خطبه 5 صبحی صالح
5- و من خطبة له ( عليه السلام ) لما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) و خاطبه العباس و أبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة (و ذلك بعد أن تمت البيعة لأبي بكر في السقيفة، و فيها ينهى عن الفتنة و يبين عن خلقه و علمه)
النهي عن الفتنة
أَيُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ
وَ عَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ
وَ ضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ
أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ
هَذَا مَاءٌ آجِنٌ وَ لُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا
وَ مُجْتَنِي الثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا كَالزَّارِعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ.
خلقه و علمه
فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى الْمُلْكِ
وَ إِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ
هَيْهَاتَ بَعْدَ اللَّتَيَّا وَ الَّتِي
وَ اللَّهِ لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ
بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لَاضْطَرَبْتُمْ اضْطِرَابَ الْأَرْشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ الْبَعِيدَةِ
شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج3
و من كلام له عليه السّلام لما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خاطبه العباس و ابو سفيان بن حرب فى ان يبايعا له بالخلافة و هو الخامس من المختار فى باب الخطب
و رواه في البحار من مناقب ابن الجوزي بأدنى اختلاف تطّلع عليه: أيّها النّاس شقّوا أمواج الفتن بسفن النّجاة، و عرّجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فأراح، ماء آجن و لقمة يغصّ بها آكلها، و مجتني الثّمرة لغير وقت إيناعها كالزّارع بغير أرضه، فإن أقل يقولوا حرص على الملك، و إن أسكت يقولوا جزع من الموت، هيهات بعد اللّتيّا و الّتي، و اللّه لابن أبي طالب آنس بالموت من الطّفل بثدي أمّه، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطّوي البعيدة.
اللغة
(عرّجوا) أى انحرفوا و اعدلوا يقال: عرجت عنه عدلت عنه و تركته و (تيجان) جمع تاج و هو الاكليل و (فاخره) مفاخرة و فخارا عارضه بالفخر، قال الشّارح المعتزلي: المفاخرة هو أن يذكر كلّ من الرّجلين فضائله و مفاخره ثم يتحاكما إلى ثالث و (الماء الاجن) المتغيّر الطعم و اللّون و (غصص) بالكسر و الفتح و يغصّ بالفتح و هو غاصّ و (جنيت الثّمرة) و اجتنيتها و (ينعت) الثّمار من باب ضرب و منع أدركت و (اللتيّا) بفتح اللام و التّاء و تشديد الياء تصغير التي، و اللتيا و التي من أسماء الدّاهية يقال: وقع فلان في اللتيا و التي أى في الدّاهية، و قيل: يكنى بهذه اللفظة من كمال الشّدة و الخزن و بهذه المناسبة جعلت علما للدّاهية، و قيل: اللتيّا الدّاهية التي بلغت الغاية و التّصغير للتّعظيم أو بالعكس و التّصغير للتّحقير.
و في بعض كتب الأدبيّة على ما ببالي أنّه تزوّج رجل امرأة قصيرة سيّئة الخلق فقاسى منها شدائد فطلقّها، و تزوّج طويلة فقاسى منها أضعاف القصيرة فطلقها و قال بعد اللّتيا و التي لا أتزوّج فصار مثلا، و مثل ذلك ذكر الشّارح البحراني، و قال الحريريّ في المقامات: اللّتيا تصغير التي و هو على غير قياس التّصغير المطرد لأنّ القياس أن يضمّ أوّل الاسم إذا صغّر و قد أقرّ هذا الاسم على فتحه الأصليّة عند تصغيره إلّا أنّ العرب عوّضته من ضمّ أوّله بأن زادت في آخره الفا و أجرت أسماء الاشارة عند تصغيرها على حكمه فقال في تصغير الذي و التي: اللّذيا و اللتيا و في تصغير ذا و ذاك: ذيّا و ذيّاك، و قد اختلف في معنى قولهم بعد اللتيّا و التي و قيل: هما من أسماء الدّاهية، و قيل: المراد بهما صغير المكروه و كبيره انتهى.
و (اندمج) في الشيء دخل فيه و تستر به و (باح) بسرّه أظهره كإباحة و (الارشية) جمع رشا ككساء و هو الحبل و (الطوى) كغنى اسم بئر بذي طوى على ما ذكره الفيروزآبادي، و لعل المراد هنا مطلق البئر كطوية.
الاعراب
ماء آجن مرفوع على الابتداء و الخبر محذوف و هو ما صرّح به في رواية ابن الجوزي أي أجدر بالعاقل اه، أو خبر محذوف المبتدأ أى ما تدعوني إليه ماء آجن و مجتنى الثّمر مبتدأ و كالزّارع خبره و على في قوله عليه السّلام على مكنون علم بمعنى في على حدّ قوله: و دخل المدينة على حين غفلة، و البعيدة صفة و تأنيثها باعتبار أن الطوى اسم للبئر و هى انثى.
المعنى
اعلم أنّه قال الشّارح المعتزلي: لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اشتغل عليّ عليه السّلام بغسله و دفنه و بويع أبو بكر خلا«» الزّبير و أبو سفيان و جماعة من المهاجرين بعبّاس و عليّ عليه السّلام لاجالة الرأى و تكلموا بكلام يقتضي الاستنهاض و التّهييج، فقال العبّاس رضي اللّه عنه، قد سمعنا قولكم فلا لقلة نستعين بكم و لا لظنّة نترك آرائكم فامهلونا نراجع الفكر فان لم يكن لنا من الاثم مخرج يصرّ«» بنا و بهم الحقّ صرير الجدجد و نبسط إلى المجد أكفّا لا نقبضها أو يبلغ بالمدى، و إن تكن الاخرى فلا لقلة في العدد و لا لوهن في الأيد و اللّه لو لا أن الاسلام قيّد الفتك لتدكدكت جنادل صخر يسمع اصطكاكها من المحلّ العلى، فحلّ عليه السّلام حبوته«» و قال: الصّبر حلم و التّقوى دين و الحجّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الطريق الصّراط، أيّها النّاس شقّوا أمواج الفتن الخطبة، ثمّ نهض إلى منزله و افترق القوم.
و قال البحراني روى أنّه لمّا تمّ في سقيفة بني ساعدة لأبي بكر أمر البيعة أراد أبو سفيان بن حرب أن يوقع الحرب بين المسلمين ليقتل بعضهم بعضا فيكون ذلك دمارا للدّين فمضى إلى العبّاس فقال له: يا أبا الفضل إنّ هؤلاء القوم قد ذهبوا بهذا الأمر من بني هاشم و جعلوه في بني تيم، و إنّه ليحكم فينا غدا هذا الفظّ الغليظ من بني عدي فقم بنا حتّى ندخل على عليّ عليه السّلام و نبايعه بالخلافة و أنت عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا رجل مقبول القول في قريش، فإن دافعونا عن ذلك قاتلناهم و قتلناهم، فأتيا أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له أبو سفيان: يا أبا الحسن لا تغافل عن هذا الأمر متى كنّا لتيم الارذال و كان عليه السّلام يعلم من حاله أنّه لا يقول ذلك عصبة للدّين بل للفساد الذي زواه في نفسه فأجابه عليه السّلام بقوله: (أيّها النّاس شقّوا أمواج الفتن بسفن النّجاة) شبّه الفتن بالبحر المتلاطم في كون كلّ منهما سبب هلاك الخائضين فيها، و قرن ذلك بالأمواج التي هي من لوازم البحر و كنّى بها عن هيجان الفتنة و ثورانها، و أتبعها بذكر سفينة النّجاة التي هى من ملايمات البحر، و لمّا كانت السّفن الحقيقة تنجي من أمواج البحر استعارها لكل ما يحصل به الخلاص من الفتن و وجه المشابهة كون كل منهما وسيلة إلى السّلامة (و عرّجوا) أى انحرفوا و اعدلوا (عن طريق المنافرة) إلى المتاركة و المسالمة (وضعوا تيجان المفاخرة) لما كان التّاج ممّا يعظم به قدر الانسان و هو أعظم ما يفتخر به استعاره لما كانوا يتعظمون به و يفتخرون و أمرهم بوضعه مريدا بذلك ترك التّفاخر الموجب لانبعاث الفتنة و هيجان العصبيّة، و لمّا أمر عليه السّلام بالعدول عن النّفار و الافتخار أشار إلى ما ينبغي أن يكون الانسان عليه في تلك الحالة التي هاجت فيها الفتن و عظمت فيها المحن بقوله: (أفلح من نهض بجناح أو استسلم فاراح) يعني أن الفلاح في تلك الحال بأحد الأمرين.
أحدهما النّهوص إلى الأمر و مطالبة الحقّ بوجود النّاصر و المعين اللذين هما بمنزلة الجناح للطير في كونها واسطة الظفر بالمطلوب و الفوز بالمقصود.
و ثانيهما التسليم و الانقياد و التّرك و السّلامة لمن لم يكن له جناح النجاح فيستسلم و ينقاد فيريح نفسه من تعب الطلب.
ثمّ أشار عليه السّلام إلى أنّ ما كانوا يدعون إليه و يحملونه عليه (ماء آجن) يتغيّر اللون و الطعم (و لقمة يغص بها) أى بأكلها (آكلها) أى ينشب في حلق آكلها و يكون غاصّا لا يمكنه إساغتها، و تشبيه الخلافة في تلك الحالة بهما إشارة إلى نفرة النّفس عنها و عدم التذاذها بها مع وجود المنافسة التي كانت فيها، فهي في تلك الحال كانت لقمة منغصة و جرعة لا يسيغها شاربها و قد ذكر شارحو كلامه في هذا المقام وجوها أخر و ما ذكرناه أظهر، ثمّ إنّ هذا كله على جعل ماء آجن خبرا لمبتدأ محذوف على ما اشرنا إليه و أمّا على تقدير جعله مبتدأ حذف خبره مطابقا لما صرّح به في رواية ابن الجوزي التي تأتي في التّكملة الآتية، فالغرض أنّ التّحمل على المذلة و الصّبر على الشدّة أولى مع حسن العاقبة و أحسن من ارتكاب أمر يوجب اشتداد البليّة و سوء العاقبة.
ثمّ أخذ في الاعتذار عن الامساك و ترك المنازعة بقوله عليه السّلام: (و مجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزّارع بغير أرضه) يعني من احتنى الثمرة قبل أن تدرك لا ينتفع بها كما لا ينتفع الزّارع بغير أرضه من زرعه لعدم قدرته على الاقامة في محلّ زراعته و عدم امكان سعيه في إصلاحها بسقيها و حراستها و جبايتها و نحوها، و المقصود أنّ هذا الوقت ليس وقت طلب هذا الأمر و لا يسوغ لي المطالبة إمّا لعدم النّاصر أو لغير ذلك.
و قال المحدّث المجلسي طاب رمسه: و لعلّه شبّه عليه السّلام طلبه في هذا الوقت بمن يجتنى ثمرته مع عدم ايناعها، و شبّه اختيار الملعون الخلافة بمن زرع في غير أرضه فيفيد ما تقدّم أي عدم الانتفاع مع كمال التّشبيه في الفقرتين (فإن أقل) في باب الخلافة شيئا (يقولوا: حرص على الملك) كما قاله عمر في غير موضع واحد (و إن أسكت) من حيث اقتضاء المصلحة (يقولوا: جزع من الموت) و هذا كلّه إشارة إلى عدم أمنه عليه السّلام من حصائد الألسنة و غوائل الزّخرفة، حيث إنّهم مع التّكلم كانوا ينسبونه إلى الحرص و الاهتمام بأمر الدّنيا، و مع السّكوت كانوا ينسبونه إلى الجزع و العجز و الخوف من الموت كما هود أب المنافق الحاسد و الكافر الجاحد في كلّ عصر و زمان خصوصا في حقّ مثله عليه السّلام.
كما قال الصّادق عليه السّلام في رواية المجالس: إنّ رضا النّاس لا يملك و ألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم بدر إلى أنّه أخذ من المغنم قطيفة حمراء حتّى أظهره اللّه على القطيفة، و برء نبيّه من الخيانة، و أنزل في كتابه: و ما كان لنبيّ أن يغلّ الآية.
و في الصّافي عن المجالس عن الصّادق عليه السّلام إنّ رضا النّاس لا يملك و ألسنتهم لا تضبط و كيف تسلمون ما لم يسلم منه أنبياء اللّه و رسله و حججه ألم ينسبوا نبيّنا محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى أنّه ينطق عن الهوى في ابن عمّه عليّ عليه السّلام حتّى كذّبهم اللّه فقال: «وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى» و قال الشّاعر و ربّما ينسب إليه عليه السّلام.
قيل إنّ الاله ذو ولد
و قيل إنّ الرّسول قد كهنا
ما نجا اللّه و الرّسول معا
من لسان الورى فكيف أنا
ثمّ إنّه عليه السّلام أشار إلى بطلان ما زعموا في حقّه و تكذيب ما قالوا فيه من جزعه من الموت على تقدير السّكوت بقوله: (هيهات) أي بعد ما يقولون (بعد اللّتيّا و التي) أى بعد هذه الدّاهية الكبرى و ملاقات كبار الشّدائد و صغارها (و اللّه لابن أبي طالب آنس بالموت) و أرغب فيه و أميل إليه (من) ميل (الطفل) و رغبته (بثدى امّه) و تفضيله عليه السّلام انسه بالموت على انس الطفل بالثّدى بملاحظة أن انس الطفل جبلّي و طبيعي في معرض الفناء و الزّوال و انسه عليه السّلام بالموت و لقاء ربّه عقليّ روحاني متّصف بالبقاء و الثبات فاين أحدهما من الآخر.
ثمّ أشار عليه السّلام إلى سرّ سكوته عن طلب حقّه بقوله: (بل اندمجت) أى انطويت (على مكنون علم لو بحت به) و أظهرته (لاضطربتم اضطراب الأرشية) و الحبال (في الطوى البعيدة) و البئر العميقة، و اختلفوا في أنّ المراد بالعلم المكنون ما ذا فقيل: إنّه إشارة إلى الوصيّة التي اختصّ بها و قد كان من جملتها الأمر بترك النّزاع في مبدء الاختلاف.
و قيل إنّ المراد به علمه بعواقب الامور المانع من سرعته إلى ما فيه المفسدة و الموجب لتوقفه على ما اقتضته المصلحة.
و قيل: إنّه أراد به علمه بأحوال الآخرة و أهوالها، يعني أنّ الّذي يمنعني من المنافسة في هذا الأمر و القتال عليه اشتغالي بما انطويت عليه من علم الآخرة ممّا لو أظهرته لكم لاضطربتم اضطراب الحبال في الآبار خوفا من العقاب و شوقا إلى الثّواب و لذهلتم عمّا أنتم فيه من التنافس فما أمر الدّنيا.
أقول: و الأظهر عندي أنّ المراد به هو ما أعلمه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالوحي الالهي من جريان حكم القضاء اللّازم على دوران رحى الضلالة بعده صلوات اللّه عليه و آله على قطبها إلى رأس خمس و ثلاثين من الهجرة، ثمّ قيام دولة بني اميّة على ما يجري فيها على المسلمين و المؤمنين من العذاب الأليم و النّكال العظيم، ثمّ ملك الفراعنة أعنى بني العبّاس على ما يبتلى به النّاس فيه من الفتن و المحن، و لعلّ هذا الوجه أقرب، و محصّله أنّ القضاء الأزلى و القدر الحتمي قد جرى على وقوع هذه الامور و استيلاء الدولة الباطلة لا محالة، فلا يثمر النّهوض و لا ينفع إلّا السّكوت، و اللّه العالم بحقايق كلام وليّه صلوات اللّه عليه و آله.
تكملة
هذا الكلام رواه المجلسي في البحار بأدنى اختلاف، قال: مأخوذ من مناقب ابن الجوزي خطبة خطب بها أمير المؤمنين عليه السّلام بعد وفات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، روى مجاهد عن ابن عبّاس قال: لمّا دفن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جاء العبّاس و أبو سفيان بن حرب و نفر من بني هاشم إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، فقالوا: مدّ يدك نبايعك و هذا اليوم الذي قال فيه أبو سفيان: إن شئت ملاءتها خيلا و رجلا، فخطب عليه السّلام و قال: أيّها النّاس شقّوا أمواج الفتن بسفن النّجاة، و عرّجوا عن طريق المنافرة وضعوا تيجان المفاخرة، فقد فاز من نهض بجناح، أو استسلم فارتاح، ماء آجن و لقمة يغصّ بها آكلها أجدر بالعاقل من لقمة تحشى بزنبور، و من شربة تلذّبها شاربها مع ترك النّظر في عواقب الامور، فان أقل يقولوا: حرص على الملك و إن أسكت يقولوا: جزع من الموت، هيهات هيهات بعد اللّتيّا و الّتي و اللّه لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدى امّه، و من الرّجل بأخيه و عمّه، و لقد اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة.
الترجمة
از جمله كلام آن حضرتست در حينى كه پيغمبر خدا صلوات اللّه عليه و آله از دنيا احتجاب فرمود و خطاب نمودند به آن حضرت عباس بن عبد المطلب و أبو سفيان بن حرب در آنكه بيعت نمايند باو بخلافت، پس فرمود در جواب ايشان: اى مردمان بشكافيد موجهاى فتنه ها را كه در تلاطم مانند بحار زخّار است بكشتي هاى راستكارى، و منحرف بشويد و عدول نمائيد از راه مخالفت بسوى استكانت و سلامت، و بگذاريد از سرها تاجهاى مكابرت و مفاخرت را، راستكار كرديد كسى كه برخاست بجناح اعوان و انصار يا اطاعت نمود و نفس خود را راحت كرد، چيزى كه مرا بسوى آن دعوت مى كنيد از عقد بيعت همچو آبى است گنديده، و مانند لقمه ايست كه بسبب خوردن آن گلو گير مى شود خوردنده آن، و چيننده ميوه در غير وقت رسيدن آن بمنزله كسى است كه زراعت كننده است در غير زمين خود، پس اگر بگويم كه ميل دارم در خلافت مى گويند كه حريص است در ملك و أمارت، و اگر ساكت شوم مى گويند كه ترسيد از مقاتله و شهادت، چه دور است آنچه مى گويند بعد از اين داهيه عظمى و مصيبت كبرى و تعاقب شدائد بسيار و ملاقات سختيهاى بى شمار، بخدا قسم هر آينه پسر أبو طالب انس گيرنده تر است بمرك از انس گرفتن طفل شيرخواره بپستان مادر خود، بلكه سبب سكوت و توقف من در اين باب آنست كه پيچيده شده ام بعلم مخزون و سر مكنونى كه پنهان است كه اگر اظهار بدارم آن را بشما هر آينه مضطرب مى شويد، و بلرزه مي افتيد مانند لرزيدن ريسمان در چاه دور و دراز، و اين اشاره است بقيام دولت أهل ضلالت و طغيان و امتداد زمان غصب خلافت ايشان.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»