و من كلام له عليه السّلام
إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَيُفَوِّقُونَنِي تُرَاثَ مُحَمَّدٍ ص تَفْوِيقاً- وَ اللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ- لَأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ اللَّحَّامِ الْوِذَامَ التَّرِبَةَ و يروى «التراب
الوذمة». و هو على القلب. قال الشريف: و قوله عليه السّلام «ليفوقوننى» أى. يعطونني من المال قليلا كفواق الناقة،
و هو الحلبة الواحدة من لبنها، و الوذام: جمع و ذمة و هى: الحزة من الكرش أو الكبد تقع فى التراب فتنفض.
المعنى
أقول: استعار لفظ التفويق لعطيّتهم له المال قليلا، و وجه المشابهه هو قلّة ما يعطونه منه مع كونه في دفعات كما يعطى الفصيل ضرع امّه لتدرّ، ثم يدفع عنها لتحلب، ثمّ يعاد إليها لتدرّ. و تراث محمّد إشارة إلى الفىء الحاصل ببركة محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم و هو التراث اللغوىّ المكتسب عن الميّت بوجه ما، ثمّ أقسم إن بقى لبنى اميّة ليحرمنّهم التقدّم في الامور، و استعار لفظ النفض لإبعادهم عن ذلك، و شبّه نفضه لهم بنفض القصّاب القطعة من الكبد أو الكرش من التراب إذا أصابته. و هذه الرواية هو الحقّ، و الثانية سهو من الناقلين.
و قد ورد عنه هذا الكلام بزيادة و نقصان في رواية اخرى و ذلك أنّ سعيد بن العاص حيث كان أمير الكوفة من قبل عثمان بعث إليه بصلة فقال: و اللّه لا يزال غلام من عثمان بني اميّة يبعث إلينا ما أفاء اللّه على رسوله بمثل قوت الأرملة، و اللّه لئن بقيت لأنفضنّها نفض القصّاب الوذام التربة.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحرانی)، ج 2 ، صفحه ى 213