79 و من كتاب كتبه ع لما استخلف إلى أمراء الأجناد
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ- أَنَّهُمْ مَنَعُوا النَّاسَ الْحَقَّ فَاشْتَرَوْهُ- وَ أَخَذُوهُمْ بِالْبَاطِلِ فَاقْتَدَوْهُ أي منعوا الناس الحق- فاشترى الناس الحق منهم بالرشى و الأموال- أي لم يضعوا الأمور مواضعها- و لا ولوا الولايات مستحقيها- و كانت أمورهم الدينية و الدنياوية تجري على وفق الهوى- و الغرض الفاسد- فاشترى الناس منهم الميراث و الحقوق- كما تشترى السلع بالمال- .
ثم قال و أخذوهم بالباطل فاقتدوه- أي حملوهم على الباطل فجاء الخلف من بعد السلف- فاقتدوا بآبائهم و أسلافهم في ارتكاب ذلك الباطل- ظنا أنه حق لما قد ألفوه و نشئوا و ربوا عليه- . و روي فاستروه بالسين المهملة أي اختاروه- يقال استريت خيار المال أي اخترته- و يكون الضمير عائدا إلى الظلمة لا إلى الناس- أي منعوا الناس حقهم من المال- و اختاروه لأنفسهم و استأثروا به
باب الحكم و المواعظ
باب المختار من حكم أمير المؤمنين و مواعظه و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله و الكلام القصير الخارج من سائر أغراضه اعلم أن هذا الباب من كتابنا كالروح من البدن- و السواد من العين- و هو الدرة المكنونة التي سائر الكتاب صدفها- و ربما وقع فيه تكرار لبعض ما تقدم يسير جدا- و سبب ذلك طول الكتاب و بعد أطرافه عن الذهن- و إذا كان الرضي رحمه الله قدسها- فكرر في مواضع كثيرة في نهج البلاغة على اختصاره- كنا نحن في تكرار يسير في كتابنا الطويل أعذر
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 18