google-site-verification: googledc28cebad391242f.html
120-140 خطبه شرح وترجمه میر حبیب الله خوئیخطبه ها شرح و ترجمه میر حبیب الله خوئی

نهج البلاغه خطبه ها خطبه شماره 133 (شرح میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»)

خطبه 133 صبحی صالح

133- و من خطبة له ( عليه ‏السلام ) يعظم اللّه سبحانه و يذكر القرآن و النبي و يعظ الناس‏

عظمة اللّه تعالى

وَ انْقَادَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ بِأَزِمَّتِهَا
وَ قَذَفَتْ إِلَيْهِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ مَقَالِيدَهَا
وَ سَجَدَتْ لَهُ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصَالِ الْأَشْجَارُ النَّاضِرَةُ
وَ قَدَحَتْ لَهُ مِنْ قُضْبَانِهَا النِّيرَانَ الْمُضِيئَةَ
وَ آتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِهِ الثِّمَارُ الْيَانِعَةُ

القرآن‏

منهاوَ كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ
نَاطِقٌ لَا يَعْيَا لِسَانُهُ
وَ بَيْتٌ لَا تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ
وَ عِزٌّ لَا تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ

رسول اللّه‏

منهاأَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ
وَ تَنَازُعٍ مِنَ الْأَلْسُنِ
فَقَفَّى بِهِ الرُّسُلَ وَ خَتَمَ بِهِ الْوَحْيَ
فَجَاهَدَ فِي اللَّهِ الْمُدْبِرِينَ عَنْهُ وَ الْعَادِلِينَ بِهِ

الدنيا

منهاوَ إِنَّمَا الدُّنْيَا مُنْتَهَى بَصَرِ الْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئاً
وَ الْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ وَ يَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا
فَالْبَصِيرُ مِنْهَاشَاخِصٌ
وَ الْأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ
وَ الْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ
وَ الْأَعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ

عظة الناس‏

منهاوَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَ يَكَادُ صَاحِبُهُ يَشْبَعُ مِنْهُ وَ يَمَلُّهُ إِلَّا الْحَيَاةَ فَإِنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْمَوْتِ رَاحَةً
وَ إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ الَّتِي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ الْمَيِّتِ
وَ بَصَرٌ لِلْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ
وَ سَمْعٌ لِلْأُذُنِ الصَّمَّاءِ
وَ رِيٌّ لِلظَّمْآنِ
وَ فِيهَا الْغِنَى كُلُّهُ وَ السَّلَامَةُ
كِتَابُ اللَّهِ تُبْصِرُونَ بِهِ وَ تَنْطِقُونَ بِهِ وَ تَسْمَعُونَ بِهِ
وَ يَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ
وَ يَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ
وَ لَا يَخْتَلِفُ فِي اللَّهِ
وَ لَا يُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللَّهِ
قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ فِيمَا بَيْنَكُمْ
وَ نَبَتَ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ
وَ تَصَافَيْتُمْ عَلَى حُبِّ الْآمَالِ
وَ تَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ الْأَمْوَالِ
لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكُمُ الْخَبِيثُ وَ تَاهَ بِكُمُ الْغُرُورُ
وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ‏عَلَى نَفْسِي وَ أَنْفُسِكُمْ

شرح وترجمه میر حبیب الله خوئی ج8  

و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الثالثة و الثلاثون من المختار في باب الخطب

و شرحها فى فصلين:

الفصل الاول

و انقادت له الدّنيا و الآخرة بأزمّتها، و قذفت إليه السّموات و الأرضون مقاليدها، و سجدت له بالغدوّ و الآصال الأشجار النّاضرة، و قدحت له من قضبانها النيران المضيئة، و آتت أكلها بكلماته الثّمار اليانعة.

منها و كتاب اللّه بين أظهركم، ناطق لا يعيا لسانه، و بيت لا تهدم أركانه، و عزّ لا تهزم أعوانه. منها أرسله على حين فترة من الرّسل، و تنازع من الألسن، فقفّى به الرّسل، و ختم به الوحي، فجاهد في اللّه المدبرين عنه، و العادلين به.

اللغة

(المقاليد) جمع المقلاد و هو كالمقلد بكسر الميم المفتاح، و في المصباح المقاليد الخزائن و (قدح) بالزّند رام الايراء«» به و المقدح و المقداح و القداح حديدته و (القضبان) بالضمّ جمع القضيب و هو الغصن المقطوع و (النّيران) جمع النّار و (الاكل) بالضمّ و بضمّتين المأكول، و هو (بين أظهرهم) و ظهريهم و ظهر انيهم أى وسطهم و في معظمهم.

قال الشّارح المعتزلي: و إنّما قالت العرب: من بين أظهرهم و لم يقل بين صدورهم، لارادتهم بذلك الاشعار لشدّة المحامات عنه و المرامات من دونه، لأنّ الذيل«» إذا حامى القوم عنه استقبلوا الأسنة و السيوف عنه بصدورهم و كان هو محروسا مصونا عن مباشرة ذلك وراء ظهورهم و (تهدم) بالبناء على الفاعل و في بعض النسخ بالبناء على المفعول و (تهزم) بالعكس من هزمت الجيش هزما من باب ضربته كسرته.

الاعراب

الباء في قوله: بالغدوّ، بمعنى في، و في قوله: بكلماته، للسّببيّة، و الثمار اليانعة، بدل من أكلها، أو عطف بيان، و الواو في قوله: و كتاب اللّه، إمّا عاطفة لو كان لها معطوف عليه أسقطه السّيد (ره) على عادته، أو للحال، أي تفعلون كذا و كتاب اللّه بينكم، و قوله: بين أظهركم، خبر لكتاب اللّه، فيكون ناطق خبرا لمبتدأ محذوف، أى و هو ناطق، أو بدلا من بين أظهركم، و يجوز كونه خبرا لكتاب اللّه، فيكون بين أظهركم صفة لكتاب اللّه أو حالا، و الأوّل أظهر بل أقوى

المعنى

اعلم أنّ هذا الفصل من الخطبة يدور على فصول ثلاثة على سبيل التّقطيع و الالتقاط.
الفصل الاول في تمجيد اللّه سبحانه باعتبار عموم قدرته و نفاذ أمره و عظمة سلطانه
و هو قوله (و انقادت له) أى للّه تعالى السّابق ذكره في أوّل الخطبة أسقطه السيّد (ره) على عادته (الدّنيا و الآخرة بأزمّتها) أراد به نفوذ أمره سبحانه فيهما و كونه مالكا لأمرهما و دخولهما في ذلّ الامكان و الافتقار إليه تعالى على سبيل الاستعارة بالكناية، تشبيها لهما بالحيوان السّلس المنقاد لصاحبه الذي بيده زمامه المتمكّن من التّصرف فيه كيف شاء، و ذكر الأزمّة تخييل و الانقياد ترشيح.

(و قذفت) أى ألقت (إليه السّماوات و الأرضون مقاليدها) و هو كناية عن قدرته و حفظه لها و أنّه لا يملك أمرها و لا يتمكّن من التّصرف فيها غيره، و هو اقتباس من قوله سبحانه في سورة الزّمر: له مقاليد السّموات و الأرض، قال الزّمخشري: أي هو مالك أمرها و حافظها، و هى من باب الكناية«» لأنّ حافظالخزائن و مدبّر أمرها هو الّذي يملك مقاليدها، و منه قولهم: فلان القيت إليه مقاليد الملك، و هى المفاتيح، و في مجمع البيان يريد مفاتيح السّموات و الأرض بالرّزق و الرّحمة عن ابن عبّاس و قتادة، و قيل خزائن السّموات و الأرض يفتح الرّزق على من يشاء و يغلقه عمّن يشاء عن الضّحاك، و قال في تفسير قوله: له مقاليد السّموات و الأرض يبسط الرّزق لمن يشاء و يقدر انّه بكلّ شي‏ء عليم في سورة الشورى: أى مفاتيح أرزاق السّماوات و الأرض و أسبابها فتمطر السّماء بأمره و تنبت الأرض باذنه عن مجاهد، و قيل معناه خزائن السّماوات و الأرض عن السّدي يوسّع الرّزق لمن يشاء و يضيق على من يشاء على ما يعلمه من المصالح.

قال الشّارح البحراني (ره) بعد ما حكى عن ابن عبّاس كون المقاليد بمعنى المفاتيح: و عن اللّيث كونه بمعنى الخزائن: أقول: لفظ القذف مجاز«» في تسليمها و انقيادها بزمام الحاجة و الامكان إلى قدرته مع جميع ما هى سبب في وجوده في هذا العالم ممّا هو رزق و رحمة للخلق و كذلك لفظ المفاتيح على رأى ابن عبّاس استعارة للأسباب المعدّة للأرزاق و الرّحمة، و تلك الأسباب كحركات السّماوات و اتّصالات بعض الكواكب ببعض و كاستعدادات الأرض للنّبات و غيره، و وجه الاستعارة أنّ هذه الأسباب باعدادها الموادّ الأرضية يفتح بها خزائن الجود الالهي كما يفتح الأبواب المحسوسة بمفاتيحها و كلّها مسلّمة إلى حكمه و جريانها بمشيّته، و على قول اللّيث فلفظ الخزائن استعارة في موادّها و استعداداتها، و وجه الاستعارة أنّ تلك الموادّ و الاستعدادات يكون فيها بالقوّة و الفعل جميع المحدثات من الأرزاق و غيرها كما يكون في الخزائن ما يحتاج إليه انتهى.

و هو تحقيق نفيس إلّا أنّ الأظهر أنّ المقاليد إن جعلت بمعنى المفاتيح يكون كلامه من باب الاستعارة بالكناية، حيث شبّه السّماوات و الأرضون بخزائن الملك بجامع أن فيها ما يحتاج إليه الخلق كما يكون في الخزائن ما يحتاج إليه، و يكون‏ذكر مقاليدها تخييلا، و ذكر القذف ترشيحا، و في نسبة القذف إليها نكتة خفيّة و هي الاشارة إلى أنّها لتمكينها التام لبارئها فكأنّها باختيارها ألقت و سلّمت مفاتيحها إليه سبحانه، و على هذا فالمقاليد بمعناها الأصلي و ليس استعارة كما زعمه الشارح و أمّا إن جعلت بمعنى الخزائن فهو كما قال الشّارح استعارة لما فيه من الموادّ و الاستعدادت فافهم جيّدا.

(و سجدت له بالغدوّ و الآصال الأشجار النّاضرة) أراد به خضوع التكوين و ذلّ الامكان كما قال سبحانه: أ لم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّموات و من في الأرض و الشّمس و القمر و النجوم و الجبال و الشّجر و الدّواب.
(و قدحت له من قضبانها النّيران المضيئة) نسبة القدح إلى الأشجار من باب التوسّع و المجاز العقلي، لكون الأشجار سببا ماديّا، و المراد أنّ تلك الأشجار أورت النّار و استخرجتها من أمر اللّه سبحانه و اقتضاء مشيّته، و فيه إشارة إلى كمال القدرة لأنّ إخراج النّار من الشّجر الأخضر الذي يقطر منه الماء أعجب كما قال تعالى في سورة يس: الّذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فاذا أنتم منه توقدون، و في سورة الواقعة: أ فرأيتم النّار التي تورون ء أنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤن نحن جعلناها تذكرة و متاعا للمقوين.

قال الفخر الرّازي: في شجرة النار وجوه: أحدها أنّها الشّجرة التي تورى النّار منها بالزند و الزّندة كالمرخ.
و ثانيها الشجرة الّتي تصلح لا يقاد النّار فانها لو لم تكن لم يسهل إيقاد النار لأنّ النّار لا تتعلّق بكلّ شي‏ء كما تتعلّق بالحطب.

و ثالثها اصول شعلها و وقود شجرتها، و لو لا كونها ذات شعل لما صلحت لانضاج الأشياء، و في ذلك تذكرة و متاع للمقوين، أي للّذين يوقدونه فيقوونه و يزيدونه.
(و آتت اكلها بكلماته الثّمار اليانعة) النّاضجة، و المراد بكلماته قدرته و مشيته المعبّر عنهما بلفظ كن، قال الشّارح البحراني: و إطلاق الكلمات عليهااستعارة وجهها نفوذ تلك الأحكام في المحكومات كنفوذ الأوامر القوليّة في المأمورات و أراد بايتاء الثّمار دخولها طوعا في الوجود المعبّر عنه بقوله تعالى فيكون.

الفصل الثاني منها في ذكر كتاب اللّه و تعظيمه تنبيها على وجوب متابعته
و هو قوله: (و كتاب اللّه بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه) المراد بكتاب اللّه إما معناه الحقيقى أعني القرآن فيكون ناطق استعارة تبعيّة لأنّ من شأن الكتاب الدلالة لا النّطق إلّا أنّه شبّه به في ايضاح المعنى و إيصاله إلى الذّهن فاستغير له لفظ النّطق، و يجوز أن يكون مجازا مرسلا باعتبار أنّ الدلالة لازم للنطق فذكر الملزوم و اريد اللّازم، و على هذا فيكون قوله: لا يعيا لسانه، ترشيحا للاستعارة.

و المقصود أنّ كتاب اللّه الكريم بينكم لم يرتفع عنكم، و هو كلام ربّكم ناطق بالسّداد، كاشف عن المراد، هاد إلى الرّشاد، لا يعجز لسانه، و لا يقصر بيانه يؤدى مطوّى الكلمات إلى مقتبسيه على مرور الأوقات، كيف لا و هو معجز النّبوّة، و مستند الامّة، و قد أخرس الفصحاء عن مجازاته، و قيّد البلغاء بالعىّ عن مباراته، و عاد سحبان بيانهم باقلا، و تناصروا فلم يجدوا إلّا خاذلا، و تعاهدوا و تقاعدوا فعدموا معينا و نصيرا، و عادوا بالخيبة و الخذلان فلا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا، و مع ذلك كلّه كيف تجهلون برتبته و مقامه، و ترغبون عن حدوده و أحكامه و تخالفونه في حلاله و حرامه.

و يجوز أن يكون استعارة لنفسه الشريف، فيكون من باب الاستعارة المجرّدة حيث قرن بما يلائم المستعار له و هو ناطق لا يعيا لسانه، و على هذا فالنطق و اللسان مستعملان في معناهما الحقيقى.
و يحتمل أن يكون لا يعيا لسانه كناية عن عدم قصوره في البيان و تبليغ الأحكام قوله (و بيت لا تهدم أركانه) تشبيه كتاب اللّه بالبيت الوثيق غير الهادم أركانه سواء اريد به معناه الحقيقى أو المجازي باعتبار أنّ البيت كما أنّه يحفظ أهله‏فكذلك الكتاب الكريم يحفظ العامل بما فيه، و هكذا أمير المؤمنين عليه السّلام يحفظ من يأوى إليه و يذعن بولايته في الدّنيا و الآخرة من العذاب الأليم و السخط العظيم و قوله: لا تهدم أركانه، ترشيح للتّشبيه إن جعلنا كلامه من باب التشبيه البليغ كما عليه المحقّقون، و إن جعلناه استعارة فيكون ذلك ترشيحا للاستعارة و في وصف البيت بذلك إشارة إلى استحكام قواعد كتاب اللّه و براهينه النّاطقة.

و أمّا قوله (و عزّ لا تهزم أعوانه) فهو ليس على حذ و ما سبق و إنّما اطلق عليه العزّ لكونه سببا للعزّ الأبدي الدائم، و المراد بأعوانه هو اللّه سبحانه الحافظ له كما قال تعالى: إنّا نحن نزّلنا الذكر و إنّا له لحافظون، و كذلك الملائكة و الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فهم أيضا حافظون له ذابّين عنه.

و الفصل الثالث منها

في وصف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو قوله (أرسله على حين فترة من الرّسل) أى في زمان فتور منهم و انقطاع الوحى عنهم و اندراس معالم دينهم على ما تقدّم تفصيلا في شرح الفصل السّادس عشر من فصول الخطبة الاولى، و في شرح الخطبة الثامنة و الثمانين أيضا (و تنازع من الألسن) أى تشتّت الآراء و الأهواء الموجب لاختلاف الكلمات، فانّ النّاس في الجاهلية كان قوم منهم يعبدون الأصنام، و قوم يعبدون الشيطان، و طائفة تعبد الشّمس، و طائفة تعبد المسيح عليه السّلام على ما عرفت تفصيلا في شرح الفصل السّادس عشر من فصول الخطبة الاولى، فكانت كلّ طائفة تحتجّ على مخالفيها و تجادلهم و تنازعهم بألسنتهم لتصرفهم إلى مذهبهم.
(فقفى به الرّسل) و اتبعهم به (و ختم به الوحي) و الرسالة (فجاهد في اللّه) سبحانه بالقول و العمل (المدبرين عنه و العادلين به) أي الجاعلين له سبحانه عديلا و نظيرا.

الترجمة

أز جمله خطبهاى آن إمام زمان و سرور عالميان است كه فرموده: و گردن نهاد او را دنيا و آخرت بأفسارهاى خود، و انداخت بسوى او آسمانها و زمينها كليدها يا خزينهاى خود را، و سجده نمود مر او را در هنگام صبح و عصردرختهاى با طراوت و نضارت، و بيرون آورد بجهة حكم او أز شاخهاى خود آتشهاى روشن، و ببخشيد خوردنى خود را بحكم كلمات تامّه او ميوهاى رسيده.

از جمله آن خطبه اينست كه فرموده: و كتاب خداوند تبارك و تعالى در ميان شما است، گوينده ايست كه عاجز نمى‏شود زبان او، و خانه‏ايست كه خراب نمى‏شود اركان او، و عزّتيست كه مغلوب نمى‏شود يارى كنندگان او.
و بعض ديگر از آن خطبه اينست كه فرمود: فرستاد پيغمبر را در زمان سستى از پيغمبران، و هنگام اختلاف زبانها، پس آورد او را از عقب پيغمبران و ختم كرد با او وحى را، پس جهاد نمود خاتم انبياء در راه خدا با كسانى كه رو گردان بودند از پروردگار، و مثل و شبيه قرار داده بودند خداى را.

الفصل الثاني منها:

و إنّما الدّنيا منتهى بصر الأعمى لا يبصر ممّا ورائها شيئا، و البصير ينفذها بصره، و يعلم أنّ الدّار ورائها، فالبصير منها شاخص، و الأعمى إليها شاخص، و البصير منها متزوّد، و الأعمى لها متزوّد. منها: و اعلموا أنّه ليس من شي‏ء إلّا يكاد صاحبه أن يشبع منه أو يملّه إلّا الحياة فإنّه لا يجد له في الموت راحة، و إنّما ذلك بمنزلة الحكمة الّتي هى حياة للقلب الميّت، و بصر للعين العمياء، و سمع للاذن الصّماء، و رىّ للظّمان، و فيها الغنى كلّه، و السّلامة، كتاب اللّه تبصرون به، و تنطقون به، و تسمعون به، و ينطق بعضه ببعض، و يشهد بعضه‏على بعض، و لا يختلف في اللّه، و لا يخالف لصاحبه عن اللّه، قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم، و نبت المرعى على دمنكم، و تصافيتم على حبّ الآمال، و تعاديتم في كسب الأموال، لقد استهام بكم الخبيث، و تاه بكم الغرور، و اللّه المستعان على نفسي و أنفسكم.

اللغة

(شخص) يشخص من باب منع شخوصا خرج من موضع إلى غيره، و يتعدّي بالهمزة فيقول أشخصته و شخص شخوصا أيضا ارتفع، و شخص البصر إذا ارتفع و يتعدّي بنفسه فيقال: شخص الرّجل بصره إذا فتح عينيه لا يطرف، و ربّما يعدّى بالباء فيقال: شخص الرّجل ببصره فهو شاخص و أبصار شاخصة و شواخص و (مللت) من الشي‏ء مللا من باب تعب و ملالة سئمت و ضجرت و هو ملول و (الدّمن) بالكسر ما يتلبّد من السّرجين، و الدّمنة موضعه و الدّمنة آثار الدّار و النّاس و ما سوّدوه، و الحقد القديم و جمع الكلّ دمن كسدر و دمن كعدد (الغرور) بالفتح الشيّطان

الاعراب

اللّام في قوله: الدّار، للجنس و ستعرف وجهه، و قوله: و يكاد صاحبه أن تشبع، الغالب في خبر كاد أن لا يقترن بأن كما في قوله تعالى: و ما كادوا يفعلون، و هكذا في غير واحد من نسخ المتن، و اقترانه بها قليل و منه قول الشاعر يرثى ميتا:

كادت النّفس أن تفيض عليه
إذ غدا بين ريطة«» و برود

و مثل كاد في هذا الحكم كرب فيقلّ اقتران خبره بأن و علّله علماء الأدبيّة بأنّهما يدّلان على شدّة مقارنة الفعل و مداومته و ذلك يقرب من الشّروع في الفعل و الأخذ فيه فلم يناسب خبرهما أن يقترن غالبا بأن المشعرة بالاستقبال، و لذلك لا تقول كاد زيد يحجّ إلّا و قد أشرف عليه و لا تقول ذلك و هو في بلده، و قوله: استهام بكم‏الخبيث، الباء للتّعدية أى جعلكم هائمين كما تقول في استنفرت القوم إلى الحرب استنفرت لهم أى جعلتهم نافرين، و يحتمل أن تكون بمعنى من، أى طلب منكم أن تهيموا.

المعنى

اعلم أنّ الغرض بهذا الفصل التنفير عن الدّنيا و توبيخ من قصر نظره اليها، و ذيّله بالموعظة الحسنة و النصيحة.
فقوله: (و إنّما الدّنيا منتهى بصر الأعمى) استعار لفظ الأعمى للجاهل و الجامع قصور الجاهل عن إدراك الحقّ كقصور عادم البصر عن إدراك المبصرات و مثله قوله سبحانه: و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضلّ سبيلا، و رشّح الاستعارة بقوله (لا يبصر ممّا ورائها شيئا) لأنّ ذلك وصف المستعار له أعني الجاهل، و أمّا المستعار منه أعني عادم البصر فهو لا يبصر أصلا و هو تذييل و توضيح و تفسير لكون الدّنيا منتهى بصره، و المقصود أنّ الجاهل لكون همّته مصروفة معطوفة إلى الدّنيا مقصور نظره إليها غافل عما عداها غير ملتفت إلى أنّ ورائها الآخرة و هى أولى بأن تصرف إليه الهمم بما فيها مما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين من مزيد العوائد و الفوائد و النّعم.

(و البصير ينفذها بصره) أى العارف العالم ينفذ بصره من الدّنيا (و يعلم أنّ الدّار ورائها) يعني يعرف أنّ الدّار الحقيقي أى دار القرار ورائها فيبلغ جهده في الوصول إليها (فالبصير) النافذ البصر (منها شاخص) راحل لأنّه بعد ما عرف أنّ الدّار ورائها لا يقف دونها بل يجعلها بمنزله طريق سالك به إلى وطنه و مكانه (و الأعمى إليها شاخص) ناظر لأنّه بعد ما لم يعرف ورائها شيئا يزعم أنّ هذه هى الدّار، و أنّ له فيها القرار، فيقصر نظره إليها.

و لا يخفى ما في هذه القرينة مع سابقتها من الجناس التّام و المطابقة بين الأعمى و البصير، و مثلهما في المطابقة قوله (و البصير منها متزوّد و الأعمى لها متزوّد)يعني أنّ البصير يتزوّد منها من الأعمال الصّالحة و التّقوى ما يوصله إلى مقرّه و مقامه، و الأعمى لتوهّمه أنّ وطنه و مسكنه هي الدّنيا و أنّ مقرّه تلك الدّار و ليس له ورائها دار فيتزوّد لها و يتّخذ من زبرجها و زخارفها و قيناتها ما يلتذّ و يتعيّش به فيها.

و لهذا المعنى أى لأجل اختلاف النّاس بالمعرفة و الجهالة و افتراقهم بالعمى و البصيرة اختلفت الآراء و الأهواء، فبعضهم و هم أهل الدّنيا و الرّاكنون إليها يحبّ الحياة و يغتنمها و ينهمك في الشّهوات، و ينتهز الفرصة في طلب العيش و اللّذات، فيرجّح الحياة على الممات و يمدحها كما قال الشّاعر:

أو فى يصفّق بالجناح مغلسا
و يصيح من طرب إلى ندمان‏

يا طيب لذّة هذه دنياكم‏
لو أنّها بقيت على الانسان‏

و البعض الآخروهم أهل الآخرة العارفون بأنّ الدّنيا دار الفناء و أنّ الدّار ورائها يرجّح الموت على الحياة و يتشوّق إليه كما قال:

جزى اللّه عنّا الموت خيرا
فانّه أبرّ بنا من كلّ برّ و أرءف‏

يعجّل تخليص النّفوس من الأذى‏
و يدنى من الدّار الّتى هي أشرف‏

و قال آخر:

من كان يرجو أن يعيش فانّنى
أصبحت أرجو أن أموت لاعتقا

في الموت ألف فضيلة لو أنّها
عرفت لكان سبيله أن يعشقا

فان قلت: إذا كان هوى أهل الآخرة و رغبتهم على ما ذكرت في الموت، فكيف التّوفيق بينه و بين قوله عليه السّلام: (و اعلموا أنّه ليس من شي‏ء إلّا و يكاد صاحبه أن يشبع منه و يملّه إلّا الحياة فانّه لا يجد له في الموت راحة) فانّ ظاهر هذا الكلام يفيد أنّ اللّذات كلّها لعموم النّاس مملول منها إلّا الحياة معلّلا بأنّه لا استراحة في الممات قلت: ظاهر هذا الكلام و ان كان يعطى العموم و كراهيّة الموت للكلّ إلّا أنّه يحمل على الخصوص أعنى كراهيّته لأهل الشقاوة جمعا بينه و بين الأخبار الدّالةعلى محبوبيّته لأولياء اللّه سبحانه كقوله صلّى اللّه عليه و آله: ليس للمؤمن راحة دون لقاء اللّه.

و ربّما يوجّه بعد إبقائه على العموم تارة بأنّ الموت يفوت متجر الآخرة و ينقطع به الاستعداد لكمال أشرف مما حصل عليه الميّت و إن كان وليّا، فلا جرم لا يجد الرّاحة التي يلحقه بما يفوته من ذلك الكمال، و اخرى بأنّ النفوس البشريّة لما لم يكن معارفها ضروريّة و لم يتمكّن ما دامت في هذه الأبدان من الاطلاع على ما بعد الموت من سعادة أو شقاوة، فبالحرىّ أن لا تجد لها راحة يتصوّرها في الموت.

أقول: و أنت خبير بما فيه، فانّ عدم التمكن من الاطلاع على ما بعد الموت إنّما هو للمحجوبين دون العارفين من الأنبياء و المرسلين، و أولياء اللّه المتّقين، فانهم من سعادتهم على ثقة و يقين، ألا ترى إلى قول عليّ المرتضى سلام اللّه عليه تترى: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.

و الأوجه ما قاله الشّارح البحراني (ره) حيث قال: إن كان مراده عليه السّلام بقوله: لا يجد في الموت راحة، أى في نفس الموت مع قطع النّظر عن غيره من أحوال الآخرة، فالحقّ مع قول من عمّم فقدان الرّاحة في حقّ الجميع، إذ الموت من حيث هو موت لا راحة فيه لأحد من النّاس كافّة، و إن كان مراده فقدان الرّاحة في الموت و ما بعده، فالحقّ التخصيص بأهل الشّقاوة الدّائمة، فانّ شدّة محبّة الحياة و نقصانها متفاوتة بحسب تصوّر زيادة الرّاحة في الآخرة و نقصانها، و ذلك ظاهر عند اعتبار أهل الدّنيا المقبلين عليها بالكلّية.

ثمّ قال عليه السّلام (و إنّما ذلك بمنزلة الحكمة) اختلف الشّارحان المعتزلي و البحراني في المشار إليه بذلك.
فقال الأوّل: إنّ هذا الكلام له عليه السّلام إلى قوله و السّلامة فصل آخر غير ملتئم بما قبله، و انّ الاشارة بذلك إلى كلام من كلام الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رواه لهم و حضّهم على التمسّك به و الانتفاع بمواعظه، ثمّ قال: و الحكمة المشبّه كلام الرسول بها هى المذكورة في قوله تعالى: و من يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا.

و قال الثّاني: قوله عليه السّلام: و إنّما ذلك، أي الأمر الذي هو أحقّ بأن لا يملّ و لا يشبع منه، بمنزلة الحكمة أى ما كان بمنزلة الحكمة.

أقول: أمّا قول الأول فهو رجم بالغيب و تأويل من غير دليل، لعدم ثبوت التّقطيع و الالتقاط بعد في هذه الفقرة و في الفقرات الآتية كما زعمه، و على تقدير ثبوته فلا يتعيّن أن تكون الاشارة به إلى كلام رواه من الرّسول بل يحتمل أن يكون اشارة إلى ما وعظهم به و نصحهم من كلام نفسه.

و أمّا قول الثاني ففيه من التّعسف و الخبط ما لا يخفى، لعدم ارتباط هذا الكلام على ما ذكره بما تقدّمه من الكلام من حيث المعنى، مضافا إلى منافرته بل منافاته للقواعد الأدبيّة و الاصول العربيّة كما هو غير خفىّ على ذوى الأذهان المستقيمة، و كيف كان فما قيل أو يمكن أن يقال في هذا المقام فانّما هو تخمين و حسبان لا يمكن أن يوجّه به كلام الامام حتّى يقوم عليه دليل بيّن.

ثمّ الحكمة عبارة عن معرفة الصّانع سبحانه و العلم النّافع في الآخرة و يأتي مزيد بيانها في شرح الفصل الثّالث من المختار المأة و الأحد و الثّمانين إنشاء اللّه تعالى.

و للاشارة إلى التّفخيم و التعظيم أتبعه بقوله (الّتي هي حياة للقلب الميّت) القلب الميّت هو القلب الجاهل القاصر عن إدراك وجوه المصالح و حياته عبارة عن اهتدائه إلى ما فيه صلاحه و رشده، و جعل الحكمة حياة له لكونها سببا للاهتداء، فأطلق عليها لفظ الحياة مبالغة.

(و) قوله (بصر للعين العمياء) من باب التشبيه البليغ يعني أنها بمنزلة حسّ البصر لها، و ذلك لأنّ العين المتّصفة بالعمى كما أنّها عاجزة عن إدراك الألوان و الأضواء، فاذا كان لها الابصار و ارتفع عنها العمى تمكّنت من إدراكها، فكذلك الحكمة للجاهل تحصل له بها البصيرة، فتمكّن بها و تقدر على إدراك المآرب الحقّة.

و كذلك قوله (و سمع للاذن الصّماء) فانّ الصّمم مانع عن إدراك الاذن‏و بارتفاعه عنها و حصول حسّ السّمع لها تقدر على إدراك الأصوات و الأقوال، و كذلك بارتفاع الجهالة عن الجاهل و حصول الحكمة و البصيرة له يقدر على الاطلاع على ما هو خير في المآل.

و أمّا قوله (و رىّ للظّمآن) فيحتمل أن يكون من باب التّشبيه البليغ كسابقيه، بأن يراد بالظّمآن معناه الحقيقى و وجه الشبه أنّ العطشان كما يؤلمه داء العطش و بارتوائه بالماء يرتفع عنه تلك الدّاء، فكذلك الجاهل يؤذيه داء الجهالة و بحصول الحكمة له يرتفع عنه هذا الدّاء و يحتمل أن يكون من باب الاستعارة بأن يستعار لفظ الظّمآن للجاهل و الجامع ما سبق من أنّ كلّا منهما له داء يتاذّى به و يحتاج إلى علاجه إلّا أنّ ما للأوّل وجدانىّ، و ما للثّاني عقلانيّ، و على هذا الوجه فيكون ذكر الرّى ترشيحا و قوله (و فيها الغنى كلّه و السّلامة) أمّا أنّ فيها الغنى فلأنّ من اوتى الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا، و بها يوصل إلى الحقّ المتعال، و يسبح في بحار معرفة ذى الجلال، و في ذلك غنى العارفين عمّا سواه سبحانه من العالمين، و هو تعالى غاية مراد المريدين، و منتهى رغبة الرّاغبين، و كنز المساكين.
و أمّا أنّ فيها السّلامة فلأنّ بها يسلم من داء الجهل في الدّنيا، و ينجى من سخط الجبّار و عذاب النّار في الاخرى.
و أمّا قوله (كتاب اللّه) فيحتمل أن يكون كلاما منفصلا عمّا قبله أسقط السّيد (ره) ما بينهما فارتفع الارتباط بالتّقطيع و الالتقاط، أو أنّه خبر لمبتدأ محذوف أى هذا كتاب اللّه و يظهر من الشّارح البحرانى الاتّصال حيث قال: كتاب اللّه خبر مبتدأ إمّا خبر ثان لذلك«» و ما كان بمنزلة الحكمة خبر أوّل، أو لمبتدأ محذوف تقديره: و هو كتاب اللّه و يحتمل أن يكون عطف بيان لما كان بمنزلة الحكمة.

أقول: لم يتقدّم في كلامه عليه السّلام لفظ ما كان بمنزلة الحكمة حتّى يجعل خبرا أوّلا أو معطوفا عليه للكتاب، و انّما قال عليه السّلام: و إنّما ذلك بمنزلة الحكمة.
فان قلت: لعلّه مقدّر في ضمن الكلام.
قلت: لا دليل على تقديره، مع أنّا لم نر بيانا حذف مبيّنه.
و كيف كان فقد وصف الكتاب بأوصاف: الأوّل انكم (تبصرون به) لكونه سببا لابصار طريق الحقّ بما فيه من الآيات البيّنات و أدلة الصّدق.
(و) الثّاني انكم (تنطقون به) في مقام الاحتجاج و ترفعون من المعاندين الشّبه و اللّجاج كما قال اللّه سبحانه و تعالى: فانّما يسّرناه بلسانك لتبشّر به المتّقين و تنذر به قوما لدّا.
(و) الثالث انّكم (تسمعون به) الخطابات الالهيّة و التّكاليف الشّرعيّة تطيعونها و تؤمنون بها و تصلون إلى المراتب العالية العليّة تنزيل من الرّحمن الرّحيم كتاب فصّلت آياته قرآنا عربيّا لقوم يعلمون، بشيرا و نذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يؤمنون.
(و) الرابع انّه (ينطق بعضه ببعض و يشهد بعضه على بعض) أى يفسّر بعضه بعضا و يكشف بعضه عن بعض و يستشهد ببعضه على بعض فانّ فيه مطلقا و مقيّدا و مجملا و مبيّنا و عامّا و خاصّا و محكما و متشابها، بعضها يكشف القناع عن بعض و يستشهد ببعضها على المراد ببعض آخر.
(و) الخامس أنّه (لا يختلف في اللّه) قال الشّارح البحراني: لما كان مدار الكتاب على بيان القواعد الكلّية الّتي بها يكون صلاح نوع الانسان في معاشه و معاده، و كانت غاية ذلك الجذب إلى اللّه سبحانه و الوصول إلى جواره، لم يكن فيه لفظ يختلف في الدّلالة على هذه المقاصد، بل كلّه متطابق الألفاظ على مقصود واحد، و هو الوصول إلى الحقّ سبحانه بصفة الطهارة عن نجاسات هذه الدّارو إن تعدّدت الأسباب الموصلة إلى ذلك المقصود انتهى.

و محصّله أنّه لا يختلف في الدّلالة على المقاصد الموصلة إلى اللّه سبحانه و الأظهر أنّ المراد به أنّه لا يختلف في الجذب إلى اللّه، لأنه معجز النّبوة المقصود بها الايصال إلى اللّه سبحانه كما قال تعالى: أفلا يتدبّرون القرآن و لو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا، أى لكان الكثير منه مختلفا متناقضا قد تفاوت نظمه و بلاغته و معانيه كما في الكشّاف، فكان بعضه بالغا حدّ الاعجاز، و بعضه قاصرا عنه يمكن معارضته، و بعضه إخبارا بغيب قد وافق المخبر عنه، و بعضه اخبارا مخالفا للمخبر عنه، و بعضه دالّا على معنى صحيح عند علماء المعاني، و بعضه دالّا على معنى فاسد غير ملتئم، فلمّا تجارب كلّه بلاغة معجزة فائتة «فائقة ظ» لقوى البلغاء و تناصر صحّة معان و صدق اخبار علم أنّه ليس إلّا من عند قادر على ما لا يقدر عليه غيره، و عالم بما لا يعلمه أحد سواه.

السّادس أنّه (و لا يخالف بصاحبه عن اللّه) أى لا يسدّه عنه سبحانه و لا يضلّه عن سبيله فانّه يهدى للّتي هي أقوم، و من اعتصم به فقد هدى إلى صراط مستقيم.
قال الشارح المعتزلي إنّ هذا الكلام فصل آخر مقطوع عما قبله و متّصل بما لم يذكره جامع نهج البلاغة، و كذلك قال في قوله (قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم) أنّه إلى آخر الفصل كلام مقطوع أيضا.
أقول: إن ثبت التقطيع فهو و إلّا فجهة ارتباط هذا الكلام بما قبله هو أنّه لما وصف كتاب اللّه سبحانه بأوصاف الكمال تنبيها على وجوب اتباعه و الاعتصام به للاشارة إلى الحقّ و هدايته إلى مكارم الأخلاق، أردفه بتوبيخ السّامعين و تقريعهم على ارتكاب رذائل الأخلاق و اتّباع الشيطان، و المراد أنّكم اتّفقتم على الحقد و الحسد بحيث لم ينكره منكم أحد.
(و نبت المرعى على دمنكم) يحتمل أن يكون المراد بالدّمن الحسد فيكون قوله: نبت المرعى جاريا مجرى المثل اشارة إلى طول الزّمان أى طال حقدكم‏و حسدكم و دام حتّى صار بمنزلة الأرض الجامدة التي ينبت عليها النّبات، و يجوز أن يكون المراد بها المزابل و مواضع البعرة فاستعير للقلوب باكتنافها بالخباثة الباطنيّة و تضمّنها الضغائن و الأحقاد كما يكتنف المزابل بالكثافات و الخباثات الظاهرة فيكون قوله: نبت المرعى، أيضا مثلا لأنّ المقصود به الاشارة إلى عدم الانتفاع بذلك المرعى لأنّه لا وقع له و لا يرغب إليه كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إيّاكم و خضراء الدّمن.

و قال الشّارح البحراني: قوله: نبت المرعى آه، يضرب مثلا للمتصالحين في الظاهر مع غلّ القلوب فيما بينهم، و وجه مطابقة الممثّل أنّ ذلك الصّلح سريع الزّوال لا أصل له كما يسرع جفاف النّبات في الدّمن، و الأظهر ما قلناه.
(و تصافيتم على حبّ الآمال) أى كنتم في مقام الصّفا ظاهرا على محبّة ما يأمل و يرجو كلّ منكم من صاحبه من جلب نفع أو دفع ضرّ (و تعاديتم في كسب الأموال) لأنّ عمدة الخصومات و العداوات إنّما تكون في مال الدّنيا و متاعها فكلّ من أهلها يجذبه إلى نفسه و يضنّ به على غيره.

(لقد استهام بكم الخبيث) أى طلب منكم أن تهيموا و تتحيّروا أو جعلكم هائمين متحيّرين أو اشتدّ عشقه و محبّته لكم (و تاه بكم الغرور) أى أضلّكم الشّيطان اللّعين و جعلكم تائهين ضالّين (و اللّه المستعان) في كلّ حال (على نفسي و أنفسكم) من سوء الأعمال.

الترجمة

بعضى ديگر از آن خطبه است كه فرمود: و بدرستى دنيا منتهاى نظر جاهل است، نمى‏بيند چيزى را كه از پس دنيا است و شخص با بصيرت مى‏ گذرد از دنيا نظر او، و مي داند كه سراى حقيقي در پس اين دار فنا است، پس صاحب بصيرت رحلت كننده است از دنيا، و بى‏بصيرت نظرش مصروف بدنيا است و عاقل توشه گيرنده است از دنيا، و جاهل توشه گيرنده است‏از براى دنيا.

و بدانيد كه نيست هيچ چيزى مگر اين كه صاحب آن نزديك است كه سير شود از آن و ملال آورد از او مگر زندگانى دنيا بجهة آنكه نمى ‏يابد از براى خود در مرگ آسايشى، و جز اين نيست كه آن بمنزله حكمت است چنان حكمتى كه آن زندگى قلب مرده است، و بينائى چشم كور، و شنوائى گوش كر، و سيرابي تشنگانست، و در اوست بى‏نيازي تمام، و سلامتي از أسقام.

او كتاب پروردگار است كه مى ‏بينيد بأو، و گويا مى‏ شويد و مى ‏شنويد بأو و ناطق و مصدّق است بعضى از او ببعضى، و اختلاف ندارد در جذب نمودن خلق بسوى خدا، و خلاف نمى ‏كند با صاحب خود از خدا، و بضلالت نمى ‏اندازد او را بتحقيق كه متفق شده ‏ايد بر حقد و حسد كه در ما بين شما است، و رسته است گياه بر روى حسد شما، و با صفا مي باشد در محبت اميدهائى كه از يكديگر داريد، و با عداوت مى‏ باشيد در كسب نمودن مالها، بتحقيق كه شما را متحيّر كرده است إبليس خبيث، و بضلالت افكنده است شما را شيطان لعين، و خداوند تعالى يارى خواسته شده است از او بر نفس من و بر نفسهاى شما در جميع كارها.

منهاج ‏البراعة في ‏شرح ‏نهج ‏البلاغة(الخوئي)//میر حبیب الله خوئی«میرزا حبیب الله خوئی»

Show More
Back to top button
-+=