خطبه 108 صبحی صالح
108- و من خطبة له ( عليه السلام ) و هي من خطب الملاحم اللّه تعالى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَجَلِّي لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ
وَ الظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِهِ
خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ
إِذْ كَانَتِ الرَّوِيَّاتُ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِذَوِي الضَّمَائِرِ وَ لَيْسَ بِذِي ضَمِيرٍ فِي نَفْسِهِ
خَرَقَ عِلْمُهُ بَاطِنَ غَيْبِ السُّتُرَاتِ
وَ أَحَاطَ بِغُمُوضِ عَقَائِدِ السَّرِيرَاتِ
وَ مِنْهَا فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم )
( النبي عليه السلام اختار )مِنْ شَجَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ
وَ مِشْكَاةِ الضِّيَاءِ
وَ ذُؤَابَةِ الْعَلْيَاءِ
وَ سُرَّةِ الْبَطْحَاءِ
وَ مَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ
وَ يَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ
فتنة بني أمية
و منهاطَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ
قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ
وَ أَحْمَى مَوَاسِمَهُ
يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ وَ آذَانٍ صُمٍّ وَ أَلْسِنَةٍ بُكْمٍ
مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ
وَ مَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ
لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِأَضْوَاءِ الْحِكْمَةِ
وَ لَمْ يَقْدَحُوا بِزِنَادِ الْعُلُومِ الثَّاقِبَةِ
فَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْأَنْعَامِ السَّائِمَةِ
وَ الصُّخُورِ الْقَاسِيَةِ
قَدِ انْجَابَتِ السَّرَائِرُ لِأَهْلِ الْبَصَائِرِ
وَ وَضَحَتْ مَحَجَّةُ الْحَقِّ لِخَابِطِهَا
وَ أَسْفَرَتِ السَّاعَةُ عَنْ وَجْهِهَا
وَ ظَهَرَتِ الْعَلَامَةُ لِمُتَوَسِّمِهَا
مَا لِي أَرَاكُمْ أَشْبَاحاً بِلَا أَرْوَاحٍ
وَ أَرْوَاحاً بِلَا أَشْبَاحٍ
وَ نُسَّاكاً بِلَا صَلَاحٍ
وَ تُجَّاراً بِلَا أَرْبَاحٍ
وَ أَيْقَاظاً نُوَّماً
وَ شُهُوداً غُيَّباً
وَ نَاظِرَةً عَمْيَاءَ
وَ سَامِعَةً صَمَّاءَ
وَ نَاطِقَةً بَكْمَاءَ
رَايَةُ ضَلَالٍ قَدْ قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا
وَ تَفَرَّقَتْ بِشُعَبِهَا
تَكِيلُكُمْ بِصَاعِهَا
وَ تَخْبِطُكُمْ بِبَاعِهَا
قَائِدُهَا خَارِجٌ مِنَ الْمِلَّةِ
قَائِمٌ عَلَى الضِّلَّةِ
فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ مِنْكُمْ إِلَّا ثُفَالَةٌ كَثُفَالَةِ الْقِدْرِ
أَوْ نُفَاضَةٌ كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ
تَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الْأَدِيمِ
وَ تَدُوسُكُمْ دَوْسَ الْحَصِيدِ
وَ تَسْتَخْلِصُ الْمُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمُ اسْتِخْلَاصَ الطَّيْرِ الْحَبَّةَ الْبَطِينَةَ مِنْ بَيْنِ هَزِيلِ الْحَبِّ
أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ
وَ تَتِيهُ بِكُمُ الْغَيَاهِبُ
وَ تَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ
وَ مِنْ أَيْنَ تُؤْتَوْنَ
وَ أَنَّى تُؤْفَكُونَ
فَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ
وَ لِكُلِّ غَيْبَةٍ إِيَابٌ
فَاسْتَمِعُوا مِنْ رَبَّانِيِّكُمْ
وَ أَحْضِرُوهُ قُلُوبَكُمْ
وَ اسْتَيْقِظُوا إِنْ هَتَفَ بِكُمْ
وَ لْيَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَهُ
وَ لْيَجْمَعْ شَمْلَهُ
وَ لْيُحْضِرْ ذِهْنَهُ
فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمُ الْأَمْرَ فَلْقَ الْخَرَزَةِ
وَ قَرَفَهُ قَرْفَ الصَّمْغَةِ
فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَهُ
وَ رَكِبَ الْجَهْلُ مَرَاكِبَهُ
وَ عَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ
وَ قَلَّتِ الدَّاعِيَةُ
وَ صَالَ الدَّهْرُ صِيَالَ السَّبُعِ الْعَقُورِ
وَ هَدَرَ فَنِيقُ الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُومٍ
وَ تَوَاخَى النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ
وَ تَهَاجَرُوا عَلَى الدِّينِ
وَ تَحَابُّوا عَلَى الْكَذِبِ
وَ تَبَاغَضُوا عَلَى الصِّدْقِ
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ غَيْظاً
وَ الْمَطَرُ قَيْظاً
وَ تَفِيضُ اللِّئَامُ فَيْضاً
وَ تَغِيضُ الْكِرَامُ غَيْضاً
وَ كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ ذِئَاباً
وَ سَلَاطِينُهُ سِبَاعاً
وَ أَوْسَاطُهُ أُكَّالًا
وَ فُقَرَاؤُهُ أَمْوَاتاً
وَ غَارَ الصِّدْقُ
وَ فَاضَ الْكَذِبُ
وَ اسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ بِاللِّسَانِ
وَ تَشَاجَرَ النَّاسُ بِالْقُلُوبِ
وَ صَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً
وَ الْعَفَافُ عَجَباً
وَ لُبِسَ الْإِسْلَامُ لُبْسَ الْفَرْوِ مَقْلُوباً
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج7
و من خطبة له عليه السّلام و هى من خطب الملاحم و المأة و السابعة من المختار فى باب الخطب
و شرحها فى فصلين:
الفصل الاول
الحمد للّه المتجلّى لخلقه بخلقه، و الظّاهر لقلوبهم بحجّته، خلق الخلق من غير رويّة إذ كانت الرّويّات لا تليق إلّا بذوي الضّمائر و ليس بذي ضمير في نفسه، خرق علمه باطن غيب السّترات، و أحاط بغموض عقايد السّريرات. منها في ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اختاره من شجرة الأنبياء، و مشكوة الضّياء، و ذوابة العلياء، و سرّة البطحاء، و مصابيح الظّلمة، و ينابيع الحكمة. منها: طبيب دوّار بطبّه، قد أحكم مراهمه، و أحمى مواسمه، يضع من ذلك حيث الحاجة إليه، من قلوب عمي، و آذان صمّ، و ألسنّة بكم، متتبّع بدوائه مواضع الغفلة، و مواطن الحيرة، لم يستضيئوا بأضواء الحكمة، و لم يقدحوا بزناد العلوم الثاقبة، فهم في ذلك كالأنعام السّائمة، و الصّخور القاسية، قد انجابت السّرائر، لأهل البصائر، و وضحت محجّة الحقّ لخابطها، و أسفرت السّاعة عن وجهها، و ظهرت العلامة لمتوسّمها، مالي أراكم أشباحا بلا أرواح، و أرواحا بلا أشباح و نسّاكا بلا صلاح، و تجّارا بلا أرباح، و أيقاظا نوّما، و شهودا غيّبا، و ناظرة عميا، و سامعة صمّا، و ناطقة بكما.
اللغة
قد مضى تفسير الملحمة بأنها الحرب و القتال و الوقعة العظيمة فيها و موضع القتال مأخوذة من اشتباك النّاس فيها كاشتباك لحمة الثوب بالسّدى و (ضمير) الانسان قلبه و باطنه و ما يضمره من الصّور، و جمع على الضمائر تشبيها بالسريرة و السّرائر لأنّ باب فعيل إذا كان اسما لمذكر يجمع على أفعلة و فعلان كرغيف و أرغفة و رغفان و (السّترة) بالضّم ما استترت به كائنا ما كان و (السّريرة) كالسّر هو ما يكتم و (المشكاة) كوّة غير نافذة يجعل فيها المصباح أو عمود القنديل الذى فيه الفتيلة أو القنديل.
و (الذّوابة) بالضم مهموزا النّاصية أو منتهاها من الرأس أو الطّائفة من شعر الرأس و (العليا) بالفتح و المدّ كلّ مكان مشرف و السّماء و رأس الجبل و (السرّة) ما تقطعه القابلة و سرّة الوادى أفضل مواضعه و (البطحاء) و الابطح مسيل واسع فيه زقاق الحصا و (المراهم) جمع المرهم و هو دواء مركّب و طلاء لين يطلى به القروح و الجروح قيل إنّه مأخوذ من الراهمة بالكسر و هو المطر الضعيف و (المواسم) كالمياسم جمع الميسم و هو المكواة و الحديد الذي يوسم به الخيل و غيرها.
و (قدح) بالزندرام الايراء به و استخرج النار منه، و الزّند الذي يقدح به النار و هو الأعلى و السّفلى الزندة بالهاء و الجمع زناد كسهم و سهام و (ثقبت) النّار اتقدت و الكواكب أضاءت و (السّائمة) من الأنعام خلاف المعلوفة و (القاسية) الشديدة الغليظة و (انجابت) السّحابة انكشفت و (المحجّة) بالفتح جادّة الطريق و (الخابط) السّائر على غير هدى و (سفر) الصبح و أسفر أضاء، و أسفرت المرأة عن وجهها كشفت النقاب عنه و (الشبح) محركة سواد الانسان و غيره تراه من بعيد و (النوّم) و (الغيب) وزان ركّع و سجّد جمع نائم و غايب و (العمى) و (الصمّ) و (البكم) كلّها بالضمّ.
قال الطّبرسيّ في تفسير قوله سبحانه:صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ.
الأصمّ الذي ولد كذلك و كذلك الأبكم و هو الذي ولد أخرس، و أصل الصمّ السّد فالصمم سدّ الأذن بما لا يقع منه سمع، و أصل البكم الاعتقال في اللّسان، و هو آفة يمنع من الكلام، و أصل العمى ذهاب الادراك بالعين، و العمى في القلب مثل العمى في العين آفة تمنع من الفهم و يقال: ما أعماه من عمى القلب و لا يقال ذلك في العين و إنما يقال ما أشدّ عماه و ما يجرى مجراه.
الاعراب
قوله و ليس بذي ضمير في نفسه، الجار و المجرور متعلّق بمقدر صفة لضمير أى كائن في نفسه، و يحتمل على بعد أن يجعل في بمعنى على و يكون الظّرف متعلّقا بمقدّر حالا من اسم ليس، أي ليس هو بصاحب ضمير مستقرّا أو متمكّنا على نفسه، و الأوّل أظهر و أصحّ لاحتياج الثاني إلى تكلّف و ابتنائه على إعمال الفعل الناقص أعنى ليس في الحال و هو خلاف المشهور.
و قوله عليه السّلام طبيب دوّار، الظاهر أنه خبر محذوف المبتدأ أو مذكور في أصل الكلام و أسقطه السيّد (ره) حين الالتقاط، و يحتمل أن يكون مبتدأ لكونه نكرة موصوفة، و جملة يضع آه، خبره، و جملة قد أحكم، حال من فاعل دوّار، و على الاحتمال الأوّل أعنى جعل طبيب خبرا يجوز جعل جملة يضع استينافا بيانيا و الاشارة بلفظ ذلك إلى طبّه.
و حيث، ظرف مكان ليضع مبنيّه على الضمّ للزوم إضافتها إلى الجمل اسمية أو فعلية نحو جلست حيث زيد جالس و حيث جلس زيد، قال ابن مالك في منظومة النحو:
و ألزموا إضافة إلى الجمل حيث و إذ و إن ينوّن يحتمل و الحاجة، بالضمّ كما في أكثر النسخ مرفوع على الابتداء، و خبره محذوف أو فاعل الفعل محذوف أى حيث كان الحاجة إليه أو حيث الحاجة إليه حاصلة و الجملة مجرورة المحل باضافة حيث إليها، و في بعض النسخ بجرّ الحاجة و الأوّل أظهر، لأنّ إضافة حيث إلى المفرد شاذّة كما قال في قوله: ألا ترى حيث سهيل طالعا بجرّ سهيل على إضافة حيث إليه و ربما قيل: بأنّ سهيل مرفوع على الابتداء و خبره محذوف فحيث مضافة إلى الجملة و التقدير حيث سهيل مستقرّ طالعا و متتبّع، خبر لمبتدأ محذوف، و جملة لم يستضيئوا منصوبة المحلّ على الحالية من مفعول متتبّع، و قوله: مالى أريكم أشباحا، استفهام توبيخى، و لا، في قوله بلا أرواح و بلا أشباح، زايدة كما في قولهم جئت بلا زاد و غضبت من لا شيء و معنى الزيادة أنها وقعت بين شيئين متطالبين لا أنها لو اسقطت لم يخلّ المعنى.
المعنى
اعلم أنّ الفصل الثاني من هذه الخطبة الشريفة في ذكر الملاحم و الاشارة إلى الوقايع العظيمة و الخطوب الّتي تكون بعده، و هذا الفصل الذي نحن بصدد شرحه مداره على امور ثلاثة.
الأوّل تحميد اللّه سبحانه و تمجيده باعتبار نعوته الجلالية و الجمالية.
و الثاني تبجيل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تعظيمه و ترجيحه على الأنبياء و الرّسل.
و الثالث الاشارة إلى بعض كمالات نفسه و كرامات ذاته و أتبعه بتوبيخ الجاهلين من المخاطبين و غيرهم الغافلين عن اقتباس أنواره و اكتساب فيوضاته
اما الاول
فهو قوله (الحمد للّه المتجلّى لخلقه بخلقه) أى الظّاهر المنكشف لمخلوقاته بواسطة ايجاده و ابداعه المخلوقات بقدرته الشاملة و حكمته الكاملة، و يجوز أن يكون المصدر الثاني أيضا بمعنى المفعول، فالمعنى أنه سبحانه تجلّى للخلق و أجلا معرفته لقلوب عباده بما أوجده من المصنوعات و الموجودات حتّى اشبهت كلّ ذرّة منها مرآة ظهر فيها لهم فهم يشاهدونه على قدر قبولهم لمشاهدته و تفاوت مراتب المشاهدة بحسب تفاوت أشعّة ابصار البصائر.
و قد تقدّم في شرح الخطبة الرابعة و الستين في بيان معنى قوله: و كلّ ظاهر غيره غير باطن «آه» تحقيق أنه تعالى أظهر الأشياء و أجليها و أنّ منتهى ظهوره صار سببا لخفائه فليراجع ثمّة، فانّ هناك فوايد جمّة.
(و الظّاهر لقلوبهم بحجّته) أى الواضح وجوده لقلوب الّذين أنكروه بأوهامهم و ألسنتهم بقيام حجّته الباهرة، و أدلّته القاهرة عليهم بذلك، فانّه سبحانه لم يحجبهم عن واجب معرفته، و قد مرّ تحقيقه في شرح قوله: فهو الّذي تشهد له أعلام الوجود على اقرار قلب ذي الجحود، في الخطبة التاسعة و الأربعين.
(خلق الخلق من غير رويّة) و فكر في كيفيّة خلقه لأنّ الفكر عبارة عن حركة القوّة المفكّرة في تحصيل المطالب من المبادي و انتقالها منها و اليها، و هى محال عليه سبحانه.
أما أولا فلما أشار اليه بقوله: (اذ كانت الرّويات لا تليق الّا بذوى الضّماير) و القلوب و المشاعر البدنيّة (و ليس بذى ضمير في نفسه) فليس له سبحانه روية و أما ثانيا فلأنّ فايدة الروية هو تحصيل المطالب المجهولة من المعلومات و الجهل محال على اللّه سبحانه، و قد تقدّم ذلك في شرح الفصل الثالث من خطبة الاشباح و هى الخطبة التّسعون.
(خرق علمه باطن غيب السّترات) أى نفذ علمه في كلّ مستتر و غايب بحيث لا يحجبه ستر و لا يستره حجاب (و أحاط بغموض عقايد السّريرات) أى بمادقّ و خفى من عقايد أسرار القلوب كما قال تعالى: وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى و قد مرّ بيان علمه بالسّرائر في شرح الخطبة الخامسة و الثمانين
و أما الثاني منها
و هو الذي في ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تبجيله و تعظيمه فهو قوله (اختاره من شجرة الأنبياء) استعار عليه السّلام لفظة الشجرة لصنف الأنبياء باعتبار أنّ هذا الصنف له فروع و أثمار و أوراق كالشجرة، ففروعه أشخاص الأنبياء و آحادهم و أثماره العلوم و الكمالات و الكرامات التي لهم، و أوراقه المؤمنون و المخلصون من اممهم (و مشكاة الضّياء) قال البحراني (ره) استعار عليه السّلام لفظ المشكاة لآل إبراهيم و وجه المشابهة أنّ هؤلاء قد ظهرت منهم الأنبياء و سطع من بينهم أنوار النّبوة و الهداية كما يظهر نور المصباح من المشكاة.
أقول: هذا مبنىّ على كون المشكاة بمعنى القنديل أو الكوّة و على كونها بمعنى عمود القنديل الحامل للفتيلة فوجه المشابهة هو أنّ هؤلاء محال أنوار النّبوّة باعتبار أنّ أكثر الأنبياء فيهم كما أنّ المشكاة محلّ النور.
(و ذوابة العلياء) قال الشارح: و يشبه أن يشير به إلى قريش، و وجه المشابهة تدلّيهم في اغصان الشرف و العلوّ عن آبائهم كتدلّى ذوابة الشّعر عن الرأس أقول: و هو مبنىّ على كون الذّوابة طايفة من الشعر و أما على كونها بمعنى النّاصية فوجه المشابهة بروز شرفهم و ظهور علوّهم و فضيلتهم، كما أنّ الناصية بارزة ظاهرة و لها تفضيل على ساير الأعضاء في العزّة و الجلاء.
(و سرّة البطحاء) أى أوسطها من باب استعمال المقيد في المطلق كالمشفر في شفة الانسان أو أفضلها، و على كلّ تقدير فالمراد بالبطحاء مكة للمسيل الواسع الذي فيه و يسمّى بالأبطح، قال الشارح المعتزلي: و بنو كعب بن لوى يفتخرون على بني عامر بن لوى بأنهم سكنوا البطاح و سكنت عامر بالجبال المحيطة بمكة و سكن معها بنو فهر بن مالك رهط أبي عبيدة بن الجراح و غيره قال الشاعر:
فحللت منها بالبطاح
و حلّ غيرك بالظّواهر
و قال بعض الطالبيّين:
و أنا بن معتلج«» البطاح اذا غدا
غيرى و راح على متون ظواهر
يفترّ عنّى ركنها و حطيمها
كالجفن يفتح عن سواد النّاظر
كجبالها شرقى و مثل سهولها
خلقى و مثل ظبائهنّ مجاورى
(و مصابيح الظلمة و ينابيع الحكمة) استعار عليه السّلام لفظ المصابيح و الينابيع للأنبياء الأدلّاء على الحقّ باعتبار أنهم يهتدى بهم من ظلمة الجهالة و يروى ريّهم من غلل«» الضّلالة.
و أما الثالث منها
فهو قوله عليه السّلام (طبيب دوّار بطبّه) استعار عليه السّلام لفظ الطبيب لنفسه الشريف باعتبار كونه معالجا لأسقام الأرواح كمعالجة الأطبّاء لأمراض الأبدان، و ذكر الدّوار ترشيح للاستعارة، و وصفه به إشارة إلى كماله لأن الدّوار أكثر تجربة و حذاقة من غيره، و رشحها أيضا بقوله (قد أحكم مراهمه) أى أتقنها و منعها من الفساد، و بقوله (و أحمى مواسمه) أى أسخنها و هيّأها ليكوى بها، و يمكن أن يكونا من باب الاستعارة التمثيلية فيكون المراد باحكام المراهم البشارة بالثواب أو الأمر بالمعروف، و باحماء المواسم الانذار من العقاب أو النهى عن المنكر.
و قوله عليه السّلام (يضع من ذلك) أى من طبّه أو من كل مراهمه و مواسمه (حيث) كانت (الحاجة إليه من قلوب عمى) فيفتح عماها باعدادها لقبول أنوار العلم و الهداية (و آذان صمّ) فيشفى صممها و يعدّها لقبول المواعظ و النّصايح (و ألسنة بكم) فيعالجها و يعدّها للتكلّم بالحقّ و القول بالصّدق.
(متتبّع بدوائه مواضع الغفلة و مواطن الحيرة) و هى قلوب الجهّال و ضماير الضّلال، هذا.
و لا يخفى عليك أنّه لو كان الاشارة بلفظة ذلك في قوله عليه السّلام: يضع من ذلك، إلى المراهم و المواسم لا بدّ أن يكون قوله، قد أحكم مراهمه و أحمى مواسمه، من باب التمثيل على سبيل الاستعارة، إذا المراهم و المواسم بمعناهما الحقيقي لا ينفعان للقلوب المتّصفة بالعمى، فلا معنى لوضعهما فيها، و لو كان المشار إليه به الطبّ كان جملة يضع و ما يتلوها إلى قوله: و مواطن الحيرة، من باب التجريد، فيكون كلامه جامعا بين الاستعارة التحقيقية و الترشيح و التجريد، حيث ذكر لفظ الطّبيب و أراد نفسه، و هو استعارة تحقيقية و قرنها بما يلايم المستعار منه أعنى قوله: دوّار إلى قوله: مواسمه، و هو الترشيح، ثمّ قرنها بما يلايم المستعار له أعنى قوله: يضع، إلى آخر الكلام، و هو التجريد، و مثله قول الشاعر:
لدى أسد شاكى السّلاح مقذّف
له لبد أظفاره لم تقلّم
حيث استعار الأسد للرّجل الشجاع و وصفه بشاكى السلاح و هو تجريد لملايمة المستعار له، و رشحه بذكر اللبد و الأظفار لمناسبة المستعار منه فافهم ذلك و اغتنم.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ وصفه عليه السّلام القلوب بالعمى باعتبار أنّ القلب جار مجرى العين و غريزة العقل فيه جارية مجرى قوّة البصر في العين و قوّة الابصار لطيفة تفقد في العمى و يوجد في البصير، و كذلك القوّة العقلانية في القلب الجاهل دون العاقل فنسبة البصيرة الباطنة إلى القلب كنسبة الابصار إلى البصر إلّا انّه لا مناسبة بينهما في الشرف لأنّ القلب بمنزلة الفارس و البدن بمنزلة الفرس و عمى الفارس أضرّ عليه من عمى الفرس، و لموازنة البصيرة للبصر الظّاهر سمّاه اللّه تعالى باسمه فقال: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى.
سمّى إدراك الفؤاد رؤية كما سمّى عدم إدراكه عمى في قوله: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ و في قوله مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا.
و لمّا كان عمى القلب أضرّ على الانسان من عمى البصر، و معالجته أهمّ أثر القلوب على الأبصار و قال: و قلوب عمى، و لم يقل و أبصار عمى، و قد استفيد من كلامه عليه السّلام أنّ القلوب و الآذان و الألسنة الموصوفة بالأوصاف المذكورة كلّها مريضة محتاجة إلى الطبيب.
و هو كذلك، فانّ كلّ عضو من أعضاء البدن خلق لفعل خاصّ به و مرضه أن يتعذّر عليه فعله الذي خلق لأجله حتّى لا يصدر منه أصلا أو يصدر منه بنوع من الاضطرار.
فمرض اليد أن يتعذّر عليها البطش، و مرض الاذن أن يتعذّر عليها السّماع و مرض العين أن يتعذّر عليها الابصار، و مرض اللسان أن يتعذّر عليه التكلّم، و مرض القلب أن يتعذّر عليه فعله الخاص الذي خلق لأجله و هو العلم و الحكمة و المعرفة و حبّ اللّه و عبادته و التلذّذ بذكره و إيثاره ذلك على غيره و الاستعانة بجميع الأعضاء عليه كما قال: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ففي كلّ عضو فايدة مخصوصة، و فائدة القلب الحكمة و المعرفة و خاصية النفس التي للآدمى ما يتميّز بها عن البهايم، فانه لم يتميّز عنها بالقوّة على الأكل و الوقاع و الابصار و نحوها، بل بمعرفة الأشياء على ما هى عليه و أصل الأشياء و موجدها و مخترعها هو اللّه سبحانه، فلو عرف كلّ شيء و لم يعرف اللّه تعالى فكأنه لم يعرف شيئا، و هو علامة لمرض قلبه كما أنّه لو لم يؤثر المواعظ و النصايح فى اذنه، و العبر و الآيات في نظره و لم يجرى الحقّ على لسانه عرف بذلك أنّ هذه الجوارح منه مريضة، لكونها علامات لمرضها يستدلّ بها عليها فلا بدّ له من معالجتها و الخلاص من ألمها.
و ربّما يحصل له الغفلة عن مرضه فلا يمكن له العلاج بنفسه، فيلزم حينئذ وجود طبيب حاذق دوّار بطبّه لينبّهه على مرضه و يداوى له، و ليس ذلك إلّا أمير المؤمنين عليه السّلام و الطيّبون من أولاده، فانّ غيرهم من الأطبّاء أعنى ساير العلما قد استولى عليهم المرض، و الطبيب إذا كان بنفسه مريضا كيف يعالج غيره، فهو طبيب الهى متتبّع بدوائه مواضع الغفلة و مواطن الحيرة معالج لأمراض القلوب و أسقام الأرواح و النفوس و آفات الأعضاء و المشاعر.
و قد روى بعض القدماء في أصل له عن الرّضا عليه السّلام مسندا عن عمّار بن ياسر قال: بينا أنا أمشي بأرض الكوفة إذ رأيت أمير المؤمنين عليه السّلام جالسا و عنده جماعة من الناس، و هو يصف لكلّ انسان ما يصلح له، فقلت له: يا أمير المؤمنين أ يوجد عندك دواء الذنوب فقال عليه السّلام: نعم اجلس، فجثوت على ركبتى حتى تفرّق عنه النّاس، ثمّ أقبل علىّ و قال: خذ دواء أقول لك، قال: قلت: قل يا أمير المؤمنين، قال عليه السّلام: عليك بورق الفقر، و عروق الصبر، و هليلج الكتمان، و بليلج الرضا، و غاريقون الفكر، و سقمونيا الأحزان و اشربه بماء الأجفان، و أغله في تبخير الغلق، و دع تحت نيران الفرق، و صفّه بمنخل الأرق، و اشرب على الحرق، فذاك دواؤك و شفاؤك يا عليل.
و روى في الاحتجاج عن أبي محمّد العسكري عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليهم السّلام أنه قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام قاعدا ذات يوم فأقبل إليه رجل من اليونانيّين المدعين للفلسفة و الطبّ، فقال له: يا أبا الحسن بلغني خبر صاحبك و أنّ به جنونا و جئت لاعالجه فلحقته قد مضى لسبيله و فاتنى ما أردت من ذلك، و قد قيل لي: إنّك ابن عمّه و صهره و أرى بك صفارا قد علاك و ساقين دقيقين و ما اريهما تقلانك«» فأما الصّفار فعندى دوائه، و أما السّاقان الدّقيقان فلا حيلة لتغليظهما و الوجه أن ترفق بنفسك في المشى تقلّله و لا تكثره و فيما تحمله على ظهرك و تحتضنه بصدرك أن تقلّلهما و لا تكثرهما، فانّ ساقيك دقيقان لا يؤمن عند حمل ثقيل انقصافهما«» و أما الصفّار فدواؤه عندى و هو هذا.
و اخرج دواء و قال: هذا لا يؤذيك و لا يخيّسك و لكنه يلزمك حمية من اللّحم أربعين صباحا ثمّ يزيل صفارك.
فقال له عليّ عليه السّلام: قد ذكرت نفع هذا الدّواء الصفّارى فهل تعرف شيئا يزيد فيه و يضرّه فقال الرّجل: بلى حبّة من هذا و أشار الى دواء معه، و قال: إن تناوله الانسان و به صفار أماته من ساعته و إن كان لاصفار به صار به صفار حتى يموت في يومه.
فقال عليه السّلام له فأرنى هذا الضارّ، فأعطاه ايّاه فقال له عليه السّلام كم قدر هذا قال قدر مثقالين سمّ ناقع قدر كلّ حبّة منه يقتل رجلا، فتناوله عليّ عليه السّلام فقمحه و عرق عرقا خفيفا و جعل الرّجل يرتعد في نفسه و يقول: الآن اوخذ بابن أبي طالب و يقال قتلته و لا يقبل مني قولي انه هو الجانى على نفسه، فتبسّم عليّ عليه السّلام و قال: يا عبد اللّه أصحّ ما كنت بدنا الآن لم يضرني ما زعمت أنه سمّ ثمّ قال عليه السّلام: فغمّض عينيك فغمض ثمّ قال: افتح عينيك ففتح و نظر إلى وجه عليّ عليه السّلام فاذا هو أبيض أحمر مشرب الحمرة فارتعد الرجل لما رآه، فتبسّم عليّ عليه السّلام و قال: أين الصفّار الذي زعمت أنه بي فقال: و اللّه لكأنّك لست من رأيت قبل كنت مصفارا و أنت الآن مورّد فقال عليّ عليه السّلام: فزال عنى الصّفار بسمّك الذى تزعم أنه قاتلى.
و أمّا ساقاى هاتان و مدّ رجليه و كشف عن ساقيه، فانّك زعمت أني احتاج إلى أن ارفق ببدني في حمل ما احمل عليه لئلا ينقصف السّاقان و أنا اريك أنّ طبّ اللّه عزّ و جلّ طبّ خلاف طبّك، و ضرب بيده إلى اسطوانة خشب عظيمة على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه و فوقه حجرتان احداهما فوق الاخرى و حرّكها فاحتملها فارتفع السّطح و الحيطان و فوقهما الغرفتان.
فغشى على اليوناني فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: صبّوا عليه ماء فصبّوا عليه ماء فأفاق و هو يقول: و اللّه ما رأيت كاليوم عجبا، فقال له، عليّ عليه السّلام هذه قوّة السّاقين الدّقيقين و احتمالهما أفي طبك هذايا يوناني.
فقال اليوناني: أمثلك كان محمّد فقال عليّ عليه السّلام: و هل علمي إلّا من علمه، و عقلي إلّا من عقله و قوّتى إلّا من قوّته، لقد أتاه الثقفي و كان أطبّ العرب فقال له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن كان بك جنون داويتك، فقال له محمّد صلّى اللّه عليه و آله أتحبّ أن اريك آية لتعلم بها غناى عن طبّك و حاجتك إلى طبّي فقال: نعم، قال: أيّ آية تريد قال: تدعو إلىّ ذلك العذق«» و أشار الى نخلة سحوق فدعاها فانقلع أصلها من الأرض و هي تخدّ الأرض خدّا حتى وقفت بين يديه، فقال عليه السّلام له: أكفاك قال: لا، قال: فتريد ما ذا قال: تأمرها أن ترجع إلى حيث جاءت منه و تستقرّ في مقرّها الذي انقلعت منه، فأمرها، فرجعت و استقرّت في مقرّها.
فقال اليوناني لأمير المؤمنين عليه السّلام: هذا الذى تذكره عن محمّد غايب عني، و أنا أقتصر منك على أقلّ من ذلك، أنا أتباعد عنك فادعنى و أنا لا أختار الاجابة، فان جئت بي إليك فهو آية.
فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: هذا إنما يكون آية لك وحدك لأنّك تعلم من نفسك أنّك لم ترده و إنّي لازلت اختيارك من غير أن باشرت منى شيئا أو ممّن أمرته بأن يباشرك، أو ممن قصد إلى اجبارك و ان لم امره الّا ما يكون من قدرة اللّه القاهرة و أنت يا يوناني يمكنك ان تدعى و يمكن غيرك أن يقول انى و اطاعتك على ذلك، فاقترح ان كنت مقترحا ما هو آية لجميع العالمين.
قال اليوناني إن جعلت الاقتراح إلىّ فأنا أقترح أن تفصّل أجزاء تلك النخلة و تفرّقها و تباعد ما بينها ثمّ تجمعها و تعيدها كما كانت.
فقال عليّ عليه السّلام: هذه آية و أنت رسولي إليها يعني إلى النخلة فقل لها: إنّ وصيّ محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأمر أجزائك أن تفترق و تتباعد.
فذهب فقال لها: فتفاصلت و تهافتت و تناثرت و تصاغرت أجزائها حتّى لم ير لها عين و لا أثر حتى كأن لم تكن هناك نخلة قط.
فارتعدت فرائض اليوناني و قال: يا وصيّ محمّد رسول اللّه قد أعطيتني اقتراحي الأوّل فاعطني الآخر فأمرها أن تجتمع و تعود كما كانت.
فقال عليّ عليه السّلام: أنت رسولي اليها فعد فقل لها: يا أجزاء النخلة إنّ وصيّ محمّد رسول اللّه يأمرك أن تجتمعي و أن تعودى كما كانت.
فنادى اليوناني فقال ذلك: فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور ثمّ جعلت تجتمع جزء جزء منها حتى تصوّر لها القضبان و الأوراق و اصول السّعف و شماريخ الاعذاق ثمّ تألّفت و تجمّعت و استطالت و عرضت و استقرّ أصلها في مستقرّها و تمكّن عليها ساقها و ترقت على الساق قضبانها و على القضبان أوراقها و في اكمتها أعذاقها و كانت في الابتداء شماريخها متجرّدة لبعدها من أوان الرّطب و البسر و الخلال.
فقال اليوناني: و اخرى احبّ أن تخرج شماريخها خلالها و تقلّبها من خضرة إلى صفرة و حمرة و ترطيب و بلوغ أتاه لتأكل و تطعمني و من حضرك منها فقال عليّ عليه السّلام: أنت رسولي اليها بذلك فمرها به.
فقال لها اليوناني يأمرك أمير المؤمنين عليه السّلام بأن تظهرى لنا رطبا فأخلت، و أبسرت و اصفرت و احمرت و ترطبت و ثقلت اعذاقها برطبها.
فقال اليوناني: و اخرى احبّها أن تقرّب من بين يدي أعذاقها أو تطول يدي لتناولها و أحبّ شيء إلى أن تنزل إلى إحداها و تطول يدي إلى الاخرى الّتي هي اختها.
فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: مد اليد التي تريد أن تناولها و قل يا مقرّب البعيد قرّب يدي منها، و اقبض الاخرى التي تريد أن ينزل العذق اليها و قل يا مسهلّ العسير سهّل لى تناول ما يبعد منها، ففعل ذلك و قاله: فطالت يمناه فوصلت إلى العذق، و انحطت الاعذاق الاخر فسقطت على الأرض و قد طالت عراجينها ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّك إن أكلت منها و لم تؤمن بمن أظهر لك عجايبها عجّل اللّه عليك من العقوبة التي يبتليك بها ما يعتبر به عقلاء خلقه و جهّالهم.
فقال اليوناني: إني إن كفرت بعد ما رأيت فقد بالغت في العناد و تناهيت في التعرّض للهلاك، أشهد أنّك من خاصة اللّه صادق في جميع أقوالك عن اللّه فأمرني بما تشاء أطعتك.
قال على عليه السّلام: آمرك أن تفرد اللّه بالوحدانية و تشهد له بالجود و الحكمة و تنزّهه عن العبث و الفساد، و عن ظلم الاماء و العباد، و تشهد أنّ محمّدا الذي أنا وصيّه سيّد الأنام، و أفضل رتبة اهل الاسلام «دار السلام خ»، و تشهد أنّ عليّا الذي أراك ما أراك، و أولاك من النّعم ما أولاك خير خلق اللّه بعد محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أحقّ خلق اللّه بمقام محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعده و بالقيام لشرايعه و أحكامه، و تشهد أنّ أوليائه أولياء اللّه و أعدائه أعداء اللّه، و أنّ المؤمنين المشاركين لك فيما كلفتك المساعدين لك على ما به أمرتك خير امّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صفوة شيعته.
و آمرك أن تواسى اخوانك المطابقين لك على تصديق محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تصديقي، و الانقياد له ولى ممّا رزقك اللّه و فضّلك على من فضّلك به منهم، تسدّ فاقتهم، و تجبر كسرهم، و خلّتهم، و من كان منهم في درجتك في الايمان ساويته في مالك بنفسك و من كان منهم فاضلا عليك في دينك آثرته بمالك على نفسك حتى يعلم اللّه منك أنّ دينه آثر عندك من مالك، و إنّ أوليائه أكرم عليك من أهلك و عيالك.
و آمرك ان تصون دينك و علمنا الذي أودعناك و أسرارنا التي حملناك و لا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد و يقابلك من أجلها بالشتم و اللعن و التناول من العرض و البدن و لا تفش سرّنا إلى من يشنع علينا و عند الجاهلين بأحوالنا و يعرّض أوليائنا لبوادر الجهال.
و آمرك أن تستعمل التّقية في دينك فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً و قد أذنت لك في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه، و في إظهار البراءة منا إن حملك الوجل عليه، و في ترك الصلاة المكتوبات إذا خشيت على حشاشتك الآفات و العاهات، فانّ تفضيلك أعدائنا علينا عند خوفك لا ينفعهم و لا يضرّنا، و إنّ إظهار براءتك منّا عند تقيّتك لا يقدح فينا و لا ينقصنا، و لأنّ تتبرّء منّا ساعة بلسانك و أنت موال لنا بجنانك لتبقى على نفسك روحها التي بها قوامها و مالها الذي به قيامها و جاهها الذي به تماسكها و تصول من عرف بك و عرفت به من أوليائنا و إخواننا و أخواتنا من بعد ذلك بشهور و سنين إلى ان يفرّج اللّه تلك الكربة و تزول تلك النعمة فانّ ذلك أفضل من أن تتعرّض للهلاك، و تنقطع به عن عمل في الدّين و صلاح اخوانك المؤمنين.
و إيّاك ثمّ إيّاك أن تترك التقية التي أمرتك بها، فانك شايط بدمك و دماء إخوانك، معرّض لنعمك و نعمتهم على الزّوال، مذلّ لك و لهم في أيدى أعداء دين اللّه، و قد أمرك اللّه باعزازهم، فانك إذا خالفت وصيّتي كان ضررك على نفسك و إخوانك أشدّ من ضرر الناصب لنا الكافر بنا.
و قد ذكرت الرواية بتمامها على طولها لاشتمالها على مناقب دثرة و فوائد جمّة، و تضمّنها توضيح الطب الالهي.
ثمّ انه عليه السّلام لما وصف نفسه بدورانه بطبّه و تتبّعه بدوائه مواضع الغفلة و مواطن الحيرة، و تفقّده حال مرضاء القلوب و الأفئدة أردفه بتوبيخ الغافلين الحائرين الجاهلين المفتونين بعدم رجوعهم إليه و تداويهم به و اهتدائهم بأنواره و أخذهم من علومه و حكمه و بقائهم على مرضهم و ابتلائهم بالآلام و الأسقام فقال عليه السّلام: (لم يستضيئوا بأضواء الحكمة) أى لم يكتسبوا شيئا من أنوار العلوم و الأخلاق الفاضلة (و لم يقدحوا بزناد العلوم الثاقبة) أى لم يستخرجوا المطالب الحقّة بالعلوم المضيئة استخراج النّار بالزناد (فهم في ذلك) المعنى أى في عدم الاستضائة و القدح (كالأنعام السّائمة) في الغفلة و الانخراط في سلك الغضب و الشهوة بل هم أضلّ سبيلا (و الصخور القاسية) في القساوة و عدم اللّين بسماع الآيات الحقة كما قال تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ثمّ قال عليه السّلام (قد انجابت السّرائر لأهل البصاير) أى انكشفت، قال العلّامة المجلسيّ (ره): و المراد بالسرائر ما أضمره المعاندون للحقّ في قلوبهم من اطفاء نور اللّه و هدم أركان الشريعة، و قال الشارح البحرانيّ: اشارة إلى انكشاف ما يكون بعده لنفسه القدسيّة و لأهل البصائر من استيلاء بني امية و عموم ظلمهم أو انكشاف أسرار الشريعة لأهلها.
(و وضحت محجّة الحقّ لخابطها) أى لمن سار فيها على غير هدى، و لعلّ المراد به الاشارة إلى عدم العذر للخابطين في خبطهم و جهالاتهم مع وضوح معالم الدّين و التنبيه على أنّ ضلالهم ليس لخفاء الحقّ، بل للاصرار على الشّقاق و النفاق.
(و أسفرت الساعة عن وجهها) و هذه الفقرة و ما يتلوها واردة في مقام التحذير و الانذار بقرب القيامة و شبهها بانسان مقبل و أثبت لها الوجه الذي هو من خواصّ المشبّه به على سبيل الاستعارة التخييلية، فانّ أول ما يبدو من الشخص المقبل وجهه و ذكر الاسفار ترشيح.
(و ظهرت العلامة لمتوسّمها) أى لمتفرّسها قال المجلسيّ (ره): و المراد باسفار الساعة و ظهور العلامة قرب القيامة بعدم بقاء نبيّ ينتظر بعثته و ظهور الفتن و الوقايع التي هي من أشراطها.
(مالى أراكم أشباحا بلا أرواح و أرواحا بلا أشباح) هذا الكلام يفسّر بوجوه أحدها أنّ المراد بالفقرة الأولى تشبيههم بالجمادات و الأموات في عدم انتفاعهم بالعقل و عدم تأثير المواعظ فيهم كما قال تعالى: كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ، و بالفقرة الثانية التنبيه على خفتهم و طيشهم.
الثّاني أنّ المراد الاشارة إلى قصورهم عما يراد بهم من القيام بأمر الجهاد و التنبيه على أنّ بعضهم بمنزلة الميّت و الجماد و كجسد بلا روح و بعضهم له عقل و فهم و لكن لا قوّة له على الحرب كروح بلا جسد، فانّ الروح غير ذات الجسد ناقصة عن الاعتماد و التّحريك اللّذين كانا من فعلها، حيث كانت تدبّر الجسد فالمقصود أنّ الجميع عاطلون عمّا يراد منهم.
الثالث أنّه كناية عن عدم نهوض بعضهم إلى الحرب دون بعض إذا دعوا إليه كما يقوم البدن بدون الرّوح و الرّوح بدون البدن.
الرّابع أنّ المراد أنّهم إذا خافوا ذهلت عقولهم و طارت ألبابهم و كانوا كأجسام بلا أرواح، و إذا آمنوا تركوا الاهتمام بامورهم كأنهم أرواح لا تعلّق لها بالأجسام.
(و نسّا كابلا صلاح) أى عبّادا ليست عبادتهم على وجه الخلوص و بالوجه المأمور به مقرونة بالشرايط المعتبرة، فانّ منها معرفة الامام و طاعته.
(و تجارا بلا أرباح) لعدم ترتّب الثواب أو المنفعة على أعمالهم (و أيقاظا نوّما) أى أيقاظا بأجسامهم و نوّما بنفوسهم في مراقد الطبيعة و مماهد الغفلة (و شهودا غيّبا) أى شاهدين بأبدانهم غائبين بعقولهم عن التّفطن للمطالب الحقة و التلقّى لأنوار الهداية (و ناظرة عميا) أى ناظرة الأبصار عميا بالبصاير (و سامعة صمّا) أى سامعة بالآذان صمّا بالقلوب (و ناطقة بكما) أى ناطقة بالألسن الظاهر بكما بالمشاعر الباطنة.
و استعارة لفظ العمى و الصمّ و البكم لهم مع توصيفهم بأضدادها باعتبار تقصيرهم و قصورهم عن النظر في آيات اللّه و السّماع لنداء اللّه و القول بكلام اللّه فهؤلاء حيث لم ينتفعوا بالأبصار و الألسن و الآذان صاروا بمنزله: صمّ بكم عمى فهم لا يعقلون.
الترجمة
و از جمله خطب شريفه آن إمام مبين و حبل اللّه المتين است، و آن از جمله خطبها ئيست كه ذكر فرموده در آن حوادث روزگار و فتنهاى خونخوار را چنانچه فرموده: حمد بي قياس معبود بحق را سزاست كه ظاهر است و هويدا بخلق خود بسبب ايجاد فرمودن مخلوقات خود، و آشكار است از براى قلوب منكرين با دليلهاى روشن و متين خود، خلق كرد مخلوقات را بدون فكر و رويّه از جهة اين كه فكرها لايق نيست مگر بصاحبان قلبها و نيست خداوند متعال صاحب قلب در نفس خود، و نافذ شد و دريد علم او باطن آنچه كه غايب است از امور مستوره، و اجاطه كرد به پنهانى عقيدهاى غير ظاهره.
بعض ديگر از اين خطبه در ذكر اوصاف حضرت خاتم الأنبياء عليه آلاف التحية و الثنا است چنانچه مى فرمايد: اختيار نمود حضرت عزّت آن جناب را از شجره طيبه پيغمبران، و از چراغدان روشنى و از چنين مكان عالى و از نافه مكّه معظمه و از چراغهاى تاريكى و ظلمت و ازچشمه هاى علم و حكمت.
بعض ديگر از اين خطبه اشاره است بفضايل خود و ملامت اصحاب مى فرمايد طبيبى است حاذق كه بسيار گردنده است با طب خود در حالتى كه محكم نموده مرهمهاى خود را، و گرم نموده آلتهاى داغ خود را مى گذارد آن طبيب طبّ خود را بمحلي كه حاجت بوده باشد بآن از قلبهاى كور و گوشهاى كر و زبانهاى كنك، تتبع كننده است آن طبيب بدواى خود محلّهاى غفلت و موطنهاى حيرت را كسب روشنى نكرده اند ايشان بروشنيهاى حكمت و عرفان، و آتش نيفروخته اند بآتش زنه هاى علمهاى درخشان، پس ايشان در اين ظلمت و غفلت مانند چهارپايان چرا كننده هستند، و مثل سنگهاى سخت مى باشند.
بتحقيق كه منكشف ظاهر شد سرها بجهة أهل بصيرتها، و واضح و روشن گرديد جادّه حق از براى خبط كننده گمراه، و كشف نقاب نمود قيامت از روى خود، و ظاهر گشت علامت قيامت از براى دريابنده آن بفراست.
چيست مرا كه مىبينم شما را قالبهاى بىروح، و روحهاى بىغالب، و عبادت كنندگان بيصلاحيت، و تجارت كنندگان بىمنفعت، و بيداران خواب رفته، و حاضران غايب شونده، و بينايان كور، و شنوندگان كر، و گويندگان لال، يعني شما بحسب مشاعر ظاهره بيدار و حاضر و بصير و سميع و ناطق مىباشيد، و بملاحظه مشاعر باطنه در خواب و غايب و كور و كر و لال هستيد.
الفصل الثاني
راية ضلالة قد قامت على قطّبها، و تفرّقت بشعبها، تكيلكم بصاعها، و تخبطكم بباعها، قائدها خارج من الملّة، قائم على الضّلّة، فلا يبقى يومئذ منكم إلّا ثفالة كثفالة القدر، أو نفاضة كنفاضة العكم، تعرككم عرك الأديم، و تدوسكم دوس الحصيد، و تستخلص المؤمن من بينكم استخلاص الطّير الحبّة البطينة من بين هزيل الحبّ. أين تذهب بكم المذاهب، و تتيه بكم الغياهب، و تخدعكم الكواذب، و من أين تؤتون، و أنّى تؤفكون، و لكلّ أجل كتاب، و لكلّ غيبة إياب، فاستمعوه من ربّانيّكم، و أحضروه قلوبكم، و استيقظوا إن هتف بكم، و ليصدق رائد أهله، و ليجمع شمله، و ليحضر ذهنه، فلقد فلق لكم الأمر فلق الخرزة، و قرفه قرف الصّمغة، فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه، و ركب الجهل مراكبه، و عظمت الطّاغية، و قلّت الدّاعية، وصال الدّهر صيال السّبع العقور، و هدر فنيق الباطل بعد كظوم، و تواخى النّاس على الفجور، و تهاجروا على الدّين، و تحابّوا على الكذب، و تباغضوا على الصّدق. فإذا كان ذلك كان الولد غيظا، و المطر قيظا، و تفيض اللّثام فيضا و تغيض الكرام غيضا، و كان أهل ذلك الزّمان ذئابا، و سلاطينه سباعا، و أوساطه أكّالا، و فقراءه أمواتاه و غار الصّدق، و فاض الكذب، و استعملت المودّة باللّسان، و تشاجر النّاس بالقلوب، و صار الفسوق نسبا، و العفاف عجبا، و لبس الإسلام لبس الفر و مقلوبا.
اللغة
(القطب) حديدة تدور عليها الرّحى و ملاك الأمر و مداره، و سيّد القوم و (الشعب) بضم الأوّل و فتح الثاني جمع شعبة كغرفة و غرف و هي الطائفة من الشيء، و من الشجرة الغصن المتفرّع منها، و في بعض النسخ لشعبها بفتح الأوّل و سكون الثاني وزان فلس و هى القبيلة العظيمة.
و (الخبط) بالفتح ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، و خبط البعير الأرض بيده ضربها و (الباع) قدر مدّ اليدين و (ثفالة) القدر بالضمّ ما سفل فيه من الطبيخ و الثقل ما استقرّ تحت الشيء من الكدر و (النفاضة) بالضمّ ما سقط من المنفوض من نفض الثوب حرّكه لينتفض و (العكم) بالكسر العدل و نمط تجعل فيه المرأة ذخيرتها.
و (داس) الرّجل الحنطة دقّها ليخرج الحبّ من السّنبل و (البطينة) السّمينة و (الهزيل) ضدّ البطين و (تاه) يتيه تيها بالفتح و الكسر تحيّر و (الغيهب) الظلمة و الشديد السّواد من الليل و (تؤتون) بالبناء على المفعول و (الرّباني) منسوب إلى الربّ و فسّر بالمتألّه العارف باللّه، أو الذي يطلب بعلمه وجه اللّه، أو العالم العامل المعلّم و (الرائد) الذى يتقدّم القوم يبصر لهم الكلاء و مساقط الغيث و (الفلق) الشقّ و (الخرزة) محرّكة الجوهر و ما ينظم و (قرفت) الشيء قرفا من باب ضرب قشرته.
و (الصمغ) ما ينحلب من شجر العضا و نحوها و في القاموس و لكلّ شجر صمغ و الصمغ العربي غراء القرظ و الواحدة صمغة و الجمع ضموغ مثل تمر و تمرة و تمور في المثل، و تركته على مثل مقرف الصمغة، و يروى مقلع لأنّ الصمغة إذا قرفت لم يبق لها أثر.
و (الهدر) ترديد الصوت في الحنجرة من غير شقشقة و (الفنيق) بتقديم النون على الياء وزان أمير الفحل المكرّم لا يوذى لكرامته على أهله و لا يركب و (الكظوم) الامساك و السّكوت و (القيظ) بالظاء صميم الصّيف و في بعض النسخ فيضا بالضاد أى كثيرا.
و (اكاّلا) بالضمّ و التّشديد جمع آكل مثل طلّاب و قال الشّارح المعتزلي بعد روايته أكالا بفتح الهمزة و تخفيف الكاف يقال ما ذقت أكالا أى طعاما، ثمّ قال: و في هذا الموضع اشكال لأنه لم ينقل هذا الحرف إلّا في الجحد خاصة كقولهم ما بها صافر فالأجود الرّواية الاخرى و هى آكالا بمدّ الهمزة على افعال جمع أكل و هو ما اكل كقفل و أقفال، و قد روى أكالا بضم الهمزة على فعال و قالوا إنه جمع أكل كعرق و عراق و ظئر و ظؤار إلّا أنّه شاذّ عن القياس و وزن واحدهما مخالف لوزن اكال لو كان جمعا و (غار) الماء في الأرض ذهب و (فاض) أى كثر حتى سال.
الاعراب
قوله راية ضلالة خبر لمبتدأ محذوف، و جملة تعر ككم، إمّا صفة لراية أو حال من فاعل قامت، و الباء في قوله عليه السّلام اين تذهب بكم المذاهب، للتعدية، و كذا في قوله تتيه بكم، و إن، في قوله عليه السّلام إن هتف بكم، بكسر الهمزة شرطية و في بعض النسخ بالفتح فيكون مصدريّة أى لتهافه بكم، و فاعل فلق راجع إلى الرائد، و الطّاغية فاعل عظمت و هو مصدر بمعنى الطّغيان و قيل إنه صفة لمحذوف أى الفئة الطّاغية، و كذا الداعية تحتمل الوجهين.
المعنى
أعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام منقطع عمّا قبله التقطه السّيد (ره) من كلامه و أسقط ما قبله على ما هو عادته في الكتاب و لعلّه إشارة إلى ما يأتي و يحدث فى آخر الزمان من الفتن كظهور السّفياني و غيره و لما كان المخبر به محقق الوقوع لكونه مأخوذا من معدن الرسالة متلقى من الوحى الالهى بدء الكلام بالجملة الماضويّة مقرونة بحرف التحقيق فقال عليه السّلام (راية ضلالة) أى هذه راية ضلالة (قد قامت على قطبها) و هو كناية عن انتظام أمرها (و تفرّقت بشعبها) أى بطوايفها فيكون كناية عن انتشار فتنها في الآفاق و تولّد فتن اخرى عنها أو بفروعها فيكون استعارة تشبيها لها بالشجرة ذات الأغصان المتفرّعة عنها.
و في شرح المعتزلي ليس التفرّق للرّاية نفسها بل لنصارها و أصحابها، فحذف المضاف و معنى تفرّقهم أنهم يدعون إلى تلك الدّعوة مخصوصة في بلاد متفرّقة أى تفرّق ذلك الجمع العظيم في الأقطار و اعين إلى أمر واحد انتهى.
أقول: هذا المعنى مبنىّ على رواية شعبها بسكون العين، و على ذلك فلا حاجة إلى تقدير المضاف إذ نصّ معنى الكلام على ذلك أنه تفرّقت راية الضلالة بقبيلتها.
و قوله: (تكيلكم بصاعها) بصيغة المضارع جريا على الأصل لكون المخبر به من الامور المستقبلة، و هو استعارة بالكناية، و المراد به أنها تأخذكم للاهلاك زمرة زمرة كالكيال يأخذ ما يكيل جملة جملة، أو أنه يقهركم أربابها على الدخول في أمرهم و يتلاعبون بكم يرفعونكم و يضعونكم كما يفعل كيال البرّ به إذا كاله بصاعه، أو تكيل لكم بصاعها على حذف اللّام كما في قوله تعالى: و إذا كالوهم، اى تحملكم على دينها و دعوتها و تعاملكم بما يعامل به من استجاب لها، أو تفرز لكم من فتنتها شيئا و يصل إلى كلّ منكم نصيب منها.
(و تخبطكم بباعها) أى تضربكم بيدها كالضارب للشجر بعصاه أو البعير الضارب بيده الأرض و على الوجهين يفيد الذلّة و الانقهار، و التعبير بالباع دون اليد لكونه أبلغ في افادة قوّة الخبط.
(قائدها خارج عن الملّة) أى ملّة الاسلام (قائم على الضلّة) أى مصرّ على الضلال (فلا يبقى يومئذ) أى يوم قيامها على قطبها و تفرّقها بشعبها (منكم إلّا ثفالة كثفالة القدر) و استعار لفظ الثفالة للبقيّة منهم باعتبار عدم الخير و المنفعة فيهم و بملاحظة كونهم من الأرذال ليس لهم ذكر بين الناس و لالهم شهرة و لا يعتنى بقتلهم كما لا يعتنى بثفالة القدر و لا يلتفت إليها.
و كذلك الكلام في قوله (أو نفاضة كنفاضة العكم) و المراد بها ما يبقي في العدل بعد التخلية من غبار أو بقية زاد لا يعبأ بها فينتفض (تعر ككم عرك الأديم) أى تدلككم و تحككم كما يدلك الجلد المدبوغ و يحكّ، و أراد به تغليب الفتن لهم و تذلّلهم بها (و تدوسكم دوس الحصيد) أى تدقكم دقّ الزرع المحصود المقطوع و أشار به إلى منتهى ذلّتهم و اهانتهم.
(و تستخلص المؤمن) أى تشخصه لنفسه (من بينكم) مثل (استخلاص الطير الحبّة البطينة) السمينة (من بين هزيل الحبّ) و الغرض به أنها شخص المؤمن بالقتل و الأذى و ايقاع المكروه به و تستخلصه من بين ساير الناس بشدّة النكاية و الأذيّة.
ثمّ استفهم عليه السّلام عنهم على سبيل التقريع لهم و التوبيخ ببقائهم على ضلالتهم و قال (اين تذهب بكم المذاهب) أى الطرق المنحرفة عن الحقّ، و المراد بها العقائد الفاسدة، و اسناد الاذهاب إليها على المجاز مبالغة (و تتيه بكم الغياهب) أى تجعلكم ظلمات الجهالات تائها متحيّرا في بوادي الضّلال (و تخدعكم الكواذب) أى تمكر بكم الامنيات الكاذبة و الأوهام الباطلة التي لا أصل لها.
كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً.
(من أين تؤتون) أى من أىّ جهة و طريق يأتيكم من يضلّكم من الشّياطين أو تأتيكم تلك الأمراض المزمنة (و أنّى تؤفكون) أى كيف«» تصرفون عن قصد السبيل أو أين تقلبون و تذهبون، أو متى يكون انصرافكم عن الغفلة و الجهالة.
و قوله (فلكلّ أجل كتاب و لكلّ غيبة إياب) يحتمل أن يكون منقطعا عمّا قبله و يكون بينه و بين ما قبله ما يربطه به فأسقط السيد (ره) على مجرى عادته و أن يكون متّصلا به، فانه لما استفهم عن تيههم و انخداعهم و تقلّبهم توبيخا و تقريعا و تنبيها على غفلتهم عن الحقّ أردفه بذلك توكيدا لما أراد و أشار به الى أنهم ليسوا بمهملين، بل كلّ ما عملوه في زمان الغفلة محفوظ مكتوب و أنهم ليسوا في الدّنيا بباقين، و سوف يخرجون منها و ينزعون فيكون تهديدا لهم بالاشارة إلى قرب الموت و أنهم بمعرض أن يأخذهم على غفلتهم، و المعنى أنه لكلّ أمد و وقت حكم مكتوب على العباد، و لكلّ غيبة إياب و رجوع.
ثمّ أكّده ثانيا بقوله (فاستمعوا من ربّانيّكم) اى اصغوا الحكم و المواعظ و ما ينجيكم من الرّدى و يدلّكم على الرّشاد من المتألّه العارف باللّه المبتغى بعلمه وجه اللّه سبحانه، و أراد به نفسه الشريف (و أحضروه قلوبكم) أراد إقبالهم بكلّهم إليه لا الغيبة بالقلوب و الحضور بالأبدان فقط (و استيقظوا ان هتف بكم) أى استيقظوا من نوم الغفلة إن ناداكم و تنبّهوا من رقدة الضلّة إن دعاكم (و ليصدق رائد أهله) أى وظيفة الرائد أن يصدق، و في المثل: الرائد لا يكذب أهله.
و لعلّ المراد بالرائد نفسه أى وظيفتي الصدق فيما اخبركم به ممّا تردون عليه من الامور المستقبلة في الدّنيا و الآخرة، كما أنّ وظيفتكم التوجّه و الاستماع و احضار القلب (و ليجمع شمله) أى ما تشتّت من أمره، و المراد به الأفكار و العزائم أى يجب علىّ نصحكم و تذكيركم بقلب فارغ من الخطرات و الوساوس، و التوجّه إلى هدايتكم و إرشادكم باقبال تامّ، و يجوز أن يراد بالشّمل من تفرّق من القوم في فيافي الضّلالة (و ليحضر ذهنه) فيما يقول و يتفوّه به.
(فلقد فلق) الرائد (لكم الأمر فلق الخرزة) أى أوضح لكم أمر الدّين و ما جهلتموه من أحكام الشرع المبين، أو أمر ما يحدث من الفتن ايضاحا تامّا، فأظهر لكم باطن الأمر كما يرى باطن الخرزة بعد شقّها.
(و قرفه قرف الصمغة) أى ألقاه بكلّيته اليكم و لم يدّخر شيئا عنكم كما أنّ قارف الصمغة لا يترك منها شيئا إذا قرفها و لا يبقى منها أثر بعد قرفها.
و قوله عليه السّلام: (فعند ذلك) قال الشارح البحراني متّصل بقوله من بين هزيل الحبّ. فيكون التشويش من السيّد (ره)، و في البحار و يمكن أن يكون إشارة إلى كلام آخر سقط من البين.
أقول: و الأظهر أن يكون الاشارة به إلى ما سبق من الأمور المذكورة، أى عند ما قام راية الضّلال على قطبها، و تفرّقت بشعبها، و عركتكم عرك الاديم، و استخلصت المؤمن من بينكم استخلاص الطير الحبّ البطين (أخذ الباطل مآخذه) أى ثبت و استحكم (و ركب الجهل مراكبه) أى قوى سلطانه و ظهر شوكته (و عظمت الطّاغية) أى الطّغيان و الضلال أو الفتنة الطاغية (و قلّت الدّاعية) أى الدّعوة إلى الحقّ أو الفرقة الدّاعية إلى الهدى.
(وصال الدّهر) و حمل على أهله (صيال السبّع العقور) تشبيه الدّهر بالسبع في الصّيال باعتبار كونه منشأ لتلك الشرور و المفاسد (و هدر فنيق الباطل بعد كظوم) تشبيه الباطل بالفنيق باعتبار كونه مكرما عند أهله، و ذكر الهدر و الكظوم من باب تشريح التشبيه و أراد بهما ظهوره بعد خفائه و خمول أهله في زمان ظهور الحقّ و قوّته.
(و تواخى الناس على الفجور) أى كان محبّة بعضهم لبعض و اتّصال أحدهم بالآخر على الفجور و اتباع الأهواء (و تهاجروا على الدّين) أى كان مهاجرة بعضهم عن بعض من جهة كون المهجور عنه صاحب معرفة و دين (و تحابّوا على الكذب) و هو من شئونات التواخى على الفجور (و تباغضوا على الصّدق) و هو من شئونات التّهاجر على الدّين.
(فاذا كان ذلك) و حدثت تلك الامور (كان الولد غيظا) على والده عاقّا له أو مبغوضا لوالده لاشتغال كلّ امرء بنفسه من شدّة تلك البلية فيتمنّى أن لا يكون له ولد (و المطر قيظا) قد مرّ أنّ القيظ هو صميم الصيّف قال في البحار فيحتمل أن يكون المراد تبدّل المطر بشدّة الحرّ أو قلّة المطر أو كثرته في الصّيف دون الرّبيع و الشتاء، أو المراد أنه يصير سببا لاشتداد الحرّ لكثرته في الصّيف إذ يثور به الأبخرة و يفسد الهواء أو يصير على خلاف العادة سببا لشدّة الحرّ، و عن النهاية بعد تفسيره القيظ بما ذكرناه قال: و منه حديث أشراط السّاعة أن يكون الولد غيظا و المطر قيظا، لأنّ المطر إنما يراد للنبات و برد الهواء و القيظ ضدّ ذلك هذا و على ما في بعض النسخ من رواية فيضا بالضاد فالمقصود كونه كثيرا مجاوزا عن الحدّ، لكونه حينئذ مفسدا للزرع و الثمار كما هو المشاهد بالتجربة و العيان (و تفيض اللّئام) أى تكثر (فيضا و تغيض الكرام) أى تقلّ (غيضا) ثمّ قسّم أهل ذلك الزّمان بقوله (و كان أهل ذلك الزّمان ذئابا و سلاطينه سباعا و أوساطه اكالا و فقراؤه أمواتا) قال البحراني (ره): أهل كلّ زمان ينقسمون إلى ملوك و أكابر و أوساط و أداني، فاذا كان زمان العدل كان أهله في نظام سلكه فيفيض عدل الملوك على من يليهم، ثمّ بواسطتهم على من يليهم حتّى ينتهى إلى أدانى النّاس، و إذا كان زمان الجور فاض الجور كذلك فكانت السّلاطين سباعا ضارية مفترسة لكلّ ذى سمن و كان أهل ذلك الزمان و أكابره ذئابا ضارية على أوساط الناس، و كانت الأوساط اكّالا لهم، و كانت الفقراء أمواتا لانقطاع مادّة حياتهم ممّن هو أعلى منهم رتبة، و تجوّز بلفظ الأموات عن غاية الشدّة و البلاء لكون الموت غاية ذلك إطلاقا لاسم السّبب الغائي على مسبّبه.
(و غار الصّدق) أى قلّ و ذهب كالماء الغائر في الأرض (و فاض الكذب) أى كثر و ظهر كالماء الفايض السّائل (و استعملت المودّة باللسان و تشاجر الناس بالقلوب) لكثرة النّفاق و غلبة الشقاق (و صار الفسوق نسبا) أى يحصل انسابهم من الزنا، و قيل أى يصير الفاسق صديقا للفاسق حتى يكون ذلك كالنّسب بينهم (و) صار (العفاف عجبا) لقلّة وجوده بينهم و ندرته.
(و لبس الاسلام لبس الفر و مقلوبا) الموجود في النسخ رفع الاسلام على أنه فاعل لبس فيكون من باب المجاز العقلى، و المقصود أنهم لبسوا الاسلام كلبس الفر و المقلوب، قال المحدّث العلامة المجلسيّ (ره): الظاهر أنّ المراد به تبديل شرايع الاسلام و قلب أحكامه و اظهار النيات و الأفعال الحسنة و إبطان خلافها، و في شرح البحراني: لما كان الغرض الأصلي من الاسلام أن يكون باطنا ينتفع به القلب و يظهر فيه منفعته، فقلب المنافقون غرضه و استعملوه بظاهر ألسنتهم دون قلوبهم أشبه قلبهم له لبس الفرو إذا كان أصله أن يكون خمله ظاهرا لمنفعة الحيوان الذى هو لباسه فاستعمله الناس مقلوبا، و اللّه ولىّ التوفيق.
الترجمة
اين راية رايت گمراهى است كه قايم شده بر مدار خود، و پراكنده شده با فرعها و شاخهاى خود، كيل كند شما را بصاع خود، و فرو كوبد شما را با دست خود، كشنده آن رايت خارجست از دين ايستاده است بر گمراهى.
پس باقى نمىماند در آن روز از شما مگر دردى واپس مانده ديك، يا خورده ريز ته مانده مثل خورده ريز ته مانده جوال، بمالد شما را آن رايت مثل ماليدن چرم، و بكوبد شما را مانند كوفتن زرع درويده در خرمن، و برگزيند مؤمن را از ميان شما بجهة انداختن در بلا مثل برگزيدن مرغ دانه چاق و فربه را از ميان دانه لاغر.
كجا مىبرد شما را راههاى كج، و متحيّر مىسازد شما را ظلمتهاى جهالت، و فريب مىدهد شما را آرزوهاى كاذبه، و از كجا آورده مىشويد، و چه طور برگردانيده مىشويد از جادّه حق، پس مر هر أجليرا از آجال كتابيست، و هر غيبت را باز گشتى است.
پس گوش كنيد و بشنويد نصيحت را از رباني خودتان يعني از كسى كه أهل اللّه است و عارفست بأحكام اللّه و مراد خود نفس نفيس آن بزرگوار است، و حاضر نمائيد بسوى آن رباني قلبهاى خود را، و بيدار شويد از خواب غفلت اگر صدا كند شما را و بايد كه راست گويد مرشد قوم بأهل خود، و بايد كه جمع كند آن مرشد تفرقه خواطر خود را، و بايد كه حاضر سازد ذهن خود را.
پس بتحقيق كه شكافت از براى شما كار دين را، و واضح نمود مثل شكافتن مهره كه ظاهر شود باطن آن، و مقشّر نمود آن كار را مثل مقشّر نمودن صمغ از درخت، يعني تمام أمر را بجهة شما القاء نمود و هيچ چيز از آن فرو نگذاشت چنانچه كسى كه از درخت صمغ را باز گيرد تمامى آن را باز گيرد كه هيچ چيز از آن باقى نمىگذارد.
پس نزد آن حال فرا گيرد باطل محلّ فرا گرفتن خود را، و سوار شود جهالت بر مركبهاى خود، و بزرگ شود طغيان، و كم شود دعوت بسوى حق، و حمله آورد روزگار هم چه حمله حيوان درّنده گزنده، و آواز دهد شتر نر باطل بعد از سكوت و خاموشى، و مواخاة و آشتى كنند مردمان بر فعل ناشايست، و مهاجرت ميكنند و دورى ميكنند از يكديگر بر دين، و دوستى ميكنند با يكديگر بر دروغ، و دشمني كنند بر راستي.
پس زمانى كه حال بر اين منوال باشد مي باشد فرزند سبب خشم پدر و باران سبب گرمائى و حرارت، و بسيار شوند لئيمها بسيار شدنى، و كم شوند كريمها كم شدنى، و ميباشد أهل آن زمان گرگان و پادشاهي آن زمان درندگان و مردمان ميانه آن زمان طعمه هاى ستمكاران، و فقراى آن زمان مردگان، و نقصان پذيرد و فرو مىرود راستى، و زياد مىشود دروغ و ناراستى، و استعمال كرده مىشود دوستى بزبان، و تشاجر و تنازع مى كنند مردمان بقلبها در آن أو ان، و بگردد فسق فجور نسب و أصل ايشان، و پاكدامني و عفت مايه شكفت و تعجب و مىپوشد اسلام لباس پوستين را در حالتى كه بوده باشد آن پوستين پشت رو كرده شده، و اين كنايه است از تقلب أحوال دين و تبدّل أحكام شرع مبين، و اللّه العالم بحقايق كلام وليه.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»