و من كلام له عليه السّلام فى وصف بيعته بالخلافة
و قد تقدم مثله بألفاظ مختلفة وَ بَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا وَ مَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا- ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِيمِ- عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا- حَتَّى انْقَطَعَتِ النَّعْلُ- وَ سَقَطَ الرِّدَاءُ وَ وُطِئَ الضَّعِيفُ- وَ بَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ- أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ وَ هَدَجَ إِلَيْهَا الْكَبِيرُ- وَ تَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ وَ حَسَرَتْ إِلَيْهَا الْكِعَابُ
اللغة
أقول:
التداكّ: الازدحام القوىّ.
و الهيم: العطاش.
و التحامل: تكلّف المشى مع مشقّة.
و الكعاب: الجارية نهد ثديها.
و حسرت: كشفت وجهها.
و حاصل الفصل الاحتجاج على من خالفه من أهل البغى
فذكر حال الناس في بيعتهم له و كيفيّتها الدالّة على شدّة حرصهم عليه و اجتماعهم عن رضى و اختيار على تسليم الأمر إليه، و شبّه ازدحامهم عليه بازدحام الإبل العطاش يوم ورودها على الحياض، و وجه الشبه شدّة الازدحام، و يمكن أن يلاحظ في وجه هذا الشبه كون ما عنده من الفضائل الجمّة العلميّة و العمليّة تشبه الماء و كون المزدحمين عليه في حاجتهم و تعطّشهم إلى استفادة تلك الفضائل النافعة لغليلهم كالعطاش من الإبل حين ورودها. و قوله: حتّى. إلى قوله: وطىء الضعيف. كقوله: في الشقشقيّة حتّى لقد وطىء الحسنان و شقّ عطفاى. و باقى الفصل ظاهر. و هو في قوّة صغرى قياس ضمير من الشكل الأوّل، و تلخيصها أنّكم بلغتم في طلبكم لى و حرصكم على بيعتى إلى هذه الغاية حتّى أجبتكم. و تقدير الكبرى و كلّ من كان كذلك فليس له أن ينكث و يغدر، و باللّه التوفيق.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحرانی)، ج 4 ، صفحهى 99