نامه ۱۹ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى بعض عماله

أَمَّا بَعْدُ- فَإِنَّ دَهَاقِینَ أَهْلِ بَلَدِکَ شَکَوْا مِنْکَ غِلْظَهً وَ قَسْوَهً- وَ احْتِقَاراً وَ جَفْوَهً- وَ نَظَرْتُ فَلَمْ أَرَهُمْ أَهْلًا لِأَنْ یُدْنَوْا لِشِرْکِهِمْ- وَ لَا أَنْ یُقْصَوْا وَ یُجْفَوْا لِعَهْدِهِمْ- فَالْبَسْ لَهُمْ جِلْبَاباً مِنَ اللِّینِ تَشُوبُهُ بِطَرَفٍ مِنَ الشِّدَّهِ- وَ دَاوِلْ لَهُمْ بَیْنَ الْقَسْوَهِ وَ الرَّأْفَهِ- وَ امْزُجْ لَهُمْ بَیْنَ التَّقْرِیبِ وَ الْإِدْنَاءِ- وَ الْإِبْعَادِ وَ الْإِقْصَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ


اللغه
أقول: الدهقان: معرّب یحتمل الصرف إن کان نونه أصلیّه و إلّا فلا ینصرف للوصف و الألف و النون الزائدتین. و القسوه: غلظ القلب و شدّته. و أقصاه: أبعده. و الجفوه: ضدّ البرّ. و الجلباب: الملحفه. و المداوله: تقلیب کلّ واحد من القسوه و الرأفه على الآخر و الأخذ بکلّ منهما مرّه- من الإداله و هی الإداره- .


المعنى
و المنقول أنّ هؤلاء الدهاقین کانوا مجوسا. و لمّا شکوا إلیه غلظه عامله فکّر فی امورهم فلم یرهم أهلا للإدناء الخالص لکونهم مشرکین و لا إقصائهم لکونهم معاهدین فإنّ إدنائهم و إکرامهم خالصا هضم و نقیصه فی الدین، و إقصائهم بالکلیّه ینافی معاهدتهم.

فأمره بالعدل فیهم و معاملتهم باللین المشوب ببعض الشدّه کلّ فی موضعه، و کذلک استعمال القسوه مرّه و الرأفه اخرى و المزج بین التقریب و الإبعاد لما فی طرف اللین و الرأفه و التقریب من استقرار قلوبهم فی أعمالهم و زراعاتهم الّتی بها صلاح المعاش و ما فی مزاجها بالشدّه و القسوه و الإبعاد من کسر عادیتهم و دفع شرورهم و إهانتهم المطلوبه فی الدین. و استلزم ذلک نهیه عن استعمال الشدّه و القسوه و الإبعاد فی حقّهم دائما و اللین و الرأفه و الإدناء خالصا، و استعار لفظ الجلباب‏ لما أمره بالاتّصاف به و هو تلک الهیئه المتوسّطه من اللین المشوب بالشدّه بین اللین الخالص و الشدّه الصرفه، و رشّح بذکر اللین. و باللّه التوفیق.

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۹۹

بازدیدها: ۴

نامه ۱۸ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى عبد اللّه بن عباس، و هو عامله على البصره

وَ اعْلَمْ أَنَّ الْبَصْرَهَ مَهْبِطُ إِبْلِیسَ وَ مَغْرِسُ الْفِتَنِ- فَحَادِثْ أَهْلَهَا بِالْإِحْسَانِ‏ إِلَیْهِمْ- وَ احْلُلْ عُقْدَهَ الْخَوْفِ عَنْ قُلُوبِهِمْ- وَ قَدْ بَلَغَنِی تَنَمُّرُکَ لِبَنِی تَمِیمٍ وَ غِلْظَتُک عَلَیْهِمْ- وَ إِنَّ بَنِی تَمِیمٍ لَمْ یَغِبْ لَهُمْ نَجْمٌ- إِلَّا طَلَعَ لَهُمْ آخَرُ- وَ إِنَّهُمْ لَمْ یُسْبَقُوا بِوَغْمٍ فِی جَاهِلِیَّهٍ وَ لَا إِسْلَامٍ- وَ إِنَّ لَهُمْ بِنَا رَحِماً مَاسَّهً وَ قَرَابَهً خَاصَّهً- نَحْنُ مَأْجُورُونَ عَلَى صِلَتِهَا- وَ مَأْزُورُونَ عَلَى قَطِیعَتِهَا- فَارْبَعْ أَبَا الْعَبَّاسِ رَحِمَکَ اللَّهُ- فِیمَا جَرَى عَلَى لِسَانِکَ وَ یَدِکَ مِنْ خَیْرٍ وَ شَرٍّ- فَإِنَّا شَرِیکَانِ فِی ذَلِکَ- وَ کُنْ عِنْدَ صَالِحِ ظَنِّی بِکَ- وَ لَا یَفِیلَنَّ رَأْیِی فِیکَ وَ السَّلَامُ

أقول: روى أنّ ابن العبّاس کان قد أضرّ ببنى تمیم حین ولّى البصره من قبل علىّ علیه السّلام للّذی عرفهم به من العداوه یوم الجمل لأنّهم کانوا من شیعه طلحه و الزبیر و عایشه فحمل علیهم ابن عبّاس فأقصاهم و تنکّر علیهم و عیّرهم بالجمل حتّى کان یسمّیهم شیعه الجمل و أنصار عسکر- و هو اسم جمل عایشه- و حزب الشیطان.
فاشتدّ ذلک على نفر من شیعه علىّ علیه السّلام من بنى تمیم منهم حارثه بن قدامه و غیره.
فکتب بذلک حارثه إلى علىّ علیه السّلام یشکو إلیه ابن عبّاس. فکتب علیه السّلام إلى ابن عبّاس: أمّا بعد فإنّ خیر الناس عند اللّه غدا أعلمهم بطاعته فیما علیه و له و أقواهم بالحقّ و إن کان مرّا. ألا و إنّه بالحقّ قامت السماوات و الأرض فیما بین العباد فلتکن سریرتک فعلا و لیکن حکمک واحدا و طریقتک مستقیما. و أعلم أنّ البصره مهبط إبلیس. الفصل.


اللغه
و التنمّر: تنکّر الأخلاق و تغیّرها. و الوغم: الحقد. و الماسّه: القریبه. و مأزورون: أى یلحق بنا الوزر و هو الإثم. و اربع: أى توقّف و تثبّت و فال‏ الرأى یفیل: أى ضعف و أخطأ.


المعنى
و أعلم أنّه کنّى بکون البصره مهبط إبلیس عن کونها مبدء الآراء الباطله و الأهواء الفاسده الصادره عن إبلیس المستلزمه لإثاره الفتن و کثرتها لأنّ مهبط إبلیس و مستقرّه محلّ لذلک، و أراد مهبطه من الجنّه. و استعار لفظ المغرس للبصره باعتبار کونها محلّا تنشأ فیه الفتن الکثیره کما أنّ مغرس الشجر من الأرض محلّ لنشوه و نمائه. قال بعضهم: و فی قوله: مهبط إبلیس. نوع لطف فإنّ الوهم الّذی هو إبلیس النفس العاقله إذا انفرد بحکمه عن تدبیرها العقلىّ و خرج عن موافقه العقل العملىّ فیما یراه و یحکم به فقد هبط من عالم الکمال و موافقه العقل و تلقّى أوامره العالیه الّتی هى أبواب الجنّه إلى الخیبه السافله، و مشارکه الشهوه و الغضب فی حکمه بأصلحیّه الآراء الفاسده. و لمّا أحاط القضاء الإلهىّ بما یجرى من أهل البصره من نکث بیعته علیه السّلام و مخالفته و کانوا ممّن عزلوا عقولهم عن الآراء المصلحیّه رأسا و هبط إبلیس و جنوده بأرضهم فأروهم الآراء الباطله فی صور الحقّ فلحقوا بهم فکان منهم ما کان و نزل بهم ما نزل من سوء القضاء و درک الشقاء فکانت بلدتهم لذلک مهبط إبلیس و مغرس الفتن الناشیه عن وسوسته و آرائه الفاسده. ثمّ أمره أن یحادثهم بالإحسان إلیهم: أى یعدهم بذلک، و أن یحلّ عقد الخوف عن قلوبهم. و استعار لفظ العقده لما ألزمهم به من المخالفه [المخافه خ‏] بالغلظه علیهم و کثره الأذى لهم، و وجه المشابهه کون ذلک الخوف ملازما لهم معقودا بقلوبهم کالعقده للحبل و نحوه، و رشّح بلفظ الحلّ و کنّى به عن إزاله الخوف عنهم. و غرض هذه الأوامر أن لا ینفر قلوبهم منه و تثور أضغانهم فیعاودوا الخروج عن طاعته و إثاره الفتنه. ثمّ أعلمه بما یرید إنکاره علیه ممّا بلغه من تنمّره لهم، و أردف ذلک بذکر أحوال لهم یجب مراقبتهم و حفظ قلوبهم لأجلها: أحدها: أنّه لم یمت لهم سیّد إلّا قام لهم آخر مقامه، و استعار له لفظ النجم، و وجه المشابهه کون سیّد الجماعه و کبیرهم قدوه یهتدون به و یقتدون بآرائه فی الطرق المصلحیّه، و رشّح بذکر المغیب و الطلوع.

الثانی: أنّهم لم یسبقوا بوغم. و یحتمل وجهین: أحدهما: أنّه لم یسبقهم أحد إلى الثوران و الأحقاد و حیث کانوا، فی جاهلیّه أو إسلام لشرف نفوسهم و قلّه احتمالهم للأذى، و ذلک أنّ المهین الحقیر فی نفسه لا یکاد یغضب و یحقد ممّا یفعل من الأذى. و إن غضب فی الحال إلّا أنّه لا یدوم ذلک الغضب و لا یصیر حقدا. الثانی: یحتمل أن یرید أنّهم لم یسبقوا بشفاء حقد من عدوّ. و ذلک لقوّتهم و نجدتهم. فحذف المضاف. الثالث: أنّ لهم ببنی هاشم قرابه قریبه إلى آخره. قیل: تلک القرابه لاتّصالهم عند إلیاس بن مضر لأنّ هاشم ابن عبد مناف بن قصىّ بن کلاب بن مرّه بن کعب بن لوىّ بن غالب بن فهر بن مالک بن النضر بن کنانه بن حزیمه بن مدرکه بن إلیاس بن مضر، و تمیم ابن مراد بن طانجه بن إلیاس بن مضر، و زاد ترغیبا فی مواصلتهم و مداراتهم بکون صله الرحم مستلزمه للأجر فی الآخره، و ترکها مستلزم للوزر. و قال: مأزورون. و الأصل موزورون. فقلّب لیجانس قوله: مأجورون. و فی الحدیث لترجعنّ مأزورات غیر مأجورات. ثمّ أردف ذکر تلک الأحوال الّتی یقتضى الرفق بهم بالأمر بالتوقّف و التثبّت فیما یجرى على یده و لسانه من فعل و قول أهو خیر أو شرّ لأنّ التثبّت فی الامور أولى بإصابه وجه المصلحه، و أراد بالشرّ ما یجریه على رعیّته من عقوبه فعلیّه أو قولیّه. و قوله: فإنّا شریکان فی ذلک. کالتعلیل لحسن أمره له بالتثبّت فی ذلک لأنّه لمّا کان والیا من قبله فکلّ حسنه أو سیّئه یحدثها فی ولایته فله علیه السّلام شرکه فی إحداثها. إذ هو السبب البعید لمسبّبها القریب، و أبو العبّاس کنیه عبد اللّه بن العبّاس. و العرب تدعو من تکرمه بالکنى. قال: اکنّیه حین انادیه لا کرمه. و لمّا کان علیه السّلام قد استصلحه للولایه و رآه أهلا لها أمره أن یلازم ظنّه الصالح فیه و لا یکشف عن ضعف ذلک الرأى و عدم مطابقته فیه بسوء صنیعه. و باللّه التوفیق.

شرح نهج البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۹۵

 

بازدیدها: ۱

نامه ۱۷ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى معاویه، جوابا عن کتاب منه إلیه

وَ أَمَّا طَلَبُکَ إِلَیَّ الشَّامَ- فَإِنِّی لَمْ أَکُنْ لِأُعْطِیَکَ الْیَوْمَ مَا مَنَعْتُکَ أَمْسِ- وَ أَمَّا قَوْلُکَ- إِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَکَلَتِ الْعَرَبَ إِلَّا حُشَاشَاتِ أَنْفُسٍ بَقِیَتْ- أَلَا وَ مَنْ أَکَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَى الْجَنَّهِ- وَ مَنْ أَکَلَهُ الْبَاطِلُ فَإِلَى النَّارِ- وَ أَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِی الْحَرْبِ وَ الرِّجَالِ- فَلَسْتَ بِأَمْضَى عَلَى الشَّکِّ مِنِّی عَلَى الْیَقِینِ- وَ لَیْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ‏ عَلَى الدُّنْیَا- مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى الْآخِرَهِ- وَ أَمَّا قَوْلُکَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَکَذَلِکَ نَحْنُ وَ لَکِنْ لَیْسَ أُمَیَّهُ کَهَاشِمٍ- وَ لَا حَرْبٌ کَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفْیَانَ کَأَبِی طَالِبٍ- وَ لَا الْمُهَاجِرُ کَالطَّلِیقِ وَ لَا الصَّرِیحُ کَاللَّصِیقِ- وَ لَا الْمُحِقُّ کَالْمُبْطِلِ وَ لَا الْمُؤْمِنُ کَالْمُدْغِلِ- وَ لَبِئْسَ الْخَلْفُ خَلْفٌ یَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِی نَارِ جَهَنَّمَ- وَ فِی أَیْدِینَا بَعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّهِ الَّتِی أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِیزَ- وَ نَعَشْنَا بِهَا الذَّلِیلَ- وَ لَمَّا أَدْخَلَ اللَّهُ الْعَرَبَ فِی دِینِهِ أَفْوَاجاً- وَ أَسْلَمَتْ لَهُ هَذِهِ الْأُمَّهُ طَوْعاً وَ کَرْهاً- کُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِی الدِّینِ إِمَّا رَغْبَهً وَ إِمَّا رَهْبَهً- عَلَى حِینَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ- وَ ذَهَبَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ- فَلَا تَجْعَلَنَّ لِلشَّیْطَانِ فِیکَ نَصِیباً- وَ لَا عَلَى نَفْسِکَ سَبِیلًا

أقول: روى أنّ معاویه استشار بعمرو بن العاص فی أن یکتب إلى علىّ کتابا یسأله فیه الشام فضحک عمرو و قال: أین أنت یا معاویه من خدعه علىّ. قال: ألسنا بنى عبد مناف قال: بلى و لکن لهم النبوّه دونک. و إن شئت أن تکتب فاکتب.
فکتب معاویه إلیه مع رجل من السکاسک یقال له عبد اللّه بن عقبه: أمّا بعد فإنّی أظنّک لو علمت أنّ الحرب تبلغ بنا و بک ما بلغت و علمنا، لم یحبّها بعض على بعض. و إنّا و إن کنّا قد غلبنا على عقولنا فقد بقى لنا منها ما یندم بها على ما مضى و نصلح به ما بقى، و قد کنت سألتک الشام على أن لا یلزمنی منک طاعه و لا بیعه و أبیت ذلک علىّ فأعطانى اللّه ما منعت و أنا أدعوک الیوم إلى ما دعوتک إلیه أمس فإنّک لا ترجومن البقاء إلّا ما أرجو و لا أخاف من القتل إلّا ما تخاف، و قدو اللّه رقّت الأجناد و ذهبت الرجال و أکلت الحرب العرب إلّا حشاشات أنفس بقیت، و إنّا فی الحرب و الرجال سواء و نحن بنو عبد مناف و لیس لبعضنا على بعض فضل إلّا فضل لا یستذلّ به عزیز و لا یسترّق به حرّ. و السلام. فلمّا قرء علىّ علیه السّلام کتابه تعجّب منه و من کتابه ثمّ دعا عبد اللّه بن أبى رافع کاتبه و قال له: اکتب إلیه: أمّا بعد فقد جاءنی کتابک تذکر أنّک لو علمت و علمنا أنّ الحرب تبلغ بنا و بک ما بلغت لم یحبّها بعض على بعض و أنا و إیّاک فی غایه لم نبلغها بعد، و أمّا طلبک إلى الشام. الفصل.


اللغه
الحشاشه: بقیّه الروح. و الطلیق: الأسیر الّذى اطلق من أسره و خلّى سبیله. و الصریح: الرجل خالص النسب. و اللصیق: الدعىّ الملصق بغیر أبیه. و المدغل: الّذى اشتمل باطنه على فساد کنفاق و نحوه. و سلف الرجل: آباؤه المتقدّمون. و خلفه: من یجی‏ء بعده. و نعشنا: رفعنا. و الفوج: الجماعه.

و قد أجاب علیه السّلام عن امور أربعه تضمّنها کتاب معاویه:

أحدها: أنّه استعطفه إلى البقیّه و استدرجه لوضع الحرب
بقوله: إنّک لو علمت. إلى قوله: ما بقی. و فیه إشعار بالجزع من عضّ الحرب و الخوف من دوامها فأجابه علیه السّلام بقوله: و أنا و إیّاک فی غایه لم نبلغها بعد، و یفهم منه التهدید ببقاء الحرب إلى الغایه منها و هی الظفر به و هلاکه و هو مستلزم لتخویفه و التهویل علیه و منع ما طلب من وضع الحرب.

الثانی: أنّه سأل إقراره على الشام
مع نوع من التشجّع الموهم لعدم الانفعال و الضراعه، و ذلک فی قوله: و قد کنت سألتک الشام. إلى قوله: أمس.
و قوله: فإنّک لا ترجو. إلى قوله: ما نخاف.
إشاره إلى کونهما سواء فی رجاء البقاء و الخوف من القتل، و مقصود ذلک أن یوهم أنّه لا انفعال له عن تلک الحرب أیضا.
و قوله: و أنا أدعوک إلى ما دعوتک إلیه أمس.
أى من طلب إقراره على الشام، و ذلک أنّه علیه السّلام حین بویع بالخلافه کان‏ معاویه سأل منه إقراره على إمره الشام، و نقل عن ابن عبّاس أنّه قال له علیه السّلام: ولّه شهرا و اعز له دهرا فإنّه بعد أن یبایعک لا یقدر على أن یعدل فی إمرته و لا بدّ أن یجور فتعز له بذلک. فقال علیه السّلام: کلّا و ما کنت متّخذ المضلّین عضدا. و روى: أنّ المغیره بن شعبه قال له علیه السّلام: إنّ لک حقّ الطاعه و النصیحه أقرر معاویه على عمله و العمّال على أعمالهم حتّى إذا أتتک طاعتهم و تبعه الجنود استبدلت أو ترکت. فقال علیه السّلام: حتّى أنظر فخرج من عنده ثمّ عاد إلیه من الغد فقال: إنّی أشرت علیک أمس برأى و إنّ الرأى أن تعاجلهم بالنزع فیعلم السامع من غیره و یستقلّ أمرک ثمّ خرج من عنده. فجائه ابن عبّاس فأخبره بما أشار إلیه المغیره من الرأیین. فقال: أمّا أمس فقد نصحک و أمّا الیوم فقد غشّک. و قد کان الرأی الدنیاویّ الخالص فی حفظ الملک ذلک لکنّه علیه السّلام لمّا لم یکن لیتساهل فی شی‏ء من أمر الدین أصلا و إن قلّ و کان إقرار معاویه و أمثاله على الأعمال یستلزم العدول فی کثیر من تصرّفاتهم عن سبیل اللّه لا جرم لم یر إقراره على العمل، و منعه ما سأل.
و لمّا کان منعه أوّلا ممّا سأل منعا خالصا للّه عن مشارکه الهوى و المیول الطبیعیّه لم یکن سؤاله ثانیا و استعطافه إیّاه مقرّبا له إلى إجابته خصوصا و قد أحدث تلک الحروب الشدیده الّتى أخذت من العرب ما أخذت و قتل من المهاجرین و الأنصار و سایر العرب من قتل، بل أجابه بعین ما أجابه أوّلا من الردّ و المنع فی قوله: فلم أکن لاعطیک الیوم ما منعتک أمس. إذ العلّه فی المنع قائمه فی کلّ حین و زمان و هی المحافظه على دین اللّه.

الثالث: حفظ الرجال.
و التبقیه على الأجناد لحفظ الإسلام و تقویمه أمر واجب فلا جرم استعطفه و استدرجه إلى التبقیه علیهم بالتنبیه على ذلک بقوله: و قدو اللّه. إلى قوله: بقیت. فأجابه علیه السّلام ألا و من أکله الحقّ فإلى النار و هو کبرى قیاس حذفت صغراه للعلم بها، و تقدیرها: أنّ هؤلاء الأجناد الّذین قتلناهم إنّما قتلهم الحقّ: أى کان قتلهم بحقّ لبغیهم. و تقدیر هذه الکبرى: و کلّ من قتله الحقّ فمصیره إلى النار فینتج أنّ مصیر من قتل من هؤلاء إلى النار. ثمّ هذه النتیجه تنبیه‏ على الجواب و هی فی قوّه صغرى قیاس ضمیر تقدیر کبراه: و کلّ من کان من أهل النار فلا یجوز التبقیه علیه و لا الأسف لفقده.

الرابع: أوهم بقوله: و إنّا فی الحرب و الرجال سواء.
على أنّه ممّن لا ینفعل عن هذه الحروب و إن اشتدّت، و أنّ الضعف و الهلاک إن جرى فعلى العسکرین. و فیه نوع تخویف و تهویل. فأجابه علیه السّلام بقوله: فلست بأمضى. إلى قوله: الآخره، و وجه کون الأوّل جوابا أنّه یقول: إنّک فی طلبک لما أنت طالب له على شکّ من استحقاقه و أنا على یقین فی ذلک و کلّ من کان فی شکّ من أمره فلیس بأمضى فی حربه و قیامه علیه ممّن هو على ثقه فی أمره ینتج أنّک لست أمضى فی أمرک على الشکّ منّى على الیقین فی أمری. و یفهم من ذلک أنّه یقول: بل أنا أمضى فی أمری و أولى بالغلبه لکونی على بصیره و یقین. و حینئذ تکذب المساواه بینهما لکون المتیقّن أرجح فی فعله من الشاکّ، و وجه کون الثانی جوابا أنّه یقول: إنّ أهل الشام یطلبون بقتالهم الدنیا و أهل العراق یطلبون بقتالهم الآخره و لیس أهل الشام بأحرص على مطلوبهم من الدنیا من أهل العراق على مطلوبهم من الآخره. و یفهم من ذلک أنّه یقول: بل أهل العراق أحرص على الآخره من أهل الشام على الدنیا لشرف الآخره و لتیقّنهم حصولها، و انقطاع الدنیا و شکّ أهل الشام فی حصولها کما قال تعالى فَإِنَّهُمْ یَأْلَمُونَ کَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا یَرْجُونَ«» و حینئذ تکذب المساواه فی الحرب و الرجال لشرف أهل الآخره على أهل الدنیا و لکون الأحرص أولى بالغلبه و القهر.

الخامس: أنّه نبّه بقوله: و نحن بنو عبد مناف.
إلى آخره على مساواته له فی الشرف و الفضیله و هو فی قوّه صغرى قیاس ضمیر من الأوّل. و تقدیر کبراه: و کلّ قوم کانوا من بیت واحد فلا فضل لبعضهم على بعض و لا فخر. فأجابه علیه السّلام بالفرق بینهما بعد أن سلم له الاشتراک بینهما فی کونهما من بنى عبد مناف و ذکر الفرق من وجوه خمسه بدء فیها بالامور الخارجه أوّلا من کمالاته و فضائله ورذائل خصمه متدرّجا منها إلى الأقرب فالأقرب. فالأوّل: شرفه من جهه الآباء المتفرّعین عن عبد مناف، و ذلک أنّ سلک آبائه علیه السّلام أبو طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف، و سلک آباء معاویه أبو سفیان بن حرب بن امیّه بن عبد مناف، و ظاهر أنّ کلّ واحد من اولئک الثلاثه أشرف ممّن هو فی درجته من آباء معاویه. و قد ذکرنا طرفا من فضلهم على غیرهم. الثانی: شرفه من جهه هجرته مع الرسول صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و خسّه خصمه من جهه کونه طلیقا و ابن طلیق. و هذه الفضیله و إن کانت خارجیّه إلّا أنّها تستلزم فضیله نفسانیّه و هی حسن الإسلام و النیّه الصادقه الحقّه، و کذلک ما ذکر من رذیله خصمه بدنیّه عرضت له إلّا أنّ هذه الفضیله و الرذیله أقرب من الاعتبارین الأوّلین لکونهما حقیقیّتین بالآباء و همیّتین بالأبناء دون هاتین. الثالث: و کذلک شرفه من جهه صراحه النسب و خسّه خصمه من جهه کونه دعیّا. و هذان الاعتباران أقرب ممّا قبلهما لکونهما اعتبارین لازمین لهما دون الأوّلین. الرابع: شرفه من جهه کونه محقّا فیما یقوله و یعتقده، و رذیله خصمه من جهه کونه مبطلا. و هذان الاعتباران أقرب لکونهما من الکمالات و الرذائل الذاتیّه دون ما قبلهما. الخامس: شرفه من جهه کونه مؤمنا و المؤمن الحقّ هو المستکمل للکمالات الدینیّه النفسانیّه، و خسّه خصمه من جهه کونه مدغلا: أى خبیث الباطن مشتملا على النفاق و الرذائل الموبقه. و ظاهر أنّ هذین الاعتبارین أقرب الکمالات و الرذائل إلى العبد، و إنّما بدء بذکر الکمالات و الرذائل الخارجیّه لکونهما مسلّمه عند الخصم و أظهر له و للخلق من الامور الداخلیّه. ثمّ لمّا ذکر الرذائل المتعلّقه بخصمه أشار إلى کونه فی أفعاله و رذائله خلفا لسلف هوى فی نار جهنّم. ثم رتّب ذمّه على ذلک.

و قوله: و لبئس الخلف. إلى قوله: جهنّم. 

فی قوّه کبرى قیاس استغنى بمفهومها عن صغراه. و تقدیرها: فأنت خلف تتبع سلفا، و کلّ خلف تتبع فی أفعاله و رذائله سلفا هوى فی نار جهنّم فهو کذلک، و کلّ من کان کذلک فبئس به. السادس: أنّ معاویه لمّا أکّد ما به علّق من المساواه فی الفضل فی قوله: و لیس لبعضنا على بعض فضل و استثنى من ذلک فقال: إلّا فضل لا یستذلّ به عزیز و لا یسترقّ به حرّ. أشار علیه السّلام إلى کبرى هى کالجواب لذلک و هو قوله: و فی أیدینا بعد فضل النبوّه. إلى قوله: الذلیل، و ظاهر أنّ هذا الفضل الّذی حصل فی هذا البطن من هاشم هو سبب إذلالهم الأعزّاء و إنعاشهم و تقویتهم الأذّلاء و استرقاقهم الأحرار، و ذلک فضل عریت عنه بنو امیّه و غیرهم. فإذن قوله: و لیس لبعضنا على بعض فضل إلّا فضل لا یستذّل به عزیز. إلى آخره قول باطل. ثمّ أردف هذه الفضیله بذکر رذیله لخصمه بالنسبه إلى فضیله شملت کثیرا من العرب، و تلک هی دخولهم فی الإسلام لا للّه بل إمّا لرغبه أو رهبه على حین فاز أهل السبق بسبقهم إلى اللّه و حصل المهاجرون و الأنصار على ما حصلوا علیه من الفضایل المسعده. ثمّ لمّا ظهر هذه الفرق من فضائله و رذائل خصمه نهاه عن أمرین: أحدهما: أن لا یجعل للشیطان فی نفسه نصیبا. و هو کنایه عن النهى عن اتّباعه للهوى. و الثانی: أن لا یجعل له علیه سبیلا. و هو کنایه عن النهى عن انفعاله عنه و فتح باب الوسوسه علیه، و هذا النهى یفهم منه أنّه قد جعل للشیطان فی نفسه نصیبا و له علیه سبیلا و أنّ ذلک النهى فی معرض التوبیخ له على ذلک. و باللّه التوفیق.

شرح نهج البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۸۹

 

 

بازدیدها: ۷

نامه ۱۶ شرح ابن میثم بحرانی

و کان علیه السلام یقول لأصحابه عند الحرب

لَا تَشْتَدَّنَّ عَلَیْکُمْ فَرَّهٌ بَعْدَهَا کَرَّهٌ- وَ لَا جَوْلَهٌ بَعْدَهَا حَمْلَهٌ- وَ أَعْطُوا السُّیُوفَ حُقُوقَهَا- وَ وَطِّئُوا لِلْجُنُوبِ مَصَارِعَهَا- وَ اذْمُرُوا أَنْفُسَکُمْ عَلَى الطَّعْنِ‏ الدَّعْسِیِّ وَ الضَّرْبِ الطِّلَحْفِیِّ- وَ أَمِیتُوا الْأَصْوَاتَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّهَ وَ بَرَأَ النَّسَمَهَ- مَا أَسْلَمُوا وَ لَکِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْکُفْرَ- فَلَمَّا وَجَدُوا أَعْوَاناً عَلَیْهِ أَظْهَرُوهُ


اللغه
أقول: الفرّه: المرّه من الفرار. و الکرّه: الفعله من الکرّ و هو الرجوع على العدوّ. و الجوله: الدوره. و المصارع: مواضع الصرع للقتلى. و ذمرته أذمره: أى حثثته. و الدعسىّ: منسوب إلى الدعس و هو الأثر. و الطلخف: الشدید. و الیاء للمبالغه. و النسمه: الخلق.


المعنى
و قوله: لا تشتدّنّ علیکم إلى قوله: حمله.
 أى إذا رأیتم فی فرارکم مصلحه فی خدعه العدوّ کالجذب له بذلک حیث یتمکّن منه و یقع الفرصه فتکرّوا علیه حینئذ فلا تشتدّنّ علیکم الفرّه، و وجه الشدّه هنا أنّ الفرار بین العرب صعب شدید لما یستلزمه من العار و السّبه. فأشار إلى وجه تسهیله علیهم بأنّه إذا کان بعده کرّه فلا بأس به لما فیه من المصلحه، و یحتمل أن یرید أنّکم إذا اتّفق لکم إن فررتم فرّه عقّبتموها بکرّه فلا تشتدّنّ علیکم تلک الفرّه فتنفعلوا و تستحیوا فإن تلک الکرّه کالماحیه لها. و فیه تنبیه على الأمر بالکرّه على تقدیر الفرّه، و کذلک قوله: و لا بجوله بعدها حمله.
و یحتمل أن یرید فلا تشتدّنّ علیکم فرّه من عدوّکم بعدها کرّه منه علیکم فإنّ تلک الکرّه لمّا کانت عقیب الفرّه لم تکن إلّا عن قلوب مدخوله و نیّات غیر صحیحه.
و إنّما قدّم الفرّه فی هذا الاحتمال لأنّ مقصوده تحقیر تلک الکرّه بذکر الفرّه، و کان ذکرها أهمّ فلذلک قدّمت، و کذلک قوله: و لا جوله بعدها حمله.
ثمّ أمرهم بأوامر:
أحدها: أن یعطوا السیوف حقوقها.
و هو کنایه عن الأمر بفعل ما ینبغی أن یفعل. و لفظ العطاء مستعار لما تصل إلیه السیوف من الأفعال الّتی ینبغی أن تفعل بها.

الثانی: أن یوطّنوا لجنوبهم مصارعها:
أى یتّخذوا مصارع جنوبهم أوطانا لها. و هو کنایه عن الأمر بالعزم الجازم على القتل فی سبیل اللّه و الإقدام على أهوال الحرب. إذ کان اتّخاذ المصارع أوطانا للجنوب مستلزما لذلک العزم و الإقدام.
و روى: و وطّئوا- بالیاء- .

الثالث: أن یحثّوا أنفسهم على الطعن الّذی یظهر أثره و الضرب الشدید:
أى یحملوها على ذلک و یبعثوها بالدواعى الصادقه الّتی فیها رضى من تذکّر ما وعد اللّه عباده الصالحین.

الرابع: أن یمیتوا الأصوات
أى لا یکثروا الصیاح فإنّه من علامات الفشل فعدمه یکون علامه للثبات المنافی للجبن و الصیاح. و قد سبقت الإشاره إلى ذلک. ثمّ أقسم بما یعتاده من القسم البارّ أنّ القوم لم یسلموا بقلوبهم حین أظهروا الإسلام فی زمن رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بألسنتهم، و لکنّهم استسلموا خوفا من القتل و أسرّوا الکفر فلمّا وجدوا علیه أعوانا أظهروه. و هو إشاره إلى المنافقین من بنى امیّه کعمرو بن العاص و مروان و معاویه و أمثالهم، و روى مثل هذا الکلام لعمّار بن یاسر- رضی اللّه عنه- و باللّه التوفیق.

شرح نهج البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۸۷

بازدیدها: ۴

نامه ۱۵ شرح ابن میثم بحرانی

و کان یقول علیه السّلام إذا لقى العدو محاربا:

اللَّهُمَّ إِلَیْکَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ- وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أُنْضِیَتِ الْأَبْدَانُ- اللَّهُمَّ قَدْ صَرَّحَ مَکْنُونُ الشَّنَآنِ- وَ جَاشَتْ مَرَاجِلُ الْأَضْغَانِ- اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْکُو إِلَیْکَ غَیْبَهَ نَبِیِّنَا- وَ کَثْرَهَ عَدُوِّنَا وَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا- رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ- وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ

أقول: روى أنّه علیه السّلام کان إذا اشتدّ القتال ذکر اسم اللّه حین یرکب. ثمّ یقول: الحمد للّه على نعمه علینا و فضله العمیم، سبحان الّذی سخّر لنا هذا و ما کنّا له مقرنین، و إنّا إلى ربّنا لمنقلبون. ثمّ یستقبل القبله و یرفع یدیه و یقول: الّلهمّ إلیک نقلت الأقدام. الفصل. إلى قوله: خیر الفاتحین. ثمّ یقول: سیروا على برکه اللّه. ثمّ یقول: اللّه أکبر اللّه أکبر لا إله إلّا اللّه و اللّه أکبر یا اللّه یا أحد یا صمد یا ربّ محمّد بسم اللّه الرحمن الرحیم و لا حول و لا قوّه إلّا باللّه العلىّ العظیم إیّاک نعبد و إیّاک نستعین الّلهمّ کفّ عنّا أیدى الظالمین فکان هذا شعاره بصفّین.

اللغه
و أفضت القلوب: خرجت إلیه عن کلّ شی‏ء و وصلت إلیه خالصه سرّها. و شخوص البصر: ارتفاعه نحو الشی‏ء بحیث لا یطرف. و إنضاء الأبدان: هزالها. و صرّح:ظهر، و هو فعل لازم. و الشنئان: العداوه و البغضاء. و مکتومه: المستور منه. و المراجل: القدور. و جیشها: غلیانها. و الضغن: الحقد. و افتح: أى احکم. و الفاتح: الحاکم.


المعنى
و لمّا کان مراده علیه السّلام جهادا خالصا للّه و عباده له، و من کمال العبادات أن تشفع بذکر اللّه و توجیه السرّ إلیه. إذ کان ذلک هو سرّ العباده و فایدتها لا جرم کان دأبه فی جهاده التضرّع و الالتفات إلى اللّه بهذا الفصل و أمثاله مع ما یستلزمه من طلب النصر و الإعداد له. فأشار بإفضاء القلوب إلى الإخلاص له فی تلک الحال، و بمدّ الأعناق و شخوص الأبصار إلى ما یستلزمه الإخلاص من الهیئات البدنیّه، و بنقل الأقدام و إنضاء الأبدان إلى أنّ ذلک السفر و ما یستلزمه من المتاعب إنّما هو لوجهه و غایه الوصول إلى مرضاته، و أشار إلى علّه قتالهم له فی معرض الشکایه إلى اللّه تعالى و هى تصریحهم بما کان مستقرّا فی صدورهم فی حیاه الرسول صلّى اللّه علیه و آله و سلّم من العداوه و البغضاء و لجیش أضغانهم السابقه ممّا فعل بهم ببدر واحد و غیرهما من المواطن. فلفظ المراجل مستعار و وجه المشابهه غلیان دماء قلوبهم عن الأحقاد کغلیان المراجل، و لفظ الجیش ترشیح. ثمّ لمّا کانت غیبه النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و فقده هو السبب الّذی استلزم تصریح الشنئان و ظهور الأضغان و کثره العدوّ و تفرّق الأهواء لا جرم شکى إلى اللّه من تحقّقها و ما یسلزمه من هذه الشرور. ثمّ سأله أن یحکم بینه و بینهم بالحقّ اقتباسا من القرآن الکریم، لما أنّ إیقاع الحکم الحقّ بینهم یستلزم نصرته علیهم و ظفره بهم. إذ کان هو المحقّ فی جهاده. و باللّه التوفیق.


شرح نهج البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۸۶

 

بازدیدها: ۱

نامه ۱۴ شرح ابن میثم بحرانی

و من وصیّه له علیه السّلام لعسکره قبل لقاء العدو بصفین

لَا تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى یَبْدَءُوکُمْ- فَإِنَّکُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى حُجَّهٍ- وَ تَرْکُکُمْ إِیَّاهُمْ حَتَّى یَبْدَءُوکُمْ حُجَّهٌ أُخْرَى لَکُمْ عَلَیْهِمْ- فَإِذَا کَانَتِ الْهَزِیمَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ- فَلَا تَقْتُلُوا مُدْبِراً وَ لَا تُصِیبُوا مُعْوِراً- وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِیحٍ- وَ لَا تَهِیجُوا النِّسَاءَ بِأَذًى- وَ إِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَکُمْ وَ سَبَبْنَ أُمَرَاءَکُمْ- فَإِنَّهُنَّ ضَعِیفَاتُ الْقُوَى وَ الْأَنْفُسِ وَ الْعُقُولِ- إِنْ کُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْکَفِّ عَنْهُنَّ وَ إِنَّهُنَّ لَمُشْرِکَاتٌ- وَ إِنْ کَانَ الرَّجُلُ لَیَتَنَاوَلُ الْمَرْأَهَ فِی الْجَاهِلِیَّهِ- بِالْفَهْرِ أَوِ الْهِرَاوَهِ- فَیُعَیَّرُ بِهَا وَ عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ

أقول: روى أنّه علیه السّلام کان یوصى أصحابه فی کلّ موطن یلقون العدوّ فیه بهذه الوصیّه.

اللغه
الهزیمه: الهرب. و أعور الصید: أمکن من نفسه، و أعور الفارس: ظهر فیه موضع خال للضرب. فهو معور. و أجهز على الجریح: قتله. و أهجت الشی‏ء: أثرته. و الفهر: الحجر المستطیل الأملس. و الهراوه: خشبه کالدبوس. و العقب: الولد ذکرا و انثى.

و قد وصىّ فی هذا الفصل بامور:
أحدها: ان لا یقاتلوهم إلى أن یبدءوهم بالقتال،
و أشار إلى أنّ ذلک یکون حجّه ثانیه علیهم و أومى بالحجّه الاولى إلى قوله تعالى وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏«» و ظاهر أنّ هؤلاء بغاه على الإمام الحقّ فوجب قتالهم.
و أمّا الثانیه: فهی ترکهم حتّى یبدءوا بالحرب
و بیان هذه الحجّه من وجهین: أحدهما: أنّهم إذا بدءوا بالحرب فقد تحقّق دخولهم فی حرب اللّه و حرب رسوله لقوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: حربک یا علىّ حربی. و محقّق سعیهم فی الأرض بالفساد بقتلهم النفس الّتی حرّم اللّه ابتداء بغیر حقّ و کلّ من تحقّق دخوله فی ذلک دخل فی عموم قوله تعالى إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ«» الآیه. الثانی: أنّ البادى بالحرب معتد ابتداءا. و کلّ معتد کذلک فیجب الاعتداء علیه لقوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى‏ عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ الآیه فوجب الاعتداء علیهم إذا بدءوا بالحرب.

الثالث: وصّاهم على تقدیر وقوع الهزیمه منهم بإذن اللّه أن لا یقتلوا مدبرا:
أى مولّیا هاربا و لا یصیبوا معورا، و هو الّذی أمکنتهم الفرصه فی قتله بعد انکسار العدوّ کالمعور من الصید. و قیل: أراد بالمعور المریب و هو الّذی وقع فیه الشکّ أنّه محارب أم لا: أى لا تقتلوا إلّا من علمتم أنّه محارب لکم.

الرابع: أن لا تجهزوا على جریح.
و هذه الامور الأربعه المنهىّ عنها هاهنا هی من أحکام الکفّار حال الحرب. ففرّق علیه السّلام بین هؤلاء البغاه و بینهم فیها و إن أوجب قتالهم و قتلهم، و یلحق بذلک من أحکامهم ما نقله نضر بن مزاحم تماما لهذا الفصل بعد قوله: و لا تجهزوا على جریح: و لا تکشفوا عوره، و لا تمثّلوا بقتیل، و إذا وصلتم إلى رجال القوم فلا تهتکوا سرّا و لا تدخلوا دارا إلّا بإذن و لا تأخذوا شیئا من أموالهم. ثمّ یتّصل بقوله: و لا تهیجوا النساء، و المراد بذلک أن لا تثیروا شرورهنّ بأذى و إن بلغن الغایه المذکوره من شتم الأعراض و سبّ الامراء، و علّل أولویّه الکفّ عنهنّ بکونهنّ ضعیفات القوى: أى ضعیفات القدر عن مقاومات الرجال و حربهم. و سلاح الضعیف و العاجز لسانه، و بکونهنّ ضعیفات الأنفس: أى لا صبر لنفوسهنّ على البلاء فیجتهدن فی دفعه بما أمکن من سبّ و غیره، و بکونهنّ ضعیفات العقول: أى لا قوّه لعقولهنّ أن یرین عدم الفایده فی السبّ و الشتم و أنّه من رذایل الأخلاق و أنّه یستلزم زیاده الشرور و إثاره الطبایع الّتی یراد تسکینها و کفّها.

و قوله: و إن کنّا. إلى آخره.
و قوله: و إن کنّا. إلى آخره. تنبیه على الأمر بالکفّ عنهنّ لأنّه إذا امر بالکفّ عنهنّ حال کونهنّ مشرکات ففى حال إظهارهنّ الإسلام أولى. و الواو فی و إنهنّ للحال.
و قوله: و إن کان الرجل. إلى آخره.
و قوله: و إن کان الرجل. إلى آخره. تنبیه على ما فی أذاهنّ من المفسده و هی السمه اللازمه لفاعله فی حالتى‏ حیاته و بعد وفاته، و ذلک تنفیر عن أذاهنّ فی معرض النهى عنه و تناولها بالفهر و الهراوه کنایه عن ضربها بهما، و- إن- فی قوله: و إن کنّا، و فی قوله: و إن کان. هی المخفّفه من الثقیله و تلزم اللام خبرها فرقا بینها و بین إن النافیه.

شرح نهج البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۸۴

بازدیدها: ۲

نامه ۱۳ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى أمیرین من أمراء جیشه

وَ قَدْ أَمَّرْتُ عَلَیْکُمَا- وَ عَلَى مَنْ فِی حَیِّزِکُمَا مَالِکَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ- فَاسْمَعَا لَهُ وَ أَطِیعَا وَ اجْعَلَاهُ دِرْعاً وَ مِجَنّاً- فَإِنَّهُ مِمَّنْ لَا یُخَافُ وَهْنُهُ وَ لَا سَقْطَتُهُ- وَ لَا بُطْؤُهُ عَمَّا الْإِسْرَاعُ إِلَیْهِ أَحْزَمُ- وَ لَا إِسْرَاعُهُ إِلَى مَا الْبُطْءُ عَنْهُ أَمْثَلُ

أقول: الأمیران المشار إلیهما هما زیاد بن النضر و شریح بن هانى، و ذلک أنّه حین بعثهما على مقدّمه له فی اثنى عشر ألفا التقیا أبا الأعور السلمى فی جند من أهل الشام فکتبا إلیه یعلمانه بذلک. فأرسل إلى الأشتر فقال له ما قال: إنّ زیاد بن‏ النضر و شریحا أرسلا إلىّ یعلمانی أنّهما لقیا أبا الأعور فی جند من أهل الشام بسور الروم فنبّأنى الرسول أنّه ترکهم متوافقین فالتجئ لأصحابک التجاء فإذا أتیتهم فأنّبهم [فأنت علیهم خ‏]. علیهم، و إیّاک أن تبدء القوم بقتال إلّا أن یبدءوک حتّى تلقاهم و تسمع منهم و لا یجر منّک شنئانهم على قتالهم قبل دعائهم و الإعذار إلیهم مرّه بعد مرّه، و اجعل على میمنتک زیادا و على میسرتک شریحا وقف من أصحابک وسطا و لا تدن منهم دنّو من یرید أن ینشب الحرب و لا تباعد منهم تباعد من یهاب البأس حتّى أقدم علیک فإنّى حثیث السیر إلیک إنشاء اللّه، و کتب إلیهما علیه السّلام: أمّا بعد فإنّى أمّرت علیکما. الفصل.

اللغه
و السقطه: الزلّه. و الجزم: ضبط الرجل أمره و أخذه بأولى الآراء و أقواها إلى الصواب. و الأمثل: الأقرب إلى الخیر.

المعنى
و قد أمرهما بأوامر: منها أن یسمعا أمر أمیرهما فیما یراه أصلح، و أن یطیعا أمره فی ذلک لیکون به نظام امورهم فی لقاء عدوّهم المستلزم لظفرهم، و أن یجعلاه درعا و مجنّا فی الحرب و الرأى فإنّه ممّن لا یخاف ضعفه فی حرب و لازلّته فی رأى و لا بطؤه عمّا الإسراع إلیه أحزم و أولى بالرأى من الأفعال و لا إسراعه فیما البطؤ عنه أولى بالتدبیر و أقرب إلى الخیر بل یضع کلّ شی‏ء موضعه. و لفظ الدرع و المجنّ مستعاران باعتبار وقایته لهم من شرّ عدوّهم کما یقی الدرع و المجنّ صاحبهما. و باللّه التوفیق.

شرح نهج البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۸۱

بازدیدها: ۲

نامه ۱۲ شرح ابن میثم بحرانی

و من وصیّه له علیه السّلام لمعقل بن قیس الریاحى حین أنفذه إلى الشام فى ثلاثه آلاف مقدمه له

اتَّقِ اللَّهَ الَّذِی لَا بُدَّ لَکَ مِنْ لِقَائِهِ- وَ لَا مُنْتَهَى لَکَ دُونَهُ- وَ لَا تُقَاتِلَنَّ إِلَّا مَنْ قَاتَلَکَ- وَ سِرِ الْبَرْدَیْنِ وَ غَوِّرْ بِالنَّاسِ- وَ رَفِّهْ فِی السَّیْرِ وَ لَا تَسِرْ أَوَّلَ اللَّیْلِ- فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ سَکَناً وَ قَدَّرَهُ مُقَاماً لَا ظَعْناً- فَأَرِحْ فِیهِ بَدَنَکَ وَ رَوِّحْ ظَهْرَکَ- فَإِذَا وَقَفْتَ حِینَ یَنْبَطِحُ السَّحَرُ- أَوْ حِینَ یَنْفَجِرُ الْفَجْرُ فَسِرْ عَلَى‏ بَرَکَهِ اللَّهِ- فَإِذَا لَقِیتَ الْعَدُوَّ فَقِفْ مِنْ أَصْحَابِکَ وَسَطاً- وَ لَا تَدْنُ مِنَ الْقَوْمِ دُنُوَّ مَنْ یُرِیدُ أَنْ یُنْشِبَ الْحَرْبَ- وَ لَا تَبَاعَدْ عَنْهُمْ تَبَاعُدَ مَنْ یَهَابُ الْبَأْسَ- حَتَّى یَأْتِیَکَ أَمْرِی- وَ لَا یَحْمِلَنَّکُمُ شَنَآنُهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ- قَبْلَ دُعَائِهِمْ وَ الْإِعْذَارِ إِلَیْهِمْ أقول: روى أنّه علیه السّلام بعثه من المدائن فی ثلاثه ألف و قال له: امض على الموصل حتّى توافینى بالرفّه. ثمّ قال له اتّق اللّه. الفصل. فخرج حتّى أتى الحدیثه و هی إذ ذاک منزل الناس إنّما بنا الموصل بعد ذلک محمّد بن مروان. ثمّ مضوا حتّى لقوه علیه السّلام بالرفّه.

اللغه
و البردین: الغداه و العشىّ. و کذلک الأبردان. و التغویر القیلوله، و غوّر: أى نزّل فی الغائره و هی القائله و نصف النهار. و الترفیه: الإراحه. و السکن: ما یسکن فیه و إلیه. و الظعن. الارتحال. و الانبطاح: الاتّساع و الانبساط. و أنشبت الشی‏ء بالشی‏ء: علّقته به. و الشنئان: البغض و العداوه.

المعنى
و لمّا کان معقل بن قیس متوجّه للسفر إلى اللّه تعالى فی جهاد أعدائه أمره بتقواه الّذی هو خیر زاد فی الطریق إلیه: و فی قوله: الّذی لا بدّ لک من لقائه و لا منتهى لک دونه فوائد: إحداها: جذبه إلى التقوى بالتخویف من لقاء اللّه. الثانیه: تسهیل الجهاد علیه فإنّه لمّا کان معتقدا أنّ الجهاد طاعه مقرّبه إلى اللّه تعالى أشعره بوجوب لقائه لیستعدّ بتلک الطاعه الّتی هو بصددها لما یضطرّ إلیه من لقائه. الثالثه: أنّه أمره بتقوى اللّه و خوّفه بضروره لقائه تعالى لیکون أسرع إلى ما یأمره به و ینهاه عنه من الامور المذکوره فی وصیّته. فمنها: أن لا یقاتل إلّا من قاتله فإنّ قتال غیر المقاتل ظلم، و منها: أن یسیر طرفی النهار لبردهما و یغوّر فی وسطه لما یستلزمه القایله من شدّه الحرّ و المتاعب فیه، و أن یرفّه فی السیر لیلحق الضعیف‏ القوىّ و لا یظهر التعب على الناس لحاجتهم إلى فضل القوّه و الاستجمام، و أن لا یسیر فی أوّل اللیل لأنّ اللّه جعله سکنا و مناما یستراح فیه من المتاعب و یسکن إلیه بعد النفره من أن یجعله محلّ الظعن، و أمره أن یریح فیه بدنه و یروّح ظهره: أى خیله، و أطلق علیه لفظ الظعن مجازا إطلاقا لاسم المظروف على الظرف، و أن یجعل سیره بعد وقوفه فی لیله حین ینبطح السحر أو حین ینفجر الفجر لأنّها مظنّه طیب السیر، و أن یقف من أصحابه عند لقاء العدوّ وسطا لیکون نسبه الطرفین فی الرجوع إلیه و الاستمداد بسماع أوامره على سواء. و من النواهی أن لا یدنو من القوم دنّوا قریبا یشعرهم بإراده إیقاع الفتنه لیکون أعذر عند اللّه و إلى القوم فی دعائهم إلى الحقّ، و لا یتباعد عنهم تباعدا یشعر بخوفه و رهبته من عدوّه لئلّا یطمع فیه العدوّ. و ضرب له فی هذین النهیین غایه هی ورود أمره علیه بأحدهما، و أن لا یحملهم بغضهم و عداوتهم على قتالهم قبل دعائهم إلى الإمام الحقّ و الإعذار إلیهم بذلک فیکون قتالهم على ذلک الوجه لغیر اللّه بل بمجرّد الهوى و العداوه فیخرج عن کونه طاعه. و باللّه التوفیق.

شرح نهج البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۸۰

بازدیدها: ۱

نامه ۱۱ شرح ابن میثم بحرانی

و من وصیّه له علیه السّلام وصى بها جیشا بعثه إلى العدو

فَإِذَا نَزَلْتُمْ بِعَدُوٍّ أَوْ نَزَلَ بِکُمْ- فَلْیَکُنْ مُعَسْکَرُکُمْ فِی قُبُلِ الْأَشْرَافِ- أَوْ سِفَاحِ الْجِبَالِ أَوْ أَثْنَاءِ الْأَنْهَارِ- کَیْمَا یَکُونَ لَکُمْ رِدْءاً وَ دُونَکُمْ مَرَدّاً- وَ لْتَکُنْ مُقَاتَلَتُکُمْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَیْنِ- وَ اجْعَلُوا لَکُمْ رُقَبَاءَ فِی صَیَاصِی الْجِبَالِ- وَ مَنَاکِبِ الْهِضَابِ- لِئَلَّا یَأْتِیَکُمُ الْعَدُوُّ مِنْ مَکَانِ مَخَافَهٍ أَوْ أَمْنٍ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ مُقَدِّمَهَ الْقَوْمِ عُیُونُهُمْ- وَ عُیُونَ الْمُقَدِّمَهِ طَلَائِعُهُمْ وَ إِیَّاکُمْ وَ التَّفَرُّقَ- فَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِیعاً- وَ إِذَا ارْتَحَلْتُمْ فَارْتَحِلُوا جَمِیعاً- وَ إِذَا غَشِیَکُمُ اللَّیْلُ فَاجْعَلُوا الرِّمَاحَ کِفَّهً- وَ لَا تَذُوقُوا النَّوْمَ إِلَّا غِرَاراً أَوْ مَضْمَضَهً

أقول: و هذا الفصل ملتقط من کتاب کتبه علیه السّلام إلى زیاد بن النضر الحارثى حین سرّحه على مقدّمته إلى الشام من النخیله لمّا أراد الخروج من الکوفه إلیها، و کان قد بعث معه شریح بن هانى و اختلفا فکتب کلّ منهما إلیه یشکو من صاحبه فکتب علیه السّلام إلیهما: أمّا بعد فإنّى ولّیت زیاد بن النضر مقدّمتى و أمّرته علیها، و شریح على طایفه منها أمیر فإن جمعکما بأس فزیاد على الناس و إن افترقتما فکلّ واحد منکما أمیر على الطایفه الّتی ولّیته علیها. و اعلما أنّ مقدّمه القوم عیونهم و عیون المقدّمه طلایعهم فإذا أنتما خرجتما من بلاد کما و دنوتما من بلاد عدوّکما فلا تسکنا من توجیه الطلایع و نفّض الشعاب و الشجر و الخمر فی کلّ جانب کیلا یغترّ کما عدوّ أو یکون لهم کمین و لا تسیرا الکتائب إلّا من لدن الصباح إلى المساء إلّا على تعبیه فإن دهمکم دهم أو غشیکم مکروه کنتم قد تقدّمتم فی التعبیه. ثمّ یتّصل بقوله: فإذا نزلتم.

إلى قوله: أو أمن. ثمّ یتّصل بقوله: و إیّاکم و التفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جمیعا و إذا رحلتم فارحلوا جمیعا و إذا غشیکم اللیل فنزلتم فحفّوا عسکرکم بالرماح و الترسه، و رماتکم تکون ترستکم و رماحکم و ما أقمتم فکذلک فافعلوا کیلا یصاب لکم غفله و لا یلقى لکم غرّه فما من قوم یحفّون عسکرهم برماحهم و ترستهم من لیل أو نهار إلّا کأنّهم فی حصون، و احرسا عسکر کما بأنفسکما و إیّاکما أن تذوقا النوم حتّى تصبحا إلّا غرارا أو مضمضه. ثمّ لیکن ذلک شأنکما و رأیکما إلى أن تنتهیا إلى عدوّ کما و لیکن عندى کلّ یوم خبرکما و رسول من قبلکما فإنّى و لا شی‏ء إلّا ما شاء اللّه حثیث السیر فی آثارکما. و علیکما فی حربکما بالتؤوده. و إیّاکما و العجله إلّا أن تمکّنکما فرصه بعد الإعذار و الحجّه، و إیّاکما أن تقاتلا حتّى أقدم علیکما إلّا أن تبدئا أو یأتیکما أمرى إن شاء اللّه، و لنرجع إلى الشرح فنقول:

اللغه
العین: الجاسوس. و طلیعه الجیش: الّذی یبعث لیطّلع على العدوّ. و نفض الشعاب: استقراؤها. و الخمر: ما واراک من شجر أو جبل و نحوهما. و الکمین: الواحد أو الجمع یستخفون فی الحرب حیله للإیقاع بالعدوّ. و الکتیبه: الجیش. و تعبیته: جمعه و إعداده. و الدهم: العدد الکثیر. و المعسکر- بفتح الکاف- : موضع العسکر. و الأشراف: جمع شرف بفتح الراء و هو المکان العالى. و قبلها- بضمّتین أو ضمّه و سکون- : هو قدّامها. و سفح الجبل: أسفله حیث یسفح فیه الماء. و أثناء الأنهار: جمع ثنى و هو منعطفها [منقطعها خ‏] و الردء: العون فی المقاتله. و الرقباء: الحفظه على صیاصى الجبال و هی أعالیها و أطرافها. و الهضاب: جمع هضبه و هی الجبل المنبسط على وجه الأرض. و کفّه بالکسر: أى مستدیره. و الغرار: النوم القلیل. و المضمضه: حرکه النعاس فی العین و هو کنایه عن قلّه النوم أیضا. و الترسه: جمع ترس.

المعنى
و اعلم أنّ صدر الکتاب ظاهر إلّا أنّ فیه نکته و هى أنّه کرّر لفظ إلّا عقیب النهى عن تسیرا الکتایب و هما یفیدان الحصر أمّا الاولى فتفید حصر السیر فی الوقت المشار إلیه، و أمّا الثانیه فتفید حصره فی حال التعبیه. و فی هذا الکتاب من تعلیم کیفیّه الحرب قوانین کلّیّه عظیمه النفع یستلزم استعمالها الظفر بالعدوّ و تفصح عن تکذیب من ادّعى أنّه لا علم له بالحرب کما حکاه علیه السّلام عن قریش فیما مضى، و فی هذا الفصل جمله منها: أحدها: أن یختاروا لمعسکرهم عند منازله العدوّ قدّام الأماکن العالیه و سفاح الجبال و أثناء الأنهار. و کشف عن العلّه فی ذلک و وجه المصلحه فیه بقوله: کیما یکون ردءا لهم: أى تکون هذه الأماکن حافظه لکم من ورائکم مانعه من‏ العدوّ أن یأتیکم من تلک الجهه و بذلک کانت معینه. الثانی: أن یکون مقاتلتهم من وجه واحد فإن لم یکن فمن وجهین حیث یحفظ بعضهم ظهر بعض، و سرّه أنّه یستلزم البقاء على الجمعیّه، و أمّا المقاتله من وجوه کثیره فمستلزمه للتفرّق و الضعف. الثالث: أن یجعلوا لهم حفظه فی الأماکن العالیه و علّته ما ذکر و هو أن لا یأتیهم العدوّ من مکان یخافون منهم، أو یأمنون على غرّه و غفله من الاستعداد له. الرابع: أن یعلموا أنّ مقدّمه القوم عیون لهم و عیون المقدّمه طلایعهم فلا یهملوا التأهّب عند رؤیه المقدّمه و الطلیعه و إن قلّ عددهم لأنّ رؤیتهم ممّا تشعر بهجوم العدوّ و قربه. الخامس: التحذیر من التفرّق، و من لوازمه الأمر بالاجتماع حالتى النزول و الارتحال، و سرّه ظاهر. السادس: أن یجعلوا الرماح مستدیره علیهم و أن لا یستغرقوا فی النوم کما یفعله القارّ المطمئنّ. و سرّهما الحراسه و التحفّظ خوف هجوم العدوّ على الغرّه و حال النوم.


شرح نهج البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۷۷

 

بازدیدها: ۴

نامه ۱۱ شرح ابن میثم بحرانی

و من وصیّه له علیه السّلام وصى بها جیشا بعثه إلى العدو

فَإِذَا نَزَلْتُمْ بِعَدُوٍّ أَوْ نَزَلَ بِکُمْ- فَلْیَکُنْ مُعَسْکَرُکُمْ فِی قُبُلِ الْأَشْرَافِ- أَوْ سِفَاحِ الْجِبَالِ أَوْ أَثْنَاءِ الْأَنْهَارِ- کَیْمَا یَکُونَ لَکُمْ رِدْءاً وَ دُونَکُمْ مَرَدّاً-وَ لْتَکُنْ مُقَاتَلَتُکُمْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَیْنِ- وَ اجْعَلُوا لَکُمْ رُقَبَاءَ فِی صَیَاصِی الْجِبَالِ- وَ مَنَاکِبِ الْهِضَابِ- لِئَلَّا یَأْتِیَکُمُ الْعَدُوُّ مِنْ مَکَانِ مَخَافَهٍ أَوْ أَمْنٍ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ مُقَدِّمَهَ الْقَوْمِ عُیُونُهُمْ- وَ عُیُونَ الْمُقَدِّمَهِ طَلَائِعُهُمْ وَ إِیَّاکُمْ وَ التَّفَرُّقَ- فَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِیعاً- وَ إِذَا ارْتَحَلْتُمْ فَارْتَحِلُوا جَمِیعاً- وَ إِذَا غَشِیَکُمُ اللَّیْلُ فَاجْعَلُوا الرِّمَاحَ کِفَّهً- وَ لَا تَذُوقُوا النَّوْمَ إِلَّا غِرَاراً أَوْ مَضْمَضَهً

أقول: و هذا الفصل ملتقط من کتاب کتبه علیه السّلام إلى زیاد بن النضر الحارثى حین سرّحه على مقدّمته إلى الشام من النخیله لمّا أراد الخروج من الکوفه إلیها، و کان قد بعث معه شریح بن هانى و اختلفا فکتب کلّ منهما إلیه یشکو من صاحبه فکتب علیه السّلام إلیهما: أمّا بعد فإنّى ولّیت زیاد بن النضر مقدّمتى و أمّرته علیها، و شریح على طایفه منها أمیر فإن جمعکما بأس فزیاد على الناس و إن افترقتما فکلّ واحد منکما أمیر على الطایفه الّتی ولّیته علیها. و اعلما أنّ مقدّمه القوم عیونهم و عیون المقدّمه طلایعهم فإذا أنتما خرجتما من بلاد کما و دنوتما من بلاد عدوّکما فلا تسکنا من توجیه الطلایع و نفّض الشعاب و الشجر و الخمر فی کلّ جانب کیلا یغترّ کما عدوّ أو یکون لهم کمین و لا تسیرا الکتائب إلّا من لدن الصباح إلى المساء إلّا على تعبیه فإن دهمکم دهم أو غشیکم مکروه کنتم قد تقدّمتم فی التعبیه. ثمّ یتّصل بقوله: فإذا نزلتم.

إلى قوله: أو أمن. ثمّ یتّصل بقوله: و إیّاکم و التفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جمیعا و إذا رحلتم فارحلوا جمیعا و إذا غشیکم اللیل فنزلتم فحفّوا عسکرکم بالرماح و الترسه، و رماتکم تکون ترستکم و رماحکم و ما أقمتم فکذلک فافعلوا کیلا یصاب لکم غفله و لا یلقى لکم غرّه فما من قوم یحفّون عسکرهم برماحهم و ترستهم من لیل أو نهار إلّا کأنّهم فی حصون، و احرسا عسکر کما بأنفسکما و إیّاکما أن تذوقا النوم حتّى تصبحا إلّا غرارا أو مضمضه. ثمّ لیکن ذلک شأنکما و رأیکما إلى أن تنتهیا إلى عدوّ کما و لیکن عندى کلّ یوم خبرکما و رسول من قبلکما فإنّى و لا شی‏ء إلّا ما شاء اللّه حثیث السیر فی آثارکما. و علیکما فی حربکما بالتؤوده. و إیّاکما و العجله إلّا أن تمکّنکما فرصه بعد الإعذار و الحجّه، و إیّاکما أن تقاتلا حتّى أقدم علیکما إلّا أن تبدئا أو یأتیکما أمرى إن شاء اللّه، و لنرجع إلى الشرح فنقول:

اللغه

العین: الجاسوس. و طلیعه الجیش: الّذی یبعث لیطّلع على العدوّ. و نفض الشعاب: استقراؤها. و الخمر: ما واراک من شجر أو جبل و نحوهما. و الکمین: الواحد أو الجمع یستخفون فی الحرب حیله للإیقاع بالعدوّ. و الکتیبه: الجیش. و تعبیته: جمعه و إعداده. و الدهم: العدد الکثیر. و المعسکر- بفتح الکاف- : موضع العسکر. و الأشراف: جمع شرف بفتح الراء و هو المکان العالى. و قبلها- بضمّتین أو ضمّه و سکون- : هو قدّامها. و سفح الجبل: أسفله حیث یسفح فیه الماء. و أثناء الأنهار: جمع ثنى و هو منعطفها [منقطعها خ‏] و الردء: العون فی المقاتله. و الرقباء: الحفظه على صیاصى الجبال و هی أعالیها و أطرافها. و الهضاب: جمع هضبه و هی الجبل المنبسط على وجه الأرض. و کفّه بالکسر: أى مستدیره. و الغرار: النوم القلیل. و المضمضه: حرکه النعاس فی العین و هو کنایه عن قلّه النوم أیضا. و الترسه: جمع ترس.

المعنى

و اعلم أنّ صدر الکتاب ظاهر إلّا أنّ فیه نکته و هى أنّه کرّر لفظ إلّا عقیب النهى عن تسیرا الکتایب و هما یفیدان الحصر أمّا الاولى فتفید حصر السیر فی الوقت المشار إلیه، و أمّا الثانیه فتفید حصره فی حال التعبیه. و فی هذا الکتاب من تعلیم کیفیّه الحرب قوانین کلّیّه عظیمه النفع یستلزم استعمالها الظفر بالعدوّ و تفصح عن تکذیب من ادّعى أنّه لا علم له بالحرب کما حکاه علیه السّلام عن قریش فیما مضى، و فی هذا الفصل جمله منها: أحدها: أن یختاروا لمعسکرهم عند منازله العدوّ قدّام الأماکن العالیه و سفاح الجبال و أثناء الأنهار. و کشف عن العلّه فی ذلک و وجه المصلح فیه بقوله: کیما یکون ردءا لهم: أى تکون هذه الأماکن حافظه لکم من ورائکم مانعه من‏ العدوّ أن یأتیکم من تلک الجهه و بذلک کانت معینه. الثانی: أن یکون مقاتلتهم من وجه واحد فإن لم یکن فمن وجهین حیث یحفظ بعضهم ظهر بعض، و سرّه أنّه یستلزم البقاء على الجمعیّه، و أمّا المقاتله من وجوه کثیره فمستلزمه للتفرّق و الضعف. الثالث: أن یجعلوا لهم حفظه فی الأماکن العالیه و علّته ما ذکر و هو أن لا یأتیهم العدوّ من مکان یخافون منهم، أو یأمنون على غرّه و غفله من الاستعداد له. الرابع: أن یعلموا أنّ مقدّمه القوم عیون لهم و عیون المقدّمه طلایعهم فلا یهملوا التأهّب عند رؤیه المقدّمه و الطلیعه و إن قلّ عددهم لأنّ رؤیتهم ممّا تشعر بهجوم العدوّ و قربه. الخامس: التحذیر من التفرّق، و من لوازمه الأمر بالاجتماع حالتى النزول و الارتحال، و سرّه ظاهر. السادس: أن یجعلوا الرماح مستدیره علیهم و أن لا یستغرقوا فی النوم کما یفعله القارّ المطمئنّ. و سرّهما الحراسه و التحفّظ خوف هجوم العدوّ على الغرّه و حال النوم.

                     شرح‏ نهج ‏البلاغه(ابن ‏میثم بحرانی)، ج ۴    ، صفحه‏ى ۳۸۰

بازدیدها: ۰