خطبه 60 صبحی صالح
60- و قال ( عليه السلام ) لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم
كَلَّا وَ اللَّهِ
إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ
وَ قَرَارَاتِ النِّسَاءِ
كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ
حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلَّابِين
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج4
و قال عليه السلام لما قتل الخوارج و هو التاسع و الخمسون من المختار في باب الخطب
فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم: كلّا و اللّه إنّهم نطف في أصلاب الرّجال، و قرارات النّساء، كلّما نجم منهم قرن قطع حتّى يكون آخرهم لصوصا سلّابين.
اللغة
(القرار) و القرارة بالفتح ما قرّ فيه شيء و سكن و المراد هنا الأرحام و (نجم) ينجم من باب نصر ظهر و طلع و (القرن) الرّدق من الحيوان و موضعه من رأس الانسان أو الجانب الاعلى منه و القرن من القوم سيّدهم و رئيسهم و (اللصوص) جمع لص مثلّثة و (السّلب) الاختلاس
الاعراب
قوله في أصلاب الرّجال متعلق بالاستقرار المقدّر صفة للنطف، و سلّابين حال مؤكدة.
المعنى
هذا الكلام أيضا من جملة اخباره الغيبيّة حسبما عرفت في شرح كلامه السّابق فانّ أصحابه لمّا توهّموا هلاك القوم جميعا و استيصالهم ردعهم بقوله (كلّا و اللّه إنّهم نطف) مستقرّة (في أصلاب الرّجال و قرارات النّساء) يعنى أنّ قوما ممّن يرى رايهم و يقول بمثل مقالتهم الآن موجودون بعضهم في أصلاب الآباء و بعضهم في أرحام الامهات و سيظهرون و يتّبعون لهم و يكون لهم رؤساء ذو و أتباع و (كلّما نجم منهم قرن قطع) أراد به استيصال رؤسائهم و استعار لهم لفظ القرن مرشحا بذكر النّجم و القطع لكونهما من ملايمات المستعار منه، ثمّ أشار إلى ما يصير إليه حالهم من الدّنائة و الابتذال بقوله (حتّى يكون آخرهم لصوصا سلّابين) أى قطاعا للطريق روى أنّ طائفة من الخوارج لم يحضروا القتال و لم يظفر بهم أمير المؤمنين عليه السّلام و قد عرفت في شرح الكلام السّابق أنّ المفلتين من القتل كانوا تسعة نفر، فتفرقوا في البلاد و شاعت بدعهم فيها و صاروا نحوا من عشرين فرقة و كبارها ستّ و قيل سبع
احداها المحكمة
و هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين عليه السّلام عند التحكيم و كفّروه، و هم اثنا عشر ألف رجل كانوا أهل صلاة و صيام، و فيهم قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يحقر صلاة أحدكم في جنب صلاتهم، و صوم أحدكم في جنب صومهم، و لكن لا يجاوز ايمانهم تراقيهم، قالوا: من نصب من قريش و غيرهم و عدل فيما بين النّاس فهو امام، و إن غيّر السّيرة و جار وجب أن يعزل أو يقتل و لم يوجبوا نصب الامام، و جوّزوا أن لا يكون في العالم إمام و كفّروا عثمان و أكثر الصّحابة و مرتكب الكبيرة
الثانية البيهسية
أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر و كان بالحجاز و قتل في زمن الوليد قالوا: الايمان هو الاقرار و العلم باللّه و بما جاء به الرّسول فمن وقع فيما لا يعرف أحلال هو أم حرام فهو كافر، لوجوب الفحص عليه حتّى يعلم الحقّ، و قيل لا يكفر حتّى يرجع أمره إلى الامام فيحدّه و كلّما ليس فيه حدّ فمغفور، و قيل لا حرام إلّا ما في قوله: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً الآية.
و قالوا: إذا كفر الامام كفرت الرّعيّة حاضرا أو غايبا، و قال بعضهم السّكر من شراب حلال لا يؤاخذ صاحبه
الثالثة الازارقة
أصحاب نافع بن الازرق و كانوا أكبر الفرق غلبوا على الأهواز و بعض بلاد فارس و كرمان في أيّام عبد اللّه بن زبير، و هم في ثلاثين ألف فارس فأنفذ إليهم المهلب و لم يزل في حربهم هو و أولاده تسع عشرة إلى أن فرغ من أمرهم في أيّام الحجّاج و مذهبهم أنّهم قالوا: كفر عليّ بالتّحكيم، و هو الّذي أنزل اللّه في شأنه: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ و ابن ملجم محقّ في قتله، و هو الذي انزل في شأنه: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ.
و فيه قال شاعرهم:
يا ضربة من تقىّ ما أراد بها
إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إنّي لأذكره يوما فأحسبه
أو في البريّة عند اللّه ميزانا
عليه و عليهم ألف ألف لعنة من اللّه و الملائكة و النّاس أجمعين، و قالوا: أيضا بكفر عثمان و طلحة و الزّبير و عايشة و عبد اللّه بن العبّاس و ساير المسلمين معهم و قضوا بتخليدهم في النّار، و كفروا الذين قعدوا عن القتال و إن كانوا موافقين لهم في الدّين، و قالوا بتحريم التّقيّة في القول و العمل و بجواز قتل أولاد المخالفين و نسائهم و أنّه لا رجم على الزّاني المحصن إذ هو غير مذكور في القرآن، و المرأة إذا قذفت أحدا لا تحدّ، لأنّ المذكور في القرآن هو صيغة الذين و هي للمذكّر، و جوّزوا أن يكون النبيّ كافرا و إن كان بعد النبوّة، و قالوا: إنّ مرتكب الكبيرة كافر.
الرابعة النجدات
نسبتهم إلى نجدة بن عامر النّخعي و كان معه أميران يقال: لأحدهما عطية و للآخر أبو فديك، ففارقاه بشبهة ثمّ قتله أبو فديك و صار لكلّ منهما جمع عظيم، و قتلا في زمن عبد الملك، و هم افترقوا من حيث المذهب إلى فرق عديدة منها.
العاذرّية و هم الذين عذروا النّاس في الجهالات بالفروع و ذلك أنّ نجدة وجد لعنه اللّه بجيش إلى أهل القطيف فقتلوهم و أسروا نسائهم و نكحوهنّ قبل القسمة و أكلوا من الغنيمة قبلها أيضا فلمّا رجعو إلى نجدة و أخبروه بما فعلوا قال: لم يسعكم ما فعلتم، فقالوا: لم نعلم أنّه لا يسعنا فعذروهم بجهالتهم و قال النّجدات كلّهم: لا حاجة للنّاس إلى الامام بل الواجب عليهم رعاية النّصفة فيما بينهم و يجوز لهم نصبه إذا توقّفت عليه الامور و خالفوا الأزارقة في غير التّكفير.
و منها الأصغرية أصحاب زياد بن الأصغر يخالفون الأزارقة في تكفير من قعد عن القتال إذ كانوا موافقين لهم في الدّين و في إسقاط الرّجم فانّهم لم يسقطوه و جوّزوا التّقية في القول دون العمل، و قالوا المعصية الموجبة للحدّ لا يسمّى صاحبها إلّا بها فيقال سارق مثلا و لا يقال كافر و ما لا حدّ فيه لعظمته كترك الصّلاة و الصّوم يقال لصاحبه كافر.
الخامسة الاباضية
نسبتهم إلى عبد اللّه بن أباض كان في أيّام مروان بن محمّد فوجد إليه عبد اللّه محمّد بن عطية فقاتله و قتله، و هؤلاء ذهبوا إلى أنّ مخالفينا من أهل القبلة كفار غير مشركين يجوز مناكحتهم و غنيمة أموالهم حلال عند الحرب دون غيره، و دارهم دار الاسلام إلّا معسكر سلطانهم، و مرتكب الكبيرة موّحد غير مؤمن بناء على أنّ الأعمال داخلة في الايمان، و فعل العبد مخلوق للّه تعالى و مرتكب الكبيرة كافر كفر نعمة لا كفر ملّة، و توقفوا في النّفاق أهو شرك أم لا و كفّروا عليّا و أكثر الصّحابة و تحت هذه الفرقة أيضا فرق عديدة.
منهم الحفصيّة نسبتهم إلى أبى حفص بن أبي المقدام و زادوا على الاباضية أنّ بين الايمان و الشّرك معرفة اللّه تعالى فانّها خصلة متوسطة بينهما، فمن عرف اللّه تعالى و كفر بما سواه من رسول أو جنّة أو نار أو بارتكاب كبيرة فكافر لا مشرك.
و منهم اليزيدية و هم أصحاب يزيد بن أنيسة زادوا على الاباضية بقولهم: إنّه سيبعث نبيّ من العجم بكتاب يكتب في السماء و ينزل جملة واحدة و يترك شريعة محمّد إلى ملّة الصّابية المذكورة في القرآن، و قالوا أصحاب الحدود مشركون، و كلّ ذنب شرك صغيرة كانت أو كبيرة.
و منهم الحارثية و هم أصحاب أبي الحارث الأباضى، خالفوا الأباضية في القدر أى كون أفعال العباد مخلوقة منه تعالى، و فى كون الاستطاعة قبل الفعل.
السادسة العجاردة
أصحاب عبد الكريم بن عجرد، زعموا أنّ العبد إذا أتى بما امر به و لم يقصد اللّه كان ذلك طاعة، و قالوا أيضا بوجوب التبرّى عن الطفل حتّى يدّعي الاسلام بعد البلوغ، و يجب دعاؤه إلى الاسلام إذا بلغ، و هذه الفرقة افترقوا فرقا كثيرة: منهم الميمونية نسبتهم إلى ميمون بن عمران قالوا: باسناد الأفعال إلى قدر العباد، و يكون الاستطاعة قبل الفعل و أن اللّه يريد الخير دون الشّرّ و لا يريد المعاصي كما هو مذهب المعتزلة، قالوا: و أطفال الكفّار في الجنّة، و يروي منهم تجويز نكاح البنات للبنين و البنين للبنات، و جوّزوا أيضا نكاح بنات البنين و بنات البنات و بنات أولاد الاخوة و الأخوات، و نقل عنهم إنكار سورة يوسف فانهم زعموا أنّها قصّة من القصص، و لا يجوز أن تكون قصّة العشق قرآنا و منهم الحمزية نسبتهم إلى حمزة بن أدرك وافقوا الميمونيّة إلّا أنّهم قالوا أطفال الكفّار في النّار.
و منهم الشّعيبيّة نسبتهم إلى شعيب بن محمّد و هم كالميمونيّة في بدعتهم إلّا في القدر.
و منهم الحازميّة نسبتهم إلى حازم بن عاصم وافقوا الشّعيبيّة و يحكى عنهم أنّهم يتوقّفون في أمر عليّ و لا يصرّحون بالبرائة منه كما يصرّحون بالبرائة من غيره.
و منهم الخلفية أصحاب خلف الخارجي و هم خوارج كرمان أضافوا القدر خيره و شرّه إلى اللّه و حكموا بأنّ أطفال المشركين في النار بلا عمل و شرك.
و منهم الاطرافية و هم على مذهب حمزة و رئيسهم رجل من سجستان يقال له: غالب إلّا أنهم قالوا بمعذورية أهل الاطراف فيما لم يعرفوه من الشريعة إذا أتوا بما يعرف لزومه من جهة العقل، و وافقوا أهل السّنة في أصولهم.
و منهم المعلومية هم كالحازمية إلّا أنّهم قالوا يكفى المعرفة ببعض أسمائه، فمن علمه كذلك فهو عارف به و فعل العبد مخلوق له.
و منهم الصّلتية نسبتهم إلى عثمان بن أبى الصلت، و هم كالعجاردة لكن قالوا من أسلم و استجار بنا توليّنا و تبرأنا من أطفاله حتّى يبلغوا فيدعوا إلى الاسلام فيقبلوا.
السابعة الثعالبة
و ربما عدت هذه من فرق العجاردة فيكون الفرق الكبار ستّا، و بعضهم جعلها ستّا باسقاط المحكمة، و كيف كان فهم أصحاب ثعلبة بن عامر، قالوا بولاية الأطفال صغارا كانوا أو كبارا حتى يظهر منهم إنكار الحقّ بعد البلوغ، و نقل عنهم أنهم يرون أخذ الزكاة من العبيد إذا استغنوا و إعطائها لهم إذا افتقروا، و تفرّقوا إلى أربع فرق.
الاولى الأخنسية أصحاب الأخنس بن قيس، و امتازوا عن الثعالبة بأن توقفوا فيمن هو في دار التقية من أهل القبله فلم يحكموا عليه بايمان و لا كفر، و نقل عنهم تجويز نكاح المسلمات من مشركي قومهنّ.
الثانية المعبدية نسبتهم إلى معبد بن عبد الرّحمن، خالفوا الأخنسية في تزويج المسلمات من المشركين و خالفوا الثعالبة في زكاة العبيد أى أخذها منهم و دفعها إليهم.
الثالثة الشيبانية نسبتهم إلى شيبان بن سلمة قالوا بالجبر و نفى القدرة الحادثة الرّابعة المكرمية نسبتهم إلى مكرم العجلى قالوا تارك الصلاة كافر لا لترك الصلاة بل لجهلهم باللّه، فانّ من علم أنه مطلع على سرّه و علنه و مجازيه على طاعته و معصيته لا يتصوّر منه الاقدام على ترك الصلاة، و كذا كلّ كبيرة فانّ مرتكبها كافر بجهله باللّه
الترجمة
و فرموده آن حضرت وقتى كه قتل نمود خوارج را و عرض كردند به آن حضرت كه جميع طايفه خوارج هلاك و تمام شدند: نيست و همچنين بخدا قسم به درستى كه ايشان نطفه ها هستند در پشتهاى مردان و در رحمهاى زنان هر گاه ظاهر شود از ايشان شاخى بريده شود تا اين كه مى باشد آخر ايشان دزدان ربايندگان يعنى مآل كارشان به جائى رسد كه در آخر از رذالة و دنائة نفس قطاع الطريق و راهزن مي شوند.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»