و من كلام له عليه السّلام
وَ اللَّهِ لَا يَزَالُونَ- حَتَّى لَا يَدَعُوا لِلَّهِ مُحَرَّماً إِلَّا اسْتَحَلُّوهُ- وَ لَا عَقْداً إِلَّا حَلُّوهُ- وَ حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ وَ لَا وَبَرٍ- إِلَّا دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ- وَ نَبَا بِهِ سُوءُ رَعْيِهِمْ وَ حَتَّى يَقُومَ الْبَاكِيَانِ يَبْكِيَانِ- بَاكٍ يَبْكِي لِدِينِهِ- وَ بَاكٍ يَبْكِي لِدُنْيَاهُ- وَ حَتَّى تَكُونَ نُصْرَةُ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِهِمْ- كَنُصْرَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ- إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ- وَ إِذَا غَابَ اغْتَابَهُ- وَ حَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَكُمْ فِيهَا عَنَاءً أَحْسَنُكُمْ بِاللَّهِ ظَنّاً- فَإِنْ أَتَاكُمُ اللَّهُ بِعَافِيَةٍ فَاقْبَلُوا- وَ إِنِ ابْتُلِيتُمْ فَاصْبِرُوا- فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
اللغة
أقول: نبابه المنزل: إذا لم يوافقه. و العناء: التعب.
و الإشارة في هذا الفصل إلى بنى اميّة
فأقسم لا يزالون ظالمين فحذف الخبر للعلم به و ذكر لظلمهم غايات: إحداها: أنّهم لا يدعون محرّما إلّا استحلّوه، و أعظم كباير المحرّمات الظلم و قتل النفس و حالهم فيهما مشهور فما ظنّك بغيرهما، و معنى قوله: استحلّوه: استعملوه كاستعمال الحلال في عدم التحرّج و التأثّم به. الثانية: أن لا يدعوا عقدا إلّا حلّوه: أى من عقود الإسلام الّتى نظم بها أمر العالم من قوانين الشرع و ضوابطه، و حلّة كناية عن حزم تلك القواعد بمخالفتها. الثالثة: أنّه لا يبقى بيت مدر و لا وبر إلّا دخله ظلمهم، و هو كناية عن عموم عداوتهم و بغيهم على جميع الخلق من البدو و الحضر،
و قوله: و نبا به سوء رعيهم: أى أوجب سوء رعيهم لأهله نبوّهم عنه. الرابعة: أن يقوم الباكيان باك يبكى لدينه، و باك يبكى لدنياه. الخامسة: و حتّى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيّده، ذكر المشبّه و المشبّه به ثمّ أشار إلى وجه الشبه بقوله: إذا شهد أطاعه و إذا غاب اغتابه. العاشر: و حتّى يكون أعظمكم فيها عناء أحسنكم باللّه ظنّا، و إنّما كان كذلك لأنّ من حسن الظنّ باللّه كان أشدّ الناس بعدا منهم و توكّلا عليه فيكونون عليه أشد كلبا و له أقوى طلبا فكان منهم أكثر تعبا، ثمّ أردف ذلك بأمر من أتته العافية أن يقبلها، و يشكر اللّه عليها نعمة، و أراد العافية من الابتلاء بشرورهم لبعض الناس أو بقائم عدل مخلص من بلائهم، و يأمر من ابتلى بهم بالصبر على ما ابتلى به و وعده على ذلك بحسن العافية لازما للتقوى و الصبر كما قال تعالى فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحرانی)، ج 2 ، صفحهى 410