حکمت 470 صبحی صالح
470- وَ سُئِلَ عَنِ التَّوْحِيدِ وَ الْعَدْلِ فَقَالَ ( عليه السلام )التَّوْحِيدُ أَلَّا تَتَوَهَّمَهُ وَ الْعَدْلُ أَلَّا تَتَّهِمَهُ
شرح میر حبیب الله خوئی ج21
السادسة و الاربعون بعد أربعمائة من حكمه عليه السّلام
(446) و سئل عليه السّلام عن التوحيد و العدل فقال: التّوحيد أن لاتتوهّمه، و العدل أن لا تتّهمه.
المعنى
حكمته هذه تتضمّن تحقيق أصلين هامّين من اصول الاسلام على وجازتها و عمقها العميق، فهنا بحثان:
1- الوهم من الحواسّ الباطنة و من القوى الفعّالة في وجود الانسان يشكّل في باطنه فضاء غير متناه أعظم و أوسع من الفضاء اللّايتناهي الخارجي المحسوس فانّ الوهم يمثّل في باطن الانسان هذه الفضاء مرّات و ألف مرّة و لا يضيق بها و لا يتعب، فالأعداد اللّانهائي من الوهم و الأشكال الهندسي اللّانهائي من الوهم و خلاصة القول أنّه كلّ مدرك له كم و بعد في باطن الانسان إن كان صورة لوجود عينيّ دخل فيه بواسطة الحواسّ الظاهرة فهو خيال و حفظ، و إلّا فهو من الواهمة و حدّه أن يكون محدودا بالكم أو الكيف، و موصوفا بالبعد خطا أو سطحا أو جسما فالوهم في باطن وجود الانسان الصغير الجثّة أكبر العوالم المادّية، بل يصحّ أن يعبّر عنه بعالم اللّاتناهي في اللّاتناهي، و التعدّد من منشات الوهم و يبدأ من عدد الواحد الّذي بعده الاثنان، فالواحد العددي من عالم الوهم و لا يطلق على اللَّه كما لا يطلق عليه الاثنان و الثلاث و هذا هو المقصود من قوله عليه السّلام: واحد لا بالعدد، فاذا جاوزنا عن عالم الوهم فلا يبقى إلّا الوحدة الحقة الصّرفة، و يتبيّن سرّ قوله عليه السّلام: (التوحيد أن لا تتوهّمه).
فكلّ انحراف في التوحيد الذاتى من الثنوية و التثليث و غيرهما و الوثنيّة و ما يشاكلها، ناش عن الوهم، بل الانحراف في التوحيد الصفاتي كالقول بزيادة الصفات على الذات و وجود المعاني في الذات كما اعتقده الأشاعرة، ناش عن الوهم أيضا لأنه مبنيّ على تصوّر ذات معها صفة المستلزم للتعدّد الكمّي و هو من عالم الوهم أيضا.
فقوله عليه السّلام: «التوحيد أن لا تتوهّمه» حدّ جامع مانع فلا سبيل إلى الاعتقاد باللّه تعالى بما له من الوحدة الحقّة إلّا بتعقّل بسيط عبّر عنه في الأحاديث بأنه شيء لا كالأشياء، فليس في المفاهيم التي تكون مرآتا للحقائق ما هو أبسط من مفهوم «الشيء» المساوق لمفهوم «الوجود المطلق البسيط».
روى الكليني في باب اطلاق القول بأنه شيء، يسنده إلى عبد الرّحمن بن أبى نجران قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن التوحيد فقلت: أتوهّم شيئا فقال: نعم غير معقول و لا محدود فما وقع و همك عليه من شيء فهو خلافه، لا يشبهه شيء و لا تدركه الأوهام، كيف تدركه و هو خلاف ما يعقل و خلاف ما يتصوّر في الأوهام، إنما يتوهّم شيء غير معقول و لا محدود.
و بسنده عن الحسين بن سعيد قال: سئل أبو جعفر الثاني عليه السّلام يجوز أن يقال للّه إنّه شيء قال: نعم يخرجه عن الحدّين: حدّ التعطيل و حدّ التشبيه.
و قد شرحنا أخبار هذا الباب في كتابنا شرح اصول الكافي مستوفى، فمن أراد مزيد الاطلاع فليرجع إليه (ج- 1).
2- في العدل- يظهر من كلامه عليه السّلام: أنّ العدل يعدّ أصلا إسلاميّا بعد التوحيد و مقررا في تعليمات الاسلامية الاصوليّة من زمن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و الصحابة حتّى ظهرت بدعة الأشاعرة فأنكروا هذا الأصل و أسقطوه من الاصول، و حقيقة العدل هو الاعتقاد بأنّ اللَّه خير مطلق و لا يصدر منه إلّا الخير و الاحسان، و كلّما يلقاه الانسان في الدّنيا مما يتصوّره شرّا و ظلما و نقصانا في نفسه أو غيره فلا يخلو من وجوه:
1- الاشتباه في اعتقاده و احساسه لجهله بالحقيقة و الواقع، فربما يكون بعض الامور المكروهة في نظرنا عند اللَّه من قبيل حرش الأشجار بقطع فضول الأغصان للنموّ و الاستثمار، فالجاهل يراه نقصانا و تخريبا، أو كقطع الغرلة في الختان يؤلم الولد و يؤسف الناظر، و الجاهل يتصوّره ظلما و ليس كذلك.
2- آلام و نواقص ينعكس في عالم المادّة و في وجود الانسان من العدم المحيط به و المختلط بوجوده، فانّ عالم المادّة المحسوس حدّ للوجود المطلق و مشوب بالعدم من نواح شتّى، فهذه النواقص و الأعدام لا يستند إلى اللَّه تعالى، و هو معنى التسبيح و التنزيه الّذي يكون أحد الاداب التعليمات العامة في الاسلام، و قد بيّن اللَّه ذلك في قوله تعالى: «ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»- 79- النساء».
3- من الشرور و الاحساسات المرّة ما لا واقع له أصلا و إنما هو سوء نظر و سوء تفاهم و توهّم في الامور، فهي آلام مجعولة و هميّة لا واقعيّة، و قد أكّد الاسلام بتصفية النفس و التزكية بالأخلاق الفاضلة لدفع هذه الالام، و هو الهدف الأساسي من الرّضا و التسليم الّذي جعل من وظائف الايمان القلبى في غير واحد من الأخبار، فكلّما يراه الانسان خلاف العدل و ينسبه إلى اللَّه بجهله فقد اتّهم اللَّه بما لا يكون منه حقيقة، فقال عليه السّلام: (العدل أن لا تتّهمه).
الترجمة
پرسش شد از توحيد و عدل در پاسخ فرمود: حقيقت توحيد اينست كه خدا را برتر از وهم بدانى، و حقيقت عدل اينست كه او را بهيچ بدى و ظلمى متّهم ندانى.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی