google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
خطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی40-60 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 56 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)پیشگویی وپیش بینی حضرت امیر علیه السلام

خطبه 57 صبحی صالح

57- و من كلام له ( عليه ‏السلام  ) في صفة رجل مذموم ثم في فضله هو ( عليه‏ السلام  )

أَمَّا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ

مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ

يَأْكُلُ مَا يَجِدُ

وَ يَطْلُبُ مَا لَا يَجِدُ

فَاقْتُلُوهُ

وَ لَنْ تَقْتُلُوهُ

أَلَا وَ إِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَ الْبَرَاءَةِ مِنِّي

فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي

فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ

وَ لَكُمْ نَجَاةٌ

وَ أَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلَا تَتَبَرَّءُوا مِنِّي

فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ

وَ سَبَقْتُ إِلَى الْإِيمَانِ وَ الْهِجْرَةِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج4  

و من كلام له عليه السّلام و هو السادس و الخمسون من المختار فى باب الخطب

أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، و يطلب ما لا يجد، فاقتلوه، و لن تقتلوه، ألا و إنّه سيأمركم بسبّي و البراءة منّي، فأمّا السّبّ فسبّوني، فإنّه لي زكاة و لكم نجاة، و أمّا البراءة فلا تتبرّؤا منّي، فإنّي ولدت على الفطرة،و سبقت إلى الإيمان و الهجرة.

اللغة

(ظهر) عليه غلب و (رحب البلعوم) و اسعه و البلعوم بضّم الباء مجرى الطعام في الحلق و (المندحق) البارز من اندحقت رحم النّاقة إذا خرجت من مكانه و (الفطرة) بالكسر الخلقة و المراد بها الاسلام.

الاعراب

أما بالفتح و التّخفيف حرف استفتاح بمنزلة ألا قال الرّضيّ كانّهما مركبان من همزة الانكار و حرف النّفى، و نفى النّفى اثبات ركبا لافادة الاثبات و التّحقيق و قول الشّارح البحراني يحتمل أن يكون المشدّدة و التّقدير أما بعد إنّه كذا، فيه أنّ أمّا الشّرطية يلزمها الفاء بعدها اللازمة للشّرط و لا يجوز حذفها إلّا في مقام الضّروره قال الشّاعر:

         فأمّا القتال لا قتال لديكم‏

و أيضا فانّهم قد قالوا في كتب الأدبيّة إنّ أمّا بعد أصله مهما يكن من شي‏ء بعد الحمد فوقعت كلمة أما موقع اسم هو المبتدأ و فعل هو الشّرط و تضمّنت معناهما فلتضمّنها معنى الابتداء لزمها لصوق الاسم اللّازم للمبتدأ أداء بحقّ ما كان و إبقاء له بقدر الامكان، و لتضمّنها معنى الشّرط لزمتها الفاء، فعلى ما ذكروه يستلزم حذف كلمة بعد القائها عن اصلها و عدم أداء الحقّ الواجب مراعاته.

المعنى

اعلم أنّ هذا الكلام له عليه السّلام اخبار ببعض ما يبتلى به أهل الكوفة بعده و أمر لهم بما يجب عليهم أن يعملوه حين الابتلاء بتلك البليّة فخاطبهم بقوله (أما انّه سيظهر عليكم بعدى رجل) أكول (رحب البلعوم مند حق البطن) و هو لفرط حرصه بالأكل (يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد) و حيث أدركتموه (فاقتلوه) لعدوله عن طريق السداد و كونه من أهل الزّندقة و الالحاد (و لن تقتلوه ألا و إنّه سيأمركم بسبّي) لشدّة ما فيه من الكفر و النّفاق (و بالبرائة منّي) لغلبة ما عليه من البغضاء و الشقاق (فأما السّبّ فسبّوني فانّه لي زكاة) إذ ذكر المؤمن بسوء هو زكاة له و سبّه ما ليس فيه هو زيادة في جاهه و شرفه كما ورد في الحديث (و لكم نجاة) إذ مع السّبّ يرتفع التهمة عنكم و لا يؤخذ بأعناقكم (و أما البراءة فلا تتبرّءوا منّي) و ذلك (فانّي ولدت على الفطرة) أى على فطرة الاسلام التي فطر النّاس عليها (و سبقت) النّاس (إلى الايمان و الهجرة).

و في هذا الكلام نكات شريفة ينبغي الاشارة اليها

الاول

أنّ هذا الكلام له عليه السّلام إخبار بما يكون قبل كونه باعلام من اللّه و تعليم من رسول اللّه، و نحو هذا قد وقع منه عليه السّلام كثيرا فوق حدّ الاحصاء في الوقايع الملحمة و الخطوب المعظمة حسبما يأتي في شرح الخطبة الثّانية و التسعين و غيرها أيضا، و لا باس بالاشارة إلى نبذ منها هنا.

مثل ما عن كتاب الغارات لابراهيم بن هلال الثقفي عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل، عن محمّد بن علي عليهما السّلام، قال قال لمّا قال عليّ عليه السّلام: سلوني قبل أن تفقدوني فو اللّه لا تسألوني عن فئة تضلّ مأئة و تهدى مأئة إلّا أنبأتكم بناعقها و سائقها، قام إليه رجل فقال: أخبرني بما في رأسى و لحيتي من طاقة شعر، فقال له عليّ عليه السّلام: و اللّه لقد حدّثني خليلي انّ على كلّ طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك، و أنّ على كلّ طاقة شعر من لحيتك شيطانا يغويك، و إنّ في بيتك سخل يقتل ابن رسول اللّه، و كان ابنه قاتل الحسين يومئذ طفلا يحبو، و هو سنان بن أنس النخعي.

و روى الحسن بن محبوب، عن ثابت الثّمالي، عن سويد بن غفلة أنّ عليّا خطب ذات يوم فقام رجل من تحت منبره فقال: يا أمير المؤمنين إنّى مررت بواد القرى فوجدت خالد بن عرفطة قد مات، فاستغفر له فقال عليه السّلام: ما مات و لا يموت حتّى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن حمّاد، فقام رجل آخر من تحت المنبر فقال: يا أمير المؤمنين أنا حبيب بن حمّاد و انّي لك شيعة و محبّ، فقال: و أنت حبيب ابن حمّاد قال: نعم فقال له ثانية: و اللّه إنّك لحبيب بن حمّاد فقال اي و اللّه‏

قال: أما و اللّه إنّك لحاملها و لتحملنّها و لتدخلنّ بها من هذا الباب، و أشار إلى باب الفيل بمسجد الكوفة، قال ثابت فو اللّه مامتّ حتّى رأيت ابن زياد و قد بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن عليّ و جعل خالد بن عرفطة على مقدّمته، و حبيب بن حمّاد صاحب رايته، و دخل بها من باب الفيل.

و روى عثمان بن سعيد، عن يحيى التّميمى عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجا قال قام أعشي باهله و هو غلام يومئذ حدث إلى علّي و هو يخطب و يذكر الملاحم، فقال: يا أمير المؤمنين ما أشبه هذا الحديث بحديث الخرافة، فقال: إن كنت آثما فيما قلت يا غلام فرماك اللّه بغلام ثقيف ثمّ سكت، فقال رجال: و من غلام ثقيف يا أمير المؤمنين قال: غلام يملك بلدتكم هذه لا يترك للّه حرمة إلّا انتهكها يضرب عنق هذا الغلام بسيفه.

فقالوا: كم يملك يا أمير المؤمنين قال: عشرين إن بلغها، قالوا فيقتل قتلا أم يموت موتا، قال: بل يموت حتف أنفه بداء البطن يثقب مريره لكثرة ما يخرج، قال اسماعيل بن رجا: فو اللّه لقد رأيت بعيني أعشى باهلة و قد احضر في جملة الاسرى الذين اسروا من جيش عبد الرّحمن بن محمّد بن الأشعث بين يدي الحجاج، فقرعه و ذبحه و استنشده شعره الذي يحرض فيه عبد الرّحمن على الحرب، ثمّ ضرب عنقه في ذلك المجلس.

و روى إبراهيم بن ميمون الأزدي عن حبّة العرنى قال: كان جويرية بن مسهر العبدي صالحا، و كان لعليّ بن أبى طالب صديقا، و كان عليّ يحبّه، و كان له شدّة اختصاص به حتّى دخل على عليّ يوما و هو مضطجع و عنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية أيّها النّائم استيقظ فلتضر بنّ على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك، قال: فتبسّم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: و أحدّثك يا جويرية بأمرك أما و الذي نفسي بيده لتعتلنّ إلى العتلّ الزّنيم فليقطعنّ يدك و رجلك و ليصلّبنك تحت جذع كافر، قال: فو اللّه ما مضت الأيّام على ذلك حتّى أخذ زياد جويرية، فقطع يده و رجله و صلبه إلى جانب جذع ابن مكعبر، و كان جذعا طويلا فصلبه على جذع‏ قصير إلى جانبه.

و عن كتاب الغارات عن أحمد بن الحسن الميثمي قال: كان ميثم التّمار مولى عليّ بن أبى طالب عبدا لا مرئة من بني أسد، فاشتراه عليّ منها و أعتقه، و قال له ما اسمك فقال: سالم فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني أنّ اسمك الذي سمّاك به أبوك في العجم ميثم، فقال: صدق اللّه و صدق رسوله و صدقت يا أمير المؤمنين فهو و اللّه اسمي قال: فارجع إلى اسمك و دع سالما فنحن نكنّيك به فكنّاه أبا سالم.

قال: و قد كان قد اطلعه عليّ عليه السّلام على علم كثير و أسرار خفيّة من أسرار الوصيّة، فكان ميثم يحدّث ببعض ذلك فيشكّ فيه قوم من أهل الكوفة و ينسبون عليا في ذلك إلى المخرفة و الايهام و التّدليس.

حتّى قال له يوما بمحضر من خلق كثير من أصحابه و فيهم الشّاك و المخلص: يا ميثم إنّك تؤخذ بعدي و تصلب، فاذا كان اليوم الثّاني ابتدر منخراك و فمك دما حتّى يخضب لحيتك، فاذا كان اليوم الثّالث طعنت بحربة يقضى عليك، فانتظر ذلك، و الموضع الذي تصلب فيه نخلة على باب دار عمرو بن حريث، إنّك لعاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة و أقربهم من المطهرة يعنى الأرض، و لارينّك النّخلة التي تصلب على جذعها، ثمّ أراه إيّاها بعد ذلك بيومين.

و كان ميثم يأتيها فيصلّي عندها و يقول: بوركت من نخلة، لك خلقت، ولي نبتّ، فلم يزل يتعاهدها بعد قتل عليّ عليه السّلام حتّى قطعت، فكان يرصد جذعها و يتعاهده و يتردّد إليه و يبصره، و كان يلقى عمرو بن حريث فيقول له: إنّى مجاورك فأحسن جواري، فلا يعلم ما يريد فيقول له: أ تريد أن تشترى دار ابن مسعود أم دار ابن حكيم قال: و حجّ في السّنة التي قتل فيها، فدخل على أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فقالت له: من أنت قال: عراقيّ فاستنسبته فذكر لها أنّه مولى عليّ بن أبي طالب، فقالت: و أنت ميثم قال: أنا ميثم، فقالت: سبحان اللّه و اللّه لربما سمعت رسول اللّه يوصي بك عليّا في جوف الليل فسألها عن الحسين بن عليّ عليه السّلام فقالت: هو في حايط له،

قال: أخبريه أنّي قد أحببت السلام عليه و نحن ملتقون عند ربّ العالمين إنشاء اللّه و لا اقدر اليوم على لقائه و أريد الرّجوع.

فدعت بطيب فطيب لحيته فقال لها: أما أنها ستخضب بدم فقالت: من أنباك هذا قال: أنبأني سيدي فبكت أمّ سلمة و قالت له: إنّه ليس بسيّدك وحدك و هو سيّدي و سيّد المسلمين ثمّ و دّعته.

فقدم الكوفة فاخذوا دخل على عبيد اللّه بن زياد، و قيل له: هذا كان من آثر النّاس عند أبي تراب، قال: و يحكم هذا الأعجمى قالوا: نعم، فقال له عبيد اللّه: أين ربك قال: بالمرصاد، قال: قد بلغنى اختصاص أبي تراب لك، قال: قد كان بعض ذلك فما تريد قال: و انّه ليقال إنّه قد أخبرك بما سيلقاك، قال نعم: أخبرني.

قال: ما الذي أخبرك أنّى صانع بك قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة و أنا أقصرهم خشبة و أقربهم من المطهرة، قال: لاخالفنّه، قال: ويحك كيف تخالفه إنّما أخبر عن رسول اللّه، و أخبر رسول اللّه عن جبرئيل، و أخبر جبرئيل عن اللّه، فكيف تخالف هؤلاء أما و اللّه لقد عرفت الموضع الذي أصلب فيه أين هو من الكوفة، و إنّى لأوّل خلق اللّه الجم في الاسلام بلجام كما يلجم الخيل، فحبسه و حبس معه المختار بن أبي عبيدة الثقفي، فقال ميثم للمختار و هما في حبس ابن زياد: إنّك تفلت و تخرج ثائرا بدم الحسين فتقتل هذا الجبار الذي نحن في حبسه و تطاء بقدمك هذا على جبهته و خديه، فلما دعا عبيد اللّه بن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية إلى عبيد اللّه بن زياد يأمره بتخلية سبيله و ذاك أنّ اخته كانت تحت عبد اللّه بن عمر بن الخطاب، فسألت بعلها أن يشفع فيه إلى يزيد فشفع فأمضى شفاعته و كتب بتخلية سبيل المختار على البريد فوافى البريد و قد اخرج ليضرب عنقه فاطلق.

و أما ميثم فاخرج بعده ليصلب و قال عبيد اللّه لأمضينّ حكم أبي تراب فيك فلقاه رجل فقال له: ما كان أغناك عن هذا يا ميثم فتبسّم فقال و هو يؤمي إلى‏ النخلة لها خلقت ولي غذّيت، فلما رفع على الخشبة اجتمع النّاس حوله على باب عمرو ابن حريث، فقال عمرو: و لقد كان يقول لي إنّى مجاورك فكان يأمر جاريته كلّ عشيّة أن تكنس تحت خشبته و ترشّه و تجمر بالمجمر تحته.

فجعل ميثم يحدّث بفضايل بني هاشم و مخازي بنى أميّة و هو مصلوب على الخشبة فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: ألجموه، فالجم، فكان أوّل خلق اللّه ألجم في الاسلام، فلما كان اليوم الثاني فاضت منخراه و فمه دما، فلما كان اليوم الثالث طعن بحربة فمات، و كان قتله قبل قدوم الحسين عليه السّلام العراق بعشرة أيام.

و روى صاحب الغارات عن زياد بن النّصر الحارثى قال كنت عند زياد و قد اتى برشيد الهجرى و كان من خواصّ أصحاب عليّ عليه السّلام فقال له زياد: ما قال لك خليلك إنّا فاعلون بك قال: تقطعون يدي و رجلي و تصلبونني فقال زياد: أما و اللّه لأكذّبنّ حديثه خلّوا سبيله، فلما أراد أن يخرج قال: ردّوه لا نجد شيئا أصلح ممّا قال لك صاحبك، إنّك لا تزال تبغي لنا سوء إن بقيت، اقطعوا يديه و رجليه، فقطعوا يديه و رجليه و هو يتكلّم، فقال: اصلبوه خنقا في عنقه، فقال رشيد: قد بقي لي عندكم شي‏ء ما أراكم فعلتموه، فقال زياد: اقطعوا لسانه، فلما أخرجوا لسانه ليقطع قال: خلّوا عنّي أتكلّم كلمة، فنفسوا عنه، فقال: هذا و اللّه تصديق خبر أمير المؤمنين أخبرني بقطع لساني، فقطعوا لسانه و صلبوه.

و في البحار من كتاب كشف الغمة، من كتاب لطف التّدبير لمحمد بن عبد اللّه الخطيب قال: حكي أنّ معاوية بن أبي سفيان قال لجلسائه بعد الحكومة: كيف لنا أن نعلم ما تؤل إليه العاقبة في أمرنا، قال جلساؤه: ما نعلم لذلك وجها، قال: فأنا استخرج علم ذلك من عليّ فانّه لا يقول الباطل.

فدعا ثلاثة رجال من ثقاته و قال لهم امضوا حتّى تصيروا جميعا من الكوفة على مرحلة، ثمّ تواطئوا على أن تنعوني بالكوفة و ليكن حديثكم واحد في ذكر العلّة و اليوم و الوقت و موضع القبر و من تولّى الصلاة عليه و غير ذلك حتى لا تختلفوا في شي‏ء ثمّ ليدخل أحدكم فليخبر بوفاتي، ثمّ ليدخل الثاني فيخبر بمثله، ثمّ ليدخل الثّالث فليخبر بمثل خبر صاحبه و انظروا ما يقول عليّ.

فخرجوا كما أمرهم معاوية ثمّ دخل أحدهم و هو راكب مغذّ«» شاحب فقال له النّاس بالكوفة: من أين جئت قال: من الشّام قالوا له: ما الخبر قال: مات معاوية، فأتوا عليّا عليه السّلام فقالوا رجل راكب من الشّام يخبر بموت معاوية فلم يحفل عليّ عليه السّلام بذلك، ثمّ دخل آخر من الغد و هو مغذّ فقال له النّاس: ما الخبر فقال: مات معاوية و خبر بمثل ما خبر صاحبه، فأتوا عليّا عليه السّلام فقالوا: رجل راكب يخبر بموت معاوية بمثل ما أخبر صاحبه و لم يختلف كلامهما، فأمسك عليّ عليه السّلام ثمّ دخل الآخر في اليوم الثّالث فقال النّاس: ما وراك قال: مات معاوية، فسألوه عمّا شاهد فلم يخالف قول صاحبيه، فأتوا عليّا فقالوا: يا أمير المؤمنين صحّ الخبر هذا راكب ثالث قد خبر بمثل ما خبر صاحباه.

فلمّا أكثروا عليه قال عليّ صلوات اللّه عليه، كلّا أو تخضب هذه من هذه يعني لحيته من هامته و يتلاعب بها«» ابن آكلة الاكباد، فرجع الخبر بذلك إلى معاوية هذا.

و الأنباء الغيبية منه عليه السّلام متجاوزة عن حدّ الاحصاء، و لو أردنا أن نجمع منها ما يسعها الطاقة و تناولها يد التّتبّع لصار كتابا كبير الحجم، و يأتي بعض منها في تضاعيف الشّرح، و منها إخباره بغرق البصرة و من في ضمنها و بقاء مسجدها كجؤجؤ سفينة في لجّة بحر على ما مرّ إليه الاشارة في كلامه الحادى عشر.

الثاني

اختلف الشّرّاح في الرّجل الذي أخبر عليه السّلام بظهوره على أهل الكوفة فقيل: هو زياد بن ابيه، و قيل: الحجاج بن يوسف، و قيل المغيرة بن شعبة، و الأكثرون على أنّ المراد به معاوية بن ابي سفيان، لاتّصافه بما وصفه عليه السّلام به من النّهم و كثرة الأكل، و كان بطينا يقعد بطنه إذا جلس على فخذيه، و كان جوادا بالمال و الصّلاة و بخيلا على الأكل و الطعام.

يقال: إنّه مازح أعرابيا على طعامه و قد قدم بين يديه خروف، فأمعن الاعرابي في أكله فقال له ما ذنبه اليك انطحك أبوه، فقال الأعرابى (للأعرابى): و ما حنوك عليه أرضعتك أمّه، و قد روى أنّه كان يأكل فيكبر ثمّ يقول: ارفعوا فو اللّه ما شبعت و لكن مللت و تعبت.

قال في شرح المعتزلي تظاهرت الأخبار أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دعا على معاوية لمّا بعث إليه يستدعيه فوجده يأكل ثمّ بعث فوجده يأكل فقال: اللهمّ لا تشبع بطنه قال الشّاعر:

         و صاحب لي بطنه كالهاوية            كانّ في أمعائه معاوية

و يدلّ على ما ذكرنا من أنّ مراده عليه السّلام بالرّجل الموصوف معاوية قوله: أما أنّه سيأمركم بسبّي و البراءة منّي، فانّ غيره ممّن ذكرنا و إن كان يأمر بالبرائة و السّب أيضا إلّا أنّ هذا الملعون ابن الملعون قد أخذ ذلك شعارا له، و قد أمر النّاس بالشّام و العراق بسبّه و البراءة منه، و خطب بذلك على منابر الاسلام حتّى صار ذلك سنة في أيام بني أميّة على ما يأتي تفصيله في شرح الكلام السّابع و التسعين إلى أن قام عمر بن عبد العزيز، فأزاله.

روى الجاحظ أنّ قوما من بني امية قالوا لمعاوية يا أمير المؤمنين إنك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن لعن هذا الرّجل، فقال: لا و اللّه حتّى يربو عليها الصغير و يهرم عليها الكبير و لا يذكر له ذاكر فضلا.

و أمّا السّبب في منع عمر بن عبد العزيز عن ذلك فهو على ما روى عنه أنّه قال: كنت غلاما أقرء القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود، فمرّ بي يوما و أنا ألعب مع الصّبيان و نحن نلعن عليا، فكره ذلك و دخل المسجد فتركت الصّبيان و جئت إليه لادرس عليه وردى، فلمّا رءانى قام و صلّى و أطال في الصّلاة شبه المعرض عنّى حتّى أحسست منه بذلك فلمّا انفتل من صلاته كلح في وجهى، فقلت له: مابال الشّيخ، فقال لي: يا بنىّ أنت اللاعن عليّا منذ اليوم، قلت: نعم، قال: فمتى علمت أنّ اللّه سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم فقلت: يا ابه و هل كان عليّ من أهل بدر فقال: ويحك و هل كان بدر كلّها إلّا له، فقلت: لا أعود، فقال: اللّه انك لا تعود، قلت: نعم، فلم العنه بعدها ثمّ كنت احضر تحت منبر المدينة و أبي يخطب يوم الجمعة و هو حينئذ أمير المدينة فكنت أسمع يمرّ في خطبه حتّى تهدر شقاشقه حتّى يأتي إلى لعن عليّ فيجمجم و يعرض له من الفهاهة و الحصر ما اللّه عالم به، فكنت أعجب من ذلك فقلت له يوما: أنت أفصح النّاس و أخطبهم فما بالى أراك أفصح خطيب يوم حفلك و إذا مررت بلعن هذا الرّجل صرت ألكن عييّا فقال: يا بنيّ إنّ من ترى تحت منبرنا من أهل الشّام و غيرهم لو علموا من فضل هذا الرّجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد، فوقرت كلمته في صدرى مع ما كان قال لي معلمي ايام صغرى، فأعطيت اللّه عهدا لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لاغيّرن، فلما منّ اللّه علىّ بالخلافة أسقطت ذلك و جعلت مكانه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ يَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ و كتبت به إلى الآفاق فصار سنّة و عن مروج الذهب جعل مكانه: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ و في هذا المعنى قال السّيد الرّضى رحمة اللّه عليه:

يابن عبد العزيز لو بكت العين
فتا من أميّة لبكيتك‏

غير انّي أقول إنّك قد طبت‏
و إن لم يطب و لم يزك بيتك‏

أنت نزّهتنا عن السّبّ و القذف
فلو أمكن الجزاء جزيتك‏

و لو إنّي رأيت قبرك لاستحييت‏
من أن أرى و ما حيّيتك‏

و قليل أن لو بذلت دماء البدن
صردا على الذي اسقيتك‏

دير سمعان«» فيك نادى أبي حفص‏
يؤدي لو انني اوتيتك‏

دير سمعان لا أعبك«» غيث
خير ميت من آل مروان ميتك‏

أنت بالذكر بين عيني و قلبى‏
إن تدا نيت منك أو إن نأيتك‏

و عجبت إنّي قليت بني مروان
كلّا و أنّنى ما قليتك‏

قرب العدل منك لما نأى الجور
منهم فاحتويتهم و اجتبيتك‏

فلو انّى ملكت دفعا لما نابك
من طارق الرّدى لفديتك

 

«»الثالث

لقائل أن يقول: ما الفرق بين السّبّ و التبرّى حيث رخّص في الأوّل و نهى عن الثاني مع أنّ السّبّ أفحش من التبرّى قال الشّارح المعتزلي: لأنّ هذه اللفظة ما وردت في القرآن العزيز إلّا عن المشركين ألا ترى إلى قوله:

 بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

و قال تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى فقد صارت بحسب العرف الشّرعي مطلقة على المشركين خاصّة، فاذن يحمل هذا النّهى على ترجيح تحريم لفظ البراءة على لفظ السّبّ و إن كان حكمهما واحدا أقول و التحقيق في الجواب ما ذكره الشّارح البحراني حيث قال: إنّ السّبّ من صفات القول اللساني و هو أمر يمكن ايقاعه من غير اعتقاده مع احتماله التّعريض و مع ما يشتمل عليه من حقن دماء المأمورين و نجاتهم بامتثال الأمر به و أمّا التبرّء فليس بصفة قوليّة فقط بل يعود إلى المجانبة القلبيّة و المعاداة و البغض و هو المنهىّ عنه ههنا، فانّه أمر باطن يمكنهم الانتهاء عنه و لا يلحقهم بسبب تركه و عدم امتثال الأمر به ضرر، و كأنّه لحظ فيه قوله تعالى إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ الآية.

و محصّله ارجاع النّهى عن التبريّ فى قوله: و لا تتبرّؤا، على التّبرّى بالقلب دون التّبرّى بمجرّد اللسان مع اطمينان القلب بالايمان، و يدل على ذلك ما يأتي في حديث الطبيب اليوناني مع أمير المؤمنين عليه السّلام في شرح الفصل الأوّل من الخطبة المأة و السّابعة، من أمره عليه السّلام له باظهار التّبرّى في مقام التّقية، و يستفاد من بعض الأخبار أنّ ترك كلمة الكفر و الصّبر على القتل أفضل من التقيّة و هو ما رواه المحدّث الجزائرى.

قال في زهر الرّبيع: روى أنّ مسيلمة الكذّاب أخذ رجلين من المسلمين فقال لأحدهما: ما تقول في محمّد قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: فما تقول فيّ قال: أنت أيضا، فخلاه، و قال للآخر فما تقول في محمّد قال: رسول اللّه، قال: فما تقول فيّ قال: أنا أصمّ، فأعاد عليه ثلاثا، فأعاد جوابه الأوّل فقتله، فبلغ ذلك رسول اللّه‏

فقال: أمّا الأوّل فقد أخذ برخصة اللّه، و أمّا الثّاني فقد صدع بالحقّ فهنيئا له

الترجمة

از جمله كلام بلاغت انجام آن حضرت است كه فرمود بأصحاب خود: آگاه باشيد كه زود باشد غالب شود بر شما بعد از من مردى گشاده گلوى بر آمده شكم كه مى‏ خورد آنچه را كه يابد و مى‏ جويد آنچه را كه نيابد، منظور معاوية بن ابي سفيان عليه اللعنة و النيرانست پس بكشيد آنرا و حال آنكه هرگز نخواهيد كشت، بدانيد بدرستى زود باشد كه امر نمايد شما را آن مرد بناسزا گفتن بمن و به تبرّى كردن از من، پس اما ناسزا گفتن پس ناسزا گوئيد مرا از جهة اين كه آن ناسزا گفتن شما باعث پاكيزگى من است و سبب نجاة و خلاصى شماست و اما برائت و بيزارى پس تبرّى نكند از جهة اين كه من مولود شده‏ام بر فطرة اسلام و پيشى گرفته‏ام بر هجرت و ايمان و معلوم است كسى كه متّصف باين صفت باشد تبرى از او جايز و سزا نيست، بلكه باعث عذاب ابديست و سبب عقاب دائمى

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=