google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
140-160 خطبه ها شرح ابن ابی الحدیدخطبه ها شرح ابن ابی الحدید(متن عربی)

خطبه 158 شرح ابن ابی الحدید (متن عربی)

158 و من خطبة له ع

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِهِ- وَ سَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ- وَ دَلِيلًا عَلَى آلَائِهِ وَ عَظَمَتِهِ- عِبَادَ اللَّهِ- إِنَّ الدَّهْرَ يَجْرِي بِالْبَاقِينَ كَجَرْيِهِ بِالْمَاضِينَ- لَا يَعُودُ مَا قَدْ وَلَّى مِنْهُ- وَ لَا يَبْقَى سَرْمَداً مَا فِيهِ- آخِرُ فَعَالِهِ كَأَوَّلِهِ مُتَشَابِهَةٌ أُمُورُهُ- مُتَظَاهِرَةٌ أَعْلَامُهُ- فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ حَدْوَ الزَّاجِرِ بِشَوْلِهِ- فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ نَفْسِهِ تَحَيَّرَ فِي الظُّلُمَاتِ- وَ ارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ- وَ مَدَّتْ بِهِ شَيَاطِينُهُ فِي طُغْيَانِهِ- وَ زَيَّنَتْ لَهُ سَيِّئَ أَعْمَالِهِ- فَالْجَنَّةُ غَايَةُ السَّابِقِينَ وَ النَّارُ غَايَةُ الْمُفَرِّطِينَ- اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ- أَنَّ التَّقْوَى دَارُ حِصْنٍ عَزِيزٍ- وَ الْفُجُورَ دَارُ حِصْنٍ ذَلِيلٍ- لَا يَمْنَعُ أَهْلَهُ وَ لَا يُحْرِزُ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ- أَلَا وَ بِالتَّقْوَى تُقْطَعُ حُمَةُ الْخَطَايَا- وَ بِالْيَقِينِ تُدْرَكُ الْغَايَةُ الْقُصْوَى- عِبَادَ اللَّهِ اللَّهَ اللَّهَ فِي أَعَزِّ الْأَنْفُسِ عَلَيْكُمْ وَ أَحَبِّهَا إِلَيْكُمْ- فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْضَحَ لَكُمْ سَبِيلَ الْحَقِّ وَ أَنَارَ طُرُقَهُ- فَشِقْوَةٌ لَازِمَةٌ أَوْ سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ- فَتَزَوَّدُوا فِي أَيَّامِ الْفَنَاءِ لِأَيَّامِ الْبَقَاءِ- قَدْ دُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ وَ أُمِرْتُمْ بِالظَّعَنِ- وَ حُثِثْتُمْ عَلَى الْمَسِيرِ- فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لَا يَدْرُونَ- مَتَى يُؤْمَرُونَ بِالسَّيْرِ- أَلَا فَمَا يَصْنَعُ بِالدُّنْيَا مَنْ‏ خُلِقَ لِلآْخِرَةِ- وَ مَا يَصْنَعُ بِالْمَالِ مَنْ عَمَّا قَلِيلٍ يُسْلَبُهُ- وَ تَبْقَى عَلَيْهِ تَبِعَتُهُ وَ حِسَابُهُ- عِبَادَ اللَّهِ- إِنَّهُ لَيْسَ لِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ مَتْرَكٌ- وَ لَا فِيمَا نَهَى عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ مَرْغَبٌ- عِبَادَ اللَّهِ- احْذَرُوا يَوْماً تُفْحَصُ فِيهِ الْأَعْمَالُ- وَ يَكْثُرُ فِيهِ الزِّلْزَالُ وَ تَشِيبُ فِيهِ الْأَطْفَالُ- اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ- أَنَّ عَلَيْكُمْ رَصَداً مِنْ أَنْفُسِكُمْ- وَ عُيُوناً مِنْ جَوَارِحِكُمْ- وَ حُفَّاظَ صِدْقٍ يَحْفَظُونَ أَعْمَالَكُمْ وَ عَدَدَ أَنْفَاسِكُمْ- لَا تَسْتُرُكُمْ مِنْهُمْ ظُلْمَةُ لَيْلٍ دَاجٍ- وَ لَا يُكِنُّكُمْ مِنْهُمْ بَابٌ ذُو رِتَاجٍ- وَ إِنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ يَذْهَبُ الْيَوْمُ بِمَا فِيهِ- وَ يَجِي‏ءُ الْغَدُ لَاحِقاً بِهِ- فَكَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ- قَدْ بَلَغَ مِنَ الْأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِهِ وَ مَخَطَّ حُفْرَتِهِ- فَيَا لَهُ مِنْ بَيْتِ وَحْدَةٍ- وَ مَنْزِلِ وَحْشَةٍ وَ مَفْرَدِ غُرْبَةٍ- وَ كَأَنَّ الصَّيْحَةَ قَدْ أَتَتْكُمْ- وَ السَّاعَةَ قَدْ غَشِيَتْكُمْ- وَ بَرَزْتُمْ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ- قَدْ زَاحَتْ عَنْكُمُ الْأَبَاطِيلُ- وَ اضْمَحَلَّتْ عَنْكُمُ الْعِلَلُ- وَ اسْتَحَقَّتْ بِكُمُ الْحَقَائِقُ- وَ صَدَرَتْ بِكُمُ الْأُمُورُ مَصَادِرَهَا- فَاتَّعِظُوا بِالْعِبَرِ- وَ اعْتَبِرُوا بِالْغِيَرِ وَ انْتَفِعُوا بِالنُّذُرِ جعل الحمد مفتاحا لذكره لأن أول الكتاب العزيز- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ- و القرآن هو الذكر قال سبحانه- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ‏

و سببا للمزيد- لأنه تعالى قال لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ- و الحمد هاهنا هو الشكر- و معنى جعله الحمد دليلا على عظمته و آلائه- أنه إذا كان سببا للمزيد- فقد دل ذلك على عظمة الصانع و آلائه- أما دلالته على عظمته- فلأنه دال على أن قدرته لا تتناهى أبدا- بل كلما ازداد الشكر ازدادت النعمة- و أما دلالته على آلائه- فلأنه لا جود أعظم من جود من يعطي من يحمده- لا حمدا متطوعا بل حمدا واجبا عليه- . قوله يجري بالباقين كجريه بالماضين- من هذا أخذ الشعراء و غيرهم ما نظموه في هذا المعنى- قال بعضهم-

مات من مات و الثريا الثريا
و السماك السماك و النسر نسر

و نجوم السماء تضحك منا
كيف تبقى من بعدنا و نمر

و قال آخر

فما الدهر إلا كالزمان الذي مضى
و لا نحن إلا كالقرون الأوائل‏

قوله لا يعود ما قد ولى منه كقول الشاعر-

ما أحسن الأيام إلا أنها
يا صاحبي إذا مضت لم ترجع‏

قوله و لا يبقى سرمدا ما فيه كلام مطروق المعنى- قال عدي-

ليس شي‏ء على المنون بباق
غير وجه المهيمن الخلاق‏

قوله آخر أفعاله كأوله يروى كأولها- و من رواه كأوله أعاد الضمير إلى الدهر- أي آخر أفعال الدهر كأول الدهر فحذف المضاف- . متشابهة أموره لأنه كما كان من قبل يرفع و يضع- و يغني و يفقر و يوجد و يعدم- فكذلك هو الآن أفعاله متشابهة- و روي متسابقة أي شي‏ء منها قبل شي‏ء- كأنها خيل تتسابق في مضمار- . متظاهرة أعلامه- أي دلالاته على سجيته- التي عامل الناس بها قديما و حديثا- متظاهرة يقوي بعضها بعضا- و هذا الكلام جار منه ع- على عادة العرب في ذكر الدهر- و إنما الفاعل على الحقيقة رب الدهر- .

و الشول النوق التي خف لبنها و ارتفع ضرعها- و أتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية- الواحدة شائلة و هي جمع على غير القياس- و شولت الناقة أي صارت شائلة- فأما الشائل بغير هاء فهي الناقة تشول بذنبها للقاح- و لا لبن لها أصلا- و الجمع شول مثل راكع و ركع- قال أبو النجمكأن في أذنابهن الشول‏- . و الزاجر الذي يزجر الإبل يسوقها- و يقال حدوت إبلي و حدوت بإبلي- و الحدو سوقها و الغناء لها و كذلك الحداء- و يقال للشمال حدواء لأنها تحدو السحاب أي تسوقه- قال العجاج

حدواء جاءت من بلاد الطور

و لا يقال للمذكر أحدى- و ربما قيل للحمار إذا قدم أتنه حاد- قال ذو الرمة-حادي ثلاث من الحقب السماحيج‏ و المعنى أن سائق الشول يعسف بها- و لا يتقي سوقها و لا يدارك كما يسوق العشار- .

ثم قال ع من شغل نفسه بغير نفسه هلك- و ذلك أن من لا يوفي النظر حقه- و يميل إلى الأهواء و نصرة الأسلاف- و الحجاج عما ربي عليه بين الأهل و الأستاذين- الذين زرعوا في قلبه العقائد- يكون قد شغل نفسه بغير نفسه لأنه لم ينظر لها- و لا قصد الحق من حيث هو حق- و إنما قصد نصرة مذهب معين يشق عليه فراقه- و يصعب عنده الانتقال منه- و يسوؤه أن يرد عليه حجة تبطله فيسهر عينه- و يتعب قلبه في تهويس تلك الحجة- و القدح فيها بالغث و السمين- لا لأنه يقصد الحق- بل يقصد نصرة المذهب المعين و تشييد دليله- لا جرم أنه متحير في ظلمات لا نهاية لها- . و الارتباك الاختلاط ربكت الشي‏ء أربكه ربكا- خلطته فارتبك أي اختلط- و ارتبك الرجل في الأمر- أي نشب فيه و لم يكد يتخلص منه- .

قوله و مدت به شياطينه في طغيانه- مأخوذ من قوله تعالى- وَ إِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ- . و روي و مدت له شياطينه باللام- و معناه الإمهال مد له في الغي أي طول له- و قال تعالى قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا- . قوله و زينت له سيئ أعماله- مأخوذ من قوله تعالى- أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً- . قوله التقوى دار حصن عزيز- معناه دار حصانة عزيزة- فأقام الاسم مقام المصدر و كذلك في الفجور- . و يحرز من لجأ إليه يحفظ من اعتصم به- .

و حمة الخطايا سمها و تقطع الحمة- كما تقول قطعت سريان السم في بدن الملسوع- بالبادزهرات و الترياقات- فكأنه جعل سم الخطايا ساريا في الأبدان- و التقوى تقطع سريانه- . قوله و باليقين تدرك الغاية القصوى- و ذلك لأن أقصى درجات العرفان الكشف- و هو المراد هاهنا بلفظ اليقين- . و انتصب الله الله على الإغراء- و في متعلقة بالفعل المقدر- و تقديره راقبوا و أعز الأنفس عليهم أنفسهم- . قوله فشقوة لازمة مرفوع على أنه خبر مبتدإ محذوف- تقديره فغايتكم أو فجزاؤكم أو فشأنكم- و هذا يدل على مذهبنا في الوعيد- لأنه قسم الجزاء إلى قسمين- إما العذاب أبدا أو النعيم أبدا- و في هذا بطلان قول المرجئة- إن ناسا يخرجون من النار فيدخلون الجنة- لأن هذا لو صح لكان قسما ثالثا- .

قوله فقد دللتم على الزاد أي الطاعة- . و أمرتم بالظعن أي أمرتم بهجر الدنيا- و أن تظعنوا عنها بقلوبكم- و يجوز الظعن بالتسكين- . و حثثتم على المسير- لأن الليل و النهار سائقان عنيفان- . قوله و إنما أنتم كركب وقوف لا يدرون- متى يؤمرون بالسير- السير هاهنا هو الخروج من الدنيا إلى الآخرة بالموت- جعل الناس و مقامهم في الدنيا- كركب وقوف لا يدرون متى يقال لهم سيروا فيسيرون- لأن الناس لا يعلمون الوقت الذي يموتون فيه- فإن قلت كيف سمى الموت و المفارقة سيرا- .

قلت لأن الأرواح يعرج بها إما إلى عالمها و هم السعداء- أو تهوي إلى أسفل‏ السافلين و هم الأشقياء- و هذا هو السير الحقيقي لا حركة الرجل بالمشي- و من أثبت الأنفس المجردة- قال سيرها خلوصها من عالم الحس- و اتصالها المعنوي لا الأبدي ببارئها- فهو سير في المعنى لا في الصورة- و من لم يقل بهذا و لا بهذا قال- إن الأبدان بعد الموت تأخذ في التحلل و التزايل- فيعود كل شي‏ء منها إلى عنصره فذاك هو السير- . و ما في عما قليل زائدة و تبعته إثمه و عقوبته- .

قوله إنه ليس لما وعد الله من الخير مترك- أي ليس الثواب فيما ينبغي للمرء أن يتركه- و لا الشر فيما ينبغي أن يرغب المرء فيه- . و تفحص فيه الأعمال تكشف- و الزلزال بالفتح اسم للحركة الشديدة و الاضطراب- و الزلزال بالكسر المصدر قال تعالى- وَ زُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً- . قوله و يشيب فيه الأطفال- كلام جار مجرى المثل يقال في اليوم الشديد- إنه ليشيب نواصي الأطفال و قال تعالى- فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً- و ليس ذلك على حقيقته- لأن الأمة مجمعة على أن الأطفال- لا تتغير حالهم في الآخرة إلى الشيب- و الأصل في هذا أن الهموم و الأحزان- إذا توالت على الإنسان شاب سريعا- قال أبو الطيب

و الهم يخترم الجسيم نحافة
و يشيب ناصية الصبي و يهرم‏

قوله إن عليكم رصدا من أنفسكم- و عيونا من جوارحكم- لأن الأعضاء تنطق في القيامة بأعمال المكلفين- و تشهد عليهم- .و الرصد جمع راصد كالحرس جمع حارس- . قوله و حفاظ صدق يعني الملائكة الكاتبين- لا يعتصم منهم بسترة و لا ظلام ليل- و من هذا المعنى قول الشاعر-

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
خلوت و لكن قل علي رقيب‏

قوله و إن غدا من اليوم قريب- و منه قول القائل-فإن غدا لناظره قريب‏- . منه قولهغد ما غد ما أقرب اليوم من غد- . و منه قول الله عالى- إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ- و الصيحة نفخة الصور- . و زاحت الأباطيل بعدت و اضمحلت تلاشت و ذهبت- . قوله و استحقت أي حقت و وقعت- استفعل بمعنى فعل كقولك استمر على باطله أي مر عليه- . و صدرت بكم الأمور مصادرها- كل وارد فله صدر عن مورده- و صدر الإنسان عن موارد الدنيا الموت ثم البعث

شرح ‏نهج ‏البلاغة(ابن ‏أبي ‏الحديد) ج 9

Show More

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.

Back to top button
-+=