خطبه 75 شرح ابن میثم بحرانی

و من كلمات كان يدعو بها  

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي- فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَيْتُ مِنْ نَفْسِي وَ لَمْ تَجِدْ لَهُ

وَفَاءً عِنْدِي- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ بِلِسَانِي- ثُمَّ خَالَفَهُ قَلْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الْأَلْحَاظِ- وَ سَقَطَاتِ

الْأَلْفَاظِ وَ شَهَوَاتِ الْجَنَانِ وَ هَفَوَاتِ اللِّسَانِ

اللغة

أقول: الوأى: الوعد.

و الرمزات: جمع رمزة و هى الإشارة بالعين أو الحاجب أو الشفة.

و السقط من الشي‏ء: رديئه.

و الهفوة: الزلّة.

المعنى

و قد سأل اللّه سبحانه في جميع هذا الفصل المغفرة. و مغفرة اللّه للعبد تعود إلى ستره عليه أن يقع في مهاوى الهلكة في الآخرة أو يكشف مقابحه لأهل الدنيا فيها و كلّ ذلك يعود إلى توفيقه لأسباب السعادة و جذبه بها عن متابعة الشيطان في المعاصى قبل صدورها منه أو قبل صيرورتها ملكات في جوهر نفسه و المطلوب غفره امور:

الأوّل: ما اللّه أعلم به منه ممّا هو عند اللّه معصية و سيّئة في حقّه و هو لا يعلمها فيفعلها، ثمّ طلب تكرار مغفرة اللّه لما يعاوده و يتكرّر منه كذلك. و إذا تصوّرت معنى المغفرة تصوّرت كيف تكرارها.

الثاني: ما وعد نفسه أن يفعله للّه ثمّ لم يوف به. و ما هاهنا مصدريّة. و لا شكّ أنّ مطال النفس بفعل الخير و عدم الوفاء به إنّما يكون عن خاطر شيطانىّ يجب أن يستغفر اللّه له و يسأل ستره ببعث الدواعى الجاذبة عن متابعة الشيطان المحرّك له.

الثالث: شوب النفس ما يتقرّب به من الأعمال إلى اللّه بالرياء و السمعة و مخالفة نيّة القربة إليه بقصد غيره لها. و لا شكّ أنّ ذلك شرك خفىّ جاذب عن الترقّى في درجات العلى، و يحتاج إلى تدارك اللّه بالمغفرة و الجذب عنه قبل تمكّنه من النفس.

الرابع: الإشارة باللحظ. و هو الايماء الخارج عن الحدود الشريعة كما يفعل‏  عند التنبيه على شخص ليعاب أو ليضحك منه أو يظلم. و كلّ تلك عن خواطر شيطانيّة ينبغي أن يسأل اللّه تعالى رفع أسبابها و ستر النفس عن التدنّس بها.

الخامس: سقطات الألفاظ و الردى‏ء من القول. هو ما تجاوز حدود اللّه و خرج بها الإنسان عن مستقيم صراطه.

السادس: شهوات القلوب. فمن روى بالشين المعجمة فالمراد جذب القوّة الشهويّة للنفس: أى مشتهياتها، و من روى بالسين فسهوات القلب خواطره الّتي لا يشعر بتفصيلها إذا خالفت أو امر اللّه و قد تستتبع حركة بعض الجوارح إلى فعل خارج عن حدود اللّه أيضا و ذلك و إن كان لا يوجب أثرا في النفس و لا يؤخذ به إلّا أنّه ربّما يقوى بقوّة أسبابه و كثرتها فيقطع العبد عن سلوك سبيل اللّه كما في حقّ المنهمكين في لذّات الدنيا المتجرّ دين لها فإنّ أحدهم ربّما رام أن يصلّى الفرض فيصلّى الصلاة الواحدة مرّتين أو مرارا و لا يستثبت عدد ركعاتها و سجداتها، و غفر مثل ذلك بجذب العبد عن الأسباب الموجبة له.

السابع: هفوات اللسان: أى الزلل الحاصل من قبله. و مادّته أيضا خاطر شيطانىّ، و غفره بتوفيقه لمقاومة هواه. و أعلم أنّ الشيعة لمّا أوجبوا عصمته عليه السّلام عن المعاصى حملوا طلبه لمغفرة هذه الامور على وجهين: أحدهما: و هو الأدّق أنّ طلبه لغفرانها إنّما هو على تقدير وقوعها منه فكأنّه قال: اللهمّ إن صدر عنّى شي‏ء من هذه الامور فاغفره لى، و قد علمت أنّه لا يلزم من صدق الشرطيّة صدق كلّ واحد من جزئيها فلا يلزم من صدق كلامه صدور شي‏ء منها حتّى يحتاج إلى المغفرة.
الثاني: أنّهم حملوا ذلك على تأديب الناس و تعليمهم كيفيّة الاستغفار من الذنوب أو على التواضع و الاعتراف بالعبوديّة و أنّ البشر في مظنّة التقصير و الإساءة. و أمّا من لم يوجب عصمته فالأمر معه ظاهر. و باللّه التوفيق.

شرح ‏نهج ‏البلاغة(ابن ‏ميثم بحرانی)، ج 2 ، صفحه‏ ى 214

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.