خطبه 141 شرح ابن میثم بحرانی

و من كلام له عليه السّلام

وَ لَيْسَ لِوَاضِعِ الْمَعْرُوفِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ- وَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ مِنَ الْحَظِّ فِيمَا أَتَى إِلَّا مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ- وَ ثَنَاءُ الْأَشْرَارِ وَ مَقَالَةُ الْجُهَّالَ- مَا دَامَ مُنْعِماً عَلَيْهِمْ مَا أَجْوَدَ يَدَهُ- وَ هُوَ عَنْ ذَاتِ اللَّهِ بِخَيْلٌ- فَمَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ- وَ لْيُحْسِنْ مِنْهُ الضِّيَافَةَ وَ لْيَفُكَّ بِهِ الْأَسِيرَ وَ الْعَانِيَ- وَ لْيُعْطِ مِنْهُ الْفَقِيرَ وَ الْغَارِمَ- وَ لْيَصْبِرْ نَفْسَهُ عَلَى الْحُقُوقِ وَ النَّوَائِبِ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ- فَإِنَّ فَوْزاً بِهَذِهِ الْخِصَالِ شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنْيَا- وَ دَرْكُ فَضَائِلِ الْآخِرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

المعنى

أقول: لمّا كان لواضع المعروف سواء كان في أهله أو غير أهله ثناء من الناس‏ و مدح له بالكرم و البذل كان ممّا يتميّز به وضعه في غير أهله عن وضعه في أهله أنّ الأوّل إنّما يحصل به لواضعه الحمد من لئام الناس: أى ساقطى الاصول و السفهاء و الأشرار و الجهّال لعدم معرفتهم بوضع الأشياء في مواضعها الّتي هي مقتضى العقل الّذي به نظام امور الدنيا و قوام نوع الإنسان في الوجود مع أنّه في الحقيقة و عند اولى الألباب العارفين بمواقع المعروف بخيل في جنب اللّه تعالى، و أمّا الثاني: فتحصل له المحمدة من الكلّ. في الدنيا محمدة مطابقة للحقّ مع الثواب الجزيل في الاخرى فلا جرم أشار إلى الأوّل بقوله: فليس لواضع المعروف. إلى قوله: و هو عن ذات اللّه بخيل.

و قوله: ما أجو ديده. متعلّق بمقالة: أى ذلك هو الأمر الّذي يقولونه ما دام منعما عليهم، و إنّما قيّد بهذا القيد لأنّ الجاهل قد يعتقد أنّ ما يسدى إليه حقّ له فربّما دام حمده بدوام ذلك الإنعام لكن ينقطع بانقطاعه، و أمّا الجاهل الشرير فكثيرا ما يعتقد أنّه إنّما يسدى إليه لشرّه و خوف أذاه فربّما يشكر المنعم ما دام منعما حتّى إذا انقطع إنعامه جعل شرّه عوض شكره استجلابا لذلك الإنعام المنقطع و استعادة له، و أمّا الثاني: فنبّه أوّلا على مواضع المعروف و أمر بوضعه فيها، و ذكر منها خمسة: الأوّل: صلة الرحم. الثاني: حسن الضيافة. الثالث: فكّ الأسير و العانى. و إنّما اختلف اللفظ. و الرابع: إعطاء الفقير و الغارم و هو من عليه دين. الخامس: الحقوق الواجبة على أهلها كالزكاة، و المستحبّة كالصدقات. و أشار بالنوائب إلى ما يلحق الإنسان من المصادرات و الغرامات الّتي يفكّ بها الإنسان من أيدى الظالمين و ألسنتهم، و الإنفاق في ذلك من الحقوق الواجبة على الإنسان. و الفضايل الخمس داخلة تحت فضيلة الكرم، و الإشارة إلى ذلك بقوله: فمن آتاه اللّه.

إلى قوله: ابتغاء الثواب. و نبّه بهذه الغاية أعنى المفعول له على أنّ الإنفاق في هذه الوجوه إنّما يكون وضعا للمعروف في موضعه إذا قصد به وجه اللّه تعالى فأمّا إذا قصد به الرياء و السمعة فهو و إن عدّ في ظاهر الشريعة مجزيا إلّا أنّه غير مجز و لا مقبول في باطنها ثمّ أشار بقوله: فإنّ فوزا بهذه الخصال. إلى آخره إلى ما يتميّز به وضع المعروف في أهله و هو شرف مكارم الدنيا من الذكر الجميل بين الناس، و الجاه العريض، و درك فضايل الآخرة و هي درجات الثواب الجزيل الموعود لأولى الفضايل النفسانيّة، و إنّما نكّر الفوز لأنّ تنكيره يفيد نوع الفوز فقط الّذي يحصل بأىّ شخص كان من أشخاصه، و هذا و إن كان حاصلا مع الالف و اللام لتعريف تلك الطبيعة إلّا أنّ ذلك التعريف مشترك بين تعريف الطبيعة و المعهود الشخصىّ فكان موهما لفوز شخصىّ و لذلك كان الإتيان به منكّرا أفصح و أبلغ. و باللّه التوفيق.

شرح نهج البلاغة(ابن ميثم ‏بحراني)، ج 3 ، صفحه‏ى 181

 

دیدگاه‌ها

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

این سایت از اکیسمت برای کاهش هرزنامه استفاده می کند. بیاموزید که چگونه اطلاعات دیدگاه های شما پردازش می‌شوند.