خطبه 166شرح ابن میثم بحرانی

و من خطبة له عليه السّلام في أول خلافته

إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ كِتَاباً هَادِياً- بَيَّنَ فِيهِ الْخَيْرَ وَ الشَّرَّ- فَخُذُوا نَهْجَ الْخَيْرِ تَهْتَدُوا- وَ اصْدِفُوا عَنْ سَمْتِ الشَّرِّ تَقْصِدُوا- الْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا إِلَى اللَّهِ تُؤَدِّكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ- إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ حَرَاماً غَيْرَ مَجْهُولٍ- وَ أَحَلَّ حَلَالًا غَيْرَ مَدْخُولٍ- وَ فَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرَمِ كُلِّهَا- وَ شَدَّ بِالْإِخْلَاصِ وَ التَّوْحِيدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَاقِدِهَا- فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ إِلَّا بِالْحَقِّ- وَ لَا يَحِلُّ أَذَى الْمُسْلِمِ إِلَّا بِمَا يَجِبُ- بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ وَ هُوَ الْمَوْتُ- فَإِنَّ النَّاسَ أَمَامَكُمْ وَ إِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ- تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ- اتَّقُوا اللَّهَ فِي عِبَادِهِ وَ بِلَادِهِ- فَإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّى عَنِ الْبِقَاعِ وَ الْبَهَائِمِ- وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ لَا تَعْصُوهُ- وَ إِذَا رَأَيْتُمُ الْخَيْرَ فَخُذُوا بِهِ- وَ إِذَا رَأَيْتُمُ الشَّرَّ فَأَعْرِضُوا عَنْهُ

اللغة

أقول: اصدفوا: أعرضوا.

و تقصدوا: تعدلوا.

و معاقدها: مواضعها.

المعنى

و صدّر الفصل بالتنبيه على فضيلة الكتاب، و هى كونه هاديا إلى طريق‏ الخير و الشر. ثم أمر بأخذ طريق الخير لكونه طريق الهدى الى المطالب الحقيقيّة الباقية، و بالإعراض عن طريق الشرّ و سمته لاستلزام الإعراض عنه لزوم طريق الحقّ و الاستقامة فيه. ثمّ أمر بأداء الفرائض لأنّها أقوى طرق الخير، و لذلك قال: تؤدّكم إلى الجنّة لأنّ الجنّة منتهى الخير كلّه. ثمّ بيّن أنّ اللّه حرّم حراما غير مجهول بل هو في غاية الوضوح، و كذلك أحلّ حلالا غير مدخول: أى لا عيب فيه و لا شبهة فلا عذر لمن تركه، و فضّل حرمة المسلم على الحرم كلّها، و هذا لفظ الخبر النبوىّ: حرمة المسلم فوق كلّ حرمة دمه و عرضه و ماله. و شدّ بالإخلاص و التوحيد حقوق المسلمين في معاقدها: أى ربطها بهما و أوجب على المخلصين المعترفين بوحدانيّته المحافظة على حقوق المسلمين و مراعات مواضعها، و قرن توحيده بذلك حتّى صار فضله كفضل التوحيد. ثمّ عرّف المسلم ببعض صفات المسلم الحقّ، و هو من سلم المسلمون من يده و لسانه إلّا أن تكون يد حقّ أو لسان حقّ. و هو لفظ الخبر النبوىّ أيضا. و قوله: لا يحلّ أذى المسلم إلّا بما يجب. كقوله: إلّا بالحقّ. أورده تأكيدا له ثمّ عقّب بتنبيههم على أمر العامّة و خاصّة أحدهم و هو الموت: أى ذلك الأمر هو الموت، و إنّما كان مع عمومه لكلّ الحيوان خاصّة أحدهم لأنّ له مع كلّ شخص خصوصيّة و كيفيّة مخالفة لحاله مع غيره، و أمر بمبادرته. أى بمبادرة العمل له و لما بعده قبل سبقه إليهم، و نبّههم على أنّ الناس أمامهم: أى قد سبقوهم إلى الآخرة و الساعة تحدوهم من خلفهم، و أمر بالتخفيف للّحاق بهم، و حثّهم على ذلك بقوله: فإنّما ينتظر بأوّلكم آخركم: أى السابقين إلى الآخرة اللاحقين منكم ليبعث الكلّ جميعا، و قد سبقت هذه الألفاظ بعينها و شرحها مستوفى. ثمّ أمر بتقوى اللّه في عباده و ذلك بلزوم خوفه في مراعاة ما ينبغي لكلّ أحد مع غيره، و في بلاده بترك الفساد في الأرض، و نبّه على وجوب ذلك باستعقاب كلّ عمل و إن قلّ للسؤال عنه، و مناقشة الحساب عليه حتّى عن البقاع. فيقال: لم استوطنتم هذا المكان و زهدتم في ذلك و عن‏ البهايم. فيقال: لم ضربتم هذه و قتلتم هذه و لم أوجعتموها، و إليه الإشارة بقوله تعالى «وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»«» و قوله «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ»«» قيل: هو شبع البطن و بارد الشراب و لذّة النوم و ظلال المساكن و اعتدال الخلق، و قوله تعالى «وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ»«» فيقال: لم أشغلت قلبك و سمعك، و في الخبر الصحيح النبوىّ إنّ اللّه عذّب إنسانا بهرة حبسه في بيت و أجاعه حتّى هلك. ثمّ أجمل القول بعد تفصيله و أمر بطاعة اللّه و نهى عن معصيته و أرشده إلى الأخذ بالخير عند رؤيته و الإعراض عن الشرّ عن رؤيته.

شرح ‏نهج ‏البلاغة(ابن‏ ميثم بحرانی)، ج 3 ، صفحه‏ى 321

 

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.