نامه ۱۰ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى معاویه

وَ کَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ- إِذَا تَکَشَّفَتْ عَنْکَ جَلَابِیبُ مَا أَنْتَ فِیهِ- مِنْ دُنْیَا قَدْ تَبَهَّجَتْ بِزِینَتِهَا وَ خَدَعَتْ بِلَذَّتِهَا- دَعَتْکَ فَأَجَبْتَهَا وَ قَادَتْکَ فَاتَّبَعْتَهَا- وَ أَمَرَتْکَ فَأَطَعْتَهَا- وَ إِنَّهُ یُوشِکُ أَنْ یَقِفَکَ وَاقِفٌ عَلَى مَا لَا یُنْجِیکَ مِنْهُ مِجَنٌّ- فَاقْعَسْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ- وَ خُذْ أُهْبَهَ الْحِسَابِ وَ شَمِّرْ لِمَا قَدْ نَزَلَ بِکَ- وَ لَا تُمَکِّنِ الْغُوَاهَ مِنْ سَمْعِکَ- وَ إِلَّا تَفْعَلْ أُعْلِمْکَ مَا أَغْفَلْتَ مِنْ نَفْسِکَ- فَإِنَّکَ مُتْرَفٌ قَدْ أَخَذَ الشَّیْطَانُ مِنْکَ مَأْخَذَهُ- وَ بَلَغَ فِیکَ أَمَلَهُ وَ جَرَى مِنْکَ مَجْرَى الرُّوحِ وَ الدَّمِ- وَ مَتَى کُنْتُمْ یَا مُعَاوِیَهُ سَاسَهَ الرَّعِیَّهِ- وَ وُلَاهَ أَمْرِ الْأُمَّهِ- بِغَیْرِ قَدَمٍ سَابِقٍ وَ لَا شَرَفٍ بَاسِقٍ- وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ لُزُومِ سَوَابِقِ الشَّقَاءِ- وَ أُحَذِّرُکَ أَنْ تَکُونَ مُتَمَادِیاً فِی غِرَّهِ الْأُمْنِیِّهِ- مُخْتَلِفَ الْعَلَانِیَهِ وَ السَّرِیرَهِ- وَ قَدْ دَعَوْتَ إِلَى الْحَرْبِ فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً- وَ اخْرُجْ إِلَیَّ وَ أَعْفِ الْفَرِیقَیْنِ‏ مِنَ الْقِتَالِ- لِتَعْلَمَ أَیُّنَا الْمَرِینُ عَلَى قَلْبِهِ وَ الْمُغَطَّى عَلَى بَصَرِهِ- فَأَنَا أَبُو حَسَنٍ قَاتِلُ جَدِّکَ وَ أَخِیکَ وَ خَالِکَ شَدْخاً یَوْمَ بَدْرٍ- وَ ذَلِکَ السَّیْفُ مَعِی- وَ بِذَلِکَ الْقَلْبِ أَلْقَى عَدُوِّی- مَا اسْتَبْدَلْتُ دِیناً وَ لَا اسْتَحْدَثْتُ نَبِیّاً- وَ إِنِّی لَعَلَى الْمِنْهَاجِ الَّذِی تَرَکْتُمُوهُ طَائِعِینَ- وَ دَخَلْتُمْ فِیهِ مُکْرَهِینَ- وَ زَعَمْتَ أَنَّکَ جِئْتَ ثَائِراً بِدَمِ عُثْمَانَ- وَ لَقَدْ عَلِمْتَ حَیْثُ وَقَعَ دَمُ عُثْمَانَ- فَاطْلُبْهُ مِنْ هُنَاکَ إِنْ کُنْتَ طَالِباً- فَکَأَنِّی قَدْ رَأَیْتُکَ تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ- إِذَا عَضَّتْکَ ضَجِیجَ الْجِمَالِ بِالْأَثْقَالِ- وَ کَأَنِّی بِجَمَاعَتِکَ تَدْعُونِی جَزَعاً مِنَ الضَّرْبِ الْمُتَتَابِعِ- وَ الْقَضَاءِ الْوَاقِعِ وَ مَصَارِعَ بَعْدَ مَصَارِعَ إِلَى کِتَابِ اللَّهِ- وَ هِیَ کَافِرَهٌ جَاحِدَهٌ أَوْ مُبَایِعَهٌ حَائِدَهٌ

أقول: أوّل هذا الکتاب: من عبد اللّه علىّ أمیر المؤمنین إلى معاویه بن أبی سفیان سلام على من اتّبع الهدى فإنّی أحمد إلیک اللّه الّذی لا إله إلّا هو. أمّا بعد فإنّک رأیت من الدنیا و تصرّفها بأهلها فیما مضى منها، و خیر ما بقى من الدنیا ما أصاب العباد الصادقون فیما مضى منها، و من یقس الدنیا بشأن الآخره یجد بینهما بونا بعیدا. و اعلم یا معاویه أنّک قد ادّعیت أمرا لست من أهله لا فی القدم و لا فی البقیّه و لا فی الولایه و لست تقول فیه بأمر بیّن یعرف لک فیه أثر و لا لک علیه شاهد من کتاب اللّه و لا عهد تدّعیه من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم. ثمّ یتّصل بقوله: فکیف أنت. الفصل.


اللغه
و الجلباب: الملحفه. و تبهّجت: تحسّنت و تزیّنت. و یوشک بالکسر: یقرب. و وقفه على ذنبه. أى اطّلعه علیه. و المجنّ: الترس. و یروى: منج. وقعس: أى تأخّر. و الاهبه: العدّه و هو ما یهیّأ للأمر و یستعدّ به له. و شمّر ثوبه: رفعه. و الإغفال: الإهمال و الترک. و المترف: الّذی أطغته النعمه. و الباسق: العالى. و التمادى فی الأمر: تطویل المدّه فیه. و الغرّه: الغفله. و الامنیّه: ما یتمنّى. و الرین: الغلبه و التغطیه، و المرین على قلبه: من غلبت علیه الذنوب و غطّت عین بصیرته الملکات الردیئه. و الشدخ: کسر الشی‏ء الأجوف. و الثائر: الطالب بالدم. و الضجیج: الصیاح. و الحایده: العادله.

المعنى
و قد استفهم عن کیفیّه صنعه عند مفارقه نفسه لبدنه استفهام تنبیه له على غفلته عمّا ورائه من أحوال الآخره و تذکیرا بها. و استعار لفظ الجلابیب للّذّات الحاصله له فی الدنیا بمتاعها و زینتها. و وجه الاستعاره کون تلک اللّذّات و متعلّقاتها أحوال ساتره بینه و بین إدراک ما ورائه من أحوال الآخره مانعه له من ذلک کما یستر الجلباب ما ورائه، و رشّح الاستعاره بذکر التکشّف، و لفظ- ما- مجمل بیّنه بقوله: من دنیا مع سایر صفاتها و هی تحسّنها و زینتها و أسند إلیها التبهّج مجازا. إذ الجاعل لها ذات تبهّج لیس نفسها بل اللّه تعالى. و فی قوله: و خدعت. مجاز فی الإفراد و الترکیب أمّا فی الإفراد فلأنّ حقیقه الخدعه أن یکون من إنسان لغیره فاستعملها هاهنا فی کون الدنیا بسبب ما فیها من اللذّات موهمه لکونها مقصوده بالذات و أنّها کمال حقیقیّ مع أنّها لیست کذلک و ذلک یشبه الخدعه، و أمّا فی الترکیب فلأنّ کونها موهمه لذلک لیس من فعلها بل من أسباب اخرى منتهى إلى اللّه سبحانه. و کذلک التجوّز فی قوله: دعتک و قادتک و أمرتک. فإنّ الدعاء و القود و الأمر لها حقایق معلومه لکن لمّا کانت تصوّرات کمالها أسبابا جاذبه لها أشبهت تلک التصوّرات الدعاء فی کونها سببا جاذبا إلى الداعی فأطلق علیها لفظ الدعاء، و کذلک أطلق على تلک التصوّرات لفظ القود و الأمر باعتبار کونها أسبابا مستلزمه لاتّباعها کما أنّ الأمر و القود یوجبان الاتّباع، و أمّا فی الترکیب فلأنّ تلک التصوّرات الّتی أطلق علیها لفظ الدعاء و القود و الأمر مجازا لیس فاعلها و موجبها هو الدنیا بل واهب العلم، و لمّا کانت إجابه الدنیا و اتّباعها و طاعتها معاصی یخرج الإنسان بها عن حدود اللّه ذکرها فی معرض توبیخه و ذمّه. و قوله: و إنّه یوشک. تذکیر بقرب اطّلاعه على ما یخاف من أهوال الآخره و الوصول إلیه اللازم عن لزوم المعاصی و هو فی معرض التحذیر له و التنفیر عن إصراره على معصیه اللّه بادّعائه ما لیس له: أى یقرب أن یطّلعک مطّلع على ما لا بدّ لک منه ممّا تخاف من الموت و ما تستلزمه معاصیک من لحوق العذاب، و ظاهر أنّ تلک امور غفلت عنها العصاه فی الدنیا ما داموا فی حجب الأبدان فإذا نزعت عنهم تلک الحجب اطّلعوا على ما قدّموا من خیر أو شرّ و ما اعدّ لهم بسبب ذلک من سعاده أو شقاوه کما أشار إلیه سبحانه بقوله یَوْمَ تَجِدُ کُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَیْرٍ مُحْضَراً الآیه و قد مرّت الإشاره إلى ذلک غیره مرّه. و ذلک المطّلع و الموقف هو اللّه سبحانه. و یحتمل أن یرید به نفسه علیه السّلام على سبیل التوعید له و التهدید بالقتل المستلزم لذلک الاطّلاع إن دام على غیّه، و ظاهر أنّ تلک الامور الّتی تقف علیها لا ینجیه منها منج. ثمّ أردف ذلک التوبیخ و التهدید بالغرض له منهما و هو أمره بالتأخّر عن أمر الخلافه. ثمّ أردف ذلک بما یستلزم التخویف و التهدید فأمره بأخذ الاهبه للحساب و الاستعداد له بعدّته و هى طاعه اللّه و تقواه و مجانبه معاصیه، و بالتشمیر لما قد نزل به. و کنّى بالتشمیر عن الاستعداد أیضا. و ما نزل به إمّا الموت أو القتل و ما بعده تنزیلا لما لا بدّ من وقوعه أو هو فی مظنّه الواقع منزله الواقع، و یحتمل أن یرید الحرب الّتى یرید أن یوقعها به.
ثمّ نهاه عن تمکین الغواه من سمعه، و کنّى به عن إصغائه إلیهم فیما یشیرون به علیه من الآراء المستلزمه للبقاء على المعصیه. إذ من شأن الغاوى الإغواء. و الغواه کعمرو بن العاص و مروان و من کان یعتضد به فی الرأى. و قوله: و إلّا تفعل. أی إن لم تفعل ما آمرک به اعلمک ما ترکت من نفسک. و مفعول ترکت ضمیر- ما- .

و قوله: من نفسک.

بیان لذلک الضمیر و تفسیر له. و إغفاله لنفسه ترکه إعدادها بما یخلصه من أهوال الحرب و عذاب الآخره و هو ملازمه طاعه اللّه و اقتناء الفضائل النفسانیّه، و یفهم من ذلک الإعلام الّذی توعّد به الإعلام بالفعل فإنّ مضایقته بالحرب و القتال یستلزم إعلامه ما أغفل من نفسه من طاعه اللّه المستلزمه للراحه. و قوله: فإنّک. إلى قوله: الدم. وصف له بمذامّ یستلزم إعلامه بالفعل [بالقول خ‏] ما أغفل من زمنه. فالترف مستلزم لتجاوز الحدّ الّذی ینبغی و یترکه و ذلک الحدّ فضیله تحت العفّه یکون الشیطان قد أخذ منه مأخذه و بلغ فیه أمله و جرى منه مجرى الروح و الدم فی القرب یستلزم وصفه بکلّ الرذائل المستلزمه أضدادها من الفضائل. ثمّ أخذ فی استفهامه عن وقت کون بنی امیّه ساسه الرعیّه و ولاه أمر الامّه استفهاما على سبیل الإنکار لذلک و التقریع بالخمول و القصور عن رتبه الملوک والولاه، و القدم السابق کنایه عن التقدّم فی الامور و الأهلیّه لذلک. و نبّه بقوله: بغیر قدم سابق على أنّ سابقه الشرف و التقدّم فی الامور شرط لتلک الأهلیّه فی المتعارف و هو فی قوّه صغرى ضمیر من الشکل الأوّل تقدیرها: و أنتم بغیر قدم سابق. و تقدیر الکبرى: و کلّ من کان کذلک فلیس بأهل لسیاسه الرعیّه و ولاه أمر الامّه. ینتج أنّکم لستم أهلا لذلک. و هو عین ما استنکر نقیضه. و ظاهر أنّهم لم یکن فیهم من أهل الشرف أهل لذلک. ثمّ استعاذ من لزوم ما سبق فی القضاء الإلهى من الشقاء تنبیها على أنّ معاویه فی معرض ذلک وبصدده لما هو علیه من المعصیه و تنفیرا له عنها.
ثمّ حذّره من أمرین: أحدهما: تمادیه فی غفله الأطماع و الأمانی الدنیویّه. و الثانی: کونه مختلف العلانیه و السریره. و کنّى بذلک عن النفاق.
و وجه التحذیر ما یستلزمانه من لزوم الشقاء فی الآخره. و قد کان معاویه دعاه إلى الحرب و أجابه بجواب مسکت، و هو قوله: فدع الناس. إلى قوله: ثائرا بعثمان و انتصب- جانبا- على الظرف، و إنّما جعل مبارزته له سببا لعلمه بأنّه مغطّى‏ على قلبه و بصر بصیرته بحجب الدنیا و جلابیب هیئاتها لما أنّ من لوازم العلم بأحوال الآخره و فضلها على الدنیا الثبات عند المبارزه فی طلبها و إن أدّى إلى القتل حتّى ربّما تکون محبّه القتل من لوازم ذلک العلم أیضا و قد کان علیه السّلام یعلم من حاله أنّه لا یثبت له محبّه للبقاء فی الدنیا فلذلک دعاه إلى المبارزه لیعلمه بإقدامه علیه و فراره منه أنّه لیس طالبا للحقّ و طریق الآخره فی قتاله و أنّ حجب الشهوات الدنیویّه قد غطّت عین بصیرته عن أحوال الآخره و طلبها فکان فراره منه مستلزما لعدم علمه بالآخره المستلزم للرین على قلبه و علامه دالّه علیه، و فی ذلک تهدید و تحذیر، و کذلک اعتزائه له و انتسابه، و تذکیره بکونه قاتل من قتل من أهله شدخا یوم بدر فی معرض التخویف و التحذیر له أن یصیبه ما أصابهم إن أصرّ على المعصیه.

و جدّه المقتول هو جدّه لامّه عتبه بن أبی ربیعه فإنّه کان أبا هند، و خاله الولید بن عتبه، و أخوه حنظله بن أبی سفیان. فقتلهم جمیعا علیه السّلام یوم بدر، و کذلک تذکیره ببقاء ذلک السیف و القلب معه یلقى بهما عدوّه و بکونه لم یستبدل دینا و لا نبیّا و أنّه على المنهاج الّذی ترکوه طائعین و دخلوه مکرهین و هو طریق الإسلام الواضحه کلّ ذلک فی معرض التخویف و التحذیر و التوبیخ بالنفاق. ثمّ أشار إلى الشبهه الّتی کانت سببا لثوران الفتن العظیمه و انشعاب أمر الدین و هی شبهه الطلب بدم عثمان الّتی کانت عمدته فی عصیانه و خلافه، و أشار إلى الجواب عنها بوجهین: أحدهما: أنّه علیه السّلام لیس من قتله عثمان فلا مطالبه علیه و إنّما تتوجّه المطالبه على قاتلیه و هو یعلمهم. الثانی: المنع بقوله: إن کنت طالبا. فإنّ إیقاع الشکّ هنا بان- یستلزم عدم تسلیم کونه طالبا بدم عثمان. ثمّ عقّب بتخویفه بالحرب و ما یستلزمه من الثقل إلى الغایه المذکوره. و هاهنا ثلاثه تشبیهات: أحدها: المدلول علیه بقوله: فکأنّى قد رأیتک و المشبّه هاهنا نفسه علیه السّلام فی حال کلامه هذا، و المشبّه به هو أیضا نفسه لکن من حیث هی رأته رؤیه محقّقه.

و تحقیق ذلک أنّ نفسه لکمالها و اطّلاعها على الامور الّتی سیکون کانت مشاهده لها و وجه التشبیه بینهما بالقیاس إلى حالتیها جلاء المعلوم و ظهوره له فی الحالتین. الثانی: قوله: تضجّ ضجیج الجمال بالأثقال، و وجه الشبه شدّه تبرّمه و ضجره من ثقلها کشدّه تبرّم الجمل المثقل بالحمل. و ضجیجه کنایه عن تبرّمه. و استعار لفظ العضّ لفعلها ملاحظه لشبهها بالسبع العقور، و وجه المشابهه استلزام تلک الأثقال للألم کاستلزام العضّ له. الثالث: قوله: و کأنّى بجماعتک. و المشبّه هنا أیضا نفسه و المشبّه به ما دلّت علیه بالإلصاق کأنّه قال: کأنّى متّصل أو ملتصق بجماعتک حاضر معهم. و محلّ یدعونی النصب على الحال، و العامل ما فی کان من معنى الفعل: أى اشبّه نفسى بالحاضر حال دعائهم له. و جزعا مفعول له. و تجوّز بلفظ القضاء فی المقضىّ من الامور الّتی توجد عن القضاء الإلهى إطلاقا لاسم السبب على المسبّب. و قوله: و مصارع بعد مصارع. و المصرع هنا مصدر: أى جزعا من مصارع یلحق بعضهم بعد بعض أو تلحقهم بعد مصارع آبائهم السابقه. و قد کان اطّلاعه علیه السّلام على دعائهم له إلى کتاب اللّه قبل وقوعه من آیاته الباهره. و الواو فی قوله: و هی. للحال و العامل فیه یدعونی. و الکافره الجاحده للحقّ من جماعته إشاره إلى المنافقین منهم و قد کان فیهم جماعه کذلک، و المبایعه الحایده الّذین بایعوه و عدلوا عن بیعته إلى معاویه. و السلام.

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۷۱

بازدیدها: ۱۱

نامه ۹ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى معاویه

فَأَرَادَ قَوْمُنَا قَتْلَ نَبِیِّنَا وَ اجْتِیَاحَ أَصْلِنَا- وَ هَمُّوا بِنَا الْهُمُومَ وَ فَعَلُوا بِنَا الْأَفَاعِیلَ- وَ مَنَعُونَا الْعَذْبَ وَ أَحْلَسُونَا الْخَوْفَ- وَ اضْطَرُّونَا إِلَى جَبَلٍ وَعْرٍ- وَ أَوْقَدُوا لَنَا نَارَ الْحَرْبِ- فَعَزَمَ اللَّهُ لَنَا عَلَى الذَّبِّ عَنْ حَوْزَتِهِ- وَ الرَّمْیِ مِنْ وَرَاءِ حُرْمَتِهِ- مُؤْمِنُنَا یَبْغِی بِذَلِکَ الْأَجْرَ وَ کَافِرُنَا یُحَامِی عَنِ الْأَصْلِ- وَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَیْشٍ خِلْوٌ مِمَّا نَحْنُ فِیهِ بِحِلْفٍ یَمْنَعُهُ- أَوْ عَشِیرَهٍ تَقُومُ دُونَهُ فَهُوَ مِنَ الْقَتْلِ بِمَکَانِ أَمْنٍ- وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ- وَ أَحْجَمَ النَّاسُ- قَدَّمَ أَهْلَ بَیْتِهِ- فَوَقَى بِهِمْ أَصْحَابَهُ حَرَّ السُّیُوفِ وَ الْأَسِنَّهِ- فَقُتِلَ عُبَیْدَهُ بْنُ‏ الْحَارِثِ یَوْمَ بَدْرٍ- وَ قُتِلَ حَمْزَهُ یَوْمَ أُحُدٍ- وَ قُتِلَ جَعْفَرٌ یَوْمَ مُؤْتَهَ- وَ أَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَکَرْتُ اسْمَهُ- مِثْلَ الَّذِی أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَهِ- وَ لَکِنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ وَ مَنِیَّتَهُ أُجِّلَتْ- فَیَا عَجَباً لِلدَّهْرِ- إِذْ صِرْتُ یُقْرَنُ بِی مَنْ لَمْ یَسْعَ بِقَدَمِی- وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ کَسَابِقَتِی- الَّتِی لَا یُدْلِی أَحَدٌ بِمِثْلِهَا- إِلَّا أَنْ یَدَّعِیَ مُدَّعٍ مَا لَا أَعْرِفُهُ وَ لَا أَظُنُّ اللَّهَ یَعْرِفُهُ- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى کُلِّ حَالٍ- وَ أَمَّا مَا سَأَلْتَ مِنْ دَفْعِ قَتَلَهِ عُثْمَانَ إِلَیْکَ- فَإِنِّی نَظَرْتُ فِی هَذَا الْأَمْرِ- فَلَمْ أَرَهُ یَسَعُنِی دَفْعُهُمْ إِلَیْکَ وَ لَا إِلَى غَیْرِکَ- وَ لَعَمْرِی لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْ عَنْ غَیِّکَ وَ شِقَاقِکَ- لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَلِیلٍ یَطْلُبُونَکَ- لَا یُکَلِّفُونَکَ طَلَبَهُمْ فِی بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ- وَ لَا جَبَلٍ وَ لَا سَهْلٍ- إِلَّا أَنَّهُ طَلَبٌ یَسُوءُکَ وِجْدَانُهُ- وَ زَوْرٌ لَا یَسُرُّکَ لُقْیَانُهُ وَ السَّلَامُ لِأَهْلِهِ

أقول: هذا الفصل ملتقط من کتاب کتبه إلى معاویه جواب کتابه إلیه. و صوره کتاب معاویه: من معاویه بن أبی سفیان إلى علیّ بن أبی طالب. سلام علیک. فإنّی أحمد إلیک اللّه الّذی لا إله إلّا هو. أمّا بعد فإنّ اللّه اصطفى محمّدا بعلمه و جعله الأمین على وحیه و الرسول إلى خلقه و اجتبى له من المسلمین أعوانا أیّده بهم فکانوا فی منازلهم عنده على قدر فضائلهم فی الإسلام فکان أفضلهم فی الإسلام و أنصحهم [و أنصفهم خ‏] للّه و لرسوله الخلیفه من بعده و خلیفه الخلیفه من بعد خلیفته و الثالث الخلیفه عثمان المظلوم. فکلّهم حسدت و على کلّهم بغیت. عرفنا ذلک فی نظرک الشزر و قولک البجر

[الهجر خ‏] و فی تنفّسک الصعداء و إبطائک عن الخلفاء. و فی کلّ ذلک تقاد کما یقاد الجمل المخشوش حتّى تبایع و أنت کاره. ثمّ لم یکن لک لأحد منهم حسدا مثل ما منک لابن عمّک عثمان و کان أحقّهم أن لا تفعل ذلک به فی قرابته و صهره فقطعت رحمه و قبّحت محاسنه و ألببت علیه الناس و بطنت و ظهرت حتّى ضربت إلیه آباط الإبل و قیدت إلیه الخیل العتاق و حمل علیه السلاح فی حرم رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فقتل معک فی المحلّه و أنت تسمع فی داره الهایعه لا تردع عن نفسک فیه بقول و لا فعل. و اقسم قسما صادقا لو قمت فیما کان من أمره مقاما تنهنه الناس عنه ما عدل بک من قبلنا من الناس أحدا و لمحا ذلک عندهم ما کانوا یعرفونک به من المجانبه لعثمان و البغى علیه. و اخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظنین ایواک قتله عثمان فهم عضدک و أنصارک و یدک و بطانتک و قد ذکر لى إنّک تنتصل من دمه فإن کنت صادقا فأمکنّا من قتله عثمان نقتلهم به و نحن من أسرع الناس إلیک و إلّا فإنّه لیس لک و لأصحابک إلّا السیف و الّذی لا إله غیره لنطلبنّ قتله عثمان فی الجبال و الرمال و البرّ و البحر حتّى یقتلهم اللّه أو لنلحقنّ أرواحنا باللّه. و السلام. ثمّ دفع الکتاب إلى أبی مسلم الخولانىّ فقدم به الکوفه. فکتب علیه السّلام جوابه: من عبد اللّه علیّ أمیر المؤمنین إلى معاویه بن أبی سفیان أمّا بعد فإنّ أخا خولان قدم علیّ بکتاب منک تذکر فیه محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و ما أنعم اللّه علیه من الهدى و الوحى فالحمد للّه الّذی صدّقه الوعد و تمّم له النصر و مکّن له فی البلاد و أظهره على أهل العداوه و الشنئان من قومه الّذین و ثبوابه و شنعوا له و أظهروا له التکذیب و بارزوه بالعداوه و ظاهروا على إخراجه و على إخراج أصحابه و ألبّوا علیه العرب و جامعوه على حربه و جهدوا علیه و على أصحابه کلّ الجهد و قلّبوا له الامور حتّى ظهر أمر اللّه و هم کارهون.
و کان أشدّ الناس علیه اسرته و الأدنى فالأدنى من قومه إلّا من عصم اللّه منهم. یابن هند فلقد خبأ لنا الدهر منک عجبا. و لقد أقدمت فأفحشت إذ طفقت تخبرنا عن بلاء اللّه تبارک و تعالى فی نبیّه محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و فینا فکنت فی ذلک کجالب التمر إلى هجر أو کداعى مسدّده إلى النضال. و ذکرت أنّ اللّه اجتبى‏ له من المسلمین أعوانا أیّدهم به فکانوا فی منازلهم عنده على قدر فضائلهم فی الإسلام و کان أفضلهم فی الإسلام کما زعمت و أنصحهم للّه و لرسوله الخلیفه الصدّیق و خلیفه الخلیفه الفاروق. و لعمرى إنّ مکانهما فی الإسلام لعظیم، و أنّ المصایب بهما لجرح فی الإسلام شدید یرحمها اللّه و جزاهما بأحسن ما عملا. غیر أنّک ذکرت أمرا إن تمّ اعتزلک کلّه و إن نقص لم یلحقک ثلمه. و ما أنت و الصدّیق فالصدّیق من صدّق بحقّنا و أبطل باطل عدوّنا، و ما أنت و الفاروق فالفاروق من فرّق بیننا و بین أعدائنا. و ذکرت أنّ عثمان کان فی الفضل ثالثا فإن یک عثمان محسنا فسیلقى ربّا غفورا لا یتعاظمه ذنب یغفره. و لعمرى إنّى لأرجو إذا أعطى اللّه الناس على قدر فضایلهم فی الإسلام و نصیحتهم للّه و لرسوله أن یکون نصیبنا فی ذلک الأوفر. إنّ محمّدا صلّى اللّه علیه و آله و سلّم لمّا دعا إلى الایمان باللّه و التوحید کنّا أهل البیت أوّل من آمن به و صدّق ما جاء به فلبثنا أحوالا محرمه و ما یعبد اللّه فی الربع ساکن من العرب غیرنا. ثمّ یتّصل به. قوله: فأراد قومنا. إلى قوله: نار الحرب. ثمّ یتّصل به أن قال: و کتبوا علینا بینهم کتابا لا یؤاکلونا و لا یشاربونا و لا یناکحونا و لا یبایعونا و لا نأمن فیهم حتّى یدفع إلیهم النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فیقتلونه و یمثّلوا به فلم یکن نأمن فیهم إلّا من موسم إلى موسم. ثمّ یتّصل به قوله: فعزم اللّه. إلى قوله: بمکان أمن. ثمّ یتّصل به أن قال: فکان ذلک ما شاء اللّه أن یکون ثمّ أمر اللّه رسوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بالهجره ثمّ أمره بعد ذلک بقتل المشرکین. ثمّ یتّصل به قوله: فکان صلّى اللّه علیه و آله و سلّم إذا أحمرّ البأس. إلى قوله: اخّرت. و یتّصل به أن قال: و اللّه ولىّ الاحسان إلیهم و الامتنان علیهم بما قد أسلفوا من الصالحات فما سمعت بأحد هو أنصح للّه فی طاعه رسوله و لا أطوع لرسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فی طاعه ربّه و لا أصبر على الأذى و الضرار حین البأس و مواطن المکروه مع النبىّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم من هؤلاء النفر الّذین سمّیت. کذلک و فی المهاجرین خیر کثیر تعرفه جزاهم اللّه بأحسن أعمالهم.

ثمّ ما أنت و التمییز بین المهاجرین الأوّلین و ترتیب درجاتهم و تعریف طبقاتهم هیهات. لقد حنّ قدح لیس منها، و طفق یحکم فیها من علیه الحکم لها. ألا تربع أیّها الإنسان على ظلعک و تعرف قصور ذرعک و تتأخّر حیث أخّرک القدر فما علیک غلبه المغلوب و لا لک ظفر الظافر. و إنّک لذهّاب فی التیه روّاغ عن القصد لا ترى غیر متجار لک لکن بنعمه اللّه احدّث. ثمّ یتّصل به أوّل الکلام المذکور فی کتابه إلى معاویه و هو من محاسن الکتب. إلى قوله علیه السّلام: توکّلت. ثمّ یتّصل به قوله من ذلک الکتاب: و ذکرت أنّه لیس لى و لأصحابی. إلى آخره. ثمّ یتّصل به قوله: و لعمرى. إلى آخر، و هذا خبط عجیب من السیّد- رحمه اللّه- مع وجود کتبه علیه السّلام فی کثیر من التواریخ و لنرجع إلى الشرح فنقول:

اللغه
الاجتیاح: الاستیصال. و الهموم: القصود. و الحلس: کساء رقیق یجعل تحت قتب البعیر: و الوعر: الصعب المرتقى. و الحوزه: الناحیه، و حوزه الملک بیضته. و الحلف: العهد بین القوم. و الإحجام: التأخّر عن الأمر. و احد: جبل بالمدینه. و موته- بالضم- : اسم أرض بأدنى البلقاء دون دمشق. و الإدلاء بالشی‏ء: التقریب به. و نزع عن الأمر: انتهى عته. و الغىّ: الضلال. و الشقاق: الخلاف و الزور: الزائرون.

المعنى
و اعلم أنّه علیه السّلام أجاب عن کلّ فصل من کلام معاویه بفصل و هذا الفصل یشتمل على ذکر بلائه و بلاء من یقرب إلیه من بنی هاشم و فضیلتهم فی الإسلام و الکفر فی جواب تفضیل معاویه لغیره علیه حیث قال فی صدر کتابه فی ذکر محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: و اجتبى له من المسلمین أعوانا أیّده بهم. إلى قوله: و الثالث الخلیفه المظلوم عثمان. و صدر هذا الفصل من قوله: و لعمرى إنّی لأرجو. إلى قوله: الأوفر.
إیماء إلى أنّه أفضل الجماعه لأنّ النصیب الأوفر من الثواب إذا کان على قدر الفضیله کان مستلزما للأفضلیّه.
و قوله: إنّ محمّدا. إلى قوله: و منیّته اخّرت. شرح لفضیلته و فضیله أهل بیته، و تقریر لما أشار إلیه من دعوى الأفضلیّه. و هو یجرى مجرى قیاس ضمیر من الشکل الأوّل، و تقریرها أنّ هذه الحال المشروحه من کوننا أوّل آمن باللّه و صدّق ما جاء به و عبده و صبر على بلائه و مجاهده أعدائه‏ مع رسوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم الصبر المشروح إلى الغایه المذکوره. و قد سبقت منّا الإشاره إلى أنّه علیه السّلام أوّل من عبد اللّه تعالى مع الرسول صلّى اللّه علیه و آله و سلّم هو و خدیجه و من لحق بهم من المسلمین و أنّهم بقوا على ذلک عدّه سنین یتعبّدون بشعاب مکّه و غیرها سرّا، و کانت المشرکون یبالغون فی أذاهم، و قیل: إنّ المشرکین بعد ظهور النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بالنبوّه لم تنکر علیه القریش حتّى سبّ آلهتهم فأنکروا علیه و بالغوا فی أذاه و أغروا به صبیانهم فرموه بالحجاره حتّى أدموا عقبه و بالغوا فی أذى المسلمین. فأمرهم رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بالخروج إلى الحبشه فخرج فی الهجره إلیها أحد عشر رجلا منهم عثمان بن عفّان و الزبیر و عبد الرحمن بن عوف و عبد اللّه بن مسعود و خرجت قریش فی طلبهم ففاتوهم فخرجوا فی طلبهم إلى النجّاشی فلم یمکّنهم منهم و لم یزالوا یبالغون فی أذى الرسول صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و یعملون الحیله فی هلاکه. و روى أحمد فی مسنده عن ابن عبّاس قال: إنّ الملأ من قریش اجتمعوا فی الحجر فتعاهد و ا باللات و العزّى و مناه الثالثه الاخرى لو قد رأینا محمّدا قمنا إلیه قیام رجل واحد فلا نفارقه حتّى نقتله.

قال: فأقبلت فاطمه علیها السّلام حتّى دخلت علیه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فأخبرته بقولهم و قالت له: لو قد رأوک لقتلوک و لیس منهم رجل إلّا و قد عرف نصیبه من دمک. فقال: یا بنیّتى أرینى وضوءا. فتوضّأ ثمّ دخل علیهم المسجد. فلمّا رأوه غضّوا أبصارهم ثمّ قالوا: هو ذا. ثمّ لم یقم إلیه منهم أحد فأقبل صلّى اللّه علیه و آله و سلّم حتّى قام على رؤوسهم فأخذ قبضه من تراب فحصبهم بها. و قال: شاهت الوجوه. فما أصاب رجلا منهم شی‏ء منه إلّا قتل یوم بدر کافرا. فذلک معنى قوله: فأراد قومنا إهلاک نبیّنا و اجتیاح أصلنا.
إلى قوله: نار الحرب. و قوله: و همّوا بنا الهموم. أى أرادوا بنا الإرادات و الأفاعیل إرادات إیقاع الشرور بهم و الأفعال القبیحه. و قیل: أراد بالهموم الأحزان: أى همّوا أن یفعلوا بنا ما یوجب الأحزان.

و قوله: و منعونا العذب. أى طیب العیش. و استعار لفظ الأحلاس لإلزامهم الخوف و إشعارهم إیّاه ملاحظه لمشابهته بالحلس فی لزومه بهم. و کذلک استعار لفظ النار للحرب. ملاحظه لشبهها بالنار فی الأذى و افتناء ما یقع فیها. و رشّح بذکر الایقاد. فأمّا قوله: و اضطرّونا إلى جبل و عر، و قوله: و کتبوا علینا بینهم کتابا. فروى أنّه لما أسلم حمزه و عمر و حمى النجّاشی من عنده من المسلمین و حامى أبو طالب عن رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فشا الإسلام فی القبایل فاجتهد المشرکون فی إطفاء نور اللّه و اجتمعت قریش و أتمر بینهم أن یکتبوا کتابا یتعاهدون فیه أن لا ینکحوا إلى بنى هاشم و بنى عبد المطّلب و لا ینکحوهم، و لا یبیعوهم شیئا و لا یتبایعوا منهم فکتبوا بذلک وثیقه و توافقوا علیها و علّقوها فی جوف الکعبه توکیدا لذلک الأمر على أنفسهم فلمّا فعلوا ذلک انحازت بنى هاشم و بنو عبد المطّلب إلى أبی طالب فدخلوا معه فی شعبه. و خرج من بنى هاشم أبو لهب و ظاهر المشرکین. و قطعوا عنهم المیره و المارّه، و حصروهم فی ذلک الشعب فی أوّل سنه سبع من النبوّه فکانوا لا یخرجون إلّا من موسم إلى موسم حتّى بلغهم الجهد و سمع صوت صبیانهم من وراء الشعب من شدّه الجوع فمن قریش من‏ سرّه ذلک و منهم من ساءه فأقاموا على ذلک ثلاث سنین حتّى أوحى اللّه إلى رسوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أنّ الأرضه قد أکلت صحیفتهم و محت منها ما کان فیه ظلم و جور و بقى منها ما کان ذکر اللّه.

فأخبر بذلک عمّه أبا طالب فأمره أن یأتی قریشا فیعلمها بذلک فجاء إلیهم، و قال: إنّ ابن أخى أخبرنى بکذا و کذا فإن کان صادقا نزعتم عن سوء رأیکم و إن کان کاذبا دفعته إلیکم فقتلتموه أو استحییتموه. فقالوا: قد أنصفتنا. فأرسلوا إلى الصحیفه فوجدوها کما أخبر صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فسقط فی أیدیهم و عرفوا أنّهم بالظلم و القطیعه. فذلک معنى قوله: و اضطرّونا إلى جبل و عر. إلى آخره. و قوله: فعزم اللّه لنا. أى أراد لنا الإراده الجازمه منه، و اختار لنا أن نذبّ عن حوزه الإسلام و نحمى حرمته أن تتهتّک، و کنّى عن حماها بالرمى من ورائها.

و قوله: مؤمننا. إلى قوله: عن الأصل. أى کنّا بأجمعنا نذبّ عن دین اللّه و نحمى رسوله فکان من آمن منّا یرید بذلک الأجر من اللّه، و من کان حینئذ على کفره کالعبّاس و حمزه و أبی طالب على قول فإنّهم کانوا یمنعون عن رسول اللّه مراعاه لأصلهم. و قوله: من أسلم من قریش. إلى قوله: یوم موته. فالواو فی قوله: و من. للحال: أى کنّا على تلک الحال من الذبّ عن دین اللّه حال ما کان من أسلم من قریش عدا بنى هاشم و بنى عبد المطّلب خالین ممّا نحن فیه من البلاء آمنین من الخوف و القتل فمنهم من کان له حلف و عهد من المشرکین یمنعه، و منهم من کان له عشیره یحفظه. و بذلک یظهر فضله علیه السّلام و فضیله بنى هاشم و بنى المطّلب و بلاؤهم فی حفظ رسول اللّه. ثمّ لمّا أمر اللّه بقتال المشرکین کان یقدّم أهل بیته فیقى بهم أصحابه حرّ السیوف و أسنّه الرماح. و کنّى باحمرار البأس عن شدّه الحرب. إذ البأس فیها مستلزم لظهور حمره الدماء و إن کان استعمال هذا اللفظ لم یبق تلک الملاحظه فی الکنایه، و منه موت أحمر کنایه عن شدّته و ذلک فی الحرب أیضا و ما یستلزم ظهور الدماء. و بدر اسم بئر سمّیت بحافرها. و أمّا عبیده بن الحرث بن عبد المطّلب فقتله عتبه بن ربیعه و ذلک أنّه لمّا التقى المسلمون و المشرکون ببدر برز عتبه بن ربیعه و أخوه شیبه و ابنه الولید و طلبوا المبارزه فخرج إلیهم رهط من الأنصار. فقالوا: نرید أکفائنا من المهاجرین. فقال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: قم یا حمزه، قم یا عبیده، قم یا علىّ. فبارز عبیده و هو أسنّ القوم عتبه بن ربیعه و بارز حمزه شیبه و بارز علىّ الولید. فقتل علىّ و حمزه قرینهما و اختلف عبیده و عتبه بضربتین فکلاهما أثبت صاحبه و أجهز حمزه و علىّ بأسیافهما على عتبه فقتلاه و احتملا عبیده فجاء به إلى رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و قد قطعت رجله و مخّها یسیل فقال: یا رسول اللّه أ لست شهیدا قال: بلى. فقال عبیده: لو کان أبو طالب حیّا یعلم أنّی أحقّ بما قال فیه حیث یقول:
و نسلمه حتّى نصرّع حوله و نذهل عن أبنائنا و الحلایل‏ و أمّا حمزه بن عبد المطّلب فقتله وحشىّ فی وقعه احد بعد وقعه بدر فی‏ سنه ثلاث من الهجره و کان سببها أنّه لمّا رجع من حضر بدرا من المشرکین إلى مکّه و جدوا العیر الّتی قدم فیها أبو سفیان موقوفه فی دار الندوه فحشر أشراف قریش و مشوا إلى أبی سفیان فقالوا: نحن طیّبوا الأنفس بأن یجهّز بربح هذه العیر جیشا إلى محمّد. فقال أبو سفیان: أنا أوّل من أجاب إلى ذلک و معى بنو عبد مناف. فباعوها و کانت ألف بعیر فکان المال خمسین ألف دینار فسلّم إلى أهل العیر رءوس أموالهم و عزلت الأرباح و بعثوا الرسل إلى العرب یستنفرونهم فاجتمعوا فی ثلاثه ألف فیهم سبع مائه درع و مائتا فرس و ثلاثه ألف بعیر، و باتت جماعه بباب رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم.

و رأى فی نومه کأنّه فی درع حصینه و کأنّ سیفه- ذو الفقار- قد انفصم و کأنّ بقرا ینحر و کأنّه مردف کبشا فقال: أمّا الدرع فالمدینه و البقر یقتل بعض أصحابه و انفصام سیفه مصیبه فی نفسه و الکبش کبش الکتیبه یقتله اللّه. فکان المصیبه أن رماه عتبه بن أبی وقاص بحجر فدقّ رباعیّته و هشم أنفه و کلّم وجهه. و قیل: الّذی فعل ذلک عمرو بن قمیئه و کان ذلک الیوم صعبا على المسلمین، و روى أنّ هندا قامت فی ذلک الیوم فی نسوه معها تمثّل بقتلى المسلمین و تجدع الآذان و الانوف حتّى اتّخذت منها قلائد، و بقرت عن کبد حمزه و لاکتها فلم تستطع أن تسیغها فلفظتها، و منه سمّى معاویه ابن آکله الأکباد. و أمّا جعفر بن أبی طالب فقتل فی وقعه موته و کانت هذه الوقعه فی جمادى الاولى سنه ثمان من الهجره و کان من سببها أنّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بعث الحرث بن عمیره الأزدى إلى ملک بصرى فلمّا نزل موته عرض له شر حبیل بن عمرو الغسانى فقتله و لم یقتل له رسول قبل ذلک. فشقّ علیه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ذلک فندب المسلمین و عسکر فی ثلاثه آلاف. و قال: أمیرکم زید بن حارثه فإن قتل فجعفر بن أبى طالب فإن قتل فعبد اللّه بن رواحه فإن قتل فلیرتض المسلمون منهم رجلا، و أمرهم أن یأتوا مقتل الحرث بن عمیره و یدعوا من هناک إلى الإسلام فإن أجابوا و إلّا قتلوهم. فسمع العدوّ بهم فجمعوا لهم و جمع لهم شرحبیل أکثر من مائه ألف فمضوا إلى موته فوفّا هم المشرکون فأخذ اللواء زید فقاتل حتّى قتل ثمّ أخذه جعفر فقاتل حتّى قطعت یداه، و قیل: ضربه رجل من الروم فقطعه نصفین فوجد فی أحد نصفیه أحد و ثمانون جرحا، و سمّاه رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ذا الجناحین یطیر بهما فی الجنّه لقطع یدیه یومئذ. و قوله: و أراد من لو شئت ذکرت اسمه. إلى قوله: اجّلت. إشاره إلى نفسه. إذ کان لکلّ امّه مدّه مربوطه به فإذا جاء أجلهم فلا یستأخرون ساعه و لا یستقدمون. و لمّا أشار إلى دلیل أفضلیّته و أهل بیته أردفه بالتعجّب من الدهر حیث انتهى فی إعداده و فعله إلى أن صار بحیث یقرن فی الذکر و المرتبه من لیس له مثل سابقته فی الفضیله الّتی لا یتقرّب أحد إلى اللّه بمثلها. و قوله: إلّا إن یدّعى مدّع ما لا أعرفه. أراد بالمدّعى معاویه و بما لا یعرفه ما عساه یدّعیه من الفضیله فی الدین و السابقه فی الإسلام.

و قوله: و لا أظنّ اللّه یعرفه. نفى ظنّ معرفه اللّه لذلک المدّعى لأنّه لمّا نفى لذلک المدّعى فضیله یعرفها نفى أیضا عن نفسه طریق معرفه اللّه لها، و هو إشاره إلى أنّه لا وجود لتلک الفضیله و ما لا وجود له امتنع أن یعرف اللّه تعالى وجوده، و لمّا أشار إلى أفضلیّته و عدم الفضیله لمنافره حسن إردافه بحمد اللّه فحمده على کلّ حال. و الاستثناء هنا منقطع لأنّ الدعوی لیست من جنس السابقه. و أمّا جوابه لسؤاله قتله عثمان فحاصله یعود إلى أنّه علیه السّلام فکّر فی أمرهم فرأى أنّه لا یسعه تسلیم المعترفین بذلک إلى معاویه، و لا إلى غیره و ذلک من وجوه: أحدها: أنّ تسلیم الحقّ إلى ذى الحقّ عند المنافره إنّما یکون بعد تعیین المدّعى علیه و ثبوت الحقّ علیه، و إنّما یکون ذلک بعد مرافعه الخصمین إلى الحاکم و إقامه البیّنه بالدعوى أو الاعتراف من المدّعى علیه. و معلوم أنّ معاویه و من طلب بدم عثمان لم یفعل شیئا من ذلک، و لذلک قال علیه السّلام لمعاویه فی موضع آخر: و أمّا طلبک إلىّ قتله عثمان فادخل فبما دخل الناس فیه ثمّ حاکمهم إلىّ أحملک و إیّاهم على الحقّ‏ 

الثانی: أنّ القوم الّذین رضوا بقتله أو شرکوا فی ذلک کانوا على حدّ من الکثره و فیهم المهاجرون و الأنصار کما روى أنّ أبا هریره و أبا الدرداء أتیا معاویه فقالا له: علام تقاتل علیّا و هو أحقّ بالأمر منک لفضله و سابقته فقال: لست اقاتله لأنّى أفضل منه و لکن لیدفع إلىّ قتله عثمان. فخرجا من عنده و أتیا علیّا. فقالا له: إنّ معاویه یزعم أنّ قتله عثمان عندک و فی عسکرک فادفعهم إلیه فإن قاتلک بعدها علمنا أنّه ظالم لک. فقال علىّ: إنّى لم أحضر قتل عثمان یوم قتل و لکن هل تعرفان من قتله فقالا: بلغنا أنّ محمّد بن أبی بکر و عمّار و الأشتر و عدّى بن حاتم و عمرو بن الحمق و فلانا و فلانا ممّن دخل علیه‏ . فقال علىّ: فامضیا إلیهم فخذوهم. فأقبلا إلى هؤلاء النفر و قالا لهم: أنتم من قتله عثمان و قد أمر أمیر المؤمنین بأخذکم. قال: فوقعت الصیحه فی العسکر بهذا الخبر فوثب من عسکر علىّ أکثر من عشره ألف رجل فی أیدیهم السیوف و هم یقولون: کلّنا قتلته. فبهت أبو هریره و أبو الدرداء. ثمّ رجعا إلى معاویه و هما یقولان: لا یتمّ هذا الأمر أبدا. فأخبراه بالخبر. و إذا کان القاتلون و المتعصّبون لهم بهذه الکثره فکیف یمکنه علیه السّلام تسلیمهم و تمکین أحد منهم. الثالث: أنّه کان فی جماعه الصحابه المشهود لهم بالجنّه من یرى أنّ عثمان کان یستحقّ القتل بأحداثه کما روى نضر بن مزاحم أنّ عمّارا فی بعض أیّام صفّین قام فی أصحابه و قال: امضوا معى عباد اللّه إلى قوم یطلبون فیما یزعمون بدم الظالم إنّما قتله الصالحون المنکرون للعدوان الآمرون بالإحسان. فإن قال هؤلاء الّذین لا یبالون لو سلمت لهم دنیاهم لو درس هذا الدین: لم قتلتموه. فقلنا: لأحداثه.
و إن قالوا: ما أحدث شیئا. و ذلک لأنّه کان أمکنهم من الدنیا فهم یأکلونها و یرعونها و لا یبالون لو انهدمت علیهم الجبال. فإذا اعترف مثل هذا الرجل على جلالته بالمشارکه فی قتلهم و علّل ذلک بأحداثه احتمل أن یقال: إنّه علیه السّلام فکّر فی هذا الأمر فرأى أنّ هذا الجمع العظیم من المهاجرین و الأنصار و التابعین لا یجوز أن یقتلوا برجل واحد أحدث أحداثا نقموها علیه جمله المسلمون و قد استعتب مرارا فلم یرجع فأدّى ذلک إلى قتله، و لم یسعه تسلیمهم إلى من یطلب بدمه لما یستلزمه ذلک من ضعف الدین و هدمه. ثمّ أقسم علیه السّلام مهدّدا له بمن طلب من القوم إن لم یرجع عن ضلالته إلى طریق الحقّ عن طرق الباطل و ینزل عن خلافه أن یکونوا هم الطالبین له. و محلّ یطلبونک النصب مفعولا ثانیا لتعرف بمعنى تعلم، و یأتی الکلام من تمام التهدید. و مراده بالزور المصدر، و لذلک أفرد ضمیره فی لقیانه، و یحتمل أن یرید الزائرین و أفرد الضمیر نظرا إلى إفراد اللفظ، و باللّه التوفیق.


شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن‏ میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۶۰

 

بازدیدها: ۲۱

نامه ۸ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى جریر بن عبد اللّه البجلى، لما أرسله إلى معاویه

أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا أَتَاکَ کِتَابِی فَاحْمِلْ مُعَاوِیَهَ عَلَى الْفَصْلِ- وَ خُذْهُ بِالْأَمْرِ الْجَزْمِ- ثُمَّ خَیِّرْهُ بَیْنَ حَرْبٍ مُجْلِیَهٍ أَوْ سِلْمٍ مُخْزِیَهٍ- فَإِنِ اخْتَارَ الْحَرْبَ فَانْبِذْ إِلَیْهِ- وَ إِنِ اخْتَارَ السِّلْمَ فَخُذْ بَیْعَتَهُ وَ السَّلَامُ أقول: روى أنّ جریرا أقام عند معاویه حین أرسله علیه السّلام حتّى أتّهمه الناس.

و قال: قد وقّتّ لجریر وقتا لا یقیم بعده إلّا مخدوعا أو عاصیا. و أبطى‏ء حتّى أیس منه. فکتب إلیه بعد ذلک هذا الکتاب. فلمّا انتهى إلیه أتى معاویه فأقرءه إیّاه و قال: یا معاویه إنّه لا یطبع على قلب إلّا بذنب و لا یشرح إلّا بتوبه، و لا أظنّ قلبک إلّا مطبوعا، أراک قد وقفت بین الحقّ و الباطل کأنّک تنظر شیئا فی ید غیرک.
فقال معاویه: ألقاک بالفصل فی أوّل مجلس إنشاء اللّه. ثمّ أخذ فی بیعه أهل الشام فلمّا انتظم أمره لقى جریرا و قال له: الحق بصاحبک و أعلمه بالحرب. فقدم جریر إلى علیّ علیه السّلام.

اللغه
البجلىّ: منسوب إلى بجیله قبیله. و المجلیه من الإجلاء و هو الإخراج عن الوطن قهرا. و المخزیه: المهینه و المذلّه. و روى مجزیه- بالجیم- : أی کافیه. والحرب و السلم مؤنّثان لکونهما فی معنى المحاربه و المسالمه. و النبذ: الإلقاء و الرمى.

المعنى
و حاصل أمر جریر حمل معاویه على فصل الأمر و قطعه و جزم الحال معه بتخییره فی أحد أمرین إمّا حرب یکون معها إجلاؤه، و إمّا سلم یکون فیها ذلیلا مهانا مقهورا، و فی ذکر الإجلاء و الإهانه على التقدیرین تخویف و تهدید و إشعار بأنّه علیه السّلام فی الأمرین ظاهر ظافر، و أنّه غالب قاهر لعلّه یتذکّر أو یخشى. ثمّ أمره على تقدیر اختیاره للحرب أن یرمیه بالإعلام بها و یلقى الوعید بایقاعها من قبله علیه السّلام و یجهر له بذلک من غیر مداهنه و مداراه کقوله تعالى وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِیانَهً فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلى‏ سَواءٍ«» و على تقدیر اختیاره للسلم یأخذ بیعته.

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۵۹

بازدیدها: ۰

نامه ۷ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلیه أیضا

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَتْنِی مِنْکَ مَوْعِظَهٌ مُوَصَّلَهٌ وَ رِسَالَهٌ مُحَبَّرَهٌ- نَمَّقْتَهَا بِضَلَالِکَ وَ أَمْضَیْتَهَا بِسُوءِ رَأْیِکَ- وَ کِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدِیهِ- وَ لَا قَائِدٌ یُرْشِدُهُ قَدْ دَعَاهُ الْهَوَى فَأَجَابَهُ- وَ قَادَهُ الضَّلَالُ فَاتَّبَعَهُ- فَهَجَرَ لَاغِطاً وَ ضَلَّ خَابِطاً وَ مِنْ هَذَا الْکِتَابِ لِأَنَّهَا بَیْعَهٌ وَاحِدَهٌ لَا یُثَنَّى فِیهَا النَّظَرُ- وَ لَا یُسْتَأْنَفُ فِیهَا الْخِیَارُ- الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ وَ الْمُرَوِّی فِیهَا مُدَاهِنٌ

أقول: هذا جواب کتاب کتبه إلیه معاویه. و صورته: من معاویه بن أبی سفیان إلى علیّ بن أبی طالب أمّا بعد فلو کنت على ما کان علیه أبو بکر و عمر إذن ما قاتلتک و لا استحللت لک ذلک و لکنّه إنّما أفسد علیک بیعتى خطیئتک [خطبتک- خ- ] فی عثمان بن عفّان. و إنّما کان أهل الحجاز الحکّام على الناس حین کان الحقّ فیهم فلمّا ترکوه صار أهل الشام الحکّام على أهل الحجار و غیرهم من الناس. و لعمرى ما حجّتک على أهل الشام کحجّتک على أهل البصره و لا حجّتک علىّ کحجّتک على طلحه و الزبیر لأنّ أهل البصره قد کانوا بایعوک و لم یبایعک أهل الشام و إنّ طلحه و الزبیر بایعاک و لم ابایعک. و أمّا فضلک فی الإسلام و قرابتک من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و موضعک من هاشم فلست أدفعه. و السلام. فکتب علیه السّلام جوابه من عبد اللّه علىّ أمیر المؤمنین إلى معاویه بن صخر أمّا بعد فإنّه أتانى کتابک کتاب امرى‏ء. إلى قوله: خابطا. ثمّ یتّصل به أن قال: زعمت أنّه إنّما أفسد علىّ بیعتک خطیئتى فی عثمان، و لعمرى ما کنت إلّا رجلا من المهاجرین أوردت کما أوردوا و صدرت کما صدروا و ما کان اللّه لیجمعهم على ضلال و لا یضربهم بعمى. و أمّا ما زعمت أنّ أهل الشام الحکّام على أهل الحجاز فهات رجلین من قریش الشام یقبلان فی الشورى أن تحلّ لهما الخلافه فإن زعمت ذلک کذّبک المهاجرون و الأنصار. و إلّا فأنا آتیک بهما من قریش الحجاز. و أمّا ما میّزت بین أهل الشام و أهل البصره و بینک و بین طلحه و الزبیر فلعمرى ما الأمر فی ذلک إلّا واحد. ثمّ یتّصل به قوله: لأنّها بیعه عامّه. إلى آخره. ثمّ یتّصل به: و أمّا فضلى فی الإسلام و قرابتى من الرسول و شرفى فی بنی هاشم فلو استطعت دفعه لفعلت. و السلام. و أمّا قوله، أمّا بعد فقد أتتنى. إلى قوله: بسوء رأیک.

فهو صدر کتاب آخر أجاب به معاویه عن کتاب کتبه إلیه بعد الکتاب الّذی ذکرناه. و ذلک أنّه لمّا وصل إلیه هذا الکتاب من علیّ علیه السّلام کتب إلیه‏ کتابا یعظه فیه. و صورته: أمّا بعد فاتّق اللّه یا علىّ ودع الحسد فإنّه طالما لم ینتفع به أهله، و لا تفسد سابقه قدیمک بشره من حدیثک فإنّ الأعمال بخواتیمها، و لا تلحدنّ بباطل فی حقّ من لا حقّ لک فی حقّه فإنّک إن تفعل ذلک لا تضلل إلّا نفسک و لا تمحق إلّا عملک، و لعمرى إنّ ما مضى لک من السوابق الحسنه لحقیقه أن تردّک و تردعک عمّا قد اجترأت علیه من سفک الدماء و إجلاء أهل الحقّ عن الحلّ و الحرام، فاقرء سوره الفلق و تعوّذ باللّه من شرّ ما خلق و من شرّ نفسک الحاسد إذا حسد. قفل اللّه بقلبک و أخذ بناصیتک و عجّل توفیقک فإنّى أسعد الناس بذلک و السلام.

فکتب إلیه علیّ علیه السّلام أمّا بعد فقد أتتنى منک موعظه. إلى قوله: سوء رأیک.
ثمّ یتّصل به: و کتاب لیس ببعید الشبه منک حملک على الوثوب على ما لیس لک فیه حقّ. و لولا علمى بک و ما قد سبق من رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فیک ممّا لا مردّ له دون إنفاذه إذن لو عظتک و لکن عظتى لا تنفع من حقّت علیه کلمه العذاب و لم یخف العقاب و لم یرج للّه و قارا و لم یخف له حذارا. فشأنک و ما أنت علیه من الضلاله و الحیره و الجهاله تجد اللّه فی ذلک بالمرصاد من دنیاک المنقطعه و تمنّیک الأباطیل.
و قد علمت ما قال النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فیک و فی امّک و أبیک. و السلام. و ممّا ینبّه على أنّ هذا الفصل المذکور لیس من الکتاب الأوّل أنّ الأوّل لم یکن فیه ذکر موعظه حتّى یذکرها علیه السّلام فی جوابه غیر أنّ السیّد- رحمه اللّه- أضافه إلى هذا الکتاب کما هو عادته فی عدم مراعات ذلک و أمثاله. و لنرجع إلى المقصود. فنقول:

اللغه
المحّبره: المزیّنه. و التنمیق: التزیین بالکتاب. و هجر یهجر هجرا: إذ أهذى أو أفحش فی منطقه. و اللغط: الصوت و الجلبه. و أصل الخبط: الحرکه على غیر نظام. و منه خبط عشواء للناقه الّتی ضعف بصرها. و المروّی: المفکّر. و المداهنه: المصانعه و إظهار الرضى بالأمر مع إضمار خلافه.

المعنى
و الفصل من باب المنافرات. و أراد بکونها موصّله: أى ملتقطه من کلام الناس‏

ملفّقه قد زیّنت بالکتابه، و نسب تنمیقها إلى ضلاله لأنّ موعظته و تکلّفه إیّاها لمثله علیه السّلام عن اعتقاد منه أنّه على طرف الحقّ و أنّ علیّا مخطئ کما زعم، و ظاهر أنّ ذلک الاعتقاد ضلال عن سبیل اللّه أوجب له تکلّف تلک الموعظه، و لأنّه لمّا کان جاهلا بسبک الکلام و وضعه مواضعه جاءت موصّله منمّقه بحسب ذلک الجهل ظهر علیها أثرا لکلفه فی التنمیق فاستدلّ به على ضلاله. و استعار لفظ البصر للعقل باعتبار أنّ له نورا یدرک به صور المعقولات کما یدرک البصر بنوره صور المحسوسات ثمّ سلب عنه البصر الّذی یهدیه فی سبیل اللّه إذ کان عقله قد قصر عن إدراک حقایق الدین و مقاصده و وجوه المصالح الکلیّه المطلوبه للشارع فلم یکن لعقله بصر یهدیه فی تلک الامور و لا له قاید من إمام حقّ أو روىّ صالح یرشده إلى سبیل اللّه فلا- جرم کان مجیبا لهواه إذ دعاه، و منقادا لضلاله و آرائه الجائره المخطئه لوجه المصلحه المطلوبه للّه تعالى فاتّبعها. و استلزم ذلک أن یهجر فیقول ما لا ینبغی من القول لاغطا و مجلبا، و أن یضلّ عن سبیل اللّه خابطا فی التیه لا یتّقى مصارع الهوان فی دین اللّه. و لاغطا و خابطا حالان. و قوله: لأنّها. فالضمیر قبل الذکر لأنّه ضمیر البیعه کقوله تعالى فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ«» و یحتمل أن یرجع إلى ما علم من حالها فی قوله: فلعمرى ما الأمر فی ذلک إلّا واحد. یعنى ما شأن أهل البصره و شأن أهل الشام و شأن طلحه و الزبیر فی بیعتى إلّا واحدا. و المعنى أنّها کما لزمت اولئک فقد لزمتکم أیضا. ثمّ أشار إلى الحجّه فی ذلک بقیاس ضمیر من الشکل الأوّل صغراه: و هی کونها بیعه واحده باتّفاق المهاجرین و الأنصار الّذین هم أهل الحلّ و العقد من أمّه محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و تقدیر کبراه: و کلّ بیعه وقعت کذلک فلا یثّنى فیها نظر و لا یستأنف فیها خیار، و بیان الکبرى ما سبق من حال الأئمّه الثلاثه قبله علیه السّلام إذ لم یکن لأحد أن یثّنى فی بیعتهم نظرا و لا یستأنف خیارا بعد أن عقدها المهاجرون و الأنصار لأحدهم. ثمّ أشار إلى‏ حکم من لم یدخل فی بیعته و هم قسمان لأنّ من لم یدخل فیها إمّا أن یخرج عنها أو یقف فیها. فحکم الخارج عنها أن یکون طاعنا فی صحّتها و انعقادها فیجب أن یجاهد و یقاتل حتّى یرجع إلیها إذ هی سبیل المؤمنین کما سبق، و حکم الواقف فیها و المتروّى فی صحّتها أنّه مداهن و هو نوع من النفاق و مستلزم للشکّ فی سبیل اللّه و المؤمنین و وجوب اتّباعه. و باللّه التوفیق.

شرح‏ نهج ‏البلاغه(ابن‏ میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۵۵

بازدیدها: ۱۲

نامه ۶ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى معاویه

إِنَّهُ بَایَعَنِی الْقَوْمُ الَّذِینَ بَایَعُوا أَبَا بَکْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ- عَلَى مَا بَایَعُوهُمْ عَلَیْهِ- فَلَمْ یَکُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ یَخْتَارَ- وَ لَا لِلْغَائِبِ أَنْ یَرُدَّ- وَ إِنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ- فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَ سَمَّوْهُ إِمَاماً کَانَ ذَلِکَ لِلَّهِ رِضًا- فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ- بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَهٍ رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ- فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ- وَ وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى- وَ لَعَمْرِی یَا مُعَاوِیَهُ لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِکَ دُونَ هَوَاکَ- لَتَجِدَنِّی أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ- وَ لَتَعْلَمَنَّ أَنِّی کُنْتُ فِی عُزْلَهٍ عَنْهُ- إِلَّا أَنْ تَتَجَنَّى فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَکَ وَ السَّلَامُ‏

أقول: هذا الفصل من کتاب کتبه إلى معاویه مع جریر بن عبد اللّه البجلیّ حین نزعه من همدان. و صدره: أمّا بعد فإنّ بیعتى یا معاویه لزمتک و أنت بالشام لأنّه بایعنى القوم. ثمّ یتلو إلى قوله: و ولّاه اللّه ما تولّى. و یتّصل بها أن قال: و أنّ طلحه و الزبیر بایعانى ثمّ نقضا بیعتى و کان نقضهما کردّتهما فجاهدتهما على ذلک حتّى جاء الحقّ و ظهر أمر اللّه و هم کارهون. فادخل یا معاویه فیما دخل فیه المسلمون فإنّ أحبّ الامور إلىّ فیک العافیه إلّا أن تتعرّض للبلاء.

فإن تعرّضت له قاتلتک و استعنت اللّه علیک: و قد أکثرت فی قتل عثمان فادخل فیما دخل فیه الناس ثم حاکم القوم إنّى أحملک و إیّاهم على کتاب اللّه، و أمّا هاتیک الّتی تریدها فمن خدعه الصبىّ عن اللبن. ثمّ یتّصل به قوله: و لعمرى. إلى قوله: ما بدا لک. ثمّ یتّصل به: و اعلم أنّک من الطلقاء الّذین لا تحلّ لهم الخلافه و لا تعرض فیهم الشورى. و قد أرسلت إلیک و إلى من قبلک جریر بن عبد اللّه و هو من أهل الایمان و الهجره فبایع و لا قوّه إلّا باللّه.

اللغه
العزله: الاسم من الاعتزال. و التجنّى أن یدّعى علیک ذنب لم تفعله.

المعنى
فقوله: أمّا بعد. إلى قوله: الشام.
صوره الدعوى.
و قوله: إنّه بایعنى. إلى قوله: علیه. صوره صغرى قیاس ضمیر من الشکل الأوّل یستنتج منه ملزوم تلک الدعوى لغایه صدقها بصدق ملزومها، و تقدیر الکبرى: و کلّ من بایعه هؤلاء القوم فلیس لمن شهد بیعتهم أن یختار غیر من بایعوه و لا للغائب عنها أن یردّها ینتج أنّه لیس لأحد ممّن حضر أو غاب أن یردّ بیعتهم له، و ذلک یستلزم کونها لازمه لمن حضر أو غاب و هذه النتیجه هی قوله: فلم یکن. إلى قوله: یردّ. و قوله: و إنّما. إلى قوله: تولّى. تقریر لکبرى القیاس و حصر للشورى و الإجماع فی المهاجرین و الأنصار لأنّهم أهل الحلّ و العقد من امّه محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فإذا اتّفقت کلمتهم على حکم من‏ الأحکام کاجتماعهم على بیعته و تسمیته إماما کان ذلک إجماعا حقّا هو رضى اللّه: أى مرضىّ له، و سبیل المؤمنین الّذى یجب اتّباعه. فإن خالف أمرهم و خرج عنه بطعن فیهم أو فیمن أجمعوا علیه کخلاف معاویه و طعنه فیه علیه السّلام بقتل عثمان و نحوه، أو ببدعه کخلاف أصحاب الجمل و بدعتهم فی نکث بیعته ردّوه إلى ما خرج عنه فإن أبى قاتلوه على اتّباعه غیر سبیل المؤمنین حتّى یرجع إلیه و ولّاه اللّه ما تولّى و أصلاه جهنّم و ساءت مصیرا. ثمّ أقسم أنّه على تقدیر نظره بعقله دون هواه یجده أبرء الناس من دم عثمان و أنّه کان حین قتله فی عزله عنه. و الملازمه واضحه فإنّ القتل إمّا بفعل أو بقول و لم ینقل عن علیّ علیه السّلام فی أمر عثمان إلّا أنّه لزم بیته و انعزل عنه بعد أن دافع عنه طویلا بیده و لسانه فلم یمکن الدفع. و قوله: إلّا أن تتجنّى. إلى آخره. استثناء منقطع: أی إلّا أن یدّعى علىّ ذنبا لم أفعله فادّع ما بدا لک: أی ما ظهر فی خیالک من الذنوب و الجنایات فإنّ ذلک باب مفتوح لکلّ امّه [أحد خ‏] و محلّ- ما- النصب بالمفعولیّه و إنّما احتجّ علیهم بالإجماع و الاختیار هنا على حسب اعتقاد القوم أنّه المعتبر فی نصب الإمام. إذ لم یکن عندهم أنّه منصوص علیه. و لو ادّعى ذلک لم یسلّم له. و باللّه التوفیق.

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۵۴

بازدیدها: ۴

نامه ۵ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى الأشعث بن قیس، و هو عامل أذربیجان

وَ إِنَّ عَمَلَکَ لَیْسَ لَکَ بِطُعْمَهٍ وَ لَکِنَّهُ فِی عُنُقِکَ أَمَانَهٌ- وَ أَنْتَ مُسْتَرْعًى لِمَنْ فَوْقَکَ- لَیْسَ لَکَ أَنْ تَفْتَاتَ فِی رَعِیَّهٍ- وَ لَا تُخَاطِرَ إِلَّا بِوَثِیقَهٍ- وَ فِی یَدَیْکَ مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْتَ مِنْ خُزَّانِهِ حَتَّى تُسَلِّمَهُ إِلَیَّ- وَ لَعَلِّی أَلَّا أَکُونَ شَرَّ وُلَاتِکَ لَکَ وَ السَّلَامُ

أقول: و روى عن الشعبىّ: أنّ علیّا علیه السّلام لمّا قدم الکوفه و کان الأشعث بن قیس على ثغر آذربیجان من قبل عثمان بن عفّان فکتب إلیه بالتبعه و طالبه بمال آذربیجان مع زیاد بن مرحب الهمدانىّ. و صوره الکتاب: بسم اللّه الرحمن الرحیم من عبد اللّه علىّ أمیر المؤمنین إلى الأشعث بن قیس.
أمّا بعد فلو لا هنات کنّ منک کنت المقدّم فی هذا الأمر قبل الناس و لعلّ آخر أمرک یحمد أوّله و بعضه بعضا إن أتّقیت اللّه. إنّه قد کان من بیعه الناس إیّاى ما قد بلغک و کان طلحه و الزبیر أوّل من بایعنی ثمّ نقضا بیعتى عن غیر حدث و أخرجا عایشه فساروا بها إلى البصره فصرت إلیهم فی المهاجرین و الأنصار فالتقینا فدعوتهم إلى أن یرجعوا إلى ما خرجوا منه فأبوا فأبلغت فی الدعاء و أحسنت فی البقیّه. واعلم أنّ عملک. إلى آخر الفصل. و کتب عبد اللّه بن أبی رافع فی شعبان سنه ستّ و ثلاثین.

اللغه
و المسترعى: من جعله راعیا. و الطعمه: المأکله. و الرعیّه: المرعیّه- فعیله بمعنى مفعوله- . و أفتأت تفتّأت- بالهمزه- : إذا استبدّ بالأمر. و المخاطره التقدّم فی الامور العظام و الإشراف فیها على الهلاک. و الوثیقه. ما یوثق به فی الدین.

المعنى
و قوله: و إنّ عملک. إلى قوله: بوثیقه. إشاره إلى قیاس ضمیر من الشکل الأوّل بیّن فیه أنّه لیس له أن یستبدّ فی رعیّته بأمر من الامور دون من استرعاه و لا أن یخاطر فی شی‏ء من امور ولایته من مال و غیره إلّا بوثیقه ممّن ائتمنه على البلاد و استرعاه للعباد. و دلّ على الصغرى بقوله: و إنّ عملک. إلى قوله: لمن فوقک، و تقدیر الکبرى: و کلّ من کان کذلک فلیس له أن یستبدّ بأمر دون من ائتمنه و استرعاه و لا یخاطر إلّا بوثیقه تخلصه و یثق بها. ثمّ بیّن له بعض ما لا یجوز له الاستبداد به و المخاطره فیه و هو مال تلک البلاد، و نبّه على وجوب حفظه بأمرین: أحدهما: أنّه مال اللّه الّذی أفائه على عباده المؤمنین.

و الثانی: أنّه من خزّانه علیه إلى غایه أن یحمله إلیه. و من شأن الخازن الحفظ و عدم التصرّف فیما یخزنه إلّا بإذن و أمر وثیق یلقى به ربّه. و قد کان الأشعث متخوّفا من علىّ علیه السّلام حین ولى الأمر، و جازما بأنّه لا یبقى العمل فی یده لهنات سبقت منه فی الدین و فی حقّه علیه السّلام قد أشرنا إلى بعضها فیما سبق فی قوله: و ما یدریک ما علىّ ممّا لی. ثمّ أراد علیه السّلام تسکینه فقال. و لعلّى لا أکون شرّ ولاتک لک: أى شرّ من ولى علیک. و أتى بلفظ الترجّى لیقیمه بین طورى الخوف و الرجاء، و إنّما یکون شرّ ولاته علیه لو خالف الدین و الأشعث یعلم ذلک منه فکان ذلک جاذبا له إلى لزوم الدین، و روی أنّه لمّا أتاه کتاب علیّ علیه السّلام دعا بثقاته و قال لهم: إنّ علیّ بن أبی طالب قد أوحشنی و هو آخذى بمال آذربیجان على کلّ حال و أنا لا حق بمعاویه. فقال له أصحابه: الموت خیر لک من ذلک تدع‏ مصرک و جماعه قومک و تکون ذنبا لأهل الشام. فاستحیا من ذلک. و بلغ قوله أهل الکوفه فکتب إلیه علیه السّلام کتابا یوبّخه فیه و یأمره بالقدوم علیه. و بعث به حجر بن عدىّ الکندىّ فلامه حجر على ذلک و ناشده اللّه و قال له: أتدع قومک و أهل مصرک و أمیر المؤمنین و یلحق بأهل الشام و لم یزل به حتّى أقدمه إلى الکوفه فعرض على علیّ علیه السّلام أثقله فوجد فیها مائه ألف درهم و روى أربع مائه ألف فأخذها.
و کان ذلک بالنخیله. فاستشفع الأشعث بالحسن و الحسین علیهما السّلام و بعبد اللّه بن جعفر فأطلق له منها ثلاثین ألفا فقال: لا یکفینی. فقال: لست بزایدک درهما واحدا، و أیم اللّه لو ترکتها لکان خیرا ممّا لک، و ما أظنّها تحلّ لک، و لو تیقّنت ذلک لما بلغتها من عندی.
فقال الأشعث: خذ من خدعک ما أعطاک. و باللّه التوفیق.

شرح ‏نهج ‏البلاغه(ابن ‏میثم بحرانی) ، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۵۱

بازدیدها: ۰

نامه۴شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلى بعض أمراء جیشه

فَإِنْ عَادُوا إِلَى ظِلِّ الطَّاعَهِ فَذَاکَ الَّذِی نُحِبُّ- وَ إِنْ تَوَافَتِ الْأُمُورُ بِالْقَوْمِ‏ إِلَى الشِّقَاقِ وَ الْعِصْیَانِ- فَانْهَدْ بِمَنْ أَطَاعَکَ إِلَى مَنْ عَصَاکَ- وَ اسْتَعْنِ بِمَنِ انْقَادَ مَعَکَ عَمَّنْ تَقَاعَسَ عَنْکَ- فَإِنَّ الْمُتَکَارِهَ مَغِیبُهُ خَیْرٌ مِنْ مَشْهَدِهِ- وَ قُعُودُهُ أَغْنَى مِنْ نُهُوضِهِ

أقول: روى أنّ الأمیر الّذی کتب إلیه هو عثمان بن حنیف عامله على البصره، و ذلک حین انتهت أصحاب الجمل إلیها و عزموا على الحرب فکتب عثمان إلیه یخبره بحالهم فکتب علیه السّلام إلیه کتابا فیه الفصل المذکور.

اللغه
و قوله: انهد: أى انهض. و التقاعس: التأخّر و القعود.

المعنى
و استعار لفظ الظلّ لما یستلزمه الطاعه من السلامه و الراحه عن حراره الحرب و متاعبها الّتی هی ثمرات الشقاق کما یستلزم الظلّ الراحه من حرّ الشمس.

و قوله: و إن توافت الامور بالقوم [بهم الامور خ‏]. أى تتابعت بهم المقادیر و أسباب الشقاق و العصیان إلیهما.
و اعلم أنّه لمّا کان مقصوده علیه السّلام لیس إلّا اجتماع الخلق على طاعته لیسلک بهم سبل الحقّ کما هو مقصود الشارع صلّى اللّه علیه و آله و سلّم نبّه على ذلک بقوله: فإن عادوا.
إلى قوله: نحبّ. و قوله: فذاک. یعود إلى المصدر الّذی دلّ علیه عادوا، و یفهم قوله: فذاک الّذی نحبّ. حصر محبوبه فی عودهم: أى لا نحبّ إلّا ذلک، و لذلک أمره بمحاربه العصاه و الاستعانه بمن أطاعه علیهم على تقدیر مشاقّتهم و عصیانهم، و علّل تعیین النهوض بالمطیعین دون المتکارهین، و بالمنقادین دون المتقاعسین بأنّ المتکاره فی ذلک مغیبه خیر من مشهده و قعوده أغنى من نهوضه و ذلک لما یقع بسبب المتکاره من تخاذل الناس عند رؤیته کذلک و اقتدائهم بحاله حتّى ربّما لا یکتفى بعدم منفعته بل بذکر المفاسد فی الحرب و ما یستلزمه من هلاک المسلمین، و کون ذلک منه و نحوه کما وقف بسببه کثیر من الصحابه و التابعین عن وقایع الجمل و صفّین و النهروان فیکون فی حضوره عدم المنفعه و مفسده هی تخاذل الناس بسببه بخلاف مغیبه. إذ لیس فیه إلّا عدم الانتفاع به، و روى: خیر من شهوده. و کلاهما مصدر. و باللّه التوفیق.

شرح‏ نهج‏ البلاغه(ابن‏ میثم بحرانی) ، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۵۰

بازدیدها: ۰

نامه۳شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام کتبه لشریح بن الحارث قاضیه

روى أن شریح بن الحارث قاضى أمیر المؤمنین علیه السلام اشترى على عهده دارا بثمانین دینارا فبلغه ذلک، فاستدعاه و قال له: بلغنى انک ابتعت دارا بثمانین دینارا و کتبت کتابا و أشهدت [فیه‏] شهودا، فقال شریح: قد کان ذلک یا أمیر المؤمنین، قال: فنظر إلیه نظر مغضب ثم قال له: یَا شُرَیْحُ أَمَا إِنَّهُ سَیَأْتِیکَ مَنْ لَا یَنْظُرُ فِی کِتَابِکَ- وَ لَا یَسْأَلُکَ عَنْ بَیِّنَتِکَ- حَتَّى یُخْرِجَکَ مِنْهَا شَاخِصاً وَ یُسْلِمَکَ إِلَى قَبْرِکَ خَالِصاً- فَانْظُرْ یَا شُرَیْحُ لَا تَکُونُ ابْتَعْتَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ غَیْرِ مَالِکَ- أَوْ نَقَدْتَ الثَّمَنَ مِنْ غَیْرِ حَلَالِکَ- فَإِذَا أَنْتَ قَدْ خَسِرْتَ دَارَ الدُّنْیَا وَ دَارَ الْآخِرَهِ- . أَمَا إِنَّکَ لَوْ کُنْتَ أَتَیْتَنِی عِنْدَ شِرَائِکَ مَا اشْتَرَیْتَ- لَکَتَبْتُ لَکَ کِتَاباً عَلَى هَذِهِ النُّسْخَهِ- فَلَمْ تَرْغَبْ فِی شِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ بِدِرْهَمٍ فَمَا فَوْقُ- وَ النُّسْخَهُ هَذِهِ هَذَا مَا اشْتَرَى عَبْدٌ ذَلِیلٌ مِنْ مَیِّتٍ قَدْ أُزْعِجَ لِلرَّحِیلِ- اشْتَرَى مِنْهُ دَاراً مِنْ دَارِ الْغُرُورِ- مِنْ جَانِبِ الْفَانِینَ وَ خِطَّهِ الْهَالِکِینَ- وَ تَجْمَعُ هَذِهِ الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَهٌ- الْحَدُّ الْأَوَّلُ یَنْتَهِی إِلَى دَوَاعِی الْآفَاتِ- وَ الْحَدُّ الثَّانِی یَنْتَهِی إِلَى دَوَاعِی الْمُصِیبَاتِ- وَ الْحَدُّ الثَّالِثُ یَنْتَهِی إِلَى الْهَوَى الْمُرْدِی- وَ الْحَدُّ الرَّابِعُ یَنْتَهِی إِلَى الشَّیْطَانِ الْمُغْوِی- وَ فِیهِ یُشْرَعُ بَابُ هَذِهِ الدَّارِ- اشْتَرَى هَذَا الْمُغْتَرُّ بِالْأَمَلِ مِنْ هَذَا الْمُزْعَجِ بِالْأَجَلِ- هَذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَهِ- وَ الدُّخُولِ فِی ذُلِّ الطَّلَبِ وَ الضَّرَاعَهِ- فَمَا أَدْرَکَ هَذَا الْمُشْتَرِی فِیمَا اشْتَرَى مِنْهُ مِنْ دَرَکٍ- فَعَلَى مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ الْمُلُوکِ وَ سَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَهِ- وَ مُزِیلِ مُلْکِ الْفَرَاعِنَهِ- مِثْلِ کِسْرَى وَ قَیْصَرَ وَ تُبَّعٍ وَ حِمْیَرَ- وَ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَى الْمَالِ فَأَکْثَرَ- وَ مَنْ بَنَى وَ شَیَّدَ وَ زَخْرَفَ وَ نَجَّدَ- وَ ادَّخَرَ وَ اعْتَقَدَ وَ نَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ- إِشْخَاصُهُمْ جَمِیعاً إِلَى مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَ الْحِسَابِ- وَ مَوْضِعِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ- إِذَا وَقَعَ الْأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَ خَسِرَ هُنالِکَ الْمُبْطِلُونَ- شَهِدَ عَلَى ذَلِکَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَى- وَ سَلِمَ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْیَا

أقول: هو شریح بن الحرث الکندىّ استقضاه عمر على الکوفه و لم یزل بها بعد ذلک قاضیا خمسا و سبعین سنه لم یتعطّل فیها إلّا سنتین، و قیل: أربع سنین استعفى الحجّاج فیها من القضاء فی فتنه ابن الزبیر فأعفاه.

اللغه
و البیّنه: الحجّه. و شخص من البلده: رحل عنها. و الخطّه بالکسر: الأرض یخطّها الرجل و یعلمها بخطّه لیبنی بها دارا. و منه خطط الکوفه و البصره: و المردى: المهلک. و الضراعه: مصدر قولک: ضرع ضراعه أى ذلّ و خضع. و الدرک: التبعه. و أصل البلبله. الاضطراب و الاختلاط و إفساد الشی‏ء بحیث یخرج عن حدّ الانتفاع. و کسرى: لقب ملک الفرس کاسم الجنس لکلّ ملک منهم. و کذلک قیصر: لملک الروم. و تبّع: ملوک الیمن. و حمیر: أبو قبیله من الیمن و هو حمیر بن سبا بن یشحب بن یعرب بن قحطان. و شیّد: رفع البناء. و زخرف: زیّن البناء بالزخرف. و نجّد: زیّن أرضه، و التنجید: التزیین بالفرش و البسط و نحوها. و اعتقد المال و الضیعه: أنشاها.

و غرض الفصل التنفیر عن متاع الدنیا و عن الرکون إلى فضولها.

و بدء قبل توبیخه باستثبات الأمر منه بقوله: بلغنى. إلى قوله: شهودا. و- کان- فی قول شریح: قد کان. تامّه. ثمّ أخذ فی تنفیره عن محبّه هذه الدار و اقتنائها بتذکیره الموت و وعده بإتیانه و أنّه یخرجه منها و یشخصه فیسلّمه إلى قبره خالصا مجرّدا من تلک الدار و عن کلّ قینه اقتناها من الدنیا. ثمّ خوّفه من دخیله ثمنها و أن یکون فیه شائبه حرام و ارتشاء على الأحکام بما یستلزمه ذلک من خسران الدنیا بالموت و خسران الآخره و نعیمها باعتبار ما لزمه من الآثام بأکل الحرام. و ابتعته و اشتریته بمعنى، و روى أما مخفّفه.
فإن قلت: فکیف قال: فما فوقه و معلوم أنّه إذا لم یرغب فیها بدرهم فبالأولى أن لا یرغب فیها بما فوقه.
قلت: لمّا کان الدرهم هنا أقلّ ما یحسن التملّک به فی القلّه و کان الغرض أنّک لو أتیتنى عند شرائک هذه الدار لما شریتها بشی‏ء أصلا لم یحسن أن یذکر وراء الدرهم ما فوقه. و نحوه قول المتنبّى:
و من جسدى لم یترک السقم شعره فما فوقها إلّا و فیها له فعل‏ و کان قیاسه أن یقول: فما دونها.
و اعلم أنّ فی النسخه نکتا:
إحداها: خصّ المشترى بصفه العبودیّه و الذلّه
کسرا لما عساه یعرض لنفسه من العجب و الفخر بشراء هذه الدار.
الثانیه: أطلق لفظ المیّت
على من سیموت یعنی البایع مجازا إطلاقا لما بالفعل على ما بالقوّه، و تنزیلا للمقتضى منزله الواقع لغرض التحذیر من الموت و إزعاجه للرحیل إلى الآخره إمّا ترشیح الاستعاره أو إشاره إلى إیقاظه و تنبیهه بالأعراض و الأمراض و کلّ مذکّر له من العبر. و فی بعض النسخ من عبد قد ازعج.
الثالثه: کنّى بدار الغرور
عن الدنیا باعتبار غرور الخلق بها و غفلتهم بما فیها عمّا وراها. و قوله: من جانب الفانین. أخصّ من دار الغرور، و کذلک خطّه الهالکین أخصّ من جانب الفانین على ما جرت العاده به فی کتب البیع من الابتداء بالأعمّ و الانتهاء فی تخصیص المبیع إلى امور تعیّنه و إن لم یکن هنا غرض فی ذکر التخصیص فی ذکر الفانین و الهالکین إلّا التذکیر بحالهم، و أنّ هذه الدار من جانب کانوا یسکنونه و خطّه کانت لهم.
الرابعه: أشار إلى حدودها الأربعه
و جعلها کنایات عمّا یلزمها من الامور المنفّره عنها و ینتهى إلیه منها. فجعل الحدّ الأوّل ینتهی إلى دواعی الآفات و أشار بها إلى أنّ تلک الدار لمّا کانت یلزمها کمالات لا بدّ منها و علاقات کالمرأه و الخادم و الدابّه و ما یلزم اولئک و یکون بسببهم من الأولاد و الأتباع و القینات و سایر فضول الدنیا الّتی یعدّ بعضها للحاجه إلى بعض حتّى یکون أغنى الناس فیها أکثرهم حاجه و فقرا و کان کلّ واحد من هذه الامور فی معرض الآفات کالأمراض والموت کانت تلک الامور هی دواعى الآفات الّتی تقود إلیها و تستلزمها، و هی ممّا ینتهى إلیه الدار و تستلزمه. و إنّما جعله حدّا أوّل لأنّها أوّل اللوازم الّتی تحتاج إلیها الدار و تعود إلیها.

و الحدّ الثانی: ما ینتهى إلیه و یلزمها من دواعى المصیبات. و أشار بها إلى الامور الأولى الّتی تحتاج الدار إلیها و تستلزمها لکن باعتبار کونها مستلزمه بما یعرض لها من الآفات لما یلحق بسبب ذلک من المصیبات فإنّ کلّ واحد منها لمّا کان فی معرض الآفه کان المقتنى له فی معرض نزول المصیبات به و کان داعیا له و قائدا إلیها، و لاستلزام دواعى الآفات لدواعى المصیبات أردفها بها و جعلها حدّا ثانیا، و یحتمل أن یکون تسمیتها فی الموضعین دواعى باعتبار أنّ شهواتها تدعو إلى فعلها و إیجادها و ذلک الإیجاد یلزمه الآفات و المصیبات.

 الحدّ الثالث: ما ینتهى إلیه و یلزمها الهوى المردى و اتّباعه. إذ کان اقتناء الدار فی الدنیا مستلزما لمحبّتها و محبّه کمالاتها و متابعه المیول الشهویّه بغیر هدى من اللّه و هو المراد بالهوى، و ظاهر کونه مردیا فی حضیض جهنّم و مهلکا فیها. و جعل الهوى هو الحدّ الثالث لکون تلک الدار و کمالاتها و ما تدعو إلیه کلّها امورا مستلزمه للهوى و المیول الطبیعیّه المهلکه الّتی لا تزال یتأکّد بعضها بالبعض و یدعو بعضها إلى البعض. و الحدّ الرابع: ما ینتهی به إلى الشیطان المغوى. و إنّما جعله هو الحدّ الأخیر لأنّه الحدّ الأبعد الّذی ینتهی إلیه تلک الحدود و الدواعى،

و هو بعد الحدّ الثالث. إذ کان الشیطان من جهه الغوایه مبدءا لمیل النفس إلى الدنیا و لبعثها على متابعه هواها و إغواوه یعود إلى إلقائه إلى النفس أنّ الأصلح لها کذا ممّا هو جاذب عن سبیل اللّه، و أشار بقوله: و منه شروع باب هذه الدار. إلى کونه مبدءا بإغوائه الدواعى الباعثه له المستلزمه للدخول فی شرائها و اقتنائها و اقتناء ما یستلزمه و یدعو إلیه و الدخول فی متاع الدنیا و باطلها. فالشیطان کالحدّ و ما صدر عنه و أنفتح بسبه من الدخول فی أمر الدار و شرائها کالباب. فانظر إلى ما اشتمل علیه‏ هذا الترتیب فی کلامه علیه السّلام من الحکمه الّتى بها یتمیّز عن کلام من سواه و هو فی غایه التنفیر عن الدنیا و سدّ أبواب طلبها و الجذب إلى اللّه تعالى و الإرشاد إلى لزوم الزهد الحقیقیّ.

الخامسه: وصف المشترى بالمغترّ بالأمل
باعتبار أنّ نظره إلى أمله فی الدنیا هو الّذی استلزم غفلته عن الآخره و ما خلق لأجله و کان ذلک الاغترار سببا لشرائه لتلک الدار. و جعل الثمن هو الخروج عن عزّ القناعه و الدخول فی ذلّ الطلب و الضراعه باعتبار استلزام شرائه لذلک کما یستلزمه الثمن، و وجه استلزامه لما ذکر أنّ تلک الدار کانت بالنسبه إلى حال شریح فضله زائده على قدر الحاجه. و کلّ فضل اقتناه الإنسان زیاده على قدر ضرورته فقد خرج به عن حدّ القناعه إذ القناعه هی الرضا و الاقتصار على مقدار الحاجه من المال و ما یحتاج إلیه، و علمت أنّ القناعه مستلزمه لقلّه الاحتیاج إلى الخلق و الغنى عنهم و بحسب الغنی و أقلیّه الحاجه یکون عزّ القناعه و الخارج عن القناعه خارج عن عزّها و داخل فی ذلّ الطلب و الضراعه للخلق لأنّه باعتبار ما هو خارج عن القناعه یکون کثیر الحاجه إلى الخلق و باعتبار ذلک یکون داخلا فی الذلّ و الضراعه إلیهم. و غایه ذلک التنفیر عن اقتناء فضول الدنیا بما یستلزمه من ذلّ الحاجه إلى الخلق.

السادسه: علّق الدرک و التبعه
اللازمه فی هذا البیع بملک الموت قطعا لأمل الدرک و تذکیرا بالموت لغایه الأمل له و الاقتصار على قدر الحاجه من متاع الدنیا، و کنّى عنه بمبلبل أجسام الملوک و سالب نفوس الجبابره و مزیل ملک الفراعنه لسلبه لنفوسهم، و فی تخصیص مثل هؤلاء الملوک بأخذ الموت لهم فی معرض تعلیق الدرک به تنبیه لهذا المشترى على وجوب تقصیر الأمل بمثل هذه الدار و نحوه من الآمال المتعلّقه بالمطالب المنقطعه بالموت فإنّه إذا کان قد قطع آمال مثل هؤلاء و لم یدرکوا معه تبعه فبالأولى أنت أیّها القاضی.

السابعه: قوله: و نظر بزعمه للولد
أى نظر فی جمع المال لولده و رآه مصلحه له بظنّه و زعمه. و الباء للسببیّه. إذ کان ظنّ وجود الرأى الأصلح سببا له.

الثامنه: ذکر إشخاصهم و منتهاه و هو موقف العرض و الحساب و موضع الثواب و العقاب
ترهیبا من تلک الامور و المقامات و ترغیبا فی العمل للآخره و الأمن من شرورها.

التاسعه: قوله: إذا وقع الأمر بفصل القضاء
أى إذا وقع أمر اللّه فی محفل القیامه بفصل القضاء و قطع الحکم بین أهل الحقّ و الباطل منهم و ربح المحقور و خسر هنالک المبطلون. و هذا الختام مقتبس من القرآن الکریم.

العاشره: قوله: فی الشهاده على ذلک العقل. إلى آخره.
فی غایه الشرف، و ذلک أنّ الشاهد بما ذکره فی هذا الکتاب من أوصاف المتبایعین و حدود المبیع و من یلحقه درکه و غیر ذلک ممّا عدّده لیس إلّا صرف العقل المبرّء عن خطر الوسواس، المطلق من أسر الهوى، السالم من محبّه الدنیا و ما یتعلّق به منها. إذ کان بتجرّده من هذه العلایق صافیا من کدر الباطل فیرى الحقّ کما هو أهله و یحکم به فأمّا إذا کان أسیرا فی ید الهوى مقهورا تحت سلطان النفس الأمّاره لم یکن نظره إلى الحقّ بعین صحیحه بل بعین غشت ظلمات الباطل أنوارها فلذلک لم یشهد بمحض الحقّ إذ لم یره من حیث هو حقّ خالص بل شهد بالباطل فی صوره الحقّ کشهادته بالمصلحه فی اقتناء الدنیا نظرا لعاقبه الولد أو خوف الفقر و نحوه ممّا یباح لأجله الطلب فی ظاهر الشرع و لو إلى الحقّ بعین الصدق لعلم أنّ الجمع للولد لیس تکلیفا له لأنّ رازق الولد هو خالقه، و أنّ الجمع لخوف الفقر تعجیل فقر و اشتغال عن الواجب علیه بغیره. و باللّه التوفیق.

شرح نهج‏ البلاغه(ابن‏ میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۴۳

بازدیدها: ۳

نامه۲ شرح ابن میثم بحرانی

و من کتاب له علیه السّلام إلیهم، بعد فتح البصره

وَ جَزَاکُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّکُمْ- أَحْسَنَ مَا یَجْزِی الْعَامِلِینَ بِطَاعَتِهِ- وَ الشَّاکِرِینَ لِنِعْمَتِهِ- فَقَدْ سَمِعْتُمْ وَ أَطَعْتُمْ وَ دُعِیتُمْ فَأَجَبْتُمْ‏

المعنى
أقول، یشبه أن یکون الخطاب لأهل الکوفه. و- من- هنا لبیان الجنس من الضمیر المنصوب فی جزاکم. و قد دعا اللّه لهم أن یجزیهم بنصره أهل بیت نبیّه أحسن الجزاء، و شکرهم لنعمته من جهه علمهم بطاعته. و قوله: فقد سمعتم. أی أمر اللّه، و أطعتموه. و دعیتم إلى نصره دینه فأجبتم داعیه. و إنّما حذف المفعولات هنا لأنّ الغرض ذکر الأفعال دون نسبتها إلى مفعولاتها، أو للعلم بها.

شرح ‏نهج‏ البلاغه(ابن‏ میثم  بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۴۳

بازدیدها: ۰

نامه ۱شرح ابن میثم بحرانی

من کتاب له علیه السّلام لأهل الکوفه، عند مسیره من المدینه إلى البصره

مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَى أَهْلِ الْکُوفَهِ- جَبْهَهِ الْأَنْصَارِ وَ سَنَامِ الْعَرَبِ- أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُکُمْ عَنْ أَمْرِ عُثْمَانَ- حَتَّى یَکُونَ سَمْعُهُ کَعِیَانِهِ- إِنَّ النَّاسَ طَعَنُوا عَلَیْهِ- فَکُنْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أُکْثِرُ اسْتِعْتَابَهُ- وَ أُقِلُّ عِتَابَهُ- وَ کَانَ‏ طَلْحَهُ وَ الزُّبَیْرُ أَهْوَنُ سَیْرِهِمَا فِیهِ الْوَجِیفُ- وَ أَرْفَقُ حِدَائِهِمَا الْعَنِیفُ- وَ کَانَ مِنْ عَائِشَهَ فِیهِ فَلْتَهُ غَضَبٍ- فَأُتِیحَ لَهُ قَوْمٌ فَقَتَلُوهُ- وَ بَایَعَنِی النَّاسُ غَیْرَ مُسْتَکْرَهِینَ- وَ لَا مُجْبَرِینَ بَلْ طَائِعِینَ مُخَیَّرِینَ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ دَارَ الْهِجْرَهِ قَدْ قَلَعَتْ بِأَهْلِهَا وَ قَلَعُوا بِهَا- وَ جَاشَتْ جَیْشَ الْمِرْجَلِ- وَ قَامَتِ الْفِتْنَهُ عَلَى الْقُطْبِ- فَأَسْرِعُوا إِلَى أَمِیرِکُمْ- وَ بَادِرُوا جِهَادَ عَدُوِّکُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

المعنى
أقول: کتب هذا الکتاب حین نزل بماء العذب متوجّها إلى البصره و بعثه مع الحسن علیه السّلام و عمّار بن یاسر- رحمه اللّه علیه- . و عیانه: رؤیته. و الوجیف: ضرب من السیر فیه سرعه و اضطراب. و العنف: ضدّ الرفق، و الفلته: البغته من غیر تروّ. و اتیح: قدّر. و قلع المنزل بأهله: إذا نبابهم فلم یصلح لاستیطانهم، و قلعوا به: إذا لم یستقرّوا فیه و لم یثبتوا. و جاشت القدر: غلت. و المرجل: القدر من نحاس. و أعلم أنّه صدّر الفصل بمدحهم جذبا لهم إلى ما یرید هم له من نصرته على أهل البصره، و استعار لهم لفظ الجبهه باعتبار أنّهم بالنسبه إلى الأنصار کالجبهه بالنسبه إلى الوجه فی العزّه و الشرف و العلوّ، و کذلک استعار لفظ السنام باعتبار علوّهم و شرفهم فی العرب بالإسلام و القوّه فی الدین کشرف السنام و علوّه فی الجمل. و قال قطب الدین الراوندىّ: المراد بجبهه الأنصار جماعتهم، و سنام العرب نجدهم و من ارتفع منهم حقیقه فی الموضعین. و المعنى قریب ممّا قلناه إلّا أنّ اللفظین لیسا حقیقه لأنّ من علامات الحقیقه السبق إلى الفهم و لا واحد من المعنیین‏ المذکورین یسبق من هذین اللفظین إلى الفهم. ثمّ ثنىّ بذکر الشبهه الّتی جعلها أصحاب الجمل و أهل الشام و من أراد الفساد فی الأرض حجّه له حتّى کانت مبدءا لکلّ فتنه نشأت فی الإسلام و هی شبهه قتل عثمان مع الجواب عنها، و هو قوله: أمّا بعد. إلى قوله: عیانه. و أمر عثمان شأنه و حاله الّتی جرت له. و قوله: حتّى یکون سمعه کعیانه. کنایه عن تمام إیضاح ذلک الأمر لمن لم یشهده من أهل الکوفه.
و قوله: إنّ الناس طعنوا علیه. إشاره إلى مبدء قتله و هو طعن الناس علیه بالأحداث الّتی نقموها منه. یقال: طعن فیه بالقول و طعن علیه إذا ذکر له عیبا. و قد ذکرنا تلک المطاعن، و هذا القول کالمقدّمه للجواب عن نسبته إلى قتله، و کذلک قوله: فکنت رجلا. إلى قوله: عتابه. کصغرى قیاس ضمیر من الشکل الأوّل مبیّن فیه أنّه أبرء الناس من دم عثمان. و معنى قوله: اکثر استعتابه: أى اکثر طلب العتبى منه و الرجوع إلى ما یرضى به القوم منه، و اقلّ عتابه: أى ذکر ما أجده منه. قال الخلیل: العتاب مخاطبه الإدلال و مذاکره الموجده. إنّما کان یقلّ عتابه لأنّه علیه السّلام کان یخاطبه فیما هو أهمّ من ذلک و هو إرضاؤه للقوم و استعتابه لهم لیدفعوا عنه و یطفئوا نار الفتنه، أو لأنّ حوله جماعه کمروان و غیره فکان علیه السّلام إذا عاتبه وصفا ما بینهما کدّرته تلک الجماعه. و قیل: أراد أنّى کنت اکثر طلب رضاه و اقلّ لائمته. و تقدیر کبرى القیاس: و کلّ من کان من المهاجرین بالصفه المذکوره معه فهو أبرء الناس من دمه و أقواهم عذرا فی البعد عن قتله. و قوله: و کان طلحه و الزبیر. إلى قوله: غضب. کصغرى قیاس ضمیر أیضا من الاولى ألزم فیه القوم السائرین إلى حربه و هم طلحه و الزبیر و عایشه غیر ما نسبوه إلیه من الدخول فی دم عثمان، و کنّى بقوله: أهون سیرهما فیه الوجیف. إلى قوله: العنیف. عن قوّه سعیهما فی قتله و شدّه تلبّسهما بذلک و قد ذکرنا طرفا من حال طلحه معه و جمعه للناس فی داره و منعه من ذویه، و روى أنّ عثمان قال و هو محصور: و یلی على ابن الحضرمیّه یعنی طلحه أعطیته کذا و کذا نهارا ذهبا و هو یروم دمى و یحرّض علىّ اللهمّ لا تمتّعه به و لقّه عواقب بغیه. و روى: أنّه لمّا امتنع على الّذین حصروه الدخول من باب الدار حملهم طلحه إلى دار بعض الأنصار و أصعدهم إلى سطحها و تسوّروا منها علیه. و روى: أنّ مروان قال یوم الجمل: و اللّه لا أترک ثارى من طلحه و أنا أراه و لأقتلنّه بعثمان. ثمّ رماه بسهم فقتله. و أمّا الزبیر فروى أنّه کان یقول: اقتلوه فقد بدّل دینکم فقالوا له: ابنک تحامى عنه بالباب. فقال: و اللّه ما أکره أن یقتل عثمان و لو بدى بابنى. و حالهما فی التحریض مشهور، و أمّا عایشه فروى أنّها کانت تقول: اقتلوا نعثلا قتل اللّه نعثلا، و أمّا الغضب الّذی وقع منها فلته فی حقّه فالسبب الظاهر فیه هو اختصاصه بمال المسلمین قرابته و بنی أبیه و هو السبب العامّ فی قیام الناس علیه و نفرتهم منه، و سائر الأحداث مقوّیات لذلک، و روى أنّه صعد المنبر یوما و قد غصّ المسجد بأهله فمدّت یدها من وراء ستر فیها نعلان و قمیص، و قالت: هذان نعلا رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و قمیصه بعد لم تبل، و قد بدّلت دینه و غیّرت سنّته، و أغلظت له فی القول فأغلظ لها. و کان ذلک القول منها من أشدّ ما حرّض الناس على قتله. و بالجمله فحال هؤلاء الثلاثه فی التحریض على قتله کان أشهر من أن یحتاج إلى ذکر، و تقدیر کبرى القیاس: و کلّ من کان کذلک کان أولى بالدخول فی دمه و أنسب إلى التحریض علیه. و قوله. فاتیح له قوم فقتلوه. یفهم منه نسبته لاجتماع الناس على قتله إلى التقدیر الإلهی لینصرف أذهان السامعین بهذه النسبه الصادقه عن نسبه ذلک إلیه علیه السّلام. و أفاد القطب الراوندى أنّه علیه السّلام إنّما بنى الفعل للمفعول و لم یقل: أتاح اللّه له أو أتاح الشیطان.

لیرضى بذلک الفریقان. و قوله. و بایعنى. إلى قوله: مخیّرین. صغرى قیاس ضمیر بیّن فیه خروج أصحاب الجمل عن طاعه اللّه و دخولهم فی‏ رذیله الغدر و نکث العهد المستلزم لدخولهم فی عموم قوله تعالى وَ الَّذِینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِیثاقِهِ وَ یَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ وَ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ«» الآیه، و قوله فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّما یَنْکُثُ عَلى‏ نَفْسِهِ«» الآیه. و تقدیر الکبرى: و کلّ من بایعه الناس طائعین مخیّرین فلا یجوز لهم أن ینکثوا بیعته و یحاربوه للآیتین المذکورتین. و فی نسخه الرضى- رحمه اللّه- مستکرهین بکسر الراء بمعنى کارهین یقال استکرهت الشی‏ء أى کرهته.
و قوله: و اعلموا. إلى قوله: المرجل. إعلام لأهل الکوفه باضطراب حال المدینه و أهلها حین علموا بمسیر القوم إلى البصره للفتنه و غرض ذلک الإعلام أن یهتمّوا همّه إخوانهم المؤمنین. و قیل: یحتمل أن یرید بدار الهجره دار الإسلام و بلادها، و کنّى بقلعها بأهلها و قلعهم بها عن اضطراب امورهم بها و عدم استقرار قلوبهم من ثوران هذه الفتنه، و استعار لفظ الجیش ملاحظه لشبهها بالقدر فی حال غلیانها فإنّ اضطراب الناس و حرکاتهم من هذه الفتنه یشبه ذلک، و کذلک نبّههم بذکر الفتنه و الحرب و قیامهما على القطب لیستعدّوا لها و ینفروا إلیها. و لذلک أردفه بالأمر بسرعه المسیر إلى أمیرهم یعنی نفسه و أن یبادروا جهاد عدوّهم، و ذکر لفظ القطب و قیامها علیه تنبیها به على المقصود. و علمت أنّ وجه استعاره الرحى للحرب هو مشابهتها فی دورانها على من تدور علیه کما یشتمل دوران الرحى على الحبّ و تطحنه. و باللّه التوفیق.

شرح ‏نهج‏ البلاغه(ابن میثم بحرانی)، ج ۴ ، صفحه‏ى ۳۳۸

بازدیدها: ۹