خطبه 3 صبحی صالح
3- و من خطبة له ( عليه السلام ) و هي المعروفة بالشقشقية و تشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له
أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى
يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ
فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً
وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ
يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ
ترجيح الصبر
فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى
فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا
أَرَى تُرَاثِي نَهْباً
حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلَانٍ بَعْدَهُ
ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْأَعْشَى
شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا وَ يَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ
فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ
لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا
فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا وَ يَخْشُنُ مَسُّهَا وَ يَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا وَ الِاعْتِذَارُ مِنْهَا
فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وَ إِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ
فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ بِخَبْطٍ وَ شِمَاسٍ وَ تَلَوُّنٍ وَ اعْتِرَاضٍ
فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وَ شِدَّةِ الْمِحْنَةِ
حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ
فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ
لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَ طِرْتُ إِذْ طَارُوا
فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ وَ مَالَ الْآخَرُ لِصِهْرِهِ مَعَ هَنٍ وَ هَنٍ
إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ
وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ
إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَ أَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ
مبايعة علي
فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَ النَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَ شُقَّ عِطْفَايَ
مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ
فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَ مَرَقَتْ أُخْرَى وَ قَسَطَ آخَرُونَ
كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَ وَعَوْهَا وَ لَكِنَّهُمْ
حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَ رَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا
أَمَا وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَ قِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَ لَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَ لَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَ لَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ
قَالُوا وَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَنَاوَلَهُ كِتَاباً قِيلَ إِنَّ فِيهِ مَسَائِلَ كَانَ يُرِيدُ الْإِجَابَةَ عَنْهَا فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيهِ (فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ) قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوِ اطَّرَدَتْ خُطْبَتُكَ مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ فَقَالَ هَيْهَاتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللَّهِ مَا أَسَفْتُ عَلَى كَلَامٍ قَطُّ كَأَسَفِي عَلَى هَذَا الْكَلَامِ أَلَّا يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليهالسلام )بَلَغَ مِنْهُ حَيْثُ أَرَادَ
قال الشريف رضي اللّه عنه قوله ( عليهالسلام ) كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام و هي تنازعه رأسها خرم أنفها و إن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها يقال أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه و شنقها أيضا ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق و إنما قال أشنق لها و لم يقل أشنقها لأنه جعله في مقابلة قوله أسلس لها فكأنه ( عليهالسلام ) قال إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه عليها بالزمام
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج2
الفصل الثاني
حتّى مضى الأوّل لسبيله، فأدلى بها إلى ابن الخطّاب بعده، ثمّ تمثّل عليه السّلام بقول الأعشى:
شتّان ما يومي على كورها و يوم حيّان أخي جابر
فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشدّ ما تشطّرا ضرعيها، فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، و يخشن مسّها، و يكثر العثار فيها، و الاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصّعبة إن أشنق لها خرم، و إن أساس لها تقحّم، فمني النّاس لعمر اللّه بخبط و شماس، و تلوّن و اعتراض، فصبرت على طول المدّة، و شدّة المحنة.
اللغة
يقال فلان (مضى) لسبيله أي مات و (أدلى) بها إلى فلان أى القاها إليه و دفعها قال تعالى: «وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ» أى تدفعوها إليهم رشوة و أصله من أدليت الحبل في البئر إدلاء أي أرسلتها ليستقى بها و (تمثل) بالبيت أنشده للمثل و (شتّان) اسم فعل فيه معنى التعجب يقال: شتان ما هما و ما بينهما و ما عمرو و أخوه أى بعد ما بينهما، قال الشّارح المعتزلي و لا يجوز شتّان ما بينهما إلّا على قول ضعيف و (الكور) بالضمّ رحل البعير بأداته و (الاقالة) فكّ عقد البيع و نحوه، و الاستقالة طلب ذلك و (شدّ) أى صار شديدا مثل حبّ اذا صار حبيبا (تشطر) إما مأخوذ من الشّطر بمعنى النّصف يقال: فلان شطر ماله اى نصفه، أو من الشطر بمعنى خلف الناقة بالكسر، قال الشّارح المعتزلي: و للنّاقة أربعه أخلاف خلفان قادمان«» و خلفان آخر ان و كلّ اثنين منهما شطر و تشطرا ضرعيها اقتسما فايدتها، و الضّمير للخلافة و سمّى القادمين معا ضرعا و سمّى الآخرين معا ضرعا لتجاورهما و لكونهما لا يحلبان إلا معا كالشّيء الواحد انتهى، و لفظ التشطر على وزن التّفعل غير موجود في كتب اللغة.
قال العلامة المجلسي: و في رواية المفيد و غيره شاطرا على صيغة المفاعلة يقال: شاطرت ناقتي إذا احتلبت شطرا و تركت الآخر، و شاطرت فلانا مالى إذا ناصفته و (الحوزة) الطبيعة و النّاحية و (الغلظ) ضدّ الرّقة و (الكلم) بفتح الكاف و سكون اللّام يقال: كلمته كلما من باب قتل جرحته و من باب ضرب لغة، ثمّ اطلق المصدر على الجرح و يجمع على كلوم و كلام مثل بحر و بحور و بحار و (العثار) بالكسر مصدر من عثر الرّجل و الفرس أيضا يعثر من باب قتل و ضرب و علم كبا و (الصّعبة) من النّوق غير المنقادة لم تذلل بالمحمل و لا بالرّكوب و (أشنق) بعيره أى جذب رأسه بالزّمام ليمسكه عن الحركة العنيفة كما يفعل الفارس بفرسه و هو راكب، و أشنق هو بالألف أيضا كشنق رفع رأسه فيستعمل الرّباعي لازما و متعديا كالثلاثي.
قال الرضيّ بعد ايراد تمام الخطبة: قوله عليه السّلام إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم، يريد أنّه إذا شدّد عليها في جذب الزّمام و هي تنازعه رأسها خرم أنفها و إن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها، يقال: أشنق النّاقة إذا جذب رأسها بالزّمام فرفعه و شنقها أيضا ذكر ذلك ابن السّكيت في اصلاح المنطق و إنّما قال: أشنق لها و لم يقل: أشنقها، لأنّه جعله في مقابلة قوله أسلس لها فكانه عليه السّلام قال: إن رفع لها رأسها بالزّمام بمعنى أمسكه عليها انتهى.
و (الخرم) الشّق يقال خرم فلانا كضرب أى شق و ترة أنفه«» و هي ما بين منخريه فخرم هو كفرح و (أسلس لها) أرخى زمامها و (تقحم) فلان رمى نفسه في المهلكة و تقحم الانسان في الأمر ألقى نفسه فيه من غير روية و تقحم الفرس راكبه رماه على وجهه و (مني) على المجهول اى ابتلى و (الخبط) بالفتح السّير على غير معرفة و في غير جادة و (الشّماس) بكسر الشّين النّفار يقال: شمس الفرس شموسا و شماسا أى منع ظهره فهو فرس شموس بالفتح و (التّلوّن) في الانسان أن لا يثبت في خلق واحد و (الاعتراض) السّير على غير استقامة كأنّه يسير عرضا و (المحنة) البليّة التي يمتحن بها الانسان.
الاعراب
اللّام في قوله عليه السّلام: لسبيله، بمعنى على كما في قوله:
فخرّ صريعا لليدين و للفم.
و شتّان مبني على الفتح لتضمّنه معنى افترق مع تعجب، أى ما أشدّ الافتراق فيطلب فاعلين كافترق نحو شتّان زيد و عمرو، و قد يزاد بعده ما كما في البيت، و يومي و يوم حيّان مرفوعان على الفاعليّة، و يا عجبا منصوب بالنداء و أصله يا عجبي ثم قلبت الياء ألفا، كأن المتكلّم ينادي عجبه و يقول له: احضر فهذا أو ان حضورك، و بينا هي بين الظرفيّة اشبعت فتحها فصارت ألفا و تقع بعدها إذا الفجائية غالبا، و اللام في قوله عليه السّلام: لشدّ جواب للقسم المقدر، و شدّ أى صار شديدا، و ما مصدريّة و المصدر فاعل شدّ و لا يستعمل هذا الفعل إلّا في التّعجب، و الضمير في قوله: فيها و منها، راجع إلى الحوزة، و يحتمل رجوع الثّاني إلى العثرات المستفادة من كثرة العثار، و من في قوله: منها صلة للاعتذار أو للصّفة المقدرة صفة للاعتذار أو حالا عن يكثر أى النّاشي أو ناشيا منها.
و قال الشّارح المعتزلي: و يمكن أن يكون من هنا للتعليل و السّببية أى و يكثر اعتذار النّاس عن أفعالهم و حركاتهم لأجلها، و العمر بالضمّ و الفتح مصدر عمر الرّجل بالكسر إذا عاش زمانا طويلا و لا يستعمل في القسم إلّا العمر بالفتح فاذا أدخلت عليه اللام رفعته بالابتداء، و اللّام لتوكيد الابتداء و الخبر محذوف و التقدير لعمر اللّه قسمي، و إن لم تأت باللّام نصبت نصب المصادر.
المعنى
(حتى اذا مضى الأوّل) و هو ابو بكر (لسبيله) أى على سبيله الذي يسلكه كلّ انسان و هو سبيل الآخرة، و ذلك بعد ما مضى من خلافته سنتان و ثلاثة أشهر إلّا خمس ليال، و قيل: سنتان و ثلاثة أشهر و سبع ليال، و قال ابن اسحاق: توفى على رأس اثنتين و ثلاثة أشهر و اثنى عشر يوما من متوفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قيل: و عشرة أيام، و قيل: و عشرين يوما، ذكر ذلك كلّه. في البحار من كتاب الاستيعاب.
و كيف كان فانّه لمّا ظهر له علائم الموت (أدلى بها) أى بالخلافة أى دفعها (إلى ابن الخطاب بعده) بطريق النّص و الوصيّة من دون أن يكون له استحقاق لها كما يشير إليه لفظ الادلاء على ما نبّه به الشّارح المعتزلي حيث قال بعد ما فسّر الادلاء بالدّفع على وجه الرّشوة: فان قلت: فان أبا بكر إنّما دفعها إلى عمر حين مات و لا معنى للرّشوة عند الموت قلت: لما كان عليه السّلام يرى أنّ العدول بها عنه إلى غيره إخراج لها إلى غير جهة الاستحقاق شبّه ذلك بادلاء الانسان بماله إلى الحاكم، فانّه إخراج للمال إلى غير وجهه فكان ذلك من باب الاستعارة هذا.
و المراد بابن الخطاب هو عمر و هو ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بالمثنّاة التّحتانية و امّه حنتمة«» بنت هاشم بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر ابن مخزوم.
و ينبغي لنا تحقيق الكلام في هذا النسب الشّريف من طريقنا و من طريق العامّة فأقول: قال العلامة في كشف الحقّ: و روى الكلبيّ و هو من رجال السّنة في كتاب المثالب قال: كانت صهّاك أمة حبشيّة لهاشم بن عبد مناف فوقع عليها نفيل بن هاشم ثمّ وقع عليها عبد العزّى بن رياح و جاءت بنفيل جدّ عمر بن الخطاب، و قال الفضل ابن روز بهان في الشّرح بعد القدح في صحّة النّقل: إن انكحة الجاهليّة على ما ذكره أرباب التواريخ على أربعة أوجه، منها أن يقع جماعة على امرأة ثمّ ولد منها يحكم فيه القايف أو تصدّق المرأة و ربّما كان هذا من أنكحة الجاهلية، و أورد عليه شارح الشّرح بأنّه لو صحّ ما ذكره لما تحقق زنا في الجاهلية و لما سمّي مثل ذلك في المثالب و لكان كلّ من وقع على امرأة كان ذلك نكاحا منه عليها و لم يسمع عن أحد أنّ من نكاح الجاهلية كون امرأة واحدة في يوم واحد أو شهر واحد في نكاح جماعة من النّاس.
و قال المحدّث المجلسي في البحار: و حكى بعض أصحابنا عن محمّد بن شهرآشوب و غيره أن صهّاك كانت امة حبشية لعبد المطلب و كانت ترعى له الابل، فوقع عليها نفيل فجاءت بالخطاب، ثمّ إنّ الخطاب لما بلغ الحلم رغب في صهّاك فوقع عليها فجاءت بابنة فلفّتها في خرقة من صوف و رمتها خوفا من مولاها في الطريق فرآها هاشم بن المغيرة مرميّة في الطريق فأخذها و ربّاها و سمّاها حنتمة فلما بلغت رآها خطاب يوما فرغب فيها و خطبها من هاشم فأنكحها إياه فجاءت بعمر بن الخطاب فكان الخطاب أبا و جدا و خالا لعمر، و كانت حنتمة امّا و اختا و عمّة له فتأمل.
ثمّ قال المجلسي (ره) فأقول: وجدت في كتاب عقد الدّرر لبعض الأصحاب روى باسناده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن ابن الزّيات عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال: كانت صهّاك جارية لعبد المطلب و كانت ذات عجز و كانت ترعى الابل و كانت من الحبشة و كانت تميل إلى النّكاح، فنظر إليها نفيل جدّ عمر فهواها و عشقها من مرعى الابل، فوقع عليها فحملت منه بالخطاب، فلما أدرك البلوغ نظر إلى امّه صهّاك فأعجبه عجيزها فوثب عليها فحملت منه بحنتمة فلما ولدتها خافت من أهلها فجعلتها في صوف و ألقتها بين أحشام مكّة، فوجدها هشام بن المغيرة بن الوليد، فحملها إلى منزله و رباها و سمّاها بالحنتمة، و كانت شيمة العرب من ربى يتيما يتّخذه ولدا، فلمّا بلغت حنتمة نظر إليها الخطاب فمال إليها و خطبها من هشام فتزوّجها فأولد منها عمر، فكان الخطاب أباه و جده و خاله، و كانت حنتمة أمّه و اخته و عمّته، و ينسب إلى الصّادق عليه السّلام في هذا المعنى شعر:
من جدّه خاله و والده
و امّه اخته و عمّته
أجدر أن يبغض الوصيّ و أن
ينكر يوم الغدير بيعته
أقول: هذا النّسب و أمّا الحسب فقد حكى العلامة في كشف الحقّ عن ابن عبد ربّه في كتاب العقد الحديث استعمال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص في بعض ولايته، فقال: عمرو بن العاص: قبح اللّه زمانا عمل فيه عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب، و اللّه إنّي لأعرف الخطاب على رأسه حزمة من حطب و على ابنه مثلها و ما ثمنها إلّا تمرة لا تبلغ مضغته، و روى نحو ذلك الشّارح المعتزلي عن زبير بن بكار في حديث طويل و فيه فلما رأى عمرو كثرة ما أخذ منه قال: لعن اللّه زمانا صرت فيه عاملا لعمرو اللّه لقد رأيت عمرو أباه على كلّ واحد منهما عبائة قطوانية لا يجاوز مأبض ركبتيه و على عنقه حزمة حطب و العاص بن وائل في مزررات الدّيباج انتهى.
و في البحار عن النهاية في تفسير المبرطش كان عمر في الجاهليّة مبرطشا و هو السّاعي بين البايع و المشتري شبه الدّلال، و يروى بالسّين المهملة بمعناه و في القاموس المبرطس الذي يكتري للنّاس الابل و الحمير و يأخذ عليه جعلا.
و قال المحدث الجزائري: و من عجيب ما رووه عن الخطاب والد عمر بن الخطاب أنّه كان سرّاقا و قطع في السّرقة ما ذكره ابو عبيدة القاسم بن سلام في كتاب الشّهاب في تسمية من قطع من قريش في الجاهلية في السرقة ما هذا لفظه: قال: و الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عدي بن كعب أبو عمر بن الخطاب قطعت يده في سرقة قدر و محاه ولاية عمر و رضي الناس عنه، قال بعض المسلمين: ألا تعجب من قوم رووا أن عمر كان ولد زنا و أنه كان في الجاهليّة نخاس«» الحمير و أنّه كان أبوه سراقا و أنه ما كان يعرف إلّا بعمير لرذالته ثمّ مع هذا جعلوه خليفة قائما مقام نبيهم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نائبا عن اللّه تعالى في عباده و قدّموه على من لا طعن عليه في حسب و لا نسب و لا أدب و لا سبب، و يا ليتهم حيث ولوه و فضحوا أنفسهم بذلك كانوا قد سكتوا عن نقل هذه الأحاديث التي قد شمتت بها الأعداء و جعلوها طريقا إلى جهلهم بمقام الأنبياء و خلافة الخلفاء هذا.
و بقي الكلام في كيفيّة عقد أبي بكر الخلافة لعمر و إدلائه بها إليه فأقول: قال الشّارح المعتزلي و روى كثير من النّاس أنّ أبا بكر لما نزل به دعا عبد الرحمن ابن عوف فقال: أخبرني عن عمر فقال: إنّه أفضل من رأيت إلّا أن فيه غلظة، فقال أبو بكر ذاك لأنّه يراني رقيقا و لو قد افضى الأمر إليه لترك كثيرا ممّا هو عليه و قد رمقته إذا أنا غضبت على رجل أرانى الرّضى عنه و إذا لنت له أراني الشدّة عليه، ثم دعا عثمان بن عفّان فقال: أخبرني عن عمر، فقال: سريرته خير من علانيته و ليس فينا مثله، فقال لهما لا تذكرا ممّا قلت لكما شيئا و لو تركت عمر لما عدوتك يا عثمان و الخيرة لك أن لا تلي من امورهم شيئا و لوددت أني كنت من اموركم خلوا و كنت فيمن مضى من سلفكم.
و دخل طلحة بن عبيد اللّه على أبي بكر فقال: إنّه بلغني أنّك يا خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم استخلفت على النّاس عمر و قد رأيت ما يلقى الناس منه و أنت معه فكيف به إذا خلابهم و أنت غدا لاق ربّك فسألك عن رعيتك، فقال أبو بكر أجلسوني ثم قال: أبا للّه تخوّفني إذا لقيت ربّي فسألني قلت: استخلفت عليهم خير أهلك، فقال طلحة: أعمر خير النّاس يا خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاشتد غضبه فقال: اي و اللّه هو خيرهم و أنت شرّهم أم و اللّه لو وليتك لجعلت أنفك في قفاك و لرفعت نفسك فوق قدرها حتى يكون اللّه هو الذي يضعها، أتيتني و قد دلكت عينيك تريد أن تفتنني عن ديني و تزيلني عن رأيي، قم لا أقام اللّه رجليك، أما و اللّه لئن عشت فواق ناقة و بلغني أنّك غمضته فيها أو ذكرته بسوء لا لحقنّك بخمصات«» قنة«» حيث كنتم تسقون و لا تروون و ترعون و لا تشبعون و أنتم بذلك مبتجحون«» راضون، فقام طلحة فخرج.
ثمّ قال الشّارح: أحضر أبو بكر عثمان و هو يجود بنفسه فأمره أن يكتب عهده و قال: اكتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا ما عهد عبد اللّه بن عثمان إلى المسلمين أمّا بعد، ثم اغمي عليه و كتب عثمان قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، و أفاق أبو بكر فقال: اقرء، فقرأه فكبر أبو بكر و سرّ، و قال: أراك خفت أن تختلف النّاس ان متّ في غشيتي قال: نعم، قال: جزاك اللّه خيرا عن الاسلام و أهله، ثمّ أتمّ العهد و أمر أن يقرأ على النّاس فقرأ عليهم، ثمّ أوصى عمر بوصايا و توفى ليلة الثّلثا لثمان بقين من جمادي الآخرة من سنة ثلاث عشر.
أقول: انظروا يا أهل البصيرة و الانصاف و الدّقة و الاعتبار إلى الخلافة العظمى و الرّياسة الكبرى كيف صارت لعبة للجهال و دولة بين أهل الغيّ و الضّلال و انظروا رئيس الضّالين و المضلّين كيف اجترى على ربّ العالمين في تلك الحالة التي كان يفارق الدّنيا و ينتقل إلى نزاعة للشّوى، فحكم بكون عمر أفضل الصّحابة مع كون أمير المؤمنين عليه السّلام بينهم، و قد قال فيه نبيّهم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك، و ساير أحاديث الفضل التي لا تحصى حسبما عرفت بعضها في مقدّمات هذه الخطبة و غيرها، ثمّ انظر إلى ابن الخطاب عليه النّكال و العذاب كيف لم يقل لأبي بكر في هذه الحالة التي يغمى عليه فيها مرّة و يفيق اخرى إنّه ليهجر«» كما قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين أراد أن يكتب كتابا أن لا يضلّوا بعده: انّه ليهجر و لنعم ما قيل:
اوصى النّبيّ فقال قائلهم
قد خلّ يهجر سيد البشر
و رأى أبا بكر اصاب و لم
يهجر فقد اوصى الى عمر
ثمّ العجب من النعثل الفاجر عثمان بن عفان عليه سخط الرّحمن حيث كتبها برأيه بدون مصلحة الخليفة الخوّان، و العجب كل العجب من هذا الشّقي كيف مدحه و شكره و جزاه خيرا عن الاسلام و أهله و لم يقل له: لم اجترئت على هذا الأمر العظيم و الخطب الجسيم الذي هو مقام الأنبياء و ميراث الأوصياء يترتب عليه أمر الدّين و الدّنيا بمحض رأيك و رضاك و طبعك و هواك، مع أن سيد الورى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يجترى أن يخبر بأدنى حكم إلّا بوحي يوحى و يلزم على زعمهم الفاسد و رأيهم الكاسد أن يكون ابو بكر و عثمان أشفق على أهل الاسلام و الايمان من سيد الانس و الجان لأنه بزعمهم أهمل أمر الامة و لم يوص لهم بشيء، و هما أشفقا على الامة حذرا من ضلالتهم فنصبا لهم جاهلا شقيا و فظا غليظا.
يا ناعي الاسلام قم فانعه قد مات عرف و بدا المنكر
و غير خفيّ على العاقل اللبيب و الكامل الأريب أنّ تلك الامور الفاضحة و الحيل الواضحة لم تكن إلّا لتأسيس أساس الكفر و النفاق و هدم بنيان الاسلام و الاتفاق، و إرجاع الناس إلى أعقابهم القهقرى و ترويج عبودية اللّات و العزى، فجزاهم اللّه عن الاسلام و أهله شر الجزاء، و غضب عليهم ملؤ الارض و السماء.
(ثمّ تمثل عليه السّلام بقول الأعشى) أعشى قيس و هو أبو بصير ميمون بن قيس بن جندل:
(شتان ما يومي على كورها و يوم حيان أخي جابر)
و هو من قصيدة طويلة له قالها في منافرة علقمة بن علانة بن عوف و عامر بن الطفيل ابن مالك بن جعفر و تفصيل قصة نفارهما ذكره أبو الفرج في الأغاني و قبل ذلك البيت الذي تمثل عليه السّلام به قوله:
و قد اسلي«» الهمّ اذ يعتري
بحسرة دوسرة عاقر
زيافة بالوحل خطارة
تلوى بشرخى ميسة فاتر
ارمى بها البيداء إذ هجرت
و أنت بين القرد و العاصر
في مجدل شيّد بنيانه
يزلّ عنه ظفر الطائر
و معنى البيت بعد ما بين يومي على رحل هذه النّاقة الموصوفة، و بين يوم حيّان و هو في سكرة الشّراب ناعم البال مرفه من الأكدار و المشاق، و حيان و جابر ابنا السّمين الحنفيان و كان حيان صاحب حصن باليمامة و كان من سادات بني حنيفة مطاعا في قوله يصله كسرى في كلّ سنة و كان فى رفاهيّة و نعمة مصونا من و عثاء السفر، لم يكن يسافر أبدا، و كان الأعشى ينادمه و كان أخوه جابر أصغر سنا منه، حكي ان حيان قال للأعشى نسبتني إلى أخي و هو أصغر سنّا مني فقال: إنّ الرّوى اضطرني إلى ذلك، فقال: و اللّه لا نازعتك كاسا أبدا ما عشت هذا.
و معنى البيت على ما ذكرناه هو الذي أفاده المرتضى (قده) و هو الظاهر المطابق للبيت الذي بعده أعني قوله: أرمى بها البيداء. و هو أيضا مما تمثل عليه السّلام به على ما حكي عن بعض النسخ، فيكون غرضه عليه السّلام من التمثل على ذلك بيان البعد بين يومه صابرا على القذى و الشّجى و بين يومهم فايزين بما طلبوا من الدّنيا، و قريب منه ما قال الشّارح المعتزلي حيث قال: يقول أمير المؤمنين عليه السّلام: شتّان بين يومي في الخلافة مع ما انتقض علىّ من الأمر و منيت به من انتشار الحبل و اضطراب أركان الخلافة، و بين يوم عمر حيث وليها على قاعدة ممهّدة و أركان ثابته و سكون شامل، فانتظم أمره و اطرد حاله.
و قال بعض الشّارحين: المعنى ما أبعد ما بين يومي على كور النّاقة اداب و انصب و بين يومي منادما حيّان أخي جابر في خفض و دعة، فالغرض من التّمثل إظهار البعد بين يومه عليه السّلام بعد وفات الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مقهورا ممنوعا عن حقّه، و بين يومه في صحبة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فارغ البال مرفّه الحال كاسبا للفيوضات الظاهريّة و الباطنية، و هذا المعنى هو الأقرب إلى النّظر و الأنسب إلى السّياق، و به فسّره المحدّث الجزايري حيث قال: و قوله عليه السّلام: شتّان البيت و هو الاعشى يقول: تفرق ما بين يوميّ يوم سروري و هو منادمتي لأخي حيّان، و يوم شدّتي و ركوبي على متن ناقتي في البراري و القفار، و هو عليه السّلام قد استعار هذا ليوميه يوم فرحه لما كان نديمه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و يوم تعبه و يوم ركوبه المشاق و الحروب وحده بلا معاون و لا نصير.
ثمّ إنّه عليه السّلام أظهر التعجب من إدلائه بالخلافة إليه مع استقالته منها بقوله: (فيا عجبا بينا هو) يعني أبا بكر (يستقيلها) أي يطلب الاقالة منها (في حياته) و يقول: أقيلوني أقيلوني (إذ عقدها لآخر) أراد به عمر أى جعلها معقودة له لتكون له (بعد وفاته) و وجه التّعجب أنّ استقالته منها في حياته دليل على رغبته عنها و زهده فيها و عقدها لغيره دليل على رغبته فيها و ميله اليها، و هو يضادّ الاستقالة الحقيقية فيكون دليلا على كون الاستقالة منه صوريّة ناشئة عن وجه الخدعة، و التدليس، و نعم ما قيل:
حملوها يوم السّقيفة وزرا
تخفّ الجبال و هى ثقال
ثمّ جاءوا من بعدها يستقيلون
و هيهات عثرة لا تقال
هذا و خبر الاقالة ممّا رواه الجمهور، و هو قوله: اقيلوني أقيلوني فلست بخيركم و عليّ فيكم، و رواه في البحار عن الطبري في تاريخه و البلادري في أنساب الأشراف و السّمعاني في الفضائل و أبي عبيدة في بعض مصنّفاته، قال: و لم يقدح الفخر الرّازي في صحّته و إن أجاب عنه بوجوه ضعيفة، و كفى كلامه عليه السّلام شاهدا على صحته انتهى.
و قال بعض المحقّقين من أصحابنا: معنى استقالته الأمر بقتل علي بن أبي طالب عليه السّلام يعني ما دام عليّ فيكم موجودا فأنا لست بخيركم فاقتلوه حتّى أكون خليفة بلا منازع، و قوله عليه السّلام: (لشدّ ما تشطر اضرعيها) شبه الخلافة بناقة لها ضرعان و كان كلّ واحد منهما أخذ منها ضرعا يحلبه لنفسه، فالمعنى و اللّه لصار شديدا أخذ كلّ واحد منهما شطرا أى نصفا أو شطرا بالكسر أى خلفا من ضرعيها، و المقصود اقتسامهما فايدتها بينهما، و في بعض روايات السّقيفة أنّه عليه السّلام قال لعمر بن الخطاب بعد يوم السّقيفة: احلب حلبا لك شطره، اشدد له اليوم يردّه عليك غدا (فصيرها في حوزة) أي في طبيعة أو ناحية (خشناء) متصفا بالخشونة لا ينال ما عندها، و لا يرام و لا يفوز بالنّجاح من قصدها.
قال بعض الأفاضل: الظاهر أنّ المفاد على تقدير إرادة الناحية تشبيه المتولي للخلافة بالأرض الخشناء في ناحية الطريق المستوى، و تشبيه الخلافة بالرّاكب السّاير فيها أو بالنّاقة اى أخرجها عن مسيرها المستوى و هو من يستحقها إلى تلك النّاحية الحزنة هذا: و الأظهر إرادة معنى الطبيعة.
ثمّ وصف عليه السّلام الحوزة ثانيا بأنّها (يغلظ كلمها) أى جرحها و في الاسناد توسّع، قال الشّارح البحرانيّ غلظ الكلم كناية عن غلظ المواجهة بالكلام و الجرح به، فانّ الضّرب باللّسان أعظم من وخز السّنان«»، أقول: و من هنا قيل:
جراحات السّنان لها التيام و لا يلتام ما جرح اللّسان
(و) وصفها ثالثا بأنّها (يخشن مسّها) أى تؤذي و تضرّ من يمسها قال البحراني: و هي كناية عن خشونة طباعه المانعة من ميل الطباع إليه المستلزمة للأذى كما يستلزم من الأجسام الخشنة.
أقول: و المقصود من هذه الأوصاف الاشارة إلى فظاظة عمر و غلظته و جفاوته و قبح لقائه و كراهة منظره، و رغبة الناس عن مواجهته و مكالمته، و يدلّ على ذلك ما روي أنّ ابن عباس لمّا أظهر بطلان مسألة العول بعد موت عمر قيل له: من أول من أعال الفرائض فقال: عمر بن الخطاب، قيل له: هلّا أشرت عليه قال هيبته، و ما رواه الشّارح المعتزلي في شرح هذا الفصل أنّ عمر هو الذي غلّظ«» على جبلة بن
الأيهم حتّى اضطرّه إلى مفارقة دار الهجرة بل مفارقة بلاد الاسلام كلّها حتّى عاد مرتدا داخلا في دين النّصرانيّة لأجل لطمة لطمها، و قال جبلة بعد ارتداده متندّ ما على ما فعل:
تنصّرت الاشراف من أجل لطمة
و ما كان فيها لو صبرت لها ضرر
فيا ليت امّي لم تلدني و ليتني
رجعت الى القول الذي قاله عمر
أقول: هذه الرّواية كافية في فضل هذا الرّجل و منقبته، فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يبعثه اللّه إلّا لهداية الأنام و الارشاد إلى دعائم الاسلام، فعاشر معهم بمحاسن الأخلاق و مكارم الآداب حتّى نزل فيه: «إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» و كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كثيرا ما يتحمل الأذى و يصبر على شدائد البلوى، لهداية نفس واحدة و إنجائها من الضّلالة، و هذا الرّجل الجلف الذي يزعم أنّه خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كيف يصرف النّاس عن الاسلام إلى النّصرانية بمقتضى خبث طينته و سوء سريرته و غلظ كلمته و فوق كلّ ذلك فظاظة جسارته على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بكلمات يكره اللّسان بيانها و يأبى القلم عن كتبها و إظهارها، مثل قوله له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في صلح الحديبيّة لم تقل لنا ستدخلونها في ألفاظ نكره حكايتها، و مثل الكلمة التي قالها في مرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال الشّارح المعتزلي: و معاذ اللّه أن يقصد بها ظاهرها و لكنّه أرسلها على مقتضى خشونة غريزيّة و لم يتحفّظ منها، و كان الأحسن أن يقول: مغمور أو مغلوب بالمرض و حاشاه أن يعني بها غير ذلك.
أقول: و شهد اللّه أنّ قصده ما كان إلّا ظاهرها و حاشاه أن يقصد بها إلّا ذلك.
و قال الشّارح أيضا في شرح الخطبة الخامسة و العشرين عند الكلام على حديث الفلتة: و اعلم أنّ هذه اللّفظة من عمر مناسبة للفظات كثيرة كان يقولها بمقتضى ما جبله اللّه تعالى من غلظ الطينة و جفاء الطبيعة و لا حيلة له فيها، لأنّه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها، و لا ريب عندنا أنّه كان يريد أن يتلطف و أن يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة، فينزع به الطبع الجاسي و الغريزة الغليظة إلى أمثال هذه اللفظات، و لا يقصد بها سوء و لا يريد بها ذمّا و لا تخطئة كما قدّمنا قبل ذلك في اللّفظة التي قالها في مرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كاللفظات التي قالها عام الحديبية و غير ذلك، و اللّه لا يجازي المكلف إلّا بما نواه، و لقد كانت نيّته من أطهر النّيات و أخلصها للّه سبحانه انتهى.
و فيه أنّ اقتضاء الطبيعة و استدعاء الغريزة التي جعله معذرة له إن أراد به انه بلغ إلى حيث لم يبق لعمر معه قدرة على إمساك لسانه عن التكلّم بخلاف ما في ضميره، بل كان يصدر عنه الذّم في مقام يريد به المدح، و الشّتم في موضع يريد الاكرام و يخرج بذلك عن حدّ التكليف فلا مناقشة في ذلك، لكن مثل هذا الرّجل يعده العقلاء في زمرة المجانين، و لا خلاف في أنّ العقل من شروط الامامة، و إن أراد أنّه يبقى مع ذلك ما هو مناط التّكليف فذلك ممّا لا يسمن و لا يغني من جوع، فانّ ابليس استكبر آدم بمقتضى الجبلة النّارية، و مع ذلك استحقّ النّار و شملته اللعنة إلى يوم الدّين، و الزّاني إنّما يزني بمقتضى شهوته التي جبله اللّه تعالى عليها و مع ذلك يرجم و لا يرحم هذا، (و) وصف عليه السّلام الحوزة رابعا بأنّها (يكثر العثار فيها و الاعتذار منها) و معناه على جعل الحوزة بمعنى الطبيعة واضح أى يكثر العثار في تلك الطبيعة و الاعتذار من هذه الطبيعة أو اعتذار صاحبها منها أو الاعتذار من عثراتها و قد مضى في بيان الاعراب احتمال كون من نشويّة و تعليليّة، و أمّا على تقدير جعلها بمعنى النّاحية فالمعنى ما ذكره بعض الأفاضل عقيب كلامه الذي حكيناه في شرح قوله عليه السّلام: فصيرها في حوزة خشناء، بما لفظه: فيكثر عثارها أو عثار مطيتها فاحتاجت إلى الاعتذار من عثراتها النّاشئة من خشونة النّاحية و هو في الحقيقة اعتذار من النّاحية، فالعاثر و المعتذر حينئذ هي الخلافة توسعا.
و كيف كان فالغرض من هذه الجملة الاشارة إلى كثرة خطاء عمر في القضايا و الأحكام، و جهالته بالفتاوى و شرايع الاسلام، و لا باس بالاشارة إلى بعض عثراته و نبذ من جهالاته و يسير من هفواته و زلّاته.
فمنها ما ذكره الشّارح المعتزلي حيث قال: و كان عمر يفتي كثيرا بالحكم ثمّ ينقضه و يفتي بضدّه و خلافه، قضى في الجدّ مع الاخوة قضايا كثيرة مختلفة ثمّ خاف من الحكم في هذه المسألة فقال: من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجدّ برأيه.
و منها ما ذكره أيضا و هو أنّه لمّا مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و شاع بين النّاس موته طاف عمر على النّاس قائلا إنّه لم يمت و لكنّه غاب عنّا كما غاب موسى عن قومه، فليرجعن و ليقطعن أيدي رجال و أرجلهم يزعمون أنّه مات فجعل لا يمرّ بأحد يقول: إنّه مات إلّا و يخبطه و يتوعده حتى جاء ابو بكر فقال: أيّها النّاس من كان يعبد محمّدا فان محمّدا قد مات، و من كان يعبد ربّ محمّد فانّه حيّ لم يمت ثمّ تلا قوله تعالى: «أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ» قالوا: فو اللّه لكانّ النّاس ما سمعوا هذه الآية حتّى تلاها أبو بكر، و قال عمر لمّا سمعته يتلوها هويت إلى الأرض و علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد مات.
أقول: من بلغ من قلة المعرفة إلى مقام ينكر موت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يحكم مع ذلك من تلقاء نفسه بأنّه يرجع و يقطع أيدي رجال و أرجلهم كيف يكون إماما واجب الطاعة على جميع الخلق و منها ما رواه أيضا كغيره من أنّه قال مرّة لا يبلغني أنّ امرأة تجاوز صداقها صداق نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلّا ارتجعت ذلك منها، فقالت امرأة ما جعل اللّه لك ذلك إنّه قال تعالى: «وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً» فقال: كلّ النّاس أفقه من عمر حتّى ربّات الحجال، ألا تعجبون من إمام أخطأ و امرأة أصابت فأضلت إمامكم ففضّلته، و اعتذار قاضي القضاة بأنّه طلب الاستحباب في ترك التجاوز«» و التواضع في قوله: كلّ النّاس أفقه من عمر، خطاء، فانّه لا يجوز ارتكاب المحرم و هو ارتجاع المهر، لأجل فعل المستحبّ، و أمّا التواضع فانّه لو كان الأمر كما قال عمر لاقتضى إظهار القبيح و تصويب الخطاء، و لو كان العذر صحيحا لكان هو المصيب و المرأة مخطئة مع أنّه مخالف لصريح قوله: ألا تعجبون من إمام أخطأ اه.
و منها ما رواه هو و غيره من أنّه كان يعسّ بالليل فسمع صوت رجل و امرأة في بيت فارتاب فتسوّر الحائط فوجد امرأة و رجلا و عندهما زقّ خمر، فقال: يا عدوّ اللّه كنت ترى أنّ اللّه يسترك و أنت على معصيته قال: إن كنت أخطأت في واحدة فقد أخطأت في ثلاث، قال اللّه تعالى: و لا تجسّسوا، و قد تجسّست، و قال: و أتوا البيوت من أبوابها، و قد تسوّرت، و قال: إذا دخلتم بيوتا فسلّموا، و ما سلّمت.
و منها ما رواه أيضا و جماعة من الخاصّة و العامة من أنّه قال: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه و أنا محرّمهما و معاقب عليهما: متعة النّساء و متعة الحجّ، قال الشّارح المعتزلي و هذا الكلام و إن كان ظاهره منكرا فله عندنا مخرج و تأويل أقول: بل هو باق على منكريّته و التّأويل الذي ارتكبوه ممّا لا يسمن و لا يغني من جوع، و لعلّنا نسوق الكلام فيه مفصّلا في مقام أليق إنشاء اللّه.
و منها ما رواه أيضا من أنّه مرّ يوما بشابّ من فتيان الأنصار و هو ظمآن فاستسقاه فجدح له ماء بعسل فلم يشربه، و قال: إنّ اللّه تعالى يقول: «أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا» فقال له الفتى: إنّها ليست لك و لا لأحد من أهل هذه القبلة، اقرء ما قبلها: «وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا».
فقال عمر: كلّ النّاس أفقه من عمر.
و منها أنّه أمر برجم امرأة حاملة فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل، فقال: لو لا عليّ لهلك عمر.
و منها أنّه أمر برجم مجنونة فنبّهه أمير المؤمنين عليه السّلام و قال: القلم مرفوع عن المجنون حتّى يفيق، فقال: لو لا عليّ لهلك عمر.
و منها ما رواه في الفقيه عن إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: استودع رجلان امرأة وديعة و قالا لها لا تدفعي إلى واحد منّا حتى نجتمع عندك ثم انطلقا فغابا، فجاء أحدهما إليها و قال: اعطيني وديعتي فإنّ صاحبي قد مات فأبت حتى كثر اختلافه إليها ثمّ أعطته، ثمّ جاء الآخر فقال هاتي وديعتي، فقال «فقالت ظ»: أخذها صاحبك و ذكر أنّك قدمّت فارتفعا إلى عمر، فقال لها عمر: ما أراك إلّا و قد ضمنت، فقالت المرأة اجعل عليها عليه السّلام بينى و بينه، فقال له: اقض بينهما، فقال عليّ عليه السّلام: هذه الوديعة عندها و قد أمرتماها أن لا تدفعها إلى واحد منكما حتى تجتمعا عندها فأتني بصاحبك، و لم يضمنها، و قال عليّ عليه السّلام إنّما أرادا أن يذهبا بمال المرأة.
و منها ما في الفقيه أيضا عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعد بن طريف عن الأصبغ ابن نباتة، قال: اتي عمر بامرأة زوجها شيخ، فلما أن واقعها مات على بطنها، فادّعى بنوه أنها فجرت و شاهدوا «تشاهدوا خ» عليها فأمر بها عمر أن ترجم، فمروا بها على عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فقالت: يابن عمّ رسول اللّه إني مظلومة و هذه حجتى فقال عليه السّلام: هاتني حجتك، فدفعت إليه كتابا فقرأه فقال: هذه المرأة تعلمكم بيوم تزوّجها و يوم واقعها و كيف كان جماعه لها ردّوا المرأة، فلما كان من الغد دعا عليّ عليه السّلام بصبيان يلعبون أتراب«» و فيهم ابنها فقال لهم: العبوا، فلعبوا حتّى إذا لها هم اللعب ثم فصاح عليه السّلام بهم فقاموا و قام الغلام الذي هو ابن المرأة متكيا على راحتيه، فدعا به عليّ عليه السّلام فورّثه من أبيه و جلد اخوته المفترين حدّا، فقال عمر كيف صنعت قال: قد عرفت ضعف الشيخ في تكائة الغلام على راحتيه.
و منها ما رواه الصّدوق أيضا عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال: اتى عمر بن الخطاب بجارية فشهد عليها شهود أنّها بغت، و كان من قصّتها أنّها كانت يتيمة عند رجل و كان للرّجل امرأة و كان الرّجل كثيرا ما يغيب عن أهله، فشبّت اليتيمة و كانت جميلة فتخوّفت المرأة أن يتزوّجها زوجها إذا رجع إلى منزله، فدعت بنسوة من جيرانها فأمسكتها، ثمّ افتضّتها باصبعها، فلما قدم زوجها سأل امرأته عن اليتيمة فرمتها بالفاحشة و أقامت البيّنة من جيرانها على ذلك، قال: فرفع ذلك إلى عمر فلم يدر كيف يقضي في ذلك، فقال: للرّجل اذهب بها إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فأتوا عليّا و قصّوا عليه قصّتها «القصة خ» فقال لامرأة الرّجل ألك بيّنة قالت: نعم، هؤلاء جيراني يشهدون عليها بما أقول، فأخرج عليّ عليه السّلام السّيف من غمده و طرحه بين يديه، ثمّ أمر عليه السّلام بكلّ واحدة من الشّهود فأدخلت بيتا، ثمّ دعا بامرأة الرّجل فأدارها لكلّ وجه فأبت أن تزول عن قولها، فردّها إلى البيت الذي كانت فيه.
ثمّ دعا باحدى الشّهود و جثا على ركبتيه، فقال لها: أ تعرفيني أنا عليّ ابن أبي طالب و هذا سيفي و قد قالت امرأة الرّجل ما قالت، و رجعت«» إلى الحقّ و أعطيتها الأمان فاصدقيني و الّا ملأت سيفي منك، فالتفتت المرأة إلى عليّ فقالت: يا أمير المؤمنين الأمان على الصّدق، قال لها عليّ فاصدقي فقالت: لا و اللّه ما زنت اليتيمة و لكن امرأة الرّجل لما رأت حسنها و جمالها و هيئتها خافت فساد زوجها بها فسقتها المسكرود عتنا فأمسكناها فافتضّتها باصبعها، فقال عليّ عليه السّلام: اللّه اكبر اللّه اكبر أنا أوّل من فرّق بين الشّهود إلّا دانيال ثمّ حدّ المرأة حدّ القاذف و ألزمها و من ساعدها على افتضاض اليتيمة المهر لها أربعمائة درهم، و فرّق بين المرأة و زوجها و زوّجته اليتيمة، و ساق عنه المهر إليها من ماله.
فقال عمر بن الخطاب: فحدّثنا يا أبا الحسن بحديث دانيال النّبيّ عليه السّلام فقال: إنّ دانيال كان غلاما يتيما لا أب له و لا أمّ، و إنّ امرأة من بني إسرائيل عجوزا ضمّته إليها و ربّته و إن ملكا من ملوك من بني إسرائيل كان له قاضيان و كان له صديق و كان رجلا صالحا و كان له امرأة جميلة و كان يأتي الملك فيحدّثه فاحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض اموره، فقال للقاضيين: اختارا لى رجلا ابعثه في بعض اموري، فقالا: فلان، فوجّهه ملك و كان القاضيان يأتيان باب الصّديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها، فأبت عليهما فقالا لها، إن لم تفعلي شهدنا عليك عند الملك بالزّنا ليرجمك، فقالت: افعلا ما شئتما، فأتيا الملك فشهدا عليها أنّها بغت و كان لها ذكر حسن جميل فدخل الملك من ذلك أمر عظيم و اشتدّ غمّه و كان بها معجبا، فقال لهما: إنّ قولكما مقبول فاجلدوها ثلاثة أيّام ثمّ ارجموها و نادى في مدينته: احضروا قتل فلانة العابدة فانّها قد بغت، و قد شهد عليها القاضيان بذلك، فأكثر النّاس القول في ذلك فقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا حيلة فقال: لا و اللّه ما عندي في هذا شيء.
فلما كان اليوم الثالث ركب الوزير و هو آخر أيّامها و إذا هو بغلمان عراة يلعبون و فيهم دانيال، فقال دانيال: يا معشر الصّبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك و تكون أنت يا فلان العابدة و يكون فلان و فلان القاضيين الشّاهدين عليها، ثم جمع ترابا«» و جعل سيفا من قصب ثمّ قال: للغلمان خذوا بيد هذا فنحّوه إلى موضع كذا و الوزير واقف و خذوا هذا فنحّوه إلى كذا ثمّ دعا بأحدهما فقال: قل حقّا فانك إن لم تقل حقّا قتلتك، قال: نعم و الوزير يسمع فقال بم تشهد على هذه المرأة قال اشهد أنّها زنت قال في أيّ يوم قال: في يوم كذا و كذا، قال في أيّ وقت قال: في وقت كذا و كذا، قال: في أيّ موضع قال: في موضع كذا و كذا قال: مع من قال: مع فلان بن فلان، قال: فردّوه إلى مكانه و هاتوا الآخر، فردّوه و جاءوا بالآخر فسأله عن ذلك فخالف صاحبه في القول، فقال دانيال: اللّه اكبر اللّه اكبر شهدا عليها بزور ثمّ نادى في الغلمان إنّ القاضيين شهدا على فلانة العابدة بزور فاحضروا قتلها، فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر فبعث الملك إلى القاضيين فأحضرهما ثم فرّق بينهما و فعل كما فعل دانيال بالغلامين، فاختلفا كما اختلفا فنادى في النّاس و أمر بقتلهما.
و منها ما رواه الشّارح البحراني و هو أنّ عمر أمر أن يؤتى بامرأة لحال اقتضت ذلك و كانت حاملا فانزعجت من هيبته فاجهزت «فاجهضت به خ» جنينا فجمع جمعا من الصّحابة و سألهم ما ذا يجب عليه، فقالوا: أنت مجتهد «مؤدب خ» و لا نرى أنّه يجب عليك شيء، فراجع عليا عليه السّلام في ذلك و أعلمه بما قال بعض الصّحابة، فأنكر ذلك و قال: إن كان ذلك عن اجتهاد منهم فقد أخطئوا، و إن لم يكن عن اجتهاد فقد غشّوك، أرى عليك الغرّة«»، فعندها قال: لا عشت لمعضلة لا تكون لها يا أبا الحسن.
و رواه الشّارح المعتزلي بتغيير في متنه، إلى غير ذلك من موارد خطائه و خبطه و جهالته التي لو أردنا استقصائها لطالت، و كثيرا ما كان أمير المؤمنين عليه السّلام ينبّه على خطائه فيها و يبين له معضلات المسائل التي كان يعجز عنها، و قد روي أنّه قال في سبعين موضعا: لو لا عليّ لهلك عمر، و العجب أنّه مع اعترافه بذلك يدّعي التّقدّم عليه و مع جهله بكل ذلك يرى نفسه قابلة للخلافة و مستحقّة لها مع أنّ قابلية الخلافة و استحقاق الولاية لا يكون إلّا بالعلم بجميع الأحكام و الاحاطة بشرايع الاسلام، و لا يكون ذلك إلا بالهام إلهي و تعليم ربّاني و إرشاد نبويّ، و ذلك مختصّ بالأئمة و مخصوص بسراج الامة، إذ هم الذين اتّبعوا آثار النّبوة، و اقتبسوا أنوار الرّسالة، و عندهم معاقل العلم و أبواب الحكمة و ضياء الأمر و فصل ما بين النّاس، و هم المحدثون المفهمون المسدّدون المؤيّدون بروح القدس.
كما يدلّ عليه ما رواه في البحار من كتاب بصائر الدّرجات باسناده عن جعيد الهمداني قال: سألت عليّ بن الحسين عليهما السّلام بأيّ حكم تحكمون قال: نحكم بحكم آل داود«» فان عيينا شيئا تلقّانا به روح القدس.
و عن السّاباطي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بما تحكمون إذا حكمتم فقال:
بحكم اللّه و حكم داود، فإذا ورد علينا شيء ليس عندنا تلقّانا به روح القدس. و عن عبد العزيز عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام جعلت فداك إنّ النّاس يزعمون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وجّه عليّا عليه السّلام إلى اليمن ليقضى بينهم، فقال عليّ عليه السّلام فما اورد اللّه علىّ قضية إلّا حكمت بحكم اللّه و حكم رسوله، فقال عليه السّلام: صدقوا، قلت: و كيف ذلك و لم يكن انزل القرآن كلّه و قد كان رسول اللّه غايبا عنه فقال: تلقّاه به روح القدس هذا.
و قد ظهر ممّا ذكرنا كله أنّ الحكم الصّواب و فصل الخطاب مختصّ بالمعصومين من آل الرّسول سلام اللّه عليه و عليهم و أنّ أحكام عمر إنّما كانت عن هوى نفس و بدعة و ضلالة و جهالة، و لذلك كان يفتي كثيرا ثمّ يرجع عن فتياه و يعتذر، و ربّما كان يحكم بشيء ثمّ ينقضه و يحكم بخلافه لقلّة المعرفة و كثرة الجهالة و اختلاف دواعي نفسه الأمارة التي تارة تحكم بذلك و اخرى بخلافه، هذا كلّه مضافا إلى قوّة إفراط القوة الغضبيّة فيه و خشونة الحوزة و غلظة الطبيعة (فصاحبها) أى صاحب تلك الحوزة و الطبيعة (كراكب) النّاقة (الصّعبة) الغير المنقادة (إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحّم) قال الرّضيّ (ره) بعد تمام الخطبة: يريد عليه السّلام أنّه إذا شدّد عليها في جذب الزّمام و هي تنازعه رأسها خرم أنفها، و إن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحّمت به فلم يملكها.
أقول: و قد أرخى زمامها و لم يمسكها فرمت به في أودية الضّلالة و تقحّمت به في ورطات الهلاكة فلم يمكنه التخلّص منها و الخروج عنها، و على هذا المعنى فالمراد بصاحب الحوزة هو عمر و هذا أظهر و قد ذكروا في المقام وجوها اخر.
منها أنّ الضّمير فى صاحبها يعود إلى الحوزة المكنّى بها عن الخليفة أو اخلاقه، و المراد بصاحبها من يصاحبها كالمستشار و غيره، و المعنى أنّ المصاحب للرّجل المنعوت حاله في صعوبة الحال كراكب النّاقة الصّعبة فلو تسرع إلى إنكار القبايح من أعماله أدّى إلى الشقاق بينهما و فساد الحال، و لو سكت و خلاه و ما يصنع أدّى إلى خسران المآل.
و منها أنّ الضّمير راجع إلى الخلافة أو إلى الحوزة، و المراد بصاحبها نفسه عليه السّلام، و المعنى أنّ قيامي في طلب الأمر يوجب مقاتلة ذلك الرّجل و فساد أمر الخلافة رأسا و تفرق نظام المسلمين، و سكوتي عنه يورث التّقحم في موارد الذّلّ و الصّغار.
و منها أن الضّمير راجع إلى الخلافة و صاحبها من تولى أمرها مراعيا للحقّ و ما يجب عليه، و المعنى أن المتولي لأمر الخلافة إن أفرط في إحقاق الحقّ و زجر النّاس عمّا يريدونه بأهوائهم أوجب ذلك نفار طباعهم و تفرّقهم عنه، لشدة الميل إلى الباطل، و إن فرّط في المحافظة على شرايطها ألقاه التّفريط في موارد الهلكة و ضعف هذا الوجه و بعده واضح هذا.
و لما ذكر عليه السّلام أوصاف الرّجل الذميمة و أخلاقه الخبيثة الخسيسة أشار إلى شدّة ابتلاء النّاس في أيّام خلافته بقوله: (فمني النّاس) أي ابتلوا (لعمر اللّه بخبط) أى بالسير على غير معرفة و في غير جادّة (و شماس) و نفار (و تلوّن) مزاج (و اعتراض) أى بالسّير على غير خط مستقيم كأنّه يسير عرضا، قال الشّارح المعتزلي: و إنّما يفعل ذلك البعير الجامح الخابط و بعير عرضي يعترض في سيره لأنّه لم يتمّ رياضته و في فلان عرضية أى عجز فيه و صعوبة، و قال البحراني في شرح تلك الجملة: إنّها إشارة إلى ما ابتلوا به من اضطراب الرّجل و حركاته التي كان ينقمها عليه، فكنّى بالخبط عنها و بالشّماس عن جفاوة طباعه و خشونتها، و بالتّلوّن و الاعتراض عن انتقاله من حالة إلى اخرى في أخلاقه، و هي استعارات وجه المشابهة فيها أنّ خبط البعير، و شماس الفرس و اعتراضها في الطريق حركات غير منظومة، فأشبهها ما لم يكن منظوما من حركات الرّجل التي ابتلي النّاس بها.
أقول: و على ذلك فالأربعة أوصاف للرّجل و المقصود كما ذكره الاشارة إلى ابتلاء النّاس في خلافته بالقضايا الباطلة لجهله و استبداده برأيه مع تسرعه إلى الحكم مع ايذائهم بحدته و بالخشونة في الأقوال و الأفعال الموجبة لنفارهم عنه،و بالنّفار عن النّاس كالفرس الشّموس و التلوّن في الآراء و الأحكام لعدم ابتنائها على أساس قويّ، و بالخروج عن الشرع السّواء و الجادة المستقيمة أو بالحمل على الأمور الصعبة و التكاليف الشاقّة هذا.
و يحتمل كونها صفات للنّاس، فانّ خروج الوالي عن الجادّة يستلزم خروج النّاس احيانا و كذا تلوّنه و اعتراضه يوجب تلوّن الرّعية و اعتراضهم على بعض الوجوه و خشونته يستلزم نفارهم و هو ظاهر.
ثم إنّه عليه السّلام أردف ذلك كلّه بتكرير ذكر صبره على ما صبر عليه مع الثاني كما صبر مع الأوّل و قال: (فصبرت على طول المدّة) أى طول مدّة تخلّف الأمر عنه عليه السّلام (و شدّة المحنة) أى شدّة الابتلاء بسبب فوات حقّه و ما يستتبع ذلك من اختلال قواعد الدّين و انهدام أركان اليقين.
الترجمة
تا آنكه گذشت اوّل يعنى ابو بكر براه خود كه طريق جهنم است، پس دفع كرد و واگذاشت خلافت را بسوى پسر خطاب بعد از خود، بعد از آن مثل زد أمير المؤمنين عليه السّلام بقول أعشى كه در مفاخره علقمه و عامر گفته و عامر را مدح و علقمه را هجو نموده. و معنى بيت اين است كه چقدر دور است ميان دو روز من روزى كه بر كوهان و پالان شتر سوار و برنج و تعب سفر گرفتار، و روز حيان برادر جابر كه نديم وى بودم و بناز و نعمت مىگذرانيدم، و يا اين كه بعيد است ميان روز من كه بر پشت ناقه سوار و روز حيان كه راحت از مشقت سفر و فارغ از ملال و كدورات.
و مقصود امام عليه السّلام از تمثيل باين بيت بنا بر اين معنى اظهار بعد است ميان حال خود كه گرفتار محنت بوده و قرين مشقت و ميان حال قومى كه بمقاصد خودشان واصل و در سعة و رفاهيت محفوظ و بنا بر معنى اوّل اظهار مباعدت و دوريست ميان دو روز خود يكى بعد از وفات حضرت رسالت مآب صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كه از حق خود مغصوب و در خانه خود معتزل و بصحبت اشرار گرفتار و بفتن و محن مبتلا،و روز دويم زمان حضور آن حضرت صلوات اللّه عليه كه در خدمت او كسب فيوضات ظاهرية و كمالات معنويه مىكردند.
و بهر تقدير امام عليه السّلام بعد از مثل زدن فرمود، پس بسا تعجب وقتى كه أبو بكر طلب اقاله و فسخ نمود خلافت را در حال حيات خود هنگامى كه عقد كرد آن را بجهة ديگرى كه آن عمر است تا آنكه بوده باشد او را بعد از مردن او بخداوند قسم هر آينه سخت شد گرفتن أبو بكر و عمر هر يكى يك نصف خلافت را يا اين كه گرفتن ايشان جانب هر دو پستان آن را، و اين كنايه است از اشتراك ايشان در قسمت منفعت و فوايد خلافت همچنان كه دو نفر دوشنده دو پستان شتر بعد از دوشيدن نفع آنرا تقسيم مىنمايند.
پس گردانيد ابو بكر خلافت را در طبيعتى زبر و خشن كه غليظ بود جراحتى كه حاصل بود از آن طبيعت و درشت بود مسّ آن و بسيار بود بسر در آمدن او در احكام شرعيه و مسائل دينيه و عذرخواهى او از عثرات خود، پس صاحب آن طبيعت با خشونت مثل سوار ناقه سركش است اگر سر آن ناقه را با افسار و خرام نگه بدارد بينى خود را پاره مىنمايد، و اگر رها كند و بحال خود فروگذارد واقع مىشود در مهالك و معاطب، پس مبتلا شدند مردم قسم ببقاى خدا بانداختن خود در غير طريق قويم و برميدن از صراط مستقيم و بتلوّن مزاج و بسير نمودن در عرض طريق، پس صبر نمودم مرتبه دويم بر درازى روزگار اعتزال، و سختى اندوه و ملال.
الفصل الثالث
حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في ستّة زعم أنّي أحدهم، فياللّه و للشّورى متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النّظائر، و لكنّي أسففت إذ أسفّوا، و طرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضعفه، و مال الآخر لصهره، مع هن و هن.
اللغة
(الزّعم) مثلثة الفاء الفتح للحجاز و الضمّ للأسد و الكسر لبعض قيس و هو قريب من الظنّ، و قال المرزوقي: اكثره يستعمل فيما كان باطلا أو فيه ارتياب، و قال ابن الأثير: إنّما يقال: زعموا في حديث لا سند له و لا ثبت فيه، و قال الزّمخشري: هي ما لا يوثق به من الأحاديث و (الشّورى) اسم من تشاور القوم و اشتوروا، و قيل: إنه مصدر كبشرى بمعنى المشورة و الأوّل اظهر و (اعترض) الشّيء إذا صار عارضا كالخشبة المعترضة في النهر و (اقرن) على لفظ المجهول أى أجعل قرينا لهم و يجمع بينى و بينهم و (أسفّ) الطائر إذا دنا من الأرض في طيرانه و أسفّ الرّجل للأمر اذا قاربه و (طرت) أى ارتفعت استعمالا للكلّي في أكمل الأفراد و (صغى) إلى كذا مال إليه و صغت النجوم مال إلى الغروب و (الضّغن) الحقد و البغض.
و (الصّهر) قال الخليل: هو أهل بيت المرأة، قال: و من العرب من يجعل الأحماء و الاختان جميعا أصهارا، و قال الأزهري: الصّهر يشتمل على قرابات النّساء ذوي المحارم و ذوات المحارم كالأبوين و الاخوة و أولادهم و الأعمام و الأخوال و الخالات، فهؤلاء أصهار زوج المرأة، و من كان من قبل الزّوج من ذوي قرابته المحارم فهم أصهار المرأة أيضا، و قال ابن السّكيت كلّ من كان من قبل الزّوج من أبيه أو أخته أو عمّه فهم الأحماء، و من كان من قبل المرأة فهم الأختان و يجمعالصّنفين الأصهار و (هن) خفيف النون كناية عن كلّ اسم جنس و معناه شيء و لامها محذوفة فالمعروف أنّها واو بدليل جمعها على هنوات، و قيل: هي هاء لتصغيره على هنيهة، و قيل: نون و الأصل هن بالتّثقيل و التّصغير هنين، و قال نجم الأئمة الرّضيّ: الهن الشيء المنكر الذي يستهجن ذكره من العورة و الفعل القبيح و غير ذلك.
الاعراب
اللّام في للّه مفتوحة لدخولها على المستغاث ادخلت للدّلالة على الاختصاص بالنّداء للاستغاثة، و في قوله للشّورى مكسورة لدخولها على المستغاث لأجله قال الشّاعر:
يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب يا للكهول و للشّبّان للعجب
بفتح لام الكهول و كسر لام العجب و كسرها في للشبان لكونه معطوفا على المستغاث من غير اعادة حرف النداء و لو اعيدت فتحت قال الشّاعر:
يا لقومي و يا لامثال قومي لا ناس عتوّهم في ازدياد
و الواو في قوله: و للشّورى إمّا زايدة أو عاطفة على محذوف مستغاث له أيضا كما ستعرفه في بيان المعنى.
المعنى
(حتّى إذا مضى) الثّاني (لسبيله) و مات و ذلك بعد ما غصب الخلافة عشر سنين و ستة أشهر على ما حكاه في البحار من كتاب الاستيعاب و ستعرف تفصيل الكلام في كيفيّة موته و تعيين يوم موته في التّذنيبات الآتية، و كيف كان فانّه لما أراد اللّه أن يقبضه إلى ما هيّأ له من أليم العذاب (جعلها في ستة) نفر و في بعض النّسخ في جماعة (زعم أنّي أحدهم) و في تلخيص الشّافي زعم أنّي سادسهم و هؤلاء الجماعة هم: أمير المؤمنين عليه السّلام و عثمان و طلحة و الزّبير و سعد بن أبي وقاص و عبد الرّحمن ابن عوف، هذا هو المعروف و قيل: إنّهم خمسة، قال الطبري: لم يكن طلحة ممّن ذكر في الشّورى و لا كان يومئذ بالمدينة، و عن أحمد بن أعثم لم يكن بالمدينة، فقال عمر: انتظروا لطلحة ثلاثة أيّام فان جاء و إلّا اختاروا رجلا من الخمسة.
(فياللّه) أنت النّاصر و المعين و المغيث أستغيث بك لما أصابني عنه أو لنوائب الدّهر عامة (و للشّورى) خاصّة و الاستغاثة للتّألم من الاقتران بمن لا يدانيه في الفضائل و لا يقارنه في الفواضل و لا يستأهل للخلافة و لا يليق بالولاية، و لذلك أتبعه عليه السّلام بالاستفهام على سبيل الانكار و التعجب بقوله: (متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم) يعنى متى صار الشّك عارضا لأذهانهم فيّ بمساوات أبي بكر (حتّى صرت اقرن) أى اجعل قرينا (إلى هذه النظائر) الخمسة أو الأربعة و يجمع عمر بيني و بينهم و يجعلهم نظائر لي مع كونهم أدنى من الأوّل رتبة و أخسّ منزلة فكيف بقياسهم إليّ و تناظرهم«» بي (و لكني أسففت) مع القوم (إذ أسفّوا و طرت) معهم (إذ طاروا) يعني أنّي تابعتهم تقيّة و جريت معهم على ما جروا و دخلت معهم في الشّورى مع أنّهم لم يكونوا نظراء لي و تركت المنازعة من حيث اقتضاء المصلحة (فصغى) و مال (رجل منهم) من الحقّ إلى الباطل (لضغنه) و حقده الذي كان في صدره.
و المراد بذلك الرّجل على ما ذكره القطب الرّاوندي و الشّارح البحراني و المحدث الجزايري و غيرهم هو سعد بن أبي وقاص اللّعين، و سبب ضغنه على ما ذكره الرّاوندي هو أنّه عليه السّلام قتل أباه يوم بدر، و قال سعد أحد من تخلف عن بيعة أمير المؤمنين عليه السّلام عند رجوع الأمر إليه، إلّا أنّ الشّارح المعتزلي أورد عليه بأنّ أبا وقاص و اسمه مالك بن اهيب مات في الجاهلية حتف أنفه، و قال: إنّ المراد به طلحة و علّل ميله عنه عليه السّلام بقوله: و إنّما مال طلحة إلى عثمان لانحرافه عن علي عليه السّلام باعتبار انه تيميّ و ابن عمّ أبي بكر، و قد كان حصل في نفوس بني هاشم من بني تيم حنق شديد لأجل الخلافة و كذلك صار في صدور تيم على بني هاشم، و هذا أمر مركوز في طباع البشر و خصوصا طينة العرب و طباعها و التّجربة إلى الآن تحقق ذلك.
قال: و أمّا الرّواية التي جاءت بأنّ طلحة لم يكن حاضرا يوم الشّورى فان صحت فذو الضّغن هو سعد بن أبي وقّاص لأنّ أمّه حمنة بنت سفيان بن أميّة بنعبد شمس، و الضغنة التي كانت عنده على علي عليه السّلام من قبل أخواله الذين قتل صناديدهم و تقلد دمائهم و لم يعرف أنّ عليّا عليه السّلام قتل أحدا من بني زهرة لينسب الضّغن إليه (و مال الآخر) و هو عبد الرّحمن بن عوف (لصهره) و هو عثمان و المصاهرة بينهما من جهة أنّ امّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت تحته و هي اخت عثمان من امّه و روى بنت كريز و هذا الميل أيضا لم يكن لمجرّد المصاهرة و محض القرابة بل (مع هن و هن) أى مع شيء و شيء قبيح يستهجن ذكره، و هو البغض و الحسد منه له عليه السّلام أو نفاسته عليه أو رجاؤه وصول الخلافة بعد عثمان إليه أو انتفاعه بخلافته بالانتساب و اكتساب الأموال و التّرفع على النّاس و الاستطالة أو غير ذلك ممّا هو عليه السّلام أعلم به و كنّى عنه.
و ينبغي التذييل بامور:
الاول كيفية قتل عمر و قاتله، و يوم قتله.
اما الاول فقاتله أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة
روى المحدّث المجلسي (ره) في البحار من مؤلف العداد القوية نقلا من كتب المخالفين و الجزائري في الأنوار من كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ من رجال العامة قال: ذكر الواقدى قال: أخبرني نافع عن أبي نعيم عن عامر بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه قال: غدوت مع عمر بن الخطاب الى السّوق و هو متّكى على يدي فلقاه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال له: ألا تكلّم مولاى يضع عنّي من خراجي قال: كم خراجك قال: دينار فقال عمر: ما أرى أن أفعل انّك لعامل محسن و ما هذا بكثير، ثمّ قال له عمر: ألا تعمل لي رحى قال: أبو لؤلؤة: لأعملن لك رحى يتحدّث بها ما بين المشرق و المغرب، قال ابن الزّبير: فوقع في نفسي قوله، قال: فلما كان في النّداء لصلاة الصّبح و خرج عمر إلى النّاس قال ابن الزّبير: و أنا في مصلاى و قد اضطجع له أبو لؤلؤة فضربه بالسّكين ست طعنات إحديهنّ تحت سرّته و هي قتلته، قال في البحار: و جاء بسكين له طرفان فلما خرج عمر خرج معه ثلاثة عشر رجلا فى المسجد، ثمّ اخذ، فلما اخذ قتل نفسه.
و من كتاب الاستيعاب أيضا أنّ عمر لما ضربه أبو لؤلؤة بالسّكين في بطنه قال: ادعو الى الطبيب، فدعى الطبيب، فقال: أي الشّراب أحبّ اليك فقال: النبيذ فسقى نبيذا فخرج من بعض طعناته فقال النّاس: هذا دم هذا صديد، فقال: اسقونى لبنا، فسقوه لبنا فخرج من الطعنة، فقال له الطبيب: لا أرى أن تمسى فما كنت فاعلا فافعل، و تمام الخبر مذكور في الشّورى، قال بعض أصحابنا: و لقد كان يحبّ أن يلاقى اللّه سبحانه و بطنه الممزوق ممتلى من الشّراب فانظروا يا اولى الألباب.
و اما الثاني فالمشهور بين العلماء أنّ قتله كان في ذي الحجةو هو المتفق عليه بين العامة، و لكنّ المشهور بين العوام في الأقطار و الامصار هو أنّه في شهر ربيع الأول قال الكفعمى في المصباح في سياق أعمال شهر ربيع الاول: إنّه روى صاحب مسار الشّيعة أنه من أنفق في اليوم التّاسع منه شيئا غفر له و يستحب فيه إطعام الاخوان، و تطييبهم و التّوسعة و النّفقة و لبس الجديد و الشكر و العبادة و هو يوم نفى الغموم و روي أنّه ليس فيه صوم و جمهور الشيعة يزعمون أنّ فيه قتل عمر بن الخطاب و ليس بصحيح.
قال محمّد بن ادريس في سرائره من زعم أنّ عمر قتل فيه فقد أخطأ باجماع أهل التّواريخ و السّير، و كذلك قال المفيد (ره) في كتاب التّواريخ و إنّما قتل يوم الاثنين لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين من الهجرة نصّ على ذلك صاحب الغرة و صاحب المعجم و صاحب الطبقات و صاحب كتاب مسار الشّيعة و ابن طاوس بل الاجماع حاصل من الشّيعة و أهل السّنة على ذلك انتهى.
أقول: قد عرفت أنّ المشهور بين جمهورى الشّيعة هو أنّه في شهر الرّبيع فدعوى الاجماع على كونه في ذي الحجّة ممنوعة و يدل على ذلك ما رواه في الأنوار من كتاب محمّد بن جرير الطبري قال: المقتل الثّاني يوم التاسع من شهر ربيع الأوّل أخبرنا الأمين السّيد أبو المبارك أحمد بن محمّد بن أردشير الدّستاني قال: أخبرنا السيد أبو البركات محمّد الجرجاني، قال: أخبرنا هبة اللّه القمي و اسمه يحيى، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق البغدادي، قال: حدّثنا الفقيه الحسن ابن الحسن السّامري أنّه قال: كنت أنا و يحيى بن أحمد بن جريح، فقصدنا أحمد ابن إسحاق القمي و هو صاحب الامام العسكر عليه السّلام بمدينة قم، فقرعنا عليه الباب فخرجت علينا من داره صبيّة عراقيّة فسألناها عنه، فقالت: هو مشغول و عياله فانه يوم عيد، قلنا: سبحان اللّه الأعياد عندنا أربعة: عيد الفطر و عيد الضّحى النّحر و الغدير و الجمعة، قالت: روي سيّدي أحمد بن إسحاق عن سيّده العسكرى عن أبيه علي بن محمد عليهم السلام أنّ هذا يوم عيد و هو خيار الأعياد عند أهل البيت عليهم السلام و عند مواليهم، قلنا: فاستأذني بالدّخول عليه و عرّفيه بمكاننا، قال: فخرج علينا و هو متزر بمئزر له و محتبي بكسائه يمسح وجهه، فأنكرنا عليه ذلك، فقال: لا عليكما إنّنى كنت أغتسل للعيد فانّ هذا اليوم «عيد ظ» و هو اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل فادخلنا داره و أجلسنا على سرير له.
ثمّ قال: إني قصدت مولاى أبا الحسن العسكري عليه السّلام مع جماعة من إخواني في مثل هذا اليوم و هو اليوم التّاسع من ربيع الأوّل فرأينا سيّدنا قد أمر جميع خدمه أن يلبس ما يمكنه من الثياب الجدد و كان بين يديه مجمرة يحرق فيها العود، قلنا يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: هل تجد في هذا اليوم لأهل البيت عليهم السّلام فرحا فقال عليه السّلام: و أىّ يوم أعظم حرمة من هذا اليوم عند أهل البيت و أفرح و قد حدّثني أبي عليه السّلام أنّ حذيفة (رض) دخل في مثل هذا اليوم و هو اليوم التّاسع من ربيع الأوّل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال حذيفة: فرأيت أمير المؤمنين مع ولديه الحسن و الحسين مع رسول اللّه صلوات اللّه عليه و عليهم يأكلون و الرّسول يتبسم في وجوههما و يقول كلاهنيئا مريئا لكما ببركة هذا اليوم و سعادته فانّه اليوم الذي يقبض اللّه فيه عدوّه و عدوّ كما و عدوّ جدّكما و يستجيب فيه دعاء امّكما، فانّه اليوم الذي يكسر فيه شوكة مبغض جدّكما و ناصر عدوّكما، كلا فانّه اليوم الذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي و هامانهم و ظالمهم و غاصب حقّهم، كلا فانّه اليوم الذي يفرح اللّه فيه قلبكما و قلب امكما.
قال حذيفة: فقلت يا رسول اللّه في امّتك و أصحابك من يهتك هذا الحرم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: جبت من المنافقين يظلم أهل بيتي و يستعمل في امتي الرّيا و يدعوهم إلى نفسه و يتطاول على الامّة من بعدي و يستجلب أموال اللّه من غير حلّه و ينفقها في غير طاعته و يحمل على كتفه درّة الخزى و يضلّ النّاس عن سبيل اللّه و يحرّف كتابه و يغيّر سنتى و يغصب ارث ولدي و ينصب نفسه علما و يكذّبني و يكذّب أخي و وزيري و وصيي و زوج ابنتي و يتغلّب على ابنتي و يمنعها حقّها و تدعو فيستجاب اللّه لها الدّعاء في مثل هذا اليوم.
قال حذيفة (رض): قلت: يا رسول اللّه ادع اللّه ليهلكنّه في حياتك قال: يا حذيفة لا احبّ أن أجتري على اللّه عزّ و جلّ لما قد سبق في علمه لكنّي سألت اللّه تعالى أن يجعل اليوم الذي يقبضه فيه إليه فضيلة على ساير الأيام و يكون ذلك سنة يستنّ بها أحبّائي و شيعة أهل بيتي و محبهم، فأوحى اللّه عزّ و جل إلي: فقال: يا محمّد إنّه قد سبق في علمي أن يمسّك و أهل بيتك محن الدّنيا و بلائها و ظلم المنافقين و المعاندين من عبادي ممّن نصحتهم و خانوك و محضتهم و غشوك و صافيتهم و كاشحوك و أوصلتهم و خالفوك و أوعدتهم و كذّبوك، فانّي بحولي و قوّتي و سلطاني لافتحنّ على روح من يغضب «يغصب خ» بعدك عليّا حقّه وصيك و وليّ خلقى «من العذاب الاليم خ» ألف باب من النيران من سفاك الفيلوق، و لاوصلنّه و أصحابه قعرا يشرف عليه إبليس لعنه اللّه فيلعنه، و لأجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة مع فراعنة الانبياء و أعداء الدين في المحشر، و لا حشرنّهم و أوليائهم و جميع الظلمة و المنافقين في جهنم و لادخلنهم «و لاخلدنهم خ ك» فيها أبدا الآبدين.
يا محمّد أنا أنتقم من الذي يجتري عليّ و يبدّل كلامي و يشرك بي و يصدّ النّاس عن سبيلي و ينصب نفسه عجلا لامتك و يكفر بي، إنّي قد أمرت سبع سماوات من شيعتكم و محبّيكم أن يتعيدوا في هذا اليوم«» الذي أقبضه إلىّ فيه و أمرتهم أن ينصبوا كراسى كرامتي بازاء البيت المعمور و يثنوا عليّ و يستغفروا لشيعتكم من ولد آدم.
يا محمّد و أمرت الكرام الكاتبين ان يرفعوا القلم عن الخلق «كلهم خ» ثلاثة أيام من أجل ذلك اليوم و لا أكتب عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لك و لوصيّك.
يا محمّد إني قد جعلت ذلك عيدا لك و لأهل بيتك و للمؤمنين من شيعتك و آليت علي نفسي بعزّتي و جلالي و علوّي في رفيع مكاني إنّ من وسّع في ذلك اليوم على عياله و أقاربه لأزيدن في ماله و عمره و لأعتقنّه من النّار و لأجعلنّ سعيه مشكورا و ذنبه مغفورا، و أعماله مقبولة، ثمّ قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فدخل بيت امّ سلمة فرجعت عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا غير شاكّ في أمر الشيخ الثاني حتّى رأيته بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد فتح الشرّ و أعاد الكفر و الارتداد عن الدّين و حرّف القرآن.
و في البحار من كتاب الاقبال لابن طاوس بعد ذكر اليوم التاسع من ربيع الأول: اعلم أنّ هذا اليوم وجدنا فيه رواية عظيم الشأن و وجدنا جماعة من العجم و الاخوان يعظمون السّرور فيه و يذكرون أنّه يوم هلاك من كان يهون باللّه جلّ جلاله و رسوله و يعاديه، و لم أجد فيما تصفحت من الكتب إلى الآن موافقة اعتمد عليها للرّواية التي رويناها عن ابن بابويه تغمّده اللّه رضوانه، فان أراد أحد تعظيمه مطلقا لسرّ يكون في مطاويه غير الوجه الذي يظهر فيه احتياطا للرّواية فهكذا عادة ذوي الدّراية، و إن كان يمكن تأويل ما رواه أبو جعفر بن بابويه في أنّ قتل من ذكر كان في تاسع ربيع الأوّل لعلّ معناه أن السّبب الذي اقتضى قتل المقاتل على قتله كان في ذلك اليوم، و يمكن أن يسمّى مجازا سبب القتل بالقتل، أو يكون توجه القاتل من بلده في ذلك اليوم، أو وصول القاتل إلى مدينة القتل فيه، و أمّا تأويل من تأوّل أنّ الخبر وصل إلى بلد ابن بابويه فيه فلا يصحّ، لأن الحديث الذى رواه ابن بابويه عن الصّادق عليه السّلام تضمن أنّ القتل في ذلك اليوم فكيف يصحّ هذا التأويل.
قال: في البحار بعد حكايته ذلك: و يظهر منه ورود رواية اخرى عن الصادق عليه السلام بهذا المضمون رواها الصدوق، و يظهر من كلام خلفه«» الجليل ورود عدة روايات دالة على كون قتله في ذلك، فاستبعاد ابن إدريس و غيره رحمة اللّه عليهم ليس في محلّه، إذ اعتبار تلك الرّوايات مع الشهرة بين أكثر الشيعة سلفا و خلفا لا يقصر عمّا ذكره المورخون من المخالفين، و يحتمل أن يكونوا غيّروا هذا اليوم ليشتبه الأمر على الشيعة فلا يتخذوه يوم عيد و سرور.
فان قيل: كيف اشتبه هذا الأمر العظيم بين الفريقين مع كثرة الدواعي على ضبطه و نقله.
قلنا: نقلب الكلام عليكم مع أنّ هذا الأمر ليس بأعظم من وفات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مع أنه وقع الخلاف فيه بين الفريقين بل بين كلّ منهما مع شدّة تلك المصيبة العظمى و ما استتبعه من الدّواهي الاخرى مع أنّهم اختلفوا في يوم القتل و إن اتّفقوا في كونه ذي الحجّة، و من نظر في اختلاف الشّيعة و أهل الخلاف في أكثر الامور التي توفرت الدّواعي على نقلها مع كثرة حاجة النّاس إليها كالأذان و الوضوء و الصّلاة و الحجّ و تأمل فيها لا يستبعد أمثال ذلك، و اللّه أعلم بحقايق الامور.
الثاني في ذكر أخبار الشّورى من طرق العامة
فأقول: روى في البحار عن ابن الأثير في الكامل و الطبري عن شيوخه بطرق متعدّدة أنّه لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب و علم أنّه قد انقضت أيّامه و اقترب أجله، قال له بعض أصحابه: لو استخلفت يا أمير المؤمنين، فقال: لو كان أبو عبيدة حيّا لاستخلفته و قلت لربّي إن سألني: سمعت نبيّك يقول: أبو عبيدة امين هذه الامة، و لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته و قلت لربّي إن سألني: سمعت نبيّك يقول: إنّ سالما شديد الحبّ للّه فقال رجل: ولّ عبد اللّه بن عمر، فقال: قاتلك اللّه، و اللّه ما أردت اللّه بهذا، ويحك كيف استخلفت رجلا عجز عن طلاق امرأته.
و في شرح المعتزلي أنّ عمر لما طعنه أبو لؤلؤة و علم أنّه ميّت استشار فيمن يوليه الأمر بعده فأشير إليه بابنه عبد اللّه فقال لا هاء«» اللّه لا يليها رجلان من ولد الخطاب حسب عمر ما حمل حسب عمر ما احتقب«» لاها اللّه، لا أتحملها حيّا و ميّتا، ثمّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مات و هو راض عن هذه الستّة من قريش: عليّ و عثمان و طلحة و الزّبير و سعد و عبد الرّحمن بن عوف، و قد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختار و أنفسهم، ثمّ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي يعني ابا بكر و إن أترك فقد ترك من هو خير منّي يعني رسول اللّه، ثم قال: ادعوهم لي، فدعوهم فدخلوا عليه و هو ملقى على فراشه و هو يجود بنفسه، فنظر إليهم فقال: أكلّكم يطمع في الخلافة بعدي فوجموا«» فقال لهم: ثانية فأجابه الزّبير و قال: و ما الذي يبعدنا منها وليتها أنت فقمت بها و لسنا دونك في قريش و لا في السّابقة و القرابة.
قال الشّارح قال الشيخ أبو عثمان الجاحظ: و اللّه لو لا علمه أنّ عمر يموت في مجلسه ذلك لم يقدم على أن يفوّه من هذا الكلا بكلمة و لا أن ينبس«» منه لفظ، فقال عمر: أفلا اخبركم عن أنفسكم: قالوا: قل فانّا لو استعفيناك لم تعفنا، فقال: أمّا أنت يا زبير فوعقة«» لقس«» مؤمن الرّضى كافر الغضب، يوما إنسان و يوما شيطان، و لعلّها لو أفضت إليك ظلّت قومك تلاطم بالبطحاء على مدّ من شعير،أ فرأيت إن أفضت إليك فليت شعرى من يكون للنّاس يوم تكون شيطانا و من يكون يوم تغضب إماما، و ما كان اللّه ليجمع لك أمر هذه الامة و أنت على هذه الصّفة.
ثمّ أقبل على طلحة و كان له مبغضا مند قال لأبي بكر يوم وفاته ما قال في عمر، فقال له: أقول أم أسكت قال: قل فانّك لا تقول من الخير شيئا، قال: أما أني أعرفك منذ اصيبت إصبعك يوم احد و الباد«» الذي حدث لك، لقد مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ساخطا عليكم للكمة«» التي قلتها يوم انزلت آية الحجاب.
قال الشّارح: قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ: الكلمة المذكورة أنّ طلحة لما انزلت آية الحجاب قال بمحضر ممّن نقل عنه الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما الذي يغنيه حجابهن اليوم سيموت غدا فننكحهنّ، قال: قال أبو عثمان أيضا: لو قال لعمر قائل أنت قلت: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مات و هو راض عن الستّة فكيف تقول الآن لطلحة إنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مات ساخطا عليك للكلمة التي قلتها، لكان قد رماه بمشاقصة«» و لكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له: ما دون هذا فكيف هذا ثمّ أقبل على سعد بن أبي وقاص فقال: أمّا أنت صاحب مقنب«» من هذه المقانب تقاتل به و صاحب قنص«» و قوس و أسهم و ما زهرة و الخلافة و امور الناس ثمّ أقبل على عبد الرّحمن بن عوف فقال: و أما أنت يا عبد الرّحمن فلو وزن نصف ايمان المسلمين بايمانك لرجح ايمانك به و لكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك و ما زهرة و هذا الأمر.
ثمّ أقبل على عليّ عليه السّلام فقال: للّه أنت لو لا دعابة«» فيك أما و اللّه لئن وليتهم لتحملنهم على الحقّ الواضح و المحجّة البيضاء.
ثمّ أقبل على عثمان فقال هيها«» إليك كأني بك قد قلّدتك قريش هذا الأمر لحبّها إيّاك فحملت بنى اميّة و بني أبي معيط على رقاب النّاس و آثرتهم بالفيء فسارت «فثارت ظ» إليك عصابة من را بان«» «ذوبان خ» العرف فذبحوك على فراشك ذبحا و اللّه لئن فعلوا لتفعلنّ و لئن فعلت ليفعلنّ، ثمّ أخذ بناصيته فقال: فاذا كان ذلك فاذكر قولي فانه كاين.
ثمّ قال: ادعوا لي أبا طلحة الأنصاري فدعوه له فقال: انظر يا أبا طلحة إذا عدتم من حفرتي فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفكم فخذ هؤلاء النّفر بامضاء الأمر و تعجيله و اجمعهم في بيت وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا و يختاروا واحدا منهم، فان اتفق خمسة و أبى واحد فاضرب عنقه، و إن اتفق أربعة و أبى اثنان فاضرب أعناقهما، و إن اتّفق ثلاثة و خالف ثلاثة فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرّحمن فارجع الى ما قد اتفقت عليه فان اصرّت الثلاثة الاخرى على خلافها فاضرب أعناقها، و ان مضت ثلاثة أيّام و لم يتفقوا على أمر فاضرب أعناق الستّة و دع المسلمين يختاروا لأنفسهم.
فلما دفن عمر جمعهم أبو طلحة و وقف على باب البيت بالسّيف في خمسين من الأنصار حاملي سيوفهم ثم تكلم القوم و تنازعوا، فأوّل ما عمل طلحة أنّه أشهدهم على نفسه أنّه قد وهب حقّه من الشّورى لعثمان، و ذلك لعلمه أنّ النّاس لا يعدلون به عليّا و عثمان و أنّ الخلافة لا تخلص له و هذان موجودان، فأراد تقوية أمر عثمان و إضعاف جانب عليّ عليه السّلام بهبة أمر لا انتفاع و لا تمكن له منه، فقال الزّبير في معارضته و أنا اشهدكم على نفسي أنّي قد وهبت حقّي من الشّورى لعليّ عليه السّلام، و إنّما فعل ذلك لأنّه لما رأى عليّا عليه السّلام قد ضعف و انخذل بهبة طلحة حقّه لعثمان دخلته حميّة النّسب، لأنّه ابن عمة أمير المؤمنين عليه السّلام و هي صفية بنت عبد المطلب و أبو طالب خاله، فبقى من الستّة أربعة، فقال سعد بن أبي وقاص: و أنا قد وهبت حقّى من الشّورى لابن عمّي عبد الرّحمن، و ذلك لأنّهما من بني زهرة و لعلم سعد أنّ الأمر لا يتمّ له.
فلما لم يبق إلّا الثّلاثة قال عبد الرّحمن لعلي و عثمان: أيّكما يخرج نفسه من الخلافة و يكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين فلم يتكلّم منهما أحد، فقال عبد الرّحمن: إنّى اشهدكم قد أخرجت نفسي من الخلافة على أن اختار أحدهما، فأمسكا، فبدء بعليّ عليه السّلام و قال له: ابايعك على كتاب اللّه و سنّة رسول اللّه و سيرة الشيخين أبي بكر و عمر، فقال: بل على كتاب اللّه و سنّة رسوله و اجتهاد رأيي، فعدل عنه إلى عثمان فعرض ذلك عليه، فقال: نعم، فعاد إلى عليّ عليه السّلام فأعاد قوله، فعل ذلك عبد الرّحمن ثلاثا، فلما رأى أن عليّا غير راجع عمّا قاله و أنّ عثمان ينعم له بالاجابة صفق على يد عثمان، و قال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين، فيقال: إنّ عليّا عليه السّلام قال له: و اللّه ما فعلها إلّا لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه، دقّ اللّه بينكما عطر منشم«» قيل: ففسد بعد ذلك بين عثمان و عبد الرحمن فلم يكلّم أحدهما صاحبه حتّى مات عبد الرّحمن.
و قال الشارح أيضا: لما بنى عثمان قصره طمارد الزوراء و صنع طعاما كثيرا و دعا الناس إليه كان فيهم عبد الرّحمن، فلما نظر إلى البناء و الطعام قال: يا بن عفان لقد صدقنا عليك ما كتا نكذب فيك و إني استعيذ باللّه من بيعتك، فغضب عثمان و قال: أخرجه عني يا غلام، فأخرجوه و أمر الناس أن لا يجالسوه فلم يكن يأتيه أحد إلا ابن عباس كان يأتيه فيتعلّم منه القرآن و الفرائض، و مرض عبد الرّحمان فعاده عثمان،فكلّمه و لم يكلّمه حتى مات.
أقول: هذا ما رواه الشّارح المعتزلي في قضيّة الشّورى و أتبعه بروايات اخرى لامهمّ في إطالة الكلام بذكرها، و إنّما المهمّ الاشارة إلى بعض ما يطعن به على عمر في هذه القضيّة من ابداعه في الدّين و خروجه عن نهج الحقّ المبين و غير ذلك ممّا لا يخفى على أهل البصيرة و اليقين.
منها مخاطبته القوم و مواجهتهم بمثل تلك الكلمات الكاشفة عن غلظ طبيعته و خشونة مسه و جفوته، و ذلك شاهد صدق على ما ذكره عليه السّلام سابقا بقوله: فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها و يخشن مسها اه.
و منها خروجه في هذا الأمر عن النّصّ و الاختيار جميعا.
و منها حصر الشّورى في ستّة و ذمّ كلّ واحد منهم بأن ذكر فيه طعنا لا يصلح معه الامامة ثمّ أهله بعد أن طعن فيه.
و منها نسبة الامام عليه السّلام إلى الدعابة و المزاحة و هو افتراء عليه و ظلم في حقّه، و مثل ذلك زعم عمرو بن العاص و كذبه عليه السّلام في بعض خطبة الآتية بقوله: عجبا لابن النّابغة يزعم أنّ في دعابة او أنّي امرء تلعابة إلى آخر ما يأتي و هو المختار الثّالث و الثّمانون.
و منها جعل الأمر إلى ستّة ثمّ إلى أربعة ثمّ إلى واحد وصفه بالضّعف و القصور.
و منها ترجيح قول الذين فيهم عبد الرّحمن لعلمه بأنّه لا يكاد يعدل بالأمر عن ختنة و ابن عمّه.
و منها إدخاله عثمان في الشّورى مع دعواه العلم بظهور الفساد و القتل من خلافته و صرف مال اللّه في غير أهله كما يدلّ عليه قوله: و اللّه لئن فعلوا لتفعلن.
و منها أمره بقتل الثّلاثة الذين ليس فيهم عبد الرّحمن لو أصرّوا على المخالفة و من المعلوم أنّ مخالفته لا يوجب استحقاق القتل و منها أمره بقتل الستة و ضرب أعناقهم إن مضت ثلاثة أيّام و لم يتّفقوا، و من الواضح أنّ تكليفهم إذا كان الاجتهاد في اختيار الامام فربّما طال زمان الاجتهاد و ربّما قصر بحسب ما يعرض فيه من العوارض، و كيف يسوغ الأمر بالقتل إذا تجاوزت الثلاثة إلى غير هذه ممّا هي غير خفيّة على أهل البصيرة و المعرفة.
الثالث في ذكر طائفة من الاحتجاجات التي احتجّ بها الامام عليه السّلام في مجلس الشورى
و مناشداته معهم و تعديد فضائله و ذكر خصائصه، و هي كثيرة روتها الخاصّة و العامة في كتبهم و نحن نقتصر على رواية واحدة.
و هو ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر محمّد بن على الباقر عليه السّلام قال: إنّ عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة و أجمع على الشّورى بعث إلى ستّة نفر من قريش: إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و إلى عثمان ابن عفان و إلى زبير بن العوام و إلى طلحة بن عبيد اللّه و عبد الرّحمن بن عوف و سعد ابن أبي وقاص، و أمرهم أن يدخلوا إلى بيت و لا يخرجوا منه حتّى يبايعوا لأحدهم فان اجتمع أربعة على واحد و أبى واحد أن يبايعهم قتل، و إن امتنع اثنان و بايع ثلاثة قتلا فاجمع رأيهم على عثمان.
فلما رأى أمير المؤمنين عليه السّلام ما همّ القوم به من البيعة لعثمان قام فيهم ليتّخذ عليهم الحجة، فقال عليه السّلام لهم: اسمعوا منّي فان يك ما أقول حقا فاقبلوا، و إن يك باطلا فانكروه ثمّ قال عليه السّلام: انشدكم «نشدتكم خ» باللّه الذي يعلم صدقكم إن صدقتم و يعلم كذبكم إن كذبتم هل فيكم أحد صلّى القبلتين كلتيهما غير قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم من بايع البيعتين كلتيهما بيعة الفتح و بيعة الرضوان غيري قالوا: لا، قال نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أخوه المزيّن بالجناحين «يطير بهما في الجنة خ» غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد عمّة سيّد الشّهداء غيري قالوا لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد زوجته سيّدة نساء أهل الجنة غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هما سيّد اشباب.
أهل الجنة غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد عرف النّاسخ من المنسوخ في القرآن غيري قالوا: لا.
قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد أذهب اللّه عنه الرّجس و طهّره تطهيرا غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد عاين جبرئيل في مثال دحية الكلبي غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد أدّى الزّكاة و هو راكع غيري قالوا: لا، قال فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد مسح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عينيه و أعطاه الرّاية يوم خيبر فلم يجد حرا و لا بردا غيري قالوا لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد نصبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم غدير خم بأمر اللّه فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهم و الا من والاه و عاد من عاداه غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد أخو رسول اللّه في الحضر و رفيقه في السّفر غيري قالوا: لا.
قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبدود يوم الخندق و قتله غيري قالوا: لا، قال فانشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه و آله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي غيري قالوا: لا.
قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد سمّاه اللّه تعالى في عشر آيات من القرآن مؤمنا غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد ناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه الكفار فانهزموا غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد وقفت الملائكة يوم احد حتى ذهب النّاس عنه غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد قضى دين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد اشتاقت الجنّة إلى رؤيته غيري قالوا: لا.
قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد شهد وفات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد غسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كفّنه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد ورث سلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و رايته و خاتمة
غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم طلاق نسائه بيده غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد حمله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على ظهره حتّى كسر الأصنام على باب الكعبة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد نودي باسمه يوم بدر من السّمآء لا سيف إلّا ذو الفقار و لا فتى إلّا عليّ غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أكل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الطائر المشويّ الذي اهدي إليه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت صاحب رايتي في الدّنيا و صاحب لوائي في الآخرة غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد قدّم بين يدي نجويه صدقة غيري قالوا: لا، قال فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد خصف«» نعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنا أخوك و أنت أخي غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك «الخلق خ» إلى و أقواهم بالحقّ غيري قالوا: «اللّهم خ» لا قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد استقى مأئة دلو بمأة تمر و جاء بالتّمر فاطعمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو جايع غيري قالوا: «اللهم خ» لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد سلّم عليه جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل في ثلاثة آلاف من الملائكة «كلّ واحد منهم في ألف من الملائكة خ» يوم بدر غيري قالوا: «اللّهم خ» لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد غمض عين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد وحد اللّه قبلي غيري«» قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد كان أوّل داخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و آخر خارج من عنده غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد مشى مع رسول اللّه فمرّ على حديقة فقال «فقلت خ» ما أحسن هذه الحديقة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و حديقتك في الجنّة أحسن من هذه الحديقة حتّى إذا مرّ «مررت خ» على ثلاثة حدائق كل ذلك يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حديقتك في الجنّة أحسن من هذه غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت أوّل من آمن بي و أوّل من يصافحني يوم القيامة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بيده و يد امرأته و ابنيه حين أراد أن يباهل نصارى و نجران غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أوّل طالع يطلع عليكم من هذا الباب يا أنس فانّه أمير المؤمنين و سيّد المسلمين و خير الوصيّين و أولى النّاس بالناس فقال أنس: اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار فكنت أنا الطالع فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأنس: ما أنت بأوّل رجل أحبّ قومه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ».
غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه و في ولده: «إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً».
إلى آخر السّورة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه: «أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ» غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد علمه رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ألف كلمة كلّ كلمة مفتاح ألف كلمة غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحدنا جاه رسول الله يوم الطايف فقال أبو بكر و عمر: ناجيت عليا دوننا، فقال لهم رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما انا ناجيته بل الله أمرني بذلك غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد سقاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من المهراس«» غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه: أنت أقرب الخلق مني يوم القيامة يدخل بشفاعتك الجنّة أكثر من عدد ربيعة و مضر غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت تكسى حين اكسى غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت و شيعتك هم الفائزون يوم القيامة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كذب من زعم أنّه يحبني و يبغض هذا غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أحبّ شعراتي «هذه خ» فقد أحبّني و من أحبّني فقد أحب اللّه، فقيل له: و ما شعراتك يا رسول اللّه قال: عليّ و الحسن و الحسين و فاطمة غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت خير البشر بعد النبيّين غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت الفاروق تفرق بين الحقّ و الباطل غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت أفضل الخلايق عملا يوم القيامة بعد النّبيين غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كساه عليه و على زوجته و على ابنيه ثم قال: اللّهمّ أنا و أهل بيتي إليك لا إلى النّار غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد كان يبعث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الطعام و هو في الغار و يخبره بالأخبار غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا سر للّه دونك غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت أخي و وزيري و صاحبي من أهلي غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت أقدمهم سلما«» و أفضلهم علما و أكثرهم حلما غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قتل مرحبا اليهودي مبارزة فارس اليهود غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد عرض عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الاسلام فقال له: أنظرني حتّى ألقى والدي، فقال له رسول اللّه: يا عليّ فانّها أمانة عندك، فانّها عندك، فقلت: فان كانت أمانة عندي فقد أسلمت غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد احتمل باب خيبر حين فتحها فمشى به مأئة ذراع ثم عالجه بعده أربعون رجلا فلم يطيقونه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد«» نزلت فيه هذه الآية: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً».
فكنت أنا الذي قدّم الصّدقة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من سبّ عليّا فقد سبّني و من سبّني فقد سبّ اللّه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: منزلي مواجه منزلك في الجنّة غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قاتل اللّه من قاتلك و عادى اللّه من عاداك غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد اضطجع على فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين أراد أن يسير إلى المدينة و وقاه بنفسه من المشركين حين أراد و اقتله غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه أنت أولى النّاس بامّتي من بعدي غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت يوم القيامة عن يمين العرش و اللّه يكسوك ثوبين أحدهما أخضروا الآخر و رديّ غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد صلّى قبل النّاس «مع رسول اللّه خ» بسبع سنين و أشهر غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا يوم القيامة آخذ بحجزة ربي و الحجزة النّور و أنت آخذ بحجزتي«» و أهل بيتى آخذون بحجزتك غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت كنفسي و حبّك حبّي و بغضك بغضي غيري قالوا: لا، قال نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ولايتك كولايتى عهد عهده إلىّ ربّي و أمرني أن ابلغكموه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللهمّ اجعله لى عونا و عضدا و ناصرا غيرى قالوا لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: المال يعسوب الظلمة و أنت يعسوب«» المؤمنين غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأبعثنّ اليكم رجلا امتحن اللّه قلبه للايمان غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أطعمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رمّانة و قال: هذه من رمّان الجنّة لا ينبغي أن يأكل منه إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما سألت ربّي شيئا إلّا أعطانيه و لم أسأل ربّى شيئا إلّا سالت لك مثله غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت أقومهم بأمر اللّه و أوفاهم بعهد اللّه و اعلمهم بالقضيّة و أقسمهم بالسّوية و أعظمهم عند اللّه مزيّة غيرى قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: فضلك على هذه الامّة كفضل الشّمس على القمر و كفضل القمر على النّجوم غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يدخل اللّه وليّك الجنّة و عدوّك النّار غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: النّاس من أشجار شتّى و أنا و أنت من شجرة واحدة غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا سيّد ولد آدم و أنت سيّد العرب «و العجم خ» و لا فخر غيري: قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد رضى اللّه عنه في الآيتين من القرآن غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: موعدك و موعدي و موعد شيعتك الحوض إذا خافت الامم و وضعت الموازين غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللهم إني احبّه فأحبّه اللهمّ إنّي أستودعكه غيرى قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت تحاج النّاس فتحجهم باقام الصّلاة و ايتآء الزّكاة و الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر و إقامة الحدود و القسم بالسّوية غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بيده يوم بدر«» «غدير خ» فرفعها حتّى نظر النّاس إلى بياض ابطيه و هو يقول: ألا إنّ هذا عليّ بن أبي طالب أخي و ابن عمّي و وزيري فوازروه و ناصحوه و صدّقوه فهو وليّكم غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
غيري قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد كان جبرئيل أحد ضيفانه غيري قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد أعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حنوطا من حنوط الجنّة ثم قال: اقسمه أثلاثا ثلثا لي تحنّطني به و ثلثا لابنتي و ثلثا لك غيري قالوا: لا.
قال: فهل فيكم أحد كان إذا ادخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيّاه و أدناه و رحّب به و تهلل له وجهه غيرى قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنا أفتخر بك يوم القيامة إذا افتخرت الأنبياء بأوصيائها غيرى قالوا: لا.
قال: فهل فيكم أحد سرحه«» رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بسورة برائة إلى المشركين من أهل مكة بأمر اللّه غيرى قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إني لأرحمك من ضغاين في صدور أقوام عليك لا يظهرونها حتّى يفقدونني فاذا فقدوني خالفوا فيها غيرى قالوا: لا.
قال: فهل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ادّى الله«» عن أمانتك أدّى الله عن ذمتك غيرى قالوا: لا قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنت قسيم النّار تخرج منها من زكى و تذر فيها كل كافر غيرى قالوا: لا.
قال: فهل فيكم أحد فتح حصن خيبر و شبى بنت مرحب فأدّاها إلى رسول الله غيرى قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ترد علىّ الحوض أنت و شيعتك روّاء مروّيين مبيضة وجوههم و يرد علىّ عدوّك ظمأ مظمئين مقمحين«» مسودّة وجوههم غيرى قالوا: لا.
ثمّ قال لهم أمير المؤمنين عليه السّلام: أما إذا أقررتم على أنفسكم و استبان لكم ذلك من قول نبيّكم فعليكم بتقوى الله وحده لا شريك له، و أنهاكم من سخطه و غضبه و لا تعصوا أمره، و ردّوا الحقّ إلى أهله و اتّبعوا سنّة نبيّكم فانكم إن خالفتم خالفتم الله، فادفعوها إلى من هو أهله و هي له، قال: فتغامزوا فيما بينهم و تشاوروا و قالوا: قد عرفنا فضله و علمنا أنّه أحقّ النّاس بها، و لكنّه رجل لا يفضل أحدا على أحد، فان وليتموها إيّاه جعلكم و جميع النّاس فيها شرعا سواء، و لكن ولوها عثمان فانّه يهوى الذي تهوون فدفعوها إليه.
الترجمة
تا هنگامى كه درگذشت عمر براه خود و جان بمالكان دوزخ سپرد گردانيد خلافت را در شش نفر گمان نمود كه من يكى از ايشانم، پس خداوند بفرياد من برس از براى شورى، چگونه شك عارض شد بمردم در شأن من با اول ايشان كه ابو بكر بود تا اين كه گشتم مقرون به امثال اين اشخاص، و لكن بجهة اقتضاء مصلحت مدارا كردم من با ايشان و نزديك شدم بزمين در طيران هنگامى كه ايشان نزديك شدند، و طيران كردم وقتى كه ايشان طيران كردند، پس ميل كرد يكى از ايشان از من بجهة حقد و حسد كه آن سعد وقاص بود يا طلحه، و ميل كرد ديگرى از آنها بسوى قرابت زن خود و آن عبد الرحمن بن عوف بود كه ميل نمود بعثمان بجهت آنكه برادر زن او بود، و تنها ميل آن بسوى او بجهت مصاهرت و قرابت نبود بلكه با شيء قبيح و شيء قبيح كه آن بغض و عداوت أمير المؤمنين عليه السّلام بود، يا طمع در وصول خلافت باو بعد از انقضاء ايام عثمان يا ساير اغراض نفسانيه كه اظهار آن قبيح و ذكر آن مستهجن است.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»