45 و من خطبة له ع
الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ- وَ لَا مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ- وَ لَا مَأْيُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ- وَ لَا مُسْتَنْكَفٍ عَنْ عِبَادَتِهِ- الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ- وَ لَا تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ- وَ الدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ لَهَا الْفَنَاءُ- وَ لِأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءُ- وَ هِيَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ- وَ قَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ- وَ الْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ- فَارْتَحِلُوا مِنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ- وَ لَا تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ الْكَفَافِ- وَ لَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ مني لها الفناء أي قدر- و الجلاء بفتح الجيم الخروج عن الوطن- قال سبحانه وَ لَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ- . و حلوة خضرة مأخوذ من قول رسول الله ص إن الدنيا حلوة خضرة- و إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون – . و الكفاف من الرزق قدر القوت- و هو ما كف عن الناس أي أغنى- . و البلاغ و البلغة من العيش ما يتبلغ به- .
و اعلم أن هذا الفصل- يشتمل على فصلين من كلام أمير المؤمنين ع- أحدهما حمد الله و الثناء عليه إلى قوله- و لا تفقد له نعمة- و الفصل الثاني ذكر الدنيا إلى آخر الكلام- و أحدهما غير مختلط بالآخر و لا منسوق عليه- و لكن الرضي رحمة الله تعالى- يلتقط كلام أمير المؤمنين ع التقاطا- و لا يقف مع الكلام المتوالي- لأن غرضه ذكر فصاحته ع لا غير- و لو أتى بخطبه كلها على وجه ها- لكانت أضعاف كتابه الذي جمعه
فصل بلاغي في الموازنة و السجع
فأما الفصل الأول– فمشتمل من علم البيان على باب كبير يعرف بالموازنة- و ذلك غير مقنوط- فإنه وازنه في الفقرة الثانية بقوله و لا مخلو- أ لا ترى أن كل واحدة منهما على وزن مفعول- ثم قال في الفقرة الثالثة و لا مأيوس- فجاء بها على وزن مفعول أيضا- و لم يمكنه في الفقرة الرابعة ما أمكنه في الأولى- فقال و لا مستنكف فجاء به على وزن مستفعل- و هو و إن كان خارجا عن الوزن- فإنه غير خارج عن المفعولية- لأن مستفعل مفعول في الحقيقة- كقولك زيد مستحسن- أ لا ترى أن مستحسنا من استحسنه- فهو أيضا غير خارج عن المفعولية- . ثم وازن ع بين قوله لا تبرح- و قوله لا تفقد و بين رحمة و نعمة- فأعطت هذه الموازنات الكلام من الطلاوة- و الصنعة ما لا تجده عليه- لو قال الحمد لله غير مخلو من نعمته و لا مبعد من رحمته- لأن مبعد بوزن مفعل- و هو غير مطابق و لا مماثل لمفعول بل هو بناء آخر- . و كذلك لو قال لا تزول منه رحمة- فإن تزول ليست في المماثلة و الموازنة لتفقد كتبرح- أ لا ترى أنها معتلة و تلك صحيحة- و كذلك لو قال لا تبرح منه رحمة و لا يفقد له أنعام- فإن أنعاما ليس في وزن رحمة- و الموازنة مطلوبة في الكلام الذي يقصد فيه الفصاحة- لأجل الاعتدال الذي هو مطلوب الطبع في جميع الأشياء- و الموازنة أعم من السجع- لأن السجع تماثل أجزاء الفواصل- لو أوردها على حرف واحد- نحو القريب و الغريب و النسيب و ما أشبه ذلك- و أما الموازنة فنحو القريب و الشديد و الجليل- و ما كان على هذا الوزن- و إن لم يكن الحرف الآخر بعينه واحدا- و كل سجع موازنة و ليس كل موازنة سجعا- و مثال الموازنة في الكتاب العزيز- وَ آتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ- وَ هَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ- و قوله تعالى- لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا- ثم قال وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا- ثم قال تَؤُزُّهُمْ أَزًّا- ثم قال نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا فهذه الموازنة- . و مما جاء من المثال في الشعر قوله-
بأشدهم بأسا على أعدائهم
و أعزهم فقدا على الأصحاب
فقوله و أعزهم بإزاء أشدهم- و قوله فقدا بإزاء بأسا- . و الموازنة كثيرة في الكلام- و هي في كتاب الله تعالى أكثر نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة و ذم الطمع
فأما الفصل الثاني فيشتمل على التحذير من الدنيا- و على الأمر بالقناعة و الرضا بالكفاف- فأما التحذير من الدنيا فقد ذكرنا و نذكر منه ما يحضرنا- و أما القناعة فقد ورد فيها شيء كثير- .قال رسول الله ص لأخوين من الأنصار لا تيئسا من روح الله ما تهزهزت رءوسكما- فإن أحدكم يولد لا قشر عليه ثم يكسوه الله و يرزقه و عنه ص و يعزى إلى أمير المؤمنين ع القناعة كنز لا ينفد – و ما يقال إنه من كلام لقمان الحكيم كفى بالقناعة عزا و بطيب النفس نعيما و من كلام عيسى ع اتخذوا البيوت منازل و المساجد مساكن- و كلوا من بقل البرية- و اشربوا من الماء القراح- و اخرجوا من الدنيا بسلام- لعمري لقد انقطعتم إلى غير الله فما ضيعكم- أ فتحافون الضيعة إذا انقطعتم إليه – . و في بعض الكتب الإلهية القديمة- يقول الله تعالى يا ابن آدم- أ تخاف أن أقتلك بطاعتي هزلا- و أنت تتفتق بمعصيتي سمنا
قال أبو وائل- ذهبت أنا و صاحب لي إلى سلمان الفارسي فجلسنا عنده- فقال لو لا أن رسول الله ص نهى عن التكلف لتكلفت لكم- ثم جاء بخبز و ملح ساذج لا أبزار عليه- فقال صاحبي لو كان لنا في ملحنا هذا سعتر- فبعث سلمان بمطهرته فرهنها على سعتر- فلما أكلنا قال صاحبي الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا- فقال سلمان لو قنعت بما رزقك لم تكن مطهرتي مرهونة- . عباد بن منصور- لقد كان بالبصرة من هو أفقه من عمرو بن عبيد و أفصح- و لكنه كان أصبرهم عن الدينار و الدرهم- فساد أهل البصرة- . قال خالد بن صفوان لعمرو بن عبيد لم لا تأخذ مني- فقال لا يأخذ أحد من أحد إلا ذل له- و أنا أكره أن أذل لغير الله- .
كان معاش عمرو بن عبيد من دار ورثها- كان يأخذ أجرتها في كل شهر دينارا واحدا فيتبلغ به- . الخليل بن أحمد كان الناس يكتسبون الرغائب بعلمه- و هو بين أخصاص البصرة- لا يلتفت إلى الدنيا و لا يطلبها- . وهب بن منبه أرملت مرة حتى كدت أقنط- فأتاني آت في المنام و معه شبه لوزة- فقال افضض ففضضتها- فإذا حريرة فيها ثلاثة أسطر- لا ينبغي لمن عقل عن الله أمره و عرف لله عدله- أن يستبطئ الله في رزقه فقنعت و صبرت- ثم أعطاني الله فأكثر- .
قيل للحسن ع إن أبا ذر كان يقول- الفقر أحب إلي من الغنى- و السقم أحب إلي من الصحة- فقال رحم الله أبا ذر- أما أنا فأقول من اتكل إلى حسن الاختيار من الله- لم يتمن أنه في غير الحال التي اختارها الله له- لعمري يا ابن آدم الطير لا تأكل رغدا- و لا تخبأ لغد و أنت تأكل رغدا و تخبأ لغد- فالطير أحسن ظنا منك بالله عز و جل – حبس عمر بن عبد العزيز الغذاء عن مسلمة- حتى برح به الجوع- ثم دعا بسويق فسقاه- فلما فرغ منه لم يقدر على الأكل- فقال يا مسلمة- إذا كفاك من الدنيا ما رأيت- فعلام التهافت في النار- . عبد الواحد بن زيد- ما أحسب شيئا من الأعمال- يتقدم الصبر إلا الرضا و القناعة- و لا أعلم درجة أرفع من الرضا و هو رأس المحبة- . قال ابن شبرمة في محمد بن واسع- لو أن إنسانا اكتفى بالتراب لاكتفى به- .
يقال من جملة ما أوحى الله تعالى إلى موسى ع قل لعبادي المتسخطين لرزقي- إياكم أن أغضب فأبسط عليكم الدنيا – . كان لبعض الملوك نديم فسكر ففاتته الصلاة- فجاءت جارية له بجمرة نار- فوضعتها على رجله فانتبه مذعورا- فقالت إنك لم تصبر على نار الدنيا- فكيف تصبر على نار الآخرة- فترك الدنيا و انقطع إلى العبادة و قعد يبيع البقل- فدخل عليه الفضيل و ابن عيينة فإذا تحت رأسه لبنة- و ليس تحت جنبه حصير- فقالا له إنا روينا- أنه لم يدع أحد شيئا لله إلا عوضه خيرا منه فما عوضك- قال القناعة و الرضا بما أنا فيه- . أصابت داود الطائي ضائقة شديدة- فجاء حماد بن أبي حنيفة بأربعمائة درهم من تركة أبيه- فقال داود هي لعمري من مال رجل- ما أقدم عليه أحدا في زهده و ورعه و طيب كسبه- و لو كنت قابلا من أحد شيئا- لقبلتها إعظاما للميت و إيجابا للحي- و لكني أحب أن أعيش في عز القناعة- . سفيان الثوري ما أكلت طعام أحد قط إلا هنت عليه- . مسعر بن كدام من صبر على الخل و البقل لم يستعبد- . فضيل أصل الزهد الرضا بما رزقك الله- أ لا تراه كيف يصنع بعبده- ما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها- تطعمه مرة خبيصا و مرة صبرا- تريد بذلك ما هو أصلح له- . المسيح ع أنا الذي كببت الدنيا على وجهها و قدرتها بقدرها- ليس لي ولد يموت و لا بيت يخرب- وسادي الحجر و فراشي المدر و سراجي القمر أمير المؤمنين ع أكل تمر دقل ثم شرب عليه ماء و مسح بطنه و قال من أدخلته بطنه النار فأبعده الله ثم أنشد-
فإنك إن أعطيت بطنك سؤله
و فرجك نالا منتهى الذم أجمعا
في الحديث الصحيح المرفوع إن روح القدس نفث في روعي- أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها- فأجملوا في الطلب – . من كلام الحكماء- من ظفر بالقناعة فقد ظفر بالكيمياء الأعظم- . الحسن الحريص الراغب- و القانع الزاهد كلاهما مستوف أجله مستكمل أكله- غير مزداد و لا منتقص مما قدر له- فعلام التقحم في النار- .ابن مسعود رفعه إنه ليس أحد بأكيس من أحد- قد كتب النصيب و الأجل- و قسمت المعيشة و العمل- و الناس يجرون منهما إلى منتهى معلوم المسيح ع انظروا إلى طير السماء تغدو و تروح- ليس معها شيء من أرزاقها- لا تحرث و لا تحصد و الله يرزقها- فإن زعمتم أنكم أوسع بطونا من الطير- فهذه الوحوش من البقر و الحمر- لا تحرث و لا تحصد و الله يرزقها – .
سويد بن غفلة كان إذا قيل له قد ولي فلان- يقول حسبي كسرتي و ملحي- . وفد عروة بن أذينة على هشام بن عبد الملك- فشكا إليه خلته- فقال له أ لست القائل-
لقد علمت و ما الإشراف من خلقي
أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى له فيعنيني تطلبه
و لو قعدت أتاني لا يعنيني
فكيف خرجت من الحجاز إلى الشام تطلب الرزق- ثم اشتغل عنه- فخرج و قعد على ناقته و نصها راجعا إلى الحجاز- فذكره هشام في الليل فسأل عنه- فقيل إنه رجع إلى الحجاز فتذمر و ندم- و قال رجل قال حكمة و وفد علي مستجديا فجبهته و رددته- ثم وجه إليه بألفي درهم- فجاء الرسول و هو بالمدينة فدفعها إليه- فقال له قل لأمير المؤمنين كيف رأيت سعيت فأكديت- و قعدت في منزلي فأتاني رزقي- . عمر بن الخطاب تعلم أن الطمع فقر و أن اليأس غنى- و من يئس من شيء استغنى عنه- أهدي لرسول الله ص طائران- فأكل أحدهما عشية- فلما أصبح طلب غداء- فأتته بعض أزواجه بالطائر الآخر- فقال أ لم أنهك أن ترفعي شيئا لغد- فإن من خلق الغد خلق رزقه و في الحديث المرفوع قد أفلح من رزق كفافا و قنعه الله بما آتاه من حكمة سليمان ع قد جربنا لين العيش و شدته فوجدنا أهنأه أدناه وهب في قوله تعالى- فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً قال القناعة- . بعض حكماء الشعراء-
فلا تجزع إذا أعسرت يوما
فقد أيسرت في الدهر الطويل
و لا تظنن بربك ظن سوء
فإن الله أولى بالجميل
و إن العسر يتبعه يسار
و قيل الله أصدق كل قيل
و لو أن العقول تجر رزقا
لكان المال عند ذوي العقول
عائشة قال لي رسول الله ص إن أردت اللحوق بي- فيكفيك من الدنيا زاد الراكب- و لا تخلقي ثوبا حتى ترقعيه- و إياك و مجالسة الأغنياء يقال إن جبرائيل ع- جاء إلى رسول الله ص بمفاتيح خزائن الدنيا- فقال لا حاجة لي فيها بل جوعتان و شبعة – . وجد مكتوبا على صخرة عادية- يا ابن آدم لست ببالغ أملك- و لا سابق أجلك و لا مغلوب على رزقك- و لا مرزوق ما ليس لك- فعلام تقتل نفسك- . الحسين بن الضحاك-
يا روح من عظمت قناعته
حسم المطامع من غد و غد
من لم يكن لله متهما
لم يمس محتاجا إلى أحد
أوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه- أ تدري لم رزقت الأحمق قال لا- قال ليعلم العاقل أن طلب الرزق ليس بالاحتمال قنط يوسف بن يعقوب ع في الجب لجوع اعتراه- فأوحي إليه انظر إلى حائط البئر- فنظر فانفرج الحائط عن ذرة على صخرة معها طعامها- فقيل له أ تراني لا أغفل عن هذه الذرة و أغفل عنك- و أنت نبي ابن نبي دخل علي ع المسجد- و قال لرجل أمسك على بغلتي- فخلع لجامها و ذهب به- فخرج علي ع بعد ما قضى صلاته- و بيده درهمان ليدفعهما إليه مكافأة له- فوجد البغلة عطلا- فدفع إلى أحد غلمانه الدرهمين- ليشتري بهما لجاما- فصادف الغلام اللجام المسروق في السوق- قد باعه الرجل بدرهمين- فأخذه بالدرهمين و عاد إلى مولاه- فقال علي ع- إن العبد ليحرم نفسه الرزق الحلال بترك الصبر- و لا يزاد على ما قدر له سليمان بن المهاجر البجلي-
كسوت جميل الصبر وجهي فصانه
به الله عن غشيان كل بخيل
فلم يتبذلني البخيل و لم أقم
على بابه يوما مقام ذليل
و إن قليلا يستر الوجه أن يرى
إلى الناس مبذولا لغير قليل
وقف بعض الملوك على سقراط و هو في المشرقة- فقال له سل حاجتك- قال حاجتي أن تزيل عني ظلك- فقد منعتني الرفق بالشمس- فأحضر له ذهبا و كسوة ديباج- فقال إنه لا حاجة بسقراط إلى حجارة الأرض و لعاب الدود- إنما حاجته إلى أمر يصحبه حيثما توجه- . صلى معروف الكرخي خلف إمام- فلما انفتل سأل ذلك الإمام معروفا من أين تأكل- قال اصبر علي حتى أعيد ما صليته خلفك قال لما ذا- قال لأن من شك في الرزق شك في الرازق- قال الشاعر
و لا تهلكن النفس وجدا و حسرة
على الشيء أسداه لغيرك قادرة
و لا تيأسن من صالح أن تناله
و إن كان نهبا بين أيد تبادره
فإنك لا تعطي أمرا حظ نفسه
و لا تمنع الشق الذي الغيث ناصره
قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب- قد مللت الناس و أحببت أن ألحق بصاحبي- فقال إن سرك اللحوق بهما فقصر أملك- و كل دون الشبع و اخصف النعل- و كن كميش الإزار مرقوع القميص تلحق بهما – . و قال بعض شعراء العجم-
غلا السعر في بغداد من بعد رخصة
و إني في الحالين بالله واثق
فلست أخاف الضيق و الله واسع
غناه و لا الحرمان و الله رازق
قيل لعلي ع لو سد على رجل باب بيت و ترك فيه- من أين كان يأتيه رزقه- قال من حيث كان يأتيه أجله – . قال بعض الشعراء-
صبرت النفس لا أجز
ع من حادثة الدهر
رأيت الرزق لا يكسب
بالعرف و لا النكر
و لا بالسلف الأمثل
أهل الفضل و الذكر
و لا بالسمر اللدن
و لا بالخذم البتر
و لا بالعقل و الدين
و لا الجاه و لا القدر
و لا يدرك بالطيش
و لا الجهل و لا الهذر
و لكن قسم تجري
بما ندري و لا ندري
جاء فتح بن شخرف إلى منزله بعد العشاء- فلم يجد عندهم ما يتعشى به- و لا وجد دهنا للسراج و هم في الظلمة- فجلس ليلة يبكي من الفرح- و يقول بأي يد قد كانت مني- بأي طاعة تنعم علي بأن أترك على مثل هذه الحال- . لقي هرم بن حيان أويسا القرني- فقال السلام عليك يا أويس بن عامر- فقال و عليك السلام يا هرم بن حيان- فقال هرم أما إني عرفتك بالصفة فكيف عرفتني- قال إن أرواح المؤمنين لتشام كما تشام الخيل- فيعرف بعضها بعضا قال أوصني- قال عليك بسيف البحر- قال فمن أين المعاش- قال أف لك خالطت الشك الموعظة- أ تفر إلى الله بدينك و تتهمه في رزقك- . منصور الفقيه-
الموت أسهل عندي
بين القنا و الأسنه
و الخيل تجري سراعا
مقطعات الأعنه
من أن يكون لنذل
على فضل و منه
أعرابي-
أ تيئس أن يقارنك النجاح
فأين الله و القدر المتاح
قال رجل لرسول الله ص أوصني- قال إياك و الطمع فإنه فقر حاضر- و عليك باليأس مما في أيدي الناس – . حكيم أحسن الأحوال حال يغبطك بها من دونك- و لا يحقرك لها من فوقك- . أبو العلاء المعري-
فإن كنت تهوى العيش فابغ توسطا
فعند التناهي يقصر المتطاول
توقي البدور النقص و هي أهلة
و يدركها النقصان و هي كوامل
خالد بن صفوان كن أحسن ما تكون في الظاهر حالا- أقل ما تكون في الباطن مالا- فإن الكريم من كرمت عند الحاجة خلته- و اللئيم من لؤمت عند الفاقة طعمته- . شعر-
و كم ملك جانبته من كراهة
لإغلاق باب أو لتشديد حاجب
ولي في غنى نفسي مراد و مذهب
إذا أبهمت دوني وجوه المذاهب
بعض الحكماء- ينبغي للعاقل أن يكون في دنياه كالمدعو إلى الوليمة- إن أتته صحفة تناولها- و إن جازته لم يرصدها و لم يطلبها
شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد) ج 3