حکمت 259 صبحی صالح
259-وَ قَالَ ( عليه السلام )الْوَفَاءُ لِأَهْلِ الْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْغَدْرُ بِأَهْلِ الْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ
شرح میر حبیب الله خوئی ج21
التاسعة و الاربعون بعد المائتين من حكمه عليه السّلام
(249) و قال عليه السّلام: الوفاء لأهل الغدر غدر عند اللَّه، و الغدر بأهل الغدر وفاء عند اللَّه.
المعنى
(الغدر) هو نقض العهد و ترك الوفاء بالميثاق المؤكّد، و العهد قد يكون بين المسلم و غيره، و قد يكون بين غير المسلمين بعضهم مع بعض.
أمّا في القسم الأول فيجب الوفاء به، و قد نهي عن الغدر في أخبار كثيرة و كان من وصايا النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله إذا بعث سريّة إلى الغزو مع الأعداء و اهتمّ به المسلمون و تجويز الغدر في كلامه هذا ناظر إلى القسم الثاني، و المقصود أنّ العهود غير مانعة عن قبول الاسلام و قال ابن ميثم: و ذلك أنّ من عهد اللَّه في دينه الغدر و عدم الوفاء لهم إذا غدروا لقوله تعالى: «وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ»- 58- الانفال» قيل: نزلت في يهود بنى قينقاع، و كان بينهم و بين الرّسول صلّى اللَّه عليه و آله عهد فعزموا على نقضه فأخبره اللَّه تعالى بذلك و أمره بحربهم و مجازاتهم بنقض عهدهم، فكان الوفاء لهم غدرا بعهد اللَّه، و الغدر بهم إذا غدروا وفاء بعهد اللَّه انتهى.
أقول: في مثل هذا المورد لا يكون ترك الوفاء غدرا، و إطلاق الغدر عليه بنحو من العناية من باب المشاكلة كقوله تعالى: «وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها» فانّ جزاء السيّئة لا يكون سيّئة حقيقة، فتدبّر.
الترجمة
فرمود: وفاء با پيمان شكنان پيمان شكنى محسوب است نزد خدا، و پيمان شكني با أهل غدر وفاداريست در نزد خدا چه خوش سروده:
با بدان بد باش، با نيكان نكو جاي گل گل باش، جاى خار خار
فصل نذكر فيه شيئا من اختيار غريب كلامه المحتاج الى التفسير
(1) في حديثه عليه السّلام:
فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدّين بذنبه فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف. قال الرّضيّ رحمه اللَّه: اليعسوب: السّيّد العظيم المالك لامور النّاس بئ يومئذ، و القزع: قطع الغيم الّتي لا ماء فيها. قال الشارح المعتزلي: أصاب في اليعسوب، فأمّا القزع فلا يشترط فيها خالية من الماء، بل القزع قطع من السحاب رقيقة سواء كان فيها ماء أ و لم يكن- إلخ.
أقول: يمكن دفع هذا الاعتراض بوجهين:
1- أنّه و إن لم يصرّح اللّغويّون في تفسير القزع بأنه لا ماء فيها، و لكن يستفاد ذلك من تعبيراتهم قال في «المنجد»: «القزع: الواحدة قزعة، كلّ شيء يكون قطعا متفرّقة، قطع من السحاب صغار متفرّقة» و القطع الصغار المتفرّقة من السّحاب لا ماء فيها قطعا و خصوصا إذا كانت رقاقا كما فسّره به المعتزلي، فانّ السحاب الماطر كثيف جدّا.
2- أنّه عليه السّلام أراد من كلامه مالا ماء فيها كما حمل عليه المعتزلي قول الشاعر: «كان رعالة قزع الجهام» لأنّه عليه السّلام يريد الخفّة و السّرعة من هذا التشبيه و هي في السّحاب بلا ماء أوضح.
و قال أيضا: و هذا الخبر من أخبار الملاحم الّتي كان يخبر بها عليه السّلام و هويذكر فيه المهدىّ الّذي يوجد عند أصحابنا في آخر الزّمان، و معنى قوله (ضرب بذنبه) أقام و ثبت بعد اضطرابه، و ذلك لأنّ اليعسوب فحل النحل و سيّدها و هو أكثر زمانه طائر بجناحيه، فاذا ضرب بذنبه الأرض فقد أقام و ترك الطيران.
فان قلت: فهذا يشيّد مذهب الاماميّة في أنّ المهديّ خائف مستتر ينتقل في الأرض و أنه يظهر آخر الزمان و يثبت و يقيم في دار ملكه.
قلت: لا يبعد على مذهبنا أن يكون الامام المهديّ الّذي يظهر في آخر الزمان مضطرب الأمر، منتشر الملك في أوّل أمره لمصلحة يعلمه اللَّه إلخ.
أقول: و يعترض عليه بما يلي:
1- اليعسوب كما في المنجد «أميرة النحل و ملكتها» و هي قليلة الطيران جدا فاذا طارت من محلّها يطير معه كلّ النحل، فاذا استقرّت على شجرة أو عشبة تضرب بذنبها عليها و يستقرّ و تجتمع سائر النحل حولها و تحيط بها و تلازمها، فالجملة كناية عن استقرار الامام و إظهار أمره لأتباعه، فيجتمعون إليه سريعا و يحوطون به طائعين مخلصين لا يفارقونه أبدا، و هذا من محاسن الاستعارة و التشبيه في إفادة المقصود لا مزيد عليها، و يقرب من الكرامة و الاعجاز في البيان، كما أنّه كذلك من جهة الاخبار بما يقع في آخر الزمان.
2- لا اشكال في أنّ ما أجاب به عمّا اعترضه على نفسه تعسّف محض تشبّث في الستر عليه بلفظة لا يبعد، مع أنّه بعيد جدّا، فالاعتراض وارد و الجواب غير طارد.
و قد ذكر ابن ميثم لقوله عليه السّلام: ضرب بذنبه، تأويلات باردة أعرضنا عن ذكرها.
الترجمة
چون آخر الزمان شود پيشواى دين پرچم استوار سازد، و پيروانش بمانند تيكه هاى نازك أبر پائيز گردش فراهم شوند.
(2) و في حديثه عليه السّلام:
هذا الخطيب الشّحشح.
يريد الماهر بالخطبة الماضى فيها، و كلّ ماض في كلام أو سير فهو شحشح، و الشّحشح في غير هذا الموضع، البخيل الممسك.
اللغة
(شحشح) البعير: ردّ هديره و الصّرد: صوّت، و الطائر: طار مسرعا، الشحشح: الفلاة الواسعة، الرّجل الشجاع، الغيور، الخطيب البليغ و الشحشاح: الشحيح القليل الخير، السيء الخلق- المنجد- و زاد في الشرح المعتزلي و الشحشح: الحاوى.
قال في الشرح المعتزلي: و هذه الكلمة قالها عليّ عليه السّلام لصعصعة بن صوحان العبدى رحمه اللَّه، و كفى صعصعة بها فخرا أن يكون مثل عليّ عليه السّلام يثنى عليه بالمهارة و فصاحة اللّسان، و كان صعصعة من أفصح النّاس، ذكر ذلك شيخنا أبو عثمان.
و عن اسد الغابة أنّ صعصعة كان من سادات قومه عبد القيس و كان فصيحا خطيبا لسا دينا فاضلا يعدّ من أصحاب عليّ عليه السّلام و شهد معه حروبه، و صعصعة هو القائل لعمر بن الخطّاب حين قسّم المال الّذي بعث إليه أبو موسى و كان ألف ألف درهم و فضلت فضلة فاختلفوا أين نضعها فخطب عمر النّاس و قال: أيّها النّاس قد بقيت لكم فضلة بعد حقوق النّاس، فقام صعصعة بن صوحان و هو غلام شاب فقال: إنّما نشاور الناس فيما لم ينزل فيه قرآن فأمّا ما نزل به القرآن فضعه مواضعه الّتي وضعها اللَّه عزّ و جلّ فيها، فقال: صدقت أنت منّي و أنا منك، فقسّمه بين المسلمين.
و هو ممّن سيّره عثمان إلى الشام و توفّى أيّام معاوية و كان ثقة قليل الحديث انتهى.
الترجمة
از شرح معتزلي: علي عليه السّلام اين كلمه را: (اين است سخنران تيز زبان) در وصف صعصعة بن صوحان عبدى رحمه اللَّه فرمود: و همين بس است در افتخار صعصعة كه مانند علي عليه السّلام او را در سخنراني و شيوائي گفتار بستايد، صعصعة از شيواترين مردم بود.
بستود على صعصعه را گاه سخن كاينست سخنور اديب اندر فن
(3) و في حديثه عليه السّلام:
إنّ للخصومة قحما. يريد بالقحم المهالك، لأنّها تقحم أصحابها في المهالك و المتالف في الأكثر، و من ذلك «قحمة الأعراب» و هو أن تصيبهم السّنة فتتعرّق أموالهم فذلك تقحّمها فيهم، و قيل فيه وجه آخر، و هو أنّها تقحمهم بلاد الرّيف، أى تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو.
اللغة
(القحمة) ج: قحم: الأمر الشّاق، المهلكة، القحم في الخصومات ما يحمل الانسان على ما يكرهه يقال: و للخصومة قحم أى ما يكره (الريف) ج: أرياف و ريوف: أرض فيها زرع و خصب (محل) المكان محولا: أجدب.
المعنى
قال ابن ميثم: يروى أنه وكّل أخاه في خصومة و قال: إنّ لها قحما و إنّ الشيطان يحضرها.
و قال الشارح المعتزلي: و هذه الكلمة قالها أمير المؤمنين عليه السّلام حين وكّل عبد اللَّه بن جعفر في الخصومة عنه و هو شاهد.
أقول: لم يؤرّخ في كلا الحديثين تاريخ هذه الوكالة و أنّها كانت في أيام الثلاثة و عند قضاتهم أو في أيامه عليه السّلام، و لعلّ عدم حضوره في محضر الدعوى من هذه الجهة و أراد بقحم الخصومة الابتلاء بطرحها عند من لا ينبغي.
الترجمة
برادرش را در باره محاكمهاى از جانب خود وكيل كرد و فرمود: ترافع پرتگاههائى دارد و شيطان در محضر آن حاضر مى شود.
خصومت پرتگاه تلخكامى است براى راد مردان خوش نمانيست
(4) و في حديثه عليه السّلام:
إذا بلغ النّساء نصّ الحقاق فالعصبة أولى. (قال: و يروى نصّ الحقائق، الشّرح المعتزلي ج 19- طبع مصر) و النّص: منتهى الأشياء و مبلغ أقصاها كالنّص في السير لأنه أقصى ما تقدر عليه الدّابة، و تقول: نصصت الرّجل عن الأمر، إذا استقصيت مسألته لتستخرج ما عنده فيه، فنص الحقاق يريد به الإدراك لأنّه منتهى الصّغر و الوقت الذي يخرج منه الصّغير إلى حدّ الكبر، و هو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر و أغربها، يقول: فإذا بلغ النّساء ذلك فالعصبة أولى بالمرأة من أمّها إذا كانوا محرما مثل الإخوة و الأعمام و بتزويجها إن أرادوا ذلك، و الحقاق محاقّة الأمّ للعصبة في المرأة و هو الجدال و الخصومة و قول كلّ واحد منهما للاخر «أنا أحقّ منك بهذا» يقال منه: حاققته حقاقا مثل جادلته جدالا، و قد قيل: إنّ نصّ الحقاق بلوغ العقل، و هو الإدراك، لأنّه عليه السّلام إنّما أراد منتهى الأمر الّذي تجب فيه الحقوق و الأحكام، و من رواه «نصّ الحقائق» فإنما أراد جمع حقيقة. هذا معنى ما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام و الّذي عندي أنّ المراد بنصّ الحقاق هنا بلوغ المرأة إلى الحدّ الّذي يجوز فيه تزويجها و تصرّفها في حقوقها، تشبيها بالحقاق من الابل، و هى جمع حقّة و حق و هو الّذي استكمل ثلاث سنين و دخل في الرابعة، و عند ذلك يبلغ إلى الحدّ الّذي يتمكّن فيه من ركوب ظهره و نصّه في السير، و الحقائق أيضا جمع حقّة، فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد، و هذا أشبه بئ بطريقة العرب من المعنى المذكور أوّلا.
اللغة
(نصّ) نصّا الشيء: دفعه و أظهره، و العروس: أقعدها على المنصّة. (حاق) محاقة و حقاقا في الأمر: خاصمه. الحقة ج حق و حقاق: المرأة- المنجد.
الاعراب
نصّ الحقاق منصوب بقوله: بلغ من باب الحذف و الايصال أى إلى نصّ الحقاق
المعنى
لا إشكال و لا اختلاف بين مفسّري الحديث في أنّ المراد من قوله: «نص الحقاق» البلوغ، فالمقصود بيان انتهاء حضانة الامّ عن الصبية و أنها تنتهى ببلوغها فيكون عصبتها و هم بنوا الرّجل و قرابته لأبيه، سمّوا بذلك لأنّهم عصبوا به و علّقوا عليه أحقّ بها من الامّ في امورها، و إنّما الاشكال في تطبيق اللفظة على هذا المعنى من حيث اللغة، فذكر له وجوه:
1- أنّ نصّ الحقاق استعمل في الادراك و البلوغ على وجه الكناية، و الحقاق مصدر حاقّه من باب المفاعلة، و المعنى بلوغ وقت المحاقة فيه بين الامّ و بني أبيها
2- أنّ نصّ الحقاق بمعني بلوغ وقت الحقوق و الأحكام، و اعترض عليه الشارح المعتزلي بأنّ أهل اللّغة لم ينقلوا عن العرب أنها استعملت الحقاق في الحقوق و لا يعرف هذا في كلامهم و لو كان «نصّ الحقائق» فلا يفهم منه شيئا.
3- أنّ حقاقا جمع حقّة من سنين الابل، فنصّ الحقاق معناه وقت البلوغ من باب الاستعارة تشبيها بوقت بلوغ الابل و التمكن من ركوبه و الحمل عليه، و الحقائق ترجع إلى ذلك، لأنّه جمع الجمع لحقّ و حقّة، اختاره السيد الرضيّ رحمه اللَّه.
4- أنّ معنى نصّ الحقاق ارتفاع الأثداء فالحقاق جمع حقّة تشبيها للثدى المرتفع بها، ذكره ابن ميثم.
5- و هو الّذي أذكره أنّ نصّ الحقاق أي ظهور حالة المرأة فيها، لأنّ أحد معاني النصّ الظهور و أحد معاني الحقاق جمع حقّ المرأة، فالمقصود أنه إذا بلغ النساء إلى ظهور حالة المرأة فيهنّ يرتفع الصغر و الحجر و الحضانة عنهنّ، و حالة المرأة الحيض و الولادة و أمثالهما ممّا جعله الفقهاء علامات بلوغ المرأة كما جعلوا نبت شعر الشارب و العانة علامة لبلوغ الرّجل.
الترجمة
چون زنان بالغه شوند خويشان پدرى سزاوارترند بكار آنان از مادر.
(5) و في حديثه عليه السّلام:
إنّ الإيمان يبد و لمظة في القلب كلّما ازداد الإيمان ازدادت اللّمظة. و اللّمظة مثل النّكتة أو نحوها من البياض، و منه قيل: فرس ألمظ إذا كان بجحفلته شيء من البياض.
اللغة
بى قال أبو عبيدة: هي لمظة بضمّ اللّام و المحدّثون يقولون: لمظة بالفتحو المعروف من كلام العرب الفتح مثل الدّهمة و الشهبة و الحمرة، و قد رواه بعضهم: لمطة بالطاء المهملة، و هذا لا نعرفه.
(اللمظة) أي نكتة البياض. اللمظة: اليسير من السمن و نحوه تأخذه باصبعك، الألمظ من الخيل: ما كان في شفته السّفلى بياض- المنجد- .
أقول: الأظهر أنّ قوله: يبدو لمظة، أي يبدو فى القلب كإصبع من السمن كما هو أحد معاني لمظة، ثمّ يزداد فينتشر، فانّ القلب بطبعه أبيض كما في كثير من الأخبار، و لا معنى لظهور نكتة بيضاء على الأبيض، و المقصود أنّ الايمان يبدو فى القلب كالبذر فينمو شيئا فشيئا، و لا بدّ من تقويته بما يؤثر في نموّ الايمان من الأعمال الصالحة، و تزكية النفس من الرّذائل و كسب المعرفة و ذكر اللَّه على كلّ حال، و التجنّب ممّا يمحي الايمان و يزيله.
قال ابن ميثم: و نصب لمظة على التميز فيكون من باب طاب نفسا، و فيه خفاء و الأظهر أنه مفعول مطلق نوعي بحذف المضاف أي يبدو بدو لمظة.
الترجمة
براستى كه ايمان چون انگشت روغنى در دل پديد آيد، و هر چه ايمان بيفزايد روغن دل بيفزايد.
ز إيمان درخشى بتابد بدل فزايد چه إيمان فزايد بدل
(6) و في حديثه عليه السّلام:
إنّ الرّجل إذا كان له الدّين الظّنون يجب عليه أن يزكّيه [لما مضى] إذا قبضه. فالظّنون الّذي لا يعلم صاحبه أيقضيه من الّذي هو عليه أم لا، فكأنّه الّذي يظنّ به ذلك فمرّة يرجوه و مرّة لا يرجوه، و هو من أفصح الكلام، و كذلك كلّ أمر تطلبه و لا تدري على أيّ شيء أنت منه فهو ظنون، و على ذلك
قول الأعشى:
ما يجعل الجدّ الظنون الّذي
جنّب صوب اللّجب الماطر
مثل الفراتيّ إذا ما طما
يقذف بالبوصىّ و الماهر
و الجدّ: البئر العادية في الصّحراء، و الظّنون: الّتي لا يعلم هل فيها ماء أم لا.
اللغة
بئ (الجدّ): البئر (الظنون): التي لا يعلم فيها ماء أم لا (اللّجب): السّحاب المصوّت ذو الرعد (الفراتى) نهر الفرات و الياء للتأكيد كقولهم «و الدّهر بالانسان دوّاريّ» أي دوّار (البوصى): ضرب من صغار السفن (الماهر): السابح- ابن ميثم- .
أقول: و يحتمل أن يكون معنى الفراتى الجدّ الفراتى مقابل الجدّ الظنون و هى البئر العادية في الصحراء.
الاعراب
من الّذي هو عليه، من: موصولة و ليست جارّة قال الشارح المعتزلي: فأمّا ما ذكره الرضىّ من أنّ الجدّ هي البئر العادية في الصحراء فالمعروف عند أهل اللغة أنّ الجدّ البئر التي تكون في موضع كثير الكلاء و لا تسمّى البئر العادية في الصحراء الموات جدّا، و شعر الأعشى لا يدلّ على ما فسّره الرّضى، لأنه إنّما شبّه علقمة بالبئر و الكلاء يظن أنّ فيها ماء لمكان الكلاء، و لا يكون موضع الظنّ، هذا هو مراده و مقصوده، و لهذا قال: الظنون و لو كانت عادية في بيداء مقفرة لم تكن ظنونا، بل كان يعلم أنه لا ماء فيها، فسقط عنه اسم الظنون.
أقول: في كلامه اضطراب، و اعتراضه على الرّضى مبهم، فانّه رحمه اللَّه فسّر الجدّ بالبئر في الصحراء و لم يقيّده بالمقفرة حتى ينافي قول أهل اللغة بتقييده بكونه كثير الكلاء، و البئر العادية في الصحراء و لو كان كثير الكلاء لا يعلم بوجود الماء فيها إلّا بعد الفحص، كما أنه إذا كانت البئر في بيداء مقفرة لا يعلم فقد الماء فيها إلّا بعد الفحص، و ما أفهم وجه الاعتراض على الرضيّ رحمه اللَّه.
و أما فقه الحديث
قال المعتزلي: قال أبو عبيدة: في هذا الحديث من الفقه أنّ من كان له دين على الناس فليس عليه أن يزكّيه حتى يقبضه، فاذا قبضه زكّاه لما مضى و إن كان لا يرجوه، قال: و هذا يردّه قول من قال: إنما زكاته على الّذي هو عليه إلخ.
و قال ابن ميثم: يقول عليه السّلام: إذا كان لك مثلا عشرون دينارا دينا على رجل و قد أخذها منك و وضعها كما هي من غير تصرّف فيها و أنت تظنّ إن استرددتها ردّها إليك فاذا مضى عليها أحد عشر شهرا و استهلّ هلال الثاني عشر وجبت زكاتها عليك.
أقول: المشهور بين فقهاء الإمامية بل كاد أن يكون إجماعا عدم وجوب الزكاة في الدّين مطلقا إلّا بعد قبضه و حلول الحول عليه في يده، و حملوا ما دلّ على وجوب الزكاة في الدّين على الاستحباب أو التقية، لأنه مذهب العامّة فالأظهر حمل كلامه على الاستحباب، حيث إنّ وصول الدّين كان مرجوا لا قطعيا، فبعد وصوله يستحبّ إخراج زكاته شكرا، فهو من قبيل إرث من لا يحتسب الذي يجب فيه الخمس عند بعض الفقهاء، و القول بوجوب زكاة الدّين الظنون بعد قبضه لا يخلو من وجه، اعتمادا على قوله عليه السّلام و جعله مخصّصا للعمومات النافية لتعلّق الزكاة بالدّين قبل قبضه.
و أمّا ما ذكره ابن ميثم في تفسير كلامه عليه السّلام فلا يوافق ظاهر كلامه، و لا يوافق ما ذكره كلام الفقهاء، فان ظاهره وجوب زكاة الدّين مع عدم قبضه عن المديون، فتدبّر.
الترجمة
فرمود: مرديكه قرضه سوختى دارد لازمست چون دريافتش كرد زكاة سال گذشته آنرا بدهد.
(7) و في حديثه عليه السّلام:
أنّه شيّع جيشا يغزيه فقال: أعزبوا عن النّساء ما استطعتم. و معناه: أصدفوا عن ذكر النّساء و شغل القلب بهنّ، و امتنعوا من المقاربة لهنّ، لأنّ ذلك يفتّ في عضد الحميّة، و يقدح في معاقد العزيمة و يكسر عن العدو، و يلفت عن الابعاد في الغزو، و كلّ من امتنع عن شيء بىفقد أعزب عنه، و العازب و العزوب: الممتنع من الأكل و الشرب.
اللغة
(اعزب): بعد، أعزبه: أبعده (لفت) لفتا: صرفه.
الاعراب
اعزبوا: أمر من الثلاثى فهمزته وصل، أو من أعزبه باب الافعال فهمزته قطع- المنجد- . العدو: الحضر و أعديت فرسى أى استحضرته- صحاح- .
المعنى
قال المعتزلي: التفسير صحيح لكن قوله: «من امتنع عن شيء فقد أعزب عنه» ليس بجيّد و الصحيح «فقد عزب عنه» ثلاثى.
أقول: قد عرفت أنّ اللغة ضبط أعزب لازما و متعدّيا، فالاعتراض و ما رتّب عليه ساقط من أصله.
و قد أمر عليه السّلام جيشه بالعزوبة و الاجتناب عن النساء و إن كان على الوجه الحلال لأنّ المقاربة معهنّ يفتّ في عضد الحمية إذا كانت من العدوّ فتسلب قلب المجاهد بجمالها و تستهويه و تصرفه عن عزيمة الجهاد.
و الاستمتاع من النساء موجب الضّعف و فوت الوقت و يمنع عن العدو و الرّكض وراء العدوّ، و يصرف الجيش عن الابعاد في الغزو و تعقيب العدوّ في كلّ سهل و جبل و حصن و وغل.
الترجمة
قشونى را كه به جهاد اعزام ميكرد بدرقه كرد و به آنها چنين سفارش داد: تا مى توانيد خود را از زنان بدور داريد.
سيد رضى گويد: مقصود اينست كه نام آنها را بزبان نياوريد و دل بدانها ندهيد و از نزديكى با آنها دورى كنيد، زيرا اين خود مايه سستى غيرت و شكست عزيمت و واماندن از دويدن دنبال دشمن و منصرف شدن از دنبال كردن أمر جهاد است. چه خوش سروده است:
عاشقى مرد سپاهي كجا
دادن دل دست ملاهى كجا
قلب سپاه است چه مأواى من
قلب فلان زن نشود جاي من
(8) و في حديثه عليه السّلام:
كالياسر الفالج ينتظر أوّل فوزة من قداحه. الياسرون: هم الّذين يتضاربون بالقداح على الجزور، و الفالج: القاهر الغالب، يقال: قد فلج عليهم و فلجهم، قال الرّاجز:
لمّا رأيت فالجا قد فلجا.
اللغة
(الياسر) فاعل ج: أيسار: السّهل، الّذي يتولّى قسمة جزور الميسر، الياسر ج: أيسار خلاف اليامن (القدح) ج: قداح: سهم الميسر- المنجد.
المعنى
قال المعتزلي: أوّل الكلام أنّ المرأ المسلم ما لم يغش دنائة يخشع لها إذا ذكرت، و يغرى به لئام النّاس كالياسر الفالج ينتظر أول فوزة من قداحه، أو داعي اللَّه، فما عند اللَّه خير و أبقى- إلى أن قال- و ليس يعني بقوله: الفالج القامر الغالب كما فسّره الرّضي رحمه اللَّه، لأنّ الياسر الغالب القامر لا ينتظر أوّل فوزة من قداحه، و كيف ينتظر و قد غلب، و أيّ حاجة له إلى الانتظار، و لكنه يعني بالفالج الميمون النقيبة الّذي له عادة مطّردة أن يغلب و قلّ أن يكون مقهورا.
أقول: مقصود الرّضي أنّه عليه السّلام شبّه المؤمن السالم بالمقامر الّذي يكون غالبا بحسب الواقع فينتظر فوزة قداحه، فالفالج بمعنى المستقبل فانتظاره لظهور فوزه الواقعي، و ليس المراد منه المقامر الّذي ظهر فوزه ليكون الفالج في معنى الماضي و لم يكن للانتظار معنى، مع أنّ تفسيره الفالج بميمون النقيبة خلاف اللغة، و لم يضبط اللغة هذا التفسير للفظة ياسر، فمقصوده عليه السّلام أنّ المؤمن السالم الغير الاثم يتربّص إحدى الحسنيين: إمّا الفوز بالسعادة الدنيويّة، أو ما عند اللَّه في الاخرة و هو خير و أبقى.
الترجمة
فرمود: مسلمان تا بيك زشتكارى آلوده نشده كه مايه سر شكست او و پايه گمراه كردن مردم پست است، مانند كسيست كه در قمار برنده است و در انتظار برد خود است، و يا در انتظار دعوت إلهى است و آنچه نزد خدا است بهتر و پايندهتر است.
مرد مسلمان كه بزهكار نيست
مايه گمراهي و بدكار نيست
همچو برنده است ببازي خود
منتظر فوز نهائي خود
يا كه خدايش ببر خود برد
بهتر و پاينده ترش آورد
(9) و في حديثه عليه السّلام:
كنّا إذا احمرّ البأس اتّقينا برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله فلم يكن أحد منّا أقرب إلى العدوّ منه. و معنى ذلك أنه إذا عظم الخوف من العدوّ و اشتدّ عضاض الحرب فزع المسلمون إلى قتال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله- بنفسه فينزل اللَّه تعالى النّصر عليهم به، و يأمنون ممّا كانوا يخافونه بمكانه. و قوله: «إذا احمرّ البأس» كناية عن اشتداد الأمر، و قد قيل في ذلك أقوال أحسنها: أنّه شبّه حمى الحرب بالنّار الّتي تجمع الحرارة و الحمرة بفعلها و لونها، و ممّا يقوّى ذلك قول رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله- و قد رأى مجتلد النّاس يوم حنين و هى حرب هوازن: الان حمى الوطيس و الوطيس مستوقد النّار، فشبّه رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله- ما استحرّ من جلاد بئ القوم باحتدام النّار و شدّة التهابها. بىقال المعتزلي: الجيّد في تفسير هذا اللفظ أن يقال: البأس الحرب نفسها قال اللَّه تعالى: «وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ»- 177- البقرة» و في الكلام حذف مضاف تقديره: إذا احمرّ موضع البأس و هو الأرض الّتي عليها معركة القوم، و احمرارها لما يسيل عليها من الدّم.
أقول: ما ذكره حسن جدّا إلّا أنّه لا يحتاج إلى تقدير في الكلام، فاحمرار البأس منظره الدّموى الهائل الملطخ بها من أرض و من عليها من الرجال و الدواب و الالات، بل و الهواء الّتي يترشّح فيها قطرات الدّم، فالبأس محمرّ بكلّ ما فيه إذا جرى الدّماء فيه.
الترجمة
هر گاه جبهه جنگ، خونين و سرخ فام مى شد ما برسول خدا پناهنده مى شديم و در اين گاه كسي از ماها از خود آن حضرت بدشمن نزديكتر نبود.
چه رخساره جنگ خونين شدى
رسول خدا حصن روئين بدى
پناهنده گشتيم بر گرد وي
كه دشمن ننوشد ز ما خون چه مى
از او كس بدشمن رساتر نبود
بدشمن هم او بد كه يورش نمود
انقضى هذا الفصل و رجعنا الى سنن الغرض الاول في هذا الباب
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی