و قال عليه السّلام فى سحرة اليوم الذى ضرب فيه
مَلَكَتْنِي عَيْنِي وَ أَنَا جَالِسٌ- فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ص فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ- مَا ذَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الْأَوَدِ
وَ اللَّدَدِ فَقَالَ ادْعُ عَلَيْهِمْ- فَقُلْتُ أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ- وَ أَبْدَلَهُمْ بِي شَرّاً لَهُمْ مِنِّي قال الشريف:
يعنى بالأود الاعوجاج، و باللدد الخصام و هذا من أفصح الكلام
المعنى
أقول: السحرة: السحر الأعلى، و أمّا كيفيّة قتله عليه السّلام فمذكور في التواريخ.
و قوله: ملكتنى عينى. استعارة حسنة و تجوّز في التركيب أمّا الاستعارة فلفظ الملك للنوم، و وجه الاستعارة دخول النائم في غلبة النوم و قهره و منعه له أن يتصرّف في نفسه كما يمنع الملك العبد من التصرّف في أمره، و أمّا التجوّز ففى العين و في الإسناد إليها. أمّا الأول فأطلق لفظ العين على النوم لما بينها من الملابسة إذ إطباق الجفون من عوارضها، و أمّا الثاني فإسناد الملك إلى النوم المتجوّز فيه بلفظ العين. و الواو في قوله: و أنا. للحال.
و قوله: فسنح إلى آخره.
أراد بالسنح حضور صورة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في لوح خياله كما علمت و شكايته منهم و جواب الرسول له يستلزم أمرين: أحدهما أنّه عليه السّلام كان في غاية الكرب من تقصيرهم في إجابة ندائه و دعوته إلى الجهاد حتّى انتهت الحال إلى قتله. الثاني عدم رضا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عنهم.
و قوله: أبدلهم بى شرّا لهم منّى. لا يستلزم أنّ فيه شرّا كما قدّمنا بيانه. و باللّه التوفيق.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحرانی)، ج 2 ، صفحه ى 192