google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
220-240 خطبه ها شرح ابن ابی الحدیدخطبه ها شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

خطبه 222 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)(دعاء)

222 و من دعاء له ع

اللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ الآْنِسِينَ لِأَوْلِيَائِكَ- وَ أَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَايَةِ لِلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ- تُشَاهِدُهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ وَ تَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ- وَ تَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ- فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ إِلَيْكَ مَلْهُوفَةٌ- إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ- وَ إِنْ صُبَّتْ عَلَيْهِمُ الْمَصَائِبُ لَجَئُوا إِلَى الِاسْتِجَارَةِ بِكَ- عِلْماً بِأَنَّ أَزِمَّةَ الْأُمُورِ بِيَدِكَ- وَ مَصَادِرَهَا عَنْ قَضَائِكَ- اللَّهُمَّ إِنْ فَهِهْتُ عَنْ مَسْأَلَتِي أَوْ عَمِيتُ عَنْ طِلْبَتِي- فَدُلَّنِي عَلَى مَصَالِحِي- وَ خُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَرَاشِدِي- فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنُكْرٍ مِنْ هِدَايَاتِكَ- وَ لَا بِبِدْعٍ مِنْ كِفَايَاتِكَ- اللَّهُمَّ احْمِلْنِي عَلَى عَفْوِكَ وَ لَا تَحْمِلْنِي عَلَى عَدْلِكَ أنست ضد وحشت و الإيناس ضد الإيحاش- و كان القياس أن يقول إنك آنس المؤنسين- لأن الماضي أفعل و إنما الآنسون جمع آنس- و هو الفاعل من أنست بكذا لا من آنست- فالرواية الصحيحة إذن بأوليائك- أي أنت أكثرهم أنسا بأوليائك و عطفا و تحننا عليهم- . و أحضرهم بالكفاية- أي أبلغهم إحضارا لكفاية المتوكلين عليهم- و أقومهم بذلك-تشاهدهم في سرائرهم أي تطلع على غيبهم- و البصائر العزائم نفذت بصيرته في كذا أي حق عزمه- . و قلوبهم إليك ملهوفة أي صارخة مستغيثه- . و فههت عن مسألتي بالكسر عييت- و الفهة و الفهاهة العي- رجل أفه و رجل فه أيضا و امرأة فههة- قال الشاعر-

فلم تلفني فها و لم تلف حاجتي
ملجلجة أبغي لها من يقيمها

 و قد فههت يا رجل فهها أي عييت- و يقال سفيه فهيه و فههه الله- و خرجت لحاجة فأفهني عنها فلان أي أنسانيها- . و يروى أو عمهت بالهاء و الميم المكسورة- و العمه التحير و التردد- عمه الرجل فهو عمه و عامه و الجمع عمه- و أرض عمهاء لا أعلام بها- . و النكر العجب و البدع المبتدع- و منه قوله تعالى- قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ- أي لم آت بما لم أسبق إليه- . و مثل قوله ع- اللهم احملني على عفوك و لا تحملني على عدلك- قول المروانية للهاشمية- لما قتل مروان في خبر قد اقتصصناه قديما- ليسعنا عدلكم- قالت الهاشمية إذن لا نبقي منكم أحدا- لأنكم حاربتم عليا ع- و سممتم الحسن ع- و قتلتم الحسين و زيدا و ابنه و ضربتم علي بن عبد الله- و خنقتم إبراهيم الإمام في جراب النورة- . قالت قد يسعنا عفوكم قالت أما هذا فنعم‏

أدعية فصيحة من كلام أبي حيان التوحيدي

و من الدعوات الفصيحة المستحسنة- فصول من كلام أبي حيان التوحيدي نقلتها- . فمنها اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك- و من الأمل إلا فيك و من التسليم إلا لك- و من التفويض إلا إليك و من التوكل إلا عليك- و من الطلب إلا منك و من الرضا إلا عنك- و من الذل إلا في طاعتك- و من الصبر إلا على بلائك- و أسألك أن تجعل الإخلاص قرين عقيدتي- و الشكر على نعمك شعاري و دثاري- و النظر إلى ملكوتك دأبي و ديدني- و الانقياد لك شأني و شغلي و الخوف منك أمني و إيماني- و اللياذ بذكرك بهجتي و سروري- .

اللهم تتابع برك و اتصل خيرك و عظم رفدك- و تناهى إحسانك و صدق وعدك- و بر قسمك و عمت فواضلك و تمت نوافلك- و لم تبق حاجة إلا و قد قضيتها أو تكلفت بقضائها- فاختم ذلك كله بالرضا و المغفرة- إنك أهل ذلك و القادر عليه و الملي به- . و منها اللهم إني أسألك خفايا لطفك- و فواتح توفيقك و مألوف برك- و عوائد إحسانك و جاه المقدسين من ملائكتك- و منزلة المصطفين من رسلك و مكاثرة الأولياء من خلقك- و عاقبة المتقين من عبادك- .

و أسألك القناعة برزقك و الرضا بحكمك- و النزاهة عن محظورك- و الورع في شبهاتك و القيام بحجتك- و الاعتبار بما أبديت و التسليم لما أخفيت- و الإقبال على ما أمرت و الوقوف عما زجرت- حتى أتخذ الحق حجة عند ما خف و ثقل- و الصدق سنة فيما عسر و سهل- و حتى أرى أن شعار الزهد أعز شعار- و منظر الباطل أشوه منظر-فأتبختر في ملكوتك بفضفاض الرداء بالدعاء إليك- و أبلغ الغاية القصوى بين خلقك بالثناء عليك- .

و منها اللهم إليك أرفع عجري و بجري- و بك أستعين في عسري و يسري- و إياك أدعو رغبا و رهبا- فإنك العالم بتسويل النفس و فتنة الشيطان- و زينة الهوى و صرف الدهر- و تلون الصديق و بائقة الثقة- و قنوط القلب و ضعف المنة و سوء الجزع- . فقني اللهم ذلك كله- و اجمع من أمري شمله و انظم من شأني شتيته- و احرسني عند الغنى من البطر و عند الفقر من الضجر- و عند الكفاية من الغفلة و عند الحاجة من الحسرة- و عند الراحة من الفسولة و عند الطلب من الخيبة- و عند المنازلة من الطغيان- و عند البحث من الاعتراض عليك- و عند التسليم من التهمة لك- .

و أسألك أن تجعل صدري خزانة توحيدك- و لساني مفتاح تمجيدك و جوارحي خدم طاعتك- فإنه لا عز إلا في الذل لك- و لا غنى إلا في الفقر إليك- و لا أمن إلا في الخوف منك- و لا قرار إلى في القلق نحوك- و لا روح إلا في الكرب لوجهك- و لا ثقة إلا في تهمة خلقك- و لا راحة إلا في الرضا بقسمك- و لا عيش إلا في جوار المقربين عندك- .

و منها اللهم ببرهانك الصادع و بنور وجهك الساطع- صل على محمد نبيك نبي الرحمة- و قائد الأمة و إمام الأئمة- و احرس علي إيماني بك بالتسليم لك- و خفف عني مئونة الصبر على امتحانك- و واصل لي أسباب المزيد عند الشكر على نعمتك- و اجعل بقية عمري في غنى عن خلقك- و رضا بالمقدم من رزقك- .

اللهم إنك إن آخذتنا بذنوبنا خسفت الأرض بنا- و إن جازيتنا على ظلمنا قطعت دوابرنا- فإنك قلت فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ- اللهم إليك نشكو قسوة قلوبنا- و غل صدورنا و فتنة أنفسنا و طموح أبصارنا- و رفث ألسنتنا و سخف أحلامنا و سوء أعمالنا- و فحش لجاجنا و قبح دعوانا و نتن أشرارنا- و خبث أخيارنا و تلزق ظاهرنا و تمزق باطننا- .

اللهم فارحمنا و ارأف بنا و اعطف علينا- و أحسن إلينا و تجاوز عنا- و اقبل الميسور منا فإننا أهل عقوبة- و أنت أهل مغفرة- و أنت بما وصفت به نفسك أحق منا بما وسمنا به أنفسنا- فإن في ذلك ما اقترن بكرمك و أدى إلى عفوك- و من قبل ذلك و بعده- فألب عيشنا بنعمتك- و أرح أرواحنا من كد الأمل في خلقك- و خذ بأزمتنا إلى بابك- و أله قلوبنا عن هذه الدار الفانية- و ازرع فيها محبة الدار الباقية- و قلبنا على بساط لطفك و حثنا بالإحسان إلى كنفك- و رفهنا عن التماس ما عند غيرك- و اغضض عيوننا من ملاحظة ما حجب من غيرك- و صل بيننا و بين الرضا عنك- و ارفع عنا مئونة العرض عليك- و خفف علينا كل ما أوصلنا إليك- و أذقنا حلاوة قربك- و اكشف عن سرائرنا سواتر حجبك- و وكل بنا الحفظة و ارزقنا اليقظة- حتى لا نقترف سيئة و لا نفارق حسنة- إنك قائم على كل نفس بما كسبت- و أنت بما نخفي و ما نعلن خبير بصير- .

و منها اللهم أنت الحي القيوم- و الأول الدائم و الإله القديم و البارئ المصور- و الخالق المقدس و الجبار الرفيع و القهار المنيع- و الملك الصفوح و الوهاب المنوح-و الرحمن الرءوف و الحنان العطوف- و المنان اللطيف مالك الذوائب و النواصي- و حافظ الأداني و الأقاصي- و مصرف المطيع و العاصي- .

اللهم أنت الظاهر الذي لا يجحدك جاحد- إلا زايلته الطمأنينة و أسلمه اليأس- و أوحشه القنوط و رحلت عنه العصمة- و تردد بين رجاء قد نأى عنه التوفيق- و أمل قد حفت به الخيبة- و طمع يحوم على أرجاء التكذيب- و سر قد أطاف به الشقاء و علانية قد أناف عليها البلاء- موهون المنة منسوخ العقدة مسلوب العدة- تشنؤه العين و تقليه النفس- عقله عقل طائر و لبه لب حائر و حكمه حكم جائر- لا يروم قرارا إلا أزعج عنه- و لا يستفتح بابا إلا أرتج دونه- و لا يقتبس ضرما إلا أجج عليه- عثرته موصولة بالعثرة و حسرته مقرونة إلى حسرة- إن سمع زيف و إن قال حرف- و إن قضى خرف و إن احتج زخرف- و لو فاء إلى الحق لوجد ظله ظليلا- و أصاب تحته مثوى و مقيلا و أنت الباطن الذي لا يرومك رائم- و لا يحوم على حقيقتك حائم- إلا غشيه من نور إلهيتك و عز سلطانك- و عجيب قدرتك و باهر برهانك و غرائب غيوبك- و خفي شأنك و مخوف سطوتك و مرجو إحسانك- ما يرده خاسئا من مزحزحه عن الغاية خجلا مبهورا- و يرده إلى عجزه ملتحفا بالندم مرتديا بالاستكانة- راجعا إلى الصغار موقوفا مع الذلة- فظاهرك يدعو إليك بلسان الاضطرار- و باطنك يحير فيك لسعة قضاء الاعتبار- و فعلك يدل عليك الأسماع و الأبصار- و حكمتك تعجب منك الألباب و الأسرار- لك السلطان و الملكة و بيدك النجاة و الهلكة- فإليك المفر و معك المقر- و منك صنوف الإحسان و البر- أسألك بأصح سر و أكرم لفظ و أفصح لغة- و أتم إخلاص و أشرف همة و أفضل نية- و أطهر عقيدة و أثبت يقين- أن تصد عنيكل ما يصد عنك و تصلني بكل ما يصل بك- و تحبب إلي كل ما يحبب إليك- فإنك الأول و الثاني- و المشار إليه في جميع المعاني لا إله إلا أنت- .

و منها اللهم إني أسألك جدا مقرونا بالتوفيق- و علما بريئا من الجهل و عملا عريا من الرياء- و قولا موشحا بالصواب و حالا دائرة مع الحق- و فطنة عقل مضروبة في سلامة صدور- و راحة جسم راجعة إلى روح بال- و سكون نفس موصولا بثبات يقين- و صحة حجة بعيدة من مرض شبهة- حتى تكون غايتي في هذه الدنيا موصولة بالأمثل فالأمثل- و عاقبتي عندك محمودة بالأفضل فالأفضل- من حياة طيبة أنت الواعد بها- و نعيم دائم أنت المبلغ إليه- .

اللهم لا تخيب رجاء هو منوط بك- و لا تصفر كفا هي ممدودة إليك- و لا تعذب عينا فتحتها بنعمتك- و لا تذل نفسا هي عزيزه بمعرفتك- و لا تسلب عقلا هو مستضي‏ء بنور هدايتك- و لا تخرس لسانا عودته الثناء عليك- فكما كنت أولا بالتفضل- فكن آخرا بالإحسان- . الناصية بيدك و الوجه عان لك- و الخير متوقع منك و المصير على كل حال إليك- . ألبسني في هذه الحياة البائدة ثوب العصمة- و حلني في تلك الدار الباقية بزينة الأمن- و أفطم نفسي عن طلب العاجلة الزائدة- و أجرني على العادة الفاضلة- و لا تجعلني ممن سها عن باطن ما لك عليه- بظاهر ما لك عنده- فالشقي من لم تأخذ بيده و لم تؤمنه من غده- و السعيد من آويته إلى كنف نعمتك- و نقلته حميدا إلى منازل رحمتك- غير مناقش في الحساب- و لا سائق له إلى العذاب فإنك على ذلك قدير- .

و منها اللهم اجعل غدونا إليك مقرونا بالتوكل عليك- و رواحنا عنك موصولابالنجاح منك- و إجابتنا لك راجعة إلى التهالك فيك- و ذكرنا إياك منوطا بالسكون معك- و ثقتنا بك هادئة إلى التفويض إليك- و لا تخلنا من يد تستوعب الشكر- و من شكر يمتري خلف المزيد- و من مزيد يسبق اقتراح المقترحين- و صنع يفوق ذرع الطالبين- حتى نلقاك مبشرين بالرضا- محكمين في المنى غير مناقشين و لا مطرودين- .

اللهم أعذنا من جشع الفقير و ريبة المنافق- و تجليح المعاند و طيشة العجول و فترة الكسلان- و حيلة المستبد و فتور العقل- و حيرة المخرج و حسرة المحوج- و فلتة الذهول و حرقة النكول- و رقة الخائف و طمأنينة المغرور و غفلة الغرور- . و اكفنا مئونة أخ يرصد مسكونا إليه- و يمكر موثوقا به و يخيس معتمدا عليه- . و صل الكفاية بالسلوة عن هذه الدنيا- و اجعل التهافنا عليها حنينا إلى دار السلام- و محل القرار- و غلب إيماننا بالغيب على يقيننا بالعيان- و احرسنا من أنفسنا فإنها ينابير الشهوة- و مفاتيح البلوى- . و أرنا من قدرتك ما يحفظ علينا هيبتك- و أوضح لنا من حكمتك ما يقلبنا في ملكوتك- و أسبغ علينا من نعمتك ما يكون لنا عونا على طاعتك- و أشع في صدورنا من نورك ما تتجلى به حقائق توحيدك- و اجعل ديدننا ذكرك و عادتنا الشوق إليك- و علمنا النصح لخلقك و اجعل غايتنا الاتصال بك- و احجبنا عن قول يبرئ من رضاك- و عمل يعمى صاحبه عن هداك- و ألف بيننا و بين الحق- و قربنا من معادن الصدق- و اعصمنا من بوائق الخلق- و انقلنا من مضايق الرق و اهدنا إلى فوائد العتق- .

اللهم إنك بدأت بالصنع و أنت أهله- فعد بالتوفيق فإنك أهله- .

اللهم إنا نتضاءل لك عند مشاهدة عظمتك- و ندل عليك عند تواتر برك- و نذل لك عند ظهور آياتك- و نلح عليك عند علمنا بجودك- . و نسألك من فضلك ما لا يرزؤك و لا ينكؤك- و نتوسل إليك بتوحيد لا ينتمي إليه خلق- و لا يفارقه حق- . و منها اللهم عليك أتوكل و بك أستعين- و فيك أوالي و بك أنتسب و منك أفرق- و معك أستأنس و لك أمجد و إياك أسأل- لسانا سمحا بالصدق و صدرا قد ملئ من الحق- و أملا منقطعا عن الخلق- و حالا مكنونها يبوئ الجنة و ظاهرها يحقق المنة- و عاقبة تنسي ما سلف و تتصل بما يتمنى و يتوكف- .

و أسألك اللهم كبدا رجوفا خئوفا- و دمعا نطوفا شوقا إليك- و نفسا عزوفا إذعانا لك- و سرا ناقعا ببرد الإيمان بك- و نهارا مشتملا على ما كسب من مرضاتك- و ليلا مالئا بما أزلف لديك- . أشكو إليك اللهم تلهفي على ما يفوتني من الدنيا- و إنني في طاعة الهوى جاهلا بحقك- ساهيا عن واجبك- ناسيا ما تكرره من وعظك- و إرشادك- و بيانك و تنبيهك حتى كان حلاوة وعدك لم تلج أذني- و لم تباشر فؤادي- و حتى كأني مرارة عتابك و لائمتك لم تهتك حجابي- و لم تعرض علي أوصابي- . اللهم إليك المفر من دار منهومها لا يشبع- و حائمها لا ينقع و طالبها لا يربع- و واجدها لا يقنع- و العيش عنك رقيق و للأمل فيك تحقيق- .

اللهم كما ابتليت بحكمتك الخفية- التي أشكلت على العقول- و حارت معها البصائر- فعاف برحمتك اللطيفة التي تطاولت إليها الأعناق- و تشوفت نحوها السرائر- و خذ معنا بالفضل الذي إليك هو منسوب- و عنك هو مطلوب- و أفطم نفوسنا من رضاع الدنيا-و الطف بما أنت له أهل إنك على كل شي‏ء قدير- .

اللهم قدنا بأزمة التوحيد إلى محاضر طاعتك- و اخلطنا في زمرة المخلصين لذكرك- و اجعل إجابتك من قبيل ما يتصل بكرم عفوك- و لا تجعل خيبتنا من قبل جهلنا بقدرك- و إضرابنا عن أمرك- فلا سائل أحوج منا و لا مسئول أجود منك- . اللهم احجر بيننا و بين كل ما دل على غيرك ببيانك- و دعا إلى سواك ببرهانك- و انقلنا عن مواطن العجز مرتقيا بنا إلى شرفات العز- فقد استحوذ الشيطان و خبثت النفس- و ساءت العادة و كثر الصادون عنك- و قل الداعون إليك و ذهب المراعون لأمرك- و فقد الواقفون عند حدودك- و خلت ديار الحق من سكانها- و بيع دينك بيع الخلق- و استهزئ بناشر مجدك و أقصي المتوسل بك- .

اللهم فأعد نضارة دينك- و أفض بين خلقك بركات إحسانك- و امدد عليهم ظل توفيقك- و اقمع ذوي الاعتراض عليك- و اخسف بالمقتحمين في دقائق غيبك- و اهتك أستار الهاتكين لستر دينك- و القارعين أبواب سرك- القائسين بينك و بين خلقك- اللهم إني أسألك أن تخصني بإلهام اقتبس الحق منه- و توفيق يصحبني و أصحبه- و لطف لا يغيب عني و لا أغيب عنه- حتى أقول إذا قلت لوجهك و أسكت إذا سكت بإذنك- و أسأل إذا سألت بأمرك و أبين إذا أبنت بحجتك- و أبعد إذا بعدت بإجلالك- و أقرب إذا قربت برحمتك- و أعبد إذا عبدت مخلصا لك- و أموت إذا مت منتقلا إليك- اللهم فلا تكلني إلى غيرك- و لا تؤيسني من خيرك- .

و منها اللهم إنا بك نعز كما إنا بغيرك نذل- و إياك نرجو كما إنا من غيرك نيأس- و إليك نفوض كما إنا من غيرك نعرض- أذنت لنا في دعائك و أدنيتنا إلى فنائك- و هيأتنا لعطائك و خصصتنا بحبائك- و وسمتنا بولائك و عممتنا بآلائك- و غمستنا في نعمائك- و ناغيتنا بألسن ملكوتك عن دفائن ما في عالمك- و لاطفتنا بظاهر قولك-و توليتنا بباطن فعلك فسمت نحوك أبصارنا- و شامت بروق جودك بصائرنا- فلما استقر ما بيننا و بينك- أرسلت علينا سماء فضلك مدرارا- و فتحت لنا منا أسماعا و أبصارا- فرأينا ما طاح معه تحصيلنا- و سمعنا ما فارقنا عنده تفضيلنا- فلما سرنا إلى خلقك من ذلك ذروا- اتخذونا من أجله لعبا و هزوا- فبقدرتك على بلوانا بهم أرنا بك الغنى عنهم-

اللهم قيض لنا فرجا من عندك- و أنح لنا مخلصا إليك فإنا قد تعبنا بخلقك- و عجزنا عن تقويمهم لك- و نحن إلى مقاربتهم في مخالفتك- أقرب منا إلى منابذتهم في موافقتك- لأنه لا طاقة لنا بدهمائهم و لا صبر لنا على بلوائهم- و لا حيلة لنا في شفائهم- فنسألك بالضراعة التامة و بالإخلاص المرفود- إلا أخذت بأيدينا و أرسلت رحمتك علينا- فما أقدرك على الإجابة- و ما أجودك بكل مصون يا ذا الجلال و الإكرام- . و منها اللهم إنا قربنا بك فلا تنئنا عنك- و ظهرنا لك فلا تبطنا دونك- و وجدناك بما ألقيت إلينا من غيب ملكوتك- و عزفنا عن كل ما لوانا عن بابك- و وثقنا بكل ما وعدتنا في كتابك- و توكلنا بالسر و العلن على لطيف صنعك- .

اللهم إليك نظرت العيون فعادت خاسئة عبرى- و فيك تقسمت الظنون فانقلبت يائسة حسرى- و في قدرتك حارت الأبصار- و في حكمتك طاحت البصائر- و في آلائك غرقت الأرواح- و على ما كان منك تقطعت الأنفاس- و من أجل إعراضك التهبت الصدور- و لذكر ما مضى منك هملت الدموع-

اللهم تولنا فيما وليتنا حتى لا نتولى عنك- و أمنا مما خوفتنا حتى نقر معك- و أوسعنا رحمتك حتى نطمئن إلى ما وعدتنا في كتابك- و فرق بيننا و بين الغل حتى لا نعامل به خلقك- و أغننا بك حتى لا نفتقر إلى عبادك- فإنك إذا يسرت أمرا تيسر- و مهما بلوتنا فلا تبلنا بهجرك- و لا تجرعنا مرارة سخطك- لا قد اعترفنا بربوبيتك عبودية لك- فعرفنا حقيقتها بالعفو عنا- و الإقبال علينا و الرفق بنا يا رحيم- .

و منها اللهم إن الرغبات بك منوطة- و الوسائل إليك متداركة و الحاجات ببابك مرفوعة- و الثقة بك مستحصفة أي مستحكمة- و الأخبار بجودك شائعة و الآمال نحوك نازعة- و الأماني وراءك منقطعة- و الثناء عليك متصل و وصفك بالكرم معروف- و الخلائق إلى لطفك محتاجة- و الرجاء فيك قوي- و الظنون بك جميلة و الأعناق لعزك خاضعة- و النفوس إلى مواصلتك مشتاقة- و الأرواح لعظمتك مبهوته- لأنك لإله العظيم و الرب الرحيم و الجواد الكريم- و السميع العليم- تملك العالم كله و ما بعده و ما قبله- و لك فيه تصاريف القدرة و خفيات الحكمة- و نوافذ الإرادة- و لك فيه ما لا ندريه مما تخفيه و لا تبديه- جللت عن الإجلال و عظمت عن التعظيم- و قد أزف ورودنا عليك- و وقوفنا بين يديك و ظننا ما قد علمت- و رجاؤنا ما قد عرفت- فكن عند ظننا بك و حقق رجاءنا فيك- فما خالفناك جرأة عليك- و لا عصيناك تقحما في سخطك- و لا اتبعنا هوانا استهزاء بأمرك و نهيك- و لكن غلبت علينا جواذب الطينة التي عجنتنا بها- و بذور الفطرة التي أنبتنا منها- فاسترخت قيودنا عن ضبط أنفسنا- و عزبت ألبابنا عن تحصيل حظوظنا- و لسنا ندعي حجة و لكن نسألك رأفة- فبسترك السابغ الذيال و فضلك الذي يستوعب كل مقال- إلا تممت ما سلف منك إلينا- و عطفت بجودك الفياض علينا- و جذبت بأضباعنا- و أقررت عيوننا و حققت آمالنا- إنك أهل ذلك و أنت على كل شي‏ء قدير

شرح‏نهج‏البلاغة(ابن ‏أبي ‏الحديد)، ج11

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=