن الله جعلها سکنا و مستراحا و انسا و واقیه و کذلک کل واحد منکما یجب أن یحمد الله على صاحبه و یعلم أن ذلک نعمه منه علیه و وجب أن یحسن صحبه نعمه الله و یکرمها و یرفق بها و إن کان حقک علیها أغلظ و طاعتک لها ألزم فیما أحببت و کرهت ما لم تکن معصیه فان لها حق الرحمه و المؤانسه و موضع السکون إلیها قضاء للذه التی لا بد من قضائها و ذلک عظیم و لا قوه إلا بالله.

۲۰- و أما حق رعیتک بملک الیمین فأن تعلم أنه خلق ربک و لحمک و دمک و أنک تملکه لا أنک صنعته دون الله و لا خلقت له سمعا و لا بصرا و لا أجریت له رزقا و لکن الله کفاک ذلک بمن سخره لک و ائتمنک علیه و استودعک إیاه لتحفظه فیه و تسیر فیه بسیرته فتطعمه مما تأکل و تلبسه مما تلبس و لا تکلفه ما لا یطیق فان کرهت خرجت إلى الله منه و استبدلت به و لم تعذب خلق الله و لا قوه إلا بالله.

و أما حق الرحم‏

۲۱- فحق أمک أن تعلم أنها حملتک حیث لا یحمل أحد أحدا و أطعمتک من ثمره قلبها ما لا یطعم أحد أحدا و أنها وقتک بسمعها و بصرها و یدها و رجلها و شعرها و بشرها و جمیع جوارحها مستبشره بذلک فرحه موبله محتمله لما فیه مکروهها و ألمها و ثقلها و غمها حتى دفعتها عنک ید القدره و أخرجتک إلى الأرض فرضیت أن تشبع و تجوع هى و تکسوک و تعرى و ترویک و تظمأ و تظلک و تضحى و تنعمک ببؤسها و تلذذک بالنوم بأرقها و کان بطنها لک وعاء و حجرها لک حواء و ثدیها لک سقاء و نفسها لک وقاء تباشر حر الدنیا و بردها لک و دونک فتشکرها على قدر ذلک و لا تقدر علیه إلا بعون الله و توفیقه.

۲۲- و أما حق أبیک فتعلم أنه أصلک و أنک فرعه و أنک لولاه لم تکن فمهما رأیت فی نفسک مما تعجبک فاعلم أن أباک أصل النعمه علیک فیه و احمد الله و اشکره على قدر ذلک ۲۳- و أما حق ولدک فتعلم أنه منک و مضاف إلیک فی عاجل الدنیا بخیره و شره و أنک مسئول عما ولیته من حسن الأدب و الدلاله على ربه و المعونه له على طاعته فیک و فی نفسه فمثاب على ذلک و معاقب فاعمل فی أمره عمل المتزین بحسن أثره علیه فی عاجل الدنیا المعذر إلى ربه فیما بینک و بینه بحسن القیام علیه و الأخذ له منه و لا قوه إلا بالله.

۲۴- و أما حق أخیک فتعلم أنه یدک التی تبسطها و ظهرک الذى تلتجئ إلیه و عزک الذى تعتمد علیه و قوتک التی تصول بها فلا تتخذه سلاحا على معصیه الله و لا عده للظلم بخلق الله و لا تدع نصرته على نفسه و معونته على عدوه و الحول بینه و بین شیاطینه و تأدیه النصیحه إلیه و الاقبال علیه فی الله فان انقاد لربه و أحسن الاجابه له و إلا فلیکن الله آثر عندک و أکرم علیک منه

۲۵- و أما حق المنعم علیک بالولاء فأن تعلم أنه أنفق فیک ماله و أخرجک من ذل الرق و وحشته إلى عز الحریه و أنسها و أطلقک من اسر الملکه وفک عنک حلق العبودیه و أوجدک رایحه العز و أخرجک من سجن القهر و دفع عنک العسر و بسط لک لسان الانصاف و أباحک الدنیا کلها فملکک نفسک و حل اسرک و فرغک لعباده ربک و احتمل بذلک التقصیر فیما له فتعلم أنه أولى الخلق بک بعد اولى رحمک فى حیاتک و موتک و أحق الخلق بنصرک و معونتک و مکانفتک فی ذات الله فلا تؤثر علیه نفسک ما احتاج إلیک أحدا أبدا

۲۶- و أما حق مولاک الجاریه علیه نعمتک فأن تعلم أن الله جعلک حامیه علیه و واقیه و ناصرا و معقلا و جعله لک وسیله و سببا بینک و بینه فبالحرى أن یحجبک عن النار فیکون فی ذلک ثوابک منه فی الاجل و یحکم له بمیراثه فى العاجل إذا لم یکن له رحم مکافاه لما أنفقته من مالک علیه و قمت به من حقه بعد إنفاق مالک فان لم تخفه خیف علیک أن لا یطیب لک میراثه و لا قوه إلا بالله.

۲۷- و أما حق ذى المعروف علیک فأن تشکره و تذکر معروفه و أن تنشر له المقاله الحسنه و تخلص له الدعاء فیما بینک و بین الله سبحانه فانک إذا فعلت ذلک کنت قد شکرته سرا و علانیه ثم إن أمکنک مکافاته بالفعل کافأته و إلا کنت مرصدا له موطنا نفسک علیها.

۲۸- و أما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذکرک بربک و داعیک إلى حظک و أفضل أعوانک على قضاء الفریضه التی افترضها الله علیک فتشکره على ذلک شکرک للمحسن الیک و إن کنت فى بیتک متهما لذلک لم تکن لله فی أمره متهما و علمت أنه نعمه من الله علیک لا شک فیها فأحسن صحبه نعمه الله بحمد الله علیها على کل حال و لا قوه إلا بالله.

۲۹- و أما حق إمامک فی صلاتک فأن تعلم أنه قد تقلد السفاره فیما بینک و بین الله و الوفاده إلى ربک و تکلم عنک و لم تتکلم عنه و دعا لک و لم تدع له و طلب فیک و لم تطلب فیه و کفاک هم المقام بین یدی الله و المسائله له فیک و لم تکفه ذلک فان کان فی شی‏ء من ذلک تقصیر کان به دونک و إن کان آثما لم تکن شریکه فیه و لم یکن لک علیه فضل فوقی نفسک بنفسه و وقی صلاتک بصلاته فتشکر له على ذلک و لا حول و لا قوه إلا بالله.

۳۰- و أما حق الجلیس فأن تلین له کنفک و تطیب له جانبک و تنصفه فی مجاراه اللفظ و لا تغرق فی نزع اللحظ إذا الحظت و تقصد فی اللفظ إلى إفهامه إذا لفظت و ان کنت الجلیس الیه کنت فی القیام عنه بالخیار و إن کان الجالس إلیک کان بالخیار و لا تقوم إلا باذنه و لا قوه إلا بالله.

۳۱- و أما حق الجار فحفظه غائبا و کرامته شاهدا و نصرته و معونته فی‏ الحالین جمیعا، لا تتبع له عوره، و لا تبحث له عن سوءه لتعرفها، فان عرفتها منه عن غیر إراده منک و لا تکلف کنت لما علمت حصنا حصینا، و سترا ستیرا لو بحثت الأسنه عنه ضمیرا لم تتصل إلیه لا نطوائه علیه، لا تستمع علیه من حیث لا یعلم، لا تسلمه عند شدیده، و لا تحسده عند نعمه، تقیل عثرته و تغفر زلته و لا تدخر حلمک عنه إذا جهل علیک، و لا تخرج أن تکون سلما له، ترد عنه الشتیمه، و تبطل فیه کید حامل النصیحه، و تعاشره معاشره کریمه، و لا حول و لا قوه إلا بالله.

۳۲- و أما حق الصاحب فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إلیه سبیلا و إلا فلا أقل من الانصاف و أن تکرمه کما یکرمک و تحفظه کما یحفظک، و لا یسبقک فیما بینک و بینه إلى مکرمه فان سبقک کافأته و لا تقصد به عما یستحق من الموده تلزم نفسک نصیحته و حیاطته و معاضدته على طاعه ربه و معاونته على نفسه فیما یهم به من معصیه ربه ثم تکون رحمه و لا تکون علیه عذابا، و لا قوه إلا بالله.

۳۳- و أما حق الشریک فإن غاب کفیته و إن حضر ساویته و لا تعزم على حکمک دون حکمه و لا تعمل برأیک دون مناظرته و تحفظ علیه ماله و تنفى عنه خیانته فیما عز أوهان، فانه بلغنا أن ید الله على الشریکین ما لم یتخاونا، و لا قوه إلا بالله.

۳۴- و أما حق المال فأن لا تأخذه إلا من حله و لا تنفقه إلا فی حله و لا تحرفه عن مواضعه و لا تصرفه عن حقایقه و لا تجعله إذا کان من الله إلا إلیه و سببا إلى الله و لا تؤثر به على نفسک من لعله لا یحمدک و بالحرى أن لا یحسن خلافتک فی ترکتک و لا یعمل فیه بطاعه ربک فتکون معینا له على ذلک و بما أحدث فیما لک احسن نظرا لنفسک فیعمل بطاعه ربه فیذهب بالغنیمه و تبوء بالاثم و الحسره و الندامه مع التبعه و لا قوه إلا بالله.

۳۵- و أما حق الغریم الطالب لک فإن کنت موسرا أوفیته و کفیته و أغنیته و لم تردده و تمطله فإن رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم قال: مطل الغنى ظلم، و إن کنت معسرا أرضیته بحسن القول و طلبت إلیه طلبا جمیلا و رددته عن نفسک ردا لطیفا و لم تجمع علیه ذهاب ماله و سوء معاملته فان ذلک لؤم، و لا قوه إلا بالله.

۳۶- و أما حق الخلیط فان لا تغره و لا تغشه و لا تکذبه و لا تغفله و لا تخدعه و لا تعمل فی انتقاضه عمل العدو الذى لا یبقى على صاحبه و إن اطمأن إلیک استقصیت له على نفسک و علمت أن غبن المسترسل ربا، و لا قوه إلا بالله.

۳۷- و أما حق الخصم المدعى علیک فان کان ما یدعى علیک حقا لم تنفسخ فی حجته و لم تعمل فى إبطال دعوته و کنت خصم نفسک له و الحاکم علیها و الشاهد له بحقه دون شهاده الشهود، فان ذلک حق الله علیک و إن کان ما یدعیه باطلا رفقت به و روعته و ناشدته بدینه و کسرت حدته عنک بذکر الله و ألقیت حشو الکلام و لغطه الذى لا یرد عنک عادیه عدوک بل تبوء باثمه و به یشحذ علیک سیف عداوته لأن لفظه السوء تبعث الشر و الخیر مقمعه للشر، و لا قوه إلا بالله.

۳۸- و أما حق الخصم المدعى علیه فان کان ما تدعیه حقا أجملت فی مقاولته بمخرج الدعوى، فان للدعوى غلظه فی سمع المدعى علیه و قصدت قصد حجتک بالرفق و امهل المهله و أبین البیان و ألطف اللطف و لم تتشاغل عن حجتک بمنازعته بالقیل و القال فتذهب عنک حجتک و لا یکون لک فی ذلک درک، و لا قوه إلا بالله.

۳۹- و أما حق المستشیر فإن حضرک له وجه رأى جهدت له فی النصیحه و أشرت إلیه بما تعلم أنک لو کنت مکانه عملت به، و ذلک لیکن منک فی رحمه و لین فان اللین یونس الوحشه و إن الغلظ یوحش موضع الانس، و إن لم یحضرک له رأى و عرفت له من تثق برأیه و ترضى به لنفسک دللته علیه و أرشدته إلیه فکنت لم تأله خیرا و لم تدخره نصحا، و لا قوه إلا بالله

۴۰- و أما حق المشیر علیک فلا تتهمه فیما یوافقک علیه من رأیه إذا أشار علیک فانما هی الاراء و تصرف الناس فیها و اختلافهم فکن علیه فی رأیه بالخیار إذا اتهمت رأیه فأما تهمته فلا تجوز لک إذا کان عندک ممن یستحق المشاوره و لا تدع شکره على ما بدا لک من إشخاص رأیه و حسن وجه مشورته فاذا وافقک حمدت الله و قبلت ذلک من أخیک بالشکر و الارصاد بالمکافاه فی مثلها إن فزع إلیک و لا قوه إلا بالله.

۴۱- و أما حق المستنصح فان حقه أن تؤدى إلیه النصیحه على الحق الذی ترى له أنه یحمل و یخرج المخرج الذى یلین على مسامعه، و تکلمه من الکلام بما یطیقه عقله، فان لکل عقل طبقه من الکلام یعرفه و یجتنبه، و لیکن مذهبک الرحمه، و لا قوه إلا بالله.

۴۲- و أما حق الناصح فأن تلین له جناحک ثم تشرئب له قلبک و تفتح له سمعک حتى تفهم عنه نصیحته ثم تنظر فیها فان کان وفق فیها للصواب حمدت الله على ذلک و قبلت منه و عرفت له نصیحته، و إن لم یکن وفق لها فیها رحمته و لم تتهمه و علمت أنه لم یألک نصحا إلا أنه أخطأ إلا أن یکون عندک مستحقا للتهمه فلا تعبأ بشى‏ء من أمره على کل حال، و لا قوه إلا بالله.

۴۳- و أما حق الکبیر فإن حقه توقیر سنه و إجلال إسلامه إذا کان من أهل الفضل فی الاسلام بتقدیمه فیه و ترک مقابلته عند الخصام و لا تسبقه إلى طریق و لا تؤمه فی طریق و لا تستجهله و إن جهل علیک تحملت و أکرمته بحق إسلامه مع سنه فانما حق السن بقدر الاسلام و لا قوه إلا بالله.

۴۴- و أما حق الصغیر فرحمته و تثقیفه و تعلیمه و العفو عنه و الستر علیه و الرفق به و المعونه له و الستر على جرائر حداثته فانه سبب للتوبه و المداراه له و ترک مماحکته فان ذلک أولى «أدنى» لرشده.

۴۵- و أما حق السائل فإعطاؤه إذا تهیأت صدقه و قدرت على سد حاجته و الدعاء له فیما نزل به و المعاونه له على طلبته، فان شککت فی صدقه و سبقت إلیه التهمه له و لم تعزم على ذلک لم تأمن أن یکون من کید الشیطان أراد أن یصدک عن حظک و یحول بینک و بین التقرب إلى ربک و ترکته بستره و رددته ردا جمیلا، و إن غلبت نفسک فی أمره و أعطیته على ما عرض فی نفسک منه فان ذلک من عزم الامور

۴۶- و أما حق المسئول فحقه إن أعطى قبل منه ما أعطی بالشکر له و المعرفه لفضله و طلب وجه العذر فی منعه و أحسن به الظن و اعلم أنه إن منع ماله منع و ان‏ لیس التثریب فی ماله و إن کان ظالما فان الانسان لظلوم کفار.

۴۷- و أما حق من سرک الله به و على یدیه فان کان تعمد هالک حمدت الله أولا ثم شکرته على ذلک بقدره فی موضع الجزاء و کافأته على فضل الابتداء و أرصدت له المکافاه، فان لم یکن تعمدها حمدت الله و شکرت له و علمت أنه منه توحدک بها و أحببت هذا إذا کان سببا من أسباب نعم الله علیک و ترجو له بعد ذلک خیرا فان أسباب النعم برکه حیث ما کانت و إن کان لم یتعمد، و لا قوه إلا بالله.

۴۸- و أما حق من ساءک القضاء على یدیه بقول أو فعل فان کان تعمدها کان العفو أولى بک لما فیه له من القمع و حسن الأدب مع کثیر أمثاله من الخلق فان الله یقول «و لمن انتصر بعد ظلمه فأولئک ما علیهم من سبیل» إلى قوله «من عزم الأمور» و قال عز و جل «و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خیر للصابرین» هذا فی العمد فإن لم یکن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه فتکون قد کافأنه فی تعمد على خطاء و رفقت به و رددته بألطف ما تقدر علیه، و لا قوه إلا بالله.

۴۹- و أما حق أهل ملتک عامه فاضمار السلامه و نشر جناح الرحمه و الرفق بمسیئهم و تألفهم و استصلاحهم و شکر محسنهم إلى نفسه و إلیک فان إحسانه إلى نفسه إحسانه إلیک إذا کف عنک أذاه و کفاک مئونته و حبس عنک نفسه فعمهم جمیعا بدعوتک، و انصرهم جمیعا بنصرتک، و أنزلهم جمیعا منک منازلهم کبیرهم بمنزله الوالد و صغیرهم بمنزله الولد و أوسطهم بمنزله الأخ، فمن أتاک تعاهدته بلطف و رحمه وصل أخاک بما یجب للأخ «یحب الأخ» على أخیه.

۵۰- و أما حق أهل الذمه فالحکم فیهم أن تقبل منهم ما قبل الله و کفى بما جعل الله لهم من ذمته و عهده و تکلهم إلیه فیما طلبوا من أنفسهم و اجبروا علیه و تحکم فیهم بما حکم الله به على نفسک فیما جرى بینک من معامله و لیکن بینک و بین ظلمهم من رعایه ذمه الله و الوفاء بعهده و عهد رسوله صلى الله علیه و آله و سلم حایل، فانه بلغنا أنه صلى الله علیه و آله و سلم قال: من ظلم معاهدا کنت خصمه، فاتق الله و لا حول و لا قوه إلا بالله.

فهذه خمسون حقا محیطا بک لا تخرج منها فی حال من الأحوال یجب علیک رعایتها و العمل فی تأدیتها و الاستعانه بالله جل ثناؤه على ذلک، و لا حول و لا قوه إلا بالله و الحمد لله رب العالمین.

قال الشارح عفى الله عنه و وفقه لأداء حقوقه: و انما أوردت الروایه بتمامها مع کون صدرها خارجا عن الغرض لکثره فوایدها و مزید عوائدها فضننت بها عن الاسقاط و الاقتصار.

ثم أقول: النسخه التی رویت منها کانت غیر خالیه عن السقم فرویت کما رأیت، فلعل الله یوفقنی على إصلاحها و مقابلتها[۱] فیما بعد بتحصیل نسخه صحیحه، و هو الموفق و المعین و به اعتمادى‏

الترجمه

از جمله خطبه هاى شریفه آن امام مبین و سید الوصیین است که خطبه خواند آن را در صفین مى ‏فرماید أما بعد از حمد خدا و نعت رسول خدا پس بتحقیق گردانیده است خدا از براى من بر شما حق بزرگى را بسبب صاحب اختیار بودن من بر امر شما، و از براى شماست بر من از حق مثل آن حقی که مراست بر شما، پس حق فراترین خیرهاست در مقام وصف کردن بعضی با بعضی أوصاف آن را، و تنگ‏ترین چیزهاست‏

در مقام انصاف کردن بعضی مر بعضی را، جارى نمى ‏شود آن حق از براى منفعت أحدى مگر این که جارى شود بر ضرر او، و جارى نمى ‏شود بر ضرر او مگر این که جارى شود از براى منفعت او و اگر باشد از براى کسى که جارى شود حق او بر غیر و حق غیر بر او جارى نشود هر آینه باشد و مختص بخداوند سبحانه بدون خلق او از جهت قدرت او بر بندگان خود و از جهت عدالت او در هر چیزى که جارى شد بر آن چیز اقسام قضا و حکم او، و لیکن گردانید خداى تعالى حق خود را بر بندگان این که اطاعت او نمایند، و گردانید جزاى طاعت ایشان را بر خود این که ثواب ایشان را بالمضاعف کند از حیثیت تفضل و احسان و از روى وسعت دادن با چیزى که خود اهل اوست از زیاده کردن جزا پس گردانید حق سبحانه و تعالى از جمله حقوق خود حقوقى را که واجب گردانیده است آنها را از براى بعضى از مردمان بر بعضى، پس گردانید آنها را متساوى و متقابل در جهات آنها و باعث مى ‏شود بعضى از آنها به بعضى و مستحق نمى ‏شود بعضى را مگر بعوض بعضى و بزرگترین چیزى که واجب گردانید حق سبحانه و تعالى از این حقوق حق والى و پادشاهست بر رعیت، و حق رعیت است بر والى و پادشاه فریضه‏ایست که فرض کرده خداى سبحانه و تعالى آنرا از براى هر یکى از والى و رعیت بر دیگرى، پس گردانید آن حق را سبب نظم از براى الفت ایشان و مایه عزت از براى دین ایشان، پس صلاح نمى‏ یابد حال رعیت مگر بصلاح حال پادشاهان و صلاح نمى ‏یابد حال پادشاهان مگر بانتظام أمر رعیت.

پس وقتى که ادا کند رعیت بوالى حق او را که اطاعت و فرمان برداریست و ادا کند والى برعیت حق او را که عدالت و دادرسى است عزیز مى ‏شود حق در میانه ایشان، و مستقیم مى ‏شود راههاى دین، و معتدل مى ‏شود علامتهاى عدالت، و جارى مى‏ شود سنن شرعیه بر راههاى خود پس صلاح مى ‏یابد بسبب این روزگار، و امیدوارى مى‏ شود در دوام و بقاء سلطنت، و مأیوس مى ‏گردد جایگاه طمع دشمنان.

و وقتى که غالب گردد و تمرد نماید رعیت بر پادشاه خود، یا ظلم و تعدى کند پادشاه بر رعیت خود مختلف مى‏ شود در آن وقت سخنان، و آشکار گردد علامتهاى ظلم و ستم، و بسیار گردد دغل و مفاسد در دین، و ترک شود جاده سنن شرعیه، پس عمل کرده مى‏شود بخواهشات نفسانیه، و معطل گردد احکام شرعیه نبویه، و بسیار شود ناخوشیهاى نفسها، پس استیحاش نمى ‏شود یعنى مردم وحشت نمى ‏کنند از بزرگ حقى که تعطیل افتد، و نه از بزرگ باطلى که آورده شود، پس در آن وقت ذلیل و خار گردند نیکوکاران، و عزیز گردد بدکرداران، و بزرگ مى‏ شود مظالم خدا بر ذمه بندگان.

پس بر شما باد نصیحت کردن یکدیگر را در آن حق واجب و معاونت خوب همدیگر بالاى آن پس نیست احدى و اگر چه شدید باشد در تحصیل رضاى خدا عرض او، و دراز باشد در عمل سعى و تلاش او که برسد حقیقت آن چیزى را که خداى تعالى أهل و سزاوار اوست از اطاعت و عبادت، و لیکن از حقوق واجبه خدا بر بندگان نصیحت کردنست بمقدار طاقت ایشان و اعانت کردن یکدیگر است برپا داشتن حق و عدل در میان خودشان.

و نیست مردى و اگر چه بزرگ شود در حق گذارى مرتبه او و مقدم باشد در دین‏دارى فضیلت او بالاتر از این که اعانت کرده شود بر چیزى که بار کرده است خدا بر او از حق خود، یعنى البته محتاج است بمعین.

و نیست مردى اگر چه کوچک شمرده باشد او را نفسها و حقیر دیده باشد او را چشمها پست تر از این که اعانت کند بر آن حق یا اعانت کرده شود بر آن‏

الفصل الثانی‏

قال السید رضی الله عنه: فأجابه علیه السلام رجل من أصحابه بکلام طویل یکثر فیه الثناء علیه و یذکر سمعه و طاعته له علیه السلام.

فقال علیه السلام:

إن من حق من عظم جلال الله فی نفسه، و جل موضعه من قلبه، أن یصغر عنده لعظم ذلک کل ما سواه، و إن أحق من کان کذلک لمن عظمت نعمه الله علیه، و لطف إحسانه إلیه، فإنه لم تعظم نعمه الله على أحد الا ازداد حق الله علیه عظما. و إن من أسخف حالات الولاه عند صالح الناس أن یظن بهم حب الفخر، و یوضع أمرهم على الکبر، و قد کرهت أن یکون جال فی ظنکم أنی أحب الإطراء، و استماع الثناء، و لست بحمد الله کذلک، و لو کنت أحب أن یقال ذلک لترکته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمه و الکبریاء، و ربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا علی بجمیل ثناء لإخراجی نفسی إلى الله و إلیکم من البقیه فی حقوق لم أفرغ من أدائها، و فرائض لا بد من إمضائها.

فلا تکلمونی بما تکلم به الجبابره، و لا تتحفظوا منی بما یتحفظ به عند أهل البادره، و لا تخالطونی بالمصانعه، و لا تظنوا بی [به‏] استثقالا فی حق قیل لی، و لا التماس إعظام لنفسی، فإنه من استثقل الحق أن یقال له، أو العدل أن یعرض علیه، کان العمل بهما أثقل علیه، فلا تکفوا عن مقاله بحق، أو مشوره بعدل، فإنی لست فی نفسی‏ بفوق أن أخطئ، و لا آمن ذلک من فعلی إلا أن یکفی الله من نفسی ما هو أملک به منی، فإنما أنا و أنتم عبید مملوکون لرب لا رب غیره، یملک منا ما لا نملک من أنفسنا، و أخرجنا مما کنا فیه إلى ما صلحنا علیه، فأبدلنا بعد الضلاله بالهدى، و أعطانا البصیره بعد العمى.

اللغه

(صغر) الشی‏ء یصغر من باب شرف صغرا و زان عنب إذا صار صغیرا و صغر صغرا من باب تعب إذا ذل و هان قال تعالى: و هم صاغرون، أى داخرون ذلیلون و (عظم) الشی‏ء بالضم أیضا عظما کعنب إذ اصار عظیما و (سخف) سخفا و سخافه و زان قرب قربا فهو سخیف و فلان فی عقله سخف أى نقص، و قال الخلیل: السخف فی العقل خاصه و السخافه فی کل شی‏ء.

و (اطریت) فلانا مدحته بأحسن ما فیه و قیل: بالغت فی مدحه و جاوزت الحد و قال السرقسطی فی باب الهمز و الیاء أطرأته مدحته و أطریته أثنیت علیه.

و قوله: (من البقیه) بالباء الموحده کما فی نسخه الشارح المعتزلی و غیرها من بقی الدین کذا فضل و تأخر، و البقیه اسم منه و الجمع بقایا و بقیات مثل عطیه و عطایا و عطیات، و المنقول من خط الرضی من التقیه بالتاء المثناه و (البادره) الحده و الکلام الذى یسبق من الانسان فی حاله الغضب و (المصانعه) الرشوه و المداراه و (کفه) عن المکروه أى صرفه فکف هو أى انصرف یستعمل متعدیا و لازما.

الاعراب‏

قوله: من حق خبر ان قدم على اسمها و هو قوله ان یصغر، و هو مؤول بالمصدر و الواو فی و ان أحق آه حرف قسم حذف المقسم به و جواب القسم قوله: لمن عظمت، و یحتمل أن تکون للعطف فتکون اللام فی لمن تأکیدا.

و قوله: و قد کرهت أن یکون جال فی ظنکم انى احب، یکون زایده بعدأن الناصبه جی‏ء بها لمحض اصلاح اللفظ و تصحیح دخول أن الناصبه و إلا فلا حاجه الیها من حیث المعنی، و الدلیل على زیادتها أنها لم تعمل شیئا أصلا و مثلها فی الزیاده قول أم عقیل ابن أبی طالب و هی ترقصه:

أنت تکون ماجد بلیل
‏إذا تهب شمال بلیل‏

و جمله أن یکون حال فی محل النصب مفعول کرهت، و جمله انی احب فاعل جال و قوله: و لست بحمد الله کذلک، الباء فى بحمد الله إما للمصاحبه و الجار و المجرور فی موضع الحال أى لست کذلک مصاحبا بحمده أى حامدا له تعالى على حد قوله تعالى‏ فسبح بحمد ربک* أى سبحه حامدا له أى نزهه عما لا یلیق به و اثبت له ما یلیق و إما للاستعانه على أنه من اقامه المسبب مقام السبب کما قاله بعض علماء الأدبیه فی سبحانک اللهم و بحمدک، إن المعنی و بمعونتک التی هی نعمه توجب على حمدک سبحتک لا بحولی و قوتی، و على هذا فیکون المعنی لست کذلک باعانته التی توجب حمده تعالى.

و قوله: انحطاطا لله، مفعول لأجله لترکته، و عن تناول متعلق بانحطاطا و اضافه تناول إلى ما من اضافه المصدر إلى مفعوله، و قوله: لاخراجی عله للمنفی، لا للنفى و قوله: فی حقوق، متعلق بالبقیه و الفاء فی قوله فلا تکلمونی، فصیحه.

و قوله فانه من استثقل الحق أن یقال له، الضمیر فی أنه للشأن و أن یقال له بدل من الحق بدل اشتمال و کذلک ان یعرض علیه بدل من العدل، و الباء فی قوله:بفوق، زایده للتأکید و زیادتها فی خبر لیس مطرده، و الفاء فی قوله: فابدلنا آه، عاطفه للتفصیل على الإجمال.

المعنى‏

اعلم أنه علیه السلام لما خطب بما تقدم فی الفصل الأول‏ (فأجابه علیه السلام رجل من أصحابه بکلام طویل یکثر فیه الثناء علیه و یذکر سمعه و طاعته له) و ستطلع على کلام هذا الرجل فی التکمله الاتیه انشاء الله تعالى.

قال المحدث العلامه المجلسی فی البحار عند روایه هذه الخطبه من الکافی:الظاهر أن هذا الرجل کان الخضر علیه السلام و قد جاء فی مواطن کثیره و کلمه علیه السلام لاتمام الحجه على الحاضرین، و قد أتى بعد وفاته علیه السلام و قام على باب داره و بکى و أبکى و خاطب علیه السلام بأمثال تلک الکلمات و خرج و غاب عن الناس.

أقول: و یؤیده ما یأتی فی روایه الکافی من أنه لم یکن رأی فی عسکره علیه السلام قبل هذا الیوم و لا بعده، و کیف کان فلما سمع علیه السلام کلامه‏ (فقال علیه السلام) مجیبا له:(إن من حق من عظم جلال الله فی نفسه و جل موضعه من قلبه أن یصغر عنده لعظم ذلک کل ما سواه) فان من کمل معرفته بالله و شاهد عظمته و جلاله و کبریاءه لا یبقى لغیره وقع فی نظره، لما ظهر من جلاله تعالى کما قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فی ما رواه عنه صلى الله علیه و آله و سلم فی احیاء العلوم: لا یبلغ عبد حقیقه الایمان حتى ینظر الناس کالأباعر فی جنب الله ثم یرجع إلى نفسه فیجدها أحقر حقیر.

(و ان أحق من کان کذلک لمن عظمت نعمه الله علیه و لطف احسانه الیه) یعنی أحق الناس بتعظیم جلال الله و تصغیر ما سواهم الأئمه علیهم السلام لعظم نعمه الله علیهم و کمال معرفتهم بجلال ربهم، فحق الله تعالى علیهم أعظم من غیرهم فینبغی أن یصغر عندهم أنفسهم فلا یحبوا الثناء و الاطراء.

أو أن من عظمت نعمه و لطفه و احسانه إلیه فهو أحق و أجدر بأن یعظم جلال الله و یجل محله فی قلبه، و من کان کذلک فیضمحل عند ملاحظه جلاله و مشاهده عظمه غیره، فلا یکون له التفات و توجه إلى الخلق فی أعماله حتى یطلب رضاءهم و مدحهم و ثناءهم.

و من هنا لما قال الحواریون لعیسى علیه السلام ما الخالص من الأعمال؟ فقال: الذى یعمل لله تعالى لا یحب أن یحمده علیه أحد.

و قال بعضهم: الاخلاص نسیان رؤیه الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط، و قال آخر: هو اخراج الخلق عن معامله الرب.

و یؤید الثانی تعلیله بقوله‏ (فانه لم تعظم نعمه الله على أحد إلا ازداد حق الله علیه عظما) و أعظم حقه هو الاخلاص کما قال «و ما امروا إلا لیعبدوا الله مخلصین‏ له الدین» «فمن کان یرجو لقاء ربه فلیعمل عملا صالحا و لا یشرک بعباده ربه أحدا».

(و ان من أسخف حالات الولاه عند صالح الناس ان یظن بهم حب الفخر).

لظهور مخائل حبه علیهم، و ذلک لضعف عقولهم و حبهم للجاه و المنزله عند الناس و للثناء و المحمده منهم.

و النکته فی محبتهم لذلک هو ارتیاح النفس و التذاذ القلب به و میل الطبع الیه بسبب استشعار الکمال من قول المادح، و ذلک لأن الکمال محبوب، و کل محبوب فادراکه لذیذ، فمهما شعرت النفس بکمالها ارتاحت و تلذذت فالمدح یشعر نفس الممدوح بکمالها.

فان الوصف الذى یمدح به إما أن یکون جلیا ظاهرا کوصفه بأنه طویل القامه و حسن الوجه، أو خفیا مشکوکا کوصفه بالقدره و الشجاعه و السخاوه، و الالتذاذ بالأول أقل و بالثانی أعظم، لأن الانسان ربما یکون شاکا فی کمال قدرته و شجاعته و سخاوته، و بمدح غیره له بذلک یرتفع شکه و یحصل له الطمأنینه باستشعار ذلک الکمال، فتعظم لذته لا سیما إذا کان المادح من أهل الخبره فهذا هو النکته فی حب الجاه و الفخر و الثناء.

و أیضا فان المدح یدل على حشمه الممدوح و اضطرار المادح إلى اطلاق اللسان بحمده، و مدحه إما عن طوع أو عن قهر و الحشمه أیضا لذیذه لما فیها من القهر و القدره و السلطنه، و هذه اللذه تحصل و إن کان المادح فی الباطن غیر معتقد بما مدح به لأن اضطراره إلى مدحه و وصفه نوع قهر و استیلاء علیه، فیورث ذلک حب الولاه للمحمده و الثناء.

و إنما جعله من أسخف الحالات، لأن من غلب على قلبه‏ حب‏ الجاه و المنزله و الفخر صار همته مقصورا على ملاحظه الخلق و مراعاتهم فى أقواله و أفعاله ملتفتا إلى ما یوجب وقعه فى نظرهم و منزلته عندهم و رضائهم منه رجاء لمدحهم و خوفا من ذمهم و هذا من محض ضعف العقل و قصوره.

لأن هذه الصفه التی یحب المدح بها إما أن یکون متصفا بها واقعا أم لا فان کان متصفا بها فهى إما من الکمالات النفسانیه کالقدره و الشجاعه و العداله، أو لیست من الکمالات النفسانیه بل من الأعراض الدنیویه کالثروه و الجلال و الشوکه و نحوها.

أما الأعراض الدنیویه فالفرح بها کالفرح بما أنبتت الأرض من النبات الذى یصیر عن قریب هشیما تذروه الریاح، و هذا من قله عقل العاقل فلا ینبغی أن یفرح بما هو فى معرض الزوال و الفناء، و ان فرح فلا ینبغی أن یفرح بمدح المادح بل بوجوده و المدح لیس سبب وجوده.

و أما الکمالات النفسانیه فینبغى أن یکون فرحه فیها بفضل الله تعالى أیضا لا بمدح المادح، فان اللذه فی استشعار الکمال و الکمال موجود بفضل الله لا بمدح المادح و المدح تابع له و ان لم یکن متصفا بها واقعا فحب المدح بها غایه الجنون، و مثله کمثل من یهزء به إنسان و یقول له: سبحان الله ما اکثر العطر الذى فى أحشائک و ما أطیب الروائح التی تفوح منک إذا قضیت حاجتک، و هو یعلم ما تشتمل علیه أمعاؤه من الأقذار و الأنتان و مع ذلک فیفرح بمدحه فاذا المادح إن کان صادقا فلیکن فرحه بصفته التی هی من فضل الله و إن کان کاذبا فینبغی أن یغمه مدحه حیث إنه یستهزء به و یستسخر منه فکیف یفرح به.

و أما الحشمه التی اضطرت المادح إلى المدح فمرجعها أیضا إلى قدره عارضه لا ثبات لها، فعلم بذلک أن حب الفخر من أسخف حالات الولاه.

(و) من أسخف حالاتهم أیضا أن‏ (یوضع أمرهم على الکبر) أى یتهموا بالکبر لاستعظامهم لنفسهم و استحقارهم لغیرهم و ترفعهم علیه و انفهم من عباداتهم و هو ایضا من ضعف العقل لأن الکبر و العز و العظمه و الجلال لا یلیق إلا بالقادر القاهر مالک الملک و الملکوت فأین یلیق به العبد الضعیف المسکین المستکین الذى لا یملک لنفسه موتا و لا حیاتا و لا نشورا.

فالوالى المتکبر منازع لله تعالى فی صفه لا یلیق إلا بجلاله مثل الغلام الذى أخذ قلنسوه الملک فوضعها على رأسه و جلس على سریره فما أعظم استحقاقه للمقت و الخزى و ما أقبح ما تعاطاه و أشد جرأته على مولاه و أفحش سفهه عند أهل البصیره هذا.

و لما ذکر اجمالا أن المشاهد لجمال الربوبیه یصغر فی نظره ما سواه و أن أحق الناس بمشاهده جلاله و استصغار غیره هو من فاز لعظیم نعمه المعرفه و عقبه بذکر حاله الولاه من حبهم للفخر و الکبر و اتهامهم بذلک.

أردف ذلک بالتصریح على براءه نفسه القدسیه من هذه الحالات و نزاهته عن حب الاطراء و الثناء بمقتضی مشاهدته لجلال الرب تعالى فقال:(و قد کرهت أن یکون جال فی ظنکم أنی أحب الاطراء) أى المجاوزه عن الحد فی المدح و المبالغه فیه‏ (و استماع الثناء) قال بعض الشارحین: جولان الظن حصول المعنی فی النفس من غیر إذعان کامل، و کراهته علیه السلام له یدل على کراهته للاذعان التام بطریق أولى.

(و لست بحمد الله کذلک) أى محبا لها (و لو کنت احب أن یقال ذلک) أى لو أحببت الاطراء و الثناء و التعظیم و التبجیل بما فیه من التذاذ النفس‏ (لترکته) قطعا (انحطاطا لله) و تذللا لأجله و تصاغرا (عن تناول ما هو أحق به) منی و من کل أحد (من العظمه و الکبریاء) و یحتمل أن یکون‏ أحق‏ بمعنی حقیق غیر مراد به التفضیل کما فی قولهم العسل أحلی من الخل و هو الأظهر بل أولى لأن‏ العظمه و الکبریاء لا یلیق إلا به تعالى کما قال فی الحدیث القدسى: الکبریاء ردائی و العظمه إزارى فمن نازعنی واحدا منهما ألقیته فی جهنم و لا ابالی.

و فی کلامه علیه السلام إشاره إلى أن الاطراء و الثناء یجران إلى الکبر و ذلک أن المادح إذا بالغ فی المدح و ذکر مناقب الممدوح و محاسنه و اثنى علیه بها یورث ذلک فی الممدوح الارتیاح و الاهتزاز و استعظامه لنفسه بما فیها من المناقب و المحاسن و استحقاره بغیره لخلوه منها، و لیس الکبر إلا عباره عن ذلک.

(و ربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء) أى استحلى من أبلى‏ بلاء حسنا من الولاه و غیرهم أن یمدح و یثنى علیه بعد ابتلائه بالشدائد و مکایدته المشاق.

قال الشارح البحرانی: هذا یجرى مجرى تمهید العذر لمن أثنى علیه فکأنه علیه السلام یقول: و أنت معذور حیث رأیتنی أجاهد فی سبیل الله و أحث الناس على ذلک و من عاده الناس أن یستحلوا الثناء عند أن یبلوا بلاء حسنا فی جهاد أو غیره من الطاعات.

ثم أجاب علیه السلام عن هذا العذر بقوله‏ (فلا تثنوا على بجمیل ثناء لاخراجی نفسى إلى الله و إلیکم من البقیه فی حقوق لم أفرغ من أدائها و فرائض لا بد من امضائها) أى لا تثنوا على لأجل ما ترونه منى من طاعه الله فان ذلک انما هو لاخراج نفسى إلى الله من حقوقه الباقیه على لم افرغ بعد من أدائها، و هى حقوق نعمه و فرائضه التی لا بد من المضی فیها و کذلک إلیکم من الحقوق التی أوجبها الله من النصیحه فی الدین و الارشاد إلى الطریق الأفضل و التعظیم لکیفیه سلوکه.

و فی المنقول من خط الرضی من التقیه بالتاء و المعنى فان الذى أفعل من طاعه الله إنما هو لاخراج نفسی إلى الله و إلیکم من تقیه الخلق فیما یجب على من الحقوق إذ کان علیه السلام إنما یعبد الله لله غیر ملتفت فى شی‏ء من عبادته و أداء واجب حقه إلى أحد سواه خوفا منه أو رغبه إلیه أو المراد بها التقیه التی کان یعملها فی زمن الخلفاء الثلاثه و ترکها فی أیام خلافته، و کأنه قال: لم أفعل شیئا إلا و هو أداء حق واجب على و إذا کان کذلک فکیف أستحق أن یثنى على لأجل إتیان الواجب بثناء جمیل، و اقابل بهذا التعظیم، و هو من باب التواضع لله و تعظیم کیفیه أداء حقه، و کسر للنفس عن محبه الباطل و المیل الیه.

و لما نهاهم عن الثناء علیه أردف بتعلیمهم کیفیه سلوکهم معه علیه السلام قولا و فعلا فقال علیه السلام.

(فلا تکلمونى بما تکلم به الجبابره) و الظلمه أى‏ لا تکلمونى‏ بکلام متضمن للتملق لى و التودد الى کما یتکلم به عند أهل الغرور و النخوه من المتجبرین العتاه (و لا تتحفظوا منى بما یتحفظ به عند أهل البادره) أى‏ لا تحرزوا منى بما یتحرز به عند أهل‏ الهده من الملوک و السلاطین و الامراء، فان الناس إنما یتحفظون عنهم و یتکلمون عندهم حقا أو بأطلا بما یعجبهم و یوافق مذاقهم من الثناء و الاطراء و الملق، و یحتشمون منهم و یقومون بین أیدیهم و یخضعون لهم، کل ذلک خوفا من سطوتهم و توقیا من سورتهم.

(و لا تخالطونى) و عن بعض النسخ لا تخاطبونى بدله‏ (بالمصانعه) أى بالرشوه و المداراه، و قال بعض الشارحین: المصانعه أن تصنع لأحد شیئا لیصنع لک شیئا آخر و الغرض النهى عن المخالطه أو المخاطبه بحسب ما یرونه صلاحا فی حصول أغراضهم أو ما یعجبه علیه السلام على زعمهم.

(و لا تظنوا بى استثقالا فی حق لى و لا التماس إعظام لنفسى) أی لا یذهب ظنکم إلى أن فی توانیا من الحق الذی قیل لى، و انى أعده ثقیلا على، و لا إلى أنى أطلب من الخلق التعظیم لنفسى، و ذلک لأنه مع الحق و الحق معه یدور معه کیف دار و لمعرفته بمن هو أهل للاعزاز و أحق به لاختصاصه بالعظمه و الکبریاء فقط جل جلاله دون غیره حسبما صرح به سابقا، و من هذا شأنه فکیف یستثقل الحق و یلتمس الاعظام.

(فانه من استثقل الحق أن یقال له أو العدل أن یعرض علیه کان العمل بهما أثقل علیه) یعنى من کان استماع‏ الحق‏ و العدل ثقیلا علیه عند إظهارهما علیه کان عمله بهما أثقل‏ و أشق، لکن شیئا منهما لیس ثقیلا علیه فضلا عن إصغائه إلیه، بل المعلوم من حاله علیه السلام مضافا إلى شهاده قوله تعالى‏ و ممن خلقنا أمه یهدون بالحق و به یعدلون‏ النازل فیه و فی الأئمه من ذریته علیه و علیهم السلام مواظبته على الحق و العدل فی جمیع حالاته.

و لما نهاهم عن التحفظ منه و نبههم على عدم ثقل استماع القول الحق‏ و العدل علیه کعدم ثقل عمله بهما فرع علیه قوله‏ (فلا تکفوا عن مقاله بحق) أى لا تمسکوا عنها و فیه تلطف لهم‏ (أو مشوره بعدل) و فیه تطییب لقلوبهم و لهذه النکته أیضا أمر الله نبیه صلى الله علیه و آله و سلم فی قوله «و شاورهم فی الأمر» بالتشاور من دون حاجه لأحد منهما إلى استخراج الوجه بالمشاوره لعلمهما بوجوه المصالح جمیعا فی الحرب و غیرها.

و أما التعلیل بقوله‏ (فانی لست فی نفسى بفوق ان اخطى و لا آمن ذلک من فعلى إلا أن یکفى الله من نفسى ما هو أملک به منى) فانما هو من الانقطاع إلى الله و التواضع الباعث لهم على الانبساط معه بقول الحق و عد نفسه من المقصرین فی مقام العبودیه و الاقرار بأن عصمته علیه السلام من نعمه تعالى.

و لیس اعترافا بعدم العصمه کما یتوهم بل لیست العصمه إلا ذلک فانها عباره عن أن یعصم الله العبد من ارتکاب الخطاء و المعصیه و قد أشار إلیه بقوله: إلا أن یکفى الله‏، على حد قول یوسف الصدیق علیه السلام «و ما أبرء نفسى إن النفس لأماره بالسوء إلا ما رحم ربى» و أراد بقوله‏ ما هو أملک به‏ العصمه من الخطاء فانه تعالى أقدر على ذلک للعبد من العبد نفسه ثم اتبعه بمزید الهضم و سوى بینهم و بینه و قال‏ (فانما أنا و أنتم عبید مملوکون لرب لا رب غیره یملک منا ما لا نملک من أنفسنا) و یعصمنا مما لا نقدر أن نعتصم منه بأنفسنا من مکاره الدنیا و الاخره (و أخرجنا مما کنا فیه) من الجهاله و عدم العلم و المعرفه (إلى ما صلحنا علیه) من الکمالات التی یسرها لنا ببعثه الرسول صلى الله علیه و آله و سلم‏ (فأبدلنا بعد الضلاله بالهدى و أعطانا البصیره بعد العمى).

قال الشارح المعتزلی: لیس هذا إشاره إلى خاص نفسه لأنه لم یکن کافرا فأسلم، و لکنه کلام یقوله و یشیر به إلى القوم الذین یخاطبهم من إفناء الناس فیأتى بصیغه الجمع الداخله فیها نفسه توسعا، و یجوز أن یکون معناها لولا ألطاف الله تعالى ببعثه محمد صلى الله علیه و آله و سلم لکنت أنا و غیرى على مذهب الأسلاف.

تکمله

هذه الخطبه رواها ثقه الاسلام الکلینی فی کتاب الروضه من الکافی و السند على بن الحسن المؤدب عن أحمد بن محمد بن خالد و أحمد بن محمد عن علی بن الحسن التمیمی «التیمى» جمیعا عن إسماعیل بن مهران قال: حدثنى عبد الله بن الحرث عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام قال خطب أمیر المؤمنین علیه السلام الناس بصفین فحمد الله و أثنى علیه و صلى على محمد النبی صلى الله علیه و آله و سلم ثم قال علیه السلام:

أما بعد فقد جعل الله لی علیکم حقا بولایه أمرکم و منزلتى التی أنزلنی الله عز ذکره بها منکم و لکم علی من الحق مثل الذى لى علیکم، و الحق أجمل الأشیاء فی التراصف «التواصف» و أوسعها فی التناصف لا یجرى لأحد إلا جرى علیه، و لا یجرى علیه إلا جرى له، و لو کان لأحد أن یجرى ذلک له و لا یجرى علیه لکان ذلک لله عز و جل خالصا دون خلقه، لقدرته على عباده، و لعدله فی کل ما جرت علیه ضروب قضائه، و لکن جعل حقه على العباد أن یطیعوه، و جعل کفارتهم علیه حسن الثواب تفضلا منه و تطولا بکرمه و توسعا بما هو من المزید له أهل، ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتکافا فی وجوهها و یوجب بعضها بعضا، و لا یستوجب بعضها إلا ببعض فأعظم ما افترض الله تبارک و تعالى من تلک الحقوق حق الوالى على الرعیه و حق الرعیه على الوالى فریضه فرضها الله عز و جل لکل على کل فجعلها نظام الفتهم و عزا لدینهم و قواما لسنن الحق فیهم، فلیست تصلح الرعیه إلا بصلاح الولاه، و لا تصلح الولاه إلا باستقامه الرعیه.

فاذا أدت الرعیه إلى الوالى حقه و أدى إلیها الوالى کذلک عز الحق بینهم، فقامت مناهج الدین و اعتدلت معالم العدل، و جرت على اذلالها السنن، و صلح بذلک الزمان و طاب به العیش و طمع فی بقاء الدوله و یئست مطامع الأعداء.

و إذا غلبت الرعیه و الیهم و علا الوالى الرعیه اختلفت هنا لک الکلمه و ظهرت مطامع الجور و کثر الادغال فی الدین و ترکت معالم السنن، فعمل بالهوى و عطلت الاثار و کثرت علل النفوس و لا یستوحش لجسیم حد عطل و لا لعظیم باطل اثل، فهنا لک تذل الأبرار، و تعز الأشرار، و تخرب البلاد، و تعظم تبعات الله عز و جل عند العباد.

فهلم أیها الناس إلى التعاون على طاعه الله عز و جل و القیام بعد له و الوفاء بعهده و الانصاف له فی جمیع حقه، فانه لیس العباد إلى شی‏ء أحوج منهم إلى التناصح فی ذلک و حسن التعاون علیه، و لیس أحد و إن اشتد على رضاء الله حرصه و طال فی العمل اجتهاده ببالغ حقیقه ما أعطى الله من الحق أهله، و لکن من واجب حقوق الله عز و جل على العباد النصیحه له بمبلغ جهدهم، و التعاون على اقامه الحق بینهم.

و لیس امرء و إن عظمت فی الحق منزلته و جسمت فی الخلق فضیلته بمستغن عن أن یعان على ما حمله الله عز و جل من حقه، و لا لامرؤ مع ذلک خسأت به الأمور و اقتحمته العیون بدون ما أن یعین على ذلک أو یعان علیه و أهل الفضیله فی الحال و أهل النعم العظام أکثر من ذلک حاجه و کل فی الحاجه إلى الله عز و جل شرع سواء «فأجابه علیه السلام رجل من عسکره لا یدرى من هو و یقال: إنه لم یر فی عسکره قبل ذلک الیوم و لا بعده، فقام و أحسن الثناء على الله عز و جل بما أبلاهم و أعطاهم من واجب حقه علیهم و الاقرار بما ذکر من تصرف الحالات به و بهم ثم قال:

أنت أمیرنا و نحن رعیتک بک أخرجنا الله عز و جل من الذل و باعزازک اطلق على عباده من الغل، فاختر علینا فامض اختیارک و ائتمر فامض ائتمارک فانک القائل المصدق و الحاکم الموفق و الملک المخول لا نستحل فی شی‏ء من معصیتک و لا نقیس علما بعلمک یعظم عندنا فی ذلک خطرک و یجل عنه فی أنفسنا فضلک».

فأجابه أمیر المؤمنین علیه السلام: إن من حق من عظم جلال الله فی نفسه و عظم موضعه‏ من قلبه أن یصغر عنده لعظم ذلک کل ما سواه، و إن أحق من کان کذلک لمن عظمت نعم الله علیه و لطف إحسانه إلیه فانه لم تعظم نعم الله تعالى على أحد إلا ازداد حق الله علیه عظما.

و إن من أسخف حالات الولاه عند صالح الناس أن یظن بهم حب الفخر و یوضع أمرهم على الکبر، و قد کرهت أن یکون جال فی ظنکم أنى أحب الاطراء، و استماع الثناء، و لست بحمد الله کذلک، و لو کنت احب أن یقال ذلک لترکته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمه و الکبریاء، و ربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا على بجمیل ثناء لاخراجى نفسى إلى الله و إلیکم من البقیه فی حقوق لم افرغ من أدائها و فرائض لا بد من إمضائها.

فلا تکلمونى بما تکلم به الجبابره و لا تتحفظوا منى بما یتحفظ به عند أهل البادره و لا تخالطونى بالمصانعه، و لا تظنوا بى استثقالا فی حق قیل لى و لا التماس إعظام لنفسى لما لا یصلح لى فانه من استثقل الحق أن یقال له أو العدل أن یعرض علیه کان العمل بهما أثقل علیه، فلا تکفوا عن مقاله بحق أو مشوره بعدل فانى لست فی نفسی بفوق أن اخطى و لا آمن ذلک من فعلى إلا أن یکفى الله من نفسى ما هو أملک به منى، فانما أنا و أنتم عبید مملوکون لرب لا رب غیره، یملک منا ما لا نملک من أنفسنا و أخرجنا مما کنا فیه إلى ما صلحنا علیه فأبدلنا بعد الضلاله بالهدى و أعطانا البصیره بعد العمى.

«فأجابه الرجل الذى أجابه من قبل فقال: أنت أهل ما قلت و الله فوق ما قلته فبلاؤه عندنا ما لا یکفر، و قد حملک الله تعالى رعایتنا و ولاک سیاسه أمورنا فأصبحت علمنا الذى نهتدى به، و إما منا الذى نقتدى به، و أمرک کله رشد، و قولک کله أدب، قد قرت لک فی الحیاه أعیننا، و امتلأت بک من سرور قلوبنا، و تحیرت من صفه ما فیک من بارع الفضل عقولنا، و لسنا نقول لک أیها الامام الصالح تزکیه لک، و لا نجاوز القصد فی الثناء علیک، و لم «لن» یکن فی أنفسنا طعن على یقینک أو غش فی دینک فنتخوف أن یکون أحدثت بنعم الله تبارک و تعالى تجبرا، أو دخلک‏ کبر، و لکنا نقول ما قلنا تقربا إلى الله عز و جل بتوقیرک، و توسعا بتفضیلک و شکرا باعظام أمرک، فانظر لنفسک و لنا و آثر لأمر الله على نفسک و علینا فنحن طوع فیما أمرتنا ننقاد من الامور مع ذلک فیما ینفعنا».

فأجابه أمیر المؤمنین علیه السلام فقال: و أنا استشهدکم عند الله على نفسى، لعلمکم فیما و لیت به من امورکم و عما قلیل یجمعنی و ایاکم الموقف بین یدیه و السؤال عما کنا فیه، ثم یشهد بعضنا على بعض، فلا تشهدوا الیوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا، فان الله عز و جل لا تخفى علیه خافیه، و لا یجوز عنده إلا مناصحه الصدور فی جمیع الأمور «فأجابه الرجل و یقال: لم یر الرجل بعد کلامه هذا الأمیر المؤمنین علیه السلام فأجابه و قد عال الذى فی صدره و البکاء تقطع منطقه، و غصص الشجى تکسر صوته إعظاما لخطر مرزأته و وحشه من کون فجیعته، فحمد الله و أثنى علیه ثم شکى إلیه هول ما أشفى علیه من الخطر العظیم و الذل الطویل فی فساد زمانه و انقلاب جده و انقطاع ما کان من دولته، ثم نصب المسأله إلى الله عز و جل بالامتنان علیه و المدافعه عنه بالتفجع و حسن الثناء فقال:

یا ربانی العباد و یا ساکن البلاد أین یقع قولنا من فضلک، و أین یبلغ وصفنا من فعلک، و أنى نبلغ حقیقه حسن ثنائک أو نحصى جمیل بلائک، کیف و بک جرت نعم الله علینا، و على یدک اتصلت أسباب الخیر إلینا، ألم تکن لذل الذلیل ملاذا، و للعصاه الکفار إخوانا، فبمن إلا بأهل بیتک و بک أخرجنا الله عز و جل من فظاعه تلک الخطرات، أو بمن فرج عنا غمرات الکربات، و بمن إلا بکم أظهر الله معالم دیننا و استصلح ما کان فسد من دنیانا، حتى استبان بعد الجور ذکرنا، و قرت من رخاء العیش أعیننا لما ولیتنا بالاحسان جهدک و وفیت لنا بجمیع وعدک، و قمت لنا على جمیع عهدک، فکنت شاهد من غاب منا، و خلف أهل البیت لنا، و کنت عز ضعفائنا، و ثمال فقرائنا، و عماد عظمائنا، یجمعنا فى الامور عدلک، و یتسع لنا فی الحق تأنیک فکنت لنا أنسا إذا رأیناک، و سکنا إذا ذکرناک، فأى الخیرات لم تفعل، و أى‏ الصالحات لم تعمل، و لو أن الأمر الذى نخاف علیک منه یبلغ تحریکه جهدنا، و تقوى لمدافعته طاقتنا أو یجوز الفداء عنک منه بأنفسنا و بمن نفدیه بالنفوس من أبنائنا لقدمنا أنفسنا و أبناءنا قبلک، و لأخطرناها و قل خطرها دونک، و لقمنا بجهدنا فی محاوله من حاولک، و مدافعه من ناواک، و لکنه سلطان لا یحاول و عز لا یزاول، و رب لا یغالب، فان یمنن علینا بعافیتک، و یترحم علینا ببقائک و یتحنن علینا بتفریج هذا من حالک إلى سلامه منک لنا و بقاء منک بین أظهرنا نحدث الله عز و جل بذلک شکرا نعظمه، و ذکرا ندیمه، و نقسم انصاف أموالنا صدقات، و أنصاف رقیقنا عتقاء، و نحدث له تواضعا فی أنفسنا، و نخشع فی جمیع امورنا، و إن یمض بک إلى الجنان و یجرى علیک حتم سبیله، فغیر متهم فیک قضاؤه، و لا مدفوع عنک بلاؤه، و لا مختلفه مع ذلک قلوبنا بان اختیاره لک ما عنده على ما کنت فیه، و لکنا نبکى من غیر اثم لعز هذا السلطان أن یعود ذلیلا، و للدین و الدنیا أکیلا، فلا نرى لک خلقا نشکو إلیه، و لا نظیرا نأمله و لا نقیمه».

بیان‏

لما یحتاج إلى البیان من موارد الاختلاف التی لم یتقدم شرحها عند شرح المتن:قوله علیه السلام «و الحق أجمل الأشیاء فی التراصف» أصل التراصف تنضید الحجاره بعضها ببعض، و المراد أن الحق أحسن الأشیاء فی إنفاق الامور و أحکامها.

قوله «و أوسعها فی التناصف» أى إذا أنصف الناس بعضهم لبعض فالحق یسعه و یحتمله و لا یقع الناس فی العمل بالحق ضیق.

قوله «و جعل کفارتهم علیه حسن الثواب» قال فی البحار: لعل المراد بالکفاره الجزاء العظیم لستره عملهم حیث لم یکن له فی جنبه قدر، فکأنه قد محاه و ستره، و فی أکثر النسخ بحسن الثواب فیحتمل أیضا أن یکون المراد بها ما یقع منهم لتدارک سیئاتهم کالتوبه و سایر الکفارات، أى أوجب قبول کفارتهم و توبتهم على نفسه مع حسن الثواب بأن یثیبهم على ذلک أیضا قوله «قواما یسر الحق فیهم» أى بها یقوم جریان الحق فیهم و بینهم.

قوله «اثل» بالثاء المثلثه و البناء على المفعول من باب التفعیل یقال: أثل ماله تأثیلا زکاه و أصله و أثل ملکه عظمه و أثل أهله کساهم أفضل کسوه و الاثال وزان سحاب و غراب المجد و الشرف قوله «فهلم ایها الناس» اسم فعل بمعنى تعال یستوى فیه الواحد و الجمع و التذکیر و التأنیث على لغه أهل الحجاز.

قوله «حقیقه ما أعطى الله من الحق أهله» أى جزاء ما أعطى الله أهل الحق من الدین المبین و سائر ما هداهم الله إلیه، بأن یکون المراد بالحقیقه الجزاء مجازا أو یکون فی الکلام تقدیر مضاف أى حقیقه جزاء ما أعطى من الحق، و قیل:المراد بحقیقه ما أعطى الله شکر نعمه هدایته تعالى إلى دین الحق.

قوله «و لا لامرؤ مع ذلک» قال فی البحار کأنه راجع إلى ما حمل الله على الوالى أو إلى الوالى الذى اشیر إلیه سابقا أى لا یجوز أو لا بد لا مرؤ أو لا استغناء لامرء على الوالى أو مع کون و الیه مکلفا بالجهاد و غیره من امور الدین و إن کان ذلک المرء محقرا ضعیفا بدون أن یعین على إقامه الدین أو یعینه الناس أو الوالى علیه قوله «خسأت به الامور» یقال خسأت الکلب خسئا طردته و خسا الکلب یتعدى و لا یتعدى و یجوز أن یکون استعمل هنا غیر متعد بنفسه، فعدى بالباء أى طردته الامور، و المراد أنه لیس بحیث یتمشى امر من اموره و لا ینفع سعیه فی تحصیل شی‏ء من الامور قوله «بدون ما» لفظه ما زایده.

قوله «و أهل الفضیله فی الحال» المراد بهم الأئمه علیهم السلام و الولاه و الامراء و العلماء و کذا «أهل النعم العظام».

قوله «و الافرار» عطف على الثناء أى أقر إقرارا حسنا بأشیاء ذکرها ذلک الرجل و لم یذکره علیه السلام اختصارا أو تقیه من تغیر حالاته من استیلاء أئمه الجور و مظلومیته و تغیر أحوال رعیته من تقصیرهم فی حقه و عدم قیامهم بما یحق من طاعته و القیام بخدمته‏

قوله «من الغل» أى أغلال الشرک و المعاصى.

قوله «و ائتمر» أى أقبل ما أمر الله به فامضه علینا.

قوله «و الملک المخول» أى الملک الذى أعطاک الله الامره علینا و جعلنا خدمک و تبعک قوله «لا نستحل فی شی‏ء من معصیتک» لعل التعدیه بفى لتضمین معنى الدخول أو المعنى لا نستحل معصیتک فی شی‏ء من الأشیاء على أن یکون من زایده قوله «فی ذلک» أى فی العلم بأن تکون کلمه فی تعلیلیه، و یحتمل أن یکون اشاره إلى ما دل علیه الکلام من اطاعته علیه الصلاه و السلام.

قوله «خطرک» أى قدرک و منزلتک.

قوله «و یجل عنه» أى عما قلته فی وصفک.

قوله «فبلاؤه عندنا ما لا یکفر» أى نعمته عندنا وافره بحیث لا نستطیع کفرها و سترها، أو لا یجوز کفرانها و ترک شکرها.

قوله «و لم یکن» فی بعض النسخ لن یکون و فی بعضها لن یکن بالبناء على المفعول من کنت الشی‏ء سترته أو بفتح الیاء و کسر الکاف من کن الطائر بیضه حضنه قوله «و توسعا» أى فی الفضل و الثواب.

قوله «مع ذلک» أى مع طوعنا فیما امرت، و فی البحار أى مع طاعتنا لک، فان نفس الطاعه أمر مرغوب فیه و مع ذلک موجب لحصول ما ینفعنا و ما هو خیر لنا فی دنیانا و آخرتنا.

قوله «الا مناصحه الصدور» أى خلوصها من غش النفاق بأن یضمر فیها خلاف ما یظهر أو نصح الاخوان نصحا یکون فی الصدور لا بمحض اللسان.

قوله «و قد عال الذى فی صدره» یقال: عالنى الشی‏ء أى غلبنى و عال أمرهم اشتد قوله «و غصص الشجى» جمع غصه بالضم و هو ما یعترض فی الحلق،

و الشجى الحزن.

قوله «لخطر مرزأته» الخطر القدر و الاشراف على الهلاک و المرزأه المصیبه و کذا الفجیعه و الضمیر راجع إلى أمیر المؤمنین علیه السلام و القائل کان عالما بقرب أو ان شهادته علیه السلام فلذا کان یندب و یتفجع و إرجاعهما إلى القائل بعید قوله «ثم شکى إلیه» أى إلى الله تعالى.

قوله «أشفى علیه» أى أشرف علیه.

قوله «و انقلاب جده» أى بخته.

قوله «بالتفجع» متعلق بقوله نصیب، و التفجع التوجع فی المصیبه أى سأل الله دفع هذا البلاء الذى قد ظن وقوعه عنه علیه السلام مع التفجع و التضرع.

قوله «یا ربانی العباد» قال الجزرى الربانی منسوب إلى الرب بزیاده الالف و النون، و قیل: هو من الرب بمعنی التربیه لتربیتهم المتعلمین بصغار العلوم و کبارها، و الربانی العالم الراسخ فی العلم و الدین یطلب بعلمه وجه الله، و قیل:العالم العاقل المعلم.

قوله «و یا ساکن البلاد» فی بعض النسخ سکن البلاد محرکه و هو کلما یسکن إلیه.

قوله «و بک جرت نعم الله» أى بمجاهداتک و مساعیک الجمیله فی ترویج الدین و تشیید أرکان الاسلام فی زمن الرسول صلى الله علیه و آله و سلم و بعده.

قوله «و للعصاه الکفار اخوانا» أى کنت تعاشر من یعصیک و یکفر نعمتک بالشفقه و الرأفه معاشره الاخوان، أو المراد الشفقه على الکفار و العصاه و الاهتمام فی هدایتهم، و یحتمل أن یراد بهم المنافقون الذین کانوا فی عسکره و کان یلزمه رعایتهم بظاهر الشرع.

قوله «من فظاعه تلک الخطرات» أى قباحتها و شدتها.

قوله «ثمال فقرائنا» أى غیاثهم و لجاءهم و قیل: الثمال المطعم فی الشده.

قوله «یجمعنا من الأمور عدلک» أى هو سبب اجتماعنا فی جمیع الامور أو من‏

بین سایر الامور أو هو سبب لانتظام جمیع امورنا و عدلک محیط بجمیعنا فی جمیع الامور.

قوله «و یتسع لنا فی الحق تأنیک» أى صار مداراتک و عدم تعجیلک فی الحکم علینا بما نستحقه سببا لوسعه الحق علینا و عدم تضیق الامور بنا.

قوله «لیبلغ تحریکه» أى تغییره و صرفه و فی النسخه القدیمه تحویله.

قوله «و لا خطرناها» لا نجعل لها خطرا أى قدرا و منزله کما فی حدیث وصف الأئمه علیهم السلام: ما أجل خطرکم أى قدرکم و منزلتکم عند الله أو لا نعدها خطیرا أى رفیعا.

قوله «و قل خطرها دونک» أى شرفها أو هلاکها و الخطر أیضا السبق یتراهن علیه و لا یقال إلا فی الشی‏ء الذى له قدر و مزیه.

قوله «حاولک» أى قصدک.

قوله «من ناواک» أى عاداک.

قوله «و لکنه سلطان» أى الرب تعالى.

قوله «و عز» ذو عز و غلبه.

قوله «لا یزاول» أى لا یحاول و لا یطالب، و هذا إشاره إلى أن هذه الامور بقضاء الله و قدره و المبالغه فی دفعها فی حکم مغالبه الله فى تقدیراته.

قوله «بان اختیاره لک ما عنده» ما عنده خبران أو خبره محذوف أى خیر لک و المعنی أنه لا یختلف قلوبنا بل هی متفقه على أن الله اختار لک بامضائک النعیم و الراحه الدائمه على ما کنت فیه من المشقه و الجهد و العناء.

قوله «نبکى من غیر اثم» أى لا نأثم على البکاء علیک فانه من أفضل الطاعات.

قوله «و للدین و الدنیا اکیلا» أى آکلا فالفعیل بمعنى الفاعل لا بمعنى المفعول أى نبکی لتبدل هذا السلطان الحق بسلطنه الجور فیکون آکلا للدین و الدنیا.

قوله «و لا نرى لک خلفا» أى من بین السلاطین لخروج السلطنه من أهل البیت علیهم السلام.

قال الشارح: أکثر ما أوردته هنا التقطته من کلام المحدث العلامه المجلسی‏ قدس سره فی البحار.

الترجمه

فصل دویم از آن خطبه است سید رضی گفته: پس جواب داد آن حضرت را مردى از أصحاب او بسخن درازى که در آن بسیار ستایش مى ‏کرد او را و ذکر مى ‏نمود در آن شنیدن و اطاعت کردن خود را بان بزرگوار پس فرمود آن حضرت که:

بتحقیق از حق کسى که بزرگ است جلال و عظمت خدا در نفس او و أجل است مرتبه او در قلب او اینست که کوچک و حقیر باشد در نزد او بجهت بزرگى آن جلال و عظمت هر چیزى که غیر خداى تعالى است، و بتحقیق سزاوارتر کسى که باشد بر این حال کسى است که بزرگ شده نعمت خدا بر او و لطیف شده احسان و انعام او بسوى او از جهت این که بزرگ نمى‏ گردد نعمت خدا بر احدى مگر این که زاید گردد بزرگ بودن حق خدا بر او.

و بدرستى که از سخیف و خفیف‏ترین حالات پادشاهان در نزد مردمان صالح سالم العقل این است که گمان برده شود بایشان دوست داشتن افتخار بر مردمان را و حمل شود بناء امر ایشان بتکبر بخلقان.

و بتحقیق که ناخوش داشتم این را که جولان کند در ظن شما این که من دوست دارم زیادت تعریف و استماع ستایش را، و نیستم من بحمد الله همچنین و اگر بودم که دوست مى‏ داشتم این که گفته شود مدح و ثنا در باره من البته ترک مى‏کردم آنرا از جهت پستى و تواضع از براى خدا و فروتنى از اخذ کردن چیزى که خدا سزاوارتر است بان از عظمت و کبریا، و بسا هست که شیرین مى‏دانند مردمان مدح و ثنا را بعد از زحمت بلا، پس ستایش نکنید بر من باثناء جمیل بسبب خارج کردن من نفس خودم را بسوى خدا و بسوى شما از بقیه حقوقى که فارغ نگشته ‏ام از أداء آنها، و از واجباتى که لابد و ناچارم از إمضا و إجراء آنها.

پس تکلم نکنید با من بسخنانى که تکلم کرده شود با آن ستمکاران و جباران،و تحفظ نکنید از من با چیزى که تحفظ کرده مى‏شود با آن در نزد پادشاهان با حدت و سطوت، و آمیزش نکنید با من به تملق و چاپلوسى، و گمان نبرید در من این که گرانى دارم در حقى که گفته شده بمن، و این که خواهش دارم بزرگ شمردن نفس خودم را از جهت این که کسى که گر دارد حق را از این که گفته شود مر او را یا عدالت را از این که اظهار شود بر او باشد عمل کردن بحق و عدل گرانتر باو پس خوددارى نکنید از گفتگوى بحق و از مشورت بعدل.

پس بتحقیق که من نیستم در پیش نفس خود برتر از این که خطا بکنم، و أیمن نیستم خطا را از کار خودم مگر این که کافى باشد خدا از نفس من چیزى را که قادرتر است بان چیز از من، پس جز این نیست که من و شما بندگان مملوکیم از براى پروردگارى که غیر از او پروردگارى نیست، مالک است از ما چیزى را که ما مالک آن نیستیم از نفسهاى خود ما، و بیرون آورده است ما را از جهالتى که در آن بودیم بسوى علم و معرفتى که صلاح ما بر آن حاصل شد، پس بدل کرد ما را بعد از گمراهى بهدایت، و عطا فرمود بما بعد از نابینائى بصیرت را.[۲]

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

_________________________________________________________________

[۱] ( ۱)- قلت: إن لم یوفق الشارح المصنف« قد» للاصلاح و المقابله فقد وفقنى الله تعالى و له الحمد لذلک و قابلت النسخه بنفس المصدر کتاب تحف العقول على النسخه المصححه التی نشرها أخیرا الأخ الأعز و الفاضل الفذ على أکبر الغفارى عامله الله بلطفه الخفى و الجلى، فظهر بعد المقابله أن نسخه المصنف کانت کثیره السقم کثیره الخطاء مع ما فیها من الاسقاط، فان الواحد و الثلاثین من الحقوق و هو حق الجار إلى آخره، و کذا الواحد و الأربعین و هو حق المستنصح إلى آخره کانا ساقطین ظاهرا عن نسخه المصنف بتمامهما و لذا لم یذکرا فى الطبعه الأولى، فان کنت فى ریب مما ذکرنا فعلیک بتطبیق هذه النسخه مع المطبوعه أولا یظهر لک صحه ما ادعیناه، و صدق ما قلناه و الله الموفق للسداد« المصحح»

[۲] هاشمى خویى، میرزا حبیب الله، منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه (خوئى) – تهران، چاپ: چهارم، ۱۴۰۰ ق.

بازدیدها: ۳۳۰

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۴ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۱۵ صبحی صالح

۲۱۵- و من دعاء له ( علیه‏ السلام  ) کان یدعو به کثیرا

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یُصْبِحْ بِی مَیِّتاً وَ لَا سَقِیماً وَ لَا مَضْرُوباً عَلَى عُرُوقِی بِسُوءٍ وَ لَا مَأْخُوذاً بِأَسْوَإِ عَمَلِی وَ لَا مَقْطُوعاً دَابِرِی

وَ لَا مُرْتَدّاً عَنْ دِینِی وَ لَا مُنْکِراً لِرَبِّی وَ لَا مُسْتَوْحِشاً مِنْ إِیمَانِی وَ لَا مُلْتَبِساً عَقْلِی وَ لَا مُعَذَّباً بِعَذَابِ الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِی

أَصْبَحْتُ عَبْداً مَمْلُوکاً ظَالِماً لِنَفْسِی لَکَ الْحُجَّهُ عَلَیَّ وَ لَا حُجَّهَ لِی وَ لَا أَسْتَطِیعُ أَنْ آخُذَ إِلَّا مَا أَعْطَیْتَنِی وَ لَا أَتَّقِیَ إِلَّا مَا وَقَیْتَنِی

اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِکَ أَنْ أَفْتَقِرَ فِی غِنَاکَ أَوْ أَضِلَّ فِی هُدَاکَ أَوْ أُضَامَ فِی سُلْطَانِکَ أَوْ أُضْطَهَدَ وَ الْأَمْرُ لَکَ

اللَّهُمَّ اجْعَلْ نَفْسِی أَوَّلَ کَرِیمَهٍ تَنْتَزِعُهَا مِنْ کَرَائِمِی وَ أَوَّلَ وَدِیعَهٍ تَرْتَجِعُهَا مِنْ وَدَائِعِ نِعَمِکَ عِنْدِی

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِکَ أَنْ نَذْهَبَ عَنْ قَوْلِکَ أَوْ أَنْ نُفْتَتَنَ عَنْ دِینِکَ أَوْ تَتَابَعَ بِنَا أَهْوَاؤُنَا دُونَ الْهُدَى الَّذِی جَاءَ مِنْ عِنْدِکَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من دعاء کان یدعو به علیه السلام کثیرا و هو المأتان و الرابع عشر من المختار فى باب الخطب‏

الحمد لله الذی لم یصبح بی میتا، و لا سقیما، و لا مضروبا على عروقی بسوء، و لا مأخوذا بأسوء عملی، و لا مقطوعا دابری، و لا مرتدا عن دینی، و لا منکرا لربی، و لا مستوحشا من إیمانی، و لا ملتبسا عقلی، و لا معذبا بعذاب الأمم من قبلی، أصبحت عبدا مملوکا ظالما لنفسی، لک الحجه علی، و لا حجه لی، لا أستطیع أن آخذ إلا ما أعطیتنی، و لا أتقی إلا ما وقیتنی، أللهم إنی أعوذ بک أن أفتقر فی غناک، أو أضل فی هداک، أو أضأم فی سلطانک، أو أضطهد و الأمر لک، اللهم اجعل نفسی أول کریمه تنتزعها من کرائمی، و أول ودیعه ترتجعها من ودایع نعمک عندی، أللهم إنا نعوذ بک أن نذهب عن قولک، أو نفتتن عن دینک، أو تتابع بنا أهوائنا دون الهدى الذی جاء من عندک.

اللغه

(الدابر) الاخر من دبر إذا أدبر قال تعالى‏ أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحین‏ یعنی آخرهم أى یستأصلون عن آخرهم، و قال «و یقطع دابر الکافرین» أى باستیصالهم‏ و قتلهم و اسرهم، و قال «فقطع دابر القوم الذین ظلموا» أى آخر من بقی منهم و (الضیم) الذل و (ضهده) کمنعه قهره (نفتتن) بصیغه المتکلم المجهول، و فی بعض النسخ بالبناء على الفاعل و قوله‏ (أو تتایع) بالیاء المثناه من تحت التهافت و الاسراع فی الشر و اللجاج و الاقتحام فیه من غیر رویه و رکوب الأمر على خلاف الناس و فی بعض النسخ تابع بحذف إحدى التائین، و فی بعضها تتابع بالباء الموحده یقال: تتابعوا على الأمر أى توالوا و تبع بعضهم بعضا.

الاعراب‏

کثیرا فی کلام الرضی صفه إما لظرف محذوف أو لمصدر محذوف أى حینا کثیرا أو دعاء کثیرا و الأول أظهر، و قوله: میتا قال الشارح المعتزلی: منصوب على الحال أى لم یفلق الصباح علی میتا و لا یجوز أن یکون یصبح ناقصه و یکون میتا خبرها کما یقول الراوندى، لأن خبر کان و اخواتها یجب أن یکون هو الاسم، ألا ترى أنهما مبتدأ و خبر فی الحال، و اسم یصبح ضمیر الله تعالى و میتا لیس هو الله سبحانه، انتهى.

أقول: و لقائل أن یقول: إن مراد الراوندى بکون میتا خبر أصبح أنه فی الأصل خبرها و المخبر به یاء المتکلم فان أصبح على کونها ناقصه بمعنی صار، فلما عدیت بالباء صارت بمعنی صیر و تکون من أفعال التصییر فیکون المعنی لم یصیرنی میتا کما یقال: صیرنی الله فداک، و هذا مما لا غبار علیه، و قوله علیه السلام إلا ما أعطیتنی استثناء مفرغ.

و قوله: أفتقر فى غناک قال الشارح المعتزلی: موضع الجار و المجرور نصب على الحال و فی متعلقه بمحذوف و المعنی افتقر و أنت الموصوف بالغنى الفایض على الخلق، و قوله: دون الهدى، ظرف متعلق بقوله: تتایع، و هو إما بمعنی عند أو بمعنی أمام‏

المعنى‏

اعلم أنه علیه السلام حمد الله عز و جل و أثنى علیه بما أنعم علیه من نعمه العظیمه

و قال‏ (الحمد لله الذى لم یصبح بی میتا) أى لم یدخلنی فی الصباح و الحال أنی میت أو لم یصیرنی میتا.

فان قلت: کیف یجتمع حمده علیه السلام على عدم موته مع قوله الذى ما زال علیه السلام یقوله من کونه آنس بالموت من الطفل بثدى امه، فان الأول مشعر بحبه علیه السلام للبقاء و الثانی مفید للقاء.

قلت: لا تنافی بین الکلامین لانتفاء المنافاه فی المقامین.

فان الأول أعنى الحمد على الحیاه إنما هو فی مقام الرضاء بالقضاء و الشکر على النعماء، فان وظیفه أهل الیقین لا سیما أئمه الدین الذین لا یشاءون إلا أن یشاء الله هو أن یرضى بجمیع ما قدره الله فی حقه و قضاه من الحیاه و المماه و الصحه و السقم و الغنى و الفقر، فقد قال تعالى فی الحدیث القدسی: من لم یرض بقضائى و لم یصبر على بلائی و لم یشکر على نعمائی و لم یقنع بعطائى فیطلب ربا سوائی و یخرج من تحت أرضى و سمائی، فهم ما لم یقدر فی حقهم الموت لا بد أن یکونوا راضین بالحیاه محبین لها شاکرین علیها لکونها المقدره فی حقهم، حتى إذا بلغ الکتاب أجله و تم مقادیره یکون الموت أحب إلیهم و قره عینهم فیه.

و یشیر إلى ذلک ما رواه المحدث الجزائرى عن الشهید الثانی أن جابر بن عبد الله الأنصارى ابتلى فی آخره عمره بضعف الهرم و العجز فرآه محمد بن علی الباقر علیه الصلاه و السلام فسأله عن حاله فقال: أنا فى حاله أحب فیها الشیخوخه على الشباب و إن جعلنی الله شابا أحب الشبوبه و إن أمرضنى أحب المرض و إن شفانی أحب الشفاء و الصحه و إن أماتنى أحب الموت و إن أبقانى أحب البقاء، الحدیث و أما الثانی و هو إظهار فرط انسه بالموت فانما هو فى مقام الزهد و النفره عن الدنیا و زخارفها و لذاتها و شهواتها الفانیه و امنیاتها الباطله.

و أیضا فان الدنیا من حیث انها معبد أحباء الله و مسجد أولیاء الله و متجر عباد الله و الوصله إلى الرحمه و الوسیله إلى الرضوان و الجنه فحیاتها مطلوبه و بقاؤها نعمه عظیمه یجب الشکر علیها بل لا نعمه فوقها لکونها المحصله لجمیع النعم.

و قد روى عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قال: بقیه عمر المؤمن لا ثمن لها یدرک بها ما فات و یحیى بها ما مات.

و قال بعضهم: الدنیا أحب إلى من الجنه لأنى فیها مشغول بعباده ربى و فى الجنه مشغول بلذه نفسى، و بین الأمرین بون بائن، و من حیث إنها حلوه خضره حفت بالشهوات و تجلبت بالامنیات ضراره غراره تزینت بغرورها و غرت بزینتها مهانه على ربها مبغوضه إلیه تعالى، و لذلک لم یصفها لأولیائه و لم یضن بها على أعدائه فهى أهون عند أهل المعرفه و أخس و أحقر من عراق خنزیر فى ید مجذوم، و الموت أحب إلیهم من هذه الجهه لایصاله إلى الدار الاخره و بما حققنا علم سر ثنائه على سلامته کما أشار إلیه بقوله‏ (و لا سقیما) مضافا إلى أن فى حاله المرض احتمال فوات بعض العبادات أو فوات کمالاتها و ان کان المریض معذورا فیها، و أما حاله الصحه ففیها تکمیل العباده و العبودیه فهى نعمه عظیمه حریه بأن یحمد علیها.

کنایه‏ (و لا مضروبا على عروقى بسوء) أى على أعضائى بافه توجب سوء المنظر و قبحه کالجذام و البرص و نحوهما و قال الشارح المعتزلی أى و لا أبرص و العرب تکنی عن البرص بالسوء، و فی أمثالهم: ما انکرک من سوء، أى لیس انکارى لک عن برص حدث بک فغیر صورتک، و أراد بعروقه أعضاءه، و یجوز أن یرید و لا مطعونا فی نسبی و الأول أظهر انتهى.

(و لا مأخوذا بأسوء عملى) أى معاقبا بأقبح ذنوبی کنایه‏ (و لا مقطوعا دابرى) أى عقبى و آخرى و هو کنایه عن انقراض نسله بالاستیصال و محو اسمه و اندراس أثره و رسمه‏ (و لا مرتدا عن دینی و لا منکرا لربى) عطف الثانی على الأول من قبیل ذکر الخاص بعد العام لمزید الاهتمام و أن الارتداد قد یکون بانکار الضروریات من دون الجحود (و لا مستوحشا من ایمانی) أى غیر مستأنس به و متنفرا عنه، أو شاکا فی کونه مستقرا أو مستودعا لأن الشک فی العقیده یوجب الوحشه،و الأول أظهر (و لا ملتبسا عقلى) أى مختلطا بالجنون‏ (و لا معذبا بعذاب الامم من قبلی) أى بالمسخ و الخسف و الصاعقه و الظله و نحوها.

و لما حمد الله تعالى على ما أنعم به علیه من ضروب نعمه التی عددها أردفه بالاعتراف بالذل و التقصیر و الاستکانه و قال:

(أصبحت عبدا مملوکا) أى صرت داخرا ذلیلا فی قید العبودیه (ظالما لنفسی) لأجل التقصیر فی طاعته و عدم التمکن من القیام بوظایف عبادته على ما یلیق بحضرته عز و جل و إن کان ما أتى به فوق عباده جمیع البشر ما خلا رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و قد قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فیما رواه فی الوسائل من الکافى باسناده عن أبی عبیده الحذاء عن أبی جعفر علیه السلام عنه صلى الله علیه و آله و سلم قال الله عز و جل: لا یتکل العاملون لی على أعمالهم التی یعملونها لثوابی فانهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم فی عبادتی کانوا مقصرین غیر بالغین فی عبادتهم کنه عبادتی فیما یطلبون عندى من کرامتی و النعیم فی جناتى و رفیع الدرجات العلى فى جوارى، و لکن برحمتى فلیثقوا، و فضلى فلیرجوا، و إلى حسن الظن بى فلیطمئنوا، الحدیث.

و فى البحار من کتاب فتح الأبواب عن الزهرى قال: دخلت مع على بن الحسین علیهما السلام على عبد الملک بن مروان قال: فاستعظم عبد الملک ما رأى من أثر السجود بین عینى علی بن الحسین علیهما السلام فقال: یا با محمد لقد بین علیک الاجتهاد و لقد سبق لک من الله الحسنى و أنت بضعه من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم قریب النسب و کید السبب و انک لذو فضل عظیم على أهل بیتک و ذوى عصرک و لقد اوتیت من العلم و الفضل و الدین و الورع ما لم یؤته أحد مثلک و لا قبلک إلا من مضى من سلفک- و اقبل یثنى علیه یطریه- قال فقال علی بن الحسین علیه السلام: کلما ذکرته و وصفته من فضل الله سبحانه و تأییده و توفیقه فأین شکره على ما أنعم یا أمیر المؤمنین کان رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم یقف فی الصلاه حتى ترم قدماه و یظمأ فی الصیام حتی یصعب فوه، فقیل له: یا رسول الله ألم یغفر لک الله ما تقدم من ذنبک و ما تأخر، فیقول صلى الله علیه و آله و سلم:

أفلا أکون عبدا شکورا، الحمد لله على ما أولى، و أبلى، و له الحمد فی الاخره و الاولى و الله لو تقطعت أعضائی و سالت مقلتاى على صدرى لن أقوم لله جل جلاله بشکر عشر العشیر من نعمه واحده من جمیع نعمه التی لا یحصیها العادون و لا یبلغ حد نعمه منها على جمیع حمد الحامدین، لا و الله أو یرانی الله لا یشغلنی شی‏ء عن شکره و ذکره فی لیل و لا نهار و لا سر و لا علانیه، و لولا أن لأهلی علی حقا و لسایر الناس من خاصهم و عامهم على حقوقا لا یسعنی إلا القیام بها حسب الوسع و الطاقه حتى اؤدیها إلیهم لرمیت بطرفی إلى السماء و بقلبی إلى الله ثم لم أرددهما حتى یقضى الله على نفسى و هو خیر الحاکمین، هذا.

و فی ادعیه الصحیفه السجادیه من اتهام النفس و الاعتراف بالتقصیر ما لا یحصى و قد مضى فی شرح الخطبه المأه و الثانیه و التسعین عند شرح قوله علیه السلام: فهم لأنفسهم متهمون و من أعمالهم مشفقون‏، أخبار نفیسه، و کذلک فی التنبیه الثالث من الفصل الثالث عشر من فصول الخطبه الاولى تحقیقات عمیقه کثیره الفائده فی هذا المقام.

(لک الحجه علی) حیث إنک ما کلفتنی إلا ما آتیتنی و لا حتمتنی إلا ما أعلمتنی و لا فرضت‏ علی‏ إلا ما أقدرتنی علیه و مکنتنی منه کما هو حکمه تعالى فی حق جمیع المکلفین، فقد قال: «لا یکلف الله نفسا إلا ما آتیها» و قال‏ لا یکلف الله نفسا إلا وسعها و فی الدعاء: أزاح العلل فی التکلیف و سوى التوفیق بین الضعیف و الشریف.

(و لا حجه لی) علیک أو لم یبق لی عذر فی ترک تکالیفک کما لسایر المکلفین لأنه عز و جل إنما کلف بعد البیان و بعد ما مکن أداء المأمور و سهل سبیل اجتناب المحظور و لم یکلف الطاعه إلا دون الوسع و الطاقه لئلا یکون للناس على الله حجه بعد الرسل و لا یقولوا یوم القیامه إنا کنا عن هذا غافلین، فلم تبق عاذره للمعذرین.

و (لا أستطیع أن آخذ) من نعمتک‏ (إلا ما أعطیتنى و لا) أقدر أن‏ (أتقى) من نقمتک‏ (إلا ما وقیتنی) لکونی عبدا داخرا ذلیلا مسکینا مستکینا لا یملک‏

لنفسه موتا و لا حیاتا و لا نشورا.

(اللهم إنی أعوذ بک أن أفتقر فی غناک) أى أن أکون محتاجا و الحال أنک الغنى المطلق الباسط بالجود و الکرم یده على العالمین.

(أو أضل فی هداک) أى أکون ضالا و الحال أنک نور السماوات و الأرضین هادى أهلها إلى نهج الیقین.

(أو أضأم فی سلطانک) أى أکون ذلیلا مظلوما و الحال أن السلطنه لک و أنت ذو القوه المتین.

(أو اضطهدوا لأمر لک) أى أکون مغلوبا مقهورا و أنت صاحب الاختیار و القدره القاصم لظهور الجبابره و الظالمین.

کنایه‏ (اللهم اجعل نفسی أول کریمه تنتزعها من کرائمی) أى‏ أول‏ کل کریم و عزیز تنزعه من قوائی و أعضائی و إنما کنى عنها بالکرایم لکرامتها و عزتها عنده و المراد بالدعاء طلب عافیه الأعضاء النفسانیه و البدنیه و بقائها إلى حین الممات و أن لا تکون ذهابها سابقا على الموت.

کما قال زین العابدین علیه السلام: اللهم احفظ على سمعى و بصرى إلى انتهاء أجلی و من دعائه علیه السلام إذا سأل العافیه: و امنن على بالصحه و الأمن و السلامه فی دینى و بدنى و البصیره فی قلبى و النفاق فی امورى و الخشیه لک و الخوف منک و القوه على ما أمرتنى به من طاعتک و الاجتناب لما نهیتنى عنه من معصیتک.

و من هذا الدعاء یستفاد سر طلب أمیر المؤمنین علیه السلام کون نفسه أول الکریم المنتزعه، لأن سبق انتزاعها على نفسه یوجب العجز عن إقامه وظایف الطاعات المربوطه بها و عدم القدره على تحصیل الضروریات من المعاش و عدم النفاذ فی الامور تشبیه و قوله‏ (و أول ودیعه ترتجعها من ودائع نعمک عندى) التعبیر عن المشاعر و القوى بالنعمه لعظم الانتفاع بها و لذلک من بها على الانسان فی قوله تعالى‏ أ لم نجعل له عینین و لسانا و شفتین و هدیناه النجدین‏.

و تشبیه ها بالودیعه لکونها فی معرض الاسترجاع و الاسترداد کالودیعه و إلیه‏ یومى قوله سبحانه‏ یا أیتها النفس المطمئنه ارجعی إلى ربک راضیه مرضیه.

(اللهم انا نعوذ بک أن نذهب عن قولک) أى أوامرک و نواهیک التی نطق بها کتابک الکریم و نفر منها، و الاستعاذه منه من أجل أنه کما قال تعالى‏ ما هو بقول شیطان رجیم فأین تذهبون إن هو إلا ذکر للعالمین‏ قال أمین الاسلام الطبرسی فان تعدلون عن القرآن و هو الشفاء و الهدى ما هو إلا تذکره وعظه للخلق یمکنهم أن یتوصلوا به إلى الحق.

(أو نفتتن عن دینک) أى نضل أو نضل‏ عن دینک‏ على اختلاف النسخ فی روایه نفتتن علی ما قدمنا، و المراد على الأول الوقوع فی الضلال باضلال الغیر، و على الثانی الوقوع فیه من تلقاء النفس‏ (أو تتایع بنا أهواؤنا دون الهدى الذی جاء من عندک) أراد به ایقاع الأهواء له فی مهاوى الهلکات و صرفها إیاه عن الهدى النازل فی محکمات الایات کما قال عز من قائل‏ ذلک الکتاب لا ریب فیه هدى للمتقین‏ و قال‏ قل من کان عدوا لجبریل فإنه نزله على قلبک بإذن الله مصدقا لما بین یدیه و هدى و بشرى للمؤمنین‏

الترجمه

از جمله دعاى آن حضرتست که أکثر أوقات دعا مى‏ کرد باین دعا:

حمد و ثنا معبود بحقى را سزاست که داخل نکرد مرا در صباح در حالتى که مرده باشم و نه در حالتى که مریض باشم، و نه در حالتى که مؤاخذه شده باشم بقبیح‏تر عمل خودم، و نه در حالتى که مقطوع النسل و بى عقب باشم، و نه در حالتى که مرتد باشم از دینم، و نه در حالتى که منکر باشم پروردگار مرا، و نه در حالتى که وحشت کننده باشم از ایمان خودم، و نه در حالتى که مخلوط باشد عقل من بجنون، و نه در حالتى که معذب باشم بعذاب امتان که پیش از من بودند.

صباح کردم من در حالتى که بنده مملوکى هستم ظلم کننده مر نفس خود را، از براى تو است حجت بر من و نیست حجتى از براى من استطاعت و قدرت ندارم که دریافت نمایم مگر چیزى را که تو عطا کرده مرا، و نه پرهیز نمایم مگر

از چیزى که تو نگه داشته مرا بار الها بتحقیق که من پناه مى‏برم بتو از این که فقیر باشم با وجود غنى بودن تو، یا این که گمراه شوم با وجود هادى بودن تو، یا مظلوم شوم با وجود سلطنت تو، یا مقهور و مغلوب باشم و حال آنکه اختیار تو راست.

پروردگارا بگردان روح مرا اول نعمت عزیزى که انتزاع میکنى تو آن را از نعمتهاى عزیز بدن من، و اول أمانتى که پس مى‏گیرى تو آنرا در امانت‏هاى نعمتهاى تو که در نزد من است، پروردگارا بتحقیق که پناه مى‏برم بتو از این که بدر رویم از امر و فرمایش تو، یا این که فریفته شویم از دین تو تا این که بشتاباند ما را خواهشات نفسانیه ما در ضلالت، و برگرداند از هدایتى که آمده است از جانب تو.[۴]

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

__________________________________________________________

[۱] ( ۱)- هکذا فى النسخه و لعله تصحیف و الصحیح تبین علیه او بطین علیه بالباء الجاره و الله العالم منه.

[۲] ( ۱)- أى استشفع.

[۳] ( ۲)- أى الزبیر.

[۴] هاشمى خویى، میرزا حبیب الله، منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه (خوئى) – تهران، چاپ: چهارم، ۱۴۰۰ ق.

بازدیدها: ۹۲

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۳ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۱۴ صبحی صالح

۲۱۴- و من خطبه له ( علیه‏ السلام  ) یصف جوهر الرسول، و یصف العلماء، و یعظ بالتقوى‏

وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ عَدَلَ وَ حَکَمٌ فَصَلَ

وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ سَیِّدُ عِبَادِهِ کُلَّمَا نَسَخَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِرْقَتَیْنِ جَعَلَهُ فِی خَیْرِهِمَا

لَمْ یُسْهِمْ فِیهِ عَاهِرٌ وَ لَا ضَرَبَ فِیهِ فَاجِرٌ

أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ لِلْخَیْرِ أَهْلًا وَ لِلْحَقِّ دَعَائِمَ وَ لِلطَّاعَهِ عِصَماً وَ إِنَّ لَکُمْ عِنْدَ کُلِّ طَاعَهٍ عَوْناً مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ یَقُولُ‏ عَلَى الْأَلْسِنَهِ وَ یُثَبِّتُ الْأَفْئِدَهَ فِیهِ کِفَاءٌ لِمُکْتَفٍ وَ شِفَاءٌ لِمُشْتَفٍ

صفه العلماء

وَ اعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُسْتَحْفَظِینَ عِلْمَهُ یَصُونُونَ مَصُونَهُ وَ یُفَجِّرُونَ عُیُونَهُ یَتَوَاصَلُونَ بِالْوِلَایَهِ وَ یَتَلَاقَوْنَ بِالْمَحَبَّهِ وَ یَتَسَاقَوْنَ بِکَأْسٍ رَوِیَّهٍ وَ یَصْدُرُونَ بِرِیَّهٍ

لَا تَشُوبُهُمُ الرِّیبَهُ وَ لَا تُسْرِعُ فِیهِمُ الْغِیبَهُ عَلَى ذَلِکَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ وَ أَخْلَاقَهُمْ فَعَلَیْهِ یَتَحَابُّونَ وَ بِهِ یَتَوَاصَلُونَ فَکَانُوا کَتَفَاضُلِ الْبَذْرِ یُنْتَقَى فَیُؤْخَذُ مِنْهُ وَ یُلْقَى قَدْ مَیَّزَهُ التَّخْلِیصُ وَ هَذَّبَهُ التَّمْحِیصُ

العظه بالتقوى‏

فَلْیَقْبَلِ امْرُؤٌ کَرَامَهً بِقَبُولِهَا وَ لْیَحْذَرْ قَارِعَهً قَبْلَ حُلُولِهَا وَ لْیَنْظُرِ امْرُؤٌ فِی قَصِیرِ أَیَّامِهِ وَ قَلِیلِ مُقَامِهِ فِی مَنْزِلٍ حَتَّى یَسْتَبْدِلَ بِهِ مَنْزِلًا فَلْیَصْنَعْ لِمُتَحَوَّلِهِ وَ مَعَارِفِ مُنْتَقَلِهِ فَطُوبَى لِذِی قَلْبٍ سَلِیمٍ أَطَاعَ مَنْ یَهْدِیهِ وَ تَجَنَّبَ مَنْ یُرْدِیهِ وَ أَصَابَ سَبِیلَ السَّلَامَهِ بِبَصَرِ مَنْ بَصَّرَهُ

وَ طَاعَهِ هَادٍ أَمَرَهُ وَ بَادَرَ الْهُدَى قَبْلَ أَنْ تُغْلَقَ أَبْوَابُهُ وَ تُقْطَعَ أَسْبَابُهُ وَ اسْتَفْتَحَ التَّوْبَهَ وَ أَمَاطَ الْحَوْبَهَ

فَقَدْ أُقِیمَ عَلَى الطَّرِیقِ وَ هُدِیَ نَهْجَ السَّبِیلِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من خطبه له علیه السلام و هى المأتان و الثالثه عشر من المختار فى باب الخطب‏

و أشهد أنه عدل عدل، و حکم فصل، و أشهد أن محمدا عبده و سید عباده، کلما نسخ الله الخلق فرقتین جعله فی خیرهما، لم یسهم فیه عاهر، و لا ضرب فیه فاجر. ألا و إن الله قد جعل للخیر أهلا، و للحق دعائم، و للطاعه عصما، و إن لکم عند کل طاعه عونا من الله یقول على الألسنه، و یثبت الأفئده، فیه کفاء لمکتف، و شفاء لمشتف. و اعلموا أن عباد الله المستحفظین علمه، یصونون مصونه، و یفجرون عیونه، یتواصلون بالولایه، و یتلاقون بالمحبه، و یتساقون بکأس رویه، و یصدرون بریه، لا تشوبهم الریبه، و لا تسرع فیهم‏ الغیبه، على ذلک عقد خلقهم و أخلاقهم، فعلیه یتحابون، و به یتواصلون، فکانوا کتفاضل البذر ینتقى، فیؤخذ منه و یلقى، قد میزه التلخیص، و هذبه التمحیص، فلیقبل امرء کرامه بقبولها، و لیحذر قارعه قبل حلولها، و لینظر امرء فی قصیر أیامه، و قلیل مقامه، فی منزل حتى یستبدل به منزلا، فلیصنع لمتحوله، و معارف منتقله، فطوبى لذی قلب سلیم أطاع من یهدیه، و تجنب من یردیه، و أصاب سبیل السلامه بنصر من بصره، و طاعه هاد أمره، و بادر الهدى قبل أن تغلق أبوابه، و تقطع أسبابه، و استفتح التوبه، و أماط الحوبه، فقد أقیم على الطریق، و هدی نهج السبیل.

اللغه

(نسخت) الکتاب نسخا من باب منع نقلته و انتسخته کذلک، و نسخت الشمس الظل أى أزالته قال ابن فارس: و کل شی‏ء خلف شیئا فقد انتسخه فیقال انتسخت الشمس الظل و الشیب الشباب أى أزاله و کتاب منسوخ و منتسخ منقول، و النسخه الکتاب المنقول و تناسخ الأزمنه و القرون تتابعها و تداولها، لأن کل واحد ینسخ حکم ما قبله و یثبت الحکم لنفسه، و منه تناسخ المواریث لأن الارث لا یقسم على حکم المیت الأول بل على حکم الثانی و کذلک ما بعده.

و (یسهم) بالبناء على المفعول من اسهمت له أعطیته سهما أى نصیبا و (عهر) عهرا من باب تعب زنا و فجر فهو عاهر و عهر عهورا من باب قعد لغه و فی الحدیث:الولد للفراش و للعاهر الحجر، أى إنما یثبت الولد لصاحب الفراش و هو الزوج‏ و للعاهر الجنبه «الخیبه» و لا یثبت له نسب و هو کما یقال له التراب أى الخیبه لأن بعض العرب کان یثبت النسب من الزنا فأبطله الشرع.

استعاره و (الدعامه) بالکسر ما یستند به الحائط إذا مال یمنعه من السقوط و الجمع دعائم کعمائم، و یستعار بسید القوم فیقال هود عامه القوم کما یقال: هو عمادهم، و (عصمه) الله من المکروه من باب ضرب حفظه و وقاه، و الاسم العصمه بالکسر و یجمع على عصم وزان عنب و جمع الجمع أعصم و عصمه و جمع جمع الجمع أعصام.

و (کفى) الشی‏ء یکفى کفایه فهو کاف إذا حصل به الاستغناء عن غیره ازدواج قال الشارح المعتزلی: فیه کفاء لمکتف و شفاء لمشتف، الوجه فیه کفایه فان الهمز لا وجه له ههنا لأنه من باب آخر و لکنه أتى بالهمزه للازدواج بین کفاء و شفاء کما قالوا: الغدایا و العشایا، و کما قال علیه السلام، مأزورات غیر مأجورات، تأتى بالهمزه و الوجه الواو للازدواج.

و (الولایه) بفتح الواو المحبه و النصره و (الکأس) بهمزه ساکنه و یجوز تخفیفها القدح المملو من الشراب و لا تسمى کأسا إلا و فیها شراب و هی مؤنثه سماعیه و (ریى) من الماء و اللبن کرضى ریا و ریا و تروى و ارتوى و الاسم الرى بالکسر، و ماء روی کغنى و رواء کسماء کثیر مرو و (القارعه) الداهیه لأنها تقرع الناس بشدتها و منه سمى الموت قارعه و کذلک القیامه لمزید هو لها و (معارف) الدار ما یعرفها المتوسم بها واحدها معرف مثل معاهد الدار و معالم الدار و (طوبى) مصدر من الطیب قلبت یاؤه واوا لضمه ما قبلها أو اسم شجره فی الجنه.

الاعراب‏

قوله: کلما نسخ الله بنسخ کل على الظرف، و الفاء فی قوله فلیقبل فصیحه، و قوله: حتى یستبدل، متعلق بقوله و لینظر، و قوله: فطوبى لذی قلب سلیم الفاء فصیحه، و طوبى مرفوع على الابتداء خبره لذی قلب و لهج السبیل بالنصب‏ على نزع الخافض.

المعنى‏

اعلم أن هذه الخطبه مسوقه لوصف حال عباد الله الصالحین و أولیائه الذین لا خوف علیهم و لا هم یحزنون، و ختمها بالذکرى و الموعظه و افتتحها بالشهاده بعدل الله عز و جل و فصله ثم بنعت رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و تزکیه نسبه و أصله فقال:

مجاز (و أشهد أنه عدل عدل) قال الشارح المعتزلی: الضمیر فی أنه راجع إلى القضاء و القدر المذکور فی صدر هذه الخطبه و لم یذکره الرضی رحمه الله، قال:

و نسبه العدل‏ إلى القضاء على طریق المجاز، و هو بالحقیقه منسوب إلى ذی القضاء و القاضى به هو الله تعالى اه، و محصله أنه تعالى عدل مبالغه أو عادل حقیقه فی جمیع أفعاله و أحکامه لکون الظلم قبیحا عقلا و نقلا فیستحیل فی حقه.

قال الشارح البحرانی: و الباری تعالى عادل بالنظر إلى حکمه و قضائه أى لا یقضى فی ملکه بأمر إلا و هو علی وفق النظام الکلی و الحکمه البالغه، و یدخل فی ذلک جمیع أفعاله و أقواله، فانه لا یصدر منها شی‏ء إلا و هو کذلک و أما الجزئیات المعدوده شرورا و صوره جور فی هذا العالم، فانها إذا اعتبرت شرورا نسبه و مع ذلک فهى من لوازم الخیر و العدل لابد منها، و لا یمکن أن یکون الخیر و العدل من دونها کما لا یمکن أن یکون الانسان إنسانا إلا و هو ذو غضب و شهوه یلزمهما الفساد و الشر الجزئی، و لما کان الخیر أکثر و کان ترک خیر الکثیر لأجل الشر القلیل شرا کثیرا فی الجود و الحکمه وجب تلک الشرور الجزئیه لوجود ملزوماتها، و أشار بقوله‏ عدل‏ إلى ایجاد العدل بالفعل، انتهى.

(و حکم فصل) أى حاکم بالحق‏ فصل‏ بین الحق و الباطل بما بعث به رسوله من کتابه العزیز، و إنه لقول فصل و ما هو بالهزل، و یفصل أیضا بین عباده یوم القیامه فیما هم فیه یختلفون کما قال عز من قائل «إن یوم الفصل کان میقاتا» و قال «إن ربک هو یفصل بینهم یوم القیامه فیما کانوا فیه یختلفون» أى یقضى فیمیز الحق من الباطل تمییز المحق من المبطل و الطیب من الخبیث فیما کانوا یختلفون فیه‏

من أمر الدین، و فى آیه أخرى‏ إن الذین آمنوا و الذین هادوا و الصابئین و النصارى و المجوس و الذین أشرکوا إن الله یفصل بینهم یوم القیامه أى بالحکومه بینهم و اظهار الحق من المبطل و جزاء کل بما یلیق به.

(و أشهد أن محمدا) صلى الله علیه و آله و سلم‏ (عبده و سید عباده).

أما أنه‏ عبده‏ فقد شهد به الکتاب العزیز فى مواضع عدیده مقدما على شهادته علیه السلام قال سبحانه «الحمد لله الذى انزل على عبده الکتاب و لم یجعل له عوجا» و قال‏ تبارک الذی نزل الفرقان على عبده لیکون للعالمین نذیرا و قال‏ فأوحى إلى عبده ما أوحى‏ و قال‏ هو الذی ینزل على عبده آیات بینات لیخرجکم من الظلمات إلى النور إلى غیر ذلک مما لا حاجه إلى ذکره و قد تقدم بیان حقیقه العبودیه فى شرح الخطبه الحادیه و السبعین تفصیلا فلیراجع ثمه، و اجمال ما قدمناه هنا أن العبد لا یکون عبدا حقیقه إلا أن لا یرى لنفسه مالا و لا له فى أموره تدبیرا، و یکون أوقاته مستغرقه بخدمه مولاه، و هکذا کان حال سیدنا رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و الطیبین من آله سلام الله علیهم فانهم رأوا جمیع ما فى أیدیهم مال الله فصرفوه فى عیال الله و هم الفقراء و المساکین، و وکلوا جمیع امورهم الى الله رضاء بقضائه فشکروا على نعمائه و صبروا على بلائه و کانت أوقاتهم مصروفه إلى عبادته و قیام أوامره و نواهیه و طاعته.

و أما أنه‏ سید عباده‏ فلا ریب فیه، و الظاهر أن المراد به جمیع البشر لا خصوص عباد الله الصالحین الکملین من الأنبیاء و الرسل و من دونهم، لدلاله الأدله على العموم حسبما عرفت تفصیلا فى تضاعیف الشرح و أقول هنا مضافا إلى ما قدمنا:

روى فى البحار من الکافى باسناده عن صالح بن سهل عن أبی عبد الله علیه السلام ان بعض قریش قال: سئل رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم بأی شی‏ء سبقت ولد آدم؟ قال: إننى أول من أقر بربى إن الله أخذ میثاق النبیین و أشهدهم على أنفسهم أ لست بربکم قالوا بلى فکنت أول من أجاب.

و فیه من الخصال فى وصیه النبى صلى الله علیه و آله و سلم لعلی علیه السلام یا على إن الله عز و جل‏ أشرف على الدنیا فاختارنى منها على رجال العالمین، ثم اطلع الثانیه فاختارک على رجال العالمین بعدى، ثم اطلع الثالثه فاختار الأئمه من ولدک على رجال العالمین بعدک، ثم اطلع الرابعه فاختار فاطمه على نساء العالمین.

و فیه من تفسیر فرات بن إبراهیم بسنده عن جابر الجعفی عن أبی جعفر علیه السلام قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم لما اسرى بی إلى السماء قال لی العزیز الجبار: یا محمد انی اطلعت إلى الأرض اطلاعه فاخترتک منها و اشتققت لک اسما من أسمائی لا اذکر فی مکان إلا و أنت معی، فأنا محمود و أنت محمد الحدیث و فیه من العیون عن الهروى عن الرضا علیه السلام فی حدیث طویل قال: إن آدم على نبینا و آله و علیه السلام لما أکرم الله تعالى باسجاد ملائکته و بادخال الجنه قال فی نفسه: هل خلق الله بشرا أفضل منی، فعلم الله عز و جل ما وقع فی نفسه فناداه ارفع رأسک یا آدم فانظر إلى ساق عرشی، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد علیه مکتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله علی بن أبی طالب أمیر المؤمنین و زوجته فاطمه سیده نساء العالمین و الحسن و الحسین سیدا شباب أهل الجنه، فقال آدم:

یا رب من هؤلاء؟ فقال عز و جل: هؤلاء من ذریتک و هم خیر منک و من جمیع خلقی و لولاهم ما خلقتک و لا خلقت الجنه و النار و لا السماء و الأرض إلى آخر ما تقدم روایته فی التذنیب الثانی من شرح الفصل الثانی عشر من الخطبه الاولى.

و فیه أیضا من اکمال الدین عن الحسین بن خالد عن أبی الحسن موسى علیه السلام عن آبائه علیهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: أنا سید من خلق الله و أنا خیر من جبرئیل و میکائیل و حمله العرش و جمیع الملائکه المقربین و أنبیاء الله المرسلین، و أنا صاحب الشفاعه و الحوض الشریف و أنا و على أبوا هذه الائمه، «الامه» من عرفنا فقد عرف الله، و من أنکرنا فقد أنکر الله عز و جل الحدیث.

و فى شرح المعتزلی عنه صلى الله علیه و آله و سلم قال: أنا سید ولد آدم و لا فخر.

و عنه صلى الله علیه و آله و سلم أیضا: ادعوا لى سید العرب علیا، فقالت عایشه: أ لست سید العرب؟ فقال صلى الله علیه و آله و سلم: أنا سید البشر و علی سید العرب.

و الأخبار فی هذا المعنى فوق حد الاحصاء و لا حاجه إلى الاطاله بروایتها.

قال الصدوق فی الهدایه: یجب أن یعتقد أن النبوه حق کما اعتقدنا أن التوحید حق، و أن الأنبیاء الذین بعثهم الله مأئه ألف نبی و أربعه و عشرون ألف نبی، جاءوا بالحق من عند الحق، و أن قولهم قول الله و أمرهم أمر الله و طاعتهم طاعه الله و معصیتهم معصیه الله، و أنهم لم ینطقوا إلا من الله عز و جل و عن وجهه و أن ساده الأنبیاء خمسه الذین علیهم داره الرحى و هم أصحاب الشرائع و هم أولو العزم:

نوح، و إبراهیم، و موسى، و عیسى، و محمد صلوات الله علیهم و أن محمدا صلوات الله علیه سیدهم و أفضلهم، و أنه جاء بالحق و صدق المرسلین، و أن الذین آمنوا به و عزروه و نصروه و اتبعوا النور الذى انزل معه اولئک هم المفلحون، و یجب أن یعتقد أن الله تبارک و تعالى لم یخلق خلقا أفضل من محمد صلى الله علیه و آله و سلم و من بعده الأئمه صلوات الله علیهم، و أنهم أحب الخلق إلى الله عز و جل و أکرمهم علیه و أولهم اقرارا به لما أخذ الله میثاق النبیین فی الذر إلى آخر ما قال:

(کلما نسخ الله الخلق فرقتین) أى خلفهم حیث نقلهم من البطن الأول إلى البطن الثانی و قسمهم إلى‏ فرقتین‏ فرقه خیر و فرقه شر (جعله فی خیرهما) حسبما عرفت تفصیلا فی شرح الخطبه الثالثه و التسعین قال الشارح المعتزلی: و هذا المعنی قد ورد مرفوعا فی عده أحادیث نحو قوله صلى الله علیه و آله و سلم: ما افترقت فرقتان منذ نسل آدم ولده إلا کنت فی خیرهما، و نحو قوله صلى الله علیه و آله و سلم: إن الله اصطفى من ولد إبراهیم إسماعیل و اصطفى من ولد إسماعیل مضر و اصطفى من مضر کنانه و اصطفى من کنانه قریش و اصطفى من قریش هاشما و اصطفانی من بنی هاشم.

(لم یسهم فیه عاهر) أى لم یجعل فی نسبه الشریف ذا سهم و نصیب‏ (و لا ضرب فیه فاجر) أى لم یکن‏ لفاجر فیه‏ شرک، یقال: ضرب فی کذا بنصیب إذا کان شریکا فیه و المراد طهاره نسبه الشامخ من شوب دنس الجاهلیه و نجس السفاح أى تناسخته کرایم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام و کان نورا فی الأصلاب الشامخه

و الأرحام المطهره، لم تدنس نسبه الجاهلیه بأنجاسها و لم تلبسه من مدلهمات ثیابها و قد عرفت تفصیله أیضا فی شرح الخطبه الثالثه و التسعین، هذا.

و لما فرغ علیه السلام من وصف النبی صلى الله علیه و آله و سلم رغب المخاطبین فی دخولهم فی زمره أهل الخیر و الحق و الطاعه بقوله:(ألا و ان الله قد جعل للخیر أهلا) و هم الأبرار المتقون و أهل الزهد و الصلاح من المؤمنین قال سبحانه‏ یا أیها الذین آمنوا ارکعوا و اسجدوا و اعبدوا ربکم و افعلوا الخیر لعلکم تفلحون‏ أى تحروا ما هو خیر و أصلح فیما تأتون و تذرون کنوا فل الطاعات و صله الأرحام و مکارم الأخلاق.

و قال الصادق علیه السلام جعل الخیر کله فی بیت و مفتاحه الزهد فی الدنیا، و خیر الخیر هو رضوان الله تعالى، و شر الشر سخطه و النار.

و الخیرات الاخرویه إنما تکسب بالخیرات الدنیویه و لذلک أمر الله سبحانه بها فی الایه السابقه بقوله «و افعلوا الخیر» و فی قوله «فاستبقوا الخیرات» أى الأعمال الصالحه و الطاعات المفروضه و المندوبه و رئیس أهل الخیر هم الأئمه علیهم الصلاه و السلام کما أشیر الیه فی زیارتهم الجامعه بقوله: إن ذکر الخیر کنتم أوله و أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه.

(و للحق دعائم) الظاهر أن المراد بالحق‏ ضد الباطل و بدعائمه‏ الأئمه علیهم السلام لأنهم أئمه الحق بهم قوامه و دوامه و ثباته و غیرهم أئمه الباطل کما اشیر إلى ذلک فی قوله تعالى‏ و ممن خلقنا أمه یهدون بالحق و به یعدلون‏ و قوله‏ أ فمن یهدی إلى الحق أحق أن یتبع أمن لا یهدی‏ و قد قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فی الحدیث المتفق علیه بین الفریقین: الحق مع علی و هو مع الحق أینما دار و من طرق الخاصه مستفیضا بل متواترا کما قیل عن النبی صلى الله علیه و آله و سلم و الأئمه علیهم السلام عنه صلى الله علیه و آله و سلم أنه قال: الحق مع الأئمه الاثنى عشر، و فی زیارتهم الجامعه: الحق معکم و فیکم و منکم و الیکم و أنتم أهله و معدنه.

و فى روایه الکافى عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: لیس عند أحد من الناس حق و لا صواب و لا أحد من الناس یقضى بقضاء حق إلا ما خرج منا أهل البیت، و إذا تشعبت بهم الأمور کان الخطاء منهم و الصواب من علی علیه السلام و قوله‏ (و للطاعه عصما) یحتمل أن یکون المراد بالعصمه ما یعتصم به کما فسر به قوله تعالى‏ و لا تمسکوا بعصم الکوافر أى بما یعتصم به الکافرات من عقد و سبب أى لا تمسکوا بنکاح الکوافر، و سمى النکاح عصمه لأنها لغه المنع و المرأه بالنکاح ممنوعه من غیر زوجها.

و على ذلک فالمراد بعصم الطاعه هم الأئمه علیهم السلام و القرآن إذ بهما یعتصم و یتمسک فی الطاعات أما الأئمه علیهم السلام فلاستناد الطاعه و العباده إلیهم لأنهم علیهم السلام نشروا شرایع الأحکام و بموالاتهم علمنا الله معالم دیننا، و بموالاتهم تقبل الطاعه المفترضه کما ورد فی فقرات الزیاره الجامعه و فی روایه الکافی المتقدمه فی شرح الفصل الخامس من الخطبه الثانیه عن مروان بن میاح عن الصادق علیه السلام قال: و بعبادتنا عبد الله و لولا نحن ما عبد الله، و فى غیر واحد من أخبارهم: بنا عرف الله و بنا عبد الله و سبحنا فسبحت الملائکه و هللنا فهللت الملائکه، و الحاصل أنهم أساس الدین و عماد الیقین و أما القرآن فلکونه مدرک التکالیف و الطاعات کما قال تعالى‏ إن هذا القرآن یهدی للتی هی أقوم‏ أى طریق الشریعه و الطاعه و لذلک أمر الله بالاعتصام به فی قوله: و اعتصموا بحبل الله‏ أى بالقرآن استعیر له الحبل لأن الاعتصام و التمسک به سبب النجاه من الردى کما أن التمسک بالحبل سبب النجاه من الردى.

و یحتمل أن یکون المراد بها أى بالعصمه الحفظ و الوقایه کما فی قولهم عصمه الله من المکروه أى حفظه و وقاه، و عصمه الله للعبد منعه و حفظه له من المعصیه و على ذلک فالمراد بعصم الطاعه الخواص الکامنه لها المانعه له من هلکات الدنیا و عقوبات الاخره کما قال تعالى: و الذین آمنوا و عملوا الصالحات لنکفرن عنهم سیئاتهم و لنجزینهم أحسن الذی کانوا یعملون‏ و الاتیان بصیغه الجمع أعنی عصما إما باعتبار تعدد أنواع الطاعه أو تعدد خواصها أو کثره ما یعصم بها منها من أنواع العقوبات، فان کل طاعه فله عصمه من نوع مخصوص أو أنواع من العذاب، و بقبالها الذنب و المعصیه، فان لکل ذنب أثرا خاصا فی جلب نوع مخصوص أو أنواع من السخط کما اشیر إلى ذلک فی الدعاء اللهم اغفر لی الذنوب التی تهتک العصم اللهم اغفر لی الذنوب التی تنزل النقم اللهم اغفر لی الذنوب التی تغیر النعم، اللهم اغفر لى الذنوب التى تحبس الدعاء، اللهم اغفر لى الذنوب التى تنزل البلاء، اللهم اغفر لى الذنوب التى تقطع الرجاء، هذا.

و أنت بعد الخبره بما حققناه فى شرح هذه الفقره و سابقتیه تعرف أن ما قلناه أولى:مما قاله الشارح البحرانی فی شرح تلک الفقرات حیث قال: قوله علیه السلام ألا و ان الله- إلى قوله عصما- ترغیب للسامعین أن یکونوا من أهل الجنه و دعائم الحق و عصم الطاعه.

و مما قاله الشارح المعتزلی من أن دعائم الحق الأدله الموصله إلیه المثبت له فی القلوب و عصم الطاعه هى الادمان على فعلها و التمرن على الاتیان بها، لأن المرون على الفعل یکسب الفاعل ملکه تقتضى سهولته علیه.

و مما قاله بعض الشراح من أن المراد بعصم الطاعه العبادات التی توجب التوفیق من الله سبحانه و ترک المعاصى الموجبه لسلبه أو الملائکه العاصمه للعباد عن اتباع الشیاطین انتهى، فافهم جیدا.

قوله علیه السلام‏ (و ان لکم عند کل طاعه عونا من الله) الظاهر أن المراد بالعون توفیق الله و لطفه المخصوص فی حق المطیعین، فان الاتیان بالطاعات إنما هو بعونه و توفیقه کما أن المعاصى بخذلانه و سلب توفیقه کما اشیر إلى ذلک فی قوله تعالى‏ و الذین جاهدوا فینا لنهدینهم سبلنا و اشیر إلیه أیضا فى أخبارهم علیهم السلام.

روى فی البحار من توحید الصدوق باسناده عن جابر الجعفى عن أبی جعفر علیه السلام‏ قال: سألته عن معنى لا حول و لا قوه إلا بالله، فقال علیه السلام: لا حول لنا عن معصیه الله إلا بعون الله، و لا قوه لنا على طاعه الله إلا بتوفیق الله عز و جل.

و فیه من کنز الکراجکى قال الصادق علیه السلام: ما کل من نوى شیئا قدر علیه، و لا کل من قدر على شی‏ء وفق له، و لا کل من وفق لشی‏ء أصاب به فاذا اجتمعت النیه و القدره و التوفیق و الاصابه فهنا لک تمت السعاده.

و فیه أیضا من التوحید عن الهاشمی قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد علیهما السلام عن قوله «و ما توفیقى إلا بالله» و قوله «إن ینصرکم الله فلا غالب لکم و إن یخذلکم فمن ذا الذی ینصرکم من بعده» فقال علیه السلام: إذا فعل العبد ما أمره الله عز و جل به من الطاعه کان فعله وفقا لأمر الله عز و جل و سمى العبد به موفقا، و إذا أراد العبد أن یدخل فی شی‏ء من معاصى الله فحال الله تبارک و تعالى بینه و بین المعصیه کان ترکه لها بتوفیق الله تعالى، و متى خلى بینه و بین المعصیه فلم یحل بینه و بینها حتی یرتکبها فقد خذله و لم ینصره و لم یوفقه.

فقد ظهر بما ذکرنا أن طاعه الله عز و جل لا یتمکن منها إلا بعونه و توفیقه لأن التوفیق عباره عن أن یجمع بین جمیع الأسباب التی یحتاج إلیها فی حصول الفعل، و لهذا لا یقال فیمن أعان غیره وفقه لأنه لا یقدر أن یجمع بین جمیع الأسباب المحتاجه إلیها فی حصول الفعل و لانحصار التوفیق فیه تعالى جی‏ء بکلمه الحصر فی قوله إیاک نستعین أى نستوفق و نطلب المعونه على عبادتک و على امور ما کلها منک و ان غیرک «کذا» إذا لا یقدر علیه أحد سواک، و إذا حصل التوفیق و شمله اللطف و علم أن له فی فعل العباده الثواب العظیم زاد ذلک فی نشاطه و رغبته، فیسهل للعبد حینئذ القیام بوظایف الطاعات لأنه یعین علیها و یقوى الأعضاء و الجوارح على الاتیان بها.

مجاز و لتقویته لها قال علیه السلام‏ (یقول على الألسنه) فاسند إلیه القول توسعا لکونه ممدا له و لکونه سببا لتثبیت القلوب و اطمینانها قال علیه السلام‏ (و یثبت الأفئده) فأسند التثبیت إلیه مجازا لأنه فی الحقیقه فعل الله سبحانه کما قال تعالى‏ یثبت الله الذین آمنوا بالقول الثابت فی الحیاه الدنیا و قال‏ لنثبت به فؤادک‏.

و إلى هذا التثبیت و توضیحه اشیر فی قوله تعالى‏ فمن یرد الله أن یهدیه یشرح صدره للإسلام و من یرد أن یضله یجعل صدره ضیقا حرجا کأنما یصعد فی السماء کذلک یجعل الله الرجس على الذین لا یؤمنون‏.

روى فی البحار من محاسن البرقی عن أبیه عن فضاله عن أبی بصیر عن خثیمه بن عبد الرحمن الجعفى قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: إن القلب ینقلب من لدن موضعه إلى حنجرته ما لم یصب الحق فاذا أصاب الحق قر ثم ضم أصابعه و قرء هذه الایه: فمن یرد الله أن یهدیه، الایه.

و فى البحار أیضا من التوحید و العیون عن ابن عبدوس عن ابن قتیبه عن حمدان بن سلیمان قال: سألت أبا الحسن علی بن موسى الرضا علیه السلام عن قول الله عز و جل‏ فمن یرد الله أن یهدیه یشرح صدره للإسلام‏ قال علیه السلام: من یرد الله أن یهدیه بایمانه فی الدنیا إلى جنته و دار کرامته فی الاخره یشرح صدره للتسلیم بالله و الثقه به و السکون إلى ما وعده من ثوابه حتى یطمئن، و من یرد أن یضله عن جنته و دار کرامته فی الاخره لکفره به و عصیانه له فی الدنیا یجعل صدره ضیقا حرجا حتى یشک فی کفره و یضطرب من اعتقاده قلبه حتى یصیر کأنما یصعد فی السماء، کذلک یجعل الله الرجس على الذین لا یؤمنون فقد علم بما ذکرنا کله أن لله سبحانه فی حق عباده المطیعین المقربین الذین لا یشاءون الا أن یشاء الله و لا یریدون إلا ما أراد الله ألطافا خاصه و عنایه مخصوصه یستولى على قلوبهم بلطفه، و یتصرف فی جوارحهم بأمره ففى کل آن یحصل منه التوفیق و الافاضات على أرواحهم و التصرف فی أبدانهم فیطمئن به قلوبهم و ینظرون بنور الله و یبطشون بقوه الله کما قال تعالى فیهم: فبى یسمع و بى یبصر و بى ینطق و بى یمشى و بى یبطش، و قال عز و جل: کنت سمعه و بصره و یده و رجله و لسانه.

(فیه کفاء لمکتف و شفاء لمشتف) یعنى فی عون الله عز و جل غناء لمن استغنى،إذ مع عونه لا یبقى افتقار إلى غیره، و شفاء لمن استشفى لأنه تعالى الکافی الشافی لا کافی سواه کما قال‏ و من یتوکل على الله فهو حسبه‏ و لا شافی غیره کما قال‏ و إذا مرضت فهو یشفین‏ و لا یحصل الغنى و الشفاء إلا بعونه و حوله و قوته و لذلک أمر رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم باکثار الحوقله عند الفقر و المرض.

کما رواه فی الروضه من الکافی عن على بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلی عن السکونی عن أبی عبد الله علیه السلام قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم من ألح علیه الفقر فلیکثر من قول لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظیم.

و قال علیه السلام فقد النبى صلى الله علیه و آله و سلم رجلا من الأنصار، فقال: ما غیبک عنا؟، فقال:الفقر یا رسول الله و طول السقم فقال له رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: ألا أعلمک کلاما إذا قلته ذهب عنک الفقر و السقم؟ فقال: بلى یا رسول الله فقال: إذا أصبحت و أمسیت فقل لا حول و لا قوه إلا بالله توکلت على الحى الذى لا یموت و الحمد لله الذی لم یتخذ صاحبه و لا ولدا و لم یکن له شریک فی الملک و لم یکن له ولى من الذل و کبره تکبیرا، فقال الرجل: فو الله ما قلته إلا ثلاثه أیام حتى ذهب عنى الفقر و السقم.

ثم شرع فی وصف عباد الله الکملین ترغیبا للمخاطبین إلى اقتفاء آثارهم و اقتباس أنوارهم و سلوک مسالکهم فقال علیه السلام:(و اعلموا أن عباد الله المستحفظین علمه) المستحفظین فی أکثر النسخ بصیغه المفعول أى الذین طلب منهم الحفظ، و فی بعضها بصیغه الفاعل أى الطالبین للحفظ.

و المراد بهم إما الأئمه علیهم السلام خصوصا أو هم مع خیار شیعتهم لاتصافهم جمیعا بالاستحفاظ و بغیره من الأوصاف الاتیه و إن کان اتصافهم بها آکد و أقوى لکونهم علیهم السلام حفظه لسره و خزنه لعلمه کما ورد فی فقرات الزیاره الجامعه، و فیها أیضا و ائتمنکم على سره، و قد وصفهم علیه السلام بذلک فی الفصل الرابع من الخطبه الثانیه حیث قال: هم موضع سره و لجاء أمره و عیبه علمه‏، و قدمنا هنا لک مطالب نفیسه، و إلى ذلک الحفظ اشیر فى قوله تعالى‏ و تعیها أذن واعیه أى‏ تحفظها أذن من شأنها أن تحفظ ما یجب حفظها بتذکره و اشاعته و التفکر فیه و العمل بمقتضاه.

روى فی الصافى من مجمع البیان عن النبی صلى الله علیه و آله و سلم أنه قال لعلى علیه السلام: یا على إن الله تعالى أمرنى أن ادنیک و لا اقصیک و أن اعلمک و تعی و حق على الله أن تعی فنزل: «و تعیها اذن واعیه».

و فیه منه و من العیون و الجوامع عنه صلى الله علیه و آله و سلم أنه لما نزلت هذه الایه قال صلى الله علیه و آله و سلم:سألت الله عز و جل أن یجعلها اذنک یا على.

و فى روایه لما نزلت قال: اللهم اجعلها اذن على، قال علی علیه السلام: فما سمعت شیئا من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فنسیته، و زاد فی اخرى: و ما کان لى ان انسى و فى الکافى عن الصادق علیه السلام لما نزلت هذه الایه قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: هى أذنک یا على.

و بالجمله فالأئمه سلام الله علیهم خزنه علم الله أمرهم الله بحفظه کما أن خیار شیعتهم أوعیه علومهم المتلقاه من الله عز و جل، و هم أیضا طلبوا منهم حفظها عن الضیاع و النسیان.

(یصونون مصونه و یفجرون عیونه) أى یحفظون ما یجب حفظه لکونه من الأسرار التی لا یجوز اظهارها أصلا، فان حدیثهم صعب مستصعب لا یحتمله ملک مقرب و لا نبی مرسل و لا مؤمن امتحن الله قلبه للایمان على ما عرفت تحقیقه فی شرح الفصل الرابع من الخطبه الثانیه.

أو لا یجوز اظهارها إلا للأوحدى من شیعتهم الحافظین لها و إلیه أشار على ابن الحسین علیهما السلام بقوله: لو علم أبو ذر ما فى قلب سلمان لقتله.

و یفجرون ینابیعه و یظهرون ما لیس من قبیل الأسرار بل من قبیل التکالیف و الأحکام و نحوها و یعلمونها غیرهم.

استعاره بالکنایه- استعاره تخییلیه- استعاره ترشیحیه [و یفجرون عیونه‏] و تشبیه العلم بالعین استعاره بالکنایه و ذکر العیون تخییل و التفجیر ترشیح الجامع أن فی العلم حیاه الأرواح کما أن فی الماء حیاه الأبدان، و إنما شبه‏

بماء العین بخصوصه لکونه زلالا صافیا و فیه من العذوبه و الصفاء ما لیس فی سایر المیاه، فکان أبلغ فی التشبیه و قد وقع نظیر ذلک التشبیه فی قوله تعالى‏ إن أصبح ماؤکم غورا فمن یأتیکم بماء معین‏ یعنى إن غاب إمامکم فمن یأتیکم بعلم الامام کما فسربه فی عده روایات و لما أشار علیه السلام إلى کمال المستحفظین فی الحکمه النظریه عقبه بالتنبیه على کمالهم فی الحکمه العملیه فقال:

(یتواصلون بالولایه) أى بالمحبه و النصره أو القرب و الصداقه یعنى أن مواصلتهم عن وجه الصدق و الصفا و الود و الوفا، لا عن وجه النفاق کما هو الغالب فی وصل أبناء الزمان، و یحتمل أن یکون المراد ب الولایه القرابه فیکون المراد بالجمله التواصل بالأرحام و صله الرحم و الأول أظهر.

(و یتلاقون بالمحبه) هذه الجمله کالتفسیر للجمله السابقه أى یکون ملاقاتهم عن حب کل منهم لصاحبه.

فقد قال أبو عبد الله فی روایه الکافی عن صفوان الجمال عنه علیه السلام: ما التقى مؤمنان قط إلا کان أفضلهما أشد حبا لأخیه.

و فیه أیضا عن شعیب العقرقوفی قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول لأصحابه:

اتقوا الله و کونوا اخوه برره متحابین فی الله متواصلین متراحمین تزاوروا و تلاقوا و تذاکروا أمرنا و أحیوه.

(و یتساقون بکأس رویه) أى یسقى کل منهم للاخر بکأس‏ العلم و المعرفه التی بها رواء کل غلیل.

أما الأئمه فلأن کلا منهم أخذ علمه عن الاخر حتى انتهى إلى أمیر المؤمنین و أخذه علیه السلام عن رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و أخذه رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم عن الله بوحى أو إلهام.

و یشهد بذلک ما رواه فی الکافی عن الحکم بن عتیبه قال لقى رجل الحسین بن على علیهما السلام بالثعلبیه و هو یرید کربلا فدخل علیه فسلم فقال له الحسین علیه السلام:

من أى البلاد أنت؟ قال: من أهل الکوفه، قال علیه السلام: أما و الله یا أخا أهل الکوفه لو لقیتک بالمدینه لأریتک أثر جبرئیل من دارنا و نزله بالوحى على جدى، یا أخا أهل الکوفه أ فمستقى الناس العلم من عندنا فعلموا و جهلنا؟ هذا ما لا یکون.

و فیه عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: نزل جبرئیل على محمد صلى الله علیه و آله و سلم برمانتین من الجنه فلقیه علی علیه السلام فقال: ما هاتان الرمانتان اللتان فى یدک؟

فقال: أما هذه فالنبوه لیس لک فیها نصیب، و أما هذه فالعلم، ثم فلقها رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم بنصفین فأعطاه نصفها و أخذ رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم نصفها ثم قال: أنت شریکى فیه و أنا شریکک فیه قال: فلم یعلم و الله رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم حرفا مما علمه الله عز و جل إلا و قد علمه علیا، ثم انتهى العلم إلینا، ثم وضع یده على صدره.

و فیه عن هشام بن سالم و حماد بن عثمان و غیره قالوا سمعنا أبا عبد الله علیه السلام یقول: حدیثى حدیث أبی، و حدیث أبی حدیث جدى، و حدیث جدى حدیث الحسین علیه السلام، و حدیث الحسین علیه السلام حدیث الحسن علیه السلام، و حدیث الحسن علیه السلام حدیث أمیر المؤمنین صلوات الله و سلامه علیه، و حدیث أمیر المؤمنین علیه السلام حدیث رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، و حدیث رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم قول الله عز و جل.

و أما أصحاب الأئمه علیهم السلام فلأنهم قد استقوا من منهل علومهم علیهم السلام و تعلموها منهم و علموها غیرهم بأمرهم علیهم السلام.

کما یشیر إلیه ما رواه فی الکافی عن یزید بن عبد الملک عن أبى عبد الله علیه السلام قال: تزاوروا فان فی زیارتکم إحیاء لقلوبکم و ذکرا لأحادیثنا تعطف بعضکم على بعض فان أخذتم بها رشدتم و نجوتم، و إن ترکتموها ظللتم و هلکتم فخذوا بها و أنا بنجاتکم زعیم.

و فى الوسائل عن الکافی عن محمد بن حکیم قال: قلت لأبی الحسن موسى علیه السلام: فقهنا فى الدین و أغنانا الله بکم من الناس حتى أن الجماعه منا لیکون فی المجلس ما یسأل رجل صاحبه إلا یحضره المسأله و یحضره جوابها فیما من الله علینا بکم.

فقد ظهر بذلک أن المستحفظین علم الله عز و جل من الأئمه علیهم السلام و أصحابهم‏ یأخذون العلوم الحقه و المعارف الیقینیه من عین صافیه و یستقون بکأس مرویه (و یصدرون) عنها (بریه) لا ظمأ بعدها.

و أما غیرهم فقد استقوا من سراب بقیعه یحسبه الظمان ماء حتى إذا جاءه لم یجده شیئا و وجد الله عنده فوفاه حسابه و الله سریع الحساب.

(لا تشوبهم الریبه) یحتمل أن یکون المراد نفى الشک عنهم لشده یقینهم و مزید تقواهم و رسوخهم فی الایمان.

قال الرضا علیه السلام فیما رواه فی الکافی عن أحمد بن محمد بن أبی نصر عنه علیه السلام:الایمان فوق الاسلام بدرجه، و التقوى فوق الایمان بدرجه، و الیقین فوق التقوى بدرجه، و لم یقسم بین العباد شی‏ء أقل من الیقین.

و یحتمل أن یکون المراد نفى التهمه و سوء الظن أى لا یتهم بعضهم بعضا لأنه اذا اتهم المؤمن أخاه انماث الایمان من قلبه کما ینماث الملح فى الماء، رواه فی الکافی عن إبراهیم بن عمر الیمانى عن أبی عبد الله علیه السلام.

(و لا تسرع فیهم الغیبه) أى إذا أراد أحد غیبتهم فلا یتسرع غیبته إلیهم کما یتسرع إلى غیرهم بطهاره نفوسهم من القبایح و المساوى الموجبه لسرعتها بما لهم من ملکه العصمه و العداله (على ذلک) أى على ما ذکر من الأوصاف الکمالیه (عقد) الله‏ (خلقهم و أخلاقهم) یعنى أن اتصافهم بتلک الکمالات لیس بتکلف، بل هی مقتضى سجیتهم و هم مجبولون علیها لأن طینتهم علیهم السلام من أعلا علیین و شیعتهم مخلوقه من فاضل طینتهم عجینه بنور ولایتهم.

کما قال الصادق علیه السلام: شیعتنا منا خلقوا من فاضل طینتنا و عجنوا بنور ولایتنا.

و فى الکافى باسناده عن أبی حمزه الثمالى قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول إن الله عز و جل خلقنا من أعلا علیین و خلق قلوب شیعتنا مما خلقنا منه و خلق أبدانهم من دون ذلک و قلوبهم تهوى إلینا لأنها خلقت مما خلقنا منه، ثم تلى هذه الایه کلا إن کتاب الأبرار لفی علیین و ما أدراک ما علیون کتاب‏ مرقوم یشهده المقربون‏.

(فعلیه) أى على ذلک العقد (یتحابون و به یتواصلون) لأن الأرواح جنود مجنده ما تعارف منها ائتلف و ما تخالف منها اختلف کما فی النبوى صلى الله علیه و آله و سلم.

فقد قیل: إن المراد به ان الأرواح خلقت مجتمعه على قسمین مؤتلفه و مختلفه کالجنود التی یقابل بعضها بعضا ثم فرقت فی الأجساد، فإذا کان الایتلاف و المواخات أولا کان التعارف و التوالف بعد الاستقرار فی البدن و إذا کان التناکر و التخالف هناک کان التنافر و التناکر هناک.

و لعله إلى ذلک ینظر ما رواه فی الکافی عن حمزه بن محمد الطیار عن أبیه عن أبی جعفر علیه السلام قال: لم تتواخوا على هذا الأمر إنما تعارفتم علیه.

و مثله عن ابن مسکان و سماعه جمیعا عن أبی عبد الله علیه السلام قال: لم تتواخوا على هذا الأمر و إنما تعارفتم علیه.

یعنى أن المواخاه على الولایه و الاخوه فی الایمان کانت ثابته بینکم فی عالم الأرواح و لم تقع هذا الیوم و فی هذه النشأه و إنما الواقع فی هذه النشأه هو التعارف الکاشف عن مواخاه عالم الأرواح الناشی منه.

تشبیه المعقول بالمعقول- استعاره مرشحه- استعاره مجرده (فکانوا) فی تفاضلهم على سایر الناس‏ (کتفاضل البذر) و هو أول ما یعزل من البذر للزراعه من الحبوب‏ (ینتقى) و یزکى‏ (فیؤخذ منه) الردى‏ (و یلقى) فلا یبقى منه إلا الجید الخالص‏ (قد میزه) الانتقاء و (التخلیص و هذبه التمحیص) و التمیز.

و محصله أن تفاضلهم‏ کتفاضل البذر المنتقى جیده و الملقى ردیه، و هو من تشبیه المعقول بالمعقول، و تعقیبه بالانتقاء و الالقاء ترشیح لأنهما من خواص المسند به و بالتخلیص و التمحیص‏ تجرید لکونهما من ملایمات المشبه، فهو من قبیل التشبیه المرشح المجرد، و قد مر توضیحه فی دیباجه الشرح عند ذکر أقسام الاستعارات.

و قد وقع نظیر هذا التشبیه فی حدیث أبی عبد الله علیه السلام المروى فی البحار عن العیاشى عن الوشا باسناد له یرسله إلیه علیه السلام قال: و الله لتمحصن و الله لتمیزن و الله لتغربلن حتى لا یبقى منکم إلا الأندر، قلت: و ما الأندر؟ قال: البیدر، و هو أن یدخل الرجل قبه الطعام یطین‏[۱] علیه ثم یخرجه و قد تأکل بعضه و لا یزال ینقیه ثم یکن علیه ثم یخرجه حتى یفعل ذلک ثلاث مرات حتى یبقى ما لا یضره شی‏ء.

ثم أصل‏ التمحیص التخلیص‏ و کثیرا ما یستعمل فی التخلیص الحاصل بالاختبار و الامتحان، قال تعالى‏ و لیبتلی الله ما فی صدورکم و لیمحص ما فی قلوبکم‏ أى لیمتحن الله ما فی صدورکم و یظهر سرایرها من الاخلاص و النفاق فیجازى المخلص باخلاصه و المنافق بنفاقه لأن المجازات إنما هی بعد ظهور السرایر و إلا فهو سبحانه عالم بالسرائر و الضمایر قبل ظهورها کما هو عالم بها بعد ظهورها، و لیمحص أى و لیکشف و یمیز ما فی قلوبکم من الطیب و الخبیث.

و قال أیضا و لیعلم الله الذین آمنوا و یتخذ منکم شهداء و الله لا یحب الظالمین و لیمحص الله الذین آمنوا و یمحق الکافرین‏ أى و لیبتلى الله الذین آمنوا و لیخلصهم من الذنوب أو ینجیهم من الذنوب بالابتلاء و یهلک الکافرین بالذنوب عند الابتلاء.

و فى الکافی عن ابن أبی یعفور قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول: ویل لطغاه العرب من أمر قد اقترب، قلت: جعلت فداک کم مع القائم علیه السلام من العرب؟

قال: نفر یسیر، قلت: و الله إن من یصف هذا الأمر منهم لکثیر، قال علیه السلام لا بد للناس من أن یمحصوا و یمیزوا و یغربلوا و یستخرج فی الغربال خلق کثیر.

و حاصل المرام أن المستحفظین علم الله قد امتازوا عن سایر الناس و تفاضلوا علیهم و خرجوا تام العیار من قالب الامتحان لکونهم المخلصین فی توحید الله‏ و التامین فی محبه الله، و إخلاصهم العمل لله، هذا.

و لما فرغ من شرح حال المستحفظین فرع علیه قوله‏ (فلیقبل امرء کرامه بقبولها) أى‏ لیقبل کرامه الله و إفضاله و عوائد موائده بقبول هذه المکارم و الصفات الجمیله، یعنى إذا کان المستحفظون متخلقین بهذه المکارم و الأخلاق الحسنه فلیتقبلها المؤمن بقبول حسن و لیحتذى حذوهم حتى یدخل فی زمرتهم و یفوز بالکرامه العظیمه و النعمه الدائمه المعده فی حق المخلصین المکرمین على ما بشر به فی الکتاب الکریم فی قوله‏ إنکم لذائقوا العذاب الألیم و ما تجزون إلا ما کنتم تعملون إلا عباد الله المخلصین أولئک لهم رزق معلوم فواکه و هم مکرمون فی جنات النعیم على سرر متقابلین یطاف علیهم بکأس من معین بیضاء لذه الایات هذا و لما لم یمکن تحصیل المکارم و نیل هذه الکرامات إلا بالتجافی عن دار الغرور و الانابه إلى دار الخلود و الاستعداد للموت قبل حلول الفوت، عقبه بقوله:(و لیحذر قارعه) أى داهیه الموت‏ (قبل حلولها و لینظر امرء فی قصیر أیامه و قلیل مقامه فی منزل) أى لیتفکر فی أیامه القصیره و إقامته القلیله فی دار الدنیا (حتى) یتنبه من نوم الغفله و (یستبدل به منزلا) غیره، و هى دار الخلود التی لیس لأیامه نفاد و لا لاقامته انقطاع‏ (فلیصنع لمتحوله) أى لیصنع المعروف و یعمل بالصالحات لمحل انقلابه‏ (و معارف منتقله) أى معالم موضع انتقاله.

ثم رغب علیه السلام إلى متابعته و متابعه الطیبین من أولاده الأئمه الهداه علیه و علیهم السلام بقوله:(فطوبى لذى قلب سلیم) من حب الدنیا و شوب الشرک و الریا و کدر المعاصى و هو الذى اشیر إلیه فى قوله تعالى‏ یوم لا ینفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سلیم‏ (أطاع من یهدیه) من أئمه الهدى‏ (و تجنب من) یهلکه و (یردیه) من أئمه الضلال و الردى‏ (و أصاب سبیل السلامه) و هى الجاده الوسطى المحفوظه من رذیلتى الافراط و التفریط و الصراط المستقیم المؤدى إلى جنته و المبلغ إلى رضوانه‏

و رحمته‏ (بنصر من بصره) أى بعون امامه الحق الذى جعله بارشاده صاحب بصر و بصیره فى سلوک سبیل السلامه (و طاعه هاد أمره) بالمعروف و نهاه عن المنکر فاهتدى بأمره إلى الجاده المستقیمه.

(و بادر الهدى قبل أن تغلق أبوابه) علیه‏ (و تقطع أسبابه) عنه بموته، فان الموت إذا حل ارتفع التکالیف المحصله للسعاده و انسد أبواب الهدایه.

(و استفتح) باب‏ (التوبه و أماط الحوبه) أى أزال الاثم و الخطیه و نحاها عن لوح نفسه بممحاه استغفاره و توبته‏ (فقد اقیم على الطریق و هدى نهج السبیل) الواضح أى أقامکم الله على ذلک و هداکم الله بما نزل فی کتابه على نبیه من محکمات آیاته کما أفصح عنه بقوله‏ قالوا یا قومنا إنا سمعنا کتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بین یدیه یهدی إلى الحق و إلى طریق مستقیم‏ و قال‏ إن هذا القرآن یهدی للتی هی أقوم‏ فلم یبق بعد تلک الاقامه و الهدایه معذره للمذنب و لا عتبى للمستعتب.

تذییل‏

قال الشارح المعتزلی فى شرح قوله علیه السلام: لم یسهم فیه عاهر و لا ضرب فیه فاجر:فی هذا الکلام رمز إلى جماعه من الصحابه فی أنسابهم طعن کما یقال إن آل سعد بن أبی وقاص لیسوا من بنى زهره بن کلاب و أنهم من بنى عذره من قحطان، و کما قالوا: إن آل الزبیر بن العوام من أرض مصر من القبط و لیسوا من بنی اسد بن عبد العزى، و کما یقال فی قوم آخرین نرفع هذا الکتاب عن ذکر ما یطعن فى أنسابهم کى لا یظن بنا أنا نحب القاله فی الناس إلى أن قال:قال أبو عثمان یعنى الجاحظ: و بلغ عمر بن الخطاب أن اناسا من رواه الأشعار و حمله الاثار یعیبون الناس و یثلبونهم فی أسلافهم، فقام على المنبر و قال: إیاکم و ذکر العیوب و البحث عن الاصول فلو قلت لا یخرج الیوم من هذه الأبواب من لا وصمه فیه، لم یخرج منکم أحد، فقام رجل من قریش نکره أن نذکره فقال:إذا کنت أنا و أنت یا أمیر المؤمنین نخرج، فقال: کذبت بل کان یقال لک: یاقین‏ ابن قین اقعد.

قال الشارح: قلت: الرجل الذى قام هو المهاجر بن خالد بن الولید بن المغیره المخزومى کان عمر یبغضه لبغضه أباه خالدا، و لأن المهاجر کان علوى الرأى جدا و کان أخوه عبد الرحمن بخلافه شهد المهاجر صفین مع علی علیه السلام و شهدها عبد الرحمن مع معاویه و کان مهاجر مع علی علیه السلام یوم الجمل و فقئت ذلک الیوم عینه، و لا الکلام الذی بلغ عمر بلغه عن مهاجر، و کان الولید بن المغیره مع جلالته فی قریش حدادا یصنع الدروع و غیرها بیده.

قال: و روى أبو الحسن المداینى هذا الخبر فی کتاب امهات الخلفاء، و قال:إنه روى عند جعفر بن محمد علیه السلام بالمدینه، فقال علیه السلام: لا تلمه یا ابن أخی إنه أشفق أن یحدج بقضیه نفیل بن عبد العزى و صهاک امه الزبیر بن عبد المطلب، ثم قال علیه السلام: رحم الله عمر فانه لم یعد السنه و تلا «إن الذین یحبون أن تشیع الفاحشه فی الذین آمنوا لهم عذاب ألیم» انتهى کلام الشارح.

اقول قول الصادق علیه السلام: إنه أشفق أن یحدج بقضیه نفیل آه إشاره إلى ما قدمنا فی شرح الفصل الثانی من الخطبه الثالثه المعروفه بالشقشقیه من نسب عمر تفصیلا و عرفت هناک أن نسبه الکثیف أنجس من جمیع أنساب أولاد البغایا المدنسه بأنجاس الجاهلیه لم یسبقه فی ذلک سابق و لم یلحقه لاحق، و أقول هنا مضافا إلى ما سبق:روى الشیخ الکلینی فی کتاب الروضه من الکافی عن الحسین عن أحمد بن هلال عن زرعه عن سماعه قال:

تعرض رجل من ولد عمر بن الخطاب بجاریه رجل عقیلی فقالت له: إن هذا العمری قد أذانى، فقال لها: عدیه و ادخلیه الدهلیز، فأدخلته فشد علیه فقتله و ألقاه فی الطریق فاجتمع البکریون و العمریون و العثمانیون و قالوا: ما لصاحبنا کفو أن یقتل به إلا جعفر بن محمد، و ما قتل صاحبنا غیره، و کان أبو عبد الله علیه السلام قد مضى نحو قبا، فلقیته بما اجتمع القوم علیه، فقال علیه السلام: دعهم، فلما جاء و رأوه‏

وثبوا علیه، و قالوا: ما قتل صاحبنا أحد غیرک و ما یقتل به أحد غیرک، فقال علیه السلام:لیکلمنى منکم جماعه فاعتزل قوم منهم فأخذ بأیدیهم و أدخلهم المسجد، فخرجوا و هم یقولون: شیخنا أبو عبد الله جعفر بن محمد معاذ الله أن یکون مثله یفعل هذا و لا یأمر به انصرفوا.

قال: فمضیت معه فقلت: جعلت فداک ما کان أقرب رضاهم من سخطهم قال علیه السلام: نعم دعوتهم فقلت: أمسکوا و إلا أخرجت الصحیفه.

فقلت: و ما هذه الصحیفه جعلنی الله فداک؟

فقال علیه السلام: إن ام الخطاب کانت أمه للزبیر بن عبد المطلب، فسطر بها نفیل فأحبلها، فطلبه الزبیر فخرج هاربا إلى الطایف، فخرج الزبیر خلفه، فبصرت به ثقیف فقالوا: یا با عبد الله ما تعمل ههنا؟ قال: جاریتی سطر بها نفیلکم، فهرب منه إلى الشام، و خرج الزبیر فی تجاره له إلى الشام، فدخل على ملک الدومه فقال له: یا با عبد الله لی الیک حاجه، قال: و ما حاجتک أیها الملک؟ فقال:

رجل من أهلک قد أخذت ولده فاحب أن یرده علیه، قال: لیظهر لی حتى أعرفه، فلما أن کان من الغد دخل إلى الملک، فلما رآه الملک ضحک فقال: ما یضحکک أیها الملک؟ قال: ما أظن هذا الرجل ولدته عربیه لما رآک قد دخلت لم یملک استه أن جعل یضرط، فقال أیها الملک إذا صرت إلى مکه قضیت حاجتک، فلما قدم الزبیر تحمل‏ علیه ببطون قریش کلها أن یدفع الیه ابنه فأبی، ثم تحمل علیه بعبد المطلب فقال: ما بینی و بینه عمل أما علمتم ما فعل فی ابنی فلان، و لکن امضوا أنتم الیه فکلموه، فقصدوه و کلموه فقال: لهم: إن الشیطان له دوله و إن ابن هذا ابن الشیطان و لست آمن أن یترأس علینا، و لکن ادخلوه من باب المسجد على على أن أحمی له حدیده و أخط فى وجهه خطوطا و أکتب علیه و على ابنه أن لا یتصدر فی مجلس و لا یتأمر على أولادنا و لا یضرب معنا بسهم، قال: ففعلوا و خط وجهه بالحدیده و کتب علیه الکتاب عندنا، فقلت لهم: إن أمسکتم و إلا أخرجت الکتاب ففیه فضیحتکم، فأمسکوا.

بیان‏

قول عبد المطلب: أما علمتم ما فعل فی ابنی فلان أراد به العباس و کنی عنه الامام علیه السلام تقیه من خلفاء العباسیه.و هو إشاره إلى ما رواه فی الروضه أیضا عن أبی عبد الله علیه السلام فی حدیث قال:إن نثیله کانت أمه لأم الزبیر و أبی طالب و عبد الله فأخذها عبد المطلب فأولدها فلانا فقال له الزبیر هذه الجاریه ورثناها من امنا و ابنک هذا عبد لنا، فتحمل علیه ببطون قریش، قال: فقال: قد أجبتک على خله على أن لا یتصدر ابنک هذا معنا فی مجلس و لا یضرب معنا بسهم، فکتب علیه کتابا و أشهد علیه.

الترجمه

از جمله خطبه اى بلاغت نظام آن امام علیه السلام است مى ‏فرماید:

شهادت مى ‏دهم بر این که بتحقیق خداوند تعالى عادلى است که عدالت کرده در احکام و أفعال خود، و حاکمى است که فصل فرموده میان حق و باطل، و شهادت مى‏ دهم بر این که محمد صلى الله علیه و آله و سلم بنده او و فرستاده اوست و آقاى بندگان اوست، هر وقتى که نقل کرد خلق را از أصلاب بأرحام و قسمت کرد ایشان را بدو فرقه، گردانید آن بزرگوار را در بهترین آن دو فرقه، صاحب سهم نشد در نسب شریف آن زناکارى، و شریک و صاحب نصیب نگردید در اصل آن فاسق فاجرى.

آگاه باشید که بتحقیق خداى تعالى قرار داده است از براى عمل خیر که طاعات و قرباتست اهل معینى، و از براى عقاید و أعمال حقه ستونها و پایهائى، و از براى عبادت و اطاعت حافظان و نگاه دارندگانى یا حفظهائى از مهالک دنیا و آخرت و بتحقیق که شما راست نزد هر طاعتى معینى و ناصرى از جانب خدا که مى‏گوید بزبانها و برقرار مى‏گرداند دلها را و در آن معین کفایت است از براى اکتفا کننده و شفاست از براى طالب شفا.

و بدانید که بتحقیق بندگان خدا که از ایشان طلب حفظ علم او شده حفظ می کنند آن علمى را که لازم الحفظ و از قبیل اسرار است، و جارى می کنند چشمهاى آن علمى را که باید بمردم اظهار نمود از قبیل تکالیف و احکام، وصلت مى‏ کنند ایشان با یکدیگر با نصرت و یارى، و ملاقات میکنند با آشتى و محبت، و سیراب مى‏ کنند یکدیگر را با کاسه سیراب کننده علم و معرفت، و باز مى‏ گردند با سیرابى مخلوط نمى‏شود باعتقادات ایشان شک و شبهه، و نشتابد بسوى ایشان غیبت کنندگان بجهت طهارت نفوس ایشان، بر این أوصاف بسته و عقد کرده است خداى تعالى خلقت و اخلاق ایشان را پس بالاى این عقد خلقى و خلقتى با همدیگر در مقام محابه مى‏باشند و بسبب آن در مقام وصالند، پس هستند ایشان در زیادتی مرتبه و تفاوت درجه نسبت بسایرین مثل زیادتى تخم نسبت ببقیه آن در حالتى که امتیاز داده است او را خالص گردانیدن و پاکیزه کرده او را تمیز کردن.

پس باید قبول نماید مرد کرامت را بسبب قبول این صفات، و باید بپرهیزد از مرگ با شدت پیش از حلول آن، پس باید نگاه کند مرد در کوتاهى روزگارش و کمى درنگش در منزلى تا آنکه بدل کند بان منزل منزل دیگر را، پس باید کارى کند از براى مکان رجوع خود، و از براى علامات محل انتقال خود.

پس خوشحالى از براى صاحب قلب با سلامتى است که اطاعت کرد کسى را که هدایت کند او را، و بیگانگى کرد از کسى که هلاک نماید او را، و رسیده راه سلامت را بسبب نصرت و یارى کسى که صاحب بصیرت کرد او را، و اطاعت هدایت کننده که امر کرد او را و مبادرت نمود بهدایت پیش از آنى که بسته شود درهاى آن، و بریده شود اسباب آن، و طلب نمود گشودن در توبه را، و ازاله نمود گناه را پس بتحقیق که اقامه شد براه حق و هدایت شد بر راه راست‏

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

بازدیدها: ۹۸

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۲ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۱۳ صبحی صالح

۲۱۳- و من خطبه له ( علیه‏ السلام  ) فی تمجید اللّه و تعظیمه‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِیِّ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِینَ الْغَالِبِ لِمَقَالِ الْوَاصِفِینَ الظَّاهِرِ بِعَجَائِبِ تَدْبِیرِهِ لِلنَّاظِرِینَ وَ الْبَاطِنِ بِجَلَالِ عِزَّتِهِ عَنْ فِکْرِالْمُتَوَهِّمِینَ

الْعَالِمِ بِلَا اکْتِسَابٍ وَ لَا ازْدِیَادٍ وَ لَا عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ الْمُقَدِّرِ لِجَمِیعِ الْأُمُورِ بِلَا رَوِیَّهٍ وَ لَا ضَمِیرٍالَّذِی لَا تَغْشَاهُ الظُّلَمُ وَ لَا یَسْتَضِی‏ءُ بِالْأَنْوَارِ وَ لَا یَرْهَقُهُ لَیْلٌ وَ لَا یَجْرِی عَلَیْهِ نَهَارٌ لَیْسَ إِدْرَاکُهُ بِالْإِبْصَارِ وَ لَا عِلْمُهُ بِالْإِخْبَارِ

و منها فی ذکر النبی ( صلى ‏الله‏ علیه‏ وآله ‏وسلم  )

أَرْسَلَهُ بِالضِّیَاءِ وَ قَدَّمَهُ فِی الِاصْطِفَاءِ فَرَتَقَ بِهِ الْمَفَاتِقَ وَ سَاوَرَ بِهِ الْمُغَالِبَ وَ ذَلَّلَ بِهِ الصُّعُوبَهَ وَ سَهَّلَ بِهِ الْحُزُونَهَ حَتَّى سَرَّحَ الضَّلَالَ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمَالٍ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من خطبه له علیه السلام و هى المأتان و الثانیه عشر من المختار فى باب الخطب‏

الحمد لله العلی عن شبه المخلوقین، الغالب لمقال الواصفین، الظاهر بعجایب تدبیره للناظرین، و الباطن بجلال عزته عن فکر المتوهمین، العالم بلا اکتساب و لا ازدیاد، و لا علم مستفاد، المقدر لجمیع الأمور بلا رویه و لا ضمیر، الذی لا تغشاه الظلم، و لا یستضی‏ء بالأنوار، و لا یرهقه لیل و لا یجری علیه نهار، لیس إدراکه بالأبصار، و لا علمه بالأخبار. منها فى ذکر النبی صلى الله علیه و آله و سلم. أرسله بالضیاء، و قدمه فی الاصطفاء، فرتق به المفاتق، و ساور به المغالب، و ذلل به الصعوبه، و سهل به الحزونه، حتى سرح الضلال عن یمین و شمال.

اللغه

(الشبه) بالتحریک کالشبه و الشبیه بمعنى المثل و المشابه و شبهت الشی‏ء بالشى‏ء أقمته مقامه بصفه جامعه بینهما و أشبه الولد أباه و شابهه إذا شارکه فى صفه من الصفات و (رهق) الدین رهقا من باب تعب غشیه و رهقت الشی‏ء أدرکته و (الاخبار) فی أکثر النسخ بالکسر مصدر اخبر و فی بعضها بالفتح جمع الخبر و کذلک الابصار.

و (رتقت) الفتن رتقا من باب قال سددته فارتتق و (فتق) الثوب شقه فانفتق و تفتق و الفنق أیضا شق عصا الجماعه و وقوع الحرب بینهم و مفتق الثوب محل شقه و یجمع على مفاتق کمقعد و مقاعد و (ساور) فلانا و اثبه سوارا و مساوره و ساوره اخذه براسه و الوثوب الظفر و (غلبه) غلبا و غلبا و غلبه و مغلبا قهره و المغلب وزان معظم المغلوب مرارا و المحکوم له بالغلبه ضد، و المغلنبی وزان مسلنقى الذى یغلبک و یعلوک و (الحزونه) ضد السهوله و الحزن ما غلظ من الأرض و السهل ما لان منها و (سرحت) المرأه تسریحا طلقتها قال تعالى‏ فإمساک بمعروف أو تسریح بإحسان‏ أى تطلیق.

الاعراب‏

الباء فی قوله بالضیاء للمصاحبه کما فی دخلت علیه بثیاب السفر، و فی قوله: به للسببیه، و قوله: عن یمین و شمال، ظرف لغو متعلق بسرح على تضمین معنى الطرد و الابعاد.

المعنى‏

اعلم أن هذه الخطبه الشریفه کما ذکره بعض الشراح و أشار إلیه السید «ره» مشتمله على فصلین:

الفصل الاول‏

فی تمجید الله‏ عز و جل و ثنائه بنعوت جلاله و جماله و أثنى علیه تعالى باعتبارات:

أولها قوله‏ (الحمد لله العلى عن شبه المخلوقین) أى المتعالى عن مشابهه مخلوقاته فلا یشابه شیئا منها، و لا یشابهه شی‏ء، فلیس له شبه و شبیه و نظیر.

و ذلک لما عرفت مرارا فی تضاعیف الشرح لا سیما شرح الخطبه المأه و الخامسه و الثمانین و شرح الکلام المأتین و الثامن أن المخلوقات کلها محدوده بالحدود الاصطلاحیه المرکبه من الجنس و الفصل، و بالحدود اللغویه أى النهایه و الله سبحانه منزه عن الحد اصطلاحیا کان أو لغویا لاستلزام الأول للترکیب و الثانی للافتقار إلى محدد، و کل مرکب و مفتقر ممکن، فالواجب تعالى لا یمکن أن یکون له مشابه و مشارک فی ذاته و صفاته و أفعاله.

و الحاصل أن الواجب تعالى أجل و أعلى من أن یتصف بالصفات الامکانیه، فیشابه المحدثات و یشارکهم فی جهه من الجهات.

الثانی انه‏ (الغالب لمقال الواصفین) یعنی أنه تعالى شأنه أجل من أن یقدر الواصفون على وصفه و بیان محامده، لعدم وقوف صفاته الکمالیه و أوصافه الجمالیه و الجلالیه إلى حد معین حتى یحیط بها العقول و یصفه الألسنه کیف و قد اعترف سید البشر صلى الله علیه و آله و سلم بالعجز عن ذلک، و قال: لا احصى ثناء علیک أنت کما أثنیت على نفسک، فأنى لغیره بذلک.

و هذه الفقره مساوقه لقوله علیه السلام فى الخطبه الاولى: الحمد لله الذى لا یبلغ مدحته القائلون‏، فان المدح و الثناء و الوصف کلها بمعنى

‏لا یدرک الواصف المطرى محامده‏
و إن یکن سابقا فى کل ما وصفا

فحیث قصرت ألسنه الواصفین‏ و کلت عن تعداد صفاته الحمیده فهو کالغالب‏ على أقوالهم لعجزها عن البلوغ إلى مدى صفاته.

الثالث أنه‏ (الظاهر بعجایب تدبیره للناظرین) یعنى أنه تعالى‏ ظاهر للناظرین‏ و لیس ظهوره بذاته کما توهمه المجسمه و غیرهم من المجوزین للرؤیه، بل باثار قدرته و اعلام عظمته و بدایع صنعه و عجایب تدبیره‏ و حکمته حسبما عرفته تفصیلا فى شرح الخطبه التاسعه و الأربعین و الخطبه الرابعه و الستین و غیرهما.

(و) الرابع أنه‏ (الباطن بجلال عزته عن فکر المتوهمین) یعنی أنه محتجب عن الأوهام و العقول، و لیس احتجابه و اختفاؤه بصغر جسمه و حقارته أو

لطافه قوامه کالهواء و الروح و نحوهما، بل باعتبار جلاله و عزته و جبروته و عظمته حسبما عرفت فی شرح الخطبتین المذکورتین و الحاصل أنه ظاهر بایاته باطن بذاته.

قال الشارح البحرانی: و إنما قال: فکر المتوهمین‏، لأن النفس الانسانیه حال التفاتها إلى استلاحه الامور العلویه المجرده لا بد أن یستعین بالقوه المتخیله بباعث الوهم فی أن تصور تلک الامور بصور خیالیه مناسبه لتشبیهها بها و تحطها إلى الخیال، و قد علمت أن الوهم إنما یدرک ما کان متعلقا بمحسوس أو متخیل من المحسوسات، فکل أمر یتصوره الانسان و هو فی هذا العالم سواء کان ذات الله سبحانه أو غیر ذلک فلا بد أن یکون مشوبا بصوره خیالیه و معلقا بها، و هو تعالى منزه بجلال عزته عن تکیف تلک الفکر له و باطن عنها، انتهى.

و قد تقدم ما یوضح ذلک فی شرح الفصل الثانی من الخطبه الاولى و شرح الخطبه المأه و الخامسه و الثمانین فلیراجع هناک.

الخامس انه‏ (العالم بلا اکتساب و لا ازدیاد و لا علم مستفاد) یعنى أنه عز و جل عالم بذاته و العلم ذاته و لیس علمه باکتساب له بعد الجهل، و لا بازدیاد منه بعد النقص، و لا باستفاده و أخذ له عن غیره کما هو شأن علم المخلوقین، إذ لو کان کذلک لکان سبحانه متغیرا و ناقصا فى ذاته مستکملا بغیره و هو باطل.

السادس انه‏ (المقدر لجمیع الامور بلا رویه و لا ضمیر) أى الموجد لمخلوقاته على وفق حکمته و قضائه کلا منها بقدر معلوم و مقدار معین من دون أن یکون ایجادها مستندا إلى الرویه و الفکر، و لا إلى ما یضمر فى القلب من الصور کما یحتاج إلیها سایر الصناع، لأنه سبحانه منزه من الضمیر و القلب، و الروایات لا تلیق إلا بذوى الضمائر حسبما عرفت تفصیلا فى شرح الفصل الأول من الخطبه المأه و السابعه.

السابع أنه‏ (الذى لا تغشاه الظلم و لا یستضی‏ء بالأنوار) أى لا یغطیه ظلام کما یغطى سایر الأجسام لکونه منزها عن الجسمیه، و لا یستضی‏ء بالأنوار کما یستضی‏ء بها ذوات الابصار لکونه منزها من حاسه البصر و سایر الحواس، مضافا إلى أنه تعالى‏

نور السماوات و الأرض، و الجمیع به یستضی‏ء فکیف یستضی‏ء بغیره و الا لزم أن یکون مفتقرا إلى غیره مستکملا به و هو باطل.

(و) الثامن انه‏ (لا یرهقه لیل و لا یجرى علیه نهار) یعنى لا یتعور علیه لیل و نهار لکونه منزها عن الزمان و الحرکه فلو تعاورا علیه لتفاوتت ذاته و تغیرت صفاته و امتنع من الأزل معناه.

(و) التاسع انه‏ (لیس إدراکه بالابصار) لتنزهه من الاحتیاج فى الادراک إلى الالات و المشاعر و الأدوات.

و العاشر ما أشار إلیه بقوله‏ (و لا علمه بالأخبار) أى بأن یخبره غیره بشى‏ء فیحصل له العلم بذلک الشی‏ء بسبب هذا الخبر، لاستلزام ذلک للجهل أولا و الافتقار إلى حاسه السمع ثانیا، و النقص بالذات، و الاستکمال بالغیر ثالثا، و هذا کله مناف لوجوب الوجود.

الفصل الثانی‏

(منها فى ذکر النبی صلى الله علیه و آله و سلم) قال علیه السلام‏ (أرسله بالضیاء) الساطع و النور اللامع.

و المراد به إما نور الایمان، و به فسر قوله تعالى‏ الله ولی الذین آمنوا یخرجهم من الظلمات إلى النور أى ظلمات الکفر إلى نور الایمان‏ و الذین کفروا أولیاؤهم الطاغوت یخرجونهم من النور إلى الظلمات‏ و إما نور العلم یعنى النبوه الذى کان فى قلبه صلى الله علیه و آله و سلم، و به فسر المصباح فى قوله تعالى‏ مثل نوره کمشکاه فیها مصباح‏.

روى فى الصافى من التوحید عن الصادق علیه السلام فى هذه الایه الله نور السماوات و الأرض‏ قال: کذلک عز و جل‏ مثل نوره‏ قال محمد صلى الله علیه و آله و سلم‏ کمشکاه قال صدر محمد صلى الله علیه و آله و سلم‏ فیها مصباح‏ قال فیه نور العلم یعنى النبوه الحدیث.

و إما القرآن کما فى قوله تعالى‏ قد جاءکم من الله نور و کتاب مبین یهدی به الله من اتبع رضوانه سبل السلام و یخرجهم من الظلمات إلى النور فهو نور عقلى یهتدى به فى سلوک سبیل الجنان و یستضاء به فى الوصول إلى مقام الزلفى و الرضوان‏ (و قدمه فى الاصطفاء) أى‏ قدمه‏ على جمیع خلقه فى أن اختاره منهم و فضله علیهم کما قال الشاعر:

لله فى عالمه صفوه و صفوه الخلق بنو هاشم‏
و صفوه الصفوه من هاشم‏ محمد الطهر أبو القاسم‏

و قد مضى أخبار لطیفه فى هذا المعنى فى شرح الخطبه الثالثه و التسعین فلیراجع هناک.

و قوله‏ (فرتق به المفاتق) أى أصلح به المفاسد، و هو إشاره إلى ما کانت علیه أهل الجاهلیه حین بعثه من سفک الدماء و قطع الأرحام و عباده الأصنام و اجتراح الاثام قد استهوتهم الأهواء، و استزلتهم الکبریاء، و استخفتهم الجاهلیه الجهلاء، تائهین حائرین فى زلزال من الأمر و بلاء من الجهل، فبالغ صلى الله علیه و آله و سلم فى نصحهم و موعظتهم و دعائهم بالحکمه و الموعظه الحسنه إلى سبیل ربهم، و جادلهم بالتى هى أحسن، فأصلح الله بوجوده الشریف ما فسد من امور دنیاهم و آخرتهم، و رفع به ضغائن صدورهم، و هداهم به من الضلاله، و أنقذهم بمکانه من الجهاله مجاز (و ساور به المغالب) فی إسناد المساوره إلى الله سبحانه توسع، و المراد تسلیطه على المشرکین و الکفار و المنافقین الذین کان لهم الغلبه على غیرهم کما قال عز من قائل‏ إن الذین یحادون الله و رسوله أولئک فی الأذلین کتب الله لأغلبن أنا و رسلی إن الله قوی عزیز و قال‏ هو الذی أرسل رسوله بالهدى و دین الحق لیظهره على الدین کله و لو کره المشرکون*.

قال فی مجمع البیان فی تفسیر الایه الأولى: روى أن المسلمین قالوا لما رأوا ما یفتح الله علیهم من القرى لیفتحن الله علینا الروم و فارس فقال المنافقون أ تظنون أن فارس و الروم کبعض القرى التى غلبتم علیها، فأنزل الله هذه الایه.

و قال فی الایه الثانیه فی تفسیر قوله «لیظهره على الدین کله» معناه‏ لیغلب دین الاسلام على جمیع الأدیان بالحجه و الغلبه و القهر لها حتى لا یبقى علی وجه الأرض دین إلا مغلوب.

(و ذلل به الصعوبه) صعوبه الجاهلیه التی أشرنا إلیها فی شرح قوله: فرتق به المفاتق (و سهل به الحزونه) أى‏ حزونه طریق الحق و تسهیلها بالارشاد إلى معالمه و الهدایه إلیه.

استعاره‏ (حتى سرح الضلال عن یمین و شمال) غایه للجملات السابقه جمیعا أو لخصوص الجمله الأخیره أى إلى أن طرد و ابعد ظلمات الجهل و الضلال بمیامین بعثته و أنوار هدایته عن یمین النفوس و شمالها.

قال الشارح البحرانی: و هو إشاره إلى القائه رذیلتى التفریط و الافراط عن ظهور النفوس کتسریح جنبى الحمل عن ظهر الدابه، و هو من ألطف الاستعارات و أبلغها

الترجمه

حمد و ثنا خدائى راست که برتر است از مشابهت مخلوقات، و غلبه کننده است مر گفتار وصف کنندگان کنه ذات و صفات- یعنى او غالب است بتوصیف هر واصفى و هیچکس قدرت وصف او ندارد- ظاهر است و هویدا با عجایب و غرایب تدبیر خود از براى متفکران، و پنهانست بجهت جلال عظمت و شدت نور خود از فکر صاحبان و هم و عقل دانا و عالم است بدون حاجت بکسب علم از دیگرى و بدون احتیاج بأفزون کردن علم و بدون علمى که استفاده شود از خارج، مقدر است جمیع امورات را بدون فکر و خطور خاطرى، چنان خدائى که احاطه نمى ‏کند او را ظلمتها، و طلب روشنى نمى ‏کند بنورها، و درک نمى‏ کند او را شب، و جارى نمى ‏شود بر او روز، نیست دیدن او با دیدن بصر، و نه دانستن او بخبر دادن کسى دیگر.

از جمله فقرات این خطبه در ذکر أوصاف پیغمبر صلى الله علیه و آله و سلم است مى ‏فرماید:

فرستاد خداى تعالى او را با نور پر ظهور، و مقدم فرمود او را بجمیع مخلوقات‏ در پسند کردن او، پس بست بوجود او گشادگیها را، و سد کرد شکافتگیها را، و شکست داد با قوت او اشخاصى را که همیشه غلبه داشتند، و ذلیل کرد بسبب او سرکشى را، و هموار گردانید با او ناهموار را تا این که بر طرف ساخت و دور نمود ضلالت را از راست و چپ طریق حق.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

بازدیدها: ۴۱

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۱ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۱۲ صبحی صالح

۲۱۲- و من خطبه له ( علیه‏ السلام  ) کان یستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام فی زمانه‏

اللَّهُمَّ أَیُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِکَ سَمِعَ مَقَالَتَنَا الْعَادِلَهَ غَیْرَ الْجَائِرَهِ وَ الْمُصْلِحَهَ غَیْرَ الْمُفْسِدَهِ فِی الدِّینِ وَ الدُّنْیَا فَأَبَى بَعْدَ سَمْعِهِ لَهَا إِلَّا النُّکُوصَ عَنْ نُصْرَتِکَ وَ الْإِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دِینِکَ فَإِنَّا نَسْتَشْهِدُکَ عَلَیْهِ یَا أَکْبَرَ الشَّاهِدِینَ شَهَادَهً وَ نَسْتَشْهِدُ عَلَیْهِ جَمِیعَ مَا أَسْکَنْتَهُ أَرْضَکَ وَ سمَاوَاتِکَ ثُمَّ أَنْتَ بَعْدُ الْمُغْنِی عَنْ نَصْرِهِ وَ الْآخِذُ لَهُ بِذَنْبِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من خطبه له علیه السلام و هى المأتان و الحادیه عشر من المختار فى باب الخطب‏

أللهم أیما عبد من عبادک سمع مقالتنا العادله غیر الجائره، و المصلحه غیر المفسده، فی الدین و الدنیا، فأبى بعد سمعه لها إلا النکوص عن نصرتک، و الإبطاء عن إعزاز دینک، فإنا نستشهدک علیه یا أکبر الشاهدین، و نستشهد علیه جمیع من أسکنته أرضک و سماواتک، ثم أنت البعد المغنی عن نصره و الاخذ له بذنبه.

اللغه

(المصلحه) بضم المیم اسم فاعل من باب الافعال و کذلک المفسده و (نکص)عن الأمر نکصا و نکوصا تکاء کأ عنه و جبن و أحجم، و على عقبیه رجع عما کان علیه من خیر قال الفیروز آبادى خاص بالرجوع عن الخیر، و وهم الجوهرى فی اطلاقه أو فی الشر نادرا

الاعراب‏

ما فی أیما زایده للتاکید، و غیر منصوب على الحالیه أو الوصفیه، و قوله:فی الدین، متعلق بالمصلحه، و قوله: إلا النکوص، استثناء مفرغ‏

المعنى‏

اعلم أن هذه الخطبه کما نبه علیه الشارح البحرانی ملتقطه من خطبه کان یستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام‏.

قال بعد تقاعد أکثرهم عن صوته منادیا لله عز و جل مجاز (اللهم أیما عبد من عبادک سمع مقالتنا العادله) أی قولنا المتصف بالعدل، و فی وصفه به توسع، و قال الشارح البحرانى العادله المستقیمه التی هی طریق الله العایده للناس إلى الرشاد فی دینهم و دنیاهم، و ما قلناه أولى.

و انما وصفه علیه السلام بالعدل، لأن استنهاضه إلى جهاد أهل الشام إنما کان من باب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر مع فیه من الامتثال لنص قوله تعالى «فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التی تبغی حتى تفى‏ء إلى أمر الله» و قد کان علیه السلام متصفا بالعدل فی جمیع أقواله و أفعاله کما یشهد به قوله تعالى‏ و کذلک جعلناکم أمه وسطا أى أئمه عدلا على ما ورد فی تفسیر أهل البیت علیهم السلام و قوله تعالى‏ و ممن خلقنا أمه یهدون بالحق و به یعدلون‏.

روى فی البحار عن العیاشی عن حمران عن أبى جعفر علیه السلام فى هذه الایه قال علیه السلام: هم الأئمه علیهم السلام.

و فیه من الکافى عن الحسین بن محمد عن المعلى عن الوشا عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام عن قول الله عز و جل‏ و ممن خلقنا أمه الایه قال: هم الأئمه صلوات الله علیهم.

و یشهد به أیضا ما فى البحار من تفسیر على بن إبراهیم فى قوله «ضرب الله‏ مثلا رجلین أحدهما أبکم لا یقدر على شی‏ء و هو کل على مولاه أینما یوجهه لا یات بخیر هل یستوى هو و من یأمر بالعدل و هو على صراط مستقیم» قال علیه السلام کیف یستوى هذا و هذا الذى یأمر بالعدل یعنى أمیر المؤمنین و الأئمه علیه و علیهم السلام، هذا احتراس و انما عقب بقوله‏ (غیر الجائره) إما تاکیدا أو من باب الاحتراس الذى تقدم فى دیباجه الشرح فى ضمن المحاسن البدیعیه، فانه لما وصف مقالته بالعدل و کان هنا مظنه أن یتوهم أن عدالتها إنما یتصور فى حق أهل الکوفه و أما فى حق أهل الشام فلا، لأن الاستنهاض إلى حربهم و سفک دمائهم جور فى حقهم و ظلم علیهم فکیف یکون عدلا، فدفع ذلک التوهم بقوله: غیر الجائره، تنبیها على أن محاربتهم من باب النهى عن المنکر و الردع لهم عن متابعه معاویه و منعهم عن الایتمام بالامام الباطل و ردعه عن ظلمه و طغیانه و دعویه الخلافه من غیر استحقاق، و هذا فرض شرعا فلا یکون جورا بل عین العدل و اللطف، هذا.

مضافا إلى ما فیه من التعریض على معاویه حیث إن حضه لأهل الشام على حرب أهل الکوفه و حربه علیه السلام محض الجور و العدوان، لأنه من باب الأمر بالمنکر و النهى عن المعروف، و أى جور أعظم من ذلک.

أما فى حق أهل الشام فلأنه یدعوهم بذلک التحضیض إلى النار.

و أما فى حق أهل الکوفه فلردعهم عن الایتمام بالامام الحق و إراده دفعه عن مقامه الذى یستحقه و ایهام أن الحق معه لمطالبته بدم عثمان المظلوم کما قال تعالى‏ و إذا فعلوا فاحشه قالوا وجدنا علیها آباءنا و الله أمرنا بها قل إن الله لا یأمر بالفحشاء أ تقولون على الله ما لا تعلمون‏.

روى فى البحار من کتاب الغیبه للنغمانى عن الکلینی باسناده عن محمد بن منصور قال: سألته یعنى أبا عبد الله علیه السلام عن هذه الایه قال علیه السلام فهل رأیت أحدا زعم أن الله أمر بالزنا و شرب الخمر أو شی‏ء من هذه المحارم؟ قلت: لا، قال علیه السلام: فما هذه الفاحشه التی یدعون ان الله أمرهم بها؟ قلت: الله أعلم و ولیه، قال علیه السلام: فان هذا فى أولیاء أئمه الجور ادعوا أن الله أمرهم بالایتمام بهم فرد الله ذلک علیهم‏

و أخبرهم أنهم قالوا علیه الکذب و سمى ذلک منهم فاحشه و فیه من تفسیر على بن إبراهیم بسنده عن طلحه بن زید عن جعفر بن محمد علیهما السلام عن أبیه قال: الأئمه فى کتاب الله إمامان قال الله‏ و جعلنا منهم أئمه یهدون بأمرنا لا بأمر الناس یقدمون أمر الله قبل أمرهم و حکم الله قبل حکمهم، قال: «و جعلناهم أئمه یدعون إلى النار» یقدمون أمرهم قبل أمر الله و حکمهم قبل حکم الله، و یأخذون بأهوائهم خلافا لما فى کتاب الله.

و الحاصل انه علیه السلام بمقتضى ملکه العصمه التی فیه إنما یأمر بالعدل و الاحسان و ینهى عن الفحشاء و المنکر و البغى تبعا لأمر الله، لأنه و الأئمه من صلبه علیهم السلام محال مشیه الله و ما یشاءون إلا أن یشاء الله و هم بأمره یعملون.

و قوله علیه السلام‏ (و المصلحه غیر المفسده فى الدین و الدنیا) أى فیها صلاح حال السامعین فى الدارین و انتظام امورهم فى النشأتین.

أما فى الاخره فلأن الجهاد باب من أبواب الجنه فتحه الله لخاصه أولیائه و هو لباس التقوى و درع الله الحصینه و جنته الوثیقه، حسبما عرفته فى الخطبه السابعه و العشرین، ففى نهوضهم إلى قتال القاسطین عقیب استنهاضه علیه السلام امتثال لأمر الله، إعزاز الدین الله، تحصیل لرضوان الله تعالى شأنه، و فى تقاعدهم عنه سخط عظیم و عذاب ألیم.

و أما فى الدنیا فلأن مبارزه الأقران من عاده الأبطال و الشجعان و المنع من الذمار من آثار الفتوه و شعار المروه و المجاهد فى سبیل الله ینتظر من الله إحدى الحسنیین إما الظفر و الغنیمه أو الشهاده الموجبه للذکر الجمیل و الثناء الباقى، و النکوص عن الجهاد محصل للخذلان معقب للهوان و عار فى الأعقاب و نار یوم الحساب، فمن ترکه رغبه عنه ألبسه الله ثوب الذل و شمله البلاء و دیث بالصغار و القماء هذا و تعقیب‏ المصلحه بغیر المفسده إما من باب التأکید أیضا أو تعریضا على الطرف المقابل أعنى معاویه اللعین الذى کان یستنهضهم إلى حربه، فان نظر ذلک اللعین فى جمیع مقالاته و کلماته لم یکن إلا إلى شق عصا الاسلام و إفساد حال المسلمین و هدم‏

أرکان الدین، و لذلک قال: علیه الصلاه و السلام فى الخطبه الثانیه و التسعین: ألا إن أخوف الفتن عندى علیکم فتنه بنى امیه فانها فتنه عمیاء مظلمه، إلى آخر ما مر هناک.

و قوله علیه الصلاه و السلام‏ (فأبى بعد سمعه لها إلا النکوص عن نصرتک و الابطاء عن اعزاز دینک) لا یخفى ما فى هذا الکلام من بدیع البیان و حسن التقریر و عجیب التعبیر، حیث لم یقل‏ فأبى بعد سمعه لها عن قبولها أو اجابتها، بل عدل عنه إلى قوله: إلا النکوص‏ آه للطافه معناه و بعد غوره و غزاره فحواه.

و ذلک لأن فی التعبیر بهذه من التنبیه على عظیم خطاء الممتنعین المتقاعدین عن قبول أمره علیه السلام و مزید تقصیرهم و کبیر ذنبهم ما لا یخفى على الفطن الخبیر بمحسنات البیان.

أما أولا فلما مر من أن‏ النکوص‏ مخصوص بالرجوع عن الخیر أو نادر الاستعمال فی الرجوع عن الشر و على التقدیرین ففیه دلاله على أنهم بتقاعدهم قد فوتوا على أنفسهم الخیر الکثیر الذى کان لهم عاجلا و آجلا.

و أما ثانیا فإن فی قوله: عن نصرتک‏ دلاله على أنهم بقتال القاسطین ناصرون لله سبحانه کما أنهم بترک القتال ناکصون عن نصرته، و الله سبحانه یقول‏ إن تنصروا الله ینصرکم و یثبت أقدامکم‏ و قال‏ و لینصرن الله من ینصره إن الله لقوی عزیز فلم یکن استنصاره من ضعف و ذل بل استنصرهم و له جنود السماوات و الأرض لیبلوهم أیهم أحسن عملا و لیعلم الله من ینصره و رسله بالغیب فیستوجب بالقتال ثواب الامتثال.

ثم فی اضافه النصره إلى کاف الخطاب إشاره إلى أن نصرته علیه السلام هو نصره الله، لأن إطاعه الرسول و إطاعه ولی الأمر هو إطاعه الله، لکونهم مبلغین عن الله و الامر و الناهى فى الحقیقه هو الله، و لذلک قرن الله طاعتهم بطاعته فى قوله: أطیعوا الله و أطیعوا الرسول و أولی الأمر منکم‏ بل جعل طاعتهم عین طاعته فى قوله‏ من یطع الرسول فقد أطاع الله و من تولى فما أرسلناک علیهم حفیظا.

روى فى الصافى عن العیاشى عن الباقر علیه السلام قال: ذروه الأمر و سنامه و مفتاحه‏ و باب الأشیاء و رضى الرحمن الطاعه للامام بعد معرفته، ثم قال: إن الله تبارک و تعالى یقول‏ من یطع الرسول فقد أطاع الله‏.

فان استشهاد الامام علیه السلام لوجوب طاعه الامام بالایه مفید لکون طاعته طاعه الرسول کما أن طاعته طاعه الله.

و أما ثالثا فان قوله: و الابطاء عن إعزاز دینک‏ تقریع شدید على المتقاعدین لافادته انهم بتقاعدهم مذلون للدین مضیعون لمسالک الشرع المبین، فقد ظهر بما ذکرنا کله أن فى قوله علیه الصلاه و السلام تحذیرا عظیما للمتقاعدین.

و اکد ذلک الغرض بقوله علیه السلام‏ (فانا نستشهدک علیه) حیث خالف أمرک و ترک نصرتک و أهان دینک‏ (یا أکبر الشاهدین) الذى لا یعزب عنه شی‏ء فى السماء و الأرض و هو على کل شی‏ء شهید.

(و نستشهد علیه جمیع من أسکنته أرضک و سماواتک) من الملائکه و الانس و الجن لیشهدوا یوم الدین بأنى ما قصرت و لا فرطت فى تبلیغ أمرک إلى المتخاذلین و لکنهم تولوا عنه معرضین‏ (ثم أنت البعد) أى بعد تلک الشهاده (المغنى) لنا (عن نصره) إذ بیدک جنود السماوات و الأرض و أنت لما تشاء قدیر و فى هذه الفقره تعظیم لرب العالمین و استحقار للمتخاذلین‏ (و الاخذ له بذنبه) و فیه تحذیر عظیم لهم و تهدید شدید من سخطه و عقابه لکونه عز و جل شدید العقاب و أشد بأسا و أشد تنکیلا، لا یعجزه من طلب، و لا یفوته من هرب، نعوذ بالله من سخطه و غضبه.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن امام أنام علیه السلام است که گفته.

بار الها هر کدام بنده از بندگان تو که شنید گفتار با عدالت ما را که ظلم کننده نیست و گفتار اصلاح کننده ما را که افساد کننده نیست در دین و دنیا، پس امتناع کرد بعد از شنیدن او مر آنرا مگر از برگشتن از یارى تو، و تأخیر نمودن از اعزاز دین تو، پس بدرستى که ما شاهد مى ‏گیریم تو را بر آن شخص أى بزرگترین شاهدها و شاهد مى ‏گیریم تو را و جمیع کسانى را که ساکن فرموده ایشان را در زمین خود و آسمانهاى خود، پس تو بعد از آن شهادت غنى کننده از یارى او، و مؤاخذه کننده او را بگناه و معصیت او، و الله الهادی.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

بازدیدها: ۲۳

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۱۰ شرح میر حبیب الله خوئی

خطبه ۲۱۱ صبحی صالح

۲۱۱- و من خطبه له ( علیه ‏السلام  ) فی عجیب صنعه الکون‏

وَ کَانَ مِنِ اقْتِدَارِ جَبَرُوتِهِ وَ بَدِیعِ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ أَنْ جَعَلَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ الزَّاخِرِ الْمُتَرَاکِمِ الْمُتَقَاصِفِ یَبَساً جَامِداً

ثُمَّ فَطَرَ مِنْهُ أَطْبَاقاً فَفَتَقَهَا سَبْعَ سَمَاوَاتٍ بَعْدَ ارْتِتَاقِهَا فَاسْتَمْسَکَتْ بِأَمْرِهِ وَ قَامَتْ عَلَى حَدِّهِ

وَ أَرْسَى أَرْضاً یَحْمِلُهَا الْأَخْضَرُ الْمُثْعَنْجِرُ وَ الْقَمْقَامُ الْمُسَخَّرُ قَدْ ذَلَّ لِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِهَیْبَتِهِ وَ وَقَفَ الْجَارِی مِنْهُ لِخَشْیَتِهِ

وَ جَبَلَ جَلَامِیدَهَا وَ نُشُوزَ مُتُونِهَا وَ أَطْوَادِهَا فَأَرْسَاهَا فِی مَرَاسِیهَا وَ أَلْزَمَهَا قَرَارَاتِهَا فَمَضَتْ رُءُوسُهَا فِی الْهَوَاءِ وَ رَسَتْ أُصُولُهَا فِی الْمَاءِ

فَأَنْهَدَ جِبَالَهَا عَنْ سُهُولِهَا وَ أَسَاخَ قَوَاعِدَهَا فِی مُتُونِ أَقْطَارِهَا وَ مَوَاضِعِ أَنْصَابِهَا فَأَشْهَقَ قِلَالَهَا وَ أَطَالَ أَنْشَازَهَا وَ جَعَلَهَا لِلْأَرْضِ عِمَاداً وَ أَرَّزَهَا فِیهَا أَوْتَاداً

فَسَکَنَتْ عَلَى حَرَکَتِهَا مِنْ أَنْ تَمِیدَ بِأَهْلِهَا أَوْ تَسِیخَ بِحِمْلِهَا أَوْ تَزُولَ عَنْ مَوَاضِعِهَا

فَسُبْحَانَ مَنْ أَمْسَکَهَا بَعْدَ مَوَجَانِ‏ مِیَاهِهَا وَ أَجْمَدَهَا بَعْدَ رُطُوبَهِ أَکْنَافِهَا فَجَعَلَهَا لِخَلْقِهِ مِهَاداً وَ بَسَطَهَا لَهُمْ فِرَاشاً فَوْقَ بَحْرٍ لُجِّیٍّ رَاکِدٍ لَا یَجْرِی وَ قَائِمٍ لَا یَسْرِی

تُکَرْکِرُهُ الرِّیَاحُ الْعَوَاصِفُ وَ تَمْخُضُهُ الْغَمَامُ الذَّوَارِفُ إِنَّ فِی ذلِکَ لَعِبْرَهً لِمَنْ یَخْشى‏

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من خطبه له علیه السلام و هى المأتان و العاشره من المختار فى باب الخطب‏

و کان من اقتدار جبروته، و بدیع لطایف صنعته، أن جعل من ماء البحر الزاخر المتراکم المتقاصف یبسا جامدا، ثم فطر منه أطباقا، ففتقها سبع سماوات بعد ارتتاقها، فاستمسکت بأمره، و قامت على حده، یحملها الأخضر المثعنجر، و القمقام المسخر، قد ذل لأمره، و أذعن لهیبته، و وقف الجاری منه لخشیته، و جبل جلامیدها، و نشوز متونها و أطوادها، فأرسیها فی مراسیها، و ألزمها قرارتها، فمضت رءوسها فی الهواء، و رست أصولها فی الماء، فأنهد جبالها عن سهولها، و أساخ قواعدها فی متون أقطارها، و مواضع أنصابها، فأشهق قلالها، و أطال أنشازها، و جعلها للأرض عمادا، و أرزها فیها أوتادا، فسکنت على حرکتها من أن تمید بأهلها، أو تسیخ بحملها،

أو تزول عن مواضعها. فسبحان من أمسکها بعد موجان میاهها، و أجمدها بعد رطوبه أکنافها، فجعلها لخلقه مهادا، و بسطها لهم فراشا، فوق بحر لجی راکد لا یجری، و قائم لا یسری، تکرکره الریاح العواصف، و تمخضه الغمام الذوارف «إن فی ذلک لعبره لمن یخشى».

اللغه

(الجبروت) و زان ملکوت فعلوت من الجبر و هو القهر و الغلبه، و الجبار من جمله الأسماء الحسنى قال الصدوق: معناه القاهر الذى لا ینال، و له التجبر و الجبروت أى التعظم و العظمه و یقال للنخله التی لا تنال: جباره و (زخر) البحر کمنع امتد أمواجه و ارتفع و (قصف) الرعد اشتد صوته و تقاصف البحر تزاحم أمواجه.

و (الیبس) قال الشارح المعتزلی بالتحریک المکان یکون رطبا ثم یبس و منه قوله تعالى‏ فاضرب لهم طریقا فی البحر یبسا و الیبس بالسکون الیابس خلقه یقال حطب یبس هکذا یقول أهل اللغه و فیه کلام لأن الحطب لیس یابسا خلقه بل کان رطبا من قبل. فالأصوب أن یقال: لا تکون هذه اللفظه محرکه إلا فی المکان خاصه، انتهى و قال الفیومى: شی‏ء یبس ساکن الباء بمعنى یابس، و حطب یبس کأنه خلقه و مکان یبس إذا کان فیه ماء فذهب، و قال الفارابى: مکان یبس و یبس و کذلک غیر المکان.

و (الأطباق) جمع طبق کأسباب و سبب و هو غطاء کل شی‏ء، و الطبق من کل شی‏ء ما ساواه و (المثعنجر) بصیغه الفاعل کما فی النسخ السائل من ماء أو دمع‏ و بفتح الجیم وسط البحر و لیس فی البحر ماء یشبهه، هکذا قال الفیروز آبادی، و قال الجزرى فی حدیث على علیه السلام یحملها الأخضر المثعنجر، هو أکثر موضع فی البحر ماء و المیم و النون زایدتان و منه حدیث ابن عباس فاذا علمى بالقرآن فى علم على علیه السلام کالقراره فی المثعنجر، و القراره الغدیر الصغیر.

و (القمقام) بالفتح کما فی النسخ و قد یضم البحر و (المسخر) فى بعض النسخ بالخاء المعجمه و فی بعضها بالجیم من سجر النهر ملأه و تسجیر الماء تفجیره و (الجلمد) بالفتح الجلمود بالضم الحجر العظیم الصلب و (النشوز) جمع النشز بالفتح المکان المرتفع و (المتن) ما صلب من الأرض و ارتفع و (الطود) بالفتح الجبل أو العظیم منه و (القراره) موضع القرار و فی بعض النسخ قراراتها بصیغه الجمع.

و (رست) أى ثبتت و فی بعض النسخ رسبت یقال رسب فی الماء کنصر و کرم رسوبا ذهب سفلا و (نهد) ثدى الجاریه کمنع و نصر أى کعب و ارتفع و (السهل) من الأرض ضد الحزن و (الأنصاب) جمع النصب بالفتح و یحرک و هو العلم المنصوب و بالضم و بضمتین کل ما جعل علما و کل ما عبد من دون الله و (القلال) بالکسر جمع قله بالضم و هى أعلى الجبل و (العماد) بالکسر الخشبه التی یقوم علیها البیت و الأبنیه الرفیعه العالیه و (أرز) یأرز بتقدیم المهمله کنصر و ضرب و علم أى ثبت، و أرز بتشدید المعجمه أى أثبت، و فی أکثر النسخ بالتخفیف و فتح العین و فی بعضها بالتشدید قال فی النهایه فی کلام على علیه السلام أرزها فیها أوتادا أى أثبتها إن کانت الزاى مخففه، فهى من أرزت الشجره تأرز إذا أثبت فی الأرض، و إن کانت مشدده فهى من أرزت الجراده إذا أدخلت ذنبها فی الأرض لتلقى فیها بیضها، و رززت الشی‏ء فی الأرض رزا أثبته فیها و حینئذ تکون الهمزه زایده، انتهى.

قیل: و روى آرزها بالمد من قولهم شجره آرزه أى ثابته فی الأرض و (موجان میاهها) صیغه فعلان بالتحریک فی المصدر تدل على الاضطراب کالمیدان و النزوان‏ و الخفقان، و قد قال علیه السلام فی الخطبه الاولى: و وتد بالصخور میدان أرضه و (المهاد) بالکسر الفراش و الموضع یهیئ للصبى و یوطاء، و (الفراش) البساط و (اللجه) بالضم معظم البحر و (الکرکره) تصریف الریاح السحاب إذا جمعته بعد تفرق و أضله تکرره من التکرر و کرکرته عنى أى دفعته و رددته و (مخض) اللبن یمخضه من باب نصر و ضرب و منع استخرج زبده بصب الماء فیه و تحریکه و (الغمام) جمع الغمامه کالسحاب و السحابه لفظا و معنا أو خصوص البیضاء منها و (ذرف عینه) أى سال دمعها و ذرفت العین دمعها أى أسال یتعدى و لا یتعدى‏

الاعراب‏

أطوادها بالنصب عطف على جلامیدها و فی بعض النسخ بالجر عطفا على متونها، و أوتادا حال من مفعول أرزها، و على فی قوله على حرکتها، للاستعلاء المجازى و فی بعض النسخ عن حرکتها بدل على فهى بمعنى بعد کما فی قوله تعالى‏ عما قلیل لیصبحن نادمین‏ و الباء فی قوله بأهلها بمعنى مع و کذلک فی قوله بحملها، و قال الشارح المعتزلی هى للتعدیه و الأول أشبه‏

المعنى‏

اعلم أن هذه الخطبه الشریفه مسوقه لاظهار عظمه الله تعالى و کمال قدرته و جلاله و جبروته فی خلق السماوات و الأرض و الجبال، و قد مضى فصل و اف فی هذا المعنى منه علیه السلام فی الفصل الثالث و الثامن من المختار الأول، و فی الفصل الرابع و السادس من المختار التسعین، و قال علیه السلام هنا:(و کان من اقتدار جبروته) أى من قدره عظمته و تجبره و جباریته أى قهاریته و غلابیته، و نسبه الاقتدار إلى‏ جبروته‏ تعالى إما تعظیما و تفخیما کما یقال إذا صدر أمر من السلطان أمر الباب العالى أو الحضره الشریفه بکذا، أو تنبیها على أنه عز و جل الأعظم المطلق حیث خلق هذه الأجرام القویه العظیمه السماویه و الأرضیه (و) نسبته إلى‏ (بدیع لطایف صنعته) ملاحظه لما أودع فیها من عجایب الصنع‏ و لطایف التدبیر التی یعجز عن إدراک أقل قلیلها عقول البشر، ففیه تنبیه على کمال لطفه و تدبیره و حکمته و محصل مراده أنه تعالى کان قدرته و لطفه منشئا (أن جعل) أى خلق‏ (من ماء البحر) و فی بعض النسخ الیم بدله و هو بمعناه‏ (الزاخر) المرتفع الممتلى الممتد جدا (المتراکم المتقاصف) أى الذى اجتمع بعضه فوق بعض و تزاحمت أمواجه و اشتد صوته الهایل من کثره الأمواج‏ (یبسا جامدا) أراد به الأرض، فانه سبحانه خلقها من زبد الماء حسبما عرفته تفصیلا فی التذییل الثانی من شرح الفصل الثامن من الخطبه الاولى.

(ثم فطر منه) أى خلق من الماء أى من بخاره و دخانه حسبما عرفته أیضا فی شرح الفصل المذکور (أطباقا) أى طبقا بعد «فوق» طبق تلمیح‏ (ففتقها سبع سماوات بعد ارتتاقها) یرید أنها کانت طبقات منفصله فی الحقیقه متصله فی الصوره بعضها فوق بعض ففتقها و فرفها و باعد بعضها عن بعض فحصل سبع سماوات متمیزات بینها أمکنه الملائکه بعد ما کانت ملتزفه متصله.

و فیه تلمیح إلى قوله تعالى‏ أ و لم یر الذین کفروا أن السماوات و الأرض کانتا رتقا ففتقناهما و جعلنا من الماء کل شی‏ء حی أ فلا یؤمنون‏ قال مجاهد و السدی فی تفسیر الایه کانت السماوات مرتتقه مطبقه ففتقناها سبع سماوات و کانت الأرض کذلک ففتقناها سبع أرضین و قیل فی تفسیرها وجوه اخر تقدمت فی شرح الخطبه الأولى و کلامه علیه السلام مؤید لهذا الوجه.

(فاستمسکت بأمره) أی احتبست و اعتصمت و قامت بأمر الله سبحانه و الغرض عدم تفرقها کأن بعضها معتصم ببعض‏ (و قامت على حده) أى وقفت‏ على‏ ما حد لها من المکان و المقدار و الهیئه و الشکل و الأقطار و النهایات، و لم تجاوز عن حدودها المعینه و الضمیر فی‏ حده‏ راجع إلى الله سبحانه.

(یحملها الأخضر المثعنجر) أی یحمل الأرض المستفاده من الیبس ماء البحر السائل، و وصف الماء بالخضره من عاده العرب و التعبیر عن البحر بالأخضر لأنه بصفه لون السماء فیری أخضر (و القمقام المسخر) أی البحر الذى سخره الله تعالى أی ذلله‏

لحملها کما أشار إلیه بقوله‏ (قد ذل) و انقاد (لأمره) عز و جل‏ (و أذعن) و خضع‏ (لهیبته) و جلاله‏ (و وقف الجارى منه لخشیته) أى وقف السائل بالطبع فوقوفه عدم جریانه طبعا بارادته سبحانه أو السائل منه قبل إرادته.

(و جبل جلامیدها) أى خلق سبحانه صخور الأرض الصلبه العظیمه (و نشوز متونها و أطوادها) أى مرتفعات صلبتها و جبالها (فأرساها فی مراسیها) أى أثبت هذه الجلامید و الأطواد فی مواضعها المعینه التی اقتضت الحکمه الالهیه إثباتها فیها (و ألزمها قرارتها) أى أمسکها حیث استقرت‏ (فمضت رؤوسها فی الهواء و رست) أى رسبت و ثبتت‏ (اصولها فی الماء) الذى بین أجزاء الأرض‏ (فانهد جبالها عن سهولها) أى رفع جبال الأرض و أعلاها عن أراضیها المطمئنه (و أساخ قواعدها فی متون أقطارها) أى غیب قواعد الجبال فی جوانب أقطار الأرض‏ (و) فی‏ (مواضع انصابها) و أعلامها (فاشهق قلالها و أطال انشازها) أى جعل قلالها مرتفعه عالیه و اطاله الأنشاز مؤکده لها کما قال تعالى‏ و جعلنا فیها رواسی شامخات‏.

(و جعلها) أى الجبال‏ (للأرض عمادا) قیل المراد جعلها مواضع رفیعه فی‏ الأرض‏ و الظاهر أن المراد به ما أوضحه بقوله‏ (و أرزها فیها أوتادا) أى أثبتها فی الأرض حال کونها بمنزله الوتد لها تمنعها من الحرکه و الاضطراب کالسفینه إذا القى فیها جسم ثقیل.

(فسکنت على حرکتها) التى هى من شأنها لکونها محموله على سائل متموج أو على أثر حرکتها یتموج الماء (من أن تمید) و تضطرب‏ (بأهلها) کما قال تعالى‏ و ألقى فی الأرض رواسی أن تمید بکم* و قال‏ و جعلنا فی الأرض رواسی أن تمید بهم‏ أى لئلا تمید أو کراهه أن تمید قیل: إن الأرض کانت تمید و ترجف رجوف السقف بالوطی‏ء فثقلها بالجبال الرواسی لیمنع من رجوفها، و قد تقدم فی شرح الفصل الثالث من الخطبه الاولى بیان الاختلاف فی کیفیه کون الجبال سببا لسکون الأرض فلیراجع ثمه.

و من جمله الوجوه التی قیل فی ذلک: إن المراد بالأرض‏ قطعاتها و بقاعها لا مجموع کره الأرض، و یکون الجبال أوتادا لها أنها مانعه لها عن المیدان و الاضطراب بالزلزله و نحوها إما لحرکه البخارات المختنقه فی داخلها بإذن الله تعالى أو لغیر ذلک من الأسباب التی یعلمها مبدعها و منشئها، قال المحدث العلامه المجلسى قدس سره: و هذا وجه قریب یؤیده ما سیأتی فی باب الزلزله من حدیث ذى القرنین.

و قوله‏ (أو تسیخ بحملها) أى تغوص فی الماء مع ما علیها (أو تزول عن مواضعها) قال الشارح المعتزلی:فان قلت: ما الفرق بین الثلاثه تمید بأهلها أو تسیخ بحملها أو تزول عن مواضعها؟

قلت: لأنها لو تحرکت لکانت إما على مرکزها أولا على مرکزها، و الأول هو المراد بقوله‏ تمید بأهلها، و الثانی ینقسم إلى أن تنزل إلى تحت أو لا تنزل إلى تحت، فالنزول إلى تحت هو المراد بقوله‏ أو تسیخ بحملها، و الثانی هو المراد بقوله‏ أو تزول عن مواضعها.

و قال المحدث العلامه المجلسی: و یحتمل أن یراد بقوله علیه السلام: تمید بأهلها تحرکها و اضطرابها بدون الغوص فی الماء کما یکون عند الزلزله، و بسوخها بحملها حرکتها على وجه یغوص أهلها فی الماء سواء کانت على المرکز أم لا فتکون الباء للتعدیه، و بزوالها عن مواضعها خراب قطعاتها بالریاح و السیول أو بتفرق القطعات و انفصال بعضها عن بعض، فان الجبال کالعروق الساریه فیها تضبطها عن التفرق، و یؤیده ایراد المواضع بلفظ الجمع، هذا.

و لما نبه علیه السلام على کمال اقتداره تعالى و جلاله و عظمته فی خلق الأرض و الجبال مضافا إلى خلق السماء أردفه بتنزیهه على ذلک و قال:

(فسبحان من أمسکها) أى الأرض بقدرته‏ (بعد موجان میاهها) قال فی البحار: لعل المراد بهذا الموجان‏ ما کان غامرا للأرض أو أکثرها و امساکها بخلق الجبال التی تقدم فی الکلام‏ (و أجمدها بعد رطوبه اکنافها) أى جوانبها لمیدانها

قبل خلق الجبال و قول الشارح البحرانی: بأنه اشاره إلى أن أصلها من زبد الماء لیس بشی‏ء.

و قوله علیه السلام‏ (فجعلها لخلقه مهادا) کقوله تعالى فی سوره النبأ أ لم نجعل الأرض مهادا أى وطاء و قرارا و مهیاء للتصرف فیه من غیر أذیه، و فی سوره طه‏ الذی جعل لکم الأرض مهدا و سلک لکم فیها سبلا و فی سوره الزخرف‏ الذی جعل لکم الأرض مهدا و جعل لکم فیها سبلا لعلکم تهتدون‏ أى کالمهد تتمهدونها و قوله علیه السلام‏ (و بسطها لهم فراشا) کقوله عز و جل فی سوره البقره الذی جعل لکم الأرض فراشا و السماء بناء و فی سوره نوح‏ جعل لکم الأرض بساطا لتسلکوا منها سبلا فجاجا قال بعض المفسرین: الفراش اسم لما یفرش کالبساط لما یبسط و لیس من ضرورات الافتراش أن یکون مسطحا مستویا کالفراش على ما ظن، فسواء کانت کذلک أو على شکل الکره فالافتراش غیر مستنکر و لا مدفوع لعظم جرمها و تباعد أطرافها و لکنه لا یتم الافتراش علیها ما لم تکن ساکنه فی حیزها الطبیعی و هو وسط الأفلاک لأن الأثقال بالطبع تمیل إلى تحت کما أن الخفاف بالطبع تمیل إلى فوق و الفوق من جمیع الجوانب ما یلی السماء و التحت ما یلی المرکز، فکما أنه یستبعد حرکه الأرض فیما یلینا إلى جهه السماء فکذلک یستبعد هبوطها فى مقابل ذلک، لأن ذلک الهبوط صعود أیضا إلى السماء، فاذا لا حاجه فى سکون الأرض و قرارها فى حیزها إلى علاقه من فوقها، و لا إلى دعامه من تحتها، بل یکفى فى ذلک ما أعطاها خالقها و رکز فیها من المیل الطبیعى إلى الوسط الحقیقى بقدرته و اختیاره.

و قوله علیه السلام‏ (فوق بحر لجى) کثیر الماء (راکد لا یجرى) اى ساکن‏ لا یجرى‏ إلى أحد الجوانب‏ (و قائم) أى ثابت‏ (لا یسرى) عن مکانه و ذلک لملازمه مرکزه على حذو ما عرفت آنفا فى بیان فراشیه الأرض‏ (تکرکره) أى تردده و تکرره‏ (الریاح العواصف) الشدیده (و تمخضه الغمام الذوارف) أى تحرکه السحاب المواطر و ذلک لأن الحر إذا وقع فیه المطر یرتج و یتمخض و یضطرب کثیرا لتحریک‏

انضباب المطر بکثره و قوه له و لما ذکر علیه السلام عظیم قدرته عز و جل فى خلق السماء و الأرض و الجبال و الماء اتبعه بقوله علیه السلام‏ (ان فى ذلک لعبره لمن یخشى) أى فیما قدمناه من آثار القدره و دلائل الجبروت و العظمه اعتبار لمن خشى‏ ربه، و إنما خصه به لأجل أن عدم الخشیه یوجب عدم المبالات بالعبر و الالتفات إلیها، و المراد بمن یخشى‏ العلماء بمقتضى الحصر الوارد فى قوله تعالى‏ إنما یخشى الله من عباده العلماء و تخصیص الخشیه بهم لأن شرطها معرفه المخشى و العلم بصفاته و أفعاله و قدرته و قهره فمن کان أعلم به کان أخشى منه، اللهم ارزقنا هذه المرتبه.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن حضرتست در اشاره بعجایب قدرت مى‏ فرماید:

و هست از قدرت و توانائى سلطنت آفریدگار و عجایب صنعتهاى لطیفه او این که خلق فرمود از آب دریاى بسیار موج زننده بر هم نشسته پر صدا زمین خشک بى رطوبت را، پس از آن خلق فرمود از بخار آن آب طبقاتى بر روى هم چیده، پس جدا ساخت آن طبقات را هفت آسمان بعد از جمع بودن و یکجا بودن آنها، پس بایستادند بفرمان او وقایم شدند باندازه مقرره او در حالتى که بر مى‏ دارد آن زمین را آب کبود سیلان کننده، و دریاى مسخر شده در تحت قدرت در حالتى که ذلیل بود از براى امر او، و منقاد بود به هیبت و جلال او، و ایستاد و ساکن گشت جارى از آن آب از ترس حکم او، و خلق فرمود سنگهاى زمین را و بلند پستهاى آنرا، و کوههاى آنرا پس برقرار گردانید آنها را در قرارگاههاى آنها، و لازم گردانید آنها را در جاى ثبات آنها پس گذر کرد سرهاى آنها در هوا، و فرو رفت بیخهاى آنها در آب دریا پس بلند گردانید کوههاى زمین را از هموارى زمین، و فرو برد اساس آنها را در پشتهاى اطراف آن و در مواضع علامتهاى آن، پس بلند کرد سرهاى کوهها را، و دراز گردانید بلند شدن از زمین آنها را، و گردانید آن کوهها را از براى زمین ستون، و فرو گرفت آنها را در زمین در حالتى که میخهاى زمین بودند، پس ساکن شد زمین از حرکت خود از این که بلرزاند أهل خود را، یا این که فرو برد حمل خود را، یا این که زایل گردد از مواضع خود.

پس تنزیه می کنم تنزیه کردنى کسى را که نگاه داشت زمین را بعد از موج زدن آبهاى آن، و خشک گردانید آنرا بعد از تر بودن اطراف آن، پس گردانید آن را از براى مخلوقات خود آرام گاه و گسترانید آنرا از براى ایشان فرش و بساط بالاى دریاى بزرگ انبوه ساکن غیر جارى و قائم غیر سارى در حالتى که بر گرداند و بهم مى‏زند آنها دریا را بادهاى تند وزنده و حرکت مى دهد آنرا ابرهاى ریزنده، بتحقیق که در این دلائل قدرت و عظمت عبرتیست از براى کسى که بترسد از خدا.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

بازدیدها: ۳۴

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۰۹ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۲۱۰ صبحی صالح

۲۱۰- و من کلام له ( علیه‏ السلام  ) و قد سأله سائل عن أحادیث البدع و عما فی أیدی الناس من اختلاف الخبر فقال ( علیه‏ السلام  )

إِنَّ فِی أَیْدِی النَّاسِ حَقّاً وَ بَاطِلًا وَ صِدْقاً وَ کَذِباً وَ نَاسِخاً وَ مَنْسُوخاً وَ عَامّاً وَ خَاصّاً وَ مُحْکَماً وَ مُتَشَابِهاً وَ حِفْظاً وَ وَهْماً وَ لَقَدْ کُذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله ‏علیه‏ وآله‏ وسلم  )عَلَى عَهْدِهِ حَتَّى قَامَ خَطِیباً فَقَالَ مَنْ کَذَبَ عَلَیَّ مُتَعَمِّداً فَلْیَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِوَ إِنَّمَا أَتَاکَ بِالْحَدِیثِ أَرْبَعَهُ رِجَالٍ لَیْسَ لَهُمْ خَامِسٌ

المنافقون‏

رَجُلٌ مُنَافِقٌ مُظْهِرٌ لِلْإِیمَانِ مُتَصَنِّعٌ بِالْإِسْلَامِ لَا یَتَأَثَّمُ وَ لَایَتَحَرَّجُ یَکْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله ‏علیه‏ وآله‏ وسلم  )مُتَعَمِّداً فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ کَاذِبٌ لَمْ یَقْبَلُوا مِنْهُ وَ لَمْ یُصَدِّقُوا قَوْلَهُ وَ لَکِنَّهُمْ قَالُوا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله ‏علیه‏ وآله‏ وسلم  )رَآهُ وَ سَمِعَ مِنْهُ وَ لَقِفَ عَنْهُ فَیَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ وَ قَدْ أَخْبَرَکَ اللَّهُ عَنِ الْمُنَافِقِینَ بِمَا أَخْبَرَکَ وَ وَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ لَکَ ثُمَّ بَقُوا بَعْدَهُ فَتَقَرَّبُوا إِلَى أَئِمَّهِ الضَّلَالَهِ وَ الدُّعَاهِ إِلَى النَّارِ بِالزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ فَوَلَّوْهُمُ الْأَعْمَالَ وَ جَعَلُوهُمْ حُکَّاماً عَلَى رِقَابِ النَّاسِ فَأَکَلُوا بِهِمُ الدُّنْیَا وَ إِنَّمَا النَّاسُ مَعَ الْمُلُوکِ وَ الدُّنْیَا إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ فَهَذَا أَحَدُ الْأَرْبَعَهِ

الخاطئون‏

وَ رَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ شَیْئاً لَمْ یَحْفَظْهُ عَلَى وَجْهِهِ فَوَهِمَ فِیهِ وَ لَمْ یَتَعَمَّدْ کَذِباً فَهُوَ فِی یَدَیْهِ وَ یَرْوِیهِ وَ یَعْمَلُ بِهِ وَ یَقُولُ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ علیه‏ وآله‏ وسلم  )فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ وَهِمَ فِیهِ لَمْ یَقْبَلُوهُ مِنْهُ وَ لَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ کَذَلِکَ لَرَفَضَهُ

اهل الشبهه

وَ رَجُلٌ ثَالِثٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ علیه‏ وآله‏ وسلم  )شَیْئاً یَأْمُرُ بِهِ ثُمَّ إِنَّهُ نَهَى عَنْهُ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ أَوْ سَمِعَهُ یَنْهَى عَنْ‏ شَیْ‏ءٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ فَحَفِظَ الْمَنْسُوخَ وَ لَمْ یَحْفَظِ النَّاسِخَ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ وَ لَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ إِذْ سَمِعُوهُ مِنْهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ

الصادقون الحافظون‏

وَ آخَرُ رَابِعٌ لَمْ یَکْذِبْ عَلَى اللَّهِ وَ لَا عَلَى رَسُولِهِ مُبْغِضٌ لِلْکَذِبِ خَوْفاً مِنَ اللَّهِ وَ تَعْظِیماً لِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله‏وسلم  )وَ لَمْ یَهِمْ بَلْ حَفِظَ مَا سَمِعَ عَلَى وَجْهِهِ فَجَاءَ بِهِ عَلَى مَا سَمِعَهُ لَمْ یَزِدْ فِیهِ وَ لَمْ یَنْقُصْ مِنْهُ فَهُوَ حَفِظَ النَّاسِخَ فَعَمِلَ بِهِ وَ حَفِظَ الْمَنْسُوخَ فَجَنَّبَ عَنْهُ وَ عَرَفَ الْخَاصَّ وَ الْعَامَّ وَ الْمُحْکَمَ وَ الْمُتَشَابِهَ فَوَضَعَ کُلَّ شَیْ‏ءٍ مَوْضِعَهُ وَ قَدْ کَانَ یَکُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ علیه‏ وآله‏ وسلم  )الْکَلَامُ لَهُ وَجْهَانِ فَکَلَامٌ خَاصٌّ وَ کَلَامٌ عَامٌّ فَیَسْمَعُهُ مَنْ لَا یَعْرِفُ مَا عَنَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ وَ لَا مَا عَنَى رَسُولُ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ علیه‏ وآله‏ وسلم  )فَیَحْمِلُهُ السَّامِعُ وَ یُوَجِّهُهُ عَلَى غَیْرِ مَعْرِفَهٍ بِمَعْنَاهُ وَ مَا قُصِدَ بِهِ وَ مَا خَرَجَ مِنْ أَجْلِهِ وَ لَیْسَ کُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ علیه‏ وآله‏ وسلم  )مَنْ کَانَ یَسْأَلُهُ وَ یَسْتَفْهِمُهُ حَتَّى إِنْ کَانُوا لَیُحِبُّونَ أَنْ یَجِی‏ءَ الْأَعْرَابِیُّ وَ الطَّارِئُ فَیَسْأَلَهُ ( علیه‏السلام  )حَتَّى‏ یَسْمَعُوا وَ کَانَ لَا یَمُرُّ بِی مِنْ ذَلِکَ شَیْ‏ءٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَ حَفِظْتُهُ فَهَذِهِ وُجُوهُ مَا عَلَیْهِ النَّاسُ فِی اخْتِلَافِهِمْ وَ عِلَلِهِمْ فِی رِوَایَاتِهِمْ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۴  

و من کلام له علیه السلام و هو المأتان و التاسع من المختار فى باب الخطب‏

و رواه غیر واحد من أصحابنا بطرق مختلفه مع بسط و اختلاف کثیر حسبما تطلع علیه فی التکمله الاتیه إنشاء الله.

قال السید رحمه الله: و قد سأله سائل عن أحادیث البدع و عما فی أیدى الناس من اختلاف الخبر فقال علیه السلام:

إن فی أیدى الناس حقا و باطلا، و صدقا و کذبا، و ناسخا و منسوخا، و عاما و خاصا، و محکما و متشابها، و حفظا و وهما، و لقد کذب على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم على عهده حتى قام خطیبا فقال: من کذب على متعمدا فلیتبوأ مقعده من النار.

و إنما أتاک بالحدیث أربعه رجال لیس لهم خامس:

رجل منافق مظهر للإیمان متصنع بالإسلام لا یتأثم و لا یتحرج، یکذب على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم متعمدا فلو علم الناس أنه منافق کاذب لم یقبلوا منه و لم یصدقوا قوله و لکنهم قالوا صاحب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم راه و سمع منه و لقف عنه فیأخذون بقوله و قد أخبرک الله عن المنافقین بما أخبرک، و وصفهم بما وصفهم به لک، ثم بقوا بعده علیه و آله السلام فتقربوا إلى أئمه الضلاله و الدعاه إلى النار بالزور و البهتان، فولوهم الأعمال و جعلوهم حکاما على رقاب الناس، و أکلوا بهم الدنیا و إنما الناس مع الملوک و الدنیا إلا من عصم الله فهو أحد الأربعه.

و رجل سمع من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم شیئا لم یحفظه على وجهه، فوهم فیه، و لم یتعمد کذبا فهو فی یدیه و یرویه و یعمل به و یقول أنا سمعته من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، فلو علم المسلمون أنه وهم فیه لم یقبلوه منه، و لو علم هو أنه کذلک لرفضه. و رجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم شیئا یأمر به ثم نهى عنه و هو لا یعلم، أو سمعه ینهى عن شی‏ء ثم أمر به و هو لا یعلم، فحفظ المنسوخ و لم یحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، و لو علم‏ المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه. و آخر رابع لم یکذب على الله و لا على رسوله، مبغض للکذب خوفا من الله و تعظیما لرسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، و لم یهم بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على سمعه لم یزد فیه و لم ینقص منه، فحفظ الناسخ فعمل به، و حفظ المنسوخ فجنب عنه، و عرف الخاص و العام، فوضع کل شی‏ء موضعه و عرف المتشابه و محکمه. و قد کان یکون من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم الکلام له وجهان: فکلام خاص، و کلام عام، فیسمعه من لا یعرف ما عنى الله به، و لا ما عنى به رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، فیحمله السامع و یوجهه على غیر معرفه بمعناه و ما قصد به و ما خرج من أجله، و لیس کل أصحاب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم من کان یسئله و یستفهمه، حتى أن کانوا لیحبون أن یجی‏ء الأعرابی أو الطارئ فیسئله علیه السلام حتى یسمعوا، و کان لا یمر بی عن ذلک شی‏ء إلا سئلت عنه و حفظته، فهذا وجوه ما علیه الناس فی اختلافهم و عللهم فی روایاتهم.

اللغه

(الوهم) من خطرات القلب أو مرجوح طرفی المتردد فیه، و الجمع أوهام و وهم فی الحساب کوجل غلط، و وهمت فی الشی‏ء من باب وعد أى ذهب و همى إلیه و وقع فی خلدى و روی و هما بالفتح و السکون کلیهما و (بوأه) منزلا و فی‏ منزل أنزله فیه، و بوأته دارا اسکنته إیاها و تبوء بیتا اتخذه مسکنا و (التصنع) تکلف حسن السمت و التزین و (التأثم) و (التحرج) مجانبه الاثم و الحرج أى الضیق یقال تحرج أى فعل فعلا جانب به الحرج کما یقال تحنث إذا فعل ما یخرج به عن الحنث، قال ابن الاعرابی: للعرب أفعال تخالف معانیها ألفاظها قالوا: تحرج و تحنث و تأثم و تهجد إذا ترک الهجود.

و (لقفه) لقفا من باب سمع و لقفانا بالتحریک تناوله بسرعه قال تعالى:

تلقف ما یأفکون، و (عصمه الله) من المکروه من باب ضرب حفظه و وقاه و (جنبه) و اجتنبه و تجنبه و جانبه و تجانبه بعد عنه، و جنبه إیاه أبعده عنه و (طرء) فلان علینا بالهمز یطرأ أى جاء بغته من بلد آخر فهو طارئ بالهمز.

الاعراب‏

قوله: خطیبا حال من فاعل قام، و قوله: صاحب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم بالرفع خبر محذوف المبتدأ أى هو أو هذا صاحب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، و جمله رآه تحتمل الحال و الوصف، و جمله و یرویه عطف على جمله هو فی یدیه، و فى بعض النسخ بدون الواو فتکون حالا من الضمیر فی یدیه أو استینافیا بیانیا.

و قوله و قد کان یکون من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم الکلام له وجهان: اسم کان ضمیر الشأن المستتر و یکون تامه مستغنیه عن الخبر، و هى مع اسمها أعنى الکلام خبر کان و له وجهان نعت للکلام، لأنه فى حکم النکره و یجوز أن یکون حالا منه لأنه فی معنى الفاعل، و یحتمل أن یجعل یکون ناقصه فهو حینئذ خبر له و لیس بنعت، و قوله: فکلام خاص آه، الفاء عاطفه للتفریع على قوله: له وجهان.

المعنى‏

اعلم أن هذا الکلام‏ الشریف حسبما أشار الیه السید (قد) تکلم به حین‏ (سأله سائل) و هو سلیم بن قیس الهلالی حسبما تعرفه فی التکمله الاتیه إنشاء الله تعالى و له کتاب مشهور بین أصحابنا.

قال المحدث العلامه المجلسی ره فی دیباجه البحار: و قد طعن فی کتابه‏ جماعه و الحق أنه من الاصول المعتبره.

و قال العلامه فی الخلاصه: سلیم بن قیس الهلالی بضم السین روى الکشی أحادیث یشهد بشکره و صحه کتابه إلى أن قال: و قال السید علی بن أحمد العقیقی کان سلیم بن قیس من أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام طلبه الحجاج لیقتله فهرب واوى إلى أبان بن أبی عیاش، فلما حضرته الوفاه قال لأبان: إن لک علی حقا و قد حضرنى الموت یا ابن أخی إنه کان من الأمر بعد رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم کیت و کیت، و أعطاه کتابا فلم یروعن سلیم بن قیس أحد سوى أبان و ذکر أبان فى حدیثه قال: کان شیخا متعبدا له نور یعلوه و قال ابن الغضایرى: سلیم بن قیس الهلالى العامرى روى عن أمیر المؤمنین و الحسن و الحسین و على بن الحسین علیهم السلام قال العلامه فى آخر کلامه، و الوجه عندى الحکم بتعدیل المشار الیه و التوقف فى الفاسد من کتابه انتهى.

و کیف کان‏ فقد سأله‏ علیه السلام سلیم بن قیس‏ (عن أحادیث البدع) أى الأحادیث المبتدعه الموضوعه أو المربوطه بالبدعات و الامور المحدثه التى لا أصل لها فی الشریعه کما یشعر به ما رواه جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم قال فى خطبه:

إن أحسن الحدیث کتاب الله، و خیر الهدى هدى محمد، و شر الامور محدثاتها و کل محدثه بدعه، و کل بدعه ضلاله.

و قوله‏ (و عما فى أیدى الناس من اختلاف الخبر) أراد به الأخبار المختلفه المخالفه لما عندهم علیهم السلام‏ (فقال علیه السلام) فى جواب السائل:

(ان فى أیدى الناس حقا و باطلا و صدقا و کذبا) ذکر الصدق و الکذب بعد الحق و الباطل من قبیل ذکر الخاص بعد العام، لأن الأخیرین من خواص الخبر و الأولان یصدقان على الأفعال أیضا، و قیل: الحق و الباطل هنا من خواص الرأى و الاعتقاد و الصدق و الکذب من خواص النقل و الروایه (و ناسخا و منسوخا و عاما و خاصا و محکما و متشابها) و قد مضى بیان معانى هذه السته جمیعا و تحقیق الکلام فیها فى شرح الفصل السابع عشر من الخطبه الاولى فلیراجع هناک‏

(و حفظا و وهما) أى حدیثا محفوظا من الزیاده و النقصان مصونا عن الخلل و الغلط حفظه راویه على ما سمعه، و حدیثا غیر محفوظ من ذلک لسهو الراوى أو غلطه و عدم حفظه له على وجهه.

(و لقد کذب) اى افترى‏ (على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم على عهده) أى فى زمانه.

قال الشارح البحرانى: و ذلک نحو ما روى أن رجلا سرق رداء رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم‏ و خرج إلى قوم و قال: هذا رداء محمد صلى الله علیه و آله و سلم أعطانیه لتمکنونى من تلک المرأه، و استنکروا ذلک، فبعثوا من سأل الرسول صلى الله علیه و آله و سلم عن ذلک، فقام الرجل الکاذب فشرب ماء فلدغته حیه فمات، و کان النبى صلى الله علیه و آله و سلم حین سمع بتلک الحال قال لعلی علیه السلام: خذ السیف و انطلق فان وجدته و قد کفیت فأحرقه بالنار، فجاء علیه السلام و أمر باحراقه.

(حتى) لما سمع صلى الله علیه و آله و سلم ذلک الخبر و غیره مما کذبوا علیه‏ (قام خطیبا فقال) أیها الناس قد کثرت على الکذابه ف (من کذب على متعمدا فلیتبوء مقعده من النار) أى لینزل منزله‏ من النار، و هو إنشاء فى معنى الخبر کقوله تعالى: «قل من کان فى الضلاله فلیمدد له الرحمن مدا».

و هذا الحدیث النبوى صلى الله علیه و آله و سلم مما رواه الکل و ادعى تواتره و استدل به على وجود الأخبار الکاذبه ردا على من أنکر وجودها أو استبعدها، و قد حکى أن علم الهدى تناظر مع علماء العامه و بین لهم أن الأخبار التی رووها فى فضایل مشایخهم کلها موضوعه، فقالوا: من یقدر أن یکذب على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، فقال لهم: قد ورد فى الروایه عنه صلى الله علیه و آله و سلم أنه قال فى حیاته: ستکثر على الکذابه بعد موتى فمن کذب على متعمدا فلیتبوء مقعده من النار، فهذا الحدیث إما صدق أو کذب و على التقدیرین یحصل المطلوب.

ثم شرع علیه السلام فى بیان وجه اختلاف الأخبار فقال‏ (و انما أتاک بالحدیث أربعه رجال لا خامس لهم) قال الشارح البحرانى: و وجه الحصر فى الأقسام‏ الأربعه أن الناقل للحدیث عنه صلى الله علیه و آله و سلم المتسمین بالاسلام إما منافق أولا، و الثانی إما أن‏

یکون قد وهم فیه أولا، و الثانی إما أن لا یکون قد عرف ما یتعلق به من شرایط الروایه أو یکون.

فأشار علیه السلام إلى القسم الأول بقوله‏ (رجل منافق مظهر للایمان) بلسانه منکر له بقلبه‏ (متصنع بالاسلام) أى متکلف بادابه و لوازمه و مراسمه ظاهرا من غیر أن یعتقد به باطنا یعنى أنه لیس مسلما فى نفس الأمر و إنما تسمى‏ بالاسلام‏ لتدلیس الناس‏ (لا یتأثم و لا یتحرج) أى لا یکف نفسه عن موجب الاثم و لا یتجنب عن الوقوع فى الضیق و الحرج، أولا یعد نفسه آثما بالکذب بل‏ (یکذب على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم متعمدا) لغرضه الدنیوى و داعیه هواه النفسانی‏ (فلو علم الناس أنه منافق کاذب لم یقبلوا منه) حدیثه کما قبلوه‏ (و لم یصدقوا قوله) کما صدقوه‏ (و لکنهم) اشتبهوا و (قالوا) هذا (صاحب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم رآه و سمع منه و لقف) أى تنال الحدیث‏ (عنه فیأخذون بقوله) غفله عن کذبه لحسن ظنهم به‏ (و قد أخبرک الله عن المنافقین) فى کتاب المبین‏ (بما أخبرک و وصفهم بما وصفهم به لک) الظاهر أنه علیه السلام أراد به قوله تعالى فى سوره المنافقین‏ و إذا رأیتهم تعجبک أجسامهم‏ الایه، کما صرح علیه السلام به فى سایر طرق الروایه حسبما تعرفه فى التکمله الاتیه، و قد أفصح تعالى عن أحوالهم و أوصافهم بهذه الایه و الایات قبلها فى السوره المذکوره قال‏ و الله یشهد إن المنافقین لکاذبون اتخذوا أیمانهم جنه فصدوا عن سبیل الله إنهم ساء ما کانوا یعملون ذلک بأنهم آمنوا ثم کفروا فطبع على قلوبهم فهم لا یفقهون و إذا رأیتهم تعجبک أجسامهم و إن یقولوا تسمع لقولهم کأنهم خشب مسنده قال أمین الاسلام الطبرسی قد «و الله یشهد إن المنافقین لکاذبون‏» فی قولهم إنهم یعتقدون أنک رسول الله، فکان إکذابهم فی اعتقادهم و أنهم یشهدون ذلک بقلوبهم، و لم یکذبوا فیما یرجع إلى ألسنتهم، لأنهم شهدوا بذلک و هم صادقون فیه «اتخذوا ایمانهم جنه» أى ستره یستترون بها من الکفر لئلا یقتلوا و لا یسبوا و لا یؤخذ أموالهم «فصدوا عن سبیل الله» فأعرضوا بذلک عن دین الاسلام، و قیل:

منعوا غیرهم عن اتباع سبیل الحق بأن دعوهم إلى الکفر فی الباطن، و هذا من خواص المنافقین، یصدون العوام عن الدین کما تفعل المبتدعه «انهم ساء ما کانوا یعملون» أى بئس الذى یعملونه من اظهار الایمان مع ابطان الکفر و الصد عن السبیل «ذلک بأنهم آمنوا» بألسنتهم، عند الاقرار بلا إله إلا الله محمد رسول الله «ثم کفروا» بقلوبهم لما کذبوا بهذا «فطبع على قلوبهم» أى ختم علیها بسمه تمیز الملائکه بینهم و بین المؤمنین على الحقیقه «فهم لا یفقهون» أى لا یعلمون من حیث إنهم لا یتفکرون حتى یمیزوا بین الحق و الباطل «و إذا رأیتهم تعجبک اجسامهم» بحسن منظرهم و تمام خلقتهم و جمال بزتهم «و إن یقولوا تسمع لقولهم» لحسن منطقهم و فصاحه لسانهم و بلاغه بیانهم «کأنهم خشب مسنده» أى کأنهم أشباح بلا أرواح، شبههم الله فی خلوهم من العقل و الافهام بالخشب المسنده إلى شی‏ء لا أرواح فیها و فی الصافی مسنده إلى الحائط فی کونهم أشباحا خالیه عن العلم و النظر.

(ثم بقوا) أى المنافقون‏ (بعده علیه و آله السلام فتقربوا إلى أئمه الضلاله) کمعاویه و أضرابه من رؤساء بنی امیه تلمیح‏ (و الدعاه إلى النار) فیه تلمیح إلى قوله تعالى‏ و جعلناهم أئمه یدعون إلى النار (بالزور) أى الکذب‏ (و البهتان فولوهم الأعمال و جعلوهم حکاما على رقاب الناس) أى أئمه الضلال بسبب وضع الأخبار اعطوا هؤلاء المنافقین الولایات و سلطوهم على الناس، و یحتمل العکس أى بسبب مفتریات هؤلاء المنافقین صاروا و الین على الناس و صنعوا ما شاءوا و ابتدعوا ما أرادوا قال المحدث العلامه المجلسی: و لکنه بعید.

أقول: و لعل وجه استبعاده أن ظاهر کلامه علیه السلام یفید کون إمامه أئمه الضلاله متقدمه على وضع الأخبار حیث تقربوا بها إلیهم فلا یکون حینئذ ولایتهم و إمامتهم مستنده إلى وضعها و مسببه منها، و لکن یمکن رفع البعد بأن یکون المراد أن ثبات حکومتهم و ولایتهم و استحکامها کان بسبب مفتریات المنافقین و إن لم یکن أصل الولایه بسببها و قوله‏ (و أکلوا بهم الدنیا) أى معهم أو باعانتهم، و الضمیر الأول راجع إلى‏

أئمه الضلاله، و الثانی إلى المنافقین المفترین، و یحتمل العکس أیضا.

و أشار إلى عله تقربهم إلى الولاه بمفتریاتهم بقوله‏ (و انما الناس) جمیعا (مع الملوک و الدنیا) لکون هواهم فیها فهم عبید لها و لمن فى یدیه شی‏ء منها حیثما زالت زالوا إلیها و حیثما أقبلت أقبلوا علیها (إلا من عصم) ه‏ (الله) تعالى منها و من أهلها، و هم الدین آمنوا و عملوا الصالحات و قلیل ما هم‏ (ف) هذا (هو أحد الأربعه) (و) الثانی منهم‏ (رجل سمع من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم شیئا لم یحفظه على وجهه) الذى صدر من لسانه الشریف‏ (فوهم فیه) أى غلط و سهى‏ (و لم یتعمد کذبا) کتعمد الرجل السابق الذکر (فهو فى یدیه) ینقله‏ (و یرویه) لغیره‏ (و یعمل به) فى نفسه‏ (یقول أنا سمعته من رسول الله) یسنده إلیه صلى الله علیه و آله و سلم بزعم أنه عین ما قاله صلى الله علیه و آله و سلم‏ (فلو علم المسلمون أنه و هم فیه لم یقبلوه منه و لو علم هو أنه کذلک لرفضه) أى نبذه و ترکه و لم یروه أقول: و من ذلک اشترط علماء الدرایه الضبط فی الراوى یرى ضبطه لما یرویه بمعنى کونه حافظا له متیقظا غیر مغفل إن حدث من حفظه ضابطا لکتابه حافظا من الغلط و التصحیف و التحریف ان حدث منه عارفا بما یختل به المعنی ان روى به أى بالمعنى على القول بجوازه حسبما تعرفه إنشاء الله تفصیلا.

(و رجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم شیئا یأمر به ثم نهى عنه و هو لا یعلم) بنهیه‏ (أو سمعه ینهى عن شی‏ء ثم أمر به و هو لا یعلم) بأمره‏ (فحفظ المنسوخ و لم یحفظ الناسخ فلو علم أنه منسوخ لرفضه و لو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه) و لکنه لجهله و غفلته عن‏ الناسخ‏ روى‏ المنسوخ‏ لغیره فقبلوه منه بحسن وثوقهم به روى فى الکافى بسند موثق عن محمد بن مسلم عن أبی عبد الله علیه السلام قال: قلت له: ما بال أقوام یروون عن فلان و فلان عن رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم لا یتهمون بالکدب، فیجی‏ء منکم خلافه؟ قال علیه السلام: إن الحدیث ینسخ کما ینسخ القرآن.

و فیه بسنده عن منصور بن حازم عن أبی عبد الله علیه السلام فی حدیث قال: قلت‏ فأخبرنى عن أصحاب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم صدقوا على محمد أم کذبوا؟ قال: بل صدقوا، قال: قلت: فما بالهم قد اختلفوا؟ فقال علیه السلام: أما تعلم أن الرجل کان یأتی رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فیسأله عن المسأله فیجیبه فیها بالجواب، ثم یجیئه بعد ذلک بما ینسخ ذلک الجواب فنسخت الأحادیث بعضها بعضا.

قال الشهید الثانی فى درایه الحدیث عند تعداد أقسام الأحادیث: و سادس عشرها الناسخ و المنسوخ، فان من الأحادیث ما ینسخ بعضها بعضا کالقرآن.

و الأول و هو الناسخ ما أى حدیث دل على رفع حکم شرعى سابق، فالحدیث المدلول علیه بما بمنزله الجنس یشمل الناسخ و غیره و مع ذلک خرج به ناسخ القرآن و الحکم المرفوع شامل للوجودى و العدمى و خرج بالشرعى الذى هو صفه الحکم الشرعى المبتدأ بالحدیث، فانه یرفع به الاباحه الأصلیه لکن لا یسمى شرعیا، و خرج بالسابق الاستثناء و الصفه و الشرط و الغایه الواقعه فى الحدیث، فانها قد ترفع حکما شرعیا لکن لیس سابقا.

و الثانی و هو المنسوخ ما رفع حکمه الشرعى بدلیل شرعى متأخر عنه و قیوده یعلم بالمقایسه على الأول، و هذا فن صعب مهم حتى أدخل بعض أهل الحدیث فیه ما لیس منه لخفاء معناه، و طریق معرفته النص من النبی صلى الله علیه و آله و سلم مثل کنت نهیتکم عن زیاره القبور ألا فزوروها، و نقل الصحابى مثل کان آخر الأمرین من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: أنه ترک الوضوء مما مسته النار، أو التاریخ فان المتأخر منهما یکون ناسخا للمتقدم لما روى عن الصحابه کنا نعمل بالأحادیث فالأحادیث أو الاجماع کحدیث قتل شارب الخمر فى المره الرابعه نسخه الاجماع على خلافه حیث لا یتخلل الحد و الاجماع لا ینسخ بنفسه و انما یدل على النسخ، انتهى کلامه رفع مقامه.

و ینبغی أن یعلم أن النسخ إنما یکون فى الأحادیث الوارده عن النبى صلى الله علیه و آله و سلم إذ لا ینسخ بعده.

(و آخر رابع) له عنایه بأمر الدین و اهتمام بمدارک الشرع المبین‏ (لم یکذب على الله و لا على رسوله) صلى الله علیه و آله و سلم کالرجل الأول المنافق المتصنع بالاسلام تحرجا

من الکذب و الزور (مبغض للکذب خوفا من الله و تعظیما لرسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و لم یهم) أى لم یغلط و لم یسه کالرجل الثانی الغیر الضابط (بل حفظ) و وعى‏ (ما سمع على وجهه) کما اشیر إلیه فى قوله عز و جل «و تعیها اذن واعیه» (فجاء به على سمعه) أى نقله على الوجه المسموع، و فى بعض النسخ على ما سمعه بزیاده ما و هو أقرب‏ (لم یزد فیه و لم ینقص منه) أى رواه من غیر زیاده و لا نقصان فاستحق بذلک البشاره العظیمه من الله تعالى فى قوله «فبشر عبادى الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه».

فقد روى فى البحار من الاختصاص باسناده عن أبى بصیر عن أحدهما علیهما السلام فى هذه الایه قال علیه السلام: هم المسلمون لال محمد صلى الله علیه و آله و سلم إذا سمعوا الحدیث أدوه کما سمعوه لا یزیدون و لا ینقصون.

و فیه عن الکلینی بسنده عن أبى بصیر قال: قلت لأبى عبد الله علیه السلام قول الله جل ثناؤه «الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه» قال علیه السلام: هو الرجل یستمع الحدیث فیحدث به کما سمعه لا یزید فیه و لا ینقص.

(فحفظ الناسخ فعمل به و حفظ المنسوخ فجنب عنه) لا کالرجل الثالث یحفظ المنسوخ و یرویه و لم یحفظ الناسخ و یغیب عنه‏ (و عرف الخاص و العام فوضع کل شی‏ء موضعه) أى أبقی العمومات الغیر المخصصه على عمومها و حمل المخصصات على الخصوص و کذا المطلق و المقید و سایر أدله الأحکام (و عرف المتشابه) فوکل علمه إلى الله تعالى و رسوله و الراسخین فى العلم علیهم السلام (و محکمه) فأخذ به و اتبعه ثم أکد کون کلام الرسول صلى الله علیه و آله و سلم ذا وجوه مختلفه بقوله‏ (و قد کان یکون من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم الکلام له وجهان) ککتاب الله العزیز و کلامه عز شأنه‏ (ف) بعضه‏ (کلام خاص و) بعضه‏ (کلام عام فیسمعه من لا یعرف ما عنی الله سبحانه به و لا ما عنی به رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم) من العموم و الخصوص‏ (فیحمله السامع) على غیر معناه المراد من أجل اشتباهه و عدم معرفته‏ (و یوجهه) أى یؤوله‏ (على غیر معرفه بمعناه و ما قصد به و ما خرج من أجله) أی العله المقتضیه لصدور الکلام منه صلى الله علیه و آله و سلم، و کذا الحال‏ و المقام الذی صدر فیه.

(و لیس کل أصحاب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم یسأله و یستفهمه) لمهابته أو اعظاما له‏ (حتى أن کانوا لیحبون أن یجی‏ء الاعرابی) من سکان البادیه (أو الطارئ) أى الغریب الذى أتاه عن قریب من غیر انس به صلى الله علیه و آله و سلم و بکلامه‏ (فیسأله علیه السلام حتى یسمعوا) و إنما کانوا یحبون قدومهما إما لاستفهامهم و عدم استعظامهم إیاه، أو لأنه صلى الله علیه و آله و سلم کان یتکلم على وفق عقولهم فیوضحه حتى یفهم غیرهم.

ثم أشار علیه الصلاه و السلام إلى علو مقامه و رفعه شأنه و بلوغه ما لم یبلغه غیره بقوله‏ (و کان لا یمر بی عن ذلک) أی من کلام رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم‏ (شی‏ء إلا سألت عنه صلى الله علیه و آله و سلم و حفظته) لمزید اختصاصه علیه الصلاه و السلام به و کونه عیبه علمه و قد کان یجب علیه علیه الصلاه و السلام و السؤال و الحفظ کما کمان یجب علیه صلى الله علیه و آله و سلم التعلیم و التفهیم لاقتضاء تکلیف الاستخلاف و وظیفه الخلافه ذلک‏ (فهذا وجوه ما علیه الناس فی اختلافهم) فی الروایات‏ (و) ضروب‏ (عللهم) و أمراضهم‏ (فی روایاتهم) المختلفه.

و ینبغی تذییل المقام بامور مهمه

الاول‏

قال الشیخ الشهید الثانی فی کتاب درایه الحدیث عند تعداد أصناف الحدیث الضعیف:

الثامن الموضوع و هو المکذوب المختلق الموضوع بمعنی أن واضعه اختلق وضعه لا مطلق حدیث الکذوب، فان الکذوب قد یصدق، و هو أى الموضوع شر أقسام الضعیف، و لا تحل روایته للعالم به إلا مبینا لحاله من کونه موضوعا بخلاف غیره من الضعیف المحتمل للصدق حیث جوزوا روایته فى الترغیب و الترهیب و یعرف الموضوع باقرار واضعه بوضعه فیحکم حینئذ علیه بما یحکم على الموضوع فی نفس الأمر لا بمعنی القطع بکونه موضوعا، لجواز کذبه فی إقراره، و إنما یقطع بحکمه لأن الحکم یتبع الظن الغالب، و هو هنا کذلک و لولاه لما ساغ‏

قتل المقر بالقتل و لا رجم المعترف بالزنا، لاحتمال أن یکونا کاذبین فیما اعترفا به.

و قد یعرف أیضا برکاکه ألفاظه و نحوها، و لأهل العلم بالحدیث ملکه قویه یمیزون بها ذلک، و إنما یقوم به منهم من یکون اطلاعه تاما، و ذهنه ثاقبا، و فهمه قویا، و معرفته بالقراین الداله على ذلک ممکنه، و بالوقوف على غلطه و وضعه من غیر تعمد، کما وقع لثابت بن موسى الزاهد فى حدیث من کثرت صلاته باللیل حسن وجهه بالنهار، فقیل کان شیخ یحدث فی جماعه فدخل رجل حسن الوجه فقال الشیخ فی أثناء حدیثه: من کثرت صلاته باللیل «إلخ» فوقع لثابت ابن موسى أنه من الحدیث فرواه.

و الواضعون أصناف:

منهم من قصد التقرب به إلى الملوک و أبناء الدنیا، مثل غیاث بن إبراهیم دخل على المهدى بن المنصور و کان تعجبه الحمام الطیاره الوارده من الأماکن البعیده، روى حدیثا عن النبی صلى الله علیه و آله و سلم أنه قال: لا سبق إلا فی خف أو حافر أو نصل أو جناح، فأمر له بعشره آلاف درهم، فلما خرج قال المهدى: اشهد أن قفاه قفا کذاب على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم ما قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم جناح و لکن هذا أراد أن یتقرب إلینا، فأمر بذبحها و قال: أنا حملته على ذلک و منهم قوم من السؤال یضعون على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم أحادیث یرتزقون بها کما اتفق لأحمد بن حنبل و یحیى بن معین فی مسجد الرصافه.

و أعظم ضررا من انتسب منهم إلى الزهد و الصلاح بغیر علم فاحتسب بوضعه أى زعم أنه وضعه حسبه لله تعالى و تقربا إلیه لیجذب بها قلوب الناس إلى الله تعالى بالترهیب و الترغیب، فقبل الناس موضوعاتهم فنقلوا منهم و رکنوا إلیهم بظهور حالهم بالصلاح و الزهد.

و یظهر ذلک من أحوال الأخبار التی وضعها هؤلاء فی الوعظ و الزهد و ضمنوها أخبارا عنهم و نسبوا إلیهم أفعالا و أحوالا خارقه للعاده و کرامات لم یتفق مثلها لأولى العزم من الرسل بحیث یقطع العقل بکونها موضوعه و إن کانت کرامات الأولیاء ممکنه فی نفسها و من ذلک ما روى عن أبی عصمه نوح بن أبی مریم المروزى أنه قیل له:

من أین لک عن عکرمه عن ابن عباس فی فضایل القرآن سوره سوره و لیس عند أصحاب عکرمه هذا؟ فقال: إن الناس قد أعرضوا عن القرآن و اشتغلوا بفقه أبی حنیفه و مغازى محمد بن إسحاق فوضعت هذا الحدیث حسبه و کان یقال لأبی عصمه هذا:

الجامع فقال: أبو حاتم بن الحیان: جمع کل شی‏ء إلا الصدق و روى ابن حیان عن أبی مهدى قال: قلنا لمیسره بن عبد ربه: من أین جئت بهذه الأحادیث من قرء بکذا فله کذا، فقال: وضعتها أرغب الناس فیها و هکذا قیل فی حدیث أبی الطویل فی فضایل سور القرآن سوره سوره، فروى عن المؤمل بن إسماعیل قال: حدثنى شیخ به فقلت للشیخ من حدثک؟ فقال حدثنى رجل بالمدائن و هو حى، فصرت إلیه و قلت: من حدثک؟ فقال: حدثنی شیخ بواسط و هو حی، فصرت إلیه و قلت: من حدثک؟ فقال: حدثنی شیخ بالبصره، فصرت إلیه فقال: حدثنی شیخ بعبادان، فصرت إلیه فأخذ بیدى و أدخلنی بیتا فاذا فیه قوم من الصوفیه و معهم شیخ فقال: هذا الشیخ حدثنی، فقلت: یا شیخ من حدثک؟ فقال: لم یحدثنی أحد و لکن رأینا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذه الأحادیث لیصرفوا قلوبهم إلى القرآن.

و کل من أودع هذه الأحادیث فى تفسیره کالواحدى و الثعلبی و الزمخشرى فقد أخطأ فی ذلک و لعلهم لم یطلعوا على وضعه مع أن جماعه من العلماء قد نبهوا علیه، و خطب من ذکره مستندا کالواحدى أسهل.

و وضعت الزنادقه کعبد الکریم بن أبی العوجاء الذى أمر بضرب عنقه محمد بن سلیمان بن علی العباسی، و بیان الذى قتله خالد القشیرى «القسرى» و أحرقه بالنار، و الغلاه من فرق الشیعه کأبی الخطاب و یونس بن ظبیان و یزید الصایغ و أضرابهم جمله من الحدیث لیفسدوا بها الاسلام و یبصروا به مذهبهم.

روى العقیلی عن حماد بن یزید قال: وضعت الزنادقه على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم‏ أربعه عشر ألف حدیث.

و روى عن أبی عبد الله «عبد الله خ ل» بن یزید المقرى أن رجلا من الخوارج رجع عن مذهبه فجعل یقول: انظروا هذا الحدیث عمن تأخذونه کنا إذا رأینا رأیا جعلنا له حدیثا.

ثم نهض جهابذه النقاد- جمع جهبذ و هو الناقد البصیر- یکشف عوارها- بفتح العین و ضمها و الفتح أشهر و هو العیب- و محوا عارها، فلله الحمد حتى قال بعض العلماء: ما ستر الله أحدا یکذب فی الحدیث.

و قد ذهب الکرامیه- بکسر الکاف و تخفیف الراء و بفتح الکاف و تشدید الراء على اختلاف نقل الضابطین لذلک- و هم الطایفه المنتسبون بمذهبهم إلى محمد ابن کرام و بعض المبتدعه من المتصوفه إلى جواز وضع الحدیث للترغیب و الترهیب للناس و ترغیبا فی الطاعه و زجرا لهم عن المعصیه.

و استذلوا بما روى فی بعض طرق الحدیث من کذب علی متعمدا لیضل به الناس فلیتبوء مقعده من النار، و هذه الزیاده قد أبطلها نقله الحدیث و حمل بعضهم من کذب علی متعمدا، على من قال: إنه ساحر أو مجنون، حتی قال بعض المخذولین إنما قال من کذب علی، و نحن نکذب له و نقوى شرعه نسأل الله السلامه من الخذلان.

و حکى القرطبی فی المفهم عن بعض أهل الرأى: إن ما وافق القیاس الجلی جاز أن یعزى إلى النبی صلى الله علیه و آله و سلم.

ثم المروى تاره یخترعه الواضع، و تاره یأخذ کلام غیره کبعض السلف الصالح و قدماء الحکماء و الاسرائیلیات، أو یأخذ حدیثا ضعیف الاسناد فیرکب له اسنادا صحیحا لیروج.

و قد صنف جماعه من العلماء کتبا فی بیان الموضوعات.

و للصغانی الفاضل الحسین بن محمد فی ذلک کتاب الدر الملتقط فی تبین الغلط جید فی هذا الباب و لغیره کأبی الفرج ابن الجوزى دونه فی الجوده، لأن کتاب‏ ابن الجوزى ذکر فیه کثیر من الأحادیث التی ادعی وضعها لا دلیل على کونها موضوعه و الحاقها بالضعیف أولى و بعضها قد یلتحق بالصحیح و الحسن عند أهل النقد، بخلاف کتاب الصغانی فانه تام فی هذا المعنى یشتمل على انصاف کثیر

الثانی‏

اعلم أن اکثر أخبار الموضوعه قد وضعت فی زمن بنی امیه لعنهم الله قاطبه کما ظهر لک تفصیل ذلک فی شرح الکلام السابع و التسعین مما رویناه من البحار من کتاب سلیم بن قیس الهلالی و نضیف إلیه ما ذکره و نقله الشارح المعتزلی هنا لاشتماله على زیاده لم یتقدم ذکرها مع کونه مؤیدا لما قدمنا فأقول:

قال الشارح بعد ما ذکر أنه خالط الحدیث کذب کثیر صدر عن قوم غیر صحیحی العقیده قصدوا به الاضلال و تخلیط القلوب و العقائد، و قصد به بعضهم التنویه بذکر قوم کان لهم فى التنویه بذکرهم غرض دنیوى ما صریح عبارته:

و قد قیل إنه افتعل فی أیام معاویه خاصه حدیث کثیر على هذا الوجه، و لم یسکت المحدثون الراسخون فی علم الحدیث عن هذا بل ذکروا کثیرا من هذه الأحادیث الموضوعه و بینوا وضعها و أن رواتها غیر موثق بهم إلا أن المحدثین إنما یطعنون فیما دون طبقه الصحابه و لا یتجاسرون على الطعن فی أحد من الصحابه لأن علیه لفظ الصحبه على أنهم قد طعنوا فی قوم لهم الصحبه کثیر «کبسر ظ» بن ارطاه و غیره.

فان قلت: من أئمه الضلال‏[۱] الذین تقرب إلیهم المنافقون الذین رأوا رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و صحبوه بالزور و البهتان، و هل هذا إلا تصریح بما تذکره الامامیه و تعتقده؟

قلت: لیس الأمر کما ظننت و ظنوا، و إنما یعنی معاویه و عمرو بن العاص و من شایعهما على الضلال.

کالخبر رواه من رواه فی حق معاویه: اللهم قه العذاب و الحساب و علمه الکتاب‏

و کروایه عمر و بن العاص تقربا إلى قلب معاویه: إن آل أبی طالب لیسوا لی بأولیاء و إنما ولیی الله و صالح المؤمنین و کروایه قوم فی أیام معاویه أخبارا کثیره من فضایل عثمان تقربا إلى معاویه بها و لسنا نجحد فضل عثمان و سابقته، و لکنا نعلم أن بعض الأخبار الوارده فیه موضوع کخبر عمرو بن مره فیه و هو مشهور و عمرو بن مره ممن له صحبه و هو شامی.

و لیس یجب من قولنا إن بعض الأخبار الوارده فی حق شخص فاضل مفتعله أن تکون قادحه فی فضل ذلک الفاضل، فانا مع اعتقادنا أن علیا علیه السلام أفضل الناس نعتقد أن بعض الأخبار الوارده فی فضایله مفتعل و مختلق.

و قد روى أن أبا جعفر محمد بن علی الباقر علیهما السلام قال لبعض أصحابه:

یا فلان ما لقینا من ظلم قریش ایانا و تظاهرهم علینا و ما لقی شیعتنا و محبونا من الناس، إن رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم قبض و قد أخبر أنا أولى الناس بالناس، فتمالئت علینا قریش حتى اخرجت الأمر عن معدنه، و احتجت على الأنصار بحقنا و حجتنا، ثم تداولتها قریش واحد بعد واحد حتى رجعت إلینا فنکثت بیعتنا و نصبت الحرب لنا و لم یزل صاحب الأمر فى صعود کئود حتى قتل.

فبویع الحسن علیه السلام ابنه عوهد ثم غدر به و اسلم و وثب علیه أهل العراق حتى طعن بخنجر فی جنبه، و انتهب عسکره و عولجت خلاخیل امهات أولاده فوادع معاویه و حقن دمه و دماء أهل بیته و هم قلیل حق قلیل.

ثم بایع الحسین علیه السلام من أهل العراق عشرون ألفا ثم غدر به و خرجوا علیه و بیعته فی أعناقهم.

ثم لم تزل أهل البیت تستذل و تستضام و نقصی و نمتحن و نحرم و نقتل و نخاف و لا نأمن على دمائنا و دماء أولیائنا و وجد الکاذبون الجاحدون لکذبهم و جحودهم موضعا یتقربون به إلى أولیائهم، و قضاه السوء و عمال السوء فى کل بلده، فحدثوهم بالأحادیث الموضوعه المکذوبه، و رو واعنا ما لم نقله لیبغضونا إلى الناس.

و کان عظم ذلک و کبره زمن معاویه بعد موت الحسن علیه السلام فقتلت شیعتنا بکل بلده، و قطعت الأیدى و الأرجل على الظنه و کان من یذکر بحبنا و الانقطاع إلینا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره.

ثم لم یزل البلاء یشتد و یزداد إلى زمان عبید الله بن زیاد لعنه الله قاتل الحسین علیه السلام.

ثم جاء الحجاج فقتلهم کل قتله و أخذهم بکل ظنه و تهمه حتى أن الرجل لیقال له زندیق أو کافر أحب إلیه من أن یقال شیعه على علیه السلام، و حتى صار الرجل الذى یذکر بالخیر و لعله ورعا صدوقا یحدث بأحادیث عظیمه عجیبه من تفضیل بعض من قد سلف من الولاه و لم یخلق الله تعالى شیئا منها و لا کانت و لا وقعت و هو یحسب أنها حق لکثره من قد رواها ممن لم یعرف بکذب و لا بقله ورع و روى أبو الحسن على بن محمد بن أبی سیف المداینی فی کتاب الأحداث قال کتب معاویه نسخه واحده إلى عماله بعد عام الجماعه أن برئت الذمه ممن روى شیئا فی فضل أبی تراب و أهل بیته.

فقامت الخطباء فی کل کوره و على کل منبر یلعنون علیا علیه السلام و یبرءون منه و یقعون فیه و فی أهل بیته، و کان أشد الناس بلاء حینئذ أهل الکوفه لکثره من بها من شیعه على علیه السلام، فاستعمل علیهم زیاد بن سمیه و ضم إلیه البصره فکان یتبع الشیعه و هو بهم عارف لأنه کان منهم أیام على علیه السلام فقتلهم تحت کل حجر و مدر، و أخافهم و قطع الأیدى و الأرجل و سمل العیون و صلبهم على جذوع النخل و طردهم و شردهم عن العراق فلم یبق بها معروف منهم.

و کتب معاویه لعنه الله إلى عما له فى جمیع الافاق: لا یجیزوا لأحد من شیعه على و أهل بیته شهاده.

و کتب إلیهم أن انظروا من قبلکم من شیعه عثمان و محبیه و أهل ولایته و الذین یروون فضایله و مناقبه فادنوا مجالسهم و قربوهم و أکرموهم و اکتبوا إلى بکل ما یروى کل رجل منهم و اسمه و اسم أبیه و عشیرته.

ففعلوا حتى أکثروا فی فضایل عثمان و مناقبه لما کان یبعثه إلیهم معاویه من الصلاه و الکساء و الحباء و القطایع و یفیضه فی العرب منهم و الموالى و کثر ذلک فی کل مصر و تنافسوا فی المنازل و الدنیا، فلیس یجزى مردود من الناس عاملا من عمال معاویه فیروى فی عثمان فضیله أو منقبه إلا کتب اسمه و قربه و شفعه فلبثوا بذلک حینا.

ثم کتب إلى عما له: أن الحدیث فی عثمان قد کثر و فشا فی کل مصر و فی کل وجه و ناحیه، فاذا جائکم کتابى هذا فادعوا الناس إلى الروایه فی فضایل الصحابه و الخلفاء الأولین و لا تترکوا خبرا یرویه أحد من المسلمین فی أبی تراب إلا و أتونى بمناقض له فی الصحابه مفتعله لا حقیقه لها و جد الناس فی روایه ما یجرى هذا المجرى حتى أشاروا یذکروا ذلک على المنابر، و ألقى إلى معلمى الکتاب فعلموا صبیانهم و غلمانهم من ذلک الکثیر الواسع حتى رووه و تعلموه کما یتعلمون القرآن و حتى علموه بناتهم و خدمهم و حشمهم فلبثوا بذلک ما شاء الله.

ثم کتب نسخه واحده إلى جمیع البلدان: انظروا من أقامت علیه البینه أنه یحب علیا و أهل بیته فامحوه من الدیوان، و اسقطوا عطاءه و رزقه.

و شفع ذلک بنسخه اخرى: من اتهمتموه بموالاه هؤلاء القوم فنکلوا به و اهدموا داره.

فلم یکن البلاء أشد و لا أکثر منه بالعراق و لا سیما بالکوفه حتى أن الرجل من شیعه على علیه السلام لیأتیه من یثق به فیدخل بیته فیلقى إلیه سره و یخاف من خادمه و مملوکه و لا یحدثه حتى یأخذ علیه الایمان الغلیظه لیکتمن علیه.

فظهر حدیث کثیر موضوع و بهتان منتشر، و مضى على ذلک الفقهاء و القضاه

و الولاه، و کان أعظم الناس فی ذلک بلیه القراء المراءون، و المتصنعون الذین یظهرون الخشوع و النسک، فیفتعلون ذلک لیحظوا بذلک عند ولاتهم و یقربوا مجالسهم و یصیبوا به الأموال و الضیاع و المنازل.

حتى انتقلت تلک الأخبار و الأحادیث إلى أیدى الدیانین الذین لا یستحلون الکذب و البهتان، فقبلوها و رووها و هم یظنون أنها حق، و لو علموا أنها باطله لما رووها و لا تدینوا.

فلم یزل الأمر کذلک حتى مات الحسن بن على علیه السلام، فازداد البلاء و الفتنه فلم یبق أحد من هذا القبیل إلا و هو خائف على دمه أو طرید فی الأرض.

ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسین علیه الصلاه و السلام و ولى عبد الملک بن مروان فاشتد على الشیعه.

و ولى علیهم الحجاج بن یوسف فتقرب إلیه أهل النسک و الصلاح و الدین ببغض على علیه السلام و موالاه أعدائه و موالاه من یدعى قوم من الناس أنهم أیضا أعداؤه فاکثروا فی الروایه فی فضلهم و سوابقهم و مناقبهم، و أکثروا من الغض من على علیه السلام و عیبه و الطعن فیه و الشنان له.

حتى أن إنسانا وقف للحجاج و یقال جد الأصمعی عبد الملک بن قریب فصاح به أیها الأمیر إن أهلى عقونی فسمونی علیا، و إنی فقیر بائس و أنا إلى صله الأمیر محتاج، فتضاحک له الحجاج و قال: للطف ما توسلت به قد ولیتک موضع کذا.

و قد روى ابن عرفه المعروف بنفطویه و هو من أکابر المحدثین و أعلامهم فى تاریخه ما یناسب هذا الخبر، و قال: إن أکثر الأحادیث الموضوعه فى فضائل الصحابه افتعلت فی أیام بنى امیه تقربا إلیهم بما یظنون أنهم یرغمون به أنف بنى هاشم.

ثم قال الشارح بعد جمله من الکلام:

و اعلم أن أصل الأکاذیب فی أحادیث الفضایل کان من جهه الشیعه: فانهم‏

وضعوا فى مبدء الأمر أحادیث کذا مختلقه فی صاحبهم حملهم على وضعها عداوه خصومهم.

نحو حدیث السطل، و حدیث الرمانه، و حدیث غزوه البئر التی کان فیها الشیاطین و یعرف کما زعموا بذات العلم، و حدیث غسل سلمان الفارسی و طى الأرض، و حدیث الجمجمه و نحو ذلک.

فلما رأت البکریه ما صنعت الشیعه وضعت لصاحبها أحادیث فی مقابله هذه الأحادیث.

نحو لو کنت متخذا خلیلا، فانهم وضعوه فی مقابله حدیث الاخاء.

و نحو سد الأبواب فانه کان لعلى علیه السلام فقلبته البکریه إلى أبی بکر.

و نحو ایتونى بدواه و بیاض اکتب فیه لأبی بکر کتابا لا یختلف علیه اثنان ثم قال: یأبى الله و المسلمون إلا أبا بکر.

فانهم وضعوه فی مقابله الحدیث المروى عنه صلى الله علیه و آله و سلم فی مرضه: ایتونى بدواه و بیاض أکتب لکم ما لا تضلون بعده أبدا، فاختلفوا عنده و قال قوم منهم: لقد غلبه الوجع حسبنا کتاب الله.

و نحو حدیث أنا راض عنک فهل أنت عنى راض و نحو ذلک.

فلما رأت الشیعه ما و قد وضعت البکریه أوسعوا فی وضع الأحادیث.

فوضعوا حدیث الطوق الحدید الذی زعموا أنه قتله فی عنق خالد.

و حدیث اللوح الذى زعموا أنه کان فی غدائر الحنفیه أم محمد و حدیث: لا یفعل خالد ما امر به.

و حدیث الصحیفه علقت عام الفتح بالکعبه.

و حدیث الشیخ الذی صعد المنبر یوم بویع أبو بکر فسبق الناس إلى بیعته و أحادیث مکذوبه کثیره تقتضى نفاق قوم من أکابر الصحابه و التابعین الأولین و کفرهم و على أدون الطبقات فسقهم.

فقابلتهم البکریه بمطاعن کثیره فی على و فی ولدیه، و نسبوه تاره إلى ضعف‏ العقل، و تاره إلى ضعف السیاسه، و تاره إلى حب الدنیا و الحرص علیها، و لقد کان الفریقان فی غنیه عما اکتسباه و اجترحاه.

أقول: و لقد أجاد الشارح فیما نقل و أفاد إلا أن ما قاله أخیرا فی ذیل قوله:

و اعلم أن أصل الأکاذیب فی أحادیث الفضائل إلى آخر کلامه غیر خال من الوهم و الخبط.

و ذلک أنا لا ننکر صدور بعض المفتریات و الأحادیث الموضوعه من غلاه الشیعه و جهالهم و مما لا مبالاه له فی الدین کما صدر أکثر کثیر من هذه من علماء العامه و جهالهم و أکابرهم و أصاغرهم حسبما تعرفه فی التنبیه الاتى إنشاء الله تعالى.

لکن الأحادیث الخاصیه التی أشار إلیها بخصوصها من حدیث السطل و الرمانه و غزوه الجن و غسل سلمان و الجمجمه و حدیث الطوق و اللوح و الصحیفه الملعونه و الشیخ الذى سبق إلى بیعه أبی بکر لا دلیل على وضع شی‏ء منها، بل قد روى بعضها المخالف و الموافق جمیعا کحدیث السطل.

فقد رواه السید المحدث الناقد البصیر السید هاشم البحرانی فی کتاب غایه المرام فی الباب السابع و التسعین منه بأربعه طرق من طرق العامه، و فی الباب الثامن و التسعین منه بأربعه طرق من طرق الخاصه.

و قد روى حدیث الرمانه أیضا فی الباب السابع عشر و مأئه منه بطریق واحد من طرق العامه، و فی الباب الذى یتلوه بطریق واحد أیضا من طرق الخاصه.

و أما حدیث غزوه الجن فقد مضى روایته فی شرح الفصل الثامن من الخطبه المأه و الاحدى و التسعین، و قد رواه الشیخ المفید «قد» فی الارشاد بنحو آخر.

و لعل زعم الشارح وضعه مبنى على اصول المعتزله و لقد أبطله المفید فی الارشاد فانه بعد ما قال فی عداد ذکر مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام و من ذلک ما تظاهر به الخبر من بعثه رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم إلى وادى‏ الجن و قد أخبره جبرئیل علیه السلام أن طوایف منهم قد اجتمعوا لکیده فاغنى عن رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و کفى الله المؤمنین به کیدهم و دفعهم عن المسلمین بقوته التی بان بها عن جماعتهم ثم روى الحدیث عن محمد بن أبى السرى التمیمى عن أحمد بن الفرج عن الحسن بن موسى النهدى عن أبیه عن وبره بن الحرث عن ابن عباس و ساق الحدیث إلى آخره قال بعد روایته ما هذا لفظه:

و هذا الحدیث قد روته العامه کما روته الخاصه، و لم یتناکروا شیئا منه و المعتزله لمیلها إلى مذهب البراهمه تدفعه و لبعدها عن معرفه الأخبار تنکره و هی سالکه فی ذلک طریق الزنادقه فیما طعنت به فی القرآن و ما تضمنه من أخبار الجن و ایمانهم بالله و رسوله و ما قص الله من نبائهم فی القرآن فی سوره الجن و قولهم‏ إنا سمعنا قرآنا عجبا یهدی إلى الرشد فآمنا به‏ إلى آخر ما تضمنه الخبر عنهم فی هذه السوره و إذا بطل اعتراض الزنادقه فی ذلک بتجویز العقول وجود الجن و إمکان تکلیفهم و ثبوت ذلک مع إعجاز القرآن و الاعجوبه الباهره فیه کان مثل ذلک ظهور بطلان طعون المعتزله فى الخبر الذى رویناه، لعدم استحاله مضمونه فی العقول و فی مجیئه من طریقین مختلفین و بروایه فریقین فی دلالته متباینین برهان صحته و لیس إنکار من عدل عن الانصاف فی النظر من المعتزله و المجبره قدح فیما ذکرناه من وجوب العمل علیه.

کما أنه لیس فی جحد الملاحده و أصناف الزنادقه و الیهود و النصارى و المجوس و الصابئین ما جاء صحته من الأخبار بمعجزات النبی صلى الله علیه و آله و سلم کانشقاق القمر و حنین الجذع و تسبیح الحصى فی کفه و شکوى البعیر و کلام الذراع و مجیئ الشجره و خروج الماء من بین أصابعه فى المیضاه و إطعام الخلق الکثیر من الطعام القلیل قدح فى صحتها و صدق رواتها و ثبوت الحجه بها.

بل الشبهه لهم فى دفع ذلک و إن ضعفت أقوى من شبهه منکرى معجزات‏

أمیر المؤمنین علیه السلام و براهینه لما لا خفاء علیها و على أهل الاعتبار به مما لا حاجه إلى شرح وجوهه فى هذا المکان.

ثم قال قدس الله روحه بعد جمله من الکلام:

و لا زال أجد الجاهل من الناصبه و المعاند یظهر التعجب من الخبر بملاقات أمیر المؤمنین علیه السلام الجن و کفه شرهم عن النبی صلى الله علیه و آله و سلم و أصحابه و یتضاحک لذلک و ینسب الروایه له إلى الخرافات الباطله، و یضع مثل ذلک فى الأخبار الوارده بسوى ذلک من معجزاته علیه السلام و یقول: إنه من موضوعات الشیعه و تخرص من افتراه منهم للتکسب بذلک أو التعصب.

و هذا بعینه مقال الزنادقه کافه و أعداء الاسلام فیما نطق به القرآن من خبر الجن و إسلامهم فى قوله تعالى‏ إنا سمعنا قرآنا عجبا یهدی إلى الرشد و فیما ثبت به الخبر عن ابن مسعود فی قصه لیله الجن و مشاهدته لهم کالزط، و فی غیر ذلک من معجزات الرسول صلى الله علیه و آله و سلم، و أنهم یظهرون التعجب من جمیع ذلک و یتضاحکون عند سماع الخبر به و الاحتجاج بصحته و یستهزؤن و یلغطون‏[۲] فیما یسرفون به من سب الاسلام و أهله و استحماق معتقدیه و الناصرین له و نسبتهم إیاهم إلى العجز و الجهل، و وضع الأباطیل.

فلینظر القوم ما جنوه على الاسلام بعداوتهم لأمیر المؤمنین علیه السلام و اعتمادهم فی دفع فضایله و مناقبه و آیاته على ما ضاهوا به أصناف الزنادقه و الکفار مما یخرج عن طریق الحجاج إلى أبواب الشغب و المسافهات، انتهى کلامه رفع مقامه.

و بذلک کله ظهر أیضا فساد زعم وضع حدیث بیعه الشیطان لأبی بکر و ظهوره بصوره شیخ و صعوده المنبر و سبقته إلى البیعه حسبما عرفت روایته تفصیلا فی المقدمه الثانیه من مقدمات الخطبه الثالثه المعروفه بالشقشقیه.

إذ الظاهر أن زعم وضعه أیضا مبنی على استبعاد ظهوره بصوره إنسان، و یدفع ذلک ما اجتمع علیه أهل القبله من ظهوره لأهل دار الندوه بصوره شیخ‏

من أهل نجد و اجتماعه معهم فی الرأى على المکر برسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و ظهوره یوم بدر للمشرکین فی صوره سراقه بن جعثم «جعشم» المدلجى و قوله «لا غالب لکم الیوم من الناس و إنى جار لکم» قال الله عز و جل «فلما تراءت الفئتان نکص على عقبیه و قال إنى برى‏ء منکم إنى أرى ما لا ترون إنى أخاف الله و الله شدید العقاب» و أما سایر الأحادیث فلا استبعاد بشى‏ء منها حتى یزعم وضعها، و قد أتى آصف ابن برخیا الذى عنده علم من الکتاب بعرش بلقیس بطى الأرض من مکان بعید فى طرفه عین فکیف یستبعد فی حق أمیر المؤمنین علیه السلام الذى عنده علم الکتاب کله حسبما عرفت فى غیر موضع من تضاعیف الشرح حضوره علیه السلام بطى الأرض عند جنازه سلمان مع اختصاصه الخاص به علیه السلام و فوزه درجه السلمان منا أهل البیت.

و قد قال علیه السلام و هو أصدق القائلین فى حال حیاته ما رواه عنه المخالف و المؤالف:

یا حار همدان من یمت یرنی‏ من مؤمن أو منافق قبلا

و بالجمله فالأخبار المذکوره لیس على وضعها دلیل من جهه العقل، و لا من جهه النقل فدعواه مکابره محضه، فبالله التوفیق و علیه التکلان‏[۳].

المجلد السابع من منهاج البراعه فى شرح نهج البلاغه

الثالث‏

فی جمله من الأخبار الموضوعه فأقول:

أما الأخبار الخاصیه

فقد دس فیها بعض الأخبار الموضوعه وضعها الغلاه و المغیریه و الخطابیه و الصوفیه و أمثالهم من أهل الفساد فی العمل و الاعتقاد، و من ذلک اهتم علماؤنا الأخیار غایه الاهتمام بحفظ الأخبار و ضبطها و نقدها و تمیز غثها من سمینها و صحیحها من سقیمها، و قسموها إلى الصحیح و الموثق و الحسن و الضعیف، و صنفوا کتبا فی علم الدرایه و علم الرجال، و قد أشیر إلى ما ذکرنا فی مؤلفات أصحابنا و أخبار أئمتنا سلام الله علیهم.

و ارشدک إلى بعض ما رواه فی البحار من رجال الکشی عن محمد بن قولویه و الحسین بن الحسن بن بندار معا عن سعد عن الیقطینی عن یونس بن عبد الرحمن ان بعض أصحابنا سأله و أنا حاضر فقال له: یا با محمد ما أشدک فی الحدیث و أکثر إنکارک لما یرویه أصحابنا، فما الذى یحملک على رد الأحادیث؟ فقال: حدثنی هشام بن الحکم أنه سمع أبا عبد الله علیه السلام یقول: لا تقبلوا علینا حدیثا إلا ما وافق القرآن و السنه أو تجدون معه شاهدا من أحادیثنا المتقدمه، فان المغیره بن سعید لعنه الله دس فی کتب أصحاب أبی أحادیث لم یحدث بها أبی فاتقوا الله و لا تقبلوا علینا ما خالف قول ربنا تعالى و سنه نبینا محمد صلى الله علیه و آله و سلم، فانا إذا حدثنا قلنا: قال الله عز و جل، و قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، قال یونس: وافیت العراق فوجدت بها قطعه من أصحاب أبی جعفر علیه السلام و وجدت أصحاب أبی عبد الله علیه السلام متوافرین، فسمعت منهم و أخذت کتبهم فعرضتها بعد على أبى الحسن الرضا علیه السلام فأنکر منها أحادیث کثیره أن یکون من أحادیث أبی عبد الله علیه السلام، و قال لی: إن أبا الخطاب کذب على أبی عبد الله علیه السلام فلا تقبلوا علینا خلاف القرآن، فانا إن حدثنا حدثنا بموافقه القرآن و موافقه السنه إنا عن الله تعالى و عن رسوله صلى الله علیه و آله و سلم نحدث، و لا نقول قال فلان و فلان فیتناقض کلامنا إن کلام آخرنا مثل کلام أولنا و کلام أولنا مصداق لکلام آخرنا، و إذا أتاکم من یحدثکم بخلاف ذلک فردوه علیه و قولوا أنت أعلم و ما جئت به، فان مع کل قول منا حقیقه و علیه نور، فما لا حقیقه معه و لا نور علیه فذلک قول الشیطان.

و فى البحار أیضا عن الکشی بهذا الاسناد عن یونس عن هشام بن الحکم أنه سمع أبا عبد الله علیه السلام یقول: کان المغیره بن سعید یتعمد الکذب على أبی و یأخذ کتب أصحابه، و کان أصحابه المستترون بأصحاب أبی یأخذون الکتب من أصحاب أبی فیدفعونها إلى المغیره، فکان یدس فیها الکفر و الزندقه و یسندها إلى أبی‏ ثم یدفعها إلى أصحابه فیأمرهم أن یبثوها فی الشیعه، فکلما کان فی کتب أصحاب أبى من الغلو فذاک مما دسه المغیره بن سعید فی کتبهم.

و فیه أیضا عن الکشی باسناده عن زراره قال: قال یعنی أبا عبد الله علیه السلام:

إن أهل الکوفه نزل فیهم کذاب، أما المغیره فانه یکذب على أبی یعنى أبا جعفر قال: حدثه أن نساء آل محمد إذا حضن قضین الصلاه، و ان و الله علیه لعنه الله ما کان من ذلک شی‏ء و لا حدثه، و أما أبو الخطاب فکذب علی و قال: إنی أمرته أن لا یصلی هو و أصحابه المغرب حتى یروا کواکب کذا، فقال القندانی: و الله إن ذلک لکوکب لا نعرفه.

و أما الاخبار العامیه

فالموضوعه فیها أکثر من أن تحصى، و قد تقدم الاشاره إلى بعضها فی التنبیهات السابقه من الشهید و الشارح المعتزلی و سبق بعضها فی شرح الکلام السابق، و وقعت الاشاره إلى جمله منها فیما رواه فی الاحتجاج.

قال: و روى أن المأمون بعد ما زوج ابنته أم الفضل أبا جعفر علیه السلام کان فی مجلس و عنده أبو جعفر علیه السلام و یحیى بن اکثم و جماعه کثیره.

فقال له یحیى بن اکثم: ما تقول یا ابن رسول الله فی الخبر الذی روی أنه نزل جبرئیل على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فقال: یا محمد إن الله یقرؤک السلام و یقول لک: سل أبا بکر هل هو عنى راض فانی راض عنه.

فقال أبو جعفر علیه السلام: إنى لست بمنکر فضل أبی بکر و لکن یجب على صاحب هذا الخبر أن یأخذه مثل الخبر الذی قاله رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فی حجه الوداع: قد کثرت على الکذابه و استکثر فمن کذب على متعمدا فلیتبوء مقعده من النار، فاذا أتاکم الحدیث فاعرضوه على کتاب الله و سنتى فما وافق کتاب الله و سنتى فخذوا به، و ما خالف کتاب الله و سنتى فلا تأخذوا به، و لیس یوافق هذا الحدیث کتاب الله قال الله تعالى: و لقد خلقنا الإنسان و نعلم ما توسوس به نفسه و نحن أقرب إلیه من حبل الورید فالله تعالى خفى علیه رضا أبی بکر من سخطه حتى سأل عن مکنون‏ سره هذا مستحیل فی العقول.

ثم قال یحیى بن اکثم: و قد روى أن مثل أبی بکر و عمر فی الأرض کمثل جبرئیل و میکائیل فی السماء.

فقال علیه السلام: و هذا أیضا یجب أن ینظر فیه، لأن جبرئیل و میکائیل ملکان مقربان لم یعصیا الله قط و لم یفارقا طاعته لحظه واحده، و هما قد أشرکا بالله عز و جل و إن أسلما بعد الشرک، فکان أکثر أیامهما الشرک بالله فمحال أن یشبها بهما.

قال یحیى: و روى أیضا إنهما سیدا کهول أهل الجنه فما تقول فیه؟

فقال علیه السلام: و هذا الخبر محال أیضا، لأن أهل الجنه کلهم یکونون شابا و لا یکون فیهم کهل، و هذا الخبر وضعه بنو امیه لمضاده الخبر الذى قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فی الحسن و الحسین علیهما السلام: بأنهما سیدا شباب أهل الجنه فقال یحیى بن اکثم: و روى أن عمر سراج أهل الجنه.

فقال علیه السلام: و هذا أیضا محال لأن فی الجنه ملائکه الله المقربین و آدم و محمد صلى الله علیه و آله و سلم، و جمیع الأنبیاء و المرسلین لا تضى‏ء بأنوار حتى تضى‏ء بنور عمر.

فقال یحیى: و قد روى أن السکینه تنطق على لسان عمر.

فقال علیه السلام: لست بمنکر فضله و لکن أبا بکر أفضل من عمر و قد قال على رأس المنبر إن لى شیطانا یعترینی فاذا ملت فسددونى.

فقال یحیى: قد روى أن رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم قال: لو لم ابعث لبعث عمر.

فقال علیه السلام: کتاب الله أصدق من هذا یقول الله فی کتابه‏ و إذ أخذنا من النبیین میثاقهم و منک و من نوح‏ فقد أخذ الله میثاق النبیین، فکیف یمکن أن یبدل میثاقه، و کل الأنبیاء لم یشرکوا بالله طرفه عین فکیف یبعث بالنبوه من أشرک و کان أکثر أیامه مع الشرک بالله، و قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم: نبئت و آدم بین الروح و الجسد.

فقال یحیى بن اکثم: و قد روى أن النبی صلى الله علیه و آله و سلم قال: ما احتبس الوحی عنی‏ قط إلا ظننته قد نزل على آل الخطاب فقال علیه السلام: و هذا أیضا محال لأنه لا یجوز أن یشک النبی صلى الله علیه و آله و سلم فی نبوته قال الله تعالى‏ الله یصطفی من الملائکه رسلا و من الناس‏ فکیف یمکن أن تنتقل النبوه ممن اصطفاه الله إلى من أشرک به قال یحیى: و قد روى ان رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم قال: لو نزل العذاب لما نجى منه إلا عمر بن الخطاب.

فقال علیه السلام: و هذا أیضا محال، لأن الله یقول‏ و ما کان الله لیعذبهم و أنت فیهم و ما کان الله معذبهم و هم یستغفرون‏ فأخبر الله تعالى أنه لا یعذب أحدا ما دام فیهم رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و ما داموا یستغفرون الله تعالى.

و اشیر إلى جمله اخرى أیضا فیما رواه فی البحار من عیون الأخبار عن أبیه و ابن الولید عن محمد العطار و احمد بن ادریس معا عن الأشعری عن صالح بن أبی حماد الرازی عن إسحاق بن حاتم عن إسحاق بن حماد بن زید قال سمعنا یحیى بن اکثم القاضى قال:

أمرنی المأمون باحضار جماعه من أهل الحدیث و جماعه من أهل الکلام و النظر، فجمعت له من الصنفین زهاء أربعین رجلا، ثم مضیت بهم فأمرتهم بالکینونه فی مجلس الحاجب لا علمه بمکانهم، ففعلوا فأعلمته فأمرنى بادخالهم ففعلت فدخلوا و سلموا فحدثهم ساعه و آنسهم ثم قال: إنى أرید أن أجعلکم بینى و بین الله فی هذا الیوم حجه فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصیه الخالق إلا سلطه الله علیه فناظرونى بجمیع عقولکم انى رجل أزعم أن علیا خیر البشر بعد النبی صلى الله علیه و آله و سلم فان کنت مصیبا فصوبوا قولى، و إن کنت مخطئا فردوا على و هلموا فإن شئتم سألتکم و ان شئتم سألتمونى فقال له الذین یقولون بالحدیث: بل نسأل فقال: هاتوا و قلدوا کلامکم رجلا منکم فاذا تکلم فان کان عند أحدکم زیاده فلیزد و إن أتى بخلل فسددوه.

فقال قائل منهم: أما نحن فنزعم أن خیر الناس بعد النبی صلى الله علیه و آله و سلم أبو بکر من قبل أن الروایه المجمع علیها جاءت عن الرسول صلى الله علیه و آله و سلم قال: اقتدوا باللذین من بعدى أبی بکر و عمر، فلما أمر نبى الرحمه بالاقتداء بهما علمنا أنه لم یأمر إلا بالاقتداء بخیر الناس.

فقال المأمون: الروایات کثیره و لا بد من أن یکون کلها حقا أو کلها باطلا أو بعضها حقا و بعضها باطلا، فلو کانت کلها حقا کانت کلها باطلا من قبل أن بعضها ینقض بعضا، و لو کانت کلها باطلا کان فی بطلانها بطلان الدین و دروس الشریعه، فلما بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار و هو أن بعضها حق و بعضها باطل فاذا کان کذلک فلابد من دلیل على ما یحق منها لیعتقد و ینفى خلافه، فاذا کان دلیل الخبر فی نفسه حقا کان أولى ما أعتقد و آخذ به و روایتک هذه من الأخبار التی أدلتها باطله فی نفسها، و ذلک إن رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم أحکم الحکما و أولى الخلق بالصدق و أبعد الناس من الأمر بالمحال و حمل الناس على التدین بالخلاف و ذلک إن هذین الرجلین لا یخلو من أن یکونا متفقین من کل جهه أو مختلفین، فان کانا متفقین من کل جهه کانا واحدا فی العدد و الصفه و الصوره و الجسم، و هذا معدوم أن یکون اثنان بمعنى واحد من کل جهه، و إن کانا مختلفین فکیف یجوز الاقتداء بهما، و هذا تکلیف ما لا یطاق لأنک إذا اقتدیت بواحد خالفت الاخر، و الدلیل على اختلافهما إن ابا بکر سبى أهل الرده و ردهم عمر أحرارا، و أشار عمر إلى أبی بکر بعزل خالد و بقتله بمالک بن نویره فأبى أبو بکر علیه، و حرم عمر المتعه و لم یفعل ذلک أبو بکر، و وضع عمر دیوان العطیه و لم یفعله عمر، و استخلف أبو بکر و لم یفعل ذلک عمر، و لهذا نظایر کثیره.

«قال الصدوق رضى الله عنه فی هذا فصل لم یذکره المأمون لخصمه و هو أنهم لا یرووا أن النبی صلى الله علیه و آله و سلم قال: اقتدوا بالذین من بعدى أبی بکر و عمر، و إنما رووا أبو بکر و عمر و روى أبا بکر و عمر، فلو کانت الروایه صحیحه لکان معنى قوله بالنصب اقتدوا باللذین من بعدى کتاب الله و العتره یا ابا بکر و عمر، و معنى قوله بالرفع اقتدوا أیها الناس و أبو بکر و عمر باللذین من بعدى کتاب الله و العتره» رجعنا إلى حدیث المأمون‏

فقال آخر من أصحاب الحدیث: فان النبی صلى الله علیه و آله و سلم قال: لو کنت متخذا خلیلا لاتخذت أبا بکر خلیلا.

فقال المأمون: هذا مستحیل من قبل أن روایاتکم أنه علیه السلام آخا بین أصحابه و أخر علیا علیه السلام فقال له فی ذلک فقال صلى الله علیه و آله و سلم: ما أخرتک إلا لنفسى، فأى الروایتین تثبت بطلت الأخرى.

قال آخر: إن علیا علیه السلام قال على المنبر: خیر هذه الأمه بعد نبیها أبو بکر و عمر.

قال المأمون: هذا مستحیل من قبل أن النبی صلى الله علیه و آله و سلم لو علم أنهما أفضل ما ولى علیهما مره عمرو بن العاص، و مره اسامه بن زید، و مما یکذب هذه الروایه قول علی علیه السلام: قبض النبی صلى الله علیه و آله و سلم و أنا أولى بمجلسه منى بقمیصى و لکنى أشفقت أن یرجع الناس کفارا. و قوله علیه السلام أنى یکونان خیرا منى و قد عبدت الله عز و جل قبلهما و عبدته بعدهما.

قال آخر: فان أبا بکر أغلق بابه فقال هل من مستقیل فاقیله فقال علی علیه السلام:

قدمک رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم فمن ذا یؤخرک.

فقال المأمون: هذا باطل من قبل أن علیا علیه السلام قعد عن بیعه أبی بکر و رویتم أنه علیه السلام قعد عنها حتى قبضت فاطمه علیها السلام و أنها أوصت أن تدفن لیلا لئلا یشهدا جنازتها، و وجه آخر و هو أنه إن کان النبی صلى الله علیه و آله و سلم استخلفه فکیف کان له أن یستقیل و هو یقول للأنصارى: قد رضیت لکم أحد هذین الرجلین أبا عبیده و عمر.

قال آخر: إن عمرو بن العاص قال: یا رسول الله من أحب الناس إلیک من النساء؟ فقال: عایشه، فقال: من الرجال؟ فقال: أبوها.

فقال المأمون: هذا باطل من قبل أنکم رویتم أن النبی صلى الله علیه و آله و سلم وضع بین یدیه طائر مشوى فقال صلى الله علیه و آله و سلم اللهم ائتنى بأحب خلقک إلیک، فکان علی علیه السلام فأى روایتکم تقبل؟! فقال آخر: فان علیا علیه السلام قال: من فضلنی على أبی بکر جلدته حد المفتری.

قال المأمون: کیف یجوز أن یقول علی علیه السلام اجلد الحد من لا یجب علیه‏ الحد، فیکون متعدیا لحدود الله عز و جل، عاملا بخلاف أمره، و لیس تفضیل من فضله علیه السلام علیهما فریه، و قد رویتم عن إمامکم أنه قال: ولیتکم و لست بخیرکم فأى الرجلین أصدق عندکم أبو بکر على نفسه أو علی علیه السلام على أبی بکر مع تناقض الحدیث فی نفسه، و لا بد له من قوله من أن یکون صادقا أو کاذبا، فان کان صادقا فانى عرف ذلک بالوحی فالوحی منقطع أو بالنظر فالنظر متحیر منحت، و إن کان غیر صادق فمن المحال أن یلی أمر المسلمین و یقوم بأحکامهم و یقیم حدودهم و هو کذاب.

قال آخر: فقد جاء أن النبی صلى الله علیه و آله و سلم قال: إن أبا بکر و عمر سیدا کهول أهل الجنه.

قال المأمون: هذا الحدیث محال لأنه لا یکون فی الجنه کهل، و یروى أن أشجعیه کانت عند النبی فقال صلى الله علیه و آله و سلم: لا یدخل الجنه عجوز فبکت، فقال النبی صلى الله علیه و آله و سلم:

إن الله عز و جل یقول‏ إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبکارا عربا أترابا فان زعمتم أن أبا بکر ینشأ شابا إذا دخل الجنه فقد رویتم أن النبی صلى الله علیه و آله و سلم قال للحسن و الحسین: إنهما سیدا شباب أهل الجنه من الأولین و الاخرین و أبوهما خیر منهما.

قال آخر: قد جاء أن النبی صلى الله علیه و آله و سلم قال: لو لم أبعث فیکم لبعث عمر.

قال المأمون: هذا محال لأن الله عز و جل یقول‏ إنا أوحینا إلیک کما أوحینا إلى نوح و النبیین من بعده‏ و قال عز و جل‏ و إذ أخذنا من النبیین میثاقهم و منک و من نوح و إبراهیم و موسى و عیسى ابن مریم‏ فهل یجوز أن یکون من لم یؤخذ «منه خ» میثاقه على النبوه مبعوثا و من أخذ میثاقه على النبوه مؤخرا.

قال آخر: إن النبی صلى الله علیه و آله و سلم نظر إلى عمر یوم عرفه فتبسم و قال: إن الله تعالى باهى بعباده عامه و بعمر خاصه.

فقال المأمون: فهذا مستحیل من قبل أن الله تعالى لم یکن لیباهی بعمر و یدع نبیه علیه السلام فیکون عمر فى الخاصه و النبی صلى الله علیه و آله و سلم فی العامه، و لیست هذه الروایه بأعجب من روایتکم أن النبی صلى الله علیه و آله و سلم قال: دخلت الجنه فسمعت خفق نعلین فاذا بلال مولى أبی بکر قد سبقنی إلى الجنه، و إنما قالت الشیعه علی علیه السلام خیر من أبی بکر فقلتم عبد أبی بکر خیر من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم لأن السابق أفضل من المسبوق، و کما رویتم أن الشیطان یفر من حس عمر، و ألقی على لسان النبى صلى الله علیه و آله و سلم إنهن الغرانیق العلی ففر من عمر، و ألقی على لسان النبی صلى الله علیه و آله و سلم بزعمکم الکفر.

قال آخر: قال النبی صلى الله علیه و آله و سلم: لو نزل العذاب ما نجی إلا عمر بن الخطاب.

قال المأمون: هذا خلاف الکتاب أیضا، لأن الله عز و جل یقول‏ و ما کان الله لیعذبهم و أنت فیهم‏ فجعلتم عمر مثل الرسول صلى الله علیه و آله و سلم.

قال آخر: فقد شهد النبی صلى الله علیه و آله و سلم لعمر بالجنه فی عشره من الصحابه.

فقال: لو کان هذا کما زعمت کان عمر لا یقول لحذیفه: نشدتک بالله امن المنافقین أنا، فان کان قال له: أنت من أهل الجنه و لم یصدقه حتى زکاه حذیفه و صدق حذیفه و لم یصدق النبی فهذا على غیر الاسلام، و إن کان قد صدق النبی صلى الله علیه و آله و سلم فلم سأل حذیفه؟ و هذان الخبران متناقضان فی أنفسهما.

فقال آخر: فقد قال النبی صلى الله علیه و آله و سلم: وضعت امتی فی کفه المیزان و وضعت فی اخرى فرجحت بهم، ثم مکانی ابو بکر فرجح بهم، ثم عمر فرجح، ثم رفع المیزان.

فقال المأمون: هذا محال من قبل أنه لا یخلو من أن یکون أجسامهما أو أعمالهما، فان کانت الأجسام فلا یخفى على ذى روح أنه محال، لأنه لا یرجح أجسامها بأجسام الأمه، و إن کانت أفعالهما فلم یکن بعد فکیف یرجح بما لیس، و خبرونی بما یتفاضل الناس؟

فقال بعضهم: بالأعمال الصالحه قال: فأخبرونی فمن فضل صاحبه على عهد النبی صلى الله علیه و آله و سلم ثم إن المفضول عمل بعد وفاه النبی صلى الله علیه و آله و سلم بأکثر من عمل الفاضل على عهد النبی صلى الله علیه و آله و سلم أ یلحق به؟ فان قلتم: نعم أوجدتکم فی عصرنا هذا من هو أکثر جهادا و حجا و صوما و صلاه و صدقه من أحدهم.

قالوا: صدقت لا یلحق فاضل دهرنا فاضل عصر النبی صلى الله علیه و آله و سلم.

قال المأمون: فانظروا فیما رویت عن أئمتکم الذین أخذتم عنهم أدیانکم فى فضایل علی علیه السلام و قائسوا إلیها ما رووا فی فضایل تمام العشره الذین شهدوا لهم بالجنه فان کانت جزء من أجزاء کثیره فالقول قولکم، و ان کانوا قد رووا فی فضایل علی علیه السلام أکثر فخذوا عن أئمتکم ما رووا و لا تعدوه.

قال: فأطرق القوم جمیعا.

فقال المأمون: ما لکم سکتم؟

قالوا: استقصینا.

أقول: هذا أنموذج من أحادیثهم الموضوعه التی هی خارجه عن حد الاحصاء

الرابع‏

لا ریب فی جواز نقل الحدیث بالمعنی، و یدل علیه أخبار کثیره.

و تفصیل القول فی ذلک على ما حققه المحدث العلامه المجلسی ره أنه إذا لم یکن المحدث عالما بحقایق الألفاظ و مجازاتها و منطوقها و مفهومها و مقاصدها لم تجز له الروایه بالمعنى بغیر خلاف، بل یتعین اللفظ الذى سمعه إذا تحققه و إلا لم تجز له الروایه.

و أما إذا کان عالما بذلک.

فقد قال طایفه من العلماء لا یجوز هی، لأن لکل ترکیب معنی بحسب الوصل و الفصل و التقدیم و التأخیر و غیر ذلک لو لم یراع ذلک لذهبت مقاصدها، بل لکل کلمه مع صاحبتها خاصیه مستقله کالتخصیص و الاهتمام و غیرهما، و کذا الألفاظ المشترکه و المترادفه، و لو وضع کل موضع الاخر لفات المعنی المقصود، و من ثم قال النبی صلى الله علیه و آله و سلم: نصر الله عبدا سمع مقالتی و حفظها و وعاها و أداها فرب حامل فقه غیر فقیه و رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. و کفى هذا الحدیث شاهدا بصدق ذلک.

و اکثر الأصحاب جوزوا ذلک مطلقا مع حصول الشرائط المذکوره، و قالوا کلما ذکرتم خارج عن موضوع البحث لأنها إنما جوزنا لمن یفهم الألفاظ و یعرف خواصها و مقاصدها و یعلم عدم اختلال المراد بها فیما أداه.

و قد ذهب جمهور السلف و الخلف من الطوایف کلها إلى جواز الروایه بالمعنی إذا قطع بأداء المعنی بعینه، لأنه من المعلوم أن الصحابه و أصحاب الأئمه علیهم السلام لم یکونوا یکتبون الأحادیث عند سماعها، و یبعد بل یستحیل عاده حفظهم جمیع الألفاظ على ما هی علیه، و قد سمعوها مره واحده خصوصا فی الأحادیث الطویله مع تطاول الأزمنه و لهذا کثیرا ما یروى عنهم المعنی الواحد بألفاظ مختلفه و لم ینکر ذلک علیهم و لا یبقی لمن تتبع الأخبار فی هذا شبهه و یدل علیه أیضا ما رواه الکلینی عن محمد بن یحیى عن محمد بن الحسین عن ابن أبی عمیر عن ابن اذینه عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبی عبد الله علیه السلام: أسمع الحدیث منک فازید و أنقص؟ فقال علیه السلام: إن کنت ترید معانیه فلا بأس.

نعم لا مریه فی أن روایته بلفظه أولى على کل حال لا سیما فی هذه الأزمان لبعد العهد و فوت القراین و تغیر المصطلحات.

و قد روى الکلینی عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن منصور بن یونس عن أبی بصیر قال: قلت لأبی عبد الله علیه السلام: قول الله جل ثناؤه‏ الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه‏ قال: هو الرجل یسمع الحدیث فیحدث به کما سمعه لا یزید فیه و لا ینقص‏

تذنیب‏

قال بعض الأفاضل: نقل المعنی إنما جوزوه فی غیر المصنفات، أما المصنفات فقد قال أکثر الأصحاب: لا یجوز حکایتها و لا نقلها بالمعنی و لا تغییر شی‏ء منها على ما هو المتعارف‏

تکمله

هذا الکلام لأمیر المؤمنین علیه السلام مروى فی البحار من خصال الصدوق «قد» عن‏ أبیه عن على عن أبیه عن حماد بن عیسى عن إبراهیم بن عمر الیمانى و عمر بن اذینه عن أبان بن أبی عیاش عن سلیم بن قیس الهلالی قال:

قلت لأمیر المؤمنین علیه السلام: یا أمیر المؤمنین إنى سمعت من سلمان و المقداد و أبى ذر شیئا من تفسیر القرآن و أحادیث عن نبى الله صلى الله علیه و آله و سلم غیر ما فى أیدى الناس ثم سمعت منک تصدیق ما سمعت منهم و رأیت فى أیدى الناس شیئا کثیرا من تفسیر القرآن و أحادیث عن نبى الله صلى الله علیه و آله و سلم أنتم تخالفونهم فیها و تزعمون أن ذلک کله باطل أفترى الناس یکذبون على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم معتمدین و یفسرون القرآن بارائهم؟

قال: فأقبل علی علیه السلام على فقال: قد سألت فافهم الجواب: إن فی أیدى الناس حقا و باطلا و صدقا و کذبا و ناسخا و منسوخا و عاما و خاصا و محکما و متشابها و حفظا و وهما، و قد کذب على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم على عهده حتى قام خطیبا فقال:

أیها الناس قد کثرت على الکذابه فمن کذب على متعمدا فلیتبوء مقعده من النار، ثم کذب علیه من بعده.

إنما أتاکم الحدیث من أربعه لیس لهم خامس:

رجل منافق یظهر الإیمان متصنع بالاسلام لا یتأثم و لا یتحرج أن یکذب على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق کذاب لم یقبلوا منه و لم یصدقوه، و لکنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و رآه و سمع منه، فأخذوا منه و هم لا یعرفون حاله، و قد أخبر الله عز و جل عن المنافقین بما أخبره و وصفهم بما وصفهم فقال عز و جل‏ و إذا رأیتهم تعجبک أجسامهم و إن یقولوا تسمع لقولهم‏ ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمه الضلاله و الدعاه إلى النار بالزور و الکذب و البهتان، فولوهم الأعمال و ولوهم على رقاب الناس و أکلوا بهم الدنیا و إنما الناس مع الملوک و الدنیا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعه.

و رجل سمع من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم شیئا لم یحفظه على وجهه و وهم فیه و لم یتعمد کذبا، فهو فی یده یقول به و یعمل به و یرویه و یقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، فلو علم المسلمون أنه و هم لم یقبلوه، و لو علم هو أنه و هم لرفضه.

و رجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم شیئا أمر به ثم نهى عنه و هو لا یعلم أو سمعه ینهى عن شی‏ء ثم أمر به و هو لا یعلم، فحفظ منسوخه و لم یحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، و لو علم المسلمون أنه منسوخ لرفضوه.

و آخر رابع لم یکذب على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم مبغض للکذب خوفا من الله عز و جل و تعظیما لرسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، لم یسه بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به کما سمع لم یزد فیه و لم ینقص منه، و علم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ و رفض المنسوخ.

و إن أمر النبی صلى الله علیه و آله و سلم مثل القرآن ناسخ و منسوخ و خاص و عام و محکم و متشابه، و قد کان یکون من رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم الکلام له وجهان: کلام عام و کلام خاص، و قال الله عز و جل فی کتابه «ما آتیکم الرسول فخذوه و ما نهیکم عنه فانتهوا» فیشتبه على من لم یعرف و لم یدر ما عنى الله به و رسوله، و لیس کل أصحاب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم یسأله عن الشی‏ء فیفهم کان منهم من یسأله و لا یستفهم، حتى کانوا لیحبون أن یجی‏ء الاعرابی الطارئ، فیسأل رسوله الله صلى الله علیه و آله و سلم حتى یسمعوا و کنت أدخل على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم کل یوم دخله فیخلینی فیها أدور معه حیثما دار، و قد علم أصحاب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم أنه لم یصنع ذلک بأحد من الناس غیرى، و ربما کان ذلک فی شی‏ء یأتینی رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم أکثر ذلک فی بیتی و کنت إذا دخلت علیه بعض منازله أخلانی و أقام عنى نساءه فلا یبقى عنده غیرى، و إذا أتانی للخلوه معى فی بیتی لم تقم عنه فاطمه و لا أحد من بنى و کنت إذا سألته أجابنى، و إذا سکت عنه و فنیت مسائلى ابتدأنی.

فما نزلت على رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم آیه من القرآن إلا أقرأنیها و أملاها على فکتبتها بخطی و علمنی تأویلها و تفسیرها و ناسخها و منسوخها و محکمها و متشابهها و خاصها و عامها، و دعا الله لی أن یعطینی فهمها و حفظها، فما نسیت آیه من کتاب الله و لا علما أملاه على و کتبته منذ دعا الله لی بما دعاه.

و ما ترک شیئا علمه الله من حلال و لا حرام أمر و لا نهى کان أو یکون و لا کتاب‏ منزل على أحد قبله فی أمر بطاعه أو نهى عن معصیه إلا علمنیه و حفظنیه «حفظته» فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع یده على صدرى و دعا الله لی أن یملاء قلبی علما و فهما و حکما و نورا، فقلت: یا نبی الله بأبی أنت و أمی إنی منذ دعوت الله عز و جل لی بما دعوت لم أنس شیئا و لم یفتنی شی‏ء لم أکتبه أفتتخوف على النسیان فیما بعد؟ فقال: لا لست أخاف علیک النسیان و لا الجهل.

و رواه فی الکافی أیضا عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن حماد بن عیسى عن إبراهیم بن عمر الیمانی عن أبان بن أبی عیاش عن سلیم بن قیس مثله.

و رواه فی البحار أیضا من کتاب الغیبه للنعمانی عن ابن عقده و محمد بن همام و عبد العزیز و عبد الواحد ابنا عبد الله بن یونس عن رجالهم عن عبد الرزاق و همام عن معمر بن راشد عن أبان بن أبی عیاش عن سلیم مثله.

و رواه فی الاحتجاج عن مسعده بن صدقه عن جعفر بن محمد علیهما السلام قال:

خطب أمیر المؤمنین علیه السلام فقال: سمعت رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم یقول: کیف أنتم إذا البستم الفتنه ینشؤ فیها الولید، و یهرم فیها الکبیر، و یجرى الناس علیها حتى یتخذوها سنه، فاذا غیر منها شی‏ء قیل أتى الناس بمنکر غیرت السنه، ثم تشتد البلیه و تنشؤ فیها الذریه و تدقهم الفتن کما تدق النار الحطب و کما تدق الرحى بثفالها، فیومئذ یتفقه الناس لغیر الدین و یتعلمون لغیر العمل و یطلبون الدنیا بعمل الاخره ثم أقبل أمیر المؤمنین علیه السلام و معه ناس من أهل بیته و خاص من شیعته فصعد المنبر و حمد الله و أثنى علیه و صلى على محمد رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم ثم قال:

لقد عملت الولاه قبلی بأمور عظیمه خالفوا فیها رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم متعمدین لذلک و لو حملت الناس على ترکها و حولتها إلى مواضعها التى کانت علیها على عهد رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم لتفرق عنى جندى حتى أبقى وحدى إلا قلیلا من شیعتى الذین عرفوا فضلى و امامتى من کتاب الله و سنه نبیه صلى الله علیه و آله و سلم أرأیتم لو أمرت بمقام إبراهیم علیه السلام فرددته إلى المکان الذى وضعه فیه‏

رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و رددت فدک إلى ورثه فاطمه علیهما السلام و رددت صاع رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و مده إلى ما کان، و أمضیت قطایع کان رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم أقطعها للناس مسمین ورددت دار جعفر بن أبی طالب إلى ورثته و هدمتها من المسجد، و رددت الخمس إلى أهله، و رددت قضاء کل من قضى بجور، و رددت سبى ذرارى بنى تغلب، و رددت ما قسم من أرض خیبر، و محوت دیوان العطاء و أعطیت کما کان یعطى رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم و لم أجعلها دوله بین الأغنیاء.

و الله لقد أمرت الناس أن لا یجتمعوا «یجمعوا خ» فى شهر رمضان إلا فی فریضه فنادى بعض أهل عسکرى ممن یقاتل سیفه معى انعى به الاسلام و أهله: غیرت سنه عمر و نهى أن یصلى فى شهر رمضان فى جماعه حتى خفت أن یثور فى ناحیه عسکرى ما لقیت و لقیت هذه الامه من أئمه الضلاله و الدعاه إلى النار.

و أعظم من ذلک سهم ذوى القربى قال الله «و اعلموا أنما غنمتم من شی‏ء فأن لله خمسه و للرسول و لذى القربى و الیتامى و المساکین و ابن السبیل- منا خاصه- إن کنتم آمنتم بالله و ما أنزلنا على عبدنا یوم الفرقان» نحن و الله عنى بذوى القربى الذین قرنهم الله بنفسه و نبیه صلى الله علیه و آله و سلم و لم یجعل لنا فى الصدقه نصیبا أکرم الله نبیه صلى الله علیه و آله و سلم و أکرمنا أن یطعمنا أوساخ أیدى الناس.

فقال له علیه السلام رجل: إنى سمعت من سلمان و أبى ذر و المقداد شیئا من تفسیر القرآن و الروایه عن النبى صلى الله علیه و آله و سلم و سمعت منک تصدیق ما سمعت منهم- ثم ساق الحدیث نحوا مما مر إلى قوله- حتى أن کانوا لیحبون أن یجی‏ء الاعرابى أو الطارئ فیسأله حتى یسمعوا، و کان لا یمر بى من ذلک شی‏ء إلا سألته و حفظته، فهذه وجوه ما علیه الناس فی اختلافهم و عللهم فی روایاتهم.

الترجمه

از جمله کلام آن إمام متقین است در حالتى که سؤال کرد از او سؤال کننده از حدیثهاى بدعتها و از آن خبرى که در دست مردمان است از اختلاف أخبار نبویه پس فرمود:

بتحقیق که در دست مردم حق است و باطل است و راست است و دروغ است و ناسخ است و منسوخ است و محکم است که معنى آن ظاهر و متشابه است که معنى آن مشتبه و محفوظ است از تحریف و زیاده و نقصان و موهوم است که غیر محفوظ از خطا و خلل و غلط بوده، و بتحقیق که دروغ بسته شد بر رسول خدا صلى الله علیه و آله و سلم در حال حیاه تا این که برخاست در حالتی که خطبه خواند پس فرمود: کسى که دروغ بندد بر من عمدا پس باید منزل دهد جاى نشیمن خود را در آتش جهنم، و جز این نیست آورد بتو حدیث را چهار کس که نیست پنجمى از براى آنها:

اول کسى است که منافق است که ظاهر ساخته ایمان را و بخود بسته اسلام را، پرهیز ندارد از گناه و باک نمى ‏کند از تنگى معصیت دروغ مى ‏بندد بر رسول خدا صلى الله علیه و آله و سلم از روى عمد، پس اگر بدانند مردمان که او منافق و دروغ‏گو است قبول نمى ‏کنند از او، و تصدیق نمى ‏کنند قول او را، و لیکن ایشان مى‏ گویند که این شخص مصاحب رسول خدا است دیده است او را و شنیده است از او و أخذ نموده از او، پس فرا گیرند قول او را، و بتحقیق که خبر داده است تو را خداى تعالى در قرآن از حال منافقان به آن چیز که خبر داده، و وصف فرموده ایشان را بان چیز که وصف کرده است از براى تو، پس باقى ماندند آن منافقان بعد از رحلت حضرت رسول صلى الله علیه و آله و سلم و تقرب جستند بسوى امامان ضلالت و گمراهى و دعوت کنندگان بسوى آتش جهنم بسبب دروغ و بهتان گفتن بر رسول خدا صلى الله علیه و آله و سلم، پس گردانیدند ایشان را صاحبان اختیار کارها و حاکمان بر مردان، و خوردند با دست یکى بودن ایشان مالها را، و جز این نیست که مردمان مایلند بپادشاهان و راغبند بدنیا مگر کسى که حفظ نماید او را خدا، پس این کس یکى از آن چهار کس است.

دویمى کسى است که شنید از حضرت رسول صلى الله علیه و آله و سلم چیزى را که حفظ نکرد آنرا با وجهى که پیغمبر فرموده بود، پس غلط کرد در آن و عمدا دروغ نگفت پس آن حدیث که شنیده بود در دست او بود و روایت میکرد آنرا و عمل مى ‏نمود بان و مى ‏گفت که من شنیده‏ ام آنرا از رسول خدا صلى الله علیه و آله و سلم، پس اگر مى‏ دانستند مسلمانان که او غلط کرده است در آن قبول نمى ‏کردند آن حدیث را از او، و اگر مى‏ دانست آن کس که آن حدیث همچنین است هر آینه ترک مى‏ نمود آنرا.

و شخص سیمى شنید از حضرت رسالتماب صلى الله علیه و آله و سلم چیزى را که أمرى نمود بان پس نهى فرمود آن و آن شخص ندانست نهى آنرا، یا این که شنید که رسول خدا صلى الله علیه و آله و سلم نهی می کرد از چیزى پس أمر فرمود بان و آن شخص ندانست امر به آن را پس حفظ نمود منسوخ را که حکم أولیست و حفظ نکرد ناسخ را که حکم ثانوى بود، پس اگر مى‏دانست که حکم أولى منسوخ است هر آینه ترک میکرد آن حکم را، و اگر مسلمانان مى‏ دانستند وقتى که از او شنیدند آنرا که آن منسوخ است هر آینه ترک مى‏کردند آنرا.

و شخص دیگر چهارمى است که دروغ نگفته بر خداى تعالى و نه بر رسول خدا، دشمن دارنده دروغست از جهت ترس خدا و تعظیم رسول خدا، و توهم و غلط نکرده است بلکه حفظ نموده آنچه که شنیده است بر وجهى که شنیده است پس آورد آنرا یعنى روایت نمود بهمان قرار شنیده شده بدون زیاده و نقصان، پس حفظ کرده ناسخ را و عمل کرده بان، و حفظ کرده منسوخ را و اجتناب نموده از آن، و شناخته است خاص و عام را پس گذاشته هر خبر را در مکان خود، و شناخته متشابه و محکم را و گاهى بود که صادر مى‏شد از رسول خدا صلى الله علیه و آله و سلم کلامیکه از براى او دو وجه بود پس کلامى که مخصوص بود و کلامى که عموم داشت پس مى‏شنید آنرا کسى که نمى‏شناخت آنچه را که قصد کرده بود خدا بان و نه آنچه را قصد کرده بود بان رسول خدا صلى الله علیه و آله و سلم پس حمل مى‏نمود سامع آن کلام را و توجیه مى‏نمود آنرا بدون معرفت بمعناى آن و به آن چه که قصد شده بان و به آن چه که صادر شده آن کلام از براى آن.

و نبودند جمیع صحابه رسول خدا صلى الله علیه و آله و سلم که سؤال کنند از او و طلب فهم‏ نمایند از آن تا این که دوست مى‏ داشتند این که بیاید عرب بادیه نشینى یا غریب تازه واردى پس سؤال کند از او علیه السلام تا این که بشنوند جواب را، و بود که نمى‏گذشت بمن در کلام حضرت رسول صلى الله علیه و آله و سلم خبرى مگر این که مى‏ پرسیدم رسول خدا را از آن و حفظ مى ‏نمودم آنرا.

پس این است وجه هاى آن چیزى که بودند مردمان بر آن در مختلف شدن ایشان و علتهاى ایشان در اختلاف روایات ایشان.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

بازدیدها: ۱۲۱

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۰۸ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۲۰۹ صبحی صالح

۲۰۹- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) بالبصره و قد دخل على العلاء بن زیاد الحارثی و هو من أصحابه یعوده، فلما رأى سعه داره قال:

مَا کُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَهِ هَذِهِ الدَّارِ فِی الدُّنْیَا وَ أَنْتَ إِلَیْهَا فِی الْآخِرَهِ کُنْتَ أَحْوَجَ وَ بَلَى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الْآخِرَهَ تَقْرِی فِیهَا الضَّیْفَ وَ تَصِلُ فِیهَا الرَّحِمَ وَ تُطْلِعُ مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا فَإِذاً أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا الْآخِرَهَ

فَقَالَ لَهُ الْعَلَاءُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَشْکُو إِلَیْکَ أَخِی عَاصِمَ بْنَ زِیَادٍ قَالَ وَ مَا لَهُ قَالَ لَبِسَ الْعَبَاءَهَ وَ تَخَلَّى عَنِ الدُّنْیَا قَالَ عَلَیَّ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ یَا عُدَیَّ نَفْسِهِ لَقَدِ اسْتَهَامَ بِکَ الْخَبِیثُ أَ مَا رَحِمْتَ أَهْلَکَ‏

وَ وَلَدَکَ أَ تَرَى اللَّهَ أَحَلَّ لَکَ الطَّیِّبَاتِ وَ هُوَ یَکْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِکَ

قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا أَنْتَ فِی خُشُونَهِ مَلْبَسِکَ وَ جُشُوبَهِ مَأْکَلِکَ قَالَ

وَیْحَکَ إِنِّی لَسْتُ کَأَنْتَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّهِ الْعَدْلِ أَنْ یُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَهِ النَّاسِ کَیْلَا یَتَبَیَّغَ بِالْفَقِیرِ فَقْرُهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۳  

و من کلام له علیه السلام بالبصره و هو المأتان و الثامن من المختار فى باب الخطب‏
و هو مروى فی شرح المعتزلی باختلاف تعرفه إنشاء الله، و روى بعض فقراته فی الکافی أیضا مسندا بسند نذکره فی التکمله الاتیه.
قال الرضی رضی الله عنه: و قد دخل على العلاء بن زیاد الحارثی و هو من أصحابه یعوده فلما رأى سعه داره قال علیه السلام:
ما کنت تصنع بسعه هذه الدار فی الدنیا، أما أنت إلیها فی الاخره
کنت أحوج، و بلى إن شئت بلغت بها الاخره تقری فیها الضیف، و تصل فیها الرحم، و تطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الاخره. فقال له علیه السلام العلاء یا أمیر المؤمنین أشکو إلیک أخی عاصم بن زیاد قال علیه السلام: و ما له؟ قال: لبس العباء و تخلى من الدنیا، قال علیه السلام: علی به فلما جاء قال:
یا عدی نفسه، لقد استهام بک الخبیث، أ ما رحمت أهلک و ولدک، أ ترى الله أحل لک الطیبات و هو یکره أن تأخذها، أنت أهون على الله من ذلک، قال: یا أمیر المؤمنین هذا أنت فی خشونه ملبسک و جشوبه مأکلک، قال علیه السلام: ویحک إنی لست کأنت، إن الله تعالى فرض على أئمه الحق أن یقدروا أنفسهم بضعفه الناس کیلا یتبیغ بالفقیر فقره.

اللغه

(وسع) المکان القوم و وسع المکان یسع أى اتسع یتعدى و لا یتعدى و المصدر سعه بفتح السین و به قرء السبعه فی قوله تعالى‏ و لم یؤت سعه من المال‏ و کسرها لغه و به قرء بعض التابعین قال الفیومی قیل: الأصل فی المضارع الکسر و لهذا حذفت الواو لوقوعها بین یاء مفتوحه و کسره ثم فتحت بعد الحذف لمکان حرف الحلق، و مثله یهب و یقع و یدع و یلغ و یطأ و یضع، و الحذف فی یسع و یطأ مما ماضیه مکسور شاذ لأنهم قالوا: فعل بالکسر مضارعه یفعل بالفتح‏ و استثنوا أفعالا لیست هذه منها.

(و قریت) الضعیف أقریه من باب رمى و (عدى نفسه) تصغیر عدو و أصله عدیو و فحذفت إحدى الواوین و قلبت الثانیه یاء تخفیفا ثم ادغمت یاء التصغیر فیها و (هام) یهیم خرج على وجهه لا یدرى أین یتوجه فهو هائم و استهام بک أى جعلک هائما، و قال الشارح البحرانی: اى أذهبک لوجهک و زین لک الهیام و هو الذهاب فی التیه.

و (الملبس) و (المأکل) مصدران بمعنى المفعول، و طعام (جشب) و مجشوب غلیظ و قیل الذى لا ادام معه و (أئمه الحق) فی بعض النسخ أئمه العدل بدله و (یقدروا) أنفسهم فی بعض النسخ بالتخفیف مضارع قدر من باب ضرب و فی بعضها بالتثقیل و المعنى واحد مأخوذان من القدر بمعنى التضییق قال تعالى‏ الله یبسط الرزق لمن یشاء و یقدر* له أو بمعنى قیاس الشی‏ء بالشی‏ء و یقال أیضا هذا قدر هذا و قدره أى مماثله و (البیغ) ثوران الدم و تبیغ علیه الأمر اختلط و الدم هاج و غلب.

الاعراب‏

قوله: ما کنت تصنع، کان هنا زایده کما فی قوله تعالى‏ کیف نکلم من کان فی المهد صبیا و قوله: أما أنت اه أما حرف استفتاح یبدء بها الکلام و فایدتها المعنویه توکید مضمون الجمله التی بعدها قال نجم الأئمه: و کأنها مرکبه من همزه الانکار و حرف النفى و الانکار نفى و نفى النفى إثبات رکب الحرفان لافاده الاثبات و التحقیق و فایدتها اللفظیه کون الکلام بعدها مبتدأ به، و فی بعض النسخ ما أنت بدل أما أنت و علیه فتکون ما موصوله بدلا من الدار أو من سعه و الأول أظهر.
و قوله إلیها متعلق بقوله أحوج، و کذا قوله: فى الاخره، و قوله: و بلى استدراک عن الجمله السابقه قال الفراء أصلها بل زیدت علیها الألف للوقف، و قال نجم الأئمه: لفظه بل التی تلیها الجمل للانتقال من جمله إلى اخرى أهم من الاولى، قال: و تجى‏ء بعد الاستفهام أیضا کقوله: أ تأتون الذکران‏ إلى قوله‏ بل أنتم قوم عادون‏.
أقول: و یکون بلى هنا بمعنى الاستدراک ادخلت علیها الواو کما تدخل على لکن، و یجوز جعلها عاطفه للجمله على الجمله و لکن جعلها اعتراضیه أظهر من حیث المعنى.
و جمله تقرى فیها الضیف یجوز أن تکون حالا من قوله بها، و یجوز أن تکون استینافا بیانیا فانه علیه السلام لما قال له: إن شئت بلغت بها، فکأنه سئل عن کیفیه البلاغ فقال: تقرى فیها.

و قوله: على به، اسم فعل أى ایتونى به قال نجم الأئمه: یقال علیک زیدا أى خذه کأن الأصل علیک أخذه و أما علی بمعنى ادلنى فهو مخالف للقیاس من وجه آخر إذ هو أمر لکن الضمیر المجرور به فی معنى المفعول یقال علی زیدا أى قر بنیه و القیاس أن یکون المجرور فاعلا، و قوله: یا عدى نفسه یحتمل أن یکون التصغیر للتحقیر، و أن یکون للتعظیم کما فى قول الشاعر:

و دیهیه تصفر منها الأنامل‏

و جمله: لقد استهام بک، جواب قسم مقدر و الباء زایده، و أما رحمت، حرف تندیم و استفهام توبیخی أ ترى الله استفهام توبیخی، و قوله هذا أنت فی خشونه ملبسک الظرف حال من أنت لأنه فی المعنى مفعول لمدلول هذا أى اشیر إلیک حال کونک فی خشونه اه و مثل ذلک قوله تعالى‏ هذا بعلی شیخا أى انبه علیه أو اشیر إلیه شیخا.

المعنى‏

اعلم أن هذا الکلام‏ قاله‏ بالبصره و قد دخل على العلاء بن زیاد الحارثى و هو من أصحابه یعوده‏ و یتفقد حاله لمرضه‏ فلما رأى علیه السلام سعه داره قال: استفهام توبیخی- استفهام انکارى (ما کنت تصنع بسعه هذه الدار فی الدنیا) استفهام وارد معرض التوبیخ و الانکار لما صنعه لمنافاته الزهد المطلوب و لما نبه على ذلک أردفه بقوله‏ (أما أنت إلیها فی الاخره کنت أحوج) تنبیها له على کون السعه محتاجا إلیها فی الاخره مزید الاحتیاج، و ذلک لکون الدنیا دار فناء و انقطاع و الاخره دار قرار و بقاء، و معلوم أن إصلاح المقر أولى من الممر، و الحاجه إلیه فیه أزید و أشد.

ثم استدرک بقوله‏ (و بلى إن شئت بلغت بها الاخره) یعنى أنک بعد ما فرطت فی توسعتها و بنائها یمکن لک تدارک ذلک بأن تجعلها بلاغا و وصله و وسیله إلى اتساع الدار الاخره بأن‏ (تقرى فیها الضیف و تصل فیها الرحم) و القرابه (و تطلع منها الحقوق مطالعها) أى تخرج فیها الحقوق المالیه الواجبه و المندوبه من الخمس و الزکاه و الصدقات و صنایع المعروف و الحق المعلوم للسائل و المحروم و سایر وجوه البر المقربه إلى الله سبحانه و تضعها فی مواضعها اللایقه و تصرفها فی مصارفها المستحقه.

و قال الشارح البحرانی: مطالع الحقوق وجوهها الشرعیه المتعلقه به کالزکاه و الصدقه و غیرهما، و الأظهر بل الأولى ما ذکرناه.
و کیف کان فالمراد أنک إن أتیت فیها بالقربات و الحسنات و أقمت باخراج الحقوق المفروضات و المندوبات‏ (فاذا أنت قد بلغت بها الاخره) و احملت «جمعت ظ» بینها و بین الدنیا (فقال له العلاء یا أمیر المؤمنین أشکو إلیک أخی عاصم بن زیاد قال و ما له قال لبس العباء و تخلى من الدنیا).

قیل: المراد بلبس العباء جعلها شعارا أو ترک القطن و نحوه و الاکتفاء بلبسها فی الصیف و الشتاء و فی وصیه النبی صلى الله علیه و آله و سلم لأبی ذر: یکون فی آخر الزمان قوم یلبسون الصوف فی صیفهم و شتائهم یرون لهم بذلک الفضل على غیرهم اولئک یلعنهم ملائکه السماوات و الأرض، انتهى.
أقول: و الأظهر أن المراد أنه اقتصر بلبس العباء و ترک‏ الدنیا بالمره و لم یأخذ منها سواها.

(قال علیه السلام على به) أى ائتونی به و احضروه لدى‏ (فلما جاء قال علیه السلام یا عدى نفسه).
قال الشارح البحرانی: صغره استصغارا له باعتبار أن شیطانه لم یقده إلى کبیره بل قاده إلى أمر و إن کان خارجا به عن الشریعه إلا أنه قریب من السلامه و دخل علیه بالخدعه فی رأى الصالحین، و قیل: بل صغره من جهه حقاره فعله ذلک‏لکونه عن جهل منه، انتهى.

و الأظهر أن یکون التصغیر للتعظیم، و الغرض منه استعظامه لعداوته لها باعتبار ظلمه علیها، و ذلک لأن لنفسه و لکل من جوارحه علیه حقا و قد روینا فی شرح الخطبه التاسعه و الثمانین فی ضمن أخبار محاسبه النفس من الوسایل من الخصال و معانی الأخبار عن عطا عن أبی ذر عن النبی صلى الله علیه و آله و سلم فی حدیث قال: و على العاقل ما لم یکن مغلوبا أن تکون له ساعات: ساعه یناجی فیها ربه، و ساعه یحاسب فیها نفسه، و ساعه یتفکر فیها صنع الله إلیه، و ساعه یخلو فیها بحظ نفسه من الحلال فان هذه الساعه معینه لتلک الساعات، و استجمام للقلوب و تفریغ لها.

و فى البحار من کتاب تنبیه الخاطر قیل: إن سلمان رضى الله عنه جاء زائرا لأبی الدرداء فوجد ام الدرداء مبتذله، فقال: ما شأنک؟ قالت: إن أخاک لیست له حاجه فی شی‏ء من أمر الدنیا، قال: فلما جاء أبو الدرداء رحب لسلمان و قرب إلیه طعاما فقال لسلمان اطعم فقال: إنى صائم، قال: أقسمت علیک إلا ما اطعمت، فقال: ما أنا باکل حتى تأکل، قال: و بات عنده فلما جاء اللیل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان فقال: یا أبا الدرداء إن لربک علیک حقا، و لجسدک علیک حقا، و لأهلک علیک حقا، فصم و افطر و صل و نم و أعط کل ذى حق حقه، فأتى أبو الدرداء النبی صلى الله علیه و آله و سلم فأخبره بما قال سلمان فقال علیه السلام مثل قول سلمان.

و قوله‏ (لقد استهام بک الخبیث) أى جعلک هائما متحیرا لا تدرى ما تفعل و أین تذهب، و فیه تنبیه على أن ترکه للدنیا لم یکن عن خالص العقل، بل کان بمداخله الشیطان و شوب الهوى، و ذلک بما کان فی فعله ذلک من الاخلال بجمله من الحقوق الواجبه شرعا علیه من حق الأهل و الأولاد کما أشار إلیه بقوله:
استفهام توبیخی- استفهام انکارى‏ (أما رحمت أهلک و ولدک) استفهام فی معرض التوبیخ و الانکار، لاعراضه عنهم و ترکه لهم و عدم ترحمه علیهم، و قد جعل الله تعالى علیه حقا.

کما یدل علیه ما رواه فی البحار من کتاب تحف العقول فی رساله علی بن‏ الحسین علیه السلام المعروفه برساله الحقوق قال علیه السلام:
و أما حق أهل بیتک عامه، فاضمار السلامه، و نشر جناح الرحمه، و الرفق بمسیئهم، و شکر محسنهم إلى نفسه و إلیک فان إحسانه إلى نفسه إحسانه إلیک إذا کف عنک أذاه و کفاه مؤنته و حبس عنک نفسه. فعمهم جمیعا بدعوتک و انصرهم جمیعا بنصرتک، و أنزلهم جمیعا منک منازلهم، کبیرهم بمنزله الوالد، و صغیرهم بمنزله الولد، و أوسطهم بمنزله الأخ.

و فى هذه الرساله أیضا و أما حق ولدک فتعلم أنه منک و مضاف إلیک فی عاجل الدنیا بخیره و شره و انک مسئول عما ولیته من حسن الأدب و الدلاله على ربه و المعونه له على طاعته فیک و فی نفسه فمثاب على ذلک و معاقب فاعمل فی أمره عمل المتزین بحسن أثره علیه فی عاجل الدنیا المعذر إلى ربه فیما بینک و بینه بحسن القیام علیه و الأخذ له منه و لا قوه إلا بالله.
و فى البحار من الفقه الرضوى أروى عن العالم علیه السلام، أنه قال لرجل:
ألک والدان؟ فقال: لا، فقال: أ لک ولد؟ قال: نعم، قال له: بر ولدک یحسب لک بر والدیک.
و روى أنه قال: بروا أولادکم و أحسنوا إلیهم فانهم یظنون أنکم ترزقونهم و فى الفقیه قال الصادق علیه السلام بر الرجل بولده بره بوالدیه.
و فى خبر آخر من کان عنده صبى فلیتصاب له.

و فى الوسایل من الکافی عن أبی عبد الله علیه السلام قال: إن الله لیرحم العبد لشده حبه بولده.
و عن کلیب الصیداوى قال قال لى أبو الحسن علیه السلام: اذا وعدتم الصبیان ففوا لهم فانهم یرون أنکم الذین ترزقونهم، إن الله عز و جل لیس یغضب لشی‏ء کغضبه للنساء و الصبیان.
و فى الکافی فی کتاب المعیشه فی باب الحث على الطلب و التعرض للرزق عن معلى بن خنیس قال: سأل أبو عبد الله علیه السلام عن رجل و أنا عنده، فقیل: أصابته الحاجه
فقال: ما یصنع الیوم؟ قیل: فی البیت یعبد ربه قال: فمن أین قوته؟ قیل: من عند بعض إخوانه فقال أبو عبد الله علیه السلام: و الله الذی یقوته أشد عباده منه.

و فیه عن أبی حمزه عن أبی جعفر علیه السلام قال: من طلب الدنیا استعفافا عن الناس و سعیا على أهله و تعطفا على جاره لقى الله عز و جل یوم القیامه و وجهه مثل القمر لیله البدر.
ثم أنکر علیه ثانیا بقوله استفهام انکارى‏ (أ ترى الله أحل لک الطیبات) من الرزق و الفاخرات من اللباس‏ (و هو یکره أن تأخذها) و نبه بهذه الجمله الانکاریه على أن التخلیه من الدنیا بالکلیه لیست مطلوبه للشارع، لأنها توجب اختلال نظام العالم، و فیه نقض لغرض الشارع و مقصوده الذى هو عماره الأرض و بقاء النوع الانسانی حینا من الدهر و مده من الزمان التی اقتضت الحکمه الالهیه و المشیه الربانیه بقائه إلى تلک المده لیعبدوه و یوحدوه سبحانه فیها، لأن التعمیر و التمدن و بقاء النوع لا یحصل و لا یتم إلا بتعاون أبناء النوع و تشارکهم على القیام بمصالح البقاء و لوازمه و ترک الدنیا و الاعراض عنها مناف لذلک الغرض البته، هذا.

تلمیح و فی قوله علیه السلام: أ ترى الله أحل لک الطیبات‏، تلمیح إلى قوله عز و جل‏ قل من حرم زینه الله التی أخرج لعباده و الطیبات من الرزق قل هی للذین آمنوا فی الحیاه الدنیا خالصه یوم القیامه أى من حرم الثیاب التی تتزین بها الناس و سایر ما یتجمل به مما أخرجها الله من الأرض لعباده من القطن و الکتان و الابریشم و الصوف و الجواهر و المستلذات من الماکل و المشارب روى فی الصافی من الکافی عن الصادق علیه السلام بعث أمیر المؤمنین عبد الله بن عباس إلى ابن الکوا و أصحابه و علیه قمیص رقیق و حله، فلما نظروا إلیه قالوا:
یا ابن عباس أنت خیرنا فی أنفسنا و أنت تلبس هذا اللباس؟ قال: و هذا أول ما اخاصمکم فیه‏ قل من حرم زینه الله التی أخرج لعباده و الطیبات من الرزق‏ و قال الله‏ خذوا زینتکم عند کل مسجد.

و عن الصادق علیه السلام أنه کان متکئا على بعض أصحابه فلقیه عباد بن کثیرو علیه علیه السلام ثیاب مرویه فقال یا أبا عبد الله إنک من أهل بیت النبوه و کان أبوک‏ و کان‏ فما لهذه الثیاب المرویه علیک؟ فلو لبست دون هذه الثیاب فقال له: ویلک یا عباد من حرم زینه الله التی أخرج لعباده و الطیبات من الرزق إن الله عز و جل إذا أنعم على عبده نعمه أحب أن یراها علیه لیس بها بأس، ویلک یا عباد إنما أنا بضعه من رسول الله فلا تؤذونی و کان عباد یلبس ثوبین من قطن و فى شرح المعتزلی روى ان قوما من المتصوفه دخلوا بخراسان على علی ابن موسى الرضا علیهما السلام فقالوا له إن أمیر المؤمنین‏ فکر فیما ولاه الله من الامور فرآکم أهل البیت أولى الناس أن تؤموا الناس و نظر فیکم أهل البیت فرآک أولى الناس بالناس فرأى أن یرد هذا الأمر إلیک و الامامه تحتاج إلى من یأکل الجشب و یلبس الخشن و یرکب الحمار و یعود المریض، فقال علیه السلام لهم: إن یوسف کان نبیا یلبس أقبیه الدیباج المزروره بالذهب، و یجلس على متکئات آل فرعون، و یحکم إنما یراد من الامام قسطه و عدله إذا قال صدق و إذا حکم عدل و إذا وعد أنجز إن الله لم یحرم لبوسا و لا مطعما، ثم قرء قل من حرم زینه الله التی أخرج لعباده‏ الایه.

و قال ابن عباس فی قوله‏ قل هی للذین آمنوا فی الحیاه الدنیا خالصه یوم القیامه یعنى أن المؤمنین یشارکون المشرکین فی الطیبات فی الدنیا فأکلوا من طیبات طعامهم، و لبسوا من جیاد ثیابهم، و نکحوا من صالح نسائهم، ثم یخلص الله الطیبات فی الاخره للذین آمنوا و لیس للمشرکین فیها شی‏ء.
و فی الصافی من الامالی عن أمیر المؤمنین علیه السلام فی حدیث: و اعلموا یا عباد الله إن المتقین حازوا عاجل الخیر و آجله، شارکوا أهل الدنیا فی دنیاهم، و لم‏ یشارکهم أهل الدنیا فی آخرتهم، أباحهم الله الدنیا ما کفاهم و أغناهم قال الله عز و جل‏ قل من حرم زینه الله‏ الایه سکنوا الدنیا بأفضل ما سکنت، و أکلوها بأفضل ما اکلت، شارکوا أهل الدنیا فی دنیاهم فأکلوا معهم من طیبات ما یأکلون، و شربوا من طیبات ما یشربون، و لبسوا من أفضل ما یلبسون، و سکنوا من أفضل ما یسکنون، و تزوجوا من أفضل ما یتزوجون، و رکبوا من أفضل ما یرکبون، و أصابوا لذه الدنیا مع أهل الدنیا، و هم غدا جیران الله یتمنون علیه فیعطیهم ما یتمنون، لا ترد لهم دعوه، و لا ینقص لهم نصیب من اللذه، فالى هذا یا عباد الله یشتاق إلیه من کان له عقل، هذا.

و قوله علیه السلام‏ (أنت أهون على الله من ذلک) یعنى أن أفعال الله سبحانه و أحکامه لیست کأفعال خلقه و أحکامهم، فربما یعطى الواحد منا مالا لاخر مع عدم طیب نفسه به بل على کره منه له أو یأذن له أن یسکن فی منزله باقتضاء مصلحه لاحظها فیه من مداراه معه و نحوها مع کراهه له باطنا و أما الله القادر القاهر العزیز ذوا السلطان فأجل و أعلى من أن یکون ما أعطاه و أحله لعباده من باب المصانعه و المجامله، لأنهم أهون عنده تعالى من ذلک، و أى ملاحظه للخالق من مخلوقه الذلیل، و مداهنه للقاهر من مقهوره الضعیف المقید بقید الرقیه و العبودیه.
(قال یا أمیر المؤمنین هذا أنت) إمامنا و قد و تنا حال کونک‏ (فی خشونه ملبسک) حیث قنعت من اللباس بطمریه‏ (و جشوبه مأکلک) حیث اقتصرت من الطعام بقرصیه فینبغی لنا أن نتأسی و نأتم بک و نحذ و حذوک.

(قال علیه السلام ویحک) کلمه رحمه قالها شفقه و عطوفه (إنى لست کأنت) یعنى أن تکلیفى الشرعی غیر تکلیفک، و أشار إلى وجه المغایره بقوله:
(إن الله تعالى فرض على أئمه الحق أن یقدروا أنفسهم بضعفه الناس) أى یضیقوا على‏ أنفسهم‏ فی المعاش بضیق الفقراء و الضعفاء أو یقیسوا أنفسهم‏ بهؤلاء و یکونوا شبیها بهم‏(کیلا یتبیغ) و یغلب‏ (بالفقیر فقره) فیقل صبره فیعطب، و ذلک فان‏ الفقیر إذا رأى إمامه و مقتداه بزى الفقراء و معاشه مثل معاش المساکین کان له تسلیه عما یتجرعه من غصص الفقر و نغص المسکنه هذا.

و یؤید ما ذکره علیه السلام من أن الفرض على أئمه الحق أن‏ یقدروا أنفسهم‏ بالضعفاء:
ما رواه فی الصافی عن الصادق علیه السلام أنه قیل له: أصلحک الله ذکرت أن علی بن أبی طالب کان یلبس الخشن یلبس القمیص بأربعه دراهم و ما أشبه ذلک و نرى علیک اللباس الجید، فقال علیه السلام له: إن علی بن أبی طالب کان یلبس ذلک فی زمان لا ینکر، و لو لبس مثل ذلک الیوم لشهر به، فخیر لباس کل زمان لباس أهله غیر أن قائمنا علیه السلام إذا قام لبس ثیاب علی بن أبی طالب علیه السلام و سار بسیرته فانه یستفاد منه أن القائم عند ظهوره یسیر سیره أمیر المؤمنین علیه السلام، و یسلک مسلکه فی اللباس و غیره، لکونه مطمح نظر العموم کأمیر المؤمنین، و أما سایر الأئمه فلا، و ما أجاب الصادق علیه السلام به للسائل فجواب إقناعى لاسکاته و الجواب الحقیقی ما قاله علیه السلام فی المتن من أن‏ لا یتبیغ بالفقیر فقره‏.

تکمله

قال الشارح المعتزلی: و اعلم أن الذی رویته عن الشیوخ و رأیته بخط أحمد بن عبد الله بن الخشاب:
أن الربیع بن زیاد الحارثی أصابه نشابه فی جبینه فکانت تنتقض علیه فی کل عام، فأتاه علی علیه السلام عائدا فقال: کیف تجدک أبا عبد الله؟ قال: أجدنی یا أمیر المؤمنین لو کان لا یذهب ما بى إلا بذهاب بصرى لتمنیت ذهابه، قال: و ما قیمه بصرک عندک؟ قال لو کانت الدنیا لفدیته بها، قال: لا جرم لیعطینک الله على قدر ذلک إن الله یعطى على قدر الألم و المصیبه و عنده تضعیف کثیر، قال الربیع: یا أمیر المؤمنین ألا أشکو الیک عاصم بن زیاد أخى؟ قال علیه السلام: و ماله؟ قال: لبس العباء و ترک الملاء و غم أهله و حزن ولده، فقال علیه السلام: ادعوا لى عاصما فلما،

أتاه عبس وجهه و قال: ویحک یا عاصم أ ترى الله أباح لک اللذات و هو یکره ما أخذت منها، لأنت أهون على الله من ذلک، أو ما سمعته یقول‏ مرج البحرین یلتقیان‏ ثم قال‏ یخرج منهما اللؤلؤ و المرجان‏ و قال‏ و من کل تأکلون لحما طریا و تستخرجون حلیه تلبسونها أما و الله ابتذال نعم الله بالفعال‏ أحب إلیه من ابتذالها بالمقال، و قد سمعتم الله یقول‏ و أما بنعمه ربک فحدث‏ و قوله‏ من حرم زینه الله التی أخرج لعباده و الطیبات من الرزق‏ إن الله خاطب المؤمنین بما خاطب به المرسلین فقال‏ یا أیها الذین آمنوا کلوا من طیبات ما رزقناکم‏ و قال‏ یا أیها الرسل کلوا من الطیبات و اعملوا صالحا و قال رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم لبعض نسائه:

مالی أراک شعثاء مرهاء سلتاء قال عاصم: فلم اقتصرت یا أمیر المؤمنین على لبس الخشن و أکل الجشب؟ قال علیه السلام: إن الله افترض على أئمه العدل أن یقدر ما لأنفسهم بالقوام کیلا یتبیغ بالفقیر فقره، فما قام علی علیه السلام حتى نزع عاصم العباء و لبس ملائه.
قال الشارح: و الربیع بن زیاد هو الذی افتتح بعض خراسان، و أما العلاء ابن زیاد الذى ذکره الرضی رحمه الله فلا أعرفه لعل غیرى یعرفه.
أقول: و یؤید ما ذکره الشارح روایه الکلینی فانه روى فی الکافی فی باب سیره الامام عن علی بن محمد عن صالح بن أبی حماد و عده من أصحابنا عن أحمد بن محمد و غیرهما بأسانید مختلفه فی احتجاج أمیر المؤمنین على عاصم بن زیاد حین لبس العباء و ترک الملاء و شکاه أخوه الربیع بن الزیاد إلى أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قد غم أهله و أحزن ولده بذلک فقال أمیر المؤمنین: علی بعاصم بن زیاد، فجی‏ء به فلما رآه‏

عبس فی وجهه فقال له: أما استحییت من أهلک أما رحمت ولدک أ ترى الله أحل لک الطیبات و هو یکره أخذک منها أنت أهون على الله من ذلک أو لیس الله یقول‏ و الأرض وضعها للأنام فیها فاکهه و النخل ذات الأکمام‏ أو لیس الله یقول‏ مرج البحرین یلتقیان بینهما برزخ لا یبغیان‏ إلى قوله‏ یخرج منهما اللؤلؤ و المرجان‏ فیا لله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إلیه من ابتذالها بالمقال، و قد قال الله عز و جل‏ و أما بنعمه ربک فحدث‏ فقال عاصم: یا أمیر المؤمنین فعلى ما اقتصرت فی مطعمک علی الجشوبه و فی ملبسک على الخشونه؟ فقال: ویحک إن الله فرض على أئمه العدل أن یقدروا أنفسهم بضعفه الناس کیلا یتبیغ بالفقیر فقره، فألقى عاصم بن زیاد العباء و لبس الملاء اللهم وفقنا لطاعتک بمحمد و آله.

با عرض سلام وادب خدمت دوستاران وفرهیختگان :
مدیریت سایت علما وعرفا با توجه به محتویات سایت از گذاشتن شرح کامل این خطبه با توجه به نظرات میرزا حبیب الله خویی که نظرات کاملا منتقدانه از جامعه عرفا داردمعذور می باشد علاقه مندان می توانند این شرح را در جلد ۱۳ منهاج ‏البراعه مطالعه نمایند
باسپاس سایت علما عرفا

الترجمه

از جمله کلام هدایت نظام أمیر مؤمنان علیه السلام است در بصره در حالتى که داخل شد بر علاء پسر زیاد حارثى و او از أصحاب آن حضرت بود عیادت مى‏ فرمود او را پس وقتى که دید وسعت خانه او را فرمود:

چه کار مى ‏کنى با وسعت این خانه در دنیا آگاه باش که تو بسوى وسعت خانه در آخرت هستى محتاج‏تر، و بلى اگر بخواهى مى‏ توانى برسى با آن باخرت مهماندارى بکنى در آن مهمانان را و صله أرحام نمائى، و اخراج حقوق الله کنى و در مصارف شرعیه صرف نمائى، پس در این صورت تو محققا رسیده با او بسوى آخرت.

پس عرض کرد بان حضرت علاء که یا أمیر المؤمنین شکایت می کنم بسوى تو از برادرم عاصم بن زیاد.

فرمود آن حضرت چه خبر است او را عرض نمود که عبا پوشیده و از دنیا خلوت گزیده.

فرمود: که حاضر کنید او را نزد من، پس وقتى که آمد فرمود أى دشمنک نفس خود بتحقیق که سرگردان کرده تو را شیطان خبیث آیا رحم نکردى أهل‏ خود را و اولاد خود را، آیا همچنین اعتقاد می کنى که خدا حلال کرده از براى تو پاکیزه‏ ها و طیبات دنیوى را و حال آنکه آن خدا کراهت دارد که تو فراگیرى آنها را، تو خوارترى نزد خدا از این.

عرض کرد أى أمیر مؤمنان این تو هستى در خشونت و زبرى پوشاک و غلظت و بى‏ مزگى خوراک.

فرمود: واى بر تو بدرستى من نیستم مثل تو، بدرستى خداوند تعالى واجب ساخته بر امامان حق عادل که تنگ بگیرند بر نفسهاى خود یا قیاس نمایند نفسهاى خودشان را بضعفا و فقراى خلق در رفتار و کردار تا این که غالب نشود و مضطرب نسازد فقیر را فقر و پریشانى او. و بالله التوفیق و منه الاستعانه و علیه التوکل و الاعتماد حتى وفقنا لما یحب و یرضى و هدانا سبیل الرشد و طریق الوصول إلیه.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی

 

بازدیدها: ۹۲

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۰۷ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۲۰۸ صبحی صالح

۲۰۸- و من کلام له ( علیه‏ السلام  ) قاله لما اضطرب علیه أصحابه فی أمر الحکومه

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ یَزَلْ أَمْرِی مَعَکُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ حَتَّى نَهِکَتْکُمُ‏الْحَرْبُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ أَخَذَتْ مِنْکُمْ وَ تَرَکَتْ وَ هِیَ لِعَدُوِّکُمْ أَنْهَکُ.

لَقَدْ کُنْتُ أَمْسِ أَمِیراً فَأَصْبَحْتُ الْیَوْمَ مَأْمُوراً وَ کُنْتُ أَمْسِ نَاهِیاً فَأَصْبَحْتُ الْیَوْمَ مَنْهِیّاً وَ قَدْ أَحْبَبْتُمُ الْبَقَاءَ وَ لَیْسَ لِی أَنْ أَحْمِلَکُمْ عَلَى مَا تَکْرَهُونَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۳  

و من کلام له علیه السّلام و هو المأتان و السابع من المختار فى باب الخطب

و قد رویناه فی شرح الخطبه الخامسه و الثلاثین من کتاب صفین لنصر بن مزاحم باختلاف یسیر عرفته. قاله لمّا اضطرب علیه علیه السّلام أصحابه فی أمر الحکومه.

أیّها النّاس إنّه لم یزل أمری معکم على ما أحبّ، حتّى نهکتکم الحرب، و قد و اللّه أخذت منکم و ترکت، و هی لعدوّکم أنهک، لقد کنت أمس أمیرا، فأصبحت الیوم مأمورا، و کنت أمس ناهیا، فأصبحت الیوم منهیّا، و قد أحببتم البقاء، و لیس لی أن أحملکم على ما تکرهون.

اللغه

(نهکته) الحمّى نهکأ من باب منع و تعب هزلته، و نهکه السلطان عقوبه بالغ فیه، و نهکت الثّوب لبسته حتّى خلق و بلى (و الحرب) مؤنّث سماعیّ و قد تذکر ذهابا إلى معنى القتال فیقال حرب شدید

الاعراب

قوله علیه السّلام: و قد و اللّه أخذت، جمله القسم معترضه بین قد و مدخولها جیئت بها لتأکید الکلام.

المعنى

اعلم أنّه قد تقدّم فی شرح الخطبه الخامسه و الثلاثین تفصیل قصّه الحکومه و عرفت هناک أنّ أهل الشام لمّا ضعفوا عن مقاومه أهل العراق و عجزوا عن مقاتلتهم و رأوا علوّ کلمه الحقّ و أیقنوا بالهلاک و العطب، عدلوا عن القراع إلى الخداع فرفعوا المصاحف على الرّماح بتدبیر ابن النابغه عمرو بن العاص اللّعین على وجه الخدیعه و المکیده.

و لمّا رأى أهل العراق منهم ذلک کفّوا أیدیهم عن القتال و اجتمعوا علیه علیه السّلام و طالبوه بالکفّ عنهم و کانوا فی ذلک على أقسام.

فمنهم من دخلت علیه الشّبهه برفع المصاحف و اعتقدوا أنّهم لم یرفعوها خدیعه و حیله بل حقا و عملا بموجب الکتاب و تسلیما للدّین الحقّ فرأى أنّ الاستسلام للحجّه أولى من الاصرار على الحرب.

و منهم من قد کان ملّ من الحرب بطول المدّه، فلمّا رأى شبهه ما یسوغ التعلّق بها فى رفض المحاربه و حبّ العافیه أخلد إلیها.

و منهم من کان یبغض أمیر المؤمنین علیه السّلام بالباطن و یطیعه بالظاهر کما یطیع کثیر من النّاس السلطان ظاهرا أو یبغضه باطنا فلمّا وجد طریقا إلى خذلانه و ترک نصرته أسرع إلیها.

فاجتمع جمهور عسکره إلیه علیه السّلام و طالبوه الکفّ فامتنع امتناع عالم بالمکیده و عرّفهم أنّها خدعه و حیله و قال لهم: إنّى أعرف بالقوم منکم و أعلم أنّهم لیسوا بأهل دین و لا قرآن فلا تغترّوا برفعهم للمصاحف و انهدوا إلیهم و لم یبق منهم إلّا آخر نفسهم، فأبوا علیه و لجّوا و أصرّوا على القعود و الخذلان و طلبوا أن ینفذ إلى الأشتر و سایر المحاربین أن یکفّوا عن الحرب و یرجعوا.

فأرسل إلى الأشتر و أمره بالرّجوع، فقال الأشتر: و کیف أرجع و قد لاحت‏أمارات الظفر و قال له: لیمهلنی ساعه واحده و لم یکن عالما بصوره الحال، فلمّا عاد إلیه الرّسول بذلک غضبوا و شغبوا و قالوا: أنفذت إلى الأشتر سرّا تأمره بالجدّ و تنهاه عن الکفّ و إن لم یعد قتلناک کما قتلنا عثمان.

فرجعت الرّسل إلى الاشتر فقالوا له: أتحبّ أن تظفر بالعدوّ و أمیر المؤمنین قد سلّت علیه خمسون ألف سیف، فقال: ما الخبر قالوا: إنّ الجیش بأسره قد أحدقوا به و هو جالس بینهم على الأرض تحته نطع و هو مطرق و البارقه تلمع على رأسه یقولون: لئن لم یرجع الأشتر قتلناک.

فرجع فوجد أمیر المؤمنین تحت الخطر قد ردّوه أصحابه بین الأمرین إن لم یکفّ عن الحرب إمّا أن یسلّموه إلى معاویه أو یقتلوه و لا ناصر له منهم إلّا ولداه و ابن عمّه و نفر قلیل لا یبلغ عشره.

فلمّا رآهم الأشتر شتمهم و شتموه و أبوا و قالوا: المصاحف المصاحف و الرّجوع إلیها لا نرى غیر ذلک، فأجابهم أمیر المؤمنین إلى ذلک کرها دفعا للأفسد بالفاسد و قال لهم: (أیّها الناس إنه لم یزل أمرى معکم على ما احبّ) من قتال أهل البغی و العدوان و استیصال القاسطین من حزب الشّیطان (حتّى) عاد طاعتکم لی إلى المخالفه و نصرتکم إلى الخذلان و المنابذه فأبیتم إباء المخالفین الجفاه و المنابذین العصاه بما (نهکتکم) و هزلتکم (الحرب) بطول مدّتها و ثقل أوزارها.

و نبّه على خطائهم فی القعود عنها بقوله (و قد و اللّه أخذت منکم) طائفه (و ترکت) طائفه فلم تستأصلکم بالمرّه بل بقیت منکم بقیّه (و هی لعدوّکم) أنکى و (أنهک) إذ لم یبق منهم إلّا حشاشه ضعیفه فانّ القتل فی أهل الشام کان أشدّ استحرارا و الوهن فیهم أظهر، و لو لا فساد أهل العراق لاستوصل الشّام و خلص إلى معاویه فأخذه بعنقه، و لم یکن قد بقی من قوّه أهل الشام إلّا حرکه المذبوح و مثل حرکه ذنب الوزغه عند قتلها یضطرب یمینا و شمالا.

ثمّ أخذ فی التّشکّی منهم بسوء فعلهم فقال (لقد کنت أمس أمیرا فأصبحت‏الیوم مأمورا) لا یخفى حسن المقابله بین القرینتین و هو من مقابله الثلاثه بالثلاثه.

و کذا فی قوله (و کنت أمس ناهیا فأصبحت الیوم منهیّا) ثمّ ساق الکلام مساق التّعریض و التقریع فقال (و قد أحببتم البقاء و لیس لی أن أحملکم على ما تکرهون) من القتال و القتل، و عدم حمله لهم على ذلک إمّا لعدم القدره أو لعدم اقتضاء المصلحه لیقضی اللّه أمرا کان مفعولا.

الترجمه

از جمله کلام معجز نظام آن امام أنام علیه الصلاه و السلام است که فرموده آن را هنگامى که مضطرب شدند و اغتشاش نمودند أصحاب او بر او در أمر حکومت حکمین پس فرمود آن بزرگوار بایشان: اى مردمان بدرستی که ثابت بود أمر من و شما بر چیزى که دوست می ‏داشتم تا این که لاغر و ضعیف نمود شما را حرب و کارزار و حال آنکه قسم بخدا آن حرب بعض شما را فرا گرفت و بعضى را فرو گذاشت، و از براى دشمن زیادتر موجب لاغرى آنها شد، بتحقیق بودم دیروز أمیر شما پس گردیدم امروز مأمور، و بودم دیروز نهى کننده و گردیم امروز نهی شده، و بتحقیق دوست داشتید زندگانی را و نیست مرا که الزام نمایم شما را بر چیزى که مکروه طبع شماست.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۶۶

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۲۰۶ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۲۰۷ صبحی صالح

۲۰۷- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) فی بعض أیام صفین و قد رأى الحسن ابنه ( علیه ‏السلام  ) یتسرع إلى الحرب‏

امْلِکُوا عَنِّی هَذَا الْغُلَامَ لَا یَهُدَّنِی فَإِنَّنِی أَنْفَسُ بِهَذَیْنِ یَعْنِی الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ ( علیهماالسلام  )عَلَى الْمَوْتِ لِئَلَّا یَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ علیه ‏وآله‏ وسلم  )

قال السید الشریف قوله ( علیه ‏السلام  ) املکوا عنی هذا الغلام من أعلى الکلام و أفصحه

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۳  

و من کلام له علیه السّلام فى بعض ایام صفین و هو المأتان و السادس من المختار فى باب الخطب

و قد رأى الحسن علیه السّلام ابنه یتسرّع إلى الحرب: أملکوا عنّی هذا الغلام لا یهدّنی، فإنّی أنفس بهذین-  یعنی الحسن و الحسین علیهما السّلام-  على الموت، لئلّا ینقطع بهما نسل رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم. قال الرضى أبو الحسن «ره»: قوله: املکوا عنى هذا الغلام من أعلى الکلام و أفصحه.

اللغه

(ملکه) یملکه من باب ضرب ملکا بتثلیث المیم احتواه قادرا على الاستبداد به، فهو مالک و ذاک مملوک و عبد مملکه مثلّثه اللام إذا سبى و ملک و لم یملک أبواه‏و ملک على النّاس أمرهم إذا تولى السلطنه فهو ملک بکسر اللام، و أملکه الشی‏ء و ملّکه من باب الافعال و التفعیل بمعنى واحد، و ملکت العجین ملکا من باب ضرب شددته و قوّیته و أنعمت عجنه، و ملک نفسه منعها من السّقوط فی شهواتها و ما تمالک أن فعل أى لم یقدر على حبس نفسه.

و لفظ أملکوا فی أکثر النّسخ حسبما صرّح به العلامه المجلسی أیضا بفتح الألف من باب الافعال.

و ضبطه الشّارح المعتزلی بصیغه الثلاثی مجردا قال: الألف فی املکوا وصل لأنّ الماضی ثلاثی من ملکت الفرس و الدّار و العبد أملک بالکسر أى احجروا علیه کما یحجر المالک على مملوکه، قال: و عن متعلّقه بمحذوف تقدیره استولوا علیه و أبعدوه، و لمّا کان الملک سبب الهجر على مملوکه عبّر بالسّبب عن المسبّب، انتهى.

و على النسخ المشهوره فلا بدّ من جعل المزید بمعنى المجرّد کما یستعمل المتعدّى مورد اللازم فی نحو کبّه فأکبّ.

و قال الرّاوندی فی محکی کلامه: املکوا أى أمسکوه لأجلى یقال ما تمالک أن قال، أى ما تماسک و قیل: إنّه من ملکت العجین أى خذوه بالشدّه.

و قال البحرانی: أملکوه شدّوه و اضبطوه و (الهدّ) الهدم بشدّه و الکسر و (نفس) به من باب فرح ضنّ و بخل و (انسل) الولد و نسل نسلا من باب ضرب کثر نسله و تناسلوا توالدوا أى ولد بعضهم من بعض.

الاعراب

حرف عن فی قوله أملکوا عنّی على قول الشّارح المعتزلی و البحرانی بمعناها الأصلی أعنی المجاوزه، أو بمعنى من کما فی قوله «وَ هُوَ الَّذِی یَقْبَلُ التَّوْبَهَ عَنْ و على قول الرّاوندى فهى بمعنى اللام للتّعلیل کما فی قوله تعالى: وَ ما کانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَهٍ و الأظهر عندی أنّها بمعنى البدل و العوض‏کما فى قوله تعالى وَ اتَّقُوا یَوْماً لا تَجْزِی نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَیْئاً.

و قوله لا یهدّنى فى بعض النّسخ بالنّصب على اضمار أن أى لئلّا یهدّنى، و فى بعضها بالرّفع على الغاء ان المضمره عن العمل کما فى قولهم: و تسمع بالمعیدى خیر من أن تراه على روایه الرّفع، و قد روى بالوجهین أیضا قول طرفه:

 ألا ایّهذا الزّاجرى احضر الوغى            و ان اشهد اللذات هل أنت مخلد

قال علماء الأدب: و انتصاب المضارع فى هذا الشّعر بأن شاذّ لعدم وقوعه فى جواب أحد الأشیاء الستّه.

و یحتمل أن یکون انتصاب یهدّنى بلفظه کى مضمره إن جوّزنا إضمارها کما نصبت مظهره فى قوله تعالى وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِی أَنْعَمَ اللَّهُ و قوله لِکَیْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَکُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاکُمْ و قوله ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ و وَ اللَّهُ خَلَقَکُمْ ثُمَّ یَتَوَفَّاکُمْ وَ و نحوها.

المعنى

اعلم أنّ هذا الکلام حسبما أشار إلیه الرّضى قد خاطب به أصحابه فى بعض أیّام صفین و قد رأى الامام الهمام أبا محمّد الحسن علیه السّلام ابنه یتسرّع أى یتعجّل إلى الحرب فقال لهم: (أملکوا عنّى هذا الغلام) أراد به منعهم له من التسرّع إلیه و حفظهم إیاه بدلا منه.

قال الشارح المعتزلی فى وجه علوّ هذا الکلام و فصاحته على ما أشار إلیه السّید: إنّه لمّا کان فى أملکوا معنى العبد أعقبه بعن، و ذلک أنهم لا یملکونه دون أمیر المؤمنین علیه السّلام إلا و قد أبعدوه عنه ألا ترى أنک إذا حجرت علی زید دون عمرو فقد باعدت زیدا عن عمرو، فلذلک قال: املکوا عنّى، انتهى.

و لا بأس به إلّا انه انما یحسن لو کان الحسن فى تسرّعه إلى الحرب متابعا لأبیه علیه السّلام معاقبا له فیستحسن حینئذ أن یقول علیه السّلام: ابعدوه عنى، و لکن الرّوایه لا دلاله فیها على ذلک.

و الأوجه عندى انه علیه السّلام لما شاهد من ابنه مسارعته إلى الحرب و کان بنفسه غیر متمکن من حفظه و ممانعته لمکان اشتغاله بکریهه الحرب و القتل و القتال أمر أصحابه بمحافظته علیه السّلام بأحسن تعبیر و ألطف عباره و قال لهم: أملکوا أى أملکوه من التسرّع، فعدل عن التعبیر بلفظ المنع و الضبط و الحفظ و المراقبه و الامساک و ما ضاهاها إلى التعبیر بلفظ الملک، لما فیه من الدلاله على التسلط و الاستیلاء و التمکّن من التصرف و القدره على الممانعه و الحفظ بأىّ وجه أمکن و أىّ نحو شاء و أراد المالک ما لیس فى غیره من الألفاظ المذکوره، یعنى امنعوه و احفظوه منع المالک لملکه و حفظه إیاه.

ثمّ أکّد ذلک بقوله عنّى یعنى أنى کما لو کان ممکنا لى لکنت أملکه و اراقبه غایه المراقبه، فحیث إنه لا یمکن لى ذلک فکونوا مالکین له مراقبین علیه بدلا منّى و راقبوه مثل مراقبتى غیر متوانین و لا مقصّرین.

فقد علم بذلک أنّ فى هذه العباره من الدّلاله على تأکید المنع و المحافظه ما لیس فی غیرها.

و علل علیه السّلام ذلک بقوله (لا یهدّنى) أى لئلا یکسرنی لأنّ التسرّع إلى الحرب مظنه القتل و الهلاک و موت الولد الصالح المعین خصوصا مثل أبى محمّد الحسن علیه السّلام موجب لانک «کذا» ظهر الوالد و ذهاب قوّه قلبه و نور بصره.

ثمّ علل علیه السّلام بعله ثانیه و قال (فانى أنفس) أى أبخل (بهذین-  یعنى الحسن و الحسین علیهما السّلام-  على الموت لئلا ینقطع بهما نسل رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم).

تنبیه

قال الشارح المعتزلی: فان قلت: یجوز أن یقال للحسن و الحسین و ولدهما أبناء رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و ولد رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و ذرّیه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و نسل رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم قلت: نعم لأنّ اللّه تعالى سماهم ابناه فى قوله نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ و انما عنى الحسن و الحسین و لو أوصى لولد فلان بمال دخل فیه أولاد البنات و سمّى اللّه تعالى‏عیسى ذرّیه إبراهیم فى قوله تعالى وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إلى أن قال وَ یَحْیى‏ وَ عِیسى‏ و لم یختلف أهل اللغه فى أنّ ولد البنات من نسل الرّجل.

فان قلت: فما تصنع بقوله تعالى ما کانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِکُمْ قلت: أسألک عن ابوّته لابراهیم بن ماریه فکلّ ما تجیب به عن ذلک فهو جوابى عن الحسن و الحسین علیهما السّلام و الجواب الشامل للجمیع أنه عنى زید بن حارثه لأنّ العرب کانت تقول: زید بن محمّد على عادتهم فى تبنّى العبد، فأبطل اللّه ذلک و نهى عن سنه الجاهلیه و قال: إنّ محمّدا لیس أبا لواحد من الرّجال الباغین المعروفین بینکم لیفترى إلیه بالنبوّه، و ذلک لا ینفى کونه أبا لأطفال لم یطلق علیهم لفظه الرّجال کابراهیم و حسن و حسین علیهم السّلام.

فان قلت: أتقول إنّ ابن البنت ابن على الحقیقه الأصلیه أم على سبیل المجاز قلت: لذاهب أن یذهب إلى أنّه حقیقه أصلیه لأنّ الأصل فى الاستعمال الحقیقه، و قد یکون اللفظ مشترکا بین مفهومین و هو فى أحدهما أشهر و لا یلزم من کونه أشهر فی أحدهما أن لا یکون حقیقه فی الاخر، و لذاهب أن یذهب إلى أنّه حقیقه عرفیّه، و لذاهب إلى کونه مجازا قد استعمله الشّارع، فجاز إطلاقه فى کلّ حال و استعماله کسایر المجازات المستعمله.

قال: و ما یدلّ على اختصاص ولد فاطمه علیهما السّلام دون بنی هاشم کافه بالنّبی صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أنّه ما کان یحلّ له علیه السّلام أن ینکح بنات الحسن و الحسین علیهما السّلام و لا بنات ذرّیتهما و إن بعدت و طال الزّمان، و یحلّ له نکاح بنات غیرهم من بنی هاشم من الطالبیّین و غیرهم و هذا یدلّ على مزید الأقربیّه و هى کونهم أولاده فان قلت: فقد قال الشّاعر:

بنونا بنو أبنائنا و بناتنا            بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد

و قال حکیم العرب أکثم الصّیفی فی البنات یذّمهنّ: إنّهنّ یلدن الأعداء و یورّثن البعداء.

قلت: إنّما قال الشّاعر ما قاله على المفهوم الأشهر، و لیس فی قول أکثم‏ ما یدلّ على نفى بنوّتهم و إنّما ذکر أنّهن یلدن الأعداء و قد یکون ولد الرّجل لصلبه عدوّا قال اللّه تعالى یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِکُمْ و لا ینفى کونه عدوّا کونه ابنا، انتهى.

اقول: ما حقّقه الشّارح هو الحقّ الموافق للتحقیق، و هو مأخوذ من أخبار أهل بیت العصمه و الطهاره حسبما نشیر إلى بعضها و ان شئت مزیدا على ذلک فأقول: لا شکّ إنّ نسبه الابن و البنت إلى الأب و الامّ من حیث التّکوین و الخلقه نسبه واحده لکونهما مخلوقین من نطفتهما قال تعالى إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَهٍ أَمْشاجٍ أى أخلاط لأنّ ماء الرّجل یختلط بماء المرأه و دمها یکون مشیجا أربعین لیله، و قال أیضا فَلْیَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ. یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ أى صلب الرّجل و ترائب المرأه أى صدرها، لأنّ منیّها یخرج منه و من أجل اتّحاد نسبتهما إلیهما فی التّکوّن صحّ إضافتهما إلى کلّ منهما فی مقام التلفّظ و التعبیر من دون تفاوت، فیقال ابن فلان و ابنه فلان و ابن فلانه و ابنه فلانه، و لم یخالف فی صحّه هذه الاضافه أحد من أهل العرف و اللغه أصلا و قد قال تعالى فی کتابه العزیز وَ آتَیْنا عِیسَى ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ و قال وَ مَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها.

فاذا صحّ إضافه الابن إلى الامّ و الامّ إلى أبیها و هکذا إضافته إلى الأب و الأب إلى أبیه بلا خلاف فلتصحّ اضافته إلى أب الامّ کما تصحّ إلى أب الأب، لعدم مانع یتصوّر إلّا الشّعر المتقدّم أعنی قوله:

  بنونا بنو أبنائنا و بناتنا            بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد

و هو لا یصلح للمانعیّه.

إما لما قاله الشّارح المعتزلی: من ابتنائه على کون اطلاق الأبن على ابن الابن أشهر و أغلب من اطلاقه على ابن البنت، و الشّهره فی الاطلاق لا تدلّ على کونه حقیقه فیه فقط و مجازا فی غیره کما برهن فی الاصول.

أو لابتنائه على مجرى عاده العرب من إسقاطهم البنات مع کونهنّ أولاداحقیقه من درجه الأولاد من أجل الاستنکاف و الالفه و النّخوه العربیّه و حمیّه الجاهلیّه کما شرح اللّه حالهم فی قوله وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى‏ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ کَظِیمٌ. یَتَوارى‏ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَ یُمْسِکُهُ عَلى‏ هُونٍ أَمْ یَدُسُّهُ فِی التُّرابِ أَلا ساءَ ما یَحْکُمُونَ و قد بلغوا فی الاستنکاف منهنّ إلى أن جرت عادتهم على الوئد و القتل حتّى نهاهم اللّه عن ذلک و عاتبهم علیه فی قوله قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّکُمْ و قوله وَ إِذَا الْمَوْؤُدَهُ سُئِلَتْ. بِأَیِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ حسبما عرفت تفصیل ذلک فی شرح الفصل السّادس من الخطبه المأه و الحادیه و التّسعین المعروفه بالقاصعه.

أو لما قاله ابن إدریس فی محکى کلامه من السّرائر: من أنّ الشاعر انما أراد بقوله بنونا بنو أبنائنا آه الانتساب بمعنى أنّ أولاد البنت لا ینسبون إلى امّهم و انّما ینسبون إلى آبائهم و لیس کلامنا فیه بل فی الولاده و هی متحقّقه من جهه الامّ من غیر خلاف و الذکر و الانثى فیه سواء.

و قد وافقنا على ذلک غیر واحد من الأصحاب منهم المرتضى و ابن إدریس و صاحب الجواهر فی غیر موضع منه، و قد بسط الکلام فی ذلک کلّ البسط فی کتاب الخمس منه، و قال بعد اختیاره موافقه المرتضی فی کونه ابنه حقیقه: إنّه یظهر ذلک من جماعه من الأصحاب فی غیر المقام، بل قد یظهر من المحکىّ عن ابن إدریس فی کتاب المواریث الاجماع علیه کما عن المرتضى فیه أیضا نفى الخلاف فیه، بل و کذا المحکىّ عن خلاف الشیخ فی باب الوقف و المیراث، بل ظاهره فیهما اجماع الامّه على ذلک.

ثمّ ساق الأدله فی ذلک، و أجاب عن الشّعر المتقدّم بأنّه مضافا إلى أنّه قول اعرابیّ جاهل لا یعارض الکتاب و السنّه محتمل لاراده المتعارف المعتاد فی جلب المنافع الدّنیویّه و المضار بالأولاد و أولادهم دون أولاد البنات، فکانوا کالأباعد بالنّسبه إلى ذلک، بل لعلّ ظهور اراده هذا الشاعر المجاز و المبالغه فی النّفى‏شاهده على العکس، اذ من البعید ارادته بیان الوضع و اللغه فتأمّل، انتهى کلامه رفع مقامه.

و الحاصل انا نرى أنهم یستعملون لفظ الابن و الولد فی ابن البنت و ولدها کاستعمالهم لهما فى ابن الابن و ولده مع عدم صحه السّلب، فیکونان حقیقه فیهما و لا دلیل على المصیر إلى المجاز.

و إذا عرفت ذلک فأقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم قد أطلق على الحسنین علیهما السّلام لفظ الابن فی غیر واحد من الأخبار فیکونان ابنیه حقیقه.

و من جمله هذه الأخبار الحدیث المشهور انّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم قال فیهما: هذان ابناى إمامان.

و فى البحار من المناقب عن فردوس الدّیلمی عن سلمان قال النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: سمّى هارون ابنیه شبرا و شبیرا، و انّنی سمّیت ابنیّ الحسن و الحسین.

و عن الدّار قطنی بالاسناد عن ابن عمر قال: قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: ابناى هذان سیدا شباب أهل الجنّه و أبوهما خیر منهما.

و عن الرّاغب عن أبی هریره و بریده رأیت النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم یخطب على المنبر ینظر إلى الناس مرّه و إلى الحسن مرّه و قال: إنّ ابنی هذا سیصلح اللّه به بین فئتین من المسلمین.

و عن عبد الرّحمن بن أبی لیلى قال: کنّا جلوسا عند النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم إذ أقبل الحسین علیه السّلام فجعل ینزو على ظهر النّبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و على بطنه فبال و قال علیه السّلام دعوه، قال أبو عبید فی غریب الحدیث إنّه قال: لا تزرموا ابنی أى لا تقطعوا علیه بوله ثمّ دعا بماء فصبّه على بوله.

و عن الطبری عن طاوس الیمانی عن ابن عبّاس قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: رأیت فی الجنّه قصرا من درّه بیضاء لا صدع فیها و لا وصل، فقلت: حبیبی جبرئیل لمن هذا القصر قال: للحسین ابنک، ثمّ تقدّمت أمامه فاذا أنا بتفّاح فأخذت تفّاحه ففلقتها فخرجت منها حوراء کان مقاریم النّسور أشفار عینیها فقلت: لمن أنت فبکت‏

ثمّ قالت: لابنک الحسین، إلى غیر هذه ممّا لا نطیل بروایتها.

فقد ظهر ممّا ذکرنا و اتّضح کلّ الوضوح أنّه لا شکّ فی کونهما علیهما السّلام ابنیه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم حقیقه فلا یستریب فیه إلّا جاهل متعنّت أو جاحد متعصّب، و قد احتجّ على ذلک الأئمه علیهم السّلام و غیرهم أیضا فی مجالس المخالفین و غیرها بأحکم بیّنه و برهان.

فقد روى فی البحار من تفسیر علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن ظریف بن ناصح عن عبد الصمد بن بشیر عن أبى الجارود عن أبی جعفر علیه السّلام قال: قال لی أبو جعفر علیه السّلام: یا أبا الجارود ما یقولون فی الحسن و الحسین علیهما السّلام قلت: ینکرون علینا أنّهما ابنا رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم قال علیه السّلام: فبأىّ شی‏ء احتججتم علیهم قلت: بقول اللّه عزّ و جلّ فی عیسى بن مریم وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ إلى قوله وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ فجعل عیسى من ذرّیه إبراهیم قال علیه السّلام: فأیّ شی‏ء قالوا لکم قلت: قالوا: قد یکون ولد الابنه من الولد و لا یکون من الصّلب قال علیه السّلام: فأىّ شی‏ء احتججتم علیهم قلت: احتججنا علیهم بقول اللّه عزّ و جلّ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَکُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَکُمْ الایه قال علیه السّلام: فأىّ شی‏ء قالوا لکم قلت: قالوا: قد یکون فی کلام العرب ابنی رجل واحد فیقول أبنائنا و انّما هما ابن واحد قال: فقال أبو جعفر علیه السّلام: و اللّه یا أبا الجارود لأعطینّکها من کتاب اللّه تسمّى بصلب رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم لا یردّها إلّا الکافر، قال: قلت: جعلت فداک و أین قال: حیث قال اللّه تعالى حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ أُمَّهاتُکُمْ وَ بَناتُکُمْ إلى أن ینتهى إلى قوله تعالى وَ حَلائِلُ أَبْنائِکُمُ الَّذِینَ مِنْ أَصْلابِکُمْ فسلهم یا أبا الجارود هل حلّ لرسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم نکاح حلیلتهما فان قالوا: نعم فکذبوا و اللّه و فجروا، و إن قالوا: لا فهما و اللّه ابناه للصّلب و ما حرمتا علیه إلّا للصلب.

قال المحدّث العلامه المجلسیّ: وجه الاحتجاج بالایه الأخیره هو اتّفاقهم على دخول ولد البنت فی هذه الایه و الأصل فی الاستعمال الحقیقه أو أنّهم یستدلّون بهذه الایه على حرمه حلیله الولد و لا یتمّ إلّا بکونه ولدا حقیقه للصّلب‏و هنا قصه لطیفه

و فى البحار وجدت فی بعض کتب المناقب مرسلا عن عامر الشّعبی أنّه قال: بعث إلىّ الحجّاج ذات لیله فخشیت فقمت فتوضأت و أوصیت ثمّ دخلت علیه فنظرت فاذا نطع منشور و السّیف مسلول، فسلّمت علیه فردّ علىّ السّلام فقال: لا تخف فقد امنتک اللّیله و غدا إلى الظهر، و أجلسنی عنده.

ثمّ أشار فاتی برجل مقیّد بالکبول و الأغلال فوضعوه بین یدیه فقال: إنّ هذا الشّیخ یقول: إنّ الحسن و الحسین کانا ابنی رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم لیأتینىّ بحجّه من القرآن و إلّا لأضربنّ عنقه، فقلت: یجب أن تحلّ قیده فانّه إذا احتجّ فانّه لا محاله یذهب و ان لم یحتج فانّ السّیف لا یقطع هذا الحدید، فخلّوا قیوده و کبوله فنظرت فاذا هو سعید بن جبیر فحزنت بذلک و قلت: کیف یجد حجّه على ذلک من القرآن، فقال له الحجاج: ائتنى بحجّه من القرآن على ما ادّعیت و إلّا أضرب عنقک، فقال له: انتظر، فسکت ساعه ثمّ قال له مثل ذلک، فقال انتظر، فسکت ساعه ثمّ قال له مثل ذلک، فقال: أعوذ باللّه من الشّیطان الرّجیم بسم اللّه الرّحمن الرّحیم ثمّ قال وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ إلى قوله وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ثمّ سکت، و قال للحجّاج اقرء ما بعده، فقرأ وَ زَکَرِیَّا وَ یَحْیى‏ وَ عِیسى‏ فقال سعید: کیف یلیق ههنا عیسى قال: إنّه کان من ذرّیته قال: إن کان عیسى من ذریّه إبراهیم و لم یکن له أب بل کان ابن ابنته فنسب إلیه مع بعده فالحسن و الحسین أولى أن ینسبا إلى رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم مع قربهما منه، فأمر له بعشره آلاف دینار، و أمر بأن یحملوها معه إلى داره و أذن له فی الرّجوع.

قال الشّعبی: فلمّا أصبحت قلت فی نفسى قد وجب علىّ أن آتى هذا الشیخ فأتعلّم منه معانی القرآن لأنّی کنت أظنّ أنى أعرفها فأتیته فاذا هو فی المسجد و تلک الدّنانیر بین یدیه یفرّقها عشرا عشرا و یتصدّق بها، ثمّ قال: هذا کلّه ببرکه الحسن و الحسین علیهما السّلام لئن کنّا أغممنا واحدا لقد أفرحنا ألفا و أرضینّ‏اللّه و رسوله.

فقد تحصّل ممّا ذکرنا أنّه حصل لهما علیهما السّلام من النّسب ما لم یحصل لغیرهما فانّهما ابنا رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و سبطاه و ولداه و ذرّیتاه و سیّدا شباب أهل الجنّه، فجدّهما رسول ربّ العالمین، و أبوهما أمیر المؤمنین، و امّهما سیّده نساء العالمین و هذا هو النّسب الذی تتضائل عنده الأنساب، و الشّرف الذى اسجل بصحّته الاثر و الکتاب.

نسب کأنّ علیه من شمس الضحى
نورا و من فلق الصباح عمودا

فهما علیهما السّلام دوحتا النّبوه التّی طابت فرعا و أصلا، و شعبتا الفتوّه التی سمت رفعه و نبلا، و إنسانا عینی السّیاده و الفخار، و سلیلا الشّرف الذى أظهر الخیلاء فی مضر و نزار، قد اکتنفهما العزّ و الشّرف، فما له عنهما منصرف، و أحاط بهما المجد من طرفیهما، و تصوّرا من الجلاله فکادت أن تقطر من عطفیهما، و تکوّنا من الاریحیه فهى تلوح على شمائلهما، تبدو کما یبدو النّهار على مخائلهما، وفاقا فی طیب الاعراق و طهاره الاخلاق رتبه الأواخر و الأوائل، فعلت سماء فضلهما حتّى قیل: أین الثریا من ید المتناول، نسبهما یتّصل بمحمد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم من قبل الامّ بغیر فصل، و من قبل الأب یجتمع فی عبد المطلب فأعجب لطیب فرع و ذکاء أصل.

أنتم ذوو النسب القصیر و طولکم
باد على الکبراء و الأشراف‏

الخمر إن قیل ابنه العنب اکتفت‏
بأب من الألقاب و الأوصاف‏

تکمیل

قد تقدّم فی شرح الخطبه المأه و السادسه و التسعین و بعض الخطب المتضمّنه لذکر النبیّ جمله من مناقبه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، و تقدّم فی غیر موضع من تضاعیف الشرح فصل واف من مناقب أمیر المؤمنین علیه السّلام و کراماته و فضائله، و فی شرح المختار الواحد و المأتین جمله من مناقب الصدّیقه الکبرى سیده النساء سلام اللّه علیها فأحببت أن أذکر هنا شطرا من مناقب الامامین الهمامین السبطین الزّکیین أبی محمّد الحسن و أبی عبد اللّه الحسین علیهما السلام تیمّنا بذکر فضایل جمیع الخمسه من آل العباء علیهم التحیه و الثناء، راجیا بذلک مزید الأجر و الذخر یوم الجزاء،و إن کان مناقبهم الجمیله لا تعدّ و لا تحصى، و ماثرهم الجلیله لا تحدّ و لا تستقصى، إلّا أن المیسور لا یسقط بالمعسور، و عسى أن یدرک المرجوّ بالمقدور.

رویدک إن أحببت نیل المطالب
فلا تعد عن ترتیل آى المناقب‏

مناقب أصحاب الکساء قدوه الورى‏
بهم یبتغى مطلوبه کلّ طالب‏

مناقب تجلى سافرات وجوهها
و یجلو سناها مدلهما الغیاهب‏

علیک بها سرّا وجه را فانها
تحلّل عند اللّه أعلى المراتب‏

وجد عند ما یتلو لسانک آینا
بدعوه قلب حاضر غیر غائب‏

لمن قام فی تألیفها و اعتنی به‏
لیقضى من مفروضهم کلّ واجب‏

عسى دعوه تزکو بها حسناته
فیحظى من الحسنى بأسنى المواهب‏

فأقول: روى فى کشف الغمه من کتاب معالم العتره الطاهره للجنابذی عن بریده قال: کان رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم یخطب فأقبل الحسن و الحسین علیهما السلام و علیهما قمیصان أحمران یعثران و یقومان، فلما رآهما فنزل فأخذهما ثمّ صعد فوضعهما فی حجره ثمّ قال: صدق اللّه وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُکُمْ وَ رأیت هذین فلم أصبر حتى أخذتهما.

و عن فاطمه علیهما السلام بنت رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أنها أتت رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و معها الحسن و الحسین علیهما السّلام فى مرضه الذی توفّى فیه قالت: یا رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم إنّ هذین لم تورّثهما شیئا قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: أمّا الحسن فله هیبتى و أمّا الحسین فله جرأتى و جودى.

و عن عبد اللّه بن عباس قال: بینما نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم إذ أقبلت فاطمه تبکى، فقال لها النبىّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم. ما یبکیک قالت: یا رسول اللّه إنّ الحسن و الحسین خرجا فو اللّه ما أدرى أین سلکا.

فقال النبىّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم لا تبکین فداک أبوک فانّ اللّه عزّ و جلّ خلقهما و هو أرحم بهما اللهمّ إن کانا قد أخذا فى برّ فاحفظهما، و إن کانا قد أخذا فى بحر فسلّمهما فهبط جبرئیل علیه السّلام فقال: یا أحمد لا تغتم و لا تحزن هما فاضلان فى الدّنیافاضلان فى الاخره و أبوهما خیر منهما و هما فى حظیره بنى النجار نائمین، و قد وکّل اللّه بهما ملکا یحفظهما.

قال ابن عباس: فقام رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و قمنا معه حتى أتینا معه حظیره بنى النجار فاذا الحسن معانق الحسین و إذا الملک قد غطاهما بأحد جناحیه.

قال: فحمل النبىّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم الحسن و أخذ الحسین الملک و الناس یرون أنه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم حاملهما فقال أبو بکر و أبو أیوب الأنصارى: یا رسول اللّه ألا نخفّف عنک بأحد الصبیّین فقال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: دعاهما فانهما فاضلان فى الدّنیا فاضلان فى الاخره و أبوهما خیر منهما ثمّ قال و اللّه لاشرّفنهما الیوم بما شرّفهما اللّه فخطب فقال: یا أیها الناس ألا اخبرکم بخیر الناس جدّا و جدّه قالوا: بلى یا رسول اللّه، قال: الحسن و الحسین جدّهما رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و جدّتهما خدیجه بنت خویلد.

ألا اخبرکم بخیر الناس أبا و أما قالوا: بلى یا رسول اللّه قال: الحسن و الحسین أبوهما علىّ بن أبى طالب علیه السّلام و امّهما فاطمه بنت محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم.

ألا اخبرکم أیها الناس بخیر الناس عما و عمه قالوا: بلى یا رسول اللّه: قال: الحسن و الحسین عمّهما جعفر بن أبی طالب و عمّتهما امّ هانى بنت أبی طالب.

أیها الناس ألا اخبرکم بخیر الناس خالا و خاله قالوا: بلى یا رسول اللّه قال: الحسن و الحسین خالهما القاسم بن محمّد و خالتهما زینب بنت محمّد ألا إنّ أباهما فی الجنّه و امهما فى الجنّه و جدّهما فى الجنّه و جدّتهما فى الجنّه و خالهما فى الجنّه و خالتهما فى الجنّه و عمّهما فى الجنّه و عمّتهما فى الجنّه و هما فى الجنّه و من أحبّهما فى الجنّه و من أحبّ من أحبّهما فى الجنّه.

و فى البحار من بعض کتب المناقب القدیمه عن محمّد بن أحمد بن علىّ بن شاذان باسناده عن ابن عباس قال: کنت جالسا بین یدی النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ذات یوم و بین یدیه علیّ و فاطمه و الحسن و الحسین علیهم السّلام إذ هبط جبرئیل و معه تفّاحه، فحیّا بها النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و حیّا بها علیّ بن أبی طالب علیه السّلام فتحیّا بها علىّ و قبّلها و ردّها إلى رسول اللّه، فتحیّا بها رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم‏ و حیّا بها الحسن و تحیّا بها الحسن و قبّلها و ردّها إلى رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، فتحیّا بها رسول اللّه و حیّا بها الحسین و تحیّا بها الحسین و قبّلها و ردّها إلى رسول اللّه فتحیّا بها و حیّا بها فاطمه فتحیّت بها و قبّلتها و ردّتها إلى النبیّ، فتحیّا بها الرابعه و حیّا بها علیّ بن أبی طالب فلما همّ أن یردّها إلى رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم سقطت التفاحه من بین أنامله فانفلقت بنصفین فسطع منها نور حتى بلغ إلى السماء الدّنیا فاذا علیها سطران مکتوبان: بسم اللّه الرّحمن الرّحیم تحیّه من اللّه إلى محمّد المصطفى و علیّ المرتضى و فاطمه الزّهراء و الحسن و الحسین سبطى رسول اللّه و أمان لمحبّیهما یوم القیامه من النار.

و عن ابن شاذان عن زاذان عن سلمان قال: أتیت النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فسلّمت علیه ثمّ دخلت على فاطمه علیهما السّلام فقال یا عبد اللّه هذان الحسن و الحسین جائعان یبکیان فخذ بأیدیهما فاخرج بهما إلى جدّهما فأخذت بأیدیهما و حملتهما حتى أتیت بهما إلى النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم قال: ما لکما یا حسناى قالا: نشتهى طعاما یا رسول اللّه، فقال النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم اللّهم أطعمهما ثلاثا قال: فنظرت فاذا سفرجله فى ید رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم شبیهه بقلّه من حجر أشد بیاضا من الثلج و أحلى من العسل و ألین من الزبد، فعرکها بابهامه فصیرها نصفین ثمّ دفع إلى الحسن نصفها و إلى الحسین نصفها، فجعلت أنظر إلى النصفین فى أیدیهما و أنا أشتهیها قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: یا سلمان هذا طعام من الجنّه لا یأکله أحد حتّى ینجو من الحساب.

و باسناده عن الطبرانى باسناده عن سلمان قال: کنا حول النبىّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فجاءت أم أیمن فقالت: یا رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم لقد ضلّ الحسن و الحسین و ذلک عند ارتفاع النهار، فقال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: قوموا فاطلبوا ابنىّ، فأخذ کل رجل تجاه وجهه و أخذت نحو النبىّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فلم یزل حتى أتى صفح الجبل و إذا الحسن و الحسین علیهما السّلام ملتزق کلّ واحد منهما بصاحبه، و إذا شجاع قائم على ذنبه یخرج من فیه شبه النار فأسرع لى «إلیه» رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فالتفت مخاطبا لرسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، ثم انساب فدخل بعض الأجحره، ثمّ أتاهما فافرق بینهما و مسح‏ وجوههما و قال بأبى و امّى أنتما ما أکرمکما على اللّه، ثمّ حمل أحدهما على عاتقه الأیمن و الاخر على عاتقه الأیسر فقلت: طوبى کما نعم المطیه مطیتکما فقال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: و نعم الراکبان هما و أبوهما خیر منهما.

و روى فى المراسیل: أنّ الحسن و الحسین علیهما السّلام کانا یبکیان، فقال الحسن للحسین علیه السّلام: خطّی أحسن، و قال الحسین: لا بل خطّى أحسن من خطّک، فقال لفاطمه علیهما السّلام حکمى بیننا فکرهت فاطمه علیها السّلام أن تؤذى أحدهما، فقالت لهما: سلا أباکما، فسألاه فکره أن یؤذى أحدهما فقال: سلاجدّ کما رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، فقال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: لا أحکم بینکما حتّى أسأل جبرئیل فلما جاء جبرئیل قال: لا أحکم بینهما و لکن اسرافیل یحکم بینهما فقال اسرافیل: لا أحکم بینهما و لکن اسأل اللّه أن یحکم بینهما، فسأل اللّه ذلک فقال تعالى: لا أحکم بینهما و لکن امّهما فاطمه تحکم بینهما، فقالت فاطمه: احکم بینهما یا ربّ و کانت لها قلاده فقالت: أنا أنثر بینکما جواهر هذه القلاده فمن أخذ منها أکثر فخطّه أحسن، فنثرها و کان جبرئیل وقتئذ عند قائمه العرش، فأمره اللّه تعالى أن یهبط إلى الأرض و ینصف الجواهر بینهما کیلا یتأذّى أحدهما ففعل ذلک جبرئیل إکراما لهما و تعظیما.

و روى رکن الأئمه عبد الحمید بن میکائیل عن یوسف بن منصور السّاوى عن عبد اللّه بن محمّد الأزدى عن سهل بن عثمان عن منصور بن محمّد النسفی عن عبد اللّه ابن عمرو عن الحسن موسى عن صعدان عن مالک بن سلیمان عن ابن جریح عن عطا عن عایشه قالت: کان رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم جایعا لا یقدر على ما یأکل، فقال لی: هاتى ردائى، فقلت أین ترید قال: إلى ابنتى فأنظر إلى الحسن و الحسین فیذهب بعض ما بى من الجوع، فخرج حتّى دخل على فاطمه علیها السّلام فقال: یا فاطمه أین ابناى فقالت:یا رسول اللّه خرجا من الجوع و هما یبکیان، فخرج النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فی طلبهما فرأى أبا الدّرداء فقال: یا عویمر هل رأیت ابنیّ قال: نعم یا رسول اللّه هما نائمان فى ظلّ حائلى بنى جذعان، فانطلق النبی صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فضمّهما و هما یبکیان و هو یمسح الدّموع عنهما، فقال له أبو الدّرداء: دعنى أحملهما فقال یا أبا الدّرداء دعنى أمسح الدّموع عنهما فو الذى بعثنى بالحقّ نبیا لو قطرت قطره فی الأرض لبقیت المجاعه فى امتى إلى یوم القیامه ثمّ حملهما و هما یبکیان و هو یبکى فجاء جبرئیل علیه السّلام فقال: السلام علیک یا محمّد ربّ العزّه جلّ جلاله یقرؤک السلام و یقول: ما هذا الجزع فقال النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: یا جبرئیل ما أبکى جزعا بل أبکى من ذلّ الدّنیا، فقال جبرئیل: إنّ اللّه تعالى یقول: أیسرّک أن أحوّل لک احدا ذهبا و لا ینقص مما عندى شی‏ء قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: لا، قال: لم قال: لأنّ اللّه تعالى لم یحبّ الدّنیا و لو أحبّها لما جعلها للکافر أکملها فقال جبرئیل: ادع بالجفنه المنکوبه التی فی ناحیه البیت، قال: فدعا بها، فلما حملت فاذا فیها ثرید و لحم کثیر، فقال: کل یا محمّد و أطعم ابنیک و أهل بیتک، قال: فأکلوا و شبعوا قال: ثمّ أرسل بها إلىّ فأکلوا و شبعوا و هو على حالها، قال ما رأیت جفنه أعظم برکه منها فرفعت عنهم فقال النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: و الذى بعثنی بالحقّ لو سکتّ لتداولها فقراء امتی إلى یوم القیامه.

و فى البحار وجدت فی بعض مؤلفات أصحابنا أنه روى مرسلا من جماعه من الصحابه قالوا: دخل النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم دار فاطمه فقال: یا فاطمه إنّ أباک الیوم ضیفک، فقالت یا أبت إن الحسن و الحسین یطالبانی بشی‏ء من الزاد فلم أجد لهما شیئا یقتاتان به ثمّ إنّ النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم دخل و جلس مع علیّ و الحسن و الحسین و فاطمه علیهم السّلام و فاطمه علیها السّلام متحیّره ما تدرى کیف تصنع، ثمّ إنّ النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم نظر إلى ا