و من كتاب له عليه السّلام إلى معاوية فى أول ما بويع له ذكره الواقدى فى كتاب الجمل
مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ- إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتَ إِعْذَارِي فِيكُمْ- وَ إِعْرَاضِي عَنْكُمْ- حَتَّى كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ لَا دَفْعَ لَهُ- وَ الْحَدِيثُ طَوِيلٌ وَ الْكَلَامُ كَثِيرٌ- وَ قَدْ أَدْبَرَ مَا أَدْبَرَ- وَ أَقْبَلَ مَا أَقْبَلَ- فَبَايِعْ مَنْ قِبَلَكَ- وَ أَقْبِلْ إِلَيَّ فِي وَفْدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ
اللغة
أقول: الوفد: الواردون على الملك.
المعنى
و أعلمه أوّلا إعذاره فيهم إلى اللّه: أى إظهار عذره و ذلك باجتهاده في نصيحة عثمان أوّلا، و نصرة بني اميّة بالذبّ عنه ثانيا، و إعراضه عنهم بعد إياسه من قبول عثمان لنصيحته و عجزه عن نصرته و الدفع عنه حتّى كان ما لابدّ منه و لا دفع له من قبله. ثمّ قال: و الحديث طويل و الكلام كثير: أى في أمره و من قبله.
و قوله: و قد أدبر. إلى قوله: أقبل. يحتمل أن يكون إخبارا له بأنّ بعض الناس أدبر عنه كطلحة و الزبير و من تابعهما و بعضهم أقبل عليه، و يحتمل أن يكون إنشاء أى قد دخل في الإدبار من أدبر عنّى و دخل في الإقبال من أقبل علىّ. ثمّ أمره أن يبايع له من قبله من الجماعة و تقبل إليه، و يحتمل أن يكون الضمير في قوله: فيكم و عنكم خطابا لمعاوية و ساير المسلمين على سبيل التعتّب و التشكّي: أى قد علمت أنّي أعذرت فيكم حيث لم اعاجل مسيئكم بالعقوبة و أعرضت عنكم حتّى كان ما كان من خروج طلحة و الزبير و من تابعهم ممّا لابدّ من وقوعه منهم و لا دفع له. و الحديث في شأنهم طويل، و الكلام في شبهتهم كثير، و قد أدبر من أدبر: أى هؤلاء الخارجون، و أقبل من أقبل. و تمام الكلام بحاله. و اللّه أعلم.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 5 ، صفحهى 233