خطبه 151 صبحی صالح
151- و من خطبة له ( عليه السلام ) يحذر من الفتن
اللّه و رسوله
وَ أَحْمَدُ اللَّهَ وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى مَدَاحِرِ الشَّيْطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ
وَ الِاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ وَ مَخَاتِلِهِ
وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً
عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ
وَ نَجِيبُهُ وَ صَفْوَتُهُ
لَا يُؤَازَى فَضْلُهُ وَ لَا يُجْبَرُ فَقْدُهُ
أَضَاءَتْ بِهِ الْبِلَادُ بَعْدَ الضَّلَالَةِ الْمُظْلِمَةِ
وَ الْجَهَالَةِ الْغَالِبَةِ وَ الْجَفْوَةِ الْجَافِيَةِ
وَ النَّاسُ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيمَ
وَ يَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيمَ
يَحْيَوْنَ عَلَى فَتْرَةٍ وَ يَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَةٍ
التحذير من الفتن
ثُمَّ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَغْرَاضُ بَلَايَا قَدِ اقْتَرَبَتْ
فَاتَّقُوا سَكَرَاتِ النِّعْمَةِ
وَ احْذَرُوا بَوَائِقَ النِّقْمَةِ
وَ تَثَبَّتُوا فِي قَتَامِ الْعِشْوَةِ
وَ اعْوِجَاجِ الْفِتْنَةِ عِنْدَ طُلُوعِ جَنِينِهَا
وَ ظُهُورِ كَمِينِهَا وَ انْتِصَابِ قُطْبِهَا وَ مَدَارِ رَحَاهَا
تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ
وَ تَئُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ
شِبَابُهَا كَشِبَابِ الْغُلَامِ
وَ آثَارُهَا كَآثَارِ السِّلَامِ
يَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ
أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ لِآخِرِهِمْ وَ آخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ
يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا دَنِيَّةٍ وَ يَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ
وَ عَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ وَ الْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ
فَيَتَزَايَلُونَ بِالْبَغْضَاءِ وَ يَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ
ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ وَ الْقَاصِمَةِ الزَّحُوفِ
فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ
وَ تَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ
وَ تَخْتَلِفُ الْأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا
وَ تَلْتَبِسُ الْآرَاءُ عِنْدَ نُجُومِهَا
مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ
وَ مَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْهُ
يَتَكَادَمُونَ فِيهَا تَكَادُمَ الْحُمُرِ فِي الْعَانَةِ
قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ الْحَبْلِ
وَ عَمِيَ وَجْهُ الْأَمْرِ
تَغِيضُ فِيهَا الْحِكْمَةُ وَ تَنْطِقُ فِيهَا الظَّلَمَةُ
وَ تَدُقُّ أَهْلَ الْبَدْوِ بِمِسْحَلِهَا
وَ تَرُضُّهُمْ بِكَلْكَلِهَا
يَضِيعُ فِي غُبَارِهَا الْوُحْدَانُ
وَ يَهْلِكُ فِي طَرِيقِهَا الرُّكْبَانُ
تَرِدُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ
وَ تَحْلُبُ عَبِيطَ الدِّمَاءِ
وَ تَثْلِمُ مَنَارَ الدِّينِ
وَ تَنْقُضُ عَقْدَ الْيَقِينِ
يَهْرُبُ مِنْهَا الْأَكْيَاسُ وَ يُدَبِّرُهَا الْأَرْجَاسُ
مِرْعَادٌ مِبْرَاقٌ
كَاشِفَةٌ عَنْ سَاقٍ
تُقْطَعُ فِيهَا الْأَرْحَامُ
وَ يُفَارَقُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ
بَرِيئُهَا سَقِيمٌ وَ ظَاعِنُهَا مُقِيمٌ
منهابَيْنَ قَتِيلٍ مَطْلُولٍ وَ خَائِفٍ مُسْتَجِيرٍ
يَخْتِلُونَ بِعَقْدِ الْأَيْمَانِ وَ بِغُرُورِ الْإِيمَانِ
فَلَا تَكُونُوا أَنْصَابَ الْفِتَنِ وَ أَعْلَامَ الْبِدَعِ
وَ الْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ
وَ بُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ
وَ اقْدَمُوا عَلَى اللَّهِ مَظْلُومِينَ وَ لَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ
وَ اتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ وَ مَهَابِطَ الْعُدْوَانِ
وَ لَا تُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ الْحَرَامِ
فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ مَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَعْصِيَةَ
وَ سَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَةِ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج9
و من خطبة له عليه السّلام
و هى المأة و الواحد و الخمسون من المختار في باب الخطب
و أستعينه على مداحر الشّيطان و مزاجره، و الاعتصام من حبائله و مخاتله، و أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، و نجيبه و صفوته، لا يوازى فضله، و لا يجبر فقده، أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة، و الجهالة الغالبة، و الجفوة الجافية، و النّاس يستحلوّن الحريم، و يستذلّون الحكيم، يحيون على فترة، و يموتون على كفرة، ثمّ إنّكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت، فاتّقوا سكرات النّعمة، و احذروا بوائق النّقمة، و تثبّتوا في قتام العشوة، و اعوجاج الفتنة، عند طلوع جنينها،و ظهور كمينها، و انتصاب قطبها، و مدار رحاها، تبدو في مدارج خفيّة، و تئول إلى فظاعة جليّة، شبابها كشباب الغلام، و آثارها كآثار السّلام، تتوارثها الظّلمة بالعهود، أوّلهم قائد لآخرهم، و آخرهم مقتد بأوّلهم، يتنافسون في دنيا دنيّة، و يتكالبون على جيفة مريحة، و عن قليل يتبرّء التّابع من المتبوع، و القائد من المقود، فيتزايلون بالبغضاء، و يتلاعنون عند الّلقآء، ثمّ يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف، و القاصمة الزّحوف، فتزيغ قلوب بعد استقامة، و تضلّ رجال بعد سلامة، و تختلف الأهواء عند هجومها، و تلتبس الآراء عند نجومها، من أشرف لها قصمته، و من سعى فيها حطمته، يتكادمون فيها تكادم الحمر في العانة، قد اضطرب معقود الحبل، و عمى وجه الأمر، تغيض فيها الحكمة، و تنطق فيها الظّلمة، و تدقّ أهل البدو بمسحلها، و ترضّهم بكلكلها، يضيع في غبارها الوحدان، و يهلك في طريقها الرّكبان، ترد بمرّ القضاء، و تحلب عبيط الدّمآء، و تثلم منار الدّين، و تنقض عقد اليقين، تهرب منها الأكياس، و تدبّرها الأرجاس، مرعاد مبراق، كاشفة عن ساق، تقطّع فيها الأرحام، و يفارق عليها الإسلام، بريّها سقيم، و ظاعنها مقيم.
منها بين قتيل مطلول، و خائف مستجير، يختلون بعقد الأيمان، و بغرور الإيمان، فلا تكونوا أنصاب الفتن، و أعلام البدع، و الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة، و بنيت عليه أركان الطّاعة، و اقدموا على اللَّه مظلومين، و لا تقدموا على اللَّه ظالمين، و اتّقوا مدارج الشّيطان، و مهابط العدوان، و لا تدخلوا بطونكم لعق الحرام، فإنّكم بعين من حرّم عليكم المعصية، و سهّل لكم سبيل الطّاعة.
اللغة
(الدّحر) الطّرد و الابعاد و الدّفع بعنف على الاهانة كالدّحور و قال سبحانه «وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً» و قال أيضا «قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً».
و مداحر الشّيطان جمع مدحر و هى الأمور الّتى محلّ طرده و إبعاده.
و قال الشّارح البحراني و المعتزلي: هى الامور الّتي بها يطرد و يبعد، و على قولهما فهى للآلة، و على ذلك فلا يجوز جعلها جمعا لمدحر كما توهّمه البحراني لأنّ مفعل بفتح الميم للمكان و بالكسر للآلة كما صرّح به جميع علماء الأدبيّة، فلا بدّ من جعلها جمعا حينئذ لمدحرة بكسر الأوّل و الهاء أخيرا و زان مكسحة و مروحة، اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ مدحر بالكسر للآلة أيضا و جمع مفعل على مفاعل قد ورد في كلامهم مثل ملحف و ملاحف و مقود و مقاود.
فقد تلخص ممّا ذكرنا أنّ مداحر يصحّ جعلها جمع مدحر بالفتح للمكان و مدحر و مدحرة بالكسر فيهما للآلة و نحوه (المزاجر) للامور الّتي يزجر بها أو هى محلّ الزّجر من زجر الكلب نهنهه جمع مزجر و مزجر و (ختله) يختله بالكسر خدعه، و المخاتل الأمور الّتي بها يختل و يخدع و (يوازي) مضارع آزى بالهمز و لا يقال وازى و (الجهالة الغالبة) في بعض النّسخ بالموحّدة من الغلبة و في بعضها بالمثنّاة من الغلاء و هو الارتفاع أو من الغلوّ و هو مجاوزة الحدّ و (يستذلّون الحكيم) في بعض النّسخ باللّام من الحلم و (الفترة) انقطاع ما بين النبييّن و (كفرة) بالفتح واحدة الكفرات كضربة و ضربات.
(ثمّ انّكم معشر العرب) في بعض النّسخ معشر النّاس و (تثبّتوا) من التثبّت و هو التوقّف، و في بعض النسخ تبيّنوا من التبيّن و بهما أيضا قرء قوله سبحانه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ» يقال تبيّنه أى أوضحه، و تبيّن الأمر أى وضح يستعمل متعدّيا و لازما كاستبان قال تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ».
أى اطلبوا بيان الأمر و ثباته و لا تعجلوا فيه و (القتام) الغبار و (العشوة) بتثليث الأوّل ركوب الأمر على غير بيان و وضوح، و بالفتح فقط الظلمة و (الجنين) الولد ما دام في البطن و (الكمين) الجماعة المختفية في الحرب.
و (مدار رحاها) مصدر و المكان بعيد و (تبدو في مدارج) في بعض النسخ بالواو من البدو و هو الظهور و في أكثرها تبدء بالهمز مضارع بدء و (شبّ) الفرس يشبّ شبابا بالكسر و شبيبا نشط و رفع يديه جميعا، و في بعض النسخ، شبابها كشباب الغلام بالفتح و (السّلام) بالكسر الحجارة و (مريحة) من أراح اللّحم و الماء أى أنتن أو من أراح الرّجل إذا مات و (رجف) الشيء رجفا تحرّك و اضطرب شديدا و رجف القوم تهيّا و الحرب.
و (زحف) اليه مشي و في شرح المعتزلي الزّحف السير على تؤدة كسير الجيوش بعضها إلى بعض و (نجم) الشيء ينجم نجوما من باب قعد ظهر و طلع و (قصمت)العود كسرته و قصمه اللَّه أى أذلّه و أهانه و قيل قرب موته و (التّكادم) التّعاض بأدنى الفم و (العانة) القطيع من حمر الوحش و (المسخل) و زان منبر المبرد أى السّوهان و يقال أيضا للمنحت و (الوحدان) جمع واحد كركبان و راكب قال الشّارح المعتزلي: و يجوز أن يكون جمع أوحد مثل سودان و أسود يقال فلان أوحد الدّهر.
و (ثلمت) الاناء أى كسرت حرفه فانثلم و (الطلّ) بالمهملة هدر الدّم و هو مطلول اى مهدر لا يطلب بدمه و (يختلون) في بعض النّسخ بالبناء على المفعول و في بعضها بالبناء على الفاعل من ختله خدعه و (عقد) الايمان بصيغة المصدر أو وزان صرد جمع عقدة و (الأنصاب) جمع نصب كأسباب و سبب و هو العلم المنصوب في الطريق يهدى به، و في بعض النّسخ بالرّاء و (مدارج الشّيطان) جمع مدرجة و هى السّبل التّي يدرج فيها و (لعق الحرام) جمع لعقة اسم لما يلعق بالاصبع أو بالملعقة و هى بكسر الميم آلة معروفة، و اللعقة بالفتح المرّة منه من لعقه العقه من باب تعب لحسه باصبع و مصدره لعق و زان فلس.
الاعراب
جملة لا يوازى فضله الظّاهر أنّها استيناف بيانيّ، و جملة أضاءت حال من فاعل المصدر أعني فقده، و يحتمل الاستيناف البياني أيضا، و النّاس حال من مفعول أضاءت، و قوله: تتوارثها الظلمة بالعهود، الظّرف متعلّق بالفعل أو بالظلّمة، و قوله و عن قليل إلى قوله: عند اللّقاء، جملة معترضة، و عن، بمعنى بعد.
المعنى
اعلم أنّ هذه الخطبة مسوقة في معرض الاخبار عن الملاحم و الوقايع الحادثة في غابر الزّمان، و صدّرها بالاستعانة على ما يجب الاستعانة من اللَّه سبحانه عليه، و عقّب ذلك بالشّهادة بالتّوحيد و الرّسالة و ذكر ممادح الرّسول صلّى اللَّه عليه و آله فقال:
(و أستعينه على مداحر الشّيطان و مزاجره) أى العبادات و الحسنات الّتي هى محلّ طرده و زجره أو بها يطرد و يزجر (و الاعتصام من حبائله و مخاتله) أى المعاصي و السّيئآت الّتي لها يصيد الانسان و يخدع البشر: قال الشّارح البحراني: و استعار لها لفظ الحبائل و هى أشراك الصّائد لمشابهتها في استلزام الحصول فيها للبعد عن السّلامة و الحصول في العذاب (و أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له) قد تقدّم في شرح الفصل الثّاني من الخطبة الثّانية شرح هذه الكلمة الطيّبة بما لا مزيد عليه فليراجع ثمّة (و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله) صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم (و نجيبه) أى الكريم الحسيب الّذي انتجبه من خلقه، و يروى و نجيّه أى المناجي له و المشرف بمناجاته و مخاطبته و أصله من النّجوى و هي التّخاطب سرّا (و صفوته) أى مختاره و مصطفاه من النّاس، و قد مضى تحقيق ذلك في شرح الخطبة الثّالثة و التّسعين.
و لمّا كان ههنا مظنّة أن يسأل و يقال: هل يدانيه أحد في فضله أو يوازيه في كماله فيقوم مقامه عند افتقاره أجاب بقوله: (لا يوازى فضله) أى لا يحاذى و لا يساوى (و لا يجبر فقده) قال الشارح البحراني: إذ كان كماله في قوّتيه النّظرية و العمليّة غير مدرك لأحد من الخلق، و من كان كذلك لم يجبر فقده إلّا بقيام مثله من النّاس، و إذ لا مثل له فيهم فلا جبران لفقده.
(أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة) نسبة أضاءت إلى البلاد من باب التّوسع، و المراد اهتداء أهل البلاد بنور وجوده الشّريف إلى ما فيه صلاح المعاش و المعاد بعد تيههم في ظلمة الكفر و الضلال كما تقدّم في شرح الفصل السّادس عشر من الخطبة الأولى، و عرفت هناك أنّه صلّى اللَّه عليه و آله قد بعث و أهل الأرض يومئذ ملل متفرّقة، و أهواء منتشرة، و طرايق متشتّتة، بين مشبّهة و مجسّمة و زنادقة و غيرها (و) كانوا متّصفين ب (الجهالة الغالبة) عليهم (و) موصوفين ب (الجفوة الجافية) يريد بها غلظ الطّبيعة و قساوة القلوب و سفك الدّماء و وصفه بالجافية للمبالغة من قبيل شعر الشّاعر و داهية دهياء، و قد تقدّم توضيح جفوة العرب و غلظهم في شرح
الفصل الأوّل من الخطبة السّابعة و العشرين.
(و النّاس يستحلّون الحريم) أى حرمات اللَّه الّتي يجب احترامها و محرّماته (و يستذلّون الحكيم) أو الحليم كما في بعض الرّوايات، و الحكمة هو العلم الّذي يرفع الانسان عن فعل القبيح، و الحلم هو العقل و التّؤادة و ضبط النّفس عن هيجان الغضب، و المعلوم من حال العرب استذلال من له عقل و معرفة و تجنّب عن سفك الدّماء و عن النهب و الغارة و إثارة الفتن لزعمهم أنّ ذلك من الجبن و الضّعف (يحيون على فترة) من الرّسل و انقطاع من الوحى الموجب لانقطاع الخير و تقليل العبادات و المجاهدات و موت النفوس بداء الجهل و الضّلالات (و يموتون على كفرة) لعدم هاد يهديهم إلى النّهج القويم و الشّرع المستقيم.
ثمّ شرع عليه السّلام في إنذار النّاس بالبلايا النّازلة و اقتراب الحوادث المستقبلة فقال (ثمّ إنّكم معشر العرب أغراض بلايا) و أهدافها (قد اقتربت) أوقاتها (فاتّقوا سكرات النعمة) لفظة السّكرات استعارة لما يحدثه النّعم عند أربابها من الغفلة و الخمرة المشابهة للسّكرة (و احذروا بوائق النّقمة) أى دواهي المؤاخذات و العقوبات (و تثبّتوا في قتام العشوة) و هو أمر لهم بالتّثبت و التّوقّف عند اشتباه الأمور و ترك الاقتحام فيها من غير بصيرة و رويّة.
قال الشّارح البحراني: استعار لفظ القتام للشّبهة المثيرة للفتن كشبهة قتل عثمان التي نشأت منها وقايع الجمل و صفين و الخوارج، و وجه المشابهة كون ذلك الأمر المشتبه ممّا لا يهتدى فيه خائضوه، كما لا يهتدى القائم في القتام عند ظهوره و خوضه.
(و اعوجاج الفتنة) أى إتيانها على غير وجهها و انحرافها عن النّهج (عند طلوع جنينها و ظهور كمينها) كنى بالجنين و الكمين عن المستور المختفي من تلك الفتنة و يحتمل إرادة الحقيقة بأن يكون المقصود بروز ما اجتن منها و استتر و ظهور ما كمن منها و بطن (و انتصاب قطبها و مدار رحاها) كنايتان عن استحكام أمرها و انتظامها (تبدو في مدارج خفيّة و تؤل إلى فظاعة جليّة) يعني أنّها تكون ابتداء يسيرة ثمّ تصير كثيرة.
فانّ النّار بالعودين تذكي و إنّ الحرب أوّلها كلام
أو أنّ ظهورها في مسالك خفيّة حتّى تنتهى إلى شناعة عظيمة (و شبابها كشباب الغلام و آثارها كآثار السّلام) أى إنّ أربابها يمرحون في أوّل الأمر كما يمرح الغلام ثمّ تؤل إلى أن تعقب فيهم أو في الاسلام آثارا كآثار الحجارة في الأبدان، أو أنّ المراد أنّها في الدّنيا كنشاط الغلام و ما أعقبتها من الآثار في الآخرة كآثار السّلام.
(يتوارثها الظّلمة بالعهود) أى يتوارثها الظّلام بعهد الأوّل منهم للثّاني و عقد الأمر منه له كما هو دأب أمراء الجور يجعلون لهم وليّ العهد، أو أنّ توارثهم بما عهدوا بينهم من ظلم أهل البيت و غصب حقّهم، و على تعلّق الظّرف بالظلمة فالمراد أنّه يتوارثها الظالمين بعهد اللَّه و النّاقضين لميثاقه و التّاركين لتكاليفه.
(أوّلهم قائد لآخرهم) يقوده إلى الظّلم و الضّلال و النّار (و آخرهم مقتد بأوّلهم) في الجور و إثارة الفتن و تشييد تلك الآثار (يتنافسون في دنيا دنيّة) أي يتعارضون و يتبارون في دنيا لا مقدار لها عند العقلاء (و يتكالبون على جيفة مريحة) أي يتواثبون على جيفة منتنة عند ذوى العقول و الأولياء، و استعار لها لفظ الجيفة باعتبار النّفرة عنها، و لفظ المريحة ترشيح قال الشّاعر:
و ما هي إلّا جيفة مستحيلة
عليها كلاب همّهنّ اجتذابها
ثمّ قال عليه السّلام (و عن قليل) أى بعد حين قليل) يتبرّء التّابع عن المتبوع و القائد من المقود) أى الأتباع من الرّؤساء و الرّؤساء من الأتباع و ذلك التبرّء يوم القيامة كما قاله الشّارح المعتزلي، و قد أخبر اللَّه سبحانه عن تبرّء الأتباع بقوله: «ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ.
فقولهم لم نكن ندعو هو التبرّء، و أخبر عن تبرّء الرّؤساء بقوله: «إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ وَ قالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا» (فيتزايلون) و يفرقون (بالبغضاء و يتلاعنون عند اللّقاء) كما قال تعالى: «ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً».
قال الشّارح المعتزلي: فان قلت: ألم يكن قلت إنّ قوله عن قليل يتبرّء التابع من المتبوع يعني يوم القيامة فكيف يقول (ثمّ يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف) و هذا إنّما يكون قبل القيامة قلت: لمّا ذكر تنافس النّاس على الجيفة المنتنة و هي الدّنيا أراد أن يقول بعده بلا فصل: ثمّ يأتي بعد ذلك اه لكنّه لمّا تعجّب من تزاحم النّاس و تكالبهم على تلك الجيفة أراد أن يؤكّد ذلك التّعجب فأتى بجملة معترضة بين الكلامين فقال: إنّهم على ما قد ذكرنا من تكالبهم عليها عن قليل يتبرّء بعضهم من بعض و يلعن بعضهم بعضا، و ذلك أدعى لهم لو كانوا يعقلون إلى أن يتركوا التّكالب و التّهارش على هذه الجيفة الخسيسة، ثمّ عاد إلى نظام الكلام فقال: ثمّ يأتي بعد ذلك آه.
و قال الشّارح البحراني حكاية عن بعضهم: إنّ ذلك التّبرء عند ظهور الدّولة العبّاسية، فانّ العادة جارية بتبرّء النّاس عن الولاة المعزولين خصوصا عند الخوف ممّن تولّى عزل ذلك أو قتلهم، فيتباينون بالبغضاء إذ لم تكن الفتهم و محبّتهم إلّا لغرض دنياوىّ زال، و يتلاعنون عند اللّقاء، ثمّ قال الشّارح: و قوله: ثم يأتي طالع الفتنة، هي فتنة التتار، إذ الدائرة فيها على العرب.
و قال بعض الشارحين: بل ذلك إشارة إلى الملحمة الكائنة في آخر الزّمان كفتنة الدّجال.
و كيف كان فوصف الفتنة بالرّجوف لكثرة اضطراب النّاس أو أمر الاسلام فيها و أراد بطالعها مقدّماتها و أوايلها و وصفها ثانيا بقوله (و القاصمة الزّحوف) أى الكاسرة الكثيرة الزّحف و كنّى بقصمها عن هلاك الخلق فيها و شبّهها بالرّجل الشّجاع كثير الزّحف إلى أقرانه أى يمشى إليهم قدما.
ثمّ أشار إلى ما يترتّب على تلك الفتنة من المفاسد العظام و قال (فتزيغ) أى تميل (قلوب بعد استقامة) على سبيل اللَّه (و تضلّ رجال بعد سلامة) في دين اللَّه (و تختلف الأهواء عند هجومها و تلتبس الآراء) الصّحيحة بالفاسدة (عند نجومها) و ظهورها، فيشتبه الحقّ بالباطل و يتيه فيها الجاهل و الغافل (من أشرف لها) أى قابلها و صادمها (قصمته) و هلكته (و من سعى فيها) أى أسرع في إطفائها و اسكاتها (حطمته) و كسرته (يتكادمون فيها تكادم الحمر) الوحش (في العانة) أى في قطيعها.
قال العلامة المجلسي (ره): و لعلّ المراد بتكادمهم مغالبة مثيرى تلك الفتنة بعضهم لبعض، أو مغالبتهم لغيرهم.
و قال الشّارح البحراني: و شبّه ذلك بتكادم الحمر في العانة، و وجه التّشبيه المغالبة مع الايماء أى خلعهم ربق التّكليف من أعناقهم و كثرة غفلتهم عمّا يراد بهم في الآخرة.
(قد اضطرب معقود الحبل) أى قواعد الدّين و الأحكام الشّرعيّة الّتي كلّفوا بها (و عمى وجه الأمر) في اسناد العمى الى الوجه تجوّز، و المراد عدم اهتدائهم الى وجوه الصلاح و طرق الفلاح (تغيض) و تنقص (فيها الحكمة) لسكوت الحكماء عنها و عدم تمكّنهم عن التكلّم بها (و تنطق فيها الظلمة) بما يقتضيه أهواؤهم عن الظّلم و الفساد لمساعدة الزّمان عليهم (و تدقّ) تلك الفتنة (أهل البدو) أى البادية (بمسحلها) أى يفعل بهم ما يفعل المسحل بالحديد«» أو الخشب (و ترضّهم) أى تدقّهم دقّا جريشا (بكلكلها) أى صدرها شبّه هذه الفتنة بالنّاقة الّتي تبرك على الشيء فتسحقه بصدرها على سبيل الاستعارة بالكناية و إثبات الكلكل تخييل و الرّضّ ترشيح (يضيع في غبارها الوحدان و يهلك في طريقها الرّكبان) أى لا يخلص منها أحد و لا ينجو منها لشدّتها و قوّتها، فمن كان يسير وحده فانّه يهلك فيها بالكلّيّة و إذا كانوا جماعة فهم يضلّون في طريقها فيهلكون، و لفظ الغبار مستعار للقليل اليسير من حركة أهلها أى إذا أراد القليل من النّاس دفعها هلكوا في غبارها من دون أن يدخلوا في غمارها، و أمّا الرّكبان و هم الكثير من النّاس فانّهم يهلكون في طريقها و عند الخوض فيها.
و على كون الوحدان جمع أوحد فالمراد أنّه يضلّ في غبار هذه الفتنة و شبهها فضلاء عصرها، لغموض الشبّهة و استيلاء الباطل، و يكون الركبان حينئذ كناية عن الجماعة أهل القوّة، فهلاك أهل العلم بالضّلال و هلاك أهل القوّة بالقتل و الاستيصال.
(ترد بمرّ القضاء) أى بالهلاك و البوار و البلايا الصّعبة و ظاهر أنّها واردة عن القضاء الالهي متّصفة بالمرارة (و تحلب عبيط الدّماء) أى الطرىّ الخالص منها و هو كناية عن سفك الدّماء فيها (و تثلم منار الدّين) استعارة للعلماء أو القوانين الشّرع المبين و ثلمها عبارة عن هدمها و عدم العمل بها (و تنقض عقد اليقين) أى العقائد الحقّة الموصلة إلى جوار اللَّه تعالى، و نقضها كناية عن تغيّرها و تبدّلها و ترك العمل على وفقها (تهرب منها الأكياس) أى ذوو العقول السّليمة (و تدبّرها الأرجاس) الأنجاس أى ذوو النفوس الخبيثة (مرعاد مبراق) كثيرة الرّعد و البرق أى ذات تهدّد و وعيد و يجوز أن يراد بالرّعد قعقعة السّلاح و صوته و بالبرق لمعانه و ضوئه.
(كاشفة عن ساق) قال ابن الأثير: السّاق في اللّغة الأمر الشّديد، و كشف السّاق مثل في شدّة الأمر و أصله من كشف الانسان عن ساقه و تشميره إذا وقع في أمر شديد، و في القاموس يذكرون السّاق إذا أرادوا شدّة الأمر و الاخبار عن هو له قال تعالى: «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ».
أى عن شدّة (تقطع فيها الأرحام و يفارق عليها الاسلام) بجريانها على خلاف قواعد الدّين و قواعد الشّرع المبين.
(بريئها سقيم) قال العلّامة المجلسيّ (ره): أى من يعد نفسه بريئا سالما من المعاصي أو الآفات أو من كان سالما بالنسبة إلى ساير النّاس فهو أيضا مبتلى بها، أو أنّ من لم يكن مائلا إلى المعاصي و أحبّ الخلاص من شرورها لا يمكنه ذلك (و ظاعنها مقيم) اى المرتحل عنها خوفا لا يمكنه الخروج منها أو من اعتقد أنّه متخلّف عنها فهو أيضا داخل فيها لكثرة الشّبه و عموم الضّلالة.
(منها) ما يشبه أن يكون وصفا لحال المتمسّكين بالدّين في زمان الفتنة السّابقة و هو قوله: (بين قتيل مطلول) أى مهدر الدّم لا يطلب به (و خائف مستجير) أى مستامن يطلب الأمان (يختلون بعقد الأيمان) إن كان يختلون بصيغة المجهول فهو إخبار عن حال المخدوعين الّذين يخدعهم غيرهم بعقد العهود و شدّها بمسح ايمانهم أو بالايمان المعقودة فيما بينهم، و على كونه بصيغة المعلوم فهو بيان لحال الخادعين (و بغرور الايمان) أى بالايمان الّذي يظهره الخادعون فيغرّونهم بالمواعيد الكاذبة أو الذي يظهره هؤلاء الموصوفون فيغرّون النّاس به على اختلاف النّسختين (فلا تكونوا أنصاب الفتن) أى رؤسائها يشار إليهم فيها (و أعلام البدع) الّتي يقتدى بها و هو نظير قوله عليه السّلام في كلماته القصار: كن في الفتنة كابن اللّبون لا ظهر فيركب و لا ضرع فيحلب.
(و الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة) و هى القوانين الّتي ينتظم بها اجتماع الناس على الحقّ (و بنيت عليه أركان الطاعة) استعارة بالكناية و ذكر الأركان تخييل و البناء ترشيح (و اقدموا على اللَّه مظلومين و لا تقدموا على اللَّه ظالمين) يعني أنّه إذا دار الأمر بين الظالمية و المظلومية فكونوا راضين بالمظلوميّة، لأنّ الظلم قبيح عقلا و شرعا و الظالم مؤاخذ ملعون كتابا و سنة، أو لا تظلموا الناس و إن استلزم ترك الظلم مظلوميّتكم فانّ يوم المظلوم من الظالم أشدّ من يوم الظالم من المظلوم، و المظلوم منصور من اللَّه سبحانه قال تعالى: «وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا».
و قال أبو جعفر عليه السّلام في رواية أبي بصير عنه عليه السّلام: ما انتصر اللَّه من ظالم إلّا بظالم، و ذلك قول اللَّه عزّ و جلّ: «وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً».
(و اتّقوا مدارج الشيطان) و مسالكه (و مهابط العدوان) و محاله أو المواضع الّتي يهبط صاحبه فيها (و لا تدخلوا بطونكم لعق الحرام) أى لا تدخلوا بطونكم القليل منه فكيف بالكثير أو الاتيان باللّعق للتّنبيه على قلّة ما يكتسب من متاع الدّنيا المحرّم بالنّسبة الى متاع الآخرة و حقارته عنده (فانّكم بعين من حرّم عليكم المعصية و سهّل لكم سبيل الطّاعة) أى بعلمه كقوله تعالى: «تَجْرِي بِأَعْيُنِنا».
و لا يخفى ما في هذا التّعليل من الحسن و اللّطف في الرّدع عن المعاصي و الحثّ على الطاعات، فانّ العبد العالم بأنّه من مرئى من مولاه و مسمع منه يكون أكثر طاعة و أقلّ مخالفة من عبد مولاه غافل عنه و جاهل بأعماله و أفعاله و لتأكيد هذا المعنى عبّر بالموصول و قال: بعين من حرّم آه و لم يقل بعين اللَّه هذا و تسهيل سبيل الطاعة باعتبار أنّ اللَّه سبحانه ما جعل على المكلّفين في الدّين من حرج.
الترجمة
از جمله خطب شريفه آن امام مبين و سيّد وصيّين است در ذكر ملاحم مى فرمايد و طلب يارى ميكنم از حضرت ربّ العالمين بر عبادات و طاعات كه محلّ طرد و زجر شيطان لعين است، و بر محفوظ شدن از معاصى و سيئات كه ريسمانهاى صيد آن ملعون و اسباب مكر و خدعه آن نابكار است، و شهادت مى دهم باين كه نيست خدائى جز خداى متعال در حالتى كه تنها است شريك نيست مر او را، و شهادت مىدهم باين كه محمّد بن عبد اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بنده پسنديده و پيغمبر اوست و برگزيده و مختار اوست برابر كرده نمىشود فضل او، و جبران نمىشود فقدان او، روشن شد بوجود شريف آن بزرگوار شهرها بعد از گمراهى ظلمانى و نادانى غالب و غلظت غليظه طبايع در حالتى كه مردمان حلال مى شمردند محرمات را، و خوار مىشمردند صاحب حكمت و معرفت را زندگانى مىكردند در زمان انقطاع پيغمبران، و مىمردند بر كفر و طغيان.
پس از آن بدرستى كه شما أى جماعت عرب نشانهاى بلا هستيد كه نزديك شده ظهور آن، پس پرهيز كنيد از مستيهاى نعمتها، و حذر نمائيد از دواهى عذاب، و توقّف كنيد در غبار ظلمة شبهه و در كجى فتنه در وقت ظهور و بروز باطن و كمون آن فتنه، و هنگام استقامت قطب و دوران آسياى آن در حالتى كه ظاهر مىشود آن فتنه در جهاى پنهان، و باز گردد بشناعت آشكار، نشو و نماى آن مثل نشو و نماى جوانست، و أثرهاى آن مثل اثرهاى سنگها است، ارث مى برند از يكديگر آن فتنه را ظالمان با عهود و پيمان، يعنى هر يكى ديگرى را وليّ عهد خود مى سازد.
اوّل ايشان پيشواى آخر ايشانست، و آخر ايشان اقتدا كننده است بأوّل ايشان، تعارض مىكنند در دنياى پست و بىمقدار، و خصومت مىكنند بر جيفه گنديده مردار، و بعد از زمان قليل تبرّى مىكند تابع از متبوع، و مقتدا از پيشوا پس پراكنده شوند از يكديگر بعداوت و دشمنى، و لعنت كنند بيكديگر هنگام ملاقات.
پس از آن مى آيد طلوع كننده فتنه كثير الاضطراب، و شكننده تند رونده، پس ميل بباطل مىكند قلبها بعد از استقامت آنها، و گمراه مىشوند مردمان بعد از سلامت ايشان، و مختلف مىشود خواهشات وقت هجوم آن فتنه، و ملتبس مىشود رأيها نزد ظهور آن فتنه، هر كس مقابله گرى نمايد آن را مىشكند و هلاك مىسازد او را، و هر كس سعى كند در اسكات آن بر مىكند و نابود نمايد او را.
بگزند و آزار رسانند مردمان آن زمان يكديگر را در آن فتنه مثل آزار رساندن حمارهاى وحشى يكديگر را در رمه، بتحقيق كه مضطرب شد ريسمان بسته اسلام، و پوشيده شد روى صلاح كار، ناقص مى شود در آن فتنه حكمت و معرفت و ناطق مى شود در آن ستمكاران، و بكوبد آن فتنه أهل باديه را با منحت و تيشه خود و خورد و مرد كند ايشان را با سينه خود، و ضايع مى شود در غبار آن فتنه تنها روندگان، و هلاك گردد در راه آن فتنه سوارگان.
وارد شود به تلخترين قضاى الهى، و بدوشد خونهاى تازه را، و خراب مى كند منارهاى دين را، و درهم شكند كوههاى يقين را، بگريزند از آن فتنه صاحبان عقل و كياست، و تدبير كنند آن را صاحبان پليدى و نجاست، بسيار صاحب رعد و برقست و كشف كننده است از شدّت، قطع مى شود در آن فتنه رحمها، و مفارقت مى شود بر آن از دين اسلام، برائت كننده از آن فتنه ناخوش است، و كوچ كننده آن مقيم است.
از جمله فقرات آن خطبه است در وصف حال مؤمنان آن زمان مى فرمايد: ايشان در ميان كشته شده است كه خونش هدر رفته، و ترسنده كه طلب أمان مى كند، فريب داده مى شوند با سوگندهاى بسته شده دروغى، و با ايمانى كه از روى فريب و غرور است، پس نباشيد علامتهاى فتنها و نشانهاى بدعتها، و لازم شويد به آنچه كه بسته شده بآن ريسمان اجتماع و ايتلاف كه عبارتست از قواعد شريعت و بر آنچه كه بنا شده بر آن ركنهاى طاعت و عبادت، و اقدام كنيد بر خدا در حالتى كه مظلوم هستيد، و اقدام نكنيد بر او در حالتى كه ظالم باشيد، و بپرهيزيد از راههاى شيطان و از محلهاى طغيان و عدوان، و داخل نكنيد در شكمهاى خودتان لقمه هاى حرام را پس بدرستى كه شما در نظر كسى هستيد كه حرام كرده بشما گناه را، و آسان كرده از براى شما راه طاعت را چنانچه فرموده «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»