نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۹ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی») فی ذم العاصین من أصحابه‏

خطبه ۱۸۰ صبحی صالح

۱۸۰- و من خطبه له ( علیه‏ السلام  ) فی ذم العاصین من أصحابه‏

أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَا قَضَى مِنْ أَمْرٍ وَ قَدَّرَ مِنْ فِعْلٍ وَ عَلَى ابْتِلَائِی بِکُمْ أَیَّتُهَا الْفِرْقَهُ الَّتِی إِذَا أَمَرْتُ لَمْ تُطِعْ وَ إِذَا دَعَوْتُ لَمْ تُجِبْ

إِنْ أُمْهِلْتُمْ خُضْتُمْ وَ إِنْ حُورِبْتُمْ خُرْتُمْ

وَ إِنِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ طَعَنْتُمْ

وَ إِنْ أُجِئْتُمْ إِلَى مُشَاقَّهٍ نَکَصْتُمْ.

لَا أَبَا لِغَیْرِکُمْ مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِکُمْ وَ الْجِهَادِ عَلَى حَقِّکُمْ

الْمَوْتَ أَوِ الذُّلَّ لَکُمْ

فَوَاللَّهِ لَئِنْ جَاءَ یَومِی وَ لَیَأْتِیَنِّی لَیُفَرِّقَنَّ بَیْنِی وَ بَیْنِکُمْ

وَ أَنَا لِصُحْبَتِکُمْ قَالٍ وَ بِکُمْ غَیْرُ کَثِیرٍ

لِلَّهِ أَنْتُمْ أَ مَادِینٌ یَجْمَعُکُمْ وَ لَا حَمِیَّهٌ تَشْحَذُکُمْ

أَ وَ لَیْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِیَهَ یَدْعُو الْجُفَاهَ الطَّغَامَ فَیَتَّبِعُونَهُ عَلَى غَیْرِ مَعُونَهٍ وَ لَا عَطَاءٍ

وَ أَنَا أَدْعُوکُمْ وَ أَنْتُمْ تَرِیکَهُ الْإِسْلَامِ وَ بَقِیَّهُ النَّاسِ إِلَى الْمَعُونَهِ أَوْ طَائِفَهٍ مِنَ الْعَطَاءِ فَتَفَرَّقُونَ عَنِّی وَ تَخْتَلِفُونَ عَلَیَّ

إِنَّهُ لَا یَخْرُجُ إِلَیْکُمْ مِنْ أَمْرِی رِضًى فَتَرْضَوْنَهُ وَ لَا سُخْطٌ فَتَجْتَمِعُونَ عَلَیْهِ

وَ إِنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لَاقٍ إِلَیَّ الْمَوْتُ

قَدْ دَارَسْتُکُمُ الْکِتَابَ وَ فَاتَحْتُکُمُ الْحِجَاجَ

وَ عَرَّفْتُکُمْ مَا أَنْکَرْتُمْ وَ سَوَّغْتُکُمْ مَا مَجَجْتُمْ

لَوْ کَانَ الْأَعْمَى یَلْحَظُ أَوِ النَّائِمُ یَسْتَیْقِظُ

وَ أَقْرِبْ بِقَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ قَائِدُهُمْ مُعَاوِیَهُ وَ مُؤَدِّبُهُمُ ابْنُ النَّابِغَهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام فی ذمّ أصحابه و هى المأه و التاسعه و السبعون من المختار فی باب الخطب

أحمد اللّه على ما قضى من أمر، و قدّر من فعل، و على ابتلائی بکم أیّتها الفرقه الّتی إذا أمرت لم تطع، و إذا دعوت لم تجب، إن‏أمهلتم خضتم، و إن حوربتم خرتم، و إن اجتمع النّاس على إمام طعنتم، و إن أجبتم إلى مشاقّه نکصتم، لا أبا لغیرکم، ما تنتظرون بنصرکم، و الجهاد على حقّکم، الموت أو الذّلّ لکم، فو اللّه لئن جاء یومی- و لیأتینیّ- لیفرّقنّ بینی و بینکم و أنا لصحبتکم قال، و بکم غیر کثیر، للّه أنتم أما دین یجمعکم، و لا حمیّه تشحذکم، أو لیس عجبا أنّ معاویه یدعو الجفاه الطّغام فیتّبعونه على غیر معونه و لا عطاء، و أنا أدعوکم و أنتم تریکه الإسلام و بقیّه النّاس إلى المعونه أو طائفه من العطاء فتفرّقون عنّی و تختلفون علیّ، إنّه لا یخرج إلیکم من أمری رضا فترضونه، و لا سخط فتجتمعون علیه، و إنّ أحبّ ما أنّا لاق إلىّ الموت، قد دارستکم الکتاب، و فاتحتکم الحجاج، و عرّفتکم ما أنکرتم، و سوّغتکم ما مججتم لو کان الأعمى یلحظ، أو النّائم یستیقظ، و أقرب بقوم من الجهل باللّه قائدهم معاویه، و مؤدّبهم ابن النّابغه.

اللغه

(أمهله) اى رفق به و أخّره و فی بعض النسخ أهملتم أى ترکتم و (خرتم) بالخاء المعجمه و الراء المهمله من الخور بمعنى الضعف أو من خوار الثور و هو صیاحه قال تعالى: «عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ»، و عن بعض النسخ جرتم بالجیم من جار أى عدل‏عن الحقّ و (طعنتم) فی بعض النسخ بالظاء المعجمه ارتحلتم و فارقتم و (أجبتم) بالجیم و الباء المعجمه على البناء على المعلوم من أجاب إجابه، و فی نسخه الشارح المعتزلی اجئتم بالهمزه الساکنه بعد الجیم المکسوره و البناء على المجهول أى الجئتم قال تعالى: «فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى‏ جِذْعِ النَّخْلَهِ».

و (النکوص) الرجوع إلى ما وراء قال تعالى: «فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَکَصَ عَلى‏ عَقِبَیْهِ» و (شحذت) النصل و السکین حدّتهما و (الجفاه) جمع الجافی و هو الغلیظ من الناس و (الطغام) بالطاء المهمله و الغین المعجمه أراذل الناس و أوغادهم الواحد و الجمع سواء و (التریکه) بیضه النعامه یترکها فی مجثمها و (درس) الکتاب قرأ و (ساغ) الشراب دخل فی الحلق بسهوله قال الشاعر:

فساغ لی الشراب و کنت
قبلا أکاد أغصّ بالماء الفرات‏

و (مججته) من فمى أى رمیت به.

الاعراب

یحتمل أن یکون ما فی قوله: على ما قضا، مصدریّه و موصوله فیکون العاید محذوفا.
و قوله: لا أبا لغیرکم قال الشارح البحرانی: أصله لا أب و الالف زایده إمّا لاستثقال توالى أربع فتحات، أو لانّهم قصدوا الاضافه و أتوا باللّام للتأکید.

أقول: و یؤیّد الثانی ما حکاه نجم الأئمه عن سیبویه من زیاده اللّام فی لا أبالک و قال الشارح المعتزلی: الأفصح لا أب بحذف الألف، و أمّا قولهم لا أبالک باثباته فدون الأوّل فی الفصاحه، کأنّهم قصدوا الاضافه و أقحموا اللّام مزیده مؤکده

کما قالوا: یا تیم تیم عدىّ«» و هو غریب لأنّ حکم لا أن تعمل فی النکره فقط و حکم الألف أن تثبت مع الاضافه و الاضافه تعرف فاجتمع حکمان متنافیان فصار من الشواذ و قال أبو البقاء یجوز فیها وجهان آخران: أحدهما أنه أشبع فتحه الباء فنشأت الالف و الاسم باق على تنکیره و الثانی أن یکون أبا لغه من قال لها أبا فی جمیع أحوالها، مثل عصا و منه: إنّ أباها و أبا أباها.

و قوله: الموت أو الذّل لکم، فی أکثر النسخ برفعهما و فی بعضها بالنّصب أمّا الرفع فعلى الابتداء و لکم خبر و الجمله دعائیّه لا محلّ لها من الاعراب، و أمّا النصب فبتقدیر أرجو و أطلب فتکون دعائیه أیضا، و تحتمل الاستفهام أى أ تنتظرون.

و قوله: فو اللّه لئن جاء یومى و لیأتیّنى لیفرقنّ آه، جمله لیفرقنّ جواب للقسم و استغنى بها عن جواب الشرط، و جمله و لیأتینّى معترضه بین القسم و الشرط و جوابیهما المذکور و المحذوف و تعرف نکته الاعتراض فی بیان المعنى و جمله: و أنا لصحبتکم قال، منصوبه المحلّ على الحال، و بکم متعلّق بغیر کثیر قدّم علیه للتوسّع.

و قوله: للّه أنتم، قال الشارح المعتزلی: للّه فی موضع رفع لأنّه خبر عن المبتدأالذى هو أنتم، و مثله للّه درّ فلان، و للّه بلاد فلان، و للّه أبوک، و اللّام ههنا فیها معنى التعجّب، و المراد بقوله للّه أنتم للّه سعیکم أو للّه عملکم کما قالوا: للّه درّک، أى عملک فحذف المضاف و أقام الضمیر المنفصل المضاف الیه مقامه قال الشارح: و لا یجی‏ء هذه اللّام بمعنى التعجّب فی غیر لفظ اللّه کما أنّ تاء القسم لم تأت إلّا فی اسم اللّه، انتهى و قال نجم الأئمه الرّضی: قولهم إنّ لام القسم یستعمل فی مقام التعجّب یعنون الأمر العظیم الّذى یستحقّ أن یتعجّب منه فلا یقال للّه لقد قام زید، بل یستعمل فی الأمور العظام نحو للّه لتبعثنّ، و قیل إنّ اللّام فی لِإِیلافِ قُرَیْشٍ، و لِلْفُقَراءِ الَّذِینَ أُحْصِرُوا»، للتعجّب، و الأولى أن یقال إنّها للاختصاص إذ لم یثبت لام التعجّب الّا فی القسم انتهى کلامه رفع مقامه.

أقول: المستفاد من نصّ کلام الشارح أنّ لام التعجّب مختصّه بالدّخول على لفظ الجلاله، و من ظاهر کلام الرّضی أنّها ملازمه للقسم، و یشکل ذلک فی نحو للّه درّه و للّه أبوک و للّه أنتم و ما ضاهاها، لأنهم اتّفقوا على أنّها فی هذه الأمثله للتعجّب مع أنّه لا معنى للقسم بل لا تصویر له فیها إذ لو کانت للقسم لاحتاجت إلى الجواب و لیس فلیس.

و قد صرّح الرضىّ نفسه فی مبحث التمیز من شرح مختصر ابن الحاجب بأنّ معنی للّه درّه فارسا، عجبا من زید فارسا و هو یعطى أنّها فیه للتعجّب فقط لا للتعجّب و القسم على أنها لو جعلت للقسم لا یکون للّه خبرا مقدّما و درّه مبتدأ و لا یکون للدّرّ عامل رفع کما هو ظاهر لا یخفى.

و بعد اللّتیا و اللّتی فالتحقیق أن یقال: إنّ اللّام قد تکون للتعجّب مجرّده عن القسم و لا یلزم دخولها على لفظ الجلاله کما زعمه الشارح المعتزلی بل قد تدخل علیه کما فی للّه درّه فارسا و للّه أنت و قوله:

شباب و شیب و افتقار و ثروه
فللّه هذا الدّهر کیف تردّدا

و قد تدخل على غیره کما فی «لِإِیلافِ قُرَیْشٍ» أى اعجبوا لایلاف قریش کما حکاه فی الکشّاف عن بعضهم و فی قوله:

فیا لک من لیل کأنّ نجومه
بکلّ مغار القتل بشدّت بیذبل‏

و قد تکون للتعجّب و القسم معا، و هذه مختصّه بالدّخول على لفظ الجلاله کما فی للّه لا یؤخّر الأجل، و قوله تعالى: «للّه لتبعثنّ»

و قول الشاعر:

للّه یبقى على الأیّام ذو حید
بمسمخرّ به الظبیان و الاس‏

فقد ظهر من ذلک أنّ لام القسم ملازم للتعجّب و لام التعجّب غیر ملازم للقسم کما زعمه الرّضى و لا للدّخول على لفظ الجلاله کما زعمه الشارح المعتزلی هذا.
و أما تحقیق معنى التعجّب فی هذه الموارد فهو ما أشار إلیه الرّضی فیما حکى عنه بقوله: و أمّا معنى قولهم للّه درّک، فالدّر فی الأصل ما یدرّ أى ینزل من الضّرع من اللّبن و من الغیم من المطر و هو هنا کنایه عن فعل الممدوح و الصادر عنه، و إنما نسب فعله إلیه قصدا للتعجّب منه لأنّ اللّه تعالى منشی‏ء العجائب، فکلّ شی‏ء عظیم یریدون التعجّب منه ینسبونه إلیه تعالى و یضیفونه إلیه نحو قولهم: للّه أنت، و للّه أبوک، فمعنى للّه درّه ما أعجب فعله.

و قال عز الدّین الزنجانی فی محکىّ کلامه من شرح الهادى: للّه درّه کلام معناه التعجّب، و العرب إذا أعظموا الشی‏ء غایه الاعظام أضافوه إلى اللّه تعالى ایذانا بأنّ هذا الشی‏ء لا یقدر على ایجاده إلّا اللّه تعالى و بأنّ هذا جدیر بأن یتعجّب منه لأنّه صادر عن فاعل قادر مصدر للأشیاء العجیبه هذا.

و قوله علیه السّلام: أما دین یجمعکم، قال الشارح المعتزلی ارتفاع دین على أنه فاعل فعل مقدّر أى ما یجمعکم دین یجمعکم، اللّفظ الثانی مفسّر للأوّل کما قدرناه بعد إذا فی قوله: «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ»، و یجوز أن یکون حمیه مبتدأ و الخبر محذوف تقدیره أما لکم حمیه، انتهى.

أقول: لزوم تقدیر الفعل بعد أما إنما هو مسلم إن جعل أما مرکبه حرف عرض بمنزله لو لا، لاختصاصها بالدّخول على الفعل کما أنّ اذا مختصّه بالدّخول علیه، و لذلک احتیج الى تقدیره فی الایه الشریفه، و أما إذا جعلنا الهمزه للاستفهام على سبیل الانکار التوبیخى أو على سبیل التقریر و ما حرف نفى فلا حاجه إلى تقدیرالفعل لأنّ ما على ذلک ماء حجازیه بمعنى لیس و دین اسمها و یجمعکم خبرها.

و الظاهر من قول الشارح: أى ما یجمعکم أنه لا یجعلها حرف عرض و حینئذ فتقدیره للفعل باطل، ثمّ إنّ تجویزه کون حمیه مبتدأ و الخبر محذوفا فیه أنّ الأصل عدم الحذف مع وجود الجمله الصّالحه للخبریّه، و إن أراد بالتجویز مجرّد الصحّه بالقواعد الأدبیّه فلا بأس به.

و قوله: أو لیس عجبا استفهام تقریرى، و على فی قوله علیه السّلام: على غیر معونه، بمعنى مع کما فی قوله تعالى: «وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ»، «وَ إِنَّ رَبَّکَ لَذُو مَغْفِرَهٍ لِلنَّاسِ عَلى‏ ظُلْمِهِمْ»، و إلى فی قوله: إلى المعونه، متعلّق بقوله ادعوکم، و جمله: و أنتم تریکه الاسلام آه، معترضه بینهما فلیس لها محلّ من الاعراب، و یحتمل کونها فی محلّ النّصب على الحالیه من مفعول أدعوکم و لکن الأوّل أظهر.

و الضمیر فی قوله: إنه للشأن، و جواب لو فی قوله لو کان الأعمى یلحظ أو النائم یستیقظ محذوف بدلاله الکلام کما فی قوله تعالى: «وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُیِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ کُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى‏»، أى لکان هذا القرآن.
و قوله علیه السّلام: و أقرب بقوم من الجهل باللّه، فعل تعجّب و الباء زایده کما فی أحسن بزید قال سیبویه افعل صورته أمر و معناه الماضی من افعل أى صار ذا فعل کألحم أى صار ذا لحم، و الباء بعده زایده فی الفاعل لازمه، و قد یحذف إن کان المتعجّب منه أن وصلتها نحو أحسن أن یقوم أى أن یقوم على ما هو القیاس.

و ضعّف قوله بأنّ الأمر بمعنى الماضى مما لم یعهد بل الماضی یجی‏ء بمعنى الأمر مثل اتّقى امرؤ ربّه، و بأنّ افعل بمعنى صار ذا فعل قلیل و لو کان منه لجاز ألحم بزید و أشحم به، و بأنّ زیاده الباء فی الفاعل قلیل و المطرد زیادتها فی المفعول.

و قال الفراء و تبعه الزمخشری و غیره ان احسن امر لکل احد بأن یجعل زیدا حسنا، و انما یجعله کذلک بأن یصفه بالحسن فکأنه قیل: صفه بالحسن کیف شئت فانّ فیه منه کلّ ما یمکن أن یکون فی شخص کما قال الشاعر:
و قد وجدت مکان القول ذا سعه فان وجدت لسانا قائلا فعل‏و هذا معنى مناسب للتعجّب بخلاف تقدیر سیبویه و أیضا همزه الجعل أکثر من همزه صار کذا و ان لم یکن شی‏ء منهما قیاسا مطردا، و على ذلک فهمزه أحسن به للجعل کهمزه ما أحسن و الباء مزیده فی المفعول و هو کثیر مطرد هذا.

و إنما لم یجمع لفظ أقرب مع کون المقصود بالخطاب غیر مفرد، لأنّ فعل التعجّب لا یتصرّف فیه فلا یقال أحسنا و أحسنوا و أحسنى و إن خوطب به مثنّى أو مجموع أو مؤنّث، و سهل ذلک انمحاء معنى الأمر فیه ارید به محض انشاء التعجّب و لم یبق فیه معنى الخطاب حتّى یثنّى أو یجمع أو یؤنّث.

ثمّ إنّه یجب أن یکون المتعجّب منه مختصّا فلا یقال ما أحسن رجلا، لعدم الفائده فان خصّصته بوصف نحو رجلا رأیناه فی موضع کذا جاز، و لذلک أتى بالجمله الوصفیه أعنى قوله قائدهم معاویه بعد قوله بقوم، لئلّا یخلو عن الفائده، فالجمله على ذلک فی محلّ الجرّ على الصفه فافهم ذلک کلّه و اغتنم.

المعنى

اعلم أنّ هذا الکلام له علیه السّلام کما نبّه علیه السیّد (ره) وارد فی ذمّ أصحابه و التوبیخ لهم، و الأشبه أنه علیه السّلام قاله بعد التّحکیم و انقضاء أمر الحکمین تقریعا لأصحابه على القعود عن قتال معاویه، فافتتح کلامه بحمد اللّه تعالى و ثنائه على ما جرى علیه سیرته فی أغلب کلماته الوارده فی مقام الخطابه فقال: (الحمد للّه على ما قضا من أمر و قدر من فعل) یحتمل أن یرید بقوله قضا و قدر معنى واحدا و کذلک الأمر و الفعل فیکونان مترادفین کالفعلین، و أن یرید بالقضاء الحکم الالهى بوجود الأشیاء، و بعباره اخرى هو عالم الأمر و لذا فسّره بقوله: من أمر، و بالقدر ما قدره من الخلق و الایجاد و بعباره اخرى هو عالم الخلق و لذا بیّنه بقوله: من فعل، فیکون المعنى الثناء للّه على قضائه و قدره أى على أمره و فعله أو على ما قضاه و قدره على مقتضیاته من الأوامر و الأحکام، و على مقدراته من الصنائع و الأفعال و قد مضى تفصیل الکلام مشبعا فی معنى القضاء و القدر فی شرح الفصل‏التاسع من الخطبه الأولى.

و أقول هنا: إنّ قوله علیه السّلام هذا مؤیّد لما ذهب إلیه اتباع الاشراقیّین من أنّ القضاء عباره عن وجود الصور العقلیه لجمیع الموجودات فایضه عنه تعالى على سبیل الابداع دفعه بلا زمان، لکونها عندهم من جمله العالم و من أفعال اللّه تعالى المباینه و ذاتها لذاته، خلافا لاتباع المشّائین کالشیخ الرئیس و من یحذو حذوه فانه عندهم عباره عن صور علمیه لازمه لذاته بلا جعل و تأثیر و تأثّر، و لیست من أجزاء العالم، إذ لیست لها جهه عدمیه و لا إمکانات واقعیه.

و أمّا القدر فهو عباره عن وجود صور الموجودات فی العالم السماوى على الوجه الجزئی مطابقه لما فی موادّها الخارجیه الشخصیّه مستنده إلى أسبابها و عللها لازمه لأوقاتها المعیّنه و أمکنتها المشخّصه هذا.
و على ما استظهرناه من ورود هذا الکلام عنه علیه السّلام بعد التحکیم فیجوز أن أن یراد بما قضاه و قدره خصوص ما وقع من أمر الحکمین و إفضاء الأمر إلى معاویه، فإنّ کل ما یقع فی العالم فلا یکون إلّا بقضاء من اللّه و قدر، فیکون مساق هذا الکلام مساق قوله علیه السّلام فی الخطبه الخامسه و الثلاثین: الحمد للّه و ان أتى الدّهر بالخطب الفادح و الحدث الجلیل.

فان قلت: فما معنى حمده على وقوع هذا الأمر مع أنه لیس نعمه موجبه للثناء قلت: اللّازم على العبد الکامل فی مقام العبودیّه و البالغ فی مقام العرفان أن یحمد اللّه على بلاء اللّه سبحانه کما یحمد على نعمائه حسبما عرفت توضیحه فی شرح قوله: نحمده على آلائه کما نحمده على بلائه فی الخطبه المأه و الاحدى و الثلاثین، و لما کان وقوع ما وقع بلیّه له علیه السّلام فی الحقیقه لا جرم حمد اللّه سبحانه على ذلک.

و یفید ذلک أیضا قوله (و على ابتلائى بکم) خصوصا ما یروى فی بعض النسخ على ما ابتلانى بکم (أیّتها الفرقه التی إذا أمرت لم تطع و اذا دعوت لم تجب) و الاتیان بالموصول لزیاده التقریر أعنى تقریر الغرض المسوق له الکلام، فانه لما بیّن ابتلائه بهم إجمالا عقّبه بتفصیل جهات الابتلاء، و هو کونهم مخالفین له فی‏جمیع الأحوال متمرّدین عن طاعته عند الأمر بالقتال، متثاقلین عن إجابته عند الدّعوه إلى الحرب و الجدال.

(إن امهلتم) و عن بعض النسخ إن اهملتم أى ترکتم على حالکم (خضتم) فی لهو الحدیث و فى الضلاله و الأهواء الباطله (و إن حوربتم خرتم) أى ضعفتم و جبنتم أو صحتم ضیاح الثور، و عن بعض النسخ جرتم بالجیم أى عدلتم عن الحرب فرارا (و إن اجتمع الناس على إمام) أراد به نفسه (طعنتم) على المجتمعین (و إن اجبتم الى مشاقه) عدوّ أى مقاطعته و مصارمته (نکصتم) على أعقابکم و رجعتم محجمین (لا أبا لغیرکم) دعاء بالذّل و فیه نوع تلطّف لهم حیث قال لغیرکم و لم یقل لکم (ما تنتظرون) استفهام على سبیل التقریع و التوبیخ أى أىّ شی‏ء تنتظرونه (بنصرکم) أى بتأخیر نصرتکم لدین اللّه (و) بتأخیر (الجهاد على حقکم) اللّازم علیکم و هو إعلاء کلمه اللّه (الموت أو الذّل لکم) قال الشارح المعتزلی: دعاء علیهم بأن یصیبهم أحد الأمرین کأنّه شرع داعیا علیهم بالفناء الکلّى و هو الموت ثمّ استدرک فقال أو الذّل، لأنّه نظیر الموت فی المعنى لکنه فی الصّوره دونه، و لقد اجیب دعائه علیه السّلام بالدعوه الثانیه فانّ شیعته ذلّوا بعده فی الأیام الأمویّه.

أقول: و قد مضی له معنی آخر فی بیان الاعراب و على ذلک المعنی ففیه اشاره إلى أنّ تأخیر الجهاد إمّا مؤدّ إلى الموت على الفراش أو الذّل العظیم على سبیل منع الخلوّ، و أهل الفتوّه و المروّه لا یرضی بشی‏ء منهما، و القتل بالسیف فی الجهاد عندهم ألذّ و أشهى کما مرّ بیانه فی شرح المختار المأه و الثانی و العشرین.
ثمّ اقسم بالقسم البارّ بأنه إذا جاء موته لیکون مفارقته لهم عن قلى و بغض فقال (فو اللّه لئن جاء یومی) الموعود (و لیأتینّى) جمله معترضه أتی بها لدفع ایهام خلاف المقصود.

بیان ذلک أنّ لفظه إن و إذا الشرطیّتین تشترکان فی إفاده الشرط فی الاستقبال لکن أصل إن أن یستعمل فی مقام عدم الجزم بوقوع الشرط و أصل إذا أن یستعمل فی مقام الجزم بوقوعه، و لذلک کان الحکم النادر الوقوع موقعا لان لکونه غیر مقطوع‏به فی الغالب، و الحکم الغالب الوقوع موردا لاذا و غلب لفظ الماضی معها لدلالته على الوقوع قطعا نظرا إلى نفس اللفظ و إن نقل ههنا الى معنی الاستقبال قال سبحانه مبیّنا لحال قوم موسى علیه السّلام: «فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَهُ قالُوا لَنا هذِهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَهٌ یَطَّیَّرُوا بِمُوسى‏ وَ مَنْ مَعَهُ» جی‏ء فی جانب الحسنه بلفظ الماضی مع إذا لأنّ المراد الحسنه المطلقه التی وقوعها مقطوع به و لذلک عرفت بلام الجنس لأنّ وقوع الجنس و الماهیه کالواجب لکثرته و وسعته، و فی جانب السیئه بلفظ المضارع مع إن لندرتها و قلّتها و لذلک نکرت لدلاله التنکیر على التقلیل.

اذا عرفت ذلک فنقول: إنّ موته علیه السّلام لما کان أمرا محقّقا معلوم الوقوع کان المقام مقتضیا للاتیان باذا، لکنه أتى بان الموهمه لعدم جزمه علیه السّلام به.
فاستدرک ذلک أوّلا بالعدول فی الشرط عن الاستقبال إلى الماضی حیث قال: جاء یومی و لم یقل یجی‏ء إبرازا لغیر الحاصل فی معرض الحاصل و کون ما هو للوقوع کالواقع بقوّه أسبابه المعدّه له مع ما فیه من إظهار الرغبه و الاشتیاق الى حصول الشرط، فانّ الطالب إذا عظمت رغبته فی حصول أمر یکثر تصوّره إیاه فربما یخیل ذلک الأمر إلیه حاصلا فیعتبر عنه بلفظ الماضی.

و استدرکه ثانیا بقوله: و لیأتینّی، فنبّه علیه السّلام بهذین الاستدراکین على أنّه جازم بمجی‏ء یومه الموعود قاطع به و أنّ مجیئه قریب الوقوع و هو مشتاق الیه و أشدّ حبّا له من الطفل بثدى امّه کما صرّح به فی غیر واحده من کلماته، و هذا من لطایف البلاغه و محسّناتها البدیعه الّتی لا یلتفت إلیها إلّا مثله علیه السّلام هذا.

و قوله (لیفرقنّ بینی و بینکم و أنا بصحبتکم قال) یعنی إذا جاء مماتى یکون فارقا بیننا و الحال أنى مبغض لکم مستنکف عن مصاحبتکم (و بکم غیر کثیر) أى غیر کثیر بسببکم قوّه و عده لأنّ نسبتکم إلىّ کالحجر فی جنب الانسان لا أعوان صدق عند مبارزه الشجعان، و لا إخوان ثقه یوم الکریهه و مناضله الأقران (للّه أنتم) أى للّه درّکم و هو دار و فی مقام التعجّب و المدح تلطفا قال العلّامه المجلسی ره: و لعلّه للتعجّب على سبیل الذمّ.

أقول: إن أراد انفهام الذمّ منه بقرینه المقام فلا بأس و إلّا فهو خلاف ما اصطلحوا علیه من استعمالها فی مقام المدح حسبما عرفته تفصیلا فی شرح الاعراب.
و قوله (أما دین یجمعکم و لا حمیّه تشحذکم) أى تحددکم فی معنى الطلب و الترغیب على الاجتماع على الدّین و ملازمه الحمیّه سواء جعلنا أما حرف عرض و تحضیض أو الهمزه للاستفهام التوبیخی أو التقریرى و ما حرف نفی.
أمّا على الأول فواضح لأنّ معنی التحضیض فی المضارع هو الحضّ على الفعل و الطلب له فهو فیه بمعنى الأمر و قلّما یستعمل فیه إلّا فی موضع التوبیخ و اللّوم على ما کان یجب أن یفعله المخاطب قبل أن یطلب.

و أمّا على جعل الهمزه للانکار التوبیخى فکذلک لاقتضائه وقوع ما بعدها و کون فاعله ملوما و لوم المخاطبین و توبیخهم على عدم الدّین و ترک الحمیّه مستلزم لطلب الدّین و الحمیّه منهم.
و أمّا على جعلها للتقریر فلأنّ معنی التقریر هو حمل المخاطب على الاقرار بأمر قد استقرّ عنده ثبوته أو نفیه، و المراد هنا التقریر بما بعد النفی أى تقریر المخاطبین و حملهم على الاعتراف بالدّین الجامع و الحمیّه الشاحذه و حملهم على الاعتراف بذلک فی معنى طلبه منهم و حملهم علیهم حتى لا یکونوا کاذبین.

و إلى ذلک ینظر ما قاله العلّامه التفتازانی: من أنّ العرض مولد من الاستفهام أى لیس بابا على حده، فالهمزه فیه همزه الاستفهام دخلت على النفی و امتنع حملها على حقیقه الاستفهام لأنه یعرف عدم النزول مثلا فالاستفهام عنه یکون طلبا للحاصل فتولد منه بقرینه الحال عرض النزول على المخاطب و طلبه، و هی فی التحقیق همزه الانکار، أى لا ینبغی لک أن لا تنزل«» و إنکار النفی إثبات.

و فیه أیضا و من مجی‏ء الهمزه للانکار «أَ لَیْسَ اللَّهُ بِکافٍ»، أى اللّه کاف عبده، لأنّ إنکار النفی نفی له و نفی النفی إثبات، و هذا المعنی مراد من قال: إنّ الهمزه للتقریر بما بعد النفی النفی لا بالنفی، و هکذا أَ لَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ، و أَ لَمْ یَجِدْکَ یَتِیماً، و ماأشبه ذلک، فقد یقال: إنّ الهمزه للانکار و قد یقال إنها للتقریر و کلاهما حسن انتهى.

و من ذلک علم أنّ الهمزه فی قوله (أو لیس عجبا) أیضا تحتمل الانکار و التقریر کالجمله السابقه إلّا أنّ بینهما فرقا، و هو أنّ الانکار فی السابق للتوبیخ و هنا للابطال، و مقتضاه أن یکون ما بعده غیر واقع و مدعیه کاذبا فیکون مفاده إنکار عدم العجب و أنّ من ادّعى عدمه فهو کاذب و یلزمه ثبوت العجب لأنّ نفی النفی إثبات کما مرّ فی نحو: أَ لَیْسَ اللَّهُ بِکافٍ عَبْدَهُ، و أمّا على کونها للتقریر فلا فرق بینهما لأنها هنا أیضا للتقریر بما بعد النفی أى حملهم على الاقرار بثبوت العجب.

و على أىّ تقدیر فالمقصود من الکلام بقرینه الحال و المقام حثّهم على رفع ما أوجب التعجّب عن قبلهم و هو تفرّقهم عنه و اختلافهم علیه.
کما أشار إلى تفصیله بقوله (إنّ معاویه یدعو الجفاه الطعام) أى الأراذل و الأوغاد من الناس (فیتّبعونه) و یجیبون دعوته (على غیر معونه و لا عطاء) قال الشارح المعتزلی: الفرق بینهما انّ المعونه إلى أنجد شی‏ء یسیر من المال یرسم لهم لترمیم أسلحهتم و إصلاح دوابهم و یکون ذلک خارجا عن العطاء المفروض شهرا فشهرا و العطاء المفروض شهرا فشهرا یکون شیئا له مقدار یصرف فی أثمان الأقوات و معونه العیال و قضاء الدّیون.

فان قلت: کیف یجتمع قوله فیتّبعونه على غیر معونه و لا عطاء بما هو المعروف من بذل معاویه و أنه یمدّ جیشه بالأموال و الرغائب.
قلت: قد أجاب عنه الشارح المعتزلی بأنّ معاویه لم یکن یعطى جنده على وجه المعونه و العطاء، و إنما کان یعطی رؤساء القبایل من الیمن و ساکنی الشام الأموال الجلیله تستعبدهم بها و یدعو أولئک الرؤساء أتباعهم من العرب فیطیعونه، فمنهم من یطیعهم حمیه و منهم من یطیعهم دینا للطلب بدم عثمان، و لم یکن یصل إلى هولاء الأتباع من أموال معاویه قلیل و لا کثیر، و أما أمیر المؤمنین فانه کان یقسم بین الرؤساء و الاتباع على وجه العطاء و الرزق لا یرى شریف على مشروف فضلاو إلى ذلک أشار بقوله (و أنا أدعوکم و أنتم تریکه الاسلام و بقیّه) المسلمین من (النّاس) لا یخفى ما فی الاتیان بهذه الجمله من النکته اللّطیفه و هو الالهاب لهم و التهییج على المتابعه و استعار لهم لفظ التریکه لکونهم خلف الاسلام و بقیّته کالتریکه التی یترکها النعامه، أى أدعوکم مع کونکم خلف الاسلام و بقیّه السلّف و أولى النّاس بالقیام على مراسمه و بسلوک نهج الاسلاف (إلى المعونه أو طائفه من العطاء فتفرّقون عنّی) و تقاعدون (و تختلفون علىّ) و لا تجتمعون.

و عمده أسباب التفرّق و التقاعد هو ما أشرنا إلیه هنا إجمالا و قدّمناه فی شرح الخطبه الرابعه و الثلاثین تفصیلا من تسویته علیه السّلام فی العطاء بین الشریف و الوضیع و الرّئیس و المرءوس و الموالی و العبید، فکان الرؤساء من ذلک واجدین فی أنفسهم فیخذلونه باطنا و ینصرونه ظاهرا، و إذا أحسّ الاتباع بتخاذل الرّؤساء تخاذلوا أیضا فلم یکن یجد علیه السّلام لما أعطى الاتباع من الرّزق ثمره، لأنّ قتال الأتباع لا یتصوّر وقوعه مع تخاذل الرّؤساء فکان یذهب ما یعطیهم ضیاعا، هذا.

و قد تحصّل من قوله علیه السّلام أو لیس عجبا، إلى قوله: تختلفون على أنّ منشأ تعجّبه علیه السّلام أمور: أوّلها أنّ داعیهم معاویه إمام القاسطین و داعی هؤلاء أمیر المؤمنین إمام المتّقین و الأوّل یدعوهم إلى درک الجحیم و الثّانی یدعوهم إلى نضره النعیم.
و ثانیها أنّ المدعوّ هناک الأوغاد الطغام مع خلوّهم غالبا عن الغیره و الحمیّه و ههنا تریکه الاسلام و بقیّه أهل التقوى و المروّه.

و ثالثها متابعه الأوّلین على إمامهم من غیر معونه و لا عطاء و مخالفه الاخرین لامامهم مع المعونه و العطاء.
ثمّ أشار إلى مخالفتهم له علیه السّلام فی جمیع الأحوال فقال (إنه لا یخرج إلیکم من أمرى رضا فترضونه و لا سخط فتجتمعون علیه) أى لا یخرج إلیکم من أمرى شی‏ء من شأنه أن یرضى به کالمعونه و العطاء فترضونه أو من شأنه أن یسخط منه کالحرب و الجهاد لکراهه الموت و حبّ البقاء فتجتمعون علیه، بل لا بدّ لکم من‏المخالفه و التفرّق على الحالین أى لا تقبلون من أمرى و ما أقول لکم شیئا سواء کان فیه الرّضا أو السخط.
ثمّ قال (و إنّ أحبّ ما أنالاق إلىّ الموت) أى أحبّ الأشیاء إلىّ لقاء الموت قال الشارح المعتزلی: و هذه الحال الّتی ذکرها أبو الطیّب فقال:

کفى بک داء أن ترى الموت شافیا
و حسب المنایا أن یکنّ أمانیا

تمنّیتها لما تمنّیت أن أرى‏
صدیقا فأعیا أو عدوّا مراجیا

ثمّ أشار علیه السّلام إلى جهه محبّته للقاء الموت و کراهته لصحبتهم، و هو تثقالهم من إجابه الحقّ و عدم قبولهم لمواعظه و نصایحه، و ذلک معنى قوله: (قد دارستکم الکتاب) أى قرأته علیکم للتعلیم و قرأتم علىّ للتعلّم (و فاتحتکم الحجاج) أى حاکمتکم بالمحاجّه و المجادله (و عرفتکم ما أنکرتم) أى عرفتکم ما کانت منکره مجهوله عندکم من طریق الصّلاح و السّداد و ما فیه انتظام أمرکم فی المعاش و المعاد (و سوّغتکم ما مججتم) أى أعطیتکم من الأرزاق و الأموال ما کنتم محرومین عنها فاستعار لفظ التسویغ للاعطاء، و الجامع سهوله التناول کما استعار لفظ المجّ و هو اللّفظ من الفم للحرمان، و الجامع امتناع الانتفاع.

و قوله (لو کان الأعمى یلحظ أو النائم یستیقظ) أى لو کان الأعمى یلحظ لأبصرتم، و لو کان النائم یستیقظ لانتبهتم، و هو تعریض علیهم بأنّ لهم أعینا لا یبصرون بها، و آذانا لا یسمعون بها، و قلوبا لا یفقهون بها، فهم صمّ بکم عمى و هم لا یعقلون ثمّ تعجّب من حال أهل الشام و متابعتهم على معاویه فقال (و أقرب بقوم) قد مرّ لطف هذه اللّفظه و افادتها للمبالغه فی التعجّب فی بیان الاعراب أى ما أشدّ قرب قوم (من الجهل باللّه) و بشرایعه و بأحکامه (قائدهم معاویه) المنافق بن الکافر (و مؤدّبهم) و مشیرهم (ابن النابغه) الغادر الفاجر، و أراد به عمرو بن العاص اللّعین و طوى عن ذکر اسمه تحقیرا و تعریضا على خسّته و دنائته، و قدحا فی نسبه على ما عرفته تفصیلا فی شرح المختار الثالث و الثمانین.

الترجمه

از جمله کلام بلاغت نظام آن امام أنام است علیه الصّلاه و السّلام در مذمّت أصحاب خود مى‏ فرماید: حمد و ثنا می کنم معبود بحق را بر آنچه قضا فرمود از هر أمر و تقدیر کرد از هر فعل، و بر امتحان شدن من بشما اى گروهى که چون أمر مى‏ کنم مرا اطاعت نمى‏ نمائید، و اگر دعوت بکنم اجابت نمى‏ کنید، و اگر مهمل گذاشته شوید یا مهلت داده شده باشید غوص مى‏ کنید در لغو و باطل، و اگر محاربه کرده شوید ضعیف مى‏ باشید یا صدا مى‏ کنید مثل صداى گاو، و اگر جمعیت نمایند مردم بر امامی طعنه مى ‏زنید یا این که مفارقت مى‏ نمائید، و اگر خوانده شوید یا ملجأ شوید بسوى مشقّت یعنی محاربه باز مى‏ گردید.

بى ‏پدر باشد غیر شما چه انتظار مى‏ کشید با تأخیر یارى کردن و مجاهده نمودن بر حق خودتان، مرگ یا ذلّت باد از براى شما، پس سوگند بخدا اگر بیاید روز وفات من و البته خواهد آمد- هر آینه جدائى مى‏ اندازد میان من و میان شما در حالتى که من دشمن گیرنده باشم صحبت شما را، و در حالتى که من بسبب شما صاحب کثرت قوّت و زیادتی شوکت نمى ‏باشم، از براى خدا است خیر شما آیا نیست دینى که جمع نماید شما را، آیا نیست حمیّت غیرتی که باعث حدّت شما بشود، آیا نیست عجیب این که معاویه دعوت می کند جفا کاران و فرومایگان را پس متابعت می کنند بر او بدون این که جیره و مواجبی به آنها بدهد، و من دعوت می کنم شما را در حالتى که شما پس مانده اسلام و بقیه مردمان هستید بسوى معونت یا طائفه از عطاء پس متفرّق مى‏ شوید و اختلاف مى‏ ورزید بر من.

بدرستى که خارج نمى ‏شود بسوى شما از امر من چیزى که متضمّن رضا و خوشنودیست پس خوشنود بشوید از آن، یا چیزى که متضمّن سخط و خشم است پس اجتماع نمائید بر آن، و بدرستى که دوست‏ ترین چیزى که من ملاقات کننده ‏ام بسوى من مرگ است، بتحقیق که من درس گفتم شما را کتاب خدا را و محاکمه ‏کردم با شما با اجتماع و شناساندم شما را چیزى را که نمى‏ دانستید، و گوارا ساختم از براى شما چیزى را که از دهان انداخته بودید اگر نابینا مى‏ دید یا این که خواب کننده بیدار مى‏ شد، چه قدر نزدیک است قومى از جهالت بخدا که پیشواى ایشان معاویه است و أدب دهنده ایشان پسر زن زناکار که عبارت است از عمرو بن عاص بی‏دین.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۱۶۰

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۸ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۹ صبحی صالح

۱۷۹- و من کلام له ( علیه‏ السلام  ) و قد سأله ذعلب الیمانی فقال هل رأیت ربک یا أمیر المؤمنین

فقال ( علیه ‏السلام  ) أ فأعبد ما لا أرى فقال و کیف تراه فقال

لَا تُدْرِکُهُ الْعُیُونُ بِمُشَاهَدَهِ الْعِیَانِ وَ لَکِنْ تُدْرِکُهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِیمَانِ

قَرِیبٌ مِنَ الْأَشْیَاءِ غَیْرَ مُلَابِسٍ بَعِیدٌ مِنْهَا غَیْرَ مُبَایِنٍ

مُتَکَلِّمٌ لَا بِرَوِیَّهٍ مُرِیدٌ لَا بِهِمَّهٍ صَانِعٌ لَا بِجَارِحَهٍ

لَطِیفٌ لَا یُوصَفُ بِالْخَفَاءِ کَبِیرٌ لَا یُوصَفُ بِالْجَفَاءِ

بَصِیرٌ لَا یُوصَفُ بِالْحَاسَّهِ

رَحِیمٌ لَا یُوصَفُ بِالرِّقَّهِ

تَعْنُو الْوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ وَ تَجِبُ الْقُلُوبُ مِنْ مَخَافَتِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من کلام له علیه السّلامو هو المأه و الثامن و السبعون من المختار فی باب الخطب

و هو مروىّ فی الأصول المعتبره کالکافی و التوحید و الاحتجاج و الارشاد بطرق مختلفه باجمال و تفصیل و اختلاف تطلع علیه بعد الفراغ من شرح ما أورده السیّد (ره).
و قد سئله ذعلب الیمانی فقال: هل رأیت ربّک یا أمیر المؤمنین فقال علیه السّلام: أ فأعبد ما لا أرى قال: و کیف تراه قال علیه السّلام: لا تدرکه العیون بمشاهده العیان، و لکن تدرکه القلوب بحقایق‏الإیمان، قریب من الأشیاء غیر ملامس، بعید منها غیر مباین، متکلّم لا بروّیه، مرید بلا همّه، صانع لا بجارحه، لطیف لا یوصف بالخفاء، کبیر لا یوصف بالجفاء، بصیر لا یوصف بالحاسّه، رحیم لا یوصف بالرّقّه، تعنو الوجوه لعظمته، و تجب القلوب من مخافته.

اللغه

(الذعلب) فی الأصل الناقه السریعه ثمّ صار علما للانسان کما نقلوا بکرا عن فتى الابل إلى بکر بن وابل و (الیمانی) منسوب إلى الیمن اقلیم معروف سمّى به لکونه على یمین الکعبه و أصله یمنیّ بتشدید الیاء ثمّ جعلوا الألف بدلا عن الیاء الثانیه فقالوا یمانی بالتخفیف فی یمنیّ و (جفوت) الرجل أعرضت عنه أو طردته و قد یکون مع بغض و جفا الثوب یجفو إذا غلظ فهو جاف، و منه جفاء الید و هو غلظتهم و فظاظتهم و (عنا) یعنو عنوا من باب قعد ذلّ و خضع و الاسم العناء بالفتح و المدّ فهو عان و (وجب) الحائط و نحوه وجبه سقط و وجب القلب وجبا و وجیبا رجف.

الاعراب

قوله: أ فأعبد استفهام على سبیل الانکار و الابطال و قوله: قریب خبر لمبتدأ محذوف و قوله: غیر ملامس بنصب غیر کما فی أکثر النسخ حال من فاعل قریب المستتر و فی بعضها بالرّفع فیکون صفه لقریب، و کذلک قوله غیر مباین، و مثلهما جمله لا یوصف تحتمل أن تکون فی محلّ النصب على الحال، و فی محلّ الرّفع على الوصف.

المعنى

اعلم أنّ هذا الکلام له علیه السّلام من کلماته المعروفه و قد ظهر لک فی شرح الخطبهالثّانیه و التسعین أنّه ملتقط من کلام طویل له علیه السّلام قدّمنا روایته هناک من توحید الصّدوق کما ظهر أنّه علیه السّلام کلّم به مع ذعلب، فانه لما قال على المنبر غیر مرّه: سلونی قبل أن تفقدونی، قام إلیه ذعلب و کان رجلا ذرب اللّسان بلیغا فی الخطب شجاع القلب فقال: لقد ارتقى ابن أبی طالب مرقاه صعبه لاخجلنّه الیوم لکم فی مسألتی إیّاه فقال له (هل رأیت ربّک یا أمیر المؤمنین) و کان هذا السؤال منه من باب التعنّت و التقریر بقصد التعجیز عن الجواب لا الاستفهام الحقیقی کما یدلّ علیه أوّل کلامه الّذى حکیناه.

(فقال علیه السّلام أ فأعبد ما لا أرى) إنکار لعباده ما لا یدرک، لأنّ العباده متضمّنه للسؤال و المخاطبه و المکالمه و طلب الرحمه و المغفره و غیر ذلک من الخضوع و الخشوع و التضرّع و التملّق و الاستکانه و هذه کلّها تستدعى حضور المعبود و إدراکه و رؤیته.

و لما توهّم السائل من کلامه علیه السّلام أنّ مراده به رؤیه البصر أعاد السؤال و (قال و کیف تراه) على سبیل الاستفهام التوبیخی یعنی أنّ رؤیته غیر ممکنه فکیف ادّعیتها.
فأجابه و (قال علیه السّلام لا تدرکه العیون بمشاهده العیان) یعنى أنّ رؤیته لیست بالعین و بمشاهده القوّه البصریه الجسمانیه، فانّ هذه غیر جایزه کما عرفت تحقیقه فی شرح الخطبه التاسعه و الأربعین، و هو صریح فی بطلان مذهب الأشاعره و المشبهه و الکرامیّه المجوّزین للرؤیه (و لکن تدرکه القلوب بحقایق الایمان) أى تدرکه العقول الصافیه عن ملابسه الأبدان و غواشی الطبایع و الأجرام بحقایق الایمان أى بأنوار العقلیّه الناشئه من الایمان و الاذعان الخالص کما مرّ تحقیقه فی شرح الخطبه التاسعه و الأربعین أیضا.
و قال الشارح البحرانی: أراد بحقایق الایمان أرکانه و هى التصدیق بوجود اللّه و وحدانیّته و سایر صفاته و اعتبارات أسمائه الحسنى.

و قال العلامه المجلسى ره فی مرآت العقول: حقایق الایمان العقائد الّتى هى حقایق أى عقاید عقلیه ثابته یقینیّه لا یتطرّق إلیها الزوال و التغیر أى أرکان‏الایمان أى الانوار و الاثار الّتی حصلت فی القلب من الایمان او التصدیقات و الاذعانات الّتى تحقّ أن تسمّى ایمانا.

أو المراد بحقایق الایمان ما ینتمى إلیه تلک العقائد من البراهین العقلیّه، فانّ الحقیقه ما یصیر إلیه حقّ الأمر و وجوبه ذکره المطرزى فی الغریبین انتهى.
أقول: هذه المعانی کلّها صحیحه محتمله لکن الأظهر هو المعنى الثانی المطابق لما ذکرناه.
و یؤیّده ما فی الاحتجاج عن أبی عبد اللّه علیه السّلام أنه سأله زندیق کیف یعبد اللّه الخلق و لم یروه قال علیه السّلام: رأته القلوب بنور الایمان و أثبتته العقول بیقظها إثبات العیان، و أبصرته الأبصار بما رأت من حسن الترکیب و احکام التألیف، ثمّ الرّسل و آیاتها و الکتب و محکماتها و اقتصرت العلماء على ما رأت من عظمته دون رؤیته قال: ألیس هو قادر أن یظهر لهم حتّى یروه فیعرفوه فیعبد على یقین قال علیه السّلام: لیس للمحال جواب، هذا.

و لما نبّه على کونه سبحانه مدرکا بالعقول عقّبه بذکر جمله من صفات کماله التی هى جهات ادراکه فقال (قریب من الأشیاء غیر ملامس) یعنى أنّ قربه منها بالاحاطه و القیومیّه لا بالالتصاق و الملامسه الّتى هى من عوارض الجسمیّه (بعید منها غیر مباین) یعنى أنّ بعده منها بنفس ذاته المقدّسه لا بعنوان التعاند و المضادّه، و قد مرّ تحقیق ذلک مع سابقه فی شرح الفصل السادس من الخطبه الاولى عند شرح قوله علیه السّلام: مع کلّ شی‏ء لا بمقارنه و غیر کلّشى‏ء لا بمزایله.

(متکلّم لا برویه) یعنى أنّ تکلّمه تعالى لیس بالفکر و التروّى کسایر آحاد الناس فانّ کلامهم تابع للتروّى و الافکار یتفکّرون أوّلا فی نظم الألفاظ و ترتیبها و دلالتها على المعانی المقصوده ثمّ یتکلّمون و اللّه سبحانه منزّه عن ذلک.
قال الشارح البحرانی: و کلامه تعالى یعود إلى علمه بصور الأوامر و النواهى و سایر أنواع الکلام عند قوم و إلى المعنى النفسانی عند الأشعرى و إلى خلقه الکلام فی جسم النبىّ عند المعتزله.

أقول: و ستعرف تحقیق معنى کلامه و تکلّمه سبحانه فانتظر.(مرید بلا همّه) أى لیست إرادته کإرادتنا مسبوقه بالعزم و الهمّه.
قال الشارح المعتزلی قوله: بلا همّه، أى بلا عزم، و العزم عباره عن إراده متقدّمه للفعل تفعل توطینا للنفس على الفعل و تمهیدا للاراده المقارنه له، و إنما یصحّ ذلک على الجسم الّذی یتردّد فیها یدعوه إلیه الدّواعى، فأمّا العالم لذاته فلا یصحّ ذلک فیه.

(صانع لا بجارحه) أى لیست صنعته بالاعضاء و الجوارح الّتى هى من لواحق الجسمیّه و انماه أمره إذا أراد شیئا أن یقول له کن فیکون (لطیف لا یوصف بالخفاء) قال الشارح البحرانىّ اللطیف یطلق و یراد به رقیق القوام و یراد به صغیر الجسم المستلزمین للخفاء و عدیم اللّون من الأجسام و المحکم من الصنعه، و هو تعالى منزّه عن اطلاقه بأحد هذه المعانی لاستلزام الجسمیّه و الامکان فیبقى إطلاقها علیه باعتبارین: أحدهما تصرّفه فی الذّوات و الصفات تصرّفا خفیّا یفعل الأسباب المعدّه لها لافاضه کمالاتها.

الثانی جلاله ذاته و تنزیهها عن قبول الادراک البصرى، یعنى لاستحاله رؤیته شابه الأجسام اللطیفه فاطلق علیه لفظ اللّطیف بهذا الاعتبار.
أقول: و هنا اعتبار ثالث ذکره الشارح المعتزلی و غیره، و هو أنه لطیف بعباده کما فی الکتاب العزیز أى یفعل الألطاف المقربه لهم من الطاعه المبعده لهم عن المعصیه، أو لطیف بهم بمعنى أنه یرحمهم و یرفق بهم.
و اعتبار رابع و هو علمه بالأشیاء اللطیف رواه فی الکافى مرفوعا عن أبى جعفر الثانی علیه السّلام قال: و کذلک سمّیناه لطیفا لعلمه بالشى‏ء اللّطیف مثل البعوضه و أخفى من ذلک و موضع النشوء منها و العقل و الشهوه للسفاد و الحدب على نسلها و اقام بعضها على بعض و نقلها الطعام و الشراب إلى أولادها فی الجبال و المفاوز و الأودیه و القفار فعلمنا أنّ خالقها لطیف بلا کیف، و إنما الکیفیّه للمخلوق المکیّف.

و رواه أیضا فیه مع اعتبار خامس عن الفتح بن یزید الجرجانى عن أبى الحسن‏علیه السّلام فی حدیث طویل سأل فیه عنه علیه السّلام عن تفسیر معنى الواحد و وحدانیّته تعالى إلى أن قال قلت: جعلت فداک فرّجت عنى فرّج اللّه عنک فقولک اللّطیف الخبیر فسّره لى کما فسّرت الواحد فانّى أعلم أنّ لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل غیر أنّى احبّ أن تشرح لی ذلک فقال علیه السّلام: یا فتح إنما قلنا اللّطیف للخلق اللّطیف لعلمه بالشى‏ء اللّطیف أو لا ترى وفّقک اللّه و ثبّتک إلى أثر صنعه فی النّبات اللّطیف و غیر اللّطیف و من الخلق اللّطیف و من الحیوان الصّغار و من البعوض و الجرجس و ما هو أصغر منها ما لا یکاد تستبینه العیون بل لا یکاد یستبان لصغره الذکر من الانثى و الحدث المولود من القدیم، فلمّا رأینا صغر ذلک فی لطفه و اهتدائه للسّفاد و الهرب من الموت و الجمع لما یصلحه و ما فی لجج البحار و ما فی لحاء الأشجار و المفاوز و القفار و افهام بعضها عن بعض منطقها و ما یفهم به أولادها عنها و نقلها للغذاء إلیها ثمّ تألیف ألوانها حمره مع صفره و بیاض مع حمره و أنه ما لا تکاد عیوننا تستبینه لدمامه خلقها لا تراه عیوننا و لا تلمسه أیدینا علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطیف بخلق ما سمّیناه بلا علاج و لا أداه و لا آله، و أنّ کلّ صانع شی‏ء فمن شی‏ء صنع و اللّه خالق اللّطیف الجلیل خلق و صنع لا من شی‏ء فقد قرّر علیه السّلام أنّ اطلاق اسم اللّطیف علیه سبحانه بوجهین.

أحدهما للخلق اللّطیف یعنى لخلقه الأشیاء اللّطیفه و الاعتبار الأوّل الّذى حکیناه عن البحرانى یعود إلى ذلک أو قریب منه.
و ثانیهما لعلمه بالأشیاء اللّطیفه (کبیر لا یوصف بالجفاء) یعنى أنّه موصوف بالکبریاء و العظمه لجلاله شأنه و عظمه سلطانه، و منزّه عمّا علیه سایر الکبراء و الأعاظم من المخلوقین کالملوک و السلاطین من الفظاظه و غلظ الطبیعه و الجفاء لمن تحت ولایتهم من الرّعیه.

و قال الشارح المعتزلی: لما کان لفظ الکبیر إذا استعمل فی الجسم أفاد تباعد افکاره ثمّ وصف البارى بأنه کبیر، أراد أن ینزّهه عمّا تدلّ لفظه کبیر علیه إذا استعمل فی الأجسام، انتهى- و الأظهر ما قلناه.

(بصیر لا یوصف بالحاسه) أما أنه بصیر فقد مرّ تحقیقه فی شرح الفصل السادس من الخطبه الاولى، و أمّا تنزّهه عن الحواسّ فلأنّها من صفات الجسم (رحیم لا یوصف بالرقه) لما کان الرحمه فی الخلق عباره عن رقّه القلب و الانفعال النفسانی و هما من أوصاف الممکن فحیثما یطلق علیه لفظ الرحیم یراد به ما هو لازم الرحمه من الانعام و الافضال، و کذلک سایر الأوصاف الّتی لا یصحّ اتّصافه تعالى بها باعتبار مبادیها یوصف بها باعتبار غایاتها کالغضب فی قوله: «غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ»، فیراد به الانتقام و العقوبه لاستلزامه له، و المکر فی قوله: «وَ مَکَرَ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماکِرِینَ» فیراد به جزائه سبحانه لمکرهم بالجزاء السوء.

(تعنو الوجوه لعظمته) أى تذلّ و تخضع لأنه الإله المطلق لکلّ موجود و ممکن و العظیم الذی کلّ مقهور تحت مشیّته و إرادته و داخر تحت جلاله و جبروته و عظمته (و تجب القلوب من مخافته) أى ترجف و تضطرب من هیبته عند ملاحظتها لعظمه سلطانه و علوّ شأنه.
تنبیه
قد وعدناک تحقیق الکلام فی معنى متکلّمیّته تعالى و أنّ کلامه سبحانه حادث أو قدیم فنقول: قد تواترت الأنباء عن الأنبیاء و الرّسل، و أطبقت الشرائع و الملل على کونه عزّ و جلّ متکلّما لا خلاف لأحد فی ذلک، و إنما الخلاف فی معنى کلامه تعالى و فی قدمه و حدوثه.

فذهب أهل الحق من الامامیه وفاقا للمعتزله إلى أنّ کلامه تعالى مؤلّف من حروف و أصوات قائمه بجوهر الهواء، و معنى کونه متکلّما أنه موجد للکلام فی جسم من الأجسام کالملک و الشجر و نحو ذلک، و على مذهبهم فالکلام حادث لأنه مؤلّف من أجزاء مترتّبه متعاقبه فی الوجود، و کلّ ما هو کذلک فهو حادث.

و قالت الحنابله: کلامه تعالى حروف و أصوات یقومان بذاته و أنه قدیم، و قدبالغ بعضهم حتّى قال جهلا بقدم الجلد و الغلاف أیضا فضلا عن المصحف.
و الکرامیه وافقهم فی أنّ کلامه حروف و أصوات و أنها قائمه بذاته تعالى إلّا أنّهم خالفوهم فی القول بقدمها و قالوا بأنها حادثه لتجویزهم قیام الحوادث بذاته تعالى.

و ذهبت الاشاعره إلى أنّ کلامه تعالى لیس من جنس الحروف و الأصوات بل هو معنى قدیم قائم بذاته تعالى یسمّى الکلام النفسی و هو مدلول الکلام اللّفظی المرکب من الحروف.
قال الشارح الجدید للتجرید: و اختلاف الأحوال مبنىّ على قیاسین متعارضین احدهما أنّ کلامه تعالى صفه له و کلّما هو صفه له فهو قدیم فکلامه قدیم و ثانیهما أنّ کلامه مؤلّف من أجزاء مترتّبه متعاقبه فی الوجود، و کلّما هو کذلک فهو حادث فکلامه حادث، فاضطرّوا إلى القدح فی أحد القیاسین و منع بعض المقدّمات لاستحاله حقیّه المتناقضین.
فالمعتزله صحّحوا القیاس الثانی و قدحوا فی صغرى القیاس الأوّل و الحنابله صحّحوا القیاس الأوّل و منعوا کبرى القیاس الثانی، و الکرامیّه صحّحوا القیاس الثانی و قدحوا فی کبرى القیاس الأوّل، و الأشاعره صحّحوا القیاس الأوّل و منعوا من صغرى القیاس الثّانی.

اذا عرفت ذلک فنقول: الحقّ الموافق للتحقیق من هذه الأقوال کما قلنا هو القول الأوّل، لأنّ المتبادر إلى الفهم عند اطلاق لفظ الکلام هو المؤلّف من الحروف و الألفاظ دون المعنى، و التبادر علامه الحقیقه، و اطلاق لفظ المتکلّم علیه سبحانه على ذلک لیس باعتبار قیام الکلام به، لاستلزامه إثبات الجوارح، بل باعتبار خلقه الکلام فی الأجسام النباتیّه و الجمادیّه و ألسن الملائکه إمّا مجازا من باب اطلاق اسم المسبّب على السّبب، أو حقیقه کما هو الأظهر لأنّ المتکلّم مشتقّ من التکلّم أو من الکلام بمعناه المصدرى کالسّلام و نحوه، و التکلّم و الکلام بهذا المعنى بمعنى ایجاد اللّفظ، و لا شکّ أنّ ایجاده قائم بالموجد کما أنّ التأثیر قائم بالمؤثّرفالمتکلّم بصیغه الفاعل عباره عن منشی‏ء الکلام و موجده، و إنشاء الکلام و ایجاده لا قیام له إلّا بالفاعل، کما أنّه بصیغه المفعول عباره عن نفس الکلام المؤلّف و لا قیام له إلّا بجوهر الهواء.

لا یقال: التکلّم بمعنى ایجاد الکلام لم یجی‏ء فى اللّغه.
لأنّا نقول: ذلک غیر مسلّم کیف و التکلّم اللّفظی عند الأشاعره لیس إلّا بهذا الاعتبار و هم قد صرّحوا بکون الکلام مشترکا لفظا بین اللّفظى و النفسى کما ستعرفه و على هذا فیکون إطلاق المتکلّم علیه بمعنى موجد الکلام حقیقه لا مجازا.

قال صدر المتألّهین فی کتاب المبدأ و المعاد: المتکلّم عباره عن محدث الکلام فی جسم من الأجسام کالهواء و غیرها، فانّا إذا تکلّمنا أحدثنا الکلام فی بعض الأجسام الّتى لنا قدره على تحریکها، فالمتکلّم ما قام به التکلّم لا ما قام به الکلام کما توهّم، و التکلّم بمعنى ما به یحصل الکلام فینا ملکه قائمه بذواتنا بها نتمکّن من إفاده مخزوناتنا العلمیّه على غیرنا، و فی الواجب تعالى عین ذاته من حیث انّه یخلق الأصوات و الحروف فی أىّ موضع کان من الأجسام لافاده ما فی قضائه السابق على من یشاء من عباده.

و ما أثبته المتکلّمون من الکلام النفسى فان کان له معنى محصّل فیرجع إلى خطرات الأوهام، أو یحتمل ما یوجد من الکلام، و لا شکّ فی براءته تعالى عنه و عن سایر ما یتخیّله العوام.
و استدل الحنابله على أنّ کلامه مؤلّف من الحروف و الأصوات بأنّ کلامه مسموع و لا مسموع إلّا الحروف و الصّوت فکلامه لیس إلّا الحروف و الصّوت أما الصّغرى فلقوله تعالى: «وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکِینَ اسْتَجارَکَ فَأَجِرْهُ حَتَّى یَسْمَعَ کَلامَ اللَّهِ»، و أمّا الکبرى فظاهره، ثمّ أثبتوا کونه قدیما بأنه لو کان حادثا لکان إمّا قائما بذاته أو بغیره أو لا فی محلّ و الأقسام الثلاثه کلّها باطله أمّا الأوّل فلاستلزامه کون الذات محلّا للحوادث و هو حینئذ کما ستعرفه، و أمّا الثانی فلامتناع ان یقوم صفه الشی‏ء بغیره، و أمّا الثالث فلاستحاله قیام العرض فی الوجود بلا محلّ فثبت أنّه‏صفه قدیمه.

و الجواب أنّ کونه حرفا و صوتا یستلزم حدوثه بالضروره و تعلیل قدمه بأنّ حدوثه مستلزم لأحد الأقسام الثلاثه الباطله فیه ان منع بطلان القسم الثانی لم لا یجوز أن یقوم بغیره و ان اشتق له منه خلقه و لا امتناع فی ذلک حسبما عرفت.

و أما الکرامیه فبطلان مذهبهم بعد بطلان جواز حلول الحوادث على الذات واضح، و جهه بطلانه أنّ وجوب الوجود ینافی ذلک، لأنّ حدوث الحوادث فیه یدلّ على تغیّره و انفعاله و ذلک ینافی الوجوب الذّاتی، و لأنّ المقتضى لذلک الحادث إن کان ذاته لم یکن حادثا و إن کان غیره یلزم الافتقار، و لأنّ الحادث إن کان صفه نقص استحال اتّصاف الذات بها و إن کان صفه کمال امتنع خلوّه عنها و المفروض أنها حادثه أى موجوده بعد العدم فحیث کانت معدومه کان الذات خالیه عنها.

و أما الاشاعره فبیّنوا مرادهم من الکلام النفسانی أولا و استدّلوا على اثباته ثانیا و اثبتوا کونه قدیما ثالثا، ثمّ قالوا إنه واحد مع أنه أمر و نهى و خبر و استخبار و غیرها.
قال الامدى: لیس المراد من إطلاق لفظ الکلام إلّا المعنی القائم بالنفس، و هو ما یجده الانسان من نفسه إذا أمر غیره أو نهاه أو أخبره أو استخبر منه، و هذه المعانی هی الّتی یدلّ علیها بالعبارات و ینبّه علیها بالاشارات.

و قال عمر النسفى و هو من أعاظم الأشاعره فی عقایده: و هو أى اللّه سبحانه متکلّم بکلام هو صفه له أزلیّه لیس من جنس الحروف و الأصوات، و اللّه متکلّم بها آمرناه مخبر و القرآن کلام اللّه غیر مخلوق، و هو مکتوب فی مصاحفنا محفوظ فی قلوبنا مقروّ بألسنتنا مسموع باذاننا غیر حال فیها.

و قال التفتازانى فی شرحه ما محصّله: إنّ الاجماع و التواتر قد قام على کونه تعالى متکلّما بکلام هو صفه له، ضروره امتناع اثبات المشتقّ من غیر قیام مأخذ الاشتقاق به، و هذه الصفه معنى قائم بالذات و قدیمه، ضروره امتناع قیام الحوادث بذات اللّه سبحانه، و لیس من جنس الحروف و الأصوات، ضروره حدوثها لأنّ التکلّم‏ ببعضها مشروط بانقضاء الاخر بل عبّر عنها بها و یسمّى المعبّر به بالقرآن المرکّب من الحروف و هی صفه واحده تتکثّر إلى الأمر و النهی و الخبر باختلاف التعلّقات کالعلم و القدره و سایر الصفات، فهذه الصفه الواحده باعتبار تعلّقها بشی‏ء على وجه مخصوص یکون خبرا، و باعتبار تعلّقها بشی‏ء آخر على وجه آخر یکون أمرا و هکذا.

و القرآن الّذى هو کلام اللّه سبحانه القائم بذاته غیر حادث و مکتوب فی مصاحفنا بأشکال الکتابه و صور الحروف الدّاله علیه محفوظ فی قلوبنا بألفاظ المخیله، مقروّ بألسنتنا بحروفه الملفوظه المسموعه، مسموع باذاننا بهذه أیضا.
و مع ذلک کلّه لیس حالا فی المصاحف و لا فی القلوب و الألسنه و الأذهان، بل معنى قدیم قائم بذات اللّه سبحانه یلفظ و یسمع بالنظم الدالّ علیه و یحفظ بالنظم المخیل و یکتب بالنقوش و صور و أشکال موضوعه للحروف الدالّه علیه کما یقال النار جوهر مجرّد یذکر باللّفظ و تکتب بالقلم و لا یلزم منه کون حقیقه النار صوتا و حرفا.

و تحقیقه انّ للشی‏ء وجودا فی الأعیان، و وجودا فی الأذهان و وجودا فی العباره و وجودا فی الکتابه فالکتابه تدلّ على العباره و هی على ما فی الأذهان و هو على ما فی الأعیان فحیث یوصف القرآن بما هو من لوازم القدیم کما فی قولنا: القرآن غیر مخلوق، فالمراد حقیقته الموجوده فی الخارج، و حیث یوصف بما هو من صفات المخلوقات و المحدثات یراد به الألفاظ المنطوقه المسموعه کما فی قولنا قرأت نصف القرآن أو المخیّله کما فی قولنا حفظت القرآن أو الأشکال المنقوشه کما فی قولنا یحرم للمحدث مسّ القرآن.

و لما کان دلیل الأحکام الشرعیّه هو اللّفظ دون المعنى القدیم عرّفه أئمه الاصول بالمکتوب فی المصاحف المنقول بالتواتر و جعلوه اسما للنظم و المعنى جمیعا أى للنظم من حیث الدّلاله على المعنى لا لمجرّد المعنى.

ثمّ قال فی آخر کلامه: و التحقیق انّ کلام اللّه اسم مشترک بین الکلام النّفسى‏القدیم و معنى الاضافه کونه صفه له و بین اللّفظى الحادث و معنى الاضافه أنه مخلوق اللّه تعالى لیس من تألیفات المخلوقین فلا یصحّ نفى کونه کلام اللّه.
و ما فی عباره بعض المشایخ من أنّه مجاز فلیس معناه أنه غیر موضوع للنظم المؤلّف، بل معناه أنّ الکلام فی التحقیق و بالذات اسم للمعنى القائم بالنفس و تسمیه اللفظ به و وضعه لذلک إنما هو باعتبار دلالته على معنى، انتهى ما أهمّنا نقله من محصّل کلامه بعد ردّ أوّله إلى آخره، و هذا القدر کاف فی بیان مرادهم من الکلام النفسى.

و استدلّوا على إثباته بقول الأخطل:

إنّ الکلام لفى الفؤاد و إنّما
جعل اللّسان على الفؤاد دلیلا

و قول القائل: فی نفسى کلام أرید أن أذکره لک.
و بأنّ الألفاظ الذى تتکلّم بها مدلولات قائمه بالنفس، و هذه المدلولات هی الکلام النفسانی و هو أمر غیر العلم مدلول الخبر إذا أخبر بشى‏ء إذ ربما یخبر الرجل عما لا یعلمه بل یعلم خلافه أو یشکّ فیه، فالخبر عن الشی‏ء غیر العلم به و غیر الاراده أیضا عندنا أمر لأنه قد یأمر بما لا یریده کالمختبر لعبده هل یطیعه أم لا و کالمعتذر من ضرب عبده بعصیانه فانه قد یأمره و هو یرید أن لا یفعل المأمور به لیظهر عذره عند من یلومه، فانّ مقصود المتکلّم فی هذین الأمرین لیس الاتیان بالمأمور بل مجرد الاختبار و الاعتذار و غیر الکراهه أیضا إذا نهى لأنّه قد ینهى الرجل عما لا یکرهه بل یریده فی صورتى الاختبار و الاعتذار.

و اعترض على دلیلهم الأوّل بمنع کون البیت من الأخطل، و على تسلیمه فلیس حجّه لأنّه مبنىّ على اعتقاده ثبوت الکلام النفسى تقلیدا أو على أنه لما کان ما فی الضمیر مدلولا علیه بالکلام فاطلق علیه من باب اطلاق اسم الدّال على المدلول و حصره فیه تنبیها على أنه آله یتوصّل بها إلیه فکانّه المستحقّ لاسم تلک الاله.

و على دلیلهم الثانی بمنع ما ذکروه من أنّ مدلول الخبر غیر العلم معلّلا بأنه قد یخبر عما لا یعلمه، إذ لقائل إن یقول: إنّ المعنی النفسى الذى یدّعون أنه غیر العلم‏هو ادراک مدلول الخبر أعنى حصوله فی الذّهن مطلقا یقینیّا کان أو مشکوکا فلا یکون مغایرا للعلم و بعباره اخرى انّ هذا إنما یدلّ على مغایرته للعلم الیقینى لا للعلم المطلق، ضروره أن کلّ عاقل تصدّى للاخبار یحصل فی ذهنه صوره ما اخبر به و منع انه مغایر للاراده و الکراهه عند الأمر أو النهى، إذ ما تشبّثوا به من صورتى الاختبار و الاعتذار فیه إنّ الموجود فی هاتین الصّورتین صیغه الأمر و النهى لا حقیقتها إذ لا طلب فیهما أصلا و لا إراده و لا کراهه قطعا، و بالجمله فما یدّعونه غیر معقول لأنه لیس له تعالى صفه زایده على الذات أصلا و لو کان عین الذات فمرجعه الى العلم أو الاراده أو الکراهه أو سایر الصفات.

توضیح ذلک أنه اذا صدر عن المتکلّم خبر فهناک ثلاثه أشیاء احدها العباره الصادره و الثانی علمه بثبوت النسبه أو انتفائها بین طرفى القضیّه و الثالث ثبوت تلک النسبه أو انتفائها فی الواقع، و الأخیران لیسا کلاما حقیقیّا اتفاقا، فتعیّن الأوّل و إذا صدر عنه أمر أو نهى فهناک شیئان احدهما لفظ صادر عنه و الثانی إراده أو کراهه قائمه بنفسه متعلّقه بالمأمور به أو بالمنهىّ عنه و لیستا أیضا کلاما حقیقیّا اتّفاقا فتعیّن الأوّل.
و استدلّوا على قدمه بمثل ما استدلّ به الحنابله من الدّلیل الّذى قدّمناه و الجواب الجواب.

و استدلّوا على اتّحاده بأنه اذا ثبت الکلام النفسى کان کسایر الصفات مثل العلم و القدره فکما أنّ العلم صفه واحده تتعلّق بمعلومات متعدّده و کذا القدره کذلک الکلام صفه واحده تنقسم إلى الأمر و النهى و الخبر و الاستفهام و النداء و هذا بحسب التعلّق فذلک الکلام باعتبار تعلّقه بشی‏ء على وجه مخصوص یکون خبرا، و باعتبار تعلّقه بشی‏ء آخر أو على وجه آخر یکون أمرا و کذا البواقی.

و فیه انّ وحدته متفرّعه على ثبوت أصله و حیث عرفت فساد الأصل ففساد الفرع ظاهر.
قال العلّامه الحلّی قدّس اللّه روحه: المعقول من الکلام على ما تقدّم أنّه‏الحروف و الأصوات المسموعه و هذه الحروف المسموعه إنّما تتمّ کلاما مفهوما إذا کان الانتظام على أحد الوجوه الّتى یحصل لها الافهام، و ذلک بأن یکون خبرا أو مرا أو نهیا أو استفهاما أو تنبیها و هو الشامل للتمنّى و الترجّى و التعجّب و القسم و النداء، و لا وجود له إلّا فی هذه الجزئیات.

و الّذین اثبتوا قدم الکلام اختلفوا فذهب بعضهم إلى أنّ کلامه تعالى واحد مغایر لهذه المعانی، و ذهب آخرون إلى تعدّده، و الّذین أثبتوا وحدته خالفوا جمیع العقلاء فی اثبات شی‏ء لا یتصوّرونه هم و لا خصومهم، و من أثبت للّه وصفا لا یعقله لا یتصوّره هو و لا غیره کیف یجوز أن یجعل إماما یقتدى به و یناط بکلامه لأحکام.

تکمله

قد اشرنا إلى أنّ هذا الکلام مروىّ عنه علیه السّلام فی غیر واحد من الأصول المعتبره من طرق مختلفه مع اختلاف فی متنه، و ینبغی أن نروى ما فیها على ما جرى علیه دیدننا فی هذا الشرح فأقول: روى ثقه الاسلام محمّد بن یعقوب الکلینیّ قدّس اللّه روحه فی باب جوامع التوحید عن محمّد بن أبی عبد اللّه رفعه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: بینا أمیر المؤمنین علیه السّلام یخطب على منبر الکوفه إذ قام إلیه رجل یقال له ذعلب ذو لسان بلیغ فی الخطب شجاع القلب فقال: أمیر المؤمنین هل رأیت ربّک فقال علیه السّلام: ویلک یا ذعلب ما کنت أعبد ربّا لم أره، فقال: یا أمیر المؤمنین کیف رأیته فقال: ویلک یا ذعلب لم تره العیون بمشاهده الأبصار و لکن رأته القلوب بحقایق الایمان، ویلک یا ذعلب إنّ ربّی لطیف الطافه لا یوصف باللّطف، عظیم العظمه لا یوصف بالعظم، کبیر الکبریاء لا یوصف بالکبر، جلیل الجلاله لا یوصف بالغلظ، قبل کلّ شی‏ء لا یقال شی‏ء قبله، و بعد کلّ شی‏ء لا یقال له بعد، شاء الأشیاء لا بهمّه، درّاک لا بخدیعه، فی الأشیاء کلّها غیر متمازج‏ بها و لا باین منها، ظاهر لا بتأویل المباشره، متجلّ لا باستهلال رؤیه، ناء لا بمسافه قریب لا بمداناه، لطیف لا بتجسّم، موجود لا بعد عدم، فاعل لا باضطرار، مقدّر لا بحرکه، مرید لا بهمامه، سمیع لا باله، بصیر لا بأداه، لا تحویه الأماکن، و لا تضمنه الأوقات، و لا تحدّه الصّفات، و لا تأخذه السّنات، سبق الأوقات کونه، و العدم وجوده، و الابتداء أزله، بتشعیره المشاعر عرف أن لا مشعر له، و بتجهیره الجواهر عرف أن لا جوهر له، و بمضادّته بین الأشیاء عرف أن لا ضدّ له، و بمقارنته بین الأشیاء عرف أن لا قرین له، ضادّ النّور بالظلمه، و الیبس بالبلل، و الخشن باللّین، و الصرد بالحرور، مؤلّف بین متعادیاتها، مفرّق بین متدانیاتها، دالّه بتفریقها على مفرّقها و بتألیفها على مؤلّفها، و ذلک قوله تعالى: «وَ مِنْ کُلِّ شَیْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَیْنِ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ»، ففرّق بین قبل و بعد لیعلم أن لا قبل له و لا بعد له، شاهده بغرایزها أن لا غریزه لمغرزها، مخبره بتوقیتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض لیعلم أن لا حجاب بینه و بین خلقه، کان ربّا إذ لا مربوب، و إلها إذ لا مألوه، و عالما إذ لا معلوم، و سمیعا إذ لا مسموع.

و فی الاحتجاج روى أهل السیر أنّ رجلا جاء إلى أمیر المؤمنین علیه السّلام فقال: یا أمیر المؤمنین أخبرنی عن اللّه أرأیته حین عبدته فقال أمیر المؤمنین: لم أک بالذى أعبد من لم أره فقال له: کیف رأیته یا أمیر المؤمنین فقال له: ویحک لم تره العیون بمشاهده العیان و لکن رأته العقول بحقایق الایمان، معروف بالدّلالات منعوت بالعلامات، لا یقاس بالناس، و لا یدرک بالحواسّ.
فانصرف الرّجل و هو یقول: اللّه أعلم حیث یجعل رسالته.
و فی الارشاد للمفید روى أهل السیره و علماء النقله أنّ رجلا جاء- و ساق الحدیث إلى قوله حیث یجعل رسالته- نحو ما رویناه عن الاحتجاج.

و فی الکافی فی باب إبطال الرؤیه عن عدّه من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر عن أبی الحسن الموصلیّ عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال:جاء حبر إلى أمیر المؤمنین علیه السّلام فقال یا أمیر المؤمنین هل رأیت ربّک حین عبدته قال: فقال: ویلک ما کنت أعبد ربّا لم أره، قال: و کیف رأیته قال: ویلک لا تدرکه العیون فی مشاهده الأبصار و لکن رأته القلوب بحقایق الایمان.

الترجمه

از جمله کلام بلاغت نظام آن مقتداى أنام علیه الصّلاه و السّلام است که فرموده است آن را در حالتى که سؤال کرد از آن بزرگوار ذعلب یمانی پس گفت آیا دیده پروردگار خود را اى أمیر مؤمنان پس فرمود آن حضرت: آیا عبادت می کنم چیزى را که نمى‏ بینم گفت ذعلب: چطور مى‏ بینى او را فرمود: درک نمى ‏تواند بکند او را چشمها با مشاهده معاینه و لکن درک می کند او را قلبها با نورهاى ایمان، نزدیک است پروردگار عالمین از أشیاء در حالتى که چسبان نیست به آنها، دور است أز آنها در حالتى که جدا نیست، صاحب تکلّم است نه با فکر و رویه، اراده کننده است بدون عزم و همّت صاحب صنعت است نه با اعضا و جوارح، لطیف است که متّصف نیست به پنهانی، بزرگ است که متّصف نمى‏ شود با غلظت و خشونت طبیعت، بیننده است متّصف نمى‏ شود با حاسه بصر، رحیم است موصوف نمى‏ شود با رقّت قلب، ذلیل مى شود رویهاى مخلوقات از براى عظمت او، و مضطرب مى‏ شود قلبهاى خلق از ترس او.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۱۰۲

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۷ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۸ صبحی صالح

۱۷۸- و من خطبه له ( علیه السلام ) فی الشهاده و التقوى.
و قیل إنه خطبها بعد مقتل عثمان فی أول خلافته‏
اللّه و رسوله
لَا یَشْغَلُهُ شَأْنٌ وَ لَا یُغَیِّرُهُ زَمَانٌ وَ لَا یَحْوِیهِ مَکَانٌ
وَ لَا یَصِفُهُ لِسَانٌ لَا یَعْزُبُ عَنْهُ عَدَدُ قَطْرِ الْمَاءِ وَ لَا نُجُومِ السَّمَاءِ وَ لَا سَوَافِی الرِّیحِ فِی الْهَوَاءِ وَ لَا دَبِیبُ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا وَ لَا مَقِیلُ الذَّرِّ فِی اللَّیْلَهِ الظَّلْمَاءِ
یَعْلَمُ مَسَاقِطَ الْأَوْرَاقِ وَ خَفِیَّ طَرْفِ‏الْأَحْدَاقِ
وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ غَیْرَ مَعْدُولٍ بِهِ وَ لَا مَشْکُوکٍ فِیهِ وَ لَا مَکْفُورٍ دِینُهُ وَ لَا مَجْحُودٍ تَکْوِینُهُ
شَهَادَهَ مَنْ صَدَقَتْ نِیَّتُهُ وَ صَفَتْ دِخْلَتُهُ وَ خَلَصَ یَقِینُهُ وَ ثَقُلَتْ مَوَازِینُهُ
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ الَمْجُتْبَىَ مِنْ خَلَائِقِهِ وَ الْمُعْتَامُ لِشَرْحِ حَقَائِقِهِ
وَ الْمُخْتَصُّ بِعَقَائِلِ کَرَامَاتِهِ وَ الْمُصْطَفَى لِکَرَائِمِ رِسَالَاتِهِ
وَ الْمُوَضَّحَهُ بِهِ أَشْرَاطُ الْهُدَى وَ الْمَجْلُوُّ بِهِ غِرْبِیبُ الْعَمَى
أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا تَغُرُّ الْمُؤَمِّلَ لَهَا وَ الْمُخْلِدَ إِلَیْهَا وَ لَا تَنْفَسُ بِمَنْ نَافَسَ فِیهَا وَ تَغْلِبُ مَنْ غَلَبَ عَلَیْهَا
وَ ایْمُ اللَّهِ مَا کَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِی غَضِّ نِعْمَهٍ مِنْ عَیْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا
لِ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ
وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ حِینَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِیَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَیْهِمْ کُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ کُلَّ فَاسِدٍ
وَ إِنِّی لَأَخْشَى عَلَیْکُمْ أَنْ تَکُونُوا فِی فَتْرَهٍ
وَ قَدْ کَانَتْ أُمُورٌ مَضَتْ مِلْتُمْ فِیهَا مَیْلَهً کُنْتُمْ فِیهَا عِنْدِی غَیْرَ مَحْمُودِینَ
وَ لَئِنْ رُدَّ عَلَیْکُمْ أَمْرُکُمْ إِنَّکُمْ لَسُعَدَاءُ
وَ مَا عَلَیَّ إِلَّا الْجُهْدُ
وَ لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام و هى المأه و السابعه و السبعون من المختار فی باب الخطب خطبها بعد قتل عثمان فی أوّل خلافته کما فی شرح المعتزلی و البحرانی.

لا یشغله شأن، و لا یغیّره زمان، و لا یحویه مکان، و لا یصفه لسان، لا یعزب عنه عدد قطر الماء، و لا نجوم السّماء، و لا سوا فی الرّیح فی الهواء، و لا دبیب النّمل على الصّفاء، و لا مقیل الذّرّ فی اللّیله الظّلماء، یعلم مساقط الأوراق، و خفیّ طرف الأحداق. و أشهد أنّ لا إله إلّا اللّه غیر معدول به، و لا مشکوک فیه،و لا مکفور دینه، و لا مجحود تکوینه، شهاده من صدقت نیّته، و صفت دخلته، و خلص یقینه، و ثقلت موازینه. و أشهد أنّ محمّدا صلّى اللّه علیه و آله و سلّم عبده و رسوله، المجتبى من خلایقه، و المعتام لشرح حقایقه، و المختصّ بعقایل کراماته، و المصطفى لکرائم رسالاته، و الموضحه به أشراط الهدى، و المجلوّ به غریب العمى. أیّها النّاس إنّ الدّنیا تغرّ المؤمّل لها، و المخلد إلیها، و لا تنفس بمن نافس فیها، و تغلب من غلب علیها.

و أیم اللّه ما کان قوم قطّ فی غضّ نعمه من عیش فزال عنهم إلّا بذنوب اجترحوها، لأنّ اللّه لیس بظلّام للعبید، و لو أنّ النّاس حین تنزل بهم النّقم، و تزول عنهم النّعم، فزعوا إلى ربّهم بصدق من نیّاتهم، و وله من قلوبهم، لردّ علیهم کلّ شارد، و أصلح لهم کلّ فاسد، و إنّی لأخشى علیکم أن تکونوا فی فتره، و قد کانت أمور مضت ملتم فیها میله کنتم فیها عندی غیر محمودین، و لئن ردّ علیکم أمرکم إنّکم لسعداء، و ما علیّ إلّا الجهد، و لو أشاء أن أقول لقلت: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ.

اللغه

(سفت) الریح التراب أى ذرته و (الدّخله) بالکسر و الضمّ باطن الشی‏ء و (المعتام) بالتاء المثناه فاعل من اعتام أى اختار مأخوذ من العتمه و هو خیار المال و (الغربیب) وزان قندیل الأسود شدید السواد قال سبحانه: وَ غَرابِیبُ سُودٌ.
و (أخلد إلى الأرض) أى رکن إلیها و اعتمد علیها (و ما علیّ إلّا الجهد) فی نسخه الشارح البحرانی بفتح الجیم و ضبطه الشارح المعتزلی بالضمّ و بهما قرء قوله سبحانه: وَ الَّذِینَ لا یَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ، قال الفیومى: الجهد بالضمّ فی الحجاز و بالفتح فی لغه غیرهم الوسع و الطاقه، و قیل: المضموم الطاقه و المفتوح المشقّه، و الجهد بالفتح لا غیر الغایه و النهایه، و هو مصدر من جهد فی الأمر جهدا من باب نفع إذا طلب حتّى بلغ غایته فی الطلب.

الاعراب

الظاهر تعلّق قوله فی اللّیله الظلماء بالدّبیب و المقیل على سبیل التنازع، و غیر معدول بنصب غیر حال من اللّه، و فی فی قوله: فی غضّ نعمه، للظرفیّه المجازیه، و الباء فی قوله: بصدق، للمصاحبه، و جمله عفى اللّه عما سلف و غایته لا محلّ لها من الاعراب و على ذلک فمقول قلت محذوف، و یجوز أن یکون فی محلّ النّصب مقوله للقول و الثانی أظهر لاحتیاج الأوّل إلى الحذف و الأصل عدمه.

المعنى

اعلم أنّ مدار هذه الخطبه على فصول أربعه

أولها تنزیه اللّه سبحانه و تمجیده

 بجمله من أوصاف الجلال و صفات الجمال و هو قوله (لا یشغله شأن) عن شأن أى أمر عن أمر لأنّ الشغل عن الشی‏ء بشی‏ء آخر إمّا لنقصان القدره أو العلم و هو تعالى على کلّ شی‏ء قدیر و بکلّ شی‏ء محیط، فلا یشغله مقدورعن مقدور و لا معلوم عن معلوم (و لا یغیّره زمان) لأنّه تعالى واجب الوجود و المتغیّر فی ذاته أو صفاته لا یکون واجبا فلا یلحقه التغیّر و لأنه خالق الزّمان و لا زمان یلحقه فلا تغیّر یلحقه بتغیّره (و لا یحویه مکان) اذ لو کان محویا یلزم أن یکون محدودا و کلّ محدود جسم، و قد عرفت فی شرح الفصل الخامس من الخطبه الأولى و فی شرح الخطبه المأه و الثانیه و الخمسین تحقیق الکلام فی تنزّهه عن المکان و عن الحدود بما لا مزید علیه فلیراجع المقامین.

و أقول هنا مضافا إلى ما سبق: إنّ المشبّهه قد تعلّقت بقوله سبحانه: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏، فی أنّ معبودهم جالس على العرش و قد تقدّم فی شرح الفصل الخامس من الخطبه الاولى تأویل هذه الایه و ظهر لک فساد قولهم و بطلان تمسّکهم بها، و قد أقام المتکلّمون المتألهون أدلّه عقلیّه و نقلیّه على فساد مذهبهم و على استغنائه تعالى عن المکان لا بأس بالاشاره إلى جمله منها.

أحدها أنّه تعالى کان و لا عرش و لا مکان، و لما خلق الخلق لم یحتج إلى مکان غنیّا عنه فهو بالصّفه التی کان لم یزل علیها إلّا أن یقال لم یزل مع اللّه شی‏ء کالعرش و هو أیضا باطل لأنه یلزم أن یخلو عن المکان عند ارتحاله عن بعضها إلى بعض فیختلف نحو وجوده بالحاجه إلى المکان و الاستغناء عنه و هو محال.

ثانیها أنّ الجالس على العرش إما أن یکون متمکنا من الانتقال و الحرکه عنه أم لا، فعلى الأوّل یلزم ما ذکرنا من الاستغناء و الاختلاف فی نحو الوجود أعنى التجرّد و التجسّم.
لا یقال: هذا منقوض بانتقال الانسان مثلا من مکان إلى مکان.
قلنا إنّه ینتقل على الاتّصال من مکان إلى مکان و هو فیما بینهما لم ینفکّ عن المکان و أمّا البارى جلّ ذکره فالمکان الّذی ینتقل إلیه مخلوق له فلا بدّ أن یخلقه أوّلا حتى یمکن انتقاله إلیه فهو فیما بین مجرّد عن المکان و على الثانی یکون کالزّمن بل أسوء حالا منه، فان الزّمن یتمکّن من الحرکه على رأسه و معبودهم غیر متمکّن و ثالثها أنّ الجالس على العرش لابدّ و أن یکون الجزء الحاصل منه فی یمین‏ العرش غیر الجزء الحاصل منه فی شمال العرش فیکون مرکّبا مؤلفا من الأجزاء المقداریه و مرکبا من صوره زیاده، و کلّ من کان کذلک یحتاج إلى مؤلّف و مرکّب و الحاجه من أوصاف الممکن، هذا.

و هذه الأدلّه الثلاث کما یبطل کونه جالسا على العرش کذلک تبطل کونه محویا للمکان أىّ مکان کان کما هو غیر خفىّ على الفطن العارف فتدبّر.
(و لا یصفه لسان) أى لا یقدر لسان على وصفه و مدحه لأنّ اللّسان إنّما هو ترجمان للقلب معبّر عن المعانی المخزونه فیه، و القلب إذا کان عاجزا عن البلوغ إلى وصفه و عن تعقّل صفاته فاللّسان أعجز و ألکن.

بیان ذلک أنّ وصف الشی‏ء و الثّناء علیه إنّما یتصوّر إذا کان مطابقا لما هو علیه فی نفس الأمر، و ذلک غیر ممکن إلّا بتعقّل ذاته و کنهه، لکن لا یمکن للعقول تعقّل ذاته سبحانه و تعقّل ما له من صفات الکمال و نعوت الجلال، لأنّ ذلک التعقّل إمّا بحصول صوره مساویه لذاته تعالى و صفاته الحقیقیّه الذاتیّه أو بحضور حقیقته و شهود ذاته المقدّسه و الأوّل محال إذ لا مثل لذاته کما قال عزّ من قائل: لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْ‏ءٌ، لأنّ کلّ ما له مثل أو صوره مساویه له فهو ذو جهه کلّیه و هو تعالى لا مهیّه له، و الثانی أیضا کذلک إذ کلّ ما سواه من العقول و النفوس و الذّوات و الهویّات معلول له مقهور تحت جلاله و عظمته و کبریائه کانقهار عین الخفّاش تحت نور الشمس، فلا یمکن للعقول لقصورها عن درجه الکمال الواجبی إدراک ذاته على وجه الاکتناه و الاحاطه، بل کلّ عقل له مقام معلوم لا یقدر على التعدّی عنه إلى ما فوقه، و لهذا قال جبرئیل الأمین لما تخلّف عن خیر المرسلین لیله المعراج: لو دنوت أنمله لاحترقت، فأنّى للعقول البشریّه الاطلاع على النعوت الالهیّه و الصّفات الأحدیّه على ما هى علیه من کمالها.

فالقول و الکلام و إن کان فی غایه الجوده و البلاغه و اللّسان و البیان و إن کان فی نهایه الحدّه و الفصاحه یقف دون أدنى مراتب مدحه، و المادحون و إن صرفوا جهدهم و بذلوا وسعهم و طاقتهم فی وصفه و الثناء علیه فهم بمراحل البعد عمّا هو ثناء علیه‏بما هو أهله و مستحقه.

و لهذا قال سیّد النّبیّین و أکمل المادحین: لا احصى ثناء علیک أنت کما أثنیت على نفسک.
ثمّ وصفه باحاطه علمه سبحانه بجمیع الجزئیّات و خفیّات ما فی الکون، و قد عرفت فی شرح الفصل السابع من الخطبه الاولى عموم علمه تعالى بجمیع الموجودات و عدد من ذلک هنا أشیاء فقال (لا یعزب عنه) أى لا یغیب عن علمه (عدد قطر الماء) المنزل من السّماء و الراکد فی متراکم البحار و الغدران و الابار و الجارى فی الجداول و الأنهار (و لا) عدد (نجوم السّماء) من الثوابت و السّیار (و لا سوافی الرّیح فی الهواء) أى التی تسفو التراب و تذروه.

و تخصیصها بالذکر من جهه أنها غالب أفرادها، فلا دلاله فیها على اختصاص علمه بها فقط، لأنّ الوصف الوارد مورد الغلبه لیس مفهومه حجّه کما صرّح به علماء الأصولیه و مثله قوله تعالى: «وَ رَبائِبُکُمُ اللَّاتِی فِی حُجُورِکُمْ»، و یمکن أن یکون غرضه الاشاره إلى أنه لا یخفى علیه سبحانه السوافی مع ما تسفوه من التراب، فانّ التراب الّذی تحمله الرّیح و تبثّه فی الجوّ لا یعلم مقداره و أجزائه و ذراته إلّا اللّه سبحانه العالم بکلّ شی‏ء.

(و لا) یعزب عنه (دبیب النمل على الصفا و لا مقیل الّذر فی اللّیله الظلماء) أى لا یخفى حرکه آحاد النمل على الصّخر الأملس فی اللّیله المظلمه، و لا محلّ قیلوله صغار النّمل فیها مع فرط اختفائهما علیه سبحانه بل علمه تعالى محیط بهما و بغیرهما من خفیّات الموجودات و خبیاتها.

فان قلت: لم خصّص دبیب النمل بکونه على الصفا قیل: لعدم التأثّر بالدّبیب کالتراب إذ یمکن فی التراب و نحوه أن یعلم الدّبیب بالأثر.
و فیه إنّ بقاء أثر الدّبیب فی التراب مسلّم إلّا أنّ حصول العلم به بذلک الأثر إمّا أن یکون فی اللّیل أو فی النهار، و الأوّل ممنوع لأنّ ظلمه اللیل المظلم مانعهعن مشاهده الأثر کنفس المؤثر و الصفا و التراب سیّان فی اختفاء الدّبیب فیها على کلّ منهما، و الثانی مسلّم إلّا أنّه إذا کان فی النّهار فهو مشاهد لکلّ أحد و معلوم بنفسه من دون حاجه إلى الاستدلال بالأثر من غیر فرق أیضا فی ظهوره بین کونه على الصّفا و بین کونه على التراب.

إلّا أن یقال: إنّه مع کونه فی اللّیل على التراب یبقى أثره إلى النهار فیمکن حصول العلم به منه، بخلاف ما إذا کان على الصّفا فلا یکون له أثر أصلا حتّى یبقى إلى النهار و یتحصّل منه العلم.
و لکن یتوجّه علیه إنّ ظاهر القضیّه أنّه لا یخفى علیه دبیبه حین دبّه أعنى فی اللّیله المظلمه و لا مقیل الذرّ حین قیلولتها.

فان قلت: هذا مسلّم لو جعلنا قوله: فی اللّیله الظلماء قیدا لکلا الأمرین، أمّا لو جعلناه قیدا للأخیر فقط لارتفع الاشکال.
قلت: لابدّ من إرجاع القید إلیهما جمیعا إذ الدّبیب الحاصل فی النهار مشاهد لکلّ أحد و مرئىّ معلوم و لا اختصاص لعدم اختفائه باللّه سبحانه حتّى یتمدّح به.
و الّذی یلوح للخاطر فی سرّ التخصیص هو أنّ غالب أفراد الحیوان و منها النمل إذا سارت باللیل على التراب لا یظهر صوت قوائمها و حوافرها للین التراب، فیختفى سیرها غالبا على الناس، و أمّا إذا صارت على الصّفا فیطلع علیه النّاس لظهور صوت الحوافر و الأقدام، و أمّا النمل فلا یظهر دبیبه علیه أیضا لخفّه جرمه و صغر جثّته، فمدح اللّه سبحانه بأنّ النمل الّذى اختفى دبیبه على الصّفا على النّاس فضلا عن التراب لم یعزب علیه سبحانه دبیبه مع فرط خفائه فافهم جیّدا.

و کیف کان فقد ظهر من ذلک کلّه أى مما ذکره علیه السّلام هنا و ما ذکرناه و ممّا قدمه و قدّمناه أنّه لا یعزب عنه مثقال ذرّه فی السّماوات و لا فی الأرض و لا أصغر من ذلک و لا أکبر إلّا فی کتاب مبین.
فانقدح منه أنه سبحانه (یعلم مساقط الأوراق) عدل عن نفى المعزوب إلى إثبات العلم على قاعده الیقین و تصدیق علمه بمساقط الأوراق مضافه إلى غیرها قوله‏تعالى: وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَیْبِ لا یَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَ یَعْلَمُ ما فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَهٍ إِلَّا یَعْلَمُها وَ لا حَبَّهٍ فِی ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا یابِسٍ إِلَّا فِی کِتابٍ مُبِینٍ.
(و) هو یدلّ أیضا لعمومه على أنّه یعلم (خفى طرف الأحداق) و أراد بالطرف انطباق أحد الجفنین على الاخر أى یعلم ما خفى من ذلک على النّاس کما قال سبحانه: یَعْلَمُ خائِنَهَ الْأَعْیُنِ وَ ما تُخْفِی الصُّدُورُ.

الفصل الثانی فی الشهاده بالتوحید و الرساله

و هو قوله (و أشهد أن لا إله إلّا اللّه) مضى تحقیق الکلام فیه بما لا مزید علیه فی شرح الفصل الثانی من الخطبه الثانیه فلیراجع ثمّه و أکّد الشهاده بالوحدانیّه بقوله (غیر معدول به) أى حالکونه سبحانه لم یجعل له مثل و عدیل (و لا مشکوک فیه) أى فی وجوده لمنافاه الشکّ فیه بالشهاده بوحدانیّته (و لا مکفور دینه) لملازمه التصدیق بالوحدانیّه بالاعتراف بالدّین المنافی للجحود و یدلّ على التلازم ما مرّ فی الفصل الرابع من الخطبه الاولى من قوله: أوّل الدّین معرفته و کمال معرفته التصدیق به و کمال التصدیق به توحیده (و لا مجحود تکوینه) أى اتّحاده للموجودات و تکوینه لها لشهادتها جمیعا بوجود مبدعها و وحدانیّه بارئها.

و وصف شهادته بکونها مثل (شهاده من صدقت نیّته) أى صادره عن صمیم القلب و عن اعتقاد جازم (وصفت دخلته) أى موصوفه بصفاء الباطن و سلامتها من کدر الرّیاء و النفاق (و خلص یقینه) من رین الشکوک و الشبهات (و ثقلت موازینه) إذ الشهاده إذا کان على وجه الکمال توجب ثقل میزان الأعمال.

و یدلّ علیه صریحا ما قدّمنا روایته فی شرح الفصل الثانی من الخطبه الثانیه من ثواب الأعمال عن أبی سعید الخدری عن النبیّ صلّى اللّه علیه و آله قال: قال اللّه جلّ جلاله لموسى بن عمران: یا موسى لو أنّ السّماوات و عامریهنّ عندى و الأرضین السّبع فی کفّه و لا إله إلّا اللّه فی کفّه مالت بهنّ لا إله إلّا اللّه.

(و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله المجتبى) المصطفى (من خلائقه) و قد عرفت توضیحه فی شرح الخطبه الثّالثه و التسعین (و المعتام لشرح حقایقه) أى المختار لشرح حقایق توحیده أى لایضاح العلوم الالهیّه (و المختصّ بعقائل کراماته) النفیسه من الکمالات النفسانیّه و الأخلاق الکریمه الّتی اقتدر معها على هدایه الأنام و تأسیس أساس الاسلام (و المصطفى لکرائم رسالاته) أى لرسالاته الکریمه الشریفه و جمعها باعتبار تعدّد أفراد الأوامر و الأحکام النازله علیه، فانّ کلّ أمر أمر بتبلیغه و أدائه رساله مستقلّه و ان کان باعتبار المجموع رساله واحده (و الموضحه به أشراط الهدى) أى أعلام الهدایه فقد أوضح بقوله و فعله و تقریره ما یوجب هدایه الأنام إلى النهج القویم و الصراط المستقیم (و المجلوّ به غربیب العمى) أى المنکشف بنور نبوّته ظلمات الجهاله.

الفصل الثالث فی تنبیه الراکنین إلى الدّنیا و ایقاظ الغافلین عن العقبى

و هو قوله (أیّها الناس إنّ الدّنیا تغرّ المؤمّل لها و المخلد إلیها) و ذلک مشهود بالعیان معلوم بالتجربه و الوجدان، فانّا نرى کثیرا من المؤمّلین لها و الراکنین إلیها تعرض لهم مطالب وهمیّه خیالیّه فتوجب ذلک طول أملهم فیختطفهم الموت دون نیلها و ینکشف بطلان تلک الخیالات، و قد تقدّم تفصیل ذلک فی شرح الخطبه الثانیه و الأربعین (و لا تنفس بمن نافس فیها) أى لا تضنن ممّن ضنن«» بها لنفاستها، بل ترمیه بالنوائب و الالام و بسهام المصائب و الأسقام (و تغلب من غلب علیها) أى من ملکها و أخذها بالقهر و الغلبه فعن قلیل تقهره و تهلکه.

الفصل الرابع فی التنبیه على وجوب شکر النعم

و استدراکها بالفزع إلى اللّه فأقسم بالقسم‏ البارّ و هو قوله (و أیم اللّه ما کان قوم قطّ فی غضّ نعمه من عیش فزال عنهم إلّا بذنوب اجترحوها) على أنّ زوال النعمه الطریّه و رغید العیش عن العباد لیس سببه إلّا کفران النعم و الذّنوب الّتی اکتسبوها کما قال عزّ من قائل: إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ، و ذلک لأنهم لو استحقّوا مع الکفران و اکتساب الاثام لافاضه النعماء لکان منعهم منها منعا للمستحقّ المستعدّ و ذلک عین الظلم و هو محال على اللّه سبحانه (لأنّ اللّه لیس بظلّام للعبید) فعلم من ذلک أنّ سبب زوال النعمه و حصول النقمه لیس إلّا الذّنوب المکتسبه هذا.

و لا یخفى علیک أنّ هذا الکلام منه علیه السّلام محمول على الغالب و إن کان ظاهره العموم، و ذلک لأنّ کثیرا من العباد یبدّل اللّه نعمتهم بالنقمه و رخائهم بالشدّه و منحتهم بالمحنه من باب الابتلاء و الامتحان إعلاء للدّرجات و إحباطا للسّیئات و إضعافا للحسنات کما قال عزّ من قائل: «وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَیْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ» الایه.

و لمّا نبّه على أنّ علّه زوال النعمه و نزول النقمه اکتساب المعصیه أرشدهم إلى طریق تدارکها بقوله (و لو أنّ الناس حین تنزل بهم النقم و تزول عنهم النعم فزعوا إلى ربّهم) و تضرّعوا إلیه سبحانه (بصدق من نیّاتهم) أى باخلاصها و إخلائها من شوب العجب و الرّیا (و وله من قلوبهم) أى بتحیّر منها فی محبّته سبحانه و لذّه مناجاته و تفریغ ساحتها عن کلّ ما سواه تعالى (لردّ علیهم کلّ شارد) من النعم (و أصلح لهم کلّ فاسد) من الأمور.

ثمّ تخلص إلى تعریض المخاطبین بالاشاره إلى بعض حالاتهم الغیر المحموده التی کانوا علیها حثا لهم على الارتداع عنها فقال: (و إنّى لاخشى علیکم أن تکونوا فی فتره) أى فی حاله فتره مثل حاله أهل الجاهلیّه الّذین کانوا على فتره من الرّسل أى أخاف علیکم أن تکونوا مثل هؤلاء فی التعصّبات الباطله بحسب الأهواء المختلفه و غلبه الجهل و الضّلال على الأکثرین (و قد کانت أمور مضت) و هو تخلیفهم للفساق و تقدیم أجلاف العرب الثلاثه علیه و أتباعهم بهم.

و حملها على اختیارهم لعثمان فقط و عدولهم عنه یوم الشورى کما فی شرح المعتزلی خلاف ظاهر اللّفظ المسوق على نحو الاطلاق معتضدا بقوله (ملتم فیها میله کنتم فیها عندى غیر محمودین) لأنّهم بسبب تقدیم کلّ من الثلاثه و الاتباع علیه مالوا عن نهج الحقّ و عدلوا عن منهج الصّواب و استحقوا اللّوم و العتاب.

(و لئن ردّ علیکم أمرکم) أى شغلکم الّذى کنتم علیه فی زمن الرّسول صلّى اللّه علیه و آله (انکم لسعداء) أى تکونون سعیدا بعد اتصافکم بالشقاوه (و ما علىّ إلّا الجهد) أى بذل الوسع و الطاقه فی الاصلاح و النصیحه (و لو أشاء أن أقول) و أشرح ما جرى من الظلم و العدوان و ما وقع منکم من التفریط و التقصیر فیّ (لقلت) ذلک و شرحته و لکنّى لا استصلحه لتضمّنه التعریض على المتخلّفین و التقریع على المخاطبین و الصّلاح فی العفو و الاغماض لأنّ الصفح حسن و العفو جمیل فقد (عفی اللّه عمّا سلف) اقتباس من الکتاب العزیز قال تعالى: «عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَ مَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَ اللَّهُ عَزِیزٌ ذُو انْتِقامٍ».

قال الشارح المعتزلی: و هذا الکلام یدلّ على مذهب أصحابنا فی أنّ ما جرى من عبد الرّحمان و غیره یوم الشورى، و إن کان لم یقع على الوجه الأفضل فانّه معفوّ عنه مغفور لفاعله لأنّه لو کان فسقا غیر مغفور لم یقل أمیر المؤمنین علیه السّلام: عفى اللّه عمّا سلف.
أقول: و یتوجّه علیه أنّه بعد الاعتراف بکون ما صدر عن ابن عوف و أضرابه فسقا کما هو کذلک لکونه ظلما فاحشا فی حقّه علیه السّلام فهذا الکلام لا دلاله فیه على العفو عنه و الغفران له لأنّ هذا الکلام کما یحتمل أن یکون جمله إنشائیه أو غایبه أو اخباریه مسوقه لبیان حسن العفو و دلیلا علیه کما علیه مبنى کلام الشارح، فکذلک یحتمل أن یکون مقولا لقوله: قلت و متّصلا به لا مقطوعا عنه.

فیکون محصّل الکلام أنّی لو شئت أن أقول عفى اللّه عمّا سلف لقلته أى لو أحببت أن أدعو بالعفو لدعوت، فعلى هذا کما یصدق الشرطیّه باستثناء عین المقدّم ینتج عین التالی فکذلک یصدق برفع المقدّم المفید لرفع التالی، أى لکنّى لم أشاء ذلک‏فلا قلته و حینئذ لا یکون لکلامه علیه السّلام دلاله على ما رامه الشارح لو لم یکن دلاله على خلافه أظهر، فافهم و تبصّر.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن بزرگوار و وصیّ مختار است در وصف حضرت کردگار و نعت حضرت ختم النبیّین و نصیحت و ملامت مخاطبین مى‏ فرماید که: مشغول نمى ‏نماید حق تعالى را امرى از امر دیگر، و تغییر نمى ‏دهد او را زمانی و احاطه نمى ‏کند او را هیچ مکانی، و وصف نمى ‏تواند بکند او را هیچ زبانى، غایب نمى‏ شود از علم او عدد قطرهاى آب و نه ستارهاى آسمان، و نه بادهاى سخت وزنده و نه حرکت مورها بر روى سنگها و نه خوابگاه مورچها در شب تاریک، و می داند مواضع افتادن برگهاى درختان، و پنهان نگریستن چشمان را.

و شهادت مى‏ دهم باین که هیچ معبود بحقى نیست مگر خداوند متعال در حالتى که هیچ برابر کرده نشد باو چیزى و شک کرده نشد در وجود او و انکار کرده نشد دین او و جحود نشد ایجاد و تکوین او، مثل شهادت کسى که صادق بشود نیّت او و صافی باشد باطن او و خالص گردد یقین او و سنگین شود میزان اعمال او.

و شهادت مى ‏دهم باین که محمّد مصطفى صلوات اللّه و سلامه علیه و آله بنده او است و رسول برگزیده از مخلوقات او و اختیار کرده شده از براى کشف حقایق توحید او، و مخصوص شده بکرامتهاى نفیسه او، و برگزیده شده برسالات کریمه او، و روشن کرده شده باو علامتهاى هدایت، و جلا داده شد بنور او سوادى و سیاهی ضلالت.
اى گروه مردمان بدرستى دنیا فریب مى‏دهد امید دارنده او را و آرام گیرنده او را و بخل نمى‏کند بکسى که بخیل باشد در محبّت او و غلبه مى‏نماید بر کسى که غلبه کند بر او.

و قسم بخدا که نبودند هیچ قومى هرگز در طراوت نعمت از زندگانى دنیا پس زوال یافت آن نعمت از ایشان مگر بسبب گناههائى که کسب گردند آن را از جهه این که خداوند عالم نیست صاحب ظلم بر بندگان، و اگر مردمان در وقتى که نازل بشود بایشان عقوبتها و زایل بشود از ایشان نعمتها پناه ببرند بسوى پروردگار براستى از نیّتهاى خودشان و فرط محبّت از قلبهاشان، هر اینه باز گرداند حق سبحانه بسوى ایشان هر رمیده از نعمتها را، و اصلاح مى ‏فرماید از براى ایشان هر فاسد از اموراترا، و بدرستى که من مى‏ترسم بر شما این که باشید در حالت أهل جاهلیّت، و بتحقیق که واقع شد کارهائى که گذشت میل کردید در آن امور از جادّه شریعت میل کردنی، در حالتى که بودید در آن امور در نزد ما پسندیده، و اگر باز گردانیده شود بر شما کار شما هر آینه مى‏باشید از أهل سعادت، و نیست بر من مگر بذل وسع و طاقت، و اگر بخواهم بگویم هر آینه مى‏گفتم که عفو فرمود خداى تعالى از آنچه که گذشت.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۵۲

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۶ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۷ صبحی صالح

۱۷۷- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) فی معنى الحکمین‏

فَأَجْمَعَ رَأْیُ مَلَئِکُمْ عَلَى أَنِ اخْتَارُوا رَجُلَیْنِ فَأَخَذْنَا عَلَیْهِمَا أَنْ یُجَعْجِعَا عِنْدَ الْقُرْآنِ وَ لَا یُجَاوِزَاهُ

وَ تَکُونَ أَلْسِنَتُهُمَا مَعَهُ وَ قُلُوبُهُمَا تَبَعَهُ

فَتَاهَا عَنْهُ وَ تَرَکَا الْحَقَّ وَ هُمَا یُبْصِرَانِهِ وَ کَانَ الْجَوْرُ هَوَاهُمَا وَ الِاعْوِجَاجُ رَأْیَهُمَا

وَ قَدْ سَبَقَ اسْتِثْنَاؤُنَا عَلَیْهِمَا فِی الْحُکْمِ بِالْعَدْلِ وَ الْعَمَلِ بِالْحَقِّ سُوءَ رَأْیِهِمَا وَ جَوْرَ حُکْمِهِمَا

وَ الثِّقَهُ فِی أَیْدِینَا لِأَنْفُسِنَا حِینَ خَالَفَا سَبِیلَ الْحَقِّ وَ أَتَیَا بِمَا لَا یُعْرَفُ مِنْ مَعْکُوسِ الْحُکْمِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من کلام له علیه السّلام فی معنى الحکمینو هو المأه و السادس و السبعون من المختار فی باب الخطب

فأجمع رأی ملإکم على أن اختاروا رجلین فأخذنا علیهما أن یجعجعا عند القرآن و لا یجاوزاه، و تکون ألسنتهما معه، و قلوبهما تبعه، فتاها عنه، و ترکا الحقّ و هما یبصرانه، و کان الجور هواهما، و الاعوجاج رأیهما، و قد سبق استثناؤنا علیهما فی الحکم بالعدل و العمل بالحقّ سوء رأیهما، و جور حکمهما، و الثّقه فی أیدینا لأنفسنا حین خالفا سبیل الحقّ، و أتیا بما لا یعرف من معکوس الحکم.

اللغه

(الملاء) أشراف النّاس و رؤساهم و مقدّموهم الّذین یرجع إلى قولهم قال فی محکىّ النهایه: فی حدیث علیّ علیه السّلام أن (یجعجعا عند القرآن) أى یقیما عنده یقال: جعجع القوم إذا أناخوا بالجعجاع، و هى الأرض و الجعجاع أیضا الموضع الضیق الخشن و (التبع) محرّکه التابع یکون مفردا و جمعا و یجمع على أتباع مثل سبب و أسباب.

الاعراب

سوء رأیهما بالنّصب مفعول استثنائنا أو سبق أیضا على سبیل التنازع و الأوّل أظهر و قوله: فی الحکم، متعلّق بقوله: سبق.

المعنى

قال الشارح البحرانی: هذا الفصل من خطبه خطبها لما بلغه أمر الحکمین.
أقول: و الظاهر أنه ره توهّم من قول السیّد ره و من کلام له فی معنى الحکمین أنّه تکلّم به حین بلغه أمرهما، فان کان ظفر بتمام الخطبه و اطلع على أنه خطبها حین بلوغ أمرهما فهو، و إلّا فالظاهر أنّ هذا الکلام من فصول الاحتجاجات الّتی کانت له مع الخوارج و قد مرّ نظیر هذا الکلام منه فی ذیل الکلام المأه و السابع و العشرین.

و بالمراجعه إلى شرح الکلام المذکور و شرح الکلام المأه و الخامس و العشرین المتضمّنین لاحتجاجاته معهم یظهر لک توضیح ما ذکره فی هذا المقام و تعرف أنه ناظر إلى ردّ احتجاجهم الّذی احتجّوا به علیه و هو: أنک قد حکمت الرّجال فی دین اللّه و لم یکن ذلک إلیک ثمّ أنکرت حکمهما لما حکموا علیک.

فأجابهم علیه السّلام بقوله (فأجمع رأى ملإکم) أى عزم رؤساءکم و کبراءکم و اتّفق آراءهم (على أن اختاروا رجلین) هما أبو موسى الأشعرى و عمرو بن العاص لعنهما اللّه تعالى من غیر رضى منّى بتحکیمهما بل على غایه کره منّى بذلک.
کما یدلّ قوله لابن الکوا فی النهروان فی الرّوایه الّتی رویناها من کشف الغمّه فی شرح الخطبه السادسه و الثلاثین حیث إنّه لما اعترض علیه بأمر الحکمین قال علیه السّلام له: أ لم أقل لکم إنّ أهل الشام یخدعونکم بها«» فانّ الحرب قد عضتهم فذرونى اناجزهم فأبیتم ألم ارد نصب ابن عمّی- أى عبد اللّه بن العبّاس- و قلت انّه لا ینخدع فأبیتم إلّا أبا موسى و قلتم رضینا به حکما فأجبتکم کارها و لو وجدت فی ذلک الوقت أعوانا غیرکم لما أجبتکم.

(فأخذنا علیهما) أى على الرّجلین الحکمین (أن یجعجعا عند القرآن) أى یقفا دونه و یجب نفسهما علیه (و لا یجاوزاه) أى لا یتجاوزا عن أوامره و نواهیه (و یکون ألسنتهما معه و قلوبهما تبعه) أى یکونان تابعین له و یعملان بحکمه (فتاها) أى ضلّا(عنه و ترکا الحقّ و هما یبصرانه) أى عدلا عن القرآن و عن حکمه الحقّ الّذی هو خلافته مع علمهما و معرفتهما بحقیته کما عرفت تفصیل ذلک کلّه فی شرح الخطبه الخامسه و الثلاثین.

و الحاصل أنّهما ترکا الحقّ عمدا عن علم لا عن جهل و لم یکن ذلک فتنه منهما بل کان بنائهما من أوّل الأمر على ذلک (و کان الجور) و الحیف فی الحکم (هواهما و الاعوجاج) عن الحقّ و الانحراف عن الدّین (رأیهما) و فی بعض النسخ دأبهما و هو أولى أى لم یکن ذلک أوّل حیفهما بل کان دیدنا و عاده لهما و شیمه طبعت علیها قلوبهما.

ثمّ أجاب عمّا نقموا علیه من إنکاره التحکیم بعد رضاه به بقوله (و قد سبق استثناؤنا علیهما فی الحکم بالعدل و العمل بالحقّ سوء رأیهما و جور حکمهما) أراد به ما کان شرطه على الحکمین حین عزموا على التحکیم أن یحکما بما حکم القرآن و بما أنزل اللّه فیه من فاتحته إلى خاتمته و إلّا فلا ینفذ حکمهما فیه و فی أصحابه، فقد قدّم علیه السّلام إلیهما أن لا یعملا برأیهما و هواهما و لا یحکما بشی‏ء من تلقاء أنفسهم الأمّاره بالسوء.

(و الثقه فی أیدینا لأنفسنا) أى إنّا على برهان و ثقه من امورنا و لیس یلازم لنا اتباع حکمهما (حین خالفا سبیل الحقّ) و انحرفا عن سواء السبیل (و أتیا بما لا یعرف) أى لا یصدق به (من معکوس الحکم) یعنی أنهما نبذا کتاب اللّه وراء ظهورهم و خالفاه و حکما بعکس حکم الکتاب و قد استحقّا به اللّؤم و العقاب یوم الحساب

الترجمه

از جمله کلام فصاحت نظام آن امام علیه السّلام است در ذکر أمر حکمین که خطاب فرموده بان خوارج نهروان را در مقام اجتماع با ایشان مى‏فرماید: پس متّفق شد رأى رؤساء و أشراف شما بر این که اختیار کردند دو مرد را که‏ یکى أبو موسى أشعرى بود و یکى عمرو بن عاص پس عهد و میثاق گرفتیم بر ایشان که وا ایستند و حبس کنند نفس خود را در نزد قرآن و تجاوز نکنند از آن و باشد زبان ایشان با آن قرآن و قلبهاى شان تابع آن، پس هر دو گمراه شدند از قرآن و ترک کردند حق را و حال آنکه هر دو مى‏دیدند حق را، و بود جور و ظلم آرزوى ایشان و کجى و اعوجاج رأى ایشان.

و بتحقیق که سابق شده بود استثنا کردن ما بر آن دو مرد در خصوص حکم کردن با عدالت و عمل کردن بحق بدى رأى ایشان را و ستم کردن ایشان را در حکمى که مى‏نمایند، یعنی استثناء کرده بودیم که ایشان با رأى فاسد خود رفتار نکنند و با حکم جور حکم ننمایند، و وثوق و اعتماد در دست ما است از براى نفسهاى خود ما در وقتى که مخالفت راه حق کردند و آوردند چیزى را که غیر معروف بود از حکمى که بعکس حکم قرآن بود و بر خلاف شرط ما.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۳۱

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۵ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۶ صبحی صالح

۱۷۶- و من خطبه له ( علیه ‏السلام  ) و فیها یعظ و یبین فضل القرآن و ینهى عن البدعه

عظه الناس‏

انْتَفِعُوا بِبَیَانِ اللَّهِ وَ اتَّعِظُوا بِمَوَاعِظِ اللَّهِ وَ اقْبَلُوا نَصِیحَهَ اللَّهِ

فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْذَرَ إِلَیْکُمْ بِالْجَلِیَّهِ وَ اتَّخَذَ عَلَیْکُمُ الْحُجَّهَ وَ بَیَّنَ لَکُمْ مَحَابَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَ مَکَارِهَهُ مِنْهَا لِتَتَّبِعُوا هَذِهِ وَ تَجْتَنِبُوا هَذِهِ

فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله  )کَانَ یَقُولُ إِنَّ الْجَنَّهَ حُفَّتْ بِالْمَکَارِهِ وَ إِنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ

وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَا مِنْ طَاعَهِ اللَّهِ شَیْ‏ءٌ إِلَّا یَأْتِی فِی کُرْهٍ وَ مَا مِنْ مَعْصِیَهِ اللَّهِ شَیْ‏ءٌ إِلَّا یَأْتِی فِی شَهْوَهٍ

فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً نَزَعَ عَنْ شَهْوَتِهِ وَ قَمَعَ هَوَى نَفْسِهِ

فَإِنَّ هَذِهِ النَّفْسَ أَبْعَدُ شَیْ‏ءٍ مَنْزِعاً وَ إِنَّهَا لَا تَزَالُ تَنْزِعُ إِلَى مَعْصِیَهٍ فِی هَوًى

وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یُصْبِحُ وَ لَا یُمْسِی إِلَّا وَ نَفْسُهُ ظَنُونٌ عِنْدَهُ

فَلَا یَزَالُ زَارِیاً عَلَیْهَا وَ مُسْتَزِیداً لَهَا

فَکُونُوا کَالسَّابِقِینَ قَبْلَکُمْ وَ الْمَاضِینَ أَمَامَکُمْ

قَوَّضُوا مِنَ الدُّنْیَا تَقْوِیضَ الرَّاحِلِ

وَ طَوَوْهَا طَیَّ الْمَنَازِلِ

فضل القرآن‏

وَ اعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِی لَا یَغُشُّ

وَ الْهَادِی الَّذِی لَا یُضِلُّ وَ الْمُحَدِّثُ الَّذِی لَا یَکْذِبُ

وَ مَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنْهُ بِزِیَادَهٍ أَوْ نُقْصَانٍ زِیَادَهٍ فِی هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى

وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَهٍ وَ لَا لِأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنًى

فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِکُمْ وَ اسْتَعِینُوا بِهِ عَلَى لَأْوَائِکُمْ

فَإِنَّ فِیهِ شِفَاءً مِنْ أَکْبَرِ الدَّاءِ وَ هُوَ الْکُفْرُ وَ النِّفَاقُ وَ الْغَیُّ وَ الضَّلَالُ

فَاسْأَلُوا اللَّهَ بِهِ وَ تَوَجَّهُوا إِلَیْهِ بِحُبِّهِ وَ لَا تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ

إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِهِ

وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَ قَائِلٌ مُصَدَّقٌ

وَ أَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ یَوْمَ الْقِیَامَهِ شُفِّعَ فِیهِ

وَ مَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ یَوْمَ الْقِیَامَهِ صُدِّقَ عَلَیْهِ

فَإِنَّهُ یُنَادِی مُنَادٍ یَوْمَ الْقِیَامَهِ أَلَا إِنَّ کُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلًى فِی حَرْثِهِ وَ عَاقِبَهِ عَمَلِهِ غَیْرَ حَرَثَهِ الْقُرْآنِ فَکُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَ أَتْبَاعِهِ

وَ اسْتَدِلُّوهُ عَلَى رَبِّکُمْ وَ اسْتَنْصِحُوهُ عَلَى أَنْفُسِکُمْ

وَ اتَّهِمُوا عَلَیْهِ آرَاءَکُمْ وَ اسْتَغِشُّوا فِیهِ أَهْوَاءَکُمْ

الحث على العمل

الْعَمَلَ الْعَمَلَ ثُمَّ النِّهَایَهَ النِّهَایَهَ وَ الِاسْتِقَامَهَ الِاسْتِقَامَهَ ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ وَ الْوَرَعَ الْوَرَعَ

إِنَّ لَکُمْ نِهَایَهً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَایَتِکُمْ

وَ إِنَّ لَکُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِکُمْ

وَ إِنَّ لِلْإِسْلَامِ غَایَهً فَانْتَهُوا إِلَى‏ غَایَتِهِ

وَ اخْرُجُوا إِلَى اللَّهِ بِمَا افْتَرَضَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَقِّهِ وَ بَیَّنَ لَکُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ

أَنَا شَاهِدٌ لَکُمْ وَ حَجِیجٌ یَوْمَ الْقِیَامَهِ عَنْکُمْ

نصائح للناس‏

أَلَا وَ إِنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ قَدْ وَقَعَ وَ الْقَضَاءَ الْمَاضِیَ قَدْ تَوَرَّدَ

وَ إِنِّی مُتَکَلِّمٌ بِعِدَهِ اللَّهِ وَ حُجَّتِهِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِکَهُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّهِ الَّتِی کُنْتُمْ تُوعَدُونَ‏

وَ قَدْ قُلْتُمْ رَبُّنَا اللَّهُ فَاسْتَقِیمُوا عَلَى کِتَابِهِ وَ عَلَى مِنْهَاجِ أَمْرِهِ وَ عَلَى الطَّرِیقَهِ الصَّالِحَهِ مِنْ عِبَادَتِهِ

ثُمَّ لَا تَمْرُقُوا مِنْهَا وَ لَا تَبْتَدِعُوا فِیهَا وَ لَا تُخَالِفُوا عَنْهَا

فَإِنَّ أَهْلَ الْمُرُوقِ مُنْقَطَعٌ بِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَهِ

ثُمَّ إِیَّاکُمْ وَ تَهْزِیعَ الْأَخْلَاقِ وَ تَصْرِیفَهَا

وَ اجْعَلُوا اللِّسَانَ وَاحِداً وَ لْیَخْزُنِ الرَّجُلُ لِسَانَهُ فَإِنَّ هَذَا اللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِهِ

وَ اللَّهِ مَا أَرَى عَبْداً یَتَّقِی تَقْوَى تَنْفَعُهُ حَتَّى یَخْزُنَ لِسَانَهُ

وَ إِنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ

وَ إِنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ

لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَتَکَلَّمَ بِکَلَامٍ تَدَبَّرَهُ فِی نَفْسِهِ فَإِنْ کَانَ خَیْراً أَبْدَاهُ وَ إِنْ کَانَ شَرّاً وَارَاهُ

وَ إِنَّ الْمُنَافِقَ یَتَکَلَّمُ بِمَا أَتَى عَلَى لِسَانِهِ لَا یَدْرِی مَا ذَا لَهُ وَ مَا ذَا عَلَیْهِ

وَ لَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله  )لَا یَسْتَقِیمُ إِیمَانُ عَبْدٍ حَتَّى یَسْتَقِیمَ قَلْبُهُ

وَ لَا یَسْتَقِیمُ قَلْبُهُ حَتَّى‏ یَسْتَقِیمَ لِسَانُهُ

فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْکُمْ أَنْ یَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَ هُوَ نَقِیُّ الرَّاحَهِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ وَ أَمْوَالِهِمْ سَلِیمُ اللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ فَلْیَفْعَلْ

تحریم البدع‏

وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ یَسْتَحِلُّ الْعَامَ مَا اسْتَحَلَّ عَاماً أَوَّلَ

وَ یُحَرِّمُ الْعَامَ مَا حَرَّمَ عَاماً أَوَّلَ وَ أَنَّ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ لَا یُحِلُّ لَکُمْ شَیْئاً مِمَّا حُرِّمَ عَلَیْکُمْ وَ لَکِنَّ الْحَلَالَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَ الْحَرَامَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ

فَقَدْ جَرَّبْتُمُ الْأُمُورَ وَ ضَرَّسْتُمُوهَا وَ وُعِظْتُمْ بِمَنْ کَانَ قَبْلَکُمْ وَ ضُرِبَتِ الْأَمْثَالُ لَکُمْ

وَ دُعِیتُمْ إِلَى الْأَمْرِ الْوَاضِحِ فَلَا یَصَمُّ عَنْ ذَلِکَ إِلَّا أَصَمُّ وَ لَا یَعْمَى عَنْ ذَلِکَ إِلَّا أَعْمَى

وَ مَنْ لَمْ یَنْفَعْهُ اللَّهُ بِالْبَلَاءِ وَ التَّجَارِبِ لَمْ یَنْتَفِعْ بِشَیْ‏ءٍ مِنَ الْعِظَهِ وَ أَتَاهُ التَّقْصِیرُ مِنْ أَمَامِهِ حَتَّى یَعْرِفَ مَا أَنْکَرَ وَ یُنْکِرَ مَا عَرَفَ

وَ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُتَّبِعٌ شِرْعَهً وَ مُبْتَدِعٌ بِدْعَهً لَیْسَ مَعَهُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بُرْهَانُ سُنَّهٍ وَ لَا ضِیَاءُ حُجَّهٍ

القرآن‏

وَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ

فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِینُ وَ سَبَبُهُ الْأَمِینُ وَ فِیهِ رَبِیعُ الْقَلْبِ وَ یَنَابِیعُ الْعِلْمِ

وَ مَا لِلْقَلْبِ جِلَاءٌ غَیْرُهُ

مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَکِّرُونَ وَ بَقِیَ النَّاسُونَ أَوِ الْمُتَنَاسُونَ

فَإِذَا رَأَیْتُمْ خَیْراً فَأَعِینُوا عَلَیْهِ وَ إِذَا رَأَیْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُواعَنْهُ

فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله  )کَانَ یَقُولُ یَا ابْنَ آدَمَ اعْمَلِ الْخَیْرَ وَ دَعِ الشَّرَّ فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ

انواع الظلم‏

أَلَا وَ إِنَّ الظُّلْمَ ثَلَاثَهٌ فَظُلْمٌ لَا یُغْفَرُ وَ ظُلْمٌ لَا یُتْرَکُ وَ ظُلْمٌ مَغْفُورٌ لَا یُطْلَبُ

فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی لَا یُغْفَرُ فَالشِّرْکُ بِاللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ‏

وَ أَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی یُغْفَرُ فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ عِنْدَ بَعْضِ الْهَنَاتِ

وَ أَمَّا الظُّلْمُ الَّذِی لَا یُتْرَکُ فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً

الْقِصَاصُ هُنَاکَ شَدِیدٌ لَیْسَ هُوَ جَرْحاً بِاْلمُدَى وَ لَا ضَرْباً بِالسِّیَاطِ وَ لَکِنَّهُ مَا یُسْتَصْغَرُ ذَلِکَ مَعَهُ

فَإِیَّاکُمْ وَ التَّلَوُّنَ فِی دِینِ اللَّهِ فَإِنَّ جَمَاعَهً فِیمَا تَکْرَهُونَ مِنَ الْحَقِّ خَیْرٌ مِنْ فُرْقَهٍ فِیمَا تُحِبُّونَ مِنَ الْبَاطِلِ

وَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ یُعْطِ أَحَداً بِفُرْقَهٍ خَیْراً مِمَّنْ مَضَى وَ لَا مِمَّنْ بَقِیَ

لزوم الطاعه

یَا أَیُّهَا النَّاسُ طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ النَّاسِ

وَ طُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَیْتَهُ وَ أَکَلَ قُوتَهُ وَ اشْتَغَلَ بِطَاعَهِ رَبِّهِ

وَ بَکَى عَلَى خَطِیئَتِهِ فَکَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِی شُغُلٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَهٍ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام و هى المأه و الخامسه و السبعون من المختار فی باب الخطب

قال الشارح البحرانی: روى انّ هذه الخطبه من أوائل الخطب التی خطب بها أیّام بویع بعد قتل عثمان، و شرحها فی فصلین:
الفصل الاول
انتفعوا ببیان اللّه، و اتّعظوا بمواعظ اللّه، و اقبلوا نصیحه اللّه فإنّ اللّه قد أعذر إلیکم بالجلیّه، و اتّخذ علیکم بالحجّه، و بیّن لکم محابّه من الأعمال و مکارهه منها لتتّبعوا هذه و تجتنبوا هذه، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم کان یقول: إنّ الجنّه حفّت بالمکاره و إنّ النّار حفّت بالشّهوات. و اعلموا أنّه ما من طاعه اللّه شی‏ء إلّا یأتی فی کره، و ما من معصیه اللّه شی‏ء إلّا یأتی فی شهوه، فرحم اللّه رجلا نزع عن شهوته، و قمع هوی نفسه، فإنّ هذه النّفس أبعد شی‏ء منزعا، و إنّها لا تزال تنزع إلى معصیه فی هوى. و اعلموا عباد اللّه أنّ المؤمن لا یصبح و لا یمسی إلّا و نفسه ظنون عنده، فلا یزال زاریا علیها و مستزیدا لها، فکونوا کالسّابقین قبلکم،و الماضین أمامکم، قوّضوا من الدّنیا تقویض الرّاحل، و طووها طیّ المنازل.

و اعلموا أنّ هذا القرآن هو النّاصح الّذی لا یغشّ، و الهادی الّذی لا یضلّ، و المحدّث الّذی لا یکذب، و ما جالس هذا القرآن أحد إلّا قام عنه بزیاده أو نقصان، زیاده فی هدى، و نقصان من عمى. و اعلموا أنّه لیس على أحد بعد القرآن من فاقه، و لا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائکم، و استعینوا به على لاوائکم، فإنّ فیه شفاء من أکبر الدّاء و هو الکفر و النّفاق و الغیّ و الضّلال، فاسئلوا اللّه به، و توجّهوا إلیه بحبّه، و لا تسئلوا به خلقه، إنّه ما توجّه العباد بمثله إلى اللّه. و اعلموا أنه شافع مشفّع، و قائل مصدّق، و أنّه من شفع له یوم القیمه شفّع فیه، و من محل به القرآن یوم القیمه صدّق علیه، فإنّه ینادی مناد یوم القیمه: ألا و إنّ کلّ حارث مبتلى فی حرثه و عاقبه عمله، غیر حرثه القرآن فکونوا من حرثته و أتباعه، و استدلّوه على ربّکم، و استنصحوه على أنفسکم، و اتّهموا علیه آرائکم، و استغشّوا فیه أهواءکم.

العمل العمل، ثمّ النّهایه النّهایه، و الاستقامه الاستقامه، ثمّ الصّبر الصّبر، و الورع الورع، إنّ لکم نهایه فانتهوا إلى نهایتکم، و إنّ لکم علما فاهتدوا بعلمکم، و إنّ للإسلام غایه فانتهوا إلى غایته، و اخرجوا إلى اللّه ممّا افترض علیکم من حقّه، و بیّن لکم من وظائفه، أنا شاهد لکم، و حجیج یوم القیمه عنکم، ألا و إنّ القدر السّابق قد وقع، و القضاء الماضی قد تورّد، و إنّی متکلّم بعده اللّه و حجّته، قال اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِکَهُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّهِ الَّتِی کُنْتُمْ تُوعَدُونَ، و قد قلتم: ربّنا اللّه، فاستقیموا على کتابه، و على منهاج أمره، و على الطّریقه الصّالحه من عبادته، ثمّ لا تمرقوا منها، و لا تبتدعوا فیها، و لا تخالفوا عنها، فإنّ أهل المروق منقطع بهم عند اللّه یوم القیامه.

اللغه

(نزع) عن المعاصی نزوعا انتهى عنها و نزع عن الشی‏ء نزوعا کفّ و قلع عنه و المنزع یحتمل المصدر و المکان و نزع الى أهله نزاعه و نزاعا اشتاق إلیه، و نازعتنی نفسى إلى کذا اشتاقت إلیه قال فی مجمع البحرین: فی الحدیث النّفس الأمّاره أبعد شی‏ء منزعا، أى رجوعا عن المعصیه اذ هى مجبوله على محبّه الباطل، و أمّا تفسیر الشارح المعتزلی منزعا بمذهبا فلا یخفى بعده.

و (الظنون) و زان صبور إمّا مبالغه من الظنّه بالکسر بمعنى التهمه یقال: ظننت فلانا أى اتّهمته فلا یحتاج حینئذ إلى الخبر أو بمعنى الضعیف و قلیل الحیله و جعل الشارح المعتزلی الظنون بمعنى البئر لا یدرى فیها ماء أم لا غیر مناسب للمقام و إن کان أحد معانیه.

و (قاض) البناء و قوضه أى هدمه أو التقویض نقض من غیر هدم أو هو نقض الأعواد و الأطناب و (غشّه) یغشّه کمدّ یمدّ غشّا خلاف نصحه و (اللّأواء) و زان صحراء الشدّه و ضیق المعیشه و فی مجمع البحرین فی الحدیث و من (محل به) القرآن یوم القیامه صدق أى سعى به یقال محل بفلان اذا قال علیه قولا یوقعه فی مکروه و (تورد) الخیل البلد دخله قلیلا قلیلا.

الاعراب

جمله قوّضوا استیناف بیانی لا محلّ لها من الاعراب، و أو فی قوله بزیاده أو نقصان بمعنى الواو کما فی قوله: لنفسی تقاها أو علیها فجورها.
و یؤیّده قوله زیاده فی هدى، و نقصان بالواو، أو أنّ التردید لمنع الخلوّ و الفاء فی قوله: فاستشفوه فصیحه، و فی قوله: فانّ فیه شفاء للتعلیل و قوله: العمل العمل و ما یتلوه من المنصوبات المکرّره انتصابها جمیعا على الاغراء أو عامل النصب محذوف أى ألزموا العمل فحذف العامل و ناب أوّل اللّفظین المکرّرین منابه.

المعنى

اعلم أنّ مدار هذا الفصل من الخطبه الشریفه على الموعظه و النصیحه و ترغیب المخاطبین فی الطّاعات و تحذیرهم عن السّیئات و التنبیه على جمله من فضایل کتاب الکریم و خصایص الذکر الحکیم، و صدّر الفعل بالأمر بالانتفاع بأفضل البیانات و الاتّعاظ بأحسن المواعظ و القبول لأکمل النصایح فقال: «ج ۱۲»(انتفعوا ببیان اللّه) أى بما بیّنه فی کتابه و على لسان نبیّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فانّه لقول فصل و ما هو بالهزل، و فیه تذکره و ذکری لاولى الألباب و هدى و بشرى بحسن الماب فمنفعته أتمّ المنافع، و فایدته أعظم الفواید.

(و اتّعظوا بمواعظ اللّه) لتفوزوا جنّه النعیم و الفوز العظیم، و تنجوا من نار الجحیم و العذاب الألیم (و اقبلوا نصیحه اللّه) فانّها مؤدّیه إلى درجات الجنات منجیه من درکات الهلکات، و الاتیان بلفظ الجلاله و التصریح باسمه سبحانه فی جمیع الجملات مع اقتضاء ظاهر المقام للاتیان بالضمیر لایهام الاستلذاذ و لإدخال الرّوع فی ضمیر المخاطبین و تربیه المهابه و تقویه داعى المأمورین لامتثال المأمور به، و قول الشارح البحرانی بأنّ ذلک أى تعدیه الاسم صریحا للتعظیم فلیس بشی‏ء.

و لما أمر بالاتّعاظ و الانتصاح علله (فانّ اللّه قد أعذر إلیکم بالجلیّه) یعنی أنّه سبحانه قد أبدى العذر الیکم فی عقاب العاصین منکم بالاعذار الجلیّه و البراهین الواضحه من الایات الکریمه لأنّه لا یکلّف نفسا إلّا ما اتیها لیهلک من هلک عن بیّنه و یحیى من حىّ عن بیّنه.
(و اتّخذ علیکم الحجّه) بارسال الرّسول و إنزال الکتاب یعنی أنّه أتمّ الحجّه على المکلّفین بما اتاهم و عرّفهم حتى لا یکون لهم عذر فی ترک التکالیف و لا یکون للنّاس علیه حجّه بعد الرّسل قال عزّ من قائل: وَ ما کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (و بیّن لکم محابّه من الأعمال و مکارهه منها) أى بیّن فی کتاب العزیز الفرائض و الواجبات من الحجّ و الجهاد و الصوم و الصّلاه و غیرها من الأعمال الصّالحات المطلوبه له و المحبوبه عنده، و المحظورات من الکذب و الغیبه و النمیمه و السعایه و غیرها من الأفعال القبیحه المبغوضه له المکروهه لدیه.

و انّما بیّنها (لتتّبعوا هذه) أى محابّ الأعمال (و تجتنبوا هذه) أى مکارهها (فانّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله) تعلیل لوجوب اتّباع المحابّ و وجوب اجتناب المکاره (کان یقول: إنّ الجنّه حفّت بالمکاره و إن النّار حفّت بالشهوات) یعنی أنّ الجنّه محفوفه بالصبر على مشاقّ الطاعات و الکفّ عن لذائذ السیّئات و کلاهما مکروه للنّفس،فمن صبر على ذلک المکروه یکون مصیره إلى الجنّه و کذلک النار محفوفه باطلاق عنان النفس و ارتکاب ما تشتهیها و تتمناها من الشهوات و المحرّمات، فمن أقدم علیها و أتى بها یکون عاقبته إلى النار و کفى بالجنّه ثوابا و نوالا فی تسهیل تحمّل تلک المکاره، و کفى بالنار عقابا و وبالا فی التنفیر عن هذه الشهوات.

ثمّ بعد تسهیل المکاره التی یشتمل علیها الطاعات یکون غایتها أشرف الغایات و تحقیر الشهوات الّتی یرید التنفیر عنها یکون غایتها أخسّ الغایات نبّه على أنّه لا تأتى طاعته إلّا فی کره و لا معصیته إلّا فی شهوه، و هو قوله (و اعلموا أنه ما من طاعه اللّه شی‏ء إلّا یأتی فی کره و ما من معصیه اللّه شی‏ء إلّا یأتی فی شهوه) لأنّ النّفس للقوّه الشهویّه أطوع من القوّه العاقله خصوصا فیما هو أقرب إلیها من اللّذات المحسوسه الّتی یلحقها العقاب علیها.
(فرحم اللّه رجلا نزع) و کفّ (عن شهوته و قمع) أى قلع (هوى نفسه فان هذه النفس) الأمّاره بالسوء (أبعد شی‏ء منزعا) أى کفا و انتهاء عن شهوه و معصیه (و أنها لا تزال تنزع) أى تشتاق و تمیل (إلى معصیه فی هوى) نبّه على وصف المؤمنین و کیفیّه معاملتهم مع نفوسهم جذبا للسامعین إلى التأسّی بهم و تحریصا لهم على اقتفاء آثارهم و هو قوله: (و اعلموا عباد اللّه أنّ المؤمن لا یصبح و لا یمسى إلّا و نفسه ظنون) أى متّهمه (عنده) أى أنها ضعیفه قلیله الحیله لا تقدر على أن تحتال و تعالج فی أن تغره و تورده موارد الهلکه بل هو غالب علیها فی کلّ حال (فلا یزال زاریا) أى عایبا (علیها) فی کلّ حین (و مستزیدا لها) أى مراقبا لأحوالها طالبا للزیاده لها من الأعمال الصالحه فی جمیع الأوقات.

(فکونوا کالسابقین قبلکم) إلى الجنّه (و الماضین أمامکم) من المؤمنین الزاهدین فی الدّنیا و الرّاغبین فی الاخره (قوّضوا من الدّنیا تقویض الرّاحل) یعنی أنهم قطعوا علایق الدّنیا و ارتحلوا إلى الاخره کما أنّ الرّاحل إذا أراد الارتحال یقوّض متاعه و ینقض خیمته و یهدم بناءه (و طووها طىّ المنازل) أى طووا أیام‏الدّنیا و مدّه عمرهم کما یطوى المسافر منازل طریقه.

و محصّل الجملتین أنّ السابقین الأوّلین من المقرّبین و أصحاب الیمین لما عرفوا بعین بصائرهم أنّ الدّنیا لیست لهم بدار و أن الاخره دار قرار لا جرم کانت همّتهم مقصوره فی الوصول إلیها، فجعلوا أنفسهم فی الدّنیا بمنزله المسافر، و جعلوها عندهم بمنزله المنازل فاخذوا من ممرّهم ما یبلغهم إلى مقرّهم فلما ارتحلوا عنها لم یبق لهم علاقه فیها کما أنّ المسافر إذا ارتحل من منزل لا یبقى له شی‏ء فیه فأمر المخاطبین بأن یکونوا مثل هؤلاء فی الزّهد فی الدّنیا و ترک العلایق و الامنیّات و الرغبه فی العقبی و الجنّات العالیات و هی أحسن منزلا و مقیلا.

ثمّ شرع فی ذکر فضل القرآن و بیان ممادحه ترغیبا فی الاهتداء به و الاقتباس من ضیاء أنواره فقال علیه السّلام (و اعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح) المشفق (الّذی لا یغشّ) فی إرشاده إلى وجوه المصالح کما أنّ الناصح الصدیق شأنه ذلک (و الهادى الّذی لا یضلّ) من اهتدى به.

روى فی الکافی عن طلحه بن زید عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: إنّ هذا القرآن فیه منار الهدى و مصابیح الدّجى، فلیجل جال بصره و یفتح للضیاء نظره، فانّ التفکّر حیاه قلب البصیر کما یمشی المستنیر فی الظّلمات بالنور.
(و المحدّث الّذی لا یکذب) فی قصصه و أحادیثه و أخباره قال أبو عبد اللّه علیه السّلام فیما روى فی الکافی عن سماعه بن مهران عنه علیه السّلام انّ العزیز الجبّار أنزل علیکم کتابه و هو الصّادق البارّ فیه خبرکم و خبر من قبلکم و خبر من بعدکم و خبر السماء و الأرض و لو أتاکم من یخبرکم لذلک تعجّبتم.

(و ما جالس هذا القرآن أحد) استعار لفظ المجالسه لمصاحبته و ملازمته و قراءته و التدبّر فی ألفاظه و معانیه (إلّا قام عنه) استعار لفظ القیام لترک قراءته و الفراغ عنها و لا یخفى ما فی مقابله الجلوس بالقیام من اللّطف و الحسن فانّ المقابله بین الفعلین فی معنییهما الحقیقین و المجازین کلیهما على حدّ قوله تعالى: أَ وَ مَنْ کانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ‏أى ضالا فهدیناه، فانّ الموت و الأحیاء متقابلان کتقابل الضلاله و الهدایه و ما ذکرناه أظهر و أولى مما قاله الشارح البحرانی من أنه کنّى بمجالسه القرآن عن مجالسه حملته و قرائه لاستماعه منهم و تدبّره عنهم، لاحتیاجه إلى الحذف و التکلّف الّذی لا حاجه إلیه.

و کیف کان فالمراد أنّ من قام عن القرآن بعد قضاء وطره منه فانما یقوم (بزیاده أو نقصان زیاده فی هدى و نقصان من عمى) اذ فیه من الایات البیّنات و البراهین الباهرات ما یزید فی بصیره المستبصر، و ینقص من جهاله الجاهل.
(و اعلموا أنه لیس لأحد بعد القرآن من) فقر و (فاقه و لا لأحد قبل القرآن من غنى) و ثروه الظاهر أنّ المراد به أنّ من قرء القرآن و عرف ما فیه و تدبّر فی معانیه و عمل بأحکامه یتمّ له الحکمه النظریّه و العملیّه و لا یبقى له بعده إلى شی‏ء حاجه و لا فقر و لا فاقه و من لم یکن کذلک فهو أحوج المحتاجین.

روى فی الکافی عن معاویه بن عمار قال: قال لی أبو عبد اللّه علیه السّلام من قرء القرآن فهو عنیّ و لا فقر بعده و إلّا ما به غنی.
قال الشاحر البحرانی فی شرح ذلک: نبّههم على أنّه لیس بعده على أحد فقر أى لیس بعد نزوله للنّاس و بیانه الواضح حاجه بالنّاس إلى بیان حکم فی إصلاح معاشهم و معادهم، و لا لأحد قبله من غنی أى قبل نزوله لا غنی عنه للنّفوس الجاهله انتهى، و الأظهر ما قلناه.
(فاستشفوه من أدوائکم) أى من أمراضکم الظاهره و الباطنه و الرّوحانیه و الجسمانیّه، فانّ فیه شفاء من کلّ ذلک قال سبحانه: وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَهٌ.

و روى فی الکافی عن السّکونی عن أبی عبد اللّه عن آبائه علیهم السّلام قال: شکى رجل إلى النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم وجعا فی صدره فقال: استشف بالقرآن فانّ اللّه عزّ و جلّ یقول: وَ شِفاءٌ لِما فِی الصُّدُورِ.
(و استعینوا به من لأوائکم) أى من شدائد الدّهر و محن الزمان و طوارق‏البلایا و الحدثان.
روى فی الکافی عن أحمد المنقری قال: سمعت أبا إبراهیم علیه السّلام یقول من استکفى بایه من القرآن من المشرق إلى المغرب کفى إذا کان بیقین.
و فیه عن الأصبغ بن نباته عن أمیر المؤمنین علیه السّلام أنّه قال: و الّذی بعث محمّدا صلّى اللّه علیه و آله بالحقّ و أکرم أهل بیته ما من شی‏ء تطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابّه من صاحبها أو ضالّه أو آبق إلّا و هو فی القرآن فمن أراد ذلک فلیسألنی عنه الحدیث.

و أنت إذا لاحظت الروایات الوارده فی خواصّ السّور و الایات تجد أنها کنز لا یفنى و بحر لا ینفد، و أنّ فیها ما به نجاه من کلّ همّ و نجاه من کلّ غمّ و عوذه من کلّ لمم و سلامه من کل ألم و خلاص من کلّ شدّه و مناص من کلّ داهیه و مصیبه و فرج من ضیق المعیشه و مخرج إلى سعه العیشه إلى غیر هذه مما هو خارج عن حدّ الاحصاء و متجاوز عن طور الاستقصاء، فلا شی‏ء أفضل منه للاستشفاء من الأسقام و الأدواء و لا للاستعانه من الشدائد و اللأواء.

(و انّ فیه شفاء من أکبر الدّاء و هو الکفر و النّفاق و الغىّ و الضلال) قال أبو عبد اللّه علیه السّلام فی الحدیث المرویّ فی الکافی مرفوعا لا و اللّه لا یرجع الأمر و الخلافه إلى آل أبى بکر و عمر و لا إلى بنی امیّه أبدا و لا فی ولد طلحه و الزبیر أبدا و ذلک إنهم نبذوا القرآن و أبطلوا السّنن و عطّلوا الأحکام.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم القرآن هدى من الضلاله و تبیان من العمى و استقاله من العثره و نور من الظلمه و ضیاء من الأحداث و عصمه من الهلکه و رشد من الغوایه و بیان من الفتن و بلاغ من الدّنیا إلى الاخره، و فیه کمال دینکم و ما عدل أحد عن القرآن إلّا إلى النار.

(فاسألوا اللّه به و توجّهوا إلیه بحبّه) یحتمل أن یکون المراد به جعله وسیله إلیه سبحانه فی نیل المسائل لکونه أقوى الوسائل، و أن یتوجّه إلیه بحبّه أى بحبّ السائل المتوجّه له أو بکونه محبوبا للّه تعالى فی انجاح السؤلات و قضاء الحاجات، و أن یکون المراد به اعداد النفوس و إکمالها بما اشتمل علیه الکتاب العزیز من الکمالات النفسانیّه ثمّ یطلب الحاجات و یستنزل الخیرات بعد حصول الکمال لها، و على هذا فالمقصود من التوجّه إلیه بحبّه تأکید الاستکمال اذ من أحبّه استکمل بما فیه فحسن توجّهه إلیه تعالى و الأظهر هو الاحتمال الأوّل بقرینه قوله (و لا تسألوا به خلقه) لظهوره فی أنّ المراد به هو النهى عن جعله وسیله للمسأله إلى الخلق.

قال أبو عبد اللّه علیه السّلام فی روایه الکافی عن یعقوب الأحمر عنه علیه السّلام: إنّ من الناس من یقرأ القرآن لیقال فلان قارئ، و منهم من یقرأ القرآن لیطلب به الدّنیا و لا خیر فی ذلک، و منهم من یقرأ القرآن لینتفع به فی صلاته و لیله و نهاره.

و فیه أیضا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قرّاء القرآن ثلاثه: رجل قرء القرآن فاتّخذه بضاعه و استدرّ به الملوک و استطال به على النّاس، و رجل قرء القرآن فحفظ حروفه و ضیّع حدوده و أقامه إقامه القدح فلا کثر اللّه هؤلاء من حمله القرآن. و رجل قرء القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه فأسهر به لیله و أظمأ به نهاره و قام به فی مساجده و تجافی به عن فراشه فباولئک یدفع اللّه العزیز الجبّار البلاء، و بأولئک یدیل اللّه عزّ و جلّ من الأعداء، و بأولئک ینزل اللّه تبارک و تعالى الغیث من السماء فو اللّه لهؤلاء فی قرّاء القرآن أعزّ من الکبریت الأحمر.

و علّل الأمر بسؤال اللّه به بأنه (ما توجّه العباد إلى اللّه بمثله) لأنّ له کرامه عند اللّه سبحانه و مقاما یغبطه به الأوّلون و الاخرون حسبما تعرفه فی الأخبار الاتیه فهو أفضل الوسائل للسائل فی انجاح المقاصد و المسائل الدنیویّه و الأخرویّه، فالمتوجّه به إلیه سبحانه لا یردّ دعاؤه و لا یخیب رجاؤه.

(و اعلموا أنّه شافع مشفّع و قائل مصدّق) یعنی أنه یشفع لقرّائه و العاملین به الحاملین له یوم القیامه فیقبل شفاعته فی حقّهم، و یقول و یشهد فی حقّ هؤلاء بخیر و فی حقّ التارکین له و النابذین به وراء ظهورهم بشرّ فیصدق فیهما کما أشار إلیه بقوله:(و أنه من شفع له القرآن یوم القیامه شفع فیه) أى قبلت شفاعته (و من محل به القرآن) أى سعى به إلى اللّه تعالى و قال فی حقّه قولا یضرّه و یوقعه فی المکروه (یوم القیامه صدّق علیه).

قال الشارح البحرانی استعار علیه السّلام لفظى الشافع و المشفع و وجه الاستعاره کون تدبّره و العمل بما فیه ماحیا لما یعرض للنفس من الهیات الردیّه من المعاصی، و ذلک مستلزم لمحو غضب اللّه کما یمحو الشفیع المشفّع أثر الذنب عن قلب المشفوع إلیه و کذلک لفظ القائل المصدّق و وجه الاستعاره کونه ذا ألفاظ إذا نطق بها لا یمکن تکذیبها کالقائل الصادق، ثمّ أعاد معنى کونه شافعا مشفّعا یوم القیامه ثمّ استعار لفظ المحل للقرآن و وجه الاستعاره أنّ لسان حال القرآن شاهد فی علم اللّه و حضره ربوبیّته على من أعرض عنه بعدم اتباعه و مخالفته لما اشتمل علیه فبالواجب أن یصدّق فأشبه السّاعی إلى السّلطان فی حقّ غیره بما یضرّه انتهى.

أقول: و الانصاف أنّ حمل الکلام على المجاز مع التمکّن من إراده الحقیقه لا معنى له کما قلناه فی شرح الفصل السادس من الخطبه الثانیه و الثمانین، و الحمل على الحقیقه هنا ممکن بل متعیّن لدلاله غیر واحد من الرّوایات على أنّه یأتی یوم القیامه بصورت إنسان فی أحسن صوره و یشفع فی حقّ قرّائه العاملین به، و یسعى فی حقّ المعرضین عنه، و على هذا فلا وجه لحمل لفظ الشفاعه و القول و المحل على معناها المجازی و لا بأس بالاشاره إلى بعض ما یدلّ على ذلک فأقول: روى ثقه الاسلام الکلینی فی الکافی عن علیّ بن محمّد عن علیّ بن العباس عن الحسین بن عبد الرّحمان عن صفوان الحریرى عن أبیه عن سعد الخفاف عن أبی جعفر علیه السّلام قال: یا سعد تعلّموا القرآن فانّ القرآن یأتی یوم القیامه فی أحسن صوره نظر إلیها الخلق و النّاس صفوف عشرون و مأئه ألف صفّ ثمانون ألف صفّ من امّه محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و أربعون ألف صفّ من سایر الامم فیأتی على صفّ المسلمین فی صوره رجل فیسلم فینظرون إلیه ثمّ یقولون لا إله إلّا اللّه الحلیم الکریم إنّ هذا الرّجل من المسلمین نعرفه بنعته و صفته غیر أنه کان أشدّ اجتهادا منّا فی القرآن فمن هناک اعطى من‏البهاء و الجمال و النور ما لم نعطه.

ثمّ یجوز حتّى یأتی على صفّ الشهداء فینظر إلیه الشهداء ثم یقولون: لا إله إلّا اللّه الرّبّ الرحیم إنّ هذا الرّجل من الشهداء نعرفه بسمته و صفته غیر أنه من شهداء البحر فمن هناک اعطى من البهاء و الفضل ما لم نعطه.
قال فیجاوز حتّى یأتی صفّ شهداء البحر فینظر إلیه شهداء البحر فیکثر تعجّبهم و یقولون: إنّ هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته و صفته غیر أنّ الجزیره التی أصیب فیها کانت أعظم هولا من الجزیره التی أصبنا فیها فمن هناک أعطى من البهاء و الجمال و النور ما لم نعطه.

ثمّ یجاوز حتّى یأتی صفّ النبیّین و المرسلین فی صوره نبیّ مرسل فینظر النّبیّون و المرسلون إلیه فیشتدّ لذلک تعجّبهم و یقولون: لا إله إلّا اللّه الحلیم الکریم إنّ هذا النبیّ «لنبیّ خ» مرسل نعرفه بصفته و سمته غیر أنه أعطى فضلا کثیرا قال: فیجتمعون فیأتون رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فیسألونه و یقولون: یا محمّد من هذا فیقول صلّى اللّه علیه و آله لهم: أو ما تعرفونه فیقولون ما نعرفه هذا من لم یغضب اللّه عزّ و جلّ علیه، فیقول رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله: هذا حجّه اللّه على خلقه فیسلم.

ثمّ یجاوز حتّى یأتی على صفّ الملائکه فی صوره ملک مقرّب فینظر إلیه الملائکه فیشتدّ تعجّبهم و یکبر ذلک علیهم لما رأوا من فضله و یقولون: تعالى ربّنا و تقدّس إنّ هذا العبد من الملائکه نعرفه بسمته و صفته غیر أنه کان أقرب الملائکه إلى اللّه عز و جلّ مقاما فمن هناک البس من النّور و الجمال ما لم نلبس.

ثمّ یجاوز حتّى ینتهى إلى ربّ العزّه تبارک و تعالى فیخرّ تحت العرش فینادیه تبارک و تعالى یا حجّتی فی الأرض و کلامی الصّادق و الناطق ارفع رأسک سل تعط و اشفع تشفّع، فیرفع رأسه فیقول اللّه تبارک و تعالى: کیف رأیت عبادی فیقول: یا ربّ منهم من صاننی و حافظ علىّ و لم یضیّع شیئا، و منهم من ضیّعنی و استخفّ بحقّی و کذّب بی و أنا حجّتک على جمیع خلقک، فیقول اللّه تبارک و تعالى: و عزّتی و جلالی و ارتفاع مکانی لاثیبنّ علیک الیوم أحسن الثواب، و لاعاقبنّ علیک الیوم‏ألیم العقاب.

قال: فیرفع القرآن رأسه فی صوره اخرى قال: فقلت له علیه السّلام یا أبا جعفر فی أىّ صوره یرجع قال: فی صوره رجل شاحب متغیّر یبصره «ینکره خ» أهل الجمع فیأتی الرّجل من شیعتنا الذی کان یعرفه و یجادل به أهل الخلاف فیقوم بین یدیه فیقول ما تعرفنى فینظر إلیه الرجل فیقول: ما أعرفک یا عبد اللّه.

قال: فیرجع فی صورته الّتی کانت فی الخلق الأوّل فیقول: ما تعرفنی فیقول نعم، فیقول القرآن: أنا الّذی أسهرت لیلک و أنصبت عینک و سمعت فیّ الأذى و رجمت بالقول فیّ ألا و إنّ کلّ تاجر قد استوفی تجارته و أنا وراءک الیوم، قال فینطلق به إلى ربّ العزّه تبارک و تعالى فیقول: یا ربّ عبدک و أنت أعلم به قد کان نصبا بی مواظبا علىّ یعادی بسببی و یحبّ فیّ و یبغض، فیقول اللّه عزّ و جلّ ادخلوا عبدی جنّتی و اکسوه حلّه من حلل الجنّه، و توّجوه بتاج.
فاذا فعل به ذلک عرض على القرآن فیقال له: هل رضیت بما فعل بولیّک فیقول: یا ربّ أستقلّ هذا له فزده مزید الخیر کلّه، فیقول عزّ و جلّ: و عزّتی و جلالی و علوّى و ارتفاع مکانی لأنحلنّ له الیوم خمسه أشیاء مع المزید له و لمن کان بمنزلته: ألا إنهم شباب لا یهرمون، و أصحّاء لا یسقمون، و أغنیاء لا یفتقرون، و فرحون لا یحزنون، و أحیاء لا یموتون، ثمّ تلى علیه السّلام هذه الایه: لا یَذُوقُونَ فِیهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَهَ الْأُولى‏.

قال قلت یا با جعفر و هل یتکلّم القرآن فتبسّم علیه السّلام ثمّ قال: رحم اللّه الضعفاء من شیعتنا إنّهم أهل تسلیم، ثمّ قال: نعم یا أبا سعد و الصّلاه تتکلّم و لها صوره و خلق تأمر و تنهى، قال سعد: فتغیّر لذلک لونی و قلت: هذا شی‏ء لا أستطیع التکلّم به فی النّاس، فقال أبو جعفر علیه السّلام: و هل النّاس إلّا شیعتنا فمن لم یعرف الصّلاه فقد أنکر حقنا.
ثمّ قال: یا سعد اسمعک کلام القرآن قال سعد: فقلت: بلى فقال علیه السّلام إِنَّ الصَّلاهَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْکَرِ وَ لَذِکْرُ اللَّهِ أَکْبَرُ، فالنّهى کلام و الفحشاء و المنکررجال و نحن ذکر اللّه و نحن أکبر.

و فیه بسنده عن یونس بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه علیه السّلام إنّ الدّواوین یوم القیامه ثلاثه: دیوان فیه النعم، و دیوان فیه الحسنات، و دیوان فیه السیئات، فیقابل بین دیوان النعم و دیوان الحسنات، فیستغرق النعم عامّه الحسنات، و یبقى دیوان السیئات فیدعى بابن آدم المؤمن للحسنات «للحساب خ» فیتقدّم القرآن أمامه فی أحسن صوره فیقول: یا ربّ أنا القرآن و هذا عبدک المؤمن قد کان یتعب نفسه بتلاوتی و یطیل لیله بترتیلی و تفیض عیناه إذا تهجّد، فارضه کما أرضانی قال: فیقول العزیز الجبّار: عبدى ابسط یمینک، فیملوها من رضوان اللّه العزیز الجبّار، و یملأ شماله من رحمه اللّه، ثمّ یقال: هذه الجنّه مباحه لک فاقرء و اصعد فاذا قرء آیه صعد درجه.

و فیه مسندا عن إسحاق بن غالب قال: قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: إذا جمع اللّه عزّ و جلّ الأوّلین و الاخرین إذا هم بشخص قد أقبل لم یر قط أحسن صوره منه، فاذا نظر إلیه المؤمنون و هو القرآن قالوا هذا منّا هذا أحسن شی‏ء رأینا، فاذا انتهى إلیهم جازهم، ثمّ ینظر إلیه الشهداء حتّى إذا انتهى إلى آخرهم جازهم فیقولون هذا القرآن فیجوزهم کلّهم حتّى إذا انتهى إلى المرسلین فیقولون هذا القرآن فیجوزهم حتّى ینتهى إلى الملائکه فیقولون هذا القرآن فیجوزهم ثمّ ینتهى حتّى یقف عن یمین العرش، فیقول الجبّار و عزّتی و جلالی و ارتفاع مکانی لاکرمنّ الیوم من أکرمک و لاهیننّ من أهانک.

و فیه عن الفضیل بن یسار باسناده عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: تعلّموا القرآن فانّه یأتی یوم القیامه صاحبه فی صوره شاب جمیل شاحب اللّون فیقول له: أنا القرآن الّذی کنت أسهرت لیلک و أظمأت هواجرک و أجففت ریقک و أسلت دمعتک أؤل معک حیث ما الت، و کلّ تاجر من وراء تجارته و أنا الیوم لک من وراء تجاره کلّ تاجر، و سیأتیک کرامه من اللّه عزّ و جلّ فابشر.

فیؤتى بتاج فیوضع على رأسه و یعطى الأمان بیمینه و الخلد فی الجنان بیساره‏و یکسى حلّتین ثمّ یقال له: اقرء و ارق، کلّما قرء آیه صعد درجه و یکسى أبواه حلّتین إن کانا مؤمنین ثمّ یقال لهما: هذا لما علّمتماه القرآن.
إلى غیره مما لا نطیل بروایتها فقد ظهر منهم أنّه یجی‏ء یوم القیامه فی صوره انسان و له لسان یشهد للناس و علیهم و یقبل شهادته نفعا و ضرّا و شفاعته فی حقّ المراقبین له و ینتفع به الاخذون له و العاملون به.

(فانه ینادى مناد یوم القیامه) الظاهر أنّ المنادى من الملائکه من عند ربّ العزّه، و قول الشارحین انه لسان حال الأعمال تأویل لا داعى إلیه (ألا) و (إنّ کلّ حارث) أصل الحرث إثاره الأرض للزراعه و المراد هنا مطلق الکسب و التّجاره (مبتلى فی حرثه و عاقبه عمله غیر حرثه القرآن).

قال الشارح البحرانی: الحرث کلّ عمل تطلب به غایه و تستخرج منه ثمره و الابتلاء ههنا ما یلحق النفس على الأعمال و عواقبها من العذاب بقدر الخروج فیها عن طاعه اللّه. و ظاهر أنّ حرث القرآن و البحث عن مقاصده لغایه الاستکمال به برى‏ء من لواحق العقوبات انتهى.
أقول: و فیه أنّ کلّ عمل کان فیه الخروج عن طاعه اللّه فعامله معذّب و مبتلى سواء کان ذلک العمل مما لا یتعلّق بالقرآن أو کان متعلّقا به کقرائته و البحث عن مقاصده و الحفظ له و نحو ذلک و إذا کان على وجه الریاء أو تحصیل حطام الدّنیا و کلّ عمل ارید به وجه اللّه و کان الغایه منه الاستکمال فعامله مأجور و مثاب من دون فرق فیه أیضا بین القرآن و غیره، و بعباره اخرى کلّ حارث سواء کان حارث القرآن أو غیره إن لم یقصد بحرثه الخلوص فمبتلى، و إلّا فلا، فتعلیل عدم ابتلاء حرثه القرآن بأنّ حرثهم للاستکمال به و ابتلاء الاخرین بأنّ فی حرثهم خروجا من الطاعه شطط من الکلام کما لا یخفى.

و الّذی عندی أن یراد بقوله علیه السّلام: کلّ حارث من کان حرثه للدّنیا فهو مبتلى أى ممتحن فی حرثه لأنه إن کان من حلال ففیه حساب و إن کان من حرام ففیه عقاب و أما حارث القرآن لأجل أنه قرآن و کلام اللّه عزّ و جلّ فلا ابتلاء له لأنّ حرثه‏على ذلک إنّما هو للاخره قال اللّه تعالى: «مَنْ کانَ یُرِیدُ حَرْثَ الْآخِرَهِ نَزِدْ لَهُ فِی حَرْثِهِ وَ مَنْ کانَ یُرِیدُ حَرْثَ الدُّنْیا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِی الْآخِرَهِ مِنْ نَصِیبٍ» فتأمّل.

و لما نبّه علیه السّلام على عدم ابتلاء حرثه القرآن أمر بحرثه بقوله (فکونوا من حرثته و أتباعه) و أردفه بقوله (و استدلوه على ربکم) أى اجعلوه دلیلا علیه سبحانه و قائدا إلیه تعالى لاشتماله على جمیع صفات الجمال و الجلال و أوصاف الکبریاء و العظمه و الکمال (و استنصحوه على أنفسکم) أى اتّخذوه ناصحا لکم رادعا لأنفسکم الأمّاره عن السّوء و الفحشاء و المنکر لتضمّنه الایات الناهیه المحذره و الوعیدات الزاجره المنذره (و اتّهموا علیه آرائکم) أى إذا أدت آرائکم إلى شی‏ء مخالف للقرآن فاجعلوها متّهمه عندکم (و استغشوا فیه أهوائکم).

قال الشارح البحرانی: و انما قال هنا استغشوا و فی الاراء اتّهموا، لأنّ الهوا هو میل النفس الأمّاره من غیر مراجعه العقل فاذا حکمت النفس عن متابعتها بحکم فهو غشّ صراح، و أمّا الرأى فقد یکون بمراجعه العقل و حکمه و قد یکون بدونه، فجاز ان یکون حقا و جاز أن یکون باطلا فکان بالتهمه أولى.

ثمّ تخلّص من أوصاف القرآن و فضایله إلى الأمر بملازمه الأعمال فقال (العمل العمل) أى لازموا العمل الصّالح و رافبوا علیه (ثمّ النهایه النهایه) أى بعد القیام بالأعمال الصالحه لاحظوا نهایتها و خاتمتها و جدّوا فی الوصول إلیها (و الاستقامه الاستقامه) و هو أمر بالاستقامه على الجادّه الوسطى من العمل و الثبات على الصراط المستقیم المؤدّى إلى غایه الغایات و أشرف النهایات أعنی روضات الجنات (ثمّ الصبر الصّبر و الورع الورع) أى بعد مواظبه الأعمال الصالحه و ملاحظه نهایاتها و الثبات على ما یوصل إلیها من الأعمال لا بدّ من الصبر عن المعاصی و الکفّ عن الشّهوات و الورع عن محارم اللّه.

و مما ذکرناه ظهر لک نکته العطف فی ثانی المکرّرات الخمسه و رابعها بثمّ و فی ثالثها و خامسها بالواو، توضیح ذلک أنّ النهایه لما کانت متراخیه عن العمل عطفها بثمّ، و الاستقامه لما کانت کیفیّه العمل عطفها بالواو، و هذه الثلاثه أعنی العمل و النّهایهو الاستقامه کلّها ناظره إلى طرف العباده، و لما کان الصّبر متعلّقا بالمعصیه عطفه بثم لغایه الافتراق بین العبادات و المعاصی، و لما کان بین الصّبر و الورع تلازما عطف الورع بالواو أیضا.

و هذا أولى مما قاله الشّارح البحرانی حیث قال: و إنّما عطف النهایه و الصّبر بثمّ لتأخّر نهایه العمل عنه و کون الصّبر أمرا عدمیّا و هو فی معنى المتراخی و المنفکّ عن العمل الّذى هو أمر وجودیّ، بخلاف الاستقامه على العمل فانه کیفیه له و الورع فانه جزء منه، انتهى هذا.

و فصّل ما أجمل لقوله و (إنّ لکم نهایه) و هى غرفات الجنان و رضوان من اللّه المنّان (فانتهوا إلى نهایتکم) و امضوا إلیها (و إنّ لکم علما) هادیا إلى تلک النهایه و هو الرّسول الأمین و أولیاء الدّین أو الأعم منهم و من سایر دلائل الشّرع المبین (فاهتدوا بعلمکم) للوصول إلیها (و إنّ للاسلام غایه فانتهوا إلى غایته) و هی النهایه المذکوره (و اخرجوا إلى اللّه مما افترض علیکم من حقّه و بین لکم من وظایفه) أى أخرجوا متوجّهین إلیه سبحانه ممّا فرضه علیکم من حقوقه الواجبه و أوضحه لکم من عباداته و تکالیفه الموظفه المقرّره فی ساعات اللّیالی و الأیّام.

و قوله (أنا شاهد لکم و حجیج یوم القیامه عنکم) تأکید لأداء الفرائض و الواجبات یعنی انکم إذا خرجتم إلى اللّه من حقوقه و وظایفه فأنا أشهد لکم یوم القیامه بخروجکم منها و مقیم للحجّه عن جانبکم بأنّکم أقمتم بها، و قد مضى تفصیل تلک الشهاده و الاحتجاج فی شرح الخطبه الحادیه و السّبعین.

(ألا و إنّ القدر السابق قد وقع و القضاء الماضی قد تورّد) قد عرفت معنى القضاء و القدر مفصّلا فی شرح الفصل التاسع من الخطبه الاولى، و الظاهر أنّ المراد بهما المقضىّ و المقدّر کما استظهرنا هذا المعنى منهما فیما تقدّم أیضا بالتقریب الّذی قدّمناه ثمّه، فیکون المعنى أنّ المقدّر السابق فی علم اللّه سبحانه وقوعه قد وقع، و المقضىّ الماضی أى المحتوم النافذ قد تورّد أى دخل فی الوجود شیئا فشیئا.

و إلى ما ذکرنا ینظر ما قاله بعض الشارحین من أنّه أراد بالقدر السابق خلافته علیه السّلام و بالقضاء الماضی الفتن و الحروب الواقعه فی زمانه أو بعده الّتی دخلت فی الوجود شیئا فشیئا و هو المعبّر عنه بالتورد، و قوى ارادته علیه السّلام ذلک بقرینه المقام و أنه علیه السّلام خطب بهذه الخطبه فی أیّام بیعته بعد قتل عثمان.

و قوله علیه السّلام: (و انّی متکلّم بعده اللّه و حجّته) المراد بعدته سبحانه ما وعد به فی الایه الشریفه للمؤمنین المعترفین بالرّبوبیّه الموصوفین بالاستقامه من تنزّل الملائکه و بشارتهم بالجنّه و بعدم الخوف و الحزن، و الظاهر أنّ المراد بحجّته أیضا نفس هذه الایه نظرا إلى أنها کلام اللّه و هو حجّه اللّه على خلقه أو أنها دالّه بمنطوقها على أنّ دخول الجنّه إنما هو للموحّدین المستقیمین و بمفهومها على أنّ الکافرین و غیر المستقیمین لا یدخلونها فهى حجّه علیهم لئلّا یقولوا یوم القیامه انّا کنّا عن هذا غافلین.

و قال الشارح البحرانی: إنّ حجّته الّتی تکلّم بها هو قوله: و قد قلتم ربّنا اللّه فاستقیموا، إلى آخر ما یأتی، و الأظهر ما قلناه إذا عرفت ذلک فلنعد إلى تفسیر الایه (قال اللّه تعالى إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ) اعترافا بربوبیّته و إقرارا بوحدانیّته (ثُمَّ اسْتَقامُوا) على مقتضاه.
و فی المجمع عن محمّد بن الفضیل قال: سألت أبا الحسن الرّضا علیه السّلام عن الاستقامه فقال: هی و اللّه ما أنتم علیه.

و فی الکافی عن الصادق علیه السّلام على الأئمّه واحدا بعد واحد «تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِکَهُ» عند الموت رواه فی المجمع عن الصّادق علیه السّلام «أَلَّا تَخافُوا» ما تقدمون علیه «وَ لا تَحْزَنُوا» ما خلّفتم «إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ» فی الدّنیا.

روى فی الصّافی عن تفسیر الامام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله: لا یزال المؤمن خائفا من سوء العاقبه و لا یتیقّن الوصول إلى رضوان اللّه حتّى یکون وقت نزع روحه و ظهور ملک الموت له، و ذلک إنّ ملک الموت یرد على المؤمن و هو فی شدّه علّته و عظیم ضیق صدره بما یخلفه من أمواله و بما هو علیه من اضطراب أحواله من معاملیه‏ و عیاله قد بقیت فی نفسه حسراتها اقتطع دون أمانیّه فلم ینلها، فیقول له ملک الموت ما لک تجرع غصصک قال: لاضطراب أحوالی و اقتطاعک لی دون آمالی، فیقول له ملک الموت: و هل یحزن عاقل لفقد درهم زائف و اعتیاض ألف ألف ضعف الدّنیا فیقول: لا، فیقول ملک الموت: فانظر فوقک، فینظر فیرى درجات الجنان و قصورها التی یقصر دونها الأمانی فیقول ملک الموت: تلک منازلک و نعمک و أموالک و أهلک و عیالک و من کان من أهلک ههنا و ذرّیتک صالحا فهم هنالک معک أ فترضى بهم بدلا مما ههنا فیقول: بلى و اللّه، ثمّ یقول: انظر، فینظر فیرى محمّدا و علیّا و الطیّبین من آلهما سلام اللّه علیهم أجمعین فی أعلا علّیین فیقول: أو تراهم هؤلاء ساداتک و أئمتک هم هنالک جلاسک و اناسک أ فما ترضى بهم بدلا مما تفارق هنا فیقول: بلى و ربّی فذلک ما قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِکَهُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا فیما أمامکم من الأهوال فقد کفیتموها و لا تحزنوا على ما تخلفونه من الذراری و العیال فهذا الّذی شاهدتموه فی الجنان بدلا منهم، «إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ» هذه منازلکم و هؤلاء ساداتکم اناسکم و جلاسکم هذا.

و لما تکلّم علیه السّلام بالایه الشریفه المتضمّنه للعده و الحجّه أمر المخاطبین بالقیام على مفادها و العمل على مقتضاها بقوله (و قد قلتم ربّنا اللّه) و لا بدّ لکم من اکمال هذا الاقرار بالاستقامه لاستحقاق انجاز الوعد و البشاره (فاستقیموا على کتابه) باجلاله و اعظامه و العمل بتکالیفه و أحکامه (و على منهاج أمره) بسلوکه و اتباعه (و على الطریقه الصّالحه من عبادته) باتیانها على وجه الخلوص جامعه لشرائطها المقرّره و حدودها الموظفه (ثمّ لا تمرقوا) أى لا تخرجوا (منها) و لا تتعدّوا عنها (و لا تبتدعوا فیها) أى لا تحدثوا فیها بدعه (و لا تخالفوا عنها) أى لا تعرضوا عنها یمینا و شمالا مخالفین لها، فانکم إذا أقمتم على ذلک کلّه حصل لکم شرط الاستحقاق فینجز اللّه لکم وعده و تبشّرکم الملائکه و تدخلون الجنّه البتّه، و ان لم تقیموا علیه فقدتم الشرط و بفقدانه و انتفائه ینتفی المشروط لا محاله.

و هو معنى قوله: (فانّ أهل المروق منقطع بهم عند اللّه یوم القیامه) یعنی أنّهم لا یجدون بلاغا یوصلهم إلى المقصد، روى فی مجمع البیان عن أنس قال: قرء علینا رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله هذه الایه أى الایه المتقدّمه قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: قد قالها ناس ثمّ کفر أکثرهم فمن قالها حتّى یموت فهو ممّن استقام علیها.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن امام مبین و ولیّ مؤمنین است در نصیحت مخاطبین مى‏ فرماید: منتفع باشید با بیان خدا و متّعظ باشید با موعظهاى خدا و قبول نمائید نصیحت خدا را، پس بدرستى که خدا اظهار فرموده عذر خود را بشما با آیه‏ هاى واضحه، و اخذ فرمود بر شما حجّت را و بیان کرد از براى شما محبوب داشته شده ‏هاى خود را از عملها و مکروهها داشته شدهاى خود را از آنها تا این که متابعت نمائید بان عملهاى محبوبه و اجتناب نمائید از این عملهاى مکروهه.

پس بدرستى که حضرت رسول صلوات اللّه و سلامه علیه و آله مى ‏فرمود که بهشت محفوف شده است با دشواریها و آتش محفوف شده است با شهوتها، و بدانید که بدرستى که نیست از اطاعت خدا چیزى مگر این که مى ‏آید با کراهت طبیعت، و نیست در معصیت خدا چیزى مگر این که مى ‏آید با شهوت و رغبت، پس رحمت خدا مردى را که بر کند از شهوت خود، و قلع کند خواهشات نفس خود را پس بدرستى که این نفس دورترین چیزیست از حیثیّت کنده شدن از شهوت، بدرستى که این نفس همیشه اشتیاق دارد و میل کند بسوى معصیت در آرزو و خواهش نفسانى.
و بدانید اى بندگان خدا بدرستى که مؤمن نه روز را بشب مى ‏آورد و نه شب را بروز مگر این که نفس او متّهمست نزد او، پس همیشه آن مؤمن ایراد کننده ‏است بر نفس خود، و طلب کننده است از براى او زیاده خیرات و مبرّات را، پس باشید مثل سابقانى که پیش از شما بودند و مثل گذشتگان در پیش از شما بر کندند از دنیاى فانی همچو بر کندن کوچ کننده، و درنوردیدند دنیا را مثل درنوردیدن منزلها.

و بدانید که این قرآن کریم او نصیحت کننده ‏ایست که خیانت نمى‏ کند، و هدایت کننده ‏ایست که گمراه نمى ‏سازد، و خبر دهنده ‏ایست که دروغ نمى‏ گوید، و همنشین نشد این قرآن را أحدى از شما مگر این که برخاست از آن با زیادتی یا کمى، زیادتی در هدایت و کمى از کورى و ضلالت.

و بدانید نیست بر أحدى بعد از قرآن حاجتى، و نه مر أحدیرا پیش از قرآن از دولتی، پس طلب شفا نمائید از او از دردهاى ظاهرى و باطنی خودتان، و طلب یارى کنید با او بر شدّتهاى خودتان، پس بدرستى که در او است شفا از بزرگترین دردها و آن کفر است و نفاق و گمراهى است و ضلالت، پس مسألت نمائید از خدا بوسیله قرآن. و متوجّه باشید بوسى پروردگار با محبت قرآن، و سؤال ننمائید بوساطت قرآن از مخلوقی، بدرستى که متوجّه نشد بندگان بسوى خدا با مثل قرآن.

و بدانید که بدرستى که قرآن شفاعت کننده است و مقبول الشفاعه، و گوینده است تصدیق شده، و بدرستى که کسى که شفاعت نماید مر او را قرآن در روز قیامت شفاعت او قبول مى ‏شود در حق آن، و کسى که بدگوئی نماید از او قرآن در روز قیامت تصدیق شده مى ‏شود بر ضرر آن.
پس بدرستى که ندا کند ندا کننده در روز قیامت این که آگاه باشید بدرستى که هر کشت کار امتحان خواهد شد در کشت خود و در عاقبت عمل خود غیر از کشت کنندگان قرآن پس باشید از کشتکاران قرآن و تبعیّت کنندگان او و دلیل أخذ نمائید او را بر پروردگار خود، و طلب نصیحت کنید از او بر نفسهاى خود، و متّهم دارید رأیهاى خود را که بر خلاف او است، و مغشوش شمارید در مقابل قرآن خواهشات خود را.

مواظبت نمائید بر عملها و مسارعت نمائید بنهایت و عاقبت کار، و ملازمت نمائید براستکارى پس از آن و منصف باشید با صبر و تحمل، و ترک نکنید ورع و پرهیزکارى را، بدرستى که شما راست نهایت و عاقبتی پس منتهى شوید بسوى نهایت خود، و بدرستى که شما راست علم و نشانه پس هدایت یابید با علم خود، و بدرستى که مر اسلام راست غایت و نهایتی پس منتهى شوید بسوى غایت او، و خارج بشوید بسوى خداوند تعالى از چیزى که واجب نموده بر شما از حق خود و بیان نموده است شما را از وظیفهاى خود، من شاهد هستم از براى شما و حجّت آورنده‏ام در روز قیامت از جانب شما.

آگاه باشید بدرستى که آنچه مقدّر شده بود سابقا بتحقیق واقع گردید، و قضاى الهى که نافذ و ممضى است تدریجا بوجود در آید، و بدرستى که من تکلّم کننده‏ام بوعده خدا و بحجّت او فرموده است خدا در کتاب عزیز خود: بدرستى که آن کسانى که گفتند که پروردگار ما خداست پس در آن مستقیم شدند نازل مى‏شود بر ایشان ملائکه که نترسید و محزون نباشید و بشارت دهید ببهشت عنبر سرشت که در دنیا وعده داده شده بودید.

و بتحقیق که گفتید شما پروردگار ما خداست پس مستقیم باشید بر کتاب کریم او، و بر راه روشن امر او و بر طریقه شایسته از عبادت و بندگی او، پس از آن خارج نشوید و بیرون مروید از آن طریقه و احداث بدعت نکنید در آن و مخالفت نکنید در آن پس بدرستى که أهل خروج از عبادت بهم بریده شده‏اند از ثواب دائمی نزد خداى تعالى در روز قیامت.

الفصل الثانی منها

ثمّ إیّاکم و تهزیع الأخلاق و تصریفها، و اجعلوا اللّسان واحدا، و لیختزن الرّجل لسانه فإنّ هذا اللّسان جموح بصاحبه، و اللّه ما أرى عبدا یتّقی تقوى تنفعه حتّى یختزن لسانه، و إنّ لسان المؤمن من وراء قلبه، و إنّ قلب المنافق من وراء لسانه، لأنّ المؤمن إذا أراد أن یتکلّم بکلام تدبّره فی نفسه فإن کان خیرا أبداه و إن کان شرّا واراه، و إنّ المنافق یتکلّم بما أتى على لسانه لا یدری ما ذا له و ما ذا علیه، و لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله: لا یستقیم إیمان عبد حتّى یستقیم قلبه، و لا یستقیم قلبه حتّى یستقیم لسانه، فمن استطاع منکم أن یلقى اللّه سبحانه و هو نقیّ الرّاحه من دماء المسلمین و أموالهم، سلیم اللّسان من أعراضهم فلیفعل. و اعلموا عباد اللّه إنّ المؤمن یستحلّ العام ما استحلّ عاما أوّل، و یحرّم العام ما حرّم عاما أوّل، و إنّ ما أحدث النّاس لا یحلّ لکم شیئا ممّا حرّم علیکم، و لکنّ الحلال ما أحلّ اللّه، و الحرام ما حرّم اللّه، فقد جرّبتم الأمور و ضرّستموها و وعظتم بمن کان قبلکم، و ضربت‏الأمثال لکم، و دعیتم إلى الأمر الواضح، فلا یصمّ عن ذلک إلّا أصمّ، و لا یعمى عنه إلّا أعمى، و من لم ینفعه اللّه بالبلاء و التّجارب لم ینتفع بشی‏ء من العظه، و أتاه التّقصیر من أمامه حتّى یعرف ما أنکر، و ینکر ما عرف، فإنّ النّاس رجلان: متّبع شرعه، و مبتدع بدعه، لیس معه من اللّه برهان سنّه، و لا ضیاء حجّه. و إنّ اللّه سبحانه لم یعظ أحدا بمثل هذا القرآن، فانّه حبل اللّه المتین، و سببه الأمین، و فیه ربیع القلب، و ینابیع العلم، و ما للقلب جلاء غیره، مع أنّه قد ذهب المتذکّرون، و بقی النّاسون أو المتناسون، فإذا رأیتم خیرا فأعینوا علیه، و إذا رأیتم شرّا فاذهبوا عنه، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم کان یقول: یا ابن آدم اعمل الخیر و دع الشّرّ فإذا أنت جواد قاصد. ألا و إنّ الظّلم ثلاثه: فظلم لا یغفر، و ظلم لا یترک، و ظلم مغفور لا یطلب، فأمّا الظّلم الّذی لا یغفر الشّرک باللّه سبحانه قال اللّه سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ، و أمّا الظّلم الّذی یغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، و أمّا الظّلم الّذی لا یترک فظلم العباد بعضهم بعضا، القصاص هناک شدید، لیس هو جرحا بالمدى،و لا ضربا بالسّیاط، و لکنّه ما یستصغر ذلک معه، فإیّاکم و التّلوّن فی دین اللّه، فإنّ جماعه فیما تکرهون من الحقّ خیر من فرقه فیما تحبّون من الباطل، و إنّ اللّه سبحانه لم یعط أحدا بفرقه خیرا ممّا مضى و لا ممّا بقی. یا أیّها النّاس طوبى لمن شغله عیبه عن عیوب النّاس، و طوبى لمن لزم بیته و أکل قوته و اشتغل بطاعه ربّه و بکى على خطیئته، فکان من نفسه فی شغل و النّاس منه فی راحه.

اللغه

(هزعت) الشجر تهزیعا کسّرته و فرّقته و (خزن) المال و اختزنه أحرزه و (ضرّسته) الحروب أى جرّبته و أحکمته و (صمّت) الاذن صمما من باب تعب بطل سمعها هکذا فسّره الأزهرى و غیره، و یسند الفعل إلى الشخص أیضا فیقال: صمّ یصمّ صمما، فالذکر أصمّ و الأنثى صمّاء و الجمع صمّ مثل أحمر و حمراء و حمر، و یتعدّى بالهمزه فیقال أصمّه اللّه و ربما استعمل الرباعی لازما على قلّه و لا یستعمل الثلاثی متعدّیا فلا یقال صمّ اللّه الاذن و لا یبنى للمفعول فلا یقال صمّت الاذن.

و (السّبب) الحبل و هو ما یتوصّل به إلى الاستعلاء ثمّ استعیر لکلّ ما یتوصّل به إلى الامور فقیل هذا: سبب هذا و هذا مسبّب عن هذا و (الجواد) الفرس السابق الجید و (هن) بالتخفیف کأخ کنایه عن کل اسم جنس کما فی مصباح اللغه للفیومى أو عما یستقبح ذکره و لامها محذوفه ففى لغه هى ها فیصغّر على هنیهه و منه یقال مکث هنیهه أى ساعه لطیفه، و فی لغه هی واو فیصغّر فی المؤنّث على هنیه و الهمز خطاء إذ لا وجه له و جمعها هنوات و ربما جمعت على هنات مثل عدات هکذا فی المصباح و ضبطه الفیروزآبادی بفتح الهاء و هکذا فیما رأیته من نسخ النهج و (طوبى) وزان فعلى اسم من الطیب و الواو منقلبه عن یاء و قیل اسم شجره فی الجنّه کما سنشیر إلیه فی بیان معناه.

الاعراب

قوله: و إیّاکم و تهزیع الأخلاق، انتصاب تهزیع على التحذیر قال الشارح المعتزلی: و حقیقته تقدیر فعل و صورته جنّبوا أنفسکم تهزیع الأخلاق فایّاکم قائم مقام أنفسکم، و الواو عوض عن الفعل المقدّر و قد جاء بغیر واو فی قول الشاعر:

إیّاک أن ترضى صحابه ناقص
فتنحط قدرا من علاک و تحقرا

قوله: عاما أوّل بدون تنوین لأنّه غیر منصرف للوصفیّه و وزن الفعل فانّ الصحیح أنّ أصله أوءل على وزن أفعل مهموز الوسط فقلبت الهمزه الثّانیه واوا و ادغمت.
قال الجوهریّ و یدلّ على ذلک قولهم: هذا أوّل منک، و الجمع الأوائل و الاوالى أیضا على القلب، قال الشهید فی تمهید القواعد: و له استعمالان أحدهما أن یکون اسما فیکون مصروفا و منه قولهم ماله أوّل و لا آخر، قال فی الارتشاف: و فی محفوظى أنّ هذا یؤنث بالتاء و یصرف أیضا فیقال أوله و آخره بالتنوین، و الثانی أن یکون صفه أى أفعل التفضیل بمعنى الأسبق فیعطى حکم غیره من صیغ أفعل التفضیل کمنع الصرف و عدم تأنیثه بالتاء و دخول من علیه.

المعنى

اعلم أنّه علیه السّلام لما ختم الفصل السّابق بالأمر بالاستقامه و النهى عن المروق و الخروج عن جادّه الشریعه أردفه بالتحذیر عن تهزیع الأخلاق الملازم للنّفاق‏

فقال: (ثمّ إیّاکم و تهزیع الأخلاق) و تفریقها (و تصریفها) و تقلیبها و نقلها من حال إلى حال کما هو شأن المنافق، فانّه لا یبقى على خلق و لا یستمرّ على حاله واحده بل قد یکون صادقا و قد یکون کاذبا، و تاره وفیّا و اخرى غادرا، و مع الظالمین ظالما و مع العدول عادلا.

روى فی الکافی عن محمّد بن الفضیل قال: کتبت إلى أبی الحسن علیه السّلام أسأله عن مسأله، فکتب إلىّ إنّ المنافقین یخادعون اللّه و هو خادعهم و إذا قاموا إلى الصّلاه قاموا کسالى یرآؤن النّاس و لا یذکرون اللّه إلّا قلیلا مذبذبین بین ذلک لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء و من یضلل اللّه فلم تجد له سبیلا، لیسوا من الکافرین و لیسوا من المؤمنین و لیسوا من المسلمین یظهرون الایمان و یصیرون إلى الکفر و التکذیب لعنهم اللّه.

و لما حذّر عن تصریف الأخلاق و النّفاق أمر بقوله (و اجعلوا اللّسان واحدا) على اتّحاد اللّسان اذ تعدّد اللّسان من وصف المنافق یقول فی السرّ غیر ما یقوله فى العلانیه، و فی الغیاب خلاف ما یقوله فی الحضور، و یتکلّم مع هذا غیر ما یتکلّم مع ذلک.

روى فی الکافی عن أبی جعفر علیه السّلام قال: بئس العبد عبد یکون ذا وجهین و ذا لسانین یطرى أخاه شاهدا و یأکله غایبا، إن أعطى حسده و إن ابتلى خذله.

و فیه عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن علیّ بن أسباط عن عبد الرّحمان بن حمّاد رفعه قال: قال اللّه تبارک و تعالى لعیسى علیه السّلام: یا عیسى لیکن لسانک فی السرّ و العلانیه لسانا واحدا و کذلک قلبک إنّی احذرک نفسک و کفى بی خبیرا لا یصلح لسانان فی فم واحد و لا سیفان فی غمد واحد و لا قلبان فی صدر واحد و کذلک الأذهان.
قال بعض شرّاح الکافی: أمره اللّه تعالى بثلاث خصال هی امّهات جمیع الخصال الفاضله و الأعمال الصالحه: الأوّل أن یکون لسانه فی جمیع الأحوال واحدا یقول الحقّ و یتکلّم به فلا یقول فی السرّ خلاف ما یقول فی العلانیه کما هو شأن الجهال، لأنّ ذلک خدعهو نفاق و حیله و تفریق بین العباد و إغراء بینهم.
الثانی أن یکون قلبه واحدا قابلا للحقّ وحده غیر متلوّث بالحیل و لا متلوّث بالمکر و الختل، فانّ ذلک یمیت القلب و یبعده من الحقّ و یورثه أمراضا مهلکه.

الثالث أن یکون ذهنه واحدا و هو الذکاء و الفطنه، و لعلّ المراد به هنا الفکر فی الامور الحقّه النافعه و مبادیها، و بوحدته خلوصه عن الفکر فی الباطل و الشرور و تحصیل مبادیها و کیفیّه الوصول إلیها، و بالجمله أمره أن یکون لسانه واحدا و قلبه واحدا و ذهنه واحدا و مطلبه واحدا هذا.

و لما أمرهم بجعل لسانهم واحدا أردفه بالأمر بحفظه و حرزه فقال (و لیختزن الرّجل لسانه) أى لیلازم الصّمت (فانّ هذا اللّسان جموح بصاحبه) یقحمه فی المعاطب و المهالک، و لذلک قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم إن کان فی شی‏ء الشوم ففى اللّسان، و فی حدیث آخر قال صلّى اللّه علیه و آله: نجاه المؤمن من حفظ لسانه رواهما فی الکافی عنه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، و قد تقدّم فی شرح کلماته السابعه و السّبعین فصل واف فی فوائد الصّمت و آفات اللّسان و أوردنا بعض ما ورد فیه من الأخبار و أقول هنا: روى فی الکافی عن ابن القداح عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قال لقمان لابنه: یا بنیّ إن کنت زعمت أنّ الکلام من فضّه فانّ السکوت من ذهب.

و عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر قال: قال أبو الحسن علیه السّلام: من علامات الفقه العلم و الحلم و الصّمت إنّ الصّمت باب من أبواب الحکمه إنّ الصّمت یکسب المحبّه إنّه دلیل على کلّ خیر.
و عن أبی بصیر قال: سمعت أبا جعفر علیه السّلام یقول: کان أبو ذر یقول: یا مبتغى العلم إنّ هذا اللّسان مفتاح خیر و مفتاح شرّ فاختم على لسانک کما تختم على ذهبک و ورقک.
و عن علیّ بن حسن بن رباط عن بعض رجاله عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: لا یزال العبد المؤمن یکتب محسنا ما دام ساکتا فاذا تکلّم کتب محسنا أو مسیئا.

فقد علم بذلک کلّه أنّ سلامه الانسان فی حفظ اللّسان و أنّ نجاته من وبال‏الدّنیا و نکال الاخره فی الامساک عن فضول الکلام، و إلیه أشار بقوله (و اللّه ما أرى عبدا یتقى تقوى تنفعه حتّى یختزن لسانه) فانّ التقوى النافع هو ما یحفظه من غضب الجبّار و ینجیه من عذاب النّار، و لا یحصّل ذلک إلّا بالاتّقاء من جمیع المحرّمات و الموبقات الموقعه فی الجحیم و السخط العظیم، و الکذب و الغیبه و الهجاء و السّعایه و النّمیمه و القذف و السّب و نحوها من حصائد الألسنه من أعظم تلک الموبقات، فلا بدّ من الاتّقاء منها و اختزان اللّسان عنها.

و لما أمر باختزان اللسان و نبّه على توقّف التقوى النّافع علیه أردفه بالتنبیه على أنّ اختزانه من فضول الکلام و سقطات الألفاظ من خواصّ المؤمن و عدم اختزانه من أوصاف المنافق و ذلک قوله: (و انّ لسان المؤمن من وراء قلبه) یعنی أنّ لسانه تابع لقلبه (و انّ قلب المنافق من وراء لسانه) یعنی قلبه تابع للسانه.

بیان ذلک ما أشار بقوله (لأنّ المؤمن إذا أراد أن یتکلّم بکلام تدبّره فی نفسه) و تفکّر فی عاقبته (فان کان خیرا) و رشدا تکلّم به أى أظهره و (أبداه و ان کان شرّا) و غیّا اختزن لسانه عنه أى (واراه) و أخفاه فکان لسانه تابع قلبه حیث انه نطق به بعد حکم العقل و إجازته (و انّ المنافق) یسبق حذفات لسانه و فلتات کلامه مراجعه فکره و (یتکلّم) من دون فکر و رویّه (بما أتى على لسانه لا یدرى ما ذا له و ما ذا علیه) فکان قلبه تابع لسانه لأنه بادر إلى التکلّم من غیر ملاحظه ثمّ رجع إلى قلبه فعرف أنّ ما تکلّم به مضرّه له.

ثمّ استشهد بالحدیث النبوى صلّى اللّه علیه و آله على أنّ استقامه الایمان إنّما هو باستقامه اللسان على الحقّ و خزنه عن الباطل و هو قوله (و لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله لا یستقیم ایمان عبد حتّى یستقیم قلبه و لا یستقیم قلبه حتّى یستقیم لسانه) ظاهر هذا الحدیث یفید ترتّب استقامه الایمان على استقامه القلب و ترتّب استقامه القلب على استقامه اللّسان.

أمّا ترتّب الأوّل على الثّانی فلا غبار علیه، لأنّ الایمان حسبما عرفت فی شرح الخطبه المأه و التاسعه عباره عن الاعتراف باللّسان و الاذعان بالجنان فاستقامهالقلب جزء من مفهومه و هو جهه الفرق بینه و بین الاسلام کما أنه لا غبار على ترتّبه على الثالث على قول من یجعل العمل بالأرکان أیضا شطرا منه.

و أمّا ترتّب الثانی على الثالث فلا یخلو من اشکال و اغلاق، لظهور أنّ اللّسان ترجمان القلب فاستقامته موقوفه على استقامته لا بالعکس، و بعد التنزّل عن ذلک فغایه الأمر تلازمهما و ارتباط کلّ منهما بالاخر، و أمّا التوقّف فلا.
و وجه التلازم أنّ القلب لما کان رئیس الأعضاء و الجوارح و من جملتها اللّسان کان استقامته مستلزمه لاستقامتها و کذلک استقامتها مستلزمه لاستقامته لأنها لو لم تکن مستقیمه بأن صدر منه الذنب و الباطل یسرى عدم استقامتها أى فسادها إلى القلب فیفسد بفسادها.

و یدلّ على ذلک ما رواه فی الکافی عن زراره عن أبی جعفر علیه السّلام قال: ما من عبد إلّا و فی قلبه نکته بیضاء فاذا أذنب ذنبا خرج فی النکته نکته سوداء، فان تاب ذهب ذلک السواد، و إن تمادى فی الذّنوب زاد ذلک السواد حتّى یغطى البیاض، فاذا غطى البیاض لم یرجع صاحبه إلى خیر أبدا و هو قول اللّه عزّ و جلّ «کَلَّا بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ما کانُوا یَکْسِبُونَ».

فانّ هذه الرّوایه و الایه المستشهد بها کما ترى مضافه إلى الروایات الاخر تدل على اسوداد لوح القلب بکثره الذنوب الصّادره من الجوارح، فیوجب عدم استقامتها لعدم استقامته و استقامتها لاستقامته.
لکنه یتوجّه علیه أنّ غایه ما یتحصّل من هذا التقریر أنّ عدم استقامتها سبب لعدم استقامته، و أمّا أنّ استقامتها سبب لاستقامته فلا فافهم جیّدا.

مع أنّ لقائل أن یقول: إنّ مرجع صدور الذّنب عنها الموجب لعدم استقامتها فی الحقیقه إلى عدم استقامته لأنّ القلب إذا کان سالما مستقیما لا یعزم على معصیه و لا یریدها، و مع عدم إرادتها لا یصدر ذنب عن الأعضاء حتّى یسرى ظلمته و رینه إلى القلب.

فقد علم من ذلک کلّه أنّ استقامه اللّسان کسایر الأعضاء موقوفه على استقامهالقلب و مترتّبه علیها لا بالعکس.
و بعد اللّتیا و الّتی فالّذی یخطر بالبال فی حلّ الاشکال السابق أنّ معنى الحدیث أنّه لا یعرف استقامه ایمان عبد إلّا بأن یعرف استقامه قلبه، و لا یعرف استقامه قلبه إلّا باستقامه لسانه، فیستدلّ باستقامه اللّسان على الحقّ أى بتنطقه على کلمه التوحید و النبوّه و الولایه، و بامساکه عن الغیبه و النمیمه و الکذب و غیرها من هفوات اللّسان على استقامه القلب أى على إذعانه بما ذکر و على خلوّه عن الأمراض النفسانیه و یستدلّ باستقامته على استقامه الایمان أى على أنّ العبد مؤمن کامل.

و یقرب هذا التوجیه أنّه علیه السّلام لما ذکر أنّ لسان المؤمن من وراء قلبه و أنّ قلب المنافق من وراء لسانه عقّبه بهذا الحدیث لیمیّز بین المؤمن و المنافق، و یحصل لک المعرفه بها حقّ المعرفه فیسهل علیک التشخیص إذا بینهما إذ تعرف بعد ذلک البیان أنّ مستقیم اللّسان مؤمن و غیر مستقیمه منافق.

قال الشارح الفقیر الغریق فی بحر الذّنب و التقصیر: إنّی قد أطلت فکرى و أتعبت نظری فی توجیه معنى الحدیث و أسهرت لیلتی هذه و هی اللّیله الثالثه عشر من شهر اللّه المبارک فی حلّ إشکاله حتّى مضت من أوّل اللّیل ثمانی ساعات و أثبتّ ما سنح بالخاطر و أدّى إلیه النّظر القاصر، ثمّ تجلّى بحمد اللّه سبحانه و منّته نور العرفان من ألطاف صاحب الولایه المطلقه على القلب القاسى فأسفر عنه الظلام و اهتدى إلى وجه المرام فسنح بالبال توجیه وجیه هو أعذب و أحلى، و معنى لطیف هو أمتن و أصفى و هو أن یقال: إنه علیه السّلام کنّى باستقامه الایمان و القلب و اللّسان عن کمالها و أنّ مراده أنّ من أراد أن یکون ایمانه کاملا أى ایمانا نافعا فی العقبى لا بدّ من أن یکمل قلبه أى یکون بریئا سالما من الأمراض النفسانیّه، و من أراد کمال قلبه فلا بدّ له من أن یکمل لسانه أى یکون محفوظا من العثرات مختزنا إلّا عن خیر، ففى الحقیقه الغرض من الحدیث التّنبیه و الارشاد إلى تکمیل القلب و اللّسان لتحصیل کمال الایمان.

و نظیره ما رواه عن الحلبی رفعه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله: أمسک لسانک فانّها صدقه تصدق به على نفسک ثمّ قال: و لا یعرف عبد حقیقه الایمان حتّى یخزن من لسانه.
و على هذا التوجیه التأم أجزاء کلام الامام على أحسن ایتلاف و انسجام إذ یکون الحدیث حینئذ أشدّ ارتباطا بسابقه، لأنه علیه السّلام لما أمر بأن یختزن الرجل لسانه و أکّده بأن خزن اللّسان من وظایف المؤمن لکون لسانه من وراء قلبه، عقّبه بهذا الحدیث تأییدا و تقویه و استشهادا على ما أمر به من اختزان اللّسان و یکون مناسبته للاحقه أیضا أکثر و هو قوله: (فمن استطاع منکم أن یلقى اللّه سبحانه و هو نقىّ الراحه) و الکفّ (من دماء المسلمین) أى سالما من قتلهم (و أموالهم سلیم اللّسان من اعراضهم) أى متجنّبا من الغیبه و الفحش و النمیمه و الهجاء و نحوها (فلیفعل) لأنّ ذلک من شرایط الاسلام و لوازم الایمان فانّ المسلم من سلم المسلمون من لسانه و یده.

قال الشارح البحرانی و شرط ذلک أى الکفّ عن دماء المسلمین و أموالهم و أعراضهم بالاستطاعه لعسره و شدّته و إن کان واجب الترک على کلّ حال و أشدّها الکفّ عن الغیبه فانّه یکاد أن لا یستطاع انتهى.
أقول: الظاهر من قوله: و إن کان واجب الترک على کلّ حال، وجوب ترکها حتّى مع عدم الاستطاعه و هو باطل، أو الاستطاعه مساوق للقدره و هى شرط فی جمیع التکالیف الشرعیه قال اللّه تعالى «لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» و قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله إذا أمرتکم بشى‏ء فائتوا منه ما استطعتم.

ثمّ إنّه علیه السّلام نبّه على بطلان العمل بالرأى و المقاییس و نهى عن متابعه البدع فقال: (و اعلموا عباد اللّه أنّ المؤمن یستحلّ العام ما استحلّ عاما أوّل و یحرّم العام ما حرّم عاما أوّل) یعنی أنّ المؤمن إذا ثبت عنده سابقا حلّیه شی‏ء بالکتاب أو السنّه و حکم بحلّیته عن نصّ فیحکم بحلیّته الان، و لا ینقض الحکم الثابت بالنّص برأیه و اجتهاده و کذلک إذا ثبت عنده سابقا حرمه شی‏ء بهما و حکم بحرمته عن دلیل فیحکم بحرمته‏الان، و لا یخالف الحکم الثّابت و لا یتعدّى عنه بالرأى و القیاس و هکذا سایر الأحکام الشرعیه.

(و انّ ما أحدث الناس) من البدع بعد رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: مثل ما صدر عن أبی بکر من طلب البیّنه من فاطمه سلام اللّه علیها فی باب فدک مع کون البیّنه على المدّعی، و غصب فدک عنها مع مخالفته لنصّ الکتاب و الرّسول صلّى اللّه علیه و آله.

و ما أحدثه عمر من صلاه التراویح، و من وضع الخراج على أرض السواد، و ازدیاده أى أخذه الزیاده الجزیه عما قرّرها رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله.
و ما أبدعه عثمان من التفضیل فی العطاء و إحداثه الأذان یوم الجمعه زایدا عمّا سنّه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، و تقدیمه الخطبتین فی العیدین مع کون الصّلاه مقدّمه علیها فی زمان الرسول صلّى اللّه علیه و آله، و إتمامه الصّلاه بمنى مع کونه مسافرا، و إعطائه من بیت المال الصّدقه المقاتله و غیرها، و حمایته لحمى المسلمین مع أنّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله جعلهم شرعا سواء فی الماء و الکلاء إلى غیر هذه من البدعات الّتی أحدثوها فی الدّین و فصّلها أصحابنا رضوان اللّه علیهم فی ذیل مطاعنهم.

فانّ شیئا من ذلک (لا یحلّ لکم شیئا مما حرّم علیکم) و لا یحرّم شیئا علیکم مما أحلّ لکم، یعنی قول هؤلاء المبدعین المغیّرین للأحکام لا یوجب تغییرها فی الواقع، فلا یجوز الاعتماد على أقوالهم و الاعتقاد بارائهم، و قد ذمّ اللّه الیهود و النّصارى بأنّهم اتّخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون اللّه، فالاخذون بقول هؤلاء المبدعین یکونون مثل الیهود و النّصارى.

روى فی الوسائل عن تفسیر العیّاشی عن جابر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن قول اللّه «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ» قال علیه السّلام أما أنّهم لم یتّخذوهم آلهه إلّا أنّهم أحلّوا لهم حلالا فأخذوا به، و حرّموا حراما فأخذوا به، فکانوا أربابا لهم من دون اللّه.
و عن حذیفه قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: «اتَّخِذُوا» الایه، فقال لم یکونوایعبدونهم، و لکن کانوا إذا أحلّوا لهم شیئا استحلّوها، و إذا حرّموا علیهم حرّموها.

و فی الکافی عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قلت له: اتَّخِذُوا الایه، فقال أما و اللّه ما دعوهم إلى عباده أنفسهم و لو دعوهم ما أجابوهم، و لکن أحلّوا لهم حراما و حرّموا علیهم حلالا فعبدوهم من حیث لا یشعرون.
و فی تفسیر علیّ بن إبراهیم عند تفسیر قوله تعالى «وَ الشُّعَراءُ یَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ» قال: قال أبو عبد اللّه علیه السّلام: نزلت فی الّذین غیّروا دین اللّه و خالفوا ما أمر اللّه، هل رأیتم شاعرا قط تبعه أحد إنما عنی بذلک الّذین وضعوا دینا بارائهم فتبعهم النّاس على ذلک.

و یؤکّد ذلک قوله «أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِی کُلِّ وادٍ یَهِیمُونَ» یعنى یناظرون بالأباطیل و یجادلون بالحجج المضلّین و فى کلّ مذهب یذهبون «وَ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ ما لا یَفْعَلُونَ» قال علیه السّلام یعظون النّاس و لا یتّعظون و ینهون عن المنکر و لا ینتهون، و یأمرون بالمعروف و لا یعملون، و هم الّذین قال اللّه فیهم: «أَ لَمْ تَرَ» فیهم «أَنَّهُمْ فِی کُلِّ وادٍ یَهِیمُونَ» أى فی کلّ مذهب مذهبون «وَ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ ما لا یَفْعَلُونَ» و هم الّذین غصبوا آل محمّد حقّهم.

فظهر بذلک کلّه أنّ متابعه هؤلاء حرام، و استحلالهم استحلال ما أحلّوه و استحرام ما حرّموه غیّ و ضلال، إذ لیس لهم أن یغیّروا الأحکام من تلقاء أنفسهم، و لا أن یبدّلوا الحلال بالحرام و الحرام بالحلال.
کما أشار إلیه بقوله (و لکن الحلال ما أحلّ اللّه و الحرام ما حرّم اللّه) اللّام فی لفظی الحلال و الحرام للجنس فتفید قصر المسند الیه فی المسند کما تقدّم تحقیقه فی شرح الکلام المأه و الرابع و الأربعین عند شرح قوله علیه السّلام: ان الأئمه من قریش، و یحتمل أن تکون للعهد فتفید الحصر أیضا کما عرفته فی شرح الخطبه المأه و الثالثه و الخمسین عند شرح قوله علیه السّلام: نحن الشعار و الأصحاب، فیکون المعنى أنّ ماهیه الحلال و الحرام و حقیقتهما إذا الحلال المعهود الثابت من الشریعه أى الّذی یجوز تناوله و الحرام المعهود الثابت منها أى الّذى لا یجوز ارتکابه هو منحصر فیما أحلّه اللّه سبحانه و حرّمه و أفصح عن حلیّته و حرمته فی کتابه الکریم و لسان نبیّه الحکیم، فغیر ذلک مما أحلّه الناس و حرّموه لیس حلالا و لا حراما إذ حلال‏محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم حلال إلى یوم القیامه و حرامه حرام إلى یوم القیامه.

کما یدلّ علیه ما رواه فی الکافی عن زراره قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السّلام عن الحلال و الحرام فقال علیه السّلام: حلال محمّد حلال أبدا إلى یوم القیامه و حرام محمّد حرام أبدا إلى یوم القیامه لا یکون غیره و لا یجی‏ء غیره.
و قال: قال علیّ علیه السّلام: ما أحد یبدع بدعه إلّا ترک بها سنّه، هذا.

و لا یخفى علیک أنّ هذه الخطبه إن کان صدورها بعد قتل عثمان و البیعه له علیه السّلام بالخلافه کما حکیناه سابقا عن بعض الشارحین، فالأشبه على ذلک أن یکون قوله علیه السّلام: و أنّ ما أحدث النّاس إلى آخره توطئه و تمهیدا لما کان مکنونا فی خاطره من تغییر البدعات المحدثات فی أیام خلافه الثلاثه و إجراء الأحکام الشرعیّه على وجهها بعد استقرار أمر خلافته لو کان متمکّنا منه حتّى لا یعترض علیه النّاس و لا یطعنوا علیه، کما بان عنه فی بعض کلماته الاتیه فی الکتاب حیث قال: لو قد استوت قدماى من هذه المداحض لغیّرت أشیاء، و لکنّه علیه السّلام لم یتمکّن من التغییر.

و قد روى فی البحار من التهذیب عن علیّ بن الحسن بن فضّال عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعید المداینی عن مصدّق بن صدقه عن عمّار عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سألته عن صلاه فی رمضان فی المساجد قال: لما قدم أمیر المؤمنین علیه السّلام الکوفه أمر الحسن بن علیّ علیهما السّلام أن ینادى فی النّاس لا صلاه«» فی شهر رمضان فی المساجد جماعه، فنادى فی النّاس الحسن بن علیّ علیهما السّلام بما أمره به أمیر المؤمنین علیه السّلام، فلما سمع الناس مقاله الحسن بن علیّ علیهما السّلام، صاحوا: وا عمراه وا عمراه فلما رجع الحسن إلى أمیر المؤمنین علیهما السّلام قال له: ما هذا الصّوت فقال: یا أمیر المؤمنین النّاس یصیحون وا عمراه وا عمراه، فقال أمیر المؤمنین علیه السّلام: قل لهم: صلّوا، هذا.

و لما بیّن انحصار الحلال و الحرام فیما أحلّه اللّه سبحانه و حرّمه أردفه بقوله (فقد جرّبتم الامور و ضرّستموها) أى أحکمتموها بالتجربه و الممارسه، و ظهر لکم جیّدها من ردیّها و حقّها من باطلها (و وعظتم بمن کان قبلکم) أى وعظکم اللّه‏سبحانه فی کتابه بالامم الماضیه و بما جرى منه فی حقّ المؤمنین منهم من الجزاء الجمیل و ما جرى فی حقّ العاصین منهم من العذاب الوبیل (و ضربت) فی الفرقان الحکیم (الأمثال لکم) الکثیره الموضحه للحقّ من الباطل و الفارقه بینهما (و دعیتم إلى الأمر الواضح) أى إلى أمر الدّین و الاسلام الّذی أوضحه کتاب اللّه و سنّه رسوله حقّ الوضوح و لم یبق علیه ستره و لا حجاب.

و المقصود من هذه الجملات تنبیه المخاطبین على أنهم بعد ما حصل لهم هذه الأمور أعنى تجربه الأمور و أحکامها و الموعظه و ضرب الأمثال الظاهره و الدّعوه إلى الأمر الواضح یحقّ لهم أن یعرفوا أحکام الشریعه حقّ المعرفه، و أن یمیّزوا بین البدعات و السّنن إذ تلک الأمور معدّه لحصول المعرفه و لوضوح الفرق بین البدعه و السنّه و بین المجعوله و الحقیقه.

(فلا یصمّ عن ذلک) أى لا یغفل عن ما ذکر من الامور أو عن الأمر الواضح الّذى دعوا إلیه (إلّا) من هو (أصمّ) أى الغافل البالغ فی غفلته النهایه و التنوین للتفخیم و التعظیم کما فی قوله تعالى: «وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَهٌ» أى غشاوه عظیمه و هکذا فی قوله: (و لا یعمى عنه إلّا أعمى) أى لا یضلّ عنه و لا یجهل به إلّا من هو شدید الضلال و الجهاله.
(و من لم ینفعه اللّه بالبلاء) أى بما بلاه به من المکاره و المصائب (و) ب (التجارب) المکتسبه من مزاوله الامور و مقاساه الشدائد (لم ینتفع بشی‏ء من العظه) لأنّ تأثیر البلاء و التّجارب فی النفس أشدّ و أقوى من تأثیر النصح و الموعظه، لأنّ الموعظه احاله على الغایب، و البلیه و التجربه مدرکه بالحسّ فمن لا ینفعه الأقوى لا ینفعه الأضعف بالطریق الأولى (و أتاه النقص من أمامه) أى من بین یدیه.

قال الشارح البحرانی: لأنّ الکمالات الّتی یتوجّه إلیها بوجه عقله تفوته لنقصان تجربته و وقوف عقله عنها فأشبه فوتها له مع طلبه لها إتیان النقص له من أمامه.
و قوله (حتّى یعرف ما أنکر و ینکر ما عرف) إشاره إلى غایه نقصانه، و هى الاختلاط و الحکم على غیر بصیره، فتاره یتخیّل فیما أنکره و جهله أنّه عارف بحقیقته، و تارهینکر ما کان یعرفه و یحکم بصحّته لخیال یطرأ علیه.
قال الشّارح المعتزلی: حتّى یتخیّل فیما أنکره أنّه قد عرفه و ینکر ما قد کان عارفا به و سمّى اعتقاد العرفان و تخیّله عرفانا على المجاز.

ثمّ فرّع على ما ذکر انقسام الناس إلى قسمین فقال علیه السّلام (فانّ الناس رجلان متبع شرعه) أى متشرّع آخذ بشرایع الدّین، و سالک لمنهاج الشرع المبین، و هو العامل بکتاب اللّه سبحانه و سنّته و المقتبس من نورهما و المنتفع بما فیهما من النصایح و المواعظ و الأمثال المضروبه، و هو من الّذین قال اللّه فیهم «وَ تِلْکَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما یَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ».

(و مبتدع بدعه) و هو الّذی لم ینتفع بهما بل نبذ أحکامهما ورائه و اتّبع هویه و عمل بارائه و مقایسه فأعمى اللّه قلبه عن معرفه الحقّ و أصمّه عن استماعه کما قال: صُمٌّ بُکْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لا یَرْجِعُونَ (لیس معه من) عند (اللّه) سبحانه (برهان سنّه و لا ضیاء حجّه) أى لیس له فیما أحدثه من البدعه دلیل علیه من سنّه و لا حجّه بیّنه واضحه من الکتاب الکریم تنجیه لوضوحها و ضیائها من ظلمه الجهل و الضلال.

قال أبو شیبه الخراسانی: سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول: إنّ أصحاب المقاییس طلبوا العلم بالمقاییس فلم تزدهم المقاییس من الحقّ إلّا بعدا و انّ دین اللّه لا یصاب بالعقول، رواه فی الکافی.
و فیه أیضا عن محمّد بن أبی عبد اللّه رفعه عن یونس بن عبد الرّحمان قال: قلت لأبی الحسن الأوّل علیه السّلام: بما اوحّد اللّه عزّ و جلّ فقال: یا یونس لا تکوننّ مبتدعا من نظر برأیه هلک، و من ترک أهل بیت نبیّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ضلّ، و من ترک کتاب اللّه و قول نبیّه کفر.

و لما ذکر أنّ أصحاب البدع لیس لهم دلیل من سنّه یتمسّکون به و لا نور حجّه یستضیئون به أردفه بذکر ممادح القرآن تنبیها على کونه البرهان الحقّ و النّور المضی‏ء أحقّ بالاتباع و الاهتداء، و أجدر أن یقتبس من أنواره و یتّعظ بمواعظه و نصایحه، و على أنّ الراغبین عنه التابعین لأهوائهم و الاخذین بالاراءو المقاییس تائهون فی بوادى الجهاله، هائمون فی فیافی الضلاله فقال: (و إنّ اللّه سبحانه لم یعظ أحدا بمثل هذا القرآن) لأنّ الغرض من جمیع المواعظ المتضمّنه للوعد و الوعید و الترغیب و التهدید هو الجذب إلى طرف الحقّ و الارشاد إلى حظیره القدس، و القرآن أبلغ منها کلّها فی إفاده ذلک الغرض و أکمل فی تحصیل ذلک المقصود (فانه حبل اللّه المتین) من تمسّک به نجا و من ترکه فقد هوى، و وصفه بالمتانه و الاحکام لأنه حبل ممدود من الأرض إلى السماء من استمسک به فقد استمسک بالعروه الوثقى لا انفصام لها (و سببه الأمین) و وصفه بالامانه لأنه لا یخون المتوصّل به فی ایصاله إلى حظایر القدس و مجالس الانس و قرب الحقّ (و فیه ربیع القلب) لأنّ القلوب تلتذّ و تنشط و ترتاح بتلاوه آیاته و تدبّر ما فیها من المحاسن و المزایا و تفکّر ما تضمّنته تلک الایات من النکات البدیعه و اللطایف العجیبه، کما أنّ النفوس تلتذّ بأزهار الربیع و أنواره.

(و) فیه (ینابیع العلم) استعاره بالکنایه حیث شبّه العلم بالماء إذ به حیاه الأرواح کما أنّ بالماء حیاه الأبدان، و ذکر الینابیع تخییل، و فی نسخه الشارح بدل ینابیع العلم: ینابیع العلوم و المقصود واحد، و إنما کان ینابیع العلوم اذ جمیع العلوم خارجه منه لتضمّنه علم ما کان و ما هو کائن و ما یکون کما قال عزّ من قائل: «وَ لا رَطْبٍ وَ لا یابِسٍ إِلَّا فِی کِتابٍ مُبِینٍ».

(و ما للقلب جلاء غیره) إذ فیه منار الهدى و مصابیح الدّجى و التفکّر فیه یجلو القلوب من رین الشکوکات و یرتفع به عنها صدا الشبهات کما یجلو الصیقل المرات.
فان قلت: لم جعل الجلاء مقصورا فیه مع حصوله بغیره من العلوم الحقّه قلت: لما کان القرآن ینابیع جمیع العلوم حسبما عرفت یؤل حصول الجلاء بها إلى الجلاء به فی الحقیقه، أو أنّ المراد نفى الکمال أى لیس للقلب جلاء کامل غیره.

و هذا الجواب أولى مما أجاب به الشارح البحرانی من أنّ هذا الکلام صدرعنه علیه السّلام و لم یکن فی هذا الزمان علم مدوّن و لا استفاده للمسلمین إلّا من القرآن الکریم، فلم یکن إذا جلاء للقلب غیره.
وجه الأولویّه أنّ الأحادیث النبویّه کانت موجوده بأیدیهم یومئذ و الاستفاده منها کانت ممکنه لمن أرادها، و أما غیر المرید لها من الّذین على قلوبهم أقفالها فالقرآن و الحدیث بالنسبه إلیهم أیضا على حدّ سواء کما لا یخفى.
(مع أنه قد ذهب المتذکّرون) بالقرآن المتدبّرون فی معانیه المستضیئون بضیائه المقتبسون من أنواره (و بقى الناسون) له حقیقه (أو المتناسون) المظهرون للنسیان لأغراض دنیویّه.

و ارتباط هذا الکلام أعنى قوله: مع أنه آه بما سبق أنه لما ذکر ممادح القرآن و أنه أبلغ المواعظ و أجلى للقلوب، و کان الغرض منه حثّ المخاطبین و تحریصهم على اتّباعه و التذکّر به أتبعه بذلک أسفا على الماضین و تقریعا على الباقین بأنّهم لا یتذکّرون به و لا یتّبعونه و لا یتّعظون بمواعظه.
و محصّله إظهار الیأس من قبولهم للموعظه و استبعاد ذلک لما تفرّس منهم من فساد النیات و متابعه الهوى و الشهوات.

و یحتمل أن یکون توطئه و تمهیدا لما کان یریده من أمرهم باعانه الخیر و تجنّب الشرّ، یعنی مع أنّ المتذکّرین و أولى البصایر قد مضوا و لم یبق إلّا الغافلون الجاهلون و تأثیر الموعظه فیهم صعب جدا، مع ذلک أعظکم و اذکّرکم و إن لم تنفع الذکرى بقولى (فاذا رأیتم خیرا فأعینوا علیه و إذا رأیتم شرّا فاذهبوا عنه) لفظ الخیر و الشرّ و إن کان مطلقا شاملا باطلاقه لکلّ خیر و شرّ، إلّا أنّ الأشبه أن یکون نظره فیهما إلى الخیر و الشرّ المخصوصین.

بأن یکون مراده من الخیر الخیر الّذی کان یریده فی حقّهم و إن کان مکروها و کانوا لهم متنفرّین عنه بطبعهم من التسویه فی العطاء و الحمل على جادّه الوسطى و مرّ الحقّ، و یکون المراد باعانتهم علیه تسلیمهم له فی کلّ ما یأمر و ینهى و رضاهم‏بکلّ ما یفعل و یرید، و سعیهم فی مقاصده و ماربه.

و أن یکون مراده من الشرّ ما تفرّس منهم بل شاهده من قصدهم لنکث البیعه و ثوران الفتنه، و یکون المراد بالذّهاب عنه الاعراض عنه و الترک له.
و إنّما قلنا إنّ الأشبه ذلک لما حکیناه عن بعض الشراح من أنّ هذه الخطبه خطب بها فی أوائل البیعه فقرینه الحال و المقام تشعر بما ذکرناه.

و کیف کان فلما أمر علیه السّلام بما أمر أکّده بالحدیث النبویّ صلّى اللّه علیه و آله فقال (فانّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله کان یقول: یا ابن آدم اعمل الخیر و دع الشرّ) أى اترکه (فاذا أنت جواد قاصد) یحتمل أن یکون المراد بالقاصد الراشد الغیر المجاوز عن الحدّ فی سیره بأن لا یکون سریع السّیر فیتعب بسرعته، و لا بطى‏ء السّیر فیفوت الغرض ببطوئه، و أن یکون المراد به السائر فی قصد السّبیل أى غیر الخارج عن الجادّه الوسطى، و تشبیه عامل الخیر و تارک الشرّ به على الأوّل من أجل اتّصافه بالعدل فی أموره و براءته من الافراط و التفریط، و على الثانی من أجل کون سلوکه على الجادّه الوسطى و الصراط المستقیم الموصل به إلى نضره النّعیم و الفوز العظیم.

ثمّ نبّه على أقسام الظلم تلمیحا إلى مظلومیته علیه السّلام و تنبیها على أنّ ظلامته لا تترک فقال (ألا و انّ الظلم ثلاثه فظلم لا یغفر، و ظلم لا یترک، و ظلم مغفور لا یطلب، فأمّا الظلم الّذی لا یغفر فالشّرک باللّه) لما (قال اللّه سبحانه إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ) عدم الغفران بالشرک مشروط بعدم التوبه، لأنّ الأمه أجمعت على أنّ اللّه یغفره بالتوبه و إن کان الغفران مع التوبه عند المعتزله على وجه الوجوب و عندنا على وجه التفضّل و الانعام کما یأتی التصریح بذلک عن مجمع البیان.

(و أمّا الظلم الّذی یغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات) لعلّ المراد بذلک البعض الصغائر لأنّ الاجتناب عن الکبایر یکون کفاره لها کما قال تعالى: «إِنْ تَجْتَنِبُوا کَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ».
و أمّا حمله على المغفره بالتوبه أو الشفاعه ففیه انّ المغفره بهما لا اختصاص لها ببعض الهنات السّیئات بل جمیع المعاصی تکون مغفوره بعد حصول التوبه و الشفاعهعلى أنّ حمله على صوره التوبه یوجب عدم الفرق بینه و بین القسم الأوّل لما عرفت هناک من الاجماع على غفران الشرک أیضا بالتوبه کسایر المعاصی صغیره أو کبیره فلا یکون على ذلک للتفکیک بین القسمین وجه.

و الحاصل أنّ الشرک و غیره مشترکان فی الغفران بالتوبه و فی عدمه بعدمها إلّا الصغائر فانّها تغفر مع عدمها أیضا إذا حصل الاجتناب عن الکبایر هذا.
و لکن ظاهر قوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ» هو غفران ما دون الشرک مطلقا صغیرا کان أو کبیرا، بل صرّح به فی بعض الأخبار.

و هو ما رواه فی الصّافی من الکافی عن الصّادق علیه السّلام فی هذه الایه قال: الکبائر فما سواها.
و فیه منه و من الفقیه أنّه علیه السّلام سئل هل تدخل الکبایر فی مشیّه اللّه قال: نعم ذاک إلیه عزّ و جلّ إن شاء عذّب و إن شاء عفى عنها.
و فی تفسیر علیّ بن إبراهیم عند تفسیر هذه الایه قال: حدّثنی أبی عن ابن أبی عمیر عن هشام عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قلت له: دخلت الکبائر فی الاستثناء قال: نعم.

قال الطبرسیّ فی مجمع البیان فی تفسیرها: معناها أنّ اللّه لا یغفر أن یشرک به أحد و لا یغفر ذنب المشرک لأحد و یغفر ما دون الشرک من الذّنوب لمن یرید قال المحقّقون: هذه الایه أرجى آیه فی القرآن، لأنّ فیه إدخال ما دون الشرک من جمیع المعاصی فی مشیّه الغفران وقف اللّه المؤمنین الموحّدین بهذه الایه بین الخوف و الرّجاء و بین العدل و الفضل، و ذلک صفه المؤمن، و لذلک قال الصادق علیه السّلام: لو وزن رجاء المؤمن و خوفه لاعتدلا.
قال الطبرسیّ: و وجه الاستدلال بهذه على أنّ اللّه یغفر الذّنوب من غیر توبه أنه نفى غفران الشرک و لم ینف غفرانه على کلّ حال بل نفى أن یغفر من غیر توبه لأنّ الامه اجتمعت على أنّ اللّه یغفره بالتوبه و إن کان الغفران عند المعتزله على‏وجه الوجوب و عندنا على وجه التفضّل، و على هذا یجب أن یکون المراد بقوله: وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ، أنّه یغفر ما دون الشرک من الذنوب بغیر توبه لمن یشاء من المذنبین غیر الکافرین.

و لا معنى لقول المعتزله إنّ فی حمل الایه على ظاهرها و إدخال ما دون الشرک فی المشیّه إغراء على المعصیه، لأنّ الاغراء إنّما یحصل بالقطع على الغفران فأمّا إذا کان الغفران معلّقا بالمشیّه فلا إغراء فیه. بل یکون العبد به واقفا بین الخوف و الرجاء و بهذا وردت الأخبار الکثیره من طریق الخاصّ و العامّ، و انعقد علیه اجماع سلف أهل الاسلام.
و من قال فی غفران ذنوب البعض دون البعض میل و محاباه و لا یجوز المیل و المحاباه على اللّه.

فجوابه أنّ اللّه متفضّل بالغفران و للمتفضّل أن یتفضّل على قوم دون قوم و انسان دون انسان، و هو عادل فی تعذیب من یعذّبه، و لیس یمنع العقل و الشرع من الفضل و العدل.
و من قال منهم أنّ لفظه ما دون ذلک و إن کانت عامه فی الذنوب الّتی هى دون الشرک فانما نخصّها و نحملها على الصغائر أو ما یقع منه التوبه لأجل عموم ظاهر آیات الوعید.

فجوابه إنا نعکس علیکم ذلک فنقول: بل خصّصوا ظواهر تلک الایات لعموم هذه الایه و هذا أولى لما روى عن بعض أنّه قال إنّ هذه الایه استثناء على جمیع القرآن یرید به و اللّه أعلم جمیع آیات الوعید.
و أیضا فان الصّغایر یرتفع عندکم محبطه و لا تجوز المؤاخذه بها، و ما هذا حکمه فکیف تعلّق بالمشیّه فانّ أحدا لا یقول إنی أفعل الواجب إن شئت و أردّ الودیعه إن شئت، انتهى.

و بما ذکرنا ظهر لک فساد ما توهّمه الشارح المعتزلی فانّه بعد ما ذکر أنّ الکبائر حکمها حکم الشرک عند أصحابه المعتزله فی عدم المغفره اعترض على‏نفسه بأنّ الایه صریحه فی التفکیک بینها و بینه، و أجاب بما ملخّصه أنّ المراد من لفظ الغفران هو الستر فی موقف القیامه و المراد أنّ اللّه لا یستر فی موقف القیامه من مات مشرکا بل یفضحه على رءوس الأشهاد، و أمّا من مات على کبیره من أهل الاسلام فانّ اللّه یستره فی الموقف و لا یفضحه بین الخلایق و إن کان من أهل النار، و قد یکون من أهل الکبائر ممّن یقرّ بالذّنوب من تعظم کبائره جدّا فیفضحه اللّه فی الموقف کما یفضح المشرک، فهذا معنى قوله: «وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ» انتهى.

وجه الفساد أنّ الغفر و إن کان فی اللّغه بمعنى الستر و التغطیه إلّا أنّه فی الایات و الأخبار حیثما یطلق یراد به التجاوز عن الخطایا و العفو عن الذنوب و الستر علیها، فحمله على الستر المخصوص بالموقف خلاف ظاهر الاطلاق، و الأصل عدم التقیید فلا داعی إلى المصیر إلیه.

و أقول على رغم المعتزله أنهم لتمسّکهم بحجزه خلفائهم الضّالین المضلّین و انحرافهم عن أولیاء الدّین أساءوا ظنّهم باللّه ربّ العالمین و حکموا فی مرتکبی الکبایر من المسلمین بکونهم فی النار معذّبین کالکفّار و المشرکین، و اللّه سبحانه مجازیهم على نیّاتهم و عقیدتهم و حاشرهم یوم القیامه مع من یتولّونه ثمّ یردّهم إلى أسفل السافلین من الجحیم مخلّدین فیها و لا هم عنها یخرجون.

و أمّا نحن فلاعتصامنا بالعروه الوثقى و الحبل المتین أعنی ولایه أمیر المؤمنین و ولایه آله المعصومین نحسن ظنّنا باللّه و نرجو غفرانه و عفوه و الحشر مع أولیائنا و إن کان فی بحار الذّنوب مغرقین، و لا نظنّ فی حقّ ربّنا الغفور الرّحیم انّه یسمع فی النار صوت عبد مسلم سجن فیها بمخالفته و ذاق طعم عذابها بمعصیته و حبس بین أطباقها بجرمه و جریرته و هو یضجّ إلیه ضجیج مؤمّل لرحمته و ینادیه بلسان أهل توحیده و یتوسّل إلیه بربوبیّته، فکیف یبقى فی العذاب و هو یرجو ما سلف من حلمه و رأفته، أم کیف تؤلمه النّار و هو یأمل فضله و رحمته، أم کیف یحرقه لهبها و هو یسمع صوته و یرى مکانه، أم کیف یشتمل علیه زفیرها و هو یعلم ضعفه أم کیف یتغلغل بین أطباقها و هو یعلم صدقه، أم کیف تزجره زبانیتها و هو ینادیه یا ربّه، أم کیف یرجو فضله فی‏عتقه منها فیترکه فیها هیهات ما هکذا الظنّ به و لا المعروف من فضله، و لا مشبه لما عامل به الموحّدین من برّه و إحسانه، فبالیقین نقطع لو لا ما حکم به من تعذیب جاحدیه و قضى به من إخلاد معاندیه لجعل النار کلّها بردا و سلاما و ما کان لأحد من شیعه أمیر المؤمنین و محبّیه مقرّا و لا مقاما.«» و لقد روى فی الفقیه عن أمیر المؤمنین علیه السّلام قال: و لقد سمعت حبیبی رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله یقول: لو أنّ المؤمن خرج من الدّنیا و علیه مثل ذنوب أهل الأرض لکان الموت کفّاره لتلک الذّنوب ثمّ قال صلّى اللّه علیه و آله: و من قال لا إله إلّا اللّه باخلاص فهو برى‏ء من الشرک، و من خرج من الدّنیا لا یشرک باللّه شیئا دخل الجنّه ثمّ تلى صلّى اللّه علیه و آله هذه الایه: «إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ» من شیعتک و محبّیک یا علی قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: فقلت: یا رسول اللّه هذا لشیعتی قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم اى و ربّی هذا لشیعتک، هذا.

(و أمّا الظلم الّذى لا یترک فظلم العباد بعضهم بعضا) فقد روى فی الکافی عن شیخ عن النخعی قال: قلت لأبی جعفر علیه السّلام إنی لم أزل والیا منذ زمن الحجّاج إلى یومی هذا فهل لی من توبه قال: فسکت ثمّ أعدت علیه فقال: لا حتّى تؤدّى إلى کلّ ذى حقّ حقّه.
و عن هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: من ظلم مظلمه أخذ بها فی نفسه أو فی ماله أو فی ولده.
و عن أبی بصیر، عن أبی جعفر علیه السّلام قال: قال: ما انتصر اللّه من ظالم إلّا بظالم و ذلک قول اللّه عزّ و جلّ «وَ کَذلِکَ نُوَلِّی بَعْضَ الظَّالِمِینَ بَعْضاً».

و فیه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام عن رسول اللّه و عن أمیر المؤمنین صلوات اللّه علیهما و على آلهما: من خاف القصاص کفّ عن ظلم الناس.

(ف) انّ (القصاص هناک) أى فی الاخره مضافا إلى قصاص الدّنیا (شدید)، و یوم المظلوم على الظالم أشدّ من یوم الظالم على المظلوم، لأنّ یوم الظالم الدّنیا فقط،و یوم المظلوم الدّنیا و الاخره و المنتقم هو اللّه سبحانه و (لیس هو) أى قصاصه و انتقامه (جرحا بالمدى) و السّکاکین (و لا ضربا بالسّیاط) و العصا و نحو ذلک من مولمات الدّنیا (و لکنّه ما یستصغر ذلک معه) هو نار الجحیم و العذاب الألیم و الخزى العظیم.

قال الشارح: قد أشرت سابقا إلى أنّ فی ذکره أقسام الظلم و ما یترتّب علیها من العقوبات تلمیحا إلى مظلومیّته علیه السّلام و تنبیها على أنّ الظلم الذی وقع فی حقّه لیس بحیث یترک و یرفع الید عنه، بل یقتصّ من ظالمیه البتّه و ینتقم بمقتضى العدل و اللّه عزیز ذو انتقام، و حیث إنّ ظلامه آل محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أعظم ما وقع فی الأرض من المظالم حیث غصبوا خلافتهم و أحرقوا باب بیتهم و أسقطوا محسنهم و قتلوا أمیر المؤمنین و ابنیه الحسن و الحسین علیهم السّلام بالسمّ و سیف العدوان و أداروا رأسه و رأس أصحابه على الرماح و السنان، و شهروا نساءه و بناته فی الأصقاع و البلدان إلى غیر ذلک من الظلم و الطغیان الّذی یعجز عن تقریره اللّسان و یضیق عنه البیان، فلا بدّ أن یکون قصاص ظلاماتهم أشدّ و عقوبه ظالمیهم أعظم و أخزى و أحببت أن اورد بعض ما ورد فیه من الأخبار باقتضاء المقام.

فأقول: روى فی البحار من کتاب الاحتجاج عن سلیم بن قیس الهلالى عن سلمان الفارسی قال: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی یوم بیعه أبی بکر: لست بقائل غیر شی‏ء واحدا ذکّرکم باللّه أیّها الأربعه- یعنینی و الزبیر و أبا ذر و المقداد- أسمعتم رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم یقول: إنّ تابوتا من النار فیه اثنى عشر رجلا، ستّه من الأوّلین و ستّه من الاخرین فی جبّ فی قعر جهنّم فی تابوت مقفل على ذلک الجبّ صخره إذا أراد اللّه أن یسعر جهنّم کشف تلک الصخره عن ذلک الجبّ فاستعاذت جهنّم من وهیج ذلک الجبّ.

فسألناه عنهم و أنتم شهود، فقال النبی صلّى اللّه علیه و آله: أمّا الأوّلین فابن آدم علیه السّلام الّذی قتل أخاه، و فرعون الفراعنه، و الّذی حاجّ إبراهیم فی ربّه، و رجلان من بنی اسرائیل بدّلا کتابهما و غیّر اسنّتهما أمّا أحدهمافهوّد الیهود و الاخر نصّر النصارى و إبلیس سادسهم و الدّجال فی الاخرین.

و هؤلاء الخمسه أصحاب الصّحیفه الّذین تعاهدوا و تعاقدوا على عداوتک یا أخى و التظاهر علیک بعدی هذا و هذا حتّى عدّهم و سمّاهم، فقال سلمان: فقلنا صدقت نشهد أنّا سمعنا ذلک من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله.
و فی تفسیر علىّ بن إبراهیم عن الصّادق علیه السّلام فی قوله تعالى «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» قال علیه السّلام: الفلق جبّ فی جهنّم یتعوّذ أهل النّار من شدّه حرّه سأل اللّه أن یأذن له فیتنفّس فأذن له فتنفّس فأحرق جهنّم، فقال علیه السّلام: و فی ذلک الجبّ صندوق من نار یتعوّذ منه أهل الجبّ من حرّ ذلک الصّندوق و هو التابوت و فی ذلک ستّه من الأوّلین و ستّه من الاخرین.

فأمّا الستّه الّتی من الأوّلین فابن آدم الّذی قتل أخاه، و نمرود إبراهیم الّذی ألقى إبراهیم فی النار، و فرعون موسى، و السامرى الّذی اتّخذ العجل، و الّذی هوّد الیهود، و الّذی نصّر النصارى.
و أمّا الستّه من الاخرین فهو الأوّل، و الثانی، و الثالث، و الرابع، و صاحب الجوارح، و ابن ملجم «وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ» قال علیه السّلام: الّذی یلقى الجبّ یقب فیه.

و فی البحار من الخصال و عقاب الأعمال عن إسحاق بن عمّار عن موسى بن جعفر علیهما السّلام قال لی یا اسحاق إنّ فی النّار لوادیا یقال له سقر لم یتنفّس منذ خلق اللّه لو أذن اللّه عزّ و جلّ له فی التنفس بقدر مخیط حرق ما على وجه الأرض، و إنّ أهل النار لیتعوّذون من حرّ ذلک الوادى و نتنه و قذره و ما أعدّ اللّه فیه لأهله، و انّ فی ذلک الوادی جبلا یتعوّذ جمیع أهل ذلک الجبل من حرّ ذلک الشعب و نتنه و قذره و ما أعدّ اللّه فیه لأهله، و انّ فی ذلک الشعب لقلیبا یتعوّذ جمیع أهل ذلک الشعب من حرّ ذلک القلیب و نتنه و قذره و ما أعدّ اللّه فیه لأهله، و انّ فی ذلک القلیب لحیّه یتعوّذ أهل ذلک القلیب من خبث تلک الحیّه و نتنها و قذرها و ما أعدّ اللّه فی أنیابها من السمّ للذعها، و انّ فی جوف تلک الحیّه سبعه صنادیق فیها خمسه من الأمم السالفه و اثنان‏من هذه الأمه.

قال: قلت: جعلت فداک و من الخمسه و من الاثنان قال: فأمّا الخمسه فقابیل الّذی قتل هابیل، و نمرود الّذی حاجّ إبراهیم فی ربّه و قال أنا أحیی و أمیت، و فرعون الّذی قال أنا ربّکم الأعلى، و یهود الّذی هوّد الیهود، و بولس الّذی نصّر النصارى، و من هذه الأمه: الأعرابیّان.

أقول: الأعرابیّان: الأوّل و الثّانی اللّذان لم یؤمنا باللّه طرفه عین.
و فیه من عقاب الأعمال عن حنّان بن سدیر قال: حدّثنی رجل من أصحاب أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: سمعته یقول إنّ أشدّ الناس عذابا یوم القیامه لسبعه نفر أوّلهم ابن آدم الّذی قتل أخاه، و نمرود الّذی حاجّ إبراهیم فی ربّه، و اثنان فی بنی اسرائیل هوّدا قومهما و نصّراهما، و فرعون الّذی قال أنا ربکم الأعلى، و اثنان فی هذه الامه أحدهما شرّهما فی تابوت من قواریر تحت الفلق فی بحار من نار.

و فیه من کتاب الاختصاص عن یحیى بن محمّد الفارسی عن أبیه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام عن أبیه عن أمیر المؤمنین صلوات اللّه علیه و آله قال: خرجت ذات یوم إلى ظهر الکوفه و بین یدىّ قنبر فقلت یا قنبر ترى ما أرى فقال: قد ضوء اللّه لک یا أمیر المؤمنین عمّا عمى عنه بصرى، فقلت: یا أصحابنا ترون ما أرى فقالوا: لا قد ضوء اللّه لک یا أمیر المؤمنین عمّا عمى عنه أبصارنا فقلت و الّذی فلق الحبّه و برى‏ء النسمه لترونه کما أراه و لتسمعنّ کلامه کما أسمع.

فما لبثنا أن طلع شیخ عظیم الهامه له عینان بالطول فقال: السّلام علیک یا أمیر المؤمنین و رحمه اللّه و برکاته فقلت: من أین أقبلت یا لعین قال: من الاثام، فقلت: و أین ترید فقال: الاثام، فقلت. بئس الشیخ أنت، فقال: تقول: هذا یا أمیر المؤمنین فو اللّه لأحدّثنک بحدیث عنّى عن اللّه عزّ و جلّ ما بیننا ثالث، فقلت عنک عن اللّه عزّ و جلّ ما بینکما ثالث قال: نعم.

قال: انّه لما هبطت بخطیئتی إلى السماء الرابعه نادیت إلهى و سیّدى ما أحسبک خلقت من هو أشقى منّی، فأوحى اللّه تبارک و تعالى بلى قد خلقت من هوأشقى منک فانطلق إلى مالک یریکه، فانطلقت إلى مالک فقلت: السّلام یقرئک السّلام و یقول: أرنى من هو أشقى منّى، فانطلق بی مالک إلى النّار فرفع الطبق الأعلى فخرجت نار سوداء ظننت أنها قد أکلتنی و أکلت مالکا، فقال لها: اهدئى، فهدأت، ثمّ انطلق بى إلى الطبق الثانی فخرجت نار هی أشدّ من تلک سوادا و أشدّ حمى فقال لها: أخمدى، فخمدت، إلى أن انطلق بی إلى السابع و کلّ نار یخرج من طبق یخرج أشدّ من الاولى فخرجت نار ظننت أنها قد أکلتنى و أکلت مالکا و جمیع ما خلقه اللّه عزّ و جلّ فوضعت یدی على عینی و قلت: مرها یا مالک أن تخمد و إلّا خمدت فقال: أنت لم تخمد إلى الوقت المعلوم، فأمرها فخمدت، فرأیت رجلین فی أعناقهما سلاسل النّیران معلّقین بها إلى فوق و على رؤوسهما قوم معهم مقامع النیران یقمعونهما بها، فقلت: یا مالک من هذان فقال: أو ما قرئت فی ساق العرش و کنت قرأته قبل أن یخلق اللّه الدّنیا بألفی عام لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه أیّدته و نصرته بعلىّ، فقال: هذان عدّوا ذلک و ظالماهم.

ثمّ إنّه حذّرهم عن التلوّن فی الدّین فقال (فایاکم و التلوّن فی دین اللّه) تحذیر لهم عن عدم الثبات على خلق واحد فی أمر الدّین و عن التقلّب و التذبذب فی أحکام الشرع المبین.
و الظاهر أنه راجع الى جماعه بلغه علیه السّلام من بعضهم توقّفهم فی بیعته کعبد اللّه ابن عمر و سعد بن أبی وقاص و حسّان بن ثابت و اسامه بن زید و أضرابهم، و عن بعضهم إراده النکث و النقض للبیعه بعد توکیدها مثل طلحه و الزبیر و أتباعهما.

و مرجع هذا التحذیر فی الحقیقه إلى التحذیر عن النّفاق، لأنّ المنافق لا یستقیم على رأى واحد.
و قد ذمّ اللّه المنافقین على ذلک بقوله «مُذَبْذَبِینَ بَیْنَ ذلِکَ لا إِلى‏ هؤُلاءِ وَ لا إِلى‏ هؤُلاءِ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلًا» و قال أیضا «إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ کَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ کَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا کُفْراً لَمْ یَکُنِ اللَّهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِیَهْدِیَهُمْ سَبِیلًا بَشِّرِ الْمُنافِقِینَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً الَّذِینَ یَتَّخِذُونَ الْکافِرِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِینَ»روى فی الصّافی عن العیاشی عن الصّادق علیه السّلام فی قوله: «إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا» قال هما و الثالث و الرابع و عبد الرحمن و طلحه و کانوا سبعه الحدیث.

و عن الصّادق علیه السّلام نزلت فی فلان و فلان و فلان آمنوا برسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فی أوّل الأمر «ثُمَّ کَفَرُوا» حین عرضت علیهم الولایه حیث قال من کنت مولاه فعلیّ مولاه «ثُمَّ آمَنُوا» بالبیعه لأمیر المؤمنین علیه السّلام حیث قالوا له بأمر اللّه و أمر رسوله فبایعوه «ثُمَّ کَفَرُوا» حیث مضى رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله فلم یقرّوا بالبیعه «ثُمَّ ازْدادُوا کُفْراً» بأخذهم من بایعوه بالبیعه لهم فهؤلاء لم یبق من الایمان شی‏ء و کیف.

فلما حذّرهم عن التلوّن الملازم للنفاق و التفرّق علّله بقوله (فانّ جماعه فیما تکرهون من الحقّ خیره من فرقه فیما تحبّون من الباطل) یعنی الاجتماع على الحقّ خیر من الافتراق على الباطل و إن کان الأوّل مکروها لکم و الثانی محبوبا لدیکم، و لعلّ المراد أنّ اجتماعکم على بیعتی و ثباتکم علیه خیر لکم عاجلا و آجلا من افتراقکم عنها ابتغاء للفتنه و حبّا لها.

و أکّد ذلک بقوله (و انّ اللّه سبحانه لم یعط أحدا بفرقه خیرا ممّا مضى و لا مما بقى) لفظه با فی الموضعین إمّا بمعنى من و یؤیّده ما فی أکثر النسخ من لفظه من بدلها فیکون المراد أنه لم یعط أحدا من السّلف و لا من الخلف خیرا بسبب الافتراق، و إمّا بمعناها الأصلی فیکون المعنى أنّه تعالى لم یعط أحدا بسبب الافتراق خیرا من الدّنیا و لا من العقبى.
و ذلک لأنّ الانسان مدنىّ بالطبع محتاج فی اصلاح أمر معاشه و معاده و انتظام اولاه و اخراه إلى التعاون و الاجتماع و الایتلاف.
و لذلک قال علیه السّلام فی کلامه المأه و السابع و العشرین: و الزموا السواد الأعظم فانّ ید اللّه على الجماعه و ایاکم و الفرقه فانّ الشاذّ من الناس للشیطان کما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب.
و قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم من فارق الجماعه قدر شبر فقد خلع ربقه الاسلام عن عنقه هذا.

و لکثره فوائد الاجتماع و الایتلاف و عظم ما یترتّب علیها من الثمرات الدّنیویّه حبّ مؤکّدا فعل الجمعه و الجماعه و الأخبار الوارده فی الحثّ و الترغیب علیهما فوق حدّ الاحصاء.
(أیّها النّاس طوبى لمن شغله عیبه) و محاسبه نفسه (عن عیب الناس) و غیبتهم روى فی عقاب الأعمال عن الحسن بن زید عن جعفر عن أبیه علیهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: إنّ أسرع الخیر ثوابا البرّ و إنّ أسرع الشرّ عقابا البغى، و کفى بالمرء عیبا أن ینظر من النّاس إلى ما یعمى عینه من نفسه، و یعیر الناس بما لا یستطیع ترکه و یؤذى جلیسه بما لا یعنیه.

قال الطریحی فی قوله تعالى «طُوبى‏ لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ» أى طیب العیش، و قیل طوبى الخیر و أقصى الامنیه، و قیل اسم للجنّه بلغه أهل الهند، و فی الخبر عن النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أنها شجره فی الجنّه أصلها فی دارى و فرعها فی دار علیّ علیه السّلام فقیل له فی ذلک فقال: داری و دار علیّ فی الجنّه بمکان واحد، قال و فی الحدیث هی شجره فی الجنّه أصلها فی دار النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و لیس مؤمن إلّا و فی داره غصن منها لا یخطر على قلبه شهوه إلّا أتاه ذلک الغصن، و لو أنّ راکبا مجدّا سار فی ظلّها مأئه عام ما خرج و لو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتّى سقط هرما.

(و طوبى لمن لزم بیته) قد مرّ الکلام مشبعا فی فواید العزله و ثمراتها فی شرح الفصل الثانی من الخطبه المأه و الثانیه.
فان قلت: أ لیس الاعتزال و ملازمه البیت ملازما للفرقه الّتی نهى عنها سابقا فکیف یجتمع النهی عن الفرقه مع الحثّ على العزله المستفاد من هذه الجمله الخبریّه قلت: لا تنافی بینهما، لأنّ النهى السابق محمول على الافتراق لاثاره الفتنه و طلب الباطل کما یشعر به کلامه السابق أیضا، و هذا محمول على الاعتزال لطلب الحقّ و مناجاه الرّب و تزکیه النفس من رزائل الأخلاق.

کما یدلّ علیه قوله (و أکل قوته و اشتغل بطاعه ربّه و بکى على) سالف‏(خطیئته) و موبق معصیته (فکان من نفسه فی شغل و النّاس منه فی راحه) أى یدا و لسانا.
روى فی الکافی عن أبی البلاد رفعه قال: جاء أعرابیّ إلى النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و هو یرید بعض غزواته فاخذ بغرز«» راحلته فقال: یا رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله علّمنی عملا أدخل به الجنّه، فقال صلّى اللّه علیه و آله ما أحببت أن یأتیه الناس إلیک فأته إلیهم، و ما کرهت أن یأتیه الناس إلیک فلا تأته إلیهم، خلّ سبیل الراحله.

و فیه عن عثمان بن جبله عن أبی جعفر علیه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ثلاث خصال من کنّ فیه أو واحده منهنّ کان فی ظلّ عرش اللّه یوم لا ظلّ إلّا ظلّه: رجل أعطى النّاس من نفسه ما هو سائلهم، و رجل لم یقدم رجلا و لم یؤخّر رجلا حتى یعلم أنّ ذلک للّه رضى، و رجل لم یعب أخاه المسلم بعیب حتّى ینفى ذلک العیب عن نفسه فانّه لا ینفى منها عیبا إلّا بدا له عیب و کفى بالمرء شغلا بنفسه عن الناس

الترجمه

پس از آن حذر نمائید از متفرّق ساختن خلقها و از برگرداندن آنها و بگردانید زبان را یک زبان، و باید که حفظ نماید مرد زبان خود را از جهه این که این زبان سرکش است بصاحب خود، قسم بخدا نمی ‏بینم بنده را پرهیز کند پرهیز کارى که منفعت بخشد او را تا این که نگه دارد زبانش را، پس بدرستی که زبان مؤمن از پشت قلب او است و بدرستی که قلب منافق از پشت زبان او است، بجهه این که اگر مؤمن بخواهد تکلّم بنماید بسخنی اندیشه می کند آن را در پیش نفس خود پس اگر خوب باشد آن سخن اظهار مى‏ نماید آن را، و اگر بد باشد پنهان مى‏ سازد او را، و بدرستى که منافق تکلّم مى ‏نماید بهر چه زبان او مى ‏آید و نمى ‏داند چه چیزى منفعت دارد باو و چه چیز ضرر دارد بر او.

و بتحقیق فرموده است حضرت رسالتماب صلوات اللّه و سلامه علیه و آله که:مستقیم نشود ایمان بنده مگر این که مستقیم شود قلب او، و مستقیم نشود قلب او مگر این که مستقیم شود زبان او، پس هر کس قدرت داشته باشد از شما باین که ملاقات کند پروردگار خود را در حالتى که پاک باشد دست او از خونهاى مسلمانان و مالهاى ایشان و سالم باشد زبان او از عرضهاى ایشان پس باید که بکند آنرا.

و بدانید اى بندگان خدا که بدرستی مرد صاحب ایمان حلال مى‏ سازد امسال آن چیزى را که حلال دانسته در سال گذشته و حرام مى‏ شمارد امسال چیزى را که حرام شمرده در سال گذشته، و بدرستی چیزى که تازه احداث کرده است آن را مردمان حلال نمى‏ نماید از براى شما هیچ چیز از آنچه که حرام گردانیده شده است بر شما، و لکن حلال منحصر است به آن چه که خدا حلال فرموده، و حرام منحصر است به آن چه که خدا حرام فرموده.

پس بتحقیق که تجربه کرده ‏اید کارها را، و محکم گردانیده ‏اید آنها را، و نصیحت داده شده ‏اید با کسانی که بوده‏ اند پیش از شما، و زده شده از براى شما مثلها، و دعوت شده ‏اید بسوى أمر روشن، پس کر نمى‏ شود در آن مگر کسى که زیاد کر باشد، و کور نمى‏ شود از آن مگر کسى که بغایت کور باشد، و آن کسى که نفع نداد او را خداى تعالى با امتحان و تجربها منتفع نشد بچیزى از موعظه و آمد او را ضرر و تقصیر از پیش او تا این که خیال می کند معرفت چیزى را که انکار داشت او را، و انکار مى ‏نماید چیزى را که معرفت داشت باو.

پس بدرستى که مردمان دو مردند: یکى آنکه پیروى کننده است شریعت را و دیگرى آنکه اختراع کننده است بدعت را در حالتى که نیست با او از جانب خداوند دلیلی از سنّت، و نه روشنی دلیلی.
و بدرستى که خداى تعالى موعظه نفرموده هیچ أحدى را بمثل این قرآن، پس بدرستى که قرآن ریسمان محکم خداست و ریسمانی است که ایمن است، و در او است بهار قلبها و چشمهاى علمها، و نیست مر قلب را جلاء و صیقلى غیر آن با وجود «ج ۱۵»این که رفتند صاحبان تذکّر، و باقی مانده است صاحبان نسیان و فراموشى یا خود را بفراموشی زنندگان، پس چون ببینید چیز نیکوئى را پس اعانت نمائید بر او، و چون مشاهده کنید چیز بدى را پس کناره‏جوئى کنید از آن پس بدرستی که حضرت رسالتماب صلّى اللّه علیه و آله و سلّم مى‏فرمود که اى پسر آدم عمل کن خیر را و ترک کن شرّ را، پس این هنگام تو مى‏باشی پسندیده رفتار و پسندیده کردار.

آگاه باشید بدرستى که ظلم سه قسم است: ظلمیست که آمرزیده نمى ‏شود، و ظلمى است که ترک کرده نمى ‏شود، و ظلمیست که آمرزیده خواهد شد.
پس أما ظلمى که بخشیده نخواهد شد پس عبارتست از شرک آوردن بخدا خداوند تعالى فرموده: بدرستى که خدا نمى ‏بخشد در این که شرک آورده باو، و اما ظلمى که بخشیده خواهد شد پس آن ظلم کردن بنده است بر نفس خود در بعض اعمال قبیحه و معاصی، و أما ظلمى که متروک نمى ‏شود پس آن ظلم بندگان است بعضی بر بعضی، و دیگر قصاص ظالم در آخرت سخت و با شدّتست نه از قبیل زخم زدن است با کاردها و نه زدن با تازیانها و لیکن عذابیست که کوچک شمرده مى‏ شود این زخم و ضرب در جنب او پس بترسید از متلوّن شدن و دو رنگ بودن در دین خداى تعالى، پس بدرستى که اتفاق کردن در چیزى که ناخوش مى‏ دارید از أمر حق بهتر است از متفرّق گشتن در چیزى که دوست مى‏ دارید از أمر باطل، و بدرستى که خداى تعالى عطا نکرد أحدى را بسبب افتراق و اختلاف خیر و منفعتی نه از گذشتگان و نه از آیندگان.

اى مردمان خوشا مر آن کسى را که مشغول سازد او را عیب او از عیبهاى مردمان، و خوشا مر آن کسى را که ملازم بشود خانه خود یعنی منزوى شود و بخورد قوت حلال خود را و مشغول شود بطاعت پروردگار خود و گریه کند بگناهان خود، پس باشد از نفس خود در شغلى که مشغول او شود و مردمان از او در راحت.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۲۱۲

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۴ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۵ صبحی صالح

۱۷۵- من خطبه له ( علیه‏ السلام  ) فی الموعظه و بیان قرباه من رسول اللّه‏

أَیُّهَا النَّاسُ غَیْرُ الْمَغْفُولِ عَنْهُمْ وَ التَّارِکُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ

مَا لِی أَرَاکُمْ عَنِ اللَّهِ ذَاهِبِینَ وَ إِلَى غَیْرِهِ رَاغِبِینَ

کَأَنَّکُمْ نَعَمٌ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ إِلَى مَرْعًى وَبِیٍّ وَ مَشْرَبٍ دَوِیٍّ

وَ إِنَّمَا هِیَ کَالْمَعْلُوفَهِ لِلْمُدَى لَا تَعْرِفُ مَا ذَا یُرَادُ بِهَا إِذَا أُحْسِنَ إِلَیْهَا تَحْسَبُ یَوْمَهَا دَهْرَهَا وَ شِبَعَهَا أَمْرَهَا

وَ اللَّهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ کُلَّ رَجُلٍ مِنْکُمْ بِمَخْرَجِهِ وَ مَوْلِجِهِ وَ جَمِیعِ شَأْنِهِ لَفَعَلْتُ

وَ لَکِنْ أَخَافُ أَنْ تَکْفُرُوا فِیَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى‏الله‏علیه‏وآله  )

أَلَا وَ إِنِّی مُفْضِیهِ إِلَى الْخَاصَّهِ مِمَّنْ یُؤْمَنُ ذَلِکَ مِنْهُ

وَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ وَ اصْطَفَاهُ عَلَى الْخَلْقِ مَا أَنْطِقُ إِلَّا صَادِقاً

وَ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ بِذَلِکَ کُلِّهِ وَ بِمَهْلِکِ مَنْ یَهْلِکُ وَ مَنْجَى مَنْ یَنْجُو وَ مَآلِ هَذَا الْأَمْرِ

وَ مَا أَبْقَى شَیْئاً یَمُرُّ عَلَى رَأْسِی إِلَّا أَفْرَغَهُ فِی أُذُنَیَّ وَ أَفْضَى بِهِ إِلَیَّ

أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا أَحُثُّکُمْ عَلَى طَاعَهٍ إِلَّا وَ أَسْبِقُکُمْ إِلَیْهَا

وَ لَا أَنْهَاکُمْ عَنْ مَعْصِیَهٍ إِلَّا وَ أَتَنَاهَى قَبْلَکُمْ عَنْهَا

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام و هى المأه و الرابعه و السبعون من المختار فی باب الخطب

أیّها الغافلون غیر المغفول عنهم، و التّارکون المأخوذ منهم، ما لی أریکم من اللّه ذاهبین، و إلى غیره راغبین، کأنّکم نعم أراح بها سائم إلى مرعی وبیّ، و مشرب دویّ، إنّما هی کالمعلوفه للمدى لا تعرف ما ذا یراد بها إذا أحسن إلیها، تحسب یومها دهرها، و شبعها أمرها، و اللّه لو شئت أن أخبر کلّ رجل منکم بمخرجه و مولجه و جمیع شأنه لفعلت، و لکن أخاف أن تکفروا فیّ برسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ألا و إنّی مفضیه إلى الخاصّه ممّن یؤمن ذلک منه، و الّذی بعثه بالحقّ و اصطفاه على الخلق ما أنطق إلّا صادقا، و لقد عهد إلیّ بذلک کلّه و بمهلک من یهلک و منجى من ینجو و مال هذا الأمر، و ما أبقى شیئا یمرّ على رأسی إلّا أفرغه فی أذنیّ، و أفضى به إلیّ، أیّها النّاس و اللّه ما أحثّکم على طاعه إلّا و أسبقکم إلیها، و لا أنهیکم عن معصیه إلّا و أتناهى قبلکم عنها.

اللغه

(النعم) بالتحریک جمع لا واحد له من لفظه و أکثر اطلاقه على الابل‏ و (أراح) الابل ردّها إلى المراح و هو بالضمّ مأوى الماشیه باللّیل و بالفتح الموضع الّذی یروح منه القوم أو یروحون إلیه و (سامت) الماشیه سوما رعت بنفسها فهی سائمه و تتعدّى بالهمزه فیقال أسامها راعیها أى أرعیها و (الوبیّ) بالتشدید ذو الوباء و المرض و أصله الهمزه و (الدّوى) ذو الداء و الأصل فی الدویّ دوى بالتخفیف و لکنّه شدّد للازدواج قال الجوهری: رجل دو بکسر الواو أى فاسد الجوف من داء و (المدى) بالضمّ جمع مدیه و هى السکین و (الشبع) وزان عنب ضدّ الجوع.

الاعراب

غیر المغفول صفه للغافلون و صحّه کون غیر صفه للمعرفه مع توغّله فی النکاره و عدم قبوله للتعریف و لو اضیف إلى المعارف من حیث إنّه لم یرد بالغافلین طائفه معیّنه فکان فیه شائبه الابهام و صحّ بذلک وصفه بالنکره کما فی قوله: صِراطَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ على قول من یجعل غیر وصفا للّذین لا بدلا منه، و الاستفهام فی قوله: ما لى أراکم، للتعجّب کما فی قوله: وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ فَقالَ ما و سائم فاعل أراح کما یستفاد من شرح البحرانی، أو صفه للفاعل المحذوف کما یستفاد من شرح المعتزلی و العلّامه المجلسیّ «ره».
و قوله: تحسب یومها دهرها و شبعها أمرها، الظاهر أنّ یومها ثانی مفعول تحسب و کذلک شبعها و التقدیم على الأوّل لقصد الحصر.

المعنى

اعلم أنّ مدار هذه الخطبه الشریفه على فصلین:
الفصل الاول فی ایقاظ الغافلین و تنبیه الجاهلین من رقده الغفله و الجهاله
و هو قوله: (أیّها الغافلون غیر المغفول عنهم) الظاهر أنّ الخطاب لکلّ من اتّصف‏بالغفله من المکلّفین أى الّذین غفلوا عمّا ارید منهم من المعارف الحقّه و التکالیف الشرعیه و لم یغفل عنهم و عمّا فعلوا، لکون أعمالهم مکتوبه محفوظه فی اللّوح المحفوظ و صحائف الأعمال و کلّ ما فعلوه فی الزبر و کلّ صغیر و کبیر مستطر (و التارکون) لما امروا به من الفرائض و الواجبات (المأخوذ منهم) ما اغترّوا به من الأهل و المال و الزخارف و القینات (مالى أراکم عن اللّه ذاهبین) کنایه عن اعراضهم عن اللّه سبحانه و التفاتهم إلى غیره تعالى (و إلى غیره راغبین) إشاره إلى رغبتهم فی زهره الحیاه الدّنیا و إعجابهم بها.

(کأنّکم نعم أراح بها سائم إلى مرعى وبىّ و مشرب دوىّ) شبّههم بأنعام ذهب بها سائم إلى مرعى و مشرب وصفهما ما ذکر و المراد بالسائم حیوان یسوم و یرعى و هو المستفاد من الشارح المعتزلی حیث قال: شبّههم بالنّعم الّتی تتبع نعما اخرى سائمه أى راعیه، و إنما قال ذلک لأنّها إذا تبعت أمثالها کان أبلغ فی ضرب المثل بجهلها من الابل الّتى یسمیها راعیها، انتهى.

و فسّره الشارح البحرانی بالراعى أی الّذی یراعی النعم و یحفظها و یواظب علیها من الرعایه و هو المراعاه و الملاحظه قال: شبّههم بالنّعم الّتی أراح بها راعیها إلى مرعى کثیر الوباء و الدّاء، و وجه الشبه أنهم لغفلتهم کالنّعم و نفوسهم الأمّاره القائده لهم إلى المعاصى کالراعی القائد إلى المرعى الوبىّ و لذات الدّنیا و مشتهیاتها و کون تلک اللّذات و المشتهیات محلّ الاثام الّتی هی مظنّه الهلاک الاخروى و الداء الدّوىّ تشبه المرعى الوبیّ و المشرب الدویّ انتهى.

أقول: و هذا أقرب لفظا و ما قاله الشارح المعتزلی أقرب معنى، و ذلک لأنّ لفظ السائم على قول المعتزلی بمعنى الراعى من الرعى و هذا لا غبار علیه من حیث المعنى إلّا أنه یحتاج حینئذ إلى حذف الموصوف أى حیوان سائم و نحوه و هو خلاف الأصل، و أمّا على قول البحرانی فلا حاجه إلى الحذف إلّا أنّ کون السائم بمعنى الراعى من الرعایه مما لم یقل به أحد، و کیف کان فالمقصود تشبیههم بأنعام اشتغلت بالماء و الکلاء و غفلت عمّا فی باطنهما من السمّ الناقع و دوى الدّاء.

(إنما هى کالمعلوفه للمدى) و السکاکین (لا تعرف ما ذا یراد بها إذا احسن إلیها) أى تزعم و تظنّ أنّ العلف إحسان إلیها على الحقیقه و لا تعرف أنّ الغرض من ذلک هو الذبح و الهلاک (تحسب یومها دهرها) یعنی أنها لکثره إعجابها لعلفها فی یومها تظنّ أنّ دهرها مقصور على ذلک الیوم لیس لها وراءه یوم آخر، و قیل معناه أنها تظنّ أنّ ذلک العلف و الاطعام کما هو حاصل لها ذلک الیوم یکون حاصلا لها أبدا.

(و شبعها أمرها) أى تظنّ انحصار أمرها و شأنها فی الشبع مع أنّ غرض صاحبها من إطعامها و إشباعها أمر آخر.

الفصل الثانی فی الاشاره إلى بعض مناقبه الجمیله و مقاماته الجلیلهو هو قوله: (و اللّه لو شئت أن اخبر کلّ رجل منکم بمخرجه و مولجه و جمیع شأنه لفعلت) اى لو أشاء لأخبر کلّ واحد منکم بأنّه من این خرج و أین دخل و کیفیّه خروجه و ولوجه و اخبر بجمیع شأنه و شغله من أفعاله و أقواله و مطعمه و مشربه و ما أکله و ما ادّخره فی بیته و غیر ذلک مما أضمروه فی قلوبهم و أسرّوه فی ضمائرهم کما قال المسیح علیه السّلام: «وَ رَسُولًا إِلى‏ بَنِی إِسْرائِیلَ أَنِّی قَدْ جِئْتُکُمْ».

(و لکن أخاف أن تکفروا فیّ برسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم) قال الشارح المعتزلی: أى أخاف علیکم الغلوّ فی أمری و أن تفضّلونی على رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله، بل أخاف علیکم أن تدّعوا فیّ الإلهیّه کما ادّعت النصارى ذلک فی المسیح لمّا أخبرهم بامور الغایبه و مع أنّه قد کتم ما علمه حذرا من أن یکفروا فیه برسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله فقد کفر کثیر منهم و ادّعوا فیه النبوّه و ادّعوا فیه أنّه شریک الرّسول فی الرّساله و ادّعوا فیه أنّه هو کان الرسول و لکن الملک غلط فیه و ادّعوا أنّه الّذی بعث محمّدا صلّى اللّه علیه و آله الى النّاس و ادّعوا فیه الحلول و ادّعوا فیه الاتّحاد و لم یترکوا نوعا من أنواع الضلاله فیه إلّا و قالوه و اعتقدوه.

أقول: و یحتمل أن یکون مراده علیه السّلام بکفرهم فیه کفرهم باسناد التقصیر إلى النبیّ صلّى اللّه علیه و آله فی إظهار جلالته علیه السّلام و علوّ شأنه و سموّ مقامه، و من ذلک أنّ النبیّ صلّى اللّه علیه و آله لما أفصح عن بعض فضایله علیه السّلام نسبه المنافقون إلى الضلال و إلى أنّه ینطق عن الهوى حتّى کذّبهم اللّه تعالى فقال: وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحى‏.

روى فی الصّافی من المجالس عن ابن عباس قال: صلّینا العشاء الاخره ذات لیله مع رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فلمّا سلّم أقبل علینا بوجهه ثمّ قال: إنه سینقض کوکب من السّماء مع طلوع الفجر فیسقط فی دار أحدکم فمن سقط ذلک الکوکب فی داره فهو وصیّی و خلیفتی و الامام بعدى، فلما کان قرب الفجر جلس کلّ واحد منّا فی داره ینتظر سقوط الکوکب فی داره و کان أطمع القوم فی ذلک أبی العبّاس بن عبد المطلب، فلما طلع الفجر انقضّ الکوکب من الهوا فسقط فی دار علیّ بن أبی طالب علیه السّلام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله لعلیّ علیه السّلام: یا علیّ و الّذی بعثنی بالنبوّه لقد وجبت لک الوصیّه و الامامه و الخلافه بعدی، فقال المنافقون عبد اللّه بن أبیّ و أصحابه لقد ضلّ محمّد فی محبّه ابن عمّه و غوى و ما ینطق فی شأنه إلّا بالهوى، فأنزل اللّه تبارک و تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏ یقول عزّ و جلّ و خالق النّجم إذا هوى «ما ضَلَّ صاحِبُکُمْ» یعنی فی محبّه علیّ بن أبی طالب علیه السّلام «وَ ما غَوى‏ وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏» یعنی فی شأنه «إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحى‏».

و من هذا الباب أیضا ما فی الکافی عن أبی بصیر قال: بینا رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله جالس إذ أقبل أمیر المؤمنین علیه السّلام فقال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: إنّ فیک شبها من عیسى بن مریم علیه السّلام لو لا أن یقول فیک طوایف من امّتی ما قالت النصارى فی عیسى بن مریم علیه السّلام لقلت فیک قولا لا تمرّ بملاء من النّاس إلّا أخذوا التراب من تحت قدمک، قال: فغضب الاعرابیّان و المغیره بن شعبه و عدّه من قریش معهم فقالوا: ما رضى أن یضرب لابن عمّه مثلا إلّا عیسى بن مریم، فأنزل اللّه على نبیّه «وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْیَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُکَ مِنْهُ یَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَیْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَکَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ‏خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَیْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِی إِسْرائِیلَ وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْکُمْ» یعنی من بنی هاشم «مَلائِکَهً فِی الْأَرْضِ یَخْلُفُونَ» قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهرى فقال: «اللَّهُمَّ إِنْ کانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِکَ» إنّ بنی هاشم یتوارثون هرقلا بعد هرقل«» «فَأَمْطِرْ عَلَیْنا حِجارَهً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِیمٍ» فأنزل اللّه علیه مقاله الحارث و نزلت هذه الایه «وَ ما کانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ وَ ما کانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ» ثمّ قال علیه السّلام له یا بن عمرو إمّا تبت و إمّا رحلت، فدعى براحلته فرکبها فلما صار بظهر المدینه أتته جندله فرضّت هامته فقال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله لمن حوله من المنافقین: انطلقوا إلى صاحبکم فقد أتانا استفتح، قال اللّه عزّ و جل «وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ کُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ» هذا.

و لما ذکر أنّ إخباره ببعض المغیبات مؤدّ إلى الکفر و الضلال لقصور الاستعداد و القابلیّه لاکثر النفوس البشریّه عن تحمّل الأسرار الغیبیّه استدرک ذلک بقوله (إلا و انّی مفضیه) أى مفض به و موصل له و مؤدّ إیاه (إلى الخاصّه) أى إلى خواصّ أصحابی (ممّن یؤمن ذلک) أى الغلوّ و الکفر (منه) بما له من الاستعداد (و الّذى بعثه) أى رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله (بالحقّ و اصطفاه على الخلق ما انطق إلّا صادقا و لقد عهد إلىّ) رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم (بذلک کلّه) أى بجمیع ما اخبر به (و بمهلک من یهلک و منجى من ینجو) أى بهلاک الهالکین و نجاه النّاجین أو بمکان هلاکهم و مکان نجاتهم أو زمانهما.

و المراد بالهلاک إمّا الهلاک الدّنیوى أى الموت أو القتل أو الهلاک الاخروى أعنى الضلال و الشقاء و کذلک النجاه (و) ب (مال هذا الأمر) أی أمر الخلافه أو الدّین و ملک الاسلام و ماله انتهائه بظهور القائم و ما یکون فی آخر الزمان (و ما أبقى) أى الرّسول صلّى اللّه علیه و آله و سلّم (شیئا یمرّ على رأسی) من اغتصاب الخلافه و خروج النّاکثین و القاسطین و المارقین و قتالهم و من الشهاده بضربه ابن ملجم المرادى لعنه اللّه و غیر ذلک مما جرى علیه بعده (إلّا أفرغه) أى صبّه (فی اذنى و أفضی‏به) أى أوصله و ألقاه (إلىّ) و أعلمنی به و أسرّه إلىّ.

ثمّ قال: (أیها النّاس و اللّه ما أحثّکم على طاعه إلّا أسبقکم إلیها و لا أنهاکم عن معصیه إلّا و أتناهى قبلکم عنها) لأنّ الأمر بالمعروف بعد الاتیان به و النّهی عن المنکر بعد التّناهى عنه أقوى تأثّرا و أکثر ثمرا کما مرّ فی شرح الفصل الثانی من الخطبه المأه و الرّابعه، و قد لعن الامرین بالمعروف التارکین له و الناهین عن المنکر العاملین به فی الخطبه المأه و التاسعه و العشرین.

تبصره

ما تضمّنه ذیل هذه الخطبه من علمه علیه السّلام بالغیب قد مرّ تحقیق الکلام فیه فی شرح الفصل الثانی من الخطبه المأه و الثّامنه و العشرین و أوردنا ثمّه بعض اخباره الغیبیّه و قدّمنا فصلا مشبعا من اخباره عن الغیوب فی شرح الکلام السادس و الخمسین و شرح الخطبه الثانیه و التسعین، و أحببت أن أورد طرفا صالحا منها هنا مما یناسب المقام نقلا من کتاب مدینه المعاجز تألیف السّیّد السند الشارح المحدّث السیّد هاشم البحرانی قدّس سرّه فأقول: منها ما رواه عن ابن شهر آشوب بسنده عن إسماعیل بن أبی زیاد قال: إنّ علیّا علیه السّلام قال للبراء بن عازب: یا براء یقتل ابنی الحسین علیه السّلام و أنت حیّ لا تنصره، فلما قتل الحسین علیه السّلام کان البراء یقول: صدق و اللّه أمیر المؤمنین علیه السّلام و جعل یتلهّف و منها ما رواه عن ابن شهر آشوب عن سفیان بن عیینه عن طاوس الیمانی أنّه قال علیّ علیه السّلام لحجر البدری: یا حجر إذا وقعت على منبر صنعاء و امرت بسبّی و البراءه منّی قال: فقلت: أعوذ باللّه من ذلک، قال علیه السّلام و اللّه إنّه لکائن، فاذا کان کذلک فسبّنی و لا تتبرّء منّی فانه من تبرّء منّی فی الدّنیا تبرّأت منه فی الاخره.

قال طاوس فأخذه الحجّاج على أن یسبّ علیّا علیه السّلام فصعد المنبر و قال: أیّها النّاس إنّ أمیرکم هذا أمرنی أن ألعن علیّا فالعنوه لعنه اللّه.

و منها ما رواه عن ابن شهر آشوب عن عبد اللّه بن أبی رافع قال: حضرت أمیر المؤمنین علیه السّلام و قد وجّه أبا موسى الأشعری فقال له احکم بکتاب اللّه و لا تجاوزه، فلما أدبر قال علیه السّلام و کأنّی به و قد خدع، قلت: یا أمیر المؤمنین فلم توجهه و أنت تعلم أنّه مخدوع فقال علیه السّلام: یا بنیّ لو عمل اللّه فی خلقه بعلمه ما احتجّ علیهم بالرّسل.

و منها ما رواه عن ابن شهر آشوب أنه علیه السّلام أخبر بقتل جماعه منهم حجر بن عدىّ و رشید الهجرى و کمیل بن زیاد و میثم التّمار و محمّد بن اکثم و خالد بن مسعود و حبیب بن المظاهر و حویرثه و عمرو بن الحمق و مزرع و غیرهم، و وصف قاتلهم و کیفیّه قتلهم. عبد العزیز بن صهیب عن أبی العالیه قال: حدّثنى مزرع بن عبد اللّه قال: سمعت أمیر المؤمنین علیه السّلام یقول أما و اللّه لیقبلنّ جیش حتى إذا کان بالبیداء خسف بهم فقلت: هذا علم غیب، قال: و اللّه لیکوننّ ما أخبرنی به أمیر المؤمنین علیه السّلام و لیأخذنّ رجل فلیقتلنّ و لیصلبنّ بین شرفتین من شرف هذا المسجد، فقلت: هذا ثان، قال حدّثنی الثقه المأمون علیّ بن أبی طالب علیه السّلام قال أبو العالیه فما أتت علینا جمعه حتى اخذ مزرع و صلب بین الشرفتین.

و منها ما رواه عن البرسی عن محمّد بن سنان و ساق الحدیث قال: سمعت أمیر المؤمنین علیه السّلام یقول لعمر«»: یا عمر یا مغرور إنی أراک فی الدّنیا قتیلا بجراحه من عبد امّ معمر تحکم علیه جورا فیقتلک توقیعا یدخل بذلک الجنّه على رغم منک.

و منها ما رواه عن ثاقب المناقب عن إبراهیم بن محمّد الأشعری عمّن رواه قال إنّ أمیر المؤمنین علیه السّلام أراد أن یبعث بمال إلى البصره فعلم ذلک رجل من أصحابه فقال لو أتیته فسألته أن یبعث معى بهذا المال فاذا دفعه إلىّ أخذت طریق المکرجه فذهبت به، فأتاه علیه السّلام و قال: بلغنى أنک ترید أن تبعث بمال إلى البصره، قال: نعم قال: فادفعه إلىّ فابلغه تجعل لی ما تجعل لمن تبعثه فقد عرفت صحبتی قال: فقال‏ له أمیر المؤمنین علیه السّلام: خذ طریق المکرجه.

و منها ما رواه عن الخصیبی فی هدایته باسناده عن فضیل بن الزبیر قال: مرّ میثم التمار على فرس له فاستقبل حبیب بن مظاهر عند مجلس بنی أسد فتحدّثا حتّى التقت أعناق فرسیهما، ثمّ قال حبیب: لکأنّى برجل أصلع ضخم البطن یبیع البطیخ عند دار الرّزق و قد صلب فی حبّ أهل بیت رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و یبقر بطنه على الخشبه، فقال میثم: و إنّى لأعرف رجلا أحمر له ضفیرتان یخرج لنصره ابن بنت نبیّه فیقتل و یجال برأسه بالکوفه و اجیز الّذی جاء به ثمّ افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأینا أعجب من أصحاب أبی تراب یقولون إنّ علیا علیه السّلام أعلمهم بالغیب، فلم یفترق أهل المجلس حتّى أقبل رشید الهجری لیطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما فقالوا قد افترقا و سمعناهما یقولان کذا و کذا، قال رشید لهم: رحم اللّه میثما و حبیبا قد نسى أنّه یزاد فی عطاء الّذی یجی‏ء برأسه مأئه درهم، ثمّ ولّى، فقال أهل المجلس: هذا و اللّه أکذبهم، فما مرّت الأیّام حتّى رأى أصحاب المجلس میثما مصلوبا على باب عمرو بن حریث، و جی‏ء برأس حبیب بن مظاهر من کربلا و قد قتل مع الحسین بن علیّ علیهما السّلام إلى عبید اللّه بن زیاد لعنه اللّه، و زید فی عطاء الذی حمل رأس حبیب مأئه درهم کما ذکر و رؤى کلّما قاله أصحاب أمیر المؤمنین علیه السّلام أخبرهم به أمیر المؤمنین علیه السّلام.

و منها ما رواه عن الخصیبی مسندا عن أبی حمزه الثّمالی عن جابر بن عبد اللّه الأنصاری قال: أرسل رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم سریه فقال: تصلون ساعه کذا و کذا من اللّیل أرضا لا تهتدون فیها سیرا فاذا وصلتم إلیها فخذوا ذات الشمال فانکم تمرّون برجل فاضل خیّر فتسترشدونه فیأبی أن یرشدکم حتّى تأکلوا من طعامه و یذبح لکم کبشا فیطعمکم ثمّ یقوم معکم فیرشدکم على الطریق فاقرءوه منّی السّلام و أعلموه أنّی قد ظهرت فی المدینه.
فمضوا فلمّا وصلوا إلى الموضع فی الوقت ضلّوا، فقال قائل منهم: ألم یقل لکم رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله خذوا ذات الشمال، ففعلوا فمرّوا بالرجل الّذی وصفه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله فاسترشدوه الطریق فقال: إنّی لا ارشدکم حتّى تأکلوا من طعامی فذبح لهم کبشا فأکلوا من طعامه و قام معهم فأرشدهم الطریق فقال: أظهر النبیّ صلوات اللّه علیه و آله‏ بالمدینه فقالوا: نعم، فأبلغوه سلامه فخلّف فی شأنه من خلّف و مضى إلى رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، و هو عمرو بن الحمق الخزاعى ابن الکاهن بن حبیب بن عمرو بن القین بن درّاج بن عمرو بن سعد بن کعب، فلبث معه علیه السّلام ما شاء اللّه.

ثمّ قال له رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله ارجع إلى الموضع الذی هاجرت إلىّ منه فاذا نزل أخى أمیر المؤمنین علیه السّلام الکوفه و جعلها دار هجرته فاته.
فانصرف عمرو بن الحمق إلى شأنه حتّى إذا نزل أمیر المؤمنین علیه السّلام أتاه فأقام معه فی الکوفه.
فبینا أمیر المؤمنین علیه السّلام جالس و عمرو بین یدیه فقال له یا عمرو ألک دار قال: نعم، قال: بعها و اجعلها فی الأزد فانی غدا لو قد غبت عنکم لطلبت فتتبعک الأزد حتّى تخرج من الکوفه متوجّها نحو الموصل.

فتمرّ برجل نصرانیّ فتقعد عنده فتستسقیه الماء فیسقیکه و یسألک عن شأنک فتخبره و ستصادفه مقعدا فادعه إلى الاسلام فانّه یسلم فاذا أسلم فامرر بیدک على رکبتیه فانّه ینهض صحیحا سلیما، و یتبعک.
و تمرّ برجل محجوب جالس على الجادّه فتستسقیه الماء فیسقیک و یسألک عن قصّتک و ما الّذی أخافک و ممّن تتوقع فحدّثه بأنّ معاویه طلبک لیقتلک و یمثل بک لایمانک باللّه و رسوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و طاعتک لی و إخلاصک فی ولایتی و نصحک للّه تعالى فی دینک فادعه إلى الاسلام فانّه یسلم، فامرر یدک على عینیه فانه یرجع بصیرا باذن اللّه فیتّبعانک و یکونان معک و هما اللّذان یواریان جثّتک فی الأرض.

ثمّ تصیر إلى الدّیر على نهر یدعى بالدّجله فانّ فیه صدیقا عنده من علم المسیح علیه السّلام ما تجده لک أعون الأعوان على سرّک و ما ذاک إلّا لیهدیه اللّه لک فاذا أحسّت بک شرطه ابن امّ الحکم و هو خلیفه معاویه بالجزیره و یکون مسکنه بالموصل فاقصد إلى الصّدیق الذی فی الدّیر فی أعلى الموصل فناده فانه یمتنع علیک فاذکر اسم اللّه الذى علّمتک إیّاه فانّ الدّیر یتواضع لک حتّى تصیر فی ذروته فاذا رآک ذلک الراهب الصدیق قال لتلمیذ معه لیس هذا أوان المسیح هذا شخص کریم و محمّد قدتوفاه اللّه و وصیّه قد استشهد بالکوفه و هذا من حواریه ثمّ یأتیک ذلیلا خاشعا فیقول لک أیّها الشخص العظیم قد أهلتنی لما لم استحقّه فبم تأمرنی فتقول استر تلمیذی هذین عندک و تشرف على دیرک هذا فانظر ما ذا ترى، فاذا قال لک إنّى أرى خیلا غامره نحونا.

فخلّف تلمیذیک عنده و انزل و ارکب فرسک و اقصد نحو غار على شاطى‏ء الدّجله تستتر فیه فانّه لا بدّ من أن یسترک و فیه فسقه من الجنّ و الانس، فاذا استترت فیه عرفک فاسق من مرده الجنّ یظهر لک بصوره تنّین فینهشک نهشا یبالغ فی اضعافک فینفر فرسک فتبدر بک الخیل فیقولون هذا فرس عمرو و یقفون اثره.

فاذا أحسست بهم دون الغار فابرز إلیهم بین دجله و الجادّه فقف لهم فی تلک البقعه فانّ اللّه جعلها حفرتک و حرمک فالقهم بسیفک فاقتل منهم ما استطعت حتّى یأتیک أمر اللّه فاذا غلبوک حزّوا رأسک و شهروه على قناه إلى معاویه و رأسک أوّل رأس یشهر فی الاسلام من بلد إلى بلد.

ثمّ بکى أمیر المؤمنین علیه السّلام و قال: بنفسى ریحانه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و ثمره فؤاده و قرّه عینه ابنی الحسین فانّى رأیته یسیر و ذراریه بعدک یا عمرو من کربلا بغربى الفرات إلى یزید بن معاویه علیهما لعنه اللّه.
ثمّ ینزل صاحبک المحجوب و المقعد فیواریان جسدک فی موضع مصرعک و هو من الدیر و الموصل على مأئه و خمسین خطوه من الدّیر.

إلى غیر هذه مما لا نطیل بروایتها، و قد وضح و اتّضح لک مما أوردناه من الاخبار تصدیق ما ذکره علیه السّلام فی هذه الخطبه من علمه علیه السّلام بالغیب و أنه یعلم أعمال الناس و أفعالهم و یطلع على ما أعلنوه و ما أسرّوه، و یعرف مهلک من یهلک و منجى من ینجو، و یخبر من ذلک ما یتحمّل على من یتحمّل من خواصّه و بطانته سلام اللّه علیه و آله و شیعته.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن برگزیده پروردگار و وصىّ رسول مختار است‏در نصیحت مخاطبین و اظهار بعض مناقب خود مى‏ فرماید.
اى غافلانی که غفلت کرده نشده از رفتار و کردار ایشان، و اى ترک کنندگان تکالیف خود که أخذ خواهد شد از ایشان آنچه بایشان داده‏اند از متاع دنیا، چیست مرا که مى ‏بینم شما از خداوند تبارک و تعالى کنار روندگانید و بسوى غیر او رغبت کنندگان، گویا که شما چهار پایانید که برده باشد شبانگاه آنها را بسوى چراگاه و با آرنده و شرابگاه بیمار کننده جز این نیست که آن چهار پایان مثل حیوانی مى‏ باشند که علف داده شده از براى کاردها یعنی از براى کشتن که نمى ‏شناسند چه چیز اراده مى‏شود به آنها چون احسان مى ‏شود به آنها، گمان می کنند که روزگار ایشان همین روز ایشان است و بس، و مى ‏پندارند که کار ایشان منحصر بسیر بودن آنها است، قسم بخدا اگر بخواهم که خبر دهم هر مردى را از شما بمکان خروج و محلّ دخول آن و بهمه شغل و شأن آن هر اینه ممکن است بمن این کار، و لکن مى‏ ترسم که کافر شوید در حق من برسول مختار صلّى اللّه علیه و آله آگاه باشید بدرستى که من رساننده‏ام این اخبار غیبی را بخواص أصحاب خود از آن اشخاصى که أیمنی شده باشد این کفر از ایشان.

و قسم بذاتى که مبعوث فرموده پیغمبر را براستی و برگزیده او را بجمیع خلق سخن نمى‏ گویم مگر در حالت راستی و صدق و بتحقیق که عهد فرموده حضرت رسالت صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بسوى من بهمه این اخبار و بهلاکت کسى که هلاک مى‏ شود و بنجات یافتن کسى که نجات خواهد یافت، و به عاقبت این امر خلافت و باقی نگذاشت چیزى را که خواهد گذشت بر سر من از حوادث روزگار مگر این که ریخت آنرا در گوشهاى من و رسانید آن را بمن، أى مردمان بحق خدا تحریص نمى‏ کنم شما را بر طاعتی مگر این که سبقت مى ‏نمایم بشما بسوى آن طاعت، و نهى نمی کنم شما را از معصیتی مگر این که خود دارى می کنم پیش از شما از آن معصیت.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۸۸

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۳ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۴ صبحی صالح

۱۷۴- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) فی معنى طلحه بن عبید الله

و قد قاله حین بلغه خروج طلحه و الزبیر إلى البصره لقتاله

قَدْ کُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ وَ أَنَا عَلَى مَا قَدْ وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ

وَ اللَّهِ مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ إِلَّا خَوْفاً مِنْ أَنْ یُطَالَبَ بِدَمِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ

وَ لَمْ یَکُنْ فِی الْقَوْمِ أَحْرَصُ عَلَیْهِ مِنْهُ

فَأَرَادَ أَنْ یُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِیهِ لِیَلْتَبِسَ الْأَمْرُ وَ یَقَعَ الشَّکُّ.

وَ وَ اللَّهِ مَا صَنَعَ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ وَاحِدَهً مِنْ ثَلَاثٍ

لَئِنْ کَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً کَمَا کَانَ یَزْعُمُ لَقَدْ کَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یُوَازِرَ قَاتِلِیهِ وَ أَنْ یُنَابِذَ نَاصِرِیهِ.

وَ لَئِنْ کَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ کَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَکُونَ مِنَ الْمُنَهْنِهِینَ عَنْهُ وَ الْمُعَذِّرِینَ فِیهِ

وَ لَئِنْ کَانَ فِی شَکٍّ مِنَ الْخَصْلَتَیْنِ لَقَدْ کَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَعْتَزِلَهُ وَ یَرْکُدَ

جَانِباً وَ یَدَعَ النَّاسَ مَعَهُ فَمَا فَعَلَ وَاحِدَهً مِنَ الثَّلَاثِ وَ جَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ یُعْرَفْ بَابُهُ وَ لَمْ تَسْلَمْ مَعَاذِیرُهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام فی معنى طلحه بن عبید اللّه و هى المأه و الثالثه و السبعون من المختار فی باب الخطب

قد کنت و ما أهدّد بالحرب، و لا أرهّب بالضّرب، و أنا على ما وعدنی ربّی من النّصر، و اللّه ما استعجل متجرّدا للطّلب بدم عثمان إلّا خوفا من أن یطالب بدمه، لأنّه مظنّته، و لم یکن فی القوم أحرص علیه منه، فأراد أن یغالط بما أجلب فیه لیلبّس الأمر، و یقع الشّکّ، و و اللّه ما صنع فی أمر عثمان واحده من ثلاث: لئن کان ابن عفان ظالما کما کان یزعم لقد کان ینبغی له أن یوازر قاتلیه و أن ینابذ ناصریه، و لئن کان مظلوما کان ینبغی له أن یکون من المنهنهین عنه، و المعذرین فیه، و لئن کان فی شکّ من الخصلتین لقد کان ینبغی له أن یعتزله و یرکد جانبا و یدع النّاس معه فما فعل واحده من الثّلاث، و جاء بأمر لم یعرف بابه و لم تسلم معاذیره.

اللغه

(تجرّد) زید لأمره جدّ فیه و (مظنّه) الشی‏ء بکسر الظّاء الموضع الّذی یظنّ فیه وجوده (و أجلب) فیه قال ابن الأثیر فی محکىّ النّهایه فی حدیث علیّ علیه السّلام أراد أن یغالط بما أجلب فیه یقال أجلبوا علیه إذا تجمّعوا و تألّبوا و أجلبه أى أعانه و أجلب علیه إذا صاحه و استحثّه (و لبس) علیه الأمر یلبسه من باب حسب خلطه و ألبسه غطاه و أمر ملبس و ملتبس بالأمر مشتبه و (نهنهه) عن الأمر کفّه و زجره و (عذرته) فیما صنع أى رفعت عنه اللّوم فهو معذور أى غیر ملوم و أعذرته لغه.
و قال الشّارح البحرانی المعذرین بالتّخفیف المعتذرین عنه و بالتّشدید المظهرین للعذر مع أنّه لا عذر.

الاعراب

قوله علیه السّلام: قد کنت قال الشارح المعتزلی کان هنا تامّه أى خلقت و وجدت و أنا بهذه الصفه و یجوز أن تکون الواو زایده و یکون کان ناقصه و خبرها ما اهدّد کما فی المثل «لقد کنت و ما أخشى الذئب» و جمله و أنا على ما وعدنى یحتمل الحال و الاستیناف.

المعنى

قال الشارح البحرانی و هذا الفصل من کلام قاله علیه السّلام حین بلغه خروج طلحه و الزبیر إلى البصره و تهدیدهم له علیه السّلام بالحرب.
أقول: و قد مضى فی شرح الخطبه الثانیه و العشرین ما ینفعک ذکره فی هذا المقام إذ الخطبتان مسوقتان لغرض واحد، و متطابقتان فی بعض الفقرات، فلیراجع ثمّه.

إذا عرفت ذلک ظهر لک أنّ قوله علیه السّلام (قد کنت و ما اهدّد بالحرب و لا أرهّب بالضرب) جواب عن تهدیدهم له و ترهیبهم إیّاه، فقد بعثوا إلیه علیه السّلام أن أبرز للطعان و اصبر للجلاد فأجاب علیه السّلام بأنّ التهدید و الترهیب إنّما هو فی حقّ الجبان‏الضعیف الجاش لا فی حقّ الشجعان ذوى النّجده و المراس و حاله علیه السّلام فی الشجاعه کان أمرا قد اشتهر، و بان و ظهر، و تضمّنته الأخبار و السّیر فاستوى فی العلم به البعید و القریب، و اتّفق على الاقرار به البغیض و الحبیب. و من کان هذا شأنه فلا یلیق له التخویف و الترغیب.

و أکّد الجواب بقوله (و أنا على ما وعدنى ربّی من النّصر) یعنی أنّی على یقین بما وعدنی ربّی من النصره و الغلبه، و من کان قاطعا بذلک فلا یحذر و لا یخاف البته.
ثمّ أشار إلى نکته خروج طلحه إلى البصره بقوله (و اللّه ما استعجل متجرّدا للطلب بدم عثمان) أى مجدّا فیه (إلّا خوفا من أن یطالب بدمه) یعنی أنّ علّه خروجه و استعجاله فی طلب الدّم و تجرّده له لیست ما شهره بین الناس من أنّ عثمان قتل مظلوما و یجب الانتصار للمظلوم من الظالم حسبه، و إنّما علّته هو الخوف على نفسه من أن یطالب من دمه (لأنّه) کان (مظنّته و لم یکن فی القوم أحرص علیه) أى على دم عثمان (منه) لما قد عرفت فی شرح الخطبه الثانیه و العشرین و شرح الکلام الثلاثین أنّه کان أوّل من ألّب الناس على عثمان و أغرى بدمه و أشدّهم إجلابا علیه.
و أقول: هنا مضافا إلى ما سبق أنّه قال الشارح المعتزلی قد کان طلحه أجهد نفسه فی أمر عثمان و الاجلاب علیه و الحصر له و الاغراء به، و منّته نفسه الخلافه، بل تلبّس بها و تسلّم بیوت الأموال و أخذ مفاتیحها و قابل الناس و أحدقوا به و لم یبق إلّا أن یصفق بالخلافه على یده.

قال الشارح و روى المداینی فی کتاب مقتل عثمان أنّ طلحه منع من دفنه ثلاثه أیّام و أنّ علیا علیه السّلام لم یبایع الناس إلّا بعد قتل عثمان بخمسه أیّام و أنّ حکیم ابن حزام و جبیر بن مطعم استنجدا بعلیّ علیه السّلام على دفنه فأقعد طلحه لهم فی الطریق ناسا بالحجاره فخرج به نفر یسیر من اهله و هم یریدون به حایطا بالمدینه تعرف بحشّ کوکب، کانت الیهود یدفن فیه موتاهم فلما صار هنا رجم سریره و همّوا بطرحه‏فأرسل علیّ علیه السّلام إلى الناس یعزم علیهم لتکفّوا عنه فکفّوا، فانطلقوا به حتّى دفنوه فی حش کوکب.

قال و روى الواقدی قال لما قتل عثمان تکلّموا فی دفنه فقال طلحه: یدفن بدیر سلع یعنی مقابر الیهود.
و بالجمله فهو کما قال علیه السّلام لم یکن فی القوم أحرص على قتل عثمان منه لکنه أراد أن یشبه علی الناس (فأراد أن یغالط) أى یوقع فی الغلط (بما أجلب فیه) أى بسبب اعانته فی دمه و حثّه على قتله (لیلبس الأمر) و یخلطه و فی نسخه البحرانی لیلتبس الأمر أى یشتبه (و یقع الشکّ) فی دخوله فی قتله ثمّ احتجّ علیه السّلام و أبطل عذره فی الخروج و الطلب بدمه بقضیّه شرطیّه منفصله محصّلها أنّ عثمان عنده و على زعمه إمّا أن یکون ظالما أو مظلوما و إمّا أن یکون مجهول الحال، و على کلّ من التقادیر الثلاثه کان اللّازم علیه القیام بما یقتضیه مع أنه لم یقم به کما یفصح عنه قوله علیه السّلام مؤکّدا بالقسم البارّ (و و اللّه ما صنع فی أمر عثمان) خصله (واحده من) خصال (ثلاث) هى مقتضیات التقادیر الثلاثه الّتی اشرنا إلیها إجمالا و أشار إلى تفصیلها بقوله (لئن کان ابن عفّان ظالما) ظلما یوجب حلّ دمه (کما کان یزعم) ذلک حین قتله (لقد کان ینبغی له) و یجب علیه (أن یوازر قاتلیه) أى یساعدهم و یحامی عنهم بعد قتل عثمان (و أن ینابذ ناصریه) و یعاندهم و یترکهم بوجوب الانکار على فاعل المنکر مع أنّه قد عکس الأمر لأنّه نابذ قاتلیه و وازر ناصریه، و ثار معهم فی طلب دمه (و لئن کان مظلوما) محرّم القتل کما یقوله الان و یشهّره بین النّاس لقد (کان ینبغی له أن یکون من المنهنهین عنه و المعذرین فیه و لئن کان فی شکّ من الخصلتین لقد کان ینبغی له أن یعتزله و یرکد) أى لیکن (جانبا) أى یتباعد عنه و لا یأمر بقتله و لا ینهى عنه (و یدع الناس معه) یفعلون ما یشاءون مع أنّه لم یفعل ذلک أیضا بل أضرم نار الفتنه و صلى بها و أصلاها غیره (فما فعل واحده من الثلاث و جاء بأمر لم یعرف بابه و لم تسلم معاذیره) أى أتى بأمر لم یعرف وجهه و اعتذر فی نکثه و خروجه بمعاذیر لم تکن سالمه إذ قد عرفت فی تضاعیف الشرح‏أنّ عمده معذرته فی البغى و الخروج هو المطالبه بدم عثمان و أنّه قتل مظلوما و قد أبطل علیه السّلام اعتذاره بذلک هنا بما عرفت.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن بزرگوار است که توجیه خطاب در آن بسوى طلحه ابن عبید اللّه خذله اللّه است مى ‏فرماید: بتحقیق که موجود بودم در حالتى که تهدید کرده نشده ‏ام بجنگ و تخویف کرده نشده ‏ام بزدن، و من ثابت هستم بر چیزى که وعده داده است مرا پروردگار من از نصرت و یارى، و بحقّ خدا تعجیل نکرد طلحه در حالتى که مجدّ و مصرّ بود از براى مطالبه خون عثمان مگر از براى ترس از این که مطالبه کرده شود بخون او، از جهت این که او مورد تهمت آن خون بود، و نبود در میان قوم حریص‏تر بر قتل عثمان از طلحه، پس خواست او که مردم را بغلط افکند بسبب اعانت و جمع آورى او در قتل آن تا این که بپوشد و خلط نماید امر را بر مردمان، و واقع شود شک.

و بحق خدا ننمود طلحه در کار عثمان یکى از سه خصلت را اگر بود پسر عفان ظالم و ستم کار چنانچه طلحه گمان مى‏ برد هر آینه بود سزاوار او را آنکه حمایت بکند قاتلین آن را، یا دشمنى آشکارا نماید با ناصرین آن، و اگر بود مظلوم و ستم رسیده هر آینه بود سزاوار از براى او آنکه باشد از باز دارندگان مردم از کشتن او و از عذر آورند کان در حق او، و اگر بود در شک از این دو خصلت یعنی در ظالمیّت و مظلومیّت عثمان هر آینه بود سزاوار مر او را آنکه اعتزال ورزد و بایستد در کنار و بگذارد مردمان را با عثمان بحال خودشان، پس نکرد هیچ یک از این سه کار را و آورد کارى را که شناخته نشد در آن و بسلامت نماند عذر خواهى‏ هاى او.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۳۵

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۲ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۳ صبحی صالح

۱۷۳- و من خطبه له ( علیه ‏السلام  ) فی رسول اللّه، ( صلى ‏الله‏ علیه‏ وسلم  )، و من هو جدیر بأن یکون للخلافه و فی هوان الدنیا

رسول الله‏

أَمِینُ وَحْیِهِ وَ خَاتَمُ رُسُلِهِ وَ بَشِیرُ رَحْمَتِهِ وَ نَذِیرُ نِقْمَتِهِ

الجدیر بالخلافه

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَیْهِ وَ أَعْلَمُهُمْ‏ بِأَمْرِ اللَّهِ فِیهِ

فَإِنْ شَغَبَ شَاغِبٌ اسْتُعْتِبَ فَإِنْ أَبَى قُوتِلَ

وَ لَعَمْرِی لَئِنْ کَانَتِ الْإِمَامَهُ لَا تَنْعَقِدُ حَتَّى یَحْضُرَهَا عَامَّهُ النَّاسِ فَمَا إِلَى ذَلِکَ سَبِیلٌ

وَ لَکِنْ أَهْلُهَا یَحْکُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا

ثُمَّ لَیْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ یَرْجِعَ وَ لَا لِلْغَائِبِ أَنْ یَخْتَارَ أَلَا وَ إِنِّی أُقَاتِلُ رَجُلَیْنِ رَجُلًا ادَّعَى مَا لَیْسَ لَهُ وَ آخَرَ مَنَعَ الَّذِی عَلَیْهِ

أُوصِیکُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا خَیْرُ مَا تَوَاصَى الْعِبَادُ بِهِ وَ خَیْرُ عَوَاقِبِ الْأُمُورِ عِنْدَ اللَّهِ

وَ قَدْ فُتِحَ بَابُ الْحَرْبِ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَ أَهْلِ الْقِبْلَهِ

وَ لَا یَحْمِلُ هَذَا الْعَلَمَ إِلَّا أَهْلُ الْبَصَرِ وَ الصَّبْرِ وَ الْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ الْحَقِّ

فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَ قِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ

وَ لَا تَعْجَلُوا فِی أَمْرٍ حَتَّى تَتَبَیَّنُوا فَإِنَّ لَنَا مَعَ کُلِّ أَمْرٍ تُنْکِرُونَهُ غِیَراً

هوان الدنیا

أَلَا وَ إِنَّ هَذِهِ الدُّنْیَا الَّتِی أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَ تَرْغَبُونَ فِیهَا

وَ أَصْبَحَتْ تُغْضِبُکُمْ وَ تُرْضِیکُمْ

لَیْسَتْ بِدَارِکُمْ وَ لَا مَنْزِلِکُمُ الَّذِی خُلِقْتُمْ لَهُ وَ لَا الَّذِی دُعِیتُمْ إِلَیْهِ

أَلَا وَ إِنَّهَا لَیْسَتْ بِبَاقِیَهٍ لَکُمْ وَ لَا تَبْقَوْنَ عَلَیْهَا

وَ هِیَ وَ إِنْ غَرَّتْکُمْ مِنْهَا فَقَدْ حَذَّرَتْکُمْ شَرَّهَا

فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِیرِهَا وَ أَطْمَاعَهَا لِتَخْوِیفِهَا

وَ سَابِقُوا فِیهَا إِلَى الدَّارِ الَّتِی دُعِیتُمْ إِلَیْهَا

وَ انْصَرِفُوا بِقُلُوبِکُمْ عَنْهَا

وَ لَا یَخِنَّنَّ أَحَدُکُمْ خَنِینَ الْأَمَهِ عَلَى مَا زُوِیَ عَنْهُ مِنْهَا

وَ اسْتَتِمُّوا نِعْمَهَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَهِ اللَّهِ‏

وَ الْمُحَافَظَهِ عَلَى مَا اسْتَحْفَظَکُمْ مِنْ کِتَابِهِ

أَلَا وَ إِنَّهُ لَا یَضُرُّکُمْ تَضْیِیعُ شَیْ‏ءٍ مِنْ دُنْیَاکُمْ بَعْدَ حِفْظِکُمْ قَائِمَهَ دِینِکُمْ

أَلَا وَ إِنَّهُ لَا یَنْفَعُکُمْ بَعْدَ تَضْیِیعِ دِینِکُمْ شَیْ‏ءٌ حَافَظْتُمْ عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِ دُنْیَاکُمْ

أَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِنَا وَ قُلُوبِکُمْ إِلَى الْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاکُمُ الصَّبْرَ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام و هى المأه و الثانیه و السبعون من المختار فی باب الخطب

أمین وحیه، و خاتم رسله، و بشیر رحمته، و نذیر نقمته، أیّها النّاس إنّ أحقّ النّاس بهذا الأمر أقوایهم علیه و أعلمهم بأمر اللّه فیه فإن شغب شاغب أستعتب و إن أبى قوتل و لعمری لئن کانت الإمامه لا تنعقد حتّى تحضرها عامّه النّاس ما إلى ذلک سبیل و لکن أهلها یحکمون على من غاب عنها ثمّ لیس للشاهد أن یرجع و لا للغائب أن یختار. ألا و إنّی أقاتل رجلین: رجلا ادّعى ما لیس له و آخر منع الّذی علیه. أوصیکم عباد اللّه بتقوى اللّه فإنّها خیر ما تواصى العباد به، و خیر عواقب الأمور عند اللّه، و قد فتح باب الحرب بینکم و بین أهل القبله و لا یحمل هذا العلم إلّا أهل البصر و الصّبر، و العلم بمواقع الحقّ، فامضوا لما تؤمرون به، و قفوا عند ما تنهون عنه، و لا تعجلوا فی أمر حتّى تتبیّنوا فإنّ لنا مع کلّ أمر تنکرونه غیرا. ألا و إنّ هذه الدّنیا الّتی أصبحتم تتمنّونها و ترغبون فیها و أصبحت تغضبکم و ترضیکم، لیست بدارکم و لا منزلکم الّذی خلقتم له، و لاالّذی دعیتم إلیه، ألا و إنّها لیست بباقیه لکم، و لا تبقون علیها، و هی و إن غرّتکم منها فقد حذّرتکم شرّها. فدعوا غرورها لتحذیرها، و إطماعها لتخویفها، و سابقوا فیها إلى الدّار الّتی دعیتم إلیها، و انصرفوا بقلوبکم عنها و لا یحنّن أحدکم حنین الأمه على ما زوی عنه منها، و استتمّوا نعمه اللّه علیکم بالصّبر على طاعه اللّه، و المحافظه على ما استحفظکم من کتابه. ألا و إنّه لا یضرّکم شی‏ء من دنیاکم بعد حفظکم قائمه دینکم. ألا و إنّه لا ینفعکم بعد تضییع دینکم شی‏ء حافظتم علیه من أمر دنیاکم. أخذ اللّه بقلوبنا و قلوبکم إلى الحقّ، و ألهمنا و إیّاکم الصّبر.

اللغه

(خاتم رسله) بفتح التاء و کسرها و (أطمعه) إطماعا أوقعه فی الطمع و (حنّ) یحنّ حنینا استطرب و الحنین الشّوق و شدّه البکاء و الطرب أو صوت الطرب عن حزن أو فرح، و فی بعض النسخ بالخاء المعجمه قال فی القاموس و الحنین کالبکاء أو الضحک فی الأنف و قد خنّ یخنّ، و قال علم الهدى فی کتاب الغرر و الدّرر فی قول ابن أراکه الثقفی:

فقلت لعبد اللّه إذ حنّ باکیا
تعزّ و ماء العین منهمر یجرى‏

تبین فان کان البکاء ردّ هالکا
على أحد فاجهد بکاک على عمرو

قوله: حنّ باکیا رفع صوته بالبکاء و قال: قال قوم الخنین بالخاء المعجمه من الأنف و الحنین من الصّدر، و هو صوت یخرج من کلّ واحد منهما و (زوى) الشی‏ء زیّا و زویّا جمعه و قبضه.

الاعراب

الضمیر فی قوله زوى عنه راجع إلى أحدکم و فی بعض النسخ بدله عنها فیرجع إلى الامّه و الأوّل أظهر، و إضافه قائمه إلى دینکم لامیّه و تحتمل أن تکون بیانیّه کما نشیر الیه فی شرح معناه.

المعنى

اعلم أنّ مدار هذه الخطبه الشریفه على فصول:
الفصل الاول فی نبذ من ممادح الرّسول صلّى اللّه علیه و آله و سلّم
و هو (أمین وحیه) أى مأمون على ما اوحى إلیه من الکتاب الکریم و شرایع الدّین القویم من التحریف و التبدیل فیما امر بتبلیغه لمکان العصمه الموجوده فیه صلوات اللّه و سلامه علیه و آله (و خاتم رسله) أى آخرهم لیس بعده رسول کما قال سبحانه: ما کانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِکُمْ وَ لکِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ قال فی الصّافی: آخرهم الذی ختمهم أو ختموا به على اختلاف القرائتین.

و فی مجمع البحرین: و محمّد خاتم النّبیّین یجوز فیه فتح التاء و کسرها فالفتح بمعنى الزینه مأخوذ من الخاتم الذی هو زینه للابسه و بالکسر اسم فاعل بمعنى الاخر (و بشیر رحمته و نذیر نقمته) أى مبشّر برحمته الواسعه، و الثواب الجزیل و مخوّف من عقوبته الدّائمه و العذاب الوبیل کما قال عزّ من قائل: إِنَّا أَرْسَلْناکَ بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً.

الفصل الثانی فی الاشاره إلى بعض وظایف الخلافهو هو قوله علیه السّلام (أیّهاالنّاس إنّ أحقّ النّاس بهذا الأمر) أى أمر الخلافه و الامامه (أقواهم علیه) أى أکملهم قدره و قوّه على السیاسه المدنیّه و على کیفیّه تدبیر الحرب (و أعلمهم بأمر اللّه فیه) أى أکثرهم علما بأحکامه سبحانه فی هذا الأمر و فی بعض النّسخ «و أعملهم بأمر اللّه» بدله هذا و یدلّ على ذلک أعنی کون الأقوى و الأعلم أحقّ بالریاسه من غیره صریحا قوله سبحانه أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى‏ إِذْ قالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِکاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ و قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَکُمْ طالُوتَ مَلِکاً قالُوا أَنَّى یَکُونُ لَهُ الْمُلْکُ عَلَیْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْکِ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْتَ سَعَهً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْکُمْ وَ زادَهُ بَسْطَهً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ یُؤْتِی مُلْکَهُ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ فقد ردّ استبعادهم لتملّکه بفقره بأنّ العمده فی ذلک اصطفاء اللّه و قد اختاره علیکم و هو أعلم بالمصالح و بأنّ الشرط فیه وفور العلم لیتمکّن به من معرفه الامور السیاسیه، و جسامه البدن، لیکون أعظم وقعا فی القلوب و أقوى على مقاومه العدوّ و مکایده الحروب، لا ما ذکرتم.

و کیف کان فقد دلّت هذه الایه الشریفه کقول الامام علیه السّلام على بطلان ملک المفضول و خلافته مضافین إلى قوله تعالى: قُلْ هَلْ مِنْ شُرَکائِکُمْ مَنْ یَهْدِی إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ یَهْدِی لِلْحَقِّ أَ فَمَنْ و قوله: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّیْلِ ساجِداً وَ قائِماً یَحْذَرُ.

فانقدح من ذلک فساد ما توهّمه الشارح المعتزلی من أنّ قوله علیه السّلام لا یدلّ على بطلان امامه المفضول لأنّه علیه السّلام ما قال إنّ امامه غیر الأقوى فاسده و لکنه قال إنّ الأقوى أحقّ و أصحابنا لا ینکرون أنه علیه السّلام أحقّ ممن تقدّمه بالامامه مع قولهم بصحّه امامه المتقدّمین لأنه لا منافاه بین کونه أحقّ و بین صحّه إمامه غیره.

وجه انقداح الفساد أنّ أحقّیته و إن کانت لا تنافی بحسب الوضع اللّغوی حقیقیّه غیره کما هو مقتضى وضع أفعل التفضیل إلّا أنّ الظاهر عدم إراده الأفضلیّه هنا بل نفس الفضل کما فی قوله: وَ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ حیث یستدلّون به‏على حجب الأقرب للأبعد و کذلک فی قوله أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ و إلّا لما استحقّ متبعو غیر الأحقّ بالتوبیخ و الملام المستفاد من ظاهر الاستفهام، مضافا إلى تشدید التقریع بقوله عقیب الایه فَما لَکُمْ کَیْفَ تَحْکُمُونَ.

فان قلت: حمل أفعل على غیر معناه اللّغوی مجاز لا یصار إلیه إلّا بقرینه تدلّ علیه فما القرینه علیه قلت: القراین المنفصله من العقل و النقل فوق حدّ الاحصاء و أمّا القرینه المتّصله فهی قوله: (فان شغب شاغب) أی أثار الشرّ و الفساد (استعتب) و طلب عتباه و رجوعه إلى الحقّ (فان أبى قوتل) فانّ جواز قتال الابی و قتله لیس إلّا لعدم جواز عدوله عن الأحقّ إلى غیره فیعلم منه أنّ غیره غیر حقیق للقیام بالأمر کما لا یخفى، فافهم و تدبّر هذا.

و لما کان معاویه و أهل الشّام و أکثر من عدل عنه علیه السّلام و نکث عن بیعته قادحین فی خلافته طاعنین فی امامته بأنّه لم یکن عقد بیعته برضا العامّه و حضورها أشار إلى بطلان زعمهم و فساده بقوله: (و لعمری لئن کانت الامامه لا تنعقد حتّى تحضرها عامّه النّاس) کما یزعمه هؤلاء و یحتجّون به علىّ (ما) کان (إلى ذلک سبیل) لتعذّر اجتماع المسلمین على کثرتهم و انتشارهم فی مشارق الأرض و مغاربها (و لکن أهلها) أى أهل الامامه أو البیعه الحاضرون من أهل الحلّ و العقد یعقدون البیعه و (یحکمون على من غاب عنها ثمّ لیس للشاهد أن یرجع) عن بیعته کما رجع زبیر و طلحه (و لا للغائب) کمعاویه و أتباعه (أن یختار) أى یکون لهم اختیار بین التسلیم و الامتناع.

قال الشّارح المعتزلی و هذا الکلام أعنى قوله علیه السّلام و لعمرى إلى آخره تصریح بمذهب أصحابنا من أنّ الاختیار طریق إلى الامامه و مبطل لما یقوله الامامیه من دعوى النّص علیه و من قولهم لا طریق الى الامامه سوی النصّ أو المعجز انتهى.
و فیه نظر أمّا أوّلا فلأنّه علیه السّلام إنّما احتجّ علیهم بالاجماع إلزاما لهم لاتّفاقهم على العمل به فی خلافه أبی بکر و أخویه و عدم تمسّکه علیه السّلام بالنصّ لعلمه بعدم «ج ۱۰»

التفاتهم إلیه کیف و قد أعرضوا عنه فی أوّل الأمر مع قرب العهد بالرسول صلّى اللّه علیه و آله و سماعهم منه علیه السّلام و أمّا ثانیا فلأنّه علیه السّلام لم یتعرّض للنصّ نفیا و لا إثباتا فکیف یکون مبطلا لما ادّعاه الامامیّه من النصّ.
و العجب أنّه جعل هذا تصریحا بکون الاختیار طریقا إلى الامامه و نفى الدلاله فی قوله علیه السّلام: إنّ أحقّ النّاس بهذا الأمر اه، على نفى إمامه المفضول مع أنّه لم یصرّح بأنّ الامامه تنعقد بالاختیار بل قال لا یشترط فی انعقاد الامامه حضور العامه و لا ریب فی ذلک نعم یدلّ بمفهومه على ذلک و هذا تقیّه منه علیه السّلام.

و لا یخفى على من تتبّع سیره أنّه لم یکن یمکنه إنکار خلافتهم و القدح فیها صریحا فی المحافل فلذا عبّر بکلام موهم لذلک و قوله علیه السّلام: و أهلها یحکمون و إن کان موهما له أیضا لکن یمکن أن یکون المراد بالأهل الأحقّاء بالامامه و یکون الضمیر فیه راجعا إلیهم.

و لا یخفى أنّ ما مهدّه علیه السّلام أولا بقوله: إنّ أحقّ النّاس أقواهم یشعر بأنّ عدم صحّه رجوع الشاهد و اختیار الغایب إنّما هو فی صوره الاتفاق على الأحقّ دون غیره فتأمل.

ثمّ ذکر من یسوغ له علیه السّلام قتاله فقال: (ألا و إنّی اقاتل رجلین رجلا ادّعى ما لیس له و آخر منع الّذی علیه) یحتمل أن یکون الأوّل إشاره إلى أصحاب الجمل و الثانی إلى معاویه و أتباعه و یحتمل العکس.
فعلى الأوّل فالمراد من ادّعائهم ما لیس لهم الخلافه أو المطالبه بدم عثمان فانه لم یکن لهم ذلک و إنما کان ذلک حقّا لوارثه و من منعهم بما وجب علیهم هو البیعه و بذل الطاعه.

و على الثانی فالمراد من ما لیس له أیضا الخلافه أو دعوى الولایه لدم عثمان و المطالبه به و من منع ما وجب علیه هو المضیّ على البیعه و الاستمرار علیه أو سایر الحقوق الواجبه علیهم.

الفصل الثالث فی الوصیّه بما لا یزال یوصى به و الاشاره إلى أحکام البغاهإجمالا و هو قوله علیه السّلام (اوصیکم عباد اللّه بتقوى اللّه) الّتی هی الزاد و بها المعاد (فانّها خیر ما تواصى العباد به و خیر عواقب الامور عند اللّه) یعنی أنّها خیر أواخر الامور لکونها خیر ما ختم به العمل فی دار الدّنیا أو أنّ عاقبتها خیر العواقب (و قد فتح باب الحرب بینکم و بین أهل القبله) أى الاخذین بظاهر الاسلام (و لا یحمل هذا العلم) أى العلم بوجوب قتال أهل القبله و بشرایطه و فی بعض النّسخ هذا العلم محرّکه فیکون إشاره إلى حرب أهل القبله و القیام به أى لا یحمل علم الحرب و لا یحارب (إلّا أهل البصر و الصبر) أى أهل البصیره و العقل و أهل الصّبر و التحمّل على المکاره (و العلم بمواقع الحقّ) و ذلک لأنّ المسلمین کانوا یستعظمون حرب أهل القبله و من أقدم منهم علیه أقدم على خوف و حذر، فقال علیه السّلام إنّ هذا العلم لیس یدرکه کلّ أحد و إنّما له قوم مخصّصون.

قال الشّافعی: لولا علیّ علیه السّلام لما علم شی‏ء من أحکام أهل البغى و هو کما قال (فامضوا لما تؤمرون به و قفوا عند ما تنهون عنه و لا تعجلوا فی أمر) و لا تسرعوا فی إنکاره و ردّه إذا استبعدتموه بأوهامکم (حتّى تتبیّنوا) و تثبّتوا و تسألوا عن فایدته و علّته (فانّ لنا مع کلّ أمر تنکرونه) و تستبعدونه (غیرا).
قال الشّارح المعتزلی أى لست کعثمان اصرّ على ارتکاب ما أنهى عنه بل أغیر کلّ ما ینکره المسلمون و یقتضى الحال و الشرع تغییره.

و قال الشارح البحرانى: أى إنّ لنا مع کلّ أمر تنکرونه قوّه على التغییر إن لم یکن فی ذلک الأمر مصلحه فی نفس الأمر فلا تسرعوا إلى إنکار أمر لفعله حتى تسألوا عن فائدته فانه یمکن أن یکون انکارکم لعدم علمکم بوجهه.
قال العلّامه المجلسیّ «ره» و یمکن أن یکون المعنى أنّ لنا مع کلّ أمر تنکرونه تغییرا أى ما یغیّر إنکارکم، و یمنعکم عنه من البراهین السّاطعه أو الأعم منها و من السّیوف القاطعه إن لم ینفعکم البراهین.

أقول: و ذلک مثل ما وقع منه فی أمر الخوارج فانّهم لمّا نقموا علیه ما نقموا روّعهم عن الانکار علیه بالبیانات الشافیه و الحجج الوافیه حتّى ارتدع منهم ثمانیهآلاف و کانوا اثنى عشر ألفا و لمّا أصرّ الباقون و هم أربعه آلاف على اللّجاج، و لم ینفعهم الاحتجاج، قطع دابرهم بسیف یفلق الهام، و یطیح السواعد و الأقدام.

تذر الجماجم ضاحیا هاماتها بله الأکفّ. کأنّها لم تخلق‏حسب ما عرفته تفصیلا فى شرح الخطبه السادسه و الثلاثین و غیرها.

ثمّ أخذ فی التنفیر عن الدّنیا و التّزهید فیها بقوله (ألا و إنّ هذه الدّنیا) الاتیان باسم الاشاره للتحقیر کما فی قوله تعالى: أَ هذَا الَّذِی یَذْکُرُ آلِهَتَکُمْ، و فی الاتیان بالموصول أعنی قوله: (الّتی أصبحتم تتمنّونها و ترغبون فیها و أصبحت تغضبکم و ترضیکم) تنبیه على خطاء المخاطبین، و توبیخ لهم بأنّهم یرغبون فی شی‏ء یخلصون المحبّه له و هو لا یراعی حقّهم بل یغضبهم تاره، و یرضیهم اخرى و نظیر هذا الموصول المسوق للتنبیه على الخطاء ما فی قوله:
إنّ الّذین ترونهم إخوانکم یشفى غلیل صدورهم أن تصرعوا یعنی أنّ هذه الدّنیا مع تمنّیکم لها و فرط رغبتکم فیها و مع عدم إخلاصها المحبّه لکم (لیست بدارکم) الّتی یحقّ أن تسکنوا فیها (و لا منزلکم الذی خلقتم له) و للاقامه فیه (و لا الّذی دعیتم إلیه) و إلى التوطن فیه (ألا و إنّها لیست بباقیه لکم و لا تبقون علیها) و إلى هذا ینظر قوله علیه السّلام:

أرى الدّنیا ستؤذن بانطلاق
مشمّره على قدم و ساق‏

فلا الدّنیا بباقیه لحیّ‏
و لا حىّ على الدّنیا بباق‏

یعنی أنّها دار فناء لا تدوم لأحد و لا یدوم أحد فیها (و هى و إن غرّتکم منها) بما زینتکم من زخارفها و إغفالکم عن فنائها (فقد حذّرتکم شرّها) بما أرتکم من آفاتها و فنائها و ما ابتلیتم فیها من فراق الأحبّه و الأولاد و نحوها (فدعوا غرورها) الیسیر (لتحذیرها) الکثیر (و أطماعها) الکاذب (لتخویفها) الصّادق.

(و سابقوا فیها) بالخیرات و الأعمال الصّالحات (إلى الدّار الّتی دعیتم إلیها) و هی الجنّه الّتی عرضها الأرض و السّماوات (و انصرفوا بقلوبکم عنها) إلى ما لم یخطر على قلب بشر ممّا تشتهیه الأنفس و تلذّ الأعین و جمیع الامنیّات (و لا یحنن أحدکم حنین الأمه على ما زوی) و صرف (عنه منها) و هو نهى عن الأسف على الدّنیاو الحزن و البکاء على ما فاته منها، و قبض عنه من قیناتها و زخارفها.

و التشبیه بحنین الأمه لأنّ الاماء کثیرا ما یضربن و یبکین و یسمع الحنین منهنّ و الحرائر یأنفن من البکاء و الحنین (و استتمّوا نعمه اللّه علیکم بالصّبر على طاعه اللّه) أى بالصبر و التحمّل على مشاقّ العبادات أو بالصبر على المصائب و البلایا طاعه له سبحانه، و على أىّ حال فهو من الشکر الموجب للمزید (و) به یطلب تمام النعمه فی الدنیا و الاخره کما قال عز من قائل: «إِنَّما یُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ» کما یطلب تمامها ب (المحافظه على ما استحفظکم من کتابه) أى بالمواظبه على ما طلب منکم حفظه و المواظبه علیه من التکالیف الشرعیّه الوارده فی کتابه العزیز لأنّ المواظبه على التکالیف و الطاعات سبب عظیم لافاضه النعماء و الخیرات.

و أکّد الأمر بالمحافظه بقوله (ألا و إنّه لا یضرّکم تضییع شی‏ء من دنیاکم بعد حفظکم قائمه دینکم) لعلّ المراد بقائمه الدّین اصوله و ما یقرب منها و على کون الاضافه بیانیّه فالمراد بقائمته نفس الدّین إذ به قوام أمر الدّنیا و الاخره.
ثمّ نبّه على عدم المنفعه فی الدّنیا مع فوات الدّین فقال: (ألا و إنّه لا ینفعکم بعد تضییع دینکم شی‏ء حافظتم علیه من أمر دنیاکم) و ذلک واضح لأنّ أمور الدّنیاویّه مع تضییع الدّین لا تنتفع بشی‏ء منها فی الاخره البته.

و ختم الکلام بالدّعاء لنفسه و لهم و قال: (أخذ اللّه بقلوبنا و قلوبکم إلى الحقّ) و هدانا إلى سلوک سبیله (و ألهمنا و إیّاکم الصبر) على مصیبته و طاعته و معصیته لأنّ من صبر عند المصیبه حتى یردّها بحسن عزائها کتب اللّه له ثلاثمأه درجه ما بین الدّرجه الى الدّرجه کما بین السماء و الأرض، و من صبر على الطاعه کتب اللّه له ستمائه درجه ما بین الدّرجه الى الدّرجه کما بین تخوم الأرض إلى العرش، و من صبر عن المعصیه کتب اللّه له تسعمائه درجه ما بین الدّرجه إلى الدّرجه کما بین تخوم الأرض إلى منتهى العرش.

رواه فی الوسائل من الکافی عن أمیر المؤمنین علیه السّلام عن النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و قد تقدّم روایته مع أخبار اخر فی فضل الصبر فی شرح الخطبه الخامسه و السّبعین و وعدنا هناک إشباع الکلام فیه أى فی الصبر و فضله و أقسامه فها نحن الان نفی بما وعدناک بتوفیق من اللّه سبحانه و من منّه.

فاقول: إنّ الصبر على ما عرفت فیما تقدّم عباره عن ملکه راسخه فی النفس یقتدر معها على تحمّل المکاره و قد أکثر اللّه سبحانه من مدحه فی کتابه العزیز، و بشّر الصّابرین و ذکّرهم فی آیات تنیف على سبعین قال سبحانه: إِنَّما یُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ، و قال: وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَهٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ، و قال: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّهً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا، و قال: وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّهً وَ حَرِیراً، إلى غیر هذه مما لا نطیل بذکرها.

و أما الأخبار فی فضله و فضل الصّابرین فهى فوق حدّ الاحصاء منها ما فی الکافی عن العلاء بن الفضیل عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: الصّبر من الایمان بمنزله الرأس من الجسد فاذا ذهب الرأس ذهب الجسد کذلک إذا ذهب الصّبر ذهب الایمان.

و عن أبی بصیر قال: سمعت أبا عبد اللّه علیه السّلام یقول إنّ الحرّ حرّ على جمیع أحواله إن نابته نائبه صبر لها و إن تداکّت علیه المصائب لم یکسره و إن اسر و قهر و استبدل بالیسر عسرا کما کان یوسف الصدیق الأمین علیه السّلام لم یضرره حریّته أن استعبد و قهر و اسر و لم یضرره ظلمه الجبّ و وحشته و ما ناله أن منّ اللّه جلّ و عزّ علیه فجعل الجبّار العاتی له عبدا بعد إذ کان مالکا فأرسله و رحم به اللّه و کذلک الصّبر یعقّب خیرا فاصبروا و وطّنوا أنفسکم على الصّبر توجروا.

و عن حمزه بن حمران عن أبی جعفر علیه السّلام قال: الجنّه محفوفه بالمکاره و الصّبر، فمن صبر على المکاره فی الدّنیا دخل الجنّه، و جهنّم محفوفه باللّذات و الشهوات فمن أعطى نفسه لذّتها و شهوتها دخل النّار.
و عن سماعه بن مهران عن أبی الحسن علیه السّلام قال: قال لی: ما حبسک عن الحجّ قال: قلت: جعلت فداک وقع علىّ دین کثیر و ذهب مالی، و دینی الّذى قد لزمنی هو أعظم من ذهاب مالى فلولا أنّ رجلا من أصحابی أخرجنی ما قدرت أن أخرج فقال علیه السّلام: إن تصبر تغتبط و إلّا تصبر ینفذ اللّه مقادیرها راضیا کنت أم کارها.

و عن أبی حمزه الثمالی قال: قال لی أبو عبد اللّه علیه السّلام من ابتلى من المؤمنین ببلاء فصبر علیه کان له مثل أجر ألف شهید.
و عن محمّد بن عجلان قال: کنت عند أبی عبد اللّه علیه السّلام فشکى إلیه رجل الحاجه

فقال: اصبر فانّ اللّه سیجعل لک فرجا قال: ثمّ سکت ساعه ثمّ أقبل على الرجل فقال: أخبرنی عن سجن الکوفه کیف هو فقال: أصلحک اللّه ضیّق منتن و أهله بأسوء حال، قال علیه السّلام: فانّما أنت فی السجن فترید أن تکون فیه فی سعه أما علمت أنّ الدّنیا سجن المؤمن، إلى غیر هذه ممّا لا نطیل بذکرها.

فان قلت: ما معنى قوله فی الحدیث الأوّل الصّبر من الایمان بمنزله الرّأس من الجسد قلت: لما کان قوام الجسد و تمامه و کماله إنّما هو بالرأس و به یتمّ تصرّفاته و یتمکّن من الاثار المترتّبه علیه لا جرم شبّه علیه السّلام الصّبر بالرّأس و الایمان بالجسد لأنّ کمال الایمان و تمامه إنما هو به، أمّا على القول بأنّ الایمان عباره عن مجموع العقائد الحقّه و الأعمال فواضح، و أمّا على القول بأنّ العمل لیس جزء منه بل هو شرط الکمال فلأنّ الجسد إنّما یکمل بالرأس کما أنه یوجد بوجوه، فوجه الشّبه هو وصف الکمال فقط و لا یجب فی تشبیه شی‏ء بشی‏ء وجود جمیع أوصاف المشبّه به فی المشبّه.

و لکنّ الظاهر من قوله: کذلک إذا ذهب الصبر ذهب الایمان هو کون العمل هو جزء من الایمان المستلزم ذهابه لذهابه الّا أن یراد منه الایمان بالکمال و قد تقدّم تحقیق الکلام فیه فیما سبق.
و مما ذکرنا أیضا ظهر وجه ما روى عن النبیّ صلّى اللّه علیه و آله من أنّ الصبر نصف الایمان و ذلک لأنّ الایمان إذا کان عباره عن مجموع المعارف الیقینیّه الحقّه و عن العمل بمقتضى تلک المعارف، فیکون حینئذ مرکبا منهما، و معلوم أنّ العمل أعنى المواظبه على الطاعات و الکفّ عن المعاصی لا یحصل إلّا بالصبر على مشاقّ الطاعه للیقین بکونها نافعه، و ترک لذائذ المعصیه للیقین بکونها ضارّه فعلى هذا الاعتبار یصحّ کونه نصف الایمان.

و ذکر الغزالی له وجها آخر محصّله أن یجعل المراد من الایمان الأحوال المشمئزه للأعمال و جمیع ما یلاقی العبد ینقسم إلى ما ینفعه فی الدّنیا و الاخره أو یضرّه فیهما، و له بالاضافه إلى ما یضرّه حال الصبر، و بالاضافه إلى ما ینفعه حال الشکر، فیکون الصبر أحد شطرى الایمان کما أنّ الشکر شطره الاخر و لذلک‏ روى عن النبیّ صلّى اللّه علیه و آله مرفوعا الایمان نصفان: نصف صبر، و نصف شکر.

ثم ان الصبر تختلف أسامیه باختلاف موارده و بالاضافه إلى ما یصبر عنه من مشتهیات الطبع و مقتضیات الهوى، و ما یصبر علیه مما ینفرّ عنه الطبع من المکاره و الاذی.
فان کان صبرا عن شهوه الفرج و البطن، سمّی عفه، و إن کان فی مصیبه اقتصر على اسم الصّبر و تضادّه حاله تسمى الجزع، و إن کان فی احتمال الغنى سمّى ضبط النفس و یضادّه البطر، و إن کان فی حرب و مقاتله سمّى شجاعه و یضادّه الجبن و إن کان فی کظم الغیظ و الغضب سمّى حلما و یضادّه التذمّر و السفه و إن کان فی نائبه من نوائب الزّمان سمّى سعه الصّدر و یضادّه الضجر و ضیق الصّدر، و إن کان فی إخفاء کلام سمّى کتمان السرّ و إن کان عن فضول العیش سمّى زهدا، و یضادّه الحرص و إن کان على قدر یسیر من الحظوظ سمّى قناعه و یضادّه الشّره.
و بالجمله فأکثر مکارم الایمان داخل فی الصّبر و لأجل ذلک لمّا سئل النبیّ صلّى اللّه علیه و آله مرّه عن الایمان فقال: هو الصّبر لأنه اکثر أعماله و أعزّها هذا.

و أما أقسامه فقد فصّلها أبو حامد الغزالی فی کتاب احیاء العلوم و ملخّصها أنّ جمیع ما یلقى العبد فی هذه الحیاه لا یخلو من نوعین أحدهما هو الّذی یوافق هواه و الاخر هو الّذی یخالفه، و هو محتاج إلى الصبر فی کلّ منهما فهو إذا لا یستغنى قطّ عن الصّبر.

النوع الاول ما یوافق الهوى و هو الصّحه و السلامه و المال و الجاه و کثره العشیره و اتساع الاسباب و کثره الأتباع و الأنصار و جمیع ملاذّ الدّنیا و ما أحوج العبد إلى الصبر على هذه الامور فانه إن لم یضبط نفسه عن الرّکون إلیها و الانهماک فی ملاذّها المباحه أخرجه ذلک إلى البطر و الطغیان، فانّ الانسان لیطغى أن رآه استغنى.

النوع الثانی ما لا یوافق الهوى و هو على ثلاثه أقسام لأنه إمّا أن یرتبط باختیار العبد کالطاعات و المعاصی، و إمّا أن لا یرتبط باختیاره کالالام و المصائب و إمّا أن لا یرتبط باختیاره و لکن له اختیار فی إزالته کالتشفّى من المؤذی بالانتقام منه.

أما القسم الاول و هو ما یرتبط باختیار العبد فعلى ضربین.
الضرب الأول الطاعات و العبد یحتاج إلى الصبر علیها، و التحمّل عن مشاقّهالأنّ النفس بالطبع تنفرّ عن العبودیّه و تشتهى الرّبوبیّه، و لذلک قال بعض العارفین ما من نفس إلّا و هى مضمره ما أظهره فرعون من قوله أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلى‏ و لکن فرعون وجد له مجالا و قبولا من قومه، فأظهره و أطاعوه و ما من أحد إلّا و یدعى ذلک مع عبده و خادمه و أتباعه و کلّ من هو تحت قهره و طاعته و إن کان ممتنعا من إظهاره.

ثمّ نفره النّفس عن العباده إمّا بسبب الکسل کالصّلاه و إمّا بسبب البخل کالزکاه أو بسببهما کالحجّ و الجهاد و العبد محتاج إلى الصّبر فی جمیعها.
الضرب الثانی المعاصی و ترکها و الکفّ عنها أصعب عن النفس لرغبتها بالطبع إلیها فیحتاج إلى الصبر عنها و أشدّ أنواع الصبر عن المعاصی الصبر على المعاصی المألوفه المعتاده کحصائد الألسنه من الکذب و الغیبه و البهتان و نحوها فمن لم یتمکن من الصّبر عنها فیجب علیه العزله و الانفراد لأنّ الصّبر على الانفراد أهون من الصّبر على السکوت مع المخالطه، و تختلف شدّه الصّبر فی آحاد المعاصی باختلاف دواعی المعصیه قوّه و ضعفا.

و أما القسم الثانی و هو ما لا یرتبط باختیار العبد أصلا فکالمصائب و البلایا و الالام و الأسقام من فقد الأحبّه و موت الأعزّه و ذهاب المال و تبدّل الصحّه بالمرض و الغنى بالفقر، و البصر بالعمى، و غیرها و الصّبر على هذه هو الذی بشّر الموصوفون به فی الایه الکریمه بقوله سبحانه: وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَیْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ، الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَهٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ و أوحى سبحانه إلى داود علیه السّلام یا داود: ترید و ارید و إنّما یکون ما ارید فان سلّمت لما ارید کفیتک ما ترید و إن لم تسلم لما ارید أتعبتک فیما ترید ثمّ لا یکون إلّا ما ارید.

و أما القسم الثالث و هو ما لا یرتبط هجومه باختیاره و له اختیار فی دفعه کما لو اوذى بفعل أو قول و جنى علیه فی نفسه أو ماله أو نحو ذلک فالصّبر على ذلک بترک المکافاه، و الانتقام تاره یکون واجبا و تاره یکون مندوبا قال تعالى: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَیْرٌ لِلصَّابِرِینَ.

و عن الانجیل قال عیسى بن مریم علیه السّلام: لقد قیل لکم من قبل إنّ السنّ‏ بالسنّ و الأنف بالأنف و أنا أقول لکم لا تقاوموا الشرّ بالشرّ بل من ضرب خدّک الأیمن فحوّل إلیه الخدّ الأیسر و من أخذ رداءک فأعطه إزارک و من سخّرک لتسیر معه میلا فسر معه میلین، و کلّ ذلک أمر بالصّبر على الأذى.

و فی الکافی عن حفص بن غیاث قال: قال أبو عبد اللّه علیه السّلام یا حفص: إنّ من صبر صبر قلیلا و إنّ من جزع جزع قلیلا. ثمّ قال: علیک بالصّبر فی جمیع امورک فانّ اللّه عزّ و جلّ بعث محمّدا صلّى اللّه علیه و آله فأمره بالصبر و الرفق فقال: «وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما یَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلًا وَ ذَرْنِی وَ الْمُکَذِّبِینَ أُولِی النَّعْمَهِ» و قال تبارک و تعالى: وَ لا تَسْتَوِی الْحَسَنَهُ وَ لَا السَّیِّئَهُ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِی بَیْنَکَ وَ بَیْنَهُ عَداوَهٌ کَأَنَّهُ وَلِیٌّ حَمِیمٌ وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا الَّذِینَ صَبَرُوا.

فصبر رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله حتّى نالوه بالعظائم و رموه بها فضاق صدره فأنزل اللّه جلّ و عزّ وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّکَ یَضِیقُ صَدْرُکَ بِما یَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّکَ وَ کُنْ مِنَ السَّاجِدِینَ.
ثمّ کذّبوه و رموه فحزن لذلک صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فأنزل اللّه عزّ و جلّ: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَیَحْزُنُکَ الَّذِی یَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا یُکَذِّبُونَکَ وَ لکِنَّ الظَّالِمِینَ بِآیاتِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ کُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِکَ فَصَبَرُوا عَلى‏ ما کُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فألزم النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم نفسه الصّبر فتعدّوا، فذکروا اللّه عزّ و جلّ و کذبوه فقال: قد صبرت فی نفسی و أهلی و عرضی و لا صبر لی على ذکر إلهی فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّهِ أَیَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى‏ ما یَقُولُونَ فصبر صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فی جمیع أحواله.

ثمّ بشّر فی عترته بالأئمه و وصفوا بالصّبر فقال جلّ ثناؤه «وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّهً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ کانُوا بِآیاتِنا یُوقِنُونَ» فعند ذلک قال النّبیّ صلّى اللّه علیه و آله الصبر من الایمان کالرأس من الجسد، فشکر اللّه عزّ و جلّ له فأنزل اللّه: وَ تَمَّتْ کَلِمَتُ رَبِّکَ الْحُسْنى‏ عَلى‏ بَنِی إِسْرائِیلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما کانَ یَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما کانُوا یَعْرِشُونَ فقال النبیّ صلّى اللّه علیه و آله إنّه بشرى و انتقام.

فأباح اللّه عزّ و جلّ قتال المشرکین فأنزل: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِکِینَ حَیْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ کُلَّ مَرْصَدٍ و اقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ فقتلهم اللّه على یدی رسوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و أحبائه و جعل له ثواب صبره «و عجّل اللّه الثواب خ» مع ما ادّخر له فی الاخره فمن صبر و احتسب لم یخرج من الدّنیا حتّى یقرّ اللّه جلّ و عزّ عینه فی أعدائه مع ما یدّخر له فی الاخره.

اللّهمّ اجعلنا صابرین على بلائک، راضین بقضائک، شاکرین على نعمائک، متمسّکین بالعروه الوثقى و الحبل المتین من ولایه أولیائک محمّد و عترته الطّاهرین صلواتک علیهم أجمعین.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن ولی ربّ العالمین و وصیّ خاتم النبیّین است متضمّن مدایح حضرت رسالت صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و مبیّن بعض وظایف امامت و مشتمل بر فضیلت تقوى و پرهیزکارى و مذمّت بی وفائى دنیاى فانی مى ‏فرماید: پیغمبر خدا صلّى اللّه علیه و آله امین وحى پروردگار است، و ختم کننده پیغمبران حضرت آفریدگار، و مژده دهنده است برحمت او، و ترساننده است از عقوبت آن، اى مردمان بدرستى قابل و لایق مردمان باین أمر خلافت قوى‏ترین ایشان است بر او و داناترین ایشان است بأوامر خدا در آن، پس اگر کسى مهیّج شرّ و فساد بشود طلب مى‏شود رجوع او بسوى حق، و اگر امتناع نماید باید مقاتله بشود.

قسم بزندگانی خودم اگر باشد امامت این که منعقد نباشد تا این که حاضر بشود عموم خلایق نیست بسوى او هیچ طریق، و لیکن أهل امامت حکم میکنند بهر کس که غایب بشود در مجلس بیعت پس از آن نیست حاضر را این که رجوع نماید از بیعتی که نموده و نه غایب را این که صاحب اختیار باشد.
آگاه باشید که بدرستى که من مقاتله میکنم با دو کس یکى آنکه ادّعا نماید چیزى را که حقّ او نیست و دیگرى آنکه منع نماید حقّی را که بر ذمه او است.

وصیّت می کنم من شما را اى بندگان خدا بتقوى و پرهیزکارى خدا پس بدرستى که آن تقوى بهترین چیزیست که وصیت کرده ‏اند بندگان بان، و بهترین عواقب اموراتست نزد خدا، و بتحقیق مفتوح شد باب جنگ در میان شما و در میان أهل قبله، و حامل نمى‏شود این علم بوجوب قتال أهل قبله را مگر أهل بصیرت و صبر، و مگر صاحب علم بمواضع حق پس امضاء بکنید هر چیزى را که مأمور مى‏ شوید بان و توقف نمائید نزد چیزى که نهى کرده مى‏ شوید از آن، و تعجیل نکنید در کارى تا این که درست بفهمید حقیقت آن را پس بدرستى که ما راست با هر چیزى که شما انکار نمائید آن را تغییر و تبدیلی.

آگاه باشید بدرستى که این دنیا که صباح کردید شما در حالتى که آرزو مى‏ کنید آنرا و رغبت مى‏ نمائید در آن، و صباح کرد آن در حالتى که شما را گاهى بغضب مى ‏آورد و گاهى خوشنود مى‏ نماید، نیست آن خانه شما و نه منزل شما که خلق شده ‏اید از براى آن منزل، و نه جائى که خوانده شده ‏اید بسوى آن.

آگاه باشید که آن دنیا باقی نخواهد ماند از براى شما، و نه شما باقی خواهید ماند بر آن، و آن اگر چه مغرور ساخته است شما را از طرف خود، پس بتحقیق که ترساننده است شما را از شرّ خود، پس ترک نمائید فریفتن آنرا از براى ترساندن آن، و طمع آوردن او را از براى تخویف آن، و سبقت نمائید در آن بسوى خانه که دعوت شده‏اید بسوى آن و رجوع نمائید با قلبهاى خودتان از آن دنیا.

و البته باید ناله نکند هیچ یک از شما مثل ناله کردن کنیز به آن چه که بر چیده شده است از او از دنیا، و طلب نمائید تمامیّت نعمت خدا را بر خودتان با صبر کردن بر طاعت خدا و با محافظت کردن بر چیزى که خدا طلب کرده است از شما محافظت آنرا در کتاب عزیز خود.

آگاه باشید بدرستى که ضرر نمى‏ رساند بشما ضایع نمودن چیزى از دنیاى خودتان بعد از این که شما حفظ نموده باشید ستون دین خود را، آگاه باشید که بدرستى که منفعت نمى ‏بخشد بشما بعد از ضایع کردن دین خود چیزى که محافظت‏نمائید بان از أمر دنیاى خود.
فرا گیرد خداى تبارک و تعالى قلبهاى ما و قلبهاى شما را بسوى حق و إلهام فرماید بما و شما صبر و بردبارى را.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۹۶

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۱ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۲ صبحی صالح

۱۷۲- و من خطبه له ( علیه ‏السلام  )

حمد الله‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا تُوَارِی عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً وَ لَا أَرْضٌ أَرْضاً

یوم الشورى‏

منهاوَ قَدْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّکَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ لَحَرِیصٌ

فَقُلْتُ بَلْ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ لَأَحْرَصُ وَ أَبْعَدُ وَ أَنَا أَخَصُّ وَ أَقْرَبُ

وَ إِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِی وَ أَنْتُمْ تَحُولُونَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ وَ تَضْرِبُونَ وَجْهِی دُونَهُ

فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّهِ فِی الْمَلَإِ الْحَاضِرِینَ هَبَّ کَأَنَّهُ بُهِتَ لَا یَدْرِی مَا یُجِیبُنِی بِهِ

الاستنصار على قریش‏

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْتَعْدِیکَ عَلَى قُرَیْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِی وَ صَغَّرُوا عَظِیمَ مَنْزِلَتِیَ وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِی أَمْراً هُوَ لِی

ثُمَّ قَالُوا أَلَا إِنَّ فِی الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِی الْحَقِّ أَنْ تَتْرُکَهُ

منها فی ذکر أصحاب الجمل‏

فَخَرَجُوا یَجُرُّونَ حُرْمَهَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ علیه ‏وآله  )کَمَا تُجَرُّ الْأَمَهُ عِنْدَ شِرَائِهَا مُتَوَجِّهِینَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَهِ

فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِی بُیُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِیسَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى‏ الله‏ علیه ‏وآله  )لَهُمَا وَ لِغَیْرِهِمَا

فِی جَیْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَ قَدْ أَعْطَانِی الطَّاعَهَ وَ سَمَحَ لِی بِالْبَیْعَهِ طَائِعاً غَیْرَ مُکْرَهٍ

فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِی بِهَا وَ خُزَّانِ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ وَ غَیْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَهً صَبْراً وَ طَائِفَهً غَدْراً

فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ یُصِیبُوا مِنَ الْمُسْلِمِینَ إِلَّا رَجُلًا وَاحِداً مُعْتَمِدِینَ لِقَتْلِهِ بِلَا جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِی قَتْلُ ذَلِکَ الْجَیْشِ کُلِّهِ

إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ یُنْکِرُوا وَ لَمْ یَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لَا بِیَدٍ

دَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِینَ مِثْلَ الْعِدَّهِ الَّتِی دَخَلُوا بِهَا عَلَیْهِمْ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام و هى المأه و الحادیه و السّبعون من المختار فى باب الخطب

و الظاهر أنّها ملتقطه من الخطبه الطویله الّتی قدمنا روایتها فی شرح الفصل الثّالث من الخطبه السادسه و العشرین إلّا أنّ صدرها المتضمّن للحمد على اللّه سبحانه لیس فیها.
الحمد للّه الّذی لا تواری عنه سماء سماء، و لا أرض أرضا.

منها: و قد قال لی قائل إنّک یا بن أبی طالب على هذا الأمر لحریص فقلت بل أنتم و اللّه أحرص و أبعد و أنا أخصّ و أقرب و إنّما طلبت حقّا هو لی، و أنتم تحولون بینی و بینه، و تضربون وجهی دونه، فلمّا قرعته بالحجّه فی الملاء الحاضرین هبّ (بهت خ ل) کأنّه لا یدری ما یجیبنی به. اللّهمّ إنّى أستعدیک على قریش و من أعانهم، فإنّهم قطعوا رحمی و صغّروا عظیم منزلتی، و أجمعوا على منازعتی أمرا هو لی، ثمّ قالوا ألا إنّ فی الحقّ أن نأخذه، و فی الحقّ أن تترکه. و منها فی ذکر أصحاب الجمل: فخرجوا یجرّون حرمه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله کما تجرّ الأمه عند شرائها متوجّهین بها إلى البصره فحبسا نسائهما فی بیوتهما و أبرزا حبیس رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله لهما و لغیرهما فی جیش ما منهم رجل إلّا و قد أعطانی الطّاعه و سمح لی بالبیعه طائعا غیر مکره فقدموا على عاملی بها، و خزّان بیت مال المسلمین و غیرهم من أهلها و قتلوا طائفه صبرا و طائفه غدرا فو اللّه لو لم یصیبوا من المسلمین إلّا رجلا واحدا معتمدین لقتله بلا جرم جرّه، لحلّ لی قتل ذلک الجیش کلّه إذ حضروه فلم ینکروا و لم یدفعوا بلسان و لا ید،دع ما أنّهم قد قتلوا من المسلمین مثل العدّه الّتی دخلوا بها علیهم.

اللغه

(الملاء) وزان جبل وجوه النّاس و أشرافهم الّذین یرجع إلیهم لامتلائهم بالرأى و التدبیر و (هبّ) من النوم انتبه و تنبّه و (سمح) الرّجل من باب منع سماحا و سماحه جاد و کرم.

الاعراب

فی نسخه الشّارح المعتزلی: فو اللّه أن لو لم یصیبوا. قال الشّارح فأن زایده و یجوز أن یکون مخفّفه من الثّقیله، و جمله لحلّ لی جواب للقسم استغنى به عن جواب الشرط لقیامه مقامه کما فی قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَمَثُوبَهٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَیْرٌ و قولک و اللّه لو جئتنی لجئتک، فاللّام جواب القسم لا جواب لو قال نجم الأئمه إذا تقدّم القسم أوّل الکلام ظاهرا أو مقدّرا و بعده کلمه الشرط سواء کانت أن أو لو أو لولا أو اسم الشرط فالأکثر و الأولى اعتبار القسم دون الشرط فیجعل الجواب للقسم، و ما فی قوله دع ما أنّهم زایده کما فی قوله تعالى: فَبِما رَحْمَهٍ مِنَ اللَّهِ و مِمَّا خَطِیئاتِهِمْ و مِثْلَ ما أَنَّکُمْ تَنْطِقُونَ و قیل: إنّها نکره و المجرور بدل منها.

المعنى

اعلم أنّ ما أورده السیّد «ره» من خطبته علیه السّلام فی المتن یدور على فصول ثلاثه.

الفصل الاول

افتتح کلامه بحمد اللّه سبحانه باعتبار احاطه علمه بالسّماوات و الأرضین فقال: (الحمد للّه الذی لا توارى) أى لا تحجب و لا تستر عنه (سماء سماء و لا أرض أرضا) لکونه منزّها عن وصف المخلوقین الذین فی إدراکهم لبعض الأجرام السماویّهو الأرضیه محجوبون عمّا ورائها و ذلک لقصور ذاتهم و قصور قوّتهم المدرکه و أمّا الربّ تعالى فلکمال ذاته فله العلم بکلّ ما سواء کما قد عرفت فی شرح الفصل السّادس و الفصل السّابع من الخطبه الاولى و فی شرح الخطبه التاسعه و الأربعین و غیرهما.

و أقول هنا مضافا إلى ما سبق روى فی الکافی عن ابن اذینه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام «ما یَکُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَهٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَهٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ» فقال علیه السّلام: هو واحدىّ الذات باین من خلقه، و بذلک وصف نفسه و هو بکلّ شی‏ء محیط بالأشراف و الاحاطه و القدره لا یعزب عنه مثقال ذرّه فی السّماوات و لا فی الأرض و لا أصغر من ذلک و لا أکبر بالاحاطه و العلم لا بالذّات لأنّ الأماکن محدوده تحویها حدود أربعه فاذا کان بالذات لزمته.
یعنی أنّه سبحانه لوحدانیّه ذاته و مباینته من خلقه کما وصف به نفسه فی کتابه العزیز حیث قال: «لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْ‏ءٌ فهو بکلّ شی‏ء محیط» لأنّ غیره من المخلوقات لکونه مکانیا یلزمه أنّ حصوله فی مکان و حضوره عند جماعه یستلزم خلوّ سایر الأمکنه عنه و غیبته عن جماعه اخرى کما هو شأن المکانیّات و هو لیس کذلک بل حصوله هاهنا و حضوره لهؤلاء النفس حصوله هناک و حضوره لاولئک.

و قوله لا بالذّات یعنی أنّه لیست بالذّات لانّ الأماکن محدوده بحدود أربعه و هی: القدّام، و الخلف، و الیمین، و الشّمال، لعدم تحیّزها إلّا بالاعتبار عدّ الجمیع حدّین و الفوق و التّحت حدّین فصارت أربعه فلو کانت إحاطته بالذّات بأن کانت بالدّخول فی الأمکنه لزم کونه محاطا بالمکان کالمتمکّن و إن کانت بالانطباق لزم کونه محیطا بالتمکن کالمکان و کلاهما باطل هذا.

و قوله: و لا أرض أرضا قال الشارح المعتزلی هذا الکلام یدلّ على اثبات أرضین بعضها فوق بعض کما أنّ السماوات کذلک و لم یأت فی الکتاب العزیز ما یدلّ على هذا إلّا قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ و هو قول کثیر من المسلمین و قد تأوّل ذلک أرباب المذاهب الاخر القائلون بأنهاأرض واحده فقالوا إنها سبعه أقالیم فالمثلیّه من هذا الوجه هی لا من تعدّد الأرضین فی ذاته.

و یمکن أن یتأوّل مثل ذلک کلام أمیر المؤمنین علیه السّلام فیقال إنها و إن کانت أرضا واحده لکنها أقالیم و أقطار مختلفه، و هى کریه الشکل فمن على حدبه الکره لا یرى من تحته و من تحته لا یراه و من على أحد جانبیها لا یرى من على الجانب الاخر و اللّه یدرک ذلک کلّه أجمع لا یحجب عنه بشی‏ء منها شی‏ء منها انتهى.

و نحو ذلک قال الطبرسیّ فی تفسیر الایه حیث قال: أى و فی الأرض خلق مثلهنّ فی العدد لا فی الکیفیه لأنّ کیفیّه السماء مخالفه لکیفیّه الأرض و لیس فی القرآن آیه تدلّ على أنّ الارضین سبع مثل السماوات إلّا هذه الایه و لا خلاف فی السماوات أنها سماء فوق سماء و أما الأرضون فقال قوم إنها سبع أرضین طباقا بعضها فوق بعض کالسماوات لأنها لو کانت مصمته لکانت أرضا واحده و فی کلّ أرض خلق خلقهم اللّه کیف شاء.

و روى أبو صالح عن ابن عباس أنها سبع أرضین لیس بعضها فوق بعض یفرق بینهنّ البحار و تظلّل جمیعهنّ السّماء و اللّه سبحانه أعلم بصحّه ما استأثر بعلمه و اشتبه على خلقه.
و قال الفخر الرّازیّ: قال الکلبیّ: خلق سبع سماوات بعض فوق بعض کالقبّه و من الأرض مثلهنّ فی کونها طبقات متلاصقه کما هو المشهور أنّ الأرض ثلاث طبقات طبقه أرضیه محضه، و طبقه طینّیه و هى غیر محضه و طبقه منکشفه بعضها فی البرّ و بعضها فی البحر، و هی کالمعموره و لا یبعد من قوله و من الأرض مثلهنّ کونها سبعه أقالیم على سبع سماوات و سبعه کواکب فیها، و هی السیاره، فانّ لکلّ واحد من هذه الکواکب خواصّ تظهر آثار تلک الخواصّ فی کلّ أقالیم الأرض فتصیر سبعه بهذا الاعتبار.

الفصل الثانی منها فی ذکر ما جرى له یوم الشورى

بعد مقتل عمر (و قد قال لی قائل إنّک‏یا بن أبی طالب على هذا الأمر لحریص) أى على أمر الخلافه قال الشارح المعتزلی و الّذی قال له ذلک سعد بن أبی وقاص مع روایته فیه أنت منّی بمنزله هارون من موسى و هذا عجب فأجاب علیه السّلام بقوله (فقلت بل أنتم و اللّه أحرص و أبعد و أنا أخصّ و أقرب) فلیس للبعید التعریض على القریب و التعییر بکثره الحرص و أراد بکونه أخصّ و أقرب مزید اختصاصه برسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و شدّه قربه منه (و إنما طلبت حقا هو لی) بنصّ الرّسول صلّى اللّه علیه و آله (و أنتم تحولون بینی و بینه و تضربون وجهی دونه) کنایه عن منعهم منه و دفعهم له عنه (فلمّا قرعته) أى صدمته (بالحجّه فی الملأ الحاضرین) (هبّ) أى انتبه و استیقظ عن غفلته (کأنّه بهت) هکذا فی نسخه الشارح المعتزلی بزیاده بهت بعد لفظه کأنّه أى صار مبهوتا متحیّرا (لا یدرى ما یجیبنی) به.

ثمّ إنّه شکى بثّه إلى اللّه سبحانه و استمدّ منه فقال: (اللّهمّ إنّی أستعدیک على قریش) أى أستغیثک و أستنصر منک علیهم (و) على (من أعانهم) من غیرهم (فانّهم قطعوا رحمی) و لم یراعوا قربی من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم (و صغّروا عظیم منزلتی) حیث جعلونی قرینا للادغال و الطغام و السفله الأرذال (و أجمعوا على منازعتی أمرا هو لی) أى فی أمر الخلافه الذی هو حقّ لی و مختصّ بی بالنصوص المستفیضه بل المتواتره الوارده فیه لا بمجرّد الأفضلیّه فقطّ کما زعمه الشّارح المعتزلی وفاقا لسایر المعتزله.

(ثمّ) إنّهم لم یقتصروا على أخذ حقّی ساکتین عن الدّعوى بل (قالوا ألا إنّ فی الحقّ أن نأخذه و فی الحقّ أن تترکه) أی ادّعوا أنّ الحق لهم و أنّ الواجب علىّ أن أترک المنازعه فیه معهم فلیتهم أخذوه مذعنین بأنه حقّی فکانت المصیبه أهون و التحمّل بها أسهل.
قال الشارح البحرانی: و روى نأخذه و نترکه بالنون فی الکلمتین، و علیه نسخه الرّضی و المراد أنا نتصرّف فیه کما نشاء بالأخذ و الترک دونک.

الفصل الثالث منها فی ذکر أصحاب الجمل و التنبیه على ضلالهم

(فخرجوا یجرّون حرمهرسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله) أى حرمه و هو فی الأصل ما لا یحلّ انتهاکه، و کنّى به هنا عن زوجته عایشه (کما تجرّ الأمه عند شرائها) أى بیعها و وجه الشبه أنّ بایع الأمه یجرّها من بلد إلى بلد و یدیرها فی الأسواق و یعرضها على المشترین، فکذلک هؤلاء أخرجوها و أداروها فی البلدان و شهّروها فی الأصقاع لینالوا بذلک إلى ما راموه (متوجّهین بها إلى البصره فحبسا) أى طلحه و الزبیر (نسائهما فی بیوتهما و أبرزا حبیس رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم) و هو أیضا کنایه عنها و فی ذلک أیضا من الدّلاله على فرط ضلالهما و خطائهما ما لا یخفى لأنّ الرّسول صلّى اللّه علیه و آله أمرها بالاحتباس فی بیتها بمقتضى قوله تعالى: وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِکُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّهِ الْأُولى‏ فهؤلاء مضافا إلى عدم رعایتهم لحرمه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و حمایتهم عن عرضه و مخالفتهم لأمره خالفوا أمر اللّه سبحانه و نبذوا کتابه وراء ظهورهم حیث أبرزاها (لهما و لغیرهما) من الناس (فی جیش ما منهم رجل إلّا و قد أعطانی الطاعه و سمح) أى جاد (لی بالبیعه) و هذا إشاره إلى وجه ثان لضلالهم، و هو نقضهم للعهد بعد التوکید و نکثهم للطاعه بعد البیعه.

و قوله: (طائعا غیر مکره) من باب الاحتراس الّذی مرّ ذکره فی ضمن المحسنات البدیعیه فی دیباجه الشرح و الغرض إبطال توهّم کون بیعتهم على وجه الاکراه کما ادّعاه طلحه و الزبیر حسبما عرّفه فی شرح الکلام الثامن و غیره (فقدموا على عاملى بها) و هو عثمان بن حنیف الانصاری کان عامله یومئذ بالبصره (و خزّان بیت مال المسلمین) و هم سبعون رجلا أو أربعمائه رجل کما فی روایه أبی مخنف الاتیه (و غیرهم من أهلها فقتلوا طائفه) منهم (صبرا).
قال شیخنا فی الجواهر بعد قول المحقّق و یکره قتله أى الکافر صبرا لا أجد فیه خلافا لما فی صحیح الحلبی عن الصّادق علیه السّلام لم یقتل رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم رجلا صبرا غیر عقبه بن ابی معیط و طعن ابن ابی خلف فمات بعد ذلک ضروره إشعاره بمرجوحیّته الّتی لا ینافیها وقوعه من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله المحتمل رجحانه لمقارنه أمر آخر على أنّ الحکم ممّا یتسامح فی مثله.

قال: و المراد بالقتل صبرا أن یقیّد یداه و رجلاه مثلا حال قتله و حینئذ فاذا ارید عدم الکراهه أطلقه و قتله و لعلّ هذا هو المراد ممّا فسّره به غیر واحد بل نسبه بعض إلى المشهور من أنه الحبس للقتل.
و فی القاموس: و صبر الانسان و غیره على القتل أن یحبس و یرمى حتّى یموت.
و أمّا ما قیل من أنّه التعذیب حتّى یموت أو القتل جهرا بین الناس أو التهدید بالقتل ثمّ القتل أو القتل و ینظر إلیه آخر أو لا یطعم و لا یسقى حتّى یموت بالعطش و الجوع فلم أجد ما یشهد لها بل الأخیر منها مناف لما سمعته من وجوب الاطعام و السقى.

و کیف کان فقد ظهر بذلک أنّ فی قوله علیه السّلام فقتلوا طائفه صبرا من الدّلاله على عظم خطیئتهم ما لا یخفى لأنه إذا کان قتل الکفّار المحاربین بهذه الکیفیه المخصوصه مکروها أو حراما على اختلاف تفسیر الصّبر«» فکیف بالمؤمنین مضافا إلى أنّهم لم یقنعوا بذلک بل (و) قتلوا (طائفه) اخرى (غدرا) و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله یجی‏ء کلّ غادر بامام یوم القیامه مائلا شدقه حتّى یدخل النّار.

و قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی حدیث اصبغ بن نباته و هو یخطب على منبر الکوفه أیّها النّاس لولا کراهه الغدر لکنت من أدهى الناس الا إنّ لکلّ غدره فجره، و لکلّ فجره کفره الا و إنّ الغدر و الفجور و الخیانه فی النّار هذا و سنقصّ علیک قتلهم طائفه صبرا و طائفه غدرا فی ثانی التنبیهین الاتیین إنشاء اللّه.

ثمّ إنّه علیه السّلام لما أبدى العذر فی قتالهم و وجوب قتلهم بثلاث کبایر موبقه إحداها إخراجهم لحبیس رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و هتکهم لناموسه، و ثانیتها نکثهم البیعه بعد سماحهم للطاعه، و ثالثها قتلهم للمسلمین صبرا و غدرا أقسم بالقسم البارّ بحلّیّه قتلهم ازاحه للشبهه عمّن کان فی قلبه مرض فقال: (فو اللّه لو لم یصیبوا من المسلمین إلّا رجلا واحدا معتمدین لقتله) أى‏معتمدین له (بلا جرم جرّه) أى بدون استحقاقه للقتل بجرم اجتراه (لحلّ لی قتل ذلک الجیش کلّه) هذا الکلام بظاهره یدلّ على جواز قتل جمیع الجیش بقتل واحد من المسلمین معلّلا بقوله (إذ حضروه فلم ینکروا و لم یدفعوا عنه بلسان و لا ید) فیستفاد منه جواز قتل من ترک النهى عن المنکر مع التمکّن من إنکاره و دفعه.

فان قلت: أ فتحکمون بجواز ذلک حسبما یدلّ علیه ذلک الکلام قلت: نعم لأنّ الأمر بالمعروف و النهى عن المنکر واجبان شرعا فالتارک لهما تارک للواجب و عامل للمنکر، فیجوز للامام علیه السّلام ردعه عنه بأیّ وجه أمکن کسایر من ترک الواجبات و أتى بالمحرّمات فاذا علم من أوّل الأمر أنه لا یجدی فی الرّدع إلّا القتل لجاز ذلک للامام اتّفاقا و ان اختلف الأصحاب فی جواز ذلک أى القتل الذی هو آخر مراتب الأمر بالمعروف و النهى عن المنکر لغیره علیه السّلام من دون اذنه و یدلّ على ما ذکرته من أنّ فی ترک إنکار المنکر إخلال بالواجب و إقدام على المنکر ما رواه الصدوق (ره) فی عقاب الأعمال مسندا عن مسعده بن صدقه عن جعفر بن محمّد عن أبیه علیهما السّلام قال قال علیّ علیه السّلام: أیها الناس إنّ اللّه عزّ و جلّ لا یعذّب العامّه بذنب الخاصّه إذا عملت الخاصّه بالمنکر سرّا من غیر أن تعلم العامّه، فاذا عملت الخاصّه بالمنکر جهارا فلم یغیّر ذلک العامّه استوجب الفریقان العقوبه من اللّه عزّ و جلّ.

و قال علیه السّلام: لا یحضرنّ أحدکم رجلا یضربه سلطان جائر ظلما و عدوانا و لا مقتولا و لا مظلوما إذا لم ینصره لأنّ نصره المؤمن فریضه واجبه، فاذا هو حضره و العافیه أوسع ما لم یلزمک الحجّه الحاضره.
قال: و لما وقع التقصیر فی بنی إسرائیل جعل الرّجل منهم یرى أخاه على الذنب فینهاه فلا ینتهى فلا یمنعه ذلک أن یکون أکیله و جلیسه و شریبه حتّى ضرب اللّه عزّ و جلّ قلوب بعضهم ببعض و نزل فیهم القرآن حیث یقول عزّ و جلّ لُعِنَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلى‏ لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَى ابْنِ مَرْیَمَ ذلِکَ بِما عَصَوْا وَ کانُوایَعْتَدُونَ، کانُوا لا یَتَناهَوْنَ عَنْ مُنکَرٍ فَعَلُوهُ» الایه.

و یدلّ على جواز قتل فاعل المنکر ما یأتی فی أواخر الکتاب فی ضمن کلماته القصار من قوله أیّها المؤمنون إنّه من رأى عدوانا یعمل به و منکرا یدعى إلیه فأنکره بقلبه فقد سلم و برء، و من أنکره بلسانه فقد أجر و هو أفضل من صاحبه و من أنکره بالسّیف لتکون کلمه اللّه هی العلیا و کلمه الظالمین السّفلى فذلک الّذی أصاب سبیل الهدى، و قام على الطریق و نوّر فی قلبه الیقین و رواه فی الوسایل من روضه الواعظین مرسلا و یدلّ علیه أخبار اخر لا حاجه بنا إلى روایتها.

فقد ظهر بذلک کلّه أنّ تعلیله علیه السّلام حلّ قتل الجیش بحضورهم قتل المسلم من دون إنکار له و دفع عنه موافق بظاهره لاصول المذهب و لقواعد الشرع و لا حاجه إلى التوجیه و تمحّل التأویلات الّتی تکلّفها شراح النهج کالشارح المعتزلی و القطب الراوندی و الشارح البحرانی و لا بأس بالاشاره إلى ملخّص کلامهم و التنبیه على ما یتوجّه علیهم فاقول: قال الشارح المعتزلی و یسئل عن قوله علیه السّلام لو لم یصیبوا إلّا رجلا واحدا لحلّ لی قتل ذلک الجیش بأسره لأنّهم حضروه فلم ینکروا فیقال أ یجوز قتل من لم ینکر المنکر مع تمکّنه من إنکاره.
و الجواب أنّه یجوز قتلهم لأنّهم اعتقدوا ذلک القتل مباحا فانّهم إذا اعتقدوا إباحته فقد اعتقدوا إباحه ما حرّم اللّه فیکون حالهم حال من اعتقد أنّ الزّنا مباح و أنّ شرب الخمر مباح.

و اعترض علیه الشارح البحرانی بأنّ القتل و إن وجب على من اعتقد إباحه ما علم تحریمه من الدّین ضروره کشرب الخمر و الزّنا فلم قلت أنّه یجب على من اعتقد إباحه ما علم تحریمه من الدّین بالتأویل کقتل هؤلاء القوم لمن قتلوا، و خروجهم لما خرجوا له فانّ جمیع ما فعلوه کان بتأویل لهم و ان کان معلوم الفساد فظهر الفرق بین اعتقاد حلّ الخمر و الزّنا و بین اعتقاد هؤلاء لاباحه ما فعلوه انتهى أقول: و أنت خبیر بما فی هذا الجواب و الاعتراض کلیهما من الضعف‏

و الفساد: أما الجواب فلأنّ اعتقاد إباحه ما علم حرمته من الدّین ضروره کقتل المسلم عمدا و إن کان مجوّزا للقتل البتّه إلّا أنّه علیه السّلام لم یعلّل جوازه بذلک، بل علّله بالحضور على قتل المسلم و عدم الانکار، و هو أعمّ من اعتقاد الاباحه و عدمه، و قد ظهر لک أنّ مجرّد ذلک کاف فی جواز القتل من باب الأمر بالمعروف و النهى عن المنکر و لا حاجه إلى التقیید أو التخصیص بصوره الاعتقاد مع عدم الداعی الیهما و کونهما خلاف الأصل.
و أما الاعتراض فلأنّ ملخّص کلام المعترض أنّ خروج الناکثین و قتلهم للمسلمین إنّما نشاء من زعمهم جواز ذلک و اعتقادهم حلّه لشبهه سنحت لهم و ان کان زعما فاسدا و اعتقادا کاسدا.

و فیه أوّلا منع کون خروجهم عن وجه الشبهه و التأویل و انما کان خروج خوارج النهروان بالتأویل و زعمهم الباطل حقّا و لذلک قال علیه السّلام فی الکلام السّتین «لا تقتلوا الخوارج بعدی فلیس من طلب الحقّ فأخطأه کمن طلب الباطل فأدرکه» و ثانیا هب أنّ خروجهم کان بالتأویل و شبهه مطالبه دم عثمان ظاهرا و أمّا قتلهم للمسلمین فأىّ تأویل یتصوّر فیه مع أنّ المقتولین لم یکونوا قاتلی عثمان و لا من الحاضرین لقتله و لا ناصرین لقاتلیه، و لم یقع بعد حرب الجمل عند قتلهم طائفه صبرا و طائفه غدرا فلم یکن قتلهم لهؤلاء إلّا عن محض البغى و العدوان و التعدّی و الطغیان، و متعمّدین فیه، فجاز قتلهم لذلک کما یجوز قتل معتقد حلّ الخمر و الزّنا.

اللّهمّ إلّا أن یقال: إنّ التأویل المتصوّر فی قتلهم هو أنّهم لما زعموا أنّ أمیر المؤمنین علیه السّلام بحمایته عن قتله عثمان خلافته خلافه باطله و إمامته إمامه جور و بیعه إمام الجور و متابعته باطله لا جرم زعموا إباحه قتل خزّان بیت المال و من حذا حذوهم باعتبار کونهم من مبایعیه و متابعیه، مستحفظین لبیت المال لأجله علیه السّلام و حفظ بیت المال لأجل الامام الجائر إعانه الاثم على زعمهم الباطل فافهم جدّا.

و بعد الغضّ عن جمیع ذلک أقول: إنّ التأویل إذا کان معلوم الفساد حسبما اعترف به الشارح نفسه لم یبق موقع للتأمّل فی جواز القتل، و لذلک أمر سبحانه بقتلهم و قتالهم مطلقا فی قوله: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّى تَفِی‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ.
و قال القطب الرّاوندی إن حلّ قتلهم لدخولهم فی عموم قوله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا الایه.

و اعترض علیه الشارح المعتزلی بأنّه علیه السّلام علّل استحلال قتلهم بأنّهم لم ینکروا المنکر و لم یعلّل بعموم الایه.
و أورد علیه الشارح البحرانی بأنّ له أن یقول إنّ قتل المسلم الذى لا ذنب له عمدا إذا صدر من بعض الجیش و لم ینکر الباقون مع تمکّنهم و حضورهم کان ذلک قرینه دالّه على الرضا من جمیعهم و الراضى بالقتل شریک القاتل خصوصا إذا کان معروفا بصحبته و الاتّحاد به کاتّحاد بعض الجیش ببعض فکان خروج ذلک الجیش على الامام العادل محاربه للّه و رسوله، و قتلهم لعامله و خزّان بیت مال المسلمین و تفریق کلمه أهل المصر و فساد نظامهم سعى فی الأرض بالفساد و ذلک عین مقتضى الایه.

أقول: أمّا ما قاله الراوندى فلا غبار علیه و أمّا اعتراض الشارح المعتزلی فلا وجه له لأنّه علیه السّلام و إن علّل استحلال القتل بالحضور و عدم الانکار و لم یعلّله لعموم الایه إلّا أنّ مال العلّتین واحد، و مقصود الراوندی التنبیه على أنّ مرجع العلّه المذکوره فی کلامه إلى عموم الایه ففی الحقیقه التعلیل بتلک العلّه تعلیل بذلک العموم.
و هذا مما لا ریب فیه لظهور أنّ قتل خزّان بیت المال و إتلاف ما فیه من الأموال لم یکن إلّا من أجل نصبهم العداوه لأمیر المؤمنین علیه السّلام و کونهم فی مقام المحاربه معه، فیدخلون فی عموم الایه.
لأنّ المراد بمحاربه اللّه و رسوله فیها هو محاربه المسلمین، جعل محاربتهم‏محاربه لهما تعظیما للفعل و تکریما للمسلم، فیجوز حینئذ قتلهم بحکم الایه.

بل و لو لم یکن المقتول منهم إلّا واحدا کما فرضه علیه السّلام فی کلامه لجاز أیضا قتل جمیع الجیش کلّهم لأنّ المفروض أنّ قتل ذلک الواحد إنّما کان محادّه للّه و رسوله و محاربه لولیّ المؤمنین و لمن ائتمّ به من المسلمین فحیث إنّ الباقین حضروا ذلک القتل و لم ینکروه و لم یدفعوا عنه مع تمکّنهم منه یکون ذلک کاشفا عن کونهم فی مقام المحاربه أیضا.

و لعلّ هذا هو مراد الشارح البحرانی بالایراد الّذی أورده على الشارح المعتزلی و إن کانت عبارته قاصره عن تأدیه المراد لظهور أنّ صدور قتل المسلم عن بعض الجیش مع حضور الاخرین و عدم إنکار منهم و إن کان قرینه على رضا الجمیع بالقتل إلّا أنّ ذلک بمجرّده لا یکفى فی جواز قتل الرّاضین حتّى ینضمّ إلیه المقدّمه الاخرى أعنی کون صدور القتل عن وجه المحاربه، و کون رضاهم بذلک کاشفا عن کونهم محاربین جمیعا کما قلناه.

و على هذا فان کان مراده بقوله و الراضى بالقتل شریک القاتل هو ما ذکرناه فنعم الوفاق و إلّا فیتوجّه علیه أنّه إن أراد المشارکه فی الاثم فهو مسلّم لما ورد فی غیر واحد من الرّوایات من أنّ الراضى بفعل قوم کالداخل فیهم، و أنّ العامل بالظلم و الراضى به و المعین به شرکاء ثلاثه و أنّ من رضی أمرا فقد دخل فیه و من سخطه فقد خرج منه إلّا أنّ هذه المشارکه لا تنفعه فی دفع الاعتراض.

و إن أراد المشارکه فی جواز قتل الرّاضى کما یجوز قتل القاتل فهو على إطلاقه ممنوع لأنّ قتل القاتل بعنوان القصاص جایز دون الراضی.
نعم یجوز قتله من باب الحسبه على ما قلنا و من أجل کونه فی مقام المحاربه حسبما قاله الراوندی کما یجوز قتل القاتل بهذین الوجهین أیضا فافهم جیّدا هذا و لما نبّه علیه السّلام على جواز قتل الجیش جمیعا بقتل واحد من المسلمین أردف ذلک بالتنبیه على مزید استحقاقهم له من حیث إقدامهم على جمع کثیر منهم فقال: (دع ما أنّهم قد قتلوا من المسلمین مثل العدّه الّتی دخلوا بها علیهم).

تنبیهانالاول

قال الشّارح المعتزلی بعد الفراغ من شرح الفصل الثّانی من هذه الخطبه ما هذه عبارته و اعلم أنّه قد تواترت الأخبار عنه علیه السّلام بنحو من هذا القول نحو قوله علیه السّلام ما زلت مظلوما منذ قبض اللّه رسوله صلّى اللّه علیه و آله حتّى یوم الناس هذا و قوله علیه السّلام أللّهمّ اجز قریشا فانّها منعتنی حقّی و غصبتنی أمری.
و قوله علیه السّلام فجزت قریشا عنّی الجوازی فانّهم ظلمونی حقّی و اغتصبونی سلطان ابن امّی.
و قوله علیه السّلام و قد سمع صارخا ینادی أنا مظلوم فقال علیه السّلام هلّم فلنصرخ معا فانّی ما زلت مظلوما.
و قوله علیه السّلام و إنّه لیعلم أنّ محلّی منها محلّ القطب من الرّحى و قوله علیه السّلام أرى تراثی نهبا و قوله: اصفیا بانائنا و حملا الناس على رقابنا.

و قوله علیه السّلام: إنّ لنا حقّا إن نعطه نأخذه و ان نمنعه نرکب أعجاز الابل و إن طال السرى.
و قوله علیه السّلام: ما زلت مستأثرا علیّ مدفوعا عمّا أستحقّه و أستوجبه.
قال الشارح و أصحابنا یحملون ذلک کلّه على ادّعائه الأمر بالأفضلیّه و الأحقیّه و هو الحقّ و الصّواب فانّ حمله على الاستحقاق تکفیر و تفسیق لوجوه المهاجرین و الأنصار لکنّ الامامیّه و الزیدیّه حملوا هذه الأقوال على ظواهرها و ارتکبوا بها مرکبا صعبا و لعمری إنّ هذه الألفاظ موهمه مغلبه على الظنّ ما یقوله القوم لکن تصفّح الأقوال یبطل ذلک الظنّ و یدرء ذلک الوهم فوجب أن یجرى مجرى الایات المتشابهات الموهمه ما لا یجوز على الباری فانّه لا نعمل بها و لا نعوّل على ظواهرها لأنّا لما تصفّحنا أدلّه العقول اقتضت العدول عن ظاهر اللّفظ و أن نحمل على التأویلات المذکوره فی الکتب.

قال الشارح و حدّثنی یحیى بن سعید بن علیّ الحنبلی المعروف بابن عالیه ساکن قطفثا بالجانب الغربی من بغداد واحد الشهود المعدلین بها قال کنت‏حاضرا عند الفخر إسماعیل بن علیّ الحنبلی الفقیه المعروف بغلام ابن المنى و کان الفخر إسماعیل هذا مقدّم الحنابله ببغداد فی الفقه و الخلاف و یشتغل بشی‏ء فی علم المنطق و قد کان حلو العباره و قد رأیته أنا و حضرت عنده و سمعت کلامه و توفّى سنه عشره و ستّمأه.

قال ابن عالیه و نحن عنده نتحدّث إذ دخل شخص من الحنابله قد کان له دین على بعض أهل الکوفه فانحدر إلیه یطالبه به و اتّفق أن حضره زیاره یوم الغدیر و الحنبلیّ المذکور بالکوفه و هذه الزیاره هی الیوم الثامن عشر من شهر ذی الحجّه و یجتمع بمشهد أمیر المؤمنین علیه السّلام من الخلایق جموع عظیمه یتجاوز حدّ الاحصاء.
قال ابن عالیه: فجعل الشیخ الفخر یسائل ذلک الشّخص ما فعلت ما رأیت هل وصل مالک إلیک هل بقى منه بقیّه عند غریمک و ذلک الشخص یجاوبه حتّى قال له یا سیّدی لو شاهدت یوم الزیاره یوم الغدیر و ما یجرى عند قبر علیّ بن أبی طالب علیه السّلام من الفضایح و الأقوال الشّنیعه و سبّ الصحابه جهارا بأصوات مرتفعه من غیر مراقبه و لا خیفه.

فقال إسماعیل أیّ ذنب لهم و اللّه ما جراهم على ذلک و لا فتح لهم هذا الباب إلّا صاحب ذلک القبر، فقال ذلک الشخص: و من صاحب القبر قال: علیّ بن أبی طالب علیه السّلام قال: یا سیّدی هو الّذی سنّ لهم ذلک و علّمهم إیّاه و طرقهم إلیه قال نعم و اللّه.
قال: یا سیّدی فان کان محقّا فما لنا نتولّى فلانا و فلانا و إن کان مبطلا فما لنا نتولّاه ینبغی أن نبرء إمّا منه أو منهما، قال ابن عالیه فقام اسماعیل مسرعا و قال: لعن اللّه اسماعیل الفاعل ابن الفاعل إن کان یعرف جواب هذه المسأله و دخل دار حرمه و قمنا نحن فانصرفنا انتهى کلام الشارح.

أقول: قد مرّ فی تضاعیف الشرح لا سیّما مقدّمات الخطبه الثالثه المعروفه بالشقشقیّه النّصوص الدالّه على خلافته علیه السّلام و بطلان خلافه غیره مضافا إلى الأدلّه العقلیّه.
و العجب من الشارح المعتزلی أنّه بعد اعترافه بتواتر الأخبار الظاهره فی‏اغتصاب الخلافه و التظلّم و الشکوى من أئمه الجور کیف یصرفها عن ظواهرها من غیر دلیل و أیّ داع له الى الانحراف عن قصد السّبیل و لو کان هناک أقلّ دلیل لتمسّک به مقدّم الحنابله اسماعیل، و لم یعی عن الجواب، و لم یقم من مجلسه مسرعا إلى الذهاب، فحیث عجز عن جواب القائل ضاق به الخناق إلّا لعن نفسه بالفاعل ابن الفاعل.

ثمّ العجب من الشّارح أنه یعلّل ذلک تاره بأنّ حملها على ظواهرها یوجب تکفیر وجوه الصّحابه و تفسیقها و هو کما ترى مصادره على المدّعى، و اخرى بأنّ تصفّح الأقوال یبطل الظنّ الحاصل منها و لیت شعرى أىّ قول أوجب الخروج عن تلک الظواهر.
فان أراد قول أهل السنّه فلیس له اعتبار و لا وقع له عند اولی الأبصار و إن أراد قول من یعوّل على قوله من النبیّ المختار و آله الأطهار فعلیه البیان و علینا التسلیم و الاذعان، مع أنّا قد تصفّحنا کتب التواریخ و السّیر و الأخبار و الأثر فما ظفرنا بعد إلى الان على خبر واحد معتبر و لا حدیث صحیح یؤثر بل الأحادیث الصحیحه النبویّه و غیر النبویّه العامیّه و الخاصیّه على بطلان دعویهم متظافره و إبطال خلافه الخلفاء متواتره متظاهره.

و قیاس ظواهر تلک الرّوایات على الایات المتشابهات قیاس مع الفارق لا یقیسها إلّا کلّ باید ناهق، لقیام الأدلّه القاطعه من العقل و النقل على وجوب تأویل هذه الایات و قیامها على لزوم تعویل ظواهر تلک الروایات.
و کفى بذلک شهیدا فضلا عن غیره ممّا تقدّم و یأتی و حدیث الثقلین و خبر الحقّ مع علیّ و علیّ مع الحقّ المعروف بین الفریقین و روایه ورود الامّه على النبیّ صلّى اللّه علیه و آله على خمس رایات و افتراق الامّه على ثلاث و سبعین فرقه کلّها فی النار غیر واحده.

و نعم ما قیل:
إذا افترقت فی الدّین سبعین فرقه و نیفا کما قد جاء فی واضح النقل‏و لم یک منهم ناجیا غیر واحد فبیّن لنا یا ذا النباهه و الفضل‏
أ فی الفرقه الهلّاک آل محمّد
أم الفرقه الناجون أیّهما قل لی‏
فان قلت هلّاکا کفرت و إن نجوا فلما ذا قدّم الغیر بالفضل‏

التنبیه الثانی

فی ذکر خروج عائشه و طلحه و الزبیر الى البصره، و قتلهم طائفه من المسلمین فیها صبرا و طائفه غدرا توضیحا لما أشار علیه السّلام إلیه فی کلامه و تفصیلا لما أجمله.
فأقول: روى الشارح المعتزلی عن أبی مخنف أنّه قال: حدّثنا إسماعیل بن خالد عن قیس بن أبی حازم و روى الکلبیّ عن أبی صالح عن ابن عبّاس و روى جریر ابن یزید عن عامر الشعبی، و روى محمّد بن إسحاق عن حبیب بن عمیر قالوا جمیعا لمّا خرجت عائشه و طلحه و الزّبیر من مکّه إلى البصره طرقت ماء الحوأب«» و هو ماء لبنی عامر بن صعصعه فنبحهم الکلاب فنفرت صعاب إبلهم فقال قائل لعن اللّه الحوأب ما أکثر کلابها.

فلمّا سمعت عائشه ذکر الحوأب قالت: أ هذا ماء الحوأب قالوا نعم، فقالت: ردّونی ردّونی، فسألوها ما شأنها ما بدا لها فقالت: إنّی سمعت رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم یقول: کأنّى بکلاب ماء یدعا الحوأب قد نبحت بعض نسائی ثمّ قال صلّى اللّه علیه و آله لی: یا حمیراء إیّاک أن تکونیها.

فقال لها الزبیر مهلا یرحمک اللّه فانا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ کثیره، فقالت: أ عندک من یشهد أنّ هذه الکلاب النابحه لیست على ماء الحوأب فلفق لها الزبیر و طلحه خمسین أعرابیا جعلا لهم جعلا فحلفوا لها و شهدوا أنّ هذا الماء لیس بماء الحوأب فکانت هذه أوّل شهاده زور فی الاسلام.
أقول: بل أوّل شهاده الزور فی الاسلام ما وقعت یوم السقیفه حیث شهد منافقوا- قریش لأبی بکر بأنهم سمعوا من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله أنه یقول: إنّ اللّه لم یکن لیجمع‏لنا أهل البیت النبوّه و الخلافه حسبما تقدّم فی المقدّمه الثالثه من مقدّمات الخطبه الشقشقیّه من غایه المرام من کتاب سلیم بن قیس الهلالی.

قال أبو مخنف: و حدّثنا عصام بن قدامه عن عکرمه عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله قال یوما لنسائه و هنّ عنده جمیعا لیت شعری أیّتکن صاحبه الجمل الأدبب تنبحها کلاب الحوأب یقتل عن یمینها و شمالها قتلى کثیر کلّهم فی النّار و تنجو بعد ما کادت.
قال الشارح المعتزلی: قلت: أصحابنا المعتزله یحملون قوله و تنجو على نجاتها من النار و الامامیّه یحملون ذلک على نجاتها من القتل و محملنا أرجح لأنّ لفظه فی النار أقرب إلیه من لفظه القتلى و القرب معتبر فی هذا الباب ألا ترى أنّ نحاه البصریین أعملوا أقرب العاملین نظرا إلى القرب.

أقول: لا أدرى ما ذا یرید الشّارح من ذکر الاختلاف فی محمل الحدیث و ترجیح محمل المعتزله على محمل الامامیه فان کان مقصوده بذلک الردّ على الامامیه لتمسّکهم به على کون عایشه فی النار حیث حملوا النجاه فیه على النجاه من القتل دون النّار ففیه أنّ الامامیّه لم یتمسّکوا به أبدا على کونها فیها لأنّ قوله صلّى اللّه علیه و آله کلّهم فی النّار راجع الى المقتولین عن الیمین و الشمال لا ربط له بها بوجه حتّى یتمسّکوا به بل دلیلهم على ذلک مضافا الى أخبارهم الکثیره هو خروجها و بغیها على الامام العادل، و الخوارج و البغاه کلّهم فی النار و علیه أیضا بناء المعتزله کما صرّح به الشارح فی دیباجه شرحه و إن توهّموا خروجها مع طلحه و الزبیر من هذه الکلّیه لدلیل فاسد.

و إن کان مقصوده به اثبات نجاه عائشه من النار ففیه أنّه لا ینهض لاثباتها لأنّ قوله صلّى اللّه علیه و آله «تنجو بعد ما کادت» یحتاج إلى إضمار المتعلّق و لفظه فی النار و إن کانت أقرب إلیه لکنّ القرب اللّفظی لا یکفى فی جعل متعلّقه النّار بل المدار فی أمثال المقام على القرب الاعتباری، و غیر خفیّ على المنصف الخبیر بأسالیب «ج ۹»الکلام أنّ المتبادر من اطلاق العباره هو أنّ المتعلّق لفظه من القتل، و سوق الکلام أیضا یفید ذلک.

و ذلک لأنّه لمّا أخبر بأنه علیه السّلام یقتل عن یمینها و شمالها قتلى کثیر و کان هناک مظنّه إصابه القتل إلیها لقربه منها و إشرافها علیه، استدرک بقوله و تنجو بعد ما کادت، و هذا بخلاف قوله کلّهم فی النّار فانّه لم یکن موهما لشمولها حتّى یحتاج إلى الاستدراک.
فانقدح من ذلک أنّ الظاهر من مساق الکلام مضافا إلى التبادر عرفا هو أنّ المراد منه النجاه من القتل لا النجاه من النار کما یقوله المعتزله.

و على التنزّل و المماشاه أقول: غایه الأمر أنّ اللّفظ مجمل محتمل للأمرین فلا یکافؤ الأدلّه القاطعه المسلّمه عند أصحابنا و المعتزله على کون البغاه جمیعهم فی النار، و لا یجوز رفع الید عن عموم تلک الأدلّه و تخصیصها بهذا اللّفظ المجمل و العجب من الشارح أنه یستدلّ على مسأله اصولیه کلامیّه بمسأله نحویه مع أنّ المسأله النحویّه أیضا غیر مسلّمه عند علماء الأدبیّه و البصریّون و إن أعملوا أقرب العاملین نظرا إلى القرب لکنّ الکوفیّین اعملوا الأوّل منهما نظرا إلى السبق قال ابن مالک:

إن عاملان اقتضیا فی اسم
عمل قبل فللواحد منهما العمل‏

فالثانی أولى عند أهل البصره
و اختار عکسا غیرهم ذا أسره

هذا کلّه على ما یقتضیه النظر الجلیّ، و أمّا ما یقتضیه النظر الدّقیق فهو حمل الحدیث على ما یقوله أصحابنا الامامیه و بطلان محمل المعتزله، و ذلک لأنّ قوله علیه السّلام «و تنجو بعد ما کادت» یفید نجاتها بعد قربها، فان ارید بها النجاه من القتل بعد القرب منه کما یقوله الامامیّه فلا غبار علیه، و إن ارید النجاه من النّار فلا یصحّ لأنّ نجاتها منها على زعم المعتزله کانت بسبب التوبه و لازم ذلک أنّها قبل التوبه کانت هالکه واقعه فی النار أعنی الاستحقاق بالفعل لها، و وقوعها فیها غیر قربها منها، کما هو مفاد قوله: بعد ما کادت.

و الحاصل أنّ القرب من النار کما هو مضمون الروایه على قول المعتزله ینافی الکون فیها على ما هو لازم محملهم فافهم جیّدا.
هذا کلّه على تسلیم صحّه متن الحدیث و إلّا فأقول: الظاهر أنّه وقع فیه سقط من الرواه عمدا أو سهوا أو من النساخ کما یدلّ علیه ما فى البحار عن المناقب لابن شهر آشوب قال: ذکر ابن الأعثم فی الفتوح، و الماوردی فی أعلام النبوّه، و شیرویه فی الفردوس، و أبو یعلی فی المسند، و ابن مردویه فی فضایل أمیر المؤمنین، و الموفّق فی الأربعین، و شعبه و الشعبی و سالم بن أبی الجعد فی أحادیثهم و البلاذرى و الطبری فی تاریخهما أنّ عایشه لمّا سمعت نباح الکلاب قالت أیّ ماء هذا فقالوا الحوأب قالت إنّا للّه و إنّا إلیه راجعون إنّی لهیه قد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و عنده نساؤه یقول: لیت شعری أیّتکنّ تنبحها کلاب الحوأب.

و فی روایه الماوردى أیتکنّ صاحبه الجمل الأدبب تخرج فتنبحها کلاب الحوأب یقتل من یمینها و یسارها قتلی کثیر و تنجو بعد ما کادت تقتل و هذه الرّوایه کما ترى صریحه فی أنّ نجاتها من القتل.
و بعد هذا کلّه فغیر خفیّ علیک أنّ ما تکلّفه الشارح فی إنجائها من النار فانّما یجرى فی حقّها فقط، و لیت شعرى ما ذا یقول فی حقّ طلحه و الزبیر فانّ مذهبه وفاقا لأصحابه المعتزله نجاتهما أیضا مثلها مع أنّ الروایه کما ترى مصرّحه بأنّ کلّهم فی النّار و لا شکّ فی شمول هذه القضیه الکلّیه للرّجلین فان زعم استثنائهما أیضا من هذه الکلّیه بدلیل منفصل مثل حدیث العشره أو ما دلّ على توبتهما فقد علمت فی شرح بعض الخطب السابقه المتقدّمه فساده بما لا مزید علیه، هذا فلنرجع إلى ما کنا فیه.

قال أبو مخنف حدّثنی الکلبی عن أبی صباح عن ابن عبّاس أنّ طلحه و الزبیر أغذا السّیر لعایشه حتّى انتهوا إلى حفر أبی موسى الأشعرى و هو قریب من البصره و کتبا إلى عثمان بن حنیف الأنصاری و هو عامل علیّ علیه السّلام على البصره أن اخل لنادار الاماره.

فلمّا وصل کتابهما إلیه بعث إلى الأحنف بن قیس فقال له: إنّ هؤلاء القوم قدموا علینا و معهم زوجه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و النّاس إلیها سراع کما ترى، فقال الأحنف إنّهم جاؤک بها للطلب بدم عثمان و هم الّذین ألبّوا على عثمان الناس و سفکوا دمه و أراهم و اللّه لا یزالونا حتّى یلقوا العداوه بیننا و یسفکوا دمائنا و أظنّهم و اللّه سیرکبون منک خاصّه ما لا قبل لک به و إن لم تتأهّب لهم بالنّهوض إلیهم فیمن معک من أهل البصره فانّک الیوم الوالی علیهم و أنت فیهم مطاع فسر إلیهم بالناس و بادرهم قبل أن یکونوا معک فی دار واحده فیکون الناس أطوع منهم لک.
فقال عثمان بن حنیف: الرأى ما رأیت لکنّنی أکره أن أبدهم به و أرجو العافیه و السّلامه إلى أن یأتینی کتاب أمیر المؤمنین علیه السّلام و رأیه فأعمل به.

ثمّ أتاه بعد الأحنف حکیم بن جبله العبدى فأقرأه کتاب طلحه و الزبیر فقال له مثل قول الأحنف و أجابه عثمان مثل جوابه للأحنف فقال له حکیم: فأذن لی حتّى أسیر الیهم بالنّاس فان دخلوا فی طاعه أمیر المؤمنین علیه السّلام و إلّا فانابذهم على سواء.
فقال عثمان: لو کان ذلک رأى لسرت إلیهم بنفسی قال حکیم: أما و اللّه إن دخلوا علیک هذا المصر لتنقلنّ قلوب کثیر من النّاس إلیه و یزیلنّک عن مجلسک هذا و أنت أعلم، فأبى علیه عثمان.
قال: و کتب علیّ إلى عثمان لمّا بلغه مشارفه القوم البصره: من عبد اللّه علیّ أمیر المؤمنین إلى عثمان بن حنیف فأمّا بعد: فانّ البغاه عاهدوا اللّه ثمّ نکثوا و توجّهوا إلى مصرک و ساقهم الشیطان لطلب ما لا یرضى اللّه به و اللّه أشدّ باسا و أشدّ تنکیلا فاذا قدموا علیک فادعهم إلى الطاعه و الرجوع إلى الوفاء بالعهد و المیثاق الّذی فارقونا علیه فان أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا عندک و إن أبوا إلّا التمسّک بحبل النکث و الخلاف فناجزهم حتّى یحکم اللّه بینک و بینهم و هو خیر الحاکمین و کتبت کتابی هذا إلیک من الرّبذه و أنا معجّل المسیر الیک إنشاء اللّه و کتب عبید اللّه بن أبی رافع فی سنه ستّ و ثلاثین.

قال: فلمّا وصل کتاب علیّ علیه السّلام إلى عثمان أرسل إلى أبی الأسود الدّئلی و عمران بن الحصین الخزاعی فأمرهما أن یسیرا حتّى یأتیاه بعلم القوم و ما الّذی أقدمهم.
فانطلقا حتّى اذا أتیا حفر أبی موسى و به معسکر القوم فدخلا على عایشه فسألاها و وعظاها و أذکراها و ناشداها اللّه فقالت لهما ألقیا طلحه و الزبیر.

فقاما من عندها و لقیا الزّبیر فکلّماه فقال لهما: إنّا جئنا للطلب بدم عثمان و ندعو النّاس الى أن یردّوا أمر الخلافه شورى لیختار النّاس لأنفسهم فقالا له: إنّ عثمان لم یقتل بالبصره لیطلب دمه فیها و أنت تعلم قتله عثمان من هم و أین هم و أنّک و صاحبک و عایشه کنتم أشدّ الناس علیه و أعظمهم إغراء بدمه فأقیدوا من أنفسکم و أمّا إعاده أمر الخلافه شورى فکیف و قد بایعتم علیّا علیه السّلام طائعین غیر مکرهین و أنت یا أبا عبد اللّه لم تبعد العهد لقیامک دون هذا الرّجل یوم مات رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و أنت آخذ قائم سیفک تقول ما أحد أحقّ بالخلافه منه و لا أولى بها منه، و امتنعت من بیعه أبی بکر فأین ذلک الفعل من هذا القول فقال لهما: اذهبا فألقیا طلحه.
فقاما إلى طلحه فوجداه خشن الملمس شدید العریکه قویّ العزم فی إثاره الفتنه و إضرام نار الحرب، فانصرفا إلى عثمان بن حنیف فأخبراه

و قال له أبو الأسود:

یا بن حنیف قد أتیت فانفر
و طاعن القوم و جالد و اصبر
و ابرز لها مستلهما و شمّر

فقال ابن حنیف: اى و ربّ الحرمین لأفعلنّ و أمر منادیه فنادى فی الناس السلاح السلاح، فاجتمعوا إلیه.
قال أبو مخنف: و أقبل القوم فلما انتهوا إلى المربد قام رجل من بنی جشم فقال أیها الناس أنا فلان الجشمی و قد أتاکم هؤلاء القوم فان کانوا أتوکم خائفین لقد أتوکم من المکان الّذی یأمن فیه الطیر و الوحش و السباع و إن کانوا انما أتوکم للطلب بدم عثمان فغیرنا ولى قتله فأطیعونی أیها الناس و ردّوهم من حیث أقبلوا فانکم إن لم تفعلوا لم تسلموا من الحرب الضروس و الفتنه الصماء الّتى لا تبقى و لا تذر، قال: فحصبه ناس من‏أهل البصره فأمسک.
قال: و اجتمع أهل البصره إلى المربد حتّى ملاؤه مشاه و رکبانا فقام طلحه و أشار إلى الناس بالسکوت لیخطب فسکتوا بعد جهد فخطب خطبه ذکر فیها قتل عثمان و حرّض الناس على الطلب بدمه، و على جعل أمر الخلافه شورى.

ثمّ قام الزبیر فتکلّم بمثل کلام طلحه فقام إلیهما ناس من أهل البصره فقالوا لهما: ألم تبایعا علیّا علیه السّلام فیمن بایعه ففیم بایعتما ثمّ نکثتما فقالا، ما بایعناه و لا لأحد فی أعناقنا بیعه و إنّما استکرهنا على بیعته.
فقال ناس: قد صدقا و أحسنا القول و قطعنا بالصواب، و قال ناس ما صدقا و لا أصابا فی القول حتّى ارتفعت الأصوات.

قال: ثمّ أقبلت عایشه على جملها فنادت بصوت مرتفع: أیّها الناس أقلّوا الکلام و اسکتوا: فأسکت الناس لها فقالت فی جمله کلام تحرّضهم فیه على القتال و الاجلاب على قتله عثمان: ألا إنّ عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته فاذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثمّ اجعلوا الأمر شورى بین الرّهط الّذین اختارهم عمر بن الخطّاب و لا یدخل فیهم من شرک فی دم عثمان.
قال: فماج الناس و اختلطوا فمن قائل یقول القول ما قالت و من قائل یقول و ما هى و هذا الأمر إنّما هی امرأه مأموره بلزوم بیتها، و ارتفعت الأصوات و کثر اللغط حتى تضاربوا بالنعال و تراموا بالحصى.
ثمّ إنّ النّاس تمایزوا فصاروا فریقین فریق مع عثمان بن حنیف و فریق مع عایشه و أصحابها.
قال أبو مخنف: حدّثنا الأشعث عن محمّد بن سیرین عن أبی الجلیل قال: لمّا نزل طلحه و الزّبیر المربد أتیتهما فوجدتهما مجتمعین فقلت لهما ناشدتکما اللّه و صحبه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله ما الّذی أقدمکما أرضنا هذه فلم یتکلّما فأعدت علیهما فقالا بلغنا أنّ بأرضکم هذه دنیا فجئنا نطلبها.

قال الشارح المعتزلی: و قد روى قاضی القضاه فی کتاب المغنی عن وهب بن‏جریر قال: قال رجل من أهل البصره لطلحه و الزّبیر، إنّ لکما فضلا و صحبه فأخبرانی عن مسیرکما هذا و قتالکما أ شی‏ء أمرکما به رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أم رأى رأیتماه فأمّا طلحه فسکت فجعل ینکت الأرض، و أمّا الزبیر فقال: ویحک حدّثنا أنّ ههنا دراهم کثیره فجئنا لنأخذ منها.

قال الشارح: و جعل قاضی القضاه هذا الخبر حجّه فی أنّ طلحه تاب و إنّ الزّبیر لم یکن مصرّا على الحرب.
قال: و الاحتجاج بهذا الخبر على هذا المعنى ضعیف و إن صحّ هو و ما قبله إنّه لدلیل على حمق شدید، و ضعف عظیم و نقص ظاهر، و لیت شعری ما الّذی أخرجهما إلى هذا القول و إذا کان هذا فی أنفسهما فهلّا کتماه.
أقول: أمّا اعتبار الخبرین فلا غبار علیه لاعتضادهما بأخبار اخر فی هذا المعنى، و أمّا دلالتهما على حمق الرّجلین کما قاله الشارح فلا خفاء فیه، و أمّا سکوت طلحه و نکته الأرض فلأنّه لما رأى أنّ السائل لا یبقى و لا یذر و لم یکن له عن الجواب محیص و لا مفرّ فبهت الذی کفر، و أمّا الزبیر فأعمى اللّه قلبه و أجرى مکنون خاطره على لسانه إبانه عن انحطاط مقامه، و دناءه شأنه.

قال أبو مخنف: فلمّا أقبل طلحه و الزّبیر المربد یریدان عثمان بن حنیف فوجداه و أصحابه قد أخذوا بأفواه السّکک فمضوا حتّى انتهوا إلى موضع الدّباغین فاستقبلهم أصحاب ابن حنیف فشجرهم طلحه و الزبیر و أصحابهما بالرّماح فحمل علیهم حکیم بن جبله فلم یزل و أصحابه یقاتلونهم حتّى أخرجوهم من جمیع السکک و رماهم النساء من فوق البیوت بالحجاره.
فأخذوا إلى مقبره ابن بنی مازن فوقفوا بها ملیّا حتّى ثابت إلیهم خیلهم ثمّ أخذوا على مسناه البصره حتّى انتهوا إلى الرابوقه ثم أتوا سبخه دار البرزق فنزلوها.

قال: و أتاهما عبد اللّه بن حکیم لما نزلا السبخه بکتب کانا کتباها إلیه فقال: لطلحه: یا با محمّد أما هذه کتبک قال: بلى، قال: فکتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان و قتله حتّى إذا قتلته أتیتنا ثائرا بدمه فلعمرى ما هذا رأیک لا ترید إلّا هذه الدّنیامهلا إذا کان هذا رأیک فلم قبلت من علیّ علیه السّلام ما عرض علیک من البیعه فبایعته طائعا راضیا ثمّ نکثت بیعتک ثمّ جئت لتدخلنا فی فتنتک.

فقال: إنّ علیّا دعانی إلى البیعه بعد ما بایع فعلمت أنّی لو لم أقبل ما عرضه علىّ لم یتمّ لی ثمّ یغرى لی من معه.
قال: ثمّ أصبحا من غد فصفّا للحرب و خرج عثمان بن حنیف إلیهما فی أصحابه فناشدهما اللّه و الاسلام و أذکرهما بیعتهما علیّا علیه السّلام فقالا نحن نطلب بدم عثمان فقال لهما و ما أنتما و ذاک این بنوه این بنو عمّه الّذینهم أحقّ به منکم کلّا و اللّه و لکنکما حسدتماه حیث اجتمع النّاس علیه و کنتما ترجوان هذا الأمر و تعملان له و هل کان أحد أشدّ على عثمان قولا منکما.

فشتماه شتما قبیحا و ذکرا امّه فقال للزّبیر: أما و اللّه لو لا صفیّه و مکانها من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فانها أدنتک إلى الظلّ و إنّ الأمر بینی و بینک یا بن الصبغه یعنی طلحه أعظم من القول لأعلمتکما من أمرکما ما یسوءکما اللهمّ إنّی قد أعذرت إلى هذین الرجلین.

ثمّ حمل علیهم و اقتتل النّاس قتالا شدیدا ثمّ تحاجزوا و اصطلحوا على أن یکتب بینهم کتاب صلح فکتب: هذا ما اصطلح علیه عثمان بن حنیف الأنصاری و من معه من المؤمنین من شیعه أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السّلام و طلحه و الزبیر و من معهما من المؤمنین و المسلمین من شیعتهما انّ لعثمان بن حنیف دار الاماره و الرحبه و المسجد و بیت المال و المنبر و إنّ لطلحه و الزّبیر و من معهما ان ینزلوا حیث شاءوا من البصره لا یضارّ بعضهم بعضا فی طریق و لا فرضه«» و لا سوق و لا شریعه حتّى یقدم أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السّلام فان أحبّوا دخلوا فیما دخلت فیه الامّه، و إن أحبّوا الحق کلّ قوم بهواهم و ما أحبّوا: من قتال أو سلم، و خروج أو إقامه، و على الفریقین بما کتبوا عهد اللّه‏و میثاقه و أشدّ ما أخذه على نبیّ من أنبیائه من عهد و ذمّه، و ختم الکتاب.

و رجع عثمان بن حنیف حتّى دخل دار الاماره و قال لأصحابه: الحقوا رحمکم اللّه بأهلکم وضعوا سلاحکم و داووا جرحاکم، فمکثوا کذلک أیّاما.
ثمّ إنّ طلحه و الزّبیر قالا: إن قدم علیّ و نحن على هذه الحال من القلّه و الضعف لیأخذنّ بأعناقنا، فأجمعا على مراسله القبایل، و استماله العرب فأرسلوا إلى وجوه النّاس و أهل الرّیاسه و الشرف، یدعوهم إلى الطلب بدم عثمان و خلع علیّ علیه السّلام و إخراج ابن حنیف من البصره.

فبایعهم على ذلک الأزد و ضبّه و قیس عیلان کلّها إلّا الرّجل و الرّجلین من القبیله کرهوا أمرهم فتواروا عنهم.
و أرسلوا إلى هلال بن وکیع التمیمی فلم یأتهم فجاءه طلحه و الزبیر إلى داره فتواری عنهما فقالت امّه ما رأیت مثلک أتاک شیخا قریش فتواریت عنهما فلم تزل به حتّى ظهر لهما و بایعهما و معه بنو عمرو بن تمیم کلّهم و بنو حنظله إلّا بنی یربوع فانّ عامتهم کانوا شیعه لعلیّ علیه السّلام و بایعهم بنو دارم کلّهم إلّا نفرا من بنی مجاشع ذوى دین و فضل.

فلمّا استوثق بطلحه و الزبیر أمرهما خرجا فی لیله مظلمه ذات ریح و مطر و معهما أصحابهما قد ألبسوهم الدروع و ظاهروا فوقها بالثیاب فانتهوا إلى المسجد وقت صلاه الفجر و قد سبقهم عثمان بن حنیف إلیه و اقیمت الصّلاه فتقدّم عثمان لیصلّی بهم فأخّره أصحاب طلحه و الزّبیر و قدّموا الزّبیر فجاءت السّیابجه«» و هم الشرط حرس بیت المال فأخّروا الزّبیر و قدّموا عثمان فغلبهم أصحاب الزّبیر فقدّموه و أخّروا عثمان.

فلم یزالوا کذلک حتّى کادت الشمس تطلع و صاح بهم أهل المسجد ألا تتّقون أصحاب محمّد و قد طلعت الشّمس فغلب الزّبیر فصلّى بالنّاس فلمّا انصرف من صلاته‏صاح بأصحابه المستسلحین أن خذوا عثمان بن حنیف، فأخذوه بعد أن تضارب هو و مروان بن الحکم بسیفهما.

فلمّا اسر ضرب ضرب الموت و نتف حاجباه و أشفار عینیه و کلّ شعره فی وجهه و رأسه و أخذوا السیابجه و هم سبعون رجلا فانطلقوا بهم و بعثمان بن حنیف إلى عایشه.
فقالت لأبان بن عثمان اخرج إلیه فاضرب عنقه فانّ الأنصار قتلت أباک و أعان على قتله فنادى عثمان یا عایشه و یا طلحه و یا زبیر إنّ أخی سهل بن حنیف خلیفه علیّ بن أبی طالب علیه السّلام على المدینه و اقسم باللّه إن قتلتمونی لیضعنّ السیف فی بنی أبیکم و أهلیکم و رهطکم فلا یبقى منکم أحدا.

فکفّوا عنه و خافوا أن یوقع سهل بن حنیف بعیالاتهم و أهلهم بالمدینه فترکوه و أرسلت عایشه إلى الزبیر أن اقتل السیابجه فانّه قد بلغنی الّذی صنعوا بک.
قال: فذبحهم و اللّه الزبیر کما یذبح الغنم ولی ذلک منهم عبد اللّه ابنه و هم سبعون رجلا و بقیت منهم طائفه مستمسکین ببیت المال قالوا لا ندفعه إلیکم حتّى یقدم أمیر المؤمنین علیه السّلام فسارت إلیهم الزبیر فی جیش لیلا فأوقع بهم و أخذ منهم خمسین أسیرا فقتلهم صبرا.

قال أبو مخنف: و حدّثنا الصقعب بن زهیر قال کانت السیابجه القتلی یومئذ أربعمائه رجل قال: فکان غدر طلحه و الزبیر بعثمان بن حنیف أوّل غدر فی الاسلام و کان السیابجه أوّل قوم ضربت أعناقهم من المسلمین صبرا.
قال: و خیّروا عثمان بن حنیف بین أن یقیم أو یلحق بعلیّ علیه السّلام فاختار الرّحیل فخلّوا سبیله فلحق بعلیّ علیه السّلام فلما رآه بکى و قال له فارقتک شیخا و جئتک أمرد فقال علیّ علیه السّلام: إنّا للّه و إنّا الیه راجعون قالها ثلاثا.
قال أبو مخنف: فلمّا صفت البصره لطلحه و الزبیر اختلفا فی الصّلاه فاراد کلّ منهما أن یؤمّ بالناس و خاف أن یکون صلاته خلف صاحبه تسلیما و رضى بتقدّمه فأصلحت بینهما عایشه بأن جعلت عبد اللّه بن زبیر و محمّد بن طلحه یصلّیان الناس هذایوما و هذا یوما.

قال أبو مخنف: ثمّ دخلا بیت مال البصره فلمّا رأوا ما فیه من الأموال قال الزّبیر: وَعَدَکُمُ اللَّهُ مَغانِمَ کَثِیرَهً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَکُمْ هذِهِ فنحن أحقّ بها من أهل البصره فأخذا ذلک المال کلّه فلمّا غلب علیّ علیه السّلام ردّ تلک الأموال إلى بیت المال و قسّمها فی المسلمین هذا.

و قد تقدّم فی شرح کلام له علیه السّلام و هو ثامن المختار من الخطب کیفیّه وقعه الجمل و مقتل الزّبیر فارّا عن الحرب و تقدّم نوادر تلک الوقعه فی شرح سایر الخطب و الکلمات فی مواقعها اللّاحقه فلتطلب من مظانّها.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن امام انام و وصیّ والا مقام است مشتمل بر سه فصل: فصل اول متضمن حمد و ثنا است مر حق تعالى را مى ‏فرماید: شکر و سپاس خداوندى را سزاست که نمى‏ پوشد از او آسمانی آسمان دیگر را و نه زمینی زمین دیگر را.

فصل دوم متضمّن شکایتست از اهل شورى و غاصبان خلافت، مى‏ فرماید: و گفت بمن گوینده که سعد وقاص ملعون بود اى پسر ابو طالب بدرستى که تو بأمر خلافت بسیار حریصى، پس گفتم من بلکه شما بحقّ خدا حریص‏ترید و دورتر و من اختصاصم بیشتر است و نزدیکیم زیادتر، و جز این نیست که طلب می کنم حقى را که مختصّ است بمن و شما حایل و حاجب مى ‏شوید میان من و میان آن، و دست ردّ مى‏زنید بروى من نزد آن، پس زمانى که کوفتم آن گوینده را با حجت و دلیل در میان جماعت حاضران بیدار شد از خواب غفلت گوئیا که او نمى داند چه جواب بدهد بمن.

بار خدایا بدرستى که من طلب اعانت می کنم از تو بر طایفه قریش و بر کسانی که اعانت کردند ایشان را پس بدرستى که ایشان بریدند خویشى مرا و حقیر شمردندبزرگی مرتبه مرا و اتفاق کردند بمنازعه من در کارى که آن اختصاص بمن داشت پس از آن گفتند بدان که در حق است أخذ کردن ما آن را و در حقّ است ترک کردن تو آن را.

فصل سوم در ذکر اصحاب جمل است مى‏ فرماید: پس خروج کردند در حالتى که مى ‏کشیدند حرم پیغمبر خدا را یعنى عایشه خاطئه را چنانچه کشیده مى‏ شود کنیز هنگام فروختن او در حالتى که متوجّه شدند با او بسوى بصره، پس حبس کردند و نگه داشتند طلحه و زبیر زنان خودشان را در خانه خود، و بیرون آوردند زن محبوس شده حضرت رسالتماب را از براى خودشان و از براى غیر خودشان، در لشکرى که نبود از ایشان هیچ مردى مگر این که عطا کرده بود بمن اطاعت خود را، و بخشیده بود بمن بیعت خود را، در حالتى که بیعتشان از روى طوع و رغبت بود نه با جبر و اکراه.

پس آمدند بر حاکم من که در بصره بود و بر خازنان بیت المال مسلمانان و بر غیر ایشان از اهل بصره پس کشتند طائفه را با صبر و اسیرى، و طائفه را با مکر و حیله، پس قسم بخدا اگر نمى‏ رسیدند از مسلمانان مگر به یک نفر مرد در حالتى که متعمّد بودند در قتل آن بدون گناه و تقصیرى که کسب نموده آن را هر آینه حلال بود مرا کشتن جمیع این لشکر از جهه این که حاضر شدند بکشتن او و انکار نکردند و دفع نکردند از او کشتن را با زبانی و نه با دستى بگذار که ایشان بقتل آوردند از مسلمانان مثل عددى را که داخل شده بودند با ایشان بر ایشان.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۵۹

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۷۰ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۱ صبحی صالح

۱۷۱- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) لما عزم على لقاء القوم بصفین‏

الدعاء

اللَّهُمَّ رَبَّ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَ الْجَوِّ الْمَکْفُوفِ الَّذِی جَعَلْتَهُ مَغِیضاً لِلَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ مَجْرًى لِلشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ مُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ السَّیَّارَهِ

وَ جَعَلْتَ سُکَّانَهُ سِبْطاً مِنْ مَلَائِکَتِکَ لَا یَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِکَ

وَ رَبَّ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِی جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ مَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ وَ الْأَنْعَامِ

وَ مَا لَا یُحْصَى مِمَّا یُرَى وَ مَا لَا یُرَى

وَ رَبَّ الْجِبَالِ الرَّوَاسِی الَّتِی جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ اعْتِمَاداً

إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا الْبَغْیَ وَ سَدِّدْنَا لِلْحَقِّ

وَ إِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَیْنَا فَارْزُقْنَا الشَّهَادَهَ وَ اعْصِمْنَا مِنَ الْفِتْنَهِ

الدعوه للقتال‏

أَیْنَ الْمَانِعُ لِلذِّمَارِ

وَ الْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ مِنْ أَهْلِ الْحِفَاظِ

الْعَارُ وَرَاءَکُمْ وَ الْجَنَّهُ أَمَامَکُمْ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلامو هى المأه و السبعون من المختار فى باب الخطب

و ذلک فی الیوم الرّابع من الوقعه سابع شهر صفر من سنه سبع و ثلاثین على ما یأتی فی روایه نصر بن مزاحم و رویته عنه باختلاف تطلع علیه.

أللّهمّ ربّ السّقف المرفوع، و الجوّ المکفوف، الّذی جعلته مغیضا للّیل و النّهار، و مجرى للشّمس و القمر، و مختلفا للنّجوم السّیّاره، و جعلت سکانه سبطا من ملائکتک لا یسأمون من عبادتک. و ربّ هذه الأرض الّتی جعلته قرارا للأنام، و مدرجا للهوامّ و الأنعام، و ما لا یحصى ممّا یرى و ما لا یرى.
و ربّ الجبال الرّواسی الّتی جعلتها للأرض أوتادا، و للخلق اعتمادا إن أظهرتنا على عدوّنا فجنّبنا عن البغی و سدّدنا للحقّ، و إن أظهرتهم علینا فارزقنا الشّهاده، و اعصمنا من الفتنه.
أین المانع للذّمار، و الغائر عند نزول الحقائق من أهل الحفاظ العار (النّار خ ل) وراءکم و الجنّه أمامکم.

اللغه

(غاض) الماء یغیض غیضا و مغاضا قلّ و نقص قال سبحانه وَ غِیضَ الْماءُ و قال وَ ما تَغِیضُ الْأَرْحامُ أى ما تنقص من تسعه أشهر و الغیضه الأجمه و مجتمع الشجر و (الذّمار) ما یلزمک حفظه من الأهل و المال و الولد و (غار) على امرأته و هی علیه تغار غیره و غیرا و غارا و غیارا فهو غائر و غیران و هی غیرى.

الاعراب

جمله لا یسأمون فی محلّ النّصب صفه لقوله سبطا أو حال لأنّه نکره غیر محضه، فیجوز فی الجمله التالیه لها الوجهان کما صرّح به علماء الأدبیّه و لو وقعت بعد النکره المحضه فوصف فقطّ و بعد المعرفه المحضه فحال لا غیر.

المعنى

اعلم أنّ اللّازم على العبد أن یکون توجّهه فی جمیع حالاته من الشدّه و الرّخاء، و السرّاء، و الضرّاء، و الضیق و السعه، إلى معبوده لا سیّما حاله البؤس‏و الشدّه لأنّ دفع الضّرر الموجود و المتوقّع واجب عقلا و نقلا مع القدره، و الدّعاء محصّل لذلک و هو مقدور فیجب المصیر إلیه.

أمّا مقدوریّته فلا غبار علیه، و أمّا أنه محصّل لذلک فلما دلّت علیه الأدلّه النقلیّه من الکتاب و السنّه من أنّه یدفع به البلاء الحاصل، و یکشف به السوء النازل.
قال سبحانه: وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً و قال: أَمَّنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ یَکْشِفُ السُّوءَ.
و قال الکاظم علیه السّلام علیکم بالدّعاء فانّ الدعاء و الطّلب إلى اللّه یردّ البلاء و قد قدّر و قضى فلم یبق إلّا إمضاؤه فاذا دعى اللّه و سئل صرفه صرفه.

و روى زراره عن أبی جعفر علیه السّلام قال: ألا أدلّکم على شی‏ء لم یستثن فیه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله قلت: بلى، قال: الدّعاء یردّ القضاء و قد ابرم إبراما و ضمّ أصابعه.
و عن سیّد العابدین علیه السّلام إنّ الدّعاء و البلاء لیتواقفان إلى یوم القیامه إنّ الدّعاء لیردّ البلاء و قد ابرم إبراما.
و عنه علیه السّلام الدّعاء یدفع البلاء النازل، و ما لم ینزل.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: ألا أدلّکم على سلاح ینجیکم من أعدائکم و یدرّ أرزاقکم قالوا بلى یا رسول اللّه، قال: تدعون ربّکم باللّیل و النهار و قال: سلاح المؤمن الدّعاء.
و قال أمیر المؤمنین علیه السّلام الدّعاء ترس المؤمن، و متى تکثر قرع الباب یفتح لک.
و قال الصّادق علیه السّلام الدّعاء أنفذ من السنان الحدید.

هذا کلّه مضافا إلى ما تقدّمت فی شرح الکلام السّادس و الأربعین من الأدلّه الوارده فی الحثّ و الترغیب علیه.
إذا عرفت ذلک فأقول: لما کان مقام الحرب و الجدال، و لقاء الشجعان و الأبطال أحقّ المواقع الّتی یتوسل فیها إلى اللّه بالتخلّص إلیه، و التوجّه له، و کان الدّعاءإلیه بمقتضى الأدلّه السّابقه أفضل ما یتوقّى به من الدّواهی و المکاره، و ترس من الأعداء و جنّه لا شی‏ء أوقى منه، و أنفذ علیهم من السّنان الحدید، و أشدّ تأثیرا من الضرب بالمشرفیّ و المهنّد و الطعن بالخطى و القنى المسدّد لا جرم توجّه أمیر المؤمنین علیه السّلام إلیه سبحانه بالدّعاء لما عزم لقاء القوم بصفّین«» فقال: (أللّهمّ ربّ السقف المرفوع) أى السّماء الّتی رفعها بغیر عمد ترونها، و إطلاق السقف علیها إمّا حقیقه أو من باب الاستعاره تشبیها لها بسقف البیت فی الارتفاع و الاحاطه (و الجوّ المکفوف) أى الفضاء الذی کفّها بقدرته و جعله محلّا لسماواته و أرضه.

قال الشّارح البحرانی بعد تفسیر السقف المرفوع بالسّماء و کذلک الجوّ المکفوف قال الشارح المعتزلی الجوّ المکفوف السّماء أیضا کفّه أى جمعه و ضمّ بعضه إلى بعض، و یمرّ فی کلامه علیه السّلام نحو هذا و أنّ السّماء هواء جامد أو ماء جامد انتهى.

و فیه نظر لما قد دلّت علیه الفصل الثامن من الخطبه الاولى صریحا أنّ الجوّ غیر السّماء و أنّه محلّ لها حیث قال علیه السّلام هناک: ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء و شقّ الأرجاء و سکائک الهواء- إلى أن قال:- فرفعه فی هواء منفتق، و جوّ منفهق فسوّى منه سبع سماوات. فانظر ما ذا ترى، هذا.

مضافا إلى أنّ کون الجوّ بمعنى السماء لم یذکره أحد من اللّغویّین و غیرهم فیما رأیتهم بل هم بین مفسّر له بالهواء و بین مفسّر بالفضاء و بعضهم بما بین السّماء و الأرض اللّهمّ إلّا أن یوجّه ما ذکره الشارحان بأنّه ارید منه فی خصوص هذا المقام السّماء مجازا بعلاقه الحال و المحل أو المجاوره بقرینه قوله (الذی جعلته‏مغیضا للّیل و النهار) مع المعطوفات علیه التالیه له فانّ هذه کلّها من أوصاف السّماء فلا بدّ من ارتکاب المجاز حتّى یصحّ الوصف بها إذ على إراده الحقیقه امتنع جعلها صفاتا له و احتمال کونها صفاتا للسقف المرفوع مدفوع باستلزامه الفصل بین التابع و المتبوع بالأجنبیّ و هو خلاف القواعد الأدبیّه فافهم.

و کیف کان فمعنى کونه مغیضا للّیل و النهار أنّه محلّ لنقصان کلّ منهما مع زیاده الاخر و ذلک لأنّ حصول اللّیل إنّما هو بحرکه الشّمس عن فوق الأرض إلى ما تحتها، و حصول النّهار بحرکتها عن تحتها إلى ما فوقها، و بکیفیّه حرکتها فی الفلک یختلفان زیاده و نقصانا.

فکلّما قرب الشمس إلى المعدّل یطول النهار و یقصر اللّیل و کلّما بعدت یکون بالعکس قال سبحانه فی سوره لقمان: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ یُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ و فی الزّمر یُکَوِّرُ اللَّیْلَ عَلَى النَّهارِ وَ یُکَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّیْلِ و لذلک ترى کلّ بلد یکون عرضه الشمالی أکثر یکون أیّامه الصّیفیّه أطول و لیالیه الصّیفیه أقصر و أیّامه و لیالیه الشتویه بالضدّ من ذلک.

فلما کان ظلام اللّیل و ضوء النّهار و اختلافهما فی الطول و القصر و الزیاده و النقصان باختلاف حرکه الشّمس، و کان محلّ الحرکه هو السّماء صحّ بذلک الاعتبار جعله مغیضا لهما. و یقرب ممّا ذکرته ما قاله الشارح البحرانی فانّه بعد تفسیره المغیض بالمغیب قال: لأنّ الفلک بحرکته المستلزمه لحرکه الشمس إلى وجه الأرض یکون سببا لغیبوبه اللیل و استلزام حرکته لحرکتها عن وجه الأرض یکون سببا لغیبوبه النهار فکان کالمغیض لهما فاستعار له لفظ المغیض.
و أمّا ما قاله الشارح المعتزلی من أنّ معناه أنّه جعله غیضه لهما و هی فی الأصل الأجمه یجتمع إلیها الماء و ینبت فیها الشجر کأنّه جعل الفلک کالغیضه و اللّیل و النّهار کالشجر النابت فیها، و وجه المشارکه تولّد الشجر من الغیضه و تولّد اللّیل و النهار من جریان الفلک فلیس بشی‏ء کما لا یخفى هذا.

و قوله: (و مجرى للشمس و القمر) أى محلّا لجریانهما قد ظهر تفصیل الکلام‏فیه فی شرح الفصل الثامن من الخطبه الاولى کما تقدّم تفصیلا و الکلام فی قوله (و مختلفا للنجوم السیّاره) أى محلّا لاختلافها فی السّیر بالسرعه و البطؤ و الحرکه المخصوصه لکلّ منها فی شرح الفصل المذکور أیضا و کذا فی شرح الفصل الرابع من الخطبه التسعین فلیراجع المقامین (و جعلت سکّانه سبطا) أى قبیلا (من ملائکتک لا یسأمون من «عن خ» عبادتک) و قد عرفت أیضا شرح حال الملائکه و اختلاف فرقها و عدم ملالهم من عباده الربّ سبحانه فی شرح الفصل التاسع من الخطبه الأولى و الفصل الخامس من الخطبه التسعین.

(و ربّ هذه الأرض الّتی جعلتها قرارا للأنام و مدرجا للهوامّ) و الحشرات (و الأنعام) و البهایم (و ما لا یحصى) من المصنوعات العجیبه و المخلوقات الغریبه (ممّا یرى و ممّا لا یرى) و تقدّم الکلام فی عجائب خلقه الأرض و دحوها على الماء و المنافع التی للنّاس فیها فی شرح الفصل السادس من الخطبه التسعین.

قال الشّارح البحرانی قال بعض العلماء من أراد أن یعرف حقیقه قوله ما یرى و ما لا یرى فلیوقد نارا صغیره فی فلاه فی لیله صیفیّه و ینظر ما یجتمع علیها من غرائب أنواع الحیوان العجیبه الخلق لم یشاهدها هو و لا غیره قال الشارح و أقول: و یحتمل أن یرید بقوله و ما لا یرى ما لیس من شأنه أن یرى إمّا لصغره أو لشفّافیّته (و ربّ الجبال الرّواسی) أى الثابتات (الّتی جعلتها للأرض أوتادا) کما عرفت فی شرح الفصل الثّالث من الخطبه الاولى (و للخلق اعتمادا) لأنّ فیها ینابیع المعادن و معادن الینابیع و فیها المرابض و المراتع، یرعون فیها الأنعام و یسرحون فیها الأغنام، و قد جعل فیها أکنانا و کهوفا و غیرانا یأوون فیها فی الصّیف و الشتاء و یتوقّون بها فی شدّه الحرّ و صباره القرّ.

و یزرعون فیها الزراعات الدّیمیّه، و ینالون منها برکات کثیره فصحّ بذلک کونها اعتمادا للخلایق و کون اتّکالهم علیها بما لهم فیها من المعایش و المرافق هذا و لما نادى الربّ المتعال بما تدلّ على اتّصافه بالقدره و العظمه و الجلال‏ تخلّص الى ما دعاه لأجله«» فقال: (إن أظهرتنا) و نصرتنا (على عدوّنا فجنّبنا عن) الظلم و (البغى و سدّدنا ل) لصواب و ا (لحقّ) و لا تجعلنا کسایر المحاربین من الملوک و السلاطین یحاربون الأعداء للدّنیا لا للدّین فاذا غلبوا أعداءهم یظلمون و عن البغی و الطغیان لا یمسکون (و إن أظهرتهم) و جعلتهم غالبین (علینا فارزقنا) عظیم الزلفى و (الشهاده و اعصمنا من) الضلال و (الفتنه).

ثمّ أخذ فی تحریض أصحابه على القتال بلفظ مهیج لهم على ایقاد نار الحرب و إضرامها فقال: (أین المانع للذّمار) اللّام للجنس و الاستفهام للالهاب (و الغائر عند نزول الحقائق من أهل الحفاظ) أی صاحب الغیره و الحمیّه من أهل المحافظه عند نزول الشدائد و النوازل الثابته (العار وراءکم) و فی بعض النسخ النار بدل العار (و الجنّه أمامکم) یعنى فی الهرب و الادبار من الحرب عار فی الأعقاب و نار یوم الحساب و فی الاقبال و التقدم علیه الجنّه و حسن الماب، فمن تولّى عنه خسر و خاب و من سعى إلیه نال عظیم الثواب.

تذییل

روى العلّامه المجلسیّ (ره) فی البحار هذا الکلام له علیه السّلام من کتاب صفّین لنصر بن مزاحم قال: قال نصر حدّثنا عمر بن سعد عن عبد الرّحمان بن جندب عن أبیه قال: لما کان غداه الخمیس لسبع خلون من صفر سنه سبع و ثلاثین و صلّى علىّ علیه السّلام الغداه فغلّس ما رأیت علیّا علیه السّلام غلّس بالغداه أشدّ من تغلیسه یومئذ و خرج بالناس إلى أهل الشّام فزحف نحوهم و کان هو یبدئهم و یسیر إلیهم فاذا رأوه قد زحف استقبلوه بزحوفهم.

و عن عمر بن سعد عن مالک بن أعین عن زید بن وهب قال لمّا خرج علیّ علیه السّلام‏ إلیهم غداه ذلک الیوم فاستقبلوه رفع یدیه إلى السماء فقال: اللّهمّ ربّ هذا السقف المحفوظ المکفوف، الذی جعلته مغیضا للّیل و النّهار و جعلت فیه مجرى الشمس و القمر، و منازل الکواکب و النجوم، و جعلت سکّانه من الملائکه لا یسأمون العباده.
و ربّ هذه الأرض التی جعلتها قرارا للأنام و الهوامّ و الأنعام، و ما لا یحصى ممّا یرى و ممّا لا یرى من خلقک العظیم.
و ربّ الفلک الّتی تجرى فی البحر بما ینفع النّاس، و ربّ السّحاب المسخّر بین السّماء و الأرض و ربّ البحر المسجور المحیط بالعالمین و ربّ الجبال الرّواسى الّتی جعلها للأرض أوتادا و للخلق متاعا إن أظهرتنا على عدوّنا فجنّبنا البغی و سدّدنا للحقّ و إن أظهرتهم علینا فارزقنا الشّهاده و اعصم بقیّه أصحابی من الفتنه.

قال: فلمّا رأوه قد أقبل تقدّموا إلیه بزحوفهم و کان على میمنته یومئذ عبد اللّه بن بدیل و النّاس على رایاتهم و مراکزهم و علیّ علیه السّلام فی القلب فی أهل المدینه جمهورهم الأنصار و معه من خزاعه و کنانه عدد حسن.
قال نصر: و رفع معاویه قبّه عظیمه و ألقى علیه الکرابیس و جلس تحتها و کان لهم قبل هذا الیوم ثلاثه أیّام و هو الیوم الرّابع من صفر، فخرج فی هذا الیوم محمّد ابن الحنفیّه فی جمع من أهل العراق فأخرج إلیه معاویه عبید اللّه بن عمر بن الخطاب فی جمع من أهل الشام فاقتتلوا فطلب عبید اللّه محمّدا إلى المبارزه فلمّا خرج إلیه دعاه علیّ علیه السّلام و خرج بنفسه راجلا بیده سیفه و قال أنا أبارزک فهلمّ فقال عبید اللّه لا حاجه بی إلى مبارزتک فرجع علیه السّلام إلى صفّه هذا.
و قد تقدّم جمل وقایع صفین فی شرح الکلام الخامس و الستّین و غیره ممّا نبّهناک علیه هناک.

الترجمه

از جمله کلام بلاغت نظام آن امام أنام است در حینی که عزم فرمود بملاقات نمودن با قوم شام در جنگ صفّین که بأین مضامین دعا نمود:

بار إلها اى پروردگار سقف برافراشته و آسمان باز داشته، چنان آسمانی که گردانیدى آنرا محلّ نقصان از براى شب و روز، و محلّ جریان از براى مهر و ماه و محلّ اختلاف از براى ستارهاى سیر کننده، و گردانیدى ساکنان آن را قبیله از فرشتگان خود در حالتى که ملال نمى‏آورند از عبادت تو.

و اى پروردگار این زمین که گردانیدی آن را قرار گاه از براى مردمان و محلّ رفتار حشرات زمین و چهارپایان و آنچه که شمرده نمى ‏شود از مخلوقاتی که دیده مى‏ شود، و از مخلوقاتى که دیده نمى ‏شود.
و اى پروردگار کوههاى ثابت استوار که گردانیدی آنها را از براى زمین میخها و از براى خلق تکیه‏گاه اگر غالب گردانى ما را بر دشمنان ما پس کنار گردان ما را از تعدّى و ستم، و راست دار ما را از براى حقّ، و اگر غالب گردانى ایشان را بر ما پس روزی کن بما شهادت را، و حفظ کن ما را از ضلالت و فتنه.

کجا است منع کننده چیزى که لازم است بر جوانمرد حفظ کردن آن و کجا است صاحب غیرت هنگام نازل شدن شداید امور که کاشف است از حقایق کار از أهل حمیّت و فتوّت عار و سرزنش در پشت شما است اگر رو گردان باشید از محاربه، و بهشت عنبر سرشت در پیش شما است اگر اقدام نمائید بر مقاتله.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۳۹

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۶۹ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۷۰ صبحی صالح

۱۷۰- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) فی وجوب اتباع الحق عند قیام الحجه

کلّم به بعض العرب‏

و قد أرسله قوم من أهل البصره لما قرب ( علیه ‏السلام  ) منها لیعلم لهم منه حقیقه حاله مع أصحاب الجمل لتزول الشبهه من نفوسهم

فبین له ( علیه ‏السلام  ) من أمره معهم ما علم به أنه على الحق

ثم قال له بایع فقال إنی رسول قوم و لا أحدث حدثا حتى أرجع إلیهم فقال ( علیه ‏السلام  )

أَ رَأَیْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِینَ وَرَاءَکَ بَعَثُوکَ رَائِداً تَبْتَغِی لَهُمْ مَسَاقِطَ الْغَیْثِ‏

فَرَجَعْتَ إِلَیْهِمْ وَ أَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الْکَلَإِ وَ الْمَاءِ فَخَالَفُوا إِلَى الْمَعَاطِشِ وَ الْمَجَادِبِ مَا کُنْتَ صَانِعاً

قَالَ کُنْتُ تَارِکَهُمْ وَ مُخَالِفَهُمْ إِلَى الْکَلَإِ وَ الْمَاءِ

فَقَالَ ( علیه ‏السلام  )فَامْدُدْ إِذاً یَدَکَ

فَقَالَ الرَّجُلُ فَوَاللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ عِنْدَ قِیَامِ الْحُجَّهِ عَلَیَّ فَبَایَعْتُهُ ( علیه‏ السلام  )

وَ الرَّجُلُ یُعْرَفُ بِکُلَیْبٍ الْجَرْمِیِّ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من کلام له علیه السّلام
و هو المأه و التاسع و الستّون من المختار فی باب الخطب

کلّم به بعض العرب و قد أرسله قوم من أهل البصره لمّا قرب منها لیعلم لهم منه علیه السّلام حقیقه حاله مع أصحاب الجمل لتزول الشبهه من نفوسهم، فبین له من أمره معهم ما علم به انّه على الحقّ ثمّ قال علیه السّلام له: بایع فقال: إنّی رسول قوم و لا احدث حدثا حتّى أرجع إلیهم فقال: أرأیت لو أنّ الّذین وراءک بعثوک رائدا تبتغی لهم مساقط الغیث فرجعت إلیهم فأخبرتهم عن الکلاء و الماء فخالفوا إلى المعاطش و المجادب ما کنت صانعا فقال کنت تارکهم و مخالفهم إلى الکلاء و الماء، فقال علیه السّلام: فامدد إذا یدک، فقال الرّجل: و اللّه ما استطعت أن أمتنع عند قیام الحجّه علیّ فبایعته. و الرّجل یعرف بکلیب الجرمی.

اللغه

(الرائد) المرسل فی طلب الکلاء (و الکلاء) بالهمز العشب رطبا کان أو یابسا نقله الفیّومى عن ابن فارس و غیره و الجمع أکلاء مثل سبب و أسباب.
و قال الشارح المعتزلی الکلاء النبت إذا طال و أمکن أن یرعى و أوّل ما یظهر یسمّى الرّطب فاذا طال قلیلا فهو الخلاء فاذا طال شیئا آخر فهو الکلاء فاذا یبس فهو الحشیش (و الجرمى) منسوب إلى الجرم بالفتح و هو ابن زبان بطن فی قضاعه.
قال الشّارح المعتزلی: منسوب إلى بنی جرم بن زبان و هو علاف بن حلوان ابن عمران ابن الحافى بن قضاعه من حمیر.

الاعراب

الهمزه فی قوله أرأیت للتقریر و جمله تبتغى فی محلّ النصب صفه لرائدا جیئت بها للایضاح و جمله ما کنت صانعا جواب لو، و قوله فامدد إذا یدک قال ابن هشام و الصّحیح أنّ نونها أى نون إذن تبدل عند الوقف علیها الفا و قیل یوقف علیها بالنّون لأنّها کنون ان و لن روى عن المازنی و المبرّد، و الجمهور یکتبونها بالألف و کذا رسّمت فی المصاحف و المازنی و المبرّد.

المعنى

اعلم أنّ هذا الکلام کما ذکره الرّضی (کلّم علیه السّلام به بعض العرب) و هو الکلیب الجرمی الذی صرّح الرّضی به آخرها (و قد أرسله قوم من أهل البصره) إلى حضره أمیر المؤمنین (لمّا قرب علیه السّلام منها لیعلم لهم منه علیه السّلام حقیقه حاله مع أصحاب الجمل لتزول الشبهه من نفوسهم) أى نفوس أهل البصره (فبیّن علیه السّلام) للرجل المرسل (من أمره معهم) أی مع أهل الجمل (ما) أی برهانا وافیا و دلیلا شافیا (علم به) أی علم الرجل بذلک البیان و البرهان (أنه علیه السّلام على الحقّ) و أنّ أصحاب الجمل على الباطل (ثمّ قال علیه السّلام له بایع ف) اعتذر الرّجل و (قال إنّی‏رسول قوم و لا) ینبغی أن (أحدث حدثا حتّى أرجع إلیهم) و اخبرهم بما جرى بینی و بینک.

فلما سمع عذره أراد دفعه بحجّه لا محیص عنها و ضرب مثلا هو ألطف المثال و أوضحها و أحسنها فی مقام الاحتجاج (فقال أرأیت) أى أخبرنی ما ذا رأیک (لو أنّ الّذین ورائک) أی خلفک (بعثوک رائدا تبتغى لهم مساقط الغیث) و المرعى (فرجعت إلیهم فأخبرتهم عن الکلاء و الماء فخالفو) ک و ظعنو (ا إلى المعاطش و المجادب) أی مواضع العطش و الجدب (ما کنت صانعا) أ تترکهم و تخالفهم و تطلب ما شاهدت و رأیت الماء و الکلاء أم تذهب معهم إلى المجادب و المعاطش (فقال) الرّجل (کنت تارکهم و مخالفهم) متوجّها (إلى الکلاء و الماء، فقال علیه السّلام فامدد إذا یدک) لأنّک إذا کنت تارک أصحابک و مفارقهم عند وجدان الکلاء و الماء اللّذین بهما غذاء الأبدان و مادّه حیاه الأجسام فترکک إیّاهم و مفارقتک منهم عند وجدان نور العلم و المعرفه و الهدایه الذی هو مادّه حیاه الأرواح و النفوس أحرى و أولى، (فقال الرّجل: و اللّه ما استطعت أن أمتنع) من البیعه (عند قیام الحجّه علیّ فبایعته).

أقول: هکذا یؤثر الموعظه لأهلها و یهدی اللّه لنوره من یشاء، و یضرب اللّه الأمثال، و مثل اهتداء هذا الرّجل رسول أهل البصره بنور الولایه اهتداء رسول عایشه و اهتداء رجل آخر من بنی عبد قیس رسول الزّبیر و طلحه و استبصارهما بعد ما قامت علیهما الحجه.

أمّا رسول عائشه فقد روى فی مجلّد الفتن من البحار و فی کتاب مدینه المعاجز تألیف السیّد المحدّث السیّد الهاشم البحرانی جمیعا عن محمّد بن الحسن الصفّار فی البصائر عن أحمد بن محمّد الحسن بن علیّ بن النعمان عن أبیه عن محمّد بن سنان رفعه قال: إنّ عایشه قالت التمسوا لی رجلا شدید العداوه لهذا الرجل حتّى أبعثه إلیه قال فأتیت به فمثل بین یدیها فرفعت إلیه رأسها فقالت له ما بلغت من عداوتک لهذا الرّجل فقال کثیرا ما أتمنّى على ربّی أنّه و أصحابه فی وسطی فضربت ضربه بالسیف یسبق «یصبغ خ ل» السّیف الدّم قالت فأنت له، اذهب بکتابی هذا فادفعه إلیه‏ ظاعنا رأیته أو مقیما أما أنّک إن رأیته ظاعنا رأیته راکبا على بغله رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم متنکّبا قوسه معلّقا کنانته على قربوس سرجه، و أصحابه خلفه کأنهم طیر صوافّ فتعطیه کتابی هذا و إن عرض علیک طعامه و شرابه فلا تناولنّ منه شیئا فانّ فیه السّحر.

قال: فاستقبلته راکبا فناولته الکتاب ففضّ خاتمه ثمّ قرأه فقال: تبلغ إلى منازلنا فتصیب من طعامنا و شرابنا، فنکتب جواب کتابک، فقال: هذا و اللّه ما لا یکون قال: فسارّ خلفه و أحدق به أصحابه ثمّ قال له: أسألک قال: نعم، و تجیبنی قال: نعم.
قال: فنشدتک اللّه هل قالت: التمسوا لى رجلا شدید العداوه لهذا الرّجل فأتیت بک فقالت لک ما بلغ من عداوتک لهذا الرّجل فقلت کثیرا ما أتمنّى على ربّی أنّه و أصحابه فی وسطى و انّی ضربت ضربه سبق «صبغ خ ل» السّیف الدّم قال: اللّهمّ نعم.

قال: فنشدتک اللّه أقالت لک: اذهب بکتابی هذا فادفعه إلیه ظاعنا کان أو مقیما أما إنک إن رأیته راکبا رأیته على بغله رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم متنکّبا قوسه معلّقا کنانته بقربوس سرجه و أصحابه خلفه کأنهم طیر صواف قال: اللّهمّ نعم.
قال علیه السّلام: فنشدتک اللّه هل قالت لک إن عرض علیک طعامه و شرابه فلا تناولنّ منه شیئا فانّ فیه السحر قال: اللّهمّ نعم.
قال: فتبلغ أنت عنی فقال: اللّهمّ نعم فانی قد أتیتک و ما فی الأرض خلق أبغض إلىّ منک و أنا الساعه ما فی الأرض خلق أحبّ إلىّ منک فمر بی بما شئت.

قال علیه السّلام: ارجع الیها بکتابی هذا، و قل لها ما أطعت اللّه و لا رسوله حیث أمرک اللّه بلزوم بیتک فخرجت تردّدین فی العسکر، و قل لهما«» ما أنصفتما اللّه و رسوله، حیث خلفتم حلائلکم فی بیوتکم و أخرجتم حلیله رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم.

قال: فجاء بکتابه فطرحه إلیها و أبلغها مقالته ثمّ رجع إلیه فاصیب بصفّین، فقالت ما نبعث إلیه بأحد إلّا أفسده علینا.

و أمّا رسول طلحه و الزّبیر ففی الکافی عن محمّد بن یعقوب الکلینیّ عن علیّ ابن ابراهیم بن هاشم، عن أبیه، عن ابن محبوب، عن سلّام بن عبد اللّه، و محمّد بن الحسن، و علیّ بن سهل بن زیاد، و أبو علیّ الأشعری، عن محمّد بن حسان جمیعا، عن محمّد بن علیّ عن علیّ بن أسباط عن سلام بن عبد اللّه الهاشمیّ قال محمّد بن علیّ: و قد سمعته منه عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: بعث طلحه و الزّبیر رجلا من عبد القیس یقال له خداش إلى أمیر المؤمنین علیه السّلام و قالا له: إنّا نبعثک إلى رجل طال ما نعرفه و أهل بیته بالسّحر و الکهانه و أنت أوثق من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلک و أن تحاجّه لنا حتّى تقفه على أمر معلوم.

و اعلم أنّه أعظم النّاس دعوى فلا یکسرنّک ذلک عنه، و من الأبواب التی یخدع بها النّاس الطعام و الشراب و العسل و الدّهن و أن یخالی الرجل فلا تأکل له طعاما، و لا تشرب له شرابا، و لا تمسّ له عسلا و لا دهنا، و لا تخل معه، و احذر هذا کلّه منه و انطلق على برکه اللّه.

فاذا رأیته فاقرأ آیه السخره«» و تعوّذ باللّه من کیده و کید الشّیطان، فاذا جلست إلیه فلا تمکّنه من بصرک کلّه و لا تستأنس به ثمّ قل له إنّ أخویک فی الدّین و ابنی عمّک فی القرابه یناشدانک القطیعه، و یقولان لک أما تعلم أنا ترکنا الناس لک، و خالفنا عشائرنا فیک منذ قبض اللّه عزّ و جلّ محمّدا صلّى اللّه علیه و آله فلمّا نلت أدنى مناک ضیّعت حرمتنا، و قطعت رجائنا.

ثمّ قد رأیت أفعالنا فیک، و قدرتنا على الناس عنک، و سعه البلاد دونک، و انّ من کان یصرفک عنا و عن صلتنا کان أقلّ لک نفعا و أضعف عنک دفعا منّا، و قد وضح الصبح لذى عینین.

و قد بلغنا انتهاک لنا و دعاء علینا فما الّذی یحملک على ذلک فقد کنّا نرى أنک أشجع فرسان العرب أتتّخذ اللّعن دینا و ترى أنّ ذلک یکسرنا عنک.
فلما أتى خداش إلى أمیر المؤمنین علیه السّلام صنع ما أمراه فلمّا نظر إلیه علیّ علیه السّلام و هو یناجی نفسه ضحک و قال علیه السّلام: ههنا یا أخا عبد قیس و أشار له إلى مجلس قریب منه، فقال: ما أوسع المکان ارید أن اؤدّى إلیک رساله قال علیه السّلام بل تطعم و تشرب و تحل «تخلى خ ل» ثیابک و تدّهن، ثمّ تؤدّى رسالتک، قم یا قنبر فأنزله.

قال ما بى إلى شی‏ء مما ذکرت حاجه قال فأخلو بک قال کلّ سرّ لی علانیه قال فانشدک باللّه الذی هو أقرب إلیک من نفسک، الحائل بینک و بین قلبک، الّذی یعلم خائنه الأعین و ما تخفى الصدور، أتقدّم علیک الزبیر بما عرضت علیک قال: اللهمّ نعم.
قال: لو کتمت بعد ما سألتک ما ارتدّ إلیک طرفک فأنشدک اللّه هل علّمک کلاما تقوله إذا أتیتنی قال: اللهمّ نعم، قال علیه السّلام آیه السخره قال نعم.

قال: فاقرأها فقرأها و جعل علیّ علیه السّلام یکرّرها و یردّدها و یصحّح علیه إذا أخطأ حتّى إذا قرئها سبعین مرّه.
قال الرّجل ما یرى أمیر المؤمنین علیه السّلام بتردّدها سبعین مرّه، قال له: أتجد قلبک اطمأنّ قال: أی و الّذی نفسی بیده قال: فما قالا لک فأخبره، فقال: قل لهما کفى بمنطقکما حجّه علیکما و لکنّ اللّه لا یهدی القوم الظالمین زعمتما أنکما أخواى فی الدّین و ابنا عمّی فی النسب فأمّا النسب فلا أنکره و إن کان النسب مقطوعا إلّا ما وصله اللّه بالاسلام و أمّا قولکما أنکما أخواى فی الدّین، فان کنتما صادقین فقد فارقتما کتاب اللّه عزّ و جلّ، و عصیتما أمره بأفعالکما فی أخیکما فی الدّین، و إلّا فقد کذبتما و افتریتما بادّعائکما أنکما أخواى فی الدّین.

و أمّا مفارقتکما الناس منذ قبض اللّه محمّدا صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فان کنتما فارقتماهم بحقّ فقد نقضتما ذلک الحقّ بفراقکما إیّاى أخیرا و إن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلک الباطل علیکما مع الحدث الّذی أحدثتما.

مع أنّ صفتکما بمفارقتکما الناس لم یکن إلّا لطمع الدّنیا، زعمتما و ذلک قولکما فقطعت رجائنا، لا تعیبان بحمد اللّه من دینی شیئا.
و أمّا الّذی صرفنی عن صلتکما فالّذی صرفکما عن الحقّ و حملکما على خلعه من رقابکما کما یخلع الحرون لجامه، و هو اللّه ربّی لا اشرک به شیئا فلا تقولا أقلّ نفعا و أضعف دفعا فتستحقّا اسم الشرک مع النفاق.
و أمّا قولکما إنّی أشجع فرسان العرب و هربکما من لعنی و دعائی، فانّ لکلّ موقف عملا و اذا اختلفت الأسنّه و ماجت لبود الخیل و ملأ سحرا کما أجوافکما فثمّ یکفینی اللّه بکمال القلب.

و أمّا اذا أبیتما بأنى أدعو اللّه فلا تجزعا من أن یدعو علیکما رجل ساحر من قوم سحره زعمتما.
اللّهم أقعص«» الزبیر بشرّ قتله، و اسفک دمه على ضلاله، و عرّف طلحه المذلّه و ادّخر لهما فی الاخره شرا من ذلک ان کانا ظلمانی و افتریا علیّ و کتما شهادتهما و عصیاک و عصیا رسولک فیّ، قل آمین قال خداش: آمین.
ثمّ قال خداش لنفسه ما رأیت لحیه قطّ أبین خطأ منک حامل حجّه ینقض بعضها بعضا لم یجعل اللّه لها مساکا«» أنا أبرء إلى اللّه منهما.
قال علیّ علیه السّلام ارجع إلیهما و أعلمهما ما قلت قال: لا و اللّه حتّى تسئل اللّه أن یردّنی إلیک عاجلا و ان یوفّقنی لرضاه فیک، ففعل فلم یلبث أن انصرف و قتل معه یوم الجمل رحمه اللّه.

الترجمه

از جمله کلام آن حضرتست که تکلّم فرموده بان با بعض عرب که کلیب جرمى بود وقتى که فرستاده بود او را قومی از اهل بصره زمانی که آن حضرت نزدیک بصره بود تا بداند از براى ایشان از راى آن حضرت حقیقت حال او را با أصحاب جمل تا زایل شود شبهه از نفوس ایشان.

پس بیان فرمود بأو از کار خود با ایشان آن چیزى را که دانست او بان چیز این که آن حضرت بحق است و ایشان بباطل بعد از آن فرمود باو که بیعت کن پس گفت باو که من ایلچى قومى هستم کارى نمی کنم بی ‏مشورت ایشان تا برگردم بطرف ایشان پس فرمود آن حضرت: خبر ده مرا اگر کسانی که در پس توأند بفرستند ترا در حالتى که طلب کننده آب و گیاه باشی که طلب نمائى از براى ایشان مواضع افتادن باران را پس برگردى بسوى ایشان و خبر دهى ایشان را از آب و گیاه پس مخالفت نمایند، و متوجه شوند بمکانهاى بى ‏آب و علف، چه کار خواهى کرد در این صورت.

عرض کرد که مى ‏باشم ترک کننده ایشان و مخالف ایشان، و مى‏ روم بسوى آب و گیاه، پس فرمود حالا که این طور است دراز کن دست خود را یعنی بیعت نما، پس گفت آن مرد قسم بحق خدا نتوانستم خود دارى کنم نزد تمام شدن حجّت بر من پس بیعت نمودم با آن حضرت.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۲۹

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۶۸ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۶۹ صبحی صالح

۱۶۹- و من خطبه له ( علیه ‏السلام  ) عند مسیر أصحاب الجمل إلى البصره

الأمور الجامعه للمسلمین‏

إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ رَسُولًا هَادِیاً بِکِتَابٍ نَاطِقٍ وَ أَمْرٍ قَائِمٍ لَا یَهْلِکُ عَنْهُ‏ إِلَّا هَالِکٌ

وَ إِنَّ الْمُبْتَدَعَاتِ الْمُشَبَّهَاتِ هُنَّ الْمُهْلِکَاتُ إِلَّا مَا حَفِظَ اللَّهُ مِنْهَا

وَ إِنَّ فِی سُلْطَانِ اللَّهِ عِصْمَهً لِأَمْرِکُمْ فَأَعْطُوهُ طَاعَتَکُمْ غَیْرَ مُلَوَّمَهٍ وَ لَا مُسْتَکْرَهٍ بِهَا

وَ اللَّهِ لَتَفْعَلُنَّ أَوْ لَیَنْقُلَنَّ اللَّهُ عَنْکُمْ سُلْطَانَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَا یَنْقُلُهُ إِلَیْکُمْ أَبَداً حَتَّى یَأْرِزَ الْأَمْرُ إِلَى غَیْرِکُمْ

التنفیر من خصومه‏

إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ تَمَالَئُوا عَلَى سَخْطَهِ إِمَارَتِی

وَ سَأَصْبِرُ مَا لَمْ أَخَفْ عَلَى جَمَاعَتِکُمْ

فَإِنَّهُمْ إِنْ تَمَّمُوا عَلَى فَیَالَهِ هَذَا الرَّأْیِ انْقَطَعَ نِظَامُ الْمُسْلِمِینَ

وَ إِنَّمَا طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْیَا حَسَداً لِمَنْ أَفَاءَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ فَأَرَادُوا رَدَّ الْأُمُورِ عَلَى أَدْبَارِهَا

وَ لَکُمْ عَلَیْنَا الْعَمَلُ بِکِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَ سِیرَهِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى ‏الله‏ علیه ‏وآله  )وَ الْقِیَامُ بِحَقِّهِ وَ النَّعْشُ لِسُنَّتِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام
و هى المأه و الثامنه و الستون من المختار فی باب الخطب عند مسیر أصحاب الجمل إلى البصره: إنّ اللّه بعث رسولا هادیا بکتاب ناطق و أمر قائم، لا یهلک عنه إلّا هالک و إنّ المبتدعات المشبّهات هنّ المهلکات إلّا ما حفظ اللّه منها و إنّ فی سلطان اللّه عصمه لأمرکم فأعطوه طاعتکم غیر ملومه، و لا مستکره بها و اللّه لتفعلنّ أو لینقلنّ اللّه عنکم سلطان الإسلام ثمّ لا ینقله إلیکم أبدا حتّى یأرز الأمر إلى غیرکم إنّ هؤلاء قد تمالئوا على سخطه إمارتی و سأصبر ما لم أخف على جماعتکم فإنّهم إن تمّموا على فیاله هذا الرّأی انقطع نظام المسلمین و إنّما طلبوا هذه الدّنیا حسدالمن أفائها اللّه علیه فأرادوا ردّ الامور على أدبارها و لکم علینا العمل بکتاب اللّه و سنّه رسوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و القیام بحقّه و النّعش لسنّته.

اللغه

(المشبّهات) فی بعض النسخ بصیغه المفعول و فی بعضها بصیغه الفاعل و فی بعضها (المشتبهات) بدلها یقال شبّهت الشی‏ء بالشی‏ء أى جعلته شبیها به فهو مشبّه بالفتح و شبّهته علیه تشبیها مثل لبّسته تلبیسا وزنا و معنى فأنا مشبّه بالکسر و اشتبهت الامور و تشابهت التبست فلم تتمیّز و لم تظهر قال سبحانه: إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَیْنا و قال: وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لکِنْ شُبِّهَ لَهُمْ.

و (غیر ملومه) فی بعض النسخ بالتخفیف من لام یلوم و فی بعضها بالتّضعیف للمبالغه، و فی بعضها (ملویّه) بدلها أى غیر معوّجه من لوّیت العود إذا عطفته و (أرز) یأرز من باب ضرب انقبض و اجتمع و أرزت الحیّه أی لاذت بجحرها و رجعت إلیه قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله إنّ الاسلام لیأرز إلى المدینه کما یأرز الحیّه على جحرها و (و تمالئوا) على الأمر تعاونوا.

و قال ابن السکیت اجتمعوا و (فال) رأیه یفیل قیلوله و فیله أخطأ و ضعف کتفیّل و رجل فیل الرّأى بالکسر و الفتح ککیس و فاله وفاء له و فاءل من غیر اضافه ضعیفه جمعه أفیال و فی روایه بدل فیاله (فیوله).

الاعراب

الباء فی قوله بکتاب للمصاحبه کما فی دخلت علیه بثیاب السفر، و غیر ملومه بالنصب حال من الطاعه و السین فی قوله و سأصبر لیست لتخلیص المضارع للاستقبال کما هو غالب موارد استعمالها و انما هی لتأکید وقوع الصبر کما نبّه به الزّمخشری حیث قال انها إذا دخلت على فعل محبوب أو مکروه أفادت أنه واقع لا محاله.

و قال فی تفسیر قوله: «فَسَیَکْفِیکَهُمُ اللَّهُ» معنى السین أنّ ذلک کاین لا محاله و إن تأخر إلى حین، و فی تفسیر «وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ» السین مفیده وجود الرحمه لا محاله و هی تؤکّد الوعد کما تؤکّد الوعید إذا قلت سأنتقم منک، و حسدا منصوب على المفعول لأجله.

المعنى

اعلم أنّ هذه الخطبه حسبما ذکره الرضیّ خطبها عند مسیر أصحاب الجمل إلى البصره و الغرض منها التنبیه على ضلال الناکثین و الکشف عن فساد نیّتهم و سوء عقیدتهم و أنّ مقصودهم فی الخروج و البغی علیه علیه السّلام هو الدّنیا لا الدّین و صدّرها بامور نفعها عامّ تذکیرا للمخاطبین و انقاذا لهم من الضّلاله و ایقاظا من رقده الجهاله.
فقال علیه السّلام: (إنّ اللّه بعث رسولا هادیا) إلى شرایع الدّین و معالم الشرع المبین (بکتاب ناطق) بالحقّ لهج بالصّدق (و أمر قائم) مستقیم لیس بذی عوج أو باق حکمه بین الأمّه مستمرّا إلى یوم القیامه (لا یهلک) معرضا (عنه إلّا هالک) أى من بلغ الغایه فی الهلاک فالتنکیر لقصد النوع کما فی قوله تعالى: «إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا».

قال العلّامه التفتازانی أى ظنّا حقیرا ضعیفا اذ الظنّ ممّا یقبل الشدّه و الضّعف فالمفعول المطلق هنا للنوعیه لا للتأکید و بهذا الاعتبار صحّ وقوعه بعد الاستثناء مفرّغا مع امتناع ما ضربته إلّا ضربا على أن یکون المصدر للتأکید لأنّ مصدر ضربته لا یحتمل غیر الضرب و المستثنى منه یجب أن یکون متعدّدا یحتمل المستثنى و غیره (و إنّ المبتدعات المشبّهات) أى البدعات المحدثات فی الاسلام بعد رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم المشبّهات بالسّنن و لیس منها و الملبّسات الأمر على الناس أو الملتبسات علیهم على اختلاف روایات المتن حسبما تقدّم (هنّ المهلکات) فی الاخره لخروجها عن الکتاب و السنّه و قوله: (إلّا ما حفظ اللّه منها) استثناء من بعض متعلّقات المهلکات أى إنّها مهلکه فی جمیع الأحوال إلّا حال حفظ اللّه منها بالعصمه عن ارتکابها أو انّ ما بمعنى من أى مهلکه لکلّ أحد إلّا من حفظه اللّه سبحانه‏

ثمّ قال: (و إنّ فی سلطان اللّه) أى سلطان دین اللّه و هو سلطان الاسلام الذی سیصرّح به أو أراد به السلطنه الالهیّه الّتی قوامها به لکونه خلیفه اللّه فی عباده و بلاده و ولیّ أمره فی أرضه فالاضافه من باب التشریف و الاعتزاز (عصمه لأمرکم) و حفظا له عن التزلزل و الاختلال (فأعطوه طاعتکم غیر ملومه) صاحبها (و لا مستکره بها) أی أطیعوه طوعا و بالاخلاص عن صمیم القلب لا کرها و جبرا ینسب صاحبها الى الرّیاء و النفاق فیستحقّ اللؤم و الملام (و اللّه لتفعلنّ) و لتطیعنّ (أو لینقلنّ اللّه عنکم سلطان الاسلام) أى الخلافه (ثمّ لا ینقله إلیکم أبدا حتّى یأرز الأمر) أى ینقبض و یرجع (إلى غیرکم).

فان قیل کیف قال علیه السّلام لا ینقله إلیکم أبدا و قد عاد إلیهم بالدّوله العبّاسیه قلنا قد أجیب عنه بوجوه: أولها، ما قاله الشّارح المعتزلی و هو أنّ الشرط لم یقع و هو عدم الطاعه، فانّ أکثرهم أطاعوه غیر ملومه و لا مستکره بها و اذا لم یتحقّق الشرط لم یتحقّق المشروط.

الثانی انه خاطب به الشیعه الطالبیّه فقال إن لم تعطونی الطاعه المحضه نقل الخلافه عن هذا البیت حتّى یأرز و ینضمّ إلى بیت آخر و هکذا وقع فانها انضمّت إلى بیت آخر من بنی هاشم.

الثالث أنه أراد بقوله أبدا المبالغه کما تقول: احبس هذا الغریم أبدا و المراد بالقوم الّذین یأرز إلیهم بنو امیّه کأنّه قال إن لم تفعلوا نقل اللّه الخلافه عنکم حتّى یجعلها فی قوم آخرین و هم أعدائکم من أهل الشّام و بنی امیّه و لا یعیدها إلیکم إلى مدّه طویله و هکذا وقع.

الرابع انه قید بالغایه فقال لا یصیر الیهم حتّى یصیر فی قوم آخرین و ظاهر أنّه کذلک بانتقاله إلى بنی امیّه.
و الخامس أنّ القوم الّذین خاطبهم من أصحابه بهذا الخطاب لم ترجع الدّوله الیهم أبدا فانّ اولئک بعد انقضاء دوله بنی امیّه لم یبق منهم ثمّ لم یرجع‏إلى أحد من أولادهم أصلا.

أقول و أحسنها الوجه الثالث و الرّابع و أحسنهما ثانیهما کما هو غیر خفیّ على النّاقد الزکیّ.
ثمّ نبه على ضلال طلحه و الزّبیر و عائشه و إیّاهم أراد بقوله (إنّ هؤلاء القوم قد تمالئوا) أى تعاونوا و تساعدوا و اجتمعوا (على سخطه إمارتی) و کراهیّتها سخیمه و مقتا (و سأصبر) على بغیهم و خروجهم (ما لم أخف على) حوزه (جماعتکم) و على انفصام حبل الاسلام (فانهم إن تمّموا) ما أرادوه و بلّغوه أجله مستقرّین (على فیاله هذا الرّأى) یعنی أنهم إن أتمّوا ما تصدّوه فی مسیرهم و مخالفتهم و بقوا على هذا الرّأى الضعیف (انقطع نظام المسلمین) و انفصم حبل الدّین، و تضعضع سوارى المتقین.

ثمّ بیّن علّه سخطهم لامارته بقوله (و إنما طلبوا هذه الدّنیا) یعنی أنّ عله تمالؤهم علیّ لیست ما أظهروه من الطلب بدم عثمان و إنما هی تنافسهم فی الدّنیا و طلبهم لها (حسدا لمن أفائها اللّه علیه) و ردّها إلیه.
قال الشارح المعتزلی بعد تفسیر الفی‏ء بمعنى الرجوع و هذا الکلام لا یشعر بأنه علیه السّلام کان یقتصد أنّ الأمر له و أنه غلب علیه ثمّ رجع إلیه و لکنه محمول على أنه من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بمنزله الجزء من الکلّ و أنهما من جوهر واحد فلما کان الوالی قدیما هو و رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ثمّ تخلل بین ولایتهما و لا یات غریبه سمّى ولایته فیئا و رجوعا لأنها رجعت الى الدّوحه الهاشمیّه انتهى.

و أنت خبیر بأنّ کلامه علیه السّلام صریح فی ما ذکره الشارح أوّلا و انکار الشارح للإشعار عجیب و الحمل الذی تمحّله غریب، و کم له علیه السّلام فی هذا الکتاب من کلام صریح فی اغتصاب الخلافه، و انتهاب الوراثه، و کفى بذلک شهیدا الخطبه الثالثه، و الکلام السادس، و الخطبه السادسه و العشرین، فضلا عن غیرها.

بل قد ادّعى الشارح نفسه فی شرح الخطبه المأه و الاحدى و السبعین تواتر الأخبار الوارده عنه علیه السّلام فی هذا المعنى و هو کذلک و سنحکى کلامه إذا بلغ الشرح‏ محلّه و ما أدرى ما ذا أعدّه الشّارح للجواب یوم الحساب، مع علمه بالأخبار المتواتره فی هذا الباب، لو لم یکن ما یمحّله من التکلّفات و التأویلات، تقیّه من ذوى الأذناب، و اللّه عالم بالسرائر خبیر بالضمائر هذا.

و قوله (فأرادوا ردّ الامور على أدبارها) أى أرادوا انتزاع أمر الخلافه منه علیه السّلام بعد إقباله إلیه کما انتزعت أوّلا أسوه بما وقع من قبل ثمّ أخبر بما لهم علیه إن قاموا بوظایف الطاعه فقال (و لکم علینا العمل بکتاب اللّه تعالى و سیره رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و القیام بحقه) أى بحق الرّسول صلّى اللّه علیه و آله الواجب علینا القیام به (و النعش لسنّته) أى الرفع لشریعته و الاعلاء لکلمته صلواه اللّه و سلامه علیه و آله.

الترجمه

از جمله خطب فصیحه آن ولیّ مؤمنین و وصیّ خاتم النبیّین است نزد رفتن أصحاب جمل بسوى بصره مى‏ فرماید: بدرستى که خداى تعالى مبعوث فرمود پیغمبر را که هدایت کننده بود بطریق نجاه با کتابی که ناطق بود بحقّ، و با شریعتى که باقی بود تا قیامت، هلاک نمى ‏شود از آن مگر کسى که بالغ شود بمنتهاى هلاکت، آگاه باشید و بدرستى که بدعتهائى که تشبیه شده ‏اند بسنت آنهایند هلاک کنندها مگر آنچه که خدا حفظ فرماید از آن.

و بدرستى که حجت خدا نگه داشتن است مر کار شما را، پس ببخشید بأو اطاعت خودتان را در حالتی که ملامت کرده نشده است و بکراهت داشته نشده بان و بخدا سوگند البته باید اطاعت آن را نمائید و الّا هر آینه محققا نقل می کند خداى تعالى از شما سلطنت اسلام را، پس از آن نقل نمى‏ کند آن را بسوى شما هرگز تا این که پناه ببرد آن أمر خلافت بسوى غیر شما.

و بدرستى که این قوم جمل اجتماع کرده ‏اند و معین همدیگر شده ‏اند بر غضب و بغض إمارت و خلافت من، و البته صبر مى ‏کنم بر این حرکت ایشان مادامى که نترسم بر جماعت شما پس بدرستى که ایشان اگر بانجام برسانند مقصود خودشان را بالاى آن رأى ضعیف که دارند، بریده شود نظام مسلمانان و غیر از این نیست که ایشان طلب کرده‏ اند این دنیا را از روى حسد بردن بر کسى که برگردانده حق تعالى آنرا بأو، پس اراده کردند باز گردانیدن کارها را بر پشتهاى آن، و مر شما راست بر ذمه ما عمل نمودن بکتاب إلهی و طریقه حضرت رسالت پناهى و قائم شدن بحقّ آن بزرگوار، و بلند کردن سنّت آن برگزیده پروردگار.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۴۰

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۶۷ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۶۸ صبحی صالح

۱۶۸- و من کلام له ( علیه ‏السلام  ) بعد ما بویع له بالخلافه، و قد قال له قوم من الصحابه لو عاقبت قوما ممن أجلب على عثمان فقال ( علیه ‏السلام  ):

یَا إِخْوَتَاهْ إِنِّی لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ وَ لَکِنْ کَیْفَ لِی بِقُوَّهٍ وَ الْقَوْمُ الْمُجْلِبُونَ عَلَى حَدِّ شَوْکَتِهِمْ یَمْلِکُونَنَا وَ لَا نَمْلِکُهُمْ

وَ هَا هُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عِبْدَانُکُمْ وَ الْتَفَّتْ إِلَیْهِمْ أَعْرَابُکُمْ

وَ هُمْ خِلَالَکُمْ یَسُومُونَکُمْ مَا شَاءُوا

وَ هَلْ تَرَوْنَ مَوْضِعاً لِقُدْرَهٍ عَلَى شَیْ‏ءٍ تُرِیدُونَهُ

إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَمْرُ جَاهِلِیَّهٍ وَ إِنَّ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مَادَّهً

إِنَّ النَّاسَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ إِذَا حُرِّکَ عَلَى أُمُورٍ فِرْقَهٌ تَرَى مَا تَرَوْنَ وَ فِرْقَهٌ تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَ فِرْقَهٌ لَا تَرَى هَذَا وَ لَا ذَاکَ

فَاصْبِرُوا حَتَّى یَهْدَأَ النَّاسُ وَ تَقَعَ الْقُلُوبُ مَوَاقِعَهَا وَ تُؤْخَذَ الْحُقُوقُ مُسْمَحَهً

فَاهْدَءُوا عَنِّی وَ انْظُرُوا مَا ذَا یَأْتِیکُمْ بِهِ أَمْرِی وَ لَا تَفْعَلُوا فَعْلَهً تُضَعْضِعُ قُوَّهً وَ تُسْقِطُ مُنَّهً وَ تُورِثُ وَهْناً وَ ذِلَّهً

وَ سَأُمْسِکُ الْأَمْرَ مَا اسْتَمْسَکَ وَ إِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَآخِرُ الدَّوَاءِ الْکَیُّ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من کلام له علیه السّلام و هو المأه و السابع و الستون من المختار فی باب الخطب

بعد ما بویع بالخلافه و قد قال له قوم من الصّحابه لو عاقبت قوما ممّن أجلب على عثمان فقال علیه السّلام: یا إخوتاه إنّی لست أجهل ما تعلمون و لکن کیف لی بقوّه و القوم المجلبون على حدّ شوکتهم یملکوننا و لا نملکهم و ها هم‏هؤلاء قد ثارت معهم عبدانکم و التفّت إلیهم أعرابکم و هم خلالکم یسومونکم ما شاءوا و هل ترون موضعا لقدره على شی‏ء تریدونه و إنّ هذا الأمر أمر جاهلیّه و إنّ لهؤلاء القوم مادّه إنّ النّاس من هذا الأمر إذا حرّک على أمور: فرقه ترى ما ترون، و فرقه ترى ما لا ترون، و فرقه لا ترى هذا، و لا هذا، فاصبروا حتّى یهدأ النّاس، و تقع القلوب مواقعها و تؤخذ الحقوق مسمحه فاهدّؤا عنّی و انظروا ما ذا یأتیکم به أمری، و لا تفعلوا فعله تضعضع قوّه و تسقط منّه و تورث وهنا و ذلّه، و سامسک الأمر ما استمسک و إذ لم أجد بدّا فاخر الدّواء الکیّ.

اللغه

(أجلبوا) علیه أى تألّبوا و اجتمعوا (و الحدّ) منتهى الشی‏ء، و من کلّ شی‏ء حدّته، و فی بعض النسخ (على جدّ) بالجیم المکسوره اسم من جدّ فی الأمر من باب ضرب و قتل اذا اجتهد و سعى فیه، و منه یقال فلان محسن جدّا أى نهایه و مبالغه (و عبدان) بالکسر جمع عبد مثل جحش و جحشان و الضمّ أیضا مثل تمر و تمران و الأشهر فی جمعه أعبد و عبید و عباد و (سام) فلانا الأمر إذا کلّفه إیّاه، أکثر ما یستعمل فی العذاب و الشرّ قال سبحانه یَسُومُونَکُمْ سُوءَ الْعَذابِ یُذَبِّحُونَ أَبْناءَکُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِساءَکُمْ و (هدأ) القوم و الصوت یهدأ من باب منع سکن و (سمح) سماحه جاد و أعطى أو وافق ما ارید منه و أسمح بالالف لغه و قال الأصمعی سمح ثلاثیا بماله و أسمح بقیاده و (المنّه) بالضمّ کالقوّه لفظا و معنى.

الاعراب

جواب لو فی قوله لو عاقبت محذوف، بقرینه المقام و الهاء فی قوله یا إخوتاه للسّکت، قال نجم الأئمه الرّضی أمّا هاء السّکت فهى هاء تزاد فی آخر الکلمه الموقوف علیها إذا کان آخرها ألفا و الکلمه حرف أو اسم عریق فی البناء نحو لا و ذا و هنا و ذلک لأنّ الألف حرف خفیّه فارید بیانها فاذا جئت بعدها بهاء ساکنه- فلا بدّ من مدّ الألف إذا جئت بعدها و ذلک فی الوصل بحرف آخر- تبیّن النطق بها و إذا لم تأت بعدها بشی‏ء و ذلک فی الوقف خفیت حتّى ظنّ أن آخر الکلمه مفتوحه فلذا وصلت لیبیّن جوهرها.

و اختاروا أن یکون ذلک الحرف هاء لمناسبتها بالخفاء لحرف اللّین فاذا جاءت ساکنه بعد الألف فلا بدّ من تمکین مدّ الألف لیقوم ذلک مقام الحرکه فیمکن الجمع بین ساکنین، فیبقین الألف بذلک التمکین و المدّ.
و قال فی باب المنادى المندوب و إذا ندبت یا غلامی بسکون الیاء فکذا تقول عند سیبویه یا غلامیاه لأنّ أصلها الفتح عنده و أجاز المبرّد یا غلاماه بحذف الیاء للساکنین قال ابن الحاجب و الحذف لیس بوجه و قال نحو وا غلامیه أوجه.

أقول: و قول أمیر المؤمنین علیه السّلام مؤیّد لقول المبرّد و شاهد له.
قال نجم الأئمه إلحاق هاء السّکت بعد زیاده الندبه«» واوا کانت أو یاء أو ألفا جایز فی الوقف لا واجب و بعضهم یوجبها لئلّا یلتبس المندوب بالمضاف إلى یاء المتکلّم المقلوبه ألفا نحو یا غلاما، و ینبغی أن لا یجب عند هذا القائل مع واو لأنها یکفى فی الفرق بین الندبه و الندا، و لیس ما قال بوجه لأنّ الألف المنقلبه عن یاء المتکلّم قد یلحقها الهاء فی الوقف کما مرّ فاللبس إذا حاصل مع الهاء أیضا و الفارق هو القرینه.
أقول: و یکفى فی ردّ هذا القائل قوله علیه السّلام یا إخوتاه فانّ الألف فیه مقلوبه عن یاء المتکلّم و قد لحقها هاء السّکت کما قاله الرّضیّ.

و قوله علیه السّلام على حدّ شوکتهم ظرف مستقرّ حال من ضمیر المجلبون و إضافه حدّ إلى شوکتهم لامیّه على روایه حدّ بالحاء و بمعنى فی على روایته بالجیم کما هو غیر خفیّ.
و الهاء فی قوله علیه السّلام و ها هم هؤلاء للتّنبیه و هى تدخل الجمل و تدخل فی جمیع المفردات أسماء الاشاره نحو هذا و هاتا و هؤلاء و کثیرا ما یفصل بینها و بین اسم الاشاره بالقسم نحو ها اللّه ذا و بالضمیر المرفوع المنفصل نحو ها أنتم اولاء و بغیرهما قلیلا نحو قولهم هذا لها ها و ذا لیا أى و هذا لیا.
و ذهب الخلیل إلى أنّ هاء المقدّمه فی جمیع ذلک کانت متّصله باسم الاشاره أى کان القیاس اللّه هذا، و أنتم هؤلاء، و الدّلیل على أنّه فصل حرف التنبیه عن اسم الاشاره ما حکى أبو الخطاب عمّن یوثّق به هذا أنا أفعل فی موضع ها أنا ذا أفعل، و حدّث یونس هذا أنت تقول ذا.

و جوّز بعضهم أن یکون هاء المقدّمه فی نحو ها أنت ذا تفعل غیر منویّ دخولها على ذا استدلالا بقوله تعالى ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ و لو کانت هی الّتی کانت مع اسم الاشاره لم تعد بعد أنتم.
قال نجم الأئمه و یجوز أن یعتذر للخلیل بأنّ تلک الاعاده للبعد بینهما کما اعید فی «فلا تحسبنّهم» بعد قوله «فلا تحسبنّ الّذین یبخلون» و أیضا قوله «ثمّ أنتم هؤلاء تقتلون» دلیل على أنّ المقدّم «فی ها أنتم اولاء» هو الّذی کان مع اسم الاشاره، و لو کان فی صدر الجمله من الأصل لجاز من غیر اسم اشاره ها أنت زید.

و ما حکى الزمخشری من قولهم ها أن زیدا منطلق، و ها أنا أفعل کذا مما لم أعثر له على شاهد فالأولى أن نقول ها التنبیه مختصّ باسم الاشاره، و قد یفصل منه کما مرّ و لم یثبت دخوله فی غیره.

و قال نجم الأئمه أیضا و اعلم انّه لیس المراد من قولک ها أنا ذا أفعل أن تعرّف المخاطب نفسک و أن تعلمه أنت لست غیرک لأنّ هذا محال بل المعنى فیه و فی ها أنت ذا تقول و ها هو ذا یفعل استغراب وقوع مضمون ذلک الفعل المذکور بعد اسم الاشارهمن المتکلّم أو المخاطب أو الغائب کأنّ معنى ها أنت ذا تقول أو یضربک زید، أنت هذا الذی أرى من کنّا نتوقّع منه أن لا یقع منه أو علیه مثل هذا الغریب ثمّ بیّنت بقولک تقول و قولک یضربک زید الّذی استغربته و لم تتوقّعه.

قال تعالى ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ فالجمله بعد اسم الاشاره لازمه لبیان الحال المستغربه و لا محلّ لها إذ هی مستأنفه.
و قوله: و هم خلالکم یسومونکم جمله هم یسومون مبتدأ و خبر فی محلّ النّصب على الحال و خلالکم ظرف مستقرّ حال من مفعول یسومون قدّمت على ذیها للتوسّع.

المعنى

اعلم أنّ المستفاد من شرح المعتزلی أنّ هذا الکلام قاله علیه السّلام أوّل مسیر طلحه و الزبیر إلى البصره (بعد ما بویع بالخلافه و قد قال له قوم من الصحابه لو عاقبت قوما ممّن أجلب و أعان على) قتل (عثمان) لکان حسنا لما فیه من قطع عذر الناکثین اذ عمده متمسّکهم فی النکت کان المطالبه بدم عثمان (فقال علیه السّلام:) معتذرا عمّا اشیر علیه (یا إخوتاه) إنّی على غزاره علمى (لست أجهل ما تعلمون) بل أعلم ما کان و ما هو کائن و ما یکون (و لکن کیف لی بقوّه) على القصاص و الانتقام (و القوم المجلبون) المجتمعون المتألّبون (على حدّ شوکتهم) أى على غایه شوکتهم أو مع کونهم مجدّین فی الشوکه مبالغین فی شدّه البأس (یملکوننا و لا نملکهم) أى هم مسلّطون علینا و لسنا مسلّطین علیهم و صدقه علیه السّلام فی هذا الجواب ظاهر لأنّ أکثر أهل المدینه کانوا من المجلبین علیه، و کان من أهل مصر و من الکوفه و غیرهم خلق عظیم، حضروا من بلادهم و قطعوا المسافه البعیده لذلک، و انضمّ إلیه أعراب البادیه و عبید المدینه، و ثاروا ثوره واحده فکانوا على غایه الشوکه و لذلک اعتذر علیه السّلام بعدم التمکّن و القوّه.

و قد روى أنّه علیه السّلام جمع النّاس و وعظهم ثمّ قال لتقم قتله عثمان فقام النّاس بأسرهم إلّا القلیل و کان ذلک الفعل استشهادا منه على صدق قوله، و نبّه أیضا على‏ صدقه علیه السّلام باحاله المشیرین علیه إحاله معاینه و باشاره حضوریّه إلى کثره المجلبین و شدّتهم فقال علیه السّلام: (و ها هم هؤلاء قد ثارت) و هاجت (معهم عبدانکم و التفّت) و انضمّت (إلیهم أعرابکم و هم خلالکم) أى بینکم غیر متباعدین عنکم (یسومونکم ما شاءوا) کیف شاءوا لیس لهم رادع و لا دافع (و هل ترون) و الحال هذه (موضعا لقدره على شی‏ء تریدونه).

ثمّ قال: (إنّ هذا الأمر) أى أمر المجلبین (أمر جاهلیّه) لأنّ قتلهم لعثمان کان عن عصبیّه و حمیّه لا لطاعه أمر اللّه و إن کان فی الواقع مطابقا له.
و یمکن أن یکون المراد به أنّ ما تریدون من معاقبه القوم أمر جاهلیّه نشأ عن تعصّبکم و حمیّتکم و أغراضکم الباطله و فیه إثاره للفتنه، و تهییج للشرّ، لکنّ الأوّل أنسب بسیاق الکلام إذ غرضه من إیراد تلک الوجوه إسکات الخصم و عدم تقویه شبه المخالفین الطالبین لدم عثمان.

و أکّد تأکید تضعیف رأیهم بقوله (و إنّ لهؤلاء القوم مادّه) أى مددا و معینین و (إنّ النّاس من هذا الأمر إذا حرّک) عن موضعه و ارید معاقبه المجلبین (على امور) ثلاثه أشار إلیها بقوله (فرقه منهم ترى ما ترون) و یحکمون بحسن العقاب (و فرقه ترى ما لا ترون) و تزعم أنّ فی العقاب عدولا عن الصّواب (و فرقه) ثالثه (لا ترى هذا و لا هذا) و لا یحکمون فیه بصواب و لا خطاء.

و لما بیّن اختلاف الاراء و تشتّت الأهواء فی التخطئه و التصویب و کان الاقتصاص و الانتقام مع وجود هذا الاختلاف مظنّه فتنه اخرى کالاولى بل و أعظم منها و کان الأصوب فی التدبیر و الّذی یوجبه العقل و الشرع الصبر و إمساک النکیر إلى حین سکون الفتنه، و تفرّق تلک الشعوب من المدینه، لا جرم أمرهم بالصّبر فقال: (فاصبروا حتّى یهدأ الناس) و یسکنوا (و تقع القلوب مواقعها) و تؤوب إلى الناس أحلامهم (و تؤخذ الحقوق مسمحه) منقاده بسهوله (فاهدءوا) متفرّقین (عنّى و انظروا ما ذا یأتیکم به أمرى) و لا تستعجلوه و لا تسرعوا (و لا تفعلوا فعله) أى نوع فعل (تضعضع) و تهدم (قوّه و تسقط منّه و تورث وهنا و ذلّه) فانّ الامور مرهونه بأوقاتها و مجتنى‏الثمره لغیر وقت إیناعها لا تذوق إلّا مراره منها.

قال الشارح المعتزلی و کان علیه السّلام یؤمّل أن یطیعه معاویه و غیره و أن یحضر بنو عثمان عنده یطالبون بدم أبیهم و یعیّنون قوما بأعیانهم بعضهم للقتل و بعضهم للتسوّر کما جرت عاده المتظلّمین إلى الامام و القاضی فحینئذ یتمکّن من العمل بحکم اللّه فلم یقع الأمر بموجب ذلک و عصى معاویه و أهل الشّام و التجأ ورثه عثمان إلیه و فارقوا حوزه أمیر المؤمنین علیه السّلام و لم یطالبوا القصاص طلبا شرعیّا و إنّما طلبوه مغالبه و جعلها معاویه عصبیّه الجاهلیه و لم یأت أحد منهم الأمر من بابه.

و قبل ذلک ما کان من أمر طلحه و الزّبیر و نقضهما البیعه و نهبهما أموال المسلمین بالبصره و قتلهما الصّالحین من أهلها و جرت امور کلّها یمنع الامام عن التصدّی للقصاص و اعتماد ما یجب اعتماده لو کان الأمر وقع على القاعده الصحیحه من المتطالبه بذلک على وجه السکوت و الحکومه.

و قد قال هو علیه السّلام لمعاویه و أما طلبک قتله عثمان فادخل فی الطاعه و حاکم القوم إلىّ أحملک و إیّاهم على کتاب اللّه و سنّه رسوله صلّى اللّه علیه و آله هذا.
و أمّا قوله علیه السّلام (و سأمسک الأمر ما استمسک و إذا لم أجد بدّا فاخر الدّواء الکىّ) هکذا فی نسخه الشارحین البحرانی و المعتزلی، قال ثانیهما و هو مثل مشهور و یقال آخر الطبّ و یغلط فیه العامّه فیقول: آخر الدّاء، و الکیّ لیس من الدّاء لیکون آخره.

و فی نسخه البحار: آخر الدّاء قال العلّامه المجلسیّ (ره) هکذا فی أکثر النسخ المصحّحه و لعلّ المعنى بعد الدّاء الکیّ إذا اشتدّ الداء و لم یزل بأنواع المعالجات فیزول بالکیّ و ینتهى أمره إلیه.
ثمّ قال الشارح المعتزلی و لیس معناه و سأصبر عن معاقبه هؤلاء ما أمکن الصبر فاذا لم أجد بدّا عاقبتهم و لکنّه کلام قاله أوّل مسیر طلحه و الزّبیر إلى البصره فانّه حینئذ أشار علیه قوم بمعاقبه المجلبین فاعتذر بما قد ذکر.
ثمّ قال و سأمسک الأمر ما استمسک أى أمسک نفسی عن محاربه هؤلاءالنّاکثین للبیعه ما أمکن و أدفع الأیّام بمراسلتهم و تخویفهم و إنذارهم و أجتهد فی ردّهم الى الطاعه بالترغیب و الترهیب، فاذا لم أجد بدّا من الحرب فاخر الدواء الکیّ أی الحرب لأنّها الغایه التی ینتهى أمر العصاه إلیها.

قال العلّامه المجلسیّ «ره» بعد حکایه ما حکیناه عن الشارح أقول: و یحتمل أن یکون ذلک توریه منه علیه السّلام لیفهم بعض المخاطبین المعنى الأوّل و مراده المعنى الثانی.
أقول: قد تقدّم فی شرح الکلام الثّلاثین تفصیلا أنّه علیه السّلام کان بنائه على إبهام المرام، و استعمال التوریه فی الکلام، فی أمر عثمان لمصالح قاضیه بذلک مانعه عن الابانه و التصریح فلیراجع ثمّه.

الترجمه

از جمله کلام بلاغت نظام آن امام است علیه الصّلاه و السّلام بعد از این که بیعت کرده شد بخلافت در حالتى که گفتند او را گروهی از صحابه اگر عقاب بفرمائى قومى را از آن کسانى که جمعیت نمودند بر قتل عثمان خوب مى ‏شود.

پس فرمود آن حضرت در جواب ایشان: اى برادران من بدرستى که من نیستم که ندانم چیزى را که شما مى ‏دانید و لیکن چگونه مرا قوّت باشد در انتقام و حال آنکه قومى که جمعیت کردند بر غایت شوکت ایشان مسلّط و مالک هستند و ما بر ایشان تسلّط نداریم، و بدانید که ایشان این جماعت‏اند که هیجان آمده ‏اند با ایشان بندگان شما و پیوسته ‏اند بایشان أعراب بادیه ‏نشینان شما و حال آنکه ایشان در میان شما تکلیف مى‏ کنند بشما آنچه دلشان بخواهد، و آیا مى ‏بینید با وجود این حالت محلى از براى قدرت بر چیزى که مى‏ خواهید بدرستى که این کار کار جاهلیت است و بدرستى که از براى آن قوم است ماده بسیار از أعوان و أنصار.

بدرستی که مردمان در این کار هر گاه حرکت داده شود بر چند أمر مى‏باشند طایفه رأى ایشان مطابق رأى شما خواهد شد و طایفه دیگر ایشان مخالف رأى شمامی باشد و طایفه سوّم رأیشان نه اینست و نه آن، پس صبر و تحمّل نمائید تا آرام گیرند مردمان و واقع شود قلبها در مواضع وقوع خود و گرفته شود حقّها بسهولت و آسانی، پس آرام گیرید و کنار شوید از من و نظر کنید به آن چیزى که بیاید بشما فرمان من بان و نکنید کارى را که ویران کند قوّت و قدرت را، و بیندازد طاقت و توانائى را و باعث بشود بسستی و ذلّت و البته نگاهدارى میکنم این امر را مادامى که نگاه داشته شود و چون چاره نیابم پس آخر دوا داغ است یعنی غیر از محاربه علاجى نیابم لا بدّ باید محاربه کنم.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۵۴

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۶۶ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۶۷ صبحی صالح

۱۶۷- و من خطبه له ( علیه ‏السلام  ) فی أوائل خلافته‏

إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْزَلَ کِتَاباً هَادِیاً بَیَّنَ فِیهِ الْخَیْرَ وَ الشَّرَّ

فَخُذُوا نَهْجَ الْخَیْرِ تَهْتَدُوا وَ اصْدِفُوا عَنْ سَمْتِ الشَّرِّ تَقْصِدُوا

الْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا إِلَى اللَّهِ تُؤَدِّکُمْ إِلَى الْجَنَّهِ

إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ حَرَاماً غَیْرَ مَجْهُولٍ وَ أَحَلَّ حَلَالًا غَیْرَ مَدْخُولٍ

وَ فَضَّلَ حُرْمَهَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرَمِ کُلِّهَا وَ شَدَّ بِالْإِخْلَاصِ وَ التَّوْحِیدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِینَ فِی مَعَاقِدِهَا

فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ یَدِهِ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لَا یَحِلُّ أَذَى الْمُسْلِمِ إِلَّا بِمَا یَجِبُ

بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّهِ وَ خَاصَّهَ أَحَدِکُمْ وَ هُوَ الْمَوْتُ

فَإِنَّ النَّاسَ أَمَامَکُمْ وَ إِنَّ السَّاعَهَ تَحْدُوکُمْ مِنْ خَلْفِکُمْ

تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا یُنْتَظَرُ بِأَوَّلِکُمْ آخِرُکُمْ

اتَّقُوا اللَّهَ فِی عِبَادِهِ وَ بِلَادِهِ فَإِنَّکُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّى عَنِ الْبِقَاعِ وَ الْبَهَائِمِ

أَطِیعُوا اللَّهَ وَ لَا تَعْصُوهُ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الْخَیْرَ فَخُذُوا بِهِ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الشَّرَّ فَأَعْرِضُوا عَنْهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام و هى المأه و السادسه و الستون من المختار فى باب الخطب

و هی مرویه فی البحار من کامل ابن الاثیر بیسیر اختلاف و تغییر حسبما تطّلع علیه إنشاء اللّه.
إنّ اللّه سبحانه أنزل کتابا هادیا بیّن فیه الخیر و الشّرّ، فخذوا نهج الخیر تهتدوا، و اصدفوا عن سمت الشّرّ تقصدوا و الفرائض الفرائض أدّوها إلى اللّه تؤدّکم إلى الجنّه، إنّ اللّه حرّم حراما غیر مجهول، و أحلّ حلالا غیر مدخول، و فضّل حرمه المسلم على الحرم کلّها و شدّ بالإخلاص و التّوحید حقوق المسلمین فی معاقدها، فالمسلم من سلم‏ المسلمون من لسانه و یده إلّا بالحقّ، و لا یحلّ أذى المسلم إلّا بما یجب، بادروا أمر العامّه و خاصّه أحدکم و هو الموت، فإنّ النّاس أمامکم و إنّ السّاعه تحدوکم، تخفّفوا تلحقوا، فإنّما ینتظر بأوّلکم اخرکم، إتّقوا اللّه فی عباده و بلاده، فإنّکم مسئولون حتّى عن البقاع و البهائم أطیعوا اللّه و لا تعصوه و إذا رأیتم الخیر فخذوا به و إذا رأیتم الشّرّ فاصدفوا عنه.

اللغه

(صدفت) عنه أصدف من باب ضرب أعرضت و (قصد) فی الأمر قصدا من باب ضرب أیضا توسّط و طلب الأسدّ و لم یجاوز الحدّ و هو على قصد أى رصد و طریق قصد أى سهل و (دخل) علیه بالبناء على المفعول إذا سبق وهمه إلى شی‏ء فغلط فیه من حیث لا یشعر و (البقعه) من الأرض القطعه و تضمّ الباء فی الأکثر فتجمع على بقع مثل غرفه و غرف و تفتح فتجمع على بقاع بالکسر مثل کلبه و کلاب.
الاعراب
قوله و الفرائض الفرائض بالنصب على الاغراء، و الفاء فی قوله علیه السّلام فالمسلم فصیحه، و قوله خاصّه أحدکم عطف على أمر و الفاء فی قوله فانّ النّاس تعلیل و کذا فی قوله فانکم مسؤلون.

المعنى

اعلم أنّ هذه الخطبه الشریفه کما قاله السیّد «ره» و غیره خطب بها فی أوّل خلافته، و صدّر کلامه بالتنبیه على فضل الکتاب المجید فقال (إنّ اللّه سبحانه أنزل) على نبیّه أشرف المرسلین (کتابا هادیا) إلى نهج الحقّ الیقین، کما قال‏عزّ من قائل «لا رَیْبَ فِیهِ هُدىً لِلْمُتَّقِینَ» (بیّن فیه الخیر) المقرّب إلى رضوانه (و الشرّ) المبعّد عن جنانه (فخذوا نهج الخیر) ل (تهتدوا) إلى الصراط المستقیم المؤدّى إلى نضره النعیم (و اصدفوا عن سمت الشرّ) أى أعرضوا عن طریقه ل (تقصدوا) أى تطلبوا السداد، و تسلکوا سبیل الرّشاد.

ثمّ حثّ على مواظبه الفرائض و الواجبات و المراقبه علیها فی جمیع الحالات فقال علیه السّلام: (و الفرائض الفرائض أدّوها إلى اللّه تؤدّکم إلى الجنّه) أى أوصلوها إلیه سبحانه لتوصلکم إلى الجنّه، و هو من باب المشاکله إذ المراد بایصالها إلى اللّه التقرّب بها إلیه و طلب الزّلفى بها لدیه، و نسبه التأدیه إلى الجنّه إلیها من باب المجاز العقلی و الاسناد إلى السبب (إنّ اللّه حرّم) فی کتابه و سنّه نبیّه صلّى اللّه علیه و آله (حراما غیر مجهول) و لا خفیّ بل هو واضح جلیّ فلا عذر لمن جهله (و أحلّ حلالا غیر مدخول) أى لیس فیه عیب و لا ریب، فلا بأس على من تناوله (و فضّل حرمه المسلم على الحرم کلّها) کما أفصح عنه لسان النبوّه قال صلّى اللّه علیه و آله: حرمه المسلم فوق کلّ حرمه دمه و ماله و عرضه (و شدّ بالاخلاص و التوحید حقوق المسلمین فی معاقدها) أی ربطها بهما فی مرابطها، فأوجب على المخلصین الموحّدین المحافظه على حقوق المسلمین و مراعات مواضعها هکذا قال الشارح البحرانی و العلّامه المجلسی «ره» و هو ظاهر الشارح المعتزلی، و یجوز أن یصوبه أنه سبحانه شدّ حقّ المسلم فی معقده بسبب اخلاصه الوحدانیّه و توحیده للّه سبحانه.«» یعنی أنّ إسلامه و توحیده أوجب ترتیب أحکام الاسلام علیه کما قال الصادق علیه السّلام فی روایه المفضّل المرویّه فی الکافی: الاسلام یحقن به الدّم و تؤدّى به الأمانه و تستحلّ به الفروج.

و فی روایه اخرى عن سماعه عن الصادق علیه السّلام قال: الاسلام شهاده أن لا إله إلّا اللّه‏ و التصدیق برسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم به حقنت الدماء و علیه جرت المناکح و المواریث هذا و لکن الأظهر ما ذکروه بقرینه التفریع بقوله (فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه و یده إلّا بالحقّ) و إن کان یمکن توجیهه على ما ذکرناه أیضا بنوع تکلّف فافهم هذا.

و قوله إلّا بالحقّ تنبیه على أنّه لا یجب کفّ الید و اللّسان عن المسلم إذا استحقّ عدمه و قد ورد نظیر هذا الاستثناء فی الکتاب العزیز قال تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ قال المفسّرون أى بإحدى ثلاث إمّا زنا بعد إحصان أو کفر بعد إیمان أو قتل المؤمن عمدا ظلما.

و قوله: (و لا یحلّ أذى المسلم إلّا بما یجب) تأکید لما سبق على أنّ الماء مصدریه أى لا یجوز أذاه إلّا مع وجوبه، فیکون مساقه مساق قوله إلّا بالحقّ، و یجوز أن یکون تأسیسا فانه لما دلّ الکلام السابق على جواز عدم الکفّ عنه عند الاستحقاق نبّه بهذا الکلام على أنه لا یجوز أذاه عند الاستحقاق أیضا إلّا بما یجب من الأذى کما و کیفا فتکون ما موصوله و محصّله التنبیه على جواز أذیّته من باب الأمر بالمعروف و النهى عن المنکر بمقدار مخصوص یستحقّه أو کیفیّه خاصّه تستحقّها على ما تقرّر فی باب الحسبه هذا.

و قد تلخص مما ذکره علیه السّلام وجوب مراعات حرمه المسلم و المحافظه على حقوقه و قد اشیر إلیها فی أخبار أهل البیت علیهم السّلام: ففی الوسائل عن الکلینیّ عن أبی المعزا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال المسلم أخو المسلم لا یظلمه و لا یخذله و لا یخونه، و یحقّ على المسلمین الاجتهاد فی التواصل و التعاون على التعاطف، و المواساه لأهل الحاجه، و تعاطف بعضهم على بعض، حتى تکونوا کما أمرکم اللّه عزّ و جلّ رحماء بینکم متراحمین مغتمین لما غاب عنکم من أمرهم، على ما مضى علیه معشر الأنصار على عهد رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم.
و عن معلّى بن خنیس عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قلت له: ما حقّ المسلم على المسلم قال: له سبع حقوق واجبات ما منهنّ حقّ إلّا و هو علیه واجب، إن‏ضیع منها شیئا خرج من ولایه اللّه و طاعته، و لم یکن للّه فیه من نصیب قلت له: جعلت فداک و ما هی قال یا معلّى إنّی علیک شفیق أخاف أن تضیّع و لا تحفظ أو تعلم و لا تعمل قلت: لا قوّه إلّا باللّه.

قال: أیسر حقّ منها أن تحبّ له ما تحبّ لنفسک، و تکره له ما تکره لنفسک

و الحقّ الثانی أن تجتنب سخطه و تتّبع مرضاته و تطیع أمره.
و الحقّ الثالث أن تعینه بنفسک و مالک و لسانک و یدک و رجلک.
و الحقّ الرّابع أن تکون عینه و دلیله و مرآته.
و الحقّ الخامس أن لا تشبع و یجوع، و لا تروى و یظمأ، و لا تلبس و یعرى.
و الحقّ السّادس أن یکون لک خادم و لیس لأخیک خادم فوجب أن تبعث خادمک فیغسّل ثیابه، و یصنع طعامه، و یمهّد فراشه.
و الحقّ السابع أن تبرّ قسمه، و تجیب دعوته، و تعود مریضه، و تشهد جنازته و إذا علمت أنّ له حاجه تبادره إلى قضائها و لا تلجئه إلى أن یسألکها و لکن تبادره مبادره فاذا فعلت ذلک وصلت ولایتک بولایته و ولایته بولایتک.
و فی الوسائل عن محمّد بن علیّ الکراجکى فی کنز الفوائد عن الحسین بن محمّد ابن علیّ الصّیرفی عن محمّد بن علیّ الجعابی عن القاسم بن محمّد بن جعفر العلوی عن أبیه عن آبائه عن علیّ علیه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم للمسلم على أخیه ثلاثون حقّا لا براءه له منها إلّا بالأداء أو العفو: یغفر زلّته، و یرحم عبرته، و یستر عورته، و یقیل عثرته، و یقبل معذرته، و یردّ غیبته، و یدیم نصیحته، و یحفظ خلّته، و یرعى ذمّته، و یعود مرضته، و یشهد میتته، و یجیب دعوته، و یقبل هدیته، و یکافی صلته، و یشکر نعمته، و یحسن نصرته و یحفظ حلیلته، و یقضى حاجته، و یشفع مسئلته، و یسمّت عطسته، و یرشد ضالته و یردّ سلامه، و یطیب کلامه، و یبرّ إنعامه، و یصدّق أقسامه، و یوالی ولیّه، و یعادى عدوّه و ینصره ظالما و مظلوما فأمّا نصرته ظالما فیردّه عن ظلمه، و أمّا نصرته‏ مظلوما فیعینه على أخذ حقّه، و لا یسلمه و لا یخذله و یحبّ له من الخیر ما یحبّ لنفسه، و یکره له من الشرّ ما یکره لنفسه.

ثمّ قال علیه السّلام سمعت رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله یقول: إنّ أحدکم لیدع من حقوق أخیه شیئا فیطالب به یوم القیامه فیقضى له و علیه.
ثمّ أمر علیه السّلام بالمبادره إلى الموت مؤیّدا به البدار إلى تهیّه أسبابه فقال: (و بادروا أمر العامّه و خاصّه أحدکم و هو) أى ذلک الأمر (الموت).

قال الشّارح المعتزلی سمّاه المواقعه العامّه لأنّه یعمّ الحیوان کلّه ثمّ سمّاه خاصّه أحدکم لأنّه و إن کان عامّا إلّا أنّ له مع کلّ انسان بعینه خصوصیّه زایده على ذلک العموم (فانّ الناس أمامکم) أى سبقوکم إلى الموت، و فی بعض النسخ فانّ الباس أمامکم بالباء الموحّده أى الفتنه (و إنّ الساعه تحدوکم) أى یسوقکم من خلفکم (تخفّفوا) بالقناعه من الدّنیا بالیسیر و ترک الحرص علیها و ارتکاب الماثم (تلحقوا) فانّ المسافر الخفیف أحرى بلحوق أصحابه و بالنجاه (فانّما ینتظر بأوّلکم آخرکم) أى للبعث و النشور.

و قد مضى هذا الکلام بعینه فی الخطبه الحادیه و العشرین و تقدّم شرحه هناک بما لا مزید علیه.
ثمّ أمرهم بالتقوى لأنّه الزّاد إلى المعاد فقال: (اتّقوا اللّه فی عباده) و رعایه ما یجب مراعاته من حقوقهم (و بلاده) بترک العلوّ و الفساد فیها قال اللّه تعالى تِلْکَ الدَّارُ الْآخِرَهُ نَجْعَلُها لِلَّذِینَ لا یُرِیدُونَ عُلُوًّا فِی الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَهُ لِلْمُتَّقِینَ (فانّکم مسؤلون) لقوله: وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و قوله: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (حتّى عن البقاع) فیقال لم استوطنتم هذه و ترکتم هذه.

و قد ورد النّهى عن إقامه بلاد الشرک مع إمکان الخروج منها و اذا لم یتمکّن من القیام بوظائف الاسلام و کذا عن مجالسه أهل البدع و المعاصی کما مرّ فی‏شرح الخطبه الخامسه و الثمانین (و البهائم) فیقال: لم ضربتم هذه و أوجعتم هذه فانّه تعالى قد جعل للبهائم حقّا على صاحبها.

روى فی الوسائل من عقاب الأعمال للصّدوق عن حفص بن البختری عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: إنّ امرأه عذبت فی هرّه ربطتها حتّى ماتت عطشا.
و من مکارم الأخلاق للحسن بن الفضل الطبرسی نقلا من کتاب المجالس عن الصّادق علیه السّلام قال أقذر الذّنوب قتل البهیمه، و حبس مهر المرأه، و منع الأجیر أجره.
و فی الوسائل عن الصدوق باسناده عن السکونی باسناده أنّ النبیّ صلّى اللّه علیه و آله أبصر ناقه معقوله علیها جهازها فقال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: أین صاحبها مروه فلیستعدّ غدا للخصومه.

و فیه عن محمّد بن محمّد المفید فی الارشاد مسندا عن إبراهیم بن علیّ عن أبیه قال حججت مع علیّ بن الحسین علیهما السّلام فالتاثت علیه النّاقه فی سیرها فأشار إلیها بالقضیب، ثمّ قال آه لولا القصاص و ردّ یده عنها.
و فیه عن الصّدوق قال: روى أنه یعنی أبا عبد اللّه علیه السّلام قال اضربوها على العثار و لا تضربوها على النفار، فانّها ترى ما لا ترون.

و فیه عن الصّدوق باسناده عن اسماعیل بن أبی زیاد باسناده عن جعفر بن محمّد عن آبائه علیهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله للدابّه على صاحبها خصال یبدء بعلفها اذا نزل، و یعرض علیها الماء اذا مرّ به، و لا یضرب وجهها فانّها تسبّح بحمد ربّها، و لا یقف فی ظهرها الّا فی سبیل اللّه و لا یحمّلها فوق طاقتها و لا یکلّفها من المشى إلّا ما تطیق.

و عن الصّدوق مرسلا عن أبی عبد اللّه علیه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله: لا تتورّکوا على الدوابّ و لا تتّخذوا ظهورها مجالس.
ثمّ أمرهم بالاطاعه و نهاهم عن المعصیه على سبیل الاجمال فقال: (أطیعوا اللّه و لا تعصوه و إذا رأیتم الخیر فخذوا به) لأنّه ینفعکم فی العاجل و الاجل‏(و إذا رأیتم الشرّ فأعرضوا عنه) لأنه یسوقکم الى الجحیم و یؤدّى إلى العذاب الألیم.

تکمله

روى فی مجلّد الفتن من البحار من کامل ابن الأثیر هذه الخطبه باختلاف یسیر قال: قال: و بویع علیه السّلام یوم الجمعه لخمس بقین من ذى الحجّه من سنه خمس و ثلاثین من الهجره و أوّل خطبه خطبها علیه السّلام حین استخلف حمد اللّه و أثنى علیه ثمّ قال علیه السّلام.

إنّ اللّه أنزل کتابا هادیا بیّن فیه الخیر و الشرّ فخذوا الخیر، و دعوا الشرّ الفرائض أدّوها إلى اللّه تؤدّکم إلى الجنّه إنّ اللّه حرّم حرمات غیر مجهوله، و فضّل حرمه المسلم على الحرم کلّها، و شدّ بالاخلاص و التوحید حقوق المسلمین فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه و یده إلّا بالحقّ و لا یحلّ دم امرء مسلم إلّا بما یجب.
بادروا أمر العامّه و خاصّه أحدکم الموت، فانّ النّاس أمامکم و إنّما خلفکم السّاعه تحدوکم، تخفّفوا تلحقوا فانما ینتظر الناس باخرکم.

اتّقوا اللّه عباد اللّه فی عباده و بلاده، إنّکم مسؤلون حتّى عن البقاع و البهائم و أطیعوا اللّه و لا تعصوه و إذا رأیتم الخیر فخذوه و إذا رأیتم الشرّ فدعوه.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن بزرگوار و ولیّ کردگار است در اوّل خلافت خود فرموده: بدرستى که خداى عزّ و علا نازل فرموده کتابى که هدایت کننده است بیان فرموده در آن نیک و بد را، پس أخذ نمائید راه خیر را تا هدایت یابید، و اعراض کنید از راه شر تا میانه ‏رو باشید مواظبت نمائید بفرائض مواظبت نمائید بفرائض برسانید آنها را بسوى پروردگار تا این که برساند آنها شما را بسوى‏ بهشت عنبر سرشت.

بدرستى که خداوند تبارک و تعالى حرام فرموده حرامى که مجهول نیست و حلال کرده حلالی را که بى‏ عیب است.، و تفضیل داده احترام مسلمان را بر جمیع حرمتها و بسته باخلاص و توحید حقهاى مسلمانان را در مواضع بستن آنها، پس مرد مسلمان آن کسى است که سلامت باشند مسلمانان از زبان آن و از دست آن مگر بوجه حقانیت و حلال، نیست اذیت و آزار مسلمان مگر به آن چه که واجب باشد.

مبادرت نمائید بر کارى که عام است و شامل بهمه عالمیان، و بر آنچه که مختص است بهر یکى از شما و آن مرگست پس بدرستى که مردم در پیش شمایند و بدرستى که ساعت میراند شما را از پس شما باخرت، سبکبار بشوید تا لاحق باشید بگذشتگان پس بدرستى که انتظار مى‏ کشد بسبب اوّل شما آخر شما.

بپرهیزید و بترسید از خدا در خصوص بندهاى او، و شهرهاى او، پس بتحقیق که شما مسئول خواهید شد از هر خوب و بد حتّى از بقعه اى زمین و از چهار پایان.
اطاعت کنید خدا را و معصیت ننمائید و زمانى که به بینید خیر و خوبی را پس بگیرید آن را و أخذ نمائید و چون مشاهده کنید بد را پس اعراض کنید از آن و اجتناب نمائید.

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۸۷

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۶۵ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)پیش بینی وپیشگویی حضرت امیر المومنین

خطبه ۱۶۶ صبحی صالح

۱۶۶- و من خطبه له ( علیه ‏السلام  )

الحث على التآلف‏

لِیَتَأَسَّ صَغِیرُکُمْ بِکَبِیرِکُمْ وَ لْیَرْأَفْ کَبِیرُکُمْ بِصَغِیرِکُمْ

وَ لَا تَکُونُوا کَجُفَاهِ الْجَاهِلِیَّهِ لَا فِی الدِّینِ یَتَفَقَّهُونَ وَ لَا عَنِ اللَّهِ یَعْقِلُونَ

کَقَیْضِ بَیْضٍ فِی أَدَاحٍ یَکُونُ کَسْرُهَا وِزْراً وَ یُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً

بنو أمیه

و منهاافْتَرَقُوا بَعْدَ أُلْفَتِهِمْ وَ تَشَتَّتُوا عَنْ أَصْلِهِمْ

فَمِنْهُمْ آخِذٌ

بِغُصْنٍ أَیْنَمَا مَالَ مَالَ مَعَهُ

عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَیَجْمَعُهُمْ لِشَرِّ یَوْمٍ لِبَنِی أُمَیَّهَ کَمَا تَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِیفِ

یُؤَلِّفُ اللَّهُ بَیْنَهُمْ ثُمَّ یَجْمَعُهُمْ رُکَاماً کَرُکَامِ السَّحَابِ ثُمَّ یَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً

یَسِیلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ کَسَیْلِ الْجَنَّتَیْنِ

حَیْثُ لَمْ تَسْلَمْ عَلَیْهِ قَارَهٌ وَ لَمْ تَثْبُتْ عَلَیْهِ أَکَمَهٌ

وَ لَمْ یَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ طَوْدٍ وَ لَا حِدَابُ أَرْضٍ

یُذَعْذِعُهُمُ اللَّهُ فِی بُطُونِ أَوْدِیَتِهِ ثُمَّ یَسْلُکُهُمْ یَنَابِیعَ فِی الْأَرْضِ

یَأْخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ وَ یُمَکِّنُ لِقَوْمٍ فِی دِیَارِ قَوْمٍ

وَ ایْمُ اللَّهِ لَیَذُوبَنَّ مَا فِی أَیْدِیهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ وَ التَّمْکِینِ کَمَا تَذُوبُ الْأَلْیَهُ عَلَى النَّارِ

الناس آخر الزمان‏

أَیُّهَا النَّاسُ لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ وَ لَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِینِ الْبَاطِلِ لَمْ یَطْمَعْ فِیکُمْ مَنْ لَیْسَ مِثْلَکُمْ وَ لَمْ یَقْوَ مَنْ قَوِیَ عَلَیْکُمْ

لَکِنَّکُمْ تِهْتُمْ مَتَاهَ بَنِی إِسْرَائِیلَ

وَ لَعَمْرِی لَیُضَعَّفَنَّ لَکُمُ التِّیهُ مِنْ بَعْدِی أَضْعَافاً

بِمَا خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِکُمْ وَ قَطَعْتُمُ الْأَدْنَى وَ وَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ

وَ اعْلَمُوا أَنَّکُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُ الدَّاعِیَ لَکُمْ سَلَکَ بِکُمْ مِنْهَاجَ الرَّسُولِ وَ کُفِیتُمْ مَئُونَهَ الِاعْتِسَافِ وَ نَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ عَنِ الْأَعْنَاقِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام و هى المأه و الخامسه و الستون من المختار فی باب الخطب

و الظاهر أنها ملتقطه من خطبه طویله قدّمنا روایتها فی شرح الخطبه السابعه و الثمانین من الکافی فلیراجع هناک و هذه متضمّن لفصلین:

الفصل الاول

لیتأسّ صغیرکم بکبیرکم، و لیرؤف کبیرکم بصغیرکم، و لا تکونوا کجفاه الجاهلیّه، لا فی الدّین تتفقّهون، و لا عن اللّه تعقلون، کقیض بیض فی أداح یکون کسرها وزرا، و یخرج حضانها شرّا.

الفصل الثانی منها

افترقوا بعد ألفتهم، و تشتّتوا عن أصلهم، فمنهم آخذ بغصن أینما مال مال معه، على أنّ اللّه تعالى سیجمعهم لشرّ یوم لبنی أمیّه کما تجتمع قزع الخریف، یؤلّف اللّه بینهم ثمّ یجعلهم رکاما کرکام السّحاب، ثمّ یفتح اللّه لهم أبوابا یسیلون من مستثارهم کسیل الجنّتین حیث لم تسلم علیه قاره، و لم تثبت له أکمه، و لم یردّ سننه رصّ طود و لا حداب أرض، یذعذعهم اللّه فی بطون أودیته ثمّ یسلکهم ینابیع فی الأرض، یأخذ بهم من قوم حقوق قوم، و یمکّن لقوم فی دیار قوم. و أیم اللّه لیذوبنّ ما فی أیدیهم بعد العلوّ و التّمکین، کما تذوب الألیه على النّار. یا أیّها النّاس لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ، و لم تهنوا عن توهین الباطل، لم یطمع فیکم من لیس مثلکم، و لم یقو من قوی علیکم، تهتم متاه بنى إسرائیل، و لعمرى لیضعّفنّ لکم التّیه، من بعدی أضعافا خلّفتم الحقّ وراء ظهورکم، و قطعتم الأدنى و وصلتم الأبعد، و اعلموا أنّکم إن اتّبعتم الدّاعی لکم، سلک بکم منهاج الرّسول صلّى اللّه علیه و آله،و کفیتم مؤنه الاعتساف، و نبذتم الثّقل الفادح عن الأعناق.

اللغه

(تتفقّهون) و (تعقلون) فی بعض النسخ بصیغه الخطاب و فی بعضها بصیغه الغیبه و (قیض البیض) بالفتح قشره البیض العلیا الیابسه و قیل الّتی خرج ما فیها من فرخ.
و قال الشارح البحرانی تبعا للشارح المعتزلی: قیض البیض، کسره تقول قضت البیضه کسرتها و (انقاضت) تصدّعت من غیر کسر، و (تقیّضت) تکسّرت فلقا فعلى قولهما یکون القیض مصدرا و على ما ذکرناه اسما و هذا أظهر و أولى بقرینه قوله علیه السّلام یکون کسرها وزرا فافهم.

و (الأداح) مخفّف أداحی جمع اداحى بالضمّ مثل خرطوم و خراطیم، و عرقوب و عراقیب، و قد یکسر و هو الموضع الّذی تبیض فیه النّعامه و تفرخ، و هو افعول من دحوت لانّها تدحوه برجلها أى تبسطه ثمّ تبیض فیه و لیس للنعام عشّ و (حضن) الطائر بیضه حضنا و حضانا بکسرهما ضمّه تحت جناحه فهى حاضن لأنّه وصف مختصّ و حکى (حاضنه) على الأصل و (القزع) القطع من السحاب المتفرّقه و الواحده قزعه مثل قصب و قصبه و (الرکام) بالضمّ ما تراکم من السحاب و کثف منها و بالفتح جمع شی‏ء فوق آخر و الموجود فی النسخ بالضمّ و (المستثار) موضع الثوران و الهیجان و (القاره) بالقاف الجبل الصّغیر و (الحداب) بالکسر جمع حدبه و هى کالحدب محرّکه ما ارتفع من الأرض قال سبحانه: وَ هُمْ مِنْ کُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ و (الألیه) بفتح الهمزه و جمعها ألیات بالتحریک و التثنیه ألیان بغیر تاء و (المتاه) مصدر میمیّ بمعنى التیه و (فدحه) الدّین أثقله.

الاعراب

الضمیر فی کسرها راجع إلى القیض و التّانیث امّا لکونها بمعنى القشره أوباعتبار کسبها التأنیث عن المضاف إلیه و هی قاعده مطّرده قال الشاعر کما شرقت صدر القناه من الدّم و حضانها بالضمّ فاعل یخرج و على فی قوله «على انّ اللّه» بمعنى مع کما فی قوله تعالى وَ یُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ و قوله کقیض بیض بدل من قوله کجفاه الجاهلیّه و الباقی واضح.

المعنى

اعلم أنّ مدار هذه الخطبه على ما التقطها السید رحمه اللّه على فصلین:

الفصل الاول

مسوق لنصح المخاطبین و هدایتهم على ما فیه انتظام امورهم و صلاح عملهم من حیث الدّین و الدّنیا و هو قوله (لیتأسّ صغیرکم بکبیرکم) أمر الصغار بتأسّی الکبار لأنّ الکبیر أکثر تجربه و أکیس فهو ألیق بأن یتأسّى به (و لیرؤف کبیرکم بصغیرکم) أمر الکبار بالرّأفه على الصغار لأنّ الصغیر مظنّه الضعف فهو أحقّ بأن یرحم علیه و یرأف.

قال الکیدری فی محکىّ کلامه أى لیتأسّ من صغر منزلته فی العلم و العمل بمن له متانه فیهما، و لیرحم کلّ من له جاه و منزله فی الدّنیا بالمال و القوّه کلّ من دونه (و لا تکونوا کجفاه الجاهلیّه) أى کأهل الجاهلیه الموصوفین بالجفاء و القسوه و الفظاظه و الغلظه (لا فی الدّین تتفقّهون، و لا عن اللّه تعقلون) أشار إلى وجه الشّبه الجامع بین الفرقتین و هو جهلهم بمعالم الدّین، و غفلتهم عن أحکام ربّ العالمین قال تعالى وَ مَثَلُ الَّذِینَ کَفَرُوا کَمَثَلِ الَّذِی و قوله: (کقیض بیض فی أداح یکون کسرها وزرا و یخرج حضانها شرّا) قال الشارح المعتزلی وجه الشبه أنها إن کسرها کاسر أثم لأنّه یظنّه بیض النعام و إن لم یکسر یخرج حضانها شرا اذ یخرج أفعیا قاتلا، و استعار لفظ الأداحى للاعشاش مجازا لأنّ الأداحى لا تکون إلّا للنعام.

و قال الشارح البحرانی نهاهم علیه السّلام أن یشبهوا جفاه الجاهلیّه فی عدم تفقّههم فی الدین، فیشبهون إذا بیض الأفاعى فی أعشاشها و وجه الشّبه أنه إن کسر کاسر أثم لتأذّى الحیوان به فکذلک هؤلاء إذا شبّهوا جفاه الجاهلیّه لا یحلّ أذیهم لحرمه ظاهر الاسلام، و إن اهملوا و ترکوا على الجهل خرجوا شیاطین.

أقول: و ببیان أوضح إنّ بیض الأفاعى کما أنّ فی کسرها سلامه من شرّ ما یخرج منها لو أبقیت على حالها إلّا أنّ فیه وزرا على کاسرها و فی عدم کسرها لا یکون على أحد وزر إلّا أنّ ما یخرج منها تکون منشأ الشّرور و الأذى فکذلک هؤلاء إن اقیمت فیهم مراسم السّیاسه المدنیّه بالتّأدیب و التعزیر و التّعذیب لاستقامت الامور و انتظمت وظایف الخلافه لکن فی اقامتها وزرا على المقیم لأنّ فیه مخالفه لأمر اللّه سبحانه أو نهیه کما قال علیه السّلام فی الکلام الثامن و الستّین: و انّی لعالم بما یصلحکم و یقیم أودکم و لکنّی لا أرى إصلاحکم بافساد نفسی، و إن ترکوا على حالهم کانوا منشأ الشرور و المفاسد فیضلّون کثیرا و یضلّوا عن سواء السّبیل.

و الفصل الثانی منها

اشاره إلى اختلاف شیعته و أصحابه من بعده و هو قوله (افترقوا بعد الفتهم) أى بعد ایتلافهم و اجتماعهم علیّ (و تشتّتوا عن أصلهم) أى تفرّقوا عن امام الحقّ الذی یحقّ الائتمام به، فصار بعضهم کیسانیّا و بعضهم زیدیا و بعضهم فطحیّا و غیرها (فمنهم آخذ بغصن أینما مال مال معه).

قال الشّارح المعتزلی أى یکون منهم من یتمسّک بمن أخلفه من بعدی من ذرّیه الرّسول صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أینما سلکوا سلکوا معهم و تقدیر الکلام: و منهم من لا یکون هذه حاله لکنّه لم یذکره اکتفاء بذکر القسم الأوّل لأنّه دالّ على القسم الثّانی.

ثمّ أخبر علیه السّلام أنّ الفریقین یجتمعان فقال (على أنّ اللّه) سبحانه (سیجمعهم لشرّ یوم لبنی امیّه).
قال الشارح المعتزلی و کذا کان حال الشیعه الهاشمیّه اجتمعت على إزالهملک بنی مروان من کان منهم ثابتا على ولایه علیّ بن أبی طالب علیه السّلام و من حاد منهم عن ذلک، و ذلک فی أواخر أیّام مروان الحمار عند ظهور الدّعوه الهاشمیّه.

أقول: قد تقدّم فی شرح الخطبه السابعه و الثمانین، أنّ ما أخبر علیه السّلام به قد وقع فی سنه اثنین و ثلاثین و مأئه عند ظهور أبی مسلم المروزی الخراسانی صاحب الدّعوه، و فی هذه السنه ظهر السفّاح بالکوفه، و بویع له بالخلافه و کان استیصال بنی امیه بیده کما عرفت تفصیلا فی شرح الخطبه المأه و الرابعه.

و یعجبنی أن اورد هنا نادره لم یسبق ذکرها أوردها الدّمیرى فی حیاه الحیوان قال لما قتل إبراهیم بن الولید بویع لمروان بن محمّد المنبوز بالحمار بالخلافه و فی أیّامه ظهر أبو مسلم الخراسانی، و ظهر السفّاح بالکوفه، و بویع له بالخلافه و جهّز عمّه عبد اللّه بن علیّ بن عبد اللّه بن عباس لقتال مروان بن محمّد، فالتقى الجمعان بالزاب زاب الموصل، و اقتتلوا قتالا شدیدا فانهزم مروان و قتل من عسکره و غرق ما لا یحصى و تبعه عبد اللّه إلى أن وصل إلى نهر الأرون فلقی جماعه من بنی امیه و کانوا نیّفا و ثمانین رجلا فقتلهم عن آخرهم.

ثمّ جهّز السفاح عمّه صالح بن علیّ على طریق السماوه فلحق بأخیه عبد اللّه و قد نازل دمشق ففتحها عنوه و أباحها ثلاثه أیّام و نقض عبد اللّه ثورها حجرا حجرا و هرب مروان إلى مصر فتبعه صالح حتى وصل الى أبی صیر و هی قریه عند الفیوم، قال ما اسم هذه القریه قالوا أبو صیر قال فالى اللّه المصیر.

ثمّ دخل الکنیسه الّتی بها فبلغه أنّ خادما نمّ علیه فأمر به فقطع رأسه و سلّ لسانه و القى على الأرض فجاءت هرّه فأکلته ثمّ بعد أیام هجم على الکنیسه التی کان نازلا بها عامر بن إسماعیل فخرج مروان من باب الکنیسه و فی یده سیف و قد أحاطت به الجنود و خفقت حوله الطبول فتمثّل ببیت الحجّاج بن حکیم السلمی و هو:
متقلّدین صفایحا هندیه یترکن من ضربوا کأن لم یولد

ثمّ قاتل حتى قتل فأمر عامر برأسه فقطع فی ذلک المکان و سلّ لسانه و القى على الأرض فجاءت تلک الهرّه بعینها فخطفته فأکلته فقال عامر لو لم یکن فی الدّنیاعجب إلّا هذا لکان کافیا لسان مروان فی فم هرّه و قال فی ذلک شاعرهم:

قد یسّر اللّه مصرا عنوه لکم
و أهلک الکافر الجبار إذ ظلما

فلاک مقوله هرّ یجرجره‏
و کان ربّک من ذى الظلم منتقما

قال الدّمیری و کان قتل مروان فی سنه ثلاث و ثلاثین و مأئه و هو آخر خلفاء بنی امیه و أوّلهم معاویه بن أبی سفیان و کانت مدّه خلافتهم نیّفا و ثمانین سنه و هى ألف شهر و بقتل مروان انقرضت دوله بنی أمیه لعنهم اللّه قاطبه.

(کما تجتمع قزع الخریف) من ههنا و هناک (یؤلّف اللّه بینهم) و هو کنایه عن اتفاق آرائهم و کلمتهم على ازاله ملک بنی امیه (ثمّ یجعلهم رکاما کرکام السحاب) أى یجعلهم متراکمین مشترکین مجتمعین منضما بعضهم إلى بعض کالمتراکم من السحاب (ثمّ یفتح اللّه لهم أبوابا).

قال الشارح البحرانی الأبواب إشاره إمّا إلى وجوه الاراء الّتی تکون أسباب الغلبه و الانبعاث على الاجتماع أو أعمّ منها کسایر الأسباب للغلبه من إعانه بعضهم لبعض بالأنفس و الأموال و غیر ذلک (یسیلون من مستثارهم) استعاره تبعیّه أى یخرجون من موضع ثورانهم و هیجانهم (کسیل الجنّتین) اللّتین أخبر اللّه بهما فی کتابه العزیز و ستعرف قصّتها تفصیلا و وجه الشّبه الشدّه فی الخروج و إفساد ما یأتون إلیه کقوّه ذلک السیل (حیث لو تسلم علیه قاره و لم تثبت علیه اکمه) أى لم یقاوم له جبل و لا تلّ (و لم یردّ سننه) أى طریقه (رصّ طود) أى جبل مرصوص شدید الالتصاق (و لا حداب أرض) أى الرّوابی و النجا (و یذعذعهم اللّه فی بطون أودیته ثمّ یسلکهم ینابیع فی الأرض).

قال سبحانه أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَکَهُ یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ و المراد أنّ اللّه سبحانه کما ینزل من السّماء ماء فیکنّه فی أعماق الأرض ثمّ یظهر منها ینابیع إلى ظاهرها کذلک هؤلاء القوم یفرّقهم اللّه فی بطون الأودیه و غوامض الأرض ثمّ یظهرهم بعد الاختفاء أو کنایه عن إخفائهم بین النّاس فی البلاد ثمّ اظهارهم بالاعانه و التأیید ف (یأخذ بهم من قوم) ظالمین (حقوق قوم) مظلومین‏ و المراد بهم آل الرّسول صلّى اللّه علیه و آله (و یمکّن لقوم) من بنی هاشم (فی دیار قوم) من بنی امیّه.

ثمّ أقسم بالقسم البارّ فقال (و أیم اللّه لیذوبنّ ما فی أیدیهم) أى أیدی بنی امیّه أو بنی العباس من الملک و السلطنه (کما یذوب الألیه على النّار) وجه الشبه الاضمحلال و الفناء.
ثمّ عاد إلى توبیخ المخاطبین فقال: (أیّها الناس لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ) أراد به نفسه لأنّ الحقّ معه و هو مع الحقّ کما ورد فی صحیح الخبر (و لم تهنوا عن توهین الباطل) أراد به معاویه و أصحابه (لم یطمع فیکم) و فی بلادکم (من لیس مثلکم) فی البأس و القوّه (و لم یقومن قوی علیکم) و لم یشنّ الغارات على بلادکم و أصقاعکم و لکنّکم (تهتم متاه بنی إسرائیل) أى تحیّرتم مثل تحیّرهم و ستعرف تیههم إنشاء اللّه بعد الفراغ من شرح الخطبه (و لعمری لیضعفنّ لکم التّیه) و الضلال (من بعدی أضعافا) و کذا کان لأنّ تیه بنی إسرائیل کان أربعین سنه و تیه هؤلاء جاوز الثمانین مدّه ملک بنی امیه بل زاد على ستّمأه مدّه ملک بنی العباس بل ممدّ إلى ظهور الدّوله القائمیه بما (خلّفتم الحقّ وراء ظهورکم) و نکبتم عن الصراط المستقیم (و قطعتم الأدنى) أى الأقرب من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله نسبا و صهرا و أراد به نفسه (و وصلتم الأبعد) أراد به معاویه أو من تقدّم علیه من المتخلّفین.

ثمّ أرشدهم إلى وجه الرّشاد و السداد فقال: (و اعلموا انّکم إن اتّبعتم الدّاعی لکم) أراد به نفسه أو القائم علیه السّلام و فی بعض النسخ الرّاعی بالراء و قد تقدّم فیما ذکرناه سابقا انّ الامام راع لرعیّته، و ظهر لک وجه المناسبه فی إطلاق الرّاعی علیه (سلک بکم منهاج الرسول) أى جادّه الشریعه (و کفیتم مؤنه الاعتساف) فی طرق الضلال (و نبذتم الثقل الفادح) أى الاثم و العذاب فی الاخره (عن الأعناق).

تنبیهان

الاول فی قصه قوم سبأ و سیل الجنتین

قال تعالى: لَقَدْ کانَ لِسَبَإٍ فِی مَسْکَنِهِمْ آیَهٌ جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ کُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّکُمْ وَ اشْکُرُوا لَهُ بَلْدَهٌ طَیِّبَهٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ جَنَّتَیْنِ ذَواتَیْ أُکُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَیْ‏ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ ذلِکَ جَزَیْناهُمْ بِما کَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْکَفُورَ.

قال علیّ بن إبراهیم القمیّ قال إنّ بحرا کان فی الیمن و کان سلیمان علیه السّلام أمر جنوده أن یجروا لهم خلیجا من البحر العذب إلى بلاد هند، ففعلوا ذلک و عقدوا له عقده عظیمه من الصخر و الکلس حتّى تفیض على بلادهم، و کانوا إذا أرادوا أن یرسلوا منه الماء أرسلوه بقدر ما یحتاجون إلیه و کانت لهم جنّتان عن یمین و شمال عن مسیره عشره أیّام فیها یمرّ المارّ لا تقع علیه الشمس من التفافها.

فلمّا عملوا بالمعاصی و عتوا عن أمر ربّهم و نهاهم الصالحون فلم ینتهوا، بعث اللّه على ذلک السدّ الجرذ و هی الفاره الکبیره فکانت تقلع الصّخره التی لا یستقلّها الرّجل و ترمى به فلمّا رأى ذلک قوم منهم هربوا و ترکوا البلاد فما زال الجرذ تقلع الحجر حتّى خربوا ذلک السدّ فلم یشعروا حتّى غشیهم السّیل و خرب بلادهم و قلع أشجاهم.

و قال الطبرسی فی مجمع البیان فی تفسیر الایه ثمّ أخبر سبحانه عن قصّه سبأ بما دلّ على حسن عاقبه الشّکور و سوء عاقبه الکفور فقال- لَقَدْ کانَ لِسَبَإٍ- المراد بسبا هنا القبیله الّذینهم أولاد سبأ بن یشجب بن یعرب بن قحطان- فی مسکنهم- أى فی بلدهم- آیه- أى حجّه على وحدانیّه اللّه عزّ و جلّ و کمال قدرته و علامه على سبوغ نعمته ثمّ فسّر سبحانه الایه فقال:- جَنَّتانِ عَنْ یَمِینٍ وَ شِمالٍ- أى بستانان عن یمین من أتاهما و شماله و قیل عن یمین البلد و شماله.
و قیل انّه لم یرد جنّتین اثنتین و المراد إنه کانت دیارهم على وتیره واحده إذ کانت البساتین عن یمینهم و شمالهم متّصله بعضها ببعض و کانت من کثره النّعم أنّ المرأه تمشى و المکتل على رأسها فیمتلئ بالفواکه من غیر أن تمسّ بیدها شیئا.

و قیل الایه المذکوره هی أنّه لم یکن فی قریتهم بعوضه و لا ذباب و لا برغوث و لا عقرب و لا حیّه، و کان الغریب إذا دخل بلدهم و فی ثیابه قمّل و دوابّ ماتت‏ عن ابن زید.
و قیل انّ المراد بالایه خروج الأزهار و الثّمار من الأشجار على اختلاف ألوانها و طعومها.
و قیل: انها کانت ثلاث عشره قریه فی کلّ قریه نبیّ یدعوهم إلى اللّه سبحانه یقولون لهم کُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّکُمْ وَ اشْکُرُوا لَهُ أى کلوا ممّا رزقکم اللّه فی هذه الجنان و اشکروا له یزدکم من نعمه و استغفروه یغفر لکم بَلْدَهٌ طَیِّبَهٌ أى هذه بلده مخصّبه نزهه أرضها عذبه تخرج النّبات و لیست بسبخه و لیس فیها شی‏ء من الهوامّ الموذیه.

و قیل أراد به صحّه هواها و عذوبه مائها و سلامه تربتها و أنّه لیس فیها حرّ یؤذى فی القیظ، و لا برد یؤذى فی الشتاء- و ربّ غفور- أی کثیر المغفره للذّنوب- فأعرضوا- عن الحقّ و لم یشکروا اللّه سبحانه و لم یقبلوا ممّن دعاهم إلى اللّه من أنبیائه- فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ سَیْلَ الْعَرِمِ- و ذلک أنّ الماء کان یأتی أرض سبأ من أودیه الیمن، و کان هناک جبلان یجتمع ماء المطر و السیول بینهما فسدّوا ما بین الجبلین فاذا احتاجوا إلى الماء نقبوا السدّ بقدر الحاجه فکانوا یسقون زروعهم و بساتینهم فلمّا کذّبوا رسلهم و ترکوا أمر اللّه بعث اللّه جرذا نقب ذلک الرّدم و فاض الماء علیهم فأغرقهم عن وهب.

و قال البیضاوی سیل العرم أى سیل الأمر العرم أى الصّعب من عرم الرجل فهو عارم و عرم إذا شرس خلقه و صعب أو المطر الشدید أو الجرذ أضاف إلیه لأنّه نقب علیهم سکرا ضربت لهم بلقیس، فحقنت به ماء الشجر و ترکت فیه نقبا على مقدار ما یحتاجون إلیه أو المسناه التی عقدت سکرا على أنّه جمع عرمه و هی الحجاره المرکومه.
و قیل اسم واد جاء السیل من قبله و کان ذلک بین عیسى و محمّد- وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَیْهِمْ- اللّتین فیهما أنواع الفواکه و الخیرات- جَنَّتَیْنِ- أخراوین- فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ- مرّ بشع فانّ الخمط کلّ نبت أخذ طعما من مراره.

و قیل الاراک أو کلّ شجر له شوک- وَ أَثْلٍ وَ شَیْ‏ءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِیلٍ- و الأثل الطرفا، لا ثمر له، و وصف السدر بالقلّه فان جناه و هو النبق ممّا یطیب أکله و لذلک یغرس فی البساطین- ذلِکَ جَزَیْناهُمْ بِما کَفَرُوا- بکفرانهم النّعمه أو بکفرهم بالرّسل- وَ هَلْ نُجازِی إِلَّا الْکَفُورَ- أى البلیغ فی الکفران أو الکفر.

الثانی فی قصه تیه بنى اسرائیل

قال تعالى حکایه عن موسى إذ قال لقومه یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَهَ الَّتِی کَتَبَ اللَّهُ لَکُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِکُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ، قالُوا یا مُوسى‏ إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ، وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِینَ یَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ الْبابَ، فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّکُمْ غالِبُونَ وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَکَّلُوا إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ قالُوا یا مُوسى‏ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِیها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّکَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ قالَ رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِکُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی فَافْرُقْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَهٌ عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَهً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ.

روى فی الصّافی عن العیاشی، عن الباقر علیه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و الّذی نفسی بیده لترکبنّ سنن من کان قبلکم حذو النعل بالنعل، و القذّه بالقذّه حتّى لا تخطاؤن طریقهم، و لا تخطأکم سنّه بنی إسرائیل.

ثمّ قال أبو جعفر علیه السّلام قال موسى لقومه یا قوم ادخلوا الأرض المقدّسه الّتی کتب اللّه لکم فردّوا علیه و کانوا ستّمأه ألف فقالوا یا موسى إنّ فیها قوما جبّارین الایات قال فعصى أربعون ألفا و سلم هارون و ابناه و یوشع بن نون و کالب بن یوحنّا فسمّاهم اللّه فاسقین فقال لا تأس على القوم الفاسقین فتاهوا أربعین سنه لأنّهم عصوا فکانوا حذو النعل بالنعل أنّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله لما قبض لم یکن على أمر اللّه إلّا علیّ و الحسن و الحسین و سلمان و المقداد و أبو ذر فمکثوا أربعین حتّى قام علیّ فقاتل من خالفه.

و قال الطبرسی و غیره فی تفسیر الایه ما ملخّصه: قوله حکایه عن خطاب موسى لقومه- یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَهَ- هی بیت المقدس و العیاشی عن الباقر علیه السّلام یعنی الشام- الَّتِی کَتَبَ اللَّهُ لَکُمْ- أن تکون مسکنا- وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِکُمْ- أى لا ترجعوا عن الأرض التی امرتم بدخولها- مدبرین فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ- عن ثواب الدارین- قالُوا یا مُوسى‏ إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ- شدید البطش و البأس لا یتأتّى لنا مقاومتهم.

قال ابن عباس بلغ من جبریّه هؤلاء القوم أنّه لمّا بعث موسى من قومه اثنى عشر نقیبا لیخبروه خبرهم أهمّ رجل من الجبارین یقال له عوج فأخذهم فی کمّه مع فاکهه کلّها کان یحملها من بستانه و أتى بهم الملک فنثرهم بین یدیه و قال للملک تعجّبا منهم هؤلاء یریدون قتالنا فقال الملک ارجعوا إلى صاحبکم فأخبروه خبرنا.

قال و کان فاکهتهم لا یقدر على حمل عنقود منها خمسه رجال بالخشب، و یدخل فی قشر نصف رمانه خمسه رجال- قالُوا یا مُوسى‏ إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى یَخْرُجُوا مِنْها- هما یوشع بن نون و کالب بن یوحنا ابن عمّه کذا عن الباقر علیه السّلام- مِنَ الَّذِینَ یَخافُونَ- اللّه و یتّقونه- أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا- بالایمان و التثبت- ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ الْبابَ- باب قریتهم- قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِینَ- لتعسر الکم علیهم فی المضایق من عظم أجسامهم و لأنهم أجسام لا قلوب فیها- وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَکَّلُوا- فی نصرته على الجبارین- وَ إِذا قِیلَ- به و مصدّقین لوعده.

– قالُوا یا مُوسى‏ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِیها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّکَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ- قالوها استهانه باللّه و رسوله و عدم مبالاه بهما- قالَ رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِکُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی- لأنه یجیبنی إذا دعوته- قالَ رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِکُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی فَافْرُقْ- لا یدخلونها و لا یملکونها بسبب عصیانهم- أَرْبَعِینَ سَنَهً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ- یسیرون فیها متحیّرین- فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ- لأنّهم أحقّاء بذلک لفسقهم.

قال الطبرسیّ قال المفسرون لما عبر موسى علیه السّلام و بنو إسرائیل البحر و هلک فرعون أمرهم اللّه سبحانه بدخول الأرض المقدّسه فلما نزلوا على نهر الاردن خافوا عن الدخول فبعث من کلّ سبط رجلا و هم الذین ذکرهم اللّه تعالى فی قوله وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثاقَ بَنِی فعاینوا من عظم شأنهم و قوّتهم شیئا عجیبا فرجعوا إلى بنی إسرائیل فأخبروا موسى بذلک فأمرهم أن یکتموا فوفى اثنان منهم یوشع بن نون من سبط ابن یامین و قیل انه کان من سبط یوسف علیه السّلام و کالب بن یوحنا من سبط یهودا و عصى العشره و اخبروا بذلک.

و قیل کتم الخمسه منهم و أظهر الباقون و فشا الخبر فی الناس فقالوا إن دخلنا علیهم تکون نسائنا و أهالینا اغنمه لهم، و هموا بالانصراف إلى مصر و هموا بیوشع و کالب و أرادوا أن یرجموهما بالحجاره فاغتاظ لذلک موسى و قال قالَ رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِکُ إِلَّا نَفْسِی وَ فأوحى اللّه إلیه إنهم یتیهون فی الأرض أربعین سنه و إنما یخرج منهم من لم یعص اللّه فی ذلک فبقوا فی التیه أربعین سنه فی سته عشر فرسخا و قیل تسع فراسخ و هم ستمائه ألف مقاتل لا تتخرّق ثیابهم و تثبت معهم و ینزل علیهم المنّ و السلوى.

و قال الطبرسی فی تفسیر قوله وَ أَنْزَلْنا عَلَیْکُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى‏: و کان السبب فی إنزال المنّ و السلوى علیهم أنه لما ابتلاهم اللّه بالتیه إذ قالوا لموسى قالُوا یا مُوسى‏ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما حین أمرهم بالمسیر إلى بیت المقدس و حرب العمالقه فوقعوا فی التیه صاروا کلّما ساروا تاهوا فی قدر خمسه فراسخ أو ستّه فکلّما أصبحوا صاروا عادین فأمسوا فاذاهم فی مکانهم الذی ارتحلوا منه کذلک حتّى تمّت المدّه و بقوا فی التیه أربعین سنه.

و فی الصافی عن العیاشی عن الصادق علیه السّلام قال فحرّم اللّه علیهم- أى دخول الأرض المقدّسه- أربعین سنه و تیههم فکان إذا کان العشاء و أخذوا فی الرّحیل نادوا الرّحیل الرّحیل الوحا الوحا، فلم یزالوا کذلک حتّى تغیب الشمس حتّى إذا ارتحلوا و استوت بهم الأرض‏

قال اللّه تعالى للأرض دیرى بهم، فلم یزالوا کذلک حتّى إذا سحروا، و قارب الصبح قالوا إنّ هذا الماء قد أتیتموه فانزلوا فاذ اتیههم و منازلهم الّتی کانوا فیها بالأمس، فیقول بعضهم لبعض یا قوم لقد ضللتم و أخطأتم الطریق فلم یزالوا کذلک حتى أذن لهم فدخلوها.
و فی الکافی عن النبیّ صلّى اللّه علیه و آله إنّ موسى کلیم اللّه مات فی التیه فصاح صائح فی السماء مات موسى و أىّ نفس لا تموت.

قال الطبرسی فلمّا حصلوا فی التّیه ندموا على ما فعلوا فألطف اللّه لهم بالغمام لمّا شکوا حرّ الشمس و أنزل علیهم المنّ و السلوى فکان یسقط علیهم المنّ من وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس فکانوا یأخذون منها ما یکفیه لیومهم و کان اللّه تعالى یبعث لهم السّحاب بالنّهار فیدفع عنهم حرّ الشمس و کان ینزل علیهم باللّیل من السّماء عمودا من نور یضی‏ء لهم مکان السّراج و إذا ولد فیهم مولود کان علیه ثوب بطوله کالجلد و یأتی إنشاء اللّه تفصیل المنّ و السلوى فی شرح الخطبه المأه و الحادیه و التسعین.
و ماتت النقباء غیر یوشع بن نون و کالب و مات أکثرهم و نشأ ذراریهم و خرجوا إلى حرب أریحا و فتحوها.

الترجمه

از جمله خطب شریفه آن امام مبین و ولیّ مؤمنین است در نصیحت مخاطبین و إخبار از وقایع آتیه روزگار مى‏ فرماید: باید که متابعت نماید کوچکان شما ببزرگان شما، و باید که مهربانی نماید بزرگان شما بر کوچکان شما، و نباشید مثل جفاکاران أیّام جاهلیت که نه در دین دانا شوید و نه از خداى تعالى کسب معرفت نمائید، مانند پوست بیرون تخمها در مواضع بچه بیرون آوردن که می باشد شکستن آن تخمها وزر و وبال و بیرون مى ‏آید بچه‏ هاى آنها شرارت و فساد.

و از جمله فقرات این خطبه است مى ‏فرماید:متفرّق میشوند بعد از ایتلاف ایشان و پراکنده مى‏ شوند از أصل خودشان، یعنى از امام مفترض الطاعه، پس بعضى از ایشان أخذ کننده باشد شاخه را از آن أصل که هر جا میل کند آن شاخه آن هم میل مى‏ کند با او با وجود این که بدرستى خداى تبارک و تعالى زود باشد که جمع کند ایشان را از براى بدترین روزى از براى بنی امیه ملعونین چنانچه مجتمع مى ‏شود ابرهاى متفرقه در فصل پائیز.

الفت مى ‏دهد خداى تعالى در میان ایشان پس مى ‏گرداند متراکم و بر هم نشسته مثل أبرهاى متراکم پس از آن بگشاید خداوند عزّ و جلّ از براى ایشان درهائى که روان شوند از جاى هیجان ایشان مانند سیل دوبستان شهر سبا، بحیثیّتی که سلامت نماند بر آن سیل کوه کوچکى و ثابت نشود مر آن را تلّی و باز نگرداند راه آن را کوه محکمی و نه پشتهاى زمینی، متفرّق مى‏ سازد ایشان را خداى تعالى در درونهاى وادیهاى خود، پس در برد ایشان را در چشمهاى زمین و بگیرد بایشان از قومى حقهاى قوم دیگر را و جاى دهد قومى را در ممالک قومى، و سوگند بخدا هر آینه البته گداخته مى‏ شود آنچه که در دست بنى امیه است از ملک و سلطنت چنانچه گداخته شود دنبه بر آتش.

اى مردمان اگر خذلان نمى ‏ورزیدید از نصرت حق و سستى نمى‏ کردید از اهانت باطل، هر آینه طمع نمى‏ کرد در شما کسانى که مثل شما نبودند، و قوت نمى‏ یافت کسى که قوّت یافت بر شما، و لکن شما حیران و سرگردان شدید مثل حیرانى بنی إسرائیل، و قسم بزندگانى خودم هر آینه افزون کرده شود از براى شما حیرانى و سرگردانی بعد از من افزونى فراوان بسبب این که واپس گذاشتید حق را در پس پشتهاى خود و بریدید نزدیکتر بسوى پیغمبر را و پیوند کردید دورتر از آن را.

و بدانید این که اگر شما تبعیت نمائید دعوت کننده خودتان را که منم ببرد شما را براه راست پیغمبر خدا و کفایت کرده شوید از مشقت کجروى، و مى ‏اندازید بار گران ثقیل را که عبارت است از وزر و عذاب آخرت از گردنهاى خودتان.

قال الشّارح عفى اللّه عنه لیکن هذا آخر هذا المجلّد و هو المجلّد الرّابع من مجلّدات منهاج البراعه، فی شرح نهج البلاغه و قد طال بنا شرح ما تضمّنه هذا المجلّد حتّى بلغت مدّه الاشتغال به ضعفى مدّه الاشتغال بسایر المجلّدات لابتلائی بأمور تشیب الولید، و تذیب الحدید، و تعجز الجلید، و برزایا لم یکد یشاهد مثلها على صفایح الأیّام أو یثبت على الصّحایف بالمخابر و الأقلام بل قلّما أن یؤثر نظیرها عن الامم الماضیه أو ینقل قرینها عن القرون الخالیه و أعظم تلک المصائب الحسد و الأذى من أقارب کالعقارب، و اجلابهم علىّ کتیبه و کتائب.

رمانى الدّهر بالارزاء حتّى
فؤادی فی غشاء من نبال‏

فصرت إذا أصابتنی سهام‏
تکسّرت النّصال على النّصال‏

إلى اللّه أشکو من دهر إذا أساء أصرّ على إسائته، و إذا أحسن ندم من ساعته، و من معشر جلّ بضاعتهم الأود و العناد، و کلّ صناعتهم اللّدد و الفساد، و من اللّه أسأل دفع کید الخائنین و اصلاح نفوس الحاسدین، و انقطاع ألسن المعاندین و أسئله التوفیق لشرح المجلّدات الاتیه بجاه محمّد صلّى اللّه علیه و آله و عترته الطّاهره و قد منّ اللّه علىّ بالفراغ من هذا المجلّد بعد الأیاس لتفرّق الحواس صبیحه یوم الاثنین و هو الرّابع و العشرون من شهر جمادى الاخره من شهور ثلاث عشره و ثلاثمأه و ألف سنه من الهجره النبویّه على مهاجرها ألف صلاه و سلام و تحیّه و الحمد للّه ربّ العالمین و الصّلاه و السّلام على محمّد و آله الأطیبین.

هذا هو المجلد الخامس من مجلدات منهاج البراعه فى شرح نهج البلاغه بسم اللّه الرّحمن الرّحیم الحمد للّه الّذی سلک بنا نهج البلاغه للاهتداء إلى مناهج البیان، و ألهمنا منهاج البراعه للارتقاء إلى معارج المعان، و الصّلوه و السّلام على دوحه النّبوّه الّتی طابت فرعا و أصلا، و وشیجه الرّساله الّتى سمت رفعه و نبلا، عین السّیاده و الفخار، و خدین الشّرف الّذی أظهر الخیلاء فی مضر و نزار، محمّد المختار من سلاله عدنان، و أحمد المستأثر بمکرمات الفرقان، و آله الموصوفین بالعصمه و الطّهاره، و المهتوفین بالحکمه و الفخاره، و الموسومین بالخلافه و الإمامه، و المرسومین بالشّرافه و الکرامه، لا سیّما ابن عمّه و أخیه المنتجب و وزیره و وصیّه المنتخب، الحائز قصب السّبق فی مضمار العزّ و الشّرف، و البارع على الأقران فی السّؤدد فما له عنه منصرف، المخصوص بإماره المؤمنین، و المنصوص بالإمامه من عند ربّ العالمین، على رغم کلّ ناصب جاحد، و عمى عین کلّ منافق معاند.

یا آل طه الأکرمین ألیّه
بکم و ما دهری یمین فجار

إنّی منحتکم المودّه راجیا
نیلى المنى فی الخمسه الأشبار

فعلیکم منّی السّلام فأنتم
أقصى رجاى و منتهى ایثاری‏

أما بعد فهذا هو المجلّد الخامس من مجلّدات منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه املاء المفتاق إلى غفران ربّه الغنیّ حبیب اللّه بن محمّد بن هاشم الهاشمی العلوی الموسوی وفّقه اللّه سبحانه و أعانه على اتمامه و ختامه، ببداعه اسلوبه و نظامه و جعله ممحاه لذنوبه و آثامه، یوم حشره و قیامه، انّه لما یشاء قدیر، و بالاجابه حقیق جدیر.
فأقول: قال السیّد الرّضیّ رضی اللّه عنه:

منهاج ‏البراعه فی ‏شرح ‏نهج ‏البلاغه(الخوئی)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

بازدیدها: ۹۰

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره ۱۶۴ (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه ۱۶۵ صبحی صالح

۱۶۵- و من خطبه له ( علیه ‏السلام ) یذکر فیها عجیب خلقه الطاوس‏

خلقه الطیور

ابْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِیباً مِنْ حَیَوَانٍ وَ مَوَاتٍ
وَ سَاکِنٍ وَ ذِی حَرَکَاتٍ
وَ أَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ الْبَیِّنَاتِ عَلَى لَطِیفِ صَنْعَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدْرَتِهِ مَا انْقَادَتْ لَهُ الْعُقُولُ مُعْتَرِفَهً بِهِ وَ مَسَلِّمَهً لَهُ
وَ نَعَقَتْ فِی أَسْمَاعِنَا دَلَائِلُهُ عَلَى وَحْدَانِیَّتِهِ
وَ مَا ذَرَأَ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الْأَطْیَارِ الَّتِی أَسْکَنَهَا أَخَادِیدَ الْأَرْضِ وَ خُرُوقَ فِجَاجِهَا وَ رَوَاسِیَ أَعْلَامِهَا
مِنْ ذَاتِ أَجْنِحَهٍ مُخْتَلِفَهٍ وَ هَیْئَاتٍ مُتَبَایِنَهٍ
مُصَرَّفَهٍ فِی زِمَامِ التَّسْخِیرِ وَ مُرَفْرِفَهٍ بِأَجْنِحَتِهَا فِی مَخَارِقِ الْجَوِّ الْمُنْفَسِحِ وَ الْفَضَاءِ الْمُنْفَرِجِ
کَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَکُنْ فِی عَجَائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَهٍ وَ رَکَّبَهَا فِی حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَهٍ
وَ مَنَعَ بَعْضَهَا بِعَبَالَهِ خَلْقِهِ أَنْ یَسْمُوَ فِی الْهَوَاءِ خُفُوفاً
وَ جَعَلَهُ یَدِفُّ دَفِیفاً
وَ نَسَقَهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا فِی الْأَصَابِیغِ بِلَطِیفِ قُدْرَتِهِ وَ دَقِیقِ صَنْعَتِهِ
فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِی قَالَبِ لَوْنٍ لَا یَشُوبُهُ غَیْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِیهِ
وَ مِنْهَا مَغْمُوسٌ فِی لَوْنِ صِبْغٍ قَدْ طُوِّقَ بِخِلَافِ مَا صُبِغَ بِهِ

الطاوس‏

وَ مِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُسُ الَّذِی أَقَامَهُ فِی أَحْکَمِ تَعْدِیلٍ وَ نَضَّدَ أَلْوَانَهُ فِی أَحْسَنِ تَنْضِیدٍ
بِجَنَاحٍ أَشْرَجَ قَصَبَهُ وَ ذَنَبٍ أَطَالَ مَسْحَبَهُ
إِذَا دَرَجَ إِلَى الْأُنْثَى نَشَرَهُ مِنْ طَیِّهِ وَ سَمَا بِهِ
مُطِلًّا عَلَى رَأْسِهِ کَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِیٍّ عَنَجَهُ نُوتِیُّهُ یَخْتَالُ بِأَلْوَانِهِ وَ یَمِیسُ بِزَیَفَانِهِ
یُفْضِی کَإِفْضَاءِالدِّیَکَهِ وَ یَؤُرُّ بِمَلَاقِحِهِ أَرَّ الْفُحُولِ الْمُغْتَلِمَهِ لِلضِّرَابِ
أُحِیلُکَ مِنْ ذَلِکَ عَلَى مُعَایَنَهٍ لَا کَمَنْ یُحِیلُ عَلَى ضَعِیفٍ إِسْنَادُهُ
وَ لَوْ کَانَ کَزَعْمِ مَنْ یَزْعُمُ أَنَّهُ یُلْقِحُ بِدَمْعَهٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُهُ فَتَقِفُ فِی ضَفَّتَیْ جُفُونِهِ
وَ أَنَّ أُنْثَاهُ تَطْعَمُ ذَلِکَ ثُمَّ تَبِیضُ لَا مِنْ لِقَاحِ فَحْلٍ سِوَى الدَّمْعِ الْمُنْبَجِسِ
لَمَا کَانَ ذَلِکَ بِأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَهِ الْغُرَابِ
تَخَالُ قَصَبَهُ مَدَارِیَ مِنْ فِضَّهٍ وَ مَا أُنْبِتَ عَلَیْهَا مِنْ عَجِیبِ دَارَاتِهِ وَ شُمُوسِهِ خَالِصَ الْعِقْیَانِ وَ فِلَذَ الزَّبَرْجَدِ
فَإِنْ شَبَّهْتَهُ بِمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ قُلْتَ جَنًى جُنِیَ مِنْ زَهْرَهِ کُلِّ رَبِیعٍ
وَ إِنْ ضَاهَیْتَهُ بِالْمَلَابِسِ فَهُوَ کَمَوْشِیِّ الْحُلَلِ أَوْ کَمُونِقِ عَصْبِ الْیَمَنِ
وَ إِنْ شَاکَلْتَهُ بِالْحُلِیِّ فَهُوَ کَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ قَدْ نُطِّقَتْ بِاللُّجَیْنِ الْمُکَلَّلِ
یَمْشِی مَشْیَ الْمَرِحِ الْمُخْتَالِ وَ یَتَصَفَّحُ ذَنَبَهُ وَ جَنَاحَیْهِ
فَیُقَهْقِهُ ضَاحِکاً لِجَمَالِ سِرْبَالِهِ وَ أَصَابِیغِ وِشَاحِهِ
فَإِذَا رَمَى بِبَصَرِهِ إِلَى قَوَائِمِهِ زَقَا مُعْوِلًا بِصَوْتٍ یَکَادُ یُبِینُ عَنِ اسْتِغَاثَتِهِ وَ یَشْهَدُ بِصَادِقِ تَوَجُّعِهِ
لِأَنَّ قَوَائِمَهُ حُمْشٌ کَقَوَائِمِ الدِّیَکَهِ الْخِلَاسِیَّهِ
وَ قَدْ نَجَمَتْ مِنْ ظُنْبُوبِ سَاقِهِ صِیصِیَهٌ خَفِیَّهٌ
وَ لَهُ فِی مَوْضِعِ الْعُرْفِ قُنْزُعَهٌ خَضْرَاءُ مُوَشَّاهٌ
وَ مَخْرَجُ عَنُقِهِ کَالْإِبْرِیقِ وَ مَغْرِزُهَا إِلَى حَیْثُ بَطْنُهُ کَصِبْغِ الْوَسِمَهِ الْیَمَانِیَّهِ أَوْکَحَرِیرَهٍ مُلْبَسَهٍ مِرْآهً ذَاتَ صِقَالٍ
وَ کَأَنَّهُ مُتَلَفِّعٌ بِمِعْجَرٍ أَسْحَمَ
إِلَّا أَنَّهُ یُخَیَّلُ لِکَثْرَهِ مَائِهِ وَ شِدَّهِ بَرِیقِهِ أَنَّ الْخُضْرَهَ النَّاضِرَهَ مُمْتَزِجَهٌ بِهِ
وَ مَعَ فَتْقِ سَمْعِهِ خَطٌّ کَمُسْتَدَقِّ الْقَلَمِ فِی لَوْنِ الْأُقْحُوَانِ
أَبْیَضُ یَقَقٌ فَهُوَ بِبَیَاضِهِ فِی سَوَادِ مَا هُنَالِکَ یَأْتَلِقُ
وَ قَلَّ صِبْغٌ إِلَّا وَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ بِقِسْطٍ
وَ عَلَاهُ بِکَثْرَهِ صِقَالِهِ وَ بَرِیقِهِ وَ بَصِیصِ دِیبَاجِهِ وَ رَوْنَقِهِ
فَهُوَ کَالْأَزَاهِیرِ الْمَبْثُوثَهِ لَمْ تُرَبِّهَا أَمْطَارُ رَبِیعٍ وَ لَا شُمُوسُ قَیْظٍ
وَ قَدْ یَنْحَسِرُ مِنْ رِیشِهِ وَ یَعْرَى مِنْ لِبَاسِهِ فَیَسْقُطُ تَتْرَى وَ یَنْبُتُ تِبَاعاً فَیَنْحَتُّ مِنْ قَصَبِهِ انْحِتَاتَ أَوْرَاقِ الْأَغْصَانِ
ثُمَّ یَتَلَاحَقُ نَامِیاً حَتَّى یَعُودَ کَهَیْئَتِهِ قَبْلَ سُقُوطِهِ
لَا یُخَالِفُ سَالِفَ أَلْوَانِهِ وَ لَا یَقَعُ لَوْنٌ فِی غَیْرِ مَکَانِهِ
وَ إِذَا تَصَفَّحْتَ شَعْرَهً مِنْ شَعَرَاتِ قَصَبِهِ أَرَتْکَ حُمْرَهً وَرْدِیَّهً وَ تَارَهً خُضْرَهً زَبَرْجَدِیَّهً وَ أَحْیَاناً صُفْرَهً عَسْجَدِیَّهً
فَکَیْفَ تَصِلُ إِلَى صِفَهِ هَذَا عَمَائِقُ الْفِطَنِ أَوْ تَبْلُغُهُ قَرَائِحُ الْعُقُولِ أَوْ تَسْتَنْظِمُ وَصْفَهُ أَقْوَالُ الْوَاصِفِینَ
وَ أَقَلُّ أَجْزَائِهِ قَدْ أَعْجَزَ الْأَوْهَامَ أَنْ تُدْرِکَهُ وَ الْأَلْسِنَهَ أَنْ تَصِفَهُ
فَسُبْحَانَ الَّذِی بَهَرَ الْعُقُولَ عَنْ وَصْفِ خَلْقٍ جَلَّاهُ لِلْعُیُونِ
فَأَدْرَکَتْهُ مَحْدُوداً مُکَوَّناً وَ مُؤَلَّفاً مُلَوَّناً
وَ أَعْجَزَ الْأَلْسُنَ عَنْ تَلْخِیصِ صِفَتِهِ وَ قَعَدَ بِهَا عَنْ تَأْدِیَهِ نَعْتِهِ

صغار المخلوقات‏

وَ سُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ الذَّرَّهِ وَ الْهَمَجَهِ
إِلَى مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ الْحِیتَانِ وَ الْفِیَلَهِ
وَ وَأَى عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا یَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِیهِ الرُّوحَ إِلَّا وَ جَعَلَ الْحِمَامَ مَوْعِدَهُ وَ الْفَنَاءَ غَایَتَهُ

منها فی صفه الجنه

فَلَوْ رَمَیْتَ بِبَصَرِ قَلْبِکَ نَحْوَ مَا یُوصَفُ لَکَ مِنْهَا لَعَزَفَتْ نَفْسُکَ عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَى الدُّنْیَا مِنْ شَهَوَاتِهَا وَ لَذَّاتِهَا وَ زَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا
وَ لَذَهِلَتْ بِالْفِکْرِ فِی اصْطِفَاقِ أَشْجَارٍ غُیِّبَتْ عُرُوقُهَا فِی کُثْبَانِ الْمِسْکِ عَلَى سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا
وَ فِی تَعْلِیقِ کَبَائِسِ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ فِی عَسَالِیجِهَا وَ أَفْنَانِهَا
وَ طُلُوعِ تِلْکَ الثِّمَارِ مُخْتَلِفَهً فِی غُلُفِ أَکْمَامِهَا
تُجْنَى مِنْ غَیْرِ تَکَلُّفٍ فَتَأْتِی عَلَى مُنْیَهِ مُجْتَنِیهَا وَ یُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا فِی أَفْنِیَهِ قُصُورِهَا بِالْأَعْسَالِ الْمُصَفَّقَهِ وَ الْخُمُورِ الْمُرَوَّقَهِ
قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ الْکَرَامَهُ تَتَمَادَى بِهِمْ حَتَّى حَلُّوا دَارَ الْقَرَارِ وَ أَمِنُوا نُقْلَهَ الْأَسْفَارِ
فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَکَ أَیُّهَا الْمُسْتَمِعُ بِالْوُصُولِ إِلَى مَا یَهْجُمُ عَلَیْکَ مِنْ تِلْکَ الْمَنَاظِرِ الْمُونِقَهِ لَزَهِقَتْ نَفْسُکَ شَوْقاً إِلَیْهَا
وَ لَتَحَمَّلْتَ مِنْ مَجْلِسِی هَذَا إِلَى مُجَاوَرَهِ أَهْلِ الْقُبُورِ اسْتِعْجَالًا بِهَا
جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاکُمْ مِمَّنْ یَسْعَى بِقَلْبِهِ إِلَى مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ بِرَحْمَتِهِ

تفسیر بعض ما فی هذه الخطبه من الغریب‏
قال السید الشریف رضی الله عنه قوله ( علیه ‏السلام ) یؤر بملاقحه الأر
کنایه عن النکاح یقال أر الرجل المرأه یؤرها إذا نکحها.
و قوله ( علیه‏ السلام ) کأنه قلع داری عنجه نوتیه القلع شراع السفینه و داری منسوب إلى دارین و هی بلده على البحر یجلب منها الطیب
و عنجه أی عطفه یقال عنجت الناقه کنصرت أعنجها عنجا إذا عطفتها و النوتی الملاح.
و قوله ( علیه‏السلام ) ضفتی جفونه أراد جانبی جفونه
و الضفتان الجانبان. و قوله ( علیه‏السلام ) و فلذ الزبرجد الفلذ جمع فلذه و هی القطعه.
و قوله ( علیه‏السلام ) کبائس اللؤلؤ الرطب الکباسه العذق و العسالیج الغصون واحدها عسلوج

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج۱۰  

و من خطبه له علیه السّلام یذکر فیها خلقه الطاوس و هى المأه و الرابعه و الستون من المختار فى باب الخطب

و شرحها فى ضمن فصلین:

الفصل الاول

ابتدعهم خلقا عجیبا من حیوان و موات، و ساکن و ذی حرکات، و أقام من شواهد البیّنات على لطیف صنعته و عظیم قدرته ما انقادت له العقول معترفه به، و مسلّمه له، و نعقت فی أسماعنا دلائله على وحدانیّته، و ما ذرء من مختلف (إختلاف) صور الأطیار الّتی أسکنها أخادید الأرض و خروق فجاجها، و رواسی أعلامها، من ذوات أجنحه مختلفه، و هیئات متباینه، مصرّفه فی زمام التّسخیر، و مرفرفه بأجنحتها فی مخارق الجوّ المنفسح، و الفضاء المنفرج، کوّنها بعد إذ لم تکن فی عجائب صور ظاهره، و رکّبها فی حقاق مفاصل محتجبه و منع بعضها بعباله خلقه أن یسمو فی السّماء (الهواء) خفوفا، و جعله یدفّ دفیفا، و نسقها على اختلافها فی الأصابیغ، بلطیف قدرته، و دقیق صنعته، فمنها مغموس فی قالب لون لا یشوبه غیر لون ما غمس فیه، و منها مغموس فی لون صبغ قد طوّق بخلاف ما صبغ به. و من أعجبها خلقا ألطّاوس الّذی أقامه فی أحکم تعدیل، و نضّد ألوانه فی أحسن تنضید، بجناح أشرج قصبه، و ذنب أطال مسحبه، و إذا درج إلى الانثى نشره من طیّه، و سما به مظلّا على رأسه، کأنّه قلع داریّ عنجه نوتیّه، یختال بألوانه، و یمیس بزیفانه، یفضی کإفضاء الدّیکه، و یورّ بملاقحه أرّ الفحول المغتلمه للضرّاب، أحیلک من ذلک على معاینه لا کمن یحیل على ضعیف أسناده، و لو کان کزعم من یزعم أنّه یلقح بدمعه تسفحها (تنشجها) مدامعه فتقف فی ضفّتی جفونه و أنّ أنثاه تطعّم ذلک ثمّ تبیّض لا من لقاح فحل سوى الدّمع المتبجّس (المنبجس) لما کان ذلک بأعجب من مطاعمه الغراب، تخال قصبه مدارى من فضّه، و ما أنبتت علیها من عجیب داراته و شموسه خالص العقیان و فلذ الزّبرجد. فإن شبّهته بما أنبتت الأرض قلت جنیّ جنی من زهره کلّ‏ ربیع، و إن ضاهیته بالملابس فهو کموشیّ الحلل أو مونق عصب الیمن، و إن شاکلته بالحلیّ فهو کفصوص ذات ألوان قد نطّقت باللّجین المکلّل، یمشی مشی المرح المختال، و یتصفّح ذنبه و جناحه فیقهقه ضاحکا لجمال سرباله، و أصابیغ وشاحه، فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا معولا بصوت یکاد یبین عن استغاثته، و یشهد بصادق توجّعه، لأنّ قوائمه حمش کقوائم الدّیکه الخلاسیّه، و قد نجمت من ظنبوب ساقه صیصیه خفیّه.

و له فی موضع العرف فنزعه خضراء موشاه (موشّاه)، و مخرج عنقه کالإبریق، و مغرزها إلى حیث بطنه کصبغ الوسمه الیمانیّه، أو کحریره ملبّسه مراتا ذات صقال، و کأنّه متلفّع بمعجر أسحم إلّا أنّه یخیّل لکثره ماءه و شدّه بریقه أنّ الخضره النّاضره ممتزجه به، و مع فتق سمعه خطّ کمستدقّ القلم فی لون الاقحوان أبیض یقق فهو ببیاضه فی سواد ما هنالک یأتلق. و قلّ صبغ إلّا و قد أخذ منه بقسط، و علاه بکثره صقاله و بریقه، و بصیص دیباجه و رونقه، فهو کالأزاهیر المبثوثه لم تربّها أمطار ربیع و لا شموس قیظ، و قد یتحسّر من ریشه و یعرى من‏لباسه فیسقط تترى و ینبت تباعا فینحتّ من قصبه انحتات أوراق الأغصان، ثمّ یتلاحق نامیا حتّى یعود کهیئته قبل سقوطه، لا یخالف سالف ألوانه، و لا یقع لون فی غیر مکانه، و إذا تصفّحت شعره من شعرات قصبه أرتک حمره وردّیه، و تاره خضره زبرجدیّه، و أحیانا صفره عسجدیّه. فکیف تصل إلى صفه هذا عمائق الفطن، أو تبلغه قرائح العقول، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفین، و أقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدرکه، و الألسنه أن تصفه. فسبحان الّذی بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعیون فأدرکته محدودا مکوّنا، و مؤلّفا ملوّنا، و أعجز الألسن عن تلخیص صفته، و قعد بها عن تأدیه نعته، و سبحان من أدمج قوائم الذّرّه و الهمجه إلى ما فوقهما من خلق الحیتان و الفیله، و واى على نفسه ألّا یضطرب شبح ممّا أولج فیه الرّوح إلّا و جعل الحمام موعده، و الفناء غایته.

قال السید (ره) بعد إیراد الخطبه بتمامها: تفسیر ما جاء فیها من الغریب «و یؤرّ بملاقحه» ألارّ کنایه عن النّکاح یقال أرّ المرأه یؤرّها إذا نکحها، و قوله: «کأنّه قلع داری عنجه نوتیّه» القلع شراع السفینه، و دارىّ منسوب إلى دارین و هى بلده على البحر یجلب منها الطّیب، و عنجه أى عطفه یقال: عنجت النّاقهأعنجها عنجا إذا عطفتها، و النوتىّ الملّاح و قوله: «ضفّتى جفونه» أراد جانبی جفونه، و الضّفتان الجانبان و قوله: «و فلذ الزّبرجد» الفلذ جمع فلذه و هی القطعه و قوله: «کبائس اللّؤلؤ الرطب» الکباسه العذق «و العسالیج» الغصون واحدها عسلوج.

اللغه

(الحیوان) محرّکه جنس الحىّ أصله حییان و قد تکون بمعنى الحیاه و المراد هنا الأوّل و (نعق) بغنمه من بابی ضرب و منع نعقا و نعیقا و نعاقا صاح بها و زجرها هکذا فی القاموس، و فی مصباح اللّغه للفیومى من باب ضرب إلّا أنّ الموجود فیما رأیته من نسخ النهج نعقت بکسر العین.

و (رفرف) الطائر بسط جناحیه عند السقوط على الشی‏ء یحوم علیه لتقع فوقه و (حقاق المفاصل) بکسر الحاء جمع حقّ بالضمّ رأس الورک الّذی فیه عظم الفخذ و رأس العضد الذى فیه الوابله قال الشّارح المعتزلی: هو مجمع المفصلین من الأعضاء فیکون أعمّ و (سحبه) على الأرض سحبا من باب منع جرّه علیها فانسحب و (طوى) الصّحیفه یطویها طیّا قال سبحانه «یَوْمَ نَطْوِی السَّماءَ کَطَیِّ السِّجِلِّ» و انّه لحسن الطیّه بالکسر و فی بعض النسخ من طیه بالکسر.
و (قلع داریّ) قال الفیومى: القلاع شراع السفینه، و الجمع قلع، مثل کتاب و کتب، و القلع مثله، و الجمع قلوع مثل حمل و حمول، و فی القاموس القلع بالکسر الشراع کالقلاعه ککتابه، و الداری المنسوب إلى دارین قال البحرانی: و هی جزیره من سواحل القطیف من بلاد البحرین یقال إنّ الطیب کان یجلب الیها من الهند و هی الان خراب لا عماره بها و لا سکنى، و فیها آثار قدیمه و فی القاموس الدّارین موضع بالشام.

و (ماس) فی مشیه تبختر و (الزّیفان) التبختر فی المشى و (الملاقحه) مفاعله من ألقح الفحل الناقه أى أحبلها، و فی بعض النسخ (بملاقحه) بصیغه الجمع‏مضافا إلى الضمیر أى بالات التناسل و الأعضاء و (غلم) کفرح غلما و غلمه بالضمّ و اغتلم غلب شهوه، و غلم البعیر و اغتلم أى هاج من شهوه الضرّاب، فهو غلّم و غلّیم و الاثنى غلّمه و غلّیمه و مغتلمه.

و (سفحت) الدّم أى أرقته و الدّمع أسلته و فی بعض النّسخ تنشجها بدل تسفحها مضارع نشج من باب ضرب یقال نشج القدر أى غلا ما فیه حتّى سمع له صوت قال العلّامه المجلسى: و لعلّ الأوّل أوضح، فانّ الفعل لیس متعدّیا بنفسه على ما فی کتب اللّغه و (تطعّم) على صیغه التفعّل بحذف إحدى التّائین و (بجّس) الماء تبجیسا فجره فتبجّس و انبجس، و فی بعض النّسخ المنبجس من باب الانفعال.

و (المدارى) بالدال المهمله جمع المدرى قال ابن الأثیر: المدرى و المدراه شی‏ء من حدید أو خشب على شکل سنّ من أسنان المشط و أطول منه یسرح به الشعر الملبّد و یستعمله من لا مشط له، و فی نسخ الشّارح البحرانی بالذّال المعجمه قال: و هی خشبه ذات أطراف کأصابع الکفّ ینقى بها الطّعام.

و (دارات) جمع الدّاره داره القمر و غیره سمّیت بذلک لاستدارتها و (العقیان) بالکسر کما فی القاموس و قال العلّامه المجلسیّ بالضمّ: الذّهب الخالص أو الذّهب النّابت من الأرض و (جنیت) التّمره و الزّهره و اجتنیتها و الجنیّ فعیل منه، و فى بعض النّسخ جنى کحصى و هو ما یجنى من الشّجر ما دام غصنا بمعنى فعیل و لفظه الفعل المجهول لیست فی بعض النّسخ.

و (زهر) النّبات بالفتح نوره، و الواحده زهره کتمر و تمره قالوا و لا یسمّى زهرا حتى تفتح و (وشیت) الثوب وشیا من باب رمى نقشته فهو موشىّ وزان مرمىّ أى منقّش، و الأصل على مفعول و (الحلل) کصرد جمع حله بالضمّ و هی إزار و رداء من برد أو غیره فلا تکون حلّه إلّا من ثوبین أو ثوب له بطانه.

و (العصب) وزان فلس قال الفیومى برد یصنع غزله ثمّ ینسج، و لا یثنى و لا یجمع و إنّما یثنى و یجمع ما یضاف إلیه فیقال: برد عصب و برود عصب، و الاضافه للتخصیص، و یجوز أن یجعل وصفا فیقال: شریت ثوبا عصبا، و قال السهلی: العصب‏صبغ لا ینبت إلّا بالیمن.

و (الفصوص) جمع فصّ کفلس و فلوس قال ابن السکیت: کسر الفاء ردىّ، و کذا قال الفارابی، و فی القاموس الفص الخاتم مثلثه و الکسر غیر لحن و (کلل) فلانا أى ألبس الاکلیل و هو بالکسر التاج و شبه عصابه زین بالجوهر و (الوشاح) ککتاب شی‏ء ینسج من أدیم و یرصّع شبه القلاده تلبسه النساء.
و رجل (أحمش) الساقین أى أدقّهما و (الخلاسى) بکسر الخاء المعجمه الدیک بین دجاجتین هندیه و فارسیه، و الولد بین أبوین أبیض و أسود و (الظنبوب) حرف العظم الیابس من قدم الساق و (الوسمه) بکسر السین کما فی بعض النسخ و هی لغه الحجاز و أفصح من السکون، و أنکر الأزهرى السکون، و بالسکون کما فی بعضها و (اللفاع) ککتاب الملحفه أو الکساء أو کلما تتلفّع به المرأه، و تلفع الرّجل بالثوب إذا اشتمل به و تغطى، و فی بعض النسخ متقنّع من القناع و (أبیض یقق) بالتحریک و بالکسر أیضا وزان کتف شدید البیاض.

و (یتحسّر) فی بعض النسخ مضارع تفعل یقال: تحسّر البعیر أى سقط من الاعیاء، و فی بعض النّسخ تنحسر على صیغه الانفعال تقول: حسره کضربه فانحسر أى کشفه فانکشف و (سالف ألوانه) فی بعض النسخ بدلها سایر ألوانه و الأوّل أظهر و (العسجد) کجعفر الذّهب و (العمق) بالضمّ و الفتح قعر البئر و نحوها و (الفطن) کعنب جمع فطنه بالکسر و هی الحذق و العلم بوجوه الامور و (جلّاه) بالتّشدید و التخفیف على اختلاف النّسخ أى کشفه و (الهمجه) محرّکه واحده الهمج بالتّحریک أیضا و هو ذباب صغیر کالبعوض یسقط على وجوه الغنم و الحمیر و النعاج الهرمه.

الاعراب

قوله: و نعقت جمله مستأنفه، و تحتمل أن تکون معطوفه على جمله انقادت و على الأوّل فالضمیر فی دلائله راجع إلى اللّه، و على الثّانی فهو راجع إلى ما، و قوله: و ما ذرأ، عطف على قوله: ما انقادت، أو على الضّمیر فی دلائله کما قاله‏ الشّارح البحرانی و قوله: من ذوات، بیان للأطیار، و مصرّفه، و مرفرفه منصوبان على الحال، و فی بعض النّسخ بالجرّ على أنّهما صفتان لذوات أجنحه.

و جمله کوّنها فی المعنى تأکید لجمله ذرأ، و لکمال الاتصال ترک العاطف بینهما، و تحتمل الاستیناف البیانی، و قوله: فی لون صبغ، بجرّلون مضافا إلى صبغ على الاضافه البیانیّه، و فی بعض النّسخ بالجرّ و التّنوین و صبغ على صیغه الماضی المجهول، أى صبغ ذلک المغموس، و الواو فی قوله: و من أعجبها، استینافیّه و قوله: بجناح، إمّا بدل من أحکم تعدیل أو عطف بیان، و یحتمل تعلّقه بقوله أحسن تنضید.

و جمله عنجه، مرفوعه المحل صفه لقلع، و مغرزها، مبتدأ خبره کصبغ الوسمه، و بطنه بالرّفع مبتدأ محذوف الخبر أى مغرزها إلى حیث بطنه موجودا و ممتدّا و منتهى إلیه کصبغ.
و حیث تضاف إلى الجمله غالبا و إضافتها إلى المفرد تشذّ فی الشّعر، و هو فی المعنى مضافه إلى المصدر الّذی تضمّنته الجمله قالوا: حیث و إن کانت مضافه الى الجمله فی الظّاهر، لکن لمّا کانت فی المعنى مضافه إلى المصدر فاضافتها إلیها کلا إضافه، و لذا بنیت على الضمّ کالغایات على الأعرف قال نجم الأئمه: قد حذف خبر المبتدأ الّذی بعد حیث غیر قلیل، و التّنوین فی قوله: بقسط، للتّفخیم، و جمله: علاه عطف على جمله أخذ.

المعنى

اعلم أنّ هذه الخطبه الشّریفه على غایه بلاغتها و بدیع اسلوبها و عجیب نظمها مسوقه لشرح أوصاف الطّیر لا سیّما الطّاؤوس، و الغرض منه التّنبیه على عظیم قدرته سبحانه و لطیف صنعته و الاشاره إلى عجایب ما أبدعه سبحانه فی الملک و الملکوت، لتنبّه من رقده الغفله، و یتحصّل لک کمال المعرفه.

و افتتح علیه السّلام بمطلق دلائل القدره ثمّ تخلّص إلى ذکر الطّاؤوس فقال (ابتدعهم) أى أبدع الموجودات لا عن مادّه أو على غیر مثال سابق (خلقا عجیبا)على أصناف مختلفه و أنواع متکثّره و هیئات عجیبه و أوصاف بدیعه (من حیوان و موات و ساکن و ذى حرکات) أى بعضها ذو حیات کأصناف الملائکه و الحیوان و الجنّ و الانس، و بعضها ذو ممات کالشّجر و الجماد و النّبات و غیرها ممّا لیس لها حیاه، و بعضها متّصفه بالسکون کالأرض و الجبال، و بعضها متّصفه بالحرکه الارادیّه کالانسان و الحیوان و نحوهما، أو طبیعیّه کالماء و النّار و الکواکب و الأفلاک.

(و أقام من شواهد البیّنات على لطیف صنعته و عظیم قدرته ما) أی شاهد صدق و برهان حتّى (انقادت له) أى لذلک الشّاهد (العقول معترفه به) أى بهذا الشّاهد أو باللّه سبحانه (و مسلّمه له) غیر جاحده لحقیّته (و نعقت) أى صاحت (فی أسماعنا دلائله) سبحانه (على وحدانیّته) قال الشّارح البحرانی استعار لفظ النّعیق فی الأسماع لظهور تلک الدّلائل فی صماخ العقل (و ما ذرأ) أى أقام من شواهد البیّنات أو نعقت دلائل ما ذرئه و خلقه (من اختلاف صور الأطیار الّتی أسکنها أخادید الأرض) کالقطا و نحوه ممّا یسکن الشّقوق فی الأرض (و خروق فجاجها) کالقبج و شبهه ممّا یسکن الفجاج أى الطرق الواسعه بین الجبلین (و رواسى أعلامها) کالعقبان و الصّقور تأوى فی الجبال الرّاسیات أى الثّابتات المستقرّات (من ذوات أجنحه مختلفه و هیئات متباینه) فهذا غراب، و هذا عقاب، و هذا حمام، و هذا نعام خلقها اللّه سبحانه على أشکال مختلفه و طبایع متضادّه.

و لکنّها کلّها على تباین طبائعها و تضادّ أجناسها مقهوره تحت ذلّ القدره مشدوده بربق الطّاعه (مصرّفه) و متقلّبه (فی زمام التسخیر) کما قال عزّ من قائل: أَ لَمْ یَرَوْا إِلَى الطَّیْرِ مُسَخَّراتٍ فِی جَوِّ السَّماءِ ما یُمْسِکُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ.

قال الرّازی: هذا دلیل على کمال قدره اللّه و حکمته: فانّه لولا أنّه تعالى خلق الطّیر خلقه معها یمکنه الطّیران فیها لما أمکن ذلک، فانّه أعطى الطّیر جناحا یبسطه مرّه و یکسره اخرى، مثل ما یعمل السّابح فی الماء، و خلق الهواء خلقه لطیفه رقیقه یسهل خرقه و النّفاذ فیه و لو لا ذلک لما کان الطّیران ممکنا، و جسد الطّیر جسم ثقیل و الجسم الثّقیل یمتنع بقاؤه فی الجوّ معلّقا من غیر دعامه و لا علاقه فوقه، فوجب أن یکون الممسک له فی ذلک الجوّ هو اللّه سبحانه.

(و مرفرفه بأجنحتها فی مخارق الجوّ المنفسح و الفضاء المنفرج) أى باسطه جناحیها فی أمکنتها الّتی تخرق الهواء الواسع فتدخلها قال تعالى: أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلَى الطَّیْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ یَقْبِضْنَ ما یُمْسِکُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ بَصِیرٌ».

قیل فی تفسیره: أى باسطات أجنحتهنّ فی الجوّ عند طیرانها، فانّهنّ إذا بسطنها صففن قوادمها- و یقبضن- أى و یضممنها إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للاستظهار به على التّحرّک، و لذلک عدل به إلى صیغه الفعل للتّفرقه بین الأصیل فی الطیران و الطّارى علیه- ما یمسکهنّ- فی الجوّ على خلاف طبعهنّ- إلّا الرّحمن- الشّامل رحمته کلّشی‏ء بأن خلقهنّ على اشکال و خصایص هیئاتهنّ للحرکه فى الهواء- إنّه بکلّ شی‏ء بصیر- یعلم کیف یخلق الغرائب و یدبّر العجائب.

(کوّنها) کسایر المکوّنات و المخلوقات (بعد اذ لم تکن فی عجائب صور ظاهره) و هیئات بدیعه غیر مستوره (و رکّبها فی حقاق مفاصل محتجبه) مستتره باللّحم و الجلد و نحوهما (و منع بعضها بعباله خلقه) و ضخامه جثّته کالنّعامه و اللّقلق و نحوهما (أن یسمو فی السّماء خفوفا) أى یعلو فی جهه العلوّ بسرعه (و جعله یدفّ دفیفا) أى یحرّک جناحیه للطّیران قال الفیومى: معناه ضرب بهما دفّیه و هما جنباه، یقال ذلک إذا أسرع مشیا و رجلاه على وجه الأرض ثمّ یستقلّ طیرانا (و نسقها) أى نظمها (على اختلافها فی الاصابیغ) و الألوان (بلطیف قدرته و دقیق صنعته) أى جعل کلّا منها على لون خاصّ على وفق حکمته البالغه (فمنها مغموس فی قالب لون لا یشوبه غیر لون ما غمس فیه) أى بعضها ذو لون واحد کالأسود و الأبیض و الأحمر، فعبر عنه بالغمس فی قالب اللّون إشاره إلى‏إحاطه اللّون الواحد به بجمیع أجزائه کما یحیط القالب بالأشیاء المصنوعه بالصبّ فیه من نحاس و نحوه.

(و منها مغموس فی لون صبغ قد طوّق بخلاف ما صبّغ به) أى بعضها ذو لونین فما زاد کالقبج و الفاخته و البلبل و نحوها ممّا یخالف لون عنقه لون سایر جسده، و الغرض بذلک کلّه حسبما عرفت التّنبیه على عظمه اللّه سبحانه و کمال قدرته و لطیف صنعته و بدیع حکمته.

و قد شرحه الصّادق علیه السّلام و أفصح عنه فی حدیث المفضّل.

قال علیه السّلام: تأمّل یا مفضّل جسم الطّایر و خلقته فانّه حین قدر أن یکون طائرا فی الجوّ خفّف جسمه و ادمج خلقه فاقتصر به من القوایم الأربع على اثنتین، و من الأصابع الخمس على أربع، و من منفذین للزّبل و البول على واحد یجمعهما، ثمّ خلق ذا جؤجؤ محدّد یسهل علیه أن یخرق الهواء کیف ما أخذ فیه کما جعل السّفینه بهذه الهیئه لتشقّ الماء و تنفذ فیه، و جعل فی جناحیه و ذنبه ریشات طوال متان لینهض بها للطّیران، و کسى کلّه الرّیش لیداخله «لیتداخله خ ل» الهواء فیقلّه.

و لما قدّر أن یکون طعمه الحبّ و اللّحم یبلعه بلعا بلا مضغ نقص من خلقه الأسنان و خلق له منقار صلب«» جاس یتناول به طعمه فلا ینسحج من لقط الحبّ و لا یتقصّف«» من نهش اللّحم، و لما عدم الأسنان و صار یزدرد الحبّ صحیحا و اللّحم غریضا أعین بفضل حراره فی الجوف تطحن له الطعم طحنا یستغنى به عن المضغ.
و اعتبر بأنّ عجم العنب و غیره یخرج من أجواف الانس صحیحا و یطحن فی أجواف الطیر لا یرى له أثر.
ثمّ جعل مما یبیض بیضا و لا یلد ولاده لکیلا یثقل عن الطیران، فانه لو کانت الفرخ فی جوفه تمکث حتى تستحکم لأثقلته و عاقته عن النهوض و الطیران فجعل‏کلّ شی‏ء من خلقه شاکلا للأمر الذی قدّر أن یکون علیه.

ثمّ صار الطائر السابح فی هذا الجوّ یقعد على بیضه فیخرّ له اسبوعا و بعضها اسبوعین و بعضها ثلاثه أسابیع حتى یخرج الفرخ من البیضه، ثمّ یقبل علیه فیزقّه لتتّسع حوصلته للغذاء، ثمّ یربّیه و یغذیه بما یعیش به، فمن کلّفه أن یلفظ الطعم و یستخرجه بعد أن یستقرّ فی حوصلته و یغذو به فراخه و لأىّ معنى یحتمل هذه المشقه و لیس بذى رویّه و لا تفکّر و لا یأمل فی فراخه ما یأمل الانسان فی ولده من العزّ و الرّفد و بقاء الذکر و هذا من فعل هو یشهد بأنه معطوف على فراخه لعلّه لا یعرفها و لا یفکّر فیها و هى دوام النسل و بقاؤه لطفا من اللّه تعالى ذکره.

انظر إلى الدّجاجه کیف تهیج لحضن البیض و التفریخ و لیس لها بیض مجتمع و لا وکر موطى‏ء بل تنبعث و تنتفخ و تقوقى و تمتنع من الطعم حتّى یجمع لها البیض فتحضنه و تفرخ، فلم کان ذلک منها إلّا لاقامه النّسل، و من أخذها باقامه النسل و لا رویّه و لا فکر لولا أنها مجبوله على ذلک.

و اعتبر بخلق البیضه و ما فیها من المخّ الأصفر الخاثر، و الماء الأبیض الرّقیق فبعضه لینتشر منه الفرخ، و بعضه لیغذی به إلى أن تنقاب عنه البیضه، و ما فی ذلک من التدبیر، فانه لو کان نشوء «نشق خ ل» الفرخ فی تلک القشره المستحضنه التی لا مساغ لشی‏ء الیها لجعل معه فی جوفها من الغذاء ما یکتفى إلى وقت خروجه منها کمن یحبس فی حبس حصین لا یوصل النفقه إلى من فیه فیجعل معه من القوت ما یکتفى به إلى وقت خروجه منه.
فکّر فی حوصله الطائر و ما قدّر له، فانّ مسلک الطعم إلى القانصه ضیّق لا ینفذ فیه الطعام إلّا قلیلا قلیلا، فلو کان الطائر لا یلقط حبه ثانیه حتى تصل الاولى القانصه لطال علیه و متى کان یستوفی طعمه، فانما یختلسه اختلاسا لشدّه الحذر، فجعلت الحوصله کالمخلاه المعلقه أمامه لیوعى فیها ما أدرک من الطعم بسرعه ثمّ تنفذه إلى القانصه على مهل، و فی الحوصله أیضا خلّه اخرى فانّ من الطائر ما یحتاج إلى أن یزقّ فراخه فیکون ردّه للطعم من قرب أسهل علیه.

قال المفضل: فقلت إنّ قوما من المعطله یزعمون أنّ اختلاف الألوان و الأشکال فی الطیر إنما یکون من قبیل امتزاج الأخلاط و اختلاف مقادیرها بالمزج و الاهمال.
فقال علیه السّلام: یا مفضّل هذا الوشى الّذی تراه فی الطواویس و الدّراج و التدارج على استواء و مقابله کنحو ما یخطّ بالأقلام کیف یأتی به الامتزاج المهمل على شکل واحد لا یختلف، لو کان بالاهمال لعدم الاستواء و لکان مختلفا.

تأمّل ریش الطیر کیف هو فانّک تراه منسوجا کنسج الثّوب من سلوک دقاق قد ألّف بعضه إلى بعض کتألیف الخیط إلى الخیط و الشّعره إلى الشّعره، ثمّ ترى ذلک النّسج إذا مددته ینفتح قلیلا و لا ینشق لتداخله الرّیح فیقلّ الطّائر إذا طار، و ترى فی وسط الرّیشه عمودا غلیظا معیّنا قد نسج علیه الذی هو مثل الشّعر لیمسکه بصلابته، و هو القصبه التی فی وسط الرّیشه، و هو مع ذلک أجوف لیخف على الطّائر و لا یعوقه عن الطیران.

هل رأیت یا مفضّل هذا الطّایر الطّویل السّاقین و عرفت ما له من المنفعه فی طول ساقیه فانّه أکثر ذلک فی ضحضاح«» من الماء، فتراه لساقین طویلین کانه ربیئه«» فوق یرقب و هو یتأمّل ما یدبّ فی الماء، فاذا رأى ممّا یتقوّت به خطا خطوات رقیقا حتّى یتناوله، و لو کان قصیر السّاقین و کان یخطو نحو الصّید لیأخذه تصیب بطنه الماء فیثور و یذعر منه فیتفرّق عنه، فخلق له ذلک العمودان لیدرک بهما حاجته و لا یفسد علیه مطلبه.

تأمّل ضروب التّدبیر فی خلق الطّایر فانّک تجد کلّ طایر طویل السّاقین طویل العنق، و ذلک لیتمکّن من تناول طعمه من الأرض، و لو کان طویل السّاقین قصیر العنق لما استطاع أن یتناول شیئا من الأرض، و ربما اعین مع تطول العنق بطول المناقیر لیزداد الأمر علیه سهوله له و إمکانا، أفلا ترى أنّک لا تفتّش شیئامن الخلقه إلّا وجدته فی «على» غایه الصّواب و الحکمه و إذا عرفت وجه التدبیر و الحکمه فی مطلق الطیر فلنعد إلى شرح عجائب خلقه الطاوس على ما فصّله الامام علیه السّلام بقوله (و من أعجبها خلقا الطاوس الذی أقامه) اللّه سبحانه (فی أحکم تعدیل) أى أعطى کلّ شی‏ء منه فی الخلق ما یستحقّه و خلقه على وجه الکمال خالیا من نقص (و نضّد) أى رتّب (ألوانه فی أحسن تنضید) و ترتیب کما قال الشّاعر:

سبحان من من خلقه الطاوس
طیر على أشکاله رئیس‏

کأنّه فی نقشه عروس‏
فی الرّیش منه رکّبت فلوس‏

تشرق فی داراته شموس
فی الرّأس منه شجر مغروس‏

کأنّه بنفسج یمیس‏
أو هو رهو«» حرم یبیس‏

فقد رتّب تعالى ألوانه (بجناح أشرج قصبه) أى رکّب عروق جناحه و اصولها بعضها فی بعض کما یشرج العیبه أى یداخل بین أشراجها (و ذنب أطال مسحبه) على وجه الأرض (و إذا) أراد السفاد و (درج إلى الانثى نشره) أى نشر ذنبه (من طیّه و سما به مطلّا) أى رفعه مشرفا (على رأسه کأنه قلع داری) شبّه علیه السّلام ذنبه بشراع السفینه من باب تشبیه المحسوس بالمحسوس، لأنه عند اراده السفاد یبسط ذنبه و ینشره ثمّ یرفعه و ینصبه فیسیر کهیئه الشراع المرفوع.

و أوضح وجه الشبه بقوله (عنجه نوتیّه) و ذلک لأنّ الملّاح الذی یدبّر أمر السفینه یعطف الشراع و یصرفه تاره بالجذب و تاره بالارخاء و تاره بتحویله یمینا و شمالا بحسب انصرافه من بعض الجهات إلى بعض (یختال) أى یتکبّر و یعجب (بألوانه و یمیس) أى یتبختر (بزیفانه) و التبختر بمشیته.
ثمّ وصف علیه السّلام هیئه جماعه بقوله (یفضى) و یسفد (کافضاء الدّیکه و یأرّ) أى یجامع (بملاقحه) مثل (أرّ الفحول المغتلمه) و ذات الغلم و الشبق.

ثمّ أکّد کون سفاده مثلى سفاد الدّیک و الفحل بالات التناسل کسایر أصناف‏الحیوان تنبیها به على ردّ من زعم أنّ سفاده بتطعم الدّمع فقال (احیلک من ذلک على معاینه) أى مشاهده برأى العین (لا کمن یحیل على ضعیف اسناده) و یزعم أن لقاحه بالتطعم اعتمادا على سند ضعیف و إحاله علیه.

ثمّ دفع الاستبعاد عن ذلک الزعم الفاسد بقوله (و لو کان) الأمر (کزعم من یزعم أنّه یلقح) أى یحبل (بدمعه تسفحها) و تسکبها (مدامعه فتقف فی ضفّتى جفونه) و جانبیها (و أنّ انثاه تطعم ذلک ثمّ تبیض لا من لقاح فحل سوى الدّمع المتبجّس) المنفجر (لما کان ذلک بأعجب من مطاعمه الغراب) قال الشّارح المعتزلی: و اعلم أنّ قوما زعموا أنّ الطاوس الذّکر یدمع عینه فتقف الدّمعه بین أجفانه فتأتی الانثى فتطعمها فتلقح من تلک الدّمعه، و أمیر المؤمنین علیه السّلام لم یحل ذلک و لکنّه قال: لیس بأعجب من مطاعمه الغراب، و العرب تزعم أنّ الغراب لا یسفد، و من أمثالهم: أخفى من سفاد الغراب، فیزعمون أنّ اللّقاح من مطاعمه الذّکر و الانثى و انتقال جزء من الماء الذی فی قانصته إلیها من منقاره، و أمّا الحکماء فقلّ أن یصدقوا بذلک، على أنّهم قد قالوا فی کتبهم ما یقرب من هذا قال ابن سینا: و القبجه تحبلها ریح تهبّ من ناحیه الحجل الذّکر و من سماع صوته، انتهى.

أقول: أمّا کلام أمیر المؤمنین علیه السّلام فلا یخفى أنّ ظهوره فی کون سفاد الطاوس باللّقاح، حیث شبّهه بافضاء الدّیکه و بأرّ الفحول، و عبّر عن القول الاخر بالزّعم کظهوره فی کون سفاد الغراب بالمطاعمه، و أمّا المثل فلا یدلّ على أنّ الغراب لا یسفد بل الظّاهر منه خلافه، على أنّی قد شاهدت عیانا غیر مرّه سفاد الغراب الأبقع، فلا بدّ من حمل کلام أمیر المؤمنین علیه السّلام على سایر أصناف الغراب و إن کان ظاهره الاطلاق و اللّه العالم بحقایق الخبیئات و أولیاؤه علیهم السّلام.

ثمّ أخذ علیه السّلام فی وصف اجنحه الطاوس فقال (تخال قصبه) أی عظام أجنحته (مداری من فضّه) فی الصّفاء و البیاض (و ما أنبتت علیها من عجیب داراته و شموسه) التی فی الرّیش (خالص العقیان) أى الذّهب فی الصّفره الفاقعه و الرّونق و البریق‏و الجلا (و فلذ الزبرجد) فی الخضره و النّضاره.

(فان شبّهته بما أنبتت الأرض) من الأزهار و الأنوار (قلت جنیّ جنى من زهره کلّ ربیع) و نوره فی اختلاف ألوانه و أضباعه (و إن ضاهیته) أى شاکلته و شبّهته بالملابس (فهو کموشىّ الحلل) المنقّشه بکلّ نقش فی البهجه و النضاره (أو) ک (مونق عصب الیمن) أى کبرد یمانیّ مصبوغ معجب (و ان شاکلته بالحلیّ فهو کفصوص ذات ألوان) مختلفه (قد نطّقت باللّجین المکلّل) أى جعلت الفضّه کالنّطاق لها.

قال الشارح البحرانی: شبّهه بالفصوص المختلفه الألوان المنطّقه فی الفضه أى المرصّعه فی صفایح الفضّه و المکلّل الذی جعل کالاکلیل بذلک الترصیع، فیکون حاصل کلامه علیه السّلام تشبیهه قصب ریشه بصفایح من فضّه رصّعت بالفصوص المختلفه الألوان، فهى کالاکلیل بذلک الترصیع، و لکنّ الأظهر أنّ المکلّل وصف للّجین فافهم.

ثمّ أخذ فی وصف مشیه و ضحکه فقال علیه السّلام (یمشى مشى المرح المختال) أى کمشى الفرحان المعجب بنفسه (و یتصفّح) أى یقلب جناحه و ذنبه (فیقهقه ضاحکا لجمال سرباله) أى حسن قمیصه (و أصابیغ وشاحه) أى ألوان لباسه (فاذا رمى ببصره نحو قوائمه) و رأى سماحتها (زقا) و صاح (معولا بصوت) أى رافعا صوته بالبکاء و النّیاح (یکاد یبین) أى یظعن و یرتحل و هو کنایه عن الموت (عن استغاثته و یشهد) عویله (بصادق توجّعه) و یفصح عن شدّه تفجّعه و ذلک (لأنّ قوائمه حمش) دقاق (کقوائم الدّیکه الخلاسیّه) التی عرفت معناها (و قد نجمت) أى طلعت (من ظنبوب ساقه صیصیه) و هی فی الأصل شوکه الحائک التی یسوّى بها السّداه و اللّحمه، فاستعیرت لصیصیه الطائر الّتی فی رجله (خفیّه) لیست بجلیّه کما للدّیک.

ثمّ أخذ فی وصف قنزعته بقوله: (و له فی موضع العرف) مستعار عن عرف الدّابه و هو شعر عنقه (قنزعه) و هى رویشات یسیره طوال فی مؤخّر رأسه بارزهعن ریش رأسه استعاره عن قنزعه الصّبی و هی الخصله من الشّعر یترک على رأسه (خضراء موشاه).

ثمّ أخذ فی وصف عنقه بقوله: (و مخرج عنقه کالابریق) أى محلّ خروج عنقه کمحلّ خروج عنق الابریق فیشعر بأنّ عنقه کالابریق أو أنّ خروجه کخروج عنق الابریق على أنه مصدر فیکون الاشعار أقوى (و مغرزها) أى مثبت عنقه، و تأنیث الضمیر على لغه أهل الحجاز (إلى حیث بطنه کصبغ الوسمه الیمانیّه) فی الخضره الشدیده الضاربه إلى السواد (أو کحریره سوداء ملبسه مرآتا ذات صقال) فی لونها المخصوص و مخالفه بصیص المرآه لها (و کأنه متلفّع) أى مکتس (بمعجر أسحم) أى بثوب کالعصابه ذی سحم و سواد (إلّا أنّه یخیّل لکثره مائه و شدّه بریقه أنّ الخضره النّاضره ممتزجه به).

ثمّ وصف الخطّ الأبیض عند محلّ سمعه فقال: (و مع فتق سمعه خطّ) دقیق (کمستدقّ القلم فی) لون مثل (لون الاقحوان) أى البابونج (أبیض یقق فهو) أى ذلک الخطّ (ببیاضه فی سواد ما هنالک یأتلق) و یلمع.
ثمّ أجمل فی تعدید ألوانه فقال: (و قلّ صبغ إلّا و قد أخذ منه بقسط) وافر (و علاه) أى زاد على الصبغ و غلب علیه (بکثره صقاله و بریقه) أى جلائه و لمعانه (و بصیص دیباجه و رونقه) أى حسنه و بهائه (فهو کالأزاهیر المبثوثه) المتفرّقه (لم تربّها أمطار ربیع و لا شموس قیظ) لما کان من شأن الأزاهیر أنّ تربیتها و کمالها بالشّمس و المطر، و شبّه علیه السّلام ألوان هذا الطائر بالأزاهیر المبثوثه أتى بهذه الجمله تنبیها على أن تربیتها لیست بالشّموس و الأمطار و إنّما هی بتدبیر الفاعل المختار ففیه من الدّلاله على عظمه الصانع تعالى و قدرته ما لا یخفى.

و الظاهر أنّ الجمع فی الأمطار باعتبار الدّفعات، و فی الشّموس بتعدّد الاشراق فی الأیام، أو باعتبار أنّ الشّمس الطالع فی کلّ یوم فرد على حده لاختلاف التّأثیر فی تربیه الأزهار و النباتات باختلاف الحرّ و البرد و غیر ذلک.
ثمّ بیّن له حاله اخرى هى محل الاعتبار فی حکمه الصّانع و قدرته فقال: (و قد یتحسّر) و یتعرّى (من ریشه و یعرى من لباسه) و ذلک فی الخریف عندسقوط أوراق الأشجار (فیسقط تترى) أى شیئا بعد شی‏ء (و ینبت تباعا) بدون فتره بینهما (فینحت) أى یسقط (من قصبه انحتات أوراق الأغصان ثمّ یتلاحق نامیا) و ذلک فی الرّبیع إذا بدء طلوع الأوراق (حتّى یعود کهیئته قبل سقوطه لا یخالف) لون ریشه الثّانی (سالف ألوانه و لا یقع لون فی غیر مکانه).
ثمّ أشار إلى ما هو ألطف و أدقّ مما مضى و أعظم فی الدّلاله على قدره الصّانع المتعال فقال: (و إذا تصفّحت شعره واحده من شعرات قصبه أرتک) تلک الشعره من شدّه بصیصها ألوانا مختلفه فتاره (حمره وردیّه و تاره) أخرى (خضره زبرجدیّه و احیانا صفره عسجدیّه).

ثمّ عقّب ذلک باستبعاد وصول الأذهان الثاقبه إلى وصفه و قال: (فکیف تصل إلى صفه هذا عمائق الفطن) أى الفطن العمیقه التی من شأنها إدراک دقایق الأشیاء و العلم بوجوه الامور على ما ینبغی (أو تبلغه قرائح العقول) أى تناله العقول بجوده الطّبیعه من قولهم لفلان قریحه جیّده یراد استنباط العلم بجوده الطبع (أو تستنظم وصفه أقوال الواصفین و) الحال أنّ (أقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدرکه و الألسنه أن تصفه) و لا ریب أنّ الشّعره أقلّ الأجزاء الّتی بها قوام الحیوان.

و المراد بیان عجزها عن ادراک علل هذه الألوان على اختلافها و اختصاص کلّ من مواضعها بلون غیر الاخر و علل هیئاتها و سایر ما أشار إلیه، أو إظهار عجزها عن إدراک جزئیّات الأوصاف المذکوره و تشریح الهیات الظاهره و الخصوصیات الخفیّه فی خلق ذلک الحیوان، فانّ ما ذکره علیه السّلام فی هذه الخطبه تشریحه و إن کان على غایه البلاغه و فوق کلّ بیان فی وصف حاله إلّا أنّ فیه وراء ذلک جزئیّات لم یستثبتها الوصف.

و هذا هو الأقرب و الأنسب بما عقّبه به من تنزیهه تعالى أعنی قوله: (فسبحان الّذی بهر العقول) و غلبها (عن وصف خلق جلاه للعیون فأدرکته محدودا مکوّنا) أى موصوفا بالحدود و التکوین و (مؤلّفا) من الأجزاء (ملوّنا) بالألوان المختلفه(و أعجز الألسن عن تلخیص صفته و قعد بها عن تأدیه نعته) و الغرض الدّلاله على عجز العقول عن إدراک ذاته سبحانه، فانّها إذا عجزت عن إدراک مخلوق ظاهر للعیون على الأوصاف المذکوره فهى بالعجز عن إدراکه سبحانه و وصفه أحرى، و کذلک الألسن عن تلخیص صفته و تأدیه نعته أعجز.

(و سبحان من أدمج) أى أحکم (قوائم الذّره) و هی صغار النّمل (و الهمجه) و هو صغیر الذّباب (إلى ما فوقهما من خلق) البرّ و البحر من (الحیتان و الفیله) و نحوها (و وأى) أى وعد و ألزم (على نفسه ألّا یضطرب شبح) و لا یتحرّک شخص (مما أولج) أى أدخل (فیه الرّوح إلّا و جعل الحمام) و الموت (موعده و الفناء غایته).

تتمیم فى نوادر وصف الطاوس

روى فی الکافی عن سلیمان الجعفری عن أبی الحسن الرّضا علیه السّلام قال: الطاوس مسخ، کان رجلا جمیلا فکابر امرئه رجل مؤمن تحبّه فوقع بها، ثمّ راسلته بعد، فمسخهما اللّه عزّ و جلّ طاوسین انثى و ذکرا فلا تأکل لحمه و لا بیضه.
و فی البحار من الخرائج عن محمّد بن إبراهیم الحرث التّمیمی، عن الحسین علیه السّلام أنّه قال: إذا صاح الطاوس یقول: مولاى ظلمت نفسى و اغتررت بزینتی فاغفر لی.

قال الدّمیری فی حیاه الحیوان: الطاوس طایر معروف و تصغیره طویس بعد حذف الزّواید، و کنیته أبو الحسن و أبو الوشى، و هو فی الطیر کالفرس فی الدّواب عزّا و حسنا و فی طبعه العفّه و حبّ الزّهو بنفسه و الخیلاء و الاعجاب بریشه، و عقده لذنبه کالطّاق لا سیّما إذا کانت الأنثى ناظره إلیه، و الأنثى تبیض بعد أن یمضی لها من العمر ثلاث سنین، و فی ذلک الأوان یکمل ریش الذّکر و یتمّ لونه، و تبیض الانثى مرّه واحده فی السنه اثنتى عشره بیضه و أقلّ و أکثر، لا تبیض متتابعا، و یسفد فی أیّام الرّبیع، و یلقى ریشه فی الخریف کما یلقى الشّجر ورقه، فاذا بدأ طلوع الأوراق فی الشّجر طلع ریشه، و هو کثیر العبث بالأنثى إذا حضنت، و ربّما کسر البیض و لهذه العلّه یحضن بیضه تحت الدّجاج و لا تقوى الدّجاجه على‏حضن أکثر من بیضتین منه، و ینبغی أن تتعاهد الدّجاجه بجمیع ما تحتاج إلیه من الأکل و الشّرب مخافه أن تقوم عنه فیفسده الهواء، و الفرخ الذی یخرج من حضن الدّجاجه یکون قلیل الحسن و ناقص الجثّه، و مدّه حضنه ثلاثون یوما، و فرخه یخرج من البیضه کالفروخ کاسیا کاسیا، و أعجب الأمور أنّه مع حسنه یتشأمّ به، و کان هذا و اللّه أعلم إنّه لما کان سببا لدخول إبلیس الجنّه و خروج آدم علیه السّلام منها و سببا لخلوّ تلک الدّار من آدم مدّه دوام الدّنیا کرهت إقامته فی الدّور لذلک

الترجمه

از جمله خطب بلاغت نظام آن امام است که ذکر مى‏ فرماید در آن عجایب و غرایب خلقت طاوس را باین مضامین.
اختراع کرد و آفرید خداى تعالى مخلوقات را آفریدنی عجیب از ذی روح و از غیر ذی روح، و از ساکن و از صاحب حرکت، و برپا داشت از علامات باهرات بر لطیف صنعت و عظیم قدرت خود شاهد صادقى را که انقیاد نمود مر او را عقلها در حالتى که اعتراف کننده بودند باو، و گردن نهنده بودند بر او، و صدا کرد در گوشهاى ما دلیلهاى او بر وحدانیّت و یگانگى او سبحانه، و دلیلهاى آنچه که آفریده از صورتهاى مختلفه مرغ‏هائى که ساکن گردانید آنها را در شکافهاى زمین، و در فرجه‏هاى واقعه در میان کوههاى آن و در سرهاى کوههاى بلند از صاحبان بالهاى گوناگون، و هیئتهاى متباین در حالتى که متقلبند در افسار تسخیر، و گستراننده‏اند بالهاى خود را در شکافهاى هواى فسیح و فضاى وسیع.

ایجاد فرمود آنها را بعد از این که موجود نبودند در عجایب صورتهاى آشکار و ترکیب داد آنها را در مجامع مفصلهائى که پوشیده‏ اند در تحت پردها، و منع فرمود بعض از مرغان را بجهه سنگینی و ضخامت جثّه آن از آنکه بلند شود بهوا بسرعت و خفّت، و گردانید آن را که مى‏پرد بر روى زمین پریدنی که نزدیک باشد بزمین تا بلند شود، و منظّم نمود مرغان را با اختلاف ایشان در رنگها با قدرت‏لطیفه خود و صنعت دقیقه خود.

پس بعضی از آنها غوطه و رشده در قالب یکرنگى که أصلا مخلوط نیست بان غیر رنگى که غوطه‏ور شده در آن، و بعضى از آنها فرو برده شده در رنگى که طوق گردن آن بخلاف رنگى است که رنگ داده شده بان.
و از عجب‏ترین مرغان از حیثیّت خلقت طاوس است که برپا داشته او را حق تعالى در محکم‏ترین تعدیل أجزاء، و ترتیب داده رنگهاى آن را در أحسن ترتیب با بالى که درهم کرده قصبها و أصلهاى آن را، و با دمى که دراز کرده جاى کشیدن آن را، وقتی که بگذرد طاوس نر بر طاوس ماده پراکنده سازد آن دم را از پیچیدگى آن، و بلند مى‏ کند آن را در حالتى که مشرف باشد بر سر آن گویا که آن دم بادبان کشتى است که منسوبست بشهر دارین که میل داده است آنرا کشتیبان آن مى ‏نازد برنگهاى مختلفه خود، و مى‏ خرامد بنازشهاى خود، مباشرت میکند همچو مباشرت خروسان، و مجامعت مى‏ کند با آلات تناسل مثل مجامعت نرهاى شدید الجماع، حواله مى‏ کنم تو را از این أمر مذکور بر دیدن رأى العین نه مانند کسى که حواله مى ‏کند بر سندهاى ضعیف خود، و اگر باشد این امر مثل گمان کسى که گمان می کند که طاوس آبستن مى‏ سازد ماده خود را با اشکى که مى ‏ریزد آن را کنجهاى چشم آن پس مى‏ ایستد آن أشک در پلکهاى چشم او و آنکه ماده او مى ‏لیسد آن را پس از آن تخم مى ‏نهد نه از جماع طاوس نر غیر از اشک بیرون آمده از چشم هر آینه نمى ‏باشد این گمان عجبتر از مطاعمه زاغها که نر و ماده منقار بمنقار مى‏ گذارند، و جزئى از آب که در سنگدان نر است بدهن ماده مى ‏رسد و از آن آبستن مى ‏شود چنانچه اعتقاد عربها اینست، خیال مى ‏کنی أصل پردهاى طاوس را شانه ‏ها از نقره بیضا و آنچه رسته بر آن از دایره‏هاى عجیبه و شمسه‏ هاى غریبه آن طلاى خالص و پارهاى زبرجد.

پس اگر تشبیه کنى طاوس را بچیزى که رویانیده است آنرا زمین گوئى که گلهائیست چیده شده از شکوفه هر بهارى، و اگر تشبیه کنى آن را بلباسهاپس آن همچو حلّهاى زینت داده شده است باطلا، یا همچو جامهاى برد خوش آینده یمن است، و اگر تمثیل کنی آنرا بزیورها پس او مانند نگینهائیست صاحب رنگها که کشیده در أطراف آن، یعنى مدور شده مانند نطاق بنقره مزیّن بجواهر.

راه مى‏ رود طاوس مثل راه رفتن شادى کننده متکبّر خرامان، و مى ‏نگرد بنظر دقّت بدم و بال خود پس قهقهه مى ‏زند در حالتى که خندانست از جهه حسن پیراهن رنگین خود و رنگهاى لباس خود، پس چون اندازد نظر خود را بسوى پایهاى سیاه باریک خود بانگ کند در حالتى که گریه کننده باشد باو از بلند که نزدیک باشد روح از بدنش مفارقت نماید از شدّت فریاد خود، زیرا که پاهاى او زشت است و باریک همچو پاهاى خروسان خلاسى که متولّد مى‏ شوند میان مرغ هندى و فارسى در حالتى که برآمده است از طرف ساق او خارى که پنهانست چنانچه در پاى خروسان مى ‏روید.

و مر او راست در موضع پس گردن کاکلى سبز مزیّن با نقش و نگار و موضع بیرون آمدن گردن او مانند ابریق است و جاى فرو رفتن گردن آن تا که منتهى شود بشکم او مثل رنگ وسمه یمانی است یا همچو حریر پوشیده شده بر آینه صاحب صیقل و جلا و گویا که طاوس پیچیده است بمقنعه سیاه لکن خیال کرده مى‏شود از جهه کثرت تر و تازگى او و شدت برّاقى او این که سبزى با طراوت آمیخته است بان.

و با شکاف گوش او است خطّى مثل باریکى سر قلم در رنگ گل بابونج که سفید است در غایت روشنى، پس آن خط بسفیدى خود در میان سیاهى آنچه که آن جاست مى‏درخشد، و کم رنگى است از رنگها مگر این که اخذ نموده است از آن بنصیب کامل، و بلند برآمده و تفوّق پیدا کرده آن رنگ بر او به بسیارى روشنى و درخشیدن آن و برّاقی زیباى آن و خوبى آن.

پس طاوس مانند شکوفهائیست گسترانیده که تربیت نداده آنرا بارانهاى بهارى و نه آفتابهاى تابستانی، و گاهى هست که عارى مى‏شود از پر خود و برهنه مى‏ شوداز لباس خود پس مى‏افتد آن پرها پیاپى، و مى‏ روید روئیدنی، پس مى‏ریزد آن پرها از قلم پر او همچو ریختن برگهاى شاخهاى درخت، بعد از آن متلاحق مى‏شود در عقب یکدیگر در حالتى که نمو کننده است تا آنکه بر مى‏گردد بهیئت و صورتى که پیش از ریختن داشت، مخالف نمى‏باشد رنگهاى لاحق برنگهاى سابق، و واقع نمى‏شود هیچ رنگى در غیر جاى خود و چون نظر کنى بتأمّل در هر موئى از موهاى قلم أو مى‏نمایاند آن موى تو را سرخى که بلون گل سرخست و بار دیگر سبزى که برنگ زبرجد است و گاهى زردى برنگ طلاى خالص.

پس چگونه مى‏رسد بصفت این مرغ خوش رنگ فکرهاى عمیقه، یا چگونه مى‏رسد بکنه معرفت او عقلهاى با ذکاوت، یا چگونه بنظم مى‏آورد وصف آن را أقوال وصف کنندگان و حال آنکه کمترین جزئهاى او عجز آورده است و همها را از ادراک آن و زبانها را از وصف آن.

پس پاکا پروردگارى که غالب شد بعقلها از وصف کردن مخلوقى که روشن و آشکار گردانید آن را به چشمها، پس ادراک کردند آن چشمها آن مخلوق را در حالتى که صاحب حدّ معینى بود آفریده شده و صاحب ترکیبى بود برنگهاى گوناگون.

پس منزّه پروردگارى که محکم ساخت پاهاى مورچه و پشه کوچک را با آنچه فوق آنها است از خلق ماهیها و فیلها، و وعده کرده و لازم نموده بر نفس خود که نجنبد هیچ جنبنده از موجوداتى که داخل فرموده روح را در آن مگر این که گردانیده مرگ را وعده گاه او، و فنا را پایان کار او.

الفصل الثانی منها فى صفه الجنه

فلو رمیت ببصر قلبک نحو ما یوصف لک منها، لعزفت نفسک من بدایع ما أخرج إلى الدّنیا من شهواتها و لذّاتها، و زخارف مناظرها و لذهلت بالفکر فی اصطفاق أشجار غیّبت عروقها فی کثبان المسک على سواحل أنهارها، فی تعلیق کبائس اللّؤلؤ الرّطب فی عسالیجها و أفنانها، و طلوع تلک الثّمار مختلفه فی غلف أکمامها، تجنى من غیر تکلّف فتأتی على منیه مجتنیها، و یطاف على نزّالها فی أفنیه قصورها بالأعسال المصّفقه، و الخمور المروّقه، قوم لم تزل الکرامه تتمادى بهم حتّى حلوّا دار القرار، و أمنوا نقله الأسفار، فلو شغلت قلبک أیّها المستمع بالوصول إلى ما یهجم علیک من تلک المناظر المونقه، لزهقت نفسک شوقا إلیها، و لتحمّلت من مجلسی هذا إلى مجاوره أهل القبور استعجالا بها، جعلنا اللّه و إیّاکم ممّن سعى بقلبه إلى منازل الأبرار برحمته. قال السید (ره): قوله «کبائس اللّؤلؤ الرّطب» الکباسه العذق «و العسالیج» الغصون واحدها عسلوج. «ج ۴»

اللغه

(عزفت) بالعین المهمله و الزّاء المعجمه أى زهدت و انصرفت و (اصطفاق) الأشجار اضطرابها من الصّفق و هو الضّرب یسمع له صوت یقال: صفق یده على یده صفقه أى ضربها علیها، و ذلک عند وجوب البیع، و فی بعض النسخ اصطفاف أشجار أى انتظامها صفّا، و فی بعضها اصطفاف أغصان بدل أشجار.
و (الکباسه) العذق التام بشماریخه و رطبه و (الاکمام) کالأکمه و الکمام جمع کم و کمامه بالکسر فیهما و هو وعاء الطّلع و غطاء النّور و (فناء) البیت ما اتّسع من أمامه و الجمع أفنیه و (التّصفیق) تحویل الشّراب من إناء إلى إناء ممزوجا لیصفو و (الرّواق) الصّافی من الماء و غیره و المعجب و (النّقله) بالضمّ الانتقال.

الاعراب

قوله: رمیت ببصر قلبک، الباء زایده، و فی تعلیق، عطف على قوله فی اصطفاق أشجار، و جمله تجنى منصوبه المحلّ حال من الثّمار، و قوم، خبر محذوف المبتدأ و جمله جعلنا اللّه، دعائیّه لا محلّ لها من الاعراب، و قوله: برحمته، متعلّق بقوله جعلنا أو بقوله: سعى.

المعنى

اعلم أنّ هذا الفصل من الخطبه حسبما ذکره الرضیّ وارد فی صفه الجنّه دار النّعیم و الرّحمه قال علیه السّلام (فلو رمیت ببصر قلبک) أى نظرت بعین بصیرتک (نحو ما یوصف لک منها) أى إلى جهه ما وصف اللّه لک و رسوله فی الکتاب و السنّه من نعیم الجنّه و ما أعدّ اللّه فیها لأولیائه المؤمنین (لعزفت نفسک) و اعرضت (عن بدایع ما أخرج إلى الدّنیا من شهواتها و لذّاتها و زخارف مناظرها) و لم تجد لشی‏ء منها وقعا عندها (و لذهلت) مغموره (بالفکر فی) عظیم ما اعدّ فی دار الخلد من (اصطفاق أشجار) و اهتزازها بریح (غیّبت عروقها فی کثبان المسک) أى فی تلال من المسک بدل الرّمل (على سواحل أنهارها) و لذهلت بالفکر (فی تعلیق‏کبائس اللّؤلؤ الرّطب فی عسالیجها و أفنانها) أى فروعها و اغصانها.

(و) فی (طلوع تلک الثمار) و ظهورها (مختلفه فی غلف أکمامها) یجوز أن یراد باختلاف الثمار اختلافها باعتبار اختلاف الأشجار بأن یحمل کلّ نوع من الشّجر نوعا من الثمر کما فی أشجار الدّنیا فیکون ذکر الاختلاف اشاره إلى عدم انحصار ثمر الجنّه بنوع أو نوعین، و أن یراد به اختلافها مع وحده الشّجره، فذکر الاختلاف للدّلاله على عظیم قدره المبدأ سبحانه.

و یدلّ على الاحتمال الأوّل ما فی البحار من تفسیر الامام علیه السّلام فی قوله تعالى وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَهَ قال علیه السّلام: هی شجره تمیّزت بین سایر أشجار الجنّه إنّ سایر أشجار الجنّه کان کلّ نوع منها یحمل نوعا من الثمار و المأکول و کانت هذه الشّجره و جنسها تحمل البرّ و العنب و التین و العنّاب و سایر أنواع الفواکه و الثمار و الأطعمه، فلذلک اختلف الحاکون بذکر الشجره فقال بعضهم: هى برّه و قال آخرون: هی عنبه، و قال آخرون: هى عنّابه.

و على الثانی ما فی الصّافی من العیون باسناده إلى عبد السّلام بن صالح الهروی قال: قلت للرّضا علیه السّلام یا ابن رسول اللّه أخبرنی عن الشّجره الّتى نهی منها آدم و حوّاء ما کانت فقد اختلف النّاس فیها، فمنهم من یروی أنّها الحنطه، و منهم من یروى أنّها العنب، و منهم من یروى أنّها شجره الحسد، فقال علیه السّلام: کلّ ذلک حقّ، قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها فقال علیه السّلام: یا أبا الصلت إنّ شجره الجنّه تحمل أنواعا، و کانت شجره الحنطه، و فیها عنب لیست کشجره الدّنیا فافهم.

(تجنى من غیر تکلّف فتأتى على منیه مجتنیها) حسبما تشتهیه نفسه لا یترک له منیه أصلا کما قال سبحانه وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِیلًا قال علیّ بن إبراهیم القمّی: قال: دلیت علیهم ثمارها ینالها القائم و القاعد.
و فی الصافی من الکافی