google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
140-160 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئیخطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 144 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 144 صبحی صالح

144- و من خطبة له ( عليه‏ السلام  )

مبعث الرسل‏

بَعَثَ اللَّهُ رُسُلَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ وَحْيِهِ

وَ جَعَلَهُمْ حُجَّةً لَهُ عَلَى خَلْقِهِ

لِئَلَّا تَجِبَ الْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْكِ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ

فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ الصِّدْقِ إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ

أَلَا إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَشَفَ الْخَلْقَ كَشْفَةً

لَا أَنَّهُ جَهِلَ مَا أَخْفَوْهُ مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِمْ

وَ مَكْنُونِ ضَمَائِرِهِمْ

وَ لَكِنْ‏لِيَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا

فَيَكُونَ الثَّوَابُ جَزَاءً

وَ الْعِقَابُ بَوَاءً

فضل أهل البيت‏

أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا

كَذِباً وَ بَغْياً عَلَيْنَا

أَنْ رَفَعَنَا اللَّهُ وَ وَضَعَهُمْ

وَ أَعْطَانَا وَ حَرَمَهُمْ

وَ أَدْخَلَنَا وَ أَخْرَجَهُمْ

بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى

وَ يُسْتَجْلَى الْعَمَى

إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ

لَا تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ

وَ لَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ

أهل الضلال‏

منهاآثَرُوا عَاجِلًا وَ أَخَّرُوا آجِلًا

وَ تَرَكُوا صَافِياً

وَ شَرِبُوا آجِناً

كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى فَاسِقِهِمْ وَ قَدْ صَحِبَ الْمُنْكَرَ فَأَلِفَهُ

وَ بَسِئَ بِهِ وَ وَافَقَهُ

حَتَّى شَابَتْ عَلَيْهِ مَفَارِقُهُ

وَ صُبِغَتْ بِهِ خَلَائِقُهُ

ثُمَّ أَقْبَلَ مُزْبِداً كَالتَّيَّارِ لَا يُبَالِي مَا غَرَّقَ

أَوْ كَوَقْعِ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ

لَا يَحْفِلُ مَا حَرَّقَ

أَيْنَ الْعُقُولُ الْمُسْتَصْبِحَةُ بِمَصَابِيحِ الْهُدَى

وَ الْأَبْصَارُ اللَّامِحَةُ إِلَى مَنَارِ التَّقْوَى

أَيْنَ الْقُلُوبُ الَّتِي وُهِبَتْ لِلَّهِ

وَ عُوقِدَتْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ

ازْدَحَمُوا عَلَى الْحُطَامِ

وَ تَشَاحُّوا عَلَى الْحَرَامِ

وَ رُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ‏الْجَنَّةِ وَ النَّارِ

فَصَرَفُوا عَنِ الْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ

وَ أَقْبَلُوا إِلَى النَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ

وَ دَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا وَ وَلَّوْا

وَ دَعَاهُمُ الشَّيْطَانُ فَاسْتَجَابُوا وَ أَقْبَلُوا

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج9  

الجزء التاسع

و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الرابعة و الاربعون من المختار في باب الخطب

و شرحها في فصلين:

الفصل الاول

بعث رسله بما خصّهم به من وحيه، و جعلهم حجّة له على خلقه، لئلّا تجب الحجّة لهم بترك الإعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصّدق إلى سبيل الحقّ، ألا إنّ اللَّه قد كشف الخلق كشفة، لا أنّه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم، و مكنون ضمائرهم، و لكن ليبلوهم أيّهم أحسن عملا، فيكون الثّواب جزاء، و العقاب بواء، أين الّذين زعموا أنّهم الرّاسخون في العلم دوننا كذبا و بغيا علينا، أن رفعنا اللَّه و وضعهم، و أعطانا و حرمهم، و أدخلنا و أخرجهم، بنا يستعطى الهدى، و يستجلى العمى، إنّ الأئمّة من قريش، غرسوا في هذا البطن من هاشم،لا تصلح على سويهم، و لا تصلح الولاة من غيرهم.

اللغة

(الاعذار) التخويف و الوعيد و (الكشف) الاظهار و رفع كلّ شي‏ء عما يواريه و يستره و (البواء) الكفوء و باء الرّجل بفلان قتل به، و أبأت القاتل بالقتل و استبأته أي قتلته به و (كذب) يكذب من باب حسب كذّبا و كذبا و كذبة و كذّبة و كذّابا و (البطن) دون القبيلة أو دون الفخد و فوق العمارة كذا في القاموس و قيل: أوّل العشيرة الشعب قال سبحانه: «وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا» ثمّ القبيلة، ثمّ البطن، ثمّ العمارة ثمّ الفخذ.

الاعراب

قوله: من وحيه، بيان لما الموصولة، و قوله: ليبلوهم أيّهم أحسن عملا، كلمة أيّ استفهاميّة مضافة إلى ما بعدها و هي مبتدأ و أحسن خبره، و عملا تميز و جملة الاستفهام بدل من مفعول يبلو على حدّ قوله سبحانه: «وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» فانّ جملة هل هذا إلّا بشر، بدل من النّجوى.

و يجوز أن يكون الجملة الاستفهاميّة استينافا بيانيا، كأنّه سئل عن المبتلين و قيل: من هم فقيل: أيّهم أحسن عملا نظير ما قاله بعض النحويّين في قوله: «لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا» من أنّ أيّ استفهاميّة و جملة الاستفهام مستأنفة، و من كلّ شيعة، مفعول ننزعنّ، و المعنى لننزعنّ بعض كلّ شيعة، و كأنّ قائلا يقول: و من المنزعين فقيل: أيّهم أشدّ.

و قوله: أين الذين، استفهام على سبيل التقريع و التوبيخ، و قوله: دوننا في محلّ النّصب حال من فاعل الرّاسخون و هو بمعنى سوى و غير مبنيّ على الفتح لملازمته الاضافة، و كذبا و بغيا منصوبان على الحال من فاعل زعموا و هما بمعنى الفاعل أي كاذبين في زعمهم، و علينا، متعلّق ببغيا، و أن رفعنا، في محلّ النّصب مفعول له لبغيا، أي بغيهم علينا لأنّ رفعنا اللَّه، و قوله: لا تصلح، فاعله راجع إلى‏الامامة المفهومة من قوله: إنّ الأئمة من قريش.

المعنى

اعلم أنّ هذا الفصل من الخطبة حسب ما أشار اليه الشّارحان البحراني و المعتزلي منافرة بينه و بين قوم من الصّحابة الذين كانوا ينازعونه الفضل، و صدّر الفصل بالاشارة إلى بعث الرّسل و الحكمة في بعثهم فقال: (بعث رسله بما خصّهم به من وحيه) الضمائر راجعة إلى اللَّه سبحانه و إن لم يجر له ذكر لعدم الالتباس كما في قوله تعالى: «فَأَوْحى‏ إِلى‏ عَبْدِهِ ما أَوْحى‏.» و الوحى كلام مأخوذ من اللَّه سبحانه بواسطة الملك، و الالهام يحصل منه سبحانه بغير واسطة، و قيل: الوحى قد يحصل بشهود الملك و سماع كلامه فهو من الكشف الصّورى المتضمّن للكشف المعنوي، و الالهام من المعنوى، و أيضا الوحى من خواصّ الرّسالة و متعلّق بالظاهر، و الالهام من خواصّ الولاية، و أيضا هو مشروط بالتبليغ كما قال: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» دون الالهام، و منهم من جعل الالهام نوعا من الوحى فيكون إطلاق الوحى على الالهام في قوله سبحانه: «وَ أَوْحى‏ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ» «وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ أُمِّ مُوسى‏» على سبيل الحقيقة، و أمّا على الأقوال السّابقة فهو من باب التوسّع و التجوّز.

(و جعلهم حجّة له على خلقه لئلا) يكون للنّاس على اللَّه حجّة بعد الرّسل و (تجب الحجّة لهم عليه بترك الاعذار) و التّخويف و إبداء العذر في العقاب و تقديمه (إليهم) يعني أنّه سبحانه إنّما أرسل رسله مبشّرين و منذرين إتماما للحجّة و إزالة للعذر عنه في العقاب على العصيان لأنّ العقاب بلا بيان قبيح على الحكيم كما قال تعالى: «وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا».

فان قلت: هذا ينافي بالقول بالواجبات العقليّة و كفاية حكم العقل بالوجوب أو التحريم فيما استقل بحسنه أو قبحه و لو لم يبعث الرّسل كما هو مذهب العدليّة من الامامية و المعتزلة.

قلت: قد أجاب عنه الشّارح المعتزلي بأنّ صحّة مذهبهم يقتضي أن يحمل عموم الألفاظ على أنّ المراد بها الخصوص، فيكون التّأويل لئلا يكون للنّاس على اللَّه حجّة فيما لم يدلّ العقل على وجوبه و لا قبحه كالشّرعيّات، و كذلك و ما كنّا معذّبين على ما لم يكن العقل دليلا عليه حتّى نبعث رسولا، و محصّله أنّ العمومات مخصوصة بغير المستقلات، و أنّ المقصود بالآية و ما كنّا معذّبين قبل بعث الرّسل إلّا فيما استقلّ لحكمه العقل، هذا.

و يمكن الجواب بابقاء الآية على عمومها و التصرّف في البعث بأن يجعل بعث الرّسل كناية أو مجازا عن مطلق بيان التكليف و لو بلسان العقل كما في المستقلات العقليّة إلّا أنّه لمّا كان الغالب بل الأغلب كون البيان بالرّسول، فعبّر به عنه كما في قولك لا أبرح هذا المكان حتّى يؤذّن المؤذّن، مريدا به دخول الوقت إذ كثيرا ما يعلم دخوله به.

(فدعاهم بلسان الصّدق) و هو لسان الأنبياء و الحجج، لأنّهم تراجمة وحى اللَّه سبحانه و يقرب منه ما في شرح البحراني قال: هو لسان الشريعة النّاطقة عن مصباح النّبوة المشتعل عن نور الحقّ سبحانه (إلى سبيل الحقّ) و هو سبيل الدّين و نهج الشّرع المبين.

و لمّا أشار عليه السّلام إلى الحكمة في بعث الرّسل أردفه بالتّنبيه على الغرض من التّكليف و هو قوله: (ألا إنّ اللَّه تعالى قد كشف الخلق كشفة) أي أبداهم و أظهر حالهم بما تعبّدهم به من الأحكام إذ بالتعبّد بها يظهر ما هم عليه من السّعادة و الشّقاوة و الجحود و التّسليم، و هذا معنى ما قيل إنّه أراد بالكشف الاختبار و الابتلاء (لا) ل (أنّه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم و) أضمروه من (مكنون ضمائرهم) بل هو العالم بالسّرائر و الخبير بمكنونات الضّمائر.

و إن تجهر بالقول فانّه يعلم السّر و أخفى، و لا يعزب عنه مثقال ذرّة في الأرض و لا في السّماء، و ما يكون من نجوى ثلاثة إلّا هو رابعهم و لا خمسة إلّا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلّا هو معهم، على ما مرّ تحقيقا و تفصيلا في‏تنبيهات الفصل السّابع من الخطبة الأولى، و في شرح الخطبة التّاسعة و الأربعين و الخطبة الخامسة و الثّمانين فليراجع (و لكن) كشفهم (ليبلوهم أيّهم أحسن عملا) اقتباس من الآية الشّريفة في سورة هود قال تعالى: «وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا».

قال الطّبرسيّ: معناه أنّه خلق الخلق و دبّر الامور ليظهر إحسان المحسن فانّه الغرض في ذلك أي ليعاملكم معاملة المبتلى المختبر لئلا يتوهم أنّه سبحانه يجازى العباد على حسب ما في معلومه أنّه يكون منهم قبل أن يفعلوه.

و في سورة الملك «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا».

قال الطّبرسيّ: أي ليعاملكم معاملة المختبر بالأمر و النّهى فيجازى كلّ عامل بقدر عمله، و قيل: ليبلوكم أيّكم أكثر للموت ذكرا و أحسن له استعدادا و أحسن صبرا على موته و موت غيره، و أيّكم أكثر امتثالا للأوامر و اجتنابا عن النّواهي في حال حياته.

قال أبو قتادة سألت النّبي صلّى اللَّه عليه و آله عن قوله تعالى: «أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» ما عنى به فقال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: يقول: أيّكم أحسن عقلا ثمّ قال: أتمّكم عقلا، و أشدّكم للَّه خوفا، و أحسنكم فيما أمر اللَّه به و نهى عنه نظرا، و إن كان أقلّكم تطوّعا.

و عن ابن عمر عن النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أنّه تلى تبارك الذي بيده الملك إلى قوله: أيّكم أحسن عملا، ثمّ قال: أيّكم أحسن عقلا، و أورع عن محارم اللَّه، و أسرع في طاعة اللَّه، و عن الحسن أيّكم أزهد في الدّنيا و أترك لها انتهى.

أقول: و قد مضى تفصيل الكلام في معنى ابتلاء اللَّه سبحانه لعباده في شرح الخطبة الثانية و السّتين، و محصّله أنّه سبحانه يختبر عباده مع علمه بما يؤل اليه أمرهم من سعادة أو شقاوة بأوامره و نواهيه، و يعاملهم معاملة المختبر ليجازي كلّ عامل بمقتضى فعله و عمله، كما لا يجازي المختبر للغير إلّا بعد وقوع الفعل و العمل منه (فيكون الثواب) منه تعالى (جزاء) للحسنات بمقتضى فضله (و العقاب بواء) للسيّئات بمقتضى عدله.

ثمّ إنّه لمّا أشار الى الحكمة في بعث الرّسل و نبّه على الغرض من التّكليف أردفه بقوله: (أين الّذين زعموا أنّهم الرّاسخون في العلم دوننا) و غرضه بذلك توبيخ الزّاعمين لذلك و الانكار عليهم و التّنبيه على أنّ الرّسوخ في العلم مخصوص بأهل بيت الولاية عليهم السّلام و أنّ غيرهم كاذب في دعوى الرّسوخ.

و هذه الدّعوى منهم أعنى اختصاصهم بالرّسوخ قد شهد عليه البراهين العقلية و النقلية و نصّ عليه العامّة و الخاصّة.

اما العامة فلما أورده الشّارح المعتزلي في شرح هذا المقام حيث قال: إنّه كناية و إشارة إلى قوم من الصّحابة كانوا ينازعونه الفضل، فمنهم من كان يدّعى له أنّه أفرض، و منهم من كان يدّعى له أنّه أقرء، و منهم من كان يدّعى له أنّه أعلم بالحلال و الحرام، هذا.

مع تسليم هؤلاء له أنّه عليه السّلام أفضل «أقضى ظ» الامّة و أنّ القضاء يحتاج إلى كلّ هذه الفضائل و كلّ واحدة منها لا تحتاج إلى غيرها، فهو إذا أجمع للفقه و أكثرهم احتواء عليه إلّا أنه لم يرض بذلك، و لم يصدق الخبر«» الذي قيل أفرضكم فلان إلى آخره، فقال إنّه كذب و افتراء حمل قوما على وضعه الحسد و البغى و المنافسة لهذا الحىّ من بني هاشم.

و أما الخاصة فقد تظافرت رواياتهم على ذلك.

ففي البحار من بصائر الدّرجات باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: نحن الرّاسخون في العلم و نحن نعلم تأويله.

و من البصائر أيضا عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد اللَّه بن حمّاد عن بريد البجلي «العجلى ظ» عن أحدهما عليهما السّلام في قوله تعالى: «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» آل محمّد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فرسول اللَّه أفضل الرّاسخين في العلم قد علّمه اللَّه جميع ما أنزله عليه من التنزيل و التأويل، و ما كان اللَّه لينزل عليه شيئا لم يعلّمه تأويله، و أوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه.

و من مناقب ابن شهر آشوب عن أبي القاسم الكوفي قال: روى في قوله: «وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» إنّ الراسخون في العلم من قرنهم الرّسول بالكتاب و أخبر أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

قال صاحب المناقب: و في اللّغة الرّاسخ هو اللّازم لا يزول عن حاله و ليس يكون كذلك إلّا من طبعه اللَّه على العلم في ابتداء نشوه كعيسى عليه السّلام في وقت ولادته قال: «إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ» الآية، فأما من يبقى السنين الكثيرة لا يعلم ثمّ يطلب العلم فينا له من جهة غيره على قدر ما يجوز أن يناله منه فليس ذلك من الراسخين يقال: رسخت عروق الشجر في الأرض و لا يرسخ إلّا صغيرا انتهى.

و هذا هو الدّليل العقلى على اختصاص الرّسوخ لهم مضافا إلى الأدلّة الاخر لا نطول بذكرها.

و لمكان الاختصاص كذب المدّعين للاتصاف بالرسوخ و الزاعمين لاختصاصه بهم دونهم بقوله (كذبا و بغيا علينا) و حسدا لنا و علّة كذبهم و بغيهم (أن رفعنا اللَّه و وضعهم) أى رفع اللَّه درجاتنا في الدّنيا و الآخرة على الكافّة و وضعهم.

كما يدلّ عليه قوله سبحانه: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ» فقد روى في غاية المرام من تفسير الثعلبي في تفسير هذه الآية برفع الاسناد إلى أنس بن مالك قال: قرء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم هذه الآية فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه أىّ بيوت هذه قال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول اللَّه هذا البيت منها يعني بيت عليّ و فاطمة، قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: نعم من أفاضلها، و بمعناها روايات اخر عامية و خاصية.

(و أعطانا و حرمهم) أي آتانا النبوّة و الخلافة و الامامة و حرمهم هذه كما قال تعالى: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ»، قال أبو جعفر عليه السّلام في المروّى من بصائر الدرّجات: فنحن الناس المحسودون على ما آتانا اللَّه من الامامة دون خلق اللَّه جميعا.

و من مناقب ابن شهر آشوب و تفسير العياشي عن أبي سعيد المؤدب عن ابن عباس في قوله «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» قال: نحن الناس‏ و فضله النبوة.

(و أدخلنا) في عناية الخاصّة (و أخرجهم) منها و من جملة تلك العناية الخاصّة أنّه سبحانه أمر بسدّ الأبواب الشّارعة في المسجد غير باب أمير المؤمنين عليه السّلام، روى الحمويني بسنده عن بريد الأسلمي قال: أمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله بسدّ الأبواب فشقّ ذلك على أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله فلمّا بلغ ذلك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم دعا الصّلاة جامعة حتّى إذا اجتمعوا صعد المنبر فلم يسمع لرسول اللَّه تحميدا و تعظيما في خطبة مثل يومئذ فقال: يا أيّها النّاس ما أنا سددتها و لا أنا فتحتها، بل اللَّه عزّ و جلّ سدّها، ثمّ قرء: «وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏ ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏ وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى‏ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى‏»، و قال رجل: دع لى كوّة تكون في المسجد فأبى و ترك باب عليّ صلوات اللَّه عليه مفتوحا و كان يدخل و يخرج منه و هو جنب.

(بنا يستعطى الهدى) لأنّهم عليه السّلام الأعلام و المنار و نور الأنوار و شموس الضّياء و كواكب الدّجى و نجوم الظّلماء، و الهداة لمن اهتدى في الآخرة و الاولى على ما مرّ تحقيقا و تفصيلا في شرح الخطبة الرابعة.

(و يستجلى العمى) و هو استعارة وفاقيّة مرشّحة حيث استعير العمى للضلالة بجامع عدم الاهتداء و قرن بما يلايم المستعار منه و هو الاستجلاء.

و قوله عليه السّلام (إنّ الأئمة من قريش) مأخوذ من الحديث النّبوي المعروف بين الفريقين حسب ما تطلع عليه في التنبيه الآتى، و هو مفيد للحصر كما نبّه عليه العلامة التفتازاني في باب تعريف المسند من شرح التلخيص حيث قال: إنّ المعرّف بلام الجنس إن جعل مبتدأ فهو المقصور على الخبر سواء كان الخبر معرّفا بلام الجنس أو غيره، نحو الكرم هو التقوى أي لا غيرها، و الأمير الشّجاع أي لا الجبان و الأمير هذا أو زيد أو غلام زيد أو كان غير معرّف أصلا نحو التوكل على اللَّه و التفويض إلى أمر اللَّه و الكرم في العرب و الامام من قريش لأنّ الجنس حينئذ يتّحد مع واحد ممّا يصدق عليه الخبر فلا يتحقّق بدون ذلك الواحد، لكن يمكن تحقّق واحد منه في الجملة بدون ذلك الجنس فيلزم أن يكون الكرم مقصورا على الاتّصاف بكونه‏ في العرب، و لا يلزم أن يكون ما في العرب مقصورا على الاتصاف بالكرم، و على هذا القياس.

قال المحقق الشريف في وجه إفادته القصر لأنّ المعنى أنّ كلّ توكّل على اللَّه و كلّ تفويض إلى أمر اللَّه و كلّ كرم في العرب فيلزم أن يكون الكرم مقصورا على الاتصاف بكونه في العرب، لأنّ كلّ فرد منه موصوف بكونه فيهم فلا يوجد فرد منه في غيرهم، و لا يلزم من ذلك أن يكون كلّ ما هو كائن في العرب موصوفا بكونه كرما، لئلا يلزم قصر الخبر على المبتدأ انتهى.

فقد ظهر بذلك أنّه لاغبار على إفادته القصر و إن اختلف أنظارهم في وجه إفادته له، و ليكن هذا على ذكر منك تثنبّه به على فساد أكثر ما ذهب إليه المعتزلة في باب الامامة حسب ما حكاه الشّارح المعتزلي عنهم على ما تطلع عليه في التنبيه الآتي إنشاء اللَّه.

و قوله: (غرسوا في هذا البطن) المعيّن (من هاشم) أراد به نفسه الشّريف مع الأحد عشر من ولده على ما هو مذهب أصحابنا الاماميّة المحقّة رضوان اللَّه عليهم و قوله: (لا تصلح) أي الامامة المستفادة من سوق الكلام (على سواهم و لا تصلح الولاة من غيرهم) و هو تأكيد لما قد دلّ عليه القصر السّابق و اختصاص الامامة بالعترة الطاهرة أعنى الأئمة الاثنى عشر عليهم السّلام كما هو مدلول الفقرة الأخيرة.

و وجهه أنّ للولاية و الامامة خصائص بها يتأهل لها، و تلك الخصائص موجودة فيهم غير موجودة في غيرهم، فلا تصلح إلّا لهم عليهم السّلام كما تقدّم تحقيق ذلك و توضيحه في شرح الفصل الخامس من الخطبة الثّانية في معنى قوله: و لهم خصائص حقّ الولاية، و فيهم الوصيّة و الوراثة.

تنبيه

قال الشّارح المعتزلي في شرح قوله: إنّ الائمة من قريش إلى آخر الفصل‏ما لفظه: قد اختلف النّاس في اشتراط النّسب في الامامة.

فقال قوم من قدماء أصحابنا: النّسب ليس فيها شرطا أصلا و أنّها تصلح في القرشيّ و غير القرشي إذا كان فاضلا مستجمعا للشّرائط المعتبرة و اجتمعت الكلمة و هو قول الخوارج.

و قال أكثر أصحابنا و أكثر النّاس: إنّ النّسب شرط فيها و إنّها لا تصلح إلّا في العرب خاصّة و من العرب فقريش خاصّة.

و قال أكثر أصحابنا: معنى قول النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: الأئمة من قريش أنّ القرشيّة شرط إذا وجد في قريش من يصلح للامامة فان لم يكن فيها من يصلح فليست القرشيّة شرطا فيها.

و قال بعض أصحابنا. معنى الخبر أنّه لا يخلو قريش أبدا ممّن يصلح للامامة فأوجبوا بهذا الخبر وجود من يصلح من قريش لها في كلّ عصر و زمان.

و قال معظم الزّيدية: إنّها في الفاطميّين خاصة من الطالبيين لا تصلح في غير البطنين و لا تصح إلّا بشرط أن يقوم بها و يدعو إليها فاضل زاهد عالم عادل شجاع سائس و بعض الزيدية يجيز الامامة في غير الفاطميّين من ولد عليّ و هو من أقوالهم الشاذّة.

و أما الراوندية فانهم خصّصوها بالعباس و ولده من بطون قريش كلّها و هو القول الذي ظهر في أيام المنصور و المهدي.

و أما الامامية فانهم جعلوها سارية في ولد الحسين عليه السّلام في الأشخاص المخصوصين و لا تصحّ عندهم لغيرهم.

و جعلها الكيسانية في محمّد بن الحنفية و ولده.

و منهم من نقلها منه إلى ولد غيره.

ثمّ قال الشارح: فان قلت: إنك شرحت هذا الكتاب على قواعد المعتزلة و اصولهم فما قولك في هذا الكلام و هو تصريح بأنّ الامامة لا يصلح من قريش إلّا في بني هاشم خاصة و ليس ذلك بمذهب المعتزلة لا متقدّميهم و لا متأخّريهم.

قلت: هذا الموضع مشكل ولى فيه نظر و إن صحّ أنّ عليا قاله كما قال لأنّه ثبت عندى أنّ النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله قال: إنّه مع الحقّ و إنّ الحقّ يدور معه حيثما دار، و يمكن أن يتأوّل على مذهب المعتزلة فيحمل أنّ المراد به كمال الامامة كما حمل قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد على نفي الكمال لا على نفى الصحّة، انتهى كلامه هبط مقامه.

أقول محصّل: ما حكاه الشّارح من الأقوال و أورده في هذا المقام عن أصحابه المعتزلة و غيرهم عشرة.

أمّا القول الأوّل فيبطله قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: الأئمة من قريش لافادته القصر و اشتراطه النّسب حسب ما عرفت سابقا.

و أمّا القول الثاني فهو مسلّم لكن لا على اطلاقه بل بتقييد القرشي بالبطن المخصوص من هاشم أعنى عليا و ولده للأدلّة الآتية الدالة عليه مضافة إلى ما تقدّم من تصريح عليّ عليه السّلام به.

و أمّا القول الثّالث ففيه إنا قدّمنا أنّ معنى النّبوى أنّه لا بدّ أن يكون الامام من قريش، و عليه فلا معنى لقولهم فان لم يكن فيها من يصلح فليست القرشيّة شرطا فيها، ضرورة أنه إذا لم تكن شرطا فيها على تقدير عدم وجود من يصلح لجاز أن يكون من غيرها لكنه باطل بمقتضى القصر و لازمه أنه إذا فرض عدم وجود من يصلح من قريش لها أن لا يكون هناك امام أصلا على ما هو قضية الشرطية المستفادة من القصر لا وجوده من غير قريش على ما زعموا.

و أما القول الرّابع ففيه أنّ مفاد الخبر أنّ الامام لا بدّ أن يكون من قريش و أما أنّ قريشا لا بدّ أن يكون منهم في كلّ عصر و زمان من يصلح للامامة فلا دلالة للخبر عليه باحدى من الدلالات، نعم قد قامت الأدلّة العقلية و النقلية على ما تقدّمت في شرح الفصل الخامس عشر من الخطبة الاولى و في غيره أيضا على أنّ الزّمان لا يخلو من حجّة، فيضمّ قوله: إنّ الأئمة من قريش إلى تلك الأدلّة يثبت أنّ قريشا لا تخلو من أن يكون منهم في كلّ عصر إمام، نظير دلالة قوله سبحانه:

«وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ» بضميمة قوله: «وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» على أنّ أقل مدّة الحمل ستة أشهر إلّا أنه دلالة تبعيّة غير مقصودة.

و أما القول الخامس فهو مسلّم لكن لا في مطلق الطالبى و الفاطمي، بل في الأشخاص المخصوصة أعنى الأئمة الاثنى عشر، و ما ذكروه من الشروط أعنى القيام و الدّعوة و السياسة لم يدلّ عليها دليل من الكتاب و السنة، و عمدة شروطها العصمة و النص و الأفضلية، و لها شرايط اخر مذكورة في الكتب الكلامية لأصحابنا و أما القول السادس و السابع فشاذّان ضعيفان لا يعبأ بهما مع قيام الأدلّة القاطعة على خلافهما.

و أما القول الثامن فهو المذهب الحقّ الذى أحقّ أن يدان و يتّبع، و عليه دلّت النصوص المعتبرة المتواترة.

و أما القول التاسع و العاشر فكالسادس و السابع ضعيفان أيضا، هذا.

و بقى الكلام مع الشارح فيما ذكره جوابا عن الاعتراض الذى أورده على نفسه أعني قوله قلت: هذا الموضع مشكل ولى فيه نظر إلى قوله: حيثما دار.

فأقول: هذا الجواب يستشمّ منه ميل الشارح إلى مذهب الشيّعة الاماميّة كما هو زعم بعض العامّة بل أكثرهم حيث ينسبونه إلى التشيّع و يتبرّون منه إلّا أنّ أكثر كلماته صريحة في اختياره مذهب الاعتزال حسب ما عرفتها و ستعرفها إنشاء اللَّه في تضاعيف الشرح على ما جرى عليه ديدننا و التزمنا به من حكاية كلّما وقع فيه منه خطاء و زلّة من كلامه و تعقيبه بالتنبيه على هفواته و آثامه.

ثمّ أقول: إنّ هذا الموضع ليس محلّ اشكال و لا نظر لأنّ صحّة الرّواية لا غبار عليها فانّها و إن رواها السيّد (ره) على نحو الارسال إلّا أنّ مضمونها معتضد و موافق للاخبار النبوية و غير النّبوية المعتبرة العاميّة و الخاصيّة القطعيّة السّند حسب ما تعرف جملة منها عن قريب انشاء اللَّه تعالى، و بالجملة فليس الدليل منحصرا في المقام في هذه الرّواية حتّى يستشكل في صحّتها، بل لنا على هذه الدّعوى أدلّة قاطعة متظافرة بل متواترة حسب ما تطلع عليها.

و أما قول الشارح و يمكن أن يتأوّل و يطبق على مذهب المعتزلة ففيه: أولا إنّ الامامة منصب إلهي و ملك عظيم غير قابل للكمال و النّقصان و الشدّة و الضّعف، بل لها شروط و خصال بها يتأهّل لها، فحيث ما وجدت تلك الشّرائط وجدت، و حيث ما انتفت انتفت، فلا معنى لحمل قوله عليه السّلام: الأئمة من قريش، على الامامة الكاملة إذ ليس لنا إمامة ناقصة.

اللهمّ إلّا أن يجعل المراد بالامام معناه اللّغوى أعنى مطلق المقتدى فحينئذ يصحّ توصيفه بالكمال و النّقصان، فيراد بالكامل الأئمة الّذين يهدون بالحقّ و به يعدلون، و بالنّاقص الأئمة الذين يدعون إلى النّار و هم للحقّ جاهدون، و على ذلك فيكون معنى قوله: الأئمة من قريش آه، المقتدين الكاملين يعني أئمة الهدى من قريش غرسوا في البطن المخصوص من هاشم، فلا ينافي وجود المقتدين الناقصين أعني أئمة الضّلال من غير ذلك البطن.

لكن هذا المعنى مضافا إلى أنّه مجاز ممّا لا يلتزم به الشّارح، لأنّ غرضه من حمل الحديث على كمال الامامة، و من تمحّل ذلك التّأويل إنّما هو تصحيح مذهب المعتزلة و رفع تضادّ الحديث لذلك المذهب، فكيف يقرّ و يذعن بضلال أئمته و له أن يجيب عن ذلك و يقول إنّ المراد بالإمام الكامل الأفضل و الأجمع للخلال«» الحميدة، و بالنّاقص من دون ذلك كما يؤمى إليه اعترافه وفاقا لأصحابه المعتزلي بأنّ عليّا أفضل من سائر الخلفاء على ما تقدّم تفصيلا حكاية عنه في المقدّمة الثانية من مقدّمات الخطبة الثالثة المعروفة بالشقشقية.

إلّا أنّه يتوجّه عليه ما قدّمناه في المقدّمة المذكورة في المقصد الثّاني منها من أنّه بعد القول و الالتزام بأفضليّة أمير المؤمنين عليه السّلام لا يبقى لغيره إمامة و خلافة أصلا، لقبح ترجيح المرجوح على الراجح و غير الأفضل على الأفضل عقلا و شرعا فيبقى ايراد الذي أوردناه أعنى عدم كون الامامة قابلة للنّقصان على حالها.

و ثانيا إنّ بعد الغضّ عمّا قلنا و المماشاة نقول: إنّ قوله: الأئمة من قريش، جمع محلّى باللّام و كذلك قوله، لا تصلح الولاة من غيرهم، و الجمع المحلّى مفيد للعموم و حقيقة في الاستغراق الحقيقي على ما قرّر في الاصول و حملها على الأئمة و الولاة الكاملين يوجب صرف الاستغراق إلى المجاز أعنى الاستغراق العرفي و الأصل في الاستعمال الحقيقة.

لا يقال: لا نسلّم كون اللّام في لفظ الأئمة و الولاة للاستغراق، و إنّما هى للجنس كما صرّح به العلامة التّفتازاني على ما حكيته عنه فيما تقدّم، و عليه فلا ينافي كون بعض أفراد الأئمة أعني غير الكاملين من غير قريش.

لأنّي أقول: مراده من الجنس هو الاستغراق، لأنّه صرّح في باب تعريف المسند إليه بكون الاستغراق قسما من الجنس تبعا لصاحب التلخيص، و يومى إلى ذلك أيضا ما قال المحقق الشريف: من أنّ معنى قولنا: التوكّل على اللَّه و الكرم في العرب، أنّ كلّ توكّل على اللَّه، و كلّ كرم في العرب، سلّمنا و لكن نقول إنّ كون بعض أفراد الأئمة من غير قريش ينافي القصر المستفاد من الحديث على ما حقّقه المحقّقان المذكوران و قدّمنا حكايته عنهما فيما تقدّم.

هذا كلّه مضافا إلى وقوع التّصريف «يح ظ» في الأخبار النبويّة الآتية بالاستغراق الحقيقي و عدم احتمالها للتأويل لكونها نصّا في العموم و هو مؤكّد لكون الاستغراق هنا أيضا حقيقيا.

و ثالثا انّ قياس الحديث على نحو لا صلاة لجار المسجد و التمثيل به فاسد ضرورة أنّ لاء النّافية للجنس موضوعة لنفى الماهيّة و حقيقة فيه كما في لا رجل في الدّار، و استعماله في نفى صفة من صفات الجنس كالصّحة و الكمال و نحوهما مجاز لا يصار إليه إلّا بدليل، و قد قام الدّليل على إرادة المعنى المجازي نحو لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد، و لا طلاق إلّا بشهود، و لا نكاح إلّا بوليّ، و لا عتق إلّا في ملك، و ما ضاهاها، لعلمنا بأنّ الماهيّة موجودة فيها جزما، و إنما المنفىّ‏ صحّتها أو كمالها، و أما فيما نحن فيه فأصالة الحقيقة محكمة لم يقم دليل على خلافها، فلا وجه للتأويل بكمال الامامة على ما زعمه.

إذا عرفت ذلك فلنتصدّ لذكر الأخبار الدّالة على أنّ الأئمة كلّهم من قريش و أنّ الامامة مخصوصة بعليّ أمير المؤمنين عليه السّلام و ولده الأحد عشر، و هى كثيرة جدّا عاميّة و خاصيّة و نحن نوره طائفة منها من طريق العامّة لكونها أقلع لعذر الخصم و أبلغ حجّة، نرويها من كتاب غاية المرام للسيّد المحدّث العلّامة السيّد هاشم البحراني و هو أحد و عشرون حديثا.

الاول أبو عبد اللَّه محمّد بن إسماعيل البخاري في صحيحه عن عبد الملك قال: سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يقول: يكون بعدي اثنا عشر أميرا فقال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم كلمة لم أسمعها فسألت أبي ما ذا قال قال: إنّه قال: كلّهم من قريش.

الثاني البخاري رفعه إلى ابن عيينة قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: لا يزال أمر النّاس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا، ثمّ تكلّم بكلمة خفيت علىّ فسألت أبي ما ذا قال رسول اللَّه فقال: قال: كلّهم من قريش.

الثالث مسلم في صحيحه مسندا عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي على النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فسمعته يقول: إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيه اثنا عشر خليفة، قال: ثمّ تكلّم بكلام خفي عليّ قال: فقلت لأبي ما قال قال: كلّهم من قريش.

الرابع مسلم في صحيحه قال: حدّثنا ابن أبي عمر و قال: حدّثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يقول: لا يزال أمر النّاس ماضيا ما وليّهم اثنى عشر رجلا ثمّ تكلّم النّبي بكلمة خفيت علىّ فسألت أبي ما ذا قال رسول اللَّه فقال: قال: كلّهم من قريش.

الخامس مسلم في صحيحه قال: حدّثنا هذاب بن خالد الأزدى قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن سماك بن حرب قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يقول: لا يزال الاسلام عزيزا الى اثنى عشر خليفة ثمّ قال كلمةلم أفهمها فقلت لأبي ما قال فقال: قال: كلّهم من قريش.

السادس مسلم في صحيحه قال حدّثنا أحمد بن عثمان النّوفلي حدّثنا أزهر حدّثنا أحمد بن عون بن عثمان عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال: انطلقت إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و معي أبي فسمعته يقول: لا يزال هذا الدّين عزيزا منيعا إلى اثنى عشر خليفة فقال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم كلمة أخفيها النّاس فقلت لأبي ما قال قال: كلّهم من قريش السابع الحميدى في الجمع بين الصحيحين قال: و في رواية مسلم عن حديث عامر بن أبي وقاص قال: كتب إلىّ جابر بن سمرة مع غلامى نافع أن أخبرني بشي‏ء سمعته من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فكتب إلىّ: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يوم جمعة عشيّة رجم الأسلمي قال: لا يزال الدّين قائما حتّى تقوم و يكون عليهم اثنى عشر خليفة كلّهم من قريش، الحديث.

قال السيّد البحراني: بعد ايراد هذه الأخبار السّبعة و عشر روايات كلّها من طريق المخالفين عن جابر بن سمرة ما لفظه: أقول: قد ذكر يحيى بن الحسن البطريق في كتاب المستدرك أنّه ذكر في كتاب العمدة من طريق العامّة عشرين طريقا في أنّ الخلفاء بعده إثنا عشر خليفة كلّها من الصّحاح من صحيح البخاري ثلاثة طرق، و من مسلم تسعة، و من صحيح أبي داود ثلاثة، و في الجمع بين الصحاح الستة طريقين، و منها من الجمع بين الصحيحين للحميدى ثلاثة كلّها ينطق بأنه لا يزال الاسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة و ماوليهم اثنى عشر خليفة كلّهم من قريش الثامن أبو علي الطبرسى الفضل بن الحسن في كتاب اعلام الورى من طريق المخالفين و هو عدّة روايات منها ما رواه عن أبي سلمة القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم القسوى «أبو العباس النسوى خ» حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشي‏ء سمعته عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فكتب إليّ أني سمعت رسول اللَّه يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول: لا يزال الدّين قائما حتى تقوم الساعة و يكون عليكم اثنى عشر خليفة كلّهم من قريش و سمعته يقول. أناالفرط على الحوض.

التاسع ما رواه من طريق المخالفين الشيخ أبو عبد اللَّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد عن محمّد بن عثمان الذهبي حدّثنا عبد اللَّه بن جعفر الرّقي قال: حدّثنا عيسى ابن يونس عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال: كنّا عند عبد اللَّه بن مسعود فقال له رجل: أحدّثكم بنبيّكم كم يكون بعده من الخلفاء فقال له: نعم من الخلفاء عدّة نقباء موسى اثنى عشر خليفة كلّهم من قريش.

العاشر ما رواه حمّاد بن زيد عن مجالد عن الشّعبي عن مسروق عن عبد اللَّه ابن مسعود و زاد فيه قال: كنّا جلوسا إلى عبد اللَّه يقرينا القرآن، فقال له رجل: يا عبد الرّحمن هل سألتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم كم يملك أمر هذه الأمّة خليفة بعده فقال له عبد اللَّه: ما سألني بها أحد منذ قدمت العراق، نعم سألنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فقال: اثنى عشر عدّة نقباء بني اسرائيل.

الحادى عشر ما رواه عبد اللَّه بن أبي اميّة مولى مجامع عن يزيد الرّفاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: لم يزل هذا الدّين قائما إلى اثنى عشر من قريش فاذا مضوا هاجت الأرض بأهلها.

الثاني عشر ما رواه سليمان بن أحمر قال: حدّثنا أبو عون عن الشّعبي عن جابر بن سمرة أنّ النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم قال: لا يزال أهل هذا الدّين ينصرون على من ناداهم الى اثنى عشر خليفة فجعل الناس يقومون و يقعدون، و تكلّم بكلمة لم أفهمها فقلت لأبي أو لأخي: أيّ شي‏ء قال قال: كلّهم من قريش.

الثالث عشر ما رواه قطر بن خليفة عن أبي خالد الوالبي عن جابر بن سمرة عن النّبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم مثله.

الرابع عشر ما رواه سهل بن حماد عن يونس بن أبي يعفور قال: حدّثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: كنت عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و عمّي جالس بين يدي فقال‏ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله لا يزال أمر امّتي صالحا حتّى يمضى اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش اسم أبي جحيفة وهب بن عبد اللَّه.

الخامس عشر ما رواه الليث بن سعد عن خالد بن زيد عن سعد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف قال: كنّا عند شقيق الأصبحي فقال: سمعت عبد اللَّه بن عمر يقول: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يقول: يكون خلفي اثنى عشر خليفة.

السادس عشر ما رواه الشيخ أبو عبد اللَّه جعفر بن محمّد بن أحمد الدورستي في كتابه في الرّد على الزّيدية قال: أخبر أبي قال: أخبرنا الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه عن عمّه عن أحمد بن أبي عبد اللَّه عن أبيه عن خلف بن حماد الأسدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال: سألت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله حين حضرته وفاته فقلت إذا كان ما نعوذ باللَّه منه فإلى من فأشار إلى عليّ عليه السّلام فقال: هذا، فانّه مع الحقّ و الحقّ معه ثمّ يكون بعده أحد عشر إماما مفترضة طاعتهم كطاعته.

السابع عشر الدورستي أيضا قال: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمّد بن وهبان قال: حدّثنا أبو بشر أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال: أخبرنا محمّد بن زكريّا بن دينار العلائي حدّثنا سليمان بن إسحاق عن سليمان بن عبد اللَّه بن العبّاس قال: حدّثني أبي قال: كنت يوما عند الرّشيد فذكر المهدي و ما ذكر من عدله فأطنب من ذلك فقال للرّشيد: إنّي أحسبكم أنكم تحسبونه أبا المهدي حدثني أبي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاس عن أبيه العباس بن عبد المطلب أنّ النّبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم قال: يا عم تملك من ولدي اثنى عشر خليفة ثمّ يكون امور كريهة و شدّة عظيمة ثمّ يخرج المهدي من ولدي يصلح اللَّه أمره في ليلة فيملاء الأرض عدلا كما ملئت جورا يمكث في الأرض ما شاء اللَّه ثمّ يخرج الدّجال.

قال أبو عليّ الطبرسي عقيب هذه الأخبار و ما بمعناها ممّا لم نوردها: هذا بعض ما جاء من الأخبار من طريق المخالفين و رواياتهم في النّص على عدد الأئمة الاثني عشر عليهم السّلام و إذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت ذلك كما نقلته الشّيعة الاماميّة و لم ينكر ما تضمّنه الخبر فهو أدّل دليل على أنّ اللَّه تعالى هو الذي سخّر لروايته اقامة لحجّته و إعلاء لكلمته و ما هذا الأمر إلّا كالخارق للعادة و الخارج عن الامور المعتادة، و لا يقدر عليها إلّا اللَّه تعالى الذي يذلّل الصّعب و يقلّب القلب و يسهّل له العسير و هو على كلّ شي‏ء قدير انتهى.

الثامن عشر صدر الأئمة أخطب خوارزم أبو المؤيد موفق بن أحمد في كتاب فضائل أمير المؤمنين قال: حدّثنا فخر القضاة نجم الدّين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي فيما كتب إليّ من همدان، قال: أنبأنا الامام الشّريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمّد الزّيني قال: أخبرنا إمام الأئمة أحمد بن محمّد بن شاذان قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد اللَّه الحافظ قال: حدّثنا عليّ بن سنان الموصلي عن أحمد بن محمّد بن صالح عن سلمان بن محمّد عن زيد بن مسلم عن زياد بن محمّد عن عبد الرّحمن بن يزيد عن جابر عن سلامة عن أبي سليمان الرّاعي راعى رسول اللَّه قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يقول: ليلة اسرى بي إلى السّماء قال لي الجليل جلّ جلاله. آمن الرّسول بما انزل اليه من ربّه فقلت: و المؤمنون، فقال: صدقت يا محمّد من خلّفت في امّتك فقلت: خيرها، قال: عليّ بن أبي طالب قلت: نعم يا ربّ قال: يا أحمدانيّ اطلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها فاشتققت لك اسما من اسمائي فلا اذكر في موضع إلّا ذكرت معى فأنا المحمود و أنت محمّد، ثمّ اطلعت الثانية فاخترت منها عليّا فشققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى و هو عليّ، يا محمّد إنّي خلقتك و خلقت عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده من نور من نورى، و عرضت ولايتكم على أهل السّماوات و الأرضين، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، و من جحدها كان عندي من الكافرين، يا محمّد لو أنّ عبدا من عبادي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي، ثمّ أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتّى يلقاني بولايتكم، يا محمّد تحبّ أن تراهم قلت: نعم يا ربّ، قال: فالتفت عن يمين العرش، فالتفتّ فاذا بعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ و جعفر بن محمّد و موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمّد بن عليّ و عليّ ابن محمّد و الحسن بن عليّ و المهدي في ضحضاح من نور قيام يصلّون، و هو في وسطهم يعني المهدي كأنّه كوكب درّيّ، و قال: يا محمّد هولاء الحجج و هذا السّائر من عترتك و عزّتي و جلالي انّه الحجّة الواجبة و المنتقم.

قال السيّد المحدّث البحراني: روى هذا الحديث جماعة من الخاصّة و العامّة: رواه الشّيخ الطوسي في الغيبة و أبو الحسن محمّد بن أحمد بن الحسن بن شاذان في المناقب المأة من طريق العامّة، و رواه صاحب المقتضب و صاحب الكنز الخفي و الحمويني من العامّة التاسع عشر إبراهيم بن محمّد الحمويني من أعيان علماء العامّة في كتاب فرائد السمطين في فضائل المرتضى و فاطمة و الحسن و الحسين بسنده عن سعيد بن جبير عن عبد اللَّه بن العبّاس قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: إنّ خلفائي و أوصيائي و حجج اللَّه على الخلق بعدي الاثنى عشر أوّلهم أخي و آخرهم ولدي، قيل: يا رسول اللَّه و من أخوك قال: عليّ بن أبي طالب، قيل: فمن ولدك قال: المهدي الذي يملاءها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، و الّذي بعثني بالحقّ بشيرا لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم واحد لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيه ولدى المهدي فينزل فيه روح اللَّه عيسى بن مريم فيصلّى خلفه و تشرق الأرض بنور ربّها و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب.

العشرون الحمويني هذا بالاسناد إلى ابن بابويه قال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطان قال حدّثنا بكر بن عبد اللَّه بن حبيب قال: حدّثنا الفضل بن الصّقر العبدي قال: حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن عبد اللَّه بن عبّاس قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم أنا سيّد النّبيين و عليّ بن أبي طالب سيّد الوصيّين و إنّ أوصيائي بعدي اثنى عشر أوّلهم عليّ بن أبي طالب و آخرهم القائم.

الحادى و العشرون محمّد بن أحمد بن شاذان أبو الحسن الفقيه في المناقب المأة و الفضائل لأمير المؤمنين و الأئمة من طريق العامة عن سلمان المحدّي قال:

دخلت على النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم إذا الحسين بن عليّ على فخذه و هو يقبّل عينيه و يلثم فاه و هو يقول: أنت سيّد و ابن سيّد و أبو السّادات أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، أنت حجّة ابن حجّة أبو الحجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.

و الأخبار في هذا المعنى كثيرة لا تستقصى و فيما ذكرناه كفاية في هذا الباب و من أراد الزيادة فعليه بكتاب غاية المرام، و قد عقد السيّد المحدّث البحراني فيه با بين على هذا المعنى قال: الباب الرابع و العشرون في أنّ الأئمة بعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم اثنى عشر بنصّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله إجمالا و تفصيلا: علىّ و بنوه الأحد عشر من طريق العامة و فيه ثمانية و خمسون حديثا، ثمّ أورد الرّوايات العاميّة فقال: الباب الخامس و العشرون في أنّ الأئمة بعد رسول اللَّه اثنى عشر إجمالا و تفصيلاهم: عليّ بن أبي طالب و بنوه الأحد عشر من طريق الخاصّة و فيه خمسون حديثا ثمّ روى الأحاديث الخاصيّة و اللَّه الهادي إلى سواء السّبيل.

الترجمة

از جمله خطب شريفه آن امام مبين و وليّ ربّ العالمين است كه متضمّن فائده بعثت پيغمبران عاليمقدار و اظهار مناقب عترت رسول مختار و أهل بيت اطهار است چنانچه فرموده: مبعوث فرمود حق سبحانه و تعالى پيغمبران خود را بآن چه كه مخصوص ساخت ايشان را از وحى خود، و گردانيد ايشان را حجّة واضحه از براى خود بر مخلوقات خود تا اين كه واجب نشود حجّت مر ايشان را بسبب ترك تخويف و ترساندن ايشان، پس خواند ايشان را بزبان راست كه دعوت أنبياء است بسوى راه درست كه طريق شريعت غرّا است، آگاه باشيد بدرستى كه خداوند آشكارا ساخت خلق را آشكار ساختنى نه از جهة اين كه جاهل بود به آن چه مخفى داشته‏اند از أسرار محفوظه و مكنونات قلوب ايشان، و ليكن از جهة اين كه امتحان نمايد ايشان را تا كدام يك از ايشان بهترند از حيث عمل تا باشد ثواب جزاى حساب و عقاب‏ پاداش سيئات.

كجايند كسانى كه دعوى باطل كردند كه ايشان راسخان در علمند نه ما از روى دروغ و ظلم بر ما بجهة اين كه خداوند رتبه ما را بلند فرموده و پست كرد ايشان را، و عطا نمود بما منصب امامت و خلافت را و محروم كرد ايشان را، و داخل نمود ما را در عنايت خاصّه خود و خارج كرد ايشان را، بوجود ما خواسته مى‏شود هدايت، و طلب روشنى مى‏شود از كورى و ضلالت، بدرستى كه امامان از طائفه قريش‏اند كاشته شدند در اين بطن معيّن از هاشم بن عبد مناف يعني در ذرّيه علويّه صلاحيت ندارد امامت بر غير ايشان و صلاحيت ندارند واليان از غير ايشان.

الفصل الثاني

منها: آثروا عاجلا، و أخّروا آجلا و تركوا صافيا و شربوا آجنا، كأنّي أنظر إلى فاسقهم و قد صحب المنكر فألفه، و بسأبه و وافقه، حتّى شابت عليه مفارقه و صبغت به خلائقه، ثمّ أقبل مزبدا كالتّيّار لا يبالي ما غرق، أو كوقع النّار في الهشيم لا يحفل ما حرق، أين العقول المستصبحة بمصابيح الهدى، و الأبصار اللّامحة إلى منار التّقوى، أين القلوب الّتي وهبت للَّه، و عوقدت على طاعة اللَّه ازدحموا على الحطام، و تشاحّوا على الحرام، و رفع لهم علم الجنّة و النّار، فصرفوا عن الجنّة وجوههم، و أقبلوا على النّار بأعمالهم، و دعاهم ربّهم فنفروا و ولّوا، و دعاهم الشّيطان فأطاعوا و أقبلوا

اللغة

(الآجن) الماء المتغيّر الطّعم و اللّون و (بسأ) به كجعل و فرح بسئا و بسئا و بسوءا أنس و (المفارق) جمع المفرق و زان مجلس و مقعد وسط الرأس، و هو الذي يفرق فيه الشعر و (الخلائق) جمع الخليقة أى الطبيعة و (أزبد) البحر أى صار ذا زبد و رجل مزبد أى ذو زبد و هو ما يخرج من الفم كالرغوة و (التّيّار) مشدّدة موج البحر و (الهشيم) النّبت اليابس المتكسر أو يابس كلّ كلاء و (حفل) الماء يحفل من باب ضرب حفلا و حفولا اجتمع، و قال الشّارح المعتزلي لا يحفل أي لا يبالي و (المستصبحة) في بعض النّسخ بتقديم الحاء على الباء من الاستصحاب و في بعضها بالعكس كما ضبطناه من الاستصباح و هو الأوفق.

الاعراب

ما في قوله: ما غرق، موصول في محلّ النّصب أى لا يبالي ممّا غرق، و كذلك في قوله ما حرق إن كان يحفل بمعنى يبالي كما فسّره الشارح و إن كان بمعنى يجتمع كما في القاموس فما في محلّ الرّفع فاعل له و هو ظاهر.

المعنى

اعلم أنّ هذا الفصل وارد في معرض التّوبيخ و التّقريع لطائفة غير مرضيّة الطريقة.

فقال بعض الشّارحين: إنّه عني بذلك الصّحابة الذين مضى ذكرهم في الفصل السّابق يعنى الّذين زعموا أنّهم الرّاسخون في العلم.

و قال بعضهم: إنّ المراد به بنو اميّة.

و قال الشّارح البحراني: أراد بذلك من تخلّف من النّاس إلى زمانه ممّن هو غير مرضيّ الطريقة و إن كان معدودا من الصّحابة بالظاهر كالمغيرة بن شعبة و عمرو بن العاص و مروان بن الحكم و معاوية و نحوهم من امراء بني اميّة، و يقرب منه‏ كلام الشّارح المعتزلي و ستطلع عليه.

و كيف كان فقوله (آثروا عاجلا و أخّروا آجلا) أراد به أنّهم اختاروا الدّنيا على الآخرة و قدّموها عليها و أخّروها عنها و ذلك لكون شهواتها حاضرة معجّلة و لذاتها غائبة مؤجّلة (و تركوا صافيا و شربوا آجنا) أى تركوا اللّذات الاخرويّة الصّافية من الكدورات و العلائق البدنيّة، و استلذّوا باللذات الدّنيوية المشوبة بالآلام و الاسقام فاستعار لفظ الآجن للذّاتها و الجامع عدم السّوغ أو عدم الصّفاء فيها كما أنّ الماء المتغيّر الطّعم و اللّون لا يسوغ و لا يصفى و ذكر الشّرب ترشيح.

(كأنّي أنظر إلى فاسقهم) قال الشارح البحراني: يحتمل أن يريد فاسقا معيّنا كعبد الملك بن مروان، و يكون الضّمير عائد إلى بني اميّة و من تابعهم، و يحتمل أن يكون مطلق الفاسق أى من يفسق من هؤلاء فيما بعده و يكون بالصّفات الّتي أشار إليها بقوله (و قد صحب المنكر فألفه) أي أخذه الفا له (و بسأبه و وافقه) أى استأنس به و وجده موافقا لطبعه (حتّى شابت عليه مفارقه) و هو كناية عن طول عهده بالمنكر إلى أن بلغ عمره غايته، لأنّ شيب المفارق عبارة عن بياضها و هو إنّما يكون إذا بلغ الشّيوخيّة و لتأخر شيب المفرق عن شيب الصّدغ و تأكّد دلالته على طول العهد خصّصه بالذّكر (و صبغت به خلائقه) أى صارت طبائعه مصبوغة ملوّنة بالمنكر أى صار المنكر خلقا له و سجيّة، فاستعار لفظ الصبغ لرسوخ المنكر في جبلته لشدّة ملازمته له.

(ثمّ أقبل مزبدا كالتّيّار) شبّهه بالبحر الموّاج و رشح التشبيه بذكر لفظ الازباد و وجه الشبه أنّه عند الغضب لا يبالى بما يفعله فى النّاس من المنكرات كما (لا يبالي) البحر ب (ما غرق) و شبّهه اخرى بالنّار المضرمة الملتهبة فقال (أو كوقع النّار في الهشيم) يعني أنّ حركاته في الظّلامات مثل وقع النّار في النّبت اليابس و الدّقاق من الحطب و وجه الشّبّه أنّه (لا يحفل) و لا يبالي بظلمه‏ كما لا يحفل وقع النّار و لا يبالي ب (ما حرق)«» أو انّ ما أفسده لا يرجى اصلاحه كما أنّ ما حرقه النّار لا يمكن اجتماعه.

ثمّ استفهم على سبيل الأسف و التحسّر فقال (أين العقول المستصبحة بمصابيح الهدى) استعار لفظ المصابيح لأولياء الدّين و أئمّة اليقين المقتبس عنهم نور الهداية و رشّح بذكر لفظ الاستصباح، و يجوز أن يكون استعارة لأحكام الشّرع المبين الموصلة لآخذها و السّالكة بعاملها إلى حظيرة القدس.

و مثله لفظ المنار في قوله (و الأبصار اللامحة إلى منار التقوى) إذ أئمّة الهدى أعلام التّقى بهم يهتدى في ظلمات الضّلال و غياهب الدّجى و كذلك بأحكام سيّد الأنام و الانقياد بها يهتدي إلى نهج الحقّ و سواء الطريق الذي يؤمن لسلوكها و يتقى من النّار و ينجي من غضب الجبّار جلّ و تعالى.

ثمّ استفهم اخرى بقوله (أين القلوب الّتي وهبت للَّه) أي وهبها أهلها للَّه سبحانه و المراد بهبتها له جعلها مستغرقة في مطالعة أنوار كبريائه و التوجّه إلى كعبة وجوب وجوده و هي القلوب الّتي صارت عرش الرّحمن و اشير اليها في الحديث القدسي لا يسعني أرضي و لا سمائي و لكن يسعني قلب عبدى المؤمن.

(و عوقدت على طاعة اللَّه) أي أخذ اللَّه عليهم العهد بطاعته إمّا في عالم الميثاق أو بألسنة الأنبياء و الرّسل و إليه اشير في قوله سبحانه: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» ثمّ رجع إلى ذمّ الفرقة المتقدّمة المصدّرة بهذا الفصل فقال (ازدحموا على الحطام) أي تزاحموا على متاع الدّنيا و استعار له لفظ الحطام الموضوع لليابس من النّبت المتكسّر لسرعة فنائه و فساده (و تشاحّوا على الحرام) أى تنازعوا عليه لأنّ غرض كلّ منهم جذبه اليه (و رفع لهم علم الجنّة و النّار) قال الشّارح البحراني: أشار بعلم الجنّة إلى قانون الشريعة القائد إلى الجنّة و بعلم النّار إلى‏ الوساوس المزينة لقنيات الدّنيا، و العلم الأوّل بيد الدّعاة إلى اللَّه و هم الرّسول و من بعده من أولياء اللَّه من أهل بيته و التّابعين لهم باحسان، و العلم الثّاني بيد ابليس و جنوده من شياطين الجنّ و الانس الدّاعين إلى النار.

(فصرفوا عن الجنّة وجوههم) و أعرضوا عنها (و أقبلوا إلى النار بأعمالهم) القبيحة الموصلة إليها (و دعاهم ربّهم فنفروا) و استكبروا (و ولّوا و دعاهم الشيطان فأطاعوا و أقبلوا) و استجابوا.

تنبيه

قال الشارح المعتزلي في شرح هذا الفصل: فان قلت: هذا الكلام يرجع إلي الصّحابة الذين مضى ذكرهم في أوّل الخطبة.

قلت: لا و إن زعم قوم أنّه عناهم، بل هو إشارة إلى قوم ممّن يأتي من الخلف بعد السّلف، ألا تراه قال: كأنّي أنظر إلى فاسقهم و قد صحب المنكر فألفه، و هذا اللّفظ إنّما يقال في حقّ من لم يوجد بعد كما قال في حقّ الأتراك: كأنّي أنظر اليهم قوما كأنّ وجوههم المجان، و كما قال في حقّ صاحب الزّنج كأنى به يا أحنف و قد سار بالجيش، و كما قال في الخطبة التّى ذكرناها آنفا كأنى به قد نعق بالشّام، يعني به عبد الملك.

و حوشى عليه السّلام أن يعنى بهذا الكلام الصّحابة لأنّهم ما آثروا العاجل، و لا أخّروا الآجل، و لاصحبوا المنكر، و لا أقبلوا كالتيّار لا يبالي ما غرق، و لا كالنار لا يبالي ما احترقت، و لا ازدحموا على الحطام، و لا تشاحّوا على الحرام، و لا صرفوا وجوههم عن الجنّة، و لا أقبلوا إلى النّار بأعمالهم، و لا دعاهم الرّحمن فولّوا، و لا دعاهم الشيطان فاستجابوا، و قد علم كلّ أحد حسن سيرتهم و سداد طريقتهم و إعراضهم عن الدّنيا و قد ملكوها، و زهدهم فيها و قد تمكّنوا منها، و لو لا قوله: كأنّي أنظر الى فاسقهم، لم أبعد أن يغني بذلك قوما ممّن عليهم اسم الصّحابة و هو ردّى الطريقة كالمغيرة بن شعبة، و عمرو بن العاص، و مروان بن الحكم، و معاوية،و جماعة معدودة أحبّوا الدّنيا و استغواهم الشّيطان، و هم معدودون في كتب أصحابنا من اشتغل بعلوم السيرة و التواريخ عرفهم بأعيانهم انتهى كلامه.

أقول: و لا يبعد عندي أن يعنى عليه السّلام به المتقدّمين ذكرهم في أوّل الخطبة و استبعاد الشارح له بظهور لفظ كأنّى أنظر في حقّ من لم يوجد بعد لا وجه له، لا مكان أن يقال: إنّ نظره في الاتيان بهذا اللّفظ إلى الغاية أعني قوله: حتى شابت عليه مفارقه، و بعبارة اخرى سلّمنا ظهور هذا اللفظ في حقّ ما لم يوجد إلّا أنّ مراده عليه السّلام به ليس نفس الفاسق حتّى يقال إنه كان موجودا في زمانه عليه السّلام، و إنّما مراده بذلك الاخبار عن استمرار الفاسق في فسقه و تماديه في المنكرات الى آخر عمره، و هذا الوصف للفاسق لم يكن موجودا، فحسن التعبير بهذه اللفظة فافهم جيدا و أما استيحاشه من أن يعنى به الصحابة بأنهم ما آثروا العاجل إلى آخر ما ذكره فهو أوضح فسادا لأنّه لو لا اختيارهم الدّنيا على الاخرى لم يعدلوا عن امام الورى، فعدو لهم عنه دليل على أنهم اشتروا الضلالة بالهدى، و آثروا العاجل، و أخّروا الآجل و قد تركوا الشرب من الماء المعين، و منهل علوم ربّ العالمين، و استبدّوا بعقولهم الكاسدة، و ارتووا من آرائهم اللّاجنة الفاسدة، و مصاحبتهم جميعا للمنكر بالبدعات التي أحدثوها واضحة، و اقبال فاسقهم كالتيار و النار لا يبالي مما غرق و حرق لا غبار عليه و ما فعل عثمان من ضرب ابن مسعود و كسر بعض أضلاعه، و ضرب عمار و إحداث الفتق فيه، و ضربه لأبي ذرّ و إخراجه إلى الرّبذة و نحوها مما تقدّم ذكرها في شرح الكلام الثالث و الأربعين و غيره شاهد صدق على ما قلناه.

و كذلك اجتماعه مع «بنى ظ» أبيه إلى الحطام و مشاحتهم على الحرام و حضمهم لمال اللَّه خضم الابل نبته الرّبيع على ما تقدّم في شرح الخطبة الثالثة أوضح دليل على ما ذكرنا فبعدولهم جميعا عن اللَّه و عن وليّه صرفوا وجوههم عن الجنّة، و أقبلوا بأعمالهم إلى النار، فاستحقّوا الخزى العظيم و العذاب الأليم في أسفل درك من الجحيم.

الترجمة

بعض ديگر از اين خطبه در ذمّ و توبيخ طائفه غير مرضيّه از غاصبين خلافت و بني اميه و أمثال ايشان مى‏فرمايد كه: اختيار كردند ايشان متاع دنياى ناپايدار را، و تأخير انداختند امورات دار القرار را، و ترك كردند زلال صافي را، و آشاميدند از آب متغير گنديده، گويا من نظر ميكنم بسوى فاسق ايشان در حالتى كه مصاحب شده است با قبايح و منكرات و الفت گرفته به آنها و استيناس يافته به آنها و موافق طبع خود يافته آنها را تا آنكه عمر او بپايان رسيد، و سفيد شده ميانهاى سر او و رنگ گرفته به آنها طبيعتهاى او.

پس از آن رو آورد در حالتى كه كف بر آورده مثل درياى موج دار اصلا باك ندارد از آنچه غرق گرداند، يا مثل افتادن آتش در گياه خشك كه هيچ باك نمى‏كند از آنچه كه سوزاند، كجايند عقلهاى چراغ بر افروزنده بچراغهاى هدايت، و چشمهاى نظر كننده به نشانهاى تقوى، كجايند قلبهايى كه بخشيده شده‏اند بخدا، و بسته شدند بر طاعت خدا، ازدحام كردند آن طايفه بد كردار بر متاع دنياى بى‏اعتبار، و نزاع كردند با يكديگر در بالاى حرام، و بلند شد از براى ايشان علم بهشت و جهنم، پس گردانيدند از بهشت روهاى خود را، و اقبال كردند بسوى دوزخ باعملهاى خود، و دعوت كرد ايشان را پروردگار ايشان بعبادت و اطاعت پس رميدند و اعراض نمودند، و دعوت كرد ايشان را شيطان لعين بسوى قبائح پس قبول كردند و اقبال نمودند.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=