نامه 13 صبحی صالح
13- و من كتاب له ( عليه السلام ) إلى أميرين من أمراء جيشه
وَ قَدْ أَمَّرْتُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى مَنْ فِي حَيِّزِكُمَا مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فَاسْمَعَا لَهُ وَ أَطِيعَا وَ اجْعَلَاهُ دِرْعاً وَ مِجَنّاً
فَإِنَّهُ مِمَّنْ لَا يُخَافُ وَهْنُهُ وَ لَا سَقْطَتُهُ وَ لَا بُطْؤُهُ عَمَّا الْإِسْرَاعُ إِلَيْهِ أَحْزَمُ وَ لَا إِسْرَاعُهُ إِلَى مَا الْبُطْءُ عَنْهُ أَمْثَلُ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج 18
و من كتاب له عليه السلام الى أميرين من امراء جيشه و هو المختار الثالث عشر من باب كتبه و رسائله عليه السلام
و قد أمرت عليكما و على من في حيزكما مالك بن الحارث الأشتر فاسمعا له و أطيعاه و اجعلاه درعا و مجنا فإنه ممن لا يخاف وهنه (وهيه- نسخة) و لا سقطته، و لا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم، و لا إسراعه إلى ما البطؤ عنه أمثل.
مصدر الكتاب و سنده
نقل الكتاب مسندا أبو جعفر الطبري المتوفى (310 ه) في التاريخ بأدنى اختلاف و قد مضى نقله في شرح الخطبة 236 فراجع إلى ص 221 من ج 1 من تكملة المنهاج.
و رواه مسندا نصر بن مزاحم المنقري في كتاب صفين (ص 81 من الطبع الناصري)، و أتى به المجلسي في المجلد الثامن من البحار (ص 478 من الطبع الكمباني). و ما أتى به الرضي في النهج فهو بعض هذا الكتاب و قد أسقط منه قريبا من سطر فدونك الكتاب بصورته الكاملة على ما رواه نصر و إن كان يوافق ما نقله الطبري تقريبا و قد نقل قبل.
قال نصر: و قال خالد بن قطن: فلما قطع علي عليه السلام الفرات[1] دعا زياد بن النضر و شريح بن هاني فسرحهما أمامه نحو معاوية على حالهما الذي كانا عليه حين خرجا من الكوفة في اثنى عشر ألفا و قد كانا حيث سرحهما من الكوفة أخذا على شاطىء الفرات من قبل البر مما يلي الكوفة حتى بلغاعانات فبلغهم أخذ علي عليه السلام على طريق الجزيرة، و بلغهما أن معاوية أقبل في جنود الشام من دمشق لاستقبال على عليه السلام فقال: لا و الله ما هذا لنا برأى أن نسير و بيننا و بين أمير المؤمنين هذا البحر، و ما لنا خير أن نلقى جموع أهل الشام بقلة من عددنا منقطعين من العدد و المدد فذهبوا ليعبروا من عانات فمنعهم أهل عانات و حبسوا عندهم السفن فأقبلوا راجعين حتى عبروا من هيت، ثم لحقوا عليا بقرية دون قرقيسياء و قد أرادوا أهل عانات فتحصنوا منهم فلما لحقت المقدمة عليا قال: مقدمتي تأتي ورائي.
فتقدم إليه زياد و شريح فأخبراه الذي رأيا؛ فقال: قد أصبتما رشدكما، فلما عبر الفرات قدمهما أمامه نحو معاوية، فلما انتهوا إلى معاوية لقيهم أبو الأعور في جند أهل الشام فدعوهم إلى الدخول في طاعة أمير المؤمنين فأبوا؛ فبعثوا إلى علي أنا قد لقينا أبا الأعور السلمي بسور الروم في جند من أهل الشام فدعوناهم و أصحابه إلى الدخول في طاعتك فأبوا علينا فمرنا بأمرك. فارسل علي عليه السلام إلى الأشتر فقال:
يا مال إن زيادا و شريحا أرسلا إلى يعلماني أنهما لقيا أبا الأعور السلمي في جند من أهل الشام بسور الروم فنبأني الرسول أنه تركهم متواقفين فالنجاء إلى أصحابك النجاء، فإذا أتيتهم فأنت عليهم و إياك أن تبدأ القوم بقتال إلا أن يبدءوك حتى تلقاهم و تسمع منهم و لا يجر منكم شنانهم على قتالهم قبل دعائهم و الإعذار إليهم مرة بعد مرة و اجعل على ميمنتك زيادا، و على ميسرتك شريحا، وقف بين أصحابك وسطا، و لا تدن منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب، و لا تباعد منهم تباعد من يهاب البأس حتى أقدم إليك فاني حثيث السير إليك إن شاء الله.
و كان الرسول الحارث بن جمهان الجعفي. و كتب إليهما: أما بعد فإني قد أمرت عليكما مالكا فاسمعا له و أطيعا أمره فانه ممن لا يخاف رهقه و لاسقاطه و لا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم و لا الإسراع إلى ما البطؤ عنه أمثل. و قد أمرته بمثل الذي أمرتكما ألا يبدأ القوم بقتال حتى يلقاهم فيدعوهم و يعذر إليهم.[2]
اللغة
الحيز: أصله من الواو. و قد يقال: الحيز مخففا مثل هين و هين، و لين و لين. قال الجوهري: الحيز ما انضم إلى الدار من مرافقها و كل ناحية حيز، قال تعالى: و من يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله، الاية (17، انفال) أي صائرا إلى حيز.
«درعا» الدرع بكسر الدال و سكون الراء مصنوع من حديد يلبس في الحروب للوقاية من الضرب و الطعن، يقال بالفارسية: زره. مؤنثة و قد يذكر جمعه القليل أدرع و أدراع فاذا كثرت فهي الدروع. رجل دارع أي لا بس الدرع أي عليه درع كأنه ذو درع مثل تامر، قال السموأل بن عاديا اليهودي:
و أسيافنا في كل شرق و مغرب | بها من قراع الدارعين فلول | |
في أبيات له أتى بها الجاحظ في البيان و التبيين (ص 185 ج 3 طبع مصر) و درع المرأة قميصها و هو مذكر و الجمع أدراع قاله الجوهري.
«المجن» بالكسر: الترس و هو اسم آلة من الجن و الجمع مجان بالفتح.
و كذا المجنة و الجنة. و أصل الجن ستر الشيء عن الحاسة و الترس يجن صاحبه و الجنة: السترة يقال: استجن بجنة أي استتر بسترة. قال عز من قائل: اتخذوا أيمانهم جنة، و في الكافي عن الصادق عليه السلام: الصوم جنة، و في التهذيب و الفقيه عن رسول الله صلى الله عليه و اله: الصوم جنة من النار، و الولد ما دام في بطن امه جنين جمعه أجنة، قال تعالى: و إذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم، و الجنان بالفتح القلب لكونه مستورا عن الحاسة و كذا سمي الجن جنا لاستتارهم و اختفائهم عن الأبصار و على هذا القياس ما اشتق من الجن فانه لا يخلو فيه معنى الاستتار.
«الوهن»: الضعف و «السقطة»: الغلطة و الخطاء، و في نسختي الطبري و نصر:
فإنه ممن لا يخاف رهقه و لاسقاطه، «الرهق» محركة: السفه، و النوك و الخفة و ركوب الشر و الظلم و غشيان المحارم، و في نهاية الأثيرية: و في حديث علي عليه السلام انه وعظ رجلا في صحبة رجل رهق، أي فيه خفة و حدة، يقال: رجل فيه رهق إذا كان يخف إلى الشر و يغشاه، و الرهق السفه، و غشيان المحارم و منه حديث أبي وائل انه صلى على امرأة كانت ترهق أي تتهم بشر، و منه الحديث سلك رجلان مفازة أحدهما عابد و الاخر به رهق، انتهى. و في القرآن الكريم: فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا و لا رهقا (الجن- 14). و روي: و لا وهيه، و هو قريب من الوهن معنى.
«السقاط» ككتاب قال الجوهري في الصحاح: السقطة العثرة و الزلة و كذلك السقاط. قال سويد بن أبي كاهل:
كيف يرجون سقاطي بعد ما | جلل الرأس، مشيب و صلع | |
و قال المرزوقي في شرح الحماسة 769: يقال لمن لم يأت مأتي الكرام: هو يساقط. قال الشاعر: كيف يرجون. البيت.
«أحزم» الحزم: ضبط الرجل أمره و أخذه بالثقة و الحذر من فواته من قولهم حزمت الشيء أي شددته، و هذا الرأى أحزم من هذا أي أدخل في باب الحزم و الاحتياط.
«أمثل» قال ابن الأثير في النهاية: و فيه- يعني في الحديث- أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل أي الأشرف فالأشرف و الأعلى فالأعلى في الرتبة و المنزلة.
يقال هذا أمثل من هذا أي أفضل و أدنى إلى الخير، و أماثل الناس خيارهم، و منه حديث التراويح قال عمر: لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل أي أولى و أصوب.
الاعراب
من في حيز كما: معطوف على الضمير المجرور المقدم و لذا أعاد الجار لأن الضمير المتصل بالجار لشدة اتصاله به صار كالجزء له و لا يجوز العطف على جزء الكلمة، مالك منصوب بأمرت و مفعول له، و الأشتر صفة له، و الفاء الاولى للتسبيب لأن المعطوف بها متسبب عن المعطوف عليه، و لك أن تجعلها فصيحة و الثانية للتعليل، و كلمتا من موصولتان اسميتان و لا يخاف فعل مجهول و ضمير و هنه و سقطته راجعان إليه و افردا مراعاة للفظ نحو قوله تعالى: و منهم من يستمع إليك (الأنعام- 26) و يسمى هذا الضمير في النحو بالعائد.
و لا بطؤه عطف على وهنه أي لا يخاف بطؤه، و عما صلة للبطوء و ما موصولة و ضمير إليه عائدها باعتبار اللفظ و أحزم خبر للإسراع و كذا القياس في الجملة التالية لها.
المعنى
قد علمت بما قدمنا ههنا عن نصر و في ص 221 ج 1 من التكملة عن الطبري أن الأميرين هما زياد بن نضر و شريح بن هاني و قد مضى نقل كتابهما إلى الأمير عليه السلام و كتابه عليه السلام إليهما في شرح الكتاب الحادي عشر و سيأتي أيضا وصية له عليه السلام وصى بها شريح بن هاني لما جعله على مقدمته إلى الشام و هو الكتاب السادس و الخمسون أوله: اتق الله في كل صباح و مساء- إلخ.
قال ابن عبد البر في الاستيعاب: شريح بن هاني بن يزيد بن الحارث الحارثي بن كعب، جاهلي إسلامي، يكنى أبا المقدام و أبوه هانيء بن يزيد، له صحبة قد ذكرناه في بابه. و شريح هذا من أجلة أصحاب علي رضي الله عنه.
و قال في باب هاني في ترجمة أبيه: هاني بن يزيد بن نهيك، و يقال هانيء ابن كعب المذحجي، و يقال: الحارثي، و يقال: الضبي، و هو هانيء بن يزيد بن نهيك ابن دريد بن سفيان بن الضباب، و هو سلمة بن الحارث بن ربيعة بن الحارث بن كعب الضبابي المذحجي الحارثي. و هو والد شريح بن هانيء، كان يكنى في الجاهلية أبا الحكم لأنه كان يحكم بينهم فكناه رسول الله صلى الله عليه و سلم بأبي شريح، إذ وفد عليه، و هو مشهور بكنيته، شهد المشاهد كلها، روى عنه ابنه شريح بن هانيء حديثه عن ابن ابنه المقدام بن شريح بن هانيء عن أبيه، عن جده، و كان ابنه شريح من أجلة التابعين و من كبار أصحاب علي رضي الله عنه و ممن شهد معه مشاهده كلها. انتهى.
قوله عليه السلام: «و قد أمرت عليكما و على من في حيز كما مالك بن الحارث الأشتر» أي جعلت مالكا أميرا عليكما و على من كان في كنفكما و تحت أمارتكما و في ناحيتكما و قد دريت بما قدمنا أن الأمير عليه السلام سرح زيادا و شريحا نحو معاوية في اثنى عشر ألفا.
قوله عليه السلام: «فاسمعا له و أطيعاه» تفريع على تأميره مالكا عليهما و على من في حيزهما فأمرهما أن يسمعا له و يطيعاه أي أن لا يخالفاه ما أمرهما فإن مخالفة
الأمير فيما أمر توجب التفرق الموجب للهزيمة و قلما غلب قوم اجتمعت كلمتهم.
و قد استشار قوم أكثم بن صيفي في حرب قوم أرادوهم و سألوه أن يوصيهم فقال:
أقلوا الخلاف على امرائكم، و اعلموا أن كثرة الصياح من الفشل و المرء يعجز لا محالة، تثبتوا فان أحزم الفريقين الركين، و ربت عجلة نعقب ريثا، و اتزروا للحرب، و ادرعوا الليل فانه أخفى للويل، و لا جماعة لمن اختلف عليه نقله ابن قتيبة الدينوري في كتاب الحرب من عيون الأخبار.
ثم إن النسخ المطبوعة من النهج و بعض النسخ الخطية أيضا تخالف ما اخترنا من قوله عليه السلام في كلمة «أطيعاه» فانها موافقة في عدم الضمير المنصوب فيها و ما أتينا به هو ما اختاره السيد الرضي رحمه الله أعني انها من نسخة قوبلت بنسخته رضوان الله عليه.
قوله عليه السلام: «و اجعلاه درعا و مجنا» عطف على قوله عليه السلام اسمعا له، أمرهما بعد الأمر بالسمع و الإطاعة بأن، لا يفارقاه قط فانه لحسن تدبيره و طول باعه في فنون الحرب درع و مجن أي واق و حافظ عن الخصم فحذرهما بأبلغ وجه و أحسن طور عن التأبي لأمره و المفارقة عنه حتى أنهما لو اقتحما في الحرب بدونه كأنهما دخلاها بلا درع و لا مجن.
و من كلامه عليه السلام هذا يعلم جلالة قدر الأشتر و عظم أمره كيف لا و قد جعله لذلك الجيش الكثيف درعا و مجنا و لا يليق بهذا الوصف عن مثل أمير المؤمنين عليه السلام إلا من كان بطلا محاميا و مجاهدا شديد البأس و رابط الجأش. و قال الجاحظ في البيان و التبيين (ص 257 ج 3 طبع القاهرة): يعقوب بن داود قال: ذم رجل الأشتر، فقال له رجل من النخع: اسكت فان حياته هزمت أهل الشام، و موته هزم أهل العراق.
قوله عليه السلام: «فانه ممن لا يخاف- إلخ» الظاهر أن هذا التعليل يتعلق بقوله عليه السلام أمرت عليكما أي أنما أمرت مالكا عليكما و على من في حيز كما لأنه ممن لا يخاف وهنه- إلخ. فدل كلامه عليه السلام على أن هذا الأمر لا يصلح إلا لمن اجتمعت فيه تلك الأوصاف.
و يمكن أن يتعلق بقوله عليه السلام فاسمعا له و تالييه و كأن الأول أولى و أجدر يعني أن مالكا ممن لا يخاف أحد ضعفه و عثرته في المعارك لثبات قدمه في المهالك ثم وصفه بأنه حازم في الامور و بصير فيها بحيث لا يبطىء فيما الاسراع إليه أقرب إلى الحزم، و كذلك لا يسرع فيما الإبطاء عنه أولى و أنسب بل يبطىء عن ما ينبغي الإبطاء عنه، و يسرع إلى ما يليق الاسراع إليه.
ثم إن وصفه عليه السلام مالكا بها يدل على تثبته عند الهزائز، و شجاعته قبال الأبطال و كثرة حذاقته في الامور حيث عرفه أولا بأنه ممن لا يخاف و هنه و لا سقطته و ثانيا بأنه يبطىء في محله و يسرع كذلك و لا ريب أنه إذا كان قوم أميرهم جبانا فمحال أن يرتقوا إلى المدارج العالية و ينالوا المراتب السامية فإن الجبن بوجب الوهن الموجب للسقطة في الامور كلها فأمير الجيش إذا أدركه الجبن أدركته الهزيمة بلا تراخ. و الخطيب إذا أدركه الجبن كل عن التكلم بلا كلام بل ربما لم يقدر على التفوه أو إن تفوه فكثيرا ما يهجر و كذا الحكم في غير الخطيب أيضا و قد مضى طائفة من كلامنا في ذلك في شرح المختار 231 من باب الخطب ص 34 ج 1 من التكملة.
قال ابن قتيبة الدينوري في كتاب الحرب من عيون الأخبار في أخبار الجبناء (ص 165 ج 1 طبع مصر): كان خالد بن عبد الله من الجبناء خرج عليه المغيرة ابن سعيد صاحب المغيرة [من الرافضة] و هو من بجيلة فقال من الدهش: أطعموني ماء فذكره بعضهم فقال:
عاد الظلوم ظليما حين جد به | و استطعم الماء لما جد في الهرب. | |
و قال (ص 164 منه): أبو منذر قال: حدثنا زيد بن وهب، قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عجبا لابن النابغة! يزعم أني تلعابة أعافس و امارس! أما و شر القول أكذبه، إنه يسأل فيلحف و يسأل فيبخل فإذا كان عند البأس فانه امرؤ زاجر مالم تأخذ السيوف مأخذها من هام القوم، فإذا كان كذلك كان أكبر همه أن يبرقط و يمنح الناس استه. قبحه الله و ترحه.
أقول: و قد أتى الرضي رحمه الله في النهج بكلامه عليه السلام هذا لابن النابغة إلا أن بين النسختين تفاوتا في الجملة كما و كيفا، و الرضي توفى 406 ه و ابن قتيبة 276 ه.
قال: و قال عبد الملك بن مروان في امية بن عبد الله بن خالد:
إذا صوت العصفور طار فؤاده | و ليت حديد الناب عند الثرائد | |
قال: قال ابن المقنع: الجبن مقتلة، و الحرص محرمة فانظر فيما رأيت و سمعت: من قتل في الحرب مقبلا أكثر أم من قتل مدبرا؟ و انظر من يطلب إليك بالإجمال و التكرم أحق أن تسخو نفسك له بالعطية أم من يطلب اليك بالشره و الحرص؟
قال: المدائني قال: رأى عمرو بن العاص معاوية يوما يضحك فقال له: مم تضحك يا أمير المؤمنين أضحك الله سنك؟ قال: أضحك من حضور ذهنك عند إبدائك سوءتك يوم ابن أبي طالب أما و الله لقد وافقته منانا كريما، و لو شاء أن يقتلك لقتلك. قال عمرو: يا أمير المؤمنين أما و الله إنى لعن يمينك حين دعاك إلى البراز فاحولت عيناك و ربا سحرك و بدامنك ما أكره ذكره لك فمن نفسك فاضحك أودع.
أقول: و قد مضى كلامنا على التفصيل في دعوة أمير المؤمنين علي عليه السلام معاوية إلى البراز و الحيلة الشنيعة التي احتال بها ابن النابغة في شرح المختار 236 من باب الخطب (ص 316 الى 319 ج 1).
قال الشاعر:
يفر الجبان عن أبيه و امه | و يحمى شجاع القوم من لا يناسبه | |
و الأخبار في الجبناء كثيرة جدا لا يخلو اكثرها عن لطافة و انما أتينا بشرذمة منها روما للتنوع في الكلام الموجب لرفع الكلال.
قوله عليه السلام: «و قد أمرته بمثل الذى أمرتكما ألا يبدأ القوم إلخ-».
قد دريت من الكتاب الذى أرسله عليه السلام إلى الأشتر على ما رواه نصر و أبو جعفر أنه عليه السلام قال له: إياك أن تبدأ القوم بقتال إلا أن يبدءوك- إلخ. فيكون كلامه عليه السلام بمثل الذي أمرتكما بمعنى مثل الذي آمر كما الان. و سيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل الكلام في نهيه عليه السلام امراء جيشه عن أن يبدءوا القوم بقتال في شرح الكتاب التالي لهذا الكتاب اعني الكتاب الرابع عشر، و ترجمة مالك الأشتر رضوان الله عليه في شرح الكتاب 38 أوله من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى القوم الذين غضبوا لله- إلخ.
ثم ينبغي أن يتأمل الأديب الحاذق في الكتاب كيف نسجه الأمير عليه السلام على اسلوب بلغ من البلاغة ما يعد في السحر سيما ذيله: و لا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم و لا إسراعه إلى ما البطؤ عنه أمثل.
الترجمة
يكى از كتابهاى أمير عليه السلام است كه بدو اميرى از اميران سپاهش نوشته است:
همانا كه بر شما و بر هر كه در كنف شما و در تحت امارت شما است مالك بن حارث اشتر را امير گردانيدم پس بشنويد امر او را و فرمان بريد. و وى را زره و سپر خود بگردانيد، چه او كسى است كه بيم سستى و لغزش در او نمى رود.
و خوف درنگى در كارى كه سرعت بدان باحتياط نزديكتر، و سرعت بكارى كه تأنى در آن بهتر است در باره او راه ندارد.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی
__________________________________________________________
[1] ( 1) قد مضى تفصيله في ج 15 ص 220 منه.
[2] ( 1) كان الاصل من نسخة صفين: ألا تبدءوا القوم حتى تلقاهم فتدعوهم و تعذر اليهم.