نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 112 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 113 صبحی صالح

113- و من خطبة له ( عليه ‏السلام  ) في ذم الدنيا

وَ أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ

وَ لَيْسَتْ بِدَارِ نُجْعَةٍ

قَدْ تَزَيَّنَتْ بِغُرُورِهَا

وَ غَرَّتْ بِزِينَتِهَا

دَارُهَا هَانَتْ عَلَى رَبِّهَا

فَخَلَطَ حَلَالَهَا بِحَرَامِهَا

وَ خَيْرَهَا بِشَرِّهَا

وَ حَيَاتَهَا بِمَوْتِهَا

وَ حُلْوَهَا بِمُرِّهَا

لَمْ يُصْفِهَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَوْلِيَائِهِ

وَ لَمْ يَضِنَّ بِهَا عَلَى أَعْدَائِهِ

خَيْرُهَا زَهِيدٌ

وَ شَرُّهَا عَتِيدٌ

وَ جَمْعُهَا يَنْفَدُ

وَ مُلْكُهَا يُسْلَبُ

وَ عَامِرُهَا يَخْرَبُ

فَمَا خَيْرُ دَارٍ تُنْقَضُ نَقْضَ الْبِنَاءِ

وَ عُمُرٍ يَفْنَى فِيهَا فَنَاءَ الزَّادِ

وَ مُدَّةٍ تَنْقَطِعُ انْقِطَاعَ السَّيْرِ

اجْعَلُوا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ طَلَبِكُمْ

وَ اسْأَلُوهُ مِنْ أَدَاءِ حَقِّهِ مَا سَأَلَكُمْ

وَ أَسْمِعُوا دَعْوَةَ الْمَوْتِ آذَانَكُمْ قَبْلَ أَنْ يُدْعَى بِكُمْ

إِنَّ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا تَبْكِي قُلُوبُهُمْ وَ إِنْ ضَحِكُوا

وَ يَشْتَدُّ حُزْنُهُمْ وَ إِنْ فَرِحُوا

وَ يَكْثُرُ مَقْتُهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَ إِنِ اغْتَبَطُوا بِمَا رُزِقُوا

قَدْ غَابَ عَنْ قُلُوبِكُمْ ذِكْرُ الْآجَالِ

وَ حَضَرَتْكُمْ كَوَاذِبُ الْآمَالِ

فَصَارَتِ الدُّنْيَا أَمْلَكَ بِكُمْ مِنَ الْآخِرَةِ

وَ الْعَاجِلَةُ أَذْهَبَ بِكُمْ مِنَ الْآجِلَةِ

وَ إِنَّمَا أَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ

مَا فَرَّقَ بَيْنَكُمْ إِلَّا خُبْثُ السَّرَائِرِ وَ سُوءُ الضَّمَائِرِ

فَلَا تَوَازَرُونَ وَ لَا تَنَاصَحُونَ

وَ لَا تَبَاذَلُونَ وَ لَا تَوَادُّونَ

مَا بَالُكُمْ تَفْرَحُونَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الدُّنْيَا تُدْرِكُونَهُ

وَ لَا يَحْزُنُكُمُ الْكَثِيرُ مِنَ الْآخِرَةِ تُحْرَمُونَهُ

وَ يُقْلِقُكُمُ الْيَسِيرُ مِنَ الدُّنْيَا يَفُوتُكُمْ

حَتَّى يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِكُمْ

وَ قِلَّةِ صَبْرِكُمْ عَمَّا زُوِيَ مِنْهَا عَنْكُمْ

كَأَنَّهَا دَارُ مُقَامِكُمْ

وَ كَأَنَّ مَتَاعَهَا بَاقٍ عَلَيْكُمْ

وَ مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَخَاهُ بِمَا يَخَافُ مِنْ عَيْبِهِ إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ بِمِثْلِهِ

قَدْ تَصَافَيْتُمْ عَلَى رَفْضِ الْآجِلِ وَ حُبِّ الْعَاجِلِ

وَ صَارَ دِينُ أَحَدِكُمْ لُعْقَةً عَلَى لِسَانِهِ

صَنِيعَ مَنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ

وَ أَحْرَزَ رِضَى سَيِّدِهِ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج8  

و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الثانية عشر من المختار في باب الخطب.

و أحذّركم الدّنيا فإنّها منزل قلعة و ليست بدار نجعة، قد تزيّنت بغرورها، و غرّت بزينتها، دار هانت على ربّها، فخلط حلالها بحرامها، و خيرها بشرّها، و حياتها بموتها، و حلوها بمرّها، لم يصفّها اللَّه تعالى لأوليائه، و لم يضنّ بها على (عن خ) أعدائه، خيرها زهيد، و شرّها عتيد، و جمعها ينفد، و ملكها يسلب، و عامرها يخرب، فما خير دار تنقض نقض البناء، و عمر يفنى فناء الزّاد، و مدّة تنقطع انقطاع السّير، اجعلوا (فاجعلوا خ) ما افترض اللَّه عليكم من طلبتكم، و اسألوه من أداء حقّه ما سألكم، و أسمعوا دعوة الموت آذانكم قبل أن يدعى بكم، إنّ الزّاهدين في الدّنيا تبكي قلوبهم و إن ضحكوا، و يشتدّ حزنهم و إن فرحوا، و يكثر مقتهم أنفسهم و إن اغتبطوا بما رزقوا، قد غاب عن قلوبكم ذكر الآجال، و حضرتكم كواذب الآمال، فصارت الدّنيا أملك بكم من الآخرة، و العاجلة أذهب بكم من الآجلة، و إنّما أنتم إخوان على دين اللَّه ما فرّق بينكم إلّا خبث السّرائر، و سوء الضّمائر، فلا توازرون، و لا تناصحون، و لا تباذلون، و لا توادّون، ما بالكم تفرحون باليسير من الدّنيا تدركونه، و لا يحزنكم الكثير من الآخرة تحرمونه، و يقلقلكم اليسير من الدّنيا (حين خ) يفوتكم حتّى يتبيّن ذلك في وجوهكم و قلّة صبركم عمّا زوي منها عنكم، كأنّها دار مقامكم و كأنّ متاعها باق عليكم، و ما يمنع أحدكم أن يستقبل أخاه بما يخاف‏ من عيبه إلّا مخافة أن يستقبله بمثله، قد تصافيتم على رفض الاجل، و حبّ العاجل، و صار دين أحدكم لعقة على لسانه، صنع «صنيع» من قد فرغ من «عن خ» عمله، و أحرز رضى سيّده.

اللغة

(القلعة) بالضمّ العزل و المال العارية أو مالا يروم و منزلنا منزل قلعة و قلعة و قلعة و زان همزة أى ليس بمستوطن أو لا تدرى متى تتحول عنه او لا تملكه و (النجعة) بالضمّ طلب الكلاء في موضعه و (يخرب) بالبناء على الفاعل مضارع باب فعل كفرح و في بعض النسخ بالبناء على المجهول مضارع اخرب و في بعضها يتخرّب مضارع باب التفعل مبنيا على الفاعل أيضا و (الطلبة) بفتح الطاء و كسر اللام ما طلبته و (مقته) مقتا أبغضه فهو مقيت و ممقوت.

و قوله (فلا توازرون) بفتح التاء من باب التفاعل بحذف احدى التائين، و في بعض النسخ بضمّها و كسر الزّاء مضارع باب المفاعلة، و مثله الافعال الثلاثة بعده و قوله (ما بالكم) في بعض النسخ بدله مالكم و (اللّعقة) بالضمّ اسم لما يلعق أى تؤكل بالاصبع أو بالملعقة و هي آلة معروفة.

الاعراب

جملة قد تزيّنت في محل النّصب على الحال من الدّنيا، و في بعض النسخ و قد تزيّنت بالواو، و الفاء في قوله فخلط حلالها بحرامها فصيحة أى إذا كانت مهانة على اللَّه فخلط و في بعض النسخ عن أعدائه بدل على أعدائه فلا بدّ من تضمين معنى القبض أى لم يضر بها قابضا لها عن أعدائه، و قوله فما خير دار تنقض اه ما استفهاميّة و اضافة خير إلى دار بمعنى في، أى منفعة في دار وصفها كذا، و من في قوله: من طلبتكم للتبعيض، و يحتمل الزيادة على مذهب الأخفش و الكوفيّين من تجويز زيادتها في الايجاب استدلالا بقوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ، و ذهب سيبويه‏إلى أنها فيه للتبعيض أيضا.

و قوله: و اسألوه من أداء حقه ما سألكم، اى اسألوا منه على الحذف و الايصال، و ما موصولة منصوبة المحلّ مفعول اسألوه و سألكم صلتها و العايد محذوف أى الّذي سأله منكم، و من أداء حقّه، بيان لما، كما في قولك: عندى من المال ما يكفى، و انّما جاز تقديم من المبينة على المبهم في هذا و أمثاله، لأنّ المبهم الذي فسّر بمن مقدّم تقديرا كأنّك قلت عندى شي‏ء من المال ما يكفى، فالمبيّن بفتح الباء في الحقيقة محذوف، و الّذي بعد من عطف بيان له، و المقصود بذلك تحصيل البيان بعد الابهام، لأنّ معنى أعجبني زيد، أى شي‏ء من أشيائه بلا ريب، فاذا قلت: كرمه أو وجهه، فقد تبيّنت ذلك الشّي‏ء المبهم.

و الفاء في قوله: فصارت الدّنيا فصيحة، و في قوله: فلا توازرون، عاطفة مفيدة للسّببية نحو يقوم زيد فيغضب عمرو أى صار قيامه سببا لغضب عمرو، و جملة تفرحون و تدركونه و تحرمونه و يفوتكم في محال النصب على الحال، و في بعض النسخ حين يفوتكم، باضافة حين، و قلّة صبركم، بالجرّ عطف على وجوهكم.

المعنى

اعلم أنّ هذه الخطبة مسوقة للتنفير عن الدّنيا و الترغيب في الآخرة، و نبّه على جهات النفرة بقوله (و احذّركم) من (الدّنيا) و الرّكون إليها و الاعتماد عليها و الاغترار بها و بزخارفها (فانها منزل قلعة) أى لا تصح للسّكنى و الاستيطان أو لا تدرى متى يكون لك منها التحوّل و الارتحال و المضىّ و الانتقال (و ليست بدار نجعة) يطلب فيها الكلاء و يروى من الظماء، و هو كناية عن انّها لا ينال فيها المراد و لا يوفّق فيها للسّداد (قد تزيّنت) للناس (بغرورها) و أباطيلها (و غرّت) المفتونين بها أى خدعتهم (بزينتها) و زخارفها.

و هى (دار هانت على ربّها) و اتصفت بالذّل و الهوان لعدم تعلّق العناية الالهية عليها بالذات و إنما خلقت لكونها وسيلة إلى غيرها.

قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام: مرّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بجدى أسك ملقى على مزبلة،

فقال لأصحابه: كم يساوى هذا فقالوا: لعله لو كان حيّا يساو درهما، فقال النّبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: و الذي نفسي بيده الدّنيا أهون على اللَّه من هذا الجدى على أهله.

و قوله (فخلط حلالها بحرامها و خيرها بشرّها و حياتها بموتها و حلوها بمرّها) يعني أنها من أجل حقارتها لم تكن خيرا محضا، بل كان كلّ ما يعدّ فيها خيرا مشوبا بشرّ يقابله، بخلاف الدّار الآخرة، فانها خير كلّها وصفو كلّها و لذلك (لم يصفّها اللَّه لأوليائه) بل جعلهم فيها مبتلى بأنواع الغمص و المحن، و أصناف المصائب و الحزن فمشربهم فيها رنق و مترعهم فيها روغ (و لم يضنّ بها على أعدائه) بل أعطاهم فيها غاية المأمول، و منتهى المسئول، فحازوا نفايس الأموال و فازوا نهاية الآمال، و ليس عدم التّصفية للأولياء و عدم الضنّة بها في حقّ الأعداء إلّا اكراما للأوّلين و إضلالا للآخرين.

قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام: إنّ المؤمن ليكرم على اللَّه حتى لو سأله الجنّة بما فيها أعطاه ذلك من غير أن ينتقص من ملكه شيئا، و إنّ الكافر ليهون على اللَّه حتى لو سأله الدّنيا بما فيها أعطاه ذلك من غير أن ينتقص من ملكه شيئا، و إنّ اللَّه ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الغايب أهله بالطرف، و إنّه ليحميه الدّنيا كما يحمى الطّبيب المريض.

و في رواية اخرى عنه عليه السّلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلّا فقيرا و لا كافر إلّا غنيّا، حتّى جاء إبراهيم فقال: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا.

فصيّر اللَّه في هؤلاء أموالا و حاجة، و في هؤلاء أموالا و حاجة.

و بالجملة فعدم تصفيتها للأولياء و جعلهم فيها مبتلى بأوصاف البلاء ليس إلّا ليصبروا أيّاما قليلة و يصيروا إلى راحة طويلة، و عدم قبضها من الأعداء لهوانها عليه سبحانه‏ كهوانهم عنده و لو تساوى«» عنده تعالى جناح بعوضة لما اعطى أعدائه منها حبّة و لا سقاهم منها شربة.

(خيرها زهيد) قليل (و شرّها عتيد) حاضر (و جمعها ينفد) و يفنى (و ملكها يسلب) و يؤخذ (و عامرها يخرب) و يهدم (فما خير دار) اى أىّ خير و منفعة في دار (تنقض نقض البناء و عمر يفنى فناء الزاد و مدّة تنقطع انقطاع السير) لا يخفى حسن التشبيه في القراين الثلاث و تمام المناسبة و الايتلاف بين طرفى التشبيه في كلّ منها هذا.

و لمّا نبّه عليه السّلام على معايب الدّنيا و مساويها عقّبه بالأمر بأخذ ما هو لازم فيها فقال (اجعلوا ما افترض اللَّه عليكم) من العقائد الحقّة و المعارف الالهيّة و العبادات الفرعيّة (من طلبتكم) أى من جملة ما تطلبونه أو نفس ما تطلبونه على زيادة من و على الثاني ففيه من المبالغة ما لا يخفى، يعني أنّ اللّازم عليكم أن يكون مطلوبكم في الدّنيا الفرائض و أدائها و تكون همّتكم مقصورة فيها (و اسألوه من أداء حقّه ما سألكم) أى اسألوا منه سبحانه التّوفيق و التّسديد و الاعانة لما أمركم به و فرضه عليكم من أداء حقوقه الواجبة و تكاليفه اللّازمة، فانّ الاتيان بالواجبات و الانتهاء عن السّيئات لا يحصل إلّا بحول اللَّه و قوّته و توفيقه و تأييده و عصمته، فيلزم على العبد أن يقرع باب الرّب ذي الجلال بيد الذلّ و المسكنة و السؤال لأن يسهّل له مشاقّ الأعمال، و يصرفه عما يورطه في ورطة الضّلال، و يوقعه في شدايد الأهوال، كما قال سيّد العابدين و زين السّاجدين سلام اللَّه عليه و على آبائه و أولاده الطّاهرين في دعاء يوم عرفة: و خذ بقلبي إلى ما استعملت به القانتين، و استعبدت به المتعبّدين، و استنقذت به المتهاونين، و أعذني مما يباعدني عنك و يحول بيني و بين حظّي منك و يصدّني‏ عمّا احاول لديك، و سهّل لى مسلك الخيرات اليك، و المسابقة إليها من حيث أمرت و المشاحة فيها على ما أوردت.

و في دعاء الاشتياق إلى طلب المغفرة: اللّهم و إنّك من الضعف خلقتنا، و على الوهن بنيتنا، و من ماء مهين ابتدئتنا و لا حول لنا إلّا بقوّتك، و لا قوّة لنا إلّا بعونك، فأيّدنا بتوفيقك، و سدّدنا بتسديدك و أعم أبصار قلوبنا عمّا خالف محبّتك، و لا تجعل لشي‏ء من جوارحنا نفوذا إلى معصيتك.

و في دعائه عليه السّلام في ذكر التّوبة: اللّهم انّه لا وفاء لي بالتوبة إلّا بعصمتك، و لا استمساك بي عن الخطايا إلّا عن قوّتك، فقوّني بقوّة كافية، و تولّني بعصمة مانعة، هذا.

و اطلاق السّؤال على الفرائض و الأوامر في قوله ما سألكم من باب المجاز بجامع الطّلب، أو أنّ الاتيان بلفظ السؤال لمجرّد المشاكلة بينه و بين قوله و اسألوه و هى من محسّنات البديع كما مرّ في ديباجة الشرح و قوله (و اسمعوا دعوة الموت آذانكم قبل أن يدعى بكم) أراد به التهيّؤ للموت قبل حلول الفوت و الاستعداد له قبل نزوله، بأن يجعله نصب عينيه، يذكر شدّة ما يكون في تلك الحال عليه من سكرة ملهثة و غمرة كارثة و أنّه موجعة و جذبة مكربة و سوقة متعبة.

ثمّ نبّه عليه السّلام على أوصاف خيرة العباد من العبّاد و الزّهاد لترمق أعمالهم و يقتدى لهم في أفعالهم فقال: (إنّ الزاهدين في الدّنيا) الرّاغبين في الآخرة (تبكى قلوبهم) من خشية الحقّ (و إن ضحكوا) مداراة مع الخلق (و يشتدّ حزنهم) من خوف النار و غضب الجبّار (و إن فرحوا) حينا ما من الأعصار (و يكثر مقتهم) و بغضهم (أنفسهم) لكونها أمّارة بالسّوء و الفساد صارفة عن سمت السّداد و الرشاد فلا يطيعونها و لا يلتفتون إليها و لا يخلعون لجامها لتقتحم لهم في العذاب الاليم و توردهم في الخزى العظيم (و ان اغتبطوا) اى اغتبطهم الناس (بما رزقوا) من فوائد النّعم و عوائد المزيد و القسم.

ثمّ وبّخهم على ما هم عليه من حالة الغرّة و الغفلة فقال (قد غاب عن قلوبكم‏ ذكر الآجال) فلم تمهدوا في سلامة الأبدان (و حضرتكم كواذب الآمال) فلم تعتبروا في أنف الأوان (فصارت الدّنيا أملك بكم من الآخرة) لاستيلائها عليكم و نفوذ تصرّفها فيكم و اتّباعكم عليها اتّباع العبد على سيّده و المملوك على مولاه (و العاجلة أذهب بكم من الآجلة) لفرط محبّتكم لها و دخول حبّها شغاف قلوبكم فذهبت بقلوبكم كما يذهب المحبوب بقلب محبّه (و انّما أنتم اخوان مجتمعون على دين اللَّه) و فطرته التي فطر النّاس عليها بقوله تعالى إنّما المؤمنون اخوة (ما فرّق بينكم إلّا خبث السّرائر و سوء الضمائر) اى لم يفرّق بينكم إلّا خبث البواطن و سوء العقائد و النّيات و من ذلك ارتفعت عليكم آثار التواخي و المودّة و لوازم المحبّة و الاخوّة (فلا توازرون و لا تناصحون و لا تباذلون و لا توادّون) أى لا يعين أحدكم صاحبه و لا يقويه و لا يناصحه و لا يبذل ماله له و لا يقوم بلوازم المودّة روى في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: حقّ المسلم على المسلم أن لا يشبع و يجوع أخوه و لا يروى و يعطش أخوه و لا يكتسى و يعرى أخوه، فما أعظم حقّ المسلم على أخيه المسلم.

و قال أحبّ لأخيك المسلم ما تحبّ لنفسك و إذا احتجت فاسأله و إن سألك فاعطه، لا تملّه خيرا و لا يملّه لك، كن له ظهرا فانه لك ظهر، إذا غاب فاحفظه في غيبته، و إذا شهد فزره و أجلّه و أكرمه فانه منك و أنت منه، فان كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتّى تسئل سميحته«» و إن أصابه خير فاحمد اللَّه، و إن ابتلى فاعضده، و إن يمحل له فأعنه، و إذا قال الرّجل لأخيه: افّ انقطع ما بينهما من الولاية، و إذا قال: أنت عدوّى كفر أحدهما، فاذا اتّهمه انماث الايمان في قلبه كما يماث الملح في الماء.

و باسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من حقّ المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته و يوارى عورته، و يفرّج عنه كربته، و يقضي دينه، فاذا مات خلفه‏ في أهله و ولده.

أقول: قد استفيد من هذين الخبرين و غيرهما لم نورده شرايط الاخوّة بين المسلمين، و علم بذلك أنّ من لم يقم بوظايفها فليس هو في الحقيقة بأخ لصاحبه، و لذلك قال الباقر و الصّادق عليهما السّلام فيما رواه عنهما في الكافي: لم تتواخوا على هذا الأمر و إنما تعارفتم عليه.

ثمّ استفهم على المخاطبين على سبيل التقريع فقال (ما بالكم تفرحون باليسير من الدّنيا تدركونه و لا يحزنكم الكثير من الآخرة تحرمونه) مع أنّ هذا اليسير فان زائل و ذلك الكثير باق دائم (و يقلقلكم) أى يزعجكم (اليسير من الدّنيا يفوتكم حتّى يتبيّن ذلك) القلق و الاضطراب و يظهر أثره (في وجوهكم و) في (قلّة صبركم عمّا زوى) أى قبض (منها) أى من الدّنيا و خيرها و فضلها (عنكم) فتحزنون و تتأسّفون بذلك (كأنها دار مقامكم و كانّ متاعها باق عليكم) ثمّ ذمّهم على عدم كون محافظتهم على اخوانهم بظهر الغيب عن وجه الخلوص و الصّفاء و على عدم كون كتمانهم لعيوب اخوتهم لمجرّد ملاحظة الصّدقة و الاخاء فقال (و ما يمنع أحدكم أن يستقبل أخاه بما يخاف) الأخ منه (من عيبه إلّا مخافة ان يستقبله) أخوه (بمثله) يعني أنه لا مانع لأحد منكم من مواجهة أخيه باظهار عيوبه التي يخاف الأخ من إظهارها إلّا مخافة أن يواجهه أخوه بمثل ما واجهه به، فيذكر مثالبه و يظهر معايبه، و هو اشارة إلى عدم مبالاتهم في الدين و عدم خوفهم من اللَّه سبحانه في إذاعة سرّ المؤمنين مع أنّ حقّ المؤمن من المؤمن إذا رأى منه عيبا أو عرف منه ذنبا هو الاخفاء و الكتمان، لا الاذاعة و الاعلان، قضاء لحق الاخوّة و رعاية لوظيفة التقوى و المروّة قال اللَّه سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ و قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروّته ليسقط من أعين الناس أخرجه اللَّه من ولايته إلى ولاية الشّيطان فلا يقبله الشّيطان‏ رواه في الكافي.

و فيه أيضا عن زيد عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: فيما جاء في الحديث عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال: ما هو أن ينكشف فترى منه شيئا إنّما هو أن تروى عليه أو تعيبه.

ثمّ قال (قد تصافيتم على رفض الآجل و حبّ العاجل) أى تواخيتم على ترك الاخرى و محبّة الدّنيا (و صار دين أحدكم لعقة على لسانه) قال الشارح البحراني استعار لفظ اللعقة لما ينطق به من شعار الاسلام و الدّين كالشّهادتين و نحوهما من دون ثبات ذلك في القلب و رسوخه و العمل على وفقه.

و قال الشارح المعتزلي: و أصل اللعقة شي‏ء قليل يؤخذ بالملعقة من الاناء يصف دينهم بالنزارة، و لم يقنع بأن جعله لعقة حتى جعله على ألسنتهم فقط أى ليس في قلوبهم (صنع من) أى صنعهم مثل صنيع من (قد فرغ من عمله و أحرز رضى سيّده) باتيان أوامره و أحكامه، و وجه التشبيه الاشتراك في الاعراض من العمل.

الترجمة

از جمله خطبهاى آن حضرت است در مذمّت دنيا و تنفير مردمان از آن غدار بى ‏وفا چنانچه فرموده: و مى‏ ترسانم شما را از دنيا، پس بدرستى كه آن منزلى است كه قابل أخذ وطن نيست و نيست سرائى كه طلب آب و گياه كرده شود در آن، بتحقيق كه آراسته شده بباطل خود، و فريب داده به آرايش خود، خانه‏ايست كه ذليل و خوار شده بر پروردگار خود، پس آميخته حلال آنرا بحرام آن، و خير آنرا بشرّ آن، و زندگانى آن را بمرگ آن، و شيرينى آن را بتلخ آن، صافى نفرموده است آنرا از براى دوستان خود، و بخيلى ننموده آن را بر دشمنان خود، خير آن كم است، و شرّ آن حاضر است، و جمع شده آن تمام مى‏ شود، و پادشاهى آن ربوده مى‏ شود، و آباد آن خراب مى ‏شود.

پس چه منفعت است در خانه‏اى كه شكسته مى‏ شود چون شكسته شدن بناى‏بى اعتبار، و در عمرى كه فانى مى‏ شود چون فانى شدن توشه، و در مدتى كه منقطع مى‏ شود چون انقطاع رفتار، بگردانيد آنچه كه واجب نمود خداوند تعالى بر شما از جمله مطالب خود، و سؤال كنيد از حق تعالى توفيق و اعانة آنچه را كه خواهش فرموده از شما از أداء حق او، و بشنوانيد دعوت مرگ را بگوشهاى خودتان پيش از اين كه دعوت نمايند و بخوانند شما را بدار القرار.

بدرستى صاحبان زهد در دنيا گريه مي كند قلبهاى ايشان و اگر چه خنده كنند بحسب ظاهر، و شدّت مى ‏يابد پريشانى ايشان و اگر چه شاد باشند بر روى ناظر، و بسيار مى‏ شود دشمنى ايشان با نفسهاى خودشان و اگر چه غبطه كرده شوند و مردمان آرزوى نيكوئى حال ايشان را نمايند به آن چه كه روزى داده شدند در اين جهان.

بتحقيق كه غائب شده از قلبهاى شما ياد كردن أجلها، و حاضر شده شما را دروغهاى آرزوها، پس گرديد دنيا مالكتر و متصرّفتر شد بشما از آخرت، و دنيا برنده‏ تر شد شما را بسوى خود از عقبا، و جز اين نيست كه شما برادرانيد بر دين خداى تعالى تفرقه نينداخته در ميان شما مگر ناپاكى شرها، و بدى انديشها، پس اعانت يكديگر نمى ‏كنيد، و بار گردن يكديگر را بر نمى‏ داريد، و نصيحت نمى‏ كنيد يكديگر را، و بخشش نمى‏ كنيد بيكديگر، و دوستى نمى‏ ورزيد با يكديگر.

چيست شأن شما در حالتى كه شاد مى ‏باشيد باندكى از دنيا در حالتى كه در مى‏ يابيد آنرا، و محزون نمى‏ كند شما را بسيارى از آخرت در حالتى كه محروم مى‏ شويد از آن، و مضطرب مى‏ نمايد شما را اندكى از متاع دنيا هنگامى كه فوت مى‏شود از شما تا آنكه ظاهر مى‏ شود أثر آن اضطراب در بشره رويهاى شما در كمى صبر و شكيبائى شما از آنچه پيچيده شده است از متاع دنيا از شما، گوئيا دنيا سراى اقامت شما است، و گوئيا متاع آن باقى است بر شما، و مانع نمى‏ شود يكى از شما را از اين كه مواجهه كند برادر دينى خود را بچيزى كه مى ‏ترسد برادر از عيب آن مگر ترس آنكه مواجهه نمايد برادر او با او با مثل گفتار او، بتحقيق كه دوستى ورزيده‏ايد با يكديگر بر ترك آخرت و بر محبّت دنيا، و گرديده است دين يكى از شما آنچه كه بيكارليسيده مى‏ شود بر زبان، و عمل نموديد ترك در امورات اخروى مثل كار كسى كه فارغ شود از عمل خود، و فراهم آورده باشد خوشنودى و رضاى مولاى خود را.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.