و من كلام له عليه السّلام في وقت الشورى
لَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى دَعْوَةِ حَقٍّ- وَ صِلَةِ رَحِمٍ وَ عَائِدَةِ كَرَمٍ- فَاسْمَعُوا قَوْلِي وَ عُوا مَنْطِقِي- عَسَى أَنْ تَرَوْا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ هَذَا الْيَوْمِ- تُنْتَضَى فِيهِ السُّيُوفُ وَ تُخَانُ فِيهِ الْعُهُودُ- حَتَّى يَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ- وَ شِيعَةً لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ
أقول: هذا من جملة كلام قاله عليه السّلام لأهل الشورى و قد ذكرنا طرفا من أخبارها.
فقوله: لن يسرع أحد. إلى قوله: و عائدة كرم. تقرير لفضيلته ليسمع قوله، و لذلك قال بعده: فسمعوا قولى و عوا منطقى، و ذكر فضائل ثلاثا: الدعوة إلى الحقّ الّذي لن يسارعه أحد إليها إلّا سرعه. و هى ثمرة العدالة، و صلة الرحم، و عائدة الكرم. و هما فضيلتان تحت ملكة العفّة. و الّذى أمرهم بسماعه هو التنبيه على عاقبة أمر الخلافة، و ما يقع فيها من الهرج و المرج بعدهم بناء على ما حضر من الخبط و الاختلاط فيها فكأنّه يقول: إذا كان حال هذا الأمر هذه الحال من الخبط و مجاذبة من لا يستحقّه [لمن يستحقّه خ] و التغلّب فيه على أهله فعسى أن ترونه بعد هذا اليوم بحال يختصم الناس فيه بالسيوف و تخان فيه العهود، و هو إشارة إلى ما علمه من حال البغاة و الخوارج عليه و الناكثين لعهد بيعته. فقوله: حتّى يكون بعضهم أئمّة لأهل الضلالة و شيعة لأهل الجهالة. غاية للتغالب على هذا الأمر، و أشار بالأئمّة إلى طلحة و الزبير، و بأهل الضلالة إلى أتباعهم، و بأهل الجهالة إلى معاوية و رؤساء الخوارج و سائر امراء بنى اميّة، و بشيعة أهل الجهالة إلى أتباعهم. و باللّه التوفيق.
شرح نهج البلاغة(ابن ميثم بحراني)، ج 3 ، صفحهى 175