google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
1-20 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئیخطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 11 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 11 صبحی صالح

11- و من كلام له ( عليه ‏السلام  ) لابنه محمد ابن الحنفية لما أعطاه الراية يوم الجمل‏

تَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا تَزُلْ

عَضَّ عَلَى نَاجِذِكَ

أَعِرِ اللَّهَ جُمْجُمَتَكَ

تِدْ فِي الْأَرْضِ قَدَمَكَ

ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَى الْقَوْمِ

وَ غُضَّ بَصَرَكَ

وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج3  

و من كلام له عليه السّلام لابنه محمد بن الحنفية لما اعطاه الراية يوم الجمل و هو الحادى عشر من المختار فى باب الخطب.

تزول الجبال و لا تزل، عضّ على ناجذك، أعر اللّه جمجمتك،تد في الأرض قدمك، إرم ببصرك أقصى القوم، و غضّ بصرك، و اعلم أنّ النّصر من عند اللّه سبحانه.

اللغة

(عضّ) أمر من عضضت اللّقمة و بها و عليها من باب تعب لكن بسكون المصدر و من باب منع أمسكتها (الناجذ) السنّ بين الضّرس و النّاب و ضحك حتّى بدت نواجذه، قال تغلب: المراد الأنياب، و قيل النّاجذ آخر الأضراس و هو ضرس الحلم لأنّه ينبت بعد البلوغ و كمال العقل و قيل: الأضراس كلّها نواجذ (و الجمجمة) عظم الرّأس المشتمل على الدّماغ و ربّما يعبّر بها عن الانسان كما يعبّر عنه بالرّأس و (تد) أمر من و تد قدمه في الأرض اى أثبتها فيها كالوتد.

الاعراب

متعلّق تزول و تزل محذوف أى تزل الجبال عن مكانها و لا تزل عن مقامك و موضعك، و الباء في قوله: ارم ببصرك زايدة، يقال: رميته و رميت به ألقيته، و سبحانه منصوب على المصدر بمحذوف من جنسه أى سبّحته سبحانا، و نقل عن سيبويه أنّ سبحان ليس بمصدر بل هو واقع موقع المصدر الذي هو التّسبيح، و الاضافة إلى المفعول لأنّه هو المسبّح بالفتح، و نقل عن أبي البقاء أنّه جوّز أن يكون الاضافة إلى الفاعل و قال: المعروف هو الأوّل و المعنى على ذلك اسبّح مثل ما سبّح اللّه به نفسه

المعنى

اعلم أنّه عليه السّلام أشار في كلامه هذا إلى أنواع آداب الحرب و كيفيّة القتال و علّم محمّدا ستّة امور منها.

الاوّل ما عليه مدار الظفر و الغلبة و هو الثّبات و الملازمة و إليه أشار بقوله: (تزول الجبال و لا تزل) و هو خبر في معنى الشرط اريد به المبالغة أى لو زالت الجبال عن مواضعها لا تزل و هو نهى عن الزّوال مطلقا لأنّ النّهى عنه على تقدير زوال الجبال الذي هو محال عادة مستلزم للنّهي عنه على تقدير العدم بالطريق الاولى.

الثّاني ما أشار إليه بقوله: (عضّ على ناجذك) فانّ عضّ النّواجذ ينبو السّيف عن الدّماغ من حيث إنّ عظام الرّأس تشتدّ و تصلب عند ذلك كما قال عليه السّلام في موضع آخر: و عضّوا على النّواجذ، فانّه أنبأ للصّوارم عن الهام مضافا إلى ما في عضّها من ربط الجاش«» عن الفشل و الخوف كما يشاهد في حال البرد و الخوف الموجب للرّعدة فانّه إذا عضّ على أضراسه تسكن رعدته و يتماسك الانسان بدنه.

الثالث ما أشار إليه بقوله: (أعر اللّه جمجمتك) و المراد به بذلها في طاعة اللّه لينتفع بها في دين اللّه كما ينتفع المستعير بالعارية، قال الشّارح المعتزلي: و يمكن أن يقال إنّ ذلك إشعار بانّه لا يقتل في تلك الحرب لأنّ العارية مردودة و لو قال له: بع اللّه جمجمتك لكان ذلك إشعارا له بالشّهادة فيها.

أقول: و ذلك لقوله سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ» الآية.

الرّابع ما أشار إليه بقوله: (تد في الأرض قدمك) و هو أمر بالزام قدمه في الأرض كالوتد لاستلزامه ربط الجاش و استصحاب العزم و كونه مظنّة الشّجاعة.

الخامس ما أشار إليه بقوله: (ارم ببصرك أقصى القوم) و هو الأمر بفتح عينيه و رفع طرفه و مدّ نظره إلى أقاصي القوم ليعلم على ما ذا يقدم فعل الشّجاع المقدام غير المبالي لأنّ الجبان تضعف نفسه و يضطرب قلبه فيكون غضيض الطرف ناكس الرأس لا يرتفع طرفه و لا يمتدّ عنقه.

السّادس ما أشار إليه بقوله: (و غضّ بصرك) و هو أمر بغضّ بصره بعد مدّه عن بريق سيوفهم و لمعان دروعهم، لأنّ مدّ النّظر إلى بريق السّيوف مظنّة الرّهبة و الدّهشة، ثمّ إنّه عليه السّلام بعد تعليمه آداب المحاربة و المقاتلة قال له: (و اعلم أنّ النّصر من عند اللّه سبحانه) ليتأكد ثباته بوتوقه باللّه سبحانه مع ملاحظة قوله تعالى:«إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ» هذا.

و ينبغي لنا أن نذكر هنا طرفا من وقايع الجمل ممّا يناسب المقام بما فيه من الاشارة إلى مورد ذلك الكلام منه عليه السّلام.

فاقول: في البحار من كتاب المناقب من كتاب جمل انساب الأشراف أنّه زحف عليّ عليه السّلام بالنّاس غداة يوم الجمعة لعشر ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ستّ و ثلاثين و على ميمنته الأشتر و سعيد بن قيس و على ميسرته عمّار و شريح بن هاني و على القلب محمّد بن أبي بكر و عديّ بن حاتم و على الجناح زياد بن كعب و حجر ابن عديّ و على الكمين عمرو بن الحمق و جندب بن زهير و على الرّجالة أبو قتادة الأنصاري و أعطى رايته محمّد بن الحنفيّة ثمّ أوقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر يدعوهم و يناشدهم و يقول لعايشة إنّ اللّه أمرك أن تقرى في بيتك اتقي اللّه و ارجعي، و يقول لطلحة و الزّبير، خبأتما نسائكما و أبرزتما زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و استفززتماها فيقولان: إنّما جئنا للطلب بدم عثمان و أن يرد الامر شورى و البست عايشة درعا و ضربت على هودجها صفايح الحديد و ألبس الهودج درعا و كان الهودج لواء أهل البصرة و هو على جمل يدعى عسكرا.

ابن مردويه في كتاب الفضائل من ثمانية طرق أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال للزّبير: أما تذكر يوما كنت مقبلا بالمدينة تحدّثني إذ خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فرآك معي و أنت تبسم إليّ فقال لك: يا زبير أ تحب عليّا فقلت: و كيف لا احبّه و بيني و بينه من النّسب و المودّة في اللّه ما ليس لغيره، فقال: إنّك ستقاتله و أنت ظالم له فقلت: أعوذ باللّه من ذلك، و قد تظاهرت الرّوايات أنّه عليه السّلام قال: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لك: يا زبير تقاتله ظلما و ضرب كتفك قال: اللّهم نعم، قال: أفجئت تقاتلني فقال: أعوذ باللّه من ذلك، ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: دع هذا بايعتني طائعا ثمّ جئت محاربا فما عدا ممّا بدا، فقال: لا جرم و اللّه لا قاتلتك.

حلية الاولياء قال عبد الرّحمن بن أبي ليلي فلقاه عبد اللّه ابنه فقال: جبنا جبنا

فقال يا بنيّ: قد علم النّاس أنّي لست بجبان و لكن ذكرني عليّ شيئا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فحلفت أن لا اقاتل، فقال: دونك غلامك فلان اعتقه كفارة يمينك نزهة الابصار عن ابن مهدي أنّه قال همام الثقفي:

أ يعتق مكحولاو يعصي نبيّه
لقد تاه عن قصد الهدى ثمّ عوق‏

لشتّان ما بين الضّلالة و الهدى‏
و شتّان من يعصي الاله و يعتق‏

و في رواية قالت عايشة لا و اللّه بل خفت سيوف ابن أبي طالب أما أنّها طوال حداد تحملها سواعد أنجاد و لئن خفتها فلقد خافها الرّجال من قبلك، فرجع إلى القتال فقيل: لأمير المؤمنين عليه السّلام إنّه قد رجع، فقال دعوه إنّ الشّيخ محمول عليه، ثمّ قال عليه السّلام: أيّها النّاس غضّوا أبصارهم و عضّوا على نواجذكم و أكثروا من ذكر ربّكم و إيّاكم و كثرة الكلام فانّه فشل، و نظرت عايشة إليه و هو يجول بين الصّفين فقالت: انظروا إليه كان فعله فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم بدر، أما و اللّه ما ينتظر بك إلّا زوال الشّمس فقال عليّ عليه السّلام يا عايشة: «عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ» فجدّ النّاس في القتال فنهاهم أمير المؤمنين، و قال: اللّهم إنّي أعذرت و أنظرت فكن لي عليهم من الشّاهدين، ثمّ أخذ المصحف و طلب من يقرأ عليهم: «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما» الآية فقال مسلم المجاشعي: ها أناذا فخوّفه عليه السّلام بقطع يمينه و شماله و قتله فقال: لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات اللّه فأخذه و دعاهم إلى اللّه فقطعت يده اليمنى فأخذه بيده اليسرى فقطعت فأخذه بأسنانه فقتل فقالت امّه شعرا:

يا ربّ إنّ مسلما أتاهم
بمحكم التّنزيل إذ دعاهم‏

يتلو كتاب اللّه لا يخشاهم
فرمّلوه«» رمّلت لحاهم‏

«» فقال عليّ عليه السّلام: الآن طاب الضّراب، و قال لمحمّد بن الحنفيّة و الرّاية في يده: يا بنيّ تزول الجبال و لا تزل إلى آخر ما مرّ ثمّ صبر سويعة فصاح النّاس عن كلّ جانب من وقع النّبال، فقال عليه السّلام: تقدّم يا بنيّ فنقدّم و طعن طعنا منكرا و قال عليه السّلام:

اطعن بها طعن أبيك تحمد
لا خير في الحرب إذا لم توقد

بالمشرفيّ«» و القنا المسدّد
و الضّرب بالخطي«» و المهنّد

فأمر الأشتر أن يحمل فحمل و قتل هلال بن وكيع صاحب ميمنة الجمل و كان زيد يرتجز و يقول: دينى دينى و بيعي بيعي و جعل مخنف بن مسلم يقول:

قد عشت يا نفس و قد غنيت
دهرا و قبل اليوم ما عييت‏

و بعد ذا لا شكّ قد فنيت‏
أما مللت طول ما حييت‏

فخرج عبد اللّه بن الثّيربي قائلا:

يا ربّ إنّي طالب أبا الحسن
ذاك الذي يفرق حقّا بالفتن‏

فبرز إليه عليّ عليه السّلام قائلا:

إن كنت تبغي أن ترى أبا الحسن
فاليوم تلقاه مليّا فاعلمن‏
فضربه ضربة مجرفة«» فخرج بنوضبّة و جعل يقول بعضهم:

نحن بنو ضبّة أعداء عليّ
ذاك الذي يعرف فيهم بالوصي‏

و كان عمر بن الثّيربي يقول:

إن تنكروني فانا ابن الثّيربي
قاتل علباء و هذا الجملي‏

ثمّ ابن صوحان على دين عليّ فبرز اليه عمار قائلا:

لا تبرح العرصة يابن الثيربي
اثبت اقاتلك على دين عليّ‏

و أرداه عن فرسه و جرّ برجله إلى عليّ عليه السّلام فقتله فخرج أخوه قائلا:

أضربكم و لو أرى عليّا
عمّمته أبيض مشرفيّا

و أسمرا عنطنطا«» خطيا
أبكي عليه الولد و الوليّا

فخرج عليّ عليه السّلام متنكرا و هو يقول:

يا طالبا في حربه عليّا
يمسخه ابيض مشرفيّا

اثبت ستلقاه بها مليّا
مهذّبا سميد«» عاكميّا

فضربه فرمى نصف رأسه فناداه عبد اللّه بن خلف الخزاعي صاحب منزل عايشة بالبصرة: أ تبارزني فقال عليه السّلام: ما أكره ذلك و لكن ويحك يا ابن خلف ما راحتك في القتل و قد علمت من أنا، فقال: ذرني من بذخك«» يابن أبي طالب ثم قال:

إن تدن منّي يا عليّ فترا«»            فإنّني دان إليك شبرا

بصارم يسقيك كاسا مرّا

ها إنّ في صدري عليك وترا«»

 

فبرز إليه عليّ عليه السّلام قائلا.

يا ذا الذي يطلب منّي الوترا            إن كنت تبغي أن تزور القبرا

حقّا و تصلى بعد ذلك جمرا

فادن تجدني أسدا هزبرا

اصعطك«» اليوم ذعاقا صبرا فضربه عليه السّلام فطيّر جمجمته فخرج ماذن الضّبي قائلا:

لا تطمعوا في جمعنا المكلل
الموت دون الجمل المجلّل‏

فبرز إليه عبد اللّه بن نهشل قائلا:

إن تنكروني فانا ابن نهشل
فارس هيجا و خطيب فيصل‏

فقتله و كان طلحة يحثّ النّاس و يقول عباد اللّه الصّبر الصّبر في كلام له، و عن البلادري أنّ مروان بن الحكم قال و اللّه ما أطلب ثاري بعثمان بعد اليوم أبدا فرمى طلحة بسهم فأصاب ركبته و التفت إلى أبان بن عثمان و قال لقد كفيتك أحد قتلة أبيك معارف القتيبى انّ مروان قتل طلحة يوم الجمل فاصاب ساقه الحميري:

و اختلّ«» من طلحة المزهو جنّته
سهم بكفّ قديم الكفر غدّار

في كفّ مروان اللّعين أرى‏
رهط الملوك ملوك غير أخيار

و له:

و اغترّ طلحة عند مختلف القنا
عبل«» الذراع شديد اصل المنكب‏

فاختلّ حبّة قلبه بمدلق«»
ريّان من دم جوفه المتصبّب‏

في مارقين من الجماعة فارقوا
باب الهدى و حيا«» الربيع المخصب‏

و حمل أمير المؤمنين عليه السّلام على بني ضبّة فما رأيتهم إلّا كرماد اشتدّت به الرّيح في يوم عاصف فانصرف الزبير فتبعه عمرو بن جرموز و جزّ رأسه و أنى به إلى أمير المؤمنين عليه السّلام القصّة فقالوا: يا عايشة قتل طلحة و الزّبير و جرح عبد اللّه بن عامر

من يدي عليّ فصالحي عليّا فقال كبر عمرو«» عن الطوق و جلّ أمر عن العتاب ثمّ تقدّمت فحزن عليّ عليه السّلام و قال: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فجعل يخرج واحد بعد واحد و يأخذ الزّمام حتّى قتل ثمان و تسعون رجلا ثمّ تقدّمهم كعب بن سورة الازدي و هو يقول:

يا معشر النّاس عليكم أمّكم
فإنّها صلاتكم و صومكم‏

و الحرمة العظمى التي تعمّكم‏
لا تفضحوا اليوم فداكم قومكم‏

فقتله الاشتر فخرج ابن جفير الازدي و هو يقول:

قد وقع الأمر بما لم يحذر
و النّبل يأخذن وراء العسكر
و امّنا في حذرها المشمّر

فبرز إليه الأشتر قائلا:

اسمع و لا تعجل جواب الاشتر
و اقرب تلاق كأس موت أحمر
ينسيك ذكر الجمل المشمر

فقتله ثمّ قتل عمير الغنوي و عبد اللّه بن عتاب بن اسيد ثمّ جال في الميدان جولا و هو يقول:

نحن بنو الموت به غذّينا

فخرج إليه عبد اللّه بن الزّبير فطعنه الأشتر و أرداه و جلس على صدره ليقتله، فصاح عبد اللّه اقتلوني و مالكا و اقتلوا مالكا معي فقصد إليه من كلّ جانب فخلاه و ركب فرسه فلمّا رأوه راكبا تفرّقوا عنه و شدّ رجل من الأزد على محمّد بن الحنفية و هو يقول: يا معشر الأزد كرّوا فضربه ابن الحنفيّة فقطع يده و قال: يا معشر الأزد فرّوا فخرج الأسود بن البختري السّلمي قائلا:

ارحم إلهى الكلّ من سليم
و انظر إليه نظرة الرّحيم‏

فقتله عمرو بن الحمق فخرج جابر الأزدي قائلا

يا ليت أهلي من عمار حاضري
من سادة الأزد و كانوا ناصري‏

فقتله محمّد بن أبي بكر، و خرج عوف القيني قائلا:

يا أمّ يا أمّ خلا منّي الوطن
لا ابتغي القبر و لا أبغي الكفن‏

فقتله محمّد بن الحنفيّة، فخرج بشر الضّبي قائلا:

ضبّة أبدى للعراق عمعمة«»
و أضرم الحرب العوان«» المضرمة

فقتله عمّار و كانت عايشة تنادى بأرفع صوت أيّها النّاس عليكم بالصّبر و إنّما تصبر الأحرار فأجابها كوفيّ:

يا امّ يا امّ عققت فاعلموا
و الامّ تغذو ولدها و ترحم‏

أ ما ترى«» كم من شجاع يكلم‏
و تجتلي هامّته و المعصم‏

و قال آخر:

قلت لها و هى على مهوات
إنّ لنا سواك امّهات‏

في مسجد الرّسول ناديات فقال الحجّاج بن عمرو الأنصاري:

يا معشر الأنصار قد جاء الاجل
إنّي أرى الموت عيانا قد نزل‏

فبادروه نحو أصحاب الجمل‏
ما كان في الأنصار جبن و فشل‏
فكلّ شي‏ء ما خلا اللّه الجلل‏

«» و قال خزيمة بن ثابت:

لم يغضبوا للّه إلّا للجمل
و الموت خير من مقام في خمل‏

و الموت أجرى من فرار و فشل‏

و قال شريح بن هاني:

لا عيش إلّا ضرب أصحاب الجمل
و القول لا ينفع إلّا بالعمل‏
ما إن لنا بعد عليّ من بدل‏

و قال هاني بن عروة المذحجي:

يا لك حربا حشها جمالها
قائدة ينقصها ضلالها
هذا عليّ حوله أقيالها

و قال سعد بن قيس الهمداني:

قل للوصيّ اجتمعت قحطانها
إن يك حرب اضرمت نيرانها

و قال عمّار:

إنّي لعمّار و شيخي ياسر
صاح كلانا مؤمن مهاجر

طلحة فيها و الزّبير غادر
و الحقّ في كفّ عليّ ظاهر

و قال الأشتر:

هذا عليّ في الدّجى مصباح
نحن بذا في فضله فصاح‏

و قال عديّ بن حاتم:

أنا عديّ و يماني حاتم
هذا عليّ بالكتاب عالم‏
لم يعصه في النّاس إلّا ظالم‏

و قال عمرو بن الحمق:

هذا عليّ قائد يرضى به
أخو رسول اللّه في أصحابه‏
من عوده النّامي و من نصابه‏

و قال رفاعة بن شداد البجلي:

إنّ الذين قطعوا الوسيلة
و نازعوا على عليّ الفضيلة
في حربه كالنّعجة الأكيلة

و شكت«» السّهام الهودج حتّى كأنّه جناح نسر أو درع قنفذ، فقال أمير المؤمنين: ما أرى يقاتلكم غير هذا الهودج اعقروا الجمل. و في رواية عرقبوه، فانّه شيطان و قال لمحمّد بن أبي بكر: انظر انظر إذا عرقب الجمل فأدرك اختك فوارها فعرقب رجل منه فدخل تحته رجل ضبّي ثمّ عرقب اخرى عبد الرّحمن فوقع على جنبه فقطع عمّار نسعه فأتاه عليّ عليه السّلام و دقّ رمحه على الهودج و قال: يا عايشة أ هكذا أمرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن تفعلي فقالت: يا أبا الحسن ظفرت فأحسن و ملكت فأسجح فقال لمحمّد بن أبي بكر: شأنك بأختك فلا يدنو أحد منها سواك، فقال: فقلت لها: ما فعلت بنفسك عصيت ربّك و هتكت سترك ثمّ أبحت حرمتك و تعرّضت للقتل، فذهب بها إلى دار عبد اللّه بن خلف الخزاعي فقالت: أقسمت عليك ان تطلب عبد اللّه بن الزّبير جريحا كان أو قتيلا، فقال: إنّه كان هدفا للأشتر فانصرف محمّد إلى العسكر فوجده، فقال: اجلس يا ميشوم أهل بيته، فأتاها به فصاحت و بكت ثمّ قالت: يا أخي استأمن له من عليّ عليه السّلام، فأتى أمير المؤمنين عليه السّلام فاستأمن له منه فقال عليه السّلام: أمنته و أمنت جميع النّاس.

و كانت وقعة الجمل بالخريبة و وقع القتال بعد الظهر و انقضى عند المساء فكان مع أمير المؤمنين عشرون ألف رجل منهم البدريّون ثمانون رجلا و ممّن بايع تحت الشّجرة مائتان و خمسون و من الصّحابة ألف و خمسمائة رجل، و كانت عايشة في ثلاثين ألف أو يزيدون منها المكّيون ستّمائة رجل، قال قتادة: قتل يوم الجمل عشرون ألفا، و قال الكلبي قتل من أصحاب عليّ عليه السّلام ألف رجل و سبعون فارسا، منهم زيد بن صوحان و هند الجملي و أبو عبد اللّه العبدي و عبد اللّه بن رقية.

و قال أبو مخنف و الكلبي: قتل من أصحاب الجمل من الأزد خاصّة أربعة آلاف رجل، و من بني عديّ و مواليهم تسعون رجلا، و من بني بكر بن وائل ثمانمائة رجل، و من بني حنظلة تسعمائة رجل، و من ناجية أربعمائة رجل و الباقي من أخلاط النّاس إلى تمام تسعة آلاف إلّا تسعين رجلا القرشيّون منهم طلحة و الزّبير و عبد اللّه ابن عتاب بن اسيد و عبد اللّه بن حكيم بن خرام و عبد اللّه بن شافع بن طلحة و محمّد بن طلحة و عبد اللّه بن ابيّ بن خلف الجمحي و عبد الرّحمن بن معد و عبد اللّه بن معد.

و عرقب الجمل أوّلا أمير المؤمنين عليه السّلام و يقال المسلم بن عدنان و يقال رجل من الانصار و يقال رجل ذهلي و قيل لعبد الرّحمن بن صرد الشّوخى لم عرقبت الجمل فقال:

عقرت و لم أعقربها لهوانها
عليّ و لكنّي رأيت المهالكا

إلى قوله فيا ليتني عرقبته قبل ذلكا

تبصرة

في ترجمة محمّد بن الحنفيّة و الاشارة إلى بعض أحواله و مناقبه.

أقول: اشتهاره بابن الحنفيّة لأنّ امّها خولة بنت جعفر بن قيس من قبيلة بني حنيفة و كنيته أبو القاسم برخصة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في ذلك و لم يرخّص في حقّ غيره أن يكنّى بأبي القاسم و الاسم محمّد ذكره ابن خلّكان في تاريخه.

قال الشّارح المعتزلي: امّ محمّد رضي اللّه عنه خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة ابن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدّؤل بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل، و اختلف في أمرها فقال قوم: إنّها سبية من سبايا الرّدة قوتل أهلها على يد خالد بن الوليد في أيّام أبي بكر لمّا منع كثير من العرب الزّكاة و ارتدّت بنو حنيفة و ادّعت نبوّة مسيلمة و أنّ أبا بكر دفعها إلى عليّ عليه السّلام من سهمه في المغنم و قال قوم منهم أبو الحسن عليّ بن محمّد بن سيف المدايني: هي سبية في أيّام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قالوا: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا عليه السّلام إلى اليمن فأصاب خولة لابني زبيد و قد ارتدّوا مع عمرو بن معدي كرب و كانت زبيد سبتها من بني حنيفة في غارة لهم عليهم فصارت في سهم عليّ عليه السّلام فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن ولدت منك غلاما فسمّه باسمى و كنّه بكنيتي فولدت له بعد موت فاطمة عليها السّلام محمّدا فكنّاه أبا القاسم و قال قوم و هم المحقّقون و قولهم الأظهر: إنّ بني أسد أغارت على بني حنيفة في خلافة أبي بكر فسبّوا خولة بنت جعفر و قدموا بها المدينة فباعوها من عليّ عليه السّلام و بلغ قومها خبرها فقدموا المدينة على عليّ فعرفوها و أخبروه بموضعها منهم فأعتقها و مهرها و تزوّجها فولدت له محمّدا فكنّاه أبا القاسم و هذا القول خيار أحمد بن يحيى البلادري في كتابه المعروف بتاريخ الأشراف.

و قال: كان عليّ عليه السّلام يقذف لمحمّد في مهالك الحرب و يكفّ حسنا و حسينا عنها و قيل لمحمّد لم يغرر بك أبوك في الحرب و لا يغرر بالحسن و الحسين عليهما السّلام فقال: إنّهما عيناه و أنا يمينه فهو يدفع عن عينيه بيمينه.

أقول: هذا الجواب منه رضي اللّه عنه يكفي في جلالة قدره و سموّ مكانه و خلوص باطنه.

و قال: لمّا تقاعس محمّد يوم الجمل عن الحملة و حمل عليّ بالرّاية فضعضع أركان عسكر الجمل، دفع إليه الرّاية و قال: امح الاولى بالاخرى و هذه الأنصار معك و ضمّ إليه خزيمة بن ثابت ذا الشّهادتين في جمع الأنصار كثير منهم من أهل بدر حمل حملات كثيرة أزال بها القوم عن مواقفهم و أبلى بلاء حسنا فقال خزيمة بن ثابت لعلي عليه السّلام: أما أنّه لو كان غير محمّد اليوم لافتضح«» و لئن كنت خفت عليه الجبن و هو بينك و بين حمزة و جعفر لما خفناه عليه و ان كنت أردت أن تعلمه الطعان فطال ما علّمته الرّجال، و قالت الأنصار: يا أمير المؤمنين لو لا ما جعل اللّه تعالى لحسن و حسين عليهما السّلام لما قدمنا على محمّد أحدا من العرب فقال عليّ عليه السّلام: أين النّجم من الشّمس و القمر أمّا انّه قد اغني و أبلى و له فضله و لا ينقص فضل صاحبيه عليه و حسب صاحبكم ما انتهت به نعمة اللّه إليه فقالوا يا أمير المؤمنين: إنّا و اللّه ما نجعله كالحسن و الحسين و لا نظلمهما له و لا نظلمه لفضلهما عليه حقّه فقال عليّ عليه السّلام أين يقع ابني من ابني رسول اللّه‏ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال خزيمة بن ثابت فيه شعرا:

محمّد ما في عودك اليوم وصمة
و لا كنت في الحرب الضّروس معرّدا

أبوك الذي لم يركب الخيل مثله‏
عليّ و سمّاك النّبيّ محمّدا

فلو كان حقّا من أبيك خليفة
لكنت و لكن ذاك ما لا يرى له بدّا

و أنت بحمد اللّه أطول غالب‏
لسانا و أنداها بما ملكت يدا

و أقربها من كلّ خير تريده
قريش و أوفاها بما قال موعدا

و أطعنهم صدر الكمى برمحه‏
و أكساهم للهام غضبا مهنّدا

سوى أخويك السّيدين كلاهما
إمام الورى و الدّاعيان إلى الهدى‏

أبى اللّه أن يعطي عدوّك مقعدا
من الارض أو في اللّوح مرقى و مصعدا

و في البحار من المناقب دعا أمير المؤمنين عليه السّلام محمّد بن الحنفيّة يوم الجمل فأعطاه رمحه و قال له: اقصد بهذا الرّمح قصد الجمل فذهب فمنعوه بنو ضبّة فلمّا رجع إلى والده انتزع الحسن رمحه من يده و قصد قصد الجمل و طعنه برمحه و رجع إلى والده و على رمحه أثر الدّم فتمعّز وجه محمّد من ذلك فقال أمير المؤمنين عليه السّلام لا تأنف فانّه ابن النبيّ و أنت ابن عليّ.

أقول: هذا نبذ من مناقبه و فضائله في زمن أبيه سلام اللّه عليه و أمّا بعده فقد كان خالصا في التّشيع و مخلصا للولاية لأخويه عليهما السّلام و بعدهما لابن أخيه عليّ بن الحسين سلام اللّه عليه.

كما يوضحه ما رواه ثقة الاسلام الكليني عطر اللّه مضجعه في الكافي بإسناده عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا حضرت الحسن بن عليّ عليهما السّلام الوفاة قال: يا قنبر انظر هل ترى من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم منّي قال: ادع لي محمّد بن عليّ فأتيته فلمّا دخلت عليه قال: هل حدث الاخير قلت أجب أبا محمّد فعجل على شسع نعله فلم يسوّه و خرج معي يعدو فلمّا قام بين يديه سلم فقال له الحسن بن عليّ عليهما السّلام: اجلس فانّه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيى به الأموات و يموت به الأحياء كونوا وعية العلم و مصابيح‏ الهدى فإنّ ضوء النّهار بعضه أضوء من بعض، أما علمت أنّ اللّه تبارك و تعالى جعل ولد ابراهيم عليه السّلام أئمّة و فضل بعضهم على بعض و أتى داود عليه السّلام زبورا و قد علمت بما استأثر اللّه به محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يا محمّد بن عليّ إنّي أخاف عليك الحسد و إنّما وصف اللّه به الكافرين فقال اللّه عزّ و جل: «كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ» و لم يجعل اللّه للشّيطان عليك سلطانا يا محمّد بن عليّ ألا اخبرك بما سمعت من أبيك فيك قال: بلى، قال: سمعت أباك عليه السّلام يقوم يوم الظلة (البصرة خ) من أحبّ أن يبرّني في الدّنيا و الآخرة فليبرّ محمّدا ولدي، يا محمّد بن عليّ لو شئت أن اخبرك و أنت نطفة في ظهر أبيك لا خبرتك، يا محمّد بن عليّ أما علمت أنّ الحسين بن عليّ عليهما السّلام بعد وفاة نفسي و مفارقة روحي جسمى امام من بعدي و عند اللّه جلّ اسمه في الكتاب وراثة من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أضافها اللّه عزّ و جل له في وراثة أبيه و أمّه صلى اللّه عليهم، فعلم اللّه أنكم خيرة خلقه فاصطفى منكم محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اختار محمّد عليّا عليه السّلام و اختارني عليّ بالامامة و اخترت أنا الحسين عليه السّلام.

فقال له محمّد بن عليّ: أنت إمام و أنت وسيلتي إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اللّه لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام الاوان في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء و لا تغيّره نقمة الرّياح كالكتاب المعجم في الرّق المنمنم اهم بابدائه فاجدني سبقت اليه سبق الكتاب المنزل أو ما جاءت (خلت خ) به الرّسل و أنّه الكلام يكلّ به لسان الناطق و يد الكاتب حتّى لا يجد قلما و يؤتوا بالقرطاس جما فلا يبلغ فضلك و كذلك يجزي اللّه المحسنين و لا قوّة إلّا باللّه.

الحسين أعلمنا علما و أثقلنا حلما و أقربنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رحما كان فقيها قبل أن يخلق، و قرء الوحى قبل أن ينطق، و لو علم اللّه في أحد خيرا غير محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما اصطفى اللّه محمّدا فلمّا اختار اللّه محمّدا و اختار محمّد عليا و اختارك عليّ اماما و اخترت الحسين، سلمنا و رضينا من بغيره يرضى و من كنا نسلم به من مشكلات أمرنا.

و عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام يذكر فيه كيفيّة دفن الحسن عليه السّلام بعد ما ذكر منع عايشة من دفنه عند النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و احتجاج الحسين عليه السّلام عليها قال: ثمّ تكلّم محمّد بن الحنفيّة و قال لعايشة يوما على بغل و يوما على جمل فما تملكين نفسك و لا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم، قال: فأقبلت عليه فقالت: يابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك فقال لها الحسين عليه السّلام: و انّي (أنت خ) تبعدين محمّدا من الفواطم فو اللّه لقد ولدته ثلاث فواطم فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم و فاطمة بنت أسد بن هاشم، و فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص (مقص خ) بن عامر الحديث.

و عن أبي عبيدة و زرارة جميعا عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا قتل الحسين عليه السّلام أرسل محمّد بن الحنفيّة إلى عليّ بن الحسين عليهما السّلام فخلى به فقال له: ابن أخي قد علمت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دفع الوصيّة و الامامة من بعده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام ثمّ الى الحسن ثمّ إلى الحسين عليهما السّلام و قد قتل أبوك رضي اللّه عنه و صلى على روحه و لم يوص و أنا عمك و صنو أبيك و ولادتي من عليّ عليه السّلام في سنّي و قدمي أحقّ بها في حداثتك فلا تنازعني في الوصيّة و الامامة و لا تحاجّني.

فقال له عليّ بن الحسين عليهما السّلام: اتّق اللّه و لا تدّع ما ليس لك بحقّ إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين إنّ أبي يا عمّ صلوات اللّه عليه أوصى إلىّ قبل أن يتوجّه إلى العراق و عهد إلىّ في ذلك قبل أن يشهد (يستشهد خ) بساعة و هذا سلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عندي فلا تتعرّض لهذا فانّي أخاف عليك نقص العمر و تشتّت الحال، إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل الوصيّة و الامامة في عقب الحسين عليه السّلام فاذا أردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر حتّى نتحاكم إليه و نسأله عن ذلك.

قال أبو جعفر عليه السّلام و كان الكلام بينهما بمكة فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود، فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام لمحمّد بن الحنفيّة: ابدء أنت فابتهل إلى اللّه عزّ و جلّ و اسأله أن ينطق لك الحجر ثمّ سأل فابتهل محمّد في الدّعاء و سال اللّه عزّ و جلّ ثم دعا الحجر فلم يجبه فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام يا عمّ لو كنت وصيّا و إماما لأجابك‏ قال له محمّد فادع اللّه أنت يا بن أخي و اسأله فدعا اللّه عليّ بن الحسين عليهما السّلام بما أراد ثمّ قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء و ميثاق الأوصياء و ميثاق النّاس أجمعين لما خبرتنا من الوصيّ و الإمام بعد الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: فتحرّك الحجر حتّى كاد أن يزول عن موضعه ثمّ أنطقه اللّه عزّ و جلّ بلسان عربي مبين فقال: اللّهمّ إنّ الوصيّة و الامامة بعد الحسين بن عليّ بن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لك، قال فانصرف محمّد بن عليّ و هو يتولّى عليّ بن الحسين عليهما السّلام.

الترجمة

از جمله كلام بلاغت نظام آن حضرتست كه فرمود پسر خود محمّد بن حنفيّه را هنگامى كه داد او را علم در روز حرب جمل: زايل مى‏ شوند كوهها از جاى خود و تو زايل مشو از جاى خودت، دندان بالاى دندان خود بگذار عاريه بده بخداوند تعالى كاسه سر خودت را، ميخ ساز بر زمين قدم خود را يعنى ثابت قدم باش و در مكان خود محكم بايست، بينداز چشم خود را بر نهايت قوم تا در كار قتال خود با بصيرت بوده باشى، و فرو خوابان چشم خود را از لمعان سيوف كه مظنّه خوف و خشيت است و بدان بدرستى كه نصرت از حقّ سبحانه و تعالى است.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More

One Comment

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=