نامه 11 شرح ابن میثم بحرانی

و من وصيّة له عليه السّلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو

فَإِذَا نَزَلْتُمْ بِعَدُوٍّ أَوْ نَزَلَ بِكُمْ- فَلْيَكُنْ مُعَسْكَرُكُمْ فِي قُبُلِ الْأَشْرَافِ- أَوْ سِفَاحِ الْجِبَالِ أَوْ أَثْنَاءِ الْأَنْهَارِ- كَيْمَا يَكُونَ لَكُمْ رِدْءاً وَ دُونَكُمْ مَرَدّاً-وَ لْتَكُنْ مُقَاتَلَتُكُمْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ- وَ اجْعَلُوا لَكُمْ رُقَبَاءَ فِي صَيَاصِي الْجِبَالِ- وَ مَنَاكِبِ الْهِضَابِ- لِئَلَّا يَأْتِيَكُمُ الْعَدُوُّ مِنْ مَكَانِ مَخَافَةٍ أَوْ أَمْنٍ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَوْمِ عُيُونُهُمْ- وَ عُيُونَ الْمُقَدِّمَةِ طَلَائِعُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّفَرُّقَ- فَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِيعاً- وَ إِذَا ارْتَحَلْتُمْ فَارْتَحِلُوا جَمِيعاً- وَ إِذَا غَشِيَكُمُ اللَّيْلُ فَاجْعَلُوا الرِّمَاحَ كِفَّةً- وَ لَا تَذُوقُوا النَّوْمَ إِلَّا غِرَاراً أَوْ مَضْمَضَةً

أقول: و هذا الفصل ملتقط من كتاب كتبه عليه السّلام إلى زياد بن النضر الحارثى حين سرّحه على مقدّمته إلى الشام من النخيلة لمّا أراد الخروج من الكوفة إليها، و كان قد بعث معه شريح بن هانى و اختلفا فكتب كلّ منهما إليه يشكو من صاحبه فكتب عليه السّلام إليهما: أمّا بعد فإنّى ولّيت زياد بن النضر مقدّمتى و أمّرته عليها، و شريح على طايفة منها أمير فإن جمعكما بأس فزياد على الناس و إن افترقتما فكلّ واحد منكما أمير على الطايفة الّتي ولّيته عليها. و اعلما أنّ مقدّمة القوم عيونهم و عيون المقدّمة طلايعهم فإذا أنتما خرجتما من بلاد كما و دنوتما من بلاد عدوّكما فلا تسكنا من توجيه الطلايع و نفّض الشعاب و الشجر و الخمر في كلّ جانب كيلا يغترّ كما عدوّ أو يكون لهم كمين و لا تسيرا الكتائب إلّا من لدن الصباح إلى المساء إلّا على تعبية فإن دهمكم دهم أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدّمتم في التعبية. ثمّ يتّصل بقوله: فإذا نزلتم.

إلى قوله: أو أمن. ثمّ يتّصل بقوله: و إيّاكم و التفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جميعا و إذا رحلتم فارحلوا جميعا و إذا غشيكم الليل فنزلتم فحفّوا عسكركم بالرماح و الترسة، و رماتكم تكون ترستكم و رماحكم و ما أقمتم فكذلك فافعلوا كيلا يصاب لكم غفلة و لا يلقى لكم غرّة فما من قوم يحفّون عسكرهم برماحهم و ترستهم من ليل أو نهار إلّا كأنّهم في حصون، و احرسا عسكر كما بأنفسكما و إيّاكما أن تذوقا النوم حتّى تصبحا إلّا غرارا أو مضمضة. ثمّ ليكن ذلك شأنكما و رأيكما إلى أن تنتهيا إلى عدوّ كما و ليكن عندى كلّ يوم خبركما و رسول من قبلكما فإنّى و لا شي‏ء إلّا ما شاء اللّه حثيث السير في آثاركما. و عليكما في حربكما بالتؤودة. و إيّاكما و العجلة إلّا أن تمكّنكما فرصة بعد الإعذار و الحجّة، و إيّاكما أن تقاتلا حتّى أقدم عليكما إلّا أن تبدئا أو يأتيكما أمرى إن شاء اللّه، و لنرجع إلى الشرح فنقول:

اللغة

العين: الجاسوس. و طليعة الجيش: الّذي يبعث ليطّلع على العدوّ. و نفض الشعاب: استقراؤها. و الخمر: ما واراك من شجر أو جبل و نحوهما. و الكمين: الواحد أو الجمع يستخفون في الحرب حيلة للإيقاع بالعدوّ. و الكتيبة: الجيش. و تعبيته: جمعه و إعداده. و الدهم: العدد الكثير. و المعسكر- بفتح الكاف- : موضع العسكر. و الأشراف: جمع شرف بفتح الراء و هو المكان العالى. و قبلها- بضمّتين أو ضمّة و سكون- : هو قدّامها. و سفح الجبل: أسفله حيث يسفح فيه الماء. و أثناء الأنهار: جمع ثنى و هو منعطفها [منقطعها خ‏] و الردء: العون في المقاتلة. و الرقباء: الحفظة على صياصى الجبال و هي أعاليها و أطرافها. و الهضاب: جمع هضبة و هي الجبل المنبسط على وجه الأرض. و كفّة بالكسر: أى مستديرة. و الغرار: النوم القليل. و المضمضة: حركة النعاس في العين و هو كناية عن قلّة النوم أيضا. و الترسة: جمع ترس.

المعنى

و اعلم أنّ صدر الكتاب ظاهر إلّا أنّ فيه نكتة و هى أنّه كرّر لفظ إلّا عقيب النهى عن تسيرا الكتايب و هما يفيدان الحصر أمّا الاولى فتفيد حصر السير في الوقت المشار إليه، و أمّا الثانية فتفيد حصره في حال التعبية. و في هذا الكتاب من تعليم كيفيّة الحرب قوانين كلّيّة عظيمة النفع يستلزم استعمالها الظفر بالعدوّ و تفصح عن تكذيب من ادّعى أنّه لا علم له بالحرب كما حكاه عليه السّلام عن قريش فيما مضى، و في هذا الفصل جملة منها: أحدها: أن يختاروا لمعسكرهم عند منازلة العدوّ قدّام الأماكن العالية و سفاح الجبال و أثناء الأنهار. و كشف عن العلّة في ذلك و وجه المصلح فيه بقوله: كيما يكون ردءا لهم: أى تكون هذه الأماكن حافظة لكم من ورائكم مانعة من‏ العدوّ أن يأتيكم من تلك الجهة و بذلك كانت معينة. الثاني: أن يكون مقاتلتهم من وجه واحد فإن لم يكن فمن وجهين حيث يحفظ بعضهم ظهر بعض، و سرّه أنّه يستلزم البقاء على الجمعيّة، و أمّا المقاتلة من وجوه كثيرة فمستلزمة للتفرّق و الضعف. الثالث: أن يجعلوا لهم حفظة في الأماكن العالية و علّته ما ذكر و هو أن لا يأتيهم العدوّ من مكان يخافون منهم، أو يأمنون على غرّة و غفلة من الاستعداد له. الرابع: أن يعلموا أنّ مقدّمة القوم عيون لهم و عيون المقدّمة طلايعهم فلا يهملوا التأهّب عند رؤية المقدّمة و الطليعة و إن قلّ عددهم لأنّ رؤيتهم ممّا تشعر بهجوم العدوّ و قربه. الخامس: التحذير من التفرّق، و من لوازمه الأمر بالاجتماع حالتى النزول و الارتحال، و سرّه ظاهر. السادس: أن يجعلوا الرماح مستديرة عليهم و أن لا يستغرقوا في النوم كما يفعله القارّ المطمئنّ. و سرّهما الحراسة و التحفّظ خوف هجوم العدوّ على الغرّة و حال النوم.

                     شرح‏ نهج ‏البلاغة(ابن ‏ميثم بحرانی)، ج 4    ، صفحه‏ى 380

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.