نامه 20 صبحی صالح
20- و من كتاب له ( عليه السلام ) إلى زياد ابن أبيه و هو خليفة عامله عبد الله بن عباس على البصرة و عبد الله عامل أمير المؤمنين يومئذ عليها و على كور الأهواز و فارس و كرمان و غيرها
وَ إِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَماً صَادِقاً لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ خُنْتَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئاً صَغِيراً أَوْ كَبِيراً لَأَشُدَّنَّ عَلَيْكَ شَدَّةً تَدَعُكَ قَلِيلَ الْوَفْرِ ثَقِيلَ الظَّهْرِ ضَئِيلَ الْأَمْرِ وَ السَّلَامُ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج 18
و من كتاب (كلام- خ ل) له عليه السلام الى زياد بن ابيه و هو خليفة عامله عبد الله بن العباس على البصرة (و عبد الله عامل أمير المؤمنين عليه السلام يومئذ عليها و على كور الاهواز و فارس و كرمان- نسخة).
و هو المختار العشرون من باب الكتب و الرسائل:
و إني أقسم بالله قسما صادقا لئن بلغني أنك خنت من فيىء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر، ثقيل الظهر، ضئيل الأمر، و السلام.
المصدر
أتى بالكتاب ابن واضح الأخباري الكاتب المعروف باليعقوبي في تاريخه (ص 180 ج 2 طبع النجف 1358 ه ق)، قال: كتب- يعني أمير المؤمنين عليه السلام- إلى زياد و كان عامله على فارس: أما بعد فإن رسولي أخبرني بعجب، زعم أنك قلت له فيما بينك و بينه إن الأكراد هاجت بك فكسرت عليك كثيرا من الخراج و قلت له: لا تعلم بذلك أمير المؤمنين؛ يا زياد و اقسم بالله إنك لكاذب و لئن لم تبعث بخراجك لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر، ثقيل الظهر؛ إلا أن تكون لما كسرت من الخراج محتملا، انتهى.
و الظاهر أنهما كتاب واحد روى على نسختين، و إن أمكن أن يكون كل واحد منهما كتابا على حياله.
اللغة
(خنت) مشتق من الخيانة بمعنى نقيض الأمانة، يقال: خانه في كذا يخونه خونا و خيانة و خانة و مخانة من باب نصر: إذا اوتمن فلم ينصح، قال الراغب في المفردات: الخيانة و النفاق واحد إلا أن الخيانة تقال اعتبارا بالعهد و الأمانة، و النفاق يقال اعتبارا بالدين ثم يتداخلان، فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر، و نقيض الخيانة: الأمانة، يقال: خنت فلانا و خنت أمانة فلان و على ذلك قوله: «لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا أماناتكم».
(فيىء) و قد تقدم معناه و الفرق بينه و بين الغنيمة و الأنفال على التفصيل في شرح المختار 230 من باب الخطب (ج 15 ص 23).
(لأشدن عليك) شد على العدو شدا و شدة و شدودا من بابى نصر و ضرب أي حمل عليه؛ يقال: شدوا عليهم شدة صادقة. (تدعك) أي تتركك.
(الوفر) بالفتح فالسكون: المال الكثير الواسع، و الغنى، و اليسار؛ قال مالك بن الحارث الاشتر النخعي رضوان الله عليه (الحماسة 25):
بقيت وفري و انحرفت عن العلا | و لقيت أضيافي بوجه عبوس | |
و قال آخر (البيان و التبيين ص 359 ج 2):
رأيت الناس لما قل مالي | و أكثرت الغرامة ودعوني | |
فلما أن غنيت و ثاب وفري | إذاهم- لا أبا لك- راجعوني | |
(الظهر) خلاف البطن، و هو من الحيوان اعلاه و من الإنسان من لدن مؤخر الكاهل إلى أدنى العجز، و من الأرض ظاهرها يجمع على أظهر و ظهور و ظهران.
(ضئيل) في النهاية لابن الأثير: في حديث إسرافيل[1] و إنه ليتضاءل من خشية الله، و في رواية لعظمة الله أي يتصاغر تواضعا له، و يقال: تضاءل الشيء إذا تقبض و انضم بعضه إلى بعض فهو ضئيل أي نحيف دقيق حقير، و قال الطريحي في مجمع البحرين: و مثله حديث وصفه تعالى: هو إله يتضاءل له المتكبرون[2]، وضؤل الشيء بالهمز و زان قرب فهو ضئيل كقريب: صغير الجسم قليل اللحم، انتهى.
قال جواس الكلبي (الحماسة 632):
و كنت إذا أشرفت في رأس رامة | تضاءلت إن الخائف المتضاءل | |
يقول: إنك حينئذ متى أشرفت في رأس هذه الهضبة تخاشعت و تذللت لاستشعارك الخوف الشديد و استظهارك بالإتقاء من أعدائك البليغ؛ و الخائف هذا دأبه و عادته قاله المزروقي في الشرح.
الاعراب
(لإن) اللام للإيذان و تسمى اللام المؤذنة و الموطئة أيضا و هي تؤذن من أول الأمر بأن الجواب بعدها مبني على قسم قبلها لا على الشرط سواء كان ذلك القسم مذكورا كما نحن فيه أو مقدرا كقوله تعالى: و إن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم (المائدة- 78) فقوله تعالى «ليمسن» جواب قسم محذوف و سد مسد جواب الشرط الذي هو «و إن لم ينتهوا».
و كقوله تعالى: أ لم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم و لا نطيع فيكم أحدا أبدا و إن قوتلتم لننصرنكم و الله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم و لئن قوتلوا لا ينصرونهم و لئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون (الحشر- 14) فاللام في لئن الأربعة للقسم و في ليولن جواب القسم و استغنى به عن جواب الشرط في المواضع الخمسة.
(لأشدن) اللام لام جواب القسم نحو قوله تعالى في سورة يوسف:تالله لقد آثرك الله علينا، و في سورة الأنبياء: و تالله لأكيدن أصنامكم و كلامه عليه السلام كان وزان قوله تعالى: لئن لم تنتهوا لنرجمنكم و ليمسنكم منا عذاب أليم (يس- 19) و هذا الجواب للقسم سد مسد جواب الشرط الذي هو: لئن بلغني فاستغنى به عن جواب الشرط.
و حرف إن في لإن من أداة الشرط، و جملة بلغني فعل الشرط، أنك خنت- إلخ- مأول بالمصدر فاعل بلغني، شيئا مفعول به لقوله خنت، صغيرا و كبيرا صفتان له، جملة (تدعك) صفة للمصدر و يرجع ضمير الفعل إليه و كل واحد من قليل الوفر و أخويه حال للضمير المنصوب في تدعك، خبر السلام محذوف أي و السلام على من اتبع الهدى، أو السلام لأهله ككتبه اللاتية.
المعنى
زياد بن أبيه هو زياد بن أبي سفيان صخر بن حرب بن امية، و يقال زياد بن أبيه و زياد بن امه و زياد بن سمية، و امه سمية هي جارية الحارث بن كلدة و كان يطؤها بملك اليمين كما في الاستيعاب لابن عبد البر، و اسد الغابة لابن الأثير، و الاصابة لابن حجر.
كان يكنى أبا المغيرة، ليست له صحبة و لا رواية و كان رجلا عاقلا في دنياه، داهية خطيبا له قدر و جلالة عند أهل الدنيا، كما في الاستيعاب و روى بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس قال: بعث عمر بن الخطاب زيادا في اصلاح فساد وقع باليمن فرجع من وجهه، و خطب خطبة لم يسمع الناس مثلها فقال عمرو بن العاصي: أما و الله لو كان هذا الغلام قرشيا لساق العرب بعصاه؛ فقال أبو سفيان: و الله إني لأعرف الذي وضعه في رحم امه، فقال له علي بن أبي طالب: و من هو يا أبا سفيان؟ قال:أنا إلخ-.
و قال: قال الشاعر:
زياد لست أدري من أبوه | و لكن الحمار أبو زياد | |
و قال ابن النديم في أول الفن الأول من المقالة الثالثة من الفهرست (ص 131 طبع مصر): قال محمد بن إسحاق: قرأت بخط أبي الحسن ابن الكوفي أول من ألف في المثالب كتابا زياد بن أبيه فإنه لما ظفر عليه و على نسبه عمل ذلك و دفعه إلى ولده و قال: استظهروا به على العرب فإنهم يكفون عنكم انتهى كلامه.
و قد روي أن أول من دعاه ابن أبيه عائشة حين سئلت لمن يدعى و سيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام في ذلك في شرح المختار 44 من باب الكتب المعنون بقول الرضي و من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه و قد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه. ثم إن ما جعلناه بين الهلالين في عنوان الكتاب ليس بمذكور في نسخة الرضي و كانه هامشة الحقت بالمتن.
و قال أبو جعفر الطبري في التاريخ: أمر علي عليه السلام ابن عباس على البصرة و ولى زيادا الخراج و بيت المال، و أمر ابن عباس أن يسمع منه- إلى آخر ما تقدم في شرح المختار الثاني من باب الكتب و الرسائل (ص 96 ج 17).
و قال ابن قتيبة في الإمامة و السياسة (ص 85 ج 1): ذكروا أن عليا لما صار من البصرة بعد فراغه من أصحاب الجمل استعمل عليها عبد الله بن عباس- و قال له: اوصيك بتقوى الله- إلى أن قال: فلم يلبث علي عليه السلام حين فدم الكوفة و أراد المسير إلى الشام أن أنضم إليه ابن عباس، و استعمل على البصرة زياد بن أبي سفيان.
و حاصل الفصل أن الامير عليه السلام لما اطلع على أن زيادا خان بيت المال و فيىء المسلمين كما في تاريخ اليعقوبي هدده و رعبه بأنه إن لم يبعث إليه ما خان ليحملن عليه حملة صادقة تدعه قليل المال بطرده عن المناصب، أو بأخذه ماله من يده تقاصا، و تدعه ثقيل الظهر بأعمال شاقة و امور مزمنة مفضحة لا يقدر بها على القيام و الارتقاء إلى معالي الامور و كأن من هذا القبيل قول سعد بن أبي وقاص في جواب معاوية:
فان الشر أصغره كثير | و إن الظهر تثقله الدماء | |
أو يفقره على حد يصعب عليه مؤنة عياله فإن كون ثقل الظهر كناية عن نحو هذا المعنى غير عزيز في محاوراتهم، و منه حديث أمير المؤمنين عليه السلام: من أراد البقاء و لا بقاء فليباكر بالغداء، و ليجود الحذاء، و ليخفف الرداء، و ليقل من مجامعة النساء؛ قيل: و ما خفة الرداء؟ قال: قلة الدين، و لكن إرادة هذا الوجه من كلامه هذا لا يخلو من بعد فتأمل.
أو تدعه ثقيل الظهر بأوزاره و آثامه أي على أنه لا مال له ينتفع به، كانت عليه تبعاته و ذنوبه فهو في الدنيا و الاخرة من الخاسرين.
و تدعه ضئيل الأمر أي حقيرا خامل الذكر، دني المرتبة، لا منزلة و لا قدر له عند الناس؛ لأنه إنما كان له شأن و نباهة بتوليه معالي الامور من قبل الأمير عليه السلام فإذا عزله عن منصبه مع كونه قليل المال و معروفا بالخيانة فلا قدر له عندهم، بل لا يساوى فردا خامل الذكر لاشتهاره بالخيانة و عزله عن منصبه بخيانته.
الترجمة
اين نامه ايست كه أمير المؤمنين علي عليه السلام به زياد بن أبيه نوشت در حالى كه از طرف عبد الله بن عباس عامل أمير المؤمنين عليه السلام بر بصره حكومت داشت:
و من سوگند راست بخدا ياد مي كنم كه اگر بمن خبر رسد تو از غنيمت مسلمانان چيزى خرد يا بزرگ خيانت كرده اى چنان بر تو سخت بگيرم كه كم مال و گران پشت و ناچيز بماني، و السلام.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی
__________________________________________________________
[1] ( 1) قال الطريحى في المجمع: فى حديث جبرائيل- إلخ، منه.
[2] ( 1) في خطبة العيدين لامير المؤمنين على عليه السلام كما رواه الصدوق في الفقيه و أتى به الفيض في الوافى( ص 196 ج 5): و هو اله لها و قاهر يذل له المتعززون و يتضاءل له المتكبرون- إلخ، منه.