خطبه 136 صبحی صالح
136- و من كلام له ( عليه السلام ) في أمر البيعة
لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً
وَ لَيْسَ أَمْرِي وَ أَمْرُكُمْ وَاحِداً
إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ وَ أَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ
أَيُّهَا النَّاسُ أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ
وَ ايْمُ اللَّهِ لَأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ وَ لَأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ وَ إِنْ كَانَ كَارِهاً
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج8
و من كلام له عليه السّلام و هو المأة و السادس و الثلاثون من المختار في باب الخطب.
قاله (ع) لما تخلف عن بيعته عبد اللّه بن عمر و سعد بن أبى وقاص و جماعة اخرى و رواه فى الارشاد باختلاف تطلع عليه. لم تكن بيعتكم إيّاى فلتة، و ليس أمري و أمركم واحدا، إنّي أريدكم للّه و أنتم تريدونني لأنفسكم، أيّها النّاس أعينوني على أنفسكم و أيم اللّه لانصفنّ المظلوم من ظالمه، و لأقودنّ الظّالم بخزامته حتّى أورده منهل الحقّ و إن كان كارها.
اللغة
(الفلتة) الأمر يقع من غير تدبّر و لا رويّة و (خزمت) البعير بالخزامة و هى حلقة من شعر تجعل في وترة انف البعير ليشدّ فيها الزّمام و يسهل قياده و (الورد) حضور الماء للشّرب و الايراد الاحضار و (المنهل) المشرب من نهل الماء كفرح شربه.
الاعراب
قوله: و أيم اللّه لفظة أيم من كلمات القسم، و قد مضى بعض الكلام فيها في شرح الخطبة الخامسة و شرح الفصل الثاني من الخطبة الثّانية و التسعين.
و أقول هنا: إنّ فيها اثنتين و عشرين لغة قال في القاموس: و اليمين القسم مؤنّث لأنّهم كانوا يتماسحون بأيمانهم فيتحالفون، الجمع ايمن و ايمان و أيمن اللّه و أيم اللّه و يكسر أوّلهما و أيمن اللّه بفتح الميم و الهمزة و يكسر و أيم اللّه بكسر الهمزة و الميم، و قيل ألفه ألف وصل و هيم اللّه بفتح الهاء و ضمّ الميم و أم اللّه مثلّثة الميم و إم اللّه بكسر الهمزة و ضمّ الميم و فتحها و من اللّه بضمّ الميم و كسر النّون و من اللّه مثلّثه الميم و النّون و م اللّه مثلّثة و ليم اللّه و ليمن اللّه اسم وضع للقسم و التّقدير ايمن اللّه قسمى.
و قال ابن هشام في المغنى: أيمن المختصّ بالقسم اسم لا حرف خلافا للزجاج و الرّماني مفرد مشتقّ من اليمن و همزته وصل لا جمع يمين و همزته قطع خلافا للكوفيّين و يردّه جواز كسر همزته و فتح ميمه، و لا يجوز مثل ذلك في الجمع من نحو أفلس و اكلب و قول نصيب:
فقال فريق القوم لما نشدتهم نعم و فريق ليمن اللّه ما ندرى
فخذف ألفها في الدّرج و يلزمه الرّفع بالابتداء و حذف الخبر و اضافته إلى اسم اللّه سبحانه خلافا لابن درستويه في إجازة جرّه بحرف القسم و لابن مالك في إجازته إضافته إلى الكعبة و كاف الضّمير، و جوّز ابن عصفور كونه خبرا و المحذوف مبتدأ أى قسمى ايمن اللّه.
المعنى
اعلم أنّ هذا الكلام له عليه السّلام لجمهور أصحابه الذين كان غرضهم في بيعته و اتّباعه عليه السّلام حطام الدّنيا لا إحياء شرائع الدّين و إقامة معالم الشرع المبين كما يرشد إليه ما سيأتي من قوله: أنتم تريدونني لأنفسكم، إذا عرفت ذلك فأقول: قوله (لم تكن بيعتكم إيّاى فلتة) فيه تعريض ببيعة أبي بكر و إشارة إلى قول عمر فيها، فقد روت العامة و الخاصة عن عمر أنّه قال: إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى اللّه شرّها و من عاد إلى مثلها فاقتلوه، و في بعض الرّوايات فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه، و قد رواه الشّارح المعتزلي في شرح الخطبة السّادسة و العشرين بعدّة طرق و أطنب الكلام في بيان معنى الفلتة و لا حاجة بنا إلى إيراد ما أورده.
و مقصود أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ بيعتكم إيّاى لم تكن بغتة و من غير تدبّر و رويّة و إنّما كانت عن تدبّر و اجتماع رأى منكم فليس لأحدكم بعدها أن ينكث و يندم (و ليس أمرى و أمركم واحدا) إشارة إلى اختلاف مقاصده و مقاصدهم و تفريق بينهما، و جهة التّفريق ما أشار إليها بقوله: (إنّي اريدكم للّه و أنتم تريدونني لأنفسكم) يعني إنّما اريدكم لاقامة أمر اللّه و إعلاء كلمة اللّه و تأسيس أساس الدّين و انتظام قوانين الشّرع المبين و أنتم تريدونني لحظوظ أنفسكم من العطاء و التقريب و ساير المنافع الدّنيوية.
(أيّها النّاس أعينوني على أنفسكم) لمّا كان وظيفته الدّعوة إلى اللّه و الدلالة إلى سبيل اللّه و الأمر بالمعروف و النّهى عن المنكر جعل طاعتهم له و امتثالهم لأوامره و انتهائهم عن المنكرات إعانة منهم له لحصول غرضه و فراغه عن تعب الطلب.
ثمّ أشار إلى قيامه بوظائف العدل فقال (و أيم اللّه لأنصفنّ المظلوم) أى أحكم في ظلامته بالعدل و الانصاف و آخذ حقّه (من ظالمه و لأقودّن الظّالم بخزامته حتّى أورده منهل الحقّ و إن كان كارها) جعل الظالم بمنزلة الابل الصّعب التي لا تنقاد إلّا بالخزامة على سبيل الاستعارة بالكناية و ذكر الخزامة تخييل و القود ترشيح. أى لأذللنّ الظالم و أقودنّه بالمقود حتّى يخرج من حقّ المظلوم و يردّ عليه مظلمته و ان كان كارها له
تكملة
هذا الكلام رواه المفيد في الارشاد قال: و من كلامه عليه السّلام حين تخلّف عن بيعته عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب و سعد بن أبي وقاص و محمّد بن مسلمة و حسّان بن ثابت و اسامة بن زيد ما رواه الشعبي قال: لما اعتزل سعد و من سمّيناه أمير المؤمنين عليه السّلام و توقّفوا عن بيعته حمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال:
أيّها النّاس إنكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي و إنما الخيار للنّاس قبل أن يبايعوا فاذا بايعوا فلا خيار لهم، و إنّ على الامام الاستقامة و على الرّعيّة التسليم، و هذه بيعة عامّة من رغب عنها رغب عن دين الاسلام و اتّبع غير سبيل أهله، و لم تكن بيعتكم إيّاى فلتة و ليس أمرى و أمركم واحدا، و انّى اريدكم للّه و أنتم تريدونني لأنفسكم و أيم اللّه لأنصحنّ للخصم و لأنصفنّ للمظلوم، و قد بلغني عن سعد و ابن مسلمة و اسامة و عبد اللّه و حسّان بن ثابت امور كرهتها و الحقّ بيني و بينهم.
الترجمة
از جمله كلام آن امام انام است كه فرموده: نبود بيعت شما با من چيزى كه بدون تروى و تدبّر واقع شده باشد، و نيست كار من و كار شما يكى، بدرستى من مى خواهم شما را از براى خدا، و شما مى خواهيد مرا از براى حظهاى نفوس خودتان أى مردمان إعانت نمائيد مرا بر قهر و غلبه نفسهاى خود، و قسم بذات پاك خداوند هر آينه البته حكم انصاف مي كنم در حقّ مظلوم از ظالم او، و هر آينه البته مى كشم ظالم را بحلقه بيني او تا اين كه وارد نمايم او را بآبش خور حق و اگر چه باشد آن ظالم كراهت دارنده.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»