google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
خطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی80-100 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 96 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 97 صبحی صالح

97- و من خطبة له ( عليه ‏السلام  ) في أصحابه و أصحاب رسول اللّه‏

أصحاب علي‏

وَ لَئِنْ أَمْهَلَ الظَّالِمَ فَلَنْ يَفُوتَ أَخْذُهُ

وَ هُوَ لَهُ بِالْمِرْصَادِ عَلَى مَجَازِ طَرِيقِهِ

وَ بِمَوْضِعِ الشَّجَا مِنْ مَسَاغِ رِيقِهِ

أَمَا وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ

لَيَظْهَرَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَيْكُمْ

لَيْسَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْكُمْ

وَ لَكِنْ لِإِسْرَاعِهِمْ إِلَى بَاطِلِ صَاحِبِهِمْ

وَ إِبْطَائِكُمْ عَنْ حَقِّي

وَ لَقَدْ أَصْبَحَتِ الْأُمَمُ تَخَافُ ظُلْمَ رُعَاتِهَا

وَ أَصْبَحْتُ أَخَافُ ظُلْمَ رَعِيَّتِي

اسْتَنْفَرْتُكُمْ لِلْجِهَادِ فَلَمْ تَنْفِرُوا

وَ أَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا

وَ دَعَوْتُكُمْ سِرّاً وَ جَهْراً فَلَمْ تَسْتَجِيبُوا

وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ تَقْبَلُوا

أَ شُهُودٌ كَغُيَّابٍ

وَ عَبِيدٌ كَأَرْبَابٍ

أَتْلُو عَلَيْكُمْ الْحِكَمَ فَتَنْفِرُونَ‏

مِنْهَا

وَ أَعِظُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ الْبَالِغَةِ فَتَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا

وَ أَحُثُّكُمْ عَلَى جِهَادِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلِي حَتَّى أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقِينَ أَيَادِيَ سَبَا

تَرْجِعُونَ إِلَى مَجَالِسِكُمْ

وَ تَتَخَادَعُونَ عَنْ مَوَاعِظِكُمْ

أُقَوِّمُكُمْ غُدْوَةً وَ تَرْجِعُونَ إِلَيَّ عَشِيَّةً

كَظَهْرِ الْحَنِيَّةِ

عَجَزَ الْمُقَوِّمُ

وَ أَعْضَلَ الْمُقَوَّمُ

أَيُّهَا الْقَوْمُ الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ

الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ

الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ

الْمُبْتَلَى بِهِمْ أُمَرَاؤُهُمْ

صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ اللَّهَ وَ أَنْتُمْ تَعْصُونَهُ

وَ صَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللَّهَ وَ هُمْ يُطِيعُونَهُ

لَوَدِدْتُ وَ اللَّهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَنِي بِكُمْ صَرْفَ الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ

فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةَ مِنْكُمْ وَ أَعْطَانِي رَجُلًا مِنْهُمْ

يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ

مُنِيتُ مِنْكُمْ بِثَلَاثٍ وَ اثْنَتَيْنِ

صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ

وَ بُكْمٌ ذَوُو كَلَامٍ

وَ عُمْيٌ ذَوُو أَبْصَارٍ

لَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ

وَ لَا إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ الْبَلَاءِ

تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ

يَا أَشْبَاهَ الْإِبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا

كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ

وَ اللَّهِ لَكَأَنِّي بِكُمْ فِيمَا إِخَالُكُمْ

أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى

وَ حَمِيَ الضِّرَابُ

قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا

وَ إِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي

وَ مِنْهَاجٍ مِنْ نَبِيِّي

وَ إِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْقُطُهُ لَقْطاً

أصحاب رسول اللّه‏

انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ

وَ اتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ

فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدًى

وَ لَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى

فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا

وَ إِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا

وَ لَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا

وَ لَا تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا

لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ( صلى ‏الله ‏عليه ‏وآله  )

فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ

لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً

وَ قَدْ بَاتُوا سُجَّداً وَ قِيَاماً

يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَ خُدُودِهِمْ

وَ يَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ

كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ

إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ

وَ مَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ

خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ

وَ رَجَاءً لِلثَّوَاب‏

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج7  

و من كلام له عليه السّلام و هو السادس و التسعون من المختار فى باب الخطب

و لئن أمهل اللّه الظّالم فلن يفوت أخذه، و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه، و بموضع الشّجى من مساغ ريقه، أما و الّذي نفسي بيده ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنّهم أولى بالحقّ منكم، و لكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم، و إبطائكم عن حقّي، و لقد أصبحت الامم يخاف ظلم رعاتها، و أصبحت أخاف ظلم رعيّتي، استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، و أسمعتكم فلم تسمعوا، و دعوتكم سرّا و جهرا فلم تستجيبوا، و نصحت لكم فلم تقبلوا، أشهود كغيّاب، و عبيد كأرباب، أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها، و أعظكم بالموعظة البالغة فتتفرّقون عنها، و أحثّكم على جهاد أهل البغى فما أتى عليّ آخر قولي‏ حتّى أراكم متفرّقين أيادي سبا، ترجعون إلى مجالسكم، و تتخادعون عن مواعظكم، أقوّمكم غدوة، و ترجعون إليّ عشيّة كظهر الحنيّة، عجز المقوّم، و أعضل المقوّم. أيّها الشّاهدة أبدانهم، الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهوائهم المبتلى بهم أمرائهم، صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه، و صاحب أهل الشّام يعصي اللّه و هم يطيعونه، لوددت و اللّه إنّ معاوية صارفني بكم صرف الدّينار بالدّرهم، فأخذ منّي عشرة منكم و أعطاني رجلا منهم، يا أهل الكوفة منيت منكم بثلاث و إثنتين، صمّ ذوو أسماع، و بكم ذوو كلام، و عمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللّقاء، و لا إخوان ثقة عند البلاء، تربت أيديكم، يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها، كلّما جمعت من جانب تفرّقت من آخر، و اللّه لكأنّي بكم فيما أخال أن لو حمس الوغى، و حمي الضّراب، قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها، و إنّي لعلى بيّنة من ربّي، و منهاج من نبيّي، و إنّي لعلى الطّريق الواضح، ألقطه لقطا. أنظروا أهل بيت نبيّكم، فالزموا سمتهم، و اتّبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، و لن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا،و إن نهضوا فانهضوا، و لا تسبقوهم فتضلوّا، و لا تتأخّروا عنهم فتهلكوا، لقد رأيت أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فما أرى أحدا منكم يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، قد باتوا سجّدا و قياما، يراوحون بين جباههم و خدودهم، و يقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأنّ بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر اللّه هملت أعينهم حتّى تبلّ جيوبهم، و مادوا كما يميد الشّجر يوم الرّيح العاصف، خوفا من العقاب، و رجاء للثّواب.

اللغة

(رصد) فلانا من باب نصر رقبه كترصده و المرصاد الطريق و المكان يرصد فيه العدوّ و (الشجى) ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره و موضع الشجى هو الحلق نفسه و (المساغ) اسم مكان من ساغ الشّراب سوغا سهل مدخله قال الشاعر:

         و ساغ لي الشّراب و كنت قبلا            أكاد أغصّ بالماء الفرات‏

و يقال أيضا سغت الشّراب اسوغه أى أوصلته إلى المعدة باللزوم و التّعدية و (ظهر) عليه غلب و (الرعاة) كالرعاء بالهمز جمع الراعي و هو كلّ من ولي أمر قوم و القوم رعيّته و (الاستنفار) الاستنصار أو طلب النّفور و الاسراع إلى الجهاد و (تنفرون) منها من نفرت الدّابة نفورا من بابى نصر و ضرب شرد و (أيادي سبا) مثل يضرب للمتفرّقين و أصله قوله تعالى عن أهل سبا: و مزّقناهم كلّ ممزّق، و سبأ بالهمزة وزان جبل يصرف و لا يصرف و هو بلدة بلقيس و لقب ابن يشحب بن يعرب بن قحطان اسمه عبد شمس و (الأيادى) جمع الأيدى و هو جمع اليد، قال الرّضىّ: و هو كناية عن الابناء و الاسرة لأنّهم في التقوى و البطش بهم بمنزلة الأيدي، و يقال ذهبوا أيدى سبا و أيادى سبا الياء ساكنة و كذلك الألف‏ هكذا نقل المثل أى ذهبوا متفرّقين، و هما اسمان جعلا اسما واحدا مثل معدى كرب ضرب المثل بهم لأنّهم لما غرق مكانهم و ذهبت جنّاتهم تبدّدوا في البلاد.

روى الطبرسيّ في تفسير سورة سبا في قصة تفرّق أولاد سبا عن الكلبي عن أبي صالح قال: ألقت طريفة الكاهنة إلى عمرو بن عامر الذي يقال له مزيقيا بن ماء السّما و كانت قد رأت في كهانتها أنّ سدّ مارب سيخرب و أنّه سيأتي سيل العرم فيخرب الجنّتين، فباع عمرو بن عامر أمواله و سار هو و قومه حتّى انتهوا إلى مكة فأقاموا بها و ما حولها فأصابتهم الحمى، و كانوا ببلد لا يدرون فيه ما الحمى، فدعوا طريقة فشكوا إليها الذي أصابهم فقالت لهم: قد أصابني الذي تشكون و هو مفرّق بيننا، قالوا: فما ذا تأمرين قالت: من كان منكم ذاهمّ بعيد و جمل شديد و مزاد جديد فليلحق بقصر عمان المشيد و كانت ازدعمان«»، ثمّ قالت: من كان منكم ذا جلد و قسر و صبر على ازمات الدّهر فعليه بالاراك من بطن مرّ (نمر خ ل) و كانت خزاعة، ثمّ قالت: من كان منكم يريد الرّاسيات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل و كانت الأوس و الخزرج، ثمّ قالت: من كان منكم يزيد الخمر الخمير و الملك و التأمير و ملابس التّاج و الحرير فليلحق ببصرى و عوير، و هما من أرض الشّام و كان الذين سكنوها آل خفية بن غسان، ثمّ قالت: من كان منكم يريد الثياب الرقاق و الخيل العتاق و كنوز الأرزاق و الدّم المهراق فليلحق بأرض العراق و كان الذين سكنوها آل جذيمة الابرش و من كان بالحيرة و آل محرق (و تتخادعون) قال في القاموس: تخادع فلان أرى أنّه مخدوع و ليس به، «انتهى» و لا يجوز ارادة هذا المعنى في المقام بل الأظهر أنّه من قولهم سوق خادعة مختلفة متلونة و خلق خادع متلوّن أى تختلفون و تتلوّنون في قبول الوعظ و لكنه يبعده لفظة عن، اللّهم إلّا أن يضمن معنى الاعراض فافهم، و يأت له معنى آخر إنشاء اللّه.

و (الحنية) وزان غنية القوس و الجمع حنى و حنايا و (المقوّم) الأوّل‏ على زنة الفاعل و الثاني على زنة المفعول و (تربت) أيديكم كلمة يدعابها على الانسان قال في القاموس: ترب كثرت را به و صار في يده التّراب و لزق بالتراب و خسر و افتقر تربا و متربا و يداه لا أصاب خيرا، و عن النّهاية هذه الكلمة جارية على ألسن العرب لا يريدون بها الدّعاء على المخاطب و لا وقوع الأمر بها كما يقولون: قاتل اللّه و قيل: معناه للّه درّك، قال: و كثيرا يرد للعرب ألفاظ ظاهرها الذمّ و إنما يريدون بها المدح كقولهم لا أب لك و لا أمّ لك و لا أرض لك و نحو ذلك و (خال) الشي‏ء يخاله أى ظنّه و تقول خلت اخال بكسر الهمزة و بالفتح لغة بني أسد كما في أكثر النسخ و (حمس) كفرح اشتدّ و (حمى) كرضى اشتدّ حرّه و (القطه لقطا) في أكثر النسخ بالقاف المثناة و الطاء المهملة من الالتقاط و في بعضها الفظه لفظا بالفاء و الظاء المعجمة أى ابينه بيانا و (لبد) الشي‏ء بالأرض من باب نصر التصق بها و (الجمر) جمع جمرة و هي النّار الموقدة و (ركب المعزى) جمع الرّكبة بالضمّ فيهما و (هملت) عينه هملا من باب نصر و ضرب فاضت

الاعراب

قوله عليه السّلام: فلن يفوت أخذه برفع أخذه على الفاعلية و المفعول محذوف أى لن يفوته أخذه، و قوله: على مجاز طريقه بدل من قوله بالمرصاد، و قوله: ليظهرنّ منصوب بأن مضمرة في محلّ رفع على الابتداء، و جملة ليس لأنّهم مرفوعة المحلّ على الخبر و جملة المبتدأ و الخبر جواب القسم، و يحتمل أن يكون جملة ليظهرنّ فقط جواب القسم لا محلّ لها من الاعراب و جملة ليس لأنهم استينافا بيانيّا و قوله: أشهود كغيّاب استفهام تقريرى أو توبيخى و في بعض النّسخ بلا همز و عليه فهو خبر محذوف المبتدأ، و أيادى سبا منتصب على اقامته مقام المصدر أى متفرّقين تفرّق أيادى سبا، و يجوز أن يكون حالا مؤكدة بتقدير المضاف أى مثل أيادى سبا، و قوله: أيّها الشاهدة برفع الشاهدة صفة محذوف الموصوف و جملة كلّما جمعت بدل بعض من جملة غاب عنها آه على حدّ قوله سبحانه.

 أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَ بَنِينَ.

المعنى

اعلم أنّ المقصود بهذه الخطبة الشريفة ذمّ أصحابه عليه السّلام و توبيخهم على تثاقلهم من جهاد معاوية و أصحابه لعنهم اللّه، و صدّر الكلام بالتهديد و التعريض لأهل الشام أو لأصحابه كما سيأتي من نسبة الظلم إليهم فقال عليه السّلام (و لئن أمهل اللّه الظالم) و متّعه في دار الدّنيا (فلن يفوته أخذه) و عقوبته كما قال تعالى: وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.

قال أبو القاسم البلخي معناه: و لا يحسبّن الذين كفروا أنّ إملاءنا لهم رضا بأفعالهم و قبول لها بل هو شرّ لهم لأنّا نملي لهم و هم يزدادون إثما يستحقّون به العذاب الأليم، فالمقصود أنه سبحانه و إن أمهل الظالم و هو مغمور في ظلمه مستبشر بجوره و لكنه مدركه لا محالة و آخذه بالنّكال العظيم و العذاب الأليم.

(و هو له بالمرصاد) و عليه طريق العباد فلا يفوته أحد و هو من ألفاظ الكتاب العزيز قال تعالى: إنّ ربك لبالمرصاد، قال الطبرسيّ: و المعنى أنّه لا يفوته شي‏ء من أعمالهم لأنّه يسمع و يرى جميع أقوالهم و أفعالهم كما لا يفوت من هو بالمرصاد و روى عن عليّ عليه السّلام أنّه قال: معناه إنّ ربّك قادر على أن يجزى أهل المعاصى جزائهم و عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال: المرصاد قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة عبد، و قال عطا: يعني يجازي كلّ أحد و ينتصف من الظالم للمظلوم انتهى أقول: ما رواه عن الصادق عليه السّلام هو المعنى الحقيقى للمرصاد و ما رواه عن عليّ عليه السّلام بيان للمراد عن كونه سبحانه على المرصاد و محصّله أنه تعالى أجلّ و أعلى من أن يكون في المكان لأنّ ذلك من صفات الامكان فلا بد من حمل كونه بالمرصاد على التوسع و المجاز و إرادة عدم إمكان الهرب و الفوت منه كما لا يمكن الفوت ممن هو بالرّصد و الترقب و هذا هو المراد أيضا بقوله (على مجاز طريقه) و نظيره قوله (و بموضع الشجى من مساغ ريقه) أراد أنّه سبحانه يكاد أن يغصّه بشجي‏ء عقوباته و يشجوه بغصص نقماته بما هو عليه من رحب بلعومه و سوغه اللذائذ.

ثمّ أردف عليه السّلام ذلك بالقسم البارّ بظهور أهل الشّام عليهم و قال (أما و الذي نفسي بيده ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم) و نبّه على دفع ما لعلّهم يتوهّمون من كون علّة ظهورهم و غلبتهم كونهم على الحقّ و كون أصحابه عليه السّلام على الباطل بقوله: (ليس لأنهم أولى بالحقّ منكم) و أنتم أولى بالباطل منهم.

و أشار إلى علّة الظهور بقوله (و لكن لاسراعهم إلى باطل صاحبهم و إبطائكم عن حقّي) أراد بذلك أنّ ظهورهم عليكم ليس من جهة كونهم أهل حقّ و كونكم أهل باطل حتّى يوجب ذلك تخاذلكم عن جهادهم و إنما ظهورهم من أجل اتفاق كلمتهم و اجتماعهم على طاعة إمامهم الباطل و اختلاف آرائكم و تشتت أهوائكم فى طاعة الامام الحقّ، و من المعلوم أنّ مدار الفتح و الظفر و النصرة و الغلبة في الحرب على الاتفاق و الاجتماع بطاعة الجيش للرّئيس الموجب لانتظام أمرهم لا على حقيّة العقيدة و إلّا لما ظهر أهل الشرك على أهل التوحيد أصلا، و الوجدان كثيرا ما يشهد بخلافه.

و أوضح عليه السّلام هذا المعنى بقوله (و لقد أصبحت الامم يخاف ظلم رعاتها و أصبحت أخاف ظلم رعيّتي) و غرضه عليه السّلام بذلك الحاق التقصير و اللائمة في المغلوبيّة عليهم و الاشارة إلى أنّ له الحجّة على الحقّ لالهم عليه مع التنبيه على كونهم ظالمين في حقّه عاصين له، فانّ شأن الرعيّة الخوف من الوالي و به يستقيم له امور الولاية و ينتظم امور الرّعية، و أما إذا كان الأمر بالعكس فلا يكون له حينئذ في الرّعية رأى نافذ و يختلّ الأمر و يطمع فيه و في رعيّته غيره كما هو معلوم بالوجدان و مشاهد بالعيان.

و من كان خبيرا بأحواله عليه السّلام في خلافته و تأمل مجاري حالاته مع رعيّته عرف صدق هذا الكلام و ظهر له أنّه عليه السّلام كان المحجور عليه لا يتمكّن من إظهار ما في نفسه، إذ العارفون بحاله و المخلصون له كانوا قليلين، و كان السّواد الأعظم‏ لا يعتقدون فيه الأمر الذي يجب اعتقاده فيه، و كان يعامل معهم بالتقيّة، و يدارى معهم بحسن التدبير و السّلوك و الاناة مع ما كان يشاهده عليه السّلام منهم غير مرّة من التمرّد و العصيان كما أشار اليه بقوله (استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا و أسمعتكم فلم تسمعوا و دعوتكم سرّا و جهرا فلم تستجيبوا) دعوتي (و نصحت لكم فلم تقبلوا) نصيحتي.

ثمّ شبّههم عليه السّلام بقوله (أشهود كغيّاب) بالغائبين مع كونهم شاهدين، لأنّ ثمرة المشاهدة هو الاستفادة و الانتفاع و مع عدمها فالشاهد و الغائب سواء.

و كذلك شبّههم بقوله عليه السّلام (و عبيد كأرباب) بالأرباب مع كونهم عبيدا، و هو إمّا من باب القلب و مبنيّ على المبالغة أى أنتم أرباب من صناديد العرب و رؤسائها و لكنكم كالعبيد في رزالة النفس و دنائة الهمة، أو المراد أنّكم عبيد و رعايالي مفترض طاعتي عليكم و لكنكم تأبون عنها و تمرّدون عنها كالسادات، و هذا أنسب بالفقرة السّابقة، أو أنّ أخلاقكم أخلاق العبيد من الخلاف و النفاق و دنائة الأنفس و التواني و التخاذل و أنتم مع ذلك تدّعون الاستقلال و تتكبّرون و تتغرّون و تستبدّون بالآراء كالأرباب و الأحرار.

ثمّ أشار عليه السّلام إلى وجوه تقصيرهم بقوله (أتلو عليكم الحكم) الحسنة (فتنفرون منها و أعظكم بالموعظة البالغة فتتفرّقون عنها و أحثكم على جهاد أهل البغى) أراد به أهل الشّام (فما اتى على آخر قولى حتّى اريكم متفرّقين) مثل تفرّق (أيادى سبا ترجعون إلى) بيوتكم و (مجالسكم و تتخادعون عن مواعظكم) أي تتلوّنون و تختلفون معرضين عن قبول المواعظ، و قال الشّارح المعتزلي: أى تمسكون عن الاتعاظ من قولهم: كان فلان يعطى ثمّ خدع أى امسك و اقلع، و قال الشّارح البحراني: المخادعة هي الاستغفال عن المصلحة أى أنّهم إذا رجعوا من مجلس وعظه أخذ كلّ منهم يستغفل صاحبه عن تذكّر الموعظة و يشغله بغير ذلك من الأحاديث و إن لم يكن عن قصد خداع بل تقع منهم صورة المخادعة.

(اقوّمكم غدوة) باصلاح أخلاقكم و إرشادكم إلى السّداد و الرشاد (و ترجعون‏ إلىّ عشيّة كظهر الحنيّة) أى معوّجين كظهر القوس منحرفين عن مكارم الأخلاق (عجز المقوّم) أراد به نفسه الشريف (و أعضل المقوّم) أراد به قومه أى أشكل تقويمهم و أعياني دائهم علاجا.

ثمّ ناداهم عليه السّلام بذكر معايبهم تنفيرا لهم عنها فقال: (أيها) الفئة (الشاهدة أبدانهم الغائبة عنهم عقولهم) لعلّ المراد بغيبة العقول ذهابها أو عدم قيامهم بما تقتضيها و الثاني أظهر (المختلفة أهوائهم المبتلى بهم أمراؤهم) اى ابتلى أمراؤهم بسبب نفاقهم بسوء الحال و عدم انتظام الأمر (صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه) و هو إشارة إلى اتصافهم برذيلة مخالفة الأمر مع كون أميرهم مطيعا للّه سبحانه (و صاحب أهل الشّام يعصي اللّه و هم يطيعونه) و هو اشارة إلى اتصاف أهل الشّام بفضيلة الطاعة مع كون أميرهم عاصيا له تعالى و جعل ذلك مقايسة بينهم ليظهر الفرق فيدركهم الغيرة.

ثمّ أردفه لتحقيرهم و تفضيل عدّوهم عليهم في البأس و النجدة فقال (لوددت و اللّه إنّ معاوية) لعنه اللّه (صارفني بكم صرف الدّينار بالدرّهم فأخذ منّي عشرة منكم و أعطاني رجلا منهم) و لا يخفى ما في هذا الكلام من وجوه التحقير حيث جعل عليه السّلام أهل الشّام بمنزلة الذهب و جعل أصحابه بمنزلة الفضّة و رجّح واحدا منهم على عشرة من أصحابه حيث ودّ مبادلتهم به و أكّد ذلك بالقسم البارّ و اللّام و إنّ.

ثمّ نبّه على ما ابتلى به منهم فقال (يا أهل الكوفة منيت منكم بثلاث و اثنتين) أي ابتليت منكم بخمس خصال و إنّما لم يجمع الخمس لكون الثلاث من جنس و الاثنتين من آخر، أو لكون الثلاث ايجابية و الاثنتين سلبية.

أمّا الثلاث الأول فهو أنّكم (صمّ ذوو أسماع و بكم ذوو كلام و عمى ذوو أبصار) توصيفهم بها مع أضدادها وارد في مقام التعجّب و معرض التوبيخ حيث إنّ المقصود بخلق هذه الجوارح و الآلات في الانسان انتفاعه بها و صرفه لها في‏ المصالح الدينيّة و الدّنيوية لينتظم بها أمر معاشه و معاده و إذا لم تنتفع بها كان واجدها و فاقدها سواء، و أحرى أن يلحق بالبهائم و الأنعام بل هو أضلّ سبيلا.

و أما الثنتان الباقيتان فنبّه عليهما بقوله (لا أحرار صدق عند اللّقاء) أى لا يرى منكم عند الحرب و لقاء الأبطال ما يصدق حريّتكم من البأس و النّجدة و الشّجاعة، بل يشاهد منكم صفات العبد من التخاذل و دنائة الهمة و بقوله (و لا إخوان ثقة عند البلاء) أى لستم ممّن توثق باخوّتكم عند الابتلاء بالنوازل (تربت أيديكم) دعا بعدم إصابة الخير (يا أشباه الابل غاب عنها رعاتها كلّما جمعت من جانب تفرّقت من آخر) شبّههم عليه السّلام بالابل الموصوفة و عقّبه بذكر وجه الشبه و هو فقد الانتظام بفقدان الراعي الناظم و أشار به إلى عصيانهم له و كونهم مطلقى العنان بمنزلة من لا أمير لهم.

(و اللّه لكأني) أبصر (بكم فيما أخال) و أظنّ بظهور الامارات و المخايل التي توجب الظن (أن لو حمس الوغا) و عظم الحرب (و حمى الضراب) و اشتدّ حرّ الطّعان (قد) تفرّقتم و (انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها) قال الشّارح المعتزلي: أى وقت الولادة، و قال البحراني: شبّه انفراجهم عنه بانفراج المرأة عن قبلها ليرجعوا إلى الانفة و تسليم المرأة قبلها و انفراجها عنه إما وقت الولادة أو وقت الطعان «انتهى» و قيل: تسليم المرأة لقبلها و انفراجها عنه وقت الولادة أو وقت الطعان و التشبيه في العجز و الدّنائة و الغرض إرجاع القوم إلى الانفة و الحميّة و تنبيههم على الخطاء في تفرّجهم و عدم انقيادهم له عليه السّلام.

أقول: و جميع ما قالوه كما ترى مما ينفرّ عنه الذوق السّليم و يأباه الطبع المستقيم لا سيّما التأويل بوقت الطّعان أقبح سماجة و لعلّ الأظهر أن يجعل الانفراج عن القبل كناية عن الانفراج عن الولادة أو مجازا مرسلا بعلاقة كون القبل محلّ الولادة و يكون المراد بالتشبيه الاشارة إلى شدّة محبّتهم في الانفراج و منتهى رغبتهم في التفرّق عنه فانّ المرأة في حال المخاض على غاية الشدّة و الاضطراب لا شي‏ء أحبّ اليها من الطلق و الانفراج فاذا طلقت استراحت و رجعت إليها نفسها و سكن وجعها، و الغرض بذلك توبيخهم و لو مهم و تشبيه حالتهم عند حضور الجهاد و اشتغال نائرة الحرب بحالة المرأة التي أخذها المخاض و وجع الولادة، و حسن هذا المعنى مما لا يخفى على أولى الأذهان السليمة و الأفهام المستقيمة، هذا.

و يحتمل بعيدا أن يكون أصل الرواية عن قبلها بفتحتين و إن كان النسخ لا يساعده، في القاموس و القبل محركة ضرب من الخرز يؤخّذ بها«»، أو شي‏ء من عاج مستدير يتلأ لؤ يعلّق في صدر المرأة.

ثمّ عاد عليه السّلام في ذكر مناقبه الجميلة المحركة لهم الى اتّباعه و متابعته فقال عليه السّلام (و إنّي لعلى بيّنة) و حجّة واضحة (من ربّي) و هي الآيات الباهرة و الأدلة الزّاهرة المفيدة لمعرفته و توحيده سبحانه (و منهاج) و جادّة مستقيمة (من نبيّي) و هى السّنة النّبويّة و الطريقة المصطفويّة على صاحبها أفضل الصّلاة و السّلام و التحية (و انّي لعلى الطريق الواضح) و هو طريق الدّين و نهج الشّرع المبين (ألقطه) من بين الطرق الضلال (لقطا) و لعلّ في التعبير بلفظ اللقطة إشارة إلى غلبة طرق الضلال و كثرتها و تنبيها على أنّ سالك طريق الهدى يحتاج إلى الجدّ و الاجتهاد و الاهتمام حتّى يميّزه من بينها و يلتقطه من ههنا و ههنا، فانّ سالك طريقة مكتنفة بالشوك و القتاد من جانبيها يحتاج إلى أن يلتقط المنهج التقاطا.

ثمّ نبّه على وجوب طاعته و ملازمته فقال (انظروا أهل بيت نبيكم) أراد به نفسه الشريف و الطّيبين من أولاده الأئمة الأحد عشر (فالزموا سمتهم) أى جهتهم و طريقتهم (و اتّبعوا أثرهم) و علل وجوب الاقتداء و الايتمام لهم بقوله (فلن يخرجوكم من هدى و لن يعيدوكم في ردى) أى ردى الجاهلية و الضّلال القديم، فانّهم خير امّة اخرجت للنّاس يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، و فيه تعريض على أنّ متابعة غيرهم توجب الخروج من الهدى و العود إلى الرّدى أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‏ (فان لبدوا فالبدوا) أى إن قعدوا عن طلب الخلافة أو الجهاد و لزموا البيوت فتابعوهم (و إن نهضوا فانهضوا) أى إن قاموا بالخلافة فانصروهم (و لا تسبقوهم) فيما لم يأمروكم به و لا تفعلوا ذلك (فتضلّوا) لأنّ متقدّم الدّليل شأنه الضّلال عن القصد (و لا تتأخّروا عنهم) فيما يأمرونكم به و لا تخالفوهم (فتهلكوا) لأنّ المتخلف عن الهاد يتيه عن الرشاد فلا يدرى انه هلك في أيّ واد.

ثمّ نبّه عليه السّلام على بعض أوصاف الأصحاب الأنجاب للتهييج و الالهاب فقال عليه السّلام و (لقد رأيت أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و هم الذين أدركوا صحبته بالايمان و ماتوا بالايمان (فما أرى أحدا منكم يشبههم) في الزّهد و الورع و الخوف و الخشية من الحقّ سبحانه (لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا) أى متغيّرى الشّعر و مغبّر الرّوؤس من غير استحداد و لا تنظف من قشف العبادة و كثرة الرياضة (قد باتوا) و أحيوا لياليهم (سجّدا و قياما يراوحون بين جباههم و خدودهم) أى يسجدون بالجبهة مرّة و بالخدود اخرى تذلّلا و خضوعا (و يقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم) كناية عن قلقهم و اضطرابهم من خوف المعاد (كانّ بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم) و أراد ببين أعينهم جباههم مجازا يعنى أن جباههم من طول السجود و كثرة مسّ الأرض صارت كركب المعزى و ثفنات البعير في الغلظة و الخشونة (إذا ذكر اللّه هملت أعينهم) و سالت (حتّى تبلّ جيوبهم) و في بعض النسخ جباههم بدل جيوبهم و بلّها ممكن في حال السّجود (و ما دوا كما يميد الشّجر) أى اضطربوا مثل اضطراب الشجر (يوم الريح العاصف خوفا من العقاب و رجاء للثواب) يعنى أنّ اضطرابهم تارة يكون من الخوف و الوجل و اخرى من الرجاء و الاشتياق و هذا هو شأن المؤمن المخلص الآخذ بين مرتبتى الخوف و الرجاء و الآمل من اللّه الحسنى إنّه الغفور الرّحيم ذو المنّ العظيم.

تكملة

هذا الكلام له عليه السّلام يشبه أن يكون ملتقطا من خطبة طويلة قدّمنا روايتها من كتاب الاحتجاج و الارشاد في شرح الخطبة التاسعة و العشرين، و تقدّم أيضا بعض‏ فقراتها في التنبيه الثاني من شرح الكلام السّابع و الثلاثين في ضمن رواية سليم ابن قيس الهلالي، فتذكر.

الترجمة

از جمله كلام آن قدوه أنام است مى‏ فرمايد: و اگر مهلت بدهد خداوند ظالم را پس هرگز فوت نمى‏ شود از او عقوبت او و حق تعالى مر ظالم را بر محل ترقب و نگهبانى است بر مكان گذشتن راه او و بموضع چيزهاى گلوگير است از جاى فرو بردن آب دهان او، آگاه باش قسم بآن خدائى كه نفس من در قبضه اقتدار او است هر آينه غالب شدن اين قوم كه عبارت باشند از أهل شام بشما نيست بجهة اين كه ايشان أقرب بحق انداز شما، و لكن بجهة شتافتن ايشانست بسوى باطل صاحب خودشان و اهمال نمودن شما است از حق من، و هر آينه بتحقيق كه صباح كردند امّتها در حالتى كه مى‏ترسند از ستم واليان خودشان، و صباح كردم من در حالتى كه مى‏ترسم از جور رعيّت خود طلب يارى كردم از شما بجهة جهاد پس يارى نكرديد، و شنواندم شما را قول حق را پس گوش نداديد، و خواندم شما را بحق در نهان و آشكار پس اجابت نكرديد، و نصيحت نمودم شما را پس قبول ننموديد آيا شما حاضران هستيد مثل غايبان، و غلامان هستيد مثل خواجه‏گان، تلاوت مي كنم بشما حكمتهاى حسنه را پس رم مى ‏كنيد از آن، و موعظه مي كنم شما را با موعظه بالغه پس پراكنده مى‏ شويد از آن، و ترغيب ميكنم شما را بر جهاد أهل بغى و ظلم پس نمى‏آيد بمن آخر گفتار خودم تا اين كه مى‏بينم شما را متفرّق مى‏ شويد مثل متفرّق شدن أولاد سبا، بر مى ‏گرديد بمجالس خودتان و اختلاف مى‏ نمائيد از مواعظ خودتان، راست مى‏ گردانم شما را در بامداد و باز مى‏ گرديد بسوى من در شبانگاه مانند پشت كمان كج شده، عاجز شد راست سازنده و مشكل شد راست شده.

اى جماعتى كه حاضر است بدنهاى ايشان و غايب است از ايشان عقلهاى ايشان مختلف است خواهشهاى ايشان مبتلا است بجهة ايشان اميران ايشان، صاحب شما اطاعت‏ مي كند خداى را و شما عصيان مى‏ نمائيد او را، و صاحب أهل شام نافرماني مي كند حق را و ايشان اطاعت مى ‏نمايند او را، هر آينه دوست مى‏ دارم قسم بخدا اين كه معاويه صرافي كند با من شما را مثل صرافي دينار بدرهم پس بگيرد از من ده نفر از شما را و عوض دهد بمن يك نفر از أهل شام را اى أهل كوفه مبتلا شدم من از شما بسه خصلت و دو خصلت أما سه خصلت اينست كه: هستيد كران صاحب گوشها، گنگان صاحب گفتار، كوران صاحب چشمها، أمّا دو خصلت اينست كه: نيستيد آزادگان راست در وقت ملاقات شجاعان و نه برادران محل وثوق و اطمينان هنگام ابتلاءات زمان، خاك آلود باد دستهاى شما اى أمثال شتران در حالتى كه غايب باشد از ايشان شتربانان ايشان كه هر وقت جمع كرده شوند از طرفي پراكنده شوند از طرف ديگر، قسم بخدا گوئيا مى‏بينم شما را در آنچه ظن و خيال ميكنم اين كه اگر شدّت بيابد جنگ و سخت شود حرارت كارزار بتحقيق كه منكشف شويد از پسر أبي طالب همچه منكشف شد زن از زائيدن خود، و بدرستى كه من بر حجّت و بيّنه هستم از جانب پروردگار خود، و بر جادّه مستقيمه هستم از جانب پيغمبر خود، و بدرستى كه من بر راه روشن مى‏باشم كه پيدا ميكنم آن راه را پيدا كردنى.

نظر نمائيد بسوى أهل بيت پيغمبر خودتان پس لازم شويد بسمت ايشان، و متابعت نمائيد أثر ايشان را، پس هرگز خارج نمى‏كنند ايشان شما را از هدايت، و هرگز بر نمى‏گردانند ايشان شما را بضلالت و هلاكت، پس اگر باز ايستند از طلب أمري باز ايستيد شما، و اگر بايستند بأمري بايستيد شما، و پيشى نگيريد بايشان پس گمراه شويد، و پس نيفتيد از ايشان پس هلاك شويد.

و بتحقيق ديدم من أصحاب حضرت رسالت مآب صلّى اللّه عليه و آله و سلّم را پس نديدم هيچيكى از شما را كه شبيه ايشان باشيد، بتحقيق كه بودند ايشان صباح مى‏ كردند ژوليده موى غبار آلوده سر بتحقيق كه شب را بروز مى ‏آوردند در حالتى كه سجده كنندگان و ايستاده‏گان بودند، راحت مى ‏نمودند ميان پيشانى و رخسارهاى خودشان را يعنى گاهى بپيشاني سجده مى‏ نمودند و گاهى رويشان را بزمين مى‏ نهادند، و مى ‏ايستادند بر مثال أخگر از ياد كردن قيامت و معاد خودشان گوئيا كه ميان چشمان ايشان زانوهاى بز است كه پينه بسته است از درازي سجده ايشان، هر گاه ذكر شود خداوند سبحانه ريزان مى‏ گرديد آب چشمهاى ايشان تا آنكه تر مى‏ شد گريبانهاى ايشان از اشك چشم، و مضطرب مى‏ شدند مثل مضطرب شدن و جنبيدن درخت در روز باد تند بسبب ترسيدن از عذاب، و بسبب اميدوارى بر ثواب.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=